العودة الى الصفحة السابقة
القاتل المحترف - التدخين -

القاتل المحترف - التدخين -

السوسي أحمد


Bibliography

القاتل المحترف - التدخين -. السوسي أحمد. Copyright © 2007 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . 1991. SPB 4755 ARA. English title: The Profesional Killer. German title: Der professionelle Mörder. Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

المقدمة

مشكلة التدخين في أيامنا هذه من المشاكل التي تشغل تفكير وعقول الأطباء والمهتمّين بالصحة العامة. وذلك نظراً للمشاكل والاۤثار السيئة التي يسبّبها التدخين.

والتدخين عادة سيئة أصبحت تلازم كثيرين من الناس. رجالاً ونساءً، الأغنياء والفقراء، الكبار والصغار. وقد أصبح التدخين كالأخطبوط الذي يمدّ أرجله إلى كل ناحية يصطاد بها كل من يقترب منه.

وتزداد أعداد المدخّنين كل يوم، وينتشر التبغ وأمراضه في الأجساد ويفتك بالملايين من البشر في جميع أنحاء العالم. فلا تخلو بقعة من العالم من دخان ومدخّنين. والعالم العربي ضمن دول العالم التي ينتشر فيها التبغ انتشاراً مهولاً.

وقد دفعني إلى الكتابة في موضوع التدخين شعوري العميق بالمسؤولية تجاه المدخّنين وحتّى غير المدخّنين أيضاً. وأرجو أن أكون بعملي المتواضع هذا قد أدّيت ولو خدمةً صغيرة في القضاء على عادة التدخين الضارة. وقد اعتمدتُ في إبراز أخطار التدخين سواء على المدخّن أو غير المدخّن، وعلى الصحة العامة، على مراجع ودراسات علمية حديثة لأطباء وعلماء مختصّين في ميدان التدخين وأضراره.

«السوسي أحمد»

هل التدخين خطيّة؟

هل حرّمه الكتاب المقدس؟

لم يكن التدخين معروفاً في زمن الرسل والأنبياء، لكنّ الأمر واضح أن الإنجيل يوصي بأن نتجنَّب كل ما هو ضارّ. «ٱمْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرٍّ» (1تسالونيكي 5: 22). فالمسيحية تحرّم قتل الجسد سواء أكان القتل بالتدخين أو بغيره. وأكثر من ذلك فهي تدعو إلى قتل شهوات الجسد التي تستعبد الإنسان.

كما أنّ المسيحية تعطي أهميّة خاصة للجسد. وفي ذلك يقول الرسول بولس إنّ على الإنسان أن «يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ» (أفسس 5: 29). والمسيحية دعوة للتحرّر من العادات السيئة مهما كان نوعها. فقد جاء في الرسالة إلى رومية «وَلاَ تُقَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ إِثْمٍ لِلْخَطِيَّةِ، بَلْ قَدِّمُوا ذَوَاتِكُمْ لِلّهِ كَأَحْيَاءٍ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ وَأَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ بِرٍّ لِلّهِ» (رومية 6: 13).

التدخين يستعبد المرء. وكل ما يستعبد الإنسان، أعادة أو شهوة، هو خطية في نظر الكتاب المقدس. والمدخّن مستعبَد للتدخين ولا يستطيع الاستغناء عنه. وعلى هذا الأساس ينبغي على المؤمن أن يسعى جاهداً ليتخلّص من كل عادة رديئة تستعبده. وعليه أن يطلب من الله أن ينقِّيه من كل الأشواك التي تنمو بجانب الحنطة التي زرعها الله في حياته (متّى 13: 22). فالمؤمن هو هيكل الروح القدس، فيجب أن يكون سلوك المؤمن نقياً من كل ما لا يمجد الله. ويقول الرسول بولس: «ٱسْلُكُوا بِٱلرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ ٱلْجَسَد» (غلاطية 5: 16).

فلا يجب أن نختلق لأنفسنا الأعذار لنبرّر بها استعمال الأشياء الضارة وغير الجائزة.

ليت الله يحفظ نفوسنا وأجسادنا حاملةً طابع القداسة والتكريس له، حتى يقول عن كل واحد منّا كما قال عن شاول الطرسوسي: «هَذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ ٱسْمِي» (أعمال 9: 15).

نتجنّب التدخين لأنّه شرٌّ يتلف صحة الإنسان. والإنسان محتاج للصحة السليمة ليؤدّي دوره في الحياة. والصحة هبة من الله لا يجوز العبث بها.

نتجنّب التدخين لأنّه شرٌّ يتلف المال. والمال أمانة إلهية في يد الإنسان، فهو وسيلة للعيش. ولا يجب أن نبذِّره فيما يرجع علينا بالضرر.

نتجنّب التدخين لأنّه شرّ يؤذي جيراننا وعائلتنا. فالتدخين لا يضر المدخّن وحده بل يضر غيره من الأقرباء. وأنت لا تريد من يؤذيك، فلماذا تؤذي الآخرين!؟

يقول الإنجيل المقدس: «كُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ ٱلنَّاسُ بِكُمُ ٱفْعَلُوا هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ» (متّى 7: 12).

قد يقول أحدهم: ما دام لم يرد نصٌّ كتابيّ يقول إنّ التدخين خطية فأنا سأدخّن، فما المانع من ممارسة التدخين ما دام ليس خطية؟ صحتي جيدة. زيادة على أنّ ثمن السجائر لا يؤثر على دخلي لأنّني قادر على الدفع فلماذا لا أدخّن؟

اعلم يا صديقي أن مالك وجسدك أمانة يجب أن تستثمرهما فيما يفيد. وإذا كنت اليوم في صحة جيدة فالتدخين يستهلك صحتك شيئاً فشيئاً دون أن تدري. ويهدم قدرة الجسم على مقاومة الأمراض. وعند ذلك سيطير المال وتذهب الصحة وتكون أنت الخاسر لصحتك ومالك.

السيجارة عبر التاريخ

أجمع الباحثون على أنّ الرحّالة الأسبان هم الذين وجدوا هذه النَّبتة للمرة الأولى في جزيرة «توباكو» ومنها اشتُقَّ اسمها. وكان أول من شاهد نبات التبغ هو الرحّالة كريستوف كولومبوس، وبحارته الذين رافقوه في رحلته الاستكشافية إلى القارة الامريكية. فشاهد هو ومرافقوه كيف كان الهنود الحمر يلفّون أوراق التبغ، ثم يشعلون فيها النار ويستنشقون أبخرتها. وكانوا يحرقونه أيضاً في المناسبات الدينية، اعتقاداً منهم أنّه يطرد الأرواح الشريرة. وهكذا ذاق بحارة كولومبوس التبغ، ثم نقلوه وغرسوه في حدائقهم، واعتنوا به كما يعتنون بالمواد الغذائية الأخرى.

وعندما عاد كريستوف كولومبوس ومرافقوه من رحلتهم الثانية من أمريكا الوسطى، جلبوا معهم نبات التبغ إلى أسبانيا والبرتغال. وكانوا يقدّمون منه لضيوفهم فينفر منه الضيوف أول الأمر، ثم يبدأون في تدخينه وينفخون دخانه أمامهم ليثيروا شهيّتهم للتدخين. ثم يقدّمونه لهم قائلين: ذوقوا واحكموا هذه «سجارلا» بمعنى أنه من حديقتنا. أي أنّه من النباتات التي غرسوها في حدائق منازلهم لمّا كانوا في أمريكا. ومن هنا جاء اسمها «السيجارة» الذي أصبح اسماً عالمياً في جميع اللغات.

ومن أطرف ما ورد عن السيجارة القصة التالية:

يُقال بأنّ أول رجلٍ شوهد في أوروبا يدخّن هو البحّار «رودريجودي هرتس» وهو أسباني رافق كولومبوس في رحلته التي اكتشف فيها أمريكا. ولمّا عاد أحضر معه بعض أوراق التبغ. ولمّا رآه أهل بيته ينفث الدخان من أنفه، وكان كاثوليكياً، أبلغوا به ديوان التفتيش «محاكم كنسية كاثوليكية في القرون الوسطى»، وقالوا إنّه رجل يبتلع النار من فمه ويقذف الدخان من أنفه. فلا بدّ أن يكون فيه شيطان.

معاقبة المدخّنين

وأول ما ظهرت نبتة التبغ استقبلتها السلطات الدينية المسيحيّة بالرفض وصنَّفتها مع سائر المحرّمات.

وقد اتّخذ تحريم التدخين أشكالاً متعددة من تحريم دينيّ الى النفي أو فرض الضرائب. بل وصلت العقوبات في بعض الأحيان إلى عقوبة إعدام المدخّنّين.

وكان ملوك انجلترا هم أولّ من منع زراعة التبغ ومنعوا الشعب من ممارسة التدّخين لأنه يضرّ المخّ والصدر، وله رائحة كريهة ينفر منها الإنسان.

كان الملك جيمس الأول ملك انجلترا أول من حذَّر من أضرار التدخين على الرئتين، عام 1605. وكانت الملكة كاثرين ملكة انجلترا عام 1585 قد أمرت بعقاب كل من يدخّن بوضع حبل في عنقه وجرّه في الشوارع كالسارق.

في روسيا أمر القيصر ميخائيل رومانوف بجلد كل من يتعاطى التدخين أو بقطع أنفه أو نفيه إلى منطقة سيبيريا.

بعد هذا صدرت قوانين قيصرية جديدة أشد عنفاً تقضي بتحريم التدخين تحريماً قاطعاً وإنزال أشد العقوبات بمن يخالف هذا القانون.

وفي عام 1624 أصدر البابا أوربان السابع مرسوماً بابوياً حرَّم فيه على أبناء الطائفة المسيحية الكاثوليكية التدخين. إلاّ أنّ الناس استمرّوا في التدخين رغم ذلك. ثم جاء البابا «أرخين الثالث» وأصدر أمره بمنع دخول المدخّنين الى الكنائس المسيحية.

ولا تزال معظم الكنائس المسيحية الإنجيلية «بروتستانت وغيرها» تنصح أعضاءها ليس فقط بعدم التدخين بل بالامتناع عن ممارسة أو الاشتغال في تجارة التبغ. وهكذا نادراً ما تجد مسيحياً مؤمناً ملتزماً بالعقيدة المسيحية يبيع السجائر، وهناك كنائس مسيحية كثيرة ترفض قبول عضوية المسيحي المدخّن حتى يتوب ويُقلع عن التدخين.

«قَلْباً نَقِيّاً ٱخْلُقْ فِيَّ يَا اَللّهُ وَرُوحاً مُسْتَقِيماً جَدِّدْ فِي دَاخِلِي» (مزمور 51: 10)

أمّا الطائفة الكلفينية المسيحية فقد اعتبرت التدخين ذنباً عظيماً إلى درجة أنّهم أضافوا إلى الوصايا العشر وصية أخرى هي: «لا تدخّن».

لكن ورغم كل هذا المنع والتحريم، سواء من السلطات الدينية أو المدنية، الذي كان في بداية عهد التدخين، بدأ عهد السماح بالتدخين لكن مقابل ضريبة يدفعها إلى خزينة الدولة. وهكذا انتشرت قوانين دفع الضرائب للحكومة مقابل السماح بالتدخين في سائر أوروبا، وإلى عصرنا الحاضر الذي أصبح فيه التدخين عادة يمارسها كثيرون دون أن يضايقهم أحد.

زراعة التبغ

ينتمي التبغ Tobacco إلى مجموعة النباتات التي تُدخَّن أو تُمضغ، لما تحتوي عليه من مواد فعّالة. ولقد تعاطى الإنسان هذه النباتات المحتوية على بعض المواد المخدّرة من زمان بعيد جداً. وكان يرتبط استعمالها ببعض أعمال السحر أو طقوس العبادة.

والتبغ من الفصيلة الباذنجانية السامة، له أوراق كبيرة وزهور جميلة ذات لون ورديّ مائل للحمرة. والجزء الذي يُستعمل منه في صنع السجائر هو أوراقه فقط، أمّا الجذور فلا فائدة منها.

ويُزرع التبغ اليوم في بلدان كثيرة. وتقول منظمة الأغذية والزراعة .F.A.O «الفاو» التابعة للأمم المتحدة إنّ التبغ يُزرع حالياً في أكثر من 20 قطراً في مختلف أنحاء العالم. والمساحة المزروعة به بلغت لحد الآن 37 مليون فدان.

أمّا البلدان التي تنتج أكبر محصول من التبغ فهي: الولايات المتحدة الأمريكية والهند والصين. كما أنّ زراعة التبغ امتدت إلى أندونيسيا وجنوب أفريقيا والاتحاد السوفياتي وتركيا واليابان والبرازيل، والبلدان العربية المطلّة على البحر الأبيض المتوسط.

فالعالم العربي ينتج 50000 طناً من التبغ سنوياً. والجزائر وحدها تنتج نصف هذه الكمية. ويُزرع التبغ في الجزائر في منطقة متدجة، وهضبة القبائل، وناحية عنابة ووهران على مساحة 30 ألف هكتار.

ماذا تعرف عن محتويات التبغ؟

يحتوي التبغ على أكثر من 500 مركّبٍ، ومادة النيكوتين هي الأكثر فعاليّة، ويحتوي دخان التبغ على: النيكوتين - أكسيد الكربون - القطران.

النيكوتين: Nicotine تمكّن العلامة فوكلان عام 1809 من عزل مادة النيكوتين، وسُمِّيت بهذا الاسم نسبةً إلى جان نيكوت Jean Nicot الذي كان سفيراً لفرنسا في البرتغال، وكان يزرع التبغ هناك في حديقة منزله. وعندما سمع أنّ الملكة «ماري دي ماديس» تعاني من صداعٍ مزمنٍ للرأس أهداها منه لتستعمله كمسكّن للصداع. وعندما استعملته واختبرت فعاليته أُغرمت باستعماله وأطلقت عليه كلمة نيكوتين. وبقي هذا الاسم إلى يومنا هذا.

ومادة النيكوتين سامة قاتلة، وفعلها أقوى من فعل مادة «الزرنيخ» والنيكوتين شديد الفعالية، حتى أنّه لو وُضعت نقطة واحدة منه على جلد أرنب تكفي لقتله. وإذا وضعنا نقطة منه على لسان كلب وابتلعها فإنّه يموت لا محالة.

والنيكوتين من أخطر السموم التي اكتشفها الإنسان، فملغرام واحد منه يُحقن في الوريد يقتل الإنسان. وكم من الناس يتسمّمون تدريجياً بسبب ابتلاع دخان التبغ المحتوي على النيكوتين القاتل.

يقول الدكتور أنطوان لطف الله في كتابه «المخدّرات، اعرف عنها وتجنّبها»: «يُستعمل النيكوتين كقاتلٍ للحشرات الزراعية، وهو سام جداً فلا يمكن استعماله في تركيب أيّ دواء ولو بكمية ضئيلة جداً».

ومادة النيكوتين تؤثر على المخّ بشكلٍ مباشر.ٍ وهذا سبب شعور المدخّنين بالنشاط المؤقت، لأنّ مادة النيكوتين تزيد من سرعة دقات القلب، وارتفاع ضغط الدم وتنبيه مراكز المخ. وتدخل الدم عن طريق الغشاء المخاطي للفم والأنف والقصبات الهوائية، والرئة والجلد. وينحلّ باللعاب لينتقل إلى المعدة.

غاز أكسيد الكربون: هو المادة الثانية الضارة التي تحتوي عليها السيجارة، وهو غاز سام مثله مثل الغاز الذي ينفثه عادم السيارات «اشاكمان» وهو يسبّب تصلّب الشرايين لأنه يحرم الخلايا من الكمية اللازمة لها من الأكسجين.

القطران: هو المادة الثالثة الخطيرة التي تحتوي عليها السيجارة، وهو الذي يسبِّب سرطان الرئة. وقد أكدّ الأطباء أنّ القطران الموجود في السيجارة هو المادة المسؤولة عن سرطان الرئة عند المدخّنين، لأنّه يتلف خلايا الشُعب الهوائية على المدى الطويل.

التدخين عادة أم إدمان؟

لماذا يصرّ المدخّن على الاستمرار في التدخين رغم معرفته بالأضرار الصحيّة التي يسببها تدخين السجائر مهما كان نوعها ولماذا هذا التعلّق بالسيجارة؟

الإنسان يدخّن في كل الحالات: عندما يُصاب بالتوتر، أو يحس بالضيق، أو عندما يفكّر في موضوع ما. كما لوحظ أيضا أنّه عند الإحساس بالفرح أو السعادة يُقبل على التدخين بشغف وشراهة. فلماذا هذا التعلّق بالسيجارة؟!

عندما سألت أحدهم: لماذا تدخّن؟ أجابني: مجرّد عادة مسلّية لا أقل ولا أكثر. وسألت مدخّناً آخر كان جالساً بجانبه، فأجاب بأنّه يدخّن لأنّ السيجارة تصفّي الذهن وتأتي بالمتعة للنفس وتطرد منها السأم والكسل.

سألت مدخّناً ثالثاً لماذا تدخّن؟ قال: أنا أدخّن لأطرد الهموم من رأسي وأسترجع راحة البال وأردّ «المزاج».

وهكذا نرى من خلال هذه الأجوبة أنّ لكلّ مدخّنٍ سبباً يدفعه للتدخين، كالعادة أو صفاء الذهن، أو طرد الهموم والسأم، أو استرجاع راحة البال. وكأن الناس الذين لا يدخّنون السجائر ليست لديهم مثل هذه المشاكل والهموم، ولا يصيبهم السأم والكسل.

يعتقد بعض الكُتّاب والفنانين والمهندسين وغيرهم أنّ التدخين يساعد على النشاط والعمل، ويقوي فيهم روح الابتكار، فيعتبرون التدخين سبب إلهام. وكأن باقي المهندسين والكُتّاب والأطباء والفنانين لم يأتهم الإلهام ولا روح الابتكار لأنّهم لم يملأوا صدورهم بالدخان ورؤوسهم بمادة النيكوتين ومكاتبهم بروائح دخان السجائر.

ماذا يقول الأطباء؟

يفسّر الأطباء لنا الأسباب التي تدفع الإنسان ليدخّن بما يلي:

فالدكتور أحمد عكاشة في كتابه «الإدمان خطر» يقول: «للتدخين سببان:

أولاً: تأثير عضوي حيث يكون للنيكوتين تأثيره على الجهاز العصبي.

ثانياً: تأثير نفسي وهو الطقوس التي يؤديّها المدخّن خلال تدخينه، مثل سحب السيجارة من العلبة ووضعها فى الفم وإطلاقه الدخان في الهواء. كلّ هذه الحركات تقلّل من القلق الموجود عند الانسان».

أمّا الدكتور عبد الكريم العمري في كتابه «التدخين جائحة العصر» فيقول «يرون أنّ التدخين يهدّئ أثناء القلق والاضطرابات العصبية والنفسية التي تُحدثها الحياة الحديثة. كما يرون فيه مساعداً على النشاط العقلي، والعضلي وتهدئة المزاج وغير ذلك...».

والدكتور سلمون في مقالته في مجلة «نداء الصحة» يفسّر أسباب تعاطي التدخين بقوله: «ينسى الشخص المُتعَب تعبه بعد أن يدخّن قليلاً ويمضي دقائق وجيزة في التدخين تحمله على نسيان ما يجده من عنت الهموم. وذلك راجع إلى التخدير الذي يُحدثه سم النيكوتين في المخّ والأعصاب».

أمّا الدكتور محمد قرني في كتابه «الإدمان لماذا؟» فيورد موقف وتفسير مدرسة التحليل النفسي التي تقول «التدخين علامة تدلّ على عدم نضج الشخصية، لأنّ طاقة المدخّن الغريزية ملتصقة بمنطقة الفم كما يحدث في الطفل الرضيع».

وفي شهر أغسطس (آب) 1979 اجتمع أحد عشر عالماً وطبيباً في المعهد الوطني الأمريكي لبحوث سوء استعمال العقاقير، بهدف إيجاد معلومات عن التدخين، وبعد يومين من البحث قرروا أنّ التدخين نوع من الإدمان ويجب اعتباره مَرَضاً.

ومهما كانت الأسباب والدوافع المؤديّة إلى تعاطي التدخين، فلا مانع من أن يعمل الإنسان على الإقلاع عن التدخين، فلا يحتاج المدخّن لأجل ذلك إلاّ لإِيمانٍ قويّ بالله وإرادة ثابتة.

فالإنسان في أيامنا هذه يشعر بأنه تعيس، وأنّ الحياة متعِبة ومملّة ورتيبة، وأن الهموم تحيط به من كل مكان. فهو يريد الهروب والنجاة، لكنّه في هروبه يسلك طريق الهلاك بدلاً من أن يسلك طريق الخلاص والنجاة. لأنّ الإنسان بدون الله في هذه الحياة، تائه ضائع ضال بلا راعٍ كما يقول الإنجيل المقدس. ولو أنّ الإنسان عرف الله معرفة حقيقيّة، وأدرك دوره في هذه الحياة، لما وقع في المشاكل التي يتخبّط فيها اليوم.

فهل فعلاً نذكر الله ونتّكل عليه في مشاكلنا، أم ننساه ونلتجئ إلى السيجارة لنصل للحلول المؤقّتة القصيرة لهمومنا ومشاكلنا؟!

«عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي» (مزمور 94: 19)

أثر التّدخين على جسم الإنسان

الاۤن بعدما تعرّفنا على قصة السيجارة، فما هو تأثيرها على جسم الإنسان؟

التدخين عادة سيئة وضارة بالإنسان، لأنه يسبّب أمراضاً عديدة، ويؤثر على أعضاء كثيرة من الجسم البشري. ولنعرف أكثر عن هذه الأمراض نوردها بشكل مختصر:

  • تأثير التدخين على الفم: يُعتبر الفم المحطة الأُولى في دخول دخان التبغ إلى جسم الانسان. والعلاقة الآن واضحة بين التدخين وسرطان الفم الذي يصيب الشفتين واللسان واللثة، فقد جاء في الإِحصائيات التي قامت بها الجمعية الطبية الأمريكية لمكافحة السرطان أنّ كل اثني عشر مصاباً بسرطان الفم، منهم أحد عشر من المدخّنين. وقد أثبت الطب الحديث أنّ التدخين يصيب الغشاء المبطِن للفم أو المغطي للشفة، إلى أن يتحول إلى ما يُعرف عند الأطباء بـ «الطلاوة». وهذا المرض قابل للتحول إلى سرطان قابل للشفاء إذا توقف المدخّن عن التدخين.

    «ومما يساعد في تحول مرض الطلاوة إلى سرطان إهمال نظافة الفم وتركه في حالة القذارة، ووجود الأسنان المريضة والمنهدمة، وكذلك وجود أسنان صناعية سيئة» (التدخين بين المؤيدين والمعارضين ص 66).

    وإضافة إلى هذا يتسبّب التدخين في الرائحة الكريهة، فللمدخنين رائحتهم الخاصة بهم. ويكفي أن تقترب من المدخّن لتشمّ رائحته التي تتصاعد ليس من فمه فقط لكن من شَعره وجلده وثيابه. وتزداد هذه الرائحة شدّة إذا كانت السيجارة من النوع الرديء.

  • اللسان: من المؤكد عند أطباء أمراض الفم أنّ المرضى الذين تكثر عندهم أمراض اللسان مثل اللسان المشعر، والقرحة اللسانية، واللسان المشقق، وسرطان اللسان، يرجع سببها إلى التدخين. وتأكد لهم بعد الدراسة والبحث الدقيق أن الذين أصيبوا بالأمراض المذكورة هم من المدخّنين أو من ماضغي التبغ.

  • الأسنان: يؤثّر التدخين بشكل مباشر على الأسنان واللثة. ولا يكتفي الدخان بتغيير لون الأسنان والترسُّبات القاسية التي تتجمّع حول أعناق الأسنان فتؤدي إلى تسويسها، بل يتعدّى تأثيره ذلك، حيث يؤثّر على ميناء الأسنان أيضاً، و«يُحدث فيها تشقُّقات يجعلها توشك أن تنهدم أمام ضربات المواد السامة. رغم أن ميناء الأسنان أصلب شيء في جسم الإنسان» (التدخين وأثره على الصحة ص 107).

  • الحنجرة: الحنجرة هي المجال الذي يمرّ منه الدخان إلى البطن، وقد ثبت بشكلٍ قاطعٍ أنّ جميع المصابين بسرطان الحنجرة هم من المدخّنين.

    إذن يا عزيزي المدخّن، لماذا لا تترك هذه السيجارة التي تسبّب لك شفاهاً مشققة وغشاءَ فمٍ متعفن، ولثة مهترئة، وأسناناً صفراء، ونفَساً كريهاً، وحنجرة وبلعوماً مريضين، وصوتاً أبحّ، ولساناً مشعراً ملتهباً؟؟

  • الكبد: الكبد هي التي تنقّي الدم من السموم ومن ضمنها النيكوتين. ومع استمرار تعرّض الكبد لفترة طويلة لهذه السموم يحدث ما يُعرف بـ «قصور الكبد». وهذا يؤثّر على وظائف الكبد، فتكون النتيجة لذلك مضاعفات خطيرة على الجسم كله.

  • الرئة: «السرطان» كلمة مرعبة تهزّ كيان النفس! إنّه المرض الخبيث الذي يخرّب الجسم ويدمّر خلاياه، ومن أسبابه التدخين. فالتدخين يسبب أنواعاً عديدة من السرطان، ومن أشهرها سرطان الرئة الذي يحتل المرتبة الأُولى في قائمة الوفيّات في كل بلدان العالم، حتى أنّ بعض الأطباء يميلون إلى عدم البحث عن أسباب أخرى لهذا النوع من السرطان بعيداً عن السيجارة وعادة التدخين. فمادة النيكوتين السامة والسموم الأخرى تدخل في عمق شعاب الصدر والجهاز التنفسي، لأنّ الدخان يُمتص عن طريق الغشاء المخاطي للشُعَبِ الهوائية. وتسكن في الخلايا والشرايين، ثم تبدأ عملية التخريب والتحطيم. فتصبح الرئة وخلاياها فريسة سهلة لمرض السرطان.

    في أوائل سنة 1973 اجتمعت الجمعيّة الطبيّة اللبنانية لمكافحة السرطان لتبحث علاقة التدخين بسرطان الرئة، وبعد البحث والدرس أكدّ المجتمعون علاقة التدخين بسرطان الرئة علمياً، وأكدوا أيضاً أنّ المدخّن معرَّض للسرطان عشر مرات أكثر من الذي لا يدخّن.

    ويقول الدكتور العمري: «أصبحنا اليوم وبدون تردد نربط سرطان الرئة بالتدخين» (التدخين جائحة العصر ص 34). فانتبه يا صديقي المدخّن فحتى إذا كان حظك يكسر الحجر (كما يقولون في المغرب). ولو لم تُصب بالسرطان فإنّ رئتيك ستصبحان يوماً ما ضعيفتين، ومعرضتين دائماً للإِصابة بأمراض كثيرة عند أقل اضطراب تتعرض له.

  • القلب: تأثير التدخين على القلب شيء ثابت أكده الأطباء بأدلّة علمية قاطعة. وتعترف الشركات المنتجة للسجائر نفسها بهذا وتضعه في أسفل إعلاناتها في شكل تحذير حكومي يقول: «التدخين ضار بالصحة». ولولا معرفتها بذلك لما قبلت به. لأن شركات التبغ ليست بالأمر الهيِّن، وسلطتها في بعض البلدان لها وزن كبير!

    توجد إحصائيات في كل دول العالم تقريباً تؤكد أنّ احتمالات إصابة المدخّنين بالأزمات القلبية أكثر منها في غير المدخّنين. وفي تقريرٍ لجمعية القلب الأمريكية يقول «عدد الذين يموتون سنوياً بأمراض القلب في أمريكا حوالي نصف مليون، ثُلثهم دفعوا حياتهم ثمناً للتدخين. فالسيجارة تزيد من ضربات القلب، وترفع ضغط الدم، وتحدث انقباضاً في الشرايين، وتدمّر بعض الصفائح الدموية، فيؤدي ذلك إلى تشابكها والتصاقها على جدران الأوعية الدموية، فتشارك بذلك في تصلّب الشرايين».

    لذلك ينصح الأطباء جميع مرضى القلب، من متعالجين بالدواء أو من الذين أُجريت لهم عمليات جراحية، بألاّ يتواجدوا في أماكن مزدحمة حيث يكثر المدخّنون، كأماكن العمل أو أماكن التسلية. ويُرجع الباحثون نوبات القلب إلى زيادة ممارسة التدخين، كما أنّهم يُرجعون زيادة الموت الفجائي في هؤلاء المصابين بالنوبات القلبية إلى التدخين أيضاً.

    في سنة 1975 توفي في أمريكا 648 شخصاً بسبب قصور الشرايين التاجية. واتضح أنّ التدخين مسؤول عن 35٪ من هذه الحالات.

  • المثانة: تقول الأبحاث والتقارير الواردة من مصر في سنة 1986 إنّ سرطان المثانة الذي ينتشر بكثرة في مصر يرجع سببه إلى البلهارسيا والتدخين. وقد ثبت أن التدخين يزيد كثيراً من إمكانية التحوّل السرطاني في المثانة المصابة بالبلهارسيا.

  • المعدة: لا يؤثر التدخين على المعدة فقط، كما قد يتبادر إلى ذهن البعض عندما نذكر الجهاز الهضمي، بل يبدأ تأثير التدخين من المريء، وهو الأنبوبة التي توصل بين البلعوم والمعدة. وهناك عضلة عاصرة بين المعدة والمريء تمنع رجوع إفرازات المعدة الحمضية إلى المريء. والتدخين يؤثّر على هذه العضلة ويعرقل وظيفتها، ولذلك فإنّ الإفرازات الحمضية من المعدة تخرج إلى المريء وتسبّب فيه التهاباً شديداً. وهذا يؤدي إلى قرحة المريء.

أمّا عن التهابات المعدة والاثني عشر فهي أكثر حدوثاً بين المدخّنين وماضغي التبغ عمّا هي عليه بين غير المدخّنين. ويقول تقرير الكلية البريطانية للأطباء الصادر في عام 1977 «بعد الدراسات والأبحاث التي أُجريت على رُبع مليون حالة من حالات قرحة المعدة والاثني عشر، ثبت أنّ الوفيّات والمشاكل الخطيرة لهذا المرض كانت عند المدخّنين وماضغي التبغ أعلى بكثير ممّا هي عليه عند غير المدخّنين».

كما تأكد عند أطباء أمراض الجهاز الهضمي أنّ المدخّن معرَّض لقرحة المعدة ست مرات أكثر من غير المدخّن. بل قد تسوء الحالة لتصل إلى حالة «التسرطن» والنزيف المعدي.

وهناك إحصائيات تقول إنّ المدخّنين معرّضون من 11 إلى 13 مرة للإِصابة بقرحة المعدة ومشاكلها أكثر من الذين لا يدخنون. وهكذا يطلب سائر أطباء الجهاز الهضمي من مرضاهم المصابين بأمراض في الجهاز الهضمي بالامتناع عن التدخين.

ومع هذا التحذير الطبي، وبالرغم من معرفة بعض الناس أنّهم مصابون بأمراض في الجهاز الهضمي، يستمرّون في التدخين. وبدلاً من أن يمتنعوا عن التدخين يمتنعون عن الأكل، لأن المدخّن يحس بالشبع، خصوصاً إذا دخّن ومعدته خالية من الأكل أو قبل تناول طعام الفطور، لأنّ السيجارة تزيد من تقلص عضلات القولون والمعدة. ومادة النيكوتين تعمل على إخراج السكّر من مخزونه من الكبد والعضلات إلى الدم، فيشعر الشخص بالشبع.

ويُصاب المدخّن بسوء الهضم «لأن الوظيفة الإفرازية للغدد الهاضمة تضطرب، كما تضطرب الوظيفة الحركية للمعدة، فتتأثر ويخف إفرازها بشكل عام، كما تُصاب بالضعف وعدم القدرة على هضم الطعام بالشكل المطلوب، الأمر الذي يعرّض المدخّن لنقص قدرته على الهضم عموماً. أو يُصاب بمشاكل واضطرابات هضمية عديدة» (التدخين بين المؤيدين والمعارضين ص 43).

أخطار التدخين على المرأة

كانت عادة التدخين في الماضي مقتصرة على الرجال، أمّا اليوم فيشترك فيها الرجال والنساء على السواء! ولكنّ أضرار هذه الآفة الحضارية أكثر تأثيراً وخطورة على المرأة منها على الرجل، لأنّها تؤذي المرأة في جوانب عديدة، وتسبّب لها أمراضاً كثيرة. ومن هذه الأمراض:

تقصّف الشعر والتعجيل بسقوطه. شحوب البشرة. اصفرار الأسنان. احمرار العيون. اصفرار رؤوس الأصابع والأظافر كما يؤدي التدخين عند المرأة إلى بحّة في الصوت وخشونته.

وإذا تمادت المرأة في التدخين تضرّ صحتها، وتصبح فريسة سهلة لأمراض عديدة، كمرض سرطان الرئة. وكما هو معروف فإنّ سرطان الرئتين كان أكثر الأنواع انتشاراً بين الرجال. ولكن بعد تعاطي المرأة في السنوات الأخيرة التدخين، أصبح سرطان الصدر هو العدو الأول للمرأة.

كما لا تقتصر مضار التدخين على الصحة فقط. وإنّما تتعداها إلى الجمال أيضاً. فالمواد التي تحتوي عليها السيجارة تساعد على امتصاص الأكسجين من الدم، وهذا يؤثر على لون وملمس البشرة، وباستطاعة أيّ خبير في التجميل أن يكتشف المرأة المدخّنة من النظرة الأولى. فمع مرور الأيام يبهت لون الشعر ويتغير لون الأسنان، وتصطبغ الأظافر باللون الأصفر، وتزداد التجاعيد في الوجه.

وقد تجيب بعض المدخّنات بأنّ الحلول لتلك المشاكل متوفّرة، فيمكن صباغة الشعر واستعمال الكريمات ومساحيق المكياج (التجميل) الأخرى وما أكثرها، وتنظيف الأظافر جيّداً وصبغها. واستعمال مزيل رائحة الفم.

لكن سيدتي، لماذا كل هذا العذاب ما دام باستطاعتك أن تتخلّصي من كل هذه المتاعب والعيوب مرة واحدة بالامتناع عن التدخين. فهيهات أن تعيد لك المساحيق ومواد التجميل ما أفسدته السيجارة!

وآخر الأخبار الآتية من أمريكا الخبر الذي أعلنت عنه أبحاث وزارة الصحة الأمريكية من أنّ الوفاة بسرطان الرئة بين السيدات أصبح يفوق كثيراً سرطان الصدر، وأنّ السبب هو التدخين. فالتدخين لا يصيب المرأة في صحتها وجمالها فقط، بل يمتدّ إلى أنوثتها بالذات. ويُعدّ التدخين أحد الأسباب التي تعجّل بوصول المرأة إلى سنّ اليأس، وهو العمر الذي ينقطع فيه الحيض عن دورته الشهرية، وعندها يصبح من المستحيل على المرأة من أن تحمل وتنجب.

بالإضافة إلى كل هذا فإنّ المرأة التي تدخّن السيجارة لا تجني فقط على نفسها بل تجني على جنينها أيضاً. وفي هذا يقول الأستاذ الألفي في مجلة «طبيبك الخاص» (عدد يونيو (حزيران) 1984 ص 26): «النساء معرّضات لأن يخسرن أكثر مما يخسر الرجل، فالرجل الذي يدخّن يخسر صحته وحده، أمّا المرأة المدخّنة فتخسر صحتها وصحة جنينها. تجني عليه وهو لا يملك وسيلة دفع الخطر أو حتى رفضه أو التحذير منه. هذا إذا لم يحدث إجهاض مبكر».

ويقول الدكتور هاني عرموش في كتابه «التدخين بين المعارضين والمؤيدين»: «أثبت العلم أنّ النساء المدخّنات حملهن أصعب وإجهاضهن أيسر». فالمرأة التي تدخّن وهي حامل تعرّض جنينها لاحتمالات الوفاة. وحتّى إذا كُتبت له النجاة من «المدخنة» في بطن أمه، فإِنّه لن ينجو من ضآلة الحجم وسرعة قابلّيته للإصابة بالأمراض خلال حياته».

وتشير دراسة أُجريت في أمريكا سنة 1983 أنّ تكاليف العناية بمواليد الأمهات المدخّنات في أمريكا تزيد بمقدار 170 مليون دولار عن تكاليف العناية بمواليد الأمهات غير المدخّنات. وأظهرت إحصائيات أُجريت على حوالي سبعة عشر ألف طفل بين السابعة والحادية عشرة، أنّ تدخين الأم يؤثّر على نموّ الطفل في المستقبل، سواء من الناحية الجسدية أو العقلية، وحتى على سلوكه أيضاً.

المرأة العربية: قد يتبادر إلى ذهن البعض عندما يقرأ عن المرأة والتدخين أن المقصود هو المرأة الأوروبية. كأنّ المرأة العربية لا تدخّن السجائر! لقد كان التدخين في العالم العربي في الماضي مقصوراً على الرجل فقط، وكان تدخين المرأة يُعتبر شيئاً مشيناً وعيباً. أمّا اليوم فالمرأة العربية تدخن، ويزيد التدخين انتشاراً بين النساء كل يوم في البلاد العربية، حتّى في البلاد العربية التي يُقال عنها إنّها بلاد محافظة كالسعودية مثلاً. وفي هذا الموضوع يقول الدكتور علي البار (في كتابه «التدخين وأثره على الصحة» ص 140): «تكاد النظرة المستهجَنَة لتدخين المرأة تكون معدومة في بعض مدن الشام، سوريا، لبنان، الأردن وفلسطين وبعض مدن العراق وفي مكة المكرمة وجدة وبصورة أقل في المدينة». كما أنّ المرأة اليمنية تشارك الرجل في تدخين «النارجيلة» كما تشاركه مضغ القات وأحياناً أخرى مضغ التبغ المعروف عندهم بـ «الشمة» (ص 139 من نفس المصدر).

وإذا كانت المرأة في البلاد العربية تتجنّب التدخين علانية في الشارع لأن المجتمع يرى ذلك مكروهاً، إلاّ أنّها تدخّن. وبعض النساء العربيات اللواتي يعشن في أوروبا لا يجدن مانعاً من التدخين علانية في الشارع العام. فالذي يمنع المرأة العربية من التدخين علانية في شوارع بلادها ليس أنّها لا تدخّن، بل لأنها تخاف من الأعراف السائدة. غير أنّ هذا الخوف بدأ يزول، فيكفي أن تقوم بجولة في بعض المقاهي التي ترتادها النساء والفتيات، وستجد نساءً وفتيات يدخنَّ وبشراهة بشكل علنّي.

وحول هذا الموضوع يقول السيد «والعلو» في مقال نشرته جريدة «نساء المغرب» ص 6 عدد 3 - 1986 «أصبح التدخين عند الفتاة المغربية في الجامعة والإدارة والشارع، وحتى الثانويات، شيئاً عادياً بعد أن كان يُعتبر انحرافاً أخلاقياً ومرضاً اجتماعياً، أو عادة أجنبية مستوردة من الخارج، خاصة من أوروبا». ثمّ يستمر فيورد إحصاءً عن تدخين المرأة المغربية فيقول: «أمّا في المغرب فقد ارتفعت نسبة الإصابات السرطانية عند المرأة المغربية ذات العلاقة بالتدخين سنة بعد سنة، فقفزت هذه النسبة من 5٪ سنة 1972 الى 10٪ سنة 1980».

وفي إحصاء آخر تقول الجمعية المغربية لمكافحة السرطان في مجلتها الدورية العدد 2 أبريل (نيسان) 1985 ص 15: «من العُرف التقليدي أنّ المرأة المغربية لا تدخّن، غير أننا نلاحظ ارتفاعاً في نسبة المدخّنات. فقد دلّت دراسة متعمّقة على أنّ أكثر من 5٪ من المصابات بسرطان الرئة نصفهن من المدخّنات. ولقد دلّت التحريات في مختلف الأوساط المدرسية في المملكة بأن تلميذاً من بين أربعة يدخن. وأنّ مدخناً من ثلاثة من الجنس اللطيف. أمّا بالنسبة للجامعة فإنّ هذه النسبة مرتفعة، إذ أنّ طالبين من ثلاثة يدخنان، ويجري الجنس النسوي بخطوات كبيرة ليوازي منافسة - الرجل - في هذا الميدان!»

إذن المرأة العربية ليست مستثناة من ممارسة عادة التدخين، فمثلها مثل المرأة في سائر بلدان العالم، مع أنّ هذا خطر عليها وعلى أسرتها.

سيدتي إن أطفأتِ سيجارتك وتخلّيتِ عنها من الآن فستكونين قد أطفأتِ ناراً كانت ستدمر صحّتك وصحّة أسرتك.

خطر التدخين على الطفل

الأطفال أيضاً يدخّنون السيجارة، ونسبة التدخين عندهم آخذة في الازدياد! هناك أطفال لا يكتفون بتدخين السجائر فقط بل حتى الإدمان على الحشيش وغيره وهم في عمر الزهور! وبهذه الطريقة يذبلون كما تذبل الزهور والورود وتسقط بفعل رياح الخريف. وقد يخاف الطفل من الأب أو الأم فيمتنع عن التدخين أمامهما، إمّا خوفاً أو خجلاً. لكنّ هذا لا يعني أنّ الطفل لا يدخّن لأنّ الأب والأم لم يشاهداه يدخّن.

وممّا لا شكّ فيه أنّ الطفل يحيا حياة تبعيةٍ كاملةٍ للأسرة. وهكذا فإنّ كل أفعال الأسرة وتصرفات أفرادها تلقي ظلالها عليه. فإذا كان جوّ الأسرة ينطوي على سوء التصرّف ولا يوجد فيه السلوك الحسن، فلا يُنتظر من الطفل أن يكون مستقيماً في حياته في المستقبل. وإذا كان الأب أو الأم يدخنان، وهما ينهيان أطفالهما عن التدخين، فلن يكون لكلامهما ولا لتحذيراتهما أيّ تأثير، لأنّ الفعل يؤثّر أكثر من القول. وقديما قال الشاعر: «لا تَنْهَ عن فعلٍ وتأتِ مثله».

وبعض الآباء حين يجدون ابنهم يدخن يغضبون، فماذا يفعل الأب عندما يغضب من تصرفات ابنه؟ إنه يعنّفه وقد يضربه، أو يصرخ في وجهه ليمتنع عن التدخين. لكنّ الأب وهو في حالة الغضب والثورة ضد ما فعله الابن تراه يمدّ يده إلى جيب سترته ويخرج منه علبة السجائر ويسحب منها سيجارة ويشعلها ثم يبدأ في تدخينها وينفث دخانها في الهواء!

إنّها مهزلة! نريد أن يبتعد أطفالنا عن التدخين ونحن ندخن أمامهم. فإذا كان رب البيت يدخن السيجارة فلا نلومنّ الأطفال إذا كانوا يدخنون في البيت أو خارجه.

وقد يعترض أحدهم فيقول «إنّ أكثر الناس الذين ابتدأوا التدخين وهم صغار لم يكن ذلك بسبب تأثير الأب ولا الأم، بل تحت ضغط أصدقائهم وأقرانهم».

طبعاً هذا القول فيه شيء من الحق لكن ليس كل الحق، فالثابت عند الأطباء وعلماء التربية أنّ الطفل إذا وُجد في وسطٍ لا دخان فيه ولا مدخنين، فإنّه قد لا يُصاب بمرض التدخين. أمّا إذا حصل العكس، فإن عدوى التدخين ستنتقل للطفل ويشعر بميلٍ نحو ممارسة التدخين. وهذه شهادة حيّة ملموسة من الواقع، ينقلها لنا الأستاذ «الجاسر» من الكويت في كلامه لإحدى الجرائد مفسّراً كيف بدأ التدخين فيقول: «عندما كنت طفلاً صغيراً حاولت تقليد بعض أفراد الأسرة وسرقة سيجارة من علبة أخي الأكبر ودخّنتها خارج المنزل. وتكررت هذه العملية مرات عديدة إلى أن استهوتني. وأصبحت أشتريها بنفسي من مصروفي اليومي. ومن يومها وأنا أدخّن».

إذن ليس ضغط الرفاق وحده هو الذي يدفع الأطفال إلى ممارسة التدخين. بل للأسرة أكبر الأثر في ذلك.

وجاء في مقال للدكتور إبراهيم أبو طاحون المنشور في مجلة العربي عدد يناير (كانون الثاني) 1986 قوله: «ثبت أنّ احتمال تدخين الأبناء في حالة تدخين أحد الأبوين يصل إلى 50٪ بينما يرتفع إلى 70٪ في حالة تدخين كلا الأبوين». ويقول الدكتور العمري في كتابه «التدخين جائحة العصر» ص 5: «أصبح الوسط يلعب دوراً هاماً في تعاطي التدخين مبكراً. فالوسط الذي يدخّن فيه الأب أو الأم، أو هما معاً تكون فيه نسبة المدخّنين كبيرة. فالتدخين يبدأ في البيت، كما أن للمدرسة أو الحي أثراً في هذا الميدان».

فعلاً هذا حق. فلا أحد ينكر أثر الشارع أو الزقاق على الطفل. لكن مع ذلك يبقى تأثير العائلة أكبر، لأنّ الطفل إذا صادفته تجربة التدخين بعيداً عن الأسرة والأهل سيفكر مع نفسه: هل هذا التصرّف الذي سيُقدم عليه صواب أم خطأ؟ لكن إذا كان الطفل ينمو ويكبر في بيته وهو يرى والده أو أمه أو أخاه الأكبر أو أعمامه وأخواله وكل المحيطين به يدخنون سيسأل نفسه: ما المانع من ممارسة التدخين ما دام الكل يمارسه؟ ما المانع إذا كان:

  • الأب يدخن

  • المعلم يدخن

  • العم يدخن

  • الطبيب يدخن

  • رجل الدين يدخن

  • الممثل والمغني يدخن

  • الجرائد والمجلات ملأى بالإعلانات عن السجائر.

  • جنبات ملاعب كرة القدم ومختلف الرياضات مليئة بالإشهار للسجائر.

  • مع كل هذا نطالب الطفل بألاّ يدخن!

أيّها الآباء الكرام، ما دمتم لا تعطون القدوة والمثل الصالح لأولادكم وتتركون التدخين، فلن يكون عندكم سوى أطفال مدخنين. وللأسف الشديد ترى بعض العائلات أنّ السيجارة قوام الضيافة الرئيسي، ويعتبرون أنّ تقديم لفافة من التبغ أو السيجار الفاخر من علامة كرم الضيافة. بل ويعتبرون إشعال السيجارة للضيف بعود كبريت أو ولاعة مبالغة في إكرام الضيف العزيز. والطفل حين يشاهد هذه التصرّفات يعتبرها من المسلَّمات. وحين تأتيه أول فرصة أو رغبة في ممارسة التدخين لن يتردد في تدخين السيجارة، لأنّها إحدى عادات العائلة الموقرة!

لا بدّ من تركيز الجهود لحماية الصغار لئلا يقعوا فريسة لعادة التدخين. وهذه الجهود لن تكون ذات فائدة إلاً إذا قُرنت بالقدوة الحسنة والمثل الصالح. فعلينا نحن الآباء والأمهات، إذا أردنا أن نجنّب أولادنا مشاكل التدخين، أن ننصحهم بأن يتجنّبوا رفاق السوء، ونشرح لهم أن الإعلانات وكل ما يُقال فيها عن حسنات التدخين مجرد هراء وخداع، ونزوّدهم بالوعي الكامل لخطورة التدخين على صحتهم. وبذلك ننشئ جيلاً متحرراً من التدخين وضرره.

ولا ننسى مرّة أخرى أنّ آلاف المحاضرات والمواعظ لن تجدي نفعاً ما دامت القدوة الحسنة مفقودة.

ويقول الدكتور عمر الشرقاوي إنّ تجنّب السقوط في براثن التدخين أسهل من إقناع شخص بالغ بالإقلاع عنه.

أثر التدخين على الطلاب

في دراسة قام بها الأستاذ الحسين عبد الكبير لنيل شهادة الدكتوراه من كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء أطروحة رقم 17 سنة 1985 دراسة ميدانية حول انتشار ظاهرة التدخين في الوسط المدرسي في المغرب شملت عشرين ألفاً من تلامذة المرحلة الثانوية موزَّعين على ثماني مدن مغربية. توصّل فيها صاحبها إلى أنّ تلميذاً من كل ثلاثة، وتلميذة من كل إحدى عشرة تلميذة يتعاطون التدخين. فلماذا يدخن بعض الطلاب؟

يعتقد بعض الطلاب أنّ التدخين يزيد من نشاطهم العقلي والفكري ويزيد من قابليتهم للتحصيل العلمي والدراسي، ويساعدهم على التذكر عند الاستعداد للامتحانات، وأنّ السيجارة تجلب لهم الراحة النفسية والجسدية بعد تعب وعناء. وهذا اعتقاد خاطئ ومجرد أوهام، لأنه كما قال السيد المسيح له المجد: «هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ ٱلشَّوْكِ عِنَباً؟» (متّى 7: 16).

في مقالة للأستاذ صلاح منصور في جريدة الأهرام المصرية ص 7 ليوم 3/2/87 كتب: «يتصور بعض الشباب أنّ هناك علاقة بين السيجارة وعبقرية الكتابة، وهذا غير صحيح. فكبار الكُتّاب كتوفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، ومصطفى أمين، وأحمد بهاء الدين، وأنيس منصور، وأمينة السعيد، وعبد الرحمان الشرقاوي وغيرهم كثير لا يدخنون، أو كانوا يدخنون وأقلعوا عن التدخين».

وبعض الشباب والطلاب وخاصة الذين هم في سن المراهقة يقلّدون بعض المشاهير من فنانين أو ممثلين، أو أي شخصية جذابة أكثر من الآخرين تنال إعجابهم. ومع مرور الأيام يتحوّل التقليد إلى ممارسة وإدمان مستمر يصعب الخلاص منه فيما بعد. ويكتشف الطالب أو الطالبة أخيراً أنّ السيجارة ليس كما توهم، وأنّها ليست علامة الشخصية المميزة أو الناجحة.

وهذه شهادة حيّة من فنّانة عربية مشهورة وهي الفنانة المصرية «تحية كاريوكا» تقول في استجواب أجرته معها جريدة الرأي العام الكويتية نُشر يوم 9/5/87 : «بدأتُ تدخين السيجارة وأنا في مستهل حياتي الفنية مع فرقة بديعة مصابني، وكل زميلاتي كُنَّ يدخن بشراهة. وكنت الوحيدة بينهن التي لا تدخن. ومن هنا بدأ بعضهن يسخرن منّي وينظرن إليّ نظرة استخفاف، فقررت أن أدخّن حتى أبدو ذات شأن مثلهنّ. ومع الأيام أصبح التدخين عادة تلازمني، إلى أن جاء يوم شعرت فيه بآلام شديدة في صدري. وكان ضيق التنفس يوقظني من النوم. وذهبت للطبيب الذي أكدّ لي أنّي مصابة بتصلّب في شرايين القلب وأنّ عليّ أن أمتنع عن التدخين فوراً».

فهذه شهادة من فنّانة مشهورة تؤكّد أنّ تقليد الشخصيات المرموقة بسلبيّاتها لا ينفع، وأنّ النتيجة الحتمية ليست الشهرة أو العبقرية بل أحد الأمراض. بل أكثر من هذا، إنّ التدخين قد يكون بداية لممارسة الرذيلة وعادات أقبح وأسوأ من عادة التدخين، كتعاطي الخمر وإدمان المخدّرات، وارتياد دور الدعارة وغير ذلك كثير.

وهنا أناشد الآباء والمربين من معلمين وأساتذة ومدراء أن ينتبهوا إلى ظاهرة التدخين. وأن يعلّموا أولادهم وتلاميذهم أنّ التدخين مرض، وأن يشرحوا لطلابهم أنّ السيجارة مصيبة على الصحة الجسدية والنفسية والروحية، وأنّ كل ما يُقال عن السيجارة إنّها تنشّط الفكر وتساعد على الإلهام والتذكّر ما هي إلا أوهام، والواقع هو الأمراض.

التدخين الإجباري

أنت لا تدخّن. هذا جيّد وهذه خطوة هامة للحفاظ على صحتك. ولكن هل تعلم أنّك مع الأسف الشديد تدخّن رغماً عنك، وبشكل إجباري؟! وهذا ما يسمّيه الدكتور عبد الله الباكر «التدخين اللاإرادي» لأنّ غير المدخّن يتعرّض لا إرادياً لدخان ومخلّفات احتراق السجائر في الأماكن المغلقة. كما يُعرف أيضاً بـ «التدخين من الدرجة الثانية» (مجلة الدوحة ص 49 نوفمبر (تشرين الثاني) 85) وأيضاً بـ «التدخين الجانبي» أو «استنشاق الدخان المستعمل».

وعلى هذا الأساس فلا تقتصر أضرار التدخين فقط على المدخّن وحده، بل تتعدّاه إلى غير المدخّنين الذين يعيشون من حوله. ومن المؤكّد أنّ تأثير الدخان الضار يمتدّ إلى غير المدخّنين، خصوصاً عندما يتواجدون في أماكن مغلقة.

فالإنسان إذا لم يكن من المدخّنين وجلس في غرفة مغلقة أو في مقهى مليء بالرواد، أو قاعة سينمائية سيئة التهوية مع عدد من المدخّنين، فإنّه سيستنشق هواء الغرفة الفاسد مع كل ما يحتويه من غازات سامة ناتجة عن التدخين الذي يمارسه المدخّنون على غير المدخّنين.

ولكي تعرف وتلمس خطر التدخين الإجباري واستنشاق الدخان المستعمل، اجلس لمدة زمنية في غرفة أو قاعة يتواجد فيها عدد من المدخّنين. وبعدها اخرج إلى الهواء النقي، وشمّ الجاكيت أو القميص الذي ترتديه، وستجد أنّ رائحة الدخان الكريهة تنبعث من ملابسك، بالرغم من أنّك لا تدخّن، فالدخان التصق بملابسك! وإذا كان هذا حال الملابس، فما هو حال الرئة المسكينة التي امتصت الهواء الملوث بالدخان؟

في دراسة قام بها الدكتور سندلر Dr. Sandler في أوائل سنة 1985 حول أضرار التدخين على غير المدخّنين وضح فيها ما يلي:

  • هناك ارتفاع واضح في خطورة الإصابة بالسرطان في الأشخاص الذين يتعرضون للتدخين الإجباري أو اللاإرادي.

  • هناك علاقة بين الجرعة والإصابة بمرض السرطان، فكلما زاد عدد المدخّنين في الغرفة ازدادت كمية الدخان.الذي يتسبب بازدياد الإصابة بالمرض.

  • تزيد الإصابة بسرطان الرئة كلما زادت مدة التعرّض لدخان السجائر. فالذين يتعرّضون لدخان السجائر من الطفولة وفي فترات النضوج تكون عندهم قابلية أجسادهم للإصابة أكثر من الذين يتعرّضون للدخان لفترة واحدة فقط.

لعلك سمعت عن غاز الرادون 222 المشعّ القاتل الذي تبثّه الطبيعة ويدخل رئة الإنسان بسرعة فائقة وهو يتسبب في سرطان الرئة، كما اتضح ذلك من خلال البيانات الطبية لعمال مناجم اليورانيوم. وهذا ليس اكتشافاً جديداً. إنّما الجديد هو ما اكتشفه البروفسور الفرنسي أخصائي الفيزياء النووية «جيل لوبان» من أنّ الغرف التي يجري التدخين فيها تكون عرضة أكثر من غيرها لخطر الرادون. ذلك أنّ السنتمتر المربع الواحد من الهواء العادي يحتوي على ألف من المواد الجزئية المكروسكوبية التي تساعد على التقاط الرادون 222. وعند تدخين سيجارة واحدة يرتفع عدد هذه الجزئيات إلى مئة ألف في السنتمتر المربع الواحد. مما يعني تضاعف فرص خطر التقاط الرادون الموجود أصلاً في الغرف، سواء المبنية بالأسمنت أو بالحجارة. وهذا بحدّ ذاته ناقوس خطر جديد للمدخنين وغير المدخّنين المتواجدين في غرفة واحدة.

في فرنسا أكد الدكتور كريستيان رئيس اللجنة الفرنسية لمكافحة الأمراض التنفسية «أنّه لم يعد بالإمكان اليوم القول إنّ أضرار التدخين تقتصر فقط على الشخص المدخّن، بل تتعداه إلى غير المدخّنين. والتدخين، شأنه شأن مصادر التلوّث الأخرى، يسبّب الأمراض للمدخن ولغير المدخّن».

في مدينة بروكسل في بلجيكا أكد البروفسور مايكل رائل في أبحاثه في موضوع التدخين السلبي أنّ حوالي ألف شخص من غير المدخّنين يموتون سنوياً في بريطانيا بسبب التدخين غير المباشر. وفي الولايات المتحدة الأمريكية أكدت دائرة حماية البيئة في واشنطون أنّ ما بين 4500 إلى 5000 شخص من غير المدخّنين يموتون سنوياً في أمريكا بسبب سرطان الرئة الذي يسبّبه لهم التدخين الإجباري.

هذا ما قاله الاطباء في أوروبا وأمريكا عن أضرار التدخين على غير المدخّنين. لكن ماذا يقول الأطباء في البلاد العربية؟

من المغرب يقول الدكتور عبد الكريم العمري في كتابه «التدخين جائحة العصر»: «عندما يشعل الإنسان سيجارته، وينفث دخانها في الهواء فهو ينفث مواد سامة تؤثر عليه وعلى المحيطين به على السواء. فهو لا يسمّم نفسه فقط، ولكنه يسمّم الآخرين أيضاً. ويقول الدكتور هاني عرموش في مقالٍ عن أضرار التدخين في مجلة الدوحة عدد يناير (كانون الثاني) 86 «التعرض لدخان السجائر لا يقل ضرراً بأي حال من الأحوال عن الممارسة الفعلية للتدخين».

وعلى ضوء هذه الحقائق الطبية والتحليلات التي يوجهها الأطباء بأنّ التدخين خطر على غير المدخّنين، قامت عدة دول بحملات مضادة للتدخين في الأماكن العامة.

فالسويد هي الدولة الأولى في العالم التي وصفت التدخين صراحة بأنّه خطر عام، وأصدرت قوانين صارمة بحق كل من يدخن في الأماكن العامة. وكانت نتائج هذه الحملة في السويد هبوط نسبة المدخّنين من 70٪ سنة 1963 إلى 30٪ سنة 1985. وفي الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً صادقت السلطات الصحية بولاية نيويورك على قانون جديد يمنع التدخين في الأماكن العامة ابتداءً من 8 مايو (أيّار) 1987. وعُلِّقت في كل مكان تقريباً لوائح مكتوب عليها «ممنوع التدخين». وحثَّ هذا القانون الجديد على منع التدخين في أماكن العمل، والمتاجر، والأندية الرياضية والترفيهية، والبنوك، والمدارس، والجامعات. وفي حالة المخالفة يتعرّض المدخّن لغرامة مالية مقدارها 250 دولاراً أو 15 يوماً سجناً.

وقال رئيس المصالح بولاية نيويورك: بمنعنا للتدخين في الأماكن العامة لا نقصد أن نتدخل في الحياة الخاصة للناس، كما يدّعي أصحاب شركات التبغ، بل أنّ التدخين يهدّد صحة غير المدخّنين الذين يضطرون للعيش وسط دخان المدخّنين.

ومن الدول العربية التي تخوض حرباً شعواء ضد المدخّنين دولة الكويت، فالدكتور عبد الرحمان العويضي وزير الصحة الكويتي (في شهر ديسمبر (كانون الأول) 1980) طلب من أجهزة الإعلام المشاركة في الحملة التي تقوم بها وزارته ضد التدخين للوقاية من أمراض السرطان. كما أعلن أنّه من الآن فصاعداً لن يوظّف أيّ طبيبٍ أو ممرّضٍ مدخنٍ في وزارة الصحة الكويتية.

منظمة الصحة العالمية أيضاً: صرّح السيد روبيرتو ماسيروني منسّق منظمة الصحة العالمية في جنيف أنّه ابتداءً من 7 مارس آذار) 1987 (الذي يوافق يوم الصحة العالمي) سيمنع التدخين نهائياً في مقر منظمة الصحة العالمية في جنيف.

الأمم المتحدة: نشرت صحيفة القبس الكويتية في عددها الصادر 15/2/87 خبراً من الأمم المتحدة يقول: أعلن ناطقٌ باسم منظمة الأمم المتحدة أمس الأول أنّ المسؤولين يفكرون بصورة جدية في منع التدخين في المكاتب التابعة للأمم المتحدة.

في مصر ورغم وجود قانون يمنع التدخين في الأتوبيسات (الحافلات) العامة فقد بلغت نسبة المخالفات أكثر من 51000 مخالفة في سنة 1986. وقد صرّح بذلك مسؤول بهيئة النقل العام، وقال إنّ الأمر يحتاج إلى نوع من الرقابة الشعبية على مسألة التدخين.

وفي سنغافورة قال وزير الصحة السنغافوري في أثناء الحملة المقامة لمدة الشهور الثلاثة الأولى من سنة 1987 «إنّ حق الفرد في التدخين يبطله حق الأغلبية في العيش في بيئة خالية من دخان السجائر». وهكذا منع التدخين في سائر الأماكن العامة وسيارات الأجرة ووسائل نقلٍ أخرى وحددت أماكن خاصة للتدخين في الشوارع العامة وفرضت غرامة مالية قدرها 500 دولار سنغافوري للمدخّن الذي يدخّن في غير المكان المخصص للتدخين في الشارع.

وفي النرويج، في أثر الحملة العالمية للتنبيه إلى أخطار التدخين على الصحة، قرّرت إحدى مستشفيات «تروند هايم» في وسط النرويج منح أولوية إجراء العمليات الجراحية للمرضى من غير المدخّنين باعتبار أنّهم أَوْلى بالرعاية الصحية من المدخّنين. ويوضع مدمنو التدخين تلقائياً في أسفل قائمة الانتظار لإجراء العمليات إذا لم يبدأوا في الإقلاع عن التدخين قبل عشرين يوماً على الأقل من الموعد المحدد لإجراء العمليات الجراحية بأنواعها.

لا مكان للمدخنين في المصانع البريطانية: تحت هذا العنوان نشرت الرأي العام الكويتية في عددها الصادر يوم 18/1/86 خبراً يقول: لن يتمكّن المدخّنون بعد الآن من تقديم طلباتهم للحصول على عمل في بعض المصانع البريطانية. هذا ما أعلنه بارث سوريندار رئيس مصنع رواسي للكهربائيات في مقاطعة «دورهام» وقال إنّ الشرط الرئيسي لقبول العامل في مصنعنا هو أن لا يكون مدخناً، لأن المدخّنين يؤثرون على الإنتاج.

يُفصل عن العمل بسبب التدخين: قضت محكمة ألمانية لأول مرة بفصل عامل بسبب التدخين في محل العمل، حيث وضع صاحب العمل لافتة «ممنوع التدخين». ويُعدّ هذا الرجل أول مدخن يُفصل في ألمانيا واسمه شيرماخر ويعمل فنياً في هيئة مرفق المياه في نينبرغ ويبلغ من العمر 35 سنة، وهو عامل ممتاز، عيبه فقط أنّه يدخّن 40 سيجارة يومياً، ولا يريد أن يعدل عن التدخين. وكان زملاء شيرماخر من غير المدخّنين الذين يعملون معه في مكتب مساحته 200 متراً مربعاً، ولا يمكن فتح نوافذه، قد نجحوا في فرض حظر التدخين. ورفض شيرماخر الانصياع للأمر وفُصل عن العمل. وقام برفع دعوى ضد المؤسسة إلى محكمة العمال التي قررت أنّ قرار طرده من الشغل له ما يبرره.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت إحدى الشركات الكبيرة التابعة للقطاع الخاص في مدينة شيكاغو أنّ ألفين من مستخدميها سيُقلعون عن التدخين، بما في ذلك خارج أوقات العمل، وإلاّ فإنّهم سيفقدون مناصبهم. وقال مسؤول في تلك الشركة إنّهم سيقومون بإجراء فحوصات طبيّة على جميع المستخدَمين ليعرفوا إن كان ما زال هناك مدخنون.

ومن طريف ما يُذكر في صدد منع التدخين أنّ إحدى المحاكم في بريطانيا حكمت على أحد سائقي سيارة الأجرة - تاكسي - واسمه السيد كارلس بغرامة مالية قدرها 20 جنيهاً استرلينياً، لأنه رفض نقل أحد الركاب من مطار هثرو إلى لندن لأنّ الراكب كان من المدخّنين، وقد وقع الحادث في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 1985. ولما كان السيد كارلس من أعداء التدخين فقد فضّل دفع الغرامة المالية على الإخلال بمبادئ الإساءة إلى الصحة. وقد حاول أحد رجال الشرطة إصلاح ذات البيْن لكن بدون فائدة.

في الولايات المتحدة الأمريكية أصدر قاضٍ أمريكي حكماً ضد سيدة من تكساس بالتوقف عن التدخين. وكانت السيدة البالغة من العمر 32 عاماً وهي أم لخمسة أطفال تستفيد من الإعانات الاجتماعية ارتكبت جريمة سرقة من أحد المحال الكبرى. وعندما سألها القاضي عن السبب برّرت جريمتها بحالتها الاقتصادية. فسألها: «هل تدخنين؟» أجابت: «نعم». فأصدر القاضي حكمه بمنعها عن التدخين. (جريدة الأخبار المصرية ص 2 يوم 30/5/88).

وهذا موقف آخر من الأمريكي «فرينز لتركي» فقد طلب من مكتب الموظفين الفدرالي تعويضاً له على أضرار صحيّة لحقت بعيونه، وميل للقيء لديه واضطربات في الجهاز التنفسي بسبب عمله بين موظفين جميعهم من المدخّنين، ولأول مرة في تاريخ المكتب فقد دُفع للمتضرر مبلغ 7780 دولاراً كتعويض له على ما لحق به من جرّاء دخان السجائر التي يدخّنها زملاؤه في العمل.

وقرأت عن حكمةٍ وُضعت في إطار جميل معلّق في عيادة أحد الأطباء بالدار البيضاء في المغرب تقول: «تسمَّموا إن شئتم، لكن اجتنبوا تسميم الآخرين».

السجائر الملطّفة

تنزل الى الأسواق في هذه الأيام أصناف متنوّعة من السجائر التي يقول عنها صانعوها إنّها ملطّفة أو معطّرة، وذات محتوى منخفض من القطران والنيكوتين. وتخفيض كمية القطران الموجودة في السجائر أمرٌ ممكن. ومن الوسائل المستخدمة في ذلك مزج الدخان بالهواء وذلك عن طريق «فلتر» مصفاة أو ورق مثقّب، وتضييق قطر اللفافة وتعبئتها بكميّة أقلّ من التبغ، وغير ذلك من إضافة مواد عديدة للسيجارة كالكومارين الذي يُستخرج من نبات يُعرف باسم «ديبتاريكس» أو من أوراق الفانيلا البرية، وهذا يعطي رائحة عطرة للتبغ.

لكن هل هذا يخفّف فعلاً من أضرار التبغ على المدخّن؟ هل السيجارة الملطفة خالية من الأضرار؟ ولكي نعرف الجواب العلمي الواضح عن هذه الأسئلة علينا أن نعرف المواد التي تُضاف الى السجائر المعطرة، والنتائج التي توصّل إليها الخبراء والأطباء. عند ذاك فقط نستطيع أن نعرف الحقيقة.

المعطِّر الرئيسي الذي تستخدمه شركات صناعة السجائر الملطفة هو خلاصة العرق سوس، وهي التي تعطي للتبغ نكهةً وتحفظه رطباً، كما تحسّن قابليته للاحتراق. وتحتوي خلاصة العرق سوس على الحامض المعروف بـ «الغليسيريدك» وهو أحد مصادر الهدروكاربونات الحلقية المعطرة المسببة للسرطان. كما يُستخدم في السجائر المعطرة القرفة، والقرنفل، والكاكاو، والسكر سواء كان مستخرجاً من الشمندر والحبوب أو من قصب السكر. وبالطبع هذه المواد معروفة. أمّا المواد الأخرى فهي تُعدّ من أسرار صناعة تبغ السجائر، فلا يعرفها أحد.

نشرت جريدة «العلم» المغربية في ص 8 من عدد يوم 10/10/1986 خبراً يقول: «كشفت صحيفة تورنتو ستار الكندية أنّ مواد كيماوية تساعد على عدم إطفاء السجائر بالإضافة إلى مواد أخرى لها خصائص عطرية تدخل في مكوّنات تبغ السجائر المعطرة. ثم ذكرت الصحيفة استناداً إلى وثيقة حكومية، أنّ تبغ السجائر الملطفة يحتوي على تربنتين ولك ويستون بالإضافة إلى نسبة من البوتان، والنشادر، والبروبان، والرماد البركاني، لتظل السيجارة في حالة اشتعال.

وتكشف الوثيقة التي حصلت عليها الجريدة «الكندية» على نسخة منها بموجب القانون الكندي الخاص بالحصول على المعلومات عن أن تبغ السجائر يحتوي أيضاً على إضافات مختلفة مثل «البرندي، والروم، والويسكي، والفاكهة المجففة. وخلاصة الفانيلا، والنعناع، والعسل، فضلاً عن أنواع أخرى مثل القرنفل والقرفة».

وفي عام 1979 قام الدكتور جوليوس ريتشموند مساعد وزير الصحة في الولايات المتحدة الأمريكية ببحث، عندما دخله الشك في المواد التي تضيفها شركات التبغ إلى السجائر الملطفة. فقد فكر أن المنتجين ربما أضافوا إلى التبغ مواد أكثر ضرراً من المواد التي انتزعوها منه. وفي اختبارات طبية قامت بها جهات أخرى طُلي جلد بعض الحيوانات بخلاصة السجائر الملطفة، فتسبَّب في عدد من الأورام في الحيوانات التي أُجري عليها الاختبار يعادل ما تسبّبه السجائر المحتوية على أعلى نسبة من القطران. وعلى أساس هذا التحليل الخطير طلب الدكتور ريتشموند سنة 1980 من ست شركات تبغ كبرى في أمريكا أن تزوده بلائحة بالمواد التي تُدخلها على الأنواع التي تنتجها. لكنّه لم يتوصل لأجوبة كافية، لأنّ معظم الشركات اكتفت بإرسال جواب لطيف ومهذّب، لكنّه لا يتضمن أيّ معلومات عن المواد التي تضيفها. وأرسلت بعض الشركات رسالة تعتذر فيها عن عدم تقديم المعلومات المطلوبة لأنّها من الأسرار التجارية التي تخشى هذه الشركات إذاعتها، لأنّها ستتعرض للمنافسة من الشركات الأخرى.

طبعاً ليس هذا جواباً مقنعاً، فليست هناك أسرار تجارية يُخاف عليها كما يدَّعي أصحاب الشركات، لأنّ أغلب شركات إنتاج السجائر الملطفة تستعمل نفس التركيبة، إن لم تكن نفس لائحة المواد. (هناك إعلان يقول: تمتّع بتدخين العسل - وتعطّر برائحة القرنفل). وقد شاهد زوار المعرض الإسلامي الثاني بمدينة الدار البيضاء بالمغرب من 5 إلى 10 أبريل 1986 في جناح الجمهورية الإندونيسية السجائر المعطرة بالقرنفل التي تشتهر أندونيسيا بصناعتها، ويعتقد كثيرون أنّها أقل خطراً من السجائر العادية. وقبل أن تعرض هذه السجائر في المعرض الإسلامي كانت جريدة الاتحاد الاشتراكي المغربية قد نشرت في عددها يوم 22/2/1986 ص 8 خبراً يقول: «انتشرت في أمريكا السجائر التي اشتهرت إندونيسيا بصناعتها وأقبل على تدخينها الكثيرون لا سيما الشباب، ظناً منهم أنّها لا تضرّ بالصحة كسائر أنواع التبغ. وقد ثبت العكس تماماً لمركز مكافحة الأمراض الصدرية في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا. فالتقارير التي أوردتها عن 12 رجلاً من المصابين بأمراض الجهاز التنفسي تشير إلى أنّ هؤلاء الرجال يدخنون هذا النوع من السجائر وأنّ أمراضهم ذات صلة وثيقة بها. فلا غرابة في هذا، فهذه السجائر ليست خالية من التبغ بل إنه يكوِّن 60٪ من محتوياتها».

في مؤتمر خبراء وأطباء السرطان الذين التقوا في مدينة هايدلبرغ الألمانية. أكد البروفيسور «تورار» الأستاذ في جامعة مونستر الألمانية أنّه لا توجد سيجارة غير خطرة أو سامة، لأن مادة «نيتروأسامين» التي تُعتبر من أبرز العوامل المسببة للسرطان، موجودة في مادة النيكوتين نفسها ولا يمكن تصور وجود سجائر دون «نيكوتين» (القبس الدولي عدد 583 - 1987/1/6).

ويخطئ من يعتقد أنّه باستبدال السجائر العادية بالسجائر الملطفة المعطرة سيقلل من أخطار التدخين، فمن المعروف أن لكل مدخن كميته الخاصة من مادة «النيكوتين» التي تجعله يحس باسترجاع «المزاج». وإذا استبدل سيجارته المعتادة بسيجارة أخرى تحتوي على نيكوتين أقل، فإنّه يقوم وبدون شعور بزيادة الكمية الناقصة من مادة «النيكوتين». وذلك بتدخين مزيد من السجائر.

وهناك اعتقاد آخر ساد لمدة طويلة، هو أنّ المرشِّح «الفلتر» يخفّف من سموم الدخان بالتقاطه بعض القطران الذي يحتوي عليه التبغ. ولكنّ دراسة علمية حديثة أُجريت في الولايات المتحدة الأمريكية كشفت أنّ السجائر ذات الفلتر لا تقل خطراً عن السجائر العادية. ويقول العلماء والأطباء الذين قاموا بهذه الدراسة إنّ الفلتر الذي يُستعمل إن كان من النوع الجيد قد يخفف قليلاً من كمية القطران المستنشَق مع الدخان، لكنّه لا يجعل هذا الدخان أقل خطراً من غيره.

إذن عزيزي المدخّن، حتّى السيجارة ذات الفلتر الجيد سيجارة ضارة! ولن ينقذك من الخطر أن تستبدل سيجارتك المعتادة بالسجائر التي يقال إنّها أقل خطراً وإنّها قليلة القطران ومخففة النيكوتين. بل لن تكون في أمان حتى لو كنت تدخن السجائر الجديدة التي يُقال إنها بلا دخان ولا رماد، لأنّها لا تفرز الكثير من الدخان ولا تحتوي على أيّ قطران، ولا يبقى منها شيء بعد تدخينها (لا رماد ولا روائح غير مستحبة) وإنّها لا تضايق غير المدخّنين، وتحول دون استنشاق الموجودين بجوار المدخّن، للدخان الذي تنفثه سيجارته العادية من دخان.ٍ

إذن الشيء الوحيد الذي ينفعك في هذه الحالة، هو ترك التدخين بصفة نهائية كما يقول تقرير الكلية البريطانية للأطباء الصادر سنة 1977 «إنّ أفضل ما يمكن أن يفعله المدخّن هو الإقلاع نهائياً عن التدخين، لا استبدال السجائر العادية بالسجائر الملطفة، فانّ ذلك لا ينفع في شيء».

الإشهار ونشر عادة التدخين

حملات الإشهار (الإعلان) والدعاية للسجائر قائمة على قدم وساق، مستمرة وتزداد كل يوم وتتخذ أشكالاً متنوعة. فالإعلانات في عصرنا الحاضر تسيطر على كل شيء، وأصبحت العلامة التي تضيء للإنسان طريقه، وبدونها لم يعد في استطاعة الإنسان أن يتخذ أيّ قرار، لدرجة أنّ بعض الناس تجرّدوا من شخصيتهم وأصبحوا يعتمدون كلياً على الإشهار والإعلان! والمشرفون على ذلك أصحاب أدمغة كبيرة. ويقول خبير الإشهار الفرنسي كريستيان لوبون: «في الإعلان والإشهار أشياء كثيرة من الفلسفة. وبواسطته نحاول إخراج الحاسة السادسة من مخبئها». وأصحاب شركات التبغ يستخدمون أكثر من 90 خبيراً في شؤون الإشهار والإعلان، ويعملون باجتهاد على نشر التدخين بوسائل متنوعة، ويعتمدون على أحدث الطرق لتثبيت عادة التدخين، ونشر التدخين في كل أنحاء العالم مهما كانت بعيدة، خصوصاً بلدان العالم الثالث، حيث يتمتع منتجو التبغ بحرية الإعلان والإشهار عن بضاعتهم بدون أية حدود أو قيود قانونية أو إجراءات حكومية. ففي بعض الدول الأفريقية تجد توزيع السجائر أوسع انتشاراً من أيّ سلعة أخرى فتصل السجائر إلى أماكن نائية بعيدة لا يمكن الوصول إليها إلا بمشقة وصعوبة، مشياً على الأقدام أو ركوباً على ظهور الحمير والبغال والجمال.

أمّا في بريطانيا وأيرلندا الشمالية فتنفق شركات التبغ أكثر من مئة مليون جنيهاً استرلينياً على الدعاية سنوياً لنشر السيجارة، وقد بلغت مصاريف الإعلان عن التدخين في العالم أكثر من ألفي مليون دولار سنوياً. وأدّى هذا إلى زيادة عدد المدخّنين في العالم الثالث زيادة مدهشة. ففي أفريقيا على سبيل المثال زادت نسبة المدخّنين 33٪ ما بين سنة 1965 وسنة 1975. بينما زادت نسبة المدخّنين في الولايات المتحدة بنسبة 3٪ فقط في الفترة ذاتها. وفي إحصاء الميزانية الخاصة للدعاية التي تخصصها شركة التبغ المغربية، (والذي نشرته مجلة الجمعية المغربية لمكافحة السرطان رقم 1 ابريل (نيسان) 1984) نجد أنّ إدارة الشركة المغربية تكرس للدعاية من أجل استهلاك التبغ ميزانية مالية في تصاعد مستمر:

في سنة 1981 100300000 درهم

في سنة 1982 288000000000 درهم

في سنة 1983 449000000000 درهم

وشركات التبغ في كل مكان ذكية وتعرف من أين تُؤكل الكتف. فأخذت تقوم بالإشهار لمنتوجاتها في جميع أنحاء العالم، وتستغل كل شيء في سبيل نشر التدخين. إعلاناتها تتصدر الساحات العامة وجنبات الملاعب الرياضية وأغلفة أمهات المجلات وأشهر الصحف. والإذاعات ومحطات التلفزة والإنترنت تتسابق في الحصول على الاشهار للسجائر. بل أكثر من هذا: أصبحت لشركات التبغ فرق فرقاً رياضية تحمل اسمها. وتنظم وتموّل من حين لآخر لقاءات ومسابقات في مختلف أنواع الرياضة. فشركات التبغ تضع الإشهار الخادع الذي يجعل المشاهد والمستمع يصدّق ويقلّد، أو تقوم الشركة باعلان يقدمه ممثل مشهور أو بطل رياضي معروف، أو رجل أعمال ناجح، أو سياسي بارز، وهكذا يدغدغ الإشهار أحلام الإنسان، فيتوهم أنّه بممارسة عادة التدخين، يصبح مثل الأشخاص الذين قدّموا الإشهار، وأنّه بتدخين نوعٍ من السجائر يجد الطريق للنجاح في الحياة وسيمتلك صفة الوجاهة، وسيكون من الشخصيات البارزة. ومع مرور الأيام تتمكن العادة حيث يصبح الفضول ممارسة والممارسة تتحول الى إدمان. وفي الأخير يكتشف المدخّن أنّ السيجارة ليست كما أوهمته الدعاية التي يشاهدها أو يسمعها!

وتعرف شركات التبغ جيداً أنّ السيجارة ضارة، وأنّها تقتل بشكل بطيء. ولولا معرفتها بضرر التدخين لما رضخت لطلب بعض الدول التي تلزمها أن تكتب بجانب الإعلان أو على طرف علبة السجائر الجملة المعروفة «التدخين ضار بصحتك. ننصحك بالامتناع عنه». ومع كل ذلك تستمر في الدعاية والإشهار لمنتوجاتها، لأنّها تعرف أنّ المدخّن لا يهمّه أن يسأل أو أن يتفحّص السجائر هل هي ضارة أم لا؟ المهم عنده هو التدخين، على رأي المثل «كل العسل ولا تسَلْ». وبالرغم من الحملات المضادة للتدخين إلا أنّ الناس يستمرون فيه، ولا يهتمون بنصائح الأطباء الذين يؤكدون أنّ الإشهار للسيجارة هو مجرد دعاية لسلعة ضارة، وكما قال أحدهم: «الإعلان والإشهار يكذِّبه عشرة ويصدِّقه ألف!».

ومن الجمعيات العربية الكثيرة التي تحارب التدخين الجمعية اللبنانية لمكافحة السرطان، وقد أدركت خطورة الدعاية للتبغ فقامت بإصدار نداء تقول فيه: إنّ شركات التبغ العالمية ضاعفت جهودها الدعائية في السنوات الأخيرة، لتصوّر للناس أن السجائر وسائل الحصول على السعادة. وهذا ما دفع ببعض الدول إلى منع الدعاية للسجائر. وطالبت الجمعية بحملة مضادة وحددتها في النقط التالية:

  1. تنظيم حملة إعلامية لتعريف الجمهور بأضرار التدخين.

  2. منع الدعاية التي تقوم بها شركات التبغ أو مقابلتها بحملة واسعة تقوم بها وزارة الصحة لشرح أضرار التدخين.

  3. إلصاق ورقة أو طبع كتابة تحذير واضح يتضمن أضرار التدخين على علبة السجائر.

  4. تنظيم محاضرات وندوات في المعاهد والمدارس لشرح مضار التدخين.

  5. أن تساهم وسائل الإعلان في هذه الحملة لأن مسؤوليتها كبيرة في هذا المجال.

حكمة

«لا تنخدع بكثرة الإعلانات عن السجائر. إنّها دعاية جذّابة لسلعة ضارة».

(مجلة التعاون الوطني المغربية عدد 5 - 84)

دول تمنع الإشهار

  • في النرويج يُمنع منعاً باتاً الإشهار (الدعاية) للسجائر، بل تعلَّق كل الإعلانات المضادة للتدخين.

  • في الاتحاد السوفياتي (سابقاً) يُمنع منعاً كلياً الإشهار للسيجارة، ويُمنع منعاً قاطعاً التدخين في الأماكن العامة.

  • في بريطانيا يُمنع الإشهار للسجائر في الراديو والصحف والتلفزة.

  • في تشيكوسلوفاكيا ممنوع الدعاية والإشهار للسيجارة.

  • في المكسيك تُمنع كل دعاية تربط بين التدخين والنجاح في الحياة والرياضة والجمال.

  • سويسرا تمنع الإشهار والدعاية بكل أنواعها للسجائر أو التدخين.

  • المانيا تُكتب تحت كل لافتة إشهار عن التدخين العبارة التالية: «التدخين ضار بالصحة». وهذا ليتحمّل المدخّن مسؤولية مضار التدخين، وليكون على بينّة من أمره.

وأنا أتساءل: لماذا لا تمنع دول العالم الثالث الإشهار للسجائر، مع أن أردأ أنواع التبغ هي التي تُصدّر للعالم الثالث؟

انتشار التبغ، إحصائيات وأرقام

تدلّ الإحصائيات أنّ هناك أكثر من أربعة مليارات سيجارة تُباع سنوياً في جميع أنحاء العالم، تكلف كل سنة أكثر من 85 مليار دولار أمريكي.

يبلغ معدل الإنتاج العالمي من السجائر سيجارتين يومياً لكل شخص على وجه الأرض، وهذه الكمية تكفي لإبادة الجنس البشري كله. لو حُقنت محتويات كل سيجارتين في الوريد.

تقول الإحصائيات إنّ إنتاج السجائر محليّاً في الشرق الأوسط زاد أربع مرات في الفترة ما بين 1950 و1970. ولا تزال الزيادة مستمرة، وتقدر الكمية المستهلكة من السجائر في الشرق الأوسط بثمانين بليون سيجارة سنوياً، وهذا يعني استهلاك 600 سيجارة في السنة لكل شخص فوق سن الخامسة عشرة من سكّان المنطقة.

ولا يزال سعر السجائر في دول الخليج يمثّل أرخص سعر في العالم، حيث لا تفرض هناك على السجائر سوى ضرائب رمزية جداً. إذ يبلغ ثمن علبة السجائر في الخليج العربي أقل من ثمنها في أوروبا.

أمّا في مجال الإستيراد فقد بلغت الكمية التي استوردتها السعودية من التبغ في سنة واحدة ما تكفي لصنع 900 سيجارة لكل شخص كبير وصغير يعيش في السعودية. ويدفع سكان المملكة العربية السعودية 360605915 ريالاً سعودياً مقابل السجائر، أي بمعدل مليون ريال سعودي يومياً، وهذا طبقاً لإحصائيات سنة 1977 الصادرة عن وزارة التجارة والغرفة التجارية السعودية. ونُشر إِحصاء في مجلة الفيصل الطبية عدد مارس (آذار) 1985 ذكر أنّ كمية التبغ التي استوردتها المملكة السعودية كانت سنة 1972 ما قدره 475000 كيلو غراماً من التبغ. أمّا الكمية المستوردة سنة 1981 فقد بلغت 3672500 كيلو غراماً، أي أنّ الكمية المستوردة تضاعفت تسع مرات تقريباً في أقلّ من عشر سنوات. وهذه الزيادة رهيبة ومخيفة.

أمّا في المغرب فتدلّ الأرقام التي نشرتها جريدة «نساء المغرب» في عدد 3 لعام 1986 أنّ استهلاك التبغ في المغرب زاد على 1200 سيجارة لكل مغربي ومغربية في السنة.

وفي مصر بلغ عدد المدخّنين 39٪ من الرجال البالغين، وفي دراسة قام بها مركز التعبئة والإحصاء المصري تقول إنّ متوسط إنفاق الفرد 5،5٪ في شراء التبغ.

وفي السنغال وصلت نسبة المدخّنين في المدن إلى 80٪ من الرجال البالغين. أمّا في بنغلادش فوصلت النسبة بين الرجال المدخّنين البالغين 67٪ في الأرياف، أمّا في المدن فأكثر من هذا بكثير. ولكنّ مصيبة نيجيريا أعظم، فالتدخين بين طلبة كلية الطب وصل الى 72٪ من مجموع الطلبة و22٪ من الطالبات.

وفي البرازيل وصلت نسبة المدخّنين بين الرجال الى 62،8٪. وفي تقرير لوكالة رويتر أنّ أكثر من 60٪ من الذكور في الصين يدخنون، ومعظمهم يبدأ التدخين في سن تتراوح بين 15 و24 عاماً، ويدخن الواحد منهم ما يتراوح بين عشرة وعشرين سيجارة يومياً.

لماذا لا تحارب بعض الحكومات التدخين؟

تفكّر حكومات دول كثيرة أن تحارب التدخين. لكن نظراً للمبالغ الطائلة المستثمرة في ميدان صناعة التبغ تقف حائرة.

ففي فرنسا مثلاً يدرُّ التبغ بطريقة غير مباشرة أكثر من 7 مليار يورو على الخزينة العامة سنوياً. وتحتل صناعة التبغ الأمريكية المحلية المرتبة الثانية بعد الصين، وقد حققت لها هذه الصناعة ربحاً إجمالياً قدره 18 مليار دولار عام 1982. وفي تونس وفّر قطاع السجائر لخزينة الدولة في عام 1977 مبلغ 39500000 ديناراً تونسياً، بالإضافة إلى مبلغي: 676742 و315218 ديناراً تونسياً. هذا حسب ما أوردته الصحيفة التونسية «أجيال» ص 8 تموز 1985.

أمّا الشركات البريطانية التي تصدّر سمومها الى العالم الثالث فقد حققت أرباحاً هائلة وصلت في سنة 1982 إلى 743 مليون جنيه استرليني.

وفي المغرب تدرُّ تجارة الدخان على خزينة الدولة ملايين السنتيمات، كل سيجارة بيعت تأخذ الدولة من مدخولها 80٪ ويستفيد من هذا القطاع 250 ألف أسرة، سواء باشتغالها في عملية الإنتاج أو البيع أو التجفيف، وهذه حقيقة ملموسة وهي أنّ الجانب الاقتصادي لهذه التجارة أمر لا يُستهان به. وقد أشار الأستاذ عمر الشرقاوي من خلال أرقام قدّمها في المؤتمر الرابع للأمراض التنفسية الذي انعقد في الدار البيضاء في يوم 25 فبراير (شباط) 1989 أنّ كميّة التبغ المستهلك في المغرب سنة 1988 بلغت 16 ألف طنٍّ، وأن 274500 مليار سنتيم ستدخل خزينة الدولة من تجارة التبغ. وعلى هذا الأساس يُصعب على الدولة، أية دولة، أن تحارب أو تمنع ممارسة عادة التدخين.

وأكثر من هذا فإن بعض أصحاب المصانع وشركات التبغ في بعض بلدان العالم الثالث لهم نفوذ كبير في ميادين عديدة، حتى أنّهم يستطيعون الوقوف في وجه بعض الحكومات إذ هي حاولت التدخل لوقف صناعة التبغ أو منع التدخين، فإنهم كما تقول «اللانست» في عددها الصادر في شهر يونيو (حزيران) 1983: «يقومون بإعادة تجارة الرقيق في صورة جديدة. وذلك باستعبادهم شعوب العالم الثالث بمادة النيكوتين. وجني مئات الملايين من الدولارات سنوياً كأرباح صافية من وراء هذه التجارة». وقد صدق روبرت كنيدي حين قال: «تنشر شركات التبغ الموت في العالم من أجل مكاسبها المادية البحتة».

«تركيا واليونان 45٪ في المئة من ميزانيتهما تأتيهما من تجارة التبغ بالعملة الصعبة. هاتان الدولتان مهما كانت الإرادة قوية يصعب عليهما حتى مجرد التفكير في موضوع التدخين» الدكتور عمر الشرقاوي العلم ص 4 - 8/3/87.

محاربة التدخين

بعد أن زاد انتشار التدخين والأخطار الناجمة عنه، حاول مجلس النواب الألماني إلغاء صناديق البيع الآلية للسجائر، ليجنّبوا الشباب والأطفال مخاطر التدخين، مع العلم أنّ هذه الصناديق تدرّ أرباحاً طائلة وصلت عام 1985 الى 3،6 مليار مارك ألماني (أي ما يقارب ملياري يورو) وترتبط بها وظائف عديدة.

في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1987 أصدرت السعودية قراراً بمنع دخول السجائر التي تخالف المواصفات التي تم تحديدها كنسبة القطران والنيكوتين، وكتابة العبارات التحذيرية، وأهم من ذلك كتابة تاريخ التصنيع بالشهر والسنة باللغتين، وقد خصصت السعودية في إطار محاربة التدخين عيادات خاصة هي عيادات «مكافحة التدخين» وتدعو كافة المواطنين لمحاربة هذه العادة الضارة، وتهيب بهم أن يزوروا العيادات التي فُتحت لأجلهم! (عكاظ ص 2 - 3 - 12 - 87).

في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 1986 قررت سلطنة عمان اتخاذ اجراءات مشددة للتخفيف من نسبة النيكوتين والقطران في جميع أنواع السجائر التي تستوردها. كما أنّها اشترطت على مستوردي السجائر أن يكتبوا على كل علبة سجائر عبارة «التدخين سبب رئيسي للسرطان وأمراض الرئة، والقلب، والشرايين» وذلك باللغتين العربية والإنكليزية، مع استبدال كلمتي تحذير حكومي بكلمتي «تحذير صحي».

كذلك أعلنت وزارة الصحة الأردنية في شهر يناير (كانون الثاني) 1988 أنّها سوف تفرض حظراً على التدخين في جميع الأماكن العامة، بما في ذلك دور السينما والمسارح والمكتبات وسيّارات النقل العام.

الإقلاع عن التدخين

مَن مِن المدخّنين لا يرغب في الإقلاع عن التدخين؟ بالتأكيد لا أحد. اسأل أيّ مدخن فسيظهر لك رغبته الأكيدة في ترك التدخين. ولكن يقول لك: تَرْك التدخين أمر صعب، فهو يستطيع أن يستغني عن الخبز ولا يستغني عن السيجارة.

وبالفعل هذا صحيح. فمن الخطأ الفادح اعتبار الإقلاع عن التدخين أمراً سهلاً، فقد تبيّن أنّ الإدمان والتعوّد على التدخين يشكّل ارتباطاً وتعلُّقا ذهنياً زيادة على الإدمان الفسيولوجي. فمادة النيكوتين السامة تصل إلى الدماغ بعد بضع دقائق من الرشفة الأولى، وبعدها ينتشر في الجسم. ويتبدد خلال عشرين دقيقة فقط، فيشعر المدخّن بحاجة إلى سيجارة أخرى.

وكم من مدخن توقف عن التدخين مدة تتراوح بين أسابيع أو شهور، وبعد ذلك يعود إلى عادته القديمة، ومن هنا ندرك مدى صعوبة الإقلاع عن التدخين. فالمدخّن حينما يريد أن يترك التدخين يشعر كأنه سيفقد شيئاً مهماً، كما أن جهازه العصبي كلّه يطلب المزيد من النيكوتين، ممّا يؤثر عليه نفسياً وجسدياً. أو كما يقول الدكتور الثون كبير أطباء مستشفى نيوأورليانز: «من الصعب إقناع المدخّنين بوجوب الإقلاع عن التدخين، لا لسبب سوى أنّهم يعتقدون بأنّ هناك ضرراً أكبر يلحق بهم عندما يتوقفون عنه».

وإن كان الإقلاع عن التدخين ليس بالأمر السهل إلاّ أنه ليس بمستحيل على من يتمتع بإرادة وإيمان قويّين وعميقين بالله تعالى. إيمان يصدّق أنّ الله قادر على كل شيء. وإذا اتكل عليه إنسانٌ يعطيه قوة روحية داخلية تجعله ينتصر على عاداته السيئة وميوله المنحرفة. فالعناية الإلهية التي وهبت العقل للإنسان ومنحته القدرة على التفكير بعمق، ستساعده ليقاوم كل ما هو ضار بصحته الجسدية والنفسية والعقلية. وكما قال بولس الرسول في رسالته إلى أهل فيلبّي: «أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي ٱلْمَسِيحِ ٱلَّذِي يُقَوِّينِي» (فيلبّي 4: 13).

لا تؤجّل عمل اليوم إلى الغد فتقول: سأحاول يوماً ما. فذلك اليوم قد وصل، وهو الآن! وعليك أن تتسلح بالإرادة لتختبر حلاوة الحرية من عبودية السيجارة.

عزيزي القارئ: الإقلاع عن التدخين خيار لا يمكن أن تندم عليه أبداً، فلا تكن كمن قال عنه سليمان الحكيم: «مَدِينَةٌ مُنْهَدِمَةٌ بِلاَ سُورٍ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى رُوحِهِ» (أمثال 25: 28). واعلم أنه كلما اتبعت شهواتك ونزواتك واستسلمت لها زادت طلباتها وزاد جوعها.

تذكّر

تذكّر وأنت تشعل السيجارة كم من المال تبدّده كل شهر؟ اتّخذ من الناحية المادية مشجّعاً لك على التخلّص من التدخين، إذ تستطيع أن تُدخل مزيداً من السعادة على نفسك وعلى عائلتك بأن تنفق عليهم ما تنفقه في التدخين، مثلاً في شراء لعبة لطفلك الصغير، أو هدية لزوجتك.

تذكّر أنّك حين تفعل هذا لا توفّر مالك فقط بل صحّتك أيضاً. واعلم أنّ لبدنك عليك حقاً. وأنّ السيجارة حمل ثقيل على رصيد عمرك من الأيام القادمة.

الشخص المدخّن يدفع ثمن سيجارته مرتين! المرة الأولى عندما يدفع ثمن العلبة من جيبه فيمتلك السيجارة. والمرة الثانية عندما تمتلك السيجارة المدخّن، فيدفع ثمنها إذ ذاك من صحته وحياته.

لكي

لكي تقلع عن التدخين عليك أن تقتنع تماماً بأضرار التدخين وبوجوب تركه.

وأن تتنازل عن أنانيتك وتتحكم في سلوكك الشاذ.

عليك أن تؤمن بأنّك تملك إرادة قوية تقودك إلى الانتصار على التدخين. وأن تقتنع أنه بامتناعك عنه لن تخسر شيئاً. قد تتألم أسبوعاً أو أسبوعين، لكن بعد ذلك ستتحرّر من عادة استعبدتك لمدة طويلة.

أخيراً وليس آخراً أعليك أن تعرف بأنّك وُلدت حرّاً كريماً، وتسأل نفسك: لماذا أعطيتُ عادة التدخين فرصة تتحكم فيّ وتستعبدني؟!

هل للتدخين فوائد؟

يُحكى أنّه لما بارت تجارة السجائر وكسدت سوقها وقلَّ رواجها، قام أحد تجّارها في الناس خطيباً يقول إنّ للتدخين فوائد اختصرها في ثلاث نقط:

- المدخّن لا يعضّه كلب.

- لا يُسرَق له بيت.

- لا يهرم له جسد.

ولما كان لكل زمان ومكان أغبياء وحمقى سمعوه واقتنعوا بكلامه المعسول، وصوته الرخيم. فقاموا يتخاطفون بضاعته. وهكذا باع كل ما عنده من سجائر. فلما تفرّق الناس وذهب كلٌّ لسبيله تقدّم واحد منهم وقال له: «بالله عليك خبّرني عن سرّ الفوائد الثلاث التي قلت إنّ التدخين يحتوي عليها».

فضحك التاجر وقال: «يَسْلم المدخّن من عضة الكلب لأنّه يتوكّأ على عصا فتخافه الكلاب، ولا يُسرَق له بيت لأنّه لا ينام من كثرة الأرق والسُّعال بحيث لا يقدر اللص أن يدخل البيت. ولا يهرم له جسد لأنّ السجائر لن تدعه يبلغ سن الهرم والشيخوخة!».

احذر الفشل

يقول العديد من المدخّنين: «لقد قمنا بالعديد من المحاولات لنقلع عن التدخين إلا أنّنا فشلنا، والآن نشعر باليأس. وكل محاولة جديدة سنحاولها سيكون مصيرها الفشل كسابقاتها». وهكذا يستمرون في التدخين لأنّهم لم ينجحوا في محاولات سابقة. أنت أيضاً قد تقول: أنا جرّبت ولم أستطع أن أتحرر من ممارسة عادة التدخين التي مارستُها سنوات طويلة.

اسمع يا صديقي العزيز، هذا عذر غير مقبول فنحن لسنا سجناء في قالب شخصيّة معيّنة ينبغي علينا البقاء فيه، لأنه صُنع في طفولتنا أو مراهقتنا. يجب أن لا نبقى عبيداً لصفة لازمتنا سنوات طويلة من عمرنا، فالله خلقنا ووهبنا عقلاً نميّز به الأمور، وفكراً نفكر به ونقرر بين الصالح والطالح. فلماذا تلغي عقلك وتستسلم للعاطفة واليأس والفشل؟

فإذا حاولت سابقاً الابتعاد عن التدخين وفشلت، فحاول مرة أخرى، فلا بدّ أن تنجح في إنقاذ نفسك من عبودية دخان السجائر القاتل. وطالما عندك الإِرادة للصمود وتسعى للحرية من تلك العبودية، ولحياة أفضل لك وللاۤخرين، فلا بدّ أن تنجح. فالحياة تطلب منك أن تكون محارباً عن الحرية ضد العادات السيئة، فانتبه لنفسك من روح الفشل والهزيمة، فقد تقنع نفسك بأن الفشل الذي رافق القرارات السابقة سيتكرر من جديد مع القرارات الجديدة. فإذا استسلمت ستكون قد أدخلت في فكرك روح الفشل والهزيمة.

ضع ثقتك في الله. اتّكل عليه في معركتك ضد السيجارة، وبدون شك ستنتصر مهما كانت الصعوبات والعوائق. سواء على عادة التدخين أو أي عادة سيّئة أخرى.

« ٱللّهُ (ٱلَّذِي) يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ ٱلنَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ ٱلْحَقِّ يُقْبِلُونَ» (1تيموثاوس 2: 4).

قالوا عن التدخين

«التدخين نقمة، والصحة نعمة، والخيار لك»

«اليوم تستطيع أن تختار إمّا الامتناع عن التدخين، فتقفز قفزة إلى الأمام، أو تستمر في التدخين، وهذا نكسة إلى الوراء» (الجمعية المغربية لمحاربة السرطان).

«الهواء النقي من حقك يا من لا تدخن، وليس من حقك أيّها المدخّن أن تزعج الآخرين بدخان سيجارتك» (وزارة الصحة الفرنسية).

«السيجارة عبء ثقيل على صحتك وميزانيتك وعلى رصيد عمرك من الأيام الآتية» (الأجيال التونسية).

«إنّي لا أخوض معركة ضدّ الدخان ولكن ضد السرطان. وإذا أعلنّا الحرب على السرطان يجب أن نقوم بها على جميع الجبهات» (جوليو أندريوتي وزير الصحة الإيطالي عام 1986).

«تنشر شركات السجائر الموت في العالم لأجل مكاسبها المادية البحتة» (روبرت كنيدي 1967).

«لا داعي للمزيد من الضحايا لإثبات خطورة التدخين» (منظمة الصحة العالمية).

«يظن المدخّن أنّه حي وما هو بحيّ. إنّه ميت لا فرق. إنّه يشتري الموت بالحياة، ويدفع ثمن شقائه وتعاسته من حياته ووجوده» (الأديب اللبناني فؤاد الأشقر).

«يتحوّل عالم المدخّنين السجائر إلى رماد» (والتر .س. روس).

«خير طريقة لوقاية نفسك من أخطار التدخين ألاّ تدع دخان التبغ يدخل رئتيك أبداً» (د. لويل يونتي).

«ماذا يفيدك من دخانٍ

بعدما تدرف رماده؟

إما سعالُ الصدرِ

أو مرضٌ يقودك للعياده!»

«إَنَّ ٱللّهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ ٱلْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ ٱلْقُّوَةِ وَٱلْمَحَبَّةِ وَٱلنُّصْحِ» (2تيموثاوس 1: 7).

من يستطيع؟

الإنسان في كلّ مكان يطلب السعادة والسكينة والطمأنينة، ويسعى للحصول على السعادة بشتى الوسائل الممكنة، ويسلك كلّ السبل التي يعتقد أنّها ستوصله إلى السعادة. لقد جرّب كلّ شيء لكنّه فشل. فمن يستطيع أن يعيد للإنسان صفاء الذهن، وراحة البال، وطمأنينة القلب وهناء الحياة؟ من يستطيع أن يخلِّص الإنسان من نفسه الأمّارة بالسوء، ويحرره من عاداته السيئة التي تستعبده؟ هل يستطيع القانون أو الخمر أو المال أو الجنس أو المخدّرات أو السيجارة؟ لقد جرّب الإنسان كل هذه الاشياء ولا واحدة منها استطاعت أن تمنحه السعادة.

اذن من يستطيع؟

إنّه الله! نعم الله الذي خلق الإنسان! هو وحده القادر على تغيير الإنسان وتجديده. إنّه وحده الذي يستطيع أن يعطي السعادة الكاملة الحقيقية للإنسان. فإذا تقدّم الإنسان إلى الله بقلب منكسر وبتوبة صادقة فالله سبحانه سيحرره من كل عبودية مهما كانت، ابتداءً من السيجارة إلى أكبر ذنب في حياته.

قال المسيح له المجد «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (متى 11: 28).

وقال أيضاً: «وَتَعْرِفُونَ ٱلْحَقَّ وَٱلْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ» (يوحّنا 8: 32). ودعوة المسيح هي دعوة للحرية من كل العادات السيئة التي تضر بالإنسان. آمن به ودَعْه يدخل قلبك ويملك على حياتك، فتتحرر من ذنوبك التي أثقلت كاهلك، وتتحرر من كل الوساوس. وأكثر من هذا فإنّك تحصل على الحياة الأبدية.

قال السيد المسيح: «غَيْرُ ٱلْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ ٱلنَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ ٱللّهِ» (لوقا 18: 27).

«أَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يوحنا 10: 10).

«كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ ٱللّهِ» (مرقس 10: 27).

«بَدْءُ ٱلْحِكْمَةِ مَخَافَةُ ٱلرَّبِّ، وَمَعْرِفَةُ ٱلْقُدُّوسِ فَهْمٌ» (أمثال 9: 10).

التغيير المطلوب

عزيزي المدخّن، التغيير الذي يفيدك والذي أنت بحاجة إليه لتتحرر من عبودية التبغ ومضاره، ليس هو تغيير نوعٍ من السجائر بنوع آخر، أو تغيير بعض العادات. كلا! فالتغيير المطلوب هو تغيير جذريّ داخليّ!

فالأطبّاء ينصحون ويحذّرون الناس من أخطار التدخين، ويجتهدون في اكتشاف أدوية تخفف ألم الأمراض التي يسبّبها. لكن مع ذلك كله يقولون: نحن نقوم بالواجب. لكن ما لم يُغيّر الإنسان عاداته السيئة فلا يمكن أن يفيده الدواء ولا النصح بشيء.

إذن المطلوب هو التغيير الداخلي، وهذا لن يحصل إلاّ إذا آمن الإنسان بالله وسلّم له حياته، وطلب منه أن ينقذه ويحرّره من خطاياه ومعاصيه، ويخلصه من عاداته السيئة التي تستعبده. ولا شكّ أن الله سيفعل ذلك إذا طلب الإنسان ذلك بقلب صادق مؤمن، وجاء إلى الله بنيّةٍ راغبة.

قد تنفع نصائح الأطباء والحملات المضادة للتدخين إلى حدّ ما، لكن تغيير القلب الحقيقي الداخلي موكول إلى الله وحده. والإنجيل يقول: «ٱللّهِ يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ ٱلنَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ ٱلْحَقِّ يُقْبِلُونَ»: (تيموثاوس الأولى 2: 4). فإن طلبت من الله واثقاً، فإنه ينقذك من خطاياك، ويخلّصك من العادات السيئة. لا شكّ أن الله يقدر أن يفعل المعجزات في حياتك ويجعل منك إنساناً جديداً نافعاً صالحاً.

«تَصَالَحُوا مَعَ ٱللّهِ» (2 كورنثوس 5: 20)

من يؤيّد التدخين؟

من هم يا ترى المؤيّدون للتدخين؟

إنّهم في الدرجة الأولى أصحاب المصالح الذين تتعلق مصالحهم بالتبغ، كالمزارعين الذين يعيشون من وراء زراعته، والعمّال الذين يعيشون من شغلهم في مصانعه، والذين يبلغ عددهم أكثر من ستين مليوناً . ففي أمريكا وحدها نصف مليون عامل يعملون في صناعة التبغ وفي فرنسا مئة ألف عامل.

والذين يشجعون التدخين هم المشتغلون بالاستيراد والتصدير، لأنّه كلّما زاد عدد المدخّنين ازدهرت أعمالهم.

ومن أصحاب المصلحة في انتشار التبغ أصحاب مؤسسات الدعاية والإعلان والإشهار، لأنّهم يجنون من وراء ذلك ملايين الدولارات التي ينفقها أصحاب المصانع في سبيل الدعاية والترويج لسلعهم.

فقد بلغت تكاليف إعلانات التدخين في العالم أكثر من ألفي مليون دولار أمريكي بين عام 1965 و1975 ونتيجة لهذا ازداد عدد المدخّنين، إذ وصل في إفريقيا إلى 33٪ وفي أمريكا اللاتينية 24٪ وفي آسيا 23٪.

وبعض الدول نظراً للأرباح الطائلة التي تجنيها من التبغ تشجع التدخين (كالصين مثلاً) بدلاً من أن تسعى للحد من التدخين وانتشاره تسعى لتطويره وتحسين نوعيته، واعتبرته على حدّ قول أحدهم «شراً لا بد منه». وطبعاً هناك دوافع اقتصادية لهذا الموقف المؤسف، فقد بلغت أرباح صناعة التبغ في الصين 2،42 مليار دولار عام 1986 وبذلك احتلت صناعة التبغ المرتبة الثانية بعد أرباح صناعة البترول. وقد وصل إنتاج السجائر إلى 120 مليار علبة يومياً سنة 1990.

نصائح وإرشادات

ينصح الأطباء والخبراء في ميدان مكافحة التدخين الأشخاص الراغبين في الإقلاع عن التدخين باتخاذ الخطوات التالية:

  • اتخذ قرارك عن تصميم وإرادة قوية وعزيمة صلبة. ليكن إيمانك بنفسك وأنت الذي تقدّرها وتحترمها.

  • ادرس ما كُتب عن التدخين واقتنع بأضراره.

  • املأ وقتك كله بما ينفع كالمطالعة والرياضة الخ...

  • تخلَّص من كل السجائر التي لديك. كذلك الولاعة أو أعواد الكبريت.

  • لا تذهب الى الأماكن التي تعوَّدت أن تذهب اليها لتدخن فيها، كالمقاهي والجلسات الليلية وأماكن اللهو.

  • بلّغ المحيطين بك بانقطاعك عن التدخين، فسوف يهنئونك ويحترمون قوة إرادتك.

  • حاول أن تنمّي في نفسك الشعور ببُغض التدخين، كأن تقرأ كتاباً عن أضرار التدخين.

  • انظر إلى الحياة نظرة تفاؤل، فالحياة جميلة وكل ما فيها جميل. العيب فينا وليس في الحياة.

  • عندما تشعل سيجارة جديدة حاول أن تسأل نفسك «هل أنا حقاً بحاجة إلى هذه السيجارة؟».

  • إذا كنت معتاداً على تناول القهوة مع السيجارة استبدل القهوة بأي مشروب آخر.

  • حاول أن تضع في ذهنك دائماً هذه العبارة «التدخين يدمر صحتي ويبذر مالي».

  • حاسب نفسك لأن محاسبة النفس ليس احتقاراً لها، بل شجاعة.

  • اعترف لله بأنك ضعيف لا حول ولا قوة لك على التغلب على أهواء النفس الأمّارة بالسوء. واطلب منه سبحانه القوة وهو لن يتأخر في مساعدتك، بل سيتدخل فوراً في حياتك إذا أنت سلَّمت كل أمورك له: مشاكلك، همومك، أفكارك. اعترف له بذنوبك، ولا تقل بأن الابتعاد عن التدخين شيء صعب، فذلك ليس بصعبٍ على الله.

مراجع الكتاب

الكتاب المقدس

- الكتب:

«التدخين جائحة العصر» للدكتور عبد الكريم العمري

«التدخين وأثره على الصحة» الدكتور علي البار

«التدخين بين المؤيدين والمعارضين» للدكتور هاني عرموش

- المجلات:

«الفيصل الطبية» عدد مارس (آذار) 1985

«الدوحة» عدد نوفمبر (تشرين الثاني) 1985 وعدد يناير (كانون الثاني) 1986

«طبيبك الخاص» عدد يونيو (حزيران) 1984

«الأجيال» عدد تموز 1985

«مجلة العربي» يناير (كانون الثاني) 1986

«مجلة الجمعية المغربية لمكافحة السرطان» العدد 1 أبريل (نيسان) 1984

- الجرائد:

«القبس» يوم 15م2م87 وعدد يوم 6م1م87

«الرأي العام الكويتية» عدد يوم 3م5م87

«العلم المغربية» الاعداد 10م10م86 وعدد 8م3م87

«نساء المغرب» عدد - 3 - 1986

«الاتحاد الاشتراكي» 22م2م86

«الأخبار المصرية» عدد يوم 30م5م88

«عكاظ السعودية» عدد يوم 30م12م87

مسابقة الكتاب

أيّها القارئ العزيز،

إن تعمّقت في قراءة هذا الكتاب تستطيع أن تجاوب على الأسئلة بسهولة. ونحن مستعدون أن نرسل لك أحد كتبنا الروحية جائزة على اجتهادك. لا تنسَ أن تكتب اسمك وعنوانك كاملين عند إرسال إجابتك إلينا.

  1. كيف تبرهن من الكتاب المقدس أنّ التدخين خطية؟

  2. اذكر مَن أول مَن عرف التبغ، ومَن أول من نقله إلى أوروبا؟

  3. ماذا كانت العقوبة التي فرضتها الملكة كاثرين ملكة بريطانيا على المدخّنين؟

  4. أصدر البابا أوربان السابع مرسوماً بابوياً ضد التدخين - ما موضوعه؟ وما تاريخه؟

  5. ما هي الوصية التي أضافتها الطائفة الكلفينية للوصايا العشر؟

  6. على كم مادة يحتوي التبغ، وما هي أكثر مواده فعالية؟ وما هو أثرها؟

  7. هل التدخين عادة، أو هل هو إدمان؟

  8. اذكر تأثير التدخين على: الفم - اللسان - الأسنان - الحنجرة - الكبد - الرئة - القلب - المثانة - المعدة.

  9. ما هو خطر التدخين على الطفل؟

  10. ما هي مصيبة «التدخين الإجباري»؟

  11. لماذا لا تمنع الحكومات التدخين؟

  12. كيف تنتصر على التدخين؟


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D-70007
Stuttgart
Germany