العودة الى الصفحة السابقة
الظلمة قد مضت النور الحقيقي الآن يُضيء

الظلمة قد مضت النور الحقيقي الآن يُضيء

النور يضيء في الظلمة


المسيح هو نور الله العجيب الذي أتى إلى عالمنا لينير كل الناس. وجاء من قبله أنبياء وفلاسفة وملوك وسلاطين، ظن الكثيرون أن كل واحد منهم هو مخلص العالم. لكنهم زالوا جميعاً ولم يبق سوى يسوع المسيح وحده، المنارة المشعة في الظلمة، الذي ينير كل من يتقدم إلى أشعة محبته.

ربما تسألنا: لماذا يقول المسيح عن نفسه أنه هو نور العالم؟ ما هي التعاليم والأفكار الجديدة التي أتى بها ولم يعلنها غيره من الأنبياء والملوك؟

جاء المسيح إلينا في صورة الله المتجسد وكرسم جوهر الخالق، معلناً لنا أن القادر على كل شيء بعيداً ومجهولاً، لا يهتم بنا، يهدي من يشاء ويضل من يشاء، لكنه الإله المحب الذي لا يحتقر الإنسان الشقي ولا يرفضه، بل يقدم له حنانه وحقه في المسيح. هذه هي الثورة اللاهوتية التي أتى بها ابن مريم.فمنذ ذلك الوقت لم نعد نرتعب من القهار، ولا نفزع من الديان، لأن الله العظيم هو أبونا السماوي الذي أنعم علينا بالتبني، ويعتني بنا عناية الآب بأولاده ويحبنا على الدوام، ويقدم لنا خلاصه المجاني من عبودية الخطيئة والموت.

هل تثق برسالة المسيح وتؤمن أن الله هو أبوك الروحي حقاً ويقيناً؟ لقد تنازل المسيح إلى مستواك لأنه يريد أن يسكب روح محبته في قلبك الظمآن.

قد طبق المسيح تعليمه الجديد كله في سيرة حياته، لأنه كلمة الله المتجسد. ففي قوة أبيه السماوي أحب أعداءه، وبارك لاعنيه وعاش طاهراً قولاً وعملاً. قد شفى المرضى وأقام الموتى. لم يبشرنا بكلمة الله فحسب بل عاشها أيضاً. جميع الأنبياء الذين أتوا قبله أعلنوا إرادة الله للبشر، أما المسيح فهو كلمة الله بالذات. فيه تجسد القدير حتى إنه قال: «اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى ٱلآبَ» (يوحنا 14: 9).

علمنا المسيح من هو الله: المحبة التي لا نهاية لها، والرحمة التي لا تستقصى والقوة اللانهائية. لم يقصد المسيح بمجيئه إبادة المبغضين وإهلاك الفاسقين، بل قال: «أَنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (لوقا 19: 10).

ما أعظم اعتراف المسيح هذا عن نفسه. إن ربنا وديع ومتواضع القلب، حتى أنه تواضع جداً ووضع نفسه فدية عن كثيرين. لم يظهر متسلطاً ولا طاغياً بل شهد عن نفسه بقوله:

«أَنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (متى 20: 28).

فبهذه العبارة أعلن المسيح شعار حضارته الجديدة، وأكد لأتباعه بوضوح:

«مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ عَظِيماً يَكُونُ لَكُمْ خَادِماً، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ أَوَّلاً يَكُونُ لِلْجَمِيعِ عَبْداً» (متى 20: 26-27).

فليس التكبر هو شعار المسيحية، بل التواضع والخدمة والتضحية بالذات لأجل الآخرين، حتى للذين لا يستحقون هذا البذل ويرفضونه. هذه هي ثمار تعليم المسيح الذي أعلن لنا أن الله هو الآب المحب، وقد عاش هذه المبادئ أمام عيوننا.