العودة الى الصفحة السابقة
نساء في الكتاب المقدس

نساء في الكتاب المقدس

المرأة السامرية ومريم المجدلية

دورا بك


Bibliography

نساء في الكتاب المقدس: المرأة السامرية ومريم المجدلية. دورا بك. Copyright © 2007 All rights reserved Call of Hope. . . SPB 7387 ARA. English title: The Samaritan Woman and Mary Of Magdala. German title: Die Samaritische Frau und Maria Von Magdala. Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D - 70007 Stuttgart Germany http://www.call-of-hope.com .

المرأة السامرية ومريم المجدلية

المرأة السامرية

يوحنا 4: 4-26، 39-42

مشيت في الطريق الوعر ببطئ وخلفي موطني سوخار في السامرة. كانت الساعة الثانية عشرة ظهراً. والشمس تشع عالياً في السماء الصافية. وفي الواقع فقد كان من غير المعتاد أن يذهب الإنسان إلى البئر في حرّ النهار. كانت نساء سوخار يذهبن عادة في برودة الصباح أو عند المساء إلى البئر لاستقاء الماء. كم كنت أود وبكل سرور أن أنضمّ إليهنّ ولكنهنّ احتقرنني ودعونني سطحية وداعرة. لم يكنّ على خطأ! ولكنّ أحداً لم يحس بفراغي الداخلي وشوقي العميق إلى العطف الحقيقي والمحبة. كثيراً ما حاولت أن أهدئ شوقي إلى حياة معقولة وحظ عند الناس ولكن لطالما خاب ظني جداً في كل مرة. وهكذا انعزلت عن الناس أكثر فأكثر وانسحبت من العلانية. وكعادتي ذهبت إلى بئر يعقوب لوحدي في ذلك اليوم الذي لا أنساه ودون أن يراني أحد.

رأيت من بعيد شبحاً آدمياً جالساً على حافة البئر. ولما اقتربت منه عرفت أنه يهودي. كان له هدب على ردائه مما أثبت لي ذلك. ولكن ماذا يريد هذا الرجل هنا؟ من الطبيعي أن اليهود يتجنبوننا نحن السامريين. لم يريدوا أن يتعاملوا معنا ولا يهودي اجتاز السامرة إذ داروا كلهم حول أرضنا. نظرت إليه بعين الريبة. وهو لا والله كذلك. وبطبيعة الحال بدأ حديثاً معي قائلا: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ» (يوحنا 4: 7). لم تكن طلبته طبيعية إطلاقاً! فوجئت كلياً إذ لم يُسمع من قبل أن يهودياً طلب شيئاً من سامري وخاصة من امرأة. لهذا السبب أجبته تلقائياً: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ، وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا ٱمْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» (يوحنا 4: 8).

غير أن هذا الرجل الجالس أمامي لم يكن يطابق تصوراتي عنه حتى الآن. تكلم وكأن النزاع بين اليهود والسامريين لا يعنيه شيئاً، وكأني لست سامرية وهو ليس يهودياً. كان مستحيلاً بحسب تعليم اليهود أن يضع وعائي على شفتيه. ولكن هذا الرجل الغير عادي لم ينفر متراجعاً بواسطة اعتراضاتي المريبة. وبلطف استطرد كلامه قائلاً: «لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ ٱللّٰهِ، وَمَنْ هُوَ ٱلَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً» (يوحنا 4: 10).

لم تكن كلماته لي مفهومة تماماً. ألم يطلب مني ماء ليشرب؟ والآن عليّ أنا أن أطلب منه ماء. مَن هو حقاً حتى يقدر أن يقول قولاً عظيماً! يريد أن يعطيني ماء ولا دلو لديه! من أين يعطيني ماء الحياة؟ هذا أمر مرغوب فيه ولكنه مستحيل عملياً. وفي غير لُبس ولا إبهام وبكل تأكيد قلت له: «يَا سَيِّدُ، لاَ دَلْوَ لَكَ وَٱلْبِئْرُ عَمِيقَةٌ. فَمِنْ أَيْنَ لَكَ ٱلْمَاءُ ٱلْحَيُّ؟ أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا يَعْقُوبَ، ٱلَّذِي أَعْطَانَا ٱلْبِئْرَ، وَشَرِبَ مِنْهَا هُوَ وَبَنُوهُ وَمَوَاشِيهِ؟» (يوحنا 4: 11 و12).

نظرت إليه بتشوق منتظرة حقي عليه بالجواب. أكان هو بالفعل أعظم من أبينا الأول يعقوب الذي أكرمناه جداً نحن في السامرة وبحسب توقعي فقد كان عليه في الواقع أن يجيبني بلا، ولكن مع ذلك شعرت أن هذا الرجل ادّعى حقاً أن يكون أعظم من يعقوب. وبينما أنا في هذه الدوامة من الأفكار إذ به ينتزعني منها قائلاً: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هٰذَا ٱلْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضاً. وَلٰكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ ٱلْمَاءِ ٱلَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى ٱلأَبَدِ، بَلِ ٱلْمَاءُ ٱلَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ» (يوحنا 4: 13 و14).

لن يعطش إلى الأبد! آه كم تتوق نفسي إلى هذا الماء! لو كان هذا الماء موجوداً في كل يوم في وقت الظهر لكنت أستقي منه لأروي ظمأي؟ ما أقصر وقت الانتعاش، سرعان ما شعرت بالعطش. لن يعطش إلى الأبد! هل يقدر ماء الحياة المعروض عليّ حقاً أن يروي ظمأ حياتي؟ أن يروي ظمأي إلى الأبد؟ بدأت أفكر قليلاً بعظمة هذا الرجل. إنه حسن بأن لا أعيش فيما بعد هذه الحياة الغير المجدية الخاوية. إن كان هذا الرجل قادر أن يغيّر هذه الحياة الخاوية وإن كان له هذا الماء الذي يروي ظمأي إلى الأبد فإني أريد هذا الماء. وضعت ثقتي في هذا الرجل وطلبت منه بقلب مشتاق: «يَا سَيِّدُ أَعْطِنِي هٰذَا ٱلْمَاءَ، لِكَيْ لاَ أَعْطَشَ وَلاَ آتِيَ إِلَى هُنَا لأَسْتَقِيَ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ٱذْهَبِي وَٱدْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى هٰهُنَا» (يوحنا 4: 15 و16). هذا القول أصاب قلبي كالسهم. عرف هذا الرجل عن بؤسي، عن ماضيّ الخاطئ؟ ولكن ماذا يهمه كل اضطراب حياتي؟ كلا، لم أكن مستعدة أن أقر له بذنبي، بكل أدران حياتي. عرض عليّ تحقيق فحوى حياتي وهذا ما كنت أريده بكل سرور. لهذا السبب تجرأت وأجبته بارتياح: «لَيْسَ لِي زَوْجٌ» (يوحنا 4: 17). فأجاب السيد: «حَسَناً قُلْتِ لَيْسَ لِي زَوْجٌ، لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ، وَٱلَّذِي لَكِ ٱلآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هٰذَا قُلْتِ بِٱلصِّدْقِ» (يوحنا 4: 17 و18).

شعرت فجأة بأني عُرفت وانكشف له سري. لقد عرف هذا الرجل كل أفكاري ورغباتي منذ صباي لأنه في قولي: لست متزوجة، ليس لي زوج. كان كل ألم حياتي. وبعد خمس زيجات فاشلة عشت بدون زواج مع رجل هو ليس زوجي. لم أستطع هنا ولا في أي مكان أن أجد وطناً ولا من يروي عطشي الداخلي. غرقت أكثر فأكثر في الذنب والخطية. والآن فهمت لماذا كنت عطشى في عيني هذا الرجل وبحاجة إلى الماء الحي. كانت هذه هي اللحظة التي فيها عرفت نفسي وعرفني الرجل الجالس أمامي. كان أكثر من رجل غير عادي وبغاية اللطف. كان مرسلاً من الله الذي انكشف له سر حياتي كلياً.

كان بمقدوره أن يجيبني على أسئلتي التي كانت تحز في قلبي. فإلى أين أذهب إن كنت أريد التحرر من ذنبي الذي عُرف؟ وهكذا قلت له: «يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ!» أتقدر أن تجيبني على هذا السؤال؟ «آبَاؤُنَا سَجَدُوا (لله) فِي هٰذَا ٱلْجَبَلِ» مشيرة إلى جبل جرزيم الذي كان أمام عينينا مباشرة واستطرت قائلة: «وَأَنْتُمْ (أيها اليهود) تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ ٱلْمَوْضِعَ ٱلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ» (يوحنا 4: 19 و20).

نظر السيد إليّ وإلى سؤالي بعين الجد! رأى شوقي إلى لقاء حقيقي مع الله المُحيي. مع إله غفر ذنوبي وجدّد حياتي. لهذا السبب أجاب: «يَا ٱمْرَأَةُ، صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ، لاَ فِي هٰذَا ٱلْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ» (يوحنا 4: 21). فجأة عرفت أن اللقاء المنشود مع الله يتم في أي مكان. فالسجود لله ليس محصوراً ببيت معيّن. أضاف السيد مفسراً بقوله: «وَلٰكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ ٱلآنَ، حِينَ ٱلسَّاجِدُونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِٱلرُّوحِ وَٱلْحَقِّ، لأَنَّ ٱلآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هٰؤُلاَءِ ٱلسَّاجِدِينَ لَهُ. اَللّٰهُ رُوحٌ. وَٱلَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِٱلرُّوحِ وَٱلْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا» (يوحنا 4: 23 و24).

وفي الحقيقة فإنه ليس من المهم أين أسجد بل «كيف أسجد» بالروح والحق! عرفت أن الكلمات المسموعة تفوق كل الكلمات التي سمعتها حتى الآن وفي واقع الأمر فإن هذا كله يتحقق عندما يأتي مسيّا الموعود به. وهكذا قلت له: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا، ٱلَّذِي يُقَالُ لَهُ ٱلْمَسِيحُ، يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ» (يوحنا 4: 25).

كثيراً ما خطر في قلبي وفي أفكاري السؤال حول مجيء المسيّا. والكلمات هذه التي سمعتها الآن ذكرتني فوراً بمواعيد المسيّا المعروفة لديّ. وبالكاد تجرأت أن أفكر إن كان هذا الإنسان الواقف أمامي هو المسيّا؟ لن أنسى هذا التغيير الجذري في حياتي! فالذي تكلم معي بكلمات غريبة ووعدني بالماء الحيّ أعلن لي أنه ذاك الذي كان في الواقع. وقال: «أَنَا ٱلَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ» أنا هو المسيّا (يوحنا 4: 26). اكتنفي فرح عظيم لم أعرفه من قبل. فأنا تقابلت شخصياً مع المسيّا يسوع المسيح. هو الذي عرفني بذنبي كله ولم يرفضني. أعطاني بواسطته الماء الحي. ظهر لي أنا المرأة الهالكة بواسطة لطف الله، هل أعطش بعد أو أعود وأعطش؟ كلا! وهكذا فقد ملأ قلبي شكر عميق إذ أصبحت إنساناً متغيراً كلياً!

انقطع الحديث مع يسوع فجأة عندما عاد تلاميذه من ابتياع الطعام من المدينة. وها هم يرمقونني بنظرات استغراب لأنهم وجدوني في حديث مع يسوع. ولكن هذه النظرات لم تزعجني بتاتاً. وكذلك لم أكن حزينة لأن الحديث مع يسوع وجد نهايته. اتخذت أفكاري اتجاهاً جديداً أساسياً. ودون وعي تركت جرّتي عند البئر ومضيت إلى سكان ضيعتي لأقول لهم ماذا اختبرت وماذا وجدت في يسوع. فكل خجل منهم ذهب أدراج الرياح. كان مطلبي أن أعرّفهم بيسوع. لم أقدر أن أحتفظ بهذا الأمر المفرح الذي اختبرته بواسطة محبته الغافرة لنفسي لهذا السبب أسرعت بقدر إمكاني إلى سوخار وأخبرت كل من قابلته والفرح يعمني «هَلُمُّوا ٱنْظُرُوا إِنْسَاناً قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هٰذَا هُوَ ٱلْمَسِيحُ؟» (يوحنا 4: 29).

دُهشت جداً عندما رأيت تأثير رسالتي القوية. لقد أعطى الله كلماتي كما يظهر سلطة مخوّلة. فاعترافي الحرّ والصريح بخطاياي دون تجميلها أو إنكارها أثرّ في الجميع تأثيراً ملحوظاً.

خرج الناس مستطلعين الخبر من المدينة. أرادوا أن يروا هذا الرجل الذي غيّر امرأة مثلي كلياً. أرادوا أن يروا بأنفسهم ويتحققوا إن كان هذا الرجل بالفعل المسيح، المسيّا. ومن العجب أن كثيرين آمنوا بيسوع قبل أن يروه، بسبب شهادتي فقط.

فلما تقابلوا مع يسوع عند بئر يعقوب طلبوا إليه أن يمكث عندهم. شعروا بأنه لم ينته من تعليمه الآن. أرادوا أن يسمعوا منه المزيد وقد كان للكثيرين منهم أحاديثهم معه. كان فرحي لا يوصف عندما قبل يسوع دعوتهم ومكث يومين في سوخار. في هذا الوقت القصير حدث شيء مدهش إذ قُبلت كلمات يسوع مع الشكر. وثبت لي بملء الفرح أن الكثيرين من سوخار دخلوا في علاقة مباشرة وشخصية مع يسوع الرب الذي أصبح محور ومعنى حياتهم. وهذا ما شهدوا به لي بكلماتهم التالية: «إِنَّنَا لَسْنَا بَعْدُ بِسَبَبِ كَلاَمِكِ نُؤْمِنُ، لأَنَّنَا نَحْنُ قَدْ سَمِعْنَا وَنَعْلَمُ أَنَّ هٰذَا هُوَ بِٱلْحَقِيقَةِ ٱلْمَسِيحُ مُخَلِّصُ ٱلْعَالَمِ» (يوحنا 4: 42). كم سررت لهذه الشهادة. لأن إيماناً كاملاً وثابتاً يتكوّن فقط ليس من حديث الناس بل بواسطة كلمة الله في لقاء شخصي مع يسوع. ولأن الكثيرين من سوخار اختبروا يسوع كحقيقة كاملة في حياتهم قدروا أن يشهدوا: «بأنه حقاً مخلص العالم!» أصبح يسوع مخلّصهم ومخلّصي، ولكن أيضاً مخلّص العالم بدون استنثاء. يسوع هو لكل واحد كما هو لي. وهكذا قدرت أن أسجد مندهشة كيف أن الله بدأ عمله فيّ أنا المرأة الخاطئة التي تبعث الحزن والأسى في النفوس. بمحبته العظيمة ونعمته دعاني ودعا كثيرين من أهالي سوخار لاتّباعه. وها هو يدعوك أيضاً!

مسابقة «المرأة السامرية»

عزيزي القارئ،

نرجو أن تكون قد استمتعت بقراءة هذا الكتيّب، لذلك نأمل بالإجابة على الأسئلة التالية مع كتابة اسمك وعنوانك الكاملين وبخطٍ واضح:

  1. لماذا ذهبت المرأة السامرية لتستقي ماء في حرّ الظهر الشديد؟

  2. لماذا كانت طلبة يسوع: «أعطني لأشرب» غير طبيعية بأي حال من الأحوال؟

  3. ما هو الفرق بين الماء الذي قدرت المرأة أن تعطيه ليسوع والماء الذي عرضه يسوع على المرأة؟

  4. لماذا كان ضرورياً لأن يقول يسوع: «اذهبي وادعي زوجك»؟

  5. من كان يسوع حقاً؟

  6. ماذا سبب التحول في حياة المرأة السامرية؟

  7. كيف أصبحت المرأة السامرية مبشرة؟

  8. بماذا شهد الكثيرون من أهالي سوخار؟

  9. كيف جئت أنت إلى الاقتناع بأن يسوع مخلصك؟

مريم المجدلية

لوقا 8: 1 و2، مرقس 15: 47 متّى 28: 1، يوحنا 20: 1-18

كان قراري ثابتاً: أين يذهب أذهب معه. وأين يمكث أمكث معه. كان أصدقائي وأقاربي من مجدل يتوقعون تحوّل قصدي. ولكن أحداً ولا شيئاً قدر أن يمنعني عن اتباع ذاك الذي غيّر مجرى حياتي كلياً. كذلك أموالي التي يسّرت أمور حياتي. فبالرغم من كل غناي قاسيت من مصيري البائس وعذابي القاسي إذ أصابني مسٌّ رهيب من الشيطان، سبعة أرواح شريرة امتلكتني ومزقت حياتي. كنت امرأة يُرثى لها. كان الشيطان مسيطراً عليّ كلياً. لم أكن سيدة نفسي بل كنت مقيدة كلياً ومستعبدة لقوات الظلمة التي سكنت فيّ. ثم جاء اليوم الذي لن أنساه. جاء يسوع إلى مجدل التي تبعد خمس كيلومترات فقط عن كفرناحوم. هنا في مسقط رأسي قابلني. رأى بؤسي وتحنن عليّ طارداً مني الأرواح الشريرة. وأصبحت بقوة كلمته متحررة مسرورة بعد أن زال القلق عن نفسي. وبواسطة هذا التحرر اختبرت حياتي تغيراً كلياً. شكر عميق ربطني بيسوع. لم أرد أن أخدمه بأموالي فحسب بل أردته أن يكون سيّد حياتي. أريد أن أتبعه وحده ولا أخسره. نفسي بالقرب منه تشعر في أمان ضد تهجمات العدو. وبحسب التجربة أقدر أن أشهد قائلة: «يسوع أكثر وأعظم من كل سلطة شيطانية. فقط تحت حمايته وبالقرب منه استطعت أن أتطلع بأمان إلى المستقبل».

وهكذا التحقت بفريق من النساء كنّ شفين مثلي بواسطة يسوع. إن مالنا لم يمكننا أن نخدم يسوع وتلاميذه وفضّلنا السير معهم من الجليل إلى قرى ومدن كثيرة. وفي كل مكان حلّ فيه يسوع كان يكزر ببشارة ملكوت الله. أناس كثيرون اختبروا مثلي شفاء الجسد والنفس والروح. وهذا الاختبار جعلني أرى كل ما هو في غنى عنه شيئاً ضئيلاً. هو الذي أنقذني من الظلمة إلى نوره العجيب وهو وحده يضمن حياتي مهما كلفني الأمر. ولكني لم أدرك آنذاك أن اتباع يسوع قد يعني لي ساعات حرجة ومخيفة.

أخبر يسوع تلاميذه في الرحلة الطويلة من الجليل إلى أورشليم عمّا سيحدث له في أورشليم. أسئلة مخيفة حزّت في قلبي. ثم جاء عبور يسوع الظافر الغير متوقّع إلى أورشليم. بحماس اشتركت مع الجمهور في نشيد «الهوشيعانا». أجل، يسوع يجب أن يكون سيدي وملكي، أردت أن أطيعه وأخدمه. ولكن بعد أيام قليلة هتف الجمهور المهيّج عليه: «اصلبه اصلبه، خذه».

يا له من منظر مخيف أن أرى معلمي الحبيب بعد إجراء المحاكمة يحمل صليبه وهو منهوك القوى الجسدية. لماذا هذا كله؟ لماذا لم يساعد نفسه. له السلطان أن يفعل ذلك!

لم يكن من السهل الذهاب مع يسوع في ذلك اليوم، والمكوث إلى جانبه. كان من الهين إلقاء القبض علينا. هرب كل التلاميذ ما عدا يوحنا عندما صُلب يسوع. تجرأ أن يبقى قرب الصليب مع مريم أم يسوع وأختها ومريم أم يعقوب. كان مغلوباً على أمرنا والدموع في أعيننا. اضطررنا أن نرى يسوع يتعذب، وقد طُعن بالرمح في جنبه، شاهدنا كيف اكفهرت السماء وتزلزلت الأرض. اعتراني خوف ففزع. ولكني بقيت قرب يسوع مع الآخرين حتى صرخ: «قد أكمل».

لم يكن بإمكاني العودة إلى البيت. وجب عليّ وأردت أن أبقى مع يسوع. وكذلك مريم أم يعقوب. وهكذا رأينا نحن الاثنتين في أي قبر وضع يوسف الرامي ونيقوديموس جسد يسوع. ملأ قلبي حزن عميق واضطراب ويأس. انتهى كل شيء! مات يسوع ودُفن. ذهب عنا ولم يعد يسمعنا ولا ينفعنا. كيف أحيا بدونه؟! بقيت لديّ فقط ذكريات تذكرتها بملء الفخر والمحبة والألم. من يعزّيني؟ وما أحزننا أننا في تلك الليلة لم نقدر أن نفعل شيئاً لجسد يسوع. فريضة السبت التي أوجبتنا أن نمكث في البيت صامتين. وفي مساء الليل بعد انتهاء السبت لم نجرؤ نحن النساء الذهاب إلى القبر. وعلى كل حال فقد اشترينا زيوتاً وحنوطاً لندهن بها جسد الميت.

وفي صباح الأحد الباكر وقبل أن ينقشع الظلام قدرنا أن نذهب إلى القبر. لم نفكر في البيت بأي شيء سوى برؤية الميت في القبر. أردنا أن نقوم بواجب خدمة المحبة الأخيرة وذلك بأن نحنط جسده بحنوط الأعشاب التي أحضرناها معنا. ولكن كلما اقتربنا من القبر كلما اتضح لنا صعوبة تنفيذ رغبتنا هذه. فتساءلنا بملء الهم: «كيف نقدر أن ندحرج الحجر الثقيل عن باب القبر؟». ويا للدهشة عندما رأينا أن الحجر كان قد دُحرج عن الباب؟ هذا ليس صحيحاً! نظرة خاطفة إلى داخل القبر حققت ظني: كان خالياً. ليس لنا إلا أن نذهب إلى التلاميذ. أنا أعلم أين نجدهم. أسرعت إلى مكانهم بكل قوتي وسرعتي ولم أجد سوى بطرس ويوحنا. فأخبرتهما والدهشة تثير وتهيّج ثورتي ومشاعري «أَخَذُوا ٱلسَّيِّدَ مِنَ ٱلْقَبْرِ وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ» (يوحنا 20: 2). لم أكن أفكر بالقيامة من الأموات. واستناداً إلى هذا النبأ المفزع أسرع التلميذان معي إلى القبر. أرادا أن يعرفا بالضبط ماذا حدث. لذلك أسرعا حتى أني لم أقدر أن ألحقهما.

وفي وقت لاحق وجدتهما واقفَين مذهولَين أمام القبر. وبعد وقت من الحيرة اقتنعا بأن القبر كان فارغاً وليست هنالك أدلة على دخول لصوص إلى القبر. لو أن لصوصاً سرقوه لما تركوا الكفن. كانت هذه موضوعة في القبر في مكانها. وسرعان ما ذهب التلميذان بعد ذلك مذهولين إلى المدينة.

أما أنا فوقفت وحدي مرتعبة باكية ومحتارة أمام القبر. حتى أن يوحنا لم يبق واقفاً في هذا المكان ولم يجد كلمة معزية أو مشجعة لي. لم أستطع ترك القبر بل وقفت خارجاً وحيدة حزينة. وبعد مدة من الزمن ألقيت نظرة باكية إلى داخل القبر. ورأيت بغتة ملاكين بثياب بيض جالسين في المكان الذي وضعوا يسوع فيه. جلس الواحد مكان رأس يسوع وجلس الآخر مكان رجليه. فسألاني: «يَا ٱمْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟» فأجبتهما بخوف: «إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ» (يوحنا 20: 13). وكان كل تفكيري يدور حول السؤال «أين يسوع؟ أين أجده؟» لا شيء ولا أحد قدر أن يعطيني جواباً على سؤالي حتى ولا الملاكين. وكأني بقوة غريبة التفتت إلى الوراء ورأيت إنساناً غريباً واقفاً بالقرب مني، فقلت في نفسي: هذا لا بد أن يكون البستاني وهو يعرف بلا شك أين وضعوا يسوع. وقبل أن أجرؤ على الكلام سألني هذا بكل لطف: «لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» (يوحنا 20: 15) من أطلب؟ كان واضحاً! لذلك أجبته دون تردد: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُهُ» (يوحنا 20: 15). وبعد ذلك سمعت اسمي: «مريم». لا أحد قدر أن يتفوه به بدفء وبسلطان سوى صوت واحد. وعلى الفور عرفت سيدي. وقعت عند رجليه بفرح لا يوصف وشكر عميق. وهتفت قائلة: «يا معلم»! ولم أقدر أن أتفوه بأكثر من ذلك. قبّلت رجليه على الفور وأردت أن أتمسك به. ولا شيء يجب أن يفرقني عنه. أما يسوع فلم يسمح بذلك بل قال لي: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي» (يوحنا 20: 17). بكل لطف أرادني أن أفهمه. قد قام من الأموات. ولكنه لا يعني أنه سيعود إلى الحياة السابقة مع تلاميذه. أراد أن يكون معهم وهو غير مقيّد بمكان أو بزمان. هذا فهمته بعد العنصرة بعد أن سكن الروح القدس في قلبي. بعد العنصرة أصبحت صلتي به أوثق وأصبحت أقرب منه من ذي قبل.

أما الآن فكان عليّ أن أفعل شيئاً أفضل من أن أبقى في صمت المشاعر المفرحة. وكلّفني يسوع بوكالة قائلاً لي: «ٱذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلٰهِي وَإِلٰهِكُمْ» (يوحنا 20: 17). بسرور اتخذت طريقي إلى المدينة. والآن سطع نور الشمس عليها وشعّ النور في عيوني وقلبي. ومن شدة سعادتي أحببت أن أبشر كل واحد: يسوع قد قام! يسوع حي! ماذا يقول التلاميذ عندما يعلمون أن يسوع يدعوهم «إخوة»؟ أولئك الذين تخلوا عنه! كم من المحبة والمغفرة في هذه الكلمة. ومغفرة يسوع هذه فعالة أمام الله لأنه مات من أجل ذنوب البشر وكذلك من أجل ذنوب التلاميذ ومن أجل ذنوبي. لذلك استطاع أن يقول لهم: «أبي وأبيكم إلهي وإلهكم».

استغربت كيف اختارني يسوع لأنقل البشارة إلى تلاميذه. وبنفس الوقت كنت شكورة لأن يسوع يحترمنا نحن النساء ويستخدمنا لنكون رسله. وهكذا أصبحت كأول شاهدة لقيامته أن أقول: «رأيت الرب وأنه قال لي هذا».

وأنا بدوري أريد أن أقول لك «الرب قام! إنه حي»! يريد يسوع أن يحيي فيك ويسكن في قلبك. إنك تقدر أن تجده، عندما تطلبه لأنه الحي وعندما تجده اذهب إلى إخوتك وأخواتك واشهد لهم قائلاً: إني وجدت الرب!

مسابقة «مريم المجدلية»

عزيزي القارئ،

نرجو أن تكون قد استمتعت بقراءة هذا الكتيّب، لذلك نأمل بالإجابة على الأسئلة التالية مع كتابة اسمك وعنوانك الكاملين وبخطٍ واضح:

  1. لماذا كانت مريم المجدلية امرأة يُرثى لها؟

  2. من غيّر مريم كلياً؟

  3. لماذا انضمت إلى النساء اللواتي كنّ مع يسوع؟

  4. لماذا ظهر لها أن كل ما هو في غنى عنه هو شيئاً ضئيلاً؟

  5. في أي وضع خطير صبرت مريم؟

  6. في أية حادثة كانت مريم شاهدة عيان؟

  7. بماذا عرفت مريم المقام من بين الأموات؟

  8. بماذا قدرت مريم أن تشهد؟

  9. هل تعرفت أنت على يسوع الحيّ؟


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D-70007
Stuttgart
Germany