العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

لقاء مع رائد الفضاء


" لقد كنّا مسافرين في الفضاء الخارجي أكثر من ربع مليون ميل لنقابل جرماً سماوياً آخر سابحاً في الفضاء. أجل لقد شعرت بأن الله سيّد الموقف. فعلى سطح القمر يصبح إحساسك بأنّ الله في حياتك أسهل منه في أي مكان آخر".

هكذا شهد رائد الفضاء جيمس أروين الذي مشى لمدّة 18 ساعة و35 دقيقة على سطح القمر علم 1971.

تقابل السيد جاد الله مع الرائد جيمس أروين ودارت بينهما أسئلة مختلفة عن اختباراته الفريدة.

السؤال: ما هي بعض الفوارق التي لاحظتها بين الأرض والقمر؟

الجواب: إن القمر والأرض يختلفان كثيراً. فهناك تباين عظيم. إنّ القمر مقفر ومرعب بسبب السّمات السطحية الطبوغرافية غير العادية. فالجبال والفوهات البركانية، والحفر والوديان السحيقة الضيقة قد دمرّت وسحقت تماماً عبر ملايين السنين. فليس هناك ماء، لذلك فالقمر رمادي. وعندما تهبط على سطح القمر، لا تلاقي هناك أيّة حياة. فالقمر إطلاقاً ميت، وسماؤه ليست زرقاء، لأنّه لا يوجد جو غازي كجو الأرض ولا سحب ولا مطر. وهكذا فالشعور الذي ينتابك غير عادي لمجرّد الوقوف أو قيادة سيارة في عالم ليست فيه حياة البتّة.

وأحسسنا بخفة الوزن، لأن الجاذبية على سطح القمر هي سدس جاذبية الأرض. لقد كنّا مذهولين جداً لأنه إذ نظرنا إلى فوق رأينا ليس القمر بل الأرض، أو بالأحرى نصف أرض بحجم الكلّة الزجاجية التي يلعب بها الأطفال. هنالك الإحساس الذي يمتلكك كأنك واقف في مكان مقدّس. شعرت كما لو أني قطعت نصف المسافة من الطريق للسماء، لأن الله استجاب الصلاة هناك وأرشدني حتى استشهد بالآية الأولى من المزمور 121: «أَرْفَعُ عَيْنَيَّ إِلَى اٰلْجِبَالِ مِنْ حَيْثُ يَأْتِي عَوْنِي. مَعُونَتِي مِنْ عِنْدِ اٰلرَّبِّ، صَانِعِ اٰلسَّمَاوَاتِ وَاٰلأَرْضِ» . وهكذا فالانطباعات محفورة ومغروسة في عقلي.

إن الفرق لواسع جداً بين القمر والأرض، فلسبب ما تحس هناك بأن الله في حياتك أمراً يسيراً. فما يأسرك هو الحقيقة بأن الله هناك موجود بطريقة قريبة جداً. أما هنا على الأرض، فالبشر مشغولون في كل حين، ففي بعض الأحيان لا تحسّ بأن الله يدير حياتك مباشرة.

السؤال: بم فكّرت عندما كنت على سطح القمر؟

الجواب: بينما كنت مسافراً في الفضاء، نظرت خلفي لأرى الأرض، وقد بدت كزينة شجرة الميلاد. لقد استقطب الله تفكيري فحملقت في خلقه الرائع، وتفرّست في فضاء الكون واتساعه، فأدركت بأن الله قد خلق كل شيء تحت سيطرته الكاملة. وعلى سطح القمر، شعرت بأن الله حاضر حتى أنني كنت أتلفت ورائي مراراً لأراه. ولكن كيف لي أن أرى الله بالعين المجّردة؟ لم أستطع أن أراه، ومع ذلك فقد طوّقني وغمرني بشعور حضوره لدرجة أننا كنا محاصرين بقوّته وقدرة عظمته.

السؤال: لدى عودتك من القمر، ما هي التغيرات التي شهدتها في حياتك؟

الجواب: اثر عودتي من القمر سعيد جاهداً على تحليل ما حدث لي خلال الرحلة. وتحققت بأنها يقظة روحية، قربتني إلى الله، وجعلتني أشدّ إدراكاً لطبيعتي الروحية. فحالما رجعت، أخبرت الآخرين وشهدت لقوة المسيح الفعّالة.

قبل رحلتي الفضائية كنت إنساناً كآلة أوتوماتيكية واقتصر عملي على ممارسة قيادة الطائرات وسفن الفضاء، ونتيجة لتعاملي مع الأجهزة والآلات نسيت الناس والمشاعر. ولكن عندما عدت من القمر، كنت ممتناً جداً لله، لأنه أتاح لي الذهاب إلى القمر. لكن في الواقع أنه لم يسمح لي بالذهاب إلى القمر فقط بل لأعود إلى الأرض أيضاً، لأشارك الآخرين اختباري مع الله. فمهمّتي الأولى في الحياة هي خدمة الله وإخبار الناس في كل مكان بأن الله فعلاً خلقنا، وبأنه يستجيب صلواتنا، ويريد أن يتحدّث إلينا، ويحبّنا.

السؤال: ما هو رجاؤك بخصوص خدمتك؟

الجواب: إن رجائي وهدفي هما إرشاد أكبر عدد ممكن من الناس من جميع أقطار العالم ليسوع المسيح، واهتمامي متمركز في الشرق الأوسط. فآمل أن تسنح لي الفرص لأزور ذلك القسم من الأرض.

السؤال: لماذا لم تتكلم عن الله فقط بل عن شخص يسوع المسيح أيضاً؟

الجواب: أعرف الله لأني أعرف يسوع المسيح، وأؤمن بأن المسيح كان إله حق هنا على الأرض. لقد صار الله إنساناً لكي نستطيع نحن البشر أن نتّصل به، وندرك أنّه يريدنا أن نحيا قريباً منه ونختبر قدرته. إنه ليس إلهاً متنائياً بعيداً عنا، ساكناً على حوافي الكون، لكنه جاء إلى أرضنا شخصياً، وهو القادر على كل شيء. فاستطاع أن يجتاز إلى محدوديّتنا من دون أن يحطّمها، لنتغّير في تفكيرنا وندرك كيف أن الله يريدنا أن نتجاوب معه، ونقبل حياته الروحية المعطاة لنا في يسوع المسيح. أعتقد بأن للمؤمن ميزة عظمى لأنه يعرف الله بطريقة اختبارية شخصية.

إن قوة الله تعمل في حياتنا. لقد كرّست حياتي الشخصية للمسيح عندما كنت في الحادية عشر من عمري. نشأت في بيت مسيحي ولكن مرّت أوقات وانحرفت بعيداً عن علاقتي الوثيقة بالمسيح. ولكن رحلتي الفضائية إلى القمر أصبحت الوسيلة التي أعادت حياتي وغيّرت مجرى وجودي كله. كنت قبلاً عنيداً جداً مستقلاً بآرائي. ولكن الله احتلّني برحمته في تلك الرحلة.

السؤال: هل تعتقد أن البشر يوماً ما سيسافرون بسهولة إلى القمر؟

الجواب: كلا. ولكن كم أرغب لو نستطيع أن نشحن كل شخص من هذه الأرض ونأخذه إلى القمر، لأني أعتقد بأنهم سيرجعون متغّيرين، مؤمنين بالله، راغبين في معرفته، منفتحين إلى رسالة يسوع المسيح. ولكنّ رغبتي في شحن الجميع مستحيلة في عصرنا. إنها ممكنة من الناحية الأخرى: كل فرد قادر أن يؤسس العلاقة الإيمانية بالله في يسوع فليفتحوا مصاريع حياتهم لعطاياه التي يريد أن يسبغها عليهم.

وقرار كهذا صعب ههنا على الأرض، لأننا ملتهون ومرتبكون ومنصرفون كثيراً في حياتنا. وحضارتنا المنشغلة بما هو جانبي وثانوي دون الهدف الأسمى للحياة. وبالرغم من ذلك ففتح القلب لله ممكن. وأينما كنت، في مكتبك أو في بيتك، في الحديقة العامة أو على قمة جبل، في أي مكان على هذه الأرض تستطيع أن تقبل يسوع المسيح ربّك ومخلصك الشخصي.