العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

أسرار الحكمة


إنّ الإنسان مهما يبلغ من درجات العلم والمعرفة، ويتبحر ويغوص في أعمق مشاهير المجلدات الضخمة، ويتتلمذ على يد أفقه الفقهاء، يبقى في آخر المطاف جاهلاً، غائبة عنه أشياء لم يسبر غورها ولم يدرك مكنوناتها، ولا تكون ذاكرته قد استوعبت كل تفاصيلها. إنّ العلم كما وصفه أحدهم بأنه محيط لا ساحل له. فالمرء كلما استوعب قليلاً من العلم يدرك فوراً أنّ هناك علماً كثيراً قد فاته.

وكم هم الذين إذا أخذوا حفنة من العلم يستولي عليهم الكبرياء ويوهمون أنفسهم بأنّ الحكمة الصرفة تنبع من صدورهم، فيتشدقون بشعارات الإلحاد والكفر. في هؤلاء يقول الكتاب : «مَكْتُوبٌ: «سَأُبِيدُ حِكْمَةَ ٱلْحُكَمَاءِ وَأَرْفُضُ فَهْمَ ٱلْفُهَمَاءِ». أَيْنَ ٱلْحَكِيمُ؟ أَيْنَ ٱلْكَاتِبُ؟ أَيْنَ مُبَاحِثُ هٰذَا ٱلدَّهْرِ؟ أَلَمْ يُجَهِّلِ ٱللّٰهُ حِكْمَةَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ؟» (1كورنثوس 1: 19 و20).

أما فئة أخرى من الناس فتعتقد أنّ سر الحكمة يكمن في العلم وحده، لذا تجدهم دائبي السعي وراء طلبه أينما وُجد، إلا أنّ الحكمة الحقة لا تُباع في الدكاكين ولا بين جدران الجامعات الشهيرات ولا حتى من أفواه البروفسورات بل أنّ الله أظهرها لنا في ملء الزمان في شخص المسيح يسوع المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم (كولوسي 2: 3) وهذه الحكمة لا يمكن إدركها إلا إذا وضع الله في قلب الإنسان قبسات من نوره، فيستنير ويدرك حقيقة الله المحب السرمدي ويقبل إعلاناته الأزلية في المسيح يسوع الذي قال عن نفسه: «أنا هو الحق والحياة».