العودة الى الصفحة السابقة
ماذا أصنع لكي أخلص؟

ماذا أصنع لكي أخلص؟

إسكندر جديد

 

List of Tables

1.

Bibliography

ماذا أصنع لكي أخلص؟. إسكندر جديد. الطبعة الأولى. 1971. الطبعة الثانية. 1995. Order Number SB 4401 A. German title: Was muss ich tun gerettet zu werden?. English title: What must I Do to be Saved?. Copyright © 1971 All Rights Reserved Call of Hope. P.O. Box 100827 D-70007 Stuttgart Germany Internet: http://www.call-of-hope.com - .

السؤال الأول: ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟

الآنسة م.ر. القاهرة - مصر/ السيد ن.م. موصل - العراق

الخلاص موضوع مهمّ جدّاً. و لست بمبالغ إذا قلت إنّه أهمّ موضوع بالنسبة للإنسان لأنّه شَغَل فكر الربّ منذ القديم القديم. ولأجل تحقيقه ظهر الله في الجسد. فإن كان للخلاص هذه الخطورة، فمن اللازم أن نسأل عن طبيعته ومعناه ومدلوله. فما هو الخلاص؟ وممّ ينبغي أن نخلص؟

نفهم من تعليم الكتاب المقدّس، ومن طبيعة رسالة المسيح، أنّ الخلاص هو التحرّر من سلطة الخطيّة، والخلاص من عقوبتها. وقد جاء في الإنجيل «لأَنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ»( لوقا 19: 10). وفي لغة أخرى إنّ هدف المسيح من مجيئه إلى العالم هو أن يخلّص الهالكين في الذنوب والخطايا. ولإتمام هذا الغرض اتّخذ كلّ الوسائل الممكنة لإتمام ذلك الخلاص، حتّى وضع نفسه عن الخاطئ، بدافع محبّته الغنيّة في الرحمة.

زار طبيبُ «أمير كنت» والدَ الملكة فكتوريا ملكة الإنكليز وهو على فراش الموت. وإذ رآه منزعجاً قال له: «اطمئن يا مولاي، فالعناية أعطتك مركزاً صحيحاً». فأجاب الأمير «قد يكون هذا صحيحاً، ولكن خلاصي لا يتوقّف على سموّ مركزي، وإنّما على اعترافي بأنّني إنسان خاطئ، وأنّ المسيح جاء ليخلّصني». ولعلّه قال هذا وفي خاطره صدىً لكلمة الرسول بولس: «صَادِقَةٌ هِيَ ٱلْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ: أَنَّ ٱلْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ ٱلْخُطَاةَ ٱلَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا» (1تيموثاوس 1: 15).

ماذا أصنع لكي أخلص؟

هذا السؤال طرحه مدير سجن فيلبّي على الرسول بولس ورفيقه سيلا، منذ ما يقرب الألفَي سنة. وكان الجواب: «آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ» ( أعمال 16: 31) والجواب صريح جدّاً، وهو أنّه لا يُطلب من الإنسان أن يصنع شيئاً لخلاص نفسه، بل أن يؤمن بالربّ يسوع المسيح الذي «لَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ ٱلْخَلاصُ» (أعمال 4: 12). هكذا قال الملاك عن العذراء المباركة مريم: «فَسَتَلِدُ ٱبْناً وَتَدْعُو ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (الإنجيل بحسب متّى 1: 21). وقال يوحنا المعمدان حين رأى المسيح «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ» (الإنجيل بحسب يوحنّا 1: 29).

ولكنّ الإيمان الكامل للخلاص يجب أن يقترن:

  1. بالاعتراف بالخطيّة: وفقاً للقول الرسوليّ «إِنِ ٱعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ» (1 يوحنّا 1: 9).

  2. بالتوبة: «فَٱللّٰهُ ٱلآنَ يَأْمُرُ جَمِيعَ ٱلنَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا، مُتَغَاضِياً عَنْ أَزْمِنَةِ ٱلْجَهْلِ» (أعمال 17: 30). «فَتُوبُوا وَٱرْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ» (أعمال 3: 19).

و الإيمان المقترن بالاعتراف بالخطايا والتوبة الشاملة يتيح للإنسان:

  1. الخلاص من دَيْنِ الخطيّة: فالمسيح في عدد من أمثاله التعليميّة وصف الخطيّة بالدَّين. ففي مثل العبد الشرّير قال «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ ٱلسَّمَاوَاتِ إِنْسَاناً مَلِكاً أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ عَبِيدَهُ. فَلَمَّا ٱبْتَدَأَ فِي ٱلْمُحَاسَبَةِ قُدِّمَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ مَدْيُونٌ بِعَشْرَةِ آلافِ وَزْنَةٍ» (الإنجيل بحسب متّى 18: 23-24) وفي المثل الذي ضربه لسمعان الفرّيسيّ قال «كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى ٱلْوَاحِدِ خَمْسُ مِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى ٱلآخَرِ خَمْسُونَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعاً» (الإنجيل بحسب لوقا 7: 41-42).

    فالخطية دَيْن ثقيل جدّاً، والخطاة مديونون به لله. وسواء كان الدَين كثيراً أو قليلاً فهو أكثر من أن يستطيعوا تسديده. ولهذا فهم واقعون تحت الحكم القائل «لأَنَّ أُجْرَةَ ٱلْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ» (رومية 6: 23). ولكنّ الله لأجل محبّته الكثيرة الغنيّة باللطف والرأفة، مستعدّ أن يغفر ويسامح، تحت شروط الإنجيل، مهما كانت الخطايا كبيرة وعديدة، كما هو مكتوب «وَلٰكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ ٱلْخَطِيَّةُ ٱزْدَادَتِ ٱلنِّعْمَةُ جِدّاً» (رومية 5: 20). ازدادت النعمة لتجعل تعزيات الإنجيل أكثر عذوبة في مقابل أهوال الناموس. والواقع أنّ ابن الله إذ اشترى الغفران للخطاة التائبين بدم صليبه، يعطيهم الوعد في إنجيله بهذه البركة، وروحه القدّوس يختم على هذا الوعد ويعزّيهم. وكذلك الذين تُغفَر لهم خطاياهم مُلزمون بأن يحبّوا من غفر لهم. وعلى قدر ما كان الخاطي ممعناً في الخطيّة قبل التجديد، وجب أن يمعن في القداسة بعده وأن يتّسع قلبه للطاعة.

  2. الخلاص من سلطة الخطيّة: هذا ما يحتاجه الإنسان بعد خلاصه من دَيْنها المقيت: أن يتحرّر من سلطانها، فيترك عاداته السيّئة ويكفّ عن السير بموجب ميوله ونزواته المنحرفة التي تتعامل مع العالم الذي وُضِع في الشرّير. ولبلوغ هذا الهدف يجب على الإنسان أن يجاهد باستمرار ضدّ الخطيّة لإتمام خلاصه «تَمِّمُوا خَلاصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، لأَنَّ ٱللّٰهَ هُوَ ٱلْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ ٱلْمَسَرَّةِ» ( فيلبّي 2: 12-13). ونفهم أيضاً من كلمة الرسول المغبوط أنّه لا بدّ للإنسان المخلَّص بنعمة المسيح أن يتقدّس يوماً فيوماً، متحرّراً من رواسب الخطيّة، إلى أن يصل إلى المجد الأبديّ: «إِنَّ خَلاصَنَا ٱلآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا» (رومية 13: 11).

    فالخلاص هو تحرير الإنسان من دَيْن الخطيّة وسلطتها وعبوديّتها روحاً ونفساً وجسداً، إلى أن يقف قدّام الله قدّيساً بلا لوم في المحبّة.

    ولربّ سائل يقول: ولكن لماذا كل هذا الاهتمام من الله بالخاطئ المتمرّد الّذي أخطأ باختياره؟ ولماذا لا يتركه الله يتحمّل مغبّة أفعاله الرديّة وينال جزاءه العادل؟ فلهذا أقول: هناك جواب واحد وهو قول المسيح: «لأَنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّة» (الإنجيل بحسب يوحنّا 3: 16).

    في ختام دفاعه الرائع عن المتّهم، ختم المحامي الذائع الصيت «سرجون برنتس» بهذا القول « لقد قرأت في كتابٍ ما أنّ الله في مشورته الأزليّة سأل العدالة والحقّ والرحمة: هل أخلق الإنسان؟ أجابت العدالة: لا تخلقه، فإنّه سيدوس جميع شرائعك ونظمك ومبادئك. وقال الحقّ: لا تصنعه لأنّه سيكون بشعاً وسيسعى دائماً وراء الكذب والباطل. حينئذٍ قالت الرحمة: أنا أعلم أنّ الإنسان سيكون شقيّاً، ولكنني سأتولاّه وسأسير معه في كلّ الطرق المظلمة التي يجتازها، حتى آتي به إليك في النهاية».

    لقد خلق الله الإنسان على أحسن تقويم، إلاّ أنّ الإنسان سقط واندفع وراء ميوله وتوغّل في عالم الفساد في كلّ طمع. ولكن رحمة الله تداركته بالمحبّة، ودبّرت له الخلاص الكامل الشامل الأبديّ.

    اتّكِل على محبّة الله في المسيح الذي يقول «اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَٱخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي ٱلأَرْضِ لأَنِّي أَنَا ٱللّٰهُ وَلَيْسَ آخَرَ» (إشعياء 45: 22). «هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَٱلْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَٱلثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَٱلدُّودِيِّ تَصِيرُ كَٱلصُّوفِ» (إشعياء 1: 18).

    افتح للمسيح باب قلبك ولا تتردّد، لأنّه ينتظر هذا منك قائلاً: «هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى ٱلْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ ٱلْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي» (رؤيا 3: 20).

طريق الخلاص

لا يمكن أن يتمّ خلاص الإنسان إلاّ بترتيب من الله الذي لا يستطيع أحد غيره أن يجمع بين العدل والرحمة، وبين القداسة والمحبّة. فالله فعل هذا بالفداء العجيب الذي أُكمِل عند ملء الزمان على جبل الجلجثة، فتمّ ما تنبّأ به المرنّم: «ٱلرَّحْمَةُ وَٱلْحَقُّ ٱلْتَقَيَا. ٱلْبِرُّ وَٱلسَّلامُ تَلاثَمَا» (مزمور 85: 10).

على صعيد الفداء بدأ الله غير المحدود في قداسته وكرمه وجوده في جانب، وفي الجانب الآخر الإنسان الجاني الملوَّث بآثامه، وفي الوسط صليبٌ ارتفع عليه يسوع الفادي ليعبّر عن محبّة الله «اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ٱبْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ» (رومية 8: 32). وصار القول: «أَيْ إِنَّ ٱللّٰهَ كَانَ فِي ٱلْمَسِيحِ مُصَالِحاً ٱلْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ» (2 كورنثوس 5: 19).

ولم يكن خلاص الله الذي أعدّه للإنسان أمراً طارئاً، بل هو ترتيب إلهيّ أزليّ، أُكمِل وفقاً لحكمة الله وفي مشورته المحتومة التي سبقت فعيّنتنا «لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ، لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ ٱلَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي ٱلْمَحْبُوبِ، ٱلَّذِي فِيهِ لَنَا ٱلْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ ٱلْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ، ٱلَّتِي أَجْزَلَهَا لَنَا بِكُلِّ حِكْمَةٍ وَفِطْنَةٍ» (أفسس 1: 5-8).

فأساس خلاص البشر هو الفداء الذي أكمله المسيح، الذي كان لا بدّ لتنفيذه أن يتجسّد الكلمة الذي كان في البدء عند الله، ويشترك مع الجنس البشريّ في اللحم والدم كوسيلة للوصول إلى مذبح الصليب للتكفير عن خطايا الإنسان، كما هو مكتوب «فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ ٱلأَوْلادُ فِي ٱللَّحْمِ وَٱلدَّمِ ٱشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذٰلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِٱلْمَوْتِ ذَاكَ ٱلَّذِي لَهُ سُلْطَانُ ٱلْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ أُولٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَوْفاً مِنَ ٱلْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعاً كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ ٱلْعُبُودِيَّةِ» (عبرانيّين 2: 14-15).

آيات خلاصيّة

  • «آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ» (أعمال 16: 31).

  • «فَتُوبُوا وَٱرْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ» ( أعمال 3: 19).

  • «تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى ٱسْمِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ ٱلْخَطَايَا، فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» (أعمال 2: 38).

  • «إِنِ ٱعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ» (1 يوحنّا 1: 9).

  • «إِنِ ٱعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ ٱللّٰهَ أَقَامَهُ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ» (رومية 10: 9).

  • «لأَنَّكُمْ بِٱلنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِٱلإِيمَانِ، وَذٰلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ ٱللّٰهِ» ( أفسس 2: 8).

  • «لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَخْلُصُ» (رومية 10: 13).

  • «وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ ٱلإِلٰهَ ٱلْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ ٱلَّذِي أَرْسَلْتَهُ» (الإنجيل بحسب يوحنّا 17: 3).

  • «وَلٰكِنِ ٱلآنَ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ، أَنْتُمُ ٱلَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً بَعِيدِينَ صِرْتُمْ قَرِيبِينَ بِدَمِ ٱلْمَسِيحِ» (أفسس 2: 13).

  • « إِنْ سَلَكْنَا فِي ٱلنُّورِ كَمَا هُوَ فِي ٱلنُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱبْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1يوحنّا 1: 7).

  • «لأَنَّهُ فِيهِ سُرَّ أَنْ يَحِلَّ كُلُّ ٱلْمِلْءِ، وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ ٱلْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلاً ٱلصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ» (كولوسي 1: 19-20).

  • «عَالِمِينَ أَنَّكُمُ ٱفْتُدِيتُمْ لا بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ ٱلْبَاطِلَةِ ٱلَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ ٱلآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلا عَيْبٍ وَلا دَنَسٍ، دَمِ ٱلْمَسِيحِ، مَعْرُوفاً سَابِقاً قَبْلَ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ» (1بطرس 1: 18 - 20).

  • «ٱلَّذِي فِيهِ لَنَا ٱلْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ ٱلْخَطَايَا» (أفسس 1: 7).

السؤال الثاني: ما هو السبيل إلى الانتصار على الخطية؟

السيد ج.خ.ي بني سويف - مصر

يمكنك الانتصار على الخطيّة بوسائط النعمة، فالله لا يترك المؤمن إلى مجهوده الشخصيّ ومسعاه الذاتيّ ليتحرّر من الخطيّة وليتمّم خلاصه، بل يبقى عاملاً فيه وفقاً للقول الرسوليّ «تَمِّمُوا خَلاصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، لأَنَّ ٱللّٰهَ هُوَ ٱلْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ ٱلْمَسَرَّةِ» (فيلبّي 2: 12-13). ووسائط النعمة متعدّدة، منها:

  1. الشركة السرّيّة المستمرّة مع المسيح: فالمسيح بالنسبة للمؤمن ليس مجرّد معلّم أو مثال، بل هو الشخص الحيّ الساكن في حياته. وبوحيٍ من هذه الحقيقة قال الرسول بولس: «لِيَحِلَّ ٱلْمَسِيحُ بِٱلإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي ٱلْمَحَبَّةِ» (أفسس 3: 17 و18).

    ورسم الكتاب المقدّس لنا أكثر من صورة لعلاقة المؤمنين بالمسيح. فقد مثّل المسيح بالكرمة و مثّل المؤمنين بالأغصان (الإنجيل بحسب يوحنّا 15: 1-3). وبالهيكل المقدّس وهم حجارة حيّة فيه (1 بطرس 2: 5). ولعلّ هذه العلاقة من أهمّ ما قصده المسيح حين قال: «هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى ٱلْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ ٱلْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي» (رؤيا 3: 20). «إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلامِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً» (الإنجيل بحسب يوحنّا 14: 23).

    ولعلّ أروع اختبار في هذا الموضوع هو اختبار الرسول بولس الذي عبّر عنه بالقول «مَعَ ٱلْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لا أَنَا بَلِ ٱلْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ ٱلآنَ فِي ٱلْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي ٱلإِيمَانِ، إِيمَانِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ، ٱلَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي» (غلاطية 2: 20).

    فما أحوجنا إلى أن ننسى شخصيّتنا ونندمج كلّيّاً بالمسيح لنثبت فيه ويثبت فينا. وما أحوجنا إلى الثبات في كلامه ليثبت كلامه فينا. وحينئذٍ نطلب ما نريد فيكون لنا، فننتصر على الخطيّة.

  2. دراسة الكتاب المقدّس: قال المسيح «لَيْسَ بِٱلْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا ٱلإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ ٱللّٰهِ» (الإنجيل بحسب متّى 4: 4).

    ولو تتبّعنا حياة رجال الله الذين عاشوا النصرة نجد أنّهم كانوا متسلّحين بسيف الروح الذي هو كلمة الله (أفسس 6: 17) وأنّ جميع الذين مرّوا في فترات فتور وانهزام استرجعوا مكانهم بواسطة الكلام الإلهيّ. خذ داود مثلاً، فإنّه بمداد الاختبار كتب أنشودة الانتصار الخالدة «طُوبَى لِلْكَامِلِينَ طَرِيقاً، ٱلسَّالِكِينَ فِي شَرِيعَةِ ٱلرَّبِّ. طُوبَى لِحَافِظِي شَهَادَاتِهِ. مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ يَطْلُبُونَهُ. أَيْضاً لا يَرْتَكِبُونَ إِثْماً. فِي طُرُقِهِ يَسْلُكُونَ. أَنْتَ أَوْصَيْتَ بِوَصَايَاكَ أَنْ تُحْفَظَ تَمَاماً. لَيْتَ طُرُقِي تُثَبَّتُ فِي حِفْظِ فَرَائِضِكَ. حِينَئِذٍ لا أَخْزَى إِذَا نَظَرْتُ إِلَى كُلِّ وَصَايَاكَ. أَحْمَدُكَ بِٱسْتِقَامَةِ قَلْبٍ عِنْدَ تَعَلُّمِي أَحْكَامَ عَدْلِكَ. وَصَايَاكَ أَحْفَظُ. لا تَتْرُكْنِي إِلَى ٱلْغَايَةِ. بِمَ يُزَكِّي ٱلشَّابُّ طَرِيقَهُ؟ بِحِفْظِهِ إِيَّاهُ حَسَبَ كَلامِكَ. بِكُلِّ قَلْبِي طَلَبْتُكَ. لا تُضِلَّنِي عَنْ وَصَايَاكَ. خَبَّأْتُ كَلامَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْلا أُخْطِئَ إِلَيْكَ» (مزمور 119: 1-11).

    وأيضاً بشعور المنتصر على خطاياه كتب لنا شهادته الرائعة: «نَامُوسُ ٱلرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ ٱلنَّفْسَ. شَهَادَاتُ ٱلرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ ٱلْجَاهِلَ حَكِيماً... أَمْرُ ٱلرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ ٱلْعَيْنَيْنِ. خَوْفُ ٱلرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى ٱلأَبَدِ. أَحْكَامُ ٱلرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. أَشْهَى مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلإِبْرِيزِ ٱلْكَثِيرِ، وَأَحْلَى مِنَ ٱلْعَسَلِ وَقَطْرِ ٱلشِّهَادِ. أَيْضاً عَبْدُكَ يُحَذَّرُ بِهَا، وَفِي حِفْظِهَا ثَوَابٌ عَظِيمٌ» (مزمور 19: 7-11).

    وهاك مثالاً آخر في شهادة الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس «وَأَنَّكَ مُنْذُ ٱلطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ ٱلْكُتُبَ ٱلْمُقَدَّسَةَ، ٱلْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاصِ، بِٱلإِيمَانِ ٱلَّذِي فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ. كُلُّ ٱلْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ ٱللّٰهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَٱلتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَٱلتَّأْدِيبِ ٱلَّذِي فِي ٱلْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ ٱللّٰهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّباً لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ»(2 تيموثاوس 3: 15-17).

    وبطرس أيضاً شهد لعمل كلمة الله في الإنسان إذ قال : «وَعِنْدَنَا ٱلْكَلِمَةُ ٱلنَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، ٱلَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَناً إِنِ ٱنْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ ٱلنَّهَارُ وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ ٱلصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ، عَالِمِينَ هٰذَا أَّوَلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ ٱلْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ، لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ ٱللّٰهِ ٱلْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ»(2بطرس 1: 19-21).

  3. الصلاة: حين بدأ الشيطان بغربلة التلاميذ قال لهم الربّ: «صَلُّوا لِكَيْ لا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ» (الإنجيل بحسب لوقا 22: 40) لأنّ التجربة إذا قُبِلت تقود إلى الشهوة، والشهوة إذا كملت تلد خطيّة. لذلك يجب أن نصلّي لله بحرارة لكي لا يدخلنا في تجربة، لكي لا ندخل بها في الخطيّة، ومن الخطيّة إلى الهلاك.

  4. التوبة المصمِّمة: قال القدّيس باسيليوس: «جيّدٌ أن لا تخطئ. وإن أخطأت فجيّد أن لا تؤخّر التوبة. وإن تبت فجيّد أن لا تعاود الخطيّة. وإذا لم تعاودها فجيّد أن تعرف إنّ ذلك قد تمّ بمعونة الله. وإذا عرفت ذلك فجيّد أن تشكر الله على نعمته، وأن تطلب منه باستمرار أن يقدّم المعونة».

  5. صَلْبُ الإنسان العتيق: قال الرسول بولس «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا ٱلْمَسِيحَ هٰكَذَا - إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمُوهُ وَعُلِّمْتُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ حَقٌّ فِي يَسُوعَ، أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ ٱلتَّصَرُّفِ ٱلسَّابِقِ ٱلإِنْسَانَ ٱلْعَتِيقَ ٱلْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ ٱلْغُرُورِ، وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، وَتَلْبَسُوا ٱلإِنْسَانَ ٱلْجَدِيدَ ٱلْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ ٱللّٰهِ فِي ٱلْبِرِّ وَقَدَاسَةِ ٱلْحَق» ( أفسس 4: 20-24).

  6. الإلتجاء إلى محبّة المسيح: قيل إنّ إبليس الرجيم هاجم القدّيس مكاريوس وهو يصلّي، بأن مَدَحه ليحمله على الكبرياء، قائلاً له: « كم أنت قدّيس وكامل!». فأجاب رجل الله: «لكنّك نسيت ضعفاتي وتقصيراتي الكثيرة». وفي مرّة ثانية حاول إبليس أن يحمله على اليأس من رحمة الله، فقال له: «كم أنت ناقص وكثير الذنوب!». فقال رجل الله: « صحيح أنا كثير الذنوب والعيوب، ولكنّك نسيت محبّة المسيح لي وموته لأجلي. إنّه بكماله يكمّل نقائصي».

  7. الإجتماعات الروحيّة: من المسلّم به أنّ الاجتماعات الروحيّة من أقوى الوسائل التي أوجدها الله لنموّ المؤمنين وتقدّمهم في الحياة المسيحيّة. ويخبرنا سفر أعمال الرسل أنّ أعضاء الكنيسة الأولى كانوا كلّ يوم يواظبون على تعليم الرسل، والشركة، وكسر الخبز، والصلوات (أعمال 2: 42). ولهذا قال الرسول «وَلْنُلاحِظْ بَعْضُنَا بَعْضاً لِلتَّحْرِيضِ عَلَى ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلأَعْمَالِ ٱلْحَسَنَةِ، غَيْرَ تَارِكِينَ ٱجْتِمَاعَنَا كَمَا لِقَوْمٍ عَادَةٌ»(عبرانيّين 10: 24 ، 25).

السؤال الثالث: أريد التعمّق في موضوع الغفران والخلاص لأنال إكليل الحياة. أرجو أن تشرحوا لي هذه المواضيع.

ع.ن.ع الزقازيق - مصر

كلمة « غفران» في الكتاب المقدّس تعني تغطية الخطايا أو سترها أو التكفير عنها. وقد استُعمِلت لأوّل مرّة في سفر التكوين 6: 14 بمعنى «طلي» ثمّ تطوّرت بالمعنى حتّى استُعمِلَت للغطاء في قدس الأقداس. وفي العهد الجديد استُعمِلت للتكفير عن الخطايا بدم المسيح. إذاً فالغفران هو ستر خطايانا بكفّارة دم المسيح.

و حين نتأمّل في موضوع الغفران في الكتاب المقدّس يتّضح لنا أنّ المسيح هو علّة غفران خطايانا، لأنّه كفّر عنها بموته على الصليب. يقول الرسول يوحنّا: «إِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ ٱلآبِ، يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ ٱلْبَارُّ. وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ ٱلْعَالَمِ» (1 يوحنّا 2: 1 ، 2). أيضاً جاءت كلمة غفران بمعنى «رفع الخطايا» كقول يوحنّا المعمدان «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ»(الإنجيل بحسب يوحنّا 1: 29).

وثمّة سائل يقول: لماذا لا يغفر الله بدون كفّارة؟ والجواب هو:

  1. لأنّ الله حاكم أدبيّ على جميع البشر، ومن مستلزمات عدالته وبِرّه أن يحترم الشريعة. والشريعة تقول «النفسُ التي تخطئ هي تموت» (حزقيال 18: 20).

  2. إنّه لصالح جميع البشر أن تُحترَم الشريعة، لأنّ احترام الشريعة ضمان الأمان والطمأنينة.

  3. كان يجوز للبشر أن يتقدّموا بهذا السؤال الذي فيه شيء من الاعتراض لو كانوا هم أنفسهم مطالبين بتقديم الكفّارة، أمّا وقد قدّم الله نفسُهُ هذه الكفّارة، فمن الواجب أن «يَسْتَدَّ كُلُّ فَمٍ، وَيَصِيرَ كُلُّ ٱلْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ ٱللّٰهِ» (رومية 3: 19). ولكنّ الله الذي هو غنيّ في الرحمة، من أجل محبته الكثيرة يبرّرنا «مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِٱلْفِدَاءِ ٱلَّذِي بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي قَدَّمَهُ ٱللّٰهُ كَفَّارَةً بِٱلإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ ٱلصَّفْحِ عَنِ ٱلْخَطَايَا ٱلسَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ ٱللّٰهِ»( رومية 3: 24 ، 25).

الإنسان والغفران

الذين يشعرون بشناعة خطاياهم يحاولون استرضاء الله بوسائل مختلفة لكي يغفرها لهم.

  1. بالأعمال الصالحة: الأعمال الصالحة لها قيمة طيّبة في حدّ ذاتها، ولكنّها لا تستطيع أن تمنحنا غفران الله عن خطايانا السالفة. هذه الحقيقة أُعلِنت لنا على لسان إشعياء النبيّ حين قال: «صِرْنا كلّنا كنجسٍ، وكثوب عِدّةٍ كلّ أعمال بِرّنا، وقد ذبلنا كورقةٍ، وآثامنا كريح تحملنا» (إشعياء 64: 6).

    و قال الرسول بولس بإلهام الروح القدس: «لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلا يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ ٱللّٰهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا»(أفسس 2: 9 ،10).

    ونفهم من قول الرسول المغبوط أنّ الأعمال الطيّبة التي يقوم بها الإنسان لا يمكن أن تعطيه الغفران، لأن لا فضل له فيها، إذ هي من الواجبات الضروريّة التي وُضِعت عليه. والمسيح نفسه أشار إلى هذه الحقيقة حين قال «مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ. لأَنَّنَا إِنَّمَا عَمِلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا»(الإنجيل بحسب لوقا 17: 10).

    لكأنّ المسيح يذكّرنا بالوصيّة الأولى والعظمى في الناموس «تُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ» (الإنجيل بحسب متى 22: 37) وهذه الوصيّة تعني أنّ محبّتنا للربّ يجب أن تقترن بخدمته وعمل الصالح قدّام عينيه.

    ولعلّ أروع مثل نتعلّمه من سيرة داود الذي حين قدّم هو ورجاله كمّيّة ضخمة من الذهب لبناء الهيكل قال «مَنْ أَنَا وَمَنْ هُوَ شَعْبِي حَتَّى نَسْتَطِيعُ أَنْ نَتَبَرَّعَ هٰكَذَا، لأَنَّ مِنْكَ ٱلْجَمِيعَ وَمِنْ يَدِكَ أَعْطَيْنَاكَ! أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا، كُلُّ هٰذِهِ ٱلثَّرْوَةِ ٱلَّتِي هَيَّأْنَاهَا لِنَبْنِيَ لَكَ بَيْتاً لٱِسْمِ قُدْسِكَ إِنَّمَا هِيَ مِنْ يَدِكَ، وَلَكَ ٱلْكُلُّ»(1 أخبار 29: 14 ، 16).

    صحيح أنّ الأعمال الصالحة ضروريّة جدّاً نظراً لأنها تتفق مع أفكار الله، لكنّ الأعمال الصالحة لا يمكنها أن تشتري الغفران وإلاّ لحُذفت كلمة «نعمة» من معاجم اللغة - فالنعمة هي عطية الله المجانية لمن لا يستحق.

  2. الصلاة: الصلاة أيضاً ليست وسيلة غفران. فالخاطئ قد أساء إلى الله، ولا يستطيع أن يعوّض عن الإساءة بمجرّد التوسّل والابتهال. وكذلك لا يستطيع بالتوسّل والابتهال أن يحظى برحمة الله، لأنّ رحمة الله مقترنة بكماله المطلق في العدل.

    وكذلك الخاطي لا يتمتّع بشفاعة الروح القدس الذي يجعل نفس الإنسان متوافقة مع الله، وبالتالي يشفع في صلاته ويجعلها مقتدرة كثيراً في فعلها.

    وثمّة من يسأل: مَن يستطيع إذاً أن يصلّي؟ الجواب: الذي قبل المسيح ونال غسل خطاياه بدم صليب الفادي. لذلك فالصلاة ليست وسيلة للحصول على الغفران، وإنّما هي علاقة طيّبة يتمتّع بها الإنسان مع الله بعد غفران خطاياه.

  3. الصوم: الصوم مظهر من مظاهر التذلّل وكسر النفس، إلاّ أنّ ممارسته لا تكفي للتعويض عن الإهانة الموجّهة إلى الله بسبب الخطيّة. وبالتالي لا يتيح للخاطي الغفران.

    وقد عرف بالاختبار أنّ الذين يصومون طمعاً في ثواب الله هم في الواقع لا يؤدّون بصومهم عملاً نافعاً لله والناس يستحقّون من أجله جزاءً، فقد قال الله: «لَمَّا صُمْتُمْ وَنُحْتُمْ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلْخَامِسِ وَٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ، وَذَلِكَ هَذِهِ ٱلسَّبْعِينَ سَنَةً، فَهَلْ صُمْتُمْ صَوْماً لِي أَنَا؟ وَلَمَّا أَكَلْتُمْ وَلَمَّا شَرِبْتُمْ، أَفَمَا كُنْتُمْ أَنْتُمُ ٱلآكِلِينَ وَأَنْتُمُ ٱلشَّارِبِينَ» (زكريّا 7: 5 ، 6).

  4. الشفاعة: ليس في الكتاب المقدّس تعليم يقول إنّ شفاعة الأولياء والقدّيسين الذين سبقونا تغفر الخطايا. وقد جاء في التعليم الرسوليّ أنّه «يُوجَدُ إِلٰهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ ٱللّٰهِ وَٱلنَّاسِ: ٱلإِنْسَانُ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ، ٱلَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ ٱلْجَمِيعِ، ٱلشَّهَادَةُ فِي أَوْقَاتِهَا ٱلْخَاصَّةِ» (1 تيموثاوس 2: 5 ، 6). «وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ ٱلْخَلاصُ. لأَنْ لَيْسَ ٱسْمٌ آخَرُ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أعمال 4: 12).

  5. التوبة: ما أجمل التوبة! إنّها تحُول دون ارتكاب الكثير من الخطايا. ولكنّها مع جمالها لا تستطيع غفران ما سلف من الخطايا... هب أنّ قاتلاً ارتكب جريمة قتل، ولكنّه في أثناء المحاكمة يقطع وعداً بالكفّ عن ارتكاب الجرائم، فهل يجد القاضي في وعده سبباً للعفو عنه؟ كلاّ إطلاقاً! لأنّ القاضي الذي أُقيم حارساً على القانون لا يمكن أن ينقضه. فإن كان القاضي الأرضيّ لا يجيز لنفسه كسر العدالة، فكم بالحريّ يكون قاضي السماء والأرض، الذي قال: «اَلنَّفْسُ آلَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ»(حزقيال 18: 20).

كيف نحصل على الغفران إذاً؟

هذا سؤال تردّد على لسان كلّ خاطئ استيقظ ضميره من سبات نوم الموت في كلّ جيل وعصر. والجواب عليه: بالفداء. نقرأ في رسالة كولوسي هذه التسبيحة الرائعة «شَاكِرِينَ ٱلآبَ ٱلَّذِي أَهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ ٱلْقِدِّيسِينَ فِي ٱلنُّورِ، ٱلَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ ٱلظُّلْمَةِ وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ٱبْنِ مَحَبَّتِهِ، ٱلَّذِي لَنَا فِيهِ ٱلْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ ٱلْخَطَايَا»(كولوسي 1:12-14).

هذه الحقيقة كُشفت لرجال الله فكتبوا لنا شهاداتهم بما أُعلن لهم. منهم إشعياء النبيّ الذي نقل لنا إعلان الله القائل «مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ، وَعَبْدِي ٱلْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا. لِذَلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ ٱلأَعِّزَاءِ وَمَعَ ٱلْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي ٱلْمُذْنِبِينَ» (إشعياء 53: 11 ، 12). ومنهم يوحنّا المعمدان الذي كشف الله عن بصيرته، فعرف أنّ يسوع هو المسيح فادي الخطاة فقال «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ» (الإنجيل بحسب يوحنّا 1: 29).

إنّ معلنات الله في الإنجيل المقدّس تؤكّد لنا أنّ غفران الخطايا هو نتيجة الفداء الأولى، وقد أشار المسيح إلى ذلك حين رسم العشاء الربّانيّ إذ قال «هَذَا هُوَ دَمِي ٱلَّذِي لِلْعَهْدِ ٱلْجَدِيدِ ٱلَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا» (الإنجيل بحسب متّى 26: 28).

وننال الغفران بالنعمة، والمسيح هو وسيط النعمة لأنّ فيه اختارنا الآب للحياة الأبديّة، وفي المسيح تبنّانا، وفيه باركنا بكلّ بركة روحيّة في السماويّات.

بالفداء العظيم صار المسيح وسيط صلحنا مع الله. وثمرة الفداء هي غفران الخطايا، وكمّيّة الغفران ليست محدودة لأنّ الله غنيّ في الرحمة من أجل محبّته الكثيرة. أمّا نتائج الغفران فهي:

  1. ارتداد غضب الله عن الخاطئ، وتدفّق الرضوان الإلهيّ عليه، بحسب غنى نعمته التي أنعم بها علينا بالمحبوب.

  2. كسر شوكة الآلام المبرحة التي ينشئها نخس الضمير المحتجّ في قلب الإنسان.

  3. ورفع العقاب الذي يستحقّه الإنسان بسبب خطاياه وشفاء ضميره من أعمال ميّتة ليخدم الله الحيّ.

الخلاص

خلق الله الإنسان على أحسن صورة، وشاء في حكمته أن يهبه عقلاً به يفكّر ويدرك الأمور إنْ هو أحسَنَ التفكير. والإنسان في تفكيره كثيراً ما يتساءل ويتساءل. ولعلّ أهمّ سؤال دار في خاطره منذ السقوط هو : ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟

حين أطلق الرسول سؤاله «فَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاصاً هٰذَا مِقْدَارُهُ، قَدِ ٱبْتَدَأَ ٱلرَّبُّ بِٱلتَّكَلُّمِ بِهِ؟» (عبرانيين 2: 3) كان يقرّ بأنّ الخلاص أهمّ موضوع بالنسبة للإنسان. لكأنّه لم يجد في مفردات اللغة التي يعرفها كلمة تستطيع وصف عظمة هذا الخلاص، فكتب يقول «خلاص هذا مقداره» أنّه حرّك الله وشغل أفكاره، ولأجل تحقيقه «أَرْسَلَ ٱللّٰهُ ٱبْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ ٱمْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ ٱلَّذِينَ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ، لِنَنَالَ ٱلتَّبَنِّيَ» (غلاطية 4: 4-5).

وإذا كان للخلاص هذه الخطورة ينبغي لنا أن نتأمّل في معانيه. وما أخالني بمستطيع أن أقيّم فوائد هذا الخلاص أو أن أصفه لك، ولكنّني أشير إلى عظمته بعفويّة المؤمن الذي سلّم ذاته إلى المخلّص الربّ وعرف:

  1. الثمن الذي دفعه المسيح لكي يحصّله لنا: جاء في إحدى الترانيم المجيدة التي نسمعها كثيراً في الكنائس:

    Table 1. 

    لم يفِ بالمالِ دَينيذلك الفادي العظيم 
    بل فداني بدماهمن عذابات الجحيم 
    واشتراني واشترانيذاك بالدم الكريم 

    ولعلّ ناظم الترنيمة اقتبس كلماتها من قول الرسول بطرس «فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ، عَالِمِينَ أَنَّكُمُ ٱفْتُدِيتُمْ لا بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ ٱلْبَاطِلَةِ ٱلَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ ٱلآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلا عَيْبٍ وَلا دَنَسٍ، دَمِ ٱلْمَسِيحِ، مَعْرُوفاً سَابِقاً قَبْلَ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ» (1 بطرس 1: 17-20).

    هذا هو الثمن الباهظ الذي دفعه الله لأجل الخلاص، فقد تكبّد لأجل خلاص الإنسان أكثر ممّا تكبّد في خلقه. لقد خلقه بكلمة من فمه، ولكنّه لأجل خلاصه «لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ٱبْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ» (رومية 8: 32).

    ويقيناً أنّ خلاصاً هذا مقداره، تحمّل الربّ نفسه آلاماً مبرحة لأجل تحقيقه، لا بدّ أن يكون عظيماً.

  2. ما خلّصنا منه: لقد خلّصنا من الخطيّة الخاطئة جدّاً، وخلّصنا من تبعتها ومن أجرتها التي هي موت. فقد جاء في شهادة بولس «صَادِقَةٌ هِيَ ٱلْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ: أَنَّ ٱلْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ ٱلْخُطَاةَ ٱلَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا» (1تيموثاوس 1: 15). وجاء في الإنجيل «لأَنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (الإنجيل بحسب لوقا 19: 10).

    وخلّصنا من سلطان إبليس كما هو مكتوب: «يَسُوعُ ٱلَّذِي مِنَ ٱلنَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ ٱللّٰهُ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَٱلْقُوَّةِ، ٱلَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْراً وَيَشْفِي جَمِيعَ ٱلْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَنَّ ٱللّٰهَ كَانَ مَعَهُ» (أعمال الرسل 10: 38).

  3. نتيجة الخلاص: إنّه يهب المخلَّصين امتيازات وبركات روحيّة كثيرة منها:

    • «قَرْنَ خَلاصٍ للقوة» (الإنجيل بحسب لوقا 1: 69).

    • «صخرة خلاصٍ للثبات»(مزمور 95: 1).

    • «خوذة خلاصٍ للوقاية» (رسالة أفسس 6: 17).

    • «كأس خلاصٍ للفرح» (مزمور 116: 13).

    • «ينابيع خلاص للارتواء» (إشعياء 12: 3).

    • «ثياب خلاص للجمال الروحيّ» (إشعياء 61: 10).

    وكذلك بالخلاص نتبرّر، فيصير لنا سلام مع الله بربّنا يسوع المسيح. وهذا السلام ينقلنا إلى الحياة الأفضل كما أرادها لنا السيّد الربّ بانتظار السعادة الأبديّة في أورشليم السماويّة.

    إنّ خلاصاً يمتّعنا بكلّ هذه الإمتيازات والبركات الروحيّة في السماويّات لا بدّ أن يكون خلاصاً عظيماً.

    و لنرجع إلى السؤال الذي أطلقه الرسول: «كيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره؟» هل ننجو إن أغفلنا خلاصاً هذه عظمته؟ هل ننجو إن استخففنا بخلاص هذه قيمته؟ هل ننجو إن تغافلنا دعوة الإنجيل لخلاصٍ هذا اعتباره؟ إنّ الله نفسه ظهر في الجسد لكي يكمّله. إنّه أعظم مقداراً من الديانة المعلَنَة في العهد القديم بكلّ ما فيها من طقوس وممارسات، وذلك لعدّة وجوه منها:

    إنّ الربّ نفسه قد ابتدأ بالتكلّم به، فقد قال منذ القديم القديم إنّ نسل المرأة يسحق رأس الحيّة (تكوين 3: 15) ووسيطه الربّ يسوع وهو أعظم من الملائكة الذين كانوا وسطاء العهد القديم. وقد أعلنه وأكمله المسيح بذبيحة نفسه وجعله محور الديانة المسيحيّة التي سلّمها للرسل وأهّلهم بروحه للمناداة بها.

    ثمّ تثبّت لنا (أي أُعطي بطريق محقّقة جديرة بالتصديق) لأنّه جاء وفقاً لما أُعلن للأنبياء الذين كتبوا لنا رسالة الخلاص مسوقين من الروح القدس. فشهد له الذين سمعوا، وهم الرسل الذين رافقوا يسوع في أيّام جسده، وتلقّوا منه مباشرة كلمة الحقّ إنجيل الخلاص. ثمّ كرزوا بها للعالم ابتداءً من أورشليم وإلى أقاصي الأرض.

    «شَاهِداً ٱللّٰهُ مَعَهُمْ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَمَوَاهِبِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» (عبرانيين 2: 4) بمعنى أنّ كرازة الرسل بإنجيل الخلاص تأيّدت بالعجائب التي كان الله يجريها بأيديهم، كشفاء المرضى والتكلّم بألسنة غريبة والتنبّؤ وغير ذلك...

    والآن بعد أن أُحِطنا علماً بعظمة هذا الخلاص، لعلّنا نتساءل « ماذا ينبغي أن نفعل لكي نخلص؟» هذا سؤال كان وما زال يتردّد في كلّ زمن وفي كلّ شعب ولسان وأمّة تحت الشمس. وليس من جواب سوى ما قاله الرسول بولس لمدير سجن فيلبّي منذ ما يزيد على الألفَي سنة: «آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ» (أعمال الرسل 16: 31). فاقبل خلاص الله شاكراً فيملأك المسيح بفرح الروح القدس، ويعطيك الغلبة وبالتالي إكليل الحياة. واحفظ نفسك بلا دنس في محبّة الله، منتظراً رحمة ربّنا يسوع المسيح للحياة الأبديّة. النفس عزيزة على الله بمقدار أنّه اشتراها بموت ابنه، فلا تهملها ولا تتهاون في الحفاظ عليها.

    باع أحدهم كلّ ممتلكاته واشترى بثمنها جوهرة نادرة غالية الثمن وسافر بها إلى بلد آخر. وفيما هو على ظهر الباخرة أخرج الدُرّة الجميلة فأعجبه جمالها ولمعانها في أشعّة الشمس، ثمّ أخذ يقذفها إلى أعلى ويتلقّفها بيده المرّة بعد الأخرى وهو مزهوٌّ ببراعته في ذلك، رغم تحذير الأصدقاء. وإذ قذفها مرّة إلى أعلى بأكثر قوّة ابتعدت عنه وسقطت في أعماق البحر. حينئذٍ صرخ من أعماقه « فقدتُها فقدتُها!!!»

    هذه قصّة واقعيّة رواها شاهد عيان، وفيها تحذير لكلّ إنسان يتلاعب بحياته. وقد تكون أنت إن كنت تتلاعب بنفسك، تلك الجوهرة الثمينة التي أودعها الله فيك فلا تتهامل في الحفاظ عليها. لا تقذف بها في أجواء الشهوات العالميّة لئلاّ تقع في لجّة الفساد، فالهلاك الأبديّ!

إكليل الحياة

نقرأ في رؤيا 2: 10 أمراً يوميّاً طالب به المسيح كلّ مؤمن أن يحفظ الأمانة: «كُنْ أَمِيناً إِلَى آلْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ آلْحَيَاةِ» وهذا الأمر الإلهيّ يتضمّن حقيقتَين مهمّتَين جدّاً. أوّلهما: إنّ أمانتنا للمسيح قنية ثمينة جدّاً يجب أن نحرص عليها كلّ الحرص، ولو اقتضانا ذلك بذل الحياة نفسها.

الحقيقة الثانية: إنّ أمانتنا للمسيح يجب أن تستمرّ مدى الحياة، حتّى إذا جاء الموت أصبحت في حرز حريز، إذ نصير نحن أنفسنا وديعة في يد المسيح.

وهذه الأمانة لها مجازاة قيّمة «إكليل الحياة». هذا هو الإكليل الذي ظفر به المسيح بعدما كسر شوكة الموت وانتصر على الهاوية. والمسيح الذي أمات الموت بالموت يعطي إكليل الحياة لكلّ من يغلب.

نقرأ في الكتاب المقدّس عن أربعة أكاليل مجيدة أعدّها الله لحافظي الأمانة:

  1. «إكليل جمال وتاج ملكيّ» هو التاج الذي أعدّه الربّ للكنيسة التي اشتراها المسيح بدمه (إشعياء 62: 3).

  2. «إكليل المجد الذي لا يبلى» وهو يُعطَى للرعاة الأمناء على قطيع المسيح (1بطرس 5: 4).

  3. «إكليل البِرّ» الذي يُهدَى لكلّ من يسلك بالبِرّ والاستقامة نتيجة إيمانه بالمسيح والتمسّك برجاء مجيئه. إنّه ثواب الجهاد الذي يبذله المؤمن والسعي الذي يكمله (2 تيموثاوس 4 : 7-8).

  4. «إكليل الحياة» الذي يناله الأمين الذي يحتمل التجربة ويتزكّى كما فعل الشهداء الذين لم يستطع الموت أن ينتزع أمانتهم للمسيح.

هذا هو إكليل الحياة الذي وعد به الربّ للذين يحبّونه المحبّة الواجبة. وهو في لغة الإنجيل يرمز إلى الحياة الأبديّة باعتبار كونها تاج ظفرٍ يناله المسيحيّ الأمين رأساً من يد المسيح، الذي أوصى أيضاً بالمحافظة عليه إذ يقول «تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلا يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ» (رؤيا 3: 11). ولعلّه بوحي من هذه الوصيّة قال الرسول بولس للكولوسيّين: «لا يُخَسِّرْكُمْ أَحَدٌ ٱلْجِعَالَةَ» (كولوسي 2: 18).

وكأنّ المسيح له المجد أراد بوصيّته هذه أن لا يكون أحد من تابعيه مستبيحاً كعيسو الذي باع بكوريّته بأكلة عدس. وحين أراد أن يرث البركة رُفض إذ لم يجد للتوبة مكاناً مع أنّه طلب البركة بدموع (عبرانيّين 12: 16-17).

السؤال الرابع: كيف أخلص خلاصاً كاملاً، ولا أعود إلى الخطية؟ هل يكفي للخلاص أن نعتمد ونؤمن؟ ماذا يبقى على التائب بعد أن نال الحلّ من خطاياه؟

ع.ل.ج الاسكندرية

كيف أخلصُ خلاصاً كاملاً؟

قبيل صعوده أوصى المسيح تلاميذه: «ٱذْهَبُوا إِلَى ٱلْعَالَمِ أَجْمَعَ وَٱكْرِزُوا بِٱلإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. مَنْ آمَنَ وَٱعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ» (الإنجيل بحسب مرقس 16: 15-16). ونفهم من شرح الرسل الأطهار لوصيّة سيّدهم أنّ الناس جميعاً محكوم عليهم بالهلاك، ولكن من يؤمن بالمسيح ينال باسمه غفران خطاياه السالفة، ويخلص من إثم الخطيّة وسلطانها.

و حين نتأمّل تعليم الكتاب المقدّس الخاصّ بالإيمان الخلاصيّ، نجد أنّ الله قد أعدّ لنا الخلاص فعلاً، وأنّ للإيمان الخلاصيّ خصائص مهمّة جدّاً منها:

  1. الإنتباه للمعلنات الإلهيّة في الأسفار المقدّسة: وتصديق ما جاء فيها عن الخلاص المُعدّ لنا بالمسيح، والتسليم بصحّة أنباء الكتاب المقدّس بحال الإنسان الطبيعيّة الساقطة، واحتياجه إلى المسيح. إلاّ أنّ هذه الخاصّة العقليّة لا تكفي وحدها للخلاص، وإنّما تهدي الإنسان في طريق الإيمان الخلاصيّ.

  2. الإقتناع القلبيّ باحتياج النفس الساقطة: والشكر والحمد لله على تمهيد طريق للخلاص بالمسيح، الذي أعدّه مجّاناً لجنسنا الساقط.

  3. الإتّكال الاختياريّ على المسيح باعتبار كونه ربّنا ومخلّصنا: وذلك يتضمّن الإقرار بالذنب وعدم الاستحقاق، وبسلطة المسيح علينا وقبوله مخلّصاً لنا والتمسّك به واسطة وحيدة للمغفرة والتكفير والحياة الروحيّة وهذا الشرط مبنيّ على آيات كثيرة في الكتاب المقدّس توضح لنا كيف نأتي إلى المسيح لنوال الخلاص منه:

    • «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ ٱلْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ» (الإنجيل بحسب متّى 11: 28-29).

    • «وَأَمَّا كُلُّ ٱلَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلادَ ٱللّٰهِ، أَيِ ٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱسْمِهِ» (الإنجيل بحسب يوحنّا 1: 12).

    • «وَلٰكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ ٱلْمَاءِ ٱلَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى ٱلأَبَدِ، بَلِ ٱلْمَاءُ ٱلَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»(الإنجيل بحسب يوحنّا 4: 14).

    • «أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيّاً وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى ٱلأَبَدِ» (الإنجيل بحسب يوحنّا 11: 25-26).

    • «وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلامِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هٰذَا ٱلْكِتَابِ. وَأَمَّا هٰذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِٱسْمِهِ»(الإنجيل بحسب يوحنّا 20: 30-31).

    • «آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ»(أعمال الرسل 16: 31).

    وللإيمان الخلاصيّ موضوعان: عامّ وخاصّ. أمّا العامّ فهو ما جاء في المعلنات الإلهيّة. وأمّا الخاصّ فهو المسيح وعمله باعتبار أنّه فادٍ. فالإيمان الخلاصيّ يعتمد على الوعد الإلهيّ بالخلاص بالمسيح، والأدلّة على أنّ المسيح هو الموضوع الخلاصيّ كثيرة، منها:

  1. شهادة المسيح: طلب من الناس الإيمان، بقوله إنهم إن لم يؤمنوا به يُدانوا، وإنّه رُفِع على الصليب لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة، وإنّ الذي يؤمن به لا يُدان، والذي لا يؤمن قد دين لأنّه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد. وإنّ الذي يؤمن بالابن له حياة أبديّة، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة، بل يمكث عليه غضب الله. وإنّ هذه مشيئة الله الذي أرسله أنّ كلّ من يراه ويؤمن به تكون له حياة أبديّة (الإنجيل بحسب يوحنّا 3: 15 و18، و36).

  2. لزوم قبول المسيح: فالآيات التي تصرّح بأنّنا نخلص بقبولنا المسيح متعدّدة ومنها:

    • «وَأَمَّا كُلُّ ٱلَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلادَ ٱللّٰهِ، أَيِ ٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱسْمِه»(الإنجيل بحسب يوحنّا 1: 12).

    • «إِنْ كُنَّا نَقْبَلُ شَهَادَةَ ٱلنَّاسِ فَشَهَادَةُ ٱللّٰهِ أَعْظَمُ، لأَنَّ هٰذِهِ هِيَ شَهَادَةُ ٱللّٰهِ ٱلَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا عَنِ ٱبْنِهِ. مَنْ يُؤْمِنُ بِٱبْنِ ٱللّٰهِ فَعِنْدَهُ ٱلشَّهَادَةُ فِي نَفْسِهِ. مَنْ لا يُصَدِّقُ ٱللّٰهَ فَقَدْ جَعَلَهُ كَاذِباً، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِٱلشَّهَادَةِ ٱلَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا ٱللّٰهُ عَنِ ٱبْنِهِ. وَهٰذِهِ هِيَ ٱلشَّهَادَةُ: أَنَّ ٱللّٰهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ هِيَ فِي ٱبْنِهِ. مَنْ لَهُ ٱلٱبْنُ فَلَهُ ٱلْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ فَلَيْسَتْ لَهُ ٱلْحَيَاة»(1يوحنّا 5: 9-12).

    • «مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ ٱللّٰهِ. وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ ٱلْوَالِدَ يُحِبُّ ٱلْمَوْلُودَ مِنْهُ»(1يوحنّا 5: 1).

    فمن هذه الآيات يظهر جليّاً أنّ المطلوب منّا لأجل الخلاص هو قبول المسيح، وقبول الشهادة التي شهد بها الله عن ابنه، والإيمان بأنّه المسيح ابن الله الحيّ. فالمسيح هو موضوع الإيمان الذي يؤكّد الخلاص، ولذلك يكون الإيمان هو النظر إلى المسيح والإيمان به وتسليم النفس له.

  3. تعليم الرسل: علّم بولس أنّنا نتبرّر بالإيمان بالمسيح. والمراد بالإيمان هنا ليس الإيمان الذي يتناول العقل، ولا مجرّد الثقة العامّة في الله، ولا تصديق القول الإلهيّ أو اليقين بالحقائق الأبديّة. بل الإيمان الذي موضوعه المسيح. قال الرسول بولس «بِرُّ ٱللّٰهِ بِٱلإِيمَانِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ» (رومية 3: 22)

    • «إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ ٱلإِنْسَانَ لا يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ ٱلنَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لا بِأَعْمَالِ ٱلنَّامُوسِ»(غلاطية 2: 16).

    • «إِذاً قَدْ كَانَ ٱلنَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى ٱلْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِٱلإِيمَانِ» (غلاطية 3: 24). «لأَنَّكُمْ جَمِيعاً أَبْنَاءُ ٱللّٰهِ بِٱلإِيمَانِ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ»(غلاطية 3: 26).

    • «فَمَا أَحْيَاهُ ٱلآنَ فِي ٱلْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي ٱلإِيمَانِ، إِيمَانِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ»(غلاطية 2: 20).

  4. المسيح قدّم نفسه فدية عنّا: بذل المسيح نفسه فدية عن كثيرين، وجُعِل كفّارة عن الخطايا، وقدّم نفسه ذبيحة لله. ويَخْلص الناس باستحقاق بِرّه وموته.

    فلأنّه فادينا والكفّارة عن خطايانا وبالإيمان به نتصالح مع الله، يجب أن نقبله كذلك ونتّكل عليه. ونظام الإنجيل كلّه يقتضي أن يكون المسيح في ذاته وعمله موضوعاً للإيمان وأساساً للثقة.

  5. حياتنا في المسيح بالإيمان: ويتبرهن ذلك من الكلام على نسبة المؤمنين إلى المسيح، فقيل في الكتاب إنّنا فيه بالإيمان وإنّه يثبت فينا. وإنّه رأس الجسد ونحن الأعضاء فيه وحياتنا منه. وإنّه الكرمة ونحن الأغصان. وإنّه رئيس الإيمان ومكمّله. فهذه الأقوال وغيرها تنفي القول إنّ مجرّد الإيمان العامّ بالله أو بالكتاب المقدّس يؤكّد خلاصنا، وتثبت أنّ إيمان الخلاص هو الذي يثبتنا في المسيح ويجعله لنا إلهاً ومخلّصاً.

ونقرأ أيضاً في الكتاب المقدّس أنّ الله أرسل ابنه إلى العالم ليخلُص به العالم، وأنّ المسيح مات عن خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا، وأنّه صار لنا من الله حكمة وبِرّاً وقداسة وفداءً. فالذين يقبلون هذا المخلّص كما أعلن نفسه، ويسلّمون نفوسهم له ويوقفون ذواتهم لخدمته هم المؤمنون بالمعنى المقصود في الكتاب، وبالتالي هم المخلَّصون بالنعمة.

كلّ مؤمن حقيقيّ، يقبل المسيح، ويتّخذه مخلّصاً ومنجّياً من شرّ الخطيّة. و يقول الكتاب إنّ المسيح صار لخاصّته نبيّاً وكاهناً وملكاً، ومصدر الحياة والنور والسعادة، وموضوع العبادة والمحبّة.

فإذا كان للخلاص هذا الأثر والخطورة والعمق في حياة الإنسان وأبديّته، فمن اللازم أن نسأل عن طبيعته ومعناه ومدلوله المحدّد. أو من اللازم أن نسأل: ما هو الخلاص؟

والديانة المسيحيّة بجملتها ديانة الخلاص أوّلاً وآخِراً. ومؤسّسها وبانيها هو كلمة الله المتجسّد الذي جاء إلى العالم باسم «يسوع» الذي معناه «الله مخلّص». فالخلاص كما هو واضح من رسالة المسيح والمسيحيّة هو خلاص الإنسان من الخطيّة، إذ قال الملاك عن العذراء «فَسَتَلِدُ ٱبْناً وَتَدْعُو ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (متّى 1: 21). وقال المسيح عن نفسه «لأَنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (لوقا 19: 10).

فممّا تقدّم ترى أنّ التائب لا ينال الخلاص بمجرّد تدخُّل كاهن ما لحلّه من خطاياه. لأنّ لا كاهن ولا قدّيس ولا نبيّ ولا ملاك له سلطان على الحلّ من الخطايا. شخص وحيد فقط له هذا السلطان هو يسوع المسيح، كما هو مكتوب: «وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ ٱلْخَلاصُ. لأَنْ لَيْسَ ٱسْمٌ آخَرُ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ»(أعمال الرسل 4: 12).

مسابقة ماذا أصنع لكي أخلص؟

إن قرأت هذا الكتاب بتعمق تستطيع بسهولة أن تجيب على الأسئلة التالية:

  1. ما هو الخلاص؟

  2. من الذي سأل : ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟وماذا كان الردّ عليه؟

  3. كيف تثبت من الكتاب المقدس أن الخطية دَيْن؟

  4. ما هو طريق الخلاص؟

  5. اكتب سبع آيات خلاصية.

  6. ما هي الوسائط التي تتيح للمؤمن أن ينتصر على الخطية؟

  7. ما معنى كلمة «غفران» في الكتاب المقدس؟

  8. هل ننال الغفران بالأعمال الصالحة؟

  9. هل الصلاة وسيلة غفران؟

  10. هل تستطيع شفاعة القديسين غفران خطايانا؟

  11. هل التوبة تمحو الخطايا السالفة؟

  12. ما هو الثمن الذي دفعه المسيح لخلاصنا؟

  13. مِمّ خلصنا المسيح؟

  14. ما هو إكليل الحياة؟

  15. هل ذكر الكتاب المقدس أكاليل أُخَر؟

  16. بماذا أوصى المسيح تلاميذه أن يكرزوا؟

  17. ما هي خصائص الإيمان الخلاصي؟

  18. اذكر آية تؤكد أن الإيمان بيسوع يعطي الحياة الأبدية.

  19. اذكر ثلاث آيات تدعو لقبول المسيح.

  20. ماذا كان جواب بولس وسيلا لسجان فيلبي؟

إن أجبت على 15 من هذه الأسئلة العشرين بصواب، نرسل لك أحد كتبنا جائزة لاجتهادك. لا تنس أن تكتب اسمك وعنوانك بخط واضح إلى:


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
70007
Stuttgart
Germany