العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

ابن الله والتجسد


في هذه السطور القليلة سأتناول بإيجاز توضيح لكلمتين مهمتين في العقيدة المسيحية وهما «ابن الله»و «التجسّد».

ابن الله:

العبارة ابن الله هي اسم من أسماء المسيح «كلمة الله». المسيح يسوع له ألقاب عديدة في الكتاب المقدس منها ابن الله وابن البشر وابن الإنسان و «كلمة الله». ففي فاتحة إنجيل يوحنا نجد أنّ المسيح يسوع هو «كلمة الله» بمعنى ابن الله. «فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ، وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللّٰهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ. هٰذَا كَانَ فِي ٱلْبَدْءِ عِنْدَ ٱللّٰهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ...»(يوحنا 1: 1-3) «وَٱلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً (بشراً) وَحَلَّ بَيْنَنَا» (يوحنا 1: 14).

وفي إنجيل لوقا الأصحاح الأول نقرأ إعلان صريح من قبل ملاك الرب لمريم عن يسوع: «وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ٱبْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هٰذَا يَكُونُ عَظِيماً، وَٱبْنَ ٱلْعَلِيِّ يُدْعَى... اَلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ ٱلْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذٰلِكَ أَيْضاً ٱلْقُدُّوسُ ٱلْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ٱبْنَ ٱللّٰهِ» (لوقا 1: 31-35).

المسيح يسوع هو ابن الله وهذه الكلمة تعني بنوة روحية ذاتية. فهي لا تعني كما يتوهم البعض، إنها تعني البنوة عن طريق التناسل. إنّ المسيح يسوع هو نطق الله الصادر عن ذات الله، وهو في ذات الله ولدات الله الصمدانية. فابن الله على الإطلاق هو كلمة الله. أي نطق الله الذي هو في ذات الله تعالى. فهو في كيان الله قائم في ذات الله. وكما صرح المسيح عن موقفه بالله «اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى ٱلآبَ» (يوحنا 14: 9) «أَنِّي فِي ٱلآبِ وَٱلآبَ فِيَّ» (يوحنا 14: 11) «ٱلآبَ ٱلْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ ٱلأَعْمَالَ» (يوحنا 14: 10).

فكل هذه الآيات توضح لنا أنّ البنوة في المسيحية هي بنوة روحية بعيدة كل البعد عما تفهمه بعض العقول في أنّ بنوة المسيح لها علاقة بالتناسل فحاشا لله هذا.

التجسد:

تعني بالتجسد، تجسد المسيح «الكلمة الأزلي» الذي صار بشراً «وَٱلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ ٱلآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً» (يوحنا 1: 14). تجسد أو تأنس «الكلمة الأزلي» نعني بها أن نطق الله الذي صار جسداً حقيقياً اختبر النمو منذ وقت التجسد (لوقا 2:4) واختبر في جسده الجوع والعطش والألم والتعب والحزن والفرح ما عدا الخطية، وبهذا كان إنساناً مميزاً عن باقي البشر.

التجسد هو ركيزة من ركائز الإيمان المسيحي لأنه طريق الخلاص للجنس البشري بأكمله. فالكفارة تمت من خلال هذا التجسد، حيث كان المسيح ذبيحة حية من أجل التكفير عن ذنوبنا. والاعتراف بتجسد الكلمة هو اعتراف بالله ولأنّ «كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي ٱلْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ ٱللّٰهِ» (1يوحنا 4: 2).

ومنذ ظهور المسيح يسوع في صورة عبد أصبحنا نعرف من هو الله إنّه أب حنون كثير الرحمة بعباده، تنازل إلينا في المسيح يسوع ابنه لأنه عالم بضعفنا ليرفعنا إليه بقوة جاذبية محبته. نعم إنه «أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ ٱلنَّاسِ» (فيلبي 2:7). كي نصير أولاداً له ونجلس معه كما يجلس الأب مع بنيه. إنّ التجسد سر من أسرار الله، أعلنه لنا في وحيه المقدس وفي ابنه يسوع المسيح «الكلمة» «ٱلَّذِي هُوَ صُورَةُ ٱللّٰهِ غَيْرِ ٱلْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَة» (كولوسي 1: 15).