العودة الى الصفحة السابقة
ثقتي في الاختبار المسيحي

ثقتي في الاختبار المسيحي

. جوش مكدويل


Bibliography

ثقتي في الاختبار المسيحي. جوش مكدويل. Copyright © 2007 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . 1990. SPB 7852 ARA. English title: English title My Trust in the Christian Experience. German title: Mein Vertrauen in die christliche Erfahrung. Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D - 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

هذا الكتاب...

قال الرسول بطرس: «مُسْتَعِدِّينَ دَائِماً لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ ٱلرَّجَاءِ ٱلَّذِي فِيكُمْ» (1 بطرس 3: 15).. وهذا الكتاب «مجاوبة» ملموسة ودفاع عن الحق الذي يؤمن المسيحيون به. إنه محاولة للإجابة على السؤال: «لماذا أنت مسيحي؟».

يؤمن كثيرون بالمسيحية بالتسليم بدون تفكير، ولكن هذا لا يكفي لإِيمان واعٍ مستقر، فإن المسيحية مؤسَّسة على حقائق أكيدة. وهدف هذا الكتاب أن يقدم للقارئ هذه الحقائق، ليكون قبوله للحق بالفهم والإِدراك، فيسلم حياته لعمل الروح القدس فيه، لأن القلب لا يفرح بما يرفضه العقل!

في أثناء دراستي الجامعية كنت أدرس «فلسفة الدفاع» وكان عليَّ أن أكتب مقالة عن «أفضل دفاع عن المسيحية». وقد أرجأت الكتابة فترة، لا لنقص المعلومات التي عندي، بل لأنني كنت أعلم أن ما سأكتبه لن يُرضي الأستاذ. ولكني قررت أخيراً أن أكتب. وبدأت بالقول: «يضايق الدفاعُ بعضَ الناس، ولكني أقول إن أفضل دفاع عن المسيحية هو تقديم طلبات المسيح من البشر بصورة بسيطة واضحة، وشرح من هو المسيح»، ثم كتبت المبادئ الروحية الأربعة (وهي موجودة في نهاية هذا الكتاب «ملحق 2») وسجلت شهادتي: أنه في 19 ديسمبر 1959 في الثامنة والنصف مساء، في سنتي الثانية من الدراسة الجامعية، قبلت المسيح. ثم أنهيت المقال بذكر الأدلة على قيامة المسيح.

ولا بد أن الأستاذ درس المقال بدقَّة، ولا بد أنه وافق على ما كتبت، لأنه أعطاني 96 درجة من مئة! وما أجمل ما قيل: «إن فلاحاً بسيطاً يمسك كتابه المقدس ويسير خلف المحراث، يعرف عن اللّه أكثر مما يعرف عالم لاهوتي ينكر سلطان الكتاب المقدس». ذلك لأن «كَلِمَةَ ٱللّٰهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ ٱلنَّفْسِ وَٱلرُّوحِ وَٱلْمَفَاصِلِ وَٱلْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ ٱلْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ» (عبرانيين 4: 12). وعلى هذا فيجب أن نكرز بالإِنجيل، وفي الوقت نفسه نكون مستعدين دائماً لمجاوبة من يسألنا عن سبب الرجاء الذي فينا.

سمعت شخصاً يقول: «أنتم المسيحيون توجعون قلبي. كل ما تطلبونه هو الإِيمان الأعمى، وكأن من يصير مسيحياً يجب أن ينتحر فكرياً». ولكنني أرى أن قلبي لا يمكن أن يقبل ما يرفضه عقلي، فإن قلبي وعقلي عطية اللّه ليعملا معاً في توافق، وقد أمرنا المسيح أن نحب اللّه بكل القلب وبكل الفكر (متى 22: 37).

ولم يطلب اللّه منا «إيماناً أعمى بل إيماناً واعياً» - «لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ» (2 تيموثاوس 1: 12) - «وَتَعْرِفُونَ ٱلْحَقَّ وَٱلْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ» (يوحنا 8: 32).

الإِيمان بالمسيحية إذن مبني على براهين، وهو إيمان بالعقل. والإِيمان المسيحي يذهب إلى ما هو أبعد من العقل، لكنه ليس ضد العقل!

والإِيمان المسيحي إيمان موضوعي - موضوعه المسيح نفسه. ولا تقوم أهميته على الشخص الذي يؤمن، بل على «الشخص» الذي نؤمن به. لا على الشخص الذي يضع ثقته، بل على «الشخص» الذي نضع ثقتنا فيه. قد يكون بعض أتباع الديانات الأخرى أكثر إيماناً من بعض المسيحيين، ولكن العبرة ليست بكمية الإِيمان، بل بموضوع الإِيمان.. وعلى هذا فإن المسيحي يجد «الخلاص» لأن المسيح هو المخلص.

الحق الذي رأوه:

«لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ» (2 بطرس 1: 16) - «اَلَّذِي كَانَ مِنَ ٱلْبَدْءِ، ٱلَّذِي سَمِعْنَاهُ، ٱلَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، ٱلَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ ٱلْحَيَاةِ. فَإِنَّ ٱلْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلأَبَدِيَّةِ ٱلَّتِي كَانَتْ عِنْدَ ٱلآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. ٱلَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ» (1 يوحنا 1: 1-3). «إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي ٱلأُمُورِ ٱلْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا ٱلَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ ٱلْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ، رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ ٱلأَّوَلِ بِتَدْقِيقٍ، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى ٱلتَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، لِتَعْرِفَ صِحَّةَ ٱلْكَلاَمِ ٱلَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ» (لوقا 1: 1-4).

ولم يسجل كُتَّاب العهد الجديد ما رأوه فعلاً فحسب، لكنهم دعوا أعداءهم ليتحدثوا عن الحق الذي رأوه: «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلإِسْرَائِيلِيُّونَ ٱسْمَعُوا هٰذِهِ ٱلأَقْوَالَ: يَسُوعُ ٱلنَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ ٱللّٰهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا ٱللّٰهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ» (أعمال 2: 22) - «لأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ هٰذِهِ ٱلأُمُورِ، عَالِمٌ ٱلْمَلِكُ ٱلَّذِي أُكَلِّمُهُ جِهَاراً، إِذْ أَنَا لَسْتُ أُصَدِّقُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذٰلِكَ، لأَنَّ هٰذَا لَمْ يُفْعَلْ فِي زَاوِيَةٍ. أَتُؤْمِنُ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ بِٱلأَنْبِيَاءِ؟ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ تُؤْمِنُ» (أعمال 26: 26-28).

لم يكن الإِيمان المسيحي خرافة أو خيالاً، لكنه حق منظور!

إذاً لماذا يرفضون؟

وجدتُ أن الأغلبية العظمى من الذين يرفضون المسيح يفعلون ذلك، لا لدليل عقلي، بل لأنهم لا يريدون! ما أكثر من يقدمون أعذاراً عقلية، وما أقل من عندهم مشاكل عقلية.

إنني أحترم الإِنسان الذي يعرف لماذا يرفض الإِيمان بالحقائق الفكرية والتاريخية، لأنني حقاً وتاريخاً أؤمن. ولكني وجدت أن معظم الناس يرفضون المسيح لأحد الأسباب التالية:

  1. بسبب الجهل (رومية 1: 18 - 23)، وهو جهل يفرضونه على نفوسهم عادة.

  2. بسبب الكبرياء (يوحنا 5: 40 - 44).

  3. بسبب مشاكل أخلاقية (يوحنا 3: 19، 20).

تحدثتُ مع طالبة رفضت المسيح لأنها اعتقدت أن المسيحية ضد المنطق والتاريخ، وقد أقنَعتْ الكثيرين بأنها وجدت مشاكل فكرية في الإِيمان المسيحي نتيجة لدراستها الجامعية. وقد حاول كثيرون إجابة أسئلتها وإقناعها فكرياً، بدون جدوى. وبعد حديثي معها لمدة نصف ساعة قالت إنها خدعت الذين حدثوها من قبل، وأنها أنمت شكوكها الفكرية لتغطي فساد حياتها الأخلاقية.

وكنت أتحدث إلى طالب جامعي عن الإِيمان المسيحي عندما قال لي: «لا يمكن الإعتماد على روايات العهد الجديد» فقلت له: «لو أنني برهنت لك أن العهد الجديد صادق تماماً، فهل تؤمن؟» فأجاب بحدة: «لا!» فقلت له: «إن المشكلة عندك ليست فكرية، لكنها مشكلة إرادة».

كتب ألدوس هكسلي عن مشكلة إرادته في طريق إيمانه، فقال: «كانت عندي دوافع تجعلني أريد للعالم أن يكون بلا معنى، فافترضْتُ أنه بلا معنى، واستطعت بدون عناء أن أجد أسباباً مقنعة لهذا الافتراض. والفيلسوف الذي لا يجد معنى للعالم لا تعنيه تماماً مشكلة في الميتافيزيقا، لكنه يهتم بأن يجد الأسباب التي تجعله يفعل ما يشاء، والتي تجعل أصدقاءه يمسكون بالسلطة السياسية ويحكمون بالطريقة التي تعود بالنفع عليهم.. وبالنسبة لي كانت فلسفة «الحياة بلا معنى» أداة لازمة للتحرر الجنسي والسياسي» .

أما برتراند رسل، الملحد الذكي، فإنه لم يهتم بأن يفحص الأدلة التي تساند المسيحية. ويتضح من بحثه «لماذا أنا غير مسيحي؟» أنه لم يهتم بدراسة الأدلة التي تبرهن صحة قيامة المسيح. بل أن ملاحظاته تُظهر أنه لم يقرأ الإنجيل. ومن المؤسف أن شخصاً لا يدرس القيامة بالتفصيل، لأنها أساس المسيحية، ثم يقول إنه لا يؤمن بالمسيحية.

قال المسيح: «إِنْ شَاءَ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ مَشِيئَتَهُ يَعْرِفُ ٱلتَّعْلِيمَ، هَلْ هُوَ مِنَ ٱللّٰهِ، أَمْ أَتَكَلَّمُ أَنَا مِنْ نَفْسِي» (يوحنا 7: 17) فإذا جاء أحد لتعاليم المسيح، راغباً أن يعرف صحتها، موافقاً على طاعتها، إن كانت صحيحة، فسوف يعرف. ولكن الذي يجيء إلى تعاليم المسيح، وهو لا يريد أن يقبلها، فلن يجدها!

الفصل الأول: ما هو الاختبار المسيحي؟

الاختبار المسيحي حالة تحدث في طبيعة الإِنسان العقلية والأخلاقية والروحية، بقوة الروح القدس، كنتيجة لقيام علاقة شخصية مع المسيح المقام.

1 - أهمية الاختبار المسيحي:

يجب أن يكون الاختبار المسيحي وثيق الصلة بكل وجوه الإنسانية. يقول برنارد رام: «كل شيء حقيقي يحدث يجب أن يمس الحياة والاختبار مسّاً مباشراً.. ونشك في أنه كان يمكن أن يكون للمسيحية كل هذا التأثير الذي لها على ملايين الناس، لو أنها لا تمس الحياة والاختبار مسّاً مباشراً. إن للمسيحية براهينها الفقهية والفلسفية، ولكن برهانها الأعظم هو تأثيرها القوي في الاختبار البشري».(1)

تفشل المسيحية لو أنها لا تنطبق على الحياة في هذا العالم. إن الاختبار المسيحي يصبح بلا معنى لو أن حياة المسيح وموته وقيامته لم تكن حقيقة واقعية في التاريخ، فالأمران متلازمان لا يمكن الفصل بينهما. وقد قال المؤرخ العظيم كنث لاتوريت: «لم يحدث أن كان للمسيح هذا التأثير الواسع العميق على البشرية، كما حدث في الأجيال الثلاثة أو الأربعة الماضية، فقد تغيَّر بتأثيره الملايين وبدأوا يعيشون على مثاله. بواسطته تحركت المجتمعات نحو ما تعتقد أنه الأفضل لها، في حياة الناس الشخصية، وفي الأنظمة السياسية، وفي إنتاج البضائع وتوزيعها لتقابل حاجة الإنسان المادية، وفي شفاء الأمراض، وفي العلاقات بين الأجناس وبين الأمم، وفي الفن، وفي الفكر. وعلى هذا فإن ميلاد المسيح وحياته وموته وقيامته كانت أهم حوادث التاريخ. وقياساً بتأثيره يكون المسيح مركز التاريخ الإِنساني». (2)

(1) هذا الرقم هو رقم المرجع الذي تجده في نهاية هذا الكتاب (قبل الملاحق).

2 - النقطة المركزية في الاختبار المسيحي: يسوع المسيح.

يظن كثيرون أن التجديد المسيحي اختبار سيكلوجي ينتج عن غسل العقل بكلمات مقنعة، مع عرض عاطفي للأسطورة المسيحية. ويظنون أن المبشر سيكلوجي يسيطر على ضعفاء العقول ليوافقوا على وجهة نظره.

وقال البعض إن الاختبار المسيحي هو نتيجة انعكاسات لا إرادية في وضع معيَّن. فعندما يتعرض شخص للفكر المسيحي، مرات متكررة، يقع في «تنويم مغناطيسي روحي» فيتجاوب ميكانيكياً بطرق معينة تحت أوضاع معينة. يجيب بول لتل على هذا بقوله: «إن محاولة تفسير الاختبارات المسيحية على أسس سيكلوجية لا يتفق مع الحقائق. صحيح أننا يمكن أن نصفه سيكلوجياً. ولكن هذا الوصف لا يوضح كيف يحدث، كما لا ينفي صحة حدوثه». (3).

إن سبب الاختبار المسيحي هو شخص يسوع المسيح، وهذا يميّز المسيحية عن كل دين آخر، لأنها هي الوحيدة التي تعطي مصدراً جديداً تماماً لقوة الحياة، إذ يجد المسيحي في التاريخ مركز قوة. ليس الفرق بين المسيحية وغيرها كامناً في الأعراض النفسية، لكنه كامن في العامل الفعال الذي هو يسوع المسيح. وهذا العامل الفعَّال هو «موضوع إيماننا». وهو ليس اختراع عقل بشري، لكنه حقيقة تاريخية أثبتنا في كتابين آخرين (هما «ثقتي في الكتاب المقدس» و «ثقتي في السيد المسيح») ببراهين دامغة صحتها الكاملة. إن إله المسيحية ليس إلهاً مجهولاً لا يُدرَك، لكنه إله أعلن صفاته في الكتب المقدسة، وأعلن نفسه لنا في «التاريخ» إذ أرسل «ابنه» يسوع المسيح. ويؤمن المسيحيون أن خطاياهم قد غُفرت، لأن الغفران حدث فعلاً عندما سفك المسيح دمه على الصليب. ويؤمن المسيحي أن المسيح «يحيا فيه» الآن، لأن قيامته قد حدثت فعلاً. (4)

3 - الحقيقة الموضوعية من وراء الاختبار الشخصي:

كنت أقدِّم شهادة عن اختباري المسيحي في أثناء محاضرة في التاريخ، وقبل أن أنتهي قاطعني الأستاذ قائلاً: «تهمُّنا الحقائق لا الاختبارات. لقد قابلتُ كثيرين غيَّر المسيح حياتهم». شكرته، وأكملت قصة اختباري، ثم قلت: «يسأل كثيرون: ما معنى أن المسيح غيَّر حياتك؟ وأقول إن هذا قد برهن لي أن المسيح قد قام منذ ألفي سنة، وأنه يغيِّر حياة ملايين الناس اليوم من كل المشارب والبلاد، من أساتذة الجامعات إلى أبسط الفلاحين، عندما يضعون ثقتهم فيه. إن وراء الاختبار الشخصي حقيقة موضوعية، هي شخص المسيح وقيامته». ثم قلت: «لنفرض أن تلميذاً دخل الفصل الآن وقال: «أيها الزملاء، في حذائي الأيمن الآن ثمرة طماطم مطهية، غيَّرت حياتي، ومنحتني السلام والمحبة والفرح كما لم أحصل عليها من قبل! وليس ذلك فقط، بل أنا الآن أقدر أن أجري بسرعة 600 متراً في الدقيقة؟ والآن كيف نجادل هذا التلميذ لو أنه جرى قدامنا بسرعة 600 متراً في الدقيقة؟ إن اختباره الشخصي يبرهن حقيقة موضوعية. وعلى هذا فيجب ألاَّ نرفض صحة الاختبار الشخصي».

ثم مضيت أقول: «هناك فحصان أو امتحانان للاختبار الشخصي: أولاً: ما هي الحقيقة الموضوعية وراء الاختبار الشخصي؟ وثانياً: كم عدد الناس الذين لهم مثل هذا الاختبار؟ لنطبق هذين السؤالين على التلميذ مع ثمرة الطماطم في حذائه: الحقيقة الموضوعية أن في حذائه الأيمن ثمرة طماطم مطهية، ثم أنه جرى 600 متراً في الدقيقة. ولكن كم عدد البشر في الجامعة أو الدولة أو العالم الذين اختبروا زيادة في المحبة والسلام والفرح، وجروا بسرعة نتيجة وضع ثمرة طماطم في أحذيتهم؟» وهنا ضحك كل التلاميذ، فمن الواضح أن هذا لم يحدث لأحد!

والآن لأطبِّقْ السؤالين على حالة الاختبار المسيحي:

1 - ما هي الحقيقة الموضوعية وراء الاختبار الشخصي في تغيير الحياة؟

الجواب - شخص يسوع المسيح وقيامته.

2 - كم عدد الناس الذين حدث معهم مثل هذا الاختبار؟

الجواب: أمر مذهل!! فالصفحات الباقية من هذا الكتاب تحكي اختبارات أشخاص، يمثّلون ملايين من وظائف وبلاد وخلفيات مختلفة، سَمَتْ حياتهم وزادت أفراحهم بتسليم حياتهم للمسيح!

كان سكير سابق يسمع محاضرة عن «ضلالة المسيحية» فقال: «شكراً للّه على الضلالة التي توَّبتني عن الخمر. لقد حاولتُ أن أهجر الخمر وعجزت. ولكن بفضل المسيح صرتُ إنساناً. هجرت الخمر، وكسوْتُ عيالي وأطعمْتهُم. صار في بيتي فرح وسلام من بعد حزن وعراك. لو أن في هذا ضلالاً، فليرسل اللّه هذه الضلالة إلى المستعبَدين للخمر، لأن عبودية الخمر حقيقة وليست تضليلاً».

4 - الاختبار المسيحي اختبار عام:

نلاحظ أن اختبارات المسيحيين متشابهة، رغم اختلاف البلاد والبيئات والزمن. كلها تتفق في أن المسيح يُشبع حاجات الإِنسان الروحية والعقلية، من كل العقليات والأعمار والأجناس.

يقول برنارد رام: «نشعر نحن المسيحيين أن عندنا ذات الاختبار الأساسي.. ليس أننا نقول أشياء متشابهة فحسب، ولكننا نشعر بالشعور ذاته من نحو ما نقول، ونعتّز به الاعتزاز ذاته. إنه الروح يشهد للروح. والسبب الكامن خلف هذا هو أننا قد خلصنا بواسطة إله واحد، وبمخلّص واحد، وبإنجيل واحد» (1).

ويقول مولنز: «عندي برهان لا يُدحض على وجود المسيح في داخلي. وعندما أضيف إلى اختبارات عشرات الألوف من المسيحيين الأحياء، مع عدد لا يُحصى من الأموات منذ أيام المسيح، وعندما أجد في العهد الجديد سجلاً حافلاً باختبارات مشابهة، مع بيان وافٍ لمصدر هذه الاختبارات، يصبح تأكدي كاملاً. وعلى كل مسيحي أن يؤكد حقيقة الاختبار المسيحي بكل وضوح وحيوية وجدية». (5)

ويقول أولبرت: «في المسيحية تجد كل شيء، فبالنسبة للعقل النظري يمكن أن تتسع المسيحية لكل ما اكتشفه العلم، وتتحدَّاه ليبحث أعمق. وللعقل الإجتماعي تقدم سبيلاً واضحاً للحياة الإجتماعية العادلة الناجحة، وحلاً لمشاكل الحرب. وللعقل الذي يحب علم الجمال تعطيه مفهوماً مقنعاً للتوافق والجمال. وللعقل الإقتصادي والسياسي تعطي معنى للإنتاج والطاقة، مع دليل للسلوك. إن أهداف المسيحية ومثالياتها تسمو فوق ما يستطيع أي إنسان بشري أن يصل إليه. وحتى بالنسبة لأعظم القديسين، فالمسيحية تتقدَّمه، لأن أهدافها أعلى مما نصل إليه. ولو أن إنساناً اختبر ولو للحظة واحدة سعادة اليقين، فلن يكفَّ عن محاولة الحصول عليها طيلة حياته!» (6).

وفي التحليل النهائي يتضح لنا أن هذا المفهوم للإِيمان المسيحي هو الذي يجعله فريداً.

لهذا يجب أن ندرس التجديد في المسيحية، لا من وجهة نظر السيكلوجي، بل من وجهة نظر دارس الكتاب المقدس، فليس لدى السيكلوجي ما يقيس به صدق الاختبار. وعلى السيكلوجي أن يدرس الكتاب المقدس، ويتجدد بالروح القدس، ليستطيع أن يدرس ظاهرة التجديد.

الفصل الثاني: عينات من الاختبار المسيحي

نقدم هنا اختبارات لأناس من مختلف الأصناف والبلاد والثقافات والبيئات والمهن، لكنها جميعاً تتفق في أن مركز التغيير فيها هو يسوع المسيح. فكر في مئات الآلاف من أشخاص مشابهين طيلة الألفي سنة، جازوا مثل هذا الاختبار، لترى مدى التأثير الذي للمسيح في العالم.

هل الاختبار المسيحي صحيح؟ لقد اختبره الملايين، وحياتهم تؤيّد شهادتهم. وإذ نقرأ هنا العيّنات الست والخمسين التي نقدمها ترى كيف أعلن اللّه نفسه بطرق مختلفة، ولكنها كافية.

1 - من وظائف مختلفة:

(1) عالم طبيعيات:

«بعد أن درستُ سنتين في الدراسة «بعد الجامعية» اشتغلت باحثاً في الطبيعة عام 1956 لدراسة الجوّ فوق الأرض.. وتعرَّفت على عجائب الكَوْن، وأن الإِنسان يواجه مشكلات ضخمة أمام الأسلحة الذرية الفتاكة. واستمرت حياتي تمضي وأنا غير سعيد على الإِطلاق. وتعرَّضْتُ لشُرب الخمر وكدتُ أكون مدمناً.

واتصلتُ بمحلل نفساني، ثم درست البوذية والكونفشية والتاوية وغيرها وحاولت أن أصل إلى النرفانا.. وأردت أن أموت، لكنني كنت أخشى أن أذهب إلى الجحيم لو أنني انتحرت.

وفي عام 1962 ظهر في أفق حياتي بعض المسيحيين، وسألتهم ذات الأسئلة التي سألتها للعلماء والفلاسفة وعلماء النفس، واندهشت عندما قدموا لي إجابات مقنعة من الكتاب المقدس... وسألني القس رالف كرافت: «هل أنت مسيحي؟» فأجبت بالنفي، فسألني إن كنت أحب أن أصبح مسيحياً، فأجبت: «لست واثقاً. لقد قال لي الطبيب النفسي أن أفحص دوافعي. ولكنني.. أريد أن أصير مسيحياً».

وفي الأيام والأسابيع التالية حدثت معجزة بعد معجزة من عمل اللّه في حياتي، وصار الكتاب المقدس كتاباً فوق العادي بالنسبة لي. وانتهت مشاكلي ورغباتي الأولى.. ولأول مرة شعرت بإنسانيتي وآدميتي. وبعد سنوات من الدرس الذي قادني إلى لا شيء، بدأت أبني فهماً جديداً للحق، على أساس الصخر الثابت يسوع المسيح» (7). (إختبار لامبرت دلفن).

(2) خبير في الكومبيوتر:

«عندما يحدث التجديد المسيحي، ينسى اللّه خطايانا، لكنه لا يمحوها من ذاكرتنا، فهي تبقى «مقروءة». ولكن في يسوع ننال القدرة على أن نقول: «يا رب استلمني». هذا يعني مَحْو المعلومات وإدخال معلومات أخرى. ويختلف الناس عن العقل الإلكتروني، في أن العقل الإلكتروني لا يحب ولا يرتكب خطية، ولكن الناس يشبهونه في أن «القرارات تصنع التعليمات». إن التعليمات تحكمنا، ولكن التعليمات التي تحكم سلوك البشر مشروطة بالقرارات التي اتُّخذت من قبل. فلعبة الجولف مثلاً لا تصبح جزءاً منا حتى نمارس اللعبة. وهذه الممارسة تحتاج إلى قرار. إن القرار الذي نتخذه يقودنا إلى ميادين نشاط لم تكن لنا من قبل.

وعندما يتجدد الإِنسان تحدث معه معجزة حقيقية، وقد حدث هذا معي. إن أحسن عقل إلكتروني يعطي نتائج خاطئة لو شحنَّاه بمعلومات خاطئة. والتعليمات التي يتلقاها البشر تتوقف على اختباراتهم وقراراتهم. ولا يستطيع إنسان أن يمحو قرارات سابقة، مهما حاول ذلك، تماماً كما أن العقل الإِلكتروني لا يقدر أن يحرر نفسه. ولكي نغيّر البرنامج يجب أن نمحو ما سبق أن اختُزن ثم نشحنه بمعلومات جديدة.

وهذا ما حدث في حياتي عندما طلبت من المسيح أن يمنعني من عمل ما لا يريدني هو أن أعمله» (8) (جرهارد دركس - صاحب هذا الاختبار مستشار إداري للبحوث والتطوير في شركة (I.B.M)، وهو ألماني نال الدكتوراه في القانون من جامعة ليبزج).

(3) رجل شرطة:

«لقد لعبت على جانبي السور، فكنت عضواً في عصابة، ورجل شرطة! ورأيت المصائب والعاهات المستديمة، والخسائر والموت، كنتيجة للخطية!! ولكن نظرتي للحياة تغيَّرت تماماً منذ عرفت المسيح، وصرت شرطياً مسيحياً أنظر للحياة نظرة مختلفة. وفي كل عملي أشعر أنني يجب أن أشارك الآخرين في أخبار اللّه المفرحة بالخلاص. إنني جندي للّه» (9) - (هذا اختبار ملفن فلويد الذي اختير عام 1969 واحداً من عشرة «أبرز شباب في أمريكا»).

(4) مومس سابقة:

مقتبسة من كتاب آرثر بلست «اتجهت ليسوع»:

«ذات مساء رأيت لنده بالبيكيني مكومة على كرسي. وقالت لي: «كل شيء عظيم!» فقلت لها: «أنت تكذبين! أنت لست سعيدة. أنت بائسة. لو كنت سعيدة ما كنت تتناولين كل هذا المخدر لتتخلصي من الإِحساس بالذنب». فقالت: «آرثر بلست، إني أقدر أن أخدع أي إنسان إلا أنت، فكلامك صادق. إنني بائسة فعلاً. لقد أردتُ اليوم أن أقفز من سيارة ألبرت وهي مسرعة، ولكنه أمسك بذراعي ومنعني من ذلك».

وتحدثت عن يسوع مع لنده لأكثر من ساعة. وجَثَت معي على ركبتيها تصلي، وغسلت الدموع الزينة الخارجية من على وجهها، وقامت بعينين ترقصان فرحاً، وقالت بسرور: «لقد خلُصْت! يسوع وجدني. سأعود إلى طفلي». وفي أثناء ركوعنا دقَّ جرس الباب، وذهبتُ لأفتح، فإذا «زبون» في الخمسين من عمره. سأل: «هل هي مستعدة؟» فقلت: «نعم يا سيدي. تفضل». وناولته نبذة دينية أدناها من عينيه، وتضايق. ونظر إلى لنده التي كانت لا تزال راكعة، وتراجع نحو الباب وهو يقول: «لا بد أنني ضللت الطريق!» (10)

(5) طيار نازي من الحرب العالمية الثانية:

كان الكولونيل مولدر يحمل أرفع وسام ألماني يحمله طيار مقاتل شجاع.. نزل يوماً من طائرته بارد الأطراف، وجسده كله يرتعش من الانفعالات، فقد التقى بالموت، وتغيَّر. ففي تلك اللحظات الرهيبة التي لم يكن قد عمل لها حساباً، صلى: «أيها الرب القادر في السماء، أنقذني من هذا. أنت وحدك الذي تقدر أن تخلصني». وجاءه ردّ صدى صلاته من سطح طائرته: «وحدك الذي تقدر»!

ودخل إلى حجرته وأغلق الباب خلفه ليفكر. لم يستطع إيمانه بهتلر أو النازية أن يساعده. ورجع بفكره إلى قريته ووالديه التقيين وقسيسه الصالح، وتذكر قصة الصليب ومحبة اللّه المخلِّصة في المسيح الذي مات من أجل الخطاة أمثاله. وأدرك أنه ما كان يمكن أن ينجو من الموت المحقَّق لو لم يكن اللّه قد أنقذه! لقد علَّمه الخوف أن يؤمن!

وشعر بسعادة كبيرة عندما تحقق أن اللّه يملأ قلبه بالسلام، وجلس يكتب رسالة لقسيس كنيسته. وبدأ بعد ذلك يحدث زملاءه عن إيمانه وعن محبة اللّه في المسيح.. وسمع رجال مباحث النازي بهذا، فدبَّروا قتله، وقتلوه فعلاً، واعتقلوا أصحابه، وأعلنوا جائزة أربعين ألف دولار لمن يشي بأحد من أصحاب مولدر الذين يوزعون نسخاً من خطابه! (11)

(6) مجرم سابق:

راح يذرع زنزانة السجن وهو مرتبك، وأي شخص لا يرتبك وهو يواجه ليودر كنجيلو؟! فعندما كان في الحادية عشرة من عمره خطف حقيبة يد سيدة من الترولي المزدحم، وكانت هذه بداية انحرافه. ومرَّت خمس سنوات وهو يسرق قبل أن يُلقَى القبض عليه ويُسجَن. وعقب خروجه من السجن أدمن الهيروين، وبدأت سلسلة من سجنه وخروجه من السجن، ثم سجنه.. وهكذا. وعندما كان يذرع غرفة سجنه وجد مكتوباً على الحائط: «عندما تصل إلى نهاية طريقك، ويرتبك عقلك، ويبدو لك أنه لم تبق إلا الدموع، اتجه إلى يسوع، فهو الذي يجب أن تجده!».

وجعلته هذه الكلمات يفكر.

لقد وصل «ليو» إلى نهاية الطريق، وعقله مرتبك، وليس له إلا الدموع، ولكن البكاء لن يغيِّر الماضي.. إذاً فليطلب عون يسوع ليغير حياته، وليجعل مستقبله مختلفاً عن ماضيه.

ولأول مرة في حياته يجد شيئاً في نفسه بجوار اليأس!

وخرج من السجن عام 1958 ودرس وحصل على الثانوية العامة، ثم التحق بكلية وست تشستر، ثم كلية اللاهوت في فيلادلفيا. وهو اليوم يعمل بين المسجونين، ويعظ في الكنيسة صباح الأحد، ويعمل بين الشباب. (12)

(7) قسيس:

قال القس الدكتور دن سكولر: «في أول كنيستين عملت فيهما كنت أعظ عن الأمانة، والإِيمان (دون أن أعرف معناه) والعادات الطيبة، والمواظبة على حضور الكنيسة، والشرف، مع حضّ السامعين ليكونوا صالحين فيخدموا اللّه. لقد وعظت عن الثمار دون أن أعرف الأصول - كنت ممتلئاً بحماس الشباب!!

وكان تديُّن زوجتي يقتصر على الإِيمان باللّه وعبادة الجمال والأخلاقيات الإجتماعية وحب الموسيقى وغروب الشمس وجمال الطبيعة. لقد صدقت بالتجديد، ووعظت عنه دون أن أعرفه!

وبدأ زواجنا يختل، فزوجتي تؤمن بشيء، وأؤمن أنا بغيره. وقررنا أن ندرس عن المسيح بدون الإستعانة بكتب غير الإِنجيل. وصرفنا سبعة أسابيع في هذه الدراسة مع مجموعة صغيرة.. وأشرق عليَّ خاطر تسليم إرادتي في يدي اللّه لأن هذه هي إرادة اللّه.. لقد سلمتُ نفسي للّه كما عرفته في المسيح، وكما كان يعلن لي عن نفسه كل يوم. وأشرق عليَّ نور، فبكيت كالطفل وناديت زوجتي قائلاً: «لقد أخطأتُ الهدف طويلاً.. كل هذه السنوات وعظت عن الأخلاقيات والإجتماعيات، بدون الخبر المفرح، خبر المسيح الحي الذي جاء وسكن فيَّ. لقد حررني، وأكد لي غفران خطيتي، وصار مركز اهتمامي. لقد جاءتني قوته أخيراً! (13).

(8) ممثل رعاة البقر:

قال توم لاندري: «اكتشفت في الثالثة والثلاثين من عمري معنى قول القديس أغسطينوس: «اللهم، لقد خلقتنا لذاتك، ولن تجد نفوسنا راحة إلا إذا استراحت فيك!» وإن ما يضايقني اليوم هو أنني تأخرت كل هذا الوقت قبل التعرُّف بالمسيح. وكم كانت حياتي ستكون أفضل لو أنني أخذت هذا القرار منذ سنوات مضت!» (14).

(9) لاعب جولف:

منذ أن قبلت المسيح مخلصاً لي عرفت من اختباري الشخصي أنه قام من الموت وأنه حي اليوم. لقد غفر خطاياي وأعطاني الحياة الأبدية والفرح والسلام والمعنى والهدف لحياتي. لقد وهبني راحة داخلية لا يقدر العالم كله أن يهبها. (15) (اختبار كرمت زارلي).

(10) أعظم لاعب تنس أمريكي:

ذات مرة كان ستان سمث، أعظم لاعب تنس أمريكي يلعب، وسأل نفسه: «أين ذهبت ثقتي؟ لقد لعبتُ دوماً بثقة كاملة». وأجاب: «ولكن هذا لم يحدث دائماً. لقد استمر هذا حتى سنتي الجامعية الثالثة عندما التقيت ببعض الرياضيين الممتازين في جامعة جنوب كاليفورنيا، وكانوا مختلفين عمَّن عرفت من قبل! لقد حدثوني عن شخص لم أسمع عنه من قبل هو يسوع المسيح، سلَّمت نفسي في يديه قرب نهاية العام، وطلبت منه أن يجعل حياتي أعمق معنى، فساعدني لأجد نفسي وأعطاني ثقة بنفسي». وهنا فارقه فشله وعادت إليه الثقة من جديد. وقال ستان سمث: «ساعدني يسوع لأسيطر على نفسي. وإني الآن أرى أن حياتي يجب أن تكون مرآة لتعاليمه» (16).

(11) عدَّاء مسافات طويلة:

كبتشو جي حزقيا كينو مسيحي متجدد، أسرع عدَّاء أنجبته أفريقيا، فقد حطم كل الأرقام القياسية الماضية لمسافة 3000 و5000 متر، وجرى ميلاً كاملاً في أقل من أربع دقائق!

قال: «كان حماي يقرأ لي الكتاب المقدس ويفسر لي الأجزاء الصعبة منه، وكنا نتحادث في كلمة اللّه حتى ساعة متأخرة من الليل. وقد أقنعني الكتاب المقدس بحاجتي للخلاص... فطلبت من يسوع أن يغفر خطاياي، واعترفت به مخلصاً. وأنني أوصي كل شخص أن يعرف المسيح. إنني عدَّاء يجتهد ويتدرَّب ليفوز... ولكن سواء ربحت أو خسرت فإنني أعرف أن اللّه يرشدني، وأن له قصداً وخطة لحياتي» (17).

(12) لاعب بيسبول:

قال بوبي رتشاردسون: «خلال لعبي مدة عشر سنوات في فريق «اليانكي» بنيويورك كانت تصلني رسائل من كل جهات الولايات المتحدة، بعضها يمتدح عملي وسط الشباب كقائد ديني. وكان البعض يقول: «كنت أود أن أكون مثلك، لكني من طينة أخرى. لقد جرَّبت التديُّن لكنه لم ينفع معي».

وإنني أقول إن التدين لا ينفع أحداً، فهناك ديانات كثيرة جرَّبها الناس ولم تنفع، ولو قلنا إن الديانة أو الحياة الصالحة تجلب للناس السعادة والسلام لكنا مضللين، فإن الذي ينفع هو المخلص الحي يسوع المسيح، ومعرفته معرفة شخصية هي وحدها النافعة، وليس معرفة تعاليم دينية. المسيحية الحقيقية ليست تهرُّباً من الحياة، وليست طريقاً لربح السماء بالعمل الصالح، لكنها اتصال شخصي بالمسيح. وتقول كلمة اللّه: «لأنكم بالنعمة مخلَّصون بالإِيمان، وذلك ليس منكم، هو عطية اللّه، ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد» (18).

(13) ملكة جمال أمريكا 1973:

منذ أن كنت طفلة صغيرة، كنت أحلم أن أصبح مغنية وممثلة مشهورة، أرى اسمي على لوحات الإِعلانات الكبيرة. وبعد قضاء سنة في الجامعة جاءتني أول فرصة لأغنّي في نوادٍ ليلية في الغرب الأمريكي الأوسط. وقد واجهتُ في طريقي هذا أشياء لم أكن أظن أنها موجودة، ولم أكن مستعدة لمعالجتها، مثل مشاكل السُّكْر، والزيجات الفاشلة، والعدد الكبير من الأشخاص الذين يعيشون في وحدة قاتلة وهم يحاولون أن يهربوا من الواقع.

وفي سنة 1970 انضممت إلى فريق غنائي أصابني بالكثير من الكآبة، لأنه كان علينا أن نغنِّي 50 أسبوعاً في السنة في كل أنواع الظروف. ولكني كنت مصممة أن أحقق أمنية طفولتي مهما كلَّفني ذلك من جهد.

على أن هذا كله تغيَّر ذات ليلة كنا نغني فيها في جامعة معمدانية في ولاية كانزاس، فقد لاحظت أن التلاميذ يصفّقون كلما نذكر اسم اللّه أو المسيح في غنائنا. وظننت أول الأمر أنهم مجموعة مجانين. ولكن بعد ذلك جاءتني إحدى التلميذات المؤمنات وتحدَّثت معي. تحدَّثت أولاً عن عملي وحياتي، ثم وجَّهت إليَّ سؤالاً لم يوجّهه أحد إليَّ منذ اثنتين وعشرين سنة. قالت: «هل أنت مسيحية حقيقية؟». وعندما أجبتها أنني أؤمن باللّه، قالت: «ليس هذا ما أقصده». وأخذَتْ توضِّح لي عن محبة اللّه، وأنه يريد أن يُنشئ معي علاقة شخصية من خلال المسيح. وناولتني كتيباً روحياً صغيراً اسمه «المبادئ الروحية الأربعة» (تجد نصه في نهاية هذا الكتاب). وطلبت مني أن أقرأه تلك الليلة، على أن تجيء هي للحديث معي بصدده أثناء تناول إفطاري في اليوم التالي. وقبلْتُ ذلك لأني لاحظتُ السلام يملأ قلبها، والذي لم يكن عندي شيء منه.

وبدأت أتصفح الكتيب الصغير بسرعة إلى أن لاحظت أنه مختصر ويعالج مواضيع محددة. وسرعان ما وجدتُ نفسي أقرأ الصلاة المقترَحة في نهايته لأطلب من اللّه أن يغفر لي وأن يمنحني سلامه الذي لم أجده أبداً في عملي.

وفي صباح اليوم التالي جاءت الفتاة المسيحية وعبَّرت عن سعادتها بلقائي وعن محبتها لي - الأمر الذي لم أختبره منذ مدة طويلة. ولما بدأ فريق الغناء يستعد لمغادرة البلدة أعطتني كتاباً مقدساً وقالت: «مهما كانت مشغولياتك، أؤكد لك أنك لو قرأتِ أصحاحاً منه كل يوم، فإن حياتك ستتغير».

ولقد تغيَّرتْ حياتي فعلاً، إذ بدأت أتحقق أن المسيح يفهمني ويدرك قلقي ومشاعري من جهة عملي. وتغيرت أشياء كثيرة في حياتي، كنت مدخِّنة شرهة، وكان وزني كبيراً، فتركت التدخين وبدأت أحسّ باحترام الذات الذي جعلني أصمِّم على تخفيض وزني.

وتركت عملي بدون مال بالمرة، وبدون وسيلة للحصول على تدريب للغناء. وقتها اقترحت عليَّ إحدى صديقاتي أن أدخل مسابقة ملكة الجمال. وقبلت، مع أنني كنت أشعر أنني عجوز في الثانية والعشرين! وشجعتني صديقتي بأن هذا برنامج نظيف لا أضطر فيه إلى التنازل عن مبادئي. ثم أنه قد يمنحني المنحة الدراسية التي أحتاجها لدراسة الغناء.

ومن تلك اللحظة بدأ اللّه يفتح أمامي الأبواب ويُريني خطّة لحياتي. صرت ملكة جمال أمريكا لسنة 1973. في تلك السنة أجرى اللّه تغييرات كثيرة في حياتي، فغيَّر نظرتي إلى وظيفتي ومستقبلي. واكتشفتُ أنه بالرغم من أني كنت أصلي ليوجّه اللّه خطواتي في عملي، لم أكن فعلاً أصغي إلى إجابته عليَّ. وأنا الآن أدرك أن مسؤوليتي الأولى في حياتي هي من نحو اللّه، ومسؤوليتي الثانية هي من نحو زوجي توما ومن نحو أطفالي. ثم بعد ذلك يجيء التفكير في عملي.

ولقد أعطاني اللّه رغبة في أن أتوافق مع مشيئته، ولا زلت أنتظره ليحدِّد لي ما أفعله في مستقبل حياتي. لقد سجلْتُ أشرطة للترانيم. وأنا الآن أكتب كتاباً. لكن دوافعي لعملي هذا مختلفة عمَّا كانت في الماضي، فلم تعُدْ الأضواء مركز انتباهي، لأني تعلمت أن الأشياء الدائمة هي الأشياء التي نعملها في سبيل المسيح وخدمته. (19) (اختبار تيري كامبرن).

(14) صاحبة ألف مليون دولار:

تراها بسيطة الملبس، بسيطة في كل شيء، وهي تدير ممتلكات والدها من ثروة حيوانية، وأراضي، واستثمارات، وكيماويات، وإلكترونيات، وبترول. وعندما سُئلت عن شعورها كابنة واحد من أغنى أغنياء العالم أجابت: «في صغري كبرت في اختبار أنني أقدر أن أفعل أشياء كثيرة. أما الآن فإن عندي الفرصة لأعمل الأشياء التي تناسبني فعلاً». ثم تحدثت عما يناسبها، فقالت إنها عرفت الرب وبدأت حياتها المسيحية العاملة وهي في عمر المراهقة. وكانت قد نشأت في كنيسة لا توضح طريق الخلاص، ثم ذهب بهم أبوهم إلى كنيسة تبشيرية. وفي عمر الخامسة عشرة لاحظت أن عند بعض أعضاء الكنيسة الجديدة نوعية مختلفة من الحياة، فحاولت أن تعرف ما هي. وقالت: «ظننت أني أستطيع أن أحصل على هذه النوعية الممتازة لو راقبتهم. وعندما سألوني إن كنت مسيحية جاوبت بالإِيجاب دون أن أتحقق من الفرق الكبير بين التديُّن وبين الصلة الشخصية بالمسيح. إن ذهابك إلى جراج لا يصنع منك سيارة، وذهابك للكنيسة لا يصنع منك مسيحياً».

ثم قالت: «وشرح لي أحدهم معنى قول المسيح في الرؤيا 3: 20 «هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى ٱلْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ ٱلْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي» . ولما كنت دقيقة فقد جعلت أزن امتيازات الحياة ومسؤولياتها - ماذا أكسب وماذا أخسر؟ ووجدت أن فتح قلبي للمسيح أمر ممتاز، لأنه سيعطيني نوعية الحياة التي أفتش عنها. وهكذا في الخامسة عشرة من عمري دعوت المسيح ليسكن في قلبي» .

ولم تدرك في بداية الأمر أن هذه هي الخطوة الأولى، وما لبثت أن أدركت ما يريدها الرب أن تفعل لخدمته، فهي ترنم في المؤتمرات الدينية والإجتماعية الكنسية، وتقول: «أريد أن أشارك الآخرين في الحياة الإِيجابية التي وهبها المسيح لي، والتي يهبها لكل من يقبله. وهذا أفضل من ألف مليون دولار!» (20) (إختبار جوان هانت).

(15) رسام كاريكاتوري:

«كنت الطفل الوحيد في الأسرة، وماتت أمي يوم دخلت الخدمة العسكرية. وقبل انخراطي في الجيش التقيت بقسيس بدأت أذهب إلى كنيسته.. وكلما فكرت في الأمور الدينية، أثناء دراستي للكتاب المقدس بتلك الكنيسة اكتشفت أكثر أني أحب اللّه فعلاً.. ولا أقدر أن أحدد وقتاً سلمت فيه نفسي للمسيح، ولكنني فجأة وجدت نفسي «معه»، دون أن أعرف بالتحديد متى حدث ذلك.

وإنني أشعر بالشكر الشديد للّه على صبره معي ومعنا كلنا، وكلما قرأت كلمات يسوع أحببته أكثر واقتنعت بضرورة اتِّباعه. ولقد وجدت أنني في المسيح أقدر أن أرى اللّه وأفهم مشاعره من نحونا» (21) (إختبار تشارلس شولز).

(16) مؤلفة:

«عندما بلغت الثالثة والثلاثين من عمري فقدت الأمل في معرفة هدف حياتي، فقد أثارت دراستي للفلسفة تفكيري، لكنها لم تملأ قلبي، وتركتني دراستي لأديان العالم منهكة الفكر. ولقد عرفت أني غير راغبة في معرفة الصلاح الذي يطلبه اللّه من الذين يتصلون به.

وقد ربحتني للمسيح صديقة طفولتي، إلين رايلي، وكانت قد صارت مسيحية عاملة، عرفت المسيح معرفة شخصية. وكانت قد جاءت إلى نيويورك في أجازة في ذات الوقت الذي كنت فيه في نيويورك. وقد اندهشَت وهي تراني أنا صديقة طفولتها السعيدة «الهايصة» وقد أصبحت مرهقة ملولة، فقالت لي أنها تراني وكأني «أعاني من صدمة».

وسألتها عن معنى إيمانها باللّه، فقالت: «أؤمن أن اللّه جاء إلى عالمنا في شخص المسيح ليظهر لنا نفسه، وليخلصنا من خطيتنا». وهكذا بعد ظهر الأحد 2 أكتوبر 1949 بعد مجادلة هادئة، قلت لها: «وهو كذلك. أعتقد أنك على صواب». وهكذا كان، فإن اللّه ليس محتاجاً لتعقيدات روتينية قبل أن نتعرف عليه.

ومنذ ذلك الوقت صارت حياتي مع المسيح، يوماً بعد يوم، اكتشافاً لشيء جديد كل يوم. واليوم أحب أن أصحو من نومي في الصباح، لأنه هو قد أصبح سبب وجودي ويقظتي!» (22) (إختبار يوجينيا برايس).

(17) رجل أعمال:

«تعلمت شيئاً أساسياً من اختباري في العمل: هناك حاجة ملحَّة لدستور واضح محدَّد للتشغيل. وعند معرفته يجب الثقة فيه، وبرمجة العمل في نوره.

والكتاب المقدس هو دستور الحياة المسيحية، وله السلطة العليا على حياتنا، وفيه الكفاية لاحتياجاتنا. وهو يعلِّمنا أن المسيح هو رب حياتنا، الذي له نقدم ولاءنا. وعلاقة الإِنسان بالمسيح شخصية، ولا نستطيع أن نقف على الحياد من المسيح» (23) (هذا اختبار الدكتور إلمر إنجستروم، رئيس مجلس إدارة «راديو كوربوريشن أوف أمريكا» ويحمل درجات دكتوراه في العلوم، والقانون، والهندسة من عشر كليات مختلفة).

(18) طبيب:

بدأت ممارسة الطب بعد الحرب العالمية الثانية، وظننت أن الحياة الناجحة هي في الاندماج في المجتمع، فكنت أحضر حفلات الكوكتيل والرقص. ووجدت أن هذا عظيم لأنه ينسيني متاعب النهار ويبعدني عن واقع الحياة لفترات قصيرة.

وفي عام 1952 كان يجب أن أحضر المزيد من الحفلات لأنسى همومي، وفقدت سلطاني على نفسي في شرب الخمر، وبدأ نشاطي الطبي يقل، لكن ما آلمني أكثر من ذلك هو أنني فقدت احترام زوجتي وعائلتي. وأخيراً اعترفت أنني محتاج للعون.

وكان لي شقيق قد عرف المسيح مخلّصاً منذ سنة، فدعاني يوماً لحضور حفلة تقيمها «جماعة رجال الأعمال المسيحيين». وفي تلك الحفلة استمعت لاختبارات وشهادات بعض الحاضرين عن التغيير الذي جرى في حياتهم، وكان اختبار أحدهم مطابقاً لحالتي تماماً، ولكن المسيح غيَّر حياته!

ولاحظت اختلافاً كبيراً بين هؤلاء الناس وبين أصحابي، كما أنهم كانوا راغبين في مساعدتي عندما أحاطت بي مشكلات كبيرة، وقد قالوا لي إن احتياجي الأساسي هو إلى معرفة المسيح.

وفي 21 مايو 1959، عندما كنت في رحلة خاصة بالعمل، شعرت بتبكيت ضمير شديد. أدركت أني ضائع هالك ومحتاج لعون اللّه، فصليت لينقذني ويخلصني، وقلت له: «سأفعل يا رب أي شيء تطلبه مني» وكنت أعني ما أقول، فحدث الاختبار الرائع. وجرت دموع الفرح على خديَّ عندما انزاح عني حمل الخطية الثقيل. وأعطاني اللّه اليقين بأنني صرت خليقة جديدة في المسيح. ولم أُجرَّب بعد ذلك بشرب كأس من الخمر. لم تكن مشكلتي أساساً هي أنني أشرب الخمر بإدمان، بل كانت عدم معرفتي بالمسيح» (24) (إختبار الدكتور فزنون فيلبس).

(19) فلاح:

«كان أملي في شبابي أن أكون فلاحاً ناجحاً، فقررت ألا أدخل الجامعة بل أعمل في الفلاحة التي أحبها. وكنت راضياً عن عملي، تسير أموري بغير مشاكل. ولم أكن أعرف أنني مريض بداءٍ لا تشفيه كل العقاقير، هو داء الخطية. وقد أدركت من سماعي للكتاب المقدس (وخصوصاً رومية 3: 23) أن ذهابي للكنيسة واحترام مجتمعي لي، لا يعفيانني من نتائج الخطية، ويقول الكتاب: «إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد اللّه...وإَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ» (رومية 3: 10). وقد كشف لي هذا أنني محتاج إلى شيء أكثر مما أقدر أنا أن أفعله لنفسي، لأنني محتاج إلى التطهير بقوة اللّه، وهذا لا يتأتَّى إلا إذا وضعت ثقتي في يسوع. وكم أشكر اللّه لأني أستطيع أن أذهب إليه ليعالجني. وعندما يغفر لي خطيتي يحصر مرض الخطية الذي فيَّ.

وكما أني فخور بنوع الدواجن الممتاز الذي في مزرعتي، وأحكي لأصحابي عنه، فإني فخور بما عمله المسيح في حياتي، وأحكي لمن أقابله عن قوة المسيح التي تشفي من مرض الخطية» (25) (إختبار موراي فارس).

(20) سناتور أمريكي

«إنني أؤمن أنه ما لم يتبع شعبنا المسيح ويحبه بكل كيانه، فلن يقدر أن يواجه تحديات العصر، ذلك لأن الصالح عدوُّ الأصلح. وإني أحب أن نقترب أكثر فأكثر من عمل كل شيء بهدف تمجيد اللّه.

عشت 31 سنة لنفسي، ورأيت أنه يجب أن أحيا باقي عمري للمسيح وحده، فطلبت من اللّه أن يغفر لي، ويجعل حياتي ملكاً له، وقد تأكدت من قول الكتاب: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي ٱلْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. ٱلأَشْيَاءُ ٱلْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا ٱلْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً» (2 كورنثوس 5: 17).

وفي هذه الأيام التي يعوزنا فيها الطمان نحتاج إلى السلام على مستوى الفرد والعائلة والمدينة والأمة والعالم. ولا زال القول صحيحاً إن اللّه كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه. وعندما نخدم المسيح فإننا نحصل على السلام ويصبح لنا هدف إذ نصبح سفراء عن المسيح.

لقد كان اتِّباعي للمسيح مصدر نداء قوي دائم لي للمغامرة والسعادة، وأنه ليستحق أن نغامر في سبيله، وما أصدق قوله: «أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يوحنا 10: 10).

والمسيح لا يدعونا لحياة الراحة، بل لحياة التلمذة له، لتصبح لنا حياته وقوته. ومهما كانت رسالتنا في الحياة فإننا مدعوون لنقدم له الولاء الكامل، فيصبح المسيح مثالنا الأعلى. ولا توجد دعوة في العالم أسمى ولا أكثر إشباعاً للنفس من دعوة الحياة تحت إرشاد المسيح، فهي وحدها التي تشبع النفس. وأشهد بكل أمانة وإخلاص أن اتباعي له قد أشبع نفسي. (26) (إختبار السناتور مارك هاتفليد من ولاية أوريجون الأمريكية).

(21) رئيس سابق للجمعية العامة للأمم المتحدة:

قال الدكتور شارل مالك، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1959: «لما تحققت أن العالم كله ينحل أمام عيوننا، لم أجد أعمق من هذه الأسئلة الثلاثة: ماذا سيحدث؟ أين المسيح من هذا؟ وما هو الفرق الذي يصنعه وجودنا لهذا كله؟

وفي كلمة واحدة: حياة الروح هي حياة في يسوع المسيح، ففيه وبواسطته يمكن أن نجيب على هذه الأسئلة الثلاثة الأساسية. وفيه وبواسطته يمكن أن نخلص من هذا الإنحلال العالمي الشامل.

هذه أيام عظيمة، وما نقرره هنا هي قرارات تاريخية، ولكن كلها ستنتهي، ومعها الحياة نفسها. فما هي الحياة التي لا تنتهي؟ ما هي الحياة الأبدية؟ هذا هو السؤال الأول والأخير، إنني أؤمن أن «وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ ٱلإِلٰهَ ٱلْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ ٱلَّذِي أَرْسَلْتَهُ» (يوحنا 17: 3)... وأن الإِيمان بالمسيح هو المعنى الأول والأخير لحياتنا ولا يهمني من أنت أو ماذا أنت، ولكني أسألك سؤالاً واحداً: هل تؤمن بيسوع المسيح؟ (27).

(22) مخطِّط مدن:

«حصلت على تعليم جيد، وكان لي منذ بداية الحياة كل ما أحتاجه مادياً. ونشأت في بيئة عائلية صالحة، ولكن كانت عندي مشكلة: كنت أظن أني سيد كل شيء، وظهر لي كأن كل ما أعمله ينجح، وكان نتيجة ذلك أنني مرضت نفسياً وأصبحت سكيراً. لعبت كرة السلة في المسابقات الرياضية وكانوا يختارونني في كل المباريات.

ولكن في السنوات العشر الأخيرة صرت مهمَلاً إجتماعياً، واشتغلت في عدة وظائف، ولكني كنت أترك كل وظيفة قبل أن يقيلوني لكثرة غيابي بسبب إدماني للخمر. وظننت أنني قد جُننت، فقرأت الكثير عن الخمر والإِدمان، ووجدت أني لست مجنوناً. وفي هذا الوهم شربت الخمر أكثر، حتى هجرت أسرتي!

وذات مساء زارني صديق قديم، ظهر أن حياته تغيرت، وحضرت معه بعض اجتماعات «جماعة رجال الأعمال المسيحيين». وأرسل لي هذا الصديق نبذة عنوانها «مَنُّ مِنَ السماء». وضايقني هذا منه جداً، وقلت: «من يظن هذا الإِنسان نفسه؟ هل يحسب أنه أفضل مني؟». ولكن تلك النبذة جعلتني أواجه المسيح وأتعرَّف عليه كالشخص الذي يُشبع النفس.

واليوم وأنا ألقي محاضرات عن تخطيط المدن أجد الفرصة لأتحدث عن المسيح الذي غيَّر حياتي» (28) (إختبارات تشارلس بن).

(23) فيلسوف:

هذا اختبار سيريل جواد رئيس قسم الفلسفة في جامعة لندن. كان يؤمن أن المسيح مجرد إنسان فقط، وأن اللّه جزء من الكون، وأنه لو تحطم الكون لتحطم اللّه معه. ولم يكن يؤمن بوجود الخطية، بل أن الإِنسان مصيره إلى اليوتوبيا (الدنيا المثالية أو المدينة الفاضلة) وأنه لو أمهل الإِنسان قليلاً فإنه سيجعل سماء على الأرض.

وفي سنة 1948 نشرت مجلة «لوس أنجيلوس تايمز» صورة هذا العالم العجوز مع قصة التغيير الدرامي الذي جرى في حياته، ذكر فيه كيف عادى المسيحية سنوات طويلة، ولكنه أدرك أن الخطية حقيقة واقعة، اقتنع بوجودها وهو يرى حربين عالميتين، وقال إن التفسير الوحيد للخطية موجود في الكتاب المقدس، وأن علاجها الوحيد هو الصليب. وقبل أن يموت صار الدكتور جواد تابعاً غيوراً للمسيح. (29).

(24) عالم نفساني:

حذَّر صاحب العمارة الساكن الجديد، أستاذ الجامعة من جاره الإِنجيلي لأنه متحمّس جداً، وسيحاول أن يجدِّده. وقال الأستاذ إنه قادر على مجادلة الجار الإِنجيلي، ولعله يحوّله ليصبح مفكراً حراً مثله. ولم يشعر الأستاذ بخوف من الجار الإنجيلي، فهو مطَّلع على الدين، كما أنه عالم نفسي. وكان قد نشأ في بيت كاثوليكي (ولو أنه لم يعُدْ يقبل العقيدة الكاثوليكية). حصل على درجة الدكتوراه في علم النفس، وصار أستاذاً للبحوث النفسية والمنطق في جامعة الأرجنتين. وكان مجال تخصصه «تنمية الشخصية». وقال الأستاذ في نفسه إنه قد يتعلم شيئاً وهو يحلل شخصية جاره الإِنجيلي.

وحضر الأستاذ كنيسة الإِنجيلي، وتدارس معه ما يؤمن به، وانتهى الأمر بأن الأستاذ الدكتور «رودا» قبل المسيح مخلصاً. وهاك ما يقوله:

«كباحث نفساني في ميدان تنمية الشخصية حللت مئات الناس محاولاً أن أكتشف الدافع الداخلي الذي يتحكم في الإتجاهات الأساسية للحياة. وعندما قابلت جاري الإِنجيلي تشارلس كامبل وجدت شخصاً لم أقدر أن أفهم شخصيته فهماً عقلياً، ولكنني عرفت عندما صرت مسيحياً أن العامل الذي غيَّر حياته كان المسيح. وأعظم برهان عندي اليوم على صدق المسيحية هو التغيير الذي أحدثته في حياتي، فقد حلَّ السلام والثقة باللّه في نفسي محل القلق. ولقد زادت متاعبي بعد أن صرت مسيحياً، ولكن المسيح أعطاني القوة لأنتصر على المتاعب كلها» (30).

(25) زعيم عصابة سابق:

هذه مقتطفات من قصة حياة نيكي كروز في كتابه: «أسرع يا طفلي، أسرع»:

«كان الواعظ ولكرسون يتحدث عن شيء اسمه التوبة عن الخطية، وكنت تحت تأثير قوة أقوى مليون مرة من المخدرات، ولم أكن مسئولاً عن حركاتي أو أعمالي أو كلماتي، وكأني منجرف في مياه دوامة جبارة دون أن تكون لي قوة المقاومة. ولم أدرك ما يجري داخلي، ولكن عرفت أن خوفي قد تلاشى.

وعاد ولكرسون يقول: «المسيح هنا. هنا في هذه القاعة لقد جاء خصيصاً لأجلك. إن أردت أن تتغيَّر حياتك فهيا الآن!» ثم قال بسلطان: «قف! الذين يريدون أن يسلِّموا حياتهم للمسيح، ليقفوا ويتقدموا للأمام».

ووجدت جاري يقف ويقول: «إنني سأتقدم إلى الأمام، من يذهب معي؟».

ووقفت معه، ونظرت للعصابة وأشرْتُ لهم بيدي: «هيا بنا!» وحدثت حركة وسط الصفوف، وقام 25 شاباً من عصابة الماو ماو، وتقدم وراءنا ثلاثون شاباً من عصابات أخرى.

لقد أردت أن أكون تابعاً للمسيح.. وكنت سعيداً.. وبكيت. لقد حدث داخلي شيء لم أستطع التحكُّم فيه... وكنت سعيداً به».

وبعد تجديده ذهب كروز للجامعة، ثم مضى يتنقل في نواحي أمريكا يحدث الشباب عن المسيح الذي غيَّره، وقد تحدث إلى مائتي ألف شاب في خلال سنة واحدة عن إيمانه الجديد. (31).

(26) سجين:

«عمري 23 سنة. إني مستعد أن أذهب للسماء لما يجيء دوري. وأنا سعيد حقاً. منذ أسبوع رأيت حلماً سآخذه معي عند إعدامي بالكرسي الكهربائي. حلمت أنني ذاهب للسماء، ومعي يسوع. كنت أصعد الدرجات أربعاً أربعاً بينما يسوع يصعدها درجتين درجتين، وسألني يسوع عن سبب استعجالي، فأجبت أنني أتعجل الوصول إلى هناك. وعندما وصلت أحاط الملائكة بي.

وقد يستغرب بعض الناس هذا الكلام من شخص دخل السجن ملحداً، ولكن الاستغراب سيزول عندما يعرفون كيف التقيت باللّه باكراً ذات صباح، فقد دعتني سيدة لحضور خدمة دينية بالسجن، وكنت وقتها ألعب الورق مع زملاء لي، فضحكت عليها وقلت: «أنا لا أؤمن باللّه» قلتها بفخر ومضيت ألعب. لكن السيدة رجتني بإلحاح، فتجاهلتها. ولكنها قالت عبارة شدَّت انتباهي. قالت: «إن كنت لا تؤمن باللّه فجرِّب هذه التجربة. قبل أن تنام الليلة أطلب من اللّه أن يوقظك في أي ساعة، وعندما يوقظك أطلب منه أن يغفر خطاياك». وكان كلامها كلام الواثق، فأثَّرت فيَّ. ولم أذهب للخدمة الدينية، ولكني تذكرت قولاً عن التجربة، وقلت: «يا رب، إن كنت موجوداً أيقظني الليلة الساعة الثالثة إلا ربعاً صباحاً».

كان الجو شتاء، وكانت النوافذ مغطاة بالصقيع. ونمت نوماً عادياً، بعدها جافى النوم عينيَّ، فاستيقظت. شعرت بالحر والعرق مع أن الزنزانة كانت باردة، وكان كل شيء هادئاً ما عدا أنفاس بعض السجناء وشخير أحدهم. ثم سمعت خطو أقدام خارج الزنزانة، عرفت فيها خطوات الحارس، فسألته عن الساعة فقال: «الثالثة إلا ربعاً». وقفز قلبي داخلي! ومضى الحارس دون أن يراني أقوم من فراشي وأركع. ولا أذكر ماذا قلت للّه، ولكني رجوته أن يرحمني أنا القاتل الأثيم. ولقد خلصني في تلك الليلة، فلقد آمنت بابنه يسوع المسيح منذ تلك الليلة.

وكنت قد وعدت أن أضرب أحد السجناء في اليوم التالي، فذهبت إليه، لكنه تراجع قائلاً: «لا أريد أن أتعارك. لقد جئت لأراك». وكان بعض المسجونين قد جاءوا ليروا العراك، ولما لم يحدث اغتاظوا!

ولكني قلت: «لقد خلَّصني اللّه من خطاياي، ولن أتعارك». وظن زملائي أنني أقوم بمسرحية حتى أنقذ نفسي من الإِعدام بالكرسي الكهربائي. ونُظرت قضيتي مرة أخرى أمام محكمة «إلينوي» العليا، لكن المحكمة حكمت بالإِعدام. وقد ضايقني هذا، لكني لم أفقد إيماني باللّه، فإني أعلم أنه سيكون معي. ولذلك فلست خائفاً.

ويحكي بت تانس (أحد مبشري السجن) ما جرى مع أرنست جايزر في ساعته الأخيرة على الأرض. قال: «دُعيت إلى زنزانة أرنست قبل منتصف الليل بساعة وكان الجو يبدو مشحوناً، والحراس يتكلمون معه حتى يُبعدوا عن تفكيره رحلة نصف الليل، ولكن كلامهم كان لغواً، كما يكون الكلام عندما لا يعرف الواحد منا ماذا يقول. وعندما دخلت إلى الزنزانة ابتسم أرنست وحيَّاني وحيَّيته، وكان قسيس يقرأ معه من الكتاب المقدس، فناولني الكتاب، فقرأت من فيلبي الأصحاح الأول. وانحنى أرنست للأمام وأنا أقرأ «لأَنَّ لِيَ ٱلْحَيَاةَ هِيَ ٱلْمَسِيحُ وَٱلْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ... لِيَ ٱشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ ٱلْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدّاً» (فيلبي 1: 21 ،23).

وبعد لحظات أُلبس الطاقية السوداء وبدأ رحلته الأخيرة. وكان على جانبيه حارسان يبدوان قلقين، ولاحظ أرنست هذا التوتر فقال: «أيها الصديقان، لماذا ترتعشان؟ أنا لست خائفاً؟».

وأخيراً في الساعة الثانية عشرة وثلاث دقائق وُجِّهت أول صدمة كهربية من الصدمات الثلاث إلى جسمه.. وفي الثانية عشرة والربع أعلن خمسة أطباء أنه مات، ولكني كنت أعلم أنه حي.. جسده فقط مات. وعندما غادرت السجن ذكرت القول: «لأن لي الحياة هي المسيح، والموت هو ربح» (32).

2 - من جنسيات مختلفة:

(27) من هونج كونج:

«نشأت في عائلة تعبد الأصنام، فعبدت الأصنام معهم، وكان من دواعي سعادتي أن أسْخَر من زملائي المسيحيين بالمدرسة.

وذات يوم أُعطيت نبذة عنوانها «القدير» تحرك قلبي في أثناء قراءتها، فكتبت اسمي وعنواني على الكلمات المكتوبة في آخرها، وأرسلتها إلى الجمعية المسيحية التي أصدرتها.

وأنا الآن أعرف المسيح، وقد صرت مسيحياً» (33) (إختبار كين جي ليي).

(28) من اليابان:

تخرج كوسوكي ماكي من جامعة طوكيو قسم الهندسة بمرتبة الشرف، وصار أستاذاً بجامعة طوكيو الشهيرة، وقد رباه ولي أمره (وكان قائد الحرب اليابانية الروسية) على الحياة المنضبطة. وقال الدكتور ماكي: «قبلت المسيح عندما كنت طفلاً، ثم أُرسلت للحرب ضد روسيا. وبعد هزيمة اليابان خسرت رتبتي وممتلكاتي، وأصبحت حياتي قاسية، فبدأت أشك في اللّه.

وبعد عامين رأيت أعز أصدقائي يحتضر، وقال لي: «ماكي، إنني بائس، بدون سلام. لقد درست الطب، ولكن المال والعلم محدودان. ساعدني». ولقد لعنت نفسي لأني كنت عاجزاً عن مساعدته. وفي توبة صادقة قبلت غفران اللّه. لقد كان الشخص الذي يملك الجواب، والذي كنا نفتش عليه هو يسوع المسيح، الأمل الوحيد في الحياة وفي الموت» (34).

(29) من البرازيل:

اسمه «بابا». وحتى عام 1954 لم يكن قد رأى رجلاً أبيض. وقالوا له إن جماعة من العالم الخارجي جاءوا إلى أرض قبيلتهم، فأطلقوا عليهم السهام لكنها لم تصبهم. واستغرب «بابا» من هذا الكلام ولم يصدقه. ولكن بعد فترة من الوقت اتّجه مع اثنين من قبيلته ليتحققوا فعلاً من وجود مثل هؤلاء «الناس من العالم الخارجي». وعندما رأى «بابا» القسيس توم يونج لمسه ليرى إن كان من لحم ودم مثله! وبعد وقت وصبر زال حاجز اللغة بين «بابا» وبين عائلة القسيس يونج، فتعلَّم منهم بعض الكلمات البرتغالية، وعلَّمهم لغة «الشافنتا»، لغة قبيلته. ولكن أكثر من ذلك أنه فهم ما يُقال عن المسيح. وذات يوم كلم «بابا» المسيح بلغة «الشافنتا» قائلاً: «يا يسوع، أنت صالح وأنا رديء. تعال إلى قلبي واجعلني صالحاً». وأصبح «بابا» أول كارز بالمسيح لقبيلته. ويحمل وجهه المضيء شهادة عظيمة لعمل الروح في قلبه. وقد تبعه كثيرون من قبيلة «الشافنتا» بلغ عددهم نحو 300 (12).

(30) من زائير:

«ذات يوم اشتبكت في معركة من أجل زوجة رجل آخر، فألقوني في السجن.. لقد أعماني الغيظ من الصديق الذي خانني فضربته بعصا غليظة على رأسه فقتلته. وحُكم عليَّ بالسجن مدى الحياة، وقيَّدوني مع سجين آخر متّهم بالقتل مثلي. وكان في الليل يخبرني عن مخلِّصه. وبعد عشرة شهور نقلوه إلى سجن آخر. وحصلت على كتاب مقدس، لكنهم اكتشفوه معي، فأخذوه مني وأحرقوه.

وجاء اثنان من المسجونين المهتمين بالمعرفة عن المسيح، فساعداني كل يوم بإخفاء أجزاء من الكتاب تحت أحزمة ملابسهم. وسلمت نفسي للمسيح وصار بولس الرسول بطلي... ولا عمل لي الآن إلا خدمته، إنني أسبحه كل يوم، فأنا أسير محبته» (35) (هذا اختبار أبولو ماويجا).

(31) من الهنود الحمر الأمريكيين:

وُلدت «جون رايت بويتراس» في كلاماث بجنوب أوريجن.. وقد سمعت عن تدشين باخرة، فذهبت لتحضر حفل التدشين، وتأثرت كثيراً بصلاة القسيس فقبلت المسيح مخلصاً ورباً. وقالت: «إن فرح معرفة المسيح، ليس فقط كالمخلِّص الوحيد، بل أيضاً كالصديق، أعطاني تقديراً جديداً لتقاليدي الهندية ولشعبي، بعد أن كنت أحتقرهم وأضيق بهم» (36).

(32) من تشيكوسلوفاكيا:

«لما كنت في السادسة عشرة من عمري كنت ملحداً. وفي الثامنة عشرة أسست جماعة الشباب الشيوعي في مصنعنا، وانتخبت رئيساً لتلك الجماعة. وذات يوم كأنه من السماء جاءني صوت يقول: «لا يضلكم أحد، فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: أنا هو المسيح.. ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير».

واستيقظت وقلبي يدّق بشدة. وقلت لنفسي إنني أحلم، ولكن حضور الله كان يملأ الحجرة، فركعت إلى جوار سريري وصليت: «يا رب، اغفر لي واقبلني».

وقضيت الليل أصلي. وعندما أشرقت أنوار الفجر سمعت صوتاً داخلي يقول: «ماذا دهاك؟ ستفقد كل ما جاهدت في سبيله. سيضحك منك زملاؤك ويحتقرونك ويضطهدونك. ارجع الآن قبل فوات الفرصة».

وملأني الخوف، ولكن صوت الله داخلي قال: «لا تخف. روحي سيشهد فيك». وقلت لزملائي: «أنا أستقيل من عملي كقائد لكم، لأني لا أقدر أن أكون شيوعياً». وقالوا لي: «أنت مجنون! لماذا تتصرف هذا التصرف الأحمق؟» فقلت: «لا أقدر أن أتبع ماركس ولنين، لأني تابع ليسوع المسيح».

وأنا اليوم راعي كنيسة صغيرة على الحدود الروسية. لا يزعجني أن يضعوني في السجن، لأنني حيثما أكون سأخدمه، وهو يقويني.

قال لنين إنك تغيِّر الإنسان عندما تغير المجتمع، لكن يسوع يقول إنه يغير المجتمع عندما يغيِّر الإنسان. وأنا أخدم «نظام الله الجديد» الذي أنشأه الثائر الأعظم في كل الأزمنة: يسوع المسيح!» (37) (إختبار جان تشلسكي).

(33) من فيتنام:

سارت جماعة من شيوخ قبيلة «هالانج» إلى كونتوم عاصمة الإقليم وطلبوا مقابلة القسيس الفيتنامي، وقالوا له إن قبيلتهم كلها تريد دراسة الطريق إلى الله. وقالوا إنهم لاحظوا أن المسيحية تؤدي إلى السعادة والنجاح. وطلبوا منه أن يذهب معهم فوراً. وكان زعيم القبيلة يُسمَّى «دن». وقد ساعد جيم كوبر وزوجته نانسي على ترجمة الكتاب للغة قبيلته، إذ روى له كثيراً من القصص عن الذبائح للأرواح التي يعبدونها، وعن التقاليد التي يجب أن يراعيها أهل قريته حتى لا يُغضبوا تلك الأرواح. ومرضت زوجته ثم حرقت خيمته، فقال له أهل قبيلته إن الأرواح غاضبة عليه لأنه يُفشي أسرارها لكوبر وزوجته، لكنه استمر يساعد المترجم.

وبدأ «دن» يظهر اهتماماً بالإنجيل الذي يساعد على ترجمته. وكان يترك مذكرات للمترجم يطلب فيه أجره مقدماً، أو يطلب إجازة إضافية. لكنه ترك يوماً مذكرة قال فيها: «أريد أن أتعلم المزيد عن ديانتك».

وأوضح له المترجم أن الديانة المسيحية مشروحة في الكتاب المقدس. وكان «دن» قد ساعد في ترجمة قصة موت المسيح ليحرر الناس من الخطية ليصبحوا أولاد الله. ولكن «دن» كان يسأل كثيراً. وتغيرت حياته، واهتم بمعرفة المزيد عن الله وعن كلمته. وذات يوم كتب مذكرة تركها للمترجم، قال فيها: «ماذا يسعدني؟ إن يسوع يسعدني».

كانت هذه الكلمات سبب انطلاق شيوخ القبيلة لدعوة قسيس كونتوم ليجيء إليهم ليشرح المزيد عن المسيحية. (38).

3 - طلبة من كل العالم:

(34) من كندا:

«عندما كنت طالباً في القسم الثانوي كنت فاقداً الثقة في نفسي. ولم يتغيّر الحال عندما ذهبت للجامعة. وفي السنة الثانية من الدراسة الجامعية أخذت كثيراً من الأدوية المهدئة، وكنت أظن أنني لا أنفع بدونها.

وذات يوم سلمت الله كل جزء من كياني: عقلي وإرادتي وعواطفي، وأحسست أن الله يغيّرني، وبدأت أقود الناس بعد أن كنت تابعاً. واستعدْتُ الثقة في نفسي على أساس أن الله هو العامل فيَّ، وقد ساعدني هذا على الدراسة بنجاح.

لقد غيّرني الله من شخص مهزوم تماماً إلى شخص يخدمه، بكل ثقة في أنه هو قائد حياتي» (39) (إختبار دافيد كيل).

(35) من مصر:

كنت قبل إيماني بالمسيح أعتنق ديانة تنكر حقائق الإيمان المسيحي، فهي تنكر الثالوث الأقدس، ولاهوت المسيح، وتجسُّده وصلبه وقيامته، وتنكر الخلاص بدمه.

وفي يوم ما وجدت حواراً يدور بيني وبين نفسي عن الأسانيد التي لا بد يستند المسيحيون إليها في إيمانهم بالمسيحية. وقلت إنه يوجد حتماً لديهم من الأدلة والبراهين ما يجعلهم يعتنقون حقائق إيمانية، لا سيما أن المسيحية بلغت من العُمر قرابة ألفي عام. والمعروف تاريخياً أنها لم تنتشر قسراً، كما أن الشعوب التي تعتنقها بلغت شأواً كبيراً من العلم والمعرفة مما لا يستقيم معه القول إنهم على جهل فيما يعلمون عن ديانتهم. كما أن حرية الفكر والبحث في الدول المسيحية كفيلة بإظهار ما هو صحيح وما هو باطل. فلو كانت المسيحية غير صحيحة لما كتب لها الصمود والبقاء بين أرقى الشعوب علماً وفكراً.

وكان أن اتخذتُ قراراً هو قراءة الكتاب المقدس بغية الوقوف على الأسانيد التي يستند عليها المسيحيون، وأنا حريص الحرص كله على التزام التجرُّد والحَيْدة، وأن يكون حُكمي على كل أمر من الأمور بالطريقة القانونية - بمعنى أن يكون الحكم على أساس من الأدلة - وجودها أو افتقارها.

وما أن بدأت أتعمق في قراءة الكتاب المقدس بعقل وقلب مفتوح، لتقبُّل الحقيقة والحقيقة وحدها، حتى وجدت نفسي وجهاً لوجه أمام حقائق روحية غمرت كل قلبي وعقلي.

وكانت اللحظة الحاسمة في حياتي، وهي أغلى لحظة من عمري، لحظة انتقالي إلى الإيمان وتسليم حياتي للرب يسوع المسيح الفادي المخلص. وكان ذلك معاصراً لقراءتي لبعض النبوّات عن آلام المسيح على الصليب.

وقد تبيّنْتُ أن الكتاب المقدس يتضمن 366 نبوّة عن الرب يسوع، منها نبوات سبقت مجيء الرب بأكثر من ألف سنة، جاءت بأدق التفاصيل عن آلام الصليب. وكل النبوّات تحققت بحذافيرها.

والحقيقة أن هذه النبوات تُثبت كل حقائق الإيمان المسيحي. تثبت أن الرب يسوع هو الفادي المخلّص الذي أخبرت عنه النبوات، وتثبت صَلْب المسيح الذي تحقق بالصورة التامة التي جاءت بها النبوات ، وتثبت كل ما انطوت عليه هذه النبوات وهي في مجملها تشمل كل حقائق الإيمان المسيحي.

وقد تحققت خمس وعشرون نبوة من هذه النبوات خلال الأربع والعشرين ساعة، يوم كفارة الرب يسوع المسيح على الصليب.

وقرأت كثيراً عن لاهوت المسيح، وتبيّنت أن إنكار لاهوت المسيح لا يصمد أمام عشرات الحقائق التي لا يمكن دحضها أو جحدها، فمثلاً توجد عشرون حقيقة نسبها الرب يسوع إلى ذاته، وكلها من خصائص الله وتدل على لاهوت المسيح بصفة قاطعة.

فهل تأتي هذه الحقائق الإلهية لبَشر، أم تدل دلالة قاطعة على لاهوت المسيح؟ لا شك أنها تدل على لاهوت المسيح.

وبالمثل الحقائق عن صلب المسيح وقيامته، فهي حقائق ثابتة لا سبيل لإنكارها سوى الإنكار الذي لا يسانده دليل أو برهان.

ومثلاً التجسد - نحن نعلم أن الله أعلن ذاته في الضمير، وفي الطبيعة، وفي الكتاب، ثم أعلن نفسه آخر الأمر في التجسُّد الذي هو مجد الإعلانات الإلهية. فلماذا ننكر ونجحد ظهور الله في الجسد؟

وإذ كنت قرأت عشرات المراجع في كل موضوع من موضوعات الإيمان المسيحي، واكتسبت من ذلك المعرفة العقلية بهذه الأمور، إلا أن هذه المعرفة لم تكن وحدها المؤدية إلى إيماني وتسليم حياتي للرب يسوع المسيح الفادي المخلص، إذ أنه ربما يكون صحيحاً أن الحقائق الإيمانية يتلقَّاها الروح والعقل معاً. الروح تتلقَّى المعرفة من مصدرها وهو الله. أما المعرفة العقلية فهي اكتسابية تأتي من القراءة أو السماع. والمعرفة العقلية تعتمد على المعرفة الروحية وليس العكس. والمعرفة العقلية مهما زادت لا تعطي وحدها الإيمان. والإيمان العقلي وحده لا ينشئ تغييراً في الحياة.

والإيمان بالرب يسوع المسيح قبل أن يكون معرفة هو اختبار. وهذا الاختبار يغذي المعرفة وينمِّيها. وقد اختبرتُ المسيح في حياتي - بالإيمان - فأحسستُ بوجوده وجوداً حقيقياً. وهذا الاختبار يغذي المعرفة وينمِّيها. وقد اختبرتُ المسيح في حياتي - بالإيمان - فأحسست بوجوده وجوداً حقيقياً. وهذا الوجود الحقيقي لم يتأتَّ بالمعرفة العقلية أو بالإيمان العقلي، بل بالإيمان الروحي الذي نُولد به من الله ولادة روحية.

وبعد أن آمنت بدأت أفكر في غيري من أبناء بلدي غير المؤمنين. وتمنيت لو أن الجميع يخلصون. والحقيقة أن الكثيرين من غير المسيحيين يجهلون المسيحية جهلاً تاماً، أو أن معرفتهم بها معرفة ضحلة هزيلة. والقليل الذي يحاول أن يقرأ شيئاً عن المسيحية يقرأها في إطار ديانته. والبعض لا يسمح لنفسه البتة بقراءة أي نقد يُوجَّه لديانته. ومن هنا فإنه يجهل الكثير من الحقائق عن ديانته. وكل ما أرجوه أن يجيء الناس للمسيح، كما أعلنه الكتاب المقدس، بعقل وقلب مفتوحين للحق، ليكتشفوا ما أعلنه روح الله لعقلي وقلبي.

(36) من تايلاند:

«مع أنني نشأت في عائلة بوذية إلا أني كنت أؤمن أن في الكون كائناً قادراً على كل شيء، ولكنني لم أعرف من هو. وكان في قلبي خوف ووحدة وفراغ.

وذات يوم دعوت المسيح ليدخل قلبي وحياتي ويكون مخلصي وسيدي.

وسألني رئيسي في العمل: «ماذا جرى لك؟».

والحقيقة أن المسيح صنع تغييراً في اتجاهاتي الفكرية. لقد كنت أقلق كثيراً من جهة عائلتي، لكن بعد أن عرفت المسيح ألقيت كل مخاوفي على الله. وقد أعطاني الله قلباً جديداً وحياة جديدة» (39) (اختبار فالايبورن فرياكوفنت).

(37) من كينيا:

«من الواضح أن هناك فرقاً بين الشخص وبين النشاط، غير أنني لم أعتبر المسيح شخصاً، بل شيئاً تدور حوله النشاطات. ولكني اكتشفت أن نشاطي في العمل الديني ليس كافياً، واكتشفت أنه لكي أعرف الله معرفة حقيقية، يجب أن أدعو المسيح ليسكن قلبي.

وقد أجرى المسيح تغييرات أساسية كثيرة في حياتي، وجعلني أحسّ للحياة بمعنى جديد. لقد غيَّر الله اهتمامي من النشاط الديني إلى الاهتمام بمعرفة المسيح معرفة أعمق» (39) (اختبار شمشون نجنيو كاروجو).

(38) من فنلندا:

«مرَّ عليَّ وقت لم أكن أفكر فيه في الله إطلاقاً. ودخلت جامعة فنلندا، وقابلت جماعة شباب متحمسين لصلتهم الشخصية بالله، الأمر الذي جعلني أسأل: «لماذا لا يكون عندي مثل هذا اليقين الذي عندهم؟ وقد قالوا لي إن كل ما أحتاجه لأعرف الله شخصياً هو أن أطلب من المسيح أن يسكن قلبي مخلصاً وسيداً. وبسرور قدمت نفسي لسلطان محبته.

ولعل أعظم تغيير أجراه الله في حياتي هو نظرتي للآخرين، فإنني اليوم أحب أن أخبرهم عن كيفية الوصول إلى الصلة الشخصية بالله، بواسطة ابنه يسوع المسيح. وقد وجدت الكثيرين ينتظرون من يخبرهم بالأخبار المفرحة عن محبة الله لهم» (39) (اختبار أولي فالتونن).

(39) من بنما:

«لم أكن أستطع أن أستجمع أفكاري، فقد كانت فارغة ونظرية، إلى أن قبلت المسيح في حياتي، وبدأت أرى حياتي تتغيَّر. وكان البرهان الأول على حضور الله في حياتي يوم أن قبلت المسيح، فشعرت أنه يمكن أن أكون ممرضة صالحة بمعونة الله» (39) (اختبار ماريا رودريجز).

(40) من إنجلترا:

«بلغت الرابعة عشرة من عمري وأنا أتجاهل وجود الله.. وعندما دخلت الجامعة بدأت أشعر أن الحياة ليست أكثر من تقدم في العمر تعقبه الوفاة!

وذات ليلة بدأت أقرأ الإنجيل. في تلك الليلة صليت قائلاً: «يا يسوع، إن كنت موجوداً، وإن كانت هذه قصتك، فتعال إليَّ لأني أريد أن أعرفك».

ويصعب عليَّ أن أصف الفرح والسلام اللذين فاضت بهما حياتي حينذاك! وبدأ الله يغير حياتي. وإني أعرف من التغييرات الكبيرة والصغيرة التي جاءت عليَّ أني عرفت الله حقاً، وأنني على صلة به» (39) (اختبار دافيد تيلور).

(41) من الهند:

«كنت أحيا قَلِقاً من المشاكل الإجتماعية والاقتصادية، محاولاً أن أجد لها حلولاً، ولكني كنت يائساً خائفاً من كل شيء.. ووصلت في أفكاري إلى أن الله من نتاج الخيال، وأنه خادم لأصحاب العقول المريضة. وصرت ماركسياً متطرفاً.

وحضرت اجتماعاً دينياً، أوضح فيه الواعظ مطالب يسوع المسيح من البشر، فاكتشفت أن الفلسفات التي صدّقتها هي فلسفات خاطئة.

ومنذ دخل المسيح حياتي، وجدت لحياتي معنى وهدفاً، وانتهى يأسي!

وجاء وقت الانتخاب بعد قبولي الإيمان المسيحي. وأُعطي كل مرشح خمس دقائق للحديث للطلبة، فقلت: «أقدم لكم أعظم المرشحين الذي يجب أن تعطوه أصواتكم». ثم تحدثت عن هذا الشخص الفريد.. وأخيراً قلت: «إنه الوحيد الذي يستحق أن تعطوه أصواتكم، واسمه يسوع الناصري!» (39) (اختبار تشارلي أبيرو).

(42) من جواتيمالا:

يقولون إن الإعتقاد الخاطئ وليد سوء الفهم. وكانت هذه مشكلتي مع الله! فقد بدأت مع بعض أصحابي قراءة كتب الفلسفة وعلم النفس. ووصلت إلى هذه النتيجة: أن مشاكل العالم هي نتيجة خطأ الله!

وقد قال لي أحد الأصدقاء إنني يمكن أن أعرف الله معرفة أحسن لو أني قبلت المسيح مخلصاً لي. وقد فعلت. وأنا الآن أرى أن الله هو فعلاً محبة» (39) (اختبار أرتور جمنيز).

(43) من ألمانيا:

بدا أن الانتحار هو الحل الوحيد، فقد أحاطت بي مشاكل عجزت عن حلّها، وصارت حياتي عديمة القيمة. وقلت إما أنه لا يوجد إله، أو أن الله موجود لكنه يسخر مني. وفي يأسي بدأت أقرأ كتابات نيتشه وسارتر وبقية الفلاسفة الذين يقولون إن الله مات.. ولكن هذه القراءات لم تهدئ نفسي.

وأخذت صديقة لي تحدثني عن صلتها الجديدة بيسوع المسيح. وفي الصلاة دعوته ليدخل قلبي ويستلم حياتي. والآن صار لحياتي معنى. إن مشكلاتي باقية، لكني في المسيح يمكن أن أواجهها وأحلها. وإنني سعيدة لأني سلمت حياتي له» (39) (اختبار كرستا تتشكه).

4 - من خلفيات دينية مختلفة:

(44) من اليهودية:

كنت أذهب للكنيس ولكني كنت أسأل: هل يهتم الله بالطعام الذي آكله؟ ما أهمية الصوم وحفظ التقاليد؟ هل كل ما في الحياة مال وماديات وجنس وشهرة؟ وقرأت في الكتب المقدسة أن الله سيرسل ذبيحة كاملة للتكفير عن خطاياي، اسمه «المسيا». ولكن كيف أعرف أن هذا هو المسيا؟ وجدت النبوات تقول إنه سيولد في بيت لحم في اليهودية، من عذراء، ويموت مصلوباً ثم يقوم من الموت. ووجدت أن شخصاً واحداً في التاريخ تنطبق عليه كل هذه الصفات، اسمه يسوع. وفي غرفتي، أنا اليهودي غير المتديّن، ركعت وصليت: «أيها المسيا، إن كنت موجوداً، تعال إلى قلبي وحياتي، وطهرني بدم كفارتك». فإذ بي كشخص كان في حجرة مظلمة، وأضاء أحدهم النور فجأة! وكأن الله الذي كان يبعد عني ملايين الأميال، صار أقرب لي من أمي وأختي ويدي، بل أقرب من أنفاسي. ووجدت السلام والهدف لحياتي والفرح والحق والذي كنت أفتش عنه» (40) (اختبار ماني بروتمان، رئيس الحركة اليهودية المسياوية العالمية).

(45) من خارج المسيحية:

هذا اختبار الأسقف جون سبحان من حيدر أباد، أسقف الكنيسة الميثودستية، الذي ولد في كلكتا لعائلة غير مسيحية ترجع إلى الجنس المغولي.

بدأت مرحلة جديدة في حياته عندما قدم له صديق مسلم نسخة من الإنجيل وكان قد مزق النسخة الأولى التي قدمت له من بضع سنوات ورماها، رغم شوقه لمعرفة محتواها. ولكن رغبته في معرفة الوحي المنزل في المسيح لم تتوقف. وزادته دراسته للتصوُّف رغبة في هذه المعرفة، لذلك قرر دراسة الإنجيل، رغم إيمانه بأنه محرف. ولكنه قال لنفسه: لا بد أنه لا يزال يحتوي على بعض الحق، وسأستطيع أن أكتشف لنفسي الأجزاء المحرفة التي أضافها زنديق ملعون!

وكانت نتيجة دراسته الأولى للإنجيل مذهلة، فلم يجد فيه عبارة زندقة، مع أنه قرأه قراءة نقدية واعية. وقال لنفسه: لا بد من دافع قوي وراء التحريف. ولكن دراسته الدقيقة للإنجيل لم تكشف له دافعاً يجعل أصحاب الإنجيل يحرفونه، كما أن المبادئ الأخلاقية السامية التي رآها في الإنجيل تدفع عنه أي شك في التحريف. ثم اكتشف عدم وجود سبب يجعلهم يلفقون قصة الصلب بما فيها من عار على مؤسس المسيحية. ولو أن هناك تحريفاً جرى في الإنجيل لكانت أول قصة تُحذف هي قصة الصلب! وبدأت قراءاته للإنجيل تزيل منه تحامله ضد فكرة أن المسيح ابن الله، فإن الإنجيل يورد هذه الفكرة ببساطة تثبت أنها الحقيقة.

وجاءت دراسته للإنجيل مرة ثانية باقتناعه بأن هذا هو «الإنجيل المنزل».. وأن قراءة الإنجيل تنشئ تغييراً في الإنسان. وبعد هذه القراءة الثانية قرر «سبحان» أن يصير مسيحياً. ولكن لم يكن له أصدقاء مسيحيون، وكان الإنجيل الذي معه هدية من مسلم، فمن يرشده إلى الحق؟ لكنه قرر أن يعتنق المسيحية، وقال: «ليست المسيحية قبول عقائد وكلمات، رغم أن هذا هام لكنها الحياة القريبة من المسيح في شركة معه. ليست المسيحية ديانة تُمارس، لكنها أيضاً حياة نحياها» (41)

(46) من الهندوسية:

ولد «أناث ناث سن» في كلكتا، وقد ورث ديانة أجداده بحماسة وحافظ على كل تقاليد الديانة الهندوسية بغيرة، بمحبة عميقة لكرشنا، مع كراهية للمسيحية، باعتبار أنها «ديانة مستوردة». وقد عمل مع بعض زملاء له على معاكسة الإجتماعات المسيحية، بالتشويش وإلقاء الأحجار. ولما فشل في هذا، كان يشتري مع زملائه الكتب المقدسة وكتب الترانيم ليحرقها أمام المسيحيين.

ثم قرر «أناث» أن يحرق مكتبة الكنيسة وغرفة المطالعة، وفي اليوم السابق لتنفيذ هذا دخل إلى المكتبة، وأخذ كتاباً مقدساً من قبيل حب الإستطلاع. وعندما عاد إلى بيته أخذ يقرأه.. قرأ الموعظة على الجبل، ثم دعوة المسيح للخطاة. وبعد منتصف الليل كان يقرأ قصة الصلب. وقد أثار ضميره، كيف قابل المسيح العنف بالوداعة. ولذلك قرر إلغاء خطة إحراق المكتبة وسط دهشة زملائه فاتهموه بالجبن، لكنه لم يهتم.

واستمر يفتش عن الحق في ديانة آبائه، فزار الأماكن المقدسة، وانضم إلى الرهبان الهندوس، دون أن تشبع نفسه. وصادق أحد القسوس، فأقنعه أن يسوع المسيح شخص تاريخي وأنه فعلاً مخلص العالم. ومن وقتها بدأ طريقه إلى التسليم للمسيح، ويصف هذا بالقول: «سمعت صوت يسوع يقول: أنا هو الطريق والحق والحياة، ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي. ولم أعرف إن كان ذلك من صوت خارجي أو من صوت داخلي، لكنه كان إعلاناً عجيباً لي. فمنذ تلك اللحظة عرفت أن المسيح هو معلم العالم وقررت اتِّباعه» (41)

(47) من السيخ:

«وُلدت من عائلة من السيخ، وكانت أمي مثالاً حياً للتعاليم السيخية، فكانت تنهض كل صباح قبل الشروق لتستحم وتقرأ «الباجفاد جيتا». وكنت أقرأ الكتب المقدسة حتى منتصف الليل لأروي ظمأ نفسي للسلام، وكنت أسأل البانديت (المعلم) ليشرح لي المعضلات الروحية، فكان يقول لي: «لا تقدر أن تصل إلى هذه الدرجة الروحية مرة واحدة، بل تحتاج إلى وقت طويل. لماذا أنت عَجول؟ إن لم يرتو عطشك في هذه الحياة فسيرتوي في حياتك القادمة، بعلم التناسخ، هذا إن كنت تستمر في المحاولة»

وصُدمت صدمة قوية عندما ماتت أمي، ثم أخي بعدها بشهور قليلة. وقد امتلأت باليأس وأنا أعلم أنني لن أراهم مرة أخرى، لأنني لا أعرف الصورة التي سيولدان عليها، كما أني لا أعرف الصورة التي سأكون عليها في ولادتي الآتية. وكان تعليمي الديني يقول إن عزائي الوحيد هو الخضوع لقوانين «الكرما» التي هي ناموس الأعمال والجزاء.

ثم دخلت مدرسة مسيحية في رامبور، وكنت متشبّعاً بالكراهية للمسيحية، فرفضت درس الكتاب المقدس. وأصرَّ المعلم على حضوري حصّة الدرس، فتركت هذه المدرسة والتحقت بمدرسة حكومية في سانوال. ومع أن تعاليم الإنجيل عن محبة الله جذبتني، إلا أني قلت إنها خاطئة. وقد عبّرت عن تأكيدي على خطأ الإنجيل بأن مزقته وأحرقته أمام أبي وآخرين معه.

ومع أني كنت أعتقد أن إحراق الإنجيل هو العمل الواجب، إلا أني أحسست بالإنزعاج والبؤس. ولاحقني هذا الشعور مدة يومين. وفي اليوم الثالث صحوت في الثالثة صباحاً، واغتسلت وصليت قائلاً إنه إن كان هناك إله فليكشف عن نفسه لي ليريني طريق الخلاص ويريح نفسي المتعبة. وقررت في نفسي أنه في حالة عدم استجابة صلاتي، فإنني سأذهب قبل شروق الشمس لأضع رأسي على قضيب السكة الحديد لأنتحر تحت عجلات القطار السريع.

وبقيت حتى الساعة الرابعة والنصف أنتظر مجيء كرشنا أو بوذا أو غيرهما ولكن أحداً منهم لم يظهر! وأضاء الحجرة نور قوي، ففتحت الباب لأرى مصدره، ولكن الخارج كان ظلاماً، فرجعت إلى الحجرة. وبدا أن مجال النور يزيد قوة. وظهر وسط النور من لم أنتظره، فقد ظهر المسيح الحي الذي كنت أحسبه ميتاً!

وإلى الأبد لن أنسى هذا الوجه المجيد المحبّ، ولا الكلمات القليلة التي قالها: «لماذا تضطهدني؟ انظر! لقد متُّ على الصليب لأجلك ولأجل العالم كله». وقد أحرقت هذه الكلمات قلبي فوقعت على الأرض أمامه وقلبي عامر بالسلام والفرح، وتغيّرت حياتي كلها. عندئذٍ مات سندر سنغ القديم، وولد سندر سنغ الجديد ليخدم المسيح.

ومن مميزات هذه الحياة الجديدة في المسيح أن يجد نفسه مدفوعاً لأن يجيء بالآخرين للمسيح، لا عن اضطرار، بل لأنه يريد أن يشاركهم في أفراح الحياة مع المسيح. وتعمدت، وبدأت أسافر في بلاد مختلفة كارزاً بالإنجيل.

بدون المسيح كنت خائفاً من الحياة المستقبلية، وبدون أمل، ولكن حضوره معي حوَّل كل هذا إلى محبة ويقين ورجاء. الخوف مؤقَّت لكن المحبة أبدية، والإيمان والمحبة يساعدان النفس على الارتقاء والتحليق، إذ ينعش دفء محبة الله نفس الإنسان لترتفع للسماء متعلقة برب المحبة. لكنه بدونه تذوي في الظلام وتموت!» (42) (ظل الصادهو سندر سنغ يكرز بالإنجيل، وزار التبت مرات عديدة للكرازة بالإنجيل وزارها للمرة الأخيرة ولم يرجع منها!).

(48) من الشيطانية:

«كان والداي يذهبان للكنيسة بانتظام وكنت أذهب معهما، ولكن هذا كان بلا معنى. وكان يسوع غامضاً بعيداً. وعندما سألت والديَّ عن الله أسكتاني قائلين: «أسئلتك لا تنتهي. اسكتي واقبلي ما نقول». ولم أقبل هذا. وبالنسبة لي لم تقدم الكنيسة شيئاً. وظللت أبحث عن شيء يملأ فراغ حياتي. وفي السابعة عشرة من عمري قابلت «وسيطة روحية» قالت لي: «الطريقة الوحيدة للحياة هي في الكوتشينة وخريطة البروج. تعالي لأريك».

وتبعت صديقتي الجديدة بحماس. فقد بدا أن روحاً غريبة تتسلط عليها، فكانت في شبه غيبوبة تحرك أوراق الكوتشينة وتحكي لي حوادث حدثت معي في الماضي، كما كان لها قوة شفاء الأمراض، حتى إن بعض الأطباء كانوا يرسلون لها بعض المرضى.

وذات يوم أرتني كيف أقرأ الكوتشينة، وأوصتني أنه في مطلع كل يوم عليّ أن أستشير الورق وأفسر ما يقوله لي. وتعلّمت الكثير من ربط معاني الورق معاً، حتى أصبحت قادرة على قراءة الطالع والمستقبل.

ومضى الوقت وهذه السيدة الغامضة تسيطر عليَّ شيئاً فشيئاً، حتى قادتني «للعالم الروحي» وقالت: «الآن أنت واحدة منا. هل تحلفين يمين الولاء؟». وجاوبت بالإيجاب وأنا مسلوبة الإرادة. ودون أن أعلم ما أعمله جرحت أصبعي وكتبت بدمي: «أيها الشيطان أعطيك قلبي وجسدي ونفسي».

وعشت معتمدة على قراءة الورق وخريطة البروج، وما كنت أجرؤ حتى على التنفس بدون استشارتها. واستولى الشيطان على كل نفسي وعذبني بلا انقطاع، وبدأت أمارس أشياء لا أجرؤ على ذكرها، وعندما بلغت التاسعة عشرة كنت قد بلغت حالة شديدة من الفوضى الأخلاقية، وتملكني اليأس والمنخوليا (السوداء)، ولم أقدر أن أركِّز على عملي كممرضة بسبب عذابي النفسي.

وفي مارس 1960 قالت لي خريطة البروج إنني يجب أن أنتحر يوم 26 يوليو، لأن حياتي (كما قالت خريطة البروج) لم تعد لها فائدة. وفي مساء 25 يوليو كنت أجول في الشوارع مرتعبة من فكرة الموت. وفي أثناء تجوالي سمعت موسيقى جميلة تنبعث من اجتماع ديني في خيمة كبيرة، فدخلت. وبعد نهاية الموسيقى وقف الواعظ (ليندر بنر) وقال: «سأحدثكم الليلة عن قوة الإنجيل العجيبة». وأردت أن أجري لكنني كنت خائرة القوى. وطيلة السنوات التي ذهبت فيها للكنيسة لم أسمع أبداً عن المسيح المخلص الشخصي الذي مات عني شخصياً. وكم اشتقت أن أكسر قبضة الشيطان عليَّ... ومضى الواعظ يقول: «قوة المسيح وحدها هي القادرة على كسر قوة الشيطان». ثم دعا سامعيه للتقدم للأمام للاعتراف بالمسيح فدفعت نفسي للأمام وسألت: «هل هناك أمل لخاطئة مثلي؟؟ أيها الواعظ، لو أن ما تقوله صحيح فإني أريد النجاة. صلِّ لأجلي».

وصلى الواعظ معي، وأكد لي أن المسيح قادر أن يغفر لأكبر الخطاة لو طلب منه. واقتبس لي يوحنا 6: 37 «مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجاً» ولكني لم أقدر أن أطلب عون المسيح، ففي كل مرة حاولت كانت يد غير منظورة تُطبق على عنقي. فقال لي الواعظ: «عودي للبيت، وسنعقد اجتماعاً خاصاً للصلاة لأجلك. عودي مساء الغد». وحاولت أن أصرخ وأقول: «غداً سيكون الوقت قد ضاع» ولكني لم أفعل. ورجعت للبيت مرتعبة. ومضت ليلة طويلة من الرعب، ولم أنم بالمرة، وكنت أخشى طلوع الصباح ولكن الضوء ملأ غرفتي، وبدون تفكير أخرجت الكوتشينة وجعلت أقرأ ما يجب أن أفعله في نهاري.

وعندما عبرت النهر لأذهب للمستشفى حيث أعمل ارتعب بدني كله، فهنا (كما يقول طالعي) يجب أن أنتحر اليوم. ووصلت إلى عملي وحاولت أن أهرب من معذبي. وبيد مرتعشة أدرت قرص التليفون لأطلب الواعظ، وقلت له: «أرجو أن تجيء الآن. المسألة خطيرة للغاية». وعندما وصل سألته: «هل عند مسيحك قوة أفعل من قوة الشيطان؟». فأكد لي أن عنده!

وناولته الصندوق وبه خريطة البروج وضرورة انتحاري اليوم، وقلت له: «لو أن مسيحك لم ينقذني اليوم فسألقي بنفسي في النهر بعد ظهر اليوم. لقد اختاروا لي الزمن والمكان والطريقة التي يجب أن أنتحر بها».

وصلى بحرارة، وشعرت كأني أتمزق، وكنت أرتعش دون سيطرة على نفسي، وعجزت عن مدّ يدي للمسيح. حاولت أن أصلي ولكن قوة غير منظورة خنقتني، فصرخت: «لا فائدة! لا تحاول» فقال الواعظ: «أنت عاجزة لكن يسوع قادر» وظل يصلي نصف ساعة، واحتدمت المعركة داخلي. وفي التواءة قاسية جثوت على ركبتيَّ وطلبت من الله أن ينقذني من الشيطان الذي يسيطر عليَّ. وانتصرت قوة المسيح، وغمر إحساس بالسلام نفسي، فأدركت أنني أقدر أن أعيش.

وقد ظللت أسبوعاً في صراع حتى حصلت على الشجاعة لأعيش بدون أدوات السحر، وسلّمت حقيبة الأدوات للواعظ! وبدأت بعد ذلك أتسلق الطريق الصاعد إلى الاستقرار والاطمئنان الروحيين. ولقد حدثت معي نكسات في الطريق، وشعرت أحياناً بمحضر الشرير، ولكن قوة المسيح كافية دائماً عندما كنت أطلبها.

وإني اليوم أشكر نعمة الله. وأقوم الآن بالعمل في مركز لتوزيع النبذ الدينية، وصلاتي اليومية: من فضلك يا رب، اجعلني بركة لشخص لا يزال مستعبداً للشيطان» (7) (صاحبة الاختبار أخفت اسمها).

5 - متشككون تجددوا:

(49) السير وليم رمزي:

في سنة 1881 كان السير وليم متشل رمزي شاباً صادق الخلق واسع الثقافة، ذا رغبة صادقة لمعرفة الحق. وكان قد نشأ في بيئة نشأته على الإيمان بأن الكتاب المقدس خدعة. وصرف سنوات يجهز نفسه ليرأس بعثة للتنقيب في آسيا الصغرى وفلسطين، حيث كُتب الكتاب المقدس، ليفتش ويبحث عن أدلة تثبت أن الكتاب المقدس نتاج فكر بعض الرهبان الطموحين، وليس كتاباً سماوياً كما يدَّعي لنفسه. وقرر أن أكبر نقطة ضعف في العهد الجديد هي قصة رحلات بولس الرسول التبشيرية، لأن أحداً لم يدرسها على الطبيعة. فأعلن أنه سيجعل من سفر الأعمال دليلاً له، محاولاً أن يسافر في أثر خطوات بولس، ليبرهن أن الرسول لم يكن ممكناً له أن يقطع الرحلات التي ذكرها سفر الأعمال.

وجهَّز نفسه تجهيزاً كاملاً للرحلة، وذهب إلى فلسطين وآسيا الصغرى، وصرف خمس عشرة سنة «منقباً عن الأدلة». وفي سنة 1896 أصدر كتاباً عنوانه «القديس بولس الرحالة والمواطن الروماني».

وقد كان الكتاب صدمة لمتشكّكي العالم لأنه خيَّب آمالهم لما أثبت عكس ما قصده المؤلف من قبل. ولكن المتشككين صُدموا أكثر عندما توالت كتابات المؤلف نفسه تقدم الدليل تلو الدليل على صدق العهد الجديد ودقَّته. وقد بلغت قوة الأدلة درجة جعلت كثيرين من الكافرين بالعهد الجديد يؤمنون بالمسيحية. وقد ظلت كتابات السير وليم رمزي حتى اليوم لم يجادل أحد في ما جاء بها» (43)

(50) فرنك موريسون المحامي:

فرنك موريسون محامي وصحفي بريطاني آلى على نفسه أن يبرهن أن قيامة المسيح خرافة، ولكن بحوثه قادته إلى الإيمان بالمسيح المقام، فكتب كتابه المشهور «من دحرج الحجر؟».

قال: «كان غرضي من الكتاب الذي فكرت في إخراجه أن أعالج فيه المرحلة الأخيرة من حياة يسوع، بما تخللها من مآس سريعة التطور عميقة التأثير، وما حفلت به من وقائع التاريخ القديم الملابس لها، وما حفَّها من لذة سيكلوجية بشرية قوية. أردت أن أجرد القصة مما أحاط بها من عقائد مبدئية ومزاعم تقليدية، لعلي أكتشف حقيقة ذلك الإنسان كما كان فعلاً.

ولست بحاجة لأن أشرح في هذا المقام كيف أُتيحت لي الفرصة بعد هذا التاريخ بعشر سنوات لأدرس حياة المسيح درساً وافياً كما كنت أريد، وكيف توفَّرْتُ على بحث مصادر روايات الإنجيل وتمحيص الأدلة القوية وكيف كوَّنت حُكمي في المشكلة التي قامت أمامي. وحسبي أن أقول هنا إن هذا البحث قد أحدث ثورة هائلة في تفكيري، وانبثقت من هذه القصة العالمية القديمة أشياء كنت أظنها مستحيلة. وتمكنت من نفسي رويداً رويداً، ولكن في جزم ويقين، عقيدة راسخة بأن مأساة تلك الأسابيع المأثورة في التاريخ البشري أغرب وأعمق مما نظن. والذي ملك عليَّ عقلي ولبي في أول الأمر ما رأيت من غرابة في كثير من حوادث هذه القصة المثيرة الأخَّاذة، ولم أفطن إلى المنطق القوي القاهر في معناها إلا بعد فترة من الزمن» (44) (كتاب «من دحرج الحجر؟» مترجم إلى العربية. اطلبه من الناشر).

(51) كلايف لويس:

كلايف لويس مؤلف وأستاذ بريطاني معروف بحصافته وإبداعه مع وضوح أسلوبه. وقد ظل متشككاً في المسيحية حتى تجدد سنة 1931 والمقتطفات التالية تحكي اختباره.

- من رسالة لوالده في 31 مارس 1928:

«هناك نهضة روحية الآن بين طلبة سنوات ما قبل التخرج بقيادة شخص اسمه الدكتور بوتشمان، يجمع عدداً من الشباب معاً (البعض يقول إن النساء من بينهم، ولكني لا أظن ذلك) ويعترفون بخطاياهم الواحد للآخر. جميل! أليس كذلك؟ ولكن ماذا تفعل؟ لو حاولت أن تحطمهم، لخلقت منهم شهداء...».

- من رسالة لصديقه أون بارفيلد، بلا تاريخ محدد، سنة 1930:

«تحدث معي أشياء مزعجة. أن الروح أو الذات العليا فيَّ تُظهر اتجاهاً وتناقضني، سالكة مثل الله. تعال إليَّ يوم الإثنين على أقصى تقدير وإلا أدخل الدير!»

- ويحكي أخوه قصة أخذ قراره للمسيح، يقول:

«أذكر ذلك اليوم في سنة 1931 عندما ذهبنا لزيارة حديقة الحيوانات.. في أثناء تلك النزهة قرّر أخي كلايف أن ينضم للكنيسة. وقد ظهر لي أن هذا الإندفاع للحياة الجديدة لم يكن مفاجئاً، لكنه كان تماثلاً للشفاء منتظماً بعد مرض روحي مزمن».

- ومن رسالة لصديقه أون بارفيلد، بلا تاريخ محدد، سنة 1933:

«منذ أن بدأت أصلي لاحظت أن شخصيتي تتغير. لقد بدأت ذاتي الصالحة تأخذ مكاناً هاماً ضد رغباتي الأنانية. إنك لا تجعل البذرة تنمو إلى شجرة صالحة بإلقائها في النار، بل يجب أولاً أن تكون صالحة قبل دفنها في التربة».

وكتب كلايف لويس عدة كتب قبل موته سنة 1963، منها «المعجزات» و «مشكلة الألم» و «المسيحية وحسب». وفي الكتاب الأخير يقول:

«الإنسان الذي هو مجرد إنسان، ويقول ما قاله المسيح لا يمكن أن يكون معلماً أخلاقياً عظيماً، فإنه إما أن يكون مجنوناً، على مستوى من يقول إنه بيضة مسلوقة! أو أنه شيطان من الجحيم. وعليك أنت أن تختار. إما أن هذا الإنسان هو ابن الله، أو أنه كان مجنوناً، أو ما هو أشر من ذلك. يمكن أن ترفضه كمجنون، أو ترجمه كشيطان، أو أن تخرَّ عند قدميه وتدعوه رباً وإلهاً. ولكن لا داعي لهذا اللغو الفارغ الذي ندعوه فيه «المعلم الإنساني العظيم» فإنه لم يترك لنا فرصة لمثل هذا الكلام!» . (هذا الاختبار مأخوذ من المراجع 2،45،46).

(52) لي والاس:

اقتنع لي والاس بألوهية المسيح بعد دراسته للكتاب المقدس ليؤلف رواية «ابن حور» التي قصد بها أساساً أن يبرهن أن المسيح مجرد إنسان وحسب. وروايته «ابن حور» من أفضل إنتاجه، فقد عاصرت أزمة في اختباره الروحي، فقد صار مسيحياً بعد دراسته لحياة المسيح ليجهز هذه الرواية. فقد تنبأ له صديق ملحد بأنه لن تمر سنوات قليلة حتى تكون الكنائس الجميلة قد انهارت وصارت حطاماً مع كل الديانات. ولم يكن والاس قد درس المسيحية، حتى أنه لم يكن يعرف الأفكار الأساسية عن الله أو الحياة المستقبلية أو ألوهية المسيح!

وقرر لي والاس أن يدرس هذه كلها حتى يكون له رأيه المستقل. وبدأ يدرس الكتاب المقدس بنفسه، واثقاً في منطقه كمحام أنه سيقوده إلى النتائج الصحيحة، ويستأصل كل ما هو غير صحيح. ولكنه لم يكن يدري أنه يدرس أموراً غير عادية، فإن أحداً لا يمكن أن يدرس الكتاب المقدس بإخلاص وبذهن مفتوح بدون أن يقتنع بألوهية المسيح. وعندما درس والاس الخلفية التاريخية للأحوال العالمية زمن المسيح، والشرور الإجتماعية التي أوضحت حاجة الإنسان إلى مخلص سماوي، رأى برهاناً يدفعه إلى قبول المخلص الذي جاء. وقد كتب قصته عن حوادث السنين من بيت لحم إلى الجلجثة ليساعد القراء على رؤية البرهان. (47)

(53) جيوفاني بابيني:

كان جيوفاني بابيني من أقدر المؤلفين الإيطاليين، ولكن إصداره كتابه «حياة المسيح» عام 1921 أدهش أصدقاءه والمعجبين به لأن بابيني كان ملحداً وعدواً للكنيسة. وكان آخر من ينتظر أن يكتب عن حياة المسيح الذي لم يكن يؤمن به!

ولكن ما الذي جاء عليه بهذا التغيير، الذي يشبه تغيير شاول على طريق دمشق؟ لقد كان، مثل كل الساخرين، بركاناً من الضيق والقرف من الجنس البشري الذي أشعل الحرب العالمية الأولى، لا يرى أملاً في شيء أفضل ما لم تتغير نفوس الناس. وكان بابيني يتوق إلى شيء من هذا التغيير.

وخلال الحرب العالمية الأولى أخذ جيوفاني عائلته ليعيش في قرية على قمة الجبل. وهناك مع الفلاحين رأى تعبدهم، فبدأ شيء ما يحدث له. وفي بعض الأمسيات كانوا يطلبون منه أن يقرأ لهم من العهد الجديد بصوت عال. وقد أعطاه هذا اكتشافاً جديداً للكتاب مضاداً لشكوكه السابقة، وصارت له رؤية جديدة جعلته يعزم أن يكتب بنفسه حياة المسيح، وهذا ما أوضحه في كتابه. وقد قال أحد النقاد عن الكتاب: «سيظل هذا الكتاب لسنوات طويلة مرشداً للآلاف وهم يشقون طريقهم المؤلم من الحياة اللاإنسانية إلى حياة أشبه بحياة المسيح» (48)

6 - تألموا لأجل المسيح:

(54) القس رتشارد ورمبراند:

القس رتشارد ورمبراند قسيس إنجيلي صرف 14 سنة في سجون بلده رومانيا الشيوعية، وقاسى كل العذاب. وهو واحد من أشهر القادة المسيحيين الرومانيين، كما أنه من أشهر المؤلفين ورجال التعليم في بلاده.

في سنة 1945 عندما استولى الشيوعيون على رومانيا حاولوا إدارة الكنائس لخدمة أغراضهم، فبدأ ورمبراند فوراً خدمة روحية قوية حية لشعبه المتعبد وللجنود الروس الغزاة، في الخفاء، فألقي القبض عليه عام 1948 مع زوجته سابين، فاشتغلت زوجته ثلاث سنوات في معسكر اعتقال، أما هو فوُضع في حبس انفرادي مدة ثلاث سنوات لا يرى خلالها أحداً غير معذبيه الشيوعيين، ثم نقلوه إلى زنزانة عامة لمدة خمس سنوات أخرى، مع استمرار التعذيب.

وبسبب مكانته الدولية كقائد مسيحي، سألت السفارات الأجنبية رومانيا عن سلامته، فقيل لهم إنه هرب من رومانيا. وأفاد بعض رجال البوليس السري زوجته أنهم اشتركوا في تشييع جنازته، مدَّعين أنهم كانوا زملاءه في السجن. وأفاد المسؤولون أصدقاءه في الخارج وباقي عائلته أنه قد مات.

وبعد ثماني سنوات أُطلق من سجنه، فبدأ وعظه في الخفاء، فأُعيد القبض عليه بعد سنتين (سنة 1959) وحُكم عليه بالسجن 25 سنة. ولكنهم أطلقوا سراحه سنة 1964 في عفو عام، فعاد للوعظ في الخفاء. ولكن أصدقاءه خافوا عليه من سجن ثالث، فتفاوض مسيحيو النرويج مع السلطات الشيوعية في رومانيا على خروجه من رومانيا. وكانت حكومة رومانيا تبيع السجناء السياسيين للخارج لقاء 1900 دولاراً للسجين. لكنهم طلبوا عشرة آلاف دولاراً لخروج ورمبراند.

وخرج ورمبراند من رومانيا، وكتبت صحف العالم قصص تعذيبه في مايو 1966 وبعدها. وفي سبتمبر 1966 هددته السلطات الشيوعية بالاغتيال إن هو لم يسكت، لكنه ظل يعظ، وأطلق عليه رجال الكنيسة ألقاب «صوت الكنيسة المختفية» و «الشهيد الحي» و «بولس الستار الحديدي».

ونقدم هنا اقتباساً من كتابه «معذَّب لأجل المسيح»:

«قسيس اسمه فلورسكو عذبوه بأسياخ الحديد المحمى لدرجة الإحمرار وبتجريحه بالسكاكين وضربه بقسوة، ثم إطلاق الفئران الجائعة من ماسورة خاصة إلى زنزانته فتحرمه النوم، لأنه لو نام لحظة لهاجمته الفئران! وقد اضطروه أن يقف طيلة أسبوعين ليلاً ونهاراً. كل هذا ليخون إخوته ويرشد عنهم لكنه رفض. وبعدما جاءوا بابنه البالغ 14 سنة وضربوه بالسياط أمامه وقالوا إنهم سيستمرون في الضرب حتى يقول هو ما يريدونه أن يقول. وكاد فلورسكو المسكين أن يُجن. واحتمل بقدر ما استطاع، وعندما وجد نفسه عاجزاً عن الاحتمال صرخ قائلاً لإبنه: «ألكسندر، سأقول ما يطلبون! لا أحتمل ضربك أكثر». فأجاب الابن: «يا أبي، لا تظلمني بأن يقولوا إني ابن الخائن. احتمل. لو قتلوني سأموت وعلى شفتيَّ كلمة: يسوع وبلادي». وهاج الشيوعيون بسبب هذا وظلوا يضربون الابن حتى مات وتناثر دمه على حوائط الزنزانة كلها. مات وهو يسبّح الله. أما أخونا العزيز فلورسكو فقد تغيَّر تماماً بعد أن رأى ما رآه» (49)

(55) مرسلون إلى هنود الأوكا:

«في 8 يناير 1956 اهتز العالم لخبر أن بعض أفراد قبائل الأوكا، أكثر قبائل الإكوادور توحشاً، قد قتلوا بالسهام القسيس الطيار «نيت سنيت» وأربعة من زملائه هم: جم إليوت وروجر يودريان وأدمومكولي وبيتر فلمنج. وعندما بلغ الخبر السلطات الأكوادورية فتشوا عن الجثث لدفنها، فوجدوا الطائرة ممزقة إلى قطع صغيرة.

إن الطيار هو أخي، وكان مع زملائه يريدون توصيل أخبار المسيح المفرحة إلى قبائل الأوكا التي تعيش في العصر الحجري على ضفاف نهر الأمزون في إكوادور بأمريكا الجنوبية.

ولقد ذهب رجال آخرون ليحملوا الخبر المفرح إليهم. وقد آمن بالمسيح القتلة الخمسة الذين قتلوا المبشرين الأولين الخمسة!.. ومن المدهش أن هؤلاء الخمسة كانوا أول من آمن من القبيلة. وقد تمت خدمة العماد بعد نحو سنتين من وصولنا، وتعمد منهم أربعة، أما الخامس فقد تعمد مع الفريق الثاني. وقد قام أخي القس فيليب بمراسيم المعمودية.. وتعمدت أيضاً زوجات القَتَلة الخمسة! بعد أن فَتَحْن قلوبهن للرب يسوع المسيح» (50) (كاتبة هذه القصة هي راحيل سينت).

(56) القس جون جن كيم:

كان اختبار القس كيم مع الشيوعيين في كوريا مأساوياً، فعندما قامت المظاهرات في الجامعات الكورية سنة 1950 استولى الشيوعيون على الجامعات كلها، ما عدا جامعة واحدة مسيحية. وكان أكثر من 70٪ من الطلبة في جانب الشيوعية، وقد أنفق الروس على عدد كبير منهم لتعليمهم، فتخرجوا قادة عاملين في الحرب الكورية. وقال القس كيم: «استيقظت ذات ليلة على جماعة من الناس ينادون اسمي، أخذوني وعائلتي إلى حيث كان نحو 60 شخصاً بما فيهم العجائز والسيدات والأطفال، يُقتلون. وقد قتلوا زوجتي وأبي أمام عينيَّ. وضربوني حتى ظنوا أني مت».

ولكن القس كيم لم يكن قد مات، وأفاق ليطلب من الله أن يساعده ليحب أعداءه. وقد قاد ثلاثين شيوعياً للمسيح، كان أحدهم القائد المسؤول عن قتل عائلته. ويقول القس كيم إن يسوع هو الجواب على ادعاءات الشيوعية، وعلى مشاكل الحياة الأخرى» (51).

الملاحق

1 - وجدت إشباعاً لعقلي - بقلم جوش مكدويل.

2 - المبادئ الروحية الأربعة.

3 - المسيح والعقلانيون - بقلم الدكتور وليم برايت.

4 - تعليق على الاختبار المسيحي - بقلم الدكتور إيهاب إدوار الخراط.

5 - المسيح الفريد - بقلم القس منيس عبد النور.

ملحق (1) وجدت إشباعاً لعقلي

بقلم جوش مكدويل

منذ بضع سنوات كان يصدق عليَّ وصف توما الأكويني عندما قال إن في داخل كل نفس عطشاً للسعادة لا يهدأ، فقد كنت أطلب السعادة. ومن لا يريدها؟

كنت أكره الوحدة، وأسأل نفسي: من أنا؟ ولو أن أحداً أعطاني مخدراً وقتها لتعاطيته، فقد كنت بائساً أفتش عن علاج للفشل والفراغ.

وفكرت أولاً في الدين، فذهبت إلى الكنيسة، ولكني لم أجد فيها تغييراً لحياتي. ولما كنت إنساناً واقعياً، أرفض ما لا يفيد، لذلك رفضت الدين.

ثم فكرت أن العلم ربما يساعدني، فذهبت إلى الجامعة وحدثت التلاميذ عن المشاكل، ولكننا لم نجد الحلول. ومع أن أساتذتي قالوا لي كيف أكسب لقمة العيش، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يقولوا لي كيف أعيش عيشة أفضل!

وظننت أن السعادة ربما تكون في المكانة، فرشّحت نفسي رئيساً لفصلي ونجحت بشيء من الغش. وفرحت وأنا أناقش مشاكل الجامعة والزملاء وأصدر فيها القرارات. ولكن الفرحة خمدت لأن التلاميذ كانوا يجيئون إليَّ بمشاكلهم، فكنت أقول لهم: «آسف. لا أقدر أن أساعدكم فإن لديَّ مشاكلي!».

ولكني لاحظت أن لدى بعض الأساتذة والتلاميذ بُعداً آخر لحياتهم، وظهر أنهم يعيشون «فوق» ظروفهم وليس تحت أكوامها! أما أنا فقد كانت سعادتي تتوقف على ظروفي. عندما تكون ظروفي طيبة فإني أحس بالسعادة، وعندما تعاكسني الظروف كنت أحزن. وعندما تبادلني صديقتي الصداقة كنت أحلق فوق السحاب، وعندما ترفض صداقتي، أنهار!

وذات يوم سألتهم ببساطة: «ماذا غيَّر حياتكم؟» ونظرت إحدى الزميلات إليَّ وقالت كلمتين: «يسوع المسيح».

وقلت لها: «لا داعي لهذا الكلام الفارغ، فقد يئست من الدين والكنائس. لا تحدثيني عن الدين» فأجابت: «لم أحدثك عن الدين ولا عن الكنيسة. لقد حدثتك عن شخص هو يسوع المسيح». فاعتذرت لها. وقالت الزميلة إن المسيحية ليست ديانة بل صلة وعلاقة. وقد لمَسَت هذه الفكرة نفسي لأني كنت أعتزّ بِصِلاتي وعلاقاتي بالناس.

هل تعلم ماذا جرى بعد ذلك؟ لقد دعوني لأفحص قول المسيح إنه ابن الله فحصاً عقائدياً! فقلت في نفسي إن هذه مسرحية هزلية. يبدو أن للمسيحيين عقلين: عقل ضاع، وعقل آخر يفتش عليه! ولكن دعوتهم لي تكررت، فقررت أن أفحص الأمر.

وقد اكتشفت حقائق وبراهين تثبت أن يسوع المسيح شخص تاريخي، ولم أكن أظن أنها موجودة. وكنت أتلقى بعض الدراسات مع أساتذة لا يؤمنون بالمسيح ولا المسيحية، ويحسبونها خرافة. ولم أكن أحب أن يقولوا عني إني مسيحي. لكن بعد وقت من البحث وجدت أنني أرفض المسيح على أساس تحيُّز أساتذتي أو جهلهم!

ووجدت نفسي في صراع عقلي عنيف، فكطالب قانون آمنت أن الله جاء إلى عالمنا في يسوع المسيح الذي مات مصلوباً من أجل خطايانا، وأنه قام، وأنه حي اليوم. ولكن إرادتي كانت ترفض ما صدَّق به عقلي. وقد زاد صراعي العقلي عندما رأيت المسيحيين السعداء. هل شعرت يوماً بالتعاسة وسط قوم سعداء؟ لقد كنت في غاية الضيق، فقررت أن آخذ قراراً فاصلاً أستطيع بعده أن أريح عقلي، قبل أن أجنّ وأستريح من عقلي!

وكان أمامي قراران: أن أقبل المسيح مخلّصاً لحياتي، أو أن أرفضه. وإني لسعيد أن عقلي استطاع أن يقدر الموقف، ففي التاسعة عشرة من عمري لم أكن سعيداً ولا مكتفياً بحياتي.. وها أنا أرى من يقول إنه سعيد لأنه وجد إجابة لمشاكله في المسيح. وقلت: إني أكون أحمقاً لو لم أجرب الله، فإنه لو كنت أنا الشخص الوحيد في العالم لمات المسيح من أجلي.

وفي الثامنة والنصف من مساء ليلة من ديسمبر صرت مسيحياً. وإنني أعرف صدق هذا، فقد كنت واعياً تماماً.

أردت أن أتأكد أولاً أن زملائي لا يلاحظونني. كانت المرات الوحيدة التي رآني فيها الزملاء راكعاً هي عندما كنت أضبط قناة التلفزيون، أما في هذه المرة فقد ركعت وصليت: «شكراً لك يا رب لأنك متَّ على الصليب لأجلي». ثم قلت له إني خاطئ، وقد كان هذا إذلالاً لنفسي لم أتعوَّد عليه. كنت أظن الخطية هي الكذب والسرقة والنجاسة، ولكن الخطية أساساً هي اللامبالاة من نحو الله. فرجوته أن يغفر لي.

ثم قلت له: «أرجوك يا يسوع أن تدخل حياتي وتخلصني. استبدل إرادتي بإرادتك». ثم شكرته لأنه جاء لحياتي.

ولم يحدث شيء. لم يحدث نور في السماء، ولم أجرِ لأشتري كمان لأغني فرحاً.. ولكن ما بين ستة أشهر وسنة تغيّرت حياتي تغييراً كلياً. غير أني لاحظت التغيير بعد ستة أو ثمانية أيام، فقد كان عقلي لا يهدأ، وكنت أحب أن أكون في مكان ما أو مع شخص ما، ولم أكن أقدر أن أكون وحدي مع أفكاري، فقد كان عقلي كمتاهة. ولكن عندما سلّمت نفسي للمسيح جاء السلام والهدوء العقلي. ليس أنه لم يكن عندي صراع، لكني كنت قادراً على مواجهة الصراع، وفي سلام. ومن الصعب أن أصف لك هذا، فإن عليك أن تجرّبه لنفسك.

وكنت حاد الطبع، الأمر الذي كان يوقعني في مشاكل. ولكن بعد أن صرت مسيحياً كنت أتحكم في نفسي قبل أن أفقد زمامها، ولاحظ أصحابي ذلك، ولكن أعدائي لاحظوه أسرع منهم!

وكان في قلبي كراهية من نحو البعض، ليس في الظاهر، لكن معظمه في داخلي. كنت أحتقر الملونين والذين من أجناس أخرى. لماذا؟ لأني رأيت في المختلفين عني تهديداً لي، ولم أكن مطمئناً. وكان والدي بؤرة كراهيتي، فقد كان في نظري أكبر سكير في المدينة، وكان زملائي في المدرسة يسخرون مني بسببه. وكنت أضحك، لكن قلبي كان يتمزق داخلي. وعندما كان أصحابي يزورونني كنت أحاول أن «أزوّحه» خارج البيت. بل حاولت أن أقتله عدة مرات بوضع السم له في زجاجة الخمر.

ولكن عندما صرت مسيحياً انتزعت محبة الله الكراهية مني وأعطتني المحبة، محبة قوية جعلتني أنظر لأبي وأقول له: «إني أحبك!». وقد هزه هذا القول هزاً شديداً.

وبعد ستة شهور أُصبت في حادثة سيارة. وجاء والدي ليزورني في المستشفى وسألني: «كيف تقدر أن تحب أباً مثلي؟» فقلت: «منذ ستة شهور لم أكن أجد في نفسي القدرة على ذلك. لكن في المسيح أستطيع أن أحبك، وأحب الآخرين أيضاً». وشرحت له كيف غيَّرني المسيح داخلاً وخارجاً. وبعد 45 دقيقة جثا على ركبتيه وسلّم حياته للمسيح. وكان كأن يداً من العلاء امتدت لتضيء حياته. ولم يقرب الخمر من وقتها. وبعد ذلك بثلاثة عشر شهراً مات، ولكن في خلال هذه الشهور الثلاثة عشر سلّم كثيرون من الناس في بلدنا وفي مجاوراتها حياتهم للمسيح بسبب التغيير الذي رأوه في حياة أبي.

لهذا السبب أعتقد أن يسوع المسيح هو أعظم من أحدث ثورة في العالم، ولهذا السبب أيضاً أعتقد أن أعظم استثمار لحياتي هو أن أشارك أكبر عدد من الناس في إيماني.

لقد كنت دائم الجولان بسبب التوتر والقلق، وأنا الآن دائم التنقل أنشر بشرى السلام. لقد وجدت في المسيح إشباعاً لعقلي!

ملحق (2) المبادئ الروحية الأربعة

هل سمعت بالمبادئ الروحية الأربعة؟

كما توجد قوانين طبيعية تحكم العالم الطبيعي، كذلك توجد مبادئ روحية تحكم علاقتك بالله:

المبدأ الأول:

الله يحبك وعنده خطة رائعة لحياتك.

محبة الله:

«لأَنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ» (يوحنا 3: 16).

خطة الله:

قال المسيح: «أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يوحنا 10: 10) (أي حياة ممتلئة ولها هدف). ولكن لماذا لا يختبر معظم الناس هذه الحياة الفضلى؟ لأن:

المبدأ الثاني:

الإنسان خاطئ ومنفصل عن الله، لذلك لا يستطيع أن يعرف محبة الله وخطته لأجل حياته أو يختبرهما.

الإنسان خاطئ:

«إِذِ ٱلْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ ٱللّٰهِ» (رومية 3: 23).

خلق الله الإنسان لتكون له شركة معه، ولكنه بسبب إرادته العنيدة، اختار أن يسلك طريقاً منفصلاً، فانقطعت الشركة بينه وبين الله. هذه الإرادة العنيدة تظهر إيجابياً في شكل التمرد، كما تظهر سلبياً في شكل اللامبالاة. وهذا برهان على وجود ما يسميه الكتاب المقدس «خطية».

الإنسان خاطئ:

«لأَنَّ أُجْرَةَ ٱلْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ» (رومية 6: 23) (أي انفصال الإنسان روحياً عن الله).

الله قدوس والإنسان خاطئ، وهناك هوّة عظيمة تفصل بين الإثنين. ويحاول الإنسان باستمرار أن يصل إلى الله وإلى الحياة الفضلى بجهوده الشخصية مثل الحياة الصالحة والأخلاقيات، وحب الحكمة.

الله القدوس

الإنسان الخاطئ

الحقيقية الثالثة تقدم لنا حل هذه المعضلة...

المبدأ الثالث:

يسوع المسيح هو تدبير الله الوحيد لعلاج خطية الإنسان. وبواسطته تستطيع أن تعرف محبة الله وخطته لحياتك وتختبرهما.

المسيح مات بدلاً عنا:

«ٱللّٰهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ ٱلْمَسِيحُ لأَجْلِنَا» (رومية 5: 8).

المسيح قام من الموت:

«اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضاً نَفْسَهُ حَيّاً بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْماً، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ ٱلأُمُورِ ٱلْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ» (أعمال 1: 3) . «ٱلْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا... وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ حَسَبَ ٱلْكُتُبِ، وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلٱثْنَيْ عَشَرَ. وَبَعْدَ ذٰلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ» (1 كو 15: 3-6).

المسيح هو الطريق الوحيد:

قال يسوع: «أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ٱلآبِ إِلَّا بِي» (يوحنا 14: 6).

لقد صنع الله جسراً يعبر الهوَّة التي تفصلنا عنه بأن أرسل ابنه يسوع المسيح ليموت على الصليب بدلاً منا.

لكن لا يكفي أن تعرف هذه المبادئ الثلاثة فقط:

الله

المسيح

الإنسان

المبدأ الرابع:

ينبغي على كل فرد منا أن يقبل يسوع المسيح رباً ومخلصاً، عندئذٍ يمكنه أن يعرف محبة الله وخطته لحياته ويختبرهما.

ينبغي أن نقبل المسيح:

«وَأَمَّا كُلُّ ٱلَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ ٱللّٰهِ، أَيِ ٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱسْمِهِ» (يوحنا 1: 12).

نقبل المسيح بالإيمان:

«بِٱلنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِٱلإِيمَانِ، وَذٰلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ ٱللّٰهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ» (أفسس 2: 8،9).

نقبل المسيح بدعوة شخصية:

يقول المسيح: «هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى ٱلْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ ٱلْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي» (رؤيا 3: 20).

وقبولنا للمسيح يعني أن نتحوّل من الذات إلى الله، ونثق أن المسيح يدخل حياتنا ليغفر ذنوبنا وليصيّرنا حسب رغبته. إن اقتناعنا العقلي بطلباته منا أو تأثرنا بكلامه تأثراً عاطفياً لا يكفيان.

هاتان الدائرتان تمثّلان نوعين من الحياة.

1 - حياة تمتلكها الذات.

2 - حياة يمتلكها المسيح.

أي الدائرتين تمثّل حياتك؟

أي الدائرتين تحب أن تكون نموذجاً لحياتك؟

نشرح لك في ما يلي كيف تقبل المسيح..

تستطيع أن تقبل المسيح الآن إذا صليت: (والصلاة هي الحديث مع الله).

الله يعرف قلبك، وهو لا يهتم بكلماتك قدر اهتمامه بإخلاص قلبك. ونقدم لك هنا صلاة يمكن أن تصليها:

«ربي يسوع، أنا محتاج إليك. إني أفتح باب حياتي وأقبلك مخلصاً لي وسيداً. أشكرك على مغفرة خطاياي. امتلك عرش حياتي، واجعلني كما تريدني أن أكون». هل تعبّر هذه الصلاة عن رغبة قلبك؟

إن كانت كذلك فصلِّ الآن، وعندئذٍ سيدخل المسيح حياتك، كما وعد.

كيف تعرف أن المسيح دخل حياتك:

هل قبلت المسيح في حياتك؟ حسب وعده في رؤيا 3: 20 أين هو الآن بالنسبة لحياتك؟ لقد وعد أن يدخل حياتك، وهو لا يخدعك؟ إنك تقدر أن تتأكد أنه استجاب صلاتك اعتماداً على أمانته وصدق كلامه.

الكتاب المقدس يعد كل من يقبل المسيح بالحياة الأبدية:

«وَهٰذِهِ هِيَ ٱلشَّهَادَةُ: أَنَّ ٱللّٰهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ هِيَ فِي ٱبْنِهِ. مَنْ لَهُ ٱلٱبْنُ فَلَهُ ٱلْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ فَلَيْسَتْ لَهُ ٱلْحَيَاةُ. كَتَبْتُ هٰذَا إِلَيْكُمْ أَنْتُمُ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِٱسْمِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلِكَيْ تُؤْمِنُوا بِٱسْمِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ» (1 يوحنا 5: 11-13).

أشكر الله دائماً لأن المسيح في حياتك، إنه لن يتركك (كما وعد في عبرانيين 13: 5).

يمكنك أن تتأكد أن المسيح الحي يسكن حياتك، وأن لك حياة أبدية، من اللحظة التي تدعوه فيها للدخول، على أساس وعده. فهو لن يخدعك.

لكن ما هي حكاية الشعور؟

لا تعتمد على الشعور:

الكلمة الفصل هي لوعد الله في الكتاب المقدس، وليس لشعورك، فالمسيحي يحيا بالثقة في أمانة الله وصدق كلمته. وهذا القطار المرسوم يوضح العلاقة بين الحقيقة (الله وكلامه) والإيمان (الثقة في الله وكلمته) والشعور (كنتيجة للإيمان والطاعة) (يوحنا 14: 21).

يستطيع هذا القطار أن يسير بدون العربة الأخيرة. «الشعور» ومن المستحيل أن تجرَّ العربة الأخيرة القطار! وقياساً على ذلك فإننا كمسيحيين لا نعتمد على شعورنا وعاطفتنا، بل نضع ثقتنا في أمانة الله ومواعيد كلمته.

والآن وقد قبلت المسيح:

في اللحظة التي قبلت فيها المسيح، بالإيمان، حدثت معك أمور كثيرة، منها:

1 - جاء المسيح إلى حياتك (رؤيا 3: 20، وكولوسي 1: 27).

2 - غُفرت خطاياك (كولوسي 1: 14).

3 - صرتَ ابناً لله (يوحنا 1: 12).

4 - بدأت المغامرة العظمى التي لأجلها خلقك الله (يوحنا 10: 10 ، 2 كورنثوس 5: 17 ، 1 تسالونيكي 5: 18).

هل يخطر ببالك شيء أكثر روعة من هذا لقبولك للمسيح؟ لماذا لا تصلي الآن فوراً صلاة شكر على ما فعله معك؟ إن شكرك لله في حدّ ذاته يبيِّن إيمانك.

والآن ماذا بعد هذا؟

اقتراحات للنمو المسيحي:

يحدث النمو الروحي نتيجة لثقتك في يسوع المسيح، فإن «ٱلْبَارَّ بِٱلإِيمَانِ يَحْيَا» (غلاطية 3: 11). وستمكّنك حياة الإيمان من الثقة بالله التي تتزايد حتى تشمل كل دقائق حياتك، فتختبر الآتي:

1 - تتوجه إلى الله يومياً في الصلاة (يوحنا 15: 7).

2 - تقرأ كلمته يومياً (أعمال 17: 22) (إبدأ بإنجيل يوحنا).

3 - تطيع الله طاعة مستمرة (يوحنا 14: 21).

4 - تشهد للمسيح بحياتك وكلماتك (متى 4: 19 ، يوحنا 15: 8).

5 - تعتمد على كلمة الله في كل تفاصيل حياتك، فيقوِّيك في السلوك والشهادة (غلاطية 5: 16 ، 17، أعمال 1: 8).

أهمية الشركة المسيحية:

في العبرانيين 10: 25 نجد التحريض على أن نكون «غَيْرَ تَارِكِينَ ٱجْتِمَاعَنَا كَمَا لِقَوْمٍ عَادَةٌ، بَلْ وَاعِظِينَ بَعْضُنَا بَعْضاً» . إن الجمرات المتوقّدة تشتعل معاً، لكن لو انفصلت إحداها لخَمَدَ اشتعالها. هكذا الحال في علاقتك بالمؤمنين. إن لم تكن منضماً إلى كنيسة فلا تنتظر حتى يدعوك أحد لذلك. خذ أنت المبادرة وادْعُ راعي الكنيسة ليزورك.اإبدأ هذا الأسبوع، ورتب نفسك على هذا الانتظام في الحضور.

ملحق (3) المسيح والعقلانيون

للدكتور القس وليم برايت

عندما سألت: «من في نظرك أعظم شخصية بارزة في التاريخ؟» جاءتني بسرعة إجابة طالب الطب النابه المؤمن بإحدى الديانات الشرقية العظيمة: «إنه يسوع المسيح». فقد كان يعلم أنه لا يوجد في التاريخ كله شخصية تماثل شخصية المسيح.

وكل من درس الأديان يدرك هذا، فالمسيح هو الشخص الفذ في كل العصور، حتى أنه غيَّر التاريخ، فجعلنا نؤرِّخ بما قبل ميلاده وما بعده.

وحيثما ذهبتْ رسالة المسيح غيَّرت حياة الأفراد والأمم، حتى صِيغ التعبير «التاريخ هو قصته» - ذلك أنه إذا أزحنا المسيح من التاريخ أضحى التاريخ على غير ما هو عليه! وقد وصف أحد المؤلفين تأثير حياة المسيح بالقول: «لقد جاءت تسعة عشر قرناً طويلة وعريضة، ومضت، ولا زال هو مركز الجنس البشري وقائد تقدمه. إن كل الجيوش التي عُبِّئت، وكل الأساطيل التي بُنيت، وكل البرلمانات التي انعقدت، وكل الملوك الذين حكموا - لو اجتمعوا معاً - ما أنتجوا التأثير على الجنس البشري الذي أنتجته حياة ذلك الإِنسان الواحد: المسيح!».

المسيحية تاريخ صحيح:

ويسأل البعض: «هل المسيحية مؤسسة على حقائق تاريخية؟». ويجاوب الدكتور كليفورد مور الأستاذ في جامعة هارفارد على هذا السؤال بقوله: «عرفت المسيحية مخلصها وفاديها لا كنوع من الآلهة الموجودين في قصص الأساطير، الذين تحيطهم القصص البدائية التي لا يقبلها العقل - فإن الإِيمان المسيحي مؤسَّس على حقائق تاريخية وإيجابية وصادقة». وهناك الكثيرون من العلماء المؤمنين مثل الدكتور وليم ليون فيلبس، أستاذ التاريخ بجامعة ييل لمدة أربعين سنة، الذي برهن إيمانه المسيحي ببراهين تاريخية، وشارك إيمانه الشخصي في المسيح المخلص مع الآخرين.

صحيح أن هناك علماء لا يؤمنون أن المسيح المخلص هو ابن اللّه ولكن عندما تحدثت مع بعض هؤلاء اكتشفت أنهم يجهلون الحقائق الأساسية التي وردت في الإنجيل. ولو أنك قرأتَ كتابات أنجرسول أو توماس باين وغيرهما من المتشككين، لذُهلت وأنت تراهم يهاجمون ما لا يفهمونه تماماً. لقد صنعوا «خيال مقاتة» ثم راحوا يحطمونه!

وحتى اليوم لم أقابل أحداً درس البراهين العظيمة عن حياة المسيح بأمانة ولم يؤمن أن المسيح هو ابن اللّه. وعندما ناقشت الذين رفضوا الإِيمان كانوا يقولون: «لم أدرس الكتاب المقدس، ولم أفكر بالحقائق التاريخية عن المسيح». وقد وجدت أن رفضهم للمسيح يعود إلى اختبارات غير سعيدة جازوا بها في طفولتهم من مسيحيين لم يسلكوا كما يجب، أو إلى تأثير أساتذة جامعيين ملحدين أو متشككين. ولكنهم جميعاً اعترفوا أنهم لم يفكروا في يسوع المسيح وفي مطالبه منهم، كما وردت في الاقتباسات التالية وفي أمثالها:

«ٱلَّذِي هُوَ صُورَةُ ٱللّٰهِ غَيْرِ ٱلْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ. فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ ٱلْكُلُّ: مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى ٱلأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى... لأَنَّهُ فِيهِ سُرَّ أَنْ يَحِلَّ كُلُّ ٱلْمِلْءِ، وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ ٱلْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلاً ٱلصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ» (كولوسي 1: 15-20).

«اَللّٰهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ ٱلآبَاءَ بِٱلأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هٰذِهِ ٱلأَيَّامِ ٱلأَخِيرَةِ فِي ٱبْنِهِ - ٱلَّذِي جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، ٱلَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ ٱلْعَالَمِينَ» (عب 1: 1،2).

«ٱلْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ ٱلْحِكْمَةِ وَٱلْعِلْمِ» (كولوسي 2: 3).

«عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ ٱلَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ، لِتَدْبِيرِ مِلْءِ ٱلأَزْمِنَةِ، لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي ٱلْمَسِيحِ» (أفسس 1: 9،10).

وهناك الكثير الذي يمكن أن يفعله المسيح لنا، ولا يمكن لغيره أن يفعله. ولكني أود أن أنبر هنا على أربعة أشياء:

أولاً - المسيح هو الوحيد الذي يغفر الخطية.

ثانياً - هو الوحيد الذي يعطي الحياة هدفاً ومعنى.

ثالثاً - هو وحده يقدر أن يعطي السلام للقلب القلق.

رابعاً - هو الوحيد الذي يعطي قوة لنحيا الحياة الفضلى.

يقول الكتاب المقدس لنا إن اللّه قدوس وإن الإنسان خاطئ، وهناك هوَّة تفصل بين الإثنين لا يقدر الإنسان أن يعبرها مهما كان صالحاً، فيقول الكتاب أن الجميع زاغوا وفسدوا (رومية 3: 23) وإن أجرة الخطية هي موت (بمعنى: انفصال أبدي عن الله) ولكن هبة الله هي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا (رومية 6: 23) والله يقيم الجسر (الكوبري) فوق هذه الهوَّة بواسطة ابنه، المسيح - «لأَنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ» (يوحنا 3: 16).

1 - الوحيد الذي يغفر الخطية:

ما هي الخطية؟ إنها ليست بالضرورة كذبة أو سرقة أو عملاً غير أخلاقي، لكنها أساساً اتجاه فكري وموقف من نحو الله. إنها سلوك الإنسان في سبيله مستقلاً عن الله. إنها نقص الصداقة مع الله.

يعرّف الكتاب المقدس الخطية بوضوح أنها عدم بلوغ المستوى الإلهي، الذي هو الصلاح الكامل. وكثيراً ما تتضح الخطية في تركيز الإنسان على ذاته، أو ثورته ضد الله، أو عدم المبالاة به.

هناك عرش في حياتك تجلس أنت عليه أو يجلس الله عليه. إن كنت تقول: «أنا سيد حياتي، وسأفعل ما أشاء» فإنك تكون خاطئاً. أما إن كان المسيح على العرش، فقد دفع عنك عقوبة خطيتك، التي هي انفصال كامل عن الله، ويكون قد أعاد صلتك به. تخيَّلْ مصباحاً كهربياً متصلاً بالتيار. إن فصلته ينطفئ. أعِدْ صلته بالتيار تجده يضيء! هكذا الإنسان الذي ينفصل عن الله: يحيا في ظلام، لأنه فضَّل أن يسير في طريقه الشخصي - فماذا عمل الله ليعيد العلاقة؟

الذبائح لا تكفي:

في العهد القديم أوصى موسى أن يحضر الخاطئ للكاهن ذبيحة كاملة وبلا عيب، فتنتقل خطية الخاطئ إلى الذبيحة البريئة. كانت الذبيحة تُذبح ويُرشّ دمها على المذبح ليغطي الخطية مؤقتاً. فهل ترى في هذا رمزاً لمجيء المسيح حمل الله الذي يستر الخطية، لا على أساس مؤقت، بل إلى الأبد؟ لقد أرسل الله ابنه الوحيد الخالي من الخطية. حمل الله الذي لا عيب فيه، ليبذل حياته على الصليب لمغفرة خطايانا. وهذه هي الحقيقة التي تعلنها كلمة الله، أنه «بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ» (عبرانيين 9: 22).

وإذ يدرس المرء ديانات العالم لا يجد أي تدبير إلهي لمغفرة الخطايا خلاف صليب المسيح. يقولون إن حسنات المرء تغطي سيئاته، فإذا رجحت كفة الحسنات وجد طريقه للسماء، أما إن رجحت كفة السيئات فمصيره الجحيم. وبالطبع لا يعلم الإنسان مصيره حتى تنتهي حياته. ويا للرعب!!

على أن المسيحية توضح أن الإنسان يمكن أن يعرف ويوقن مغفرة خطاياه، فتكون له شركة مع الله، هنا والآن، بواسطة المسيح.

بعد حديثي مرة في إحدى الجامعات عن «المسيح الفريد» جاءني أستاذ هندي يدين بالهندوسية غاضباً يقول: «إني أكرهكم أيها المسيحيون وأكره كبرياءكم، فإنكم تقولون إن عندكم الطريق الوحيد لله، مع أن هناك طرقاً أخرى هي الهندوسية والبوذية والشنتوية، وغيرها من الديانات، وكلها تؤدّي إلى الله». واقتبست له قول الهندوسي العظيم المهاتما غاندي الذي قال رغم تعبّده: «إن ما يعذبني دائماً هو أنني لا زلت بعيداً عن ذاك الذي أحسست أنه حياتي ووجودي. إن شرّي وفشلي يبعدانني عنه». فقال لي الأستاذ الهندي إنه مرَّ بحقبة في حياته آمن أثناءها أن غاندي هو الله، ولكنه بالطبع هجر الفكرة. وقد أدركت من كلامه أنه متدين وذكي، فقد كان يدرس لدرجة الدكتوراة الثانية في الكيمياء، بعد أن حصل على دكتوراة في الفيزياء. وبعد فترة من حديثنا خفَّ غضبه، فقد بدأ يرى أن في المسيحية شيئاً مختلفاً، فهي ليست فلسفة من وضع إنسان، بل هي تدبير الله لغفران الخطية. وقال إنه بالرغم من كونه تابعاً مخلصاً لديانته، وبالرغم من أنه يقرأ كتبه المقدسة بدقة ويحافظ على صلواته وكل فرائض دينه، إلا أنه لم يجد إله المحبة. وطلبت منه أن يلاحظ الفرق بين حياته وبين حياة زملائه المسيحيين، فقال إن لديهم شيئاً ليس عنده، وكان هذا «الشيء» هو المسيح المخلص الحي الذي يحيا فيهم بعد أن غفر خطيتهم. وركعنا معاً وصلّى هو أن يغفر المسيح خطيته ويصبح مخلصه.

والحقيقة أنه لو أبعدت مؤسس كل دين من ديانته (بوذا من البوذية مثلاً) لما تغيَّر الكثير من الدين نفسه، ولكن لو أبعدت المسيح من المسيحية لما بقي شيء، فليست المسيحية فلسفة أو مجموعة أخلاقيات، لكنها علاقة شخصية بالمسيح الحي.

2 - المسيح هو الوحيد الذي يعطي الحياة هدفاً ومعنى:

نجد في المسيح غفران الخطية كما نجد فيه المعنى والهدف لحياتنا. لقد وجدنا أن الكون كله خُلق في المسيح وأنه كله له (كولوسي 1: 16). ومن هذا نرى سرَّ الهدف والنظام والتخطيط لكل شيء في الخليقة.

والإنسان هو أسمى ما في الخليقة، فهو صاحب العقل المفكر والإرادة الحرة ليختار الصالح، أنه يقدر أن يقول لخالقه: «نعم» أو «لا». ولو أنه في معظم الأحيان يختار أن يقول: «لا» - وكل الذين قالوا للخالق: «لا» لم يكتشفوا معنى حياتهم.

يقول الكتاب المقدس: «مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ تَتَثَبَّتُ خَطَوَاتُ ٱلإِنْسَانِ وَفِي طَرِيقِهِ يُسَرُّ» (مزمور 37: 23) ويقول: «وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ ٱلأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعاً لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ ٱللّٰهَ، ٱلَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ» (رومية 8: 18)، فهناك فوائد عظيمة من وجودك حيث يريدك الله، ومن عملك ما يريده منك.

الزواج:

خُذْ مثلاً فكرة الزواج. في إحصائية عن الزواج في أمريكا وجدوا أن زيجتين من كل خمس زيجات تنتهيان بالطلاق. ولكنهم وجدوا زيجة واحدة من كل 1015 زواجاً تنتهي بالطلاق عندما يكون الزوجان مسيحيين حقيقيين يقرءان الكتاب المقدس ويصليان معاً. المسيح في حياة الزوجين يعمل هذا الفرق، إذ يعطي الرابطة الزوجية معنى، فمن ذا الذي يقامر بحياته في الزواج بدون المسيح؟

وربما تسأل: «لا أفهم كيف يؤثر المسيح في الحياة». ولنشرح الأمر ببساطة نقول إن في حياتك عرشاً. فإن كانت ذاتك جالسة على العرش، فإن ذاتك وذات من تتزوج تكونان في صراع دائم، ولا بد من التصادم والدمار. ولكن إن كان المسيح على عرش الحياة فسيملك السلام. لقد وجدت أن من يعرفون المسيح يجدون هدفاً لحياتهم، أما الذين لا يعرفونه فإنهم يشبهون سفينة بغير شراع، تخبطهم أمواج الحياة فيسيرون على غير هدى.

النجاح المادي لا يكفي:

في عام 1923 عُقد في مدينة شيكاغو اجتماع لأغنى تسعة رجال في العالم. وربما نقول إن هذا كان اجتماع أكثر الناس في العالم نجاحاً، فإنهم على الأقل اكتشفوا سرَّ «ربح المال».

ولكن نَرى ما جرى لهم بعد 25 سنة. أولهم مات مفلساً يعيش بأموال يأخذها كسلفيات مدة الأعوام الخمسة الأخيرة من حياته. والثاني مات في بلد أجنبي هارباً من العدالة بلا قرش واحد. ومات الثالث مجنوناً. ومات الرابع مفلساً خارج بلاده. والخامس أُطلق سراحه من سجن «سنج سنج». والسادس عفا القاضي عنه وتركه ليموت في بيته. والسابع والثامن انتحرا. لقد تعلم هؤلاء التسعة رجال كسب المال، لكنهم لم يعرفوا «كيف يعيشون».

(ملحوظة: يعطي المؤلف أسماء الأشخاص التسعة ووظائفهم، وكلهم أمريكيون).

حسناً قال القديس أغسطينوس منذ عدة قرون: «اللهم لقد خلقتنا لذاتك، ولن تجد نفوسنا راحة إلا إذا استراحت فيك».

قال هـ.ج. ويلز المؤرخ والفيلسوف المشهور في عمر الحادية والستين: «ليس عندي سلام. كل الحياة في نهايتها عبارة عن حبل يُشَدُّ إلى وتد يُطوَّل للدابة فترعى مقيَّدة به!».

وقال الشاعر بيرون: «أيامي كورقة الخريف الصفراء بعد أن مضت زهور الحياة وثمارها. الدود والآكلة والحزن لي وحدي». وقال ثورو الأديب العبقري: «يعيش معظم الناس حياة اليأس الصامت». وكتب أحد الساخرين المشهورين ورقة ثبّتها بدبوس في وسادته قبل أن ينتحر، قال فيها: «كانت عندي مصاعب قليلة وأصدقاء كثيرون. انتقلت من زوجة إلى زوجة ومن بيت إلى بيت. زرت ممالك عظيمة في العالم، ولكني تعبت من اختراع رذائل لتملأ ساعاتي الأربع والعشرين كل يوم». أما باسكال الفيلسوف وعالم الفيزياء الفرنسي فقد قال: «هناك فراغ على صورة الله في قلب إنسان، لا يملأه إلا الله وحده، بابنه يسوع المسيح».

فهل يمكن أن أقول إن هناك فراغاً في حياتك؟ إنني لا أعرفك، لكني أرجو أنك بكل أمانة تهدئ قلبك أمام الله. وربما تحتاج لأن تقول: «نعم، في حياتي فراغ. أنا غير مكتفٍ بما أحياه». ولن تجد الإكتفاء حتى تدعو المسيح ليكتشف هدف حياتك. ولا يستطيع أحد أن يكشف لك هذا إلا الذي قال: «أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ٱلآبِ إِلَّا بِي» (يو 14: 6).

3 - المسيح وحده يعطي السلام للقلب القلق:

المسيح وحده يغفر الخطية، ووحده يعطي للحياة هدفاً، ووحده يعطي حياتك السلام. قال أحدهم: «لن يكون هناك سلام في قلب الفرد أو على مائدة معاهدات العالم إلا إذا مَلَكَ رئيس السلام على قلوب البشر». فقد قال المسيح: / «سَلاَماً أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي ٱلْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ» (يو 14: 27). وقال: «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (متى 11: 28).

وليس المسيحي خلواً من المتاعب، ولكنه يرى المسيح معه في متاعبه، فقد قال «أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ ٱلأَيَّامِ إِلَى ٱنْقِضَاءِ ٱلدَّهْرِ - لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ» (متى 28: 20 ، عبرانيين 13: 5).

اتصل بي قائد من البحرية كان زميلاً لي في الدراسة، وطلب مني زيارة زوجته لحزنها على وفاة طفلهما. وزرتهما وتحدثت إليهما. وسلّم كلٌ منهما حياته للمسيح. وعندما امتلك المسيح قلبيهما اختبرا سلاماً عظيماً وتغيَّرت حياتهما. وبعد سنة قابلني القائد نفسه وقال لي إنه بعد زيارتي لهما بوقت قليل أُصيبت ابنتهما بالسرطان وماتت بالرغم من كل العلاج. كان يحب ابنته جداً، ولكنها ماتت، وقال لي بابتسامة دافئة: «مع أنني لم أفهم ما حدث، لكن بمقدار محبتي لابنتي وبمقدار ما كنت أكره فكرة موتها، شعرت بحضور المسيح الحقيقي معي. أعتقد أن هذا هو السلام الذي يفوق كل عقل».

لا بد أن تجيء المآسي على حياتك، ولكن المسيح ملك السلام يريد أن يملك على عرش القلب ليعطيك الغفران والمعنى والسلام.

4 - المسيح وحده يعطي قوة لنحيا الحياة الفضلى:

والمسيح وحده يعطيك قوة لتحيا الحياة الجديدة. كثيراً ما قيل لي: «أحب أن أصير مسيحياً، ولكني أخشى أن أعجز عن متابعة السير. إنك لا تعرف مقدار الخطأ الذي أرتكبه، ولا الكراهية التي في قلبي، ولا ميولي للخطية، ولساني اللاذع، ولا مشاكلي العديدة، ولا أظن أني سأقدر أن أستمر في الحياة المسيحية».

لكن الذين قالوا هذا - عندما سلموا حياتهم للمسيح - وجدوا أن الحياة المسيحية حياة «فوق طبيعية» يحياها المسيح فينا ومن خلالنا، ولا تتوقف على ما نفعله نحن، بل على ما يفعله هو، لأنه يعطي القوة، ونحن الآلات التي تنطلق فيها القوة.

هذا هو الدرس الذي علَّمه المسيح لنيقوديموس الذي جاء ليزوره ليلاً (يو 3: 1-21). كان رئيساً لليهود وقائداً دينياً تقياً، وقال للمسيح: / «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ ٱللّٰهِ مُعَلِّماً، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هٰذِهِ ٱلآيَاتِ ٱلَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ ٱللّٰهُ مَعَهُ» . فأجابه المسيح: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ» . ولم يفهم نيقوديموس معنى الكلام، فسأل: «كَيْفَ يُمْكِنُ ٱلإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟» . فأوضح المسيح: / «إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ ٱلْمَاءِ وَٱلرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ. اَلْمَوْلُودُ مِنَ ٱلْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَٱلْمَوْلُودُ مِنَ ٱلرُّوحِ هُوَ رُوحٌ» . لقد وُلدنا بأجساد مادية لنحيا في العالم المادي، ولكن مملكة الله روحية لا يدخلها إلا الروحي. ولو أردنا أن نصادق الله لوَجَبَ أن نصبح روحيين بميلاد روحي.

تصور دودة أرض تزحف في التربة. ولنفترض أنك قلت لها: «لماذا لا تطيرين كالفراشة؟» فتجاوب: «مستحيل أن أطير، فإني مرتبطة بالأرض. لا أقدر إلا على الزحف فقط». فتقول أنت: «لماذا لا تأخذين دراسة في الطيران؟» فتقول لك: «ولا هذا ينفع».

هكذا الحال مع الذين يريدون أن يصبحوا مسيحيين بسلوكهم الصالح أو بحضورهم الكنيسة أو بقراءتهم للكتاب وصلاتهم.. إلخ دون أن ينالوا حياة جديدة في المسيح.

ولنفترض أن الدودة نسجت شرنقة حول جسدها، ثم خرجت من الشرنقة فراشة جميلة. نحن لا نفهم كل ما جرى، لكننا ندرك أنه ذات يوم كانت دودة تزحف في التراب، وها هي فراشة تطير في السماء! هكذا في الحياة المسيحية: يجيء المسيح الحي ويحيا فيك فتولد من جديد.

مَنْ على العرش؟

قلت من قبل إن في حياتك عرشاً. فإن كنت أنت جالساً على العرش - تأخذ قراراتك بنفسك - فالأغلب أنك لست مسيحياً حقيقياً. يقول المسيح: / «هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى ٱلْبَابِ وَأَقْرَعُ (يقرع على باب قلبك وإرادتك وعقلك وعواطفك). إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ ٱلْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي» (رؤيا 3: 20). ويقول الكتاب إن كل من يقبلون المسيح لهم الحق في أن يصيروا أولاد الله (يوحنا 1: 12) فإنه إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة تمضي ويصبح كل شيء جديداً (2 كورنثوس 5: 17) وهذا يعني تسليم العقل والعواطف والإرادة للمسيح.

لنفترض أنك سمعت مدحاً كثيراً في فتاة، حتى اشتقت أن تراها. وسنحت فرصة اللقاء فزدت بها إعجاباً. أُعجبت عقلياً بمظهرها وشخصيتها وصفاتها. فهل يكفي هذا لتتزوجها؟ لا! إن الإعجاب وحده لا يكفي. ولكن عندما تصرفان وقتاً أطول ستتحابان. فهل هذا هو الزواج؟ لا! إن الزواج أكثر من عقل وعاطفة. إنكما تحتاجان أن تقفا أمام القسيس تتبادلان العهود، وعندها يخصّص كلٌ منكما ذاته للآخر بإرادته. ولا يكون الزواج سعيداً إلا عندما يعطي كل منكما نفسه لشريكه.

وهكذا الحياة المسيحية - إنها تتطلب العقل والعاطفة والإرادة.

قد تقول: «أؤمن أن المسيح هو ابن الله، وأنه مات لأجلي، فهل أنا مسيحي؟» والإجابة: لا! حتى تسلمه إرادتك. قد تقول: «سمعت موعظة رائعة حركت عواطفي فاستجبت للنداء وعزمت على الحياة للمسيح. فهل أنا مسيحي؟» والإجابة: «إن كنت قد سلمت عرش حياتك وإرادتك للمسيح فإنك مسيحي. إن تسليم إرادتك هو السر في الحياة المسيحية الفضلى».

إن لم تكن قد قبلت المسيح المخلِّص، فادْعُه الآن ليستلم حياتك وإرادتك - عندها يغفر خطيتك، ويجعل لحياتك معنى، ويمنحك السلام والقوة.

هل تحني رأسك الآن وتصلي: «ربي يسوع، تعال إلى حياتي واغفر خطيتي. أسلّم إرادتي وعرش حياتي لك. إكشف لي معنى حياتي وقصدك منها حتى أحققه. أعطني سلامك وقوتك حتى أمجدك وأرضيك. آمين».

مغامرة مع المسيح:

عندما تقبل المسيح في حياتك تبدأ مغامرتك العظيمة التي خلقك لتعيشها. يقول الكتاب: «وَهٰذِهِ هِيَ ٱلشَّهَادَةُ: أَنَّ ٱللّٰهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ هِيَ فِي ٱبْنِهِ. مَنْ لَهُ ٱلٱبْنُ فَلَهُ ٱلْحَيَاة» (1 يوحنا 5: 11،12). عندما تقبل المسيح تكون لك الحياة الأبدية، هنا والآن. وعندما تستمر في طاعة إرادتك تجد الحياة الفضلى التي وعدك بها. وإني أرجو أن تقرأ الكتاب المقدس، كلمة الله، وأن تكون عضواً عاملاً في كنيستك. وليباركك الرب وأنت تحيا مغامرة رائعة مع المسيح.

ملحق (4) تعليق على الاختبار المسيحي

للدكتور إيهاب إدوار الخراط

يتحدث هذا الكتاب عن تجارب حقيقية مرَّ بها أناس بسطاء، كما عاشها أفراد متميزون، وكلها تعكس خبرة واحدة أساسية هي لقاء روحي مع الله. أو هي تقابل شخصي جداً وخاص مع المسيح.

والاختبار المسيحي ليس مجرد كلمات نتلوها أو طقوس خاصة نقوم بها، لكنه خطوة إيمان قلبي داخلي بسيطة ومباشرة. وهي خطوة تتضمن قراراً حراً واعياً وإرادياً بالعودة إلى الله. والمقصود هنا ليس مجرد تَرْك «أفعال خارجية» خاطئة، ولا حتى تغيير اتجاه الحياة الداخلي فحسب، ولكن المقصود هو العودة إلى الله نفسه، وإلى حياة الشركة معه والاقتراب المستمر منه. كما أن نفس هذه الخطوة تتضمن الثقة في المسيح وإلقاء كل الرجاء عليه في أنه القادر وحده على تغييرنا - لا قوتنا الشخصية ولا صلابة إرادتنا. وحده القادر على تغييرنا تغييراً جذرياً إيجابياً نحتفظ به وننمو فيه يوماً بعد يوم.

على أن السر في الاختبار ليس هو في خطوة الإيمان هذه، ولكنه في شخص حي غير منظور، لكنه موجود وحيّ بطريقة فائقة للطبيعة، هو يسوع المسيح نفسه. فإن كان الإيمان كما شرحناه ضرورياً، فذلك لأنه عبارة عن إعلان الموافقة أو قبول هذا الشخص في الحياة، أو هو بمثابة فتح باب القلب أمامه ليدخل. أما قوة هذا الاختبار فلا تكمن في «قوة أو عظمة» الإيمان، لكن في قوة وعظمة الشخص الذي يثق المؤمن فيه: شخص المسيح.

وهو اختبار فائق للطبيعة، ليس لأن المطلوب من الإنسان فائق الطبيعة - على العكس من ذلك، فالمطلوب هو أمر بسيط وعادي، وكل إنسان قادر عليه. لكن الفائق للطبيعة هو ما يفعله صانع المعجزات الأعظم، الذي بقوة الله فتح أعين العمي وشفى المشلولين وأقام الموتى: يسوع المسيح. وبدون هذا العنصر الفائق للطبيعة لا يوجد معنى للاختبار المسيحي.

تفرُّد الاختبار المسيحي

(1) الاختبار المسيحي يحكي لنا عن حب الله وقدرته، وفي بساطة عملية مباشرة يرينا في نفس اللحظة عظمة وقداسة وعدالة ورحمة الله. وهذه الصفات كلها تنبع من تلك الصفة الوحيدة العظمى وهي محبة الله، الله يحب، ويحب إلى المنتهى ويعطي بلا حدود وبلا ندم، عطاءً كاملاً قوياً وصحيحاً. يفتح لنا الاختبار المسيحي أبواب تذوُّق هذه المحبة القائمة دائماً، والتلامس معها واختبارها يوماً بعد يوم طول الحياة وحتى ما بعد الحياة.

(2) كما أنه يوضح أن الله المحب ليس كائناً مستعصياً على التعامل معه، بعيداً عن كل محاولاتنا للوصول إليه، إنما هو إله حي يمكن إقامة علاقة معه. إننا نستطيع أن نكلِّمه واثقين أنه يسمعنا، ونستطيع أن نسمع منه من خلال الكتاب المقدس ومن خلال تعاملاته في قلوبنا ومن حولنا.

(3) وبناء على إعلان الله في الكتاب المقدس، ليست هذه العلاقة سعياً قد يُكلَّل بالنجاح أو ينتهي إلى الفشل، لأنها لا تقوم على أي استحقاق أو فضل أو تقوى أو تديُّن من جانب البشر، ولا تعتمد على قوة إرادتنا، بل هي أساساً تقوم على أمانة وقوة وثبات نعمة الله نفسه. ولذلك فقوة هذه العلاقة تكمن في الضمان الذي يقدمه الله ذاته لاستمرارها ونتيجتها. ففي الاختبار المسيحي لا يصل المؤمن إلى النعيم بسبب صلاحه، لكنه يصل إلى السماء بسبب صلاح الله، ولذلك يثق في أنه بمجرد قبوله لعمل المسيح بالإيمان - حتى لو مات في هذه اللحظة - وقبل أن يفعل خيراً أو شراً، يذهب حتماً إلى السماء. ويظل محتفظاً بهذا اليقين طالما ظلَّ محتفظاً بإيمانه وثقته في المسيح. المسيح هنا هو «المخلِّص» الأوحد، ومحور كل ثقة وتركيز.

(4) إن الاختبار المسيحي يعلن الحلّ في إمكانية تلاقي الإنسان بما فيه من شرور وخطايا وأوجه للقصور، والله القدوس العادل الذي لا يحتمل الشر، وذلك بأنه يرفع ذنب الإنسان - لا عن طريق التهاون مع الشر أو التغاضي عنه بما يجرح صورة الله القدوس، ولا عن طريق تحدّي الانسان تحدياً مخيفاً مذلاً مهدّداً دائماً- لكن المسيح المتجسِّد - المصلوب - المقام من الأموات، حاملاً ذنب كل البشر متحملاً نتيجة خطاياهم علناً، وأمام كل الأجيال والأبدية. يوفي قانون الله ويحتفظ للقانون بهيبته، ويحقق ما يسمَّى «بالعدل العام» ويعطي في ذات الوقت للإنسان، الذي يثق في عمل المسيح أن يقبل موته نيابة عنه، فرصة للحياة.

الله إذا غفر للإنسان لأنه يحبه، سيشبه القاضي الذي يترك أحباءه يخطئون بلا حساب لأنه يحبهم. هذا القاضي يخون الأمة والقانون وضميره نفسه. والله لا يفعل هذا.

إن مجرد التوبة ليست كافية لرفع عقاب الخطية، كما أن مجرد توبة السارق لا تعفيه من تلقي العقاب على سرقته.

الله يغفر ويترك الإنسان خطيته بعد أن يضع عقاب هذه الخطية على المسيح. وليس في هذا عدلاً حرفياً، ولكن فيه إقامة «العدل العام» وفيه الاحتفاظ بهيبة القانون.

(5) العلاقة بالله كما يعكسها الاختبار المسيحي هي أساساً علاقة مع شخص حي، هو المسيح، وليس مع ناموس أو قانون أو شرائع جامدة. وليس محور الحياة المسيحية هو تنفيذ القوانين المسيحية، لكنه علاقة مع المسيح، ومنها ينبع الالتزام بمحبة الآخرين، وبالتالي صُنع أفضل الخير لهم. ومعيار التقدم هو معرفة شخصيةٌ أفضلَ لله كما يعلنه المسيح، في إعلان متزايد ومتنامي. لذلك فالمسيحي الحقيقي هو شخص حي أيضاً بقدر اتصاله بيسوع الحي، وليس مربوطاً مقيَّداً بقيود النواميس الجامدة المطلقة والشرائع الصمَّاء. أنه يسمع ويرى، يشعر ويقدِّر، ينمو ويتحرك بقدر ما يتزايد تلامسه مع إعلان يسوع عن نفسه له.

لماذا يكون هذا الاختبار حقيقياً؟

(1) يُدرك هذا الاختبار بعمق وبساطة الاحتياج الإنساني الروحي، كما هو، ويدركه كله. وتوافقه مع عطش الإنسان الروحي فيه دليل داخلي على صحته. كما أن العطش للماء داخل الإنسان إشارة ضمنية على الوجود الموضوعي للماء خارج الإنسان.

(2) ويأتي الثمر المشبع والمذهل لهذا الاختبار بدليل آخر على صحته من المحبة والفرح والتوافق والاستعداد المستمر للتغيُّر والانفتاح على الله والآخرين، الذي يصنعه.

(3) إلا أن الدليل النهائي هو في صحة الكتاب المقدس، وفي حقيقة قيامة المسيح من الموت تاريخياً، وهو الدليل الذي قدَّمه لنا الكاتب، جوش مكدويل، في الجزئين السابقين لهذا الكتاب «ثقتي في السيد المسيح» و «ثقتي في الكتاب المقدس» إن قيامة المسيح تعطينا برهاناً لا يُدحَض على صحة تعاليمه وسلامة الطرق التي يقودنا فيها. وأول هذه التعاليم هي تركيزه على أنه هو شخصياً الطريق والحق والحياة، وإن اختباره هو والثبات فيه وقبول عمله بالإيمان هو طريق الحياة.

(يستطيع القارئ العزيز أن يحصل على الجزئين الأول والثاني من هذا الكتاب من الناشر).

ملحق (5) المسيح الفريد

الدكتور القس منيس عبد النور

صدق من قال إن المسيحية هي المسيح، فالذي يختبر الحياة المسيحية الحقيقية، هو الذي يقول: «لِيَ ٱلْحَيَاةَ هِيَ ٱلْمَسِيحُ وَٱلْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ» (فيلبي 1: 21). لأنه / «إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي ٱلْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. ٱلأَشْيَاءُ ٱلْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا ٱلْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدا» (2 كورنثوس 5: 17). وشعار المسيحي الحقيقي هو: «فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ ٱلْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ» (غلاطية 2: 20). وعندنا الأمر الرسولي: «لِيَحِلَّ ٱلْمَسِيحُ بِٱلإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ» (أفسس 3: 17).

وفي هذا نرى تفرُّد المسيح، لأنه حي في السماء، صاحب سلطان. بدونه لا نقدر أن نفعل شيئاً (يوحنا 15: 5). فماذا يقول الإنجيل عنه؟

1 - المسيح الفريد في ميلاده:

وجوده سابق لميلاده، فهو المولود من العذراء القديسة مريم، لكنه غير مخلوق. «فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ، وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللّٰهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ... وَٱلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ ٱلآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً» (يوحنا 1: 1،14).

وُلد من عذراء بغير أب بشري، تحقيقاً للنبوة القديمة: أن نسل المرأة يسحق رأس الحية (تكوين 3: 15). ولا يوجد نسل امرأة، بدون أب بشري، إلا هو. ولم يسحق رأس الحية أحد إلا المسيح، فالكل خطَّاؤون، وبعضهم توَّابون. المسيح وحده هو الكامل الذي لم يخطئ أبداً، وفيه تحققت أول نبوة توراتية.

كان لا بد لخَلق آدم من معجزة، لأنه أول البشر. وقد عصى آدم ربه وأكل من الشجرة المنهيِّ عنها، وسقط فسقطَتْ ذرِّيته، وخرجوا من الجنة بعضهم لبعض عدو، فقتل قايين أخاه هابيل - واستمر الجنس البشري في ضلاله وغيّه.

ولم يكن هناك داعٍ لإجراء معجزة مماثلة ليولد المسيح من عذراء، فقد كان الآباء والأمهات متوافرين - فلا بد أن يكون هناك سبب آخر يدعو لمعجزة الميلاد العذراوي - نعتقد أنه تحقيق النبوة التوراتية الأولى، كما ذكرنا، ولتحقيق نبوات أخرى كثيرة، منها: «هَا ٱلْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ٱبْناً وَتَدْعُو ٱسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ» (الذي معناه: الله معنا) (إش 7: 14).

ولم يكن المسيح كآدم، فآدم أخطأ، والمسيح لم يخطئ مطلقاً. ولذلك يقول الرسول بولس إنه كما في آدم يموت الجميع، فإنه في المسيح يحيا كل من يؤمن به (1كورنثوس 15: 22).

أما أمه العذراء المباركة فقد قال لها الملاك جبرائيل: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا ٱلْمُنْعَمُ عَلَيْهَا!... مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي ٱلنِّسَاءِ.. قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ ٱللّٰهِ... اَلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ ٱلْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ» (لوقا 1: 26-38). وعندما ذهبت لتزور أليصابات زوجة الكاهن زكريا، قالت لها أليصابات، وهي حبلى بالمعمدان: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي ٱلنِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هٰذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ٱرْتَكَضَ ٱلْجَنِينُ بِٱبْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ» (لوقا 1: 39-45). وقد رنَّمت العذراء بعد ذلك قائلة: «تُعَظِّمُ نَفْسِي ٱلرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِٱللّٰهِ مُخَلِّصِي،... فَهُوَذَا مُنْذُ ٱلآنَ جَمِيعُ ٱلأَجْيَالِ تُطَّوِبُنِي» (لوقا 1: 46-56).

هذا العجيب في مولده العذراوي، العجيب في عظمة الأم التي ولدته، يمكن أن نعزوه لأمه، فنقول: «المسيح ابن مريم» - فإذا أردنا أن نعزوه إلى أب، كقولنا موسى بن عمران وإشعياء بن آموص، فماذا نقول؟ نقول ما قاله الملاك جبرائيل: «هٰذَا يَكُونُ عَظِيماً، وَٱبْنَ ٱلْعَلِيِّ يُدْعَى، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ... اَلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ ٱلْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذٰلِكَ أَيْضاً ٱلْقُدُّوسُ ٱلْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ٱبْنَ ٱللّٰهِ» (لوقا 1: 33-35).

2 - المسيح الفريد في كماله:

كل البشر أخطأوا وأعوزهم مجد الله. «ٱلْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعاً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (رومية 3: 12). والبشر الذين تقبلهم السماء هم الذين يطلبون غفران الله ورحمته، ويجدون القبول أمامه لأنه يُنعم على غير المستحقين التائبين.

أما المسيح فهو وحده الذي لم يخطئ أبداً. واجه أعداءه بالسؤال: «مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟» (يوحنا 8: 46). وفي محاكمته أمام بيلاطس الوالي الروماني، أعلن الوالي ثلاث مرات أنه لم يجد في المسيح علة ولا ذنباً. بل أن الشياطين صرخت قائلة: «أَنْتَ قُدُّوسُ ٱللّٰهِ» (مرقس 1: 24).

وقال المسيح مشيراً إلى عصمته وكماله: «فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ (الآب)» (يوحنا 8: 29) وقال عنه الرسول بطرس: «لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً» (1 بطرس 2: 22) وقال الرسول بولس عنه: «لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً» (2 كورنثوس 5: 21) - وما أجمل صلاته لأجل صالبيه، بعد أن شفى مرضاهم وأطعم جياعهم: «يَا أَبَتَاهُ، ٱغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَي» (لوقا 23: 34).

3 - المسيح فريد في تعليمه:

جاء رسل الله وأنبياؤه برسالة من الله، وكانوا يؤيدون صدق نبوّتهم بقولهم: «هكذا قال الله». أما المسيح فكان يعلِّم بسلطان، ويأمر حتى الأرواح النجسة فتطيعه (لوقا 4: 36).

سائر الأنبياء أعلنوا كلمة الله، أما المسيح فهو نفسه الكلمة. هو الرسول والرسالة، وهو النبي وموضوع النبوات. كانت حياته مثل كلماته، فلم يقدم تعليماً للعامة دون أن يطبّقه هو على نفسه - ولم يمهِل سائلاً وجَّه إليه سؤالاً، ولم يغيّر ما علَّم به بحجَّة تغيُّر الظروف - فقد كانت كلمته هي الحق الذي لا يتغير، والإِعلان الإِلهي ذا السلطان.

جعل المسيح نفسه مركز الخلاص، وطريق الحياة الأبدية. ولم يشاركه في ذلك أحد. وحده أعلن: «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (متى 11: 28) - فمن هذا الذي يريح كل متعب مهما كانت نوعية تعبه، في كل مكان، وفي كل زمان؟ ثم اسمعه يقول: «أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ» (يوحنا 14: 6). «أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ» (يوحنا 11: 25). / «أَنَا هُوَ نُورُ ٱلْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي ٱلظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ ٱلْحَيَاةِ» (يوحنا 8: 12). وقد ساندت أفعال المسيح كل تعاليمه. فعندما أعلن أنه نور العالم فتح عيني المولود أعمى، وعندما قال إنه القيامة والحياة أقام لعازر من بين الأموات بعد دفنه بأربعة أيام - فلم تكن تعاليمه نظريات مجردة بل أفعالاً ملموسة.

وكانت تعاليمه الأخلاقية قمة في كل شيء - ولا تجد تعاليم أخلاقية في مثل روعتها. ولا غرابة، فإن الإِنجيل يقول: «اَللّٰهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ ٱلآبَاءَ بِٱلأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هٰذِهِ ٱلأَيَّامِ ٱلأَخِيرَةِ فِي ٱبْنِهِ» (عبرانيين 1: 1،2) - فالنبي عبد مرسَل، لكن الابن هو صاحب البيت، كما يقول الإنجيل: «مُوسَى كَانَ أَمِيناً فِي كُلِّ بَيْتِهِ (بيت الله) كَخَادِمٍ، شَهَادَةً لِلْعَتِيدِ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِهِ. وَأَمَّا ٱلْمَسِيحُ فَكَٱبْنٍ عَلَى بَيْتِهِ» (عبرانيين 3: 5،6). ولا غرابة أن يكون تعليم الابن ذروة التعليم، بمقدار ما أن شخصه قمة الأشخاص - وهذا ما نكتشفه فور قراءتنا لموعظة المسيح على الجبل في الأصحاحات 5-7 من إنجيل متى، وهي تحضُّ على محبة الأعداء والمغفرة للمعتَدين. كما أن تعاليمه عن مساعدة المحتاجين هي تعاليم الله نفسه، وهو يقول: «جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ». فإن ما نفعله بالفقير والمحتاج نفعله به هو نفسه (متى 25: 31-46).

4 - المسيح الفريد في معجزاته:

معجزات المسيح كثيرة ومتنوعة، تُظهر سلطانه الكامل في كل ميدان، ولا غرابة، فقد قال: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلأَرْضِ» (متى 28: 18). ويقدم لنا البشير مرقس مجموعة معجزات أجراها المسيح في يوم واحد - أسكت العاصفة بقوله للبحر: «اسكت» فسكتت الريح وصار هدوء عظيم (مرقس 4: 335-41). وطرد فرقة شياطين من جسد ملبوس مسكين، فرجع إليه عقله (مرقس 5: 1-20) وشفى نازفة دم ظلت تنزف اثنتي عشرة سنة بدون أمل في شفاء (مرقس 5: 25-34) وأقام ابنة يايرس من الموت (مرقس 5: 21-24، 35-43). ومن هذا نرى سلطانه على الطبيعة والشياطين والمرض والموت.

وهناك معجزة دائمة الحدوث، هي معجزة تتويب الخاطئ وردّه عن ضلاله، وقد شبَّه المسيح نفسه بالراعي الصالح الذي يفتش عن الواحد الضال حتى يجده، وقال إن السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب (لوقا 15: 1-32). وهذه المعجزة لا تتوقف، ويصفها الإنجيل بالقول: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي ٱلْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. ٱلأَشْيَاءُ ٱلْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا ٱلْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً» (2 كورنثوس 5: 17). وقد لخَّص المسيح رسالته يوم قرأ نبوَّة جاءت عنه في الإصحاح الحادي والستين من نبوة إشعياء، تقول: «رُوحُ ٱلرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ ٱلْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ ٱلْمُنْكَسِرِي ٱلْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِٱلإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِٱلْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ ٱلْمُنْسَحِقِينَ فِي ٱلْحُرِّيَّة» (لوقا 4: 18،19). ولا زال يفعل هذه المعجزات مع كل من يؤمن به.

ولقد قال المسيح: «وَمَهْمَا سَأَلْتُمْ بِٱسْمِي فَذٰلِكَ أَفْعَلُهُ لِيَتَمَجَّدَ ٱلآبُ بِٱلٱبْنِ. إِنْ سَأَلْتُمْ شَيْئاً بِٱسْمِي فَإِنِّي أَفْعَلُهُ» (يوحنا 14: 13،14) وقال أيضاً: «اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ مِنَ ٱلآبِ بِٱسْمِي يُعْطِيكُمْ» (يوحنا 16: 23) - وهذه الأقوال الفريدة لم يقلها أحد غير المسيح، لأنه فريد في سلطانه. وقد حققها، ويحققها دائماً، فإن معجزات المسيح الشفائية لا زالت تتم اليوم باسمه. وقد ذُهل طبيب من شفاء معجزي لأحد مرضاه، ولم يكن هناك تعليل طبي لما جرى، فقال له المريض الذي شُفي: «عندما كان المسيح على أرضنا أجرى المعجزات، ولما رفَّعه الله إليه استمر يُجري المعجزات، فهو الحي، وهو الذي شفاني». ولا غرابة أن يقول الإنجيل عنه: «ٱلْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَٱلْيَوْمَ وَإِلَى ٱلأَبَدِ» (عبرانيين 13: 8).

5 - المسيح الفريد في موته وقيامته:

المسيح فريد في موته، لأن موته مصلوباً كان تحقيقاً لعشرات نبوات التوراة. فقبل مولد المسيح بألف سنة تنبأ داود في المزمور الثاني والعشرين عن موته مصلوباً، ووصف كيفية الصلب وآثاره على بدن المسيح: «ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ. أُحْصِي كُلَّ عِظَامِي» . وذكر كيف قسم العسكر ثيابه بينهم، وكيف اقترعوا على قميصه (مزمور 22: 17،18) وتحققت النبوة حرفياً (إقرأ يوحنا 19: 18-24). أما النبي إشعياء الذي تنبأ قبل ميلاد المسيح بسبع مئة سنة فقد وصف الصَّلْب وسببه، فقال: «مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا... ٱلرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا» (إش 53: 5،6). ذكر دفن المسيح في قبر غني، مع أنه كان لا يستحق الموت، إنما مات، ليحمل خطية كثيرين ويشفع في المذنبين (إش 53: 9-12).

أما عن قيامته فتنبأ بها داود في المزمور السادس عشر، فقال: / «لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَاداً» (آية 10) وأعلن الرسول بطرس تحقيق هذه النبوة على بعد أمتار قليلة، وأيام قليلة، من حادثة الصلب والقيامة (أعمال 2: 22-35). ولو أن الصلب والقيامة لم يحدثا، كما أعلن بطرس، لمنعه أصحاب السلطتين الدينية والسياسية من إعلان ما أعلنه - لكنه زاد لهم الأمر صعوبة بإعلانه أن الصلب والقيامة تحقيق لنبوات التوراة. ومن يستطيع أن يعطل تحقيق نبوة من عند الله؟

وقد تنبأ المسيح ثلاث مرات عن ضرورة موته وقيامته، كما أنبأ بموعد حدوث ذلك، رغم اعتراض تلاميذه (راجع مرقس 8: 31، 9: 31، 10: 33). ولم يؤخذ للموت قسراً، بل ذهب إليه طوعاً، قائلاً إن في هذا تحقيق للنبوات. ومنع تلاميذه من الدفاع المسلَّح عنه، بل إنه شفى أذن ملخس الذي جاء يقبض عليه بعد أن قطعها بطرس، ثم سلَّم نفسه (متى 26: 47-56). وقال لتلاميذه: / «ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ أَيْضاً لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (مرقس 10: 45). وقال «أَنَا هُوَ ٱلرَّاعِي ٱلصَّالِحُ، وَٱلرَّاعِي ٱلصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ ٱلْخِرَافِ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا (يعني حياته) مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً» (يوحنا 10: 11،18). وقال إنه بعد موته بثلاثة أيام يقوم.

ومن العجيب أن رسل المسيح جعلوا من وسيلة إعدامه موضوع فخرهم، وأصبح شعارهم: «حَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلَّا بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» (غلاطية 6: 14) - ولا بد من وجود حقيقتين خلف هذا الافتخار الغريب:

(ا) أن قائد هؤلاء التلاميذ قد مات فعلاً، (ب) وأن نتيجة موته مصلوباً كانت بركة، هي إيجاد وسيلة الغفران للبشر، فالمسيح «أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا» (رومية 4: 25).

لنفترض أن شخصاً قرر أن يجعل رسم المقصلة شعاراً لعائلته، وأن يطلق على العائلة كلها لقب «عائلة المشنوق» - فلا بد أن يكون خلف هذا دافعان: (أ) أن الجدَّ الأكبر للعائلة مات مشنوقاً (ب) وأن فائدة عظمى تحققت من وراء هذا الإعدام بالشَّنق - مثلاً قاد الجدُّ ثورة ضد المستعمر، فشنقه المستعمرون، ونتيجة لذلك قامت البلاد كلها قومة رجل واحد ضد المستعمرين حتى حملوا عصيَّهم ورحلوا! فصار شَنْق الجدّ شرفاً للعائلة كلها - وهذا ما فعله المسيحيون: افتخروا بالصليب الذي صُلب المسيح عليه، وجعلوه شعارهم، لأن المسيح صُلب فعلاً، وأصبح صَلْبه مصدر خلاص لكل من يؤمن به، فتُغفر خطاياه، وتكون له الحياة الأبدية.

أما قيامة العزيز المقتدر من قبره فهي الفريدة في الزمن - فالمسيح «بِكْرٌ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ» (كولوسي 1: 18) أي أعظم من قام من الموت، لأن كل الذين قاموا من الموت، من البشر، ماتوا بعد ذلك.. أما هو وحده فصاحب القبر الفارغ، الذي لم يقدر الموت أن يمسكه. كل الأنبياء تثوي عظامهم في قبورهم.. والمسيح وحده هو الحي. «فيه كانت الحياة» (يوحنا 1: 4). وهو واهب الحياة (يوحنا 3: 16). وهو الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل (2 تيموثاوس 1: 10). وها نحن نعلن إنجيله الفريد، إنجيل الخبر المفرح عن الموت الفدائي والقيامة المنتصرة.

6 - المسيح فريد في شفاعته:

الهدف من ولادة المسيح المعجزية من عذراء، وموته على الصليب وقيامته، هو تتميم عمل الفداء ومصالحة البشر مع الله. ولذلك يكون المسيح هو الشفيع والوسيط بين الناس والله، يكفِّر عن خطايانا ويشفع فينا. ولما كان المسيح قد كفَّر عن الخطية، وليس غيره يقدر على ذلك، يكون هو الوسيط الوحيد بين الله والناس وصانع السلام. وفي هذا يقول الوحي: «يُوجَدُ إِلٰهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ ٱللّٰهِ وَٱلنَّاسِ: ٱلإِنْسَانُ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ» (1 تيموثاوس 2: 5).

ويعلِّمنا الكتاب المقدس عن ثلاثة شروط للوسيط بين الله والناس:

  1. أن يكون الوسيط والشفيع إنساناً - وقد اشترك المسيح معنا نحن البشر في «اللحم والدم» (عبرانيين 2: 14) ويوم أخذ جسداً بالولادة من العذراء القديسة مريم.

  2. أن يكون الشفيع بلا خطية. فلو ارتكب هو خطية لاحتاج إلى شفيع. وكانت التوراة تتطلَّب أن تكون الذبيحة الكفارية بلا عيب. وهذا رمز للمسيح الكامل - فمن المستحيل أن يكون المخلص من الخطية خاطئاً، أو أن يكون مصدر القداسة محتاجاً إلى تقديس. وقد جاء المسيح بدون خطية (عب 4: 15، 7: 26، 1 بطرس 2: 22). وهو الوحيد الذي ينطبق عليه هذا الشرط.

  3. أن يكون الشفيع إلهاً - فلا ينزع الخطية إلا من هو أعظم من مخلوق، والمسيح قدم نفسه ذبيحة مرة واحدة، فأكمل إلى الأبد من يضعون ثقتهم فيه وفي فدائه (عب 7: 27 ، 9: 26). لا بد إذاً من شخص إلهي يبيد سلطان إبليس وينقذ البشر الذين أسرهم، وهذا لا ينطبق إلا على المسيح، صاحب الشفاعة الكفارية.

وقد أعلن إمام الصابرين أيوب عن حاجته إلى وسيط بينه وبين الله، فقال: «لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا!» (أيوب 9: 33) - فمن ذا الذي يستطيع أن يضع يد الإنسان في يد الله إلا إنسان وإله في الوقت نفسه، لأنه يمثِّل في ذاته الطبيعتين الإلهية والإنسانية؟ والمسيح وحده هو الله الذي ظهر في الجسد (1 تيموثاوس 3: 16).

فالمسيح شفيعنا بحقّ شخصه الفريد...

وبحق عمله الكفاري، إذ سدَّد دَيْن خطيتنا وعقوبتها على صليبه. فعندما تطالبنا السماء بدفع أجرة خطيتنا، يشفع المسيح في من يلجأون إليه بحقّ أنه دفع العقوبة عنهم وحملها بدلاً منهم، كما قال يوحنا المعمدان عنه: «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ» (يوحنا 1: 29، 36).

والمسيح إذاً هو الشفيع الفريد، الحي في كل حين، الذي ارتفع إلى السماء للشفاعة فينا.

7 - المسيح فريد في ارتفاعه ثم في الوعد بمجيئه ثانية لعالمنا:

الوحيد الذي مات وقام، وارتفع إلى السماء، مع وعد مجيئه ثانية إلى أرضنا هو السيد المسيح. وهناك حوادث تسبق هذا المجيء، هي:

(1) انتشار الإنجيل في كل العالم، ودعوة الأمم كلها للانضمام للمسيحية.

(2) رجوع اليهود للمسيحية وانضمامهم للكنيسة، بعد طول شتات.

(3) حدوث ارتداد عظيم في المسيحية وظهور «ضد المسيح»، وإبادته.

ويصاحب مجيء المسيح ثانية القيامة، والدينونة الأخيرة، ونهاية العالم، وظهور ملكوت المسيح في كماله، ودخول الكنيسة إلى أمجادها السماوية.

وكما كان مجيء المسيح إلى أرضنا منظوراً وشخصياً، هكذا سيكون مجيئه ثانية، فتنوح عليه جميع قبائل الأرض، بين نائح على ضياع فرصة نجاته، ونائح لشدَّة فرحه (رؤيا 20: 12) ويقول الأشرار للجبال: اسقُطي علينا واخفينا (رؤيا 6: 16) ويُخطَف المؤمنون في السحاب لملاقاة الرب في الهواء (1 تسالونيكي 4: 17) وتهرب السماء والأرض من أمامه (رؤيا 20: 11).

ومجيئه ثانية أمر يستحق أن ينتظره محبوه ويطلبوه بكل قلوبهم. أما موعد مجيء المسيح ثانية فلا يعلمه أحد، ولا يستطيع أن يحدده، وهذا يفرض على محبي المسيح الاستعداد الدائم لهذا المجيء المجيد (متى 25: 1-13).

والآن...

ما هو موقفك من المسيح الفريد؟

هل تؤمن به كما أعلنه الإنجيل المقدس، كالرب والفادي والمخلِّص؟

إنه يقدم لك الوعد بمغفرة خطاياك، ويضمن لك الحياة الأبدية، ويمنحك التغيير الكامل في الحياة - فليعطك الرب أن تختبره كما حدث مع عشرات الذين ذكروا اختباراتهم الروحية في هذا الكتاب، لتنضمَّ لجماعة الذين تمتعوا بخلاص المسيح، الذين يصفهم الإنجيل بالقول: «أَمَّا كُلُّ ٱلَّذِينَ قَبِلُوهُ (المسيح) فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ ٱللّٰهِ، أَيِ ٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ... بَلْ مِنَ ٱللّٰهِ» (يوحنا 1: 12،13).

مراجع الكتاب

  1. Bernard Ramm, Protestant Christians Evidences, Moody Press.

  2. Kenneth Latourette, Anno Domini, Harper and Brothers.

  3. Paul E. Little, Know why you Believe, Scripture Press Publications.

  4. Robert O. Ferme, The Psychology of Christian Conversion, Fleming Revell.

  5. E.Y. Mullins, why is Christianity True Christian Culture Press.

  6. "The Roots of Religion" Pastoral Psychology, Vol. V, No. 43 , April 1954.

  7. James Adair and Ted Miller (eds) We Found owr way out, Baker Book House.

  8. "A Scientific Approach" Decision, November 1966.

  9. "On Patrol For God" (Tract) Oradell, American Tract Society.

  10. Arthur Blessitt, Turned on to Jesus, Hawthrone Books, Inc.

  11. Clyde H. Dennis, These Live on, Good News Publishers.

  12. "Journey's End" (Tract), Oradell, American Tract Society.

  13. E. Stamley Jones, Conversion, Abingdon Press.

  14. "Football Was The Name of the Game" (Tract), Oradell, A.T.S.

  15. "My Most Important Decision" (Tract) A.T.S.

  16. Stan Smith, "The way of Playing" Guideposts, 1972.

  17. "World Record Holders" (Tract), Oradell, A.T.S.

  18. "Bobby Richardson Day" (Tract), Oradell, A.T.S.

  19. Camburn, Terry, Collegiate Challenge, Vol. 3, No. 2.

  20. Ginny Wells, "More Worth Than A Billion" Moody Monthly, June 1972.

  21. Charles Schulz, Collegiate Challenge, Vol. 4, No. 3.

  22. Eugenia Price, "Personally Involvef and Transformed". Collegiate Challenge, Vol. 1, No. 4.

    Elmer E. W. Engstrom, "Christ and The Century of Change". Collegiate Challenge, Vol. 5, No. 2.

  23. David R, Enlow, Men Made New, Zondervan.

  24. Murray G. Faris, "Disease Free" Contact, Christian Business Men's Committee.

  25. Mark O. Hatfield, "Excellence The Christian Standarad" Collegiate Challenge, Vol. 4, No. 3.

  26. Charles Malik, "Hope fir a World in Crisis" Collegiate Challenge, Vol. 7, No. 2.

  27. Charles H. Penn "A Blighted Life can be Changed" Contact.

  28. Bill Bright, "Jesus and The Intellectual", Campus Crusade for Christ International.

  29. James C. Hefley, Living Miracles. Zondervan.

  30. Nicky Crus. Run Baby Run. Logos Books.

  31. James Adair, Saints Alive, Van kampen Press.

  32. "She Was An Athiest Until She Met a God of Love" Pray World Literature Crusade, February1969.

  33. "japanese Feudal Lord Finds the Answer", Collegiate Challenge, Vol. 1, No. 8.

  34. " 3 Steps From Darkness" (Tract) South American Mission.

  35. "How june Poitras Found God" Indian Life Vol. 6 , No. 2.

  36. Jan Chlcicky, My Last Days as a Communist" Guideposts, 1971.

  37. "What is Happiness for a Vietnammesse Tribesman " Wycliffe Bible Translators.

  38. Collegiate Challenge International Issue, Vol. 11, No. 2.

  39. "But You Don't Like Too Jewish" (Pammphlet) The Messianic Jewish Movement.

  40. S. Estborn, Gripped By Christ. Lutterworth Press.

  41. Sadhu Sunder Singh. With and Without Christ, Harper and Row.

  42. Earle Albert Rowell, Prophecy Speaks, Review and Herald.

  43. Frank Morison, Who Moved The Stone , Faber and Faber.

  44. Moody Alummi Martyrs" Chicago, Moody Binle Isytitute.

  45. C. S. Lewis, Mere Christianity, Macmillan.

  46. Walter C. Erdman, More Sources of Power in Famous Lives, Cokesbury Press.

  47. Family Treasury of Great Biographies, Reader's Digest Association, 1970.

  48. Richard Wurmbrand, Torture fir Christ, Diane Books.

  49. Rachel Saint, "Ten Years After the Massacre" Decision, January, 1966.

  50. John Gon Kim, Campus Crusade for Christ International.

مسابقة الكتاب

إن جاوبت إجابة صحيحة على الأسئلة العشرين التالية، نرسل لك جائزة من مطبوعاتنا. لا تنس كتابة اسمك واضحا وعنوانك كاملاً، على ورقة الإجابة وليس علىالمظروف الخارجي.

  1. كيف نكون مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذي فينا؟

  2. اكتب آيتين توضحان أن الإيمان المسيحي إيمان واعٍ وليس إيماناً أعمى.

  3. لماذا يرفض الناس قبول المسيح مخلصا وفادياً؟

  4. اشرح كيف أن يسوع المسيح هو النقطة المركزية في الاختبار المسيحي؟

  5. اكتب ملخصا لاختبار المسيحي الأرثوذكسي اللبناني الدكتور شارل مالك (اختبار رقم 21).

  6. اكتب ملخصا للاختبار رقم 32 لمؤمن من تشيكوسلوفاكيا.

  7. اكتب ملخصا لاختبار المؤمن المصري (رقم 35).

  8. ما الذي جعل الصادهو سندر سنغ يقبل خلاص المسيح؟ (اختبار رقم 47).

  9. ما الذي أثر في جيوفاني بابيني الإيطالي ليقبل المسيح المخلص؟ (اختبار رقم 53).

  10. ما هو برهان تغيير حياة جوش مكدويل كما تراه في ملحق رقم 1؟

  11. اكتب المبادئ الروحية الأربعة، مع آية تبرهن كل مبدأ منها. (ملحق 2).

  12. اذكر أربعة أشياء لا يقدر إلا المسيح أن يقوم بها. (ملحق 3).

  13. كيف يضمن المسيح زواجاً ناجحاً؟

  14. في ملحق 4 تعريف للاختبار المسيحي «ليس مجرد... لكنه... وهي خطوة...». اكتب التعريف كاملاً.

  15. قدم ملحق 4 خمسة أمور يتفرد بها الاختبار المسيحي. اذكرها.

  16. اذكر ثلاثة أشياء يتفرد بها المسيح في ميلاده.

  17. اذكر ثلاثة أشياء يتفرد بها المسيح في تعليمه.

  18. كيف تفرد المسيح ولا يزال يتفرد في معجزاته؟

  19. ما هي شروط الشفاعة الكفارية، وكيف تحققت في المسيح؟

  20. ما هي الأحداث التي تسبق مجيء المسيح ثانية؟

عنواننا:


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D-70007
Stuttgart
Germany