العودة الى الصفحة السابقة
الظلمة قد مضت النور الحقيقي الآن يُضيء

الظلمة قد مضت النور الحقيقي الآن يُضيء

ألا تزال تبغض أخاك؟


«ٱلظُّلْمَةَ قَدْ مَضَتْ، وَٱلنُّورَ ٱلْحَقِيقِيَّ ٱلآنَ يُضِيءُ. مَنْ قَالَ إِنَّهُ فِي ٱلنُّورِ وَهُوَ يُبْغِضُ أَخَاهُ، فَهُوَ إِلَى ٱلآنَ فِي ٱلظُّلْمَةِ. مَنْ يُحِبُّ أَخَاهُ يَثْبُتُ فِي ٱلنُّورِ وَلَيْسَ فِيهِ عَثْرَةٌ. وَأَمَّا مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ فِي ٱلظُّلْمَةِ، وَفِي ٱلظُّلْمَةِ يَسْلُكُ، وَلاَ يَعْلَمُ أَيْنَ يَمْضِي، لأَنَّ ٱلظُّلْمَةَ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ» (1 يوحنا 2: 8-11).

اختبر رسول المحبة في حياته الطويلة أنواراً كاذبة وظلمات كثيرة، أتى علماء وفلاسفة ومؤسسو أديان وجيمعهم مضوا وزالوا. فترى لبعضهم قبوراً مزينة وللبعض الآخر قبوراً مهملة. أما قبر المسيح فتجده فارغاً، لأنه حي قام من بين الأموات، ومحبته خالدة وقوته ظافرة وإنجيله يخلّص.

وعندما اختبر الرسول يوحنا هذه الحقيقة، شهد بجرأة أن الظلمة قد مضت وانكسرت شوكتها، وأن الموت مغلوب وحياة الله ظاهرة. إن عصر الظلمة قد انتهى وابتدأ عصر النعمة. فأشعة محبة المسيح تشرق عليك، وتهب لكل من يتقدم إليه الاستنارة والعفو والقوة الإلهية. المسيح هو النور القوي الذي لا يضمحل، لأنه تواضع أكثر من الجميع، ومات عن البشرية الفاسدة معلقاً على الصليب.

«لِذٰلِكَ رَفَّعَهُ ٱللّٰهُ أَيْضاً، وَأَعْطَاهُ ٱسْماً فَوْقَ كُلِّ ٱسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِٱسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي ٱلسَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى ٱلأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ ٱلأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ ٱللّٰهِ ٱلآبِ» (فيلبي 2: 9-11).

مما يؤسف له أن بعض المؤمنين لا زالو يحفظون في قلوبهم رواسب من الكارهية والنكران والرفض لبعض الإخوة والأخوات. ويشهد يوحنا لهم أن النور والظلمة لا يمكن أن يجتمعا في مكان واحد. فإما أن تغفر لأخيك الإنسان كل خطاياه بدون شرط وتنساها إلى الأبد، أو تظلم عينك وتسلك في الظلمة. فيسوع علمنا قائلاً:

«أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ ٱلَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ» (متى 5: 44 و45).

وبفضل تأثير روح المسيح فينا، نقدر أن نجعل ألد أعدائنا أصدقاء لنا. فكم بالحري إخوتنا وأخواتنا في الروح؟ إنهم أقرباؤنا إلى الأبد، فنسامحهم وننسى زلاتهم، ونتقدم إليهم ونعانقهم ونتكلم معهم ونثق فيهم ونشاركهم أثقالنا.

إن كان ذنب أو سوء فهم يحول بينك وبين إنسان آخر، فلا نتنظر حتى يأتي المذنب ويعتذر إليك، بل اذهب أنت أولاً إليه وتصالح معه. تقدم إليه طالباً منه السماح. فمن يعتذر أولاً هو الأقوى في الروح، ولكن الذي ينتظر كصاحب حق حتى يأتي الآخر إليه، فإنه ما يزال ضعيفاً وصغيراً في حياته الروحية.

توجد في إحدى القبائل المسيحية في إفريقيا عادة بين الزوجين. فإن كانا على خلاف في مشكلة ما وتخاصما بكلمات جارحة، وعاد بعدئذ واحد منهما إلى رشده وفهم المشكلة يقف في زاوية من زوايا البيت ويقول بصوت مسموع:

«أنا غبي». فإن كان الثاني قوياً في الروح، يتواضع ويقف في الزاوية المقابلة ويقول:

«وأنا أكثر منك غباء». وبعدئذ يتقاربان تدريجياً ويقول الواحد للآخر: «وأنا أخطأت أكثر منك». وهكذا يتسامحان الواحد مع الآخر، إن كانا مؤمنين عائشين من نعمة ربهما.

اطلب من الله أن يمنحك روح التواضع، والتمس منه أن يغير ذهنك وأفكارك لتثبت في كلمته وتتعلم بأكثر ووضح قاعدة الدينونة الأزلية:

«لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا، لأَنَّكُمْ بِٱلدَّيْنُونَةِ ٱلَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ ٱلَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. وَلِمَاذَا تَنْظُرُ ٱلْقَذَى ٱلَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا ٱلْخَشَبَةُ ٱلَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْنِي أُخْرِجِ ٱلْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا ٱلْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ. يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلاً ٱلْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً أَنْ تُخْرِجَ ٱلْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ» (متى 7: 1-5).

ذهب جندي مع فرقته إلى حمام سباحة. وخلال تمارين السباحة رأى جندياً آخر من قبيلة معادية لقبيلته، يشرف على الغرق. وكان أول ما خطر على باله أن يدعه وشأنه. ولكن روح الله وبّخه وأنّبه وغيّر تفكيره. ونتيجة لذلك ألقى بنفسه تجاه ذلك الجندي الذي تمسك به يائساً وكاد أن يغرقه معه. فما كان على المنقذ إلا أن يضربه ضربة أفقدته الوعي، ثم جرّه إلى البر، فوضعه على الأرض وانحنى عليه ونفخ في فمه ودلّك جسمه حتى بدأت علامات الحياة تظهر على محيّاه مرة أخرى.

وفي اليوم التالي أتى الجندي إلى منجيّه متمتماً بخجل: «شكراً لك لأنك خلّصتني، فلن أنسى عملك هذا ما دمت حياً». وبعدئذ أتى والد الجندي مع شرفاء قبيلته إلى والدَي المنقذ المؤمن، وانحنوا أمامهما علامة شكرهم لإنقاذ ولدهم. وهكذا تمت المصالحة بين القبيلتين المتخاصمتين منذ زمن طويل.

لو أن الجندي المؤمن ترك الغارق يهلك، لما أنّبه أحد سوى ضميره. ولكن روح الله الساكن في قلبه غلب تجربة الظلمة، وأبادت قداسة الله بغضة الشرير في ذهنه، فانتصرت فيه محبة يسوع، ومضت الظلمة وأضاء النور الحقيقي واضحاً.

كيف حالتك أنت؟ أتذكر شخصاً يضايقك؟ اشكر الرب لأجله، لأن الرب يريد أن يعلمك بواسطة هذا الإنسان الغلبة على نفسك، حتى تحب عدوك كما يحبك الله. وسوف لا تجد راحة من تأنيب روح الله في فؤادك حتى تصلي طالباً خير عدوك وتخدمه في إرشاد روح الرب.