العودة الى الصفحة السابقة
السبت أم الأحد؟

السبت أم الأحد؟

اسكندر جديد


Bibliography

السبت أم الأحد؟. اسكندر جديد. Copyright © 2006 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى. . SPB 4820ARA. English title: Saturday or Sunday. German title: Samstag oder Sonntag. Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

السؤال

أنا طالب في مدرسة الأدفنتست السبتية، وقد بذلوا جهداً لكي أنضم إلى جماعتهم، مستشهدين بعدة آيات، تتكلم عن حفظ يوم السبت. ولما سألت الكاهن أن يسدي إليّ النصح، اكتفى بالقول: نحن على حق. ولما كنت حائراً في أمري إلى درجة الجنون، أطلب إليك أن ترشدني.

أ. ح. س

الكورة - لبنان

هل عبودية الحرف أم حرية المسيح؟

منذ أكثر من ثلاثماية سنة، والمحاولات تُبذل لإخضاع كنيسة المسيح لحفظ السبت. ففي العام 1664 ظهرت جماعة من المجتهدين في تفسير الكتاب المقدس، سمّوا أنفسهم بالسبتيّين، نظراً لمناداتهم بحفظ السبت. ولكن بعد فترة من الزمن، أطلقوا على فرقتهم اسم «الأدفنتيست»، وذلك لكي يظهروا أنّ لها جذوراً في النبوات. ولكن هذا الاسم، الذي حرص أصحابه أن يكسب لهم صفة شرعية، لا يمكن أن يغير شيئاً من حقيقة كون السبتية رجوعاً إلى أركان اليهودية الضعيفة.

الواقع أنّ السبتية في تشبُّثها بحرفية السبت، ليس فقط تسلب من معتنقها الحرية التي اشتراها له المسيح بدمه، بل أيضاً تطلب منه بطريقة غير مباشرة الاعتقاد بأنّ ذبيحة المسيح، لا تكفي لخلاصه، إن لم يحفظ ناموس السبت. ولكن حفظ ناموس السبت هي محاولة إبطال لذبيحة المسيح، وتراجع عن ناموس روح الحياة في المسيح، الذي يعتق كل مؤمن به من ناموس الخطية والموت.

قال الرسول بولس: «إِنَّ ٱلْحَرْفَ يَقْتُلُ» (2كورنثوس 3: 6). وقد عبّر عنه بخدمة الموت وخدمة الدينونة، لأن لا دم كفارة فيه. فهو يدين المخالف، ولا يغفر له. ولكن شكراً لله لأجل خدمة الروح. فإنّ الروح يُحيي، وقد قال المسيح: «ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ» (يوحنا 6: 63) فكلام المسيح يهبنا حياة أبدية، هنا في الدنيا، وحياة أبدية في الآخرة.

لقد أنار الرب يسوع بقيامته الحياة والخلود، وأعلن أنّ عمله الخلاصي هو غاية الناموس، لأجل الذين يؤمنون. وأعطى عهد حياة نصرة وحرية وقداسة وحق. وهذا العهد هو ناموس روح الحياة، الذي أعتق كل من قبل خلاص الله في المسيح، من سلطة الخطية والموت. وتبعاً لذلك صار القول الرسولي: «لأَنَّهُ مَا كَانَ ٱلنَّامُوسُ عَاجِزاً عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفاً بِٱلْجَسَدِ، فَٱللّٰهُ إِذْ أَرْسَلَ ٱبْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ ٱلْخَطِيَّةِ، وَلأَجْلِ ٱلْخَطِيَّةِ، دَانَ ٱلْخَطِيَّةَ فِي ٱلْجَسَدِ، لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ ٱلنَّامُوسِ فِينَا، نَحْنُ ٱلسَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ ٱلْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ ٱلرُّوحِ» (رومية 8: 3 و4).

حين تأثر الغلاطيون بتعاليم بعض المعلمين من أصل يهودي، وأقاموا الفرائض الناموسية، حسب الرسول بولس تصرفهم نوعاً من الارتداد، إذ قال: «إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هٰكَذَا سَرِيعاً عَنِ ٱلَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ ٱلمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيلٍ آخَرَ. لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ ٱلْمَسِيحِ. وَلٰكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْناكُمْ، فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا» (غلاطية 1: 6-8)... «أَهٰكَذَا أَنْتُمْ أَغْبِيَاءُ! أَبَعْدَمَا ٱبْتَدَأْتُمْ بِٱلرُّوحِ تُكَمِّلُونَ ٱلآنَ بِٱلْجَسَدِ؟» (غلاطية 3: 3). «وَأَمَّا ٱلآنَ إِذْ عَرَفْتُمُ ٱللّٰهَ، بَلْ بِٱلْحَرِيِّ عُرفْتُمْ مِنَ ٱللّٰهِ، فَكَيْفَ تَرْجِعُونَ أَيْضاً إِلَى ٱلأَرْكَانِ ٱلضَّعِيفَةِ ٱلْفَقِيرَةِ ٱلَّتِي تُرِيدُونَ أَنْ تُسْتَعْبَدُوا لَهَا مِنْ جَدِيدٍ؟ أَتَحْفَظُونَ أَيَّاماً وَشُهُوراً وَأَوْقَاتاً وَسِنِينَ؟ أَخَافُ عَلَيْكُم أَنْ أَكُونَ قَدْ تَعِبْتُ فِيكُمْ عَبَثاً!» (غلاطية 4: 9-11).

«فَٱثْبُتُوا إِذاً فِي ٱلْحُرِّيَّةِ ٱلَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا ٱلْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضاً بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ... قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ ٱلْمَسِيحِ أَيُّهَا ٱلَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِٱلنَّامُوسِ. سَقَطْتُم مِنَ ٱلنِّعْمَةِ... كُنْتُمْ تَسْعَوْنَ حَسَناً. فَمَنْ صَدَّكُمْ حَتَّى لاَ تُطَاوِعُوا لِلْحَقِّ؟ هٰذِهِ ٱلْمُطَاوَعَةُ لَيْسَتْ مِنَ ٱلَّذِي دَعَاكُمْ» (غلاطية 5: 1-8).

الواقع أنّ السبتية هي ضد الحرية المجيدة التي اقتناها المسيح بدمه لجميع أولاد الله، وذلك وفقاً لنعمته المتفاضلة جداً.

التعليم الصحيح عن السبت

1 - الإنسان ويوم الراحة والسبت

كلمة سبت، تعني في العبرية، راحة توقف، عدم متابعة. وهذه الكلمة ذُكرت في الكتاب المقدس للمرة الأولى في سفر الخروج، الأصحاح 16 والعدد 23. وقد قالها موسى، مذكراً الشعب بأن اليوم يوم عطلة أمر به الرب، تذكاراً لحادث سابق لإعطاء الشريعة لموسى. وكل متأمل في العبارة، يرى أن الأمر، يتعلق بيوم راحة، وليس له صورة الفريضة الشرعية. ويقيناً أن كل من يقرأ الكتاب المقدس بانتباه، يلاحظ أن عبارة سبت، كانت تقترن فقط بتاريخ وعادات شعب إسرائيل. إذ نقرأ في سفر الخروج: «وَقَالَ ٱلرَّبُ لِمُوسَى: وَأَنْتَ تُكَلِّمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: سُبُوتِي تَحْفَظُونَهَا، لأَنَّهُ عَلاَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فِي أَجْيَالِكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي يُقَدِّسُكُمْ، فَتَحْفَظُونَ ٱلسَّبْتَ لأَنّهُ مُقَدَّسٌ لَكُمْ... فَيَحْفَظُ بَنُو إِسْرَائِيلَ ٱلسَّبْتَ لِيَصْنَعُوا ٱلسَّبْتَ فِي أَجْيَالِهِمْ عَهْداً أَبَدِيّاً. هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلاَمَةٌ إِلَى ٱلأَبَدِ» (خروج 31: 12-17).

ونقرأ في سفر اللاويين: «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: مَوَاسِمُ ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي فِيهَا تُنَادُونَ مَحَافِلَ مُقَدَّسَةً. هٰذِهِ هِيَ مَوَاسِمِي: سِتَّةَ أَيَّامٍ يُعْمَلُ عَمَلٌ، وَأَمَّا ٱلْيَوْمُ ٱلسَّابِعُ فَفِيهِ سَبْتُ عُطْلَةٍ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ» (لاويين 23: 1-3).

فالمتأمل في هذه الآيات، يلاحظ بوضوح أنّ حفظ السبت علامة بين شعب إسرائيل وبين إلههم، وأن لا علاقة للمسيحيين به، إلا من ناحية كونه يرمز إلى الراحة العظمى، التي أعدها الله بالمسيح يسوع.

وإذا عدنا إلى أقدم العهود التي دونت أحداثها في الكتب المقدسة، نلاحظ أن الله قبل أن يعطي الشريعة لموسى بأجيال عديدة، أي بعد انتهائه من عمل الخليقة، أفرز لنفسه يوم راحة، هو اليوم السابع لبدء الخليقة (تكوين 2: 2). ولكن وجود يوم راحة في كل سبعة أيام شيء، وسبت اليهود شيء آخر. فيوم الراحة حاجة جسدية ومعنوية بالنسبة للإنسان. وهو هبة من الخالق للمخلوق.

2 - حافظ السبت ملزم بكل الناموس الموسوي

فقد كتب الرسول يعقوب: «لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ ٱلنَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي ٱلْكُلِّ» (يعقوب 2: 10) بمعنى أن حافظ السبت، يصبح متعدياً، إن لم يختتن، ويمارس الذبائح والمحرقات والمحافل والأعياد، وكل ما يتخللها من نوافل، كانت تقام بأطعمة وأشربة وغسلات مختلقة وفرائض جسدية، والتي إقامتها، تستلزم قيام الكهنوت اللاوي، والعزوف عن اعتبار ذبيحة المسيح، إنها أكملت إلى الأبد كل المقدسين.

3 - حفظ السبت لا يقرب الإنسان من الله

لأنه جزء من ناموس الفرائض، التي قال الكتاب إنها لا يمكن من جهة الضمير أن تكمل الذي يخدم، وإنما كانت موضوعة إلى وقت الإصلاح. وإلى هذا الوقت كانت وظيفة الناموس، أن يظهر قداسة الله وعجز الإنسان التام، أمام ما يطلبه الله منه لتكميل كل بر. وأن يبين حاجته إلى وسيط صلح، وفقاً للقول الرسولي: «إِذاً قَدْ كَانَ ٱلنَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى ٱلْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِٱلإِيمَانِ» (غلاطية 3: 24). «وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا يَقُولُهُ ٱلنَّامُوسُ فَهُوَ يُكَلِمُ بِهِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّامُوسِ، لِكَيْ يَسْتَدَّ كُلُّ فَمٍ، وَيَصِيرَ كُلُّ ٱلْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ ٱللّٰهِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ ٱلنَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِٱلنَّامُوسِ مَعْرِفَة ٱلْخَطِيَّةِ. وَأَمَّا ٱلآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ ٱللّٰهِ بِدُونِ ٱلنَّامُوسِ، مَشْهُوداً لَهُ مِنَ ٱلنَّامُوسِ وَٱلأَنْبِيَاءِ، بِرُّ ٱللّٰهِ بِٱلإِيمَانِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ» (رومية 3: 19-22).

يقول الرسول بولس: إن الناموس مقدس والوصية مقدسة وعادلة وصالحة. أما الإنسان فهو خاطئ مبيع تحت الخطية (رومية 7: 12-14)، وإنما الناموس كشفه، وأظهر له عجزه التام عن إدراك البر الذي في الناموس، لكي يطرق باب النعمة المخلصة في المسيح يسوع. وهذا ما أعلنه الرسول، حين قال وأوجد فيه وليس لي بري الذي من الناموس.

في الواقع أنّ كلمة الله تؤكد صراحة عدم جدوى المحاولة، لنوال البر بواسطة أعمال الناموس. لا بل إنها تحسب محاولة حفظ الناموس غباوة (غلاطية 3: 1)، وطاعة لم يدعُ إليها الرب (غلاطية 5: 8)، وإبطال النعمة (غلاطية 5: 4)، وعدم إذعان للحق (غلاطية : 7)، وتحويلاً لإنجيل المسيح (غلاطية 1: 7)، ومحاولة لطمس بر الله، الذي ظهر بدون الناموس (رومية 3: 21). واعترافاً ضمنياً بعدم كفاية المسيح للقيام بعمل الفداء (عبرانيين 10: 14)، ووسيطاً لرتق الحجاب الذي شُقّ (متى 27: 51)، ووقوعاً تحت طائلة الأناثيما (غلاطية 1: 9).

المسيح والسبت

من المسلّم به لدى المسيحيين أنّ المسيح مصدر الوحي والإلهام لكتبة العهدين، القديم والجديد (1 بطرس 1: 10-12). وهو فوق الناموس، وأعظم من موسى، الذي به صار الناموس.

يقول الكتاب: «اَللّٰهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ ٱلآبَاءَ بِٱلأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هٰذِهِ ٱلأَيَّامِ ٱلأَخِيرَةِ فِي ٱبْنِهِ - ٱلَّذِي جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، ٱلَّذِي ِبهِ أَيْضاً عَمِلَ ٱلْعَالَمِينَ» (عبرانيين 1: 1 و2). فهذا الإله المتجسِّد، تصدَّى لناموس الفرائض بما فيها السبت.

اختار المسيح يوم السبت للعمل، مما أثار اليهود ضده، لأنه حسب فكرة اليهود نقض السبت مرات عديدة وذلك بقيامه بأعمال شفاء سجلها اليهود عليه، وأدرجوها في لائحة الاتهام حين قدموه للمحاكمة:

  • شفاء الذي كان فيه الروح النجس (لوقا 4: 31-37).

  • شفاء حماة بطرس من الحمى (متى 8: 14-17).

  • شفاء الإنسان الذي كانت يده يابسة (لوقا 6: 6-11).

  • شفاء المرأة المنحنية (لوقا 13: 10-17).

  • شفاء الإنسان المفلوج (لوقا 14: 1-6).

  • شفاء مقعد بيت حسدا (يوحنا 5: 6-16).

  • شفاء الشاب المولود أعمى (يوحنا 9: 1-41).

  • سماحه لتلاميذه بقطف السنابل يوم السبت (مرقس 2: 23-27).

والمسيح لم ينكر أنه أزال نير السبت، فقد قال لغلاة اليهود، الذين احتجوا عليه لكسره يوم السبت: أبي يعمل حتى الأن وأنا أعمل. ويقول البشير يوحنا: «فَمِنْ أَجْلِ هٰذَا كَانَ ٱلْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّه لَمْ يَنْقُضِ ٱلسَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ ٱللّٰهَ أَبُوهُ، مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِٱللّٰهِ» (يوحنا 5: 18).

قد يتذرع السبتيون بأن المسيح في حواره مع اليهود، أثبت لهم أنه يجوز فعل الخير في السبت، وتبعاً لذلك، لا يكون المسيح قد نقض السبت. ولكن ما قولهم في أمر المسيح لمقعد بيت حسدا: «قم واحمل سريرك وامش»؟ هل يسمح الناموس لأحد أن يحمل فراشه ويمشي في السبت؟ كلا! بدليل قول الفريسيين للمقعد الذي شُفي: «إنه سبت، لا يحل لك أن تحمل سريرك» وقد بنوا اعتراضهم على ما جاء في (خروج 20: 10 وإرميا 17: 21).

حين احتجّ الفريسيون عليه لسماحه لتلاميذه بقطف السنابل وفركها يوم السبت، رفض احتجاجهم قائلاً: «ٱلسَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ ٱلإِنْسَانِ، لاَ ٱلإِنْسَانُ لأَجْلِ ٱلسَّبْتِ» (مرقس 2: 27). وهذا معناه أنّ الإنسان، لم يفرض عليه أن يخدم السبت، على العكس فإنّ السبت جُعل لأجل راحة الإنسان، أي وُضع لكي يخدم الإنسان.

يخبرنا الكتاب العزيز أنه مع كون الأعمال قد أكملت منذ تأسيس العالم وأن الله دخل في راحته في اليوم السابع، إلا أن الناموس بما فيه حفظ السبت لم يستطع أن يوجد الراحة للبشر بسبب العصيان. لذلك يعين الله يوماً آخر للراحة، أي زماناً لراحة غير زمن راحته في اليوم السابع، وغير راحة الإسرائيليين في أرض كنعان. وبوحي من هذه الحقيقة قال رسول الأمم: «لأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَشُوعُ قَدْ أَرَاحَهُمْ لَمَا تَكَلَّمَ بَعْدَ ذٰلِكَ عَنْ يَوْمٍ آخَرَ» (عبرانيين 4: 8).

السبت والوصايا

حين نبحث عن رسم الوصايا العشر في العهد الجديد نجد في نصوصه ترديداً للوصايا الأدبية وفي قالب أقوى مثلاً على ذلك:

«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ ٱلْحُكْمِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ ٱلْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ ِأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ ٱلْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ» (متى 5: 21 و22).

«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى ٱمْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ» (متى 5: 27 و28).

«أَيْضاً سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا ٱلْبَتَّةَ... الخ» (متى 5: 33 و34).

أما وصيته بشأن حفظ السبت، فقد قال المسيح: «ٱلسَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ ٱلإِنْسَانِ، لاَ ٱلإِنْسَانُ لأَجْلِ ٱلسَّبْتِ» (مرقس 2: 27) وقال رسوله المغبوط بولس: «لاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَلٍ أَوْ سَبْتٍ» (كولوسي 2: 16) وهذا دليل على أن فريضة السبت، هي واحدة من التي رفعها المسيح من الوسط، مسمراً إياها على الصليب.

ولا ريب في أنّ الرسول الكريم أهاب بالمؤمنين، أن لا يدعوا أحداً يفرض عليهم مطاوعات ليست من الذي دعاهم، بما في ذلك نوافل اليهود وأعيادهم السنوية والشهرية والأسبوعية، التي يحاول البعض من أيام الرسل إلى يومنا هذا، أن يفرضوها على مختاي الله. أكرر أن المسيحيين غير مكلفين بحفظ مناسك اليهود، من أعياد وسبوت وأهلة، كانت تشير إلى أمور روحية متوقعة. فبعد أن أتى المشار إليه، زالت ظلالها. إذ لم يبق لها من نفع، بل إنها تصبح ضارة إذا اتكل الإنسان عليها.

لدى المسيحيين أسباب عديدة لحفظ الأحد، الذي هو يوم الرب العظيم منها:

قيامة المسيح وظهوره يوم الأحد

فمن الأمور المسلّم بها أن أعمال الله تجري وفقاً لمخطط معد منذ الأزل، بحيث لا يمكن أن يُقال إنها حدثت صدفة. وهذا ينطبق على قيامة المسيح. بمعنى أن الله قدس يوم الأحد، في أن أجرى خلاله حدثاً عظيماً، يعد حجر الزاوية في الإيمان المسيحي لأنه «إِنْ لَمْ يَكُنِ ٱلْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ» (1 كورنثوس 15: 17) هكذا قال رسول الجهاد بولس.

حلول الروح القدس يوم الأحد

من الثابت أن عصر الروح القدس بدأ في أحد العنصرة، اليوم الذي فيه دُشِّنت كنيسة المسيح. ولو أنّ للسبت هذه المكانة العجيبة الفائقة في التاريخ، كما تدَّعي جماعة السبتيين، لتمَّ هذا الحدث العظيم في السبت. ويقيناً أنه لرائع جداً أن تولد الكنيسة في يوم أحد، وينضم إليها نحو ثلاثة آلاف نفس (أعمال 2: 41).

إقامة العبادة الجمهورية يوم الأحد

فمنذ ولادتها بدأت الكنيسة تمارس عبادتها الجمهورية، وسر العشاء الرباني يوم الأحد. ولنا دليل على ذلك في ما كتبه لوقا عن الأخوة في ترواس، إذ يقول: «وَفِي أَّوَلِ ٱلأُسْبُوعِ إِذْ كَانَ ٱلتَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِيَكْسِرُوا خُبْزاً، خَاطَبَهُمْ بُولُسُ وَهُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَمْضِيَ فِي ٱلْغَدِ» (أعمال 20: 7). ولنا أن نتساءل لماذا حرص الترواسيون على ممارسة سر العشاء الرباني في يوم الأحد، وليس في السبت، مع العلم أنّ الرسول كان معهم كل أيام الاسبوع.

جمع العطايا في يوم الأحد

فالكتاب المقدس أخبرنا أنّ ظاهرة العطاء، كانت تمارس من بدء التاريخ المسيحي في يوم الأحد. وقد ذكّر الرسول المؤمنين بذلك، حين قال: «وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ ٱلْجَمْعِ لأَجْلِ ٱلْقِدِّيسِينَ فَكَمَا أَوْصَيْتُ كَنَائِسَ غَلاَطِيَّةَ هكَذَا ٱفْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضاً. فِي كُلِّ أَوَّلِ أُسْبُوعٍ لِيَضَعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عِنْدَهُ، خَازِناً مَا تَيَسَّرَ» (1 كورنثوس 16: 1 و2). فمتى علمنا أنّ العطاء بالنسبة للمؤمنين منذ أقدم العصور، هو قسم من العبادة، يتأكد لنا أنّ الكنيسة الرسولية كانت تحفظ يوم الأحد.

تسمية يوم الأحد بيوم الرب

فحين ظهر الرب يسوع ليوحنا في جزيرة بطمس، وأعطاه الرؤيا العظيمة، وحمَّله الرسائل إلى الكنائس السبع، كان ذلك في يوم أحد. فقال الرائي الملهم: كُنْتُ فِي ٱلرُّوحِ فِي يَوْمِ ٱلرَّبِّ (رؤيا 1: 10). وتعبير يوحنا هذا يكشف لنا عن أنّ الكنيسة الأولى، كانت تطلق على يوم الأحد اسم يوم الرب، لأنّه اليوم الذي قام فيه الرب.

شهادة آباء الكنيسة

ففي التاريخ سلسلة من شهادات الآباء المتوافرة عن تقديس يوم الأحد، منذ ولادة الكنيسة منها:

شهادة أغسطينوس، أسقف أنطاكية وتلميذ يوحنا الرسول، وشهادته تقول: كل من يحب المسيح فليقدس يوم الرب، ملك الأيام ويوم القيامة المرتفع على كل الأيام.

شهادة يوستين الشهيد، عام 150 م. قبيل استشهاده كتب دفاعه المشهور عن المسيحيين، الذي قال فيه: وفي يوم الأحد يكون اجتماعنا. لأنه اليوم العظيم، الذي فيه أزال الله الظلمة والتشويش، وخلق العالم. ولأن مخلصنا يسوع المسيح، قام فيه من الأموات.

شهادة ديونيسيوس، أسقف كورنثوس سنة 170 م. الذي قال: إننا نعرف يوم الرب المقدس من قراءة الكتاب المقدس.

شهادة أكليمندس، أسقف الاسكندرية سنة 194 م. فهذا الأسقف أفرد فصلاً كاملاً في كتابه السابع لشرح القوانين الخاصة بحفظ يوم الرب.

شهادة جستين، الذي قيل إنّه وُلد قبل وفاة الرسول يوحنا. فهذا المسيحي قال في كتاباته: إنَّ يوم الأحد هو اليوم الذي نعقد فيه اجتماع الشركة. لأنه اليوم الذي قام فيه ربنا ومخلصنا يسوع من الأموات.

شهادة العالم باردسيانوس، في رسالة بعث بها إلى الإمبراطور ماركوس أنثيوناس، والتي قال فيها: نحن الذين ندعو باسم المسيا نجتمع معاً في يوم واحد الذي هو أول الأسبوع.

شهادة إيرونيموس سنة 178، فقد كتب هذا المؤرخ، أن المسيحيين كانوا يتركون أعمالهم اليومية في يوم الأحد، مخصصين ساعاته للعبادة.

شهادة ترتليان، الذي قال: لقد اتضح أن حفظ السبت، كان وقتياً. لذلك نقدس يوم الأحد.

شهادة ميليتو، أسقف ساردس في القرن الثاني. فهو يقول في أحد مؤلفاته: إنّ هذه الشهادات التي جاءتنا من فجر المسيحية، تؤكد لنا أن المسيحيين منذ أيام الرسل عرفوا الأحد وتمسكوا به بكيفية ترتفع عن كل مجادلة ونزاع.

شهادة ترتليانوس الإفريقي، فقد جاء في الفصل السادس عشر من محاماته: نحن نحتفل باليوم الذي يلي السبت، خلافاً لأولئك الذين يدعون هذا اليوم سبتهم.

شهادة الأسقف فيكتوريوس، سنة 300 م. فقد جاء في أحد كتبه: إننا في يوم الرب نذهب لخبزنا الروحي بتقديم شكرنا... ونظهر أننا غير محافظين على اعتبار يوم سبت لليهود... ذلك السبت الذي أبطله الرب في جسده.

شهادة أناتول، أسقف لاودكية، فقد قال في كتابه القانون العاشر: إنّ الاحتفال الخشوعي يمارس في يوم الرب، يوم القيامة.

شهادة أوسابيوس المؤرخ، سنة 324 م. فقد جاء في كتابه تاريخ الكنيسة: إنّ البطاركة السابقين، لم يعتبروا فريضة الختان، ولم يحفظوا يوم السبت، وهكذا نحن أيضاً.

إجماع المسيحيين على يوم الأحد

فقد قدّسوه من بدء تاريخهم. ولما تسلَّم قسطنطين عرش الإمبراطورية أقرَّ الأمر، فجعل يوم الأحد عطلة رسمية للإمبراطورية.

وقد ظل هذا الإجماع سائداً خلال تسعة عشر قرناً من الزمن، ومعمولاً به بين المسيحيين على اختلاف مذاهبهم، في الشرق والغرب، إلى أن ظهرت السيدة ألن هوايت، التي يعتقد السبتيون أنها نبية. فهذه أذاعت بينهم، أنها رأت الوصية الخاصة بحفظ السب محاطة بهالة من نور. وعندئذ نشأ عندهم هذا الحماس الغريب ليوم السبت. الذي أقل ما يُقال فيه إنّه رِدَّة إلى أحد أركان اليهودية الضعيفة، التي حررنا المسيح منها.

في الختام أسأل الله أن يكملك في كل عمل صالح، لتصنع مشيئته، عاملاً فيك ما يُرضي أمامه بيسوع المسيح ربنا (عبرانيين 13: 21).

مسابقة كتاب السبت أم الأحد؟

إن تعمّقت في قراءة هذا الكتاب تستطيع أن تجاوب على الأسئلة بسهولة. ونحن مستعدون أن نرسل لك أحد كتبنا الروحية جائزة على اجتهادك. لا تنسَ أن تكتب اسمك وعنوانك كاملين عند إرسال إجابتك إلينا.

  1. متى بدأت محاولة الرجوع إلى حفظ يوم السبت؟

  2. وضِّح معنى القول: السبتيَّة في تشبُّثها بحرفية السبت تسلب من معتنقها الحرية التي اشتراها له المسيح بدمه.

  3. ما هو وجه الشَّبه بين تعليم السبتيّين وتعليم المعلِّمين المضلِّين من أصل يهودي الذين ضايقوا أهل غلاطية؟

  4. ما معنى كلمة (سبت)؟

  5. وضِّح كيف أنّ حفظ يوم السبت لا يقرِّب الإنسان من الله.

  6. اذكر خمس معجزات أجراها المسيح في أيام السبت.

  7. ما هو تأثير قيامة المسيح في تحديد يوم العبادة للمسيحيين؟

  8. في أي يوم حلَّ الروح القدس على الرسل الأوَّلين؟

  9. ماذا كان (يوم الرب) الذي ظهر فيه المسيح لعبده يوحنا؟

  10. اذكر شهادة خمسة من رجال الكنيسة ليوم الأحد كيوم العبادة للمسيحيين.

عنواننا:


Call of Hope  P.O.Box 10 08 27
D-70007
Stuttgart
Germany