العودة الى الصفحة السابقة
25 كانون الأول - ديسمبر

25 كانون الأول - ديسمبر

جون نور

2024


«وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ» (تيموثاوس الأولى 16:3).

إن هذا السر عظيم، ليس لأنه غامض جداً، بل لأنه مذهل جداً. هذا السر هو حقيقة أن الله قد ظهر في الجسد وهذا يعني على سبيل المثال، بأن الأزلي قد وُلد في عالم الزمن. هو غير المحدود بالزمن، عاش في نطاق التقويم والزمن.

ذاك الكلي الوجود، الموجود في كل مكان في نفس الوقت، جعل وجوده مقتصراً على مكان واحد مثل بيت لحم أو الناصرة أو كفرناحوم أو أورشليم.

إنه لشيء مدهش أن نفتكر بأن الله العظيم الذي يملأ السماء والأرض يحصر نفسه في جسم بشري، وكما رآه الناس فإنهم يستطيعون أن يقولوا فيه الصواب «فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا» (كولوسي 9:2).

هذا السر يذكرنا بأن الخالق قد زار كوكبنا التافه التي يسمى الأرض، الذي هو نقطة من غبار بالنسبة إلى بقية الكون، ومع ذلك فقد تجاوز البقية لكي يأتي إلى هنا، قادماً من قصر في السماء إلى حظيرة غنم، إسطبل ومذود!

لقد أصبح الكلي القدرة، طفلاً عاجزاً، فليس من المبالغة القول أن الذي ضمته مريم بين ذراعيها، هو الذي ضمها، لأنه الحافظ كما أنه الصانع.

إنه كلي المعرفة، مصدر كل حكمة ومعرفة، ومع ذلك نقرأ عنه، أنه كطفل كان ينمو بالحكمة والمعرفة، وإنه لشيء يعز على التصديق أن نفتكر بأن مالك كل شيء يأتي غير مرحب به في مُلكه الخاص، ولم يكن له موضع في المنزل ولم يعرفه العالم، وخاصته لم تقبله.

جاء السيد إلى العالم كخادم، أخفى رب المجد ذلك المجد في جسد بشري، جاء رب الحياة إلى العالم ليموت، وجاء القدوس إلى غابة الخطيئة، وصار المرتفع بلا حدود قريباً بدون حدود، موضوع فرحة الآب وعبادة الملائكة، جاع وعطش وكان منهكاً عند بئر يعقوب ونام في سفينة في بحر الجليل، «كغريب وبلا مأوى في عالم صنعته يداه». جاء من النعيم إلى الفقر وليس له أين يضع رأسه، عمل نجاراً ولم ينم على فراش أبداً، لم يكن عنده ماء جار بارد وساخن أو أي من وسائل الراحة التي نتمتع بها اليوم بشكل بديهي.

لقد كان كل هذا من أجلك ومن أجلي!هلمّوا تعالوا لنعبده.