العودة الى الصفحة السابقة
الظلمة قد مضت النور الحقيقي الآن يُضيء

الظلمة قد مضت النور الحقيقي الآن يُضيء

المسيح يأتي في المجد العظيم


في نهاية الزمان تتكثف الظلمات ويتركز الشر ويجدف الكثيرون على الآب والابن والروح القدس عمداً وعلانية. وسوف يتحد أصحاب الأفكار الدينية بهدف إحلال السلام على الأرض، فيبعدون ابن الله المصلوب من تقواهم المزيفة ويمنعون الإيمان به. وفي الأيام الأخيرة سيسود المسيح الكذاب لمدة وجيزة، يبهر الناس ببهاء قدرته وسلطانه الجليل ليضل كثيرين وإن أمكن المختارين أيضاً، مستخدماً كل حيلة ومكر وخداع ليجذب الجماهير بعجائبه الكاذبة وتدابيره الدولية لخير الشعوب، ولكن حقده على المسيح نور العالم سوف لا يكون له حدود، واضطهاده لبقية كنيسة المسيح سيظهر في أساليب وحشية.

ففي قمة هذا الضيق، سيظهر المسيح الرب، مثل البرق من مشرق الشمس إلى مغربها، وسيخترق نوره ويبهر ويرعب كل الذين رفضوه ولم ينتظروا مجيئه، فيذوبون كالشموع عند رؤيتهم إياه آتياً في مجده مع جميع ملائكة السماء. وسيفاجأ اًعداء الصليب عندما يعلمون أن معتقدهم الخاص كان خداعاً وغروراً وأن كل تقواهم كانت باطلة. فملء نور المسيح الآتي سيكشف كل كذب ديني، ويبيّن لكل عين أن يسوع المسيح وحده هو الطريق والحق والحياة، وأنه ليس أحد يأتي إلى الآب إلا به.

نطالع اليوم في الجرائد والمجلات مقالات كثيرة تتحدث عن تلوث كرتنا الأرضية وخرابها تدريجياً كحقيقة واقعية، لأن عدد القنابل الذرية والهيدروجينية المعدة للانفجار تكفي لتمحو كل حياة وشبه حياة على كوكبنا الصغير أكثر من خمسين مرة. فإن كان الإنسان قادراً على تخريب الأرض التي يسكنها، فكم بالحري يستطيع الله بدينونته أن يبيد كل الذين أصبحوا أشراراً لأنهم التصقوا بالشرير.

وأما القديسون فسوف لايدخلون نار جهنم، لأن المسيح هو حمايتهم وحياتهم وبرهم. لكنهم سيتغيرون في لحظة مجيء ربهم وسيشابهونه. فكل الذين أنكروا أنفسهم وأكرموا الآب والابن في قوة الروح القدس، سيعيشون معه إلى الأبد. وسيشرق محبو الرب كالشمس كما قال يسوع:

«حِينَئِذٍ يُضِيءُ ٱلأَبْرَارُ كَٱلشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ» (متى 13: 43).

إن المؤمن الحقيقي بالمسيح هو متأكد من أن له الحياة الأبدية، كعطية من الله، والروح القدس الذي فيه هو عربون المجد الظاهر عند مجيء المسيح، وظهور القديسين هو بداية الخلق الجديد للكون كله، لأن المخلوقات تنتظر استعلان أولاد النور عند مجيء ربهم:

«فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَداً فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضاً، وَرَثَةُ ٱللّٰهِ وَوَارِثُونَ مَعَ ٱلْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضاً مَعَهُ. فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ ٱلزَّمَانِ ٱلْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِٱلْمَجْدِ ٱلْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا. لأَنَّ ٱنْتِظَارَ ٱلْخَلِيقَةِ يَتَوَقَّعُ ٱسْتِعْلاَنَ أَبْنَاءِ ٱللّٰهِ» (رومية 8: 17-19).

وسينتصر المسيح انتصاراً عظيماً على الظلمة عندما يقيم الموتى من قبضة عدو الحياة. نقرأ في الأعداد التالية استهزاء بولس الرسول بالقوة الظالمة قائلاً:

«أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟ أَمَّا شَوْكَةُ ٱلْمَوْتِ فَهِيَ ٱلْخَطِيَّةُ، وَقُوَّةُ ٱلْخَطِيَّةِ هِيَ ٱلنَّامُوسُ. وَلٰكِنْ شُكْراً لِلّٰهِ ٱلَّذِي يُعْطِينَا ٱلْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» (1 كورنثوس 15: 55-57).

أيها القارئ العزيز، ما هو هدف حياتك؟ هل تريد أن ترجع إلى الله أبيك لتعاينه وجهاً لوجه؟ لا يستطيع إنسان ما أن يقترب من نوره الساطع، أو ينظر إلى جلاله القدوس، لأننا جميعاً خطاة منذ الحداثة. ولكن بما أن دم يسوع المسيح قد طهرنا من كل إثم، وبما أن روحه قد أصلحنا، فيدفعنا ويعزينا حتى نتقدم ونرتمي بين ذراعي الله المفتوحتين ليضمنا إليه كما يضم الآب طفله المحبوب إلى صدره.

تعمق أيضاً في النبوة التالية:

«هُوَذَا مَسْكَنُ ٱللّٰهِ مَعَ ٱلنَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْباً. وَٱللّٰهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلٰهاً لَهُمْ. وَسَيَمْسَحُ ٱللّٰهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَٱلْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ ٱلأُمُورَ ٱلأُولَى قَدْ مَضَتْ». وَقَالَ ٱلْجَالِسُ عَلَى ٱلْعَرْشِ: «هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيداً» (رؤيا 21: 3-5).

إن لأولاد الله امتيازاً أن يعيشوا في شركة مع أبيهم السماوي، فلا ننتظر فردوساً فيه سكر وشهوة، بل نترقب أن نرى أبانا وجهاً لوجه ونعاينه إلى الأبد، فنشتاق أن نذهب إلى المسكن المعد لنا عنده حيث نركع جميعاً أمام الآب مردّدين كالابن اضال:

«لَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ٱبْناً. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ» (لوقا 15: 19).

عندئذ سيلبسنا الآب رداء رحمته ويعانقنا واضعاً خاتم البر في يدنا، ويدخلنا إلى وليمة أفراحه، لأنه قد افتدانا بذبيحة جسد يسوع المسيح حسب خلاصة الإنجيل القائل:

«لأَنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ» (يوحنا 3: 16).

تأكد أيها القارئ العزيز، أن لا أحداً يدخل إلى الجنة على أساس صلواته أو صومه أو أعماله الصالحة ونذوراته. كلا، بل المسيح اشترانا لله من عبودية الخطية بدمه الثمين، لذلك لنا الحق في الدخول إلى الله أبينا. وستختبر الكنيسة أن حمل الله هو السراج المضيء للمؤمنين الذي بنوره نحيا ونتحرك إلى الأبد، حسب رؤية يوحنا القائل:

«وَسَيَمْسَحُ ٱللّٰهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَٱلْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ ٱلأُمُورَ ٱلأُولَى قَدْ مَضَتْ» (رؤيا 21: 4).

«وَأَرَانِي ٱلْمَدِينَةَ ٱلْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ ٱلْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ ٱلسَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ ٱللّٰهِ... وَٱلْمَدِينَةُ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى ٱلشَّمْسِ وَلاَ إِلَى ٱلْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لأَنَّ مَجْدَ ٱللّٰهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَٱلْحَمَلُ سِرَاجُهَا... وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ وَلاَ مَا يَصْنَعُ رَجِساً وَكَذِباً، إِلاَّ ٱلْمَكْتُوبِينَ فِي سِفْرِ حَيَاةِ ٱلْحَمَلِ» (رؤيا 21: 10 و23 و27).

عندما يتحقق هذا الوعد سنتذكر ما كتبه إشعياء النبي قبل 2700 سنة بشكر وحمد:

«لاَ تَكُونُ لَكِ بَعْدُ ٱلشَّمْسُ نُوراً فِي ٱلنَّهَارِ، وَلاَ ٱلْقَمَرُ يُنِيرُ لَكِ مُضِيئاً، بَلِ ٱلرَّبُّ يَكُونُ لَكِ نُوراً أَبَدِيّاً وَإِلٰهُكِ زِينَتَكِ. لاَ تَغِيبُ بَعْدُ شَمْسُكِ، وَقَمَرُكِ لاَ يَنْقُصُ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ يَكُونُ لَكِ نُوراً أَبَدِيّاً، وَتُكْمَلُ أَيَّامُ نَوْحِكِ» (إشعياء 60: 19 و20).

في ذلك الوقت يعلم الجميع أن المسيحيين لا يؤمنون بثلاثة آلهة، لأن الآب والابن والروح القدس هم واحد، ويتحد محبوه في وحدته ومحبته. لا بد من أن صلاة المسيح الشفاعية قد نالت استجابة كاملة عندما صلى قائلاً:

«أَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ ٱلْمَجْدَ ٱلَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ» (يوحنا 17: 22).