في الرسالة الأخيرة التي وجهها الرب لتلاميذه قبل صعوده إلى السماء قال: «ااذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ» (مرقس 15:16 و16).
فكيف يؤمن الخاطي بالمسيح الذي لم يسمع عنه؟ إن مسؤولية نشر الإنجيل لمن هم في الظلمة تقع على عواتقنا نحن الذين نعرف الحق، لأن أمر المسيح بالكرازة وحمل رسالة الإنجيل للعالم لا يتوقف على فئة قليلة معينة، بل هو لكل المؤمنين بدون استثناء إذ يجب على الكل أن يخبروا بقوة المسيح المخلصة.
عندما شفى الرب الرجل المجنون تعجب الناس لما رأوه لابساً وعاقلاً وجالساً عند قدمي يسوع. فهذا الرجل لم يشأ مفارقة المسيح بل أراد أن يتبعه حيثما ذهب لأن ما عمله له كان عظيماً وعظيماً جداً. أما يسوع فقال له: «اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ وَإِلَى أَهْلِكَ، وَأَخْبِرْهُمْ كَمْ صَنَعَ الرَّبُّ بِكَ وَرَحِمَكَ. فَمَضَى وَابْتَدَأَ يُنَادِي فِي الْعَشْرِ الْمُدُنِ كَمْ صَنَعَ بِهِ يَسُوعُ. فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ» (مرقس 19:5 و20). ونتيجة لشهادته آمن الكثيرون بيسوع.
إن كنا لا نخبر الآخرين أن يسوع مات ليخلصهم، وأن غضبه سينصب عليهم في حال رفضهم طريق النجاة الوحيدة، فإن دمهم مطلوب من أيدينا «إِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: يَا شِرِّيرُ مَوْتًا تَمُوتُ. فَإِنْ لَمْ تَتَكَلَّمْ لِتُحَذِّرَ الشِّرِّيرَ مِنْ طَرِيقِهِ، فَذلِكَ الشِّرِّيرُ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ، أَمَّا دَمُهُ فَمِنْ يَدِكَ أَطْلُبُهُ. وَإِنْ حَذَّرْتَ الشِّرِّيرَ مِنْ طَرِيقِهِ لِيَرْجعَ عَنْهُ، وَلَمْ يَرْجعْ عَنْ طَرِيقِهِ، فَهُوَ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ خَلَّصْتَ نَفْسَكَ» (حزقيال 8:33 و9).
حين أرسل الله فيلبس في الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزة سمع الرجل الحبشي يقرأ من النبي إشعياء. قال له فيلبس: «أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟» قال الحبشي: «كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟» عندئذ فتح فيلبس فاه وابتدأ من هذا الكتاب وبشره بيسوع. فآمن الحبشي واعتمد ومضى في طريقه فرحاً (أعمال 26:8-39).