العودة الى الصفحة السابقة
كنيسة الله

كنيسة الله

دراسة في رسالة كورنثوس الأولى

الدكتور القس. منيس عبد النور


Bibliography

كنيسة الله. الدكتور القس. منيس عبد النور. Copyright © 2006 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى. 1985. SPB 3760 ARA. English title: The Church of God (1 Corinthians) . German title: Die Kirche Gottes (1 Korintherbrief) . Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

مقدمة

يحتوي العهد الجديد على 21 رسالة كتبها خمسة من الرسل. والرسالة خطاب يرسله الرسول إلى شخص أو إلى جماعة من الناس بقصد خاص. ورسائل العهد الجديد نجد فيها:

  1. رسالة مُرسَلة الى شخص، مثل رسالة بولس إلى تلميذه تيموثاوس أو تيطس أو إلى فليمون.

  2. رسالة مرسَلة الى كنيسة واحدة، مثل رسائل بولس الى فيلبي أو كورنثوس، وهي رسالة خاصة تعالج حالة خاصة.

  3. رسالة مرسلة الى عدة كنائس، واسمها رسالة دورية، بمعنى أنها تدور على كنائس مختلفة، فتقرأها كنيسة ثم ترسلها الى كنيسة أخرى.

والرسالة الى كنيسة كورنثوس ترد على مجموعة من الأسئلة وجَّهها أعضاء الكنيسة الى بولس، وتعالج بعض المشاكل التي كانت في كنيسة كورنثوس.

كاتب الرسالة

كاتب هذه الرسالة هو بولس الرسول، الذي كان قبلاً يحمل اسم شاول الطرسوسي. وشاول معناه المطلوب أو المرغوب فيه. أما بولس فمعناه «صغير». وقد جرى التغيير العظيم في حياة شاول، حتى صار بولس، في لقاء شخصي مع المسيح عندما قابله في الطريق الى دمشق وتحدَّث معه وغيرَّ حياته. وقد ورد ذكر قصة تجديد شاول ثلاث مرات في سفر الأعمال في أصحاحات 9 ، 22 ، 26.

ويقولون إن شاول الطرسوسي أخذ اسم بولس من اسم أول شخص ربحه للمسيح، كما يُطلق على القائد اسم المدينة التي انتصر عليها، أو الموقعة التي كسبها في الحرب. وكان بولس اسم أول من تجدد على يدي بولس، وهو والي جزيرة قبرص واسمه الكامل «سرجيوس» ولذلك أخذ شاول اسم «بولس». ونجد قصة تجديد سرجيوس بولس في سفر الأعمال الأصحاح 13.

مدينة كورنثوس

  1. مدينة كورنثوس هي إحدى بلاد اليونان، وهي مدينة قائمة على برزخ ضيق يتصل ببحرين، فكانت ميناء بمعنى مزدوج. والموانيء تتعرَّض لفساد الأخلاق أكثر من المدن الأخرى بسبب الغرباء الذين يزورونها، وبسبب البحارة والمسافرين الذين يملأون طرقاتها. وحين يتغرب الناس عن بلادهم ويعيشون في مدينة غريبة قد يفرّطون في الأخلاق، لأنهم غير معروفين لأحد، فهم لا يقيمون وزناً للرأي العام، ولا يشعرون بالضوابط التي تسيطر عليهم في بلادهم، كانت كورنثوس أشبه بميناء تجاري في العصر الحديث، يمتليء ميناؤها المزدوج بخليط من الغرباء لا يردعهم إلا القليل من الموانع التي تمنع الفساد.

  2. وهناك صفة ثانية في كورنثوس، وهي أنها تمتليء بعدد كبير من العبيد الذين كان العالم الوثني القديم يحسبهم أفضل قليلاً من البهائم، ويعاملهم معاملة الأمتعة يتبادلها في الأسواق، فعاشوا غير مسئولين عن أعمالهم، وخلقوا أبشع أنواع الفساد.

  3. ثم كانت كورنثوس مدينة جديدة لم يمضِ على إنشائها أكثر من مائة عام. فقد بُنيت مكان مدينة قديمة تدمرت، فلم يكن بها قيادة نابعة من البيئة، ولا تقاليد قديمة صالحة، ولا رأي عام قوي. وأقامت فيها طوائف من الناس كانوا لا يهتمون إلا بكسب المال فقط. والأخلاق تنحط حين تكون الثروة هي الهدف الوحيد للإنسان.

  4. وكان هناك عنصر رابع في كورنثوس يزيد الشر فيها، وهي أنها كانت مركزاً لعبادة الزهرة - ربَّة الشهوة - والتحق بهيكلها ألف من الراقصات اللواتي كنّ ينحدرن ليلاً لإغواء الناس وجذبهم إلى حياة الفساد. ونتيجة لهذه المؤثرات الأربعة انحدر أهل كورنثوس إلى كثير من الخطأ والشر، واشتهرت المدينة بالخلاعة حتى أصبحت مضرباً للمثل، فإذا قالوا «عاش فلان في كورنثوس» كانوا يعنون أنه فاجر، وإذا قالوا «إمرأة كورنثية» يقصدون أنها سيئة الأدب والسيرة.

كيف ابتدأت الكنيسة في كورنثوس

زار الرسول بولس مدينة كورنثوس سنة 53م، ونجد هذه القصة في سفر أعمال الرسل أصحاح 18 ، وزارها مرة ثانية سنة 54 - 57م، ولو أن هذه الزيارة لم تُذكر في سفر الأعمال. غير أننا نستنتج أنها حدثت من قراءتنا لكورنثوس الأولى 16: 6 ، 7. وغالباً زار بولس كورنثوس زيارة ثالثة حدثت أثناء بقائه ثلاثة أشهر في بلاد اليونان، (أعمال 20: 2 ، 3) وكانت الزيارة الثالثة في شتاء سنة 57 - 58.

فماذا قال بولس؟ وماذا علَّم في كورنثوس ليترك أثراً عظيماً؟ هناك حقائق تاريخية ثابتة تُثبت فساد المدينة قبل وصول بولس. وهناك حقائق تاريخية تبرهن لنا عن التغيير العظيم الذي حدث فيها.

ماذا علّم بولس حتى استطاع أن يُصلح أولئك الناس ويجدد حياتهم الفاسدة؟ لا شك أن بولس علّم عن المسيح المخلص، الفادي، فصحنا الذي ذُبح لأجلنا، الذي يطهر قلب كل من يؤمن به، فتخرج من حياته خميرة الخطية، ليملأه الإخلاص والحق. وهو ما قاله في رسالته الثانية «إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي ٱلْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. ٱلأَشْيَاءُ ٱلْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا ٱلْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً» (2كورنثوس 5: 17).

ولذلك قال الله لبولس عن كورنثوس «لا تَخَفْ، بَلْ تَكَلَّمْ وَلا تَسْكُتْ... لأَنَّ لِي شَعْباً كَثِيراً فِي هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ» (أعمال 18: 9 ، 10). وقد منح الله هذا الشعب الكثير حياة جديدة، نتيجة لقوة المسيح الحي المغيِّر الذي يملأ الحياة بالرجاء.

المشاكل الرئيسية في كنيسة كورنثوس

بعد ثلاث سنوات من زيارة بولس لكورنثوس، جاءه فريق من الناس(كانوا بزعامة سيدة ثرية اسمها خُلُوي) وأبلغوه أخباراً سيئة عن كورنثوس، بأن فيها تحّزُباً وانقساماً بين المؤمنين. فقد انشقّت الكنيسة الكورنثية إلى عناصر، قال بعضهم إنه يتبع بولس، وقال بعضهم إنه يتبع أبلوس، وقال آخرون إنهم يتبعون صفا، وقال غيرهم إنهم يتبعون المسيح! فالذين ادّعوا أنهم من حزب بولس تشدّدوا للجانب الصوفي من المسيحية، والذين قالوا إنهم من حزب أبلوس تشددوا للجانب العقلي، أما حزب بطرس فقد تشدد للجانب الشخصي. أما الذين قالوا إنهم للمسيح فقد تشبّثوا بقولهم إنهم رأوا المسيح بالجسد. وعندما سمع بولس عن هذا التحّزُب كتب رسالة كورنثوس ليقاوم هذا الخطأ الذي تسلل الى الكنيسة. وسمع بولس عن أهل خلوي ثلاث مسائل أخرى. أولها فضيحة أخلاقية، وهي أن أحد المسيحيين في كورنثوس تزوج من أرملة أبيه، وهذا ما يحرمه القانون والعُرف. ثم قالوا له إن أهل كورنثوس أظهروا روحاً مشاكسة مُحبَّة للمشاكل والقضايا، وقد بلغ بهم الأمر أن رفع أحدهم قضاياه أمام المحاكم الوثنية ضد إخوته المؤمنين. والشي الثالث هو الفساد والزنا.

ويبدو أن أهل كورنثوس كانوا قد أرسلوا رسالة إلى بولس، يسألونه فيها عن موضوعات متعددة. سألوه عن الزواج، وسألوه عن الطعام الذي يُقدَّم للأصنام: هل يأكلونه أو يمتنعون عنه؟ وسألوه عن أربع مسائل أخرى متعلقة بالعبادة العامة، وهي: هل تغطي النساء رؤوسهن في اجتماعات الكنيسة؟ وعن بعض المساوئ في وليمة المحبة والعشاء المقدس، وعن استعمال المواهب الروحية وإساءة استعمالها. وقد ردَّ بولس الرسول على هذه الأسئلة جميعاً.

وأعطى بولس في هذه الرسالة اهتماماً خاصاً بالقيامة (الأصحاح 15) ليُزيل شكوك بعض المسيحيين - لا حول قيامة المسيح - بل حول قيامة أجسادهم هم. وخصَّص بولس الأصحاح الأخير من رسالته لمسائل شخصية وتدبير للمستقبل.

زمن كتابة الرسالة ومكانها

كتب بولس رسالته الأولى الى أهل كورنثوس في أواخر الثلاث سنين التي سكن فيها في أفسس، ويظهر أن تاريخ كتابتها كان ربيع سنة 57م (أعمال 19 ، 1كورنثوس 16: 8 ، 9 ، 19).

رسالة كورنثوس الأولى ومشاكلنا الروحية اليوم ليست رسالة كورنثوس أبحاثاً عقائدية، ولكنها رسالة ممتلئة بالعواطف. تحمل إجابة على أسئلة المؤمنين كجماعة، لا عن أسئلة أفراد.

  1. نلحظ أن الله الآب والرب يسوع المسيح هما المصدر المشترك للنعمة والسلام (1: 3). لا يوجد هنا بيان رسمي صريح عن ألوهية المسيح، لكن الرسول يقدم ألوهية المسيح كفرض مسلَّم به لا شك فيه، فيحسب المسيح واحداً مع إله العهد القديم الذي خلق كل شيء. وكل الأدلة تثبت لنا أنه بعد القيامة احتل المسيح في هدوء، وبحالة طبيعية، مكانةً مُعادلة لله في عقول المسيحيين الأولين. نجد هذا المعنى في قول الرسول «في المسيح». وقد تكرر هذا التعبير اثنتا عشرة مرة في رسالتنا. أما التعبير المماثل له فهو «المسيح فيكم» «وأنتم جسد المسيح» (12: 27). إذا تأملنا ملياً هذه الألفاظ لا يعوزنا دليل آخر نثبت به أن الكنيسة الأولى حسبت ربنا يسوع المسيح معادلاً لله الخالق.

  2. وهناك دليل آخر على ألوهية الروح القدس «الروح يفحص كل شيء». «أنتم هيكل الله وروح الله ساكن فيكم». «جسدكم هو هيكل الروح القدس الذي فيكم». هذه الآيات توضح لنا ألوهية الروح القدس ومساواته مع الآب والابن.

    ويكتب بولس في رسالته الثانية لأهل كورنثوس «نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ ٱللّٰهِ، وَشَرِكَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ» (13: 14).

  3. وهناك عقيدة أخرى واضحة هي عقيدة الكفارة. فبولس يقول «المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب» (15: 3) ويتكلم الأصحاح الخامس عشر عن قيامة المسيح وقيامتنا نحن، وعن مُلكه الحاضر وحضوره المستمر في الكنيسة. أما المعمودية وغفران الخطايا فقد ورد ذكرهما في اصحاح 6: 11. والعشاء الرباني هو شركة جسد ودم المسيح(10: 16).

  4. ويتحدث الرسول بولس عن الكنيسة فيقول عنها «كنيسة الله». ويقول أيضاً «كل كنائس القديسين». واضح أن الكنائس في اعتقاده ليست جماعات منفصلة، ولكنها تنتمي إلى مجتمع واحد، فالرسول يقول «أنتم جسد المسيح وأعضاؤه أفراداً». جميعنا بروح واحد اعتمدنا إلى جسد واحد، فلا يقدر مسيحي أن يحيا حياته بمعزل عن الباقين. عندما تجدد المؤمنون انضموا الى مجتمع إلهي، صاروا خاضعين لقوانينه وأصبحوا شركاء في نعمته.

  5. ويتحدث الرسول بولس عن الإنجيل. وقد نادى بولس بإنجيل لخَّصه في ثلاث حوادث «المسيح مات عن خطايانا - دُفن - قام» (15: 3، 4). هذا يشبه الإعلان الذي كشفه ربنا ليوحنا في سفر الرؤيا عندما قال له «كُنْتُ مَيْتاً وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ» (رؤيا 1: 18) فايماننا يستند إلى المسيح الحي، لا إلى حقائق تاريخية مجرَّدة. فالذي مات وقام هو حي إلى الأبد، والمسيحي هو الذي يقدر أن يقول بنعمة من المسيح وبقوة الروح القدس «يسوع رب» (12: 3).

  6. ثم أن الرسول في هذه الرسالة يبيّن لنا أن المحبة هي الشريعة المسيحية المتجددة في كل يوم. يقول «اتبعوا المحبة» أي نفذوها وطبقوها في كل نواحي السلوك، اجعلوها تحل محل محبة الذات في كل ما تقولون وكل ما تفعلون. هناك مشاكل كثيرة في الزواج، وفي العلاقات بين الناس، وفي التحّزُب، وفي العلاقة بين الفقراء والأغنياء، وفي الموقف تجاه المجتمع غير المسيحي، وفي حُسن استخدام المواهب والوزنات. في هذه كلها نجد علاجاً رائعاً هو المحبة. ولذلك نقرأ الأصحاح الثالث عشر من هذه الرسالة لنجد فيه أعظم ما يمكن أن يُقرأ عن شريعة المحبة.

وهناك تعاليم مختلفة في هذه الرسالة ندرسها في حينها.

ملخص رسالة كورنثوس الأولى

الجزء الأول - تحية وشكر (1كورنثوس 1: 1 -9)

  1. تحية لكنيسة كورنثوس

  2. شكر

الجزء الثاني - ضرورة اتحاد كنيسة كورنثوس (1: 10 - 4: 21)

  1. وجود أحزاب في كنيسة كورنثوس

  2. ليس الإنجيل فلسفة أرضية

    1. طبيعة الإنجيل لا يقبلها العقليون في ظاهرها.

    2. تركيب كنيسة كورنثوس يُظهر صحة الإنجيل.

    3. موقف بولس يعكس صحة الإنجيل.

    3 - صليب المسيح حكمة إلهية

    1. طبيعة الحكمة الإلهية

    2. اختبارنا الروحي هو وسيلة إعلان حكمة الله.

    4 - طبيعة الكرازة المسيحية

    1. العلاقة بين الكارز والكنيسة

    2. لا تستهينوا بالكارزين

    3. وصف للكارزين

5 - أسباب تفرض الوحدة على كنيسة كورنثوس

  1. معلّمون مخطئون سبَّبوا التحزب

  2. نداء باحترام سلطة الرسول

الجزء الثالث - خطايا في كورنثوس (أصحاحا 5 ، 6)

  1. خطأ الزواج بالممنوع

  2. مخالطة العالم

  3. التقاضي أمام غير المؤمنين

  4. تحذير من الشهوانية

الجزء الرابع - إجابات على أسئلة أهل كورنثوس (أصحاحات 7 - 14)

1 - أسئلة عن الزواج

  1. كيف يستمر المسيحيون المتزوجون في العيشة معاً؟

  2. هل الطلاق مباح؟

  3. ماذا عن زواج المؤمن بغير المؤمن؟

  4. ماذا نفعل ببناتنا؟

  5. هل يجوز الزواج للمرة الثانية؟

2 - أسئلة عن الاحتفالات الوثنية

  1. مبدأ المحبة

  2. بولس مثال في تطبيق مبدأ المحبة

  3. مبدأ ضبط النفس

  4. مبدأ الإخلاص للمسيح

  5. ملخص لما قاله بولس

3 - أسئلة عن العبادة المسيحية

  1. تقاليد العبادة

  2. طريقة ممارسة العشاء الرباني

4 - المواهب الروحية

  1. برهان المواهب الحقيقية

  2. مصدر المواهب الروحية

  3. الهدف من المواهب الروحية

  4. المحبة فوق كل المواهب الروحية

    1 - دوام المحب

    2 - صفات المحبة

    3 - تفّوُق المحبة

  5. وصايا عن ممارسة المواهب الروحية

    1 - الوعظ أفضل من التكلم بألسنة

    2 - طريقة استخدام المواهب الروحية في اجتماعات العبادة

الجزء الخامس - قيامة الجسد (15: 1 - 58)

1 - أدلة على قيامة المسيح

2 - قيامة الأموات تتبع قيامة المسيح

  1. قيامة المسيح أساس رجائنا

  2. المسيحية تقوم على القيامة

  3. الإيمان بالقيامة يساعدنا على احتمال الضيقات

3 - طريقة قيامة الجسد

  1. أمثلة من الطبيعة

  2. طبيعة الجسد المُقام

  3. كيف ستكون قيامة الأموات؟

الجزء السادس - خاتمة الرسالة (أصحاح 16)

  1. تنظيم جمع التبرعات لكنيسة أورشليم

  2. خطط بولس في السفر والخدمة

  3. نصائح ختامية وتحيا

الجزء الأول تحية وشكر (1كورنثوس 1: 1 - 9)

1 - تحية لكنيسة كورنثوس

1 بُولُسُ، ٱلْمَدْعُّوُ رَسُولاً لِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ ٱللّٰهِ، وَسُوسْتَانِيسُ ٱلأَخُ، 2 إِلَى كَنِيسَةِ ٱللّٰهِ ٱلَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ، ٱلْمُقَدَّسِينَ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ، ٱلْمَدْعُّوِينَ قِدِّيسِينَ مَعَ جَمِيعِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ بِٱسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَهُمْ وَلَنَا. 3 نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلامٌ مِنَ ٱللّٰهِ أَبِينَا وَٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ (1 كورنثوس 1: 1 - 3)

يبدأ الرسول بولس بأن يقول إنّه مدعو من الله ليكون رسولاً، فيكتب باسم الله وبسلطانه. لم يفرض بولس نفسه رسولاً عليهم، إنما كان ذلك بمشيئة الله. وقد اشترك مع بولس في كتابة هذه الرسالة «سوستانيس» (راجع أعمال 18: 17). وسوستانيس هذا هو الذي كان رئيساً للمجمع، والذي اتهم بولس أمام غاليون، فضربه اليونانيون الواقفون لأن اتهامه كان ظالماً. ولعل الضرب أصلح من شأنه فعرف أنه كان مخطئاً واعتنق الدين الذي اضطهده. وهكذا صار سوتانيس صديقاً لبولس، وذهب يزوره في أفسس، يحمل إليه أخبار كورنثوس، فأملى عليه بولس الرسول هذه الرسالة. ويلقّبه بولس بسوستانيس «الأخ» وهذا يرينا أن كل المسيحيين أعضاء أحياء في عائلة الرب.

ويكتب بولس إلى «كنيسة الله». لا بد أن يكون المسيحي عضواً في جماعة، وكنيسة الله هي العائلة التي ينضم اليها المؤمن. والكنيسة - كنيسة الله - فهي لا تخص نفسها، بل هي خاصة الله الذي اختارها وبررها وقدسها، فهي له من عمل روحه ومن قوته. وأعضاء الكنيسة هم «مقدَّسون في المسيح»، تقدَّسوا بعد أن حصلوا على غفران خطاياهم. إنهم ليسوا قديسين من تلقاء أنفسهم، وليسوا مستقلين عن المسيح، ولكنهم مقدسون بسبب ثباتهم في المسيح، وفي حماية ملكوته لأنهم أعضاء جسده الروحي. والقول إنهم مقدسون مع جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح، يكشف لنا أن الكنيسة في ذلك الحين آمنت إيماناً كاملاً بعقيدة لاهوت المسيح وقيامته، فمن المستحيل أن نكون في المسيح وهو أقل من الله، ومستحيل أن نكون في مسيح قد مات. إذاً المسيح هو ابن الله وهو الحي. والرسول يقول إنهم مدعوون قديسين «جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان». هذا يعني أن الكنيسة واحدة، وقداستها شيء قصده الله لها. ثم يقول «في كل مكان لهم ولنا» فالرسول يحسب نفسه واحداً مع أهل كورنثوس، ومع الذين يملي عليه رسالته. وهكذا نجد إحساساً بالوحدة الكاملة بين الجميع.

هل هذا هو شعورك مع بقية الذين يحبون الله؟

كيف يمكن أن نسمّي مؤمني كورنثوس أنهم قديسون؟ الإجابة هي: إن القداسة هي مقام كل مؤمن في المسيح، مع أنها ليست حال كل مؤمن بالمسيح. والمطلوب أيها القارئ أن تجعل حالك مثل مقامك، فمقامك قديس. فليكن حالك حال القديسين.

ثم يحيّي الرسول أهل كورنثوس بقوله «نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح». والنعمة هي تحية اليوناني لزميله اليوناني، وهي أمنية بجمال الحياة مجاناً لشخص لا يستحق. أما السلام فهو تحية اليهودي لزميله اليهودي. ويجمع بولس سلام اليونان وسلام اليهود، لأن الكنيسة تضم مؤمنين من خلفية وثنية ومن خلفية يهودية، كانوا يتمنّون لبعضهم السلام والنعمة، لكن في المسيح فقط يصبح السلام والنعمة ممكنين. فلا يمكن أن تصبح الأمنية حقيقة إلا في المسيح يسوع ربنا ومن الله أبينا.

عزيزي القارئ، هناك حرب بين الناس وبين الله، إنهم يقولون له: ابعُد عنا! ولكن الله يريد أن يُنعم علينا بالسلام. هذا السلام ممكن فقط في المسيح، وهو الذي يجعلنا نقف من الله موقف الأبناء لا موقف العبيد والغرباء. بدون هذا السلام يصبح الله ديّاناً عادلاً يُهلك الخاطئ، لكن بإنعامه وبقبولنا لهذا الإنعام بالإيمان، يصير لنا سلام مع الله، ويتحقق فينا ما جاء في رومية 5: 1 «فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِٱلإِيمَانِ لَنَا سَلامٌ مَعَ ٱللّٰهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ». إن الله يدعوك إلى سلام معه بإنعامٍ منه. يدعوك للقداسة. يدعوك بأن تتوحَّد مع غيرك من المؤمنين بالمسيح، فتكّوِنون معاً جسد المسيح الواحد المنظور في العالم.

آية للحفظ

«نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلامٌ مِنَ ٱللّٰهِ أَبِينَا وَٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» (1كورنثوس 1: 3)

صلاة

يا أبانا السماوي نشكرك لأنك تدعونا لنحيا لك حياة القداسة. تدعونا من العالم الخاطئ الشرير لنصبح خليقة جديدة. عندها نتمتع بسلام معك. أبانا أعطنا هذا السلام، وأفصلنا عن الخطيئة والنجاسة وعن كل ما يعطل اتصالنا بك. أعطنا نعمة الوحدانية مع غيرنا من المؤمنين، وليفِضْ في قلبنا سلامك ونعمتك.

سؤال

1 - كيف تبرهن ألوهية المسيح مما جاء في كورنثوس الأولى 1: 2 ، 3؟

2 - شكر

4 أَشْكُرُ إِلٰهِي فِي كُلِّ حِينٍ مِنْ جِهَتِكُمْ عَلَى نِعْمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمُعْطَاةِ لَكُمْ فِي يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، 5 أَنَّكُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ ٱسْتَغْنَيْتُمْ فِيهِ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ وَكُلِّ عِلْمٍ، 6 كَمَا ثُبِّتَتْ فِيكُمْ شَهَادَةُ ٱلْمَسِيحِ، 7 حَتَّى إِنَّكُمْ لَسْتُمْ نَاقِصِينَ فِي مَوْهِبَةٍ مَا، وَأَنْتُمْ مُتَوَقِّعُونَ ٱسْتِعْلانَ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، 8 ٱلَّذِي سَيُثْبِتُكُمْ أَيْضاً إِلَى ٱلنِّهَايَةِ بِلا لَوْمٍ فِي يَوْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. 9 أَمِينٌ هُوَ ٱللّٰهُ ٱلَّذِي بِهِ دُعِيتُمْ إِلَى شَرِكَةِ ٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ رَبِّنَا (1كورنثوس 1: 4 - 9)

بالرغم من العيوب الكثيرة التي كانت موجودة في كورنثوس إلا أن الرسول بولس استطاع أن يرى ما يُوجب الشكر على أشياء كثيرة فيها. لا شك أن حياة جديدة قد بدأت في هؤلاء الناس، والرسول يشكر من أجلهم. إنه يشكر على شيء منحه الله لهم. فكل ما عند المؤمن ليس منه، ولكنه عطية من الله. لا شيء نابع من داخله، لكنه إنعام من الله عليه... «أشكر إلهي على نعمته المعطاة لكم».

ثم انه يشكر على أنهم قد تعلَّموا. ففي المسيحية نرى المُثل الأخلاقية الصحيحة. يعرف المسيحي أين هو الآن؟ يعرف أين كان، ويعرف إلى أين هو ذاهب؟ قد استغنى في كل كلمة وكل علم، كما أن شهادة المسيح قد ثبتت فيه. بمعنى أنه عرف بها، وظهرت فيه قوة تأثيرها. فحين نرى التغيير في حياة الإنسان نتأكد أن المسيح هو الذي غيَّر حياته ليخدم. ويقول «حتى أنكم لستم ناقصين في موهبة ما» فقد منح الله كنيسة كورنثوس الكثير من المواهب والنِعّم كما سنجد ذلك في الأصحاح الثاني عشر. ويقول «وأنتم متوقّعون استعلان ربنا يسوع المسيح» فهم ينتظرون مجىء المسيح ثانية. لقد جاء مجيئه الأول إلى عالمنا ليتمّم الخلاص، وسيجئ ثانية ليأخذ المؤمنين به ليمتّعهم بالمجد الكامل في السماء. والمؤمنون يتوقعون هذا.

ثم يشكر الرسول الرب القادر «أن يُثْبِت للنهاية» والقادر أن يثبت فى حالة اللالوم. «أمين هو الله». لسنا نحن الذين نعمل، ولكن الله هو الذي يعمل فينا «بالنعمة نحن مخلَّصون وذلك ليس منّا. هو عطية الله». أمين هو الله الذي به دُعينا إلى شركة ابنه يسوع المسيح ربنا. أمانة الله هي سر بقائنا في الإيمان، فلسنا نحن الذين دعونا ولا خلَّصنا ولا قدَّسنا أنفسنا، لكن هو الذي أوجد الخلاص لنا من قبل وجودنا، وأحبنا من قبل أن نطلبه.

عزيزي القارئ، هل يمكن أن تشكر الله على نعمته التي أعطاها لك في المسيح؟ هل استغنيت في كل كلمة وفي كل علم. هل ملأتك معرفة المسيح؟ هل ثبتت فيك شهادة المسيح بخدمة تؤديها للرب؟ هل أنت لست ناقصاً في مواهب منحها الله لك؟ هل تنتظر مجئ المسيح ثانية من السماء؟ الله هو الذي يثبتك الى النهاية لأنه أمين. دعاك ويحفظ لك هذه الدعوة. ونلاحظ أن الكلمات التي استخدمها الرسول «معطاة» و «استغنيتم» و «ثُبِّتَت» تشير إلى زمن معيَّن مضى، ولا تشير إلى نمّو تدريجي. وهذه حالة ضعف في كنيسة كورنثوس. كان يجب أن يستمروا إلى الأمام، وأن يتقدموا باستمرار إلى ما هو أفضل. ليتنا نستطيع أن نفعل ذلك.

آية للحفظ

«أَمِينٌ هُوَ ٱللّٰهُ ٱلَّذِي بِهِ دُعِيتُمْ إِلَى شَرِكَةِ ٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ رَبِّنَا» (1كورنثوس 1: 9)

صلاة

أيها الآب نشكرك لأنك دعوتنا إلى شركة كاملة مع ابنك يسوع المسيح، الذي خلصنا وقدسنا. علِّمنا أن ننتظر مجيئه لنستعد لاستقباله، مزيّنين بثمار الروح القدس لتمجيد الآب العظيم.

سؤال

2 - ما هو المطلوب منا لنستطيع أن نعيش حياة توقع مجئ المسيح ثانية من السماء؟

الجزء الثاني ضرورة اتحاد كنيسة كورنثوس (1كورنثوس 1: 10 - 4: 21)

بعد أن قدم الرسول تحيته لأعضاء كنيسة كورنثوس، وبعد أن رفع شكره لله لأجلهم، بدأ يحدثهم عن وحدة جسد المسيح. فذكر خطر التحّزُب، وأوضح حكمة المسيح الموحِّدة. وشرح أن الكرازة توحّد الكنيسة ولا تقسمها. وقدم أسباباً تدعو للوحدة. وهذا ما سندرسه في هذا الجزء من الرسالة الذي نجد فيه:

1 - وجود أحزاب في كنيسة (كورنثوس 1: 10 - 17)

2 - ليس الإنجيل فلسفة أرضية (1: 18 - 2: 5)

  1. طبيعة الإنجيل لا يقبلها العقليون في ظاهرها (1: 18 - 25)

  2. تركيب كنيسة كورنثوس يُظهر صِحَّة الإنجيل (1: 26 - 31)

  3. موقف بولس يعكس صحة الإنجيل (2: 1 - 5)

3 - صليب المسيح حكمة إلهية (2: 6 - 3: 4)

  1. طبيعة الحكمة الإلهية (2: 6 - 10)

  2. اختبارنا الروحي هو وسيلة إعلان حكمة الله (2: 10 - 3: 4)

4 - طبيعة الكرازة المسيحية (3: 5 - 4: 5)

  1. العلاقة بين الكارز والكنيسة (3: 5 - 15)

  2. لا تستهينوا بالكارزين (3: 16 - 23)

  3. وصف للكارزين (4: 1 - 5)

5 - أسباب تفرض الوحدة على كنيسة كورنثوس (4: 6 - 21)

  1. معلّمون مخطئون سبَّبوا التحّزُب (4: 6 - 13)

  2. نداء باحترام سلطة الرسول (4: 16 - 21)

1 - وجود أحزاب

10 وَلٰكِنَّنِي أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ، بِٱسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، أَنْ تَقُولُوا جَمِيعُكُمْ قَوْلاً وَاحِداً، وَلا يَكُونَ بَيْنَكُمُ ٱنْشِقَاقَاتٌ، بَلْ كُونُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأْيٍ وَاحِدٍ، 11 لأَنِّي أُخْبِرْتُ عَنْكُمْ يَا إِخْوَتِي مِنْ أَهْلِ خُلُوِي أَنَّ بَيْنَكُمْ خُصُومَاتٍ. 12 فَأَنَا أَعْنِي هٰذَا: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَقُولُ: أَنَا لِبُولُسَ، وَأَنَا لأَبُلُّوسَ، وَأَنَا لِصَفَا، وَأَنَا لِلْمَسِيحِ. 13 هَلِ ٱنْقَسَمَ ٱلْمَسِيحُ؟ أَلَعَلَّ بُولُسَ صُلِبَ لأَجْلِكُمْ، أَمْ بِٱسْمِ بُولُسَ ٱعْتَمَدْتُمْ؟ 14 أَشْكُرُ ٱللّٰهَ أَنِّي لَمْ أُعَمِّدْ أَحَداً مِنْكُمْ إِلا كِرِيسْبُسَ وَغَايُسَ، 15 حَتَّى لا يَقُولَ أَحَدٌ إِنِّي عَمَّدْتُ بِٱسْمِي. 16 وَعَمَّدْتُ أَيْضاً بَيْتَ ٱسْتِفَانُوسَ. عَدَا ذٰلِكَ لَسْتُ أَعْلَمُ هَلْ عَمَّدْتُ أَحَداً آخَرَ، 17 لأَنَّ ٱلْمَسِيحَ لَمْ يُرْسِلْنِي لأُعَمِّدَ بَلْ لأُبَشِّرَ - لا بِحِكْمَةِ كَلامٍ لِئَلا يَتَعَطَّلَ صَلِيبُ ٱلْمَسِيحِ (1كورنثوس 1: 10 - 17)

نلاحظ من هذه الآيات أن هناك أربعة أحزاب تأسست في كنيسة كورنثوس، لم يقولوا قولاً واحداً، لكنهم اختلفوا. كانت بينهم خصومات، والرسول يرجوهم أن يقولوا قولاً واحداً، وأن يكون لهم فكر واحد ورأي واحد. ألعل المسيح انقسم؟ لا يوجد أحد صُلب لأجلهم إلا يسوع، وباسم المسيح اعتمدوا، ولذلك يجب أن يتمسكوا بالرأس الواحد: المسيح. نحتاج كمسيحيين قبل كل شىء إلى التوبة والندامة الشديدة لأجل الانشقاقات في الكنائس. ويل للكنيسة التي تتباهى بأنها أصلح وأفضل من الكنائس الأخرى! ويل للواعظ أو الكاهن الذي يحاول ربط خراف المسيح بشخصه هو، ويُفسدهم باستكباره وتحّزبه، فيضرّهم ضرراً بليغاً، ويضر قضية المحبة المسيحية! لا يوجد إنسان، لا كاهن ولا أسقف ولا مبشر يُعتَبر مهماً أو كبيراً، فالجميع عملوا ما كلَّفهم الله أن يعملوه، لكن المجد كله يرجع الى الله. كافح بولس لأجل المحبة والتغلُّب على الانشقاقات في الكنيسة. ثم كافح لأجل نقاوة التعليم، لأن الكنيسة المنشقة هي ضد مبدئها الأساسي. في جهودك لتوحيد المؤمنين بالمسيح لا تستعمل التفاهم السطحي، أو الموافقة التافهة المبنيَّة على أكاذيب بشرية، بل انظر الى سر فاعلية الروح القدس في المؤمنين، فهو الذي يملك فيهم بروحه، لأنه يسكن فيهم، وهو الذي يوحّدنا. ليس مهماً أن تكون أرثوذكسياً أو كاثوليكياً أو إنجيلياً أو مارونياً أو سريانياً أو أرمنياً. المهم هو إيمانك الذي يربطك مباشرة بالمسيح الذي طهَّرك وثبَّتك في نفسه كما يثبت الغصن في الكرمة. وروح المسيح هو عصير الكرمة الذي يوحّد الجميع ويعلّمك التواضع لتحب كل الإخوة والأخوات المجتمعين حول صليب المسيح مخلّصهم الوحيد. فمن لا يحب المسيح المصلوب لا ينتمي لكنيسة المسيح. لهذا السبب ليست الممارسة الخارجية بالمعمودية بالماء، أو ضخامة المعرفة عن الله هي العلامات البارزة للكنيسة، ولكن الأساس هو السلوك بتواضع، إذ يعتبر كل واحد الآخر أعظم من نفسه ويخدمه في سرور. ومقياسنا وقدوتنا وقوتنا في ذلك: المسيح الذي فدانا، عندما أخلى نفسه من مجده، وقَبِلَ أن يموت موت الصليب. ولا يحتاج اتّباعنا للمسيح الى تفلسُف متباهٍ، ولا إلى حكمة بشرية، بل يحتاج إلى إنكار النفس بقوة صليب المسيح.

آية للحفظ

«كُونُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأْيٍ وَاحِدٍ» (1كورنثوس 1: 10)

صلاة

أيها الرب يسوع المسيح، لقد دعوتنا للمحبة لا للخصام، وجذبتنا الى التواضع لا الى التفلسف الفارغ. وحّدنا مع كل المؤمنين بك، لنعتبر الآخرين أعظم من أنفسنا. وامنحنا رأياً واحداً وفكراً مبنياً على ارشاد الروح القدس.

سؤال

3 - كيف نعمل على توحيد جسد المسيح اليوم؟

2 - ليس الإنجيل فلسفة أرضية (1 : 18 - 2 : 5)

ليس الإنجيل في جوهره فلسفة أرضية، لكنه حكمة إلهية سماوية.

ويتضح أن الإنجيل في جوهره ليس فلسفة أرضية من الحقائق الثلاث الآتية:

  1. من طبيعته التى لا يقبلها الفلاسفة في ظاهرها (18 - 25)

  2. ومن تركيب كنيسة كورنثوس (26 - 31)

  3. ومن الموقف الذي وقفه بولس بين أهل كورنثوس (2: 1 - 5)

وهذا ما يشرحه بولس الرسول في هذا الجزء، ليوضح ضرورة وحدة الكنيسة حول كلمة الإنجيل.

(أ) طبيعة الإنجيل لا يقبلها العقليون في ظاهرها

18 فَإِنَّ كَلِمَةَ ٱلصَّلِيبِ عِنْدَ ٱلْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ ٱلْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُّوَةُ ٱللّٰهِ، 19 لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: سَأُبِيدُ حِكْمَةَ ٱلْحُكَمَاءِ وَأَرْفُضُ فَهْمَ ٱلْفُهَمَاءِ. 20 أَيْنَ ٱلْحَكِيمُ؟ أَيْنَ ٱلْكَاتِبُ؟ أَيْنَ مُبَاحِثُ هٰذَا ٱلدَّهْرِ؟ أَلَمْ يُجَهِّلِ ٱللّٰهُ حِكْمَةَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ؟ 21 لأَنَّهُ إِذْ كَانَ ٱلْعَالَمُ فِي حِكْمَةِ ٱللّٰهِ لَمْ يَعْرِفِ ٱللّٰهَ بِٱلْحِكْمَةِ، ٱسْتَحْسَنَ ٱللّٰهُ أَنْ يُخَلِّصَ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةِ ٱلْكِرَازَةِ، 22 لأَنَّ ٱلْيَهُودَ يَسْأَلُونَ آيَةً، وَٱلْيُونَانِيِّينَ يَطْلُبُونَ حِكْمَةً، 23 وَلٰكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِٱلْمَسِيحِ مَصْلُوباً: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! 24 وَأَمَّا لِلْمَدْعُّوِينَ: يَهُوداً وَيُونَانِيِّينَ، فَبِٱلْمَسِيحِ قُّوَةِ ٱللّٰهِ وَحِكْمَةِ ٱللّٰهِ. 25 لأَنَّ جَهَالَةَ ٱللّٰهِ أَحْكَمُ مِنَ ٱلنَّاسِ! وَضَعْفَ ٱللّٰهِ أَقْوَى مِنَ ٱلنَّاسِ!) (1كورنثوس 1: 18 - 25)

الكرازة بالمخلص المصلوب ليست دعوة إلى عقول الناس لكنها دعوة إلى قلوبهم، فإن التضحية بالنفس تؤثّر في كل نفس بشرية، و «الجود بالنفس أقصى غاية الجود». ولذلك قال المسيح «وأنا إن ارتفعتُ عن الأرض أجذب إليَّ الجميع».

ولأن الطبيعة البشرية فسدت، صارت كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، وهذا يؤيده ما جاء في نبوة إشعياء «فَتَبِيدُ حِكْمَةُ حُكَمَائِهِ وَيَخْتَفِي فَهْمُ فُهَمَائِهِ» (29: 14). ويقتبس بولس معنى ما جاء في نبوة إشعياء 19: 11 ، 12 و 33: 18 فيقول: أين الحكيم؟ أين الكاتب؟ أين مُبَاحث هذا الدهر؟ لقد جهَّل الله حكمة هذا العالم وأظهر حكمته الرائعة في صليب المسيح. إن كل المقدرات الفلسفية لم تنفع الحكماء، لأنهم لم يدركوا الله في حكمته ولا في قداسته ولا في أبّوته ومحبته. انظر الى فلاسفة اليونان وقد امتلأت سماواتهم بأنصاف الآلهة والجبابرة الذين يحاربون بعضهم بعضاً ويخدعون بعضهم بعضاً. وهكذا خدع إبليس هؤلاء المفكرين البارزين، ومنعهم رغم عبقريتهم الفلسفية عن إدراك محبة الله وحقه. من هذا نتعلم أن كل التفكير البشري غير قادر أن يدرك الله في حقيقته، لأن كل تفكيرنا باطل وساقط بسبب الخطية، كما أنه محدود وفاسد. قال أحد المؤمنين: «تشبُّث الإنسان بآرائه وفكره من أكبر عوائق التقدّم الروحي. لقد أمرَنا الإنجيل بالصلاة لا بالمجادلة. أعطني نفساً تعرف كيف تلقي على الله كل منطقها وتفكيرها، وأنا أضمن لك أن هذه النفس تتكمَّل بكل الفضائل وتخلُص».

الإيمان بيسوع المصلوب وحده يقدر أن يخلّصك. إن كل معرفتك لا توصّلك بالله، لأن خطيتك تفصل بينك وبينه. ولكن الله لا يهلكك من أجل تفكيرك الخاطئ بل يخلّصك لأجل محبته، ويجدد قلبك بعمل روحه، لأن رحمته الإلهية التي تجسدت في يسوع المسيح - الذي وُلد خلافاً لأفكار البشر، وُلد من العذراء القديسة مريم في مذود حقير ومات مرفوضاً ومحتقراً على الصليب - هذه المحبة الإلهية هي التي تفتدينا من جهالتنا ومن قذارتنا ومن مواتنا.

لقد كان اليهود يطلبون معجزة، وكان اليونانيون يطلبون فلسفة وحكمة، فلم يجدوا في الصليب معجزة قوة، لأن المسيح لم ينزل عن الصليب ولم يدافع عن نفسه. واليونانيون لم يستطيعوا أن يروا الحكمة الإلهية من خلف الصليب. لذلك رفضوه. ولكن الذين قبلوا دعوة المسيح - من اليهود ومن اليونانيين - وجدوا في الصليب قوة الله وحكمة الله. رأوا ما لم يره الآخرون في الصليب، فقد استطاعوا أن يصلبوا مع المسيح أهواءهم وشهواتهم، ولم يعودوا يعيشون هم، بل عاش المسيح فيهم. وجدوا أن المسيح هو مصدر القوة، لأنه أنشأ في حياتهم تغييراً كاملاً «وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ ٱلْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ ٱلأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لا لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ» (2كورنثوس 5: 15).

ولقد صار الصليب للذين قبلوه حكمة. فهذه حكمة الله الأسمى من حكمة الناس. فقد رأى الله أن يخلّص البشر بالصليب، فالصليب يكسر كبرياء الناس ويبطل كل محاولاتهم في إصلاح نفوسهم، وينهي الوهم المسيطر بأن الله يبرّر الإنسان لأجل أعماله الصالحة. فمن لا يزال مؤمناً أنه سيربح الفردوس بصلواته وقرابينه وحسناته لم يعرف المسيح حقيقة، فإن الذين يعرفون المسيح يدركون أن غفران خطاياهم و قداسة حياتهم ينبعان من عمله في قلوبهم، وليس نتيجة لأعمال صالحة ولا لتفكير عبقري. والى الآن لا يزال الصليب ظاهراً لكثير من الناس أنه جهالة وغباء، ولكنه في الحقيقة قمة حكمة الله. وأنت مدعو يا عزيزي القارئ لأن تختبر قوة الصليب القادرة أن تخلّصك، لتستطيع أن ترى فيه قوة الله التي تعطيك حياة جديدة، ولترى فيه حكمة الله التي تهيّئ لك طريق الحصول على هذه الحياة الجديدة.

آية للحفظ

«كَلِمَةَ ٱلصَّلِيبِ عِنْدَ ٱلْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ ٱلْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُّوَةُ ٱللّٰهِ» (1كورنثوس 1: 18)

صلاة

أبانا السماوي، نشكرك لأنك لم تشفق على ابنك بل بذلتَه لأجلنا أجمعين. نقف أمامك في خضوع وحب لأن المسيح حمل آثامنا وأجرة خطيتنا. طهِّر قلوبنا وفكرنا من كل خطايانا، واملأنا بروحك القدوس لنحبك دائماً، ولنبتعد عن جهالة العالم. افتح عيوننا لحقيقة محبتك واقبل سجودنا وشكرنا من أجل المسيح مخلصنا.

سؤال

4 - مامعنى أن صليب المسيح هو قوة الله وحكمة الله؟

(ب) حالة كنيسة كورنثوس تبيّن أن الصليب ليس فلسفة أرضية

26 فَٱنْظُرُوا دَعْوَتَكُمْ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ، أَنْ لَيْسَ كَثِيرُونَ حُكَمَاءُ حَسَبَ ٱلْجَسَدِ. لَيْسَ كَثِيرُونَ أَقْوِيَاءُ. لَيْسَ كَثِيرُونَ شُرَفَاءُ. 27 بَلِ ٱخْتَارَ ٱللّٰهُ جُهَّالَ ٱلْعَالَمِ لِيُخْزِيَ ٱلْحُكَمَاءَ، وَٱخْتَارَ ٱللّٰهُ ضُعَفَاءَ ٱلْعَالَمِ لِيُخْزِيَ ٱلأَقْوِيَاءَ، 28 وَٱخْتَارَ ٱللّٰهُ أَدْنِيَاءَ ٱلْعَالَمِ وَٱلْمُزْدَرَى وَغَيْرَ ٱلْمَوْجُودِ لِيُبْطِلَ ٱلْمَوْجُودَ، 29 لِكَيْ لا يَفْتَخِرَ كُلُّ ذِي جَسَدٍ أَمَامَهُ. 30 وَمِنْهُ أَنْتُمْ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ، ٱلَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ ٱللّٰهِ وَبِرّاً وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً. 31 حَتَّى كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: مَنِ ٱفْتَخَرَ فَلْيَفْتَخِرْ بِٱلرَّبِّ (1كورنثوس 1: 26 - 31)

في هذه الآيات نرى الرسول بولس يقول لأهل كورنثوس إن معظم الذين آمنوا بالمسيح منهم ليسوا من الفلاسفة، وليسوا من الأقوياء، وليسوا من ذوي النفوذ، ولا من الشرفاء - لكنهم من جماعة بسيطة. ولقد اختار الله هؤلاء البسطاء وأعلن لهم عظمة قوة صليبه، وغيَّر حياتهم. فلابد إذن أن طبيعة الإنجيل وطبيعة الصليب تناسب المواطن العادي الذي يحبه الله. ولا يعني هذا أن الله يُبعد المثقفين أو ذوي المكانة. ولكنه يعني أن عدداً كبيراً من المثقفين وأصحاب النفوذ يبتعدون عن الرب. ان الله لا يريد لأحد أن يفتخر عليه. بل ليكن كل الفخر بالله وبما فعل المسيح. لقد جاء المسيح لا ليدعو الأصحّاء الذين لا يحتاجون الى طبيب بل جاء يدعو المرضى: لم يأتِ يدعو أبراراً بل خطاة الى التوبة. وهكذا نرى أن الذين يُقبلون إلى المسيح فعلاً هم الذين يشعرون باحتياجهم إليه. ولا عجب فقد قال المسيح «طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات». المساكين بالروح هم الذين يشعرون أنهم محتاجون الى الله، وأن ما عندهم ليس نتيجة مجهودهم، لكنه هدية... منحة، بإنعام إلهي عليهم.

يوجّه الله دعوته الى الناس جميعاً، ولكن القليلين فقط هم الذين يقبلونه من أصحاب القلوب المنكسرة، الذين يدركون مقدار حاجتهم الى خلاص المسيح.

عزيزي القارئ، من أنت؟ هل تحسّ بحاجتك الى المسيح؟ هل تقبل صليبه أم ما زلت متكبراً؟ هل تحسب تفكيرك أعلى من تفكير الله؟ الله يدعوك لترجع إليه بتواضع مدركاً ما فعل المسيح لأجلك.

آية للحفظ

«ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ، ٱلَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ ٱللّٰهِ وَبِرّاً وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً» (1كورنثوس 1: 30)

صلاة

أبانا السماوي. نعظمك لأنك رحمتنا ونحن خطاة ضعفاء. أما أنت فالقوي الحكيم القدوس، وقد أريتنا في المسيح حكمتك وبرَّك وقداستك وفداءك. وأعطيتنا كل هذه البركات بواسطته. حتى عندما نفتخر نفتخر بك وحدك وبما فعلت لأجلنا.

سؤال

5 - من هم الذين يقبلون خلاص الله بالصليب؟

(ج) وعظ بولس في كورنثوس يبيّن أن الصليب ليس فلسفة

1 وَأَنَا لَمَّا أَتَيْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ، أَتَيْتُ لَيْسَ بِسُمُّوِ ٱلْكَلامِ أَوِ ٱلْحِكْمَةِ مُنَادِياً لَكُمْ بِشَهَادَةِ ٱللّٰهِ، 2 لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً. 3 وَأَنَا كُنْتُ عِنْدَكُمْ فِي ضُعْفٍ وَخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ كَثِيرَةٍ. 4 وَكَلامِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلامِ ٱلْحِكْمَةِ ٱلإِنْسَانِيَّةِ ٱلْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ ٱلرُّوحِ وَٱلْقُّوَةِ، 5 لِكَيْ لا يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ ٱلنَّاسِ بَلْ بِقُّوَةِ ٱللّٰهِ (1كورنثوس 2: 1 - 5)

عندما ذهب بولس الى كورنثوس نادى بالإنجيل للفقراء كما فعل المسيح من قبله. لم يكن بولس هناك يدفع الحجّة بالحجة الفلسفية، ولم يكن ينادي بسمّو الكلام البليغ الذي يصل إلى فكر المفكرين، ولكنه كان يعلن المسيح المصلوب القادر أن يخلّص. لم يستخدم كلام الحكمة الإنسانية المقنع فيقتبس من أقوال الفلاسفة والشعراء، لكنه كان ينتظر أن الروح القدس يبرهن صدق الكلمة بقوة فعاليته في القلوب. تلقَّى بولس رسالته من الله، ولذلك كان يقدمها بقوة الله، وهو يعلم أنها لابد ستفعل في قلوب السامعين. سلك بولس طريق المسيح الذي جذب الى ملكوته صغاراً ضعفاء، لا بمحاضرات فلسفية لكن بلغة محبته.

عزيزي القارئ، إن كنت تريد أن تصبح شاهداً للمسيح تكسب النفوس له، فلا تظن أن ذلك سيكون بالخُطب الرنانة، لكن بالمحبة التي في قلبك، التي تنسكب عليك بالروح القدس. وهكذا تستطيع أن تقدّم سرّ محبة الله للناس. إن الذي يربح نفوس الناس ليس فلسفة وليس خُطباً رنانة وليس أفكاراً متلالئة، لكن محبة حقيقية كمحبة الله التي ظهرت في الصليب.

آية للحفظ

«لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً» (1كورنثوس 2: 2)

صلاة

أيها الرب اغفر لنا انجذابنا إلى الكلمات البليغة والخطب الرنانة التي هي رغم بريقها خالية من قوتك. قدّسنا وحرّرنا من أنفسنا حتى لا نتكلم إلا بقوتك، ونكرس أفواهنا لك، ونصبح وسيلة لخلاص كثيرين، لأن ابنك فدانا على الصليب ورحمنا وربحنا إلى محبته العظيمة. ربنا أعنّا لكي لا نعرف ولا نعلن شيئاً إلا يسوع المسيح وإياه مصلوباً.

سؤال

6 - من 1 كورنثوس 2: 4 كيف ترى مصدر قوة خدمة الرسول بولس؟

3 - صليب المسيح حكمة إلهية (2 : 6 - 3 : 4)

قد يظن البعض أن الإنجيل يتعارض مع الحكمة والفلسفة والقوة. وقد يظنون أنه لا يجتذب إلا جماعة البسطاء الفقراء غير المتعلمين، ولذلك فإن الرسول بولس يسارع بأن يشرح أن الإنجيل حكمة إلهية عظيمة. وفي هذا الجزء يتحدث الرسول أولاً عن طبيعة الحكمة الإلهية (2: 6 - 10) ثم يوضح أن وسيلة إعلان هذه الحكمة الإلهية ليست الفطنة العقلية بل اختبار روحي(2 : 10 - 3: 4).

(أ) طبيعة الحكمة الإلهية

6 لٰكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ ٱلْكَامِلِينَ، وَلٰكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هٰذَا ٱلدَّهْرِ، وَلا مِنْ عُظَمَاءِ هٰذَا ٱلدَّهْرِ، ٱلَّذِينَ يُبْطَلُونَ. 7 بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ ٱللّٰهِ فِي سِرٍّ: ٱلْحِكْمَةِ ٱلْمَكْتُومَةِ، ٱلَّتِي سَبَقَ ٱللّٰهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ ٱلدُّهُورِ لِمَجْدِنَا، 8 ٱلَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ هٰذَا ٱلدَّهْرِ - لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ ٱلْمَجْدِ. 9 بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ ٱللّٰهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ. 10 فَأَعْلَنَهُ ٱللّٰهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ (1كورنثوس 2: 6 - 10)

يتكلم الرسول بولس بحكمة بين الكاملين - أي المسيحيين الأكثر نضوجاً، الذين ارتفعت مَلَكاتهم الروحية بإلهام الروح القدس، فأدركوا أن الصليب هو طريق الله للغفران والفداء. هذه الحكمة ليست من هذا الدهر، ولا من عظماء هذا الدهر الذين يُبطَلون، الذين هم مثل بيلاطس وهيرودس وكهنة اليهود الذين صلبوا المسيح، ولا مثل المعلّمين والفلاسفة اليهود، الذين استندت نظرياتهم في الحياة إلى هذا العالم الفاني المتقلّب، فلم تفسح مجالاً لعقيدة الصليب (وهي الحكمة النازلة من فوق). هؤلاء سيُبطَلون ويبقى المسيح وملكوته. على أن بولس يتكلم بحكمة الله في سر، وهي الحكمة التي لم يعلمها أحد من عظماء هذا الدهر، لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد. هذه الأشياء التي تحدَّث عنها الرسول هي عالية...رائعة، أعلنها الله لنا بروحه، وهي ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان - لا في السماء ولكن هنا على الأرض. وهذا الذي لم تره عين ولم تسمع به أذن قد أعلنه الله لنا نحن بروحه. فبفعَّالية الروح القدس في القلوب نستطيع أن نرى الحكمة الإلهية الموجودة في الصليب.

هل أدركت حكمة الله؟ إنها ليست محاولة بشرية، أو انتقاداً عقلياً، أو يأساً رافضاً، بل هي خطة الله التي تؤدي الى الحياة الأبدية الساكنة في المؤمنين. هي فرح لا ينتهي، لأن حضور الله في المؤمن الذي طهرَّه دم المسيح يملأ حياته بالسعادة والسلام.

هل تشكر فاديك الذي أشركك في حكمته، التي لم يستطع العالم أن يدركها، ولم يستطع أن يقبلها؟

آية للحفظ

«بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ ٱللّٰهِ فِي سِرٍّ: ٱلْحِكْمَةِ ٱلْمَكْتُومَةِ، ٱلَّتِي سَبَقَ ٱللّٰهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ ٱلدُّهُورِ لِمَجْدِنَا» (1كورنثوس 2: 7)

صلاة

نشكرك يا ربنا لأن المسيح هو حكمة الله. وهو الذي يُشْركنا في صفاته. وبهذا يخلّصنا من غبائنا ومن كبريائنا، ويعلن لنا تنازُل محبة الله. ويعلّمنا أن نتواضع ونحن نحب الله. احفظنا في فرح حضورك دائماً. لكي لا نطلب إلا أن رؤية مجده وكماله في جماعة المؤمنين.

سؤال

7 - من هم «الكاملون» الذين ذكرهم في الآية 6؟

(ب) اختبارنا الروحي هو وسيلة إعلان حكمة الله

.1 لأَنَّ ٱلرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ ٱللّٰهِ. 11 لأَنْ مَنْ مِنَ ٱلنَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ ٱلإِنْسَانِ إِلا رُوحُ ٱلإِنْسَانِ ٱلَّذِي فِيهِ؟ هٰكَذَا أَيْضاً أُمُورُ ٱللّٰهِ لا يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلا رُوحُ ٱللّٰهِ. 12 وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ ٱلْعَالَمِ، بَلِ ٱلرُّوحَ ٱلَّذِي مِنَ ٱللّٰهِ، لِنَعْرِفَ ٱلأَشْيَاءَ ٱلْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ ٱللّٰهِ، 13 ٱلَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضاً، لا بِأَقْوَالٍ تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ، قَارِنِينَ ٱلرُّوحِيَّاتِ بِٱلرُّوحِيَّاتِ. 14 وَلٰكِنَّ ٱلإِنْسَانَ ٱلطَّبِيعِيَّ لا يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ ٱللّٰهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ، وَلا يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيّاً. 15 وَأَمَّا ٱلرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ لا يُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ. 16 لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ ٱلرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ ٱلْمَسِيحِ.

3: 1وَأَنَا أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ، بَلْ كَجَسَدِيِّينَ كَأَطْفَالٍ فِي ٱلْمَسِيحِ، 2 سَقَيْتُكُمْ لَبَناً لا طَعَاماً، لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ، بَلِ ٱلآنَ أَيْضاً لا تَسْتَطِيعُونَ، 3 لأَنَّكُمْ بَعْدُ جَسَدِيُّونَ. فَإِنَّهُ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَٱنْشِقَاقٌ، أَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ ٱلْبَشَرِ؟ 4 لأَنَّهُ مَتَى قَالَ وَاحِدٌ: أَنَا لِبُولُسَ وَآخَرُ: أَنَا لأَبُلُّوسَ أَفَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ؟ (1كورنثوس 2: 10 - 16 ، 3: 1 - 4)

من الذى يستطيع أن يدرك حكمة الله العظيمة هذه التي كانت مكتومة من قبل، فلم يعلَمْها أحد من فلاسفة هذا العالم، لكن الله أعلنها لنا بروحه؟

يجاوب الرسول بولس على هذا السؤال فيقول: إن هناك ثلاثة أنواع من الاختبارات الروحية. هناك اختبار من يسميه «الإنسان الطبيعي» و هو المولود بعيوبه وخطاياه كما هو، الذي ينطبق عليه القول «هَئَنَذَا بِٱلإِثْمِ صُّوِرْتُ وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي» (مزمور 51: 5) هذا الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله، ويعتبر أن الأمور الروحية جهالة، ولا يقدر أن يفهمها. ولذلك نجد الأغلبية المطلقة من البشر لا يفهمون الأمور الروحية، لأن كل واحد منهم إنسان طبيعي مولود من الجسد، لا يستطيع أن يدرك أمور الروح.

ينتقل الرسول بولس بعد ذلك ليتكلم عن نوع آخر من الناس «الإنسان الروحي». وهو بعكس الإنسان الطبيعي تماماً، فهو الذي فتح قلبه لله، و أعطى الروح القدس فرصة السيطرة الكاملة على نفسه و حياته. الإنسان الروحي هو الذي يدرك فكر الرب، لأن له فكر المسيح، ولأن المسيح يسيطر على الإنسان الروحي سيطرة كاملة، وهو الذي لم يأخذ من روح العالم لكن الروح الذي من الله، فأدرك الأشياء الموهوبة له من الله. هذا الإنسان الروحي وحده يقدر أن يدرك حكمة الله الظاهرة في الصليب.

على أن الرسول بولس يتكلم عن نوع ثالث من الناس «الإنسان الجسدي». وهو ليس إنساناً «طبيعياً»، لأنه قبل المسيح في قلبه، وهو ليس إنساناً روحياً لأنه يسلك سبيل الجسد، سبيل الطفولة الروحية. فتح قلبه للمسيح، لكنه لم يعط المسيح القيادة الكاملة في حياته. ولذلك يتخبط كطفل. لم يستطع الرسول أن يطعم هؤلاء الجسديين الطعام الدسم. واكتفى بأن يسقيهم اللبن، تماماً كالأطفال. أما البرهان أنهم جسديون و ليسوا روحيين، فإن بينهم حسداً وخصاماً وانشقاقاً. ولذلك يسلكون حسب البشر. قال واحد منهم: أنا لبولس، وقال آخر: أنا لأبلوس. ولذلك برهنوا جميعاً أنهم جسديون.

عزيزي القارئ، هل أنت إنسان «طبيعي» وُلدت الولادة الجسدية فقط، لكنك لم تولد من الله؟ ليتك تفتح قلبك لله لتصير إنساناً روحياً يمتلك الله قلبك. كيف يمكن أن تصبح إنساناً روحياً؟ يقول البشير يوحنا في الأصحاح الأول من إنجيله: «وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون بالمسيح». هم الذين قبلوا المسيح. هل قبلت المسيح؟

افتح قلبك له لينقلك من حالة الإنسان الطبيعي، وليجعل منك إنساناً روحياً. إنْ كنت قد فتحت قلبك للمسيح، ولكنك لا تزال تحيا الحياة المنخفضة، فإن الله يدعوك لترتفع إلى حالة أعلى، لتصير مؤمناً روحياً يقود المسيح حياتك. هل في قلبك حسدٌ لأحد؟ هل تحقد على أحد؟ هل هناك عصيان داخلك على مبدأ من مبادئ المسيح؟ الله يدعوك لتسلم حياتك له فتصبح إنساناً روحياً تُرضي الله.

عندما تنتقل من حالة الإنسان الطبيعي الى حالة الإنسان الروحي، يمكن أن تدرك قوة الصليب وعظمته، وتكتشف أنه بالنسبة لك حكمة الله وقوة الله.

آية للحفظ

«وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ ٱلْعَالَمِ، بَلِ ٱلرُّوحَ ٱلَّذِي مِنَ ٱللّٰهِ، لِنَعْرِفَ ٱلأَشْيَاءَ ٱلْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ ٱللّٰهِ» (1كورنثوس 2: 12)

صلاة

أبانا السماوي نشكرك لأنك نقلتنا إلى صفوف الروحيين. نصلي أن تنقل الناس من حالة الإنسان الطبيعي، الذي لا يقبل ما لروح الله، لتجعل منهم روحيين مولودين من الله ثابتين في المسيح. ربنا إن كان هناك شخص جسدي لا يخضع لك، توجد في قلبه خطايا، نصلي أن تفتح قلبه ليعرفك وليعطيك السيطرة الكاملة على حياته. نعم يارب هذا نصليه، فاستجبنا لندرك ونفهم معنى الصليب ومعنى قوة الإنجيل.

سؤال

8 - أي نوع من الناس يقدر أن يرى في الصليب قوة الله وحكمته؟

4 - طبيعة الكرازة المسيحية (1كورنثوس 3: 5 - 4: 5)

في هذا الجزء يتحدث الرسول بولس عن خدمة الكارز المسيحي. فيتكلم عن:

  1. العلاقة بين الكارز والكنيسة (3: 5 - 15)

  2. يحذر من الاستهانة بالكارزين (3: 16 - 23)

  3. يقدم وصفاً للكارز الأمين (4: 1 - 5)

(أ) العلاقة بين الكارز والكنيسة

5 فَمَنْ هُوَ بُولُسُ وَمَنْ هُوَ أَبُلُّوسُ؟ بَلْ خَادِمَانِ آمَنْتُمْ بِوَاسِطَتِهِمَا، وَكَمَا أَعْطَى ٱلرَّبُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ: 6 أَنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى، لٰكِنَّ ٱللّٰهَ كَانَ يُنْمِي. 7 إِذاً لَيْسَ ٱلْغَارِسُ شَيْئاً وَلا ٱلسَّاقِي، بَلِ ٱللّٰهُ ٱلَّذِي يُنْمِي. 8وَٱلْغَارِسُ وَٱلسَّاقِي هُمَا وَاحِدٌ، وَلٰكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَأْخُذُ أُجْرَتَهُ بِحَسَبِ تَعَبِهِ. 9 فَإِنَّنَا نَحْنُ عَامِلانِ مَعَ ٱللّٰهِ، وَأَنْتُمْ فَلاحَةُ ٱللّٰهِ، بِنَاءُ ٱللّٰهِ. 10 حَسَبَ نِعْمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمُعْطَاةِ لِي كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ قَدْ وَضَعْتُ أَسَاساً، وَآخَرُ يَبْنِي عَلَيْهِ. وَلٰكِنْ فَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ كَيْفَ يَبْنِي عَلَيْهِ. 11 فَإِنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاساً آخَرَ غَيْرَ ٱلَّذِي وُضِعَ، ٱلَّذِي هُوَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ. 12 وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدُ يَبْنِي عَلَى هٰذَا ٱلأَسَاسِ ذَهَباً فِضَّةً حِجَارَةً كَرِيمَةً خَشَباً عُشْباً قَشّاً، 13 فَعَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ سَيَصِيرُ ظَاهِراً لأَنَّ ٱلْيَوْمَ سَيُبَيِّنُهُ. لأَنَّهُ بِنَارٍ يُسْتَعْلَنُ، وَسَتَمْتَحِنُ ٱلنَّارُ عَمَلَ كُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ. 14 إِنْ بَقِيَ عَمَلُ أَحَدٍ قَدْ بَنَاهُ عَلَيْهِ فَسَيَأْخُذُ أُجْرَةً. 15 إِنِ ٱحْتَرَقَ عَمَلُ أَحَدٍ فَسَيَخْسَرُ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيَخْلُصُ، وَلٰكِنْ كَمَا بِنَارٍ (1كورنثوس 3: 5 - 15)

يقول الرسول بولس لمؤمني كورنثوس إن قولهم إنهم أتباع بولس أو أتباع أبلوس، هو رَفْع للعبد إلى مكانة السيد، بينما السيد واحد وهو المسيح! إن هناك أساساً واحداً يبني عليه، لا يمكن أن يكون هناك أساس آخر غيره، هذا الأساس هو يسوع المسيح. كل من يبني على هذا الأساس يأخذ أجرة، ولا يمكن أن يبني أحد على أساسٍ آخر غير المسيح. هل تعرف أسقفاً أو كاهناً أو قساً أو شيخاً يتمتع بقوة من الله؟ تستطيع أن تدرك فوراً سلطانه الروحي. هو الذي لا يقبل الألقاب العظيمة بل يسمّي نفسه خادم الرب. هكذا سمَّى الرسول بولس نفسه عندما قال «مَنْ هو بولس ومَنْ هو أبلوس؟ بل خادمان آمنتم بواسطتهما، وكما أعطى الرب لكل واحد». لا يستطيع عبد من عباد الله أن يعمل أكثر مما يعطيه ربه من مواهب. ولكل واحد من أولاد الله عمل: أحدهم يفلح الحقل والثاني يزرع، والثالث يسقي، وغيره يحصد. وعليك كخادم للرب أن تسأل الله عن الخدمة التي يريدك أن تؤديها له، وأن تفحص نفسك: على أي أساس تبني تعليمك؟ لا أساس إلا يسوع المسيح مخلّص العالم الوحيد، الذي ليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء به ينبغي أن نخلص. من حياته وصليبه وقيامته وجلوسه عن يمين الله تنال أنت وأصدقاؤك القوة للإيمان والخدمة والرجاء. أما القسيس فهو خادم لا يحتل إلا المكانة التي يعيّنها له الرب. والله يجازي كل واحد حسب جهده، وسيجئ الله بعمل كل واحد إلى الدينونة. هناك نار قداسة الله التي يجوز فيها عمل كل واحد منا. فاذا أمسكت النار بالبناء أتت على المواد الرخيصة فوراً، وبقيت المواد الغالية فقط. هذه هي طبيعة يوم الدينونة. قد يكون بعض المعلّمين المسيحيين غيورين متحمسين، لكن إن كانت عقائدهم باطلة فإن نتائج عملهم لا تقف في وجه دينونة الله. إنْ بقي عمل أحد قد بناه على أساس المسيح فسيأخذ أجرة، كما قال الرب لإبراهيم «أَنَا تُرْسٌ لَكَ. أَجْرُكَ كَثِيرٌ جِدّاً» (تكوين 15: 1) قد تكون خدمة إنسان عقيمة بلا ثمر، لأنه مع توافُر حسن النية قد أخطأ المرمى. إن احترق عمل أحد فسيخسر، أما هو فسيخلُص ولكن كما بنار. هو سيخسر أجرته. النار هنا رمزية «يخلص كما بنار» أي يفلت من الهلاك وبالكاد ينجو.

آية للحفظ

«إِذاً لَيْسَ ٱلْغَارِسُ شَيْئاً وَلا ٱلسَّاقِي، بَلِ ٱللّٰهُ ٱلَّذِي يُنْمِي» (1كورنثوس 3: 7)

صلاة

أيها الرب أنت تبني ملكوتك. أعنّا لنعمل معك. ساعدنا لنبني على الأساس الوحيد الصحيح الذي هو ربنا يسوع المسيح. أعط عملنا المبني على أساس المسيح أن يكون عملاً مباركاً له قيمته، حتى ننال أجرة منك.

سؤال

9 - على أي أساس يجب أن نبني إيماننا المسيحي؟

(ب) تحذير من الاستهانة بالكارزين

16 أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ ٱللّٰهِ، وَرُوحُ ٱللّٰهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ 17 إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ ٱللّٰهِ فَسَيُفْسِدُهُ ٱللّٰهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ ٱللّٰهِ مُقَدَّسٌ ٱلَّذِي أَنْتُمْ هُوَ. 18 لا يَخْدَعَنَّ أَحَدٌ نَفْسَهُ. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ حَكِيمٌ بَيْنَكُمْ فِي هٰذَا ٱلدَّهْرِ، فَلْيَصِرْ جَاهِلاً لِكَيْ يَصِيرَ حَكِيماً! 19 لأَنَّ حِكْمَةَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ ٱللّٰهِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: ٱلآخِذُ ٱلْحُكَمَاءَ بِمَكْرِهِمْ. 20 وَأَيْضاً: «ٱلرَّبُّ يَعْلَمُ أَفْكَارَ ٱلْحُكَمَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ. 21 إِذاً لا يَفْتَخِرَنَّ أَحَدٌ بِٱلنَّاسِ، فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَكُمْ: 22 أَبُولُسُ، أَمْ أَبُلُّوسُ، أَمْ صَفَا، أَمِ ٱلْعَالَمُ، أَمِ ٱلْحَيَاةُ، أَمِ ٱلْمَوْتُ، أَمِ ٱلأَشْيَاءُ ٱلْحَاضِرَةُ، أَمِ ٱلْمُسْتَقْبَِلَةُ. كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ. 23 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلِلْمَسِيحِ، وَٱلْمَسِيحُ لِلّٰهِ (1 كورنثوس 3: 16 - 23).

أنتم أبناء الله وروح الله يسكن فيكم، مثل قدس الأقداس الذي يعتّزُ بحضور الله. إن كان أحد يُفسد هيكل الله فسيُفسده الله. هذا عقاب صارم يحل بالشخص الذي يسئ ويستهين بالوظيفة الرعوية. لايخدعن أحد نفسه، فإن خداع النفس شيء سهل، ينبع من الكبرياء ومن التحّزُب ومن اتباع معلّم معيَّن بالذات. إن الله لا يسكن في بيت مبني بالحجارة، لكنه يسكن في قلوب المؤمنين بالمسيح. هل أدركت امتياز أن الله يحل فيك، وأن دم المسيح يطهرك من كل إثم؟

يحل روح الله في كل المؤمنين الذين يكّونون معاً هيكل الله. ويشترك في بناء الله وفي مسكنه كل الذين امتلأوا بمحبة الله ولا يعيشون لحاضرهم فقط. كل أولاد الله الذين قبلوا المسيح في الحاضر والماضي والمستقبل هم بناء الله ومسكن الله. ألا يملأنا هذا بالتواضع؟ لقد اختارنا الله لنكون أوانٍ لروحه الأبدي القوي الحكيم الكامل، وبذل المسيح نفسه ليوحّدنا مع الله في عهد جديد، ليحل بروحه فينا فنثبت في محبته وتواضعه وفرحه. ليست هذه فلسفة ولا حكمة دنيوية، فلا يوجد برنامج حزبي ولا دين يعطيك رجاءً حياً مؤكَّداً بهذا المقدار كما يفعل الإنجيل. اطرح كل أفكار بشرية جانباً واحسب كل تعاليم أرضية مهما كانت سامية أنها نفاية إلى جوار الحق الأبدي المجيد الذي لنا في المسيح.

عزيزي القارئ، هناك حكمة أرضية لا قيمة لها، لا تبقى لأنها مرفوضة من الله. وهناك الحكمة الحقيقية التي أعلنها في الكتاب المقدس. لا يفتخرن أحد بالناس ولا بتعاليمهم، لكن لنفتخر بالرب الذي يضمن لنا الحياة الحاضرة ويضمن لنا الحياة المستقبلة أيضاً. أما مكر الحكماء - بمعنى ذكاء الحكماء الأرضيين - فهو جهالة عند الله، لأنه يخالف الفكر الإلهي. هل رأيت الفكر الإلهي في المسيح؟ أثبُتْ فيه، فهذا هو البركة الحقيقية بالنسبة لك.

ليس هذا شيئاً ضد العلم ولا ضد الفلسفة، فإن العلم الصحيح والدين الصحيح يلتقيان معاً في المسيح يسوع، بدون تعارض بينهما، لأنهما مظهران للنشاط الإلهي الواحد وكلاهما ميراث للمسيح. من حقنا أن نجول في ميادين الفضاء اللانهائي في العالم الفلكي، وأن نغوص في أجيال التاريخ الماضي التي لا تُحصى، وأن ندخل الى معمل الطبيعة الواسع لنحلل، ولا يُحسَب هذا تطفُّلاً منّا على ميدان غريب علينا بل هو حق لنا... حق لنا لأننا للمسيح.

آية للحفظ

«أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ ٱللّٰهِ، وَرُوحُ ٱللّٰهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟» (1كورنثوس 3: 16)

صلاة

أيها الرب الإله القدوس، نعبدك ونسجد لك، لأنك اخترتنا هيكلاً لك. نحن نتألم على خطايانا ونطلب أن تعطينا النعمة لنفتخر بك وحدك، ولنمتليء من حكمتك وحدك ولنكون دوماً مسكناً لك مقدساً لنعمل مشيئتك.

سؤال

10 - ما هو الخطأ في أن يفتخر أحدنا بالانتساب لأحد البشر؟ ولماذا يجب أن يكون الانتساب والافتخار بالمسيح وحده؟

(ج) وصف للكارزين

1 هٰكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا ٱلإِنْسَانُ كَخُدَّامِ ٱلْمَسِيحِ وَوُكَلاءِ سَرَائِرِ ٱللّٰهِ، 2 ثُمَّ يُسْأَلُ فِي ٱلْوُكَلاءِ لِكَيْ يُوجَدَ ٱلإِنْسَانُ أَمِيناً. 3 وَأَمَّا أَنَا فَأَقَلُّ شَيْءٍ عِنْدِي أَنْ يُحْكَمَ فِيَّ مِنْكُمْ أَوْ مِنْ يَوْمِ بَشَرٍ. بَلْ لَسْتُ أَحْكُمُ فِي نَفْسِي أَيْضاً. 4 فَإِنِّي لَسْتُ أَشْعُرُ بِشَيْءٍ فِي ذَاتِي. لٰكِنَّنِي لَسْتُ بِذٰلِكَ مُبَرَّراً. وَلٰكِنَّ ٱلَّذِي يَحْكُمُ فِيَّ هُوَ ٱلرَّبُّ (1 كورنثوس 4: 1 - 5).

يقول الرسول بولس: «فليحسبنا الإنسان كخدام للمسيح» والخادم هو الذي يقوم بعمل فعلي شخصي لخدمة رئيس. فكل من يعمل في خدمة المسيح يقوم بخدمة شخصية للمسيح رئيس المؤمنين، ويسمّي نفسه وكيل سرائر الله. والسرائر هنا هي كل نعم الله وبركاته. والكهنة والقسوس هم من سفراء الرب وخدامه ووكلائه ليعلّموا الشعب وينصحوه بكلمة الرب - هم يشجعون قطيع المسيح في العالم ليحيا للمسيح. هذا شرف عظيم، يقابله في الوقت نفسه مسئولية ضخمة، فانه سوف يأتي اليوم الذي سيحاسب الله فيه خدامه، «يُسأل في الوكلاء ليُوجد الإنسان أميناً». في ذلك لا يهمّ ما يقوله الناس، ولا يهمّ ما يقوله الخادم عن نفسه، فإن حكم البشر ليس صحيحاً في معظم الأحوال. وقد يخدع الإنسان نفسه فيظن نفسه صالحاً وهو ليس كذلك. لكن المهم هو حكم الرب. والرسول بولس يقول: لا تحكموا في شيء حتى يأتي الرب الذي سينير خفايا الظلام ويُظهر آراء القلوب. سيجئ يوم يوقف الله فيه كل واحد منا في النور ليظهر ما في داخل قلبه. لا تِدنْ خادم الرب بسرعة لأنك لا تعلم أسراره مع الله. كل خادم للمسيح هو خاضع لربه مباشرة. نعم من الممكن أن تنبّهه بقول الحق بمحبة، لكن يستحيل أن تدينه وترفضه وتبغضه. فالامتياز لنا أن نحبه، لأنك إن لم تكن متسامحاً فلن يسامحك الله في المسيح. انتبه في معاملاتك مع رجال الله، لأن المسيح ربهم يرشدهم ويحتملهم بصبر عظيم، وعند مجيئه سيدينهم هم أولاً، لأنهم عرفوا وعاشوا أسرار ملكوته. وسيمتحن نور الله الساطع عمل كل واحد منهم. عندها سينال المتواضع الوديع مدح الله، وويل للمتكبر لأنه سيخجل في حضرة الله.

آية للحفظ

«هٰكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا ٱلإِنْسَانُ كَخُدَّامِ ٱلْمَسِيحِ وَوُكَلاءِ سَرَائِرِ ٱللّٰهِ» (1كورنثوس 4: 1)

صلاة

أيها الرب أنا أشكرك من أجل الخدام الذين يقدمون لنا كلمة الله. أصلي من أجلهم أن تجعلهم أمناء، فإن مسئولياتهم أكبر منهم. ربنا سامحني إنْ كنت قد حكمت على أحد منهم، فإنني لا أعرف خفايا القلوب. لكن أنت الذي تعرف. أصلي من أجل قسيس كنيستي. اطلب أن تباركه وأن تعينه في خدمته.

سؤال

11 - لماذا لا يجب أن نحكم على الناس، وخصوصاً الذين يخدمون الله؟

5 - أسباب تفرض الوحدة على كنيسة كورنثوس (1كورنثوس 4: 6 - 21)

بعد أن تحدث الرسول بولس عن وجود أحزاب في كنيسة كورنثوس وبعد أن تحدث عن طبيعة الكرازة الناجحة، بدأ يحدثهم عن ضرورة الوحدة.

(أ) وضَّح لهم أن هناك معلمين غير صالحين وضعوا نفوسهم قبل المسيح، ووضعوا مصلحتهم قبل الكنيسة. وهؤلاء هم الذين أساءوا في كورنثوس. بينما الخادم الأمين هو الذي يضحي ويتعب من أجل المسيح (4: 6 - 13)

(ب) ثم يمضي الرسول يدعو أهل كورنثوس أن يحترموا سلطانه الرسولي لأنه أبوهم في الإيمان (4: 14 - 21).

(أ) معلمون مخطئون سبَّبوا التحّزُب

6 فَهٰذَا أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ حَّوَلْتُهُ تَشْبِيهاً إِلَى نَفْسِي وَإِلَى أَبُلُّوسَ مِنْ أَجْلِكُمْ، لِكَيْ تَتَعَلَّمُوا فِينَا أَنْ لا تَفْتَكِرُوا فَوْقَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ، كَيْ لا يَنْتَفِخَ أَحَدٌ لأَجْلِ ٱلْوَاحِدِ عَلَى ٱلآخَرِ. 7 لأَنَّهُ مَنْ يُمَيِّزُكَ؟ وَأَيُّ شَيْءٍ لَكَ لَمْ تَأْخُذْهُ؟ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ، فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ؟ 8 إِنَّكُمْ قَدْ شَبِعْتُمْ! قَدِ ٱسْتَغْنَيْتُمْ! مَلَكْتُمْ بِدُونِنَا! وَلَيْتَكُمْ مَلَكْتُمْ لِنَمْلِكَ نَحْنُ أَيْضاً مَعَكُمْ! 9 فَإِنِّي أَرَى أَنَّ ٱللّٰهَ أَبْرَزَنَا نَحْنُ ٱلرُّسُلَ آخِرِينَ، كَأَنَّنَا مَحْكُومٌ عَلَيْنَا بِٱلْمَوْتِ. لأَنَّنَا صِرْنَا مَنْظَراً لِلْعَالَمِ، لِلْمَلائِكَةِ وَٱلنَّاسِ. 10 نَحْنُ جُهَّالٌ مِنْ أَجْلِ ٱلْمَسِيحِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحُكَمَاءُ فِي ٱلْمَسِيحِ! نَحْنُ ضُعَفَاءُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَقْوِيَاءُ! أَنْتُمْ مُكَرَّمُونَ، وَأَمَّا نَحْنُ فَبِلا كَرَامَةٍ! 11 إِلَى هٰذِهِ ٱلسَّاعَةِ نَجُوعُ وَنَعْطَشُ وَنَعْرَى وَنُلْكَمُ وَلَيْسَ لَنَا إِقَامَةٌ، 12 وَنَتْعَبُ عَامِلِينَ بِأَيْدِينَا. نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ. 13 يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ. صِرْنَا كَأَقْذَارِ ٱلْعَالَمِ وَوَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ٱلآنَ (1كورنثوس 4: 6 - 13).

يقول الرسول بولس إن هناك قادة آخرين أثاروا التحّزُب وسببوا الانقسام. ولم يكن هو ولا أبلوس من ضمن أولئك. ولكن بولس لا يذكر أسماء الذين سّببوا التحزب.

يطلب الرسول بولس من أهل كورنثوس أن لا ينتفخوا على حساب أولئك القادة، فيقول واحد منهم إنه يتبع هذا أو ذاك. ويقول لهؤلاء القادة المخطئين «من يميّزك أنت على غيرك؟ أنت نلت كل شيء عندك من الله، فإنْ كنتَ قد أخذتَ من الله، فلماذا تفتخر كأنك أنت الذي جئت به من عندك؟» ويقول لهم إنكم قد افتخرتم لأنكم شبعتم واغتنيتم. ويقول: ليتكم شاركتمونا غناكم ومُلككم. فإن الله قد جعلنا نحن الرسل أدنى الناس منزلة، محكوم علينا بالموت علانية بمشهد من العالم والملائكة والناس. ويقول الرسول لهم: نحن حمقى من أجل المسيح أما أنتم فعقلاء في المسيح، نحن ضعفاء وأنتم أقوياء! ثم يمضي فيقول : أنتم مكرَّمون ونحن محتقرون، ولا نزال إلى هذه الساعة نعاني الجوع والعطش والضرب والعري والتشرُّد، ونتعب في العمل بأيدينا، ومع ذلك فإننا نردّ الشتيمة بالبركة، والاضطهاد بالصبر، والافتراء بالنصح. صرنا أشبه ما يكون بقذارة العالم ونفاية الناس جميعاً.

عندما يكتب الرسول بولس هذه الكلمات يوبخ سامعيه على الخطأ الذي ارتكبوه في حقه، فقد بدأوا يتبعون معلّمين خاطئين، فنفخَتْهم الكبرياء وصاروا في خطر السقوط والوقوع تحت دينونة الشيطان.

عزيزي القارئ، ماذا تتحمل أنت من أجل المسيح؟ يقول الرسول بولس إنه تحمل الكثير، وهذه هي علامة الشخص الأمين. فالأمين يتحمل في سبيل المسيح. لم يعِدْنا المسيح بحياة سهلة، وهو نفسه نموذجنا في ذلك، فقد تحمّل الكثير من المتاعب وقال لنا «إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني». «في العالم سيكون لكم ضيق، لكن ثقوا أنا قد غلبتُ العالم». يعيش كثير من المؤمنين في غنى وشبع ونجاح وينسون أن يشكروا الله الذي أنعم عليهم بهذه كلها. هل أنت موهوب؟ موهبتك من معطي المواهب. هل أنت صحيح الجسد قوي العضلات، ذكي التفكير، غني بالمال؟ عليك أن تقدم الشكر لله الذي أعطاك هذا كله. على أن كثيرين يسخرون من الذين يتألمون ويتعبون رغم أنهم يتألمون ويتعبون في سبيل المسيح. عليك يا عزيزي القارئ أن تشكر الله على ما أعطاك، وأن تتعلم أن تحترم الآخرين الذين لا يتمتعون بمثل ما تتمتع أنت به من خير وبركة. تُرى هل قادك المسيح الى غنى ونجاح في العالم، أو هل قادك إلى القناعة والبساطة؟ إن كان قد قدَّم لك متاعب فقد جاز في المتاعب قبلك. افتِقرْ في العالم واستْغِن بالله. اعتبر نفسك نفاية فتصبح ذهب السماء! إن الذي يسلك في المسيح يهجر مقاييس العالم، لأنه يشترك في حياة الله. والاتحاد بالمسيح المخلص أعز علينا من كل كنوز الدنيا وحكمتها، والثبات في المسيح المصلوب يجعل ثمر الروح القدس يفيض منا.

آية للحفظ

«إِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ، فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ؟» (1كورنثوس 4: 7)

صلاة

أيها الرب أغفر لي روحي المتكبر. طهرني من كل خطية أعرفها أو أجهلها، واجعلني خادماً حكيماً لكل الناس فتظهر فضائلك في سلوكي، وأصبح أميناً في محبة الرجاء وقوة الإيمان. اغفر لي طموحي إلى الشرف والمال، وعلمني أن أتبعك في بساطة وقناعة. علمني أن أحب أعدائي وأن أغفر لكل مبغضىَّ. لتحرق نارك المقدسة عيوب أنانيتي.

سؤال

12 - ما هي علامة الخادم الأمين للمسيح؟

(ب) نداء باحترام سلطة الرسول

14 لَيْسَ لِكَيْ أُخَجِّلَكُمْ أَكْتُبُ بِهٰذَا، بَلْ كَأَوْلادِي ٱلأَحِبَّاءِ أُنْذِرُكُمْ. 15 لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَكُمْ رَبَوَاتٌ مِنَ ٱلْمُرْشِدِينَ فِي ٱلْمَسِيحِ، لٰكِنْ لَيْسَ آبَاءٌ كَثِيرُونَ. لأَنِّي أَنَا وَلَدْتُكُمْ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ بِٱلإِنْجِيلِ. 16 فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَنْ تَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي. 17 لِذٰلِكَ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ تِيمُوثَاوُسَ، ٱلَّذِي هُوَ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبُ وَٱلأَمِينُ فِي ٱلرَّبِّ، ٱلَّذِي يُذَكِّرُكُمْ بِطُرُقِي فِي ٱلْمَسِيحِ كَمَا أُعَلِّمُ فِي كُلِّ مَكَانٍ فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ. 18 فَٱنْتَفَخَ قَوْمٌ كَأَنِّي لَسْتُ آتِياً إِلَيْكُمْ. 19 وَلٰكِنِّي سَآتِي إِلَيْكُمْ سَرِيعاً إِنْ شَاءَ ٱلرَّبُّ، فَسَأَعْرِفُ لَيْسَ كَلامَ ٱلَّذِينَ ٱنْتَفَخُوا بَلْ قُّوَتَهُمْ. 20 لأَنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ لَيْسَ بِكَلامٍ، بَلْ بِقُّوَةٍ. 21 مَاذَا تُرِيدُونَ؟ أَبِعَصاً آتِي إِلَيْكُمْ أَمْ بِٱلْمَحَبَّةِ وَرُوحِ ٱلْوَدَاعَةِ؟ (1كورنثوس 4: 14 - 21)

في نداء عاطفي ودّي كأبٍ في المسيح، يطلب الرسول بولس من أهل كورنثوس أن يحترموا سلطته الرسولية، لأنه أبوهم المحب في المسيح، ولأنه كان واسطة اهتدائهم. كما يطلب منهم أن يقبلوا تيموثاوس مبعوثه إليهم بالاحترام المطلوب. ويمضي بولس ليوضح لهم أن اهتمامه بهم ليس قاصراً عليهم وحدهم، فهو يعلِّم في كل مكان وفي كل كنيسة. ثم يمضي الرسول فيقول إنه يريد أن يزور كورنثوس قريباً ليعرف ما هو الذي يفعله المعلّمون المتكبرّون وليس ما يقولونه، فليس ملكوت الله كلاماً بل عملاً. وهو يسألهم «أيهما تفضلون: أن أجئ إليكم بالعصا أم بالمحبة وروح الوداعة؟»... هذه مداعبة رقيقة من بولس لأبنائه في الإيمان. إنه يقول لهم: قد يكون لكم في المسيح عشرة آلاف مرشد، ولكن ليس لكم آباء كثيرون، فإنني أنا أبوكم الذي ولدتكم في المسيح يسوع ببشارة الإنجيل التي حملتها إليكم، فأناشدكم أن تقتدوا بي.

عزيزي القارئ، المبشرون الناجحون بالإنجيل هم الآباء الروحيون، لأن بواسطة تقديمهم كلمة الإنجيل يتجدد الناس وينالون الحياة الأبدية. إن يسوع هو المخلص الوحيد، لكن هؤلاء الكارزين هم آلة المسيح لتوصيل رسالته الى الناس.

آية للحفظ

«لأَنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ لَيْسَ بِكَلامٍ، بَلْ بِقُّوَةٍ» (1كورنثوس 4: 20)

صلاة

أبانا السماوي نشكرك من كل قلوبنا لأنك استخدمت آباء لنا يوصّلون لنا كلمتك ويُعلنون لنا حبّك ويلدوننا في المسيح يسوع بالإنجيل. نشكرك من أجلهم، ونطلب أن تمنحهم النعمة والأمانة والبركة ليواصلوا خدمتهم حتى يستطيعوا أن يقولوا لنا: كونوا متمثّلين بنا. فبفضل الأمانة التي تمنحها لهم يمكن أن نتمثل بهم. ولكننا يا أبانا نطلب أن تثبت عيوننا عليك وحدك، فإنك مصدر خلاصنا. وعلّمنا أن نمارس المحبة والطاعة لك، فليس الكلام هو المهم لكن الطاعة لك.

سؤال

13 - اشرح معنى قول الرسول بولس «لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل».

الجزء الثالث خطايا في كنيسة كورنثوس (اصحاحا 5 و6)

بعد أن تحدث الرسول بولس الى كنيسة كورنثوس عن ضرورة الاتحاد (1: 10 - 4: 21) يتحدث في الأصحاحين الخامس والسادس عن أربعة أخطاء موجودة في كنيسة كورنثوس:

  1. خطأ الزواج بالممنوع (5: 1 - 8)

  2. مخالطة العالم (5: 9 - 13)

  3. التقاضي أمام غير المؤمنين (6: 1 - 11)

  4. تحذير من الشهوانية (6: 12 - 20)

1 - خطأ الزواج بالممنوع

1 يُسْمَعُ مُطْلَقاً أَنَّ بَيْنَكُمْ زِنًى! وَزِنًى هٰكَذَا لا يُسَمَّى بَيْنَ ٱلأُمَمِ، حَتَّى أَنْ تَكُونَ لِلإِنْسَانِ ٱمْرَأَةُ أَبِيهِ. 2 أَفَأَنْتُمْ مُنْتَفِخُونَ، وَبِٱلْحَرِيِّ لَمْ تَنُوحُوا حَتَّى يُرْفَعَ مِنْ وَسَطِكُمُ ٱلَّذِي فَعَلَ هٰذَا ٱلْفِعْلَ؟ 3 فَإِنِّي أَنَا كَأَنِّي غَائِبٌ بِٱلْجَسَدِ، وَلٰكِنْ حَاضِرٌ بِٱلرُّوحِ، قَدْ حَكَمْتُ كَأَنِّي حَاضِرٌ فِي ٱلَّذِي فَعَلَ هٰذَا، هٰكَذَا، 4 بِٱسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ - إِذْ أَنْتُمْ وَرُوحِي مُجْتَمِعُونَ مَعَ قُّوَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ - 5 أَنْ يُسَلَّمَ مِثْلُ هٰذَا لِلشَّيْطَانِ لِهَلاكِ ٱلْجَسَدِ، لِكَيْ تَخْلُصَ ٱلرُّوحُ فِي يَوْمِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ. 6 لَيْسَ ٱفْتِخَارُكُمْ حَسَناً. أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ خَمِيرَةً صَغِيرَةً تُخَمِّرُ ٱلْعَجِينَ كُلَّهُ؟ 7 إِذاً نَقُّوا مِنْكُمُ ٱلْخَمِيرَةَ ٱلْعَتِيقَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا عَجِيناً جَدِيداً كَمَا أَنْتُمْ فَطِيرٌ. لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضاً ٱلْمَسِيحَ قَدْ ذُبِحَ لأَجْلِنَا. 8 إِذاً لِنُعَيِّدْ، لَيْسَ بِخَمِيرَةٍ عَتِيقَةٍ، وَلا بِخَمِيرَةِ ٱلشَّرِّ وَٱلْخُبْثِ، بَلْ بِفَطِيرِ ٱلإِخْلاصِ وَٱلْحَقِّ (1كورنثوس 5: 1 - 8).

قال الرسول بولس لأهل كورنثوس إنه قد شاع في كل مكان خبر سيئ حدث في كورنثوس، يسمّيه الرسول «زنا». وهو زنى لا مثيل له حتى عند الوثنيين، فقد كان رجل منهم يعاشر زوجة أبيه. ولكن أهل كورنثوس لم يحاولوا أن يصلحوا هذا الخطأ بل قبلوه في لا مبالاة، وامتلأوا بالافتخار وانتفخوا بالكبرياء. والرسول يقول لهم إنه كان أوْلى بهم أن يحزنوا حتى يدينوا هذا الشخص الذي ارتكب الزنا من وسطهم، ويقول: مع أنني غائب عنكم، لكنني بروحي حاضر في وسطكم، وقد حكمت ضد هذا الشخص الذي عاشر زوجة أبيه على ما فعل، ثم يقول: إذاً عندما تجتمعون كجماعة المؤمنين تحاكمون هذا المؤمن الذي انحرف، سأكون أنا معكم بالروح، وسيكون اجتماعكم باسم ربنا يسوع وبقدرته. ويمضي الرسول فيقول إن هذا الشخص يجب أن يُسلَّم إلى الشيطان، وهذا معناه: (1) قطعه من حفظ المسيح في شركة الكنيسة. (2) جَعْله عُرْضة لمرض جسدي يقع عليه إن لم يستفد من ذلك التأديب ويرجع بالتوبة. إن إخراجه من ملكوت المسيح يستلزم دفعه إلى ملكوت الشيطان مع كل عواقب ذلك. والإنجيل ينسب أحياناً المصائب الجسدية إلى فعل الشيطان، فقد قال المسيح عن المرأة المنحنية «رَبَطَهَا ٱلشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً» (لوقا 13: 16) وقال بولس إن مرضه الجسدي هو «مَلاكَ ٱلشَّيْطَانِ، لِيَلْطِمَه» (2كورنثوس 12: 7). وعلى هذا فإن الشخص الذي ارتكب خطيئة الزنا مع امرأة أبيه يُسلَّم للشيطان ليصيب جسمه بالمرض والألم، لفائدة حياته الروحية، برجاء أن الآلام تجذبه الى التوبة وطهارة الحياة. وتأديب الكنيسة للخاطىء يعني أمرين: أولاً - أن يتخلَّصوا من شركة هذا الخاطىء في خطيئته، وثانياً - أن يصلحوا من أمره.

ويمضي الرسول فيقول إن وجود مثل هذا الشخص بينهم يشبه وجود الخميرة التي تخمّر العجين كله! فليس افتخارهم بهذا الشخص حسناً، بل عليهم أن يتخلَّصوا من الخميرة الفاسدة الموجودة. ويقول «نقّوا منكم الخميرة العتيقة، لكي تكونوا عجيناً جديداً، كما أنتم فطير». يقصد بالفطير القداسة، ويقصد بالخميرة فساد الطبيعة. والمعنى أنكم أنتم المسيحيين مُكلَّفون بأن تكونوا قديسين أنقياء من الخطيئة. لأن الله دعاكم الى القداسة. ثم يقول إن المسيح فصحنا ذُبح لأجلنا، فهو حَمَلُ الله الذي يرفع خطية العالم. والنجاة بدم المسيح أبدية عامة لكل أمم العالم، فقد ذُبح ليفدينا من الإثم.... إذاً لنعِيّدْ ليس بخميرة عتيقة - أي بالطبيعة غير المتجددة - ولا بخميرة الشر والخبث، فالإنسان بالطبيعة غير المتجددة عُرْضة للشر في هذا العالم - عالم التجربة - لكنه يطلب أن يكون عيدنا بفطير الإخلاص والحق. وعلى كل مسيحي أن يشتهر بالإخلاص وأن يشتهر بالحق. وهو هنا يشِّبه الحياة المسيحية بأنها عيدٌ مفِّرحٌ للمفديّين.

آية للحفظ

«لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضاً ٱلْمَسِيحَ قَدْ ذُبِحَ لأَجْلِنَا» (1كورنثوس 5: 7)

صلاة

أبانا السماوي، نرجو أن تنقي قلوبنا من كل خميرة عتيقة فاسدة، وأن تجعلنا نعيّد عيد القداسة والتقوى التي ترضيك. نشكرك من أجل المسيح فصحنا الذي ذُبح لأجلنا، وبسَتْر دمه الكريم عبر عنا الهلاك. أبانا نصلي أن تحفظنا في المسيح الفادي المخلص الذي يطهرنا من كل خطية. احفظ قلوبنا مقدسة به وفيه. انزع منّا كل ما لا يُرضيك واملأنا بكل ما يمجّد اسمك.

سؤال

14 - ما معنى أن المسيح فصحنا قد ذُبح لأجلنا؟

2 - مخالطة العالم

9 كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ فِي ٱلرِّسَالَةِ أَنْ لا تُخَالِطُوا ٱلّزُنَاةَ. 10 وَلَيْسَ مُطْلَقاً زُنَاةَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ، أَوِ ٱلطَّمَّاعِينَ أَوِ ٱلْخَاطِفِينَ أَوْ عَبَدَةَ ٱلأَوْثَانِ، وَإِلا فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا مِنَ ٱلْعَالَمِ. 11 وَأَمَّا ٱلآنَ فَكَتَبْتُ إِلَيْكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ مَدْعُّوٌ أَخاً زَانِياً أَوْ طَمَّاعاً أَوْ عَابِدَ وَثَنٍ أَوْ شَتَّاماً أَوْ سِكِّيراً أَوْ خَاطِفاً، أَنْ لا تُخَالِطُوا وَلا تُؤَاكِلُوا مِثْلَ هٰذَا. 12 لأَنَّهُ مَاذَا لِي أَنْ أَدِينَ ٱلَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ، أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ تَدِينُونَ ٱلَّذِينَ مِنْ دَاخِلٍ. 13 أَمَّا ٱلَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ فَٱللّٰهُ يَدِينُهُمْ. فَٱعْزِلُوا ٱلْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ (1كورنثوس 5: 9 - 13).

بعد أن تحدث الرسول بولس عن ضرورة إبعاد المؤمن الذي أخطأ من وسط جماعة المؤمنين، وطالبهم أن يعزلوه من بينهم، يحاول أن يوضح التعليم الذي قصده، فيقول: لما أوصيتكم أن تمتنعوا عن مخالطة الخاطئين الأردياء كنت أقصد فقط أعضاء الكنيسة. ليس من شأننا إدانة الوثنيين، ولا يجب أن نبتعد عن مجتمع الأشرار تماماً بحجّة أن سلوكهم الأخلاقي شرير. هذا يذكّرنا بأن المسيح لم يعلّمنا أن نهرب من العالم، لأنه هكذا أحب الله العالم العاصي الشرير حتى بذل ابنه الوحيد. فالانفصال عن العالم والابتعاد عنه ليس شعار المؤمنين القديسين، لأن الله يريدنا أن نبقى في العالم لنقود الضالين الى المسيح ولنحتمل الأشرار بالصبر الذي يعطيه لنا المسيح. لقد ترك المسيح سماءه ليخلّصنا، وعلينا أن نتعلم كيف نكون في وسط العالم نخدم المحتاجين الى رسالة المسيح. وقد صلى المسيح من أجلنا قائلاً «لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ ٱلْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ ٱلشِّرِّيرِ» (يوحنا 17: 15) الله لا يريدنا أن ندين الآخرين كأننا أفضل منهم، لكنه يرشدنا إلى التواضع وإنكار النفس. فلنعتبر أنفسنا أصغر الكل ولنبتعد عن روح التفاخر. إن كنا سنمتنع عن مخالطة زناة العالم أو الجشعين أو السارقين أو عباد الأوثان فإن هذا يضطرنا الى الخروج من العالم. نحن نعلم يقيناً أن المجتمع تشبَّع بالشهوة والطمع وعبادة الأوثان، وعلينا أن نسلك مع هؤلاء بالمحبة لنستطيع أن نربحهم كما كان المسيح يجلس مع العشارين والخطاة حتى أُطلق عليه لقب «محبٌّ للعشارين والخطاة». الله يدين العالم الخارجي، وعلينا نحن المؤمنين أن ندين خطايا الخطاة الذين في وسطنا، باعتبار أننا كنيسة مقدسة لأن الله يقول لنا «أزيلوا الفاسد من بينكم».

ولكن في محاولاتنا إصلاح غيرنا، علينا أن نذكر نصيحة المسيح التي قالها في الموعظة على الجبل «لا تَدِينُوا لِكَيْ لا تُدَانُوا، لأَنَّكُمْ بِٱلدَّيْنُونَةِ ٱلَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ ٱلَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. وَلِمَاذَا تَنْظُرُ ٱلْقَذَى ٱلَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا ٱلْخَشَبَةُ ٱلَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلا تَفْطَنُ لَهَا؟ أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْنِي أُخْرِجِ ٱلْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا ٱلْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ. يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَّوَلاً ٱلْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً أَنْ تُخْرِجَ ٱلْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ» (متى 7: 1 - 5).

آية للحفظ

«ٱعْزِلُوا ٱلْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ» (1كورنثوس 5: 13)

صلاة

أبانا السماوي، ساعدني لأعيش في العالم من غير أن أكون من العالم. لا تسمح أن تدخل محبة العالم فيَّ، بل أعطني أن أحبك أنت فوق كل شيء وأكثر من كل شيء. ساعدني لأقود البعيدين الضالين إليك، فإن العالم قد وُضع في الشرير. ساعدني لأحيا حياة الطهارة العفيفة. أبانا السماوي أسألك أن تفصل عنا المؤمنين المخطئين وأن تعاقبهم عقاباً جسدياً لتخلّص نفوسهم مع نفوسنا.

سؤال

15 - لماذا لا يجب أن ندين الذين هم من خارج الكنيسة؟

3 - التقاضي أمام غير المؤمنين

1 أَيَتَجَاسَرُ مِنْكُمْ أَحَدٌ لَهُ دَعْوَى عَلَى آخَرَ أَنْ يُحَاكَمَ عِنْدَ ٱلظَّالِمِينَ، وَلَيْسَ عِنْدَ ٱلْقِدِّيسِينَ؟ 2 أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلْقِدِّيسِينَ سَيَدِينُونَ ٱلْعَالَمَ؟ فَإِنْ كَانَ ٱلْعَالَمُ يُدَانُ بِكُمْ، أَفَأَنْتُمْ غَيْرُ مُسْتَأْهِلِينَ لِلْمَحَاكِمِ ٱلصُّغْرَى؟ 3 أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا سَنَدِينُ مَلائِكَةً؟ فَبِٱلأَوْلَى أُمُورَ هٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ! 4 فَإِنْ كَانَ لَكُمْ مَحَاكِمُ فِي أُمُورِ هٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ، فَأَجْلِسُوا ٱلْمُحْتَقَرِينَ فِي ٱلْكَنِيسَةِ قُضَاةً! 5 لِتَخْجِيلِكُمْ أَقُولُ. أَهٰكَذَا لَيْسَ بَيْنَكُمْ حَكِيمٌ، وَلا وَاحِدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ إِخْوَتِهِ؟ 6 لٰكِنَّ ٱلأَخَ يُحَاكِمُ ٱلأَخَ، وَذٰلِكَ عِنْدَ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ. 7 فَٱلآنَ فِيكُمْ عَيْبٌ مُطْلَقاً، لأَنَّ عِنْدَكُمْ مُحَاكَمَاتٍ بَعْضِكُمْ مَعَ بَعْضٍ. لِمَاذَا لا تُظْلَمُونَ بِٱلْحَرِيِّ؟ لِمَاذَا لا تُسْلَبُونَ بِٱلْحَرِيِّ؟ 8 لٰكِنْ أَنْتُمْ تَظْلِمُونَ وَتَسْلُبُونَ، وَذٰلِكَ لِلإِخْوَةِ. 9 أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلظَّالِمِينَ لا يَرِثُونَ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ؟ لا تَضِلُّوا! لا زُنَاةٌ وَلا عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلا فَاسِقُونَ وَلا مَأْبُونُونَ وَلا مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، 10 وَلا سَارِقُونَ وَلا طَمَّاعُونَ وَلا سِكِّيرُونَ وَلا شَتَّامُونَ وَلا خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ. 11 وَهٰكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ. لٰكِنِ ٱغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلٰهِنَا (1كورنثوس 6: 1 - 11).

وبَّخ الرسول بولس أهل كورنثوس لأنهم فشلوا في الحكم على عضو الكنيسة الذي ارتكب الزنا مع زوجة أبيه. وارتكبوا خطيئة أخرى وهي أنهم رفعوا قضاياهم أمام المحاكم الوثنية في المسائل التافهة. ويطلب منهم الرسول بولس أن يقيموا من بينهم هيئات للتحكيم، فإذا ساء الحال وتعذَّر عليهم تنفيذ العدل فعليهم أن يذكروا أن المعاناة من آثار الخطأ أفضل من ارتكاب الخطأ. ويقول الرسول بولس إن مؤمني كورنثوس يرون أن القضاة الوثنيين ظالمون، ومع ذلك فإنهم يطلبون العدل على أيديهم. ويقول «ألستم تعلمون أن القديسين سيدينون العالم؟» فقد قال المسيح «مَتَى جَلَسَ ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً عَلَى ٱثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيّاً تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ ٱلٱثْنَيْ عَشَرَ» (متى 19: 28) فإن كانوا سيدينون العالم، أليس بالحري جداً أنهم يحكمون بين بعضهم في الأمور الزهيدة؟ ثم يمضي الرسول فيقول إنهم سيدينون الملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم وحُفظوا إلى دينونة اليوم العظيم (يهوذا 6) فبالأَوْلى أن يقضوا لبعضهم البعض. ويأمر الرسول «أجْلِسُوا المحتقرين في الكنيسة قضاة» أي أصغر أعضاء الكنيسة شأناً ليُصلحوا بين المتنازعين، فيتركوا المؤمنين من أصحاب المواهب الرفيعة ليهتمّوا بالأمور الكبرى. ويقول «لتخجيلكم أقول هذا» لأنكم تتنازعون فيما بينكم على الأشياء التافهة.

من الواجب أن يبتعد المسيحي عن النزاع مع أي انسان. لكن إن وقع في نزاع لا يقدر أن يتخلّص منه، فليحاول أن يسّوي النزاع بالمحبة، ولو أصابه من ذلك شيء من الضرر. على أن المؤمن يجب ألا يشكو المؤمن في محاكم وثنية، فإذا تنازع الأخوة مع بعضهم فلتكن لهم محكمة من إخوتهم المؤمنين لتفصل بينهم. ولو أن هذا يعني أن العيوب قد كثرت في الكنيسة، ودليل على فقدان المحبة المسيحية. ويمضي الرسول فيقول إن الظلم سيحل بهم، لأنهم يظلمون الإخوة ويسلبونهم، وإن الظالمين لا يرثون ملكوت السماوات. ويحذر الرسول بولس المؤمنين من الوقوع في بعض الخطايا، ويريد لهم أن ينتبهوا إلى الحالة السيئة الأولى التي كانوا فيها قبل الإيمان والتي كانوا يمارسون معها مثل هذه الأشياء الشريرة. ولكن ما أن تعرَّفوا على المسيح حتى تغيَّرت حياتهم تماماً. فعليهم أن يستمروا في هجران مثل هذه الخطايا. إن المسيحية تعتني دوماً بالضالين والخطاة، وهذا سبب افتخارهم، لأنهم قد اغتسلوا من خطاياهم، وتقدسوا بنعمة الله، وتبرروا باسم يسوع المسيح وبروح إلهنا. وكلمة «تبرَّرتم» تدل على حادث في ساعة معينة، لا في تطوير تدريجي، فإنه منذ أن تعرّفوا على المسيح حدث فيهم هذا التغيير الذي بررهم باسم الرب يسوع المسيح، فصاروا أبراراً في نظر الله. أما كلمة «تقدستم» فتدل على تكريس الحياة بعمل الروح القدس نتيجة للاتحاد مع المسيح.

«اغتسلتم وتقدستم وتبررتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا».... هذه البركات الثلاث(الاغتسال والتقديس والتبرر) لابد منها كلها للخلاص، لأننا لا نقدر أن نتبرر دون أن نغتسل من دنس الخطايا الماضية، فنصير إلى صورة المسيح. فهي تشتمل على كل ما يحتاج إليه الخاطىء للنجاة من الخطيئة والاستعداد للسماء، وننالها كلها باستحقاق المسيح وبعمل الروح القدس في قلوبنا. فعلى الذين حصلوا على هذه البركات الثلاث أن يشكروا الله، وعليهم أن يتجّنبوا كل خطيئة وأن يعيشوا عيشة مقدسة، متأكدين أن حياتهم هي من الله، وعليهم أن يعيشوا لله في قداسة حقيقية.

آية للحفظ

«ٱغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلٰهِنَا» (1كورنثوس 6: 11)

صلاة

أبانا السماوي نحن نشكرك من كل قلوبنا لأننا كنا تحت الدينونة، وكان يجب أن نهلك. لكننا في المسيح صرنا خالصين، لأنه لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح. أبانا، ساعدنا لنتنازل عن حقوقنا وطلباتنا من إخوتنا، فلا تسمح لنا أن نجرَّهم للمحاكم، بل أعطنا أن نسامحهم ونباركهم، وأن نساعدهم وأن نشاركهم فيما عندنا، كما أنك قد ساعدتنا ووقفت إلى جانبنا وباركتنا، اغفر لنا نقص الطهارة في حياتنا وأعطنا أن نحب بعضنا بعضاً من قلب طاهر وبشدة.

سؤال

16 - لماذا لا يجب على المؤمن أن يشتكي أخاه المؤمن في المحاكم المدنية؟

4 - تحذير من الشهوانية

12 كُلُّ ٱلأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي، لٰكِنْ لَيْسَ كُلُّ ٱلأَشْيَاءِ تُوافِقُ. كُلُّ ٱلأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي، لٰكِنْ لا يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ. 13 ٱَلأَطْعِمَةُ لِلْجَوْفِ وَٱلْجَوْفُ لِلأَطْعِمَةِ، وَٱللّٰهُ سَيُبِيدُ هٰذَا وَتِلْكَ. وَلٰكِنَّ ٱلْجَسَدَ لَيْسَ لِلّزِنَا بَلْ لِلرَّبِّ، وَٱلرَّبُّ لِلْجَسَدِ. 14 وَٱللّٰهُ قَدْ أَقَامَ ٱلرَّبَّ وَسَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضاً بِقُّوَتِهِ. 15 أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ ٱلْمَسِيحِ؟ أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ ٱلْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ؟ حَاشَا! 16 أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنِ ٱلْتَصَقَ بِزَانِيَةٍ هُوَ جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّهُ يَقُولُ: يَكُونُ ٱلٱثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. 17 وَأَمَّا مَنِ ٱلْتَصَقَ بِٱلرَّبِّ فَهُوَ رُوحٌ وَاحِدٌ. 18 اُهْرُبُوا مِنَ ٱلّزِنَا. كُلُّ خَطِيَّةٍ يَفْعَلُهَا ٱلإِنْسَانُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنِ ٱلْجَسَدِ، لٰكِنَّ ٱلَّذِي يَزْنِي يُخْطِئُ إِلَى جَسَدِهِ. 19 أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ ٱلَّذِي فِيكُمُ، ٱلَّذِي لَكُمْ مِنَ ٱللّٰهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ 20 لأَنَّكُمْ قَدِ ٱشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا ٱللّٰهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ ٱلَّتِي هِيَ لِلّٰهِ (1كورنثوس 6: 12 - 20).

يبدأ الرسول بولس بقوله «كل الأشياء تحل لي» ويكررها مرتين. ويبدو أن بعض المؤمنين في كورنثوس كانوا يكررون هذه الكلمات من غير وعي، لأنهم غير منضبطين ويدَّعون أنهم يمارسون ما يسمّونه الحرية المسيحية، وهم ينسون أن الحرية المسيحية تعني التحرّر من الشهوة ومن عبودية الخطية والإثم. ولا شك أن المجتمع الوثني الذي كان مستعبَداً لشهواته وخطاياه ونجاساته كان يؤثر على المسيحيين في تفكيرهم، فقد انتقلوا من البيئة الوثنية الفاسدة إلى الجو المسيحي النقي، لكنهم جاءوا معهم ببعض الأشياء السيئة التي كان يجب عليهم أن يتخلصوا منها. ويكرر بولس قولهم «كل الأشياء تحل لي» لكنه يقول لهم «لكن ليس كل الأشياء توافق، ولا يتسلط عليَّ شيء». صحيح أنني حر في المسيح، لكن ليس كل الأشياء توافقني كابن لله، ولا يجب أن يستعبدني شيء ما. إن كنت حراً آكل ما أريد لأن الطعام للمعدة والله سيبيد الطعام والمعدة، لكن في مسألة الزنا هذا شيء مختلف، فليس جسدي ملكاً لي، ولكنه ملك للرب.

لعل بعض المسيحيين في كورنثوس استغلُّوا تعاليم بولس الرسول - أنهم ليسوا تحت الناموس ولكنهم تحت النعمة - لكي يبرروا أعمالاً غير أخلاقية. مثل هؤلاء الأشخاص يجب أن يدركوا أنهم قد خلصوا بالمسيح، وأنهم مِلْك للمسيح، وأنهم لا يجب أن يكونوا تحت سلطان الأشياء العتيقة الفاسدة. إن الله لم يعطنا أجسادنا لنمارس بها الزنا، بل لتكون آلات مقدسة في يده. وعندما ننال الخلاص نتحد بالمسيح ونصير واحداً فيه، وهكذا تخلص أجسادنا وأرواحنا بنعمة المسيح، ونصبح أعضاء في جسد المسيح. ولا يجب أن واحداً منا يظن أنه يأخذ أعضاء جسد المسيح ليستخدمها لأهداف شريرة. كانت الخطية الجنسية متفشية في كورنثوس، وكانت ترتبط دوماً بعبادة الإلهة الزهرة. وكل من يرتبط بزانية فإنما يرتبط بالعبادة الوثنية نفسها. وما دام المؤمن قد ارتبط بالمسيح فإنه لا يمكن بعد ذلك أن يرتبط بزانية، وإلا كان خائناً للمسيح مرتبطاً بعبادة الوثن. ويطالبنا الرسول بولس أن نهرب من خطية الزنا كما هرب يوسف من زوجة فوطيفار.

بعض الخطايا لا تؤذي جسد الشرير، مثل خطية السرقة. نعم هي خطية، ويجب أن نوقفها - ولكنها لا تؤذي جسد السارق. أما الخطية الجنسية فتختلف عن ذلك، لأن الزاني يؤذي جسده بنفسه، ويعرّض نفسه لأمراض، ويُضعف حياته النفسية والبدنية. ويمضي الرسول بولس ليشجعنا على طهارة الحياة، فيقول إن جسدنا هو هيكل الروح القدس الذي وهبه الله لنا، فلسنا ملكاً لأنفسنا، لأن المسيح اشترانا بثمن. وما دمنا لسنا ملكاً لأنفسنا، وما دامت أجسادنا هيكلاً للروح القدس، فيجب أن نحيا حياة الطهارة ليتمجد الله في أرواحنا ويتمجد أيضاً في أجسادنا، لأن أرواحنا وأجسادنا ملك لله. ويمكن أن نرى في كلمات الرسول بولس هذه ثلاثة أفكار رئيسية:

  1. الحرية المسيحية مقيدَّة، بمعنى أننا لا يجوز أن نستعمل حريتنا المسيحية لنؤذي أجسادنا.

  2. الزنا خيانة لا تتفق مع ارتباط المؤمن بالمسيح.

  3. خطية الزنا إهانة لجسد الزاني، فهي تسلب الجسد المسيحي كرامته كهيكل لله.

آية للحفظ

«مَجِّدُوا ٱللّٰهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ ٱلَّتِي هِيَ لِلّٰهِ» (1كورنثوس 6: 20)

صلاة

يا أبانا السماوي، نشكرك من أجل الحرية التي لنا في المسيح يسوع ربنا، الذي حررنا من عبودية الخطية ومن سلطانها، والذي أعطانا طهارة الفكر وقداسة الحياة. نصلي أن تعطينا القلب الطاهر والجسد الطاهر، لأن من التصق بالرب فهو روح واحد. ساعدنا لنهرب من الزنا لأن جسدنا هو هيكل للروح القدس الذي فينا، وأننا لسنا ملكاً لأنفسنا. لأجل خاطر المسيح.

سؤال

17 - لماذا يجب أن يهرب المؤمن من الزنا؟

الجزء الرابع إجابات عن أسئلة أهل كورنثوس (1كورنثوس 7: 1 - 14: 40)

بعد أن أرسل الرسول بولس تحيته إلى أهل كورنثوس وشكر الله من أجلهم ، بدأ يحدّثهم عن ضرورة اتّحاد كنيسة كورنثوس بسبب وجود أحزاب وانقسامات في الكنيسة، وهذا ما رأيناه في اصحاح 1: 10 - 4: 21.

ثم بدأ بولس يحدّث أهل كورنثوس عن الخطايا الموجودة عندهم، وكتب في ذلك أصحاحي 5 ، 6

في هذا الجزء الرابع من الرسالة يجاوب الرسول بولس على مجموعة أسئلة جاءته من أهل كورنثوس تدور حول أربعة مواضيع رئيسية:

1 - أسئلة عن الزواج (7: 1 - 40)

  1. كيف يستمر المسيحيون المتزوجون في العيشة الزوجية ؟ (1 - 9)

  2. هل الطلاق مُباح ؟ (10 ، 11)

  3. ماذا عن الزواج بغير المؤمنين ؟ (12 - 24)

  4. ماذا نفعل ببناتنا ؟ (25 - 38)

  5. هل يجوز الزواج للمرة الثانية ؟ (39 ، 40)

2 - أسئلة عن الاحتفالات الوثنية (8: 1 - 11: 1)

  1. مبدأ المحبة (أصحاح 8)

  2. بولس مثال في تطبيق مبدأ المحبة (9: 1 - 23)

  3. مبدأ ضبط النفس (9: 24 - 10: 13)

  4. مبدأ الإخلاص للمسيح (10: 14 - 22)

  5. ملخص ماقاله بولس (10: 23 - 11: 1)

3 - أسئلة عن العبادة المسيحية (11: 2 - 34)

  1. تقاليد العبادة (11: 2 - 16)

  2. طريقة ممارسة العشاء الرباني (11: 17 - 34)

4 - المواهب الروحية (12: 1 - 14: 40)

  1. برهان المواهب الحقيقية (12: 1 - 3)

  2. مصدر المواهب الروحية (12: 4 - 11)

  3. الهدف من المواهب الروحية (12: 12 - 31)

  4. المحبة فوق كل المواهب الروحية (13: 1 - 13)

  1. 5 - ضرورة المحبة (13: 1 - 3)

  2. صفات المحبة (13: 4 - 7)

  3. تفوق المحبة (13: 8 - 13)

5 - وصايا عن ممارسة المواهب الروحية (14: 1 - 40)

  1. الوعظ أفضل من التكلم بألسنة (14: 1 - 25)

  2. طريقة استخدام المواهب الروحية في اجتماعات العبادة (14: 26 - 40)

1 - أسئلة عن الزواج (1 كورنثوس 7: 1 - 40)

في هذا الجزء يجاوب الرسول بولس على مجموعة أسئلة جاءته عن الزواج هي:

  1. كيف يستمر المسيحيون المتزوجون في العيشة معاً؟ الإجابة في الآيات 1 - 9

  2. هل الطلاق مباح؟ الإجابة في آيتي 10 ، 11

  3. ماذا عن زواج المؤمن بغير المؤمن؟ الإجابة فى آيات 12 - 24

  4. ماذا نفعل ببناتنا؟ الإجابة في الآيات 25 - 38

  5. هل يجوز الزواج للمرة الثانية؟الإجابة في آيتي 39 ، 40

(أ) كيف يستمر المسيحيون المتزوجون في العيشة معاً؟

1 وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ ٱلأُمُورِ ٱلَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا، فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لا يَمَسَّ ٱمْرَأَةً. 2 وَلٰكِنْ لِسَبَبِ ٱلّزِنَا، لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ ٱمْرَأَتُهُ، وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا. 3 لِيُوفِ ٱلرَّجُلُ ٱلْمَرْأَةَ حَقَّهَا ٱلْوَاجِبَ، وَكَذٰلِكَ ٱلْمَرْأَةُ أَيْضاً ٱلرَّجُلَ. 4 لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا بَلْ لِلرَّجُلِ، وَكَذٰلِكَ ٱلرَّجُلُ أَيْضاً لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهِ بَلْ لِلْمَرْأَةِ. 5 لا يَسْلِبْ أَحَدُكُمُ ٱلآخَرَ، إِلا أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ، إِلَى حِينٍ، لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَٱلصَّلاةِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضاً مَعاً لِكَيْ لا يُجَرِّبَكُمُ ٱلشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ. 6 وَلٰكِنْ أَقُولُ هٰذَا عَلَى سَبِيلِ ٱلإِذْنِ لا عَلَى سَبِيلِ ٱلأَمْرِ. 7 لأَنِّي أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ ٱلنَّاسِ كَمَا أَنَا. لٰكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ مَوْهِبَتُهُ ٱلْخَاصَّةُ مِنَ ٱللّٰهِ. ٱلْوَاحِدُ هٰكَذَا وَٱلآخَرُ هٰكَذَا. 8 وَلٰكِنْ أَقُولُ لِغَيْرِ ٱلْمُتَزَّوِجِينَ وَلِلأَرَامِلِ، إِنَّهُ حَسَنٌ لَهُمْ إِذَا لَبِثُوا كَمَا أَنَا. 9 وَلٰكِنْ إِنْ لَمْ يَضْبِطُوا أَنْفُسَهُمْ فَلْيَتَزَّوَجُوا، لأَنَّ ٱلتَّزَّوُجَ أَصْلَحُ مِنَ ٱلتَّحَرُّقِ (1كورنثوس 7: 1 - 9).

نحب أن نوضح فكرتين قبل أن نتأمل في معاني هذه الآيات:

الفكرة الأولى: أن الرسول بولس هنا لا يكتب كل شيء عن عقيدة الزواج، لكنه يجاوب أسئلة خاصة تعالج مشاكل خاصة في كنيسة كورنثوس. فالرسول يشجع الزواج، ويقول لتيموثاوس إنه في الأيام الأخيرة سيأتي أناس يعلّمون تعاليم شياطين مانعين عن الزواج(1تى 4: 3).

الفكرة الثانية: إن التعليمات التي يقدمها الرسول بولس هنا تعالج قضية خاصة في وقت خاص «أظن أن هذا حسن بسبب الضيق الحاضر. أنه حسن للإنسان أن يكون هكذا» آية 26) - فهذا الكلام لا ينطبق على كل الأوقات، لكنه يعالج مرحلة زمنية بالذات.

ولعل بولس الرسول كان يعالج مشكلة بعض الذين قالوا إن كل إنسان يجب أن يتزوج، ولكن المسيح قال في انجيل متى 19: 11 ، 12 إن هناك بعض الناس الذين يرفضون الزواج لأن الله دعاهم لذلك، فلهم أن يبقوا بدون زواج.

في هذه الآيات نلاحظ التعليم عن الزوجة الواحدة. «لكل واحد امرأته، ولكل واحدة رجلها». زوج واحد وزوجة واحدة، يكون كل منهما أميناً لزميله، لأن الزواج يحفظهما من خطية الزنا، وعلى الرجل أن يوفي المرأة حقها الواجب وكذلك المرأة أيضاً الرجل. ويقول الرسول إن الزوج يجب أن يعطي السلطان على جسده لزوجته، وإن الزوجة تعطي السلطان على جسدها لزوجها، وهكذا يعطي كلٌّ من الزوجين نفسه لزميله عطاءً كاملاً، مملوءاً بالمحبة، يجعل الاثنين يتفرغان للصوم والصلاة. لا يسلب أحدهما الآخر لكن بكل محبة يقدم أحدهما نفسه للآخر. وهكذا نرى أن الزواج ليس فرصة لأن يستغل الزوج زوجته، أو أن تستغل الزوجة زوجها، لكن الزواج فرصة عطاء وتقديم وبذل وتضحية، فإن المحبة هي العطاء بسخاء، فالذي يحب شريك حياته يعطي نفسه لهذا الشريك.

في الزواج المسيحي توجد أفراح وتوجد أيضاً مسئوليات، لذلك فإن على الرجل أن يوفي زوجته حقها الواجب، وكذلك المرأة توفي زوجها حقه الواجب.

يبدأ الرسول بولس بالواجبات أولاً، فإن الناس عادة يهتمون بامتيازاتهم وينسون واجباتهم، أما الإنجيل فيضع الواجبات أولاً. حسناً قال القديس أكليمندس الاسكندرى: «إن الرجولة الحقة ليست في اختيار حياة العزوبة، بل في الكفاح الذي يرّوض به الإنسان نفسه في أداء واجباته كزوج وأب.. وفي إعالة بيته، بغضّ النظر عن كل لذة وألم. أما الذي لا أسرة له فهو غير مختبر في شئون كثيرة، وهو إذ يفكر في نفسه يشبه من يسعى إلى خلاص نفسه».

ويقول الرسول بولس إنه يودّ لو أن جميع الناس بقوا بدون زواج كما هو، لكن لكل واحد موهبته الخاصة من الله، فالواحد يستطيع أن يبقى بغير زواج، والآخر لا يستطيع أن يبقى بغير زواج. فليتزّوَج من لا يقدر أن يحافظ على طهارته، وليمتنع عن الزواج من يستطيع أن لا يتزوج.

ويقول الرسول بولس إنه إذا كان هناك أحد غير متزوج، أو ماتت زوجته فمن الأفضل أن يبقى بدون زواج - كما أن الرسول بولس بقي بدون زواج - لكن إن كان هذا الشخص لا يستطيع أن يضبط نفسه، فله أن يتزوج، لأن زواجه أفضل من أن يتحرَّق بالشهوة.

آية للحفظ

«لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا بَلْ لِلرَّجُلِ، وَكَذٰلِكَ ٱلرَّجُلُ أَيْضاً لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهِ بَلْ لِلْمَرْأَةِ» (1كورنثوس 7: 4)

صلاة

يا أبانا السماوي نشكرك لأنك أنت الذي وضعت لنا أساس الزواج، ولأنك أنت الذي وضعت لنا طريقة العيشة الزوجية السعيدة، التي فيها يضحي كل واحد من أجل زميله، ويقدم كل واحد شريكه على نفسه في الكرامة. بارك عائلاتنا واجعلها سعيدة بك، وساعدنا يارب لنحافظ على طهارة حياتنا وقداسة زواجنا.

سؤال

18 - ما هي أسس الزواج المسيحي السعيد؟

(ب) هل الطلاق مُباح؟

10 وَأَمَّا ٱلْمُتَزَّوِجُونَ فَأُوصِيهِمْ، لا أَنَا بَلِ ٱلرَّبُّ، أَنْ لا تُفَارِقَ ٱلْمَرْأَةُ رَجُلَهَا. 11 وَإِنْ فَارَقَتْهُ فَلْتَلْبَثْ غَيْرَ مُتَزَّوِجَةٍ، أَوْ لِتُصَالِحْ رَجُلَهَا. وَلا يَتْرُكِ ٱلرَّجُلُ ٱمْرَأَتَهُ (1كورنثوس 7: 10 ، 11)

هل الطلاق مُباح للمسيحيين؟ إن إجابة الرسول بولس هي بكلمة جازمة «لا»! «أوصيهم لا أنا بل الرب». إن كان الرسول يستصلح أن يبقى الإنسان بغير زواج، إنْ كان غير متزوج، فإنّ الله يأمر أن تبقى الزوجة وزوجها معاً إن كانا متزوجين.

يأخذ الرسول بولس هنا كلمات ربنا يسوع المسيح في هذا الموضوع باعتبار أنها كلمات نهائية: لا طلاق إلا بسبب الزنا (متى 19: 9). كان الوثنيون قد اعتادوا على الانفصال بين الزوج وزوجته بدون خوف ولا لوم. ولكن الرسول بولس يضع أمام هؤلاء المؤمنين الذين جاءوا من خلفية وثنية مبادىء القانون المسيحي الصارمة، عوضاً عن الإباحية التي ألفوها. وهو يقسم هؤلاء المؤمنين إلى ثلاث حالات:

  1. الذين لا زوجات لهم في الحالة الراهنة.

  2. المتزوجون الذين تزوجوا بعد إيمانهم بالمسيح، واحتفظوا بزوجاتهم اللواتي كنَّ معهم من قبل.

  3. الرجال والنساء الذين أبى شركاؤهم أو شريكاتهم البقاء معهم أو معهن بعد اعتناق المسيحية.

والرسول يضع قاعدة واحدة للرجل والمرأة على السواء. الذين تزوجوا بعد أن اعتنقوا المسيحية، والذين كانوا متزوجين من قبل واستمروا على رابطة الزوجية بعد أن اعتنق المسيحية أحد الشريكين، يقول لهم «أوصيهم لا أنا بل الرب أن لا تفارق المرأة رجلها». فإذا حدث خصام بين الزوجين فلتْبقَ الزوجة غير متزوجة حتى تصالح زوجها. ولا يجب أبداً أن الرجل يترك امرأته. على الزوجة أن تقبل الصلح، وعلى الزوج ألا يترك زوجته أبداً.

صلاة

أبانا السماوي ساعدنا لندرك رباط المحبة في الزواج. ساعدنا لنرى أن ما جمعه الله لا يفرّقه إنسان. ساعدنا لنحافظ على سعادتنا العائلية بالنعمة التي تعطيها أنت لنا إذ يحتمل كل واحد منا شريكه.

سؤال

19 - على أي أساس بنى الرسول بولس أمره بعدم الطلاق؟

(ج) ماذا عن زواج المؤمن بغير المؤمن؟

12 وَأَمَّا ٱلْبَاقُونَ، فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا لا ٱلرَّبُّ: إِنْ كَانَ أَخٌ لَهُ ٱمْرَأَةٌ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ، وَهِيَ تَرْتَضِي أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ ،فَلا يَتْرُكْهَا. 13 وَٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي لَهَا رَجُلٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ، وَهُوَ يَرْتَضِي أَنْ يَسْكُنَ مَعَهَا، فَلا تَتْرُكْهُ. 14 لأَنَّ ٱلرَّجُلَ غَيْرَ ٱلْمُؤْمِنِ مُقَدَّسٌ فِي ٱلْمَرْأَةِ، وَٱلْمَرْأَةُ غَيْرُ ٱلْمُؤْمِنَةِ مُقَدَّسَةٌ فِي ٱلرَّجُلِ - وَإِلا فَأَوْلادُكُمْ نَجِسُونَ. وَأَمَّا ٱلآنَ فَهُمْ مُقَدَّسُونَ. 15 وَلٰكِنْ إِنْ فَارَقَ غَيْرُ ٱلْمُؤْمِنِ فَلْيُفَارِقْ. لَيْسَ ٱلأَخُ أَوِ ٱلأُخْتُ مُسْتَعْبَداً فِي مِثْلِ هٰذِهِ ٱلأَحْوَالِ. وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ قَدْ دَعَانَا فِي ٱلسَّلامِ. 16 لأَنَّهُ كَيْفَ تَعْلَمِينَ أَيَّتُهَا ٱلْمَرْأَةُ، هَلْ تُخَلِّصِينَ ٱلرَّجُلَ؟ أَوْ كَيْفَ تَعْلَمُ أَيُّهَا ٱلرَّجُلُ، هَلْ تُخَلِّصُ ٱلْمَرْأَةَ؟ 17 غَيْرَ أَنَّهُ كَمَا قَسَمَ ٱللّٰهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ، كَمَا دَعَا ٱلرَّبُّ كُلَّ وَاحِدٍ، هٰكَذَا لِيَسْلُكْ. وَهٰكَذَا أَنَا آمُرُ فِي جَمِيعِ ٱلْكَنَائِسِ. 18 دُعِيَ أَحَدٌ وَهُوَ مَخْتُونٌ، فَلا يَصِرْ أَغْلَفَ. دُعِيَ أَحَدٌ فِي ٱلْغُرْلَةِ، فَلا يَخْتَتِنْ. 19 لَيْسَ ٱلْخِتَانُ شَيْئاً، وَلَيْسَتِ ٱلْغُرْلَةُ شَيْئاً، بَلْ حِفْظُ وَصَايَا ٱللّٰهِ. 20 اَلدَّعْوَةُ ٱلَّتِي دُعِيَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ فَلْيَلْبَثْ فِيهَا. 21 دُعِيتَ وَأَنْتَ عَبْدٌ فَلا يَهُمَّكَ. بَلْ وَإِنِ ٱسْتَطَعْتَ أَنْ تَصِيرَ حُرّاً فَٱسْتَعْمِلْهَا بِٱلْحَرِيِّ. 22 لأَنَّ مَنْ دُعِيَ فِي ٱلرَّبِّ وَهُوَ عَبْدٌ فَهُوَ عَتِيقُ ٱلرَّبِّ. كَذٰلِكَ أَيْضاً ٱلْحُرُّ ٱلْمَدْعُّوُ هُوَ عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ. 23 قَدِ ٱشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ، فَلا تَصِيرُوا عَبِيداً لِلنَّاسِ. 24 مَا دُعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ فِيهِ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ فَلْيَلْبَثْ فِي ذٰلِكَ مَعَ ٱللّٰهِ (1كورنثوس 7: 12 - 24).

كان الكلام السابق في غير المتزّوجين من المؤمنين، وفي المتزوجين الذين انفصلوا عن أزواجهم. وهنا يوجّه الرسول الحديث الى الباقين. والباقون هم المسيحيون الذين لهم زوجات وثنيات أو يهوديات، والمسيحيات اللواتي لهن أزواج وثنيون أو يهود. أي: الذين قبل أن يصيروا مسيحيين تزوجوا من شريك غير مسيحي.

الآن ما هو القانون في هؤلاء؟

يجاوب الرسول بولس بأن المسيح عندما كان على الأرض لم يقل شيئاً في هذا الأمر - ولذلك فإن الرسول بولس، رسول المسيح - يتكلم عن هذا الموضوع وهو «عنده روح الله» (1كورنثوس 7: 40) فيقول إنه إذا كان لأخ مؤمن امرأة غير مؤمنة رضيت أن تعيش معه، فلا يجب أن يطلقها. وإذا كانت سيدة مسيحية متزوجة من زوج غير مؤمن ورضي هذا الزوج أن تعيش زوجته معه بعد إيمانها بالمسيح، فلا يجب أن الزوجة تتركه. ويقدم الرسول سببين لذلك:

  1. الزوج غير المؤمن يتقدس بامرأته المؤمنة، والمرأة غير المؤمنة تتقدس بزوجها المؤمن.

    ليس المقصود هنا أن الزواج يغيّر قلب الرجل غير المؤمن، بل المقصود أن الرجل يتقدس تقديساً خارجياً وتدريجياً، كما قال المسيح إن الهيكل يقدس الذهب، والمذبح يقدس القربان(متى 23: 17 ، 19) بمعنى أن هذا الرجل تخصص ليكون للرب في زوجته المؤمنة، كما أنه تخصيص للزوجة غير المؤمنة للرب في زوجها المؤمن.

  2. أن يكون الأولاد مقدسين، بمعنى أن يكونوا مخصَّصين لله. كما أن الشريك المؤمن يستطيع أن يشهد عن إيمانه للأولاد. فيجب أن يبقى مع شريكه غير المؤمن لخير الأبناء.

ويمضي الرسول بولس فيقول إنه إذا أراد غير المؤمن أو غير المؤمنة أن يفارق فليفارق، ففي مثل هذه الحال لا يكون المؤمن أو المؤمنة خاضعاً لرباط الزواج. لا يجب على المؤمن أن يجبر شريكه ليخضع لرباط زوجية لا يرضاه، فالانفصال هنا يُوجد السلام، والمفارقة تمنع العداء. فإن بقاء الزوج المؤمن مع زوجته الوثنية، أو بقاء الزوجة المؤمنة مع زوجها الوثني، يمكن أن يقود الشريك الآخر إلى الخلاص. «كيف تعلمين أيتها المرأة المؤمنة أنك ستخلّصين زوجك؟ وكيف تعلم أيها الرجل أنك ستخلّص زوجتك؟».

ويمضي الرسول بولس بعد ذلك ليوضح فكرة مهمة، وهي أن المؤمن يجب أن يبقى على حاله، فالإنجيل لا يدعو لتغيير الأحوال الزمنية بالعنف. فليسلك كل واحد في حياته حسب ما قسم له الرب، وكما كانت عليه حالته قبل أن يَقْبل المسيح. فالذي دعاه الله وهو مختون كيهودي لا يجب أن يستر ختانه، والذي دعاه الرب وهو وثني غير مختون فلا يجب أن يُختن، ذلك أن الختان أو عدم الختان ليس مهماً، ولكن المهم هو العمل بوصية الله، فعلى كل واحد أن يبقى مثلما كانت عليه حالته قبل إيمانه عندما دعاه الله ليؤمن.

ثم يقول الرسول للمؤمنين: إن كنت عبداً (اشتراك سيدٌ بالمال) عندما دعاك الله، فلا تهتم ولا تقلق. بالطبع إن كنت تستطيع أن تتحرر من العبودية فعليك أن تغتنم الفرصة وتنطلق من عبوديتك. لكن إن كان الله قد دعاك وأنت عبد فأنت لست عبداً. أنت حر في المسيح! فإن الذين دعاهم المسيح للإيمان به قد دعاهم للحرية، فهو حر فعلاً في داخله حتى إن كان مستعبَداً لسيدٍ قاسٍ. إن العبد الذي صار للمسيح أصبح في المسيح عبداً للمسيح. الله اشترانا كلنا ودفع ثمننا، فلا يجب أن نصير عبيداً للناس. ليبْقَ كل واحد أيها الإخوة أمام الله مثلما كانت عليه حالته عندما دعاه. ما أجمل أن نعرف أننا نحن المسيحيين لا نتحرر من الخطية والموت والدينونة فقط عندما نتحرر بالمسيح، لكننا نتحرر إلى المحبة وإلى خدمة المسيح، فلسنا أحراراً مطلقاً بل لنصبح خاضعين طوعاً لمحبة الله.

آية للحفظ

«ٱللّٰهَ قَدْ دَعَانَا فِي ٱلسَّلامِ» (1كورنثوس 7: 15)

صلاة

أيها الرب، أعطنا الصبر لكي لا نغير أوضاعنا الخارجية بالعنف. ساعدنا لنخضع لإرشادك طوعاً، ونحن ندرك أن فداءك هو سبب تحريرنا من غضب الله ومن الدينونة الأبدية. نشكرك من كل قلوبنا لأنك دفعت ثمن حريتنا، ولذلك فإننا نسلّمك نفوسنا عبيداً لمحبتك.

سؤال

20 - أذكر سبباً يجعل الشريك المؤمن يحتفظ بشريكه غير المؤمن في رابطة الزواج؟

(د) ماذا نفعل ببناتنا؟

25 وَأَمَّا ٱلْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ ٱلرَّبِّ فِيهِنَّ، وَلٰكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كَمَنْ رَحِمَهُ ٱلرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً. 26 فَأَظُنُّ أَنَّ هٰذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ ٱلضِّيقِ ٱلْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هٰكَذَا: 27 أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِٱمْرَأَةٍ فَلا تَطْلُبْ ٱلٱنْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ ٱمْرَأَةٍ فَلا تَطْلُبِ ٱمْرَأَةً. 28 لٰكِنَّكَ وَإِنْ تَزَّوَجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَّوَجَتِ ٱلْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلٰكِنَّ مِثْلَ هٰؤُلاءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي ٱلْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ. 29 فَأَقُولُ هٰذَا أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ: ٱلْوَقْتُ مُنْذُ ٱلآنَ مُقَصَّرٌ، لِكَيْ يَكُونَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ نِسَاءٌ كَأَنْ لَيْسَ لَهُمْ، 30 وَٱلَّذِينَ يَبْكُونَ كَأَنَّهُمْ لا يَبْكُونَ، وَٱلَّذِينَ يَفْرَحُونَ كَأَنَّهُمْ لا يَفْرَحُونَ، وَٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ كَأَنَّهُمْ لا يَمْلِكُونَ، 31 وَٱلَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ هٰذَا ٱلْعَالَمَ كَأَنَّهُمْ لا يَسْتَعْمِلُونَهُ. لأَنَّ هَيْئَةَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ تَزُولُ. 32 فَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا بِلا هَمٍّ. غَيْرُ ٱلْمُتَزَّوِجِ يَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ كَيْفَ يُرْضِي ٱلرَّبَّ، 33 وَأَمَّا ٱلْمُتَزَّوِجُ فَيَهْتَمُّ فِي مَا لِلْعَالَمِ كَيْفَ يُرْضِي ٱمْرَأَتَهُ. 34 إِنَّ بَيْنَ ٱلّزَوْجَةِ وَٱلْعَذْرَاءِ فَرْقاً: غَيْرُ ٱلْمُتَزَّوِجَةِ تَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ لِتَكُونَ مُقَدَّسَةً جَسَداً وَرُوحاً. وَأَمَّا ٱلْمُتَزَّوِجَةُ فَتَهْتَمُّ فِي مَا لِلْعَالَمِ كَيْفَ تُرْضِي رَجُلَهَا. 35 هٰذَا أَقُولُهُ لِخَيْرِكُمْ، لَيْسَ لِكَيْ أُلْقِيَ عَلَيْكُمْ وَهَقاً، بَلْ لأَجْلِ ٱللِّيَاقَةِ وَٱلْمُثَابَرَةِ لِلرَّبِّ مِنْ دُونِ ٱرْتِبَاكٍ. 36 وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِدُونِ لِيَاقَةٍ نَحْوَ عَذْرَائِهِ إِذَا تَجَاوَزَتِ ٱلْوَقْتَ، وَهٰكَذَا لَزِمَ أَنْ يَصِيرَ، فَلْيَفْعَلْ مَا يُرِيدُ. إِنَّهُ لا يُخْطِئُ. فَلْيَتَزَّوَجَا. 37 وَأَمَّا مَنْ أَقَامَ رَاسِخاً فِي قَلْبِهِ، وَلَيْسَ لَهُ ٱضْطِرَارٌ، بَلْ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى إِرَادَتِهِ، وَقَدْ عَزَمَ عَلَى هٰذَا فِي قَلْبِهِ أَنْ يَحْفَظَ عَذْرَاءَهُ، فَحَسَناً يَفْعَلُ. 38 إِذاً مَنْ زَّوَجَ فَحَسَناً يَفْعَلُ، وَمَنْ لا يُزَّوِجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ (1كورنثوس 7: 25 - 38).

هذا سؤال رابع يجاوب عليه الرسول وهو: ماذا نفعل ببناتنا غير المتزوجات؟

في هذا الجزء يتحدث الرسول بولس عن زواج العذارى وزواج الأرامل، وواجبات الوالدين أو أولياء الأمور في تزويج بناتهن. الظاهر أن آباء أو وكلاء هؤلاء العذارى والأرامل سألوا الرسول عن هذا الموضوع، فأجاب بأن المسيح عندما كان على أرضنا لم يأمر بشيء في هذا الشأن كما أمر في شأن المتزوجين - ولكن الرسول يعطي رأياً باعتبار كونه رسولاً موحى اليه من الرب «كمن رحمه الرب أن يكون أميناً» - أي كشخص مؤتمن يوثق به وقد صار أميناً برحمة الله. ويتحدث الرسول بولس عن عصر بالذات، هو عصر اضطهاد ومتاعب بالنسبة للمسيحيين، فيقول إنه من الخير - نظراً لما في الوقت الحاضر من ضيق - أن يبقى الإنسان على حاله. فإن كان متزوجاً فلا يجب أن يطلب انفصالاً عن زوجته. وإن كان غير متزّوج فعليه أن لا يطلب الزواج. لكن إذا تزوج فإنه لا يخطئ، وإذا تزوجت الفتاة فإنها لا تخطئ، ولو أن الذين يتزوجون يلقون المتاعب بسبب هموم الجسد التي يريد الرسول بولس أن يبتعدوا عنها. ويمضي الرسول فيقول في الآية 29 إنه يعلم أن الزمان يُقصَّر، لأن مجئ المسيح ثانية قد اقترب. ولما كان المجئ الثاني قريب فان الذين يتزوجون كأنهم لا يتزوجون، والذين يبكون كأنهم لا يبكون. والذين يفرحون كأنهم لا يفرحون، والذين يشترون كأنهم لا يملكون، والذين يستعملون هذا العالم كأنهم لا يستعملونه.... ذلك لأن هيئة هذا العالم سوف تزول. ولذلك فان الرسول يريد من المؤمنين أن يعيشوا بدون هموم زوجية، فغير المتزّوج يهتم بأمور الرب وكيف يرضيه، لأن كل فكره مهتم بالأمور السماوية، أما المتزوج فلأنه مسئول بزوجة وبيت وأولاد، فإنه يهتم بأمور العالم ويهتم بكيف يرضي امرأته. وعلى ذلك فالشخص المتزوج منقسم الفكر. العذراء التي لم تتزوج، والمرأة التي مات زوجها، تهتمان بأمور الرب، وبكيف تنالان قداسة الحياة بالجسد وبالروح. أما المرأة المتزوجة فإنها تهتم بأمور هذا العالم لأنه تريد أن ترضي زوجها. ولا يريد الرسول أن يرهق المؤمنين أو يقيّدهم أو يتعبهم أو يعجزهم، لكن يريد خيرهم، ويريدهم أن يهتدوا إلى ما هو لائق ليخدموا الرب من دون ارتباك. ومع ذلك فإن كان أحد يظن أنه يسئ الى فتاته إذا فاتها الوقت وكان عليها أن تتزوج، فهو لا يخطئ إن سمح لها بالزواج. فلتتزوج إذا أرادت. لكن الشخص الذي يقتنع في قلبه كل الاقتناع ولا يوجد شيء يضطره بأن يتزوج فهو حر في اختياره. اذا عزم أن لا يزّوج هذه الفتاة فهو حر فيما يفعل. من زّوَج «حسناً يفعل». من لا يزوج «يفعل أحسن» بسبب الظروف القاسية التي كان فيها المؤمنون في ذلك الوقت.

آية للحفظ

«وَٱلَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ هٰذَا ٱلْعَالَمَ كَأَنَّهُمْ لا يَسْتَعْمِلُونَهُ. لأَنَّ هَيْئَةَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ تَزُولُ» (1كورنثوس 7: 31)

صلاة

أبي السماوي أشكرك من كل القلب لأنك تريد أن تحررنا من همومنا. تريد أن ننصرف الى عبادتك وحدك وللانشغال بك وحدك. لا تسمح أن يوجد شيء في العالم يعطلنا عن الانشغال بك. نعم يارب إن هيئة هذا العالم تزول، فأعطنا أن نطلب الباقي، وأن ننصرف عن الأشياء التي لا بقاء فيها ولا ثبات لها. هذا نطلبه باسم المسيح.

سؤال

21 - لماذا قال الرسول بولس إن من يزّوج «حسناً يفعل» ومن لا يزّوج «يفعل أحسن»؟

(هـ) هل يجوز الزواج للمرة الثانية؟

39 ٱلْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِٱلنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيّاً. وَلٰكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَّوَجَ بِمَنْ تُرِيدُ، فِي ٱلرَّبِّ فَقَطْ. 40 وَلٰكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هٰكَذَا، بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضاً عِنْدِي رُوحُ ٱللّٰهِ (1كورنثوس 7: 39، 40).

في هاتين الآيتين يقول الرسول بولس إن الزوجة مرتبطة بشريعة الزواج ما دام رجلها حياً. إنها مرتبطة بهذا الزواج في الرب، وما جمعه الله لا يفرِّقه انسان. فإذا حدث أن مات زوجها فإنها تصبح حرة أن تتزوج الشخص الذي تشاء، على أن يكون هذا الزواج من شخص مؤمن فقط. لذلك لا يجب أبداً أن سيدة مؤمنة تتزوج برجل غير مؤمن، أو أن رجلاً مؤمناً يتزوج بامرأة غير مؤمنة. ويرى الرسول بسبب الضيق الحاضر أن المرأة التي يموت زوجها تكون أكثر سعادة إن بقيت على حالها بغير زواج.. أما المرأة المتزوجة فلا يجب أن تترك زوجها مهما كلفها ذلك. حتى إن تركها زوجها لا يحقّ لها أن تتزوج بغيره، كما لا يحق له أن يتزوج بغيرها، لأنهما واحد. أما إن مات الزوج فإن واجبات الزواج وحقوقه تكون قد انتهت، فإذا شاءت الأرملة أن تتزوج بعد أن يموت زوجها فلها ذلك على شرط أن يتم هذا الزواج في المسيح، لا لشهوة جسدية.

آية للحفظ

«إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَّوَجَ بِمَنْ تُرِيدُ، فِي ٱلرَّبِّ فَقَطْ» (1كورنثوس 7: 39)

صلاة

أيها الرب يسوع نطلب منك من أجل كل الاخوة والأخوات غير المتزوجين ألا يعقدوا زواجهم حسب إرادتهم الشخصية، أو حسب شهواتهم الجسدية، أو حسب حبهم، بل بإرشاد روحك القدوس، وفي ضوء اتصالهم بالمسيح ليستطيعوا أن يخدموك طول عمرهم.

سؤال

22 - لماذا يجب أن يكون الزواج في الرب فقط؟

2 - أسئلة عن الاحتفالات الوثنية (1كورنثوس 8 : 1 - 11: 1)

السؤال الثاني الذي وجّهه أهل كورنثوس الى الرسول بولس يتعلّق بموقفهم تجاه جيرانهم الوثنيين: هل يجوز لهم أن يشاركوهم في أعيادهم التي يقيمونها في الهياكل الوثنية؟ هل يجوز لهم أن يأكلوا من اللحوم التي تُقدَّم للأوثان؟ إلى أي حد يمكن أن يوجد هناك ائتلاف بين المسيحي وبين غير المسيحيين؟ انقسم المسيحيون إلى فريقين: فريق متسع القلب لم يرد أن يضع حداً لهذا الاختلاط، لأنه يؤمن أن الأوثان ليست شيئاً. هؤلاء حسبوا أنفسهم أقوياء. لكن فريقاً آخر لم يقدر أن يتخلص من ممارسة الحياة الوثنية، وأحس أن في الوثن قوة شيطانية لا تسمح له أن يشترك في الولائم، ولا أن يأكل مما ذُبح للأوثان، وقد سَمَُّى هؤلاء ضعفاء.

ويقدم لهم الرسول بولس ثلاثة مباديء يطبقونها عندما يسألون أنفسهم: هل يشتركون في الأعياد الوثنية أو لا يشتركون فيها؟

  1. مبدأ المحبة (أصحاح 8) ويقدم الرسول بولس نفسه مثالاً لهذه المحبة (9: 1 - 23).

  2. مبدأ ضبط النفس (9: 24 - 10: 13).

  3. مبدأ الإخلاص للمسيح (10: 14 - 22). ثم يقدم الرسول بولس ملخصاً لما قاله (10: 23 - 11 : 1).

(أ) مبدأ المحبة

1 وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ فَنَعْلَمُ أَنَّ لِجَمِيعِنَا عِلْماً. ٱلْعِلْمُ يَنْفُخُ، وَلٰكِنَّ ٱلْمَحَبَّةَ تَبْنِي. 2 فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْرِفُ شَيْئاً، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ شَيْئاً بَعْدُ كَمَا يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَ! 3 وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُحِبُّ ٱللّٰهَ، فَهٰذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَهُ. 4 فَمِنْ جِهَةِ أَكْلِ مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، نَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ وَثَنٌ فِي ٱلْعَالَمِ، وَأَنْ لَيْسَ إِلٰهٌ آخَرُ إِلا وَاحِداً. 5 لأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ مَا يُسَمَّى آلِهَةً، سِوَاءٌ كَانَ فِي ٱلسَّمَاءِ أَوْ عَلَى ٱلأَرْضِ، كَمَا يُوجَدُ آلِهَةٌ كَثِيرُونَ وَأَرْبَابٌ كَثِيرُونَ. 6 لٰكِنْ لَنَا إِلٰهٌ وَاحِدٌ: ٱلآبُ ٱلَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ ٱلأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ، ٱلَّذِي بِهِ جَمِيعُ ٱلأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ. 7 وَلٰكِنْ لَيْسَ ٱلْعِلْمُ فِي ٱلْجَمِيعِ. بَلْ أُنَاسٌ بِٱلضَّمِيرِ نَحْوَ ٱلْوَثَنِ إِلَى ٱلآنَ يَأْكُلُونَ كَأَنَّهُ مِمَّا ذُبِحَ لِوَثَنٍ. فَضَمِيرُهُمْ إِذْ هُوَ ضَعِيفٌ يَتَنَجَّسُ. 8 وَلٰكِنَّ ٱلطَّعَامَ لا يُقَدِّمُنَا إِلَى ٱللّٰهِ، لأَنَّنَا إِنْ أَكَلْنَا لا نَزِيدُ وَإِنْ لَمْ نَأْكُلْ لا نَنْقُصُ. 9 وَلٰكِنِ ٱنْظُرُوا لِئَلا يَصِيرَ سُلْطَانُكُمْ هٰذَا مَعْثَرَةً لِلضُّعَفَاءِ. 10 لأَنَّهُ إِنْ رَآكَ أَحَدٌ يَا مَنْ لَهُ عِلْمٌ، مُتَّكِئاً فِي هَيْكَلِ وَثَنٍ، أَفَلا يَتَقَّوَى ضَمِيرُهُ، إِذْ هُوَ ضَعِيفٌ، حَتَّى يَأْكُلَ مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ؟ 11 فَيَهْلِكَ بِسَبَبِ عِلْمِكَ ٱلأَخُ ٱلضَّعِيفُ ٱلَّذِي مَاتَ ٱلْمَسِيحُ مِنْ أَجْلِهِ. 12 وَهٰكَذَا إِذْ تُخْطِئُونَ إِلَى ٱلإِخْوَةِ وَتَجْرَحُونَ ضَمِيرَهُمُ ٱلضَّعِيفَ، تُخْطِئُونَ إِلَى ٱلْمَسِيحِ. 13 لِذٰلِكَ إِنْ كَانَ طَعَامٌ يُعْثِرُ أَخِي فَلَنْ آكُلَ لَحْماً إِلَى ٱلأَبَدِ، لِئَلا أُعْثِرَ أَخِي. (1كورنثوس 8: 1 - 13).

واجه المؤمنون في كورنثوس مشكلة هي أن هناك لحوماً كانت تُذبح للوثن. وقال بعض المسيحيين إنهم يمكن أن يأكلوا منها لأنه لا يوجد ما يُسمى بالوثن. وقال البعض الآخر إنهم لا يجب أن يأكلوا منها لأنها مذبوحة باسم الوثن. ودار جدال بين المسيحيين سبَّب كثيراً من الغضب، وكتب مؤمنو كورنثوس يسألون بولس الرسول في ذلك. فأوضح لهم أن المبدأ الأول في هذا الموضوع هو أن يُظهر كل واحد منهم المحبة لغيره. فالشخص القوي يمكن أن يأكل هذه اللحوم، أما الضعيف فيمتنع عنها. وينبغي لكل واحد من الطرفين أن يحترم الطرف الآخر، سواء أكل أو لم يأكل، فقد قال المسيح إن ما يدخل جوف الإنسان لا ينجّسه! ولكن ما يخرج منه هو الذي ينجسه. لقد انتقلت المشكلة في كنيسة كورنثوس من مشكلة أكل لحم أو الامتناع عن أكله إلى مشكلة نقص محبة، لذلك يقول بولس الرسول إن الجميع يعرفون حكاية اللحم المذبوح للوثن، لكن المعرفة تجعل صاحبها ينتفخ ويتكبّر، بينما المحبة هي التي تبني. والذي يحب الله هو معروف عند الله، والذي يحب الله يعرف الله، الإله الواحد، وهو الآب الذي منه كل شيء، والذي لأجله نحن، ورب واحد هو يسوع المسيح الذي به كل شيء، وبه نحن.

لكن ليس كل الناس يعرفون هذه الحقيقة، فبعضهم تعّوَدوا على الأوثان حتى أنهم يأكلون الذبائح كأنها بالفعل ذبائح للأوثان. ولأنهم ضعفاء، فانهم بعد أن يأكلوا يشعرون أن ضمائرهم قد تدنست. مع أن الحقيقة هي أن الطعام لا يقرّبنا إلى الله. فإننا إن أكلنا لا نكسب شيئاً وإن لم نأكل لا نخسر شيئاً. ولذلك فإن على المؤمنين أن يتنبَّهوا لئلا تكون حريتهم هذه حجر عثرة للضعفاء. فالشخص الذي يعتبر أن الوثن غير موجود ويأكل اللحم المذبوح للأوثان، يضع حجراً في طريق صديقه الضعيف، فيعثر هذا الضعيف. وله يقول الرسول: إذا رآك أحد، أنت يا صاحب المعرفة، تأكل في هيكل الأوثان، ألا يتشجع إن كان ضعيف الضمير، فيأكل من ذبائح الأوثان؟ أنت تأكل وأنت تعلم أنه لا يوجد هناك ما يُسمَّى وثن، وهو يأكل باعتبار أن هذا شيء للوثن، فتكون معرفتك أنت سبباً في هلاك هذا الضعيف، مع أن هذا الضعيف أخ لك مات المسيح من أجله. وهكذا نخطئ إلى المسيح حين نخطئ إلى إخوتنا، وحين نجرح ضمائرهم الضعيفة. فاذا كان بعض الطعام سبباً في تعثُّر أخي وسقوطه، اذاً لن آكل اللحم أبداً لئلا أكون سبباً في سقوط أخي. إذاً ليست المشكلة في أكل اللحم بل في محبة الآخر وفي الاهتمام بمصلحته.

هذه المشكلة نفسها تتكرر اليوم، فبعض المتنصّرين الهندوسيين في بلاد الهند قضوا حياتهم كلها نباتيين يفزعون من أكل لحوم البقر، وكذلك يفزع المتنصّرون المسلمون من أكل لحوم الخنزير. ولا جدال في أن المسيحيين الذين بلغوا درجة من العلم يدركون أن هذه مسائل تافهة لا يكترثون لها، لكنهم يجب أن يحترموا شكوك إخوتهم الضعفاء، فيمتنعون عن أكل لحوم البقر، أو يمتنعون عن أكل لحوم الخنزير، بسبب محبتهم لإخوتهم وحرصهم على راحتهم الروحية، ومنعاً من إيذاء شعورهم. ولا يجوز أن يدين أحد الآخرين أو ينسب إليهم الخطية في هذه الأمور، فلا يوجد مسيحي يحسب نفسه سيداً متسلّطاً على الآخرين، فالكل عبيد الله، وعلى كل إنسان أن يتصرف بحسب المعرفة التي نالها كما يرى هو صواباً ومرضياً. على أنه يجب أن يمتنع عن أكل اللحم في الولائم العامة لئلا يحتذي الإخوة الضعفاء المتشككون به، فيتأذَّى ضميرهم.

آية للحفظ

«وَلٰكِنَّ ٱلطَّعَامَ لا يُقَدِّمُنَا إِلَى ٱللّٰهِ، لأَنَّنَا إِنْ أَكَلْنَا لا نَزِيدُ وَإِنْ لَمْ نَأْكُلْ لا نَنْقُصُ» (1كورنثوس 8: 8)

صلاة

إلهنا الصالح، اغفر لنا سوء استعمالنا لحريتنا، واخلق فينا شعور المحبة التي تراعي مشاعر الآخرين، فنكرم إخوتنا ونساعدهم ونبنيهم. ساعدنا لنمتنع عن كل ملذات هذا العالم، كما أن المسيح أخلى نفسه ليخلصنا نحن الضعفاء المحتاجين. نشكرك لمحبتك وخلاصك وفدائك.

سؤال

23 - اذكر المبدأ الأول في المعاملات مع المؤمنين الذين يختلفون معنا في الفكر.

(ب) مثال عن المحبة في حياة الرسول بولس

1 أَلَسْتُ أَنَا رَسُولاً؟ أَلَسْتُ أَنَا حُرّاً؟ أَمَا رَأَيْتُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ رَبَّنَا؟ أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ عَمَلِي فِي ٱلرَّبِّ؟! 2 إِنْ كُنْتُ لَسْتُ رَسُولاً إِلَى آخَرِينَ، فَإِنَّمَا أَنَا إِلَيْكُمْ رَسُولٌ، لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ خَتْمُ رِسَالَتِي فِي ٱلرَّبِّ. 3 هٰذَا هُوَ ٱحْتِجَاجِي عِنْدَ ٱلَّذِينَ يَفْحَصُونَنِي. 4 أَلَعَلَّنَا لَيْسَ لَنَا سُلْطَانٌ أَنْ نَأْكُلَ وَنَشْرَبَ؟ 5 أَلَعَلَّنَا لَيْسَ لَنَا سُلْطَانٌ أَنْ نَجُولَ بِأُخْتٍ زَوْجَةً كَبَاقِي ٱلرُّسُلِ وَإِخْوَةِ ٱلرَّبِّ وَصَفَا؟ 6 أَمْ أَنَا وَبَرْنَابَا وَحْدَنَا لَيْسَ لَنَا سُلْطَانٌ أَنْ لا نَشْتَغِلَ؟ 7 مَنْ تَجَنَّدَ قَطُّ بِنَفَقَةِ نَفْسِهِ؟ وَمَنْ يَغْرِسُ كَرْماً وَمِنْ ثَمَرِهِ لا يَأْكُلُ؟ أَوْ مَنْ يَرْعَى رَعِيَّةً وَمِنْ لَبَنِ ٱلرَّعِيَّةِ لا يَأْكُلُ؟ 8 أَلَعَلِّي أَتَكَلَّمُ بِهٰذَا كَإِنْسَانٍ؟ أَمْ لَيْسَ ٱلنَّامُوسُ أَيْضاً يَقُولُ هٰذَا؟ 9 فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ مُوسَى: لا تَكُمَّ ثَوْراً دَارِساً. أَلَعَلَّ ٱللّٰهَ تُهِمُّهُ ٱلثِّيرَانُ؟ 10 أَمْ يَقُولُ مُطْلَقاً مِنْ أَجْلِنَا؟ إِنَّهُ مِنْ أَجْلِنَا مَكْتُوبٌ. لأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْحَرَّاثِ أَنْ يَحْرُثَ عَلَى رَجَاءٍ، وَلِلدَّارِسِ عَلَى ٱلرَّجَاءِ أَنْ يَكُونَ شَرِيكاً فِي رَجَائِهِ. 11 إِنْ كُنَّا نَحْنُ قَدْ زَرَعْنَا لَكُمُ ٱلرُّوحِيَّاتِ، أَفَعَظِيمٌ إِنْ حَصَدْنَا مِنْكُمُ ٱلْجَسَدِيَّاتِ؟ 12 إِنْ كَانَ آخَرُونَ شُرَكَاءَ فِي ٱلسُّلْطَانِ عَلَيْكُمْ، أَفَلَسْنَا نَحْنُ بِٱلأَوْلَى؟ لٰكِنَّنَا لَمْ نَسْتَعْمِلْ هٰذَا ٱلسُّلْطَانَ، بَلْ نَتَحَمَّلُ كُلَّ شَيْءٍ لِئَلا نَجْعَلَ عَائِقاً لإِنْجِيلِ ٱلْمَسِيحِ. 13 أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلأَشْيَاءِ ٱلْمُقَدَّسَةِ، مِنَ ٱلْهَيْكَلِ يَأْكُلُونَ؟ ٱلَّذِينَ يُلازِمُونَ ٱلْمَذْبَحَ يُشَارِكُونَ ٱلْمَذْبَحَ. 14 هٰكَذَا أَيْضاً أَمَرَ ٱلرَّبُّ: أَنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَ بِٱلإِنْجِيلِ، مِنَ ٱلإِنْجِيلِ يَعِيشُونَ. 15 أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَسْتَعْمِلْ شَيْئاً مِنْ هٰذَا، وَلا كَتَبْتُ هٰذَا لِكَيْ يَصِيرَ فِيَّ هٰكَذَا. لأَنَّهُ خَيْرٌ لِي أَنْ أَمُوتَ مِنْ أَنْ يُعَطِّلَ أَحَدٌ فَخْرِي. 16 لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ، إِذِ ٱلضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لا أُبَشِّرُ. 17 فَإِنَّهُ إِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ هٰذَا طَوْعاً فَلِي أَجْرٌ، وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ كَرْهاً فَقَدِ ٱسْتُؤْمِنْتُ عَلَى وَكَالَةٍ. 18 فَمَا هُوَ أَجْرِي؟ إِذْ وَأَنَا أُبَشِّرُ أَجْعَلُ إِنْجِيلَ ٱلْمَسِيحِ بِلا نَفَقَةٍ، حَتَّى لَمْ أَسْتَعْمِلْ سُلْطَانِي فِي ٱلإِنْجِيلِ. 19 فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ ٱلْجَمِيعِ، ٱسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ ٱلأَكْثَرِينَ. 20 فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ ٱلْيَهُودَ، وَلِلَّذِينَ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ لأَرْبَحَ ٱلَّذِينَ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ، 21 وَلِلَّذِينَ بِلا نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلا نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلا نَامُوسٍ لِلّٰهِ، بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ ٱلَّذِينَ بِلا نَامُوسٍ. 22 صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ ٱلضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23 وَهٰذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ ٱلإِنْجِيلِ، لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ (1كورنثوس 9: 1 - 23).

ذكر الرسول بولس المبدأ الأول في معاملة المؤمنين الذين يختلفون معنا في الفكر وهو مبدأ المحبة، وقدم الرسول نفسه في الاصحاح التاسع مثالاً على هذه المحبة، واستشهد بحالته وبشخصه، موضحاً ما قدَّمه من محبة وتضحية للآخرين. فأولاً تنازل بولس عن حقوقه كرسول (آيات 1 - 18) وثانياً عن حقوقه كمسيحي عادي (آيات 19 - 23). وكان مثال بولس في ذلك الرب يسوع المسيح الذي أخلى نفسه من مجده، آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس (فيلبي 2: 5 - 11). ويقول: أنا لم أطالب بحقوقي كرسول لأني لم أطلب إعانة لنفسي، ولا لزوجة لي. ويتساءل: ألست أنا حراً؟ (أي حر أن آكل ما أشتهي من طعام) ألست أنا رسولاً؟ (أي أليس لي الحق أن تمدَّني الكنيسة بالعون المالي؟) - ويسأل: أما رأيت يسوع المسيح ربنا؟ وكان من مؤهلات الرسول أن يكون قد رأى المسيح، وكان بولس قد رأى المسيح كما رآه باقي الرسل. ويسأل: ألستم أنتم عملي في الرب؟ (أي عملي الرسولي). إن إيمان أهل كورنثوس دليل على أن بولس رسول المسيح، ويقول: إن كنت لست رسولاً إلى الآخرين من الذين يرفضون رسالتي، فأنا إليكم رسول، لأنكم أنتم الختم الذي يُثبت صحّة رسالتي في الرب.

ثم ينتقل الرسول بولس بعد ذلك ليقول إن حقه الرسولي هو أن الكنيسة تساعده وتدفع له المال الذي يحتاج اليه. اسمعه يقول لهم ما معناه: إن لي الحق أن آكل وأشرب. إن لي الحق مثل باقي الرسل ومثل إخوة الرب ومثل بطرس أن أصحب زوجة مؤمنة. ويقول: أم هل أنا وبرنابا وحدنا نعمل لتحصيل رزقنا؟ ثم يتساءل: أي جندي يحارب والنفقة عليه هو شخصياً؟ من الذي يغرس كرماً ولا يأكل من ثمر الكرم؟ من الذي يرعى قطيعاً ولا يأكل من لبن القطيع؟ ثم يمضي فيقول إن هذا الكلام الذي اقوله لكم لا أقوله من عندي لكن الشريعة تقول هذا. فقد قالت شريعة موسى: لا تضع كمامة على فم الثور وهو يدرس الحبوب (تثنية 25: 4). فهل يقول الله هذه الكلمات عن الثيران؟ لا! بل عن الرسل، فإن الذي يفلح الأرض، والذي يدرس الحبوب يقوم بعمله على رجاء أن ينال نصيبه من الحصاد. والرسول يسأل: إنْ كنت قد زرعت فيكم الخيرات الروحية، فهل كثير عليَّ أن أحصد منكم الخيرات المادية؟ وإذا كان لغيرنا من الناس حق أن يأخذ نصيبه من هذه الخيرات ألسْتُ أنا أَوْلى؟ لكنني لم أستعمل هذا الحق، بل احتملت كل شيء حتى لا أضع عقبة في طريق التبشير بالمسيح، وحتى لا أعطل الكرازة. ويقول إن الكهنة في العهد القديم كانوا يتعيَّشون من تقدمات الهيكل، ومَنْ يخدم المذبح يأخذ نصيبه من الذبائح. وعلى هذا فإن الذين يعلنون بشارة المسيح ينالون رزقهم من التبشير. ويقول الرسول: إني قدمت نفسي مَثلاً، فلم أستعمل أي حق من هذه الحقوق. إنها حقوقي فعلاً، ولا أكون مخطئاً وأنا أطالب بها. ولكني فضَّلت أن أموت على أن يحرمني أحد من أن أقدم الرسالة على نفقتي الشخصية. وهو يقول: أنا لا أكتب اليكم هذا الكلام لأني أطالب بحقوقي، لأنني إذا بشَّرت فلا فخر لي، فانه من المفروض أن أبشر، بل ويل لي إن كنت لا أبشر. فاذا كنت أبشر لأنني أريد ذلك فلي الحق في أجرة. أما إذا كنت لا أبشر بإرادتي - بل أقوم بوصية عُهدت إليَّ - فما هي أجرتي؟ الاجابة: أجرتي أن أبشر مجاناً وأن أتنازل عن حقي من خدمة البشارة الذي هو أجري.

وينتقل الرسول بولس في الآية التاسعة عشرة ليقول إنه تنازل عن حقوقه كمسيحي عادي. فيقول: أنا رجل حر عند الناس، ومع ذلك جعلت نفسي عبداً لهم حتى أربح أكثرهم، ونتيجة لاستعباد نفسي للآخرين بمحض ارادتي صرت لليهود كيهودي لأربح اليهود. وصرت لأهل شريعة موسى كأني من أهل الشريعة - وإن كنت لا أخضع للشريعة - لكي أربح أهل الشريعة. وصرت للذين بلا شريعة كأنني بلا شريعة لأربح الذين هم بلا شريعة، مع أن لي شريعة من الله بخضوعي للمسيح. صرت للضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء. صرت للناس كلهم كل شيء لأخلّص بعضهم بكل وسيلة... أعمل هذا كله في سبيل البشارة لأشارك في خيراتها.

ما أجمل هذه الكلمات التي يكتبها الرسول بولس وهو يُظهر كيف أنه يحب أهل كورنثوس حتى أنه تنازل عن حقوقه كلها من أجلهم. وهي حقوق من حقه فعلاً وتّرتبها له شريعة الرب، ولكنه يتنازل عنها كلها في سبيل خيرهم الأبدي. على أننا نفهم أن إنكار الذات الذي فرضه الرسول على نفسه، والتنازل عن حقوقه المشروعة، هما من المسائل الشخصية الاستثنائية، ولا يمكن أن نطلب من بقية المبشرين العاديين أن يفعلوا ما فعل هو. إنه يحسّ أن هذه الطريقة نافعة بل ربما ضرورية لكرامة الإنجيل وخاصة في بلاد اليونان. وهكذا فقد أقبل كثيرون الى المسيح بواسطة خدمة الرسول بولس المضحّية المعطية التي لا تفكر في نفسها.

عزيزي القارئ، إن أردت أن تربح شخصاً للمسيح، فعليك أن تفكر في هذه القاعدة، وتعمل بها.

آية للحفظ

«ٱلضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لا أُبَشِّرُ» (1كورنثوس 9: 16)

صلاة

أبانا السماوي نحن نشكرك من كل القلب من أجل محبة المسيح لنا. نشكرك لأنه هو الذي تنازل وضحى فعلَّمنا كيف نضحي من أجل الآخرين. ساعدنا لنحب غيرنا. حتى المختلفين معنا. ساعدنا لتكون محبتك هي القانون الأول والأسمى لتصرُّفنا وسلوكنا. أبانا، أعنا لنوصّل رسالة محبتك للنفوس المحتاجة اليها.

سؤال

24 - من أين تعلّم الرسول بولس أن يستعبد نفسه للجميع ليربح الآخرين؟

(ج) مبدأ ضبط النفس

24 أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلَّذِينَ يَرْكُضُونَ فِي ٱلْمَِيْدَانِ جَمِيعُهُمْ يَرْكُضُونَ، وَلٰكِنَّ وَاحِداً يَأْخُذُ ٱلْجَعَالَةَ؟ هٰكَذَا ٱرْكُضُوا لِكَيْ تَنَالُوا. 25 وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. أَمَّا أُولٰئِكَ فَلِكَيْ يَأْخُذُوا إِكْلِيلاً يَفْنَى، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِكْلِيلاً لا يَفْنَى. 26 إِذاً أَنَا أَرْكُضُ هٰكَذَا كَأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ. هٰكَذَا أُضَارِبُ كَأَنِّي لا أَضْرِبُ ٱلْهَوَاءَ. 27 بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ، حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لا أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضاً.

1 فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا أَنَّ آبَاءَنَا جَمِيعَهُمْ كَانُوا تَحْتَ ٱلسَّحَابَةِ، وَجَمِيعَهُمُ ٱجْتَازُوا فِي ٱلْبَحْرِ، 2 وَجَمِيعَهُمُ ٱعْتَمَدُوا لِمُوسَى فِي ٱلسَّحَابَةِ وَفِي ٱلْبَحْرِ، 3 وَجَمِيعَهُمْ أَكَلُوا طَعَاماً وَاحِداً رُوحِيّاً، 4 وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَاباً وَاحِداً رُوحِيّاً - لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَٱلصَّخْرَةُ كَانَتِ ٱلْمَسِيحَ. 5 لٰكِنْ بِأَكْثَرِهِمْ لَمْ يُسَرَّ ٱللّٰهُ، لأَنَّهُمْ طُرِحُوا فِي ٱلْقَفْرِ. 6 وَهٰذِهِ ٱلأُمُورُ حَدَثَتْ مِثَالاً لَنَا، حَتَّى لا نَكُونَ نَحْنُ مُشْتَهِينَ شُرُوراً كَمَا ٱشْتَهَى أُولٰئِكَ. 7 فَلا تَكُونُوا عَبَدَةَ أَوْثَانٍ كَمَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْهُمْ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: جَلَسَ ٱلشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَٱلشُّرْبِ، ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِبِ. 8 وَلا نَزْنِ كَمَا زَنَى أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَسَقَطَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ثَلاثَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً. 9 وَلا نُجَرِّبِ ٱلْمَسِيحَ كَمَا جَرَّبَ أَيْضاً أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَأَهْلَكَتْهُمُ ٱلْحَيَّاتُ. 10 وَلا تَتَذَمَّرُوا كَمَا تَذَمَّرَ أَيْضاً أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَأَهْلَكَهُمُ ٱلْمُهْلِكُ. 11 فَهٰذِهِ ٱلأُمُورُ جَمِيعُهَا أَصَابَتْهُمْ مِثَالاً، وَكُتِبَتْ لإِنْذَارِنَا نَحْنُ ٱلَّذِينَ ٱنْتَهَتْ إِلَيْنَا أَوَاخِرُ ٱلدُّهُورِ. 12 إِذاً مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ فَلْيَنْظُرْ أَنْ لا يَسْقُطَ. 13 لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلا بَشَرِيَّةٌ. وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ أَمِينٌ، ٱلَّذِي لا يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ ٱلتَّجْرِبَةِ أَيْضاً ٱلْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا (1كورنثوس 9: 24 - 10: 13).

ذكر الرسول بولس أن المبدأ الأول هو مبدأ المحبة، فلا يجب أن المؤمنين يجعلون من مسألة اللحم الذي ذُبح للأوثان مسألة انقسام أو اختلاف في الكنيسة، لكنهم يجب أن يتّحدوا بمحبة. وقدم الرسول نفسه مثلاً وقدوة لهم في المحبة والتضحية من أجل الآخرين. وينتقل الرسول إلى مبدأ آخر هو مبدأ ضبط النفس، فإن المؤمن المسيحي يجب أن يرّوض جسده و يقمعه وأن يكبح جماحه حتى لا يصبح مثل الحصان الجامح. وعندما ننظر الى مسألة اللحوم التي تُقدَّم للأوثان يجب أن ننظر إليها من ناحية ترويض النفس وضبطها.

ويقدم الرسول بولس أمثلة من الرياضيين - وقد كانت مدينة كورنثوس مكان إقامة مباريات رياضية عظيمة - فتحدث عن رياضتي الجري والمصارعة، فيقول إن الذين يجرون في السباق، والذين يتصارعون، يضبطون أنفسهم وأجسادهم ويجعلونها تحت سيطرتهم حتى يستطيعوا أن يفوزوا، وهكذا يجب أن يفعل المؤمنون. ولكن هناك فرقاً: واحد فقط من الذين يَجْرون في ميدان السباق ينال الجائزة، أما كل الذين يجرون في سبيل الله فإنهم ينالون جوائز. وهناك فرق آخر: الذي يجري في السباق يمارس ضبط النفس في كل شيء من أجل إكليل يفنى، أما نحن فننال اكليلاً لا يفنى يهبه لنا الرب الديَّان العادل. يقول بولس أنا لا أجري كشخص يجهل الهدف، ولا ألاكم كمن يضرب الهواء، لكنني أستعبد الرغبات الشريرة الموجودة فيَّ، حتى بعد ما بشَّرت غيري لا أكون من الخاسرين الذين يخسرون الجائزة الموضوعة للمتسابقين. ويضرب الرسول بولس مثلاً من مؤمني العهد القديم الذين خسروا الجائزة، مع أنهم كانوا كلهم تحت حماية السحابة مع موسى، وكلهم شربوا من الماء الذي خرج من الصخرة، ولكن بأكثرهم لم يُسرّ الله، فانهم عندما لم يضبطوا أنفسهم أهلكهم الله. حدث هذه كله لنا مثالاً، فلا نشتهي الشر مثلما اشتهوه هم، ولا نعبد الأوثان كما عبدوها هم، ولا نستسلم إلى الزنا مثلما استسلم بعضهم فتكون النتيجة أن الحيات أهلكتهم. ولا يجب أن نتذمر مثلما تذمر بعضهم فأهلكهم ملاك الموت! لقد تبعوا موسى لكنهم لم يضبطوا أنفسهم، فصاروا عبيداً للشهوة، وجربوا الله وتذمروا عليه فخسروا الجائزة. ونحن يجب أن نحذر. حدث هذا كله ليكون مثلاً لنا ينذرنا ويعلِّمنا حتى لانقع في مثل ما وقعوا فيه.

ونحب هنا أن نشرح الآية الرابعة التى تقول: «جميعهم شربوا شراباً واحداً روحياً، لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم، والصخرة كانت المسيح». هذه العبارة تلقي ضوءاً على إيمان بولس بالمسيح الكائن منذ الأزل، مصدر البركة والنعمة حتى في عصر العهد القديم. المسيح هو الصخرة التي بُنيت عليها الكنيسة. هو واهب النعم للوثنيين، وإن كانوا لا يعرفونه. لقد أكل بنو اسرائيل طعاماً روحياً هو المسيح، المن السماوي النازل من السماء (أقرأ خروج 17: 6 - 8 وتثنية 32: 4 ، 18).

ويختم الرسول هذا الجزء بقوله: إذا من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط. فما دام الإنسان على الأرض فهو عرضة للسقوط في التجربة والخطيئة، وليس لأحد أن يتكل على عزمه مهما بلغ من المعرفة والقداسة، بل عليه أن يجتهد أن يسهر ويصلي، لأن طبيعة الإنسان ضعيفة تميل إلى السقوط دائماً، والشيطان منتبه دائماً. فعلى المؤمن أن يجتهد الى أن يدخل أبواب المدينة السماوية. ثم يقول الرسول إنه لم تصبهم تجربة إلا بشرية، لكن الله أمين الذي لا يدعهم يُجرَّبون فوق ما يستطيعون، فهو لا يكلفهم من التجارب غير ما يقدرون عليه، ويهبهم مع التجربة وسيلة النجاة منها والقدرة على احتمالها. قال الرسول هذا لأنه خشي أن ييأس المؤمنون من قوله إنهم عُرضة للسقوط، فإن المؤمنين محروسون بقوة الله للخلاص، وعليهم أن يسهروا ويصلّوا لئلا يدخلوا في تجربة، وعليهم أن يقاوموا إبليس ويجتهدوا في الدخول من الباب الضيق، وسيهبهم الله مع التجربة دوماً وسيلة للنجاة منها، وسوف يعطيهم القدرة على احتمال التجربة.

آية للحفظ

«كُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ» (1كورنثوس 9: 25)

صلاة

يا أبي السماوي اشكرك لأنك تضع أمامي أمثلة من المتسابقين في ميدان الألعاب الرياضية الجسدية، الذين يضبطون أنفسهم فيمتنعون عن طعام يأكله غيرهم، ويبتعدون عن سهر غيرهم يسهره، لكنهم يتنازلون عنه لكي ينتصروا لينالوا اكليلاً من ورود تذبل. اشكرك لأنك تريدني أن أسعى في سبيل اكليل سماوي عظيم. اعطني النعمة لأجاهد، وأضبط نفسي في كل شيء، وأبتعد عن كل ما يعطل اتصالي بك لأكون ابناً مطيعاً لك. نعم يارب أنا أنتظر عونك لي لأنك أمين لا تدعني أُجرَّب فوق ما أستطيع، بل مع التجربة تعطيني منفذاً ووسيلة للنجاة، وتعطيني أن أحتمل التجربة.

سؤال

25 - ما هو المبدأ الثاني من مباديء التعامل مع المؤمنين الذين يختلفون معنا في الفكر؟

(د) مبدأ الإخلاص للمسيح

14لِذٰلِكَ يَا أَحِبَّائِي ٱهْرُبُوا مِنْ عِبَادَةِ ٱلأَوْثَانِ. 15 أَقُولُ كَمَا لِلْحُكَمَاءِ: ٱحْكُمُوا أَنْتُمْ فِي مَا أَقُولُ. 16 كَأْسُ ٱلْبَرَكَةِ ٱلَّتِي نُبَارِكُهَا، أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ ٱلْمَسِيحِ؟ ٱلْخُبْزُ ٱلَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ ٱلْمَسِيحِ؟ 17 فَإِنَّنَا نَحْنُ ٱلْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي ٱلْخُبْزِ ٱلْوَاحِدِ. 18 ٱنْظُرُوا إِسْرَائِيلَ حَسَبَ ٱلْجَسَدِ. أَلَيْسَ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلذَّبَائِحَ هُمْ شُرَكَاءَ ٱلْمَذْبَحِ؟ 19 فَمَاذَا أَقُولُ؟ أَإِنَّ ٱلْوَثَنَ شَيْءٌ، أَوْ إِنَّ مَا ذُبِحَ لِلْوَثَنِ شَيْءٌ؟ 20 بَلْ إِنَّ مَا يَذْبَحُهُ ٱلأُمَمُ فَإِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ لِلشَّيَاطِينِ، لا لِلّٰهِ. فَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ شُرَكَاءَ ٱلشَّيَاطِينِ. 21 لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَشْرَبُوا كَأْسَ ٱلرَّبِّ وَكَأْسَ شَيَاطِينَ. لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَشْتَرِكُوا فِي مَائِدَةِ ٱلرَّبِّ وَفِي مَائِدَةِ شَيَاطِينَ. 22 أَمْ نُغِيرُ ٱلرَّبَّ؟ أَلَعَلَّنَا أَقْوَى مِنْهُ؟ (1كورنثوس 10: 14 - 22)

من أقوى أسباب الامتناع عن الاشتراك في الولائم الوثنية هو أننا بهذا الاشتراك نخون عهد الولاء للمسيح الذي اشتركنا في التناول من جسده ودمه. هذا الاشتراك مع الإله الذي نعبده متضمَّن في كل الذبائح، سواء كانت للإله الحق أم للأرواح الشريرة. فمع أننا قلنا إن الوثن لا شيء، لكن الذين يقدّمون الذبائح للأوثان يضعون أنفسهم في قبضة الأرواح الشريرة. فإن كنا نرغب في أن نعيش في شركة مع ربنا، علينا أن نبتعد عن الاندماج في عبادة الوثنيين. ويقول الرسول لأهل كورنثوس: كأس البركة التي نباركها، أَمَا هي مشاركة في جسد المسيح؟ فنحن كثيرون، ولكن عندما نتناول نصبح جسداً واحداً، لأننا نأكل خبزاً واحداً، وكلنا نشترك في هذا الخبز الواحد. وقدم الرسول بولس مثلاً آخر من العهد القديم، ففي العبادة اليهودية ذبائح يشترك العابدون في أكلها، وهذا يعني الاعتراف برب تلك العبادة والاتحاد به. إذاً لا يجوز للمؤمنين أن يشتركوا في ولائم الهياكل الوثنية. ولكن هذا لا يعني أن للوثن كياناً، ولا يعنى أن لذبيحة الوثنى قيمة، بل يعني أن ذبائح الوثنيين هي ذبائح الشياطين وليست هي ذبائح لله. ولذلك فإن الرسول لا يريد للمؤمنين المسيحيين أن يكونوا شركاء شياطين. وهم لا يقدرون أن يشربوا كأس الرب وفي نفس الوقت يجلسون في الحفلات الوثنية يشربون كأس الشياطين، ولا يقدرون أن يشتركوا في مائدة الرب يسوع وفي نفس الوقت يأكلون من مائدة الشياطين. فإذا أكل المسيحيون من مائدة الشياطين فإنهم يهيّجون ضدهم غيرة الرب لتفنيهم، كما تهيَّجت غيرة الرب قديماً على الذين بعُدوا عن عبادة الله وعبدوا الأوثان. ويتساءل الرسول: هل نريد أن نثير غيرة الرب؟ هل نحن أقوى منه؟

عزيزي القارئ، هذه هي المبادئ الثلاثة التي يضعها الرب أمامك بالنسبة للمشاركة في الاحتفالات غير المسيحية.

المبدأ الأول: انك تحب غيرك ولا تثير انقساماً بين المؤمنين بسبب اختلاف في الرأي.

ثم أن تضبط نفسك، بأن تبتعد عن كل ما يعطل صلتك بالرب.

ثم أن تراعي إخلاصك للمسيح وولاءك له، فإن إخلاصك للمسيح يجب أن يجئ قبل كل شيء.

آية للحفظ

«فَإِنَّنَا نَحْنُ ٱلْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي ٱلْخُبْزِ ٱلْوَاحِدِ» (1كورنثوس 10: 17)

صلاة

أبانا السماوي، نصلي أن تجعل ولاءنا وإخلاصنا لك فوق كل ولاء. نطلب أن تعيننا ليكون خضوعنا لك هو أول شيء في حياتنا. ابعدنا يارب بنعمتك عن كل ما يعطل اتصالنا بك.

سؤال

26 - ما هو المبدأ الثالث في معاملتنا مع الأشياء التي تختلف مع العبادة المسيحية؟

(هـ) ملخص لما قاله بولس

23 كُلُّ ٱلأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي، لٰكِنْ لَيْسَ كُلُّ ٱلأَشْيَاءِ تُوافِقُ. كُلُّ ٱلأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي، وَلٰكِنْ لَيْسَ كُلُّ ٱلأَشْيَاءِ تَبْنِي. 24 لا يَطْلُبْ أَحَدٌ مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مَا هُوَ لِلآخَرِ. 25 كُلُّ مَا يُبَاعُ فِي ٱلْمَلْحَمَةِ كُلُوهُ غَيْرَ فَاحِصِينَ عَنْ شَيْءٍ، مِنْ أَجْلِ ٱلضَّمِيرِ، 26 لأَنَّ لِلرَّبِّ ٱلأَرْضَ وَمِلأَهَا. 27 وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يَدْعُوكُمْ، وَتُرِيدُونَ أَنْ تَذْهَبُوا، فَكُلُّ مَا يُقَدَّمُ لَكُمْ كُلُوا مِنْهُ غَيْرَ فَاحِصِينَ، مِنْ أَجْلِ ٱلضَّمِيرِ. 28 وَلٰكِنْ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هٰذَا مَذْبُوحٌ لِوَثَنٍ فَلا تَأْكُلُوا مِنْ أَجْلِ ذَاكَ ٱلَّذِي أَعْلَمَكُمْ، وَٱلضَّمِيرِ. لأَنَّ لِلرَّبِّ ٱلأَرْضَ وَمِلأَهَا 29 أَقُولُ ٱلضَّمِيرُ - لَيْسَ ضَمِيرَكَ أَنْتَ، بَلْ ضَمِيرُ ٱلآخَرِ. لأَنَّهُ لِمَاذَا يُحْكَمُ فِي حُرِّيَّتِي مِنْ ضَمِيرِ آخَرَ؟ 30 فَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَتَنَاوَلُ بِشُكْرٍ، فَلِمَاذَا يُفْتَرَى عَلَيَّ لأَجْلِ مَا أَشْكُرُ عَلَيْهِ؟ 31 فَإِذَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ أَوْ تَشْرَبُونَ أَوْ تَفْعَلُونَ شَيْئاً، فَٱفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ ٱللّٰهِ. 32 كُونُوا بِلا عَثْرَةٍ لِلْيَهُودِ وَلِلْيُونَانِيِّينَ وَلِكَنِيسَةِ ٱللّٰهِ. 33 كَمَا أَنَا أَيْضاً أُرْضِي ٱلْجَمِيعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، غَيْرَ طَالِبٍ مَا يُوافِقُ نَفْسِي، بَلِ ٱلْكَثِيرِينَ، لِكَيْ يَخْلُصُوا.

(ص 11: 1) كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضاً بِٱلْمَسِيحِ (1كورنثوس 10: 23 - 11: 1).

بعد أن ذكر الرسول بولس المبادئ الثلاثة التي يجب أن نطبّقها في معاملاتنا مع الأشياء المختَلَف عليها: مبدأ المحبة - مبدأ ضبط النفس - مبدأ الإخلاص للمسيح. وبعد أن قدّم نفسه مثالاً في المحبة وتنازله عما يعتقد أنه من حقه من أجل خير ضميره، يلخّص لنا هذه الأشياء كلها. فيقول: عليكم أن تدركوا أن هناك قيوداً حكيمة على قولنا «كل الأشياء تحلّ لي». وعليكم أن تتبعوا المثال الذي قدمته لكم في رعاية أصحاب الضمائر الحساسة. عليكم أن لا تشتركوا أبداً في وليمة تُقام في هيكل للأوثان. لكن حين يُباع اللحم في الأسواق فأنتم لستم مقيَّدين أن تسألوا عن مصدره. وإذا دعاكم شخص غير مسيحي لتأكلوا طعاماً في بيته، فكُلوا مما يُقدَّم لكم بدون شك ولا تزمُّت. على أنه إذا قيل لكم صراحة في مأدبة ما إن الطعام سبق تقديمه للوثن، فعليكم أن تمتنعوا عن أكله، لا لأن هذا يضركم، لكن خوفاً من أن تؤذوا ضمير الرجل الذي أنبأكم به. المبدأ الهام هو أن نسعى جميعاً إلي مجد الله في كل شيء. وهذا يقودنا أن نفكر لا في خلاص أنفسنا فقط، بل في خلاص كل الذين يمتُّون إلينا بصِلة. هذا هو الغرض الذي نسعى إليه. لأن هذا هو الطريق لاتّباع المسيح. لا شيء ممنوع عن المؤمن، لأن المسيح حررنا من الناموس - من الشريعة وطلباتها وفرائضها - فالخمر واللهو والرقص لا تُهلك المؤمن الثابت في المسيح، لأن حياة الله أقوى من تجارب الشيطان، وكل ما خلقه الله هو ملك لله، وتحت تصرُّف أولاد الله. إن حرية المسيحي الناضج حرية كبيرة لكن محبته لله أعظم. ومن يثبت في المحبة لا ينتبه إلى الحرية بل يضحي بوقته وماله للناس. هل نتبع المسيح الذي بذل نفسه فدية عن الكثيرين؟ هل حررتك شركة المسيح من أنانية لهوك السطحي فتبتعد عن الغرور وتطلب ما لغيرك؟ إن المحبة تجعل المؤمن منّا خادماً للمتعَبين الذين من حوله وللضعفاء. عليك أن تحب الضالين والأشرار والضعفاء كما أحبهم المسيح ومات من أجلهم.

آية للحفظ

«فَإِذَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ أَوْ تَشْرَبُونَ أَوْ تَفْعَلُونَ شَيْئاً، فَٱفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ ٱللّٰهِ» (1كورنثوس 10: 31)

صلاة

أبي السماوي أشكرك لأجل الحرية التي أعطيتها لي في المسيح، أشكرك لأن محبتك تحصرنا. اشكرك لأن الحرية تجعل كل شيء يحل لي، لكنها تعلمني أن ليس كل الأشياء توافقني، وأن ليس كل الأشياء تبنيني، وأنه لا يجب أن لا يتسلط على شيء. أعطني أن أدرك أنك مالك لكل شيء، وهبني النعمة أن أتمسك بالمسيح.

سؤال

27 - لماذا يجب أن تمتنع عن عمل شيء، إذا نبَّهك أحد إلى أن هذا الذي تعمله خطأ؟

المسابقة الأولى في دراسة كورنثوس الأولى

أيها القارئ العزيز

إن تعمقت في دراسة الكتاب المقدس وتفسيره تستطيع أن تجاوب بسهولة على الأسئلة الموجودة في نهاية كل جزء من أجزاء الرسالة. إن جاوبت إجابة صحيحة على عشرين سؤالاً من الأسئلة السبعة والعشرين، نرسل لك كتاباً جائزة، تختاره أنت من قائمة الكتب الموجودة في نهاية هذا الكتاب.

  1. كيف تبرهن ألوهية المسيح مما جاء في كورنثوس الأولى 1: 2 ، 3 ؟

  2. ما هو المطلوب منّا لنستطيع أن نعيش حياة توقُّع مجئ المسيح ثانية من السماء؟

  3. كيف تعمل على توحيد جسد المسيح اليوم؟

  4. ما هو معنى أن صليب المسيح هو قوة الله وحكمة الله؟

  5. من هم الذين يقبلون خلاص الله بالصليب؟

  6. من 1 كورنثوس 2: 4 كيف ترى مصدر قوة خدمة بولس الرسول؟

  7. من هم الكاملون المذكورون في 1كورنثوس 2: 6 ؟

  8. أي نوع من الناس يقدر أن يرى في الصليب قوة الله وحكمته ؟

  9. على أى أساس يجب أن نبني إيماننا المسيحي؟

  10. ما هو الخطأ في أن يفتخر أحدنا بالانتساب لأحد البشر - ولماذا يجب أن يكون الانتساب والافتخار بالمسيح وحده؟

  11. لماذا لا يجب أن تحكم على الناس، وخصوصاً الذين يخدمون الله؟

  12. ما هي علامة الخادم الأمين للمسيح؟

  13. اشرح معنى قول الرسول بولس «لأني أنا ولدتُكم في المسيح يسوع بالإنجيل».

  14. ما معنى أن المسيح فصحنا قد ذُبح لأجلنا؟

  15. لماذا لا يجب أن تدين الذين هم من خارج الكنيسة؟

  16. لماذا لا يجب على المؤمن أن يشتكي أخاه المؤمن في المحاكم المدنية؟

  17. لماذا يجب أن يهرب المؤمن من الزنا؟

  18. ما هي أسس الزواج المسيحي السعيد؟

  19. على أي أساس بنى الرسول بولس أمره بعدم الطلاق؟

  20. اذكر سبباً يجعل الشريك المؤمن يحتفظ بشريكه غير المؤمن في رابطة الزواج؟

  21. لماذا قال الرسول بولس إن الذي يزّوج «حسناً يفعل» ومن لا يزّوج «يفعل أحسن»؟

  22. لماذا يجب أن يكون الزواج في الرب فقط؟

  23. اذكر المبدأ الأول في المعاملات مع المؤمنين الذين يختلفون معنا في الفكر؟

  24. من أين تعلَّم الرسول بولس أن يستعبد نفسه للجميع لربح الآخرين؟

  25. ما هو المبدأ الثاني من مبادئ التعامل مع المؤمنين الذين يختلفون معنا في الفكر؟

  26. ما هو المبدأ الثالث في معاملاتنا مع الأشياء التي تختلف مع العبادة المسيحية؟

  27. لماذا يجب أن تمتنع عن عمل شيء إذا نبَّهك أحد إلى أن الذي تعمله خطأ؟

عنواننا:


Call of Hope
P.O.Box 100827 
D-70007 
Stuttgart 
Germany

إن أرسلت إجابة هذه المسابقة إلينا، فلا تنس أن تذكر اسمك وعنوانك بالكامل وبوضوح.

3 - أسئلة عن العبادات الصحيحة (1كورنثوس 11: 2 - 34)

بعد أن تحدث الرسول بولس عن اجتناب العبادة الوثنية يتحدث عن السلوك في المبادئ العامة المسيحية. ويذكر هنا أمرين:

  1. تقاليد العبادة المسيحية (11: 2 - 16)

  2. طريقة ممارسة عشاء الرب (11: 17 - 34)

يعالج الرسول بولس في هذا الجزء فكرتين عن العبادة المسيحية، الفكرة الأولى يوبخ على ظهور النساء مكشوفات الرؤوس، ويتحدث عن تقاليد العبادة المسيحية (11 : 2 - 16).

وفي الجزء الثاني من هذا الأصحاح يوبّخ على إساءة ممارسة العشاء الرباني، ويوضح طريقة ممارسته (11: 17 - 34).

(أ) تقاليد العبادة المسيحية

2 فَأَمْدَحُكُمْ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ عَلَى أَنَّكُمْ تَذْكُرُونَنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَتَحْفَظُونَ ٱلتَّعَالِيمَ كَمَا سَلَّمْتُهَا إِلَيْكُمْ. 3 وَلٰكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ كُلِّ رَجُلٍ هُوَ ٱلْمَسِيحُ. وَأَمَّا رَأْسُ ٱلْمَرْأَةِ فَهُوَ ٱلرَّجُلُ. وَرَأْسُ ٱلْمَسِيحِ هُوَ ٱللّٰهُ. 4 كُلُّ رَجُلٍ يُصَلِّي أَوْ يَتَنَبَّأُ وَلَهُ عَلَى رَأْسِهِ شَيْءٌ، يَشِينُ رَأْسَهُ. 5 وَأَمَّا كُلُّ ٱمْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغَطّىً، فَتَشِينُ رَأْسَهَا، لأَنَّهَا وَٱلْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ. 6 إِذِ ٱلْمَرْأَةُ، إِنْ كَانَتْ لا تَتَغَطَّى، فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا. وَإِنْ كَانَ قَبِيحاً بِٱلْمَرْأَةِ أَنْ تُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ، فَلْتَتَغَطَّ. 7 فَإِنَّ ٱلرَّجُلَ لا يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ ٱللّٰهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا ٱلْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ ٱلرَّجُلِ. 8 لأَنَّ ٱلرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ ٱلْمَرْأَةِ، بَلِ ٱلْمَرْأَةُ مِنَ ٱلرَّجُلِ. 9 وَلأَنَّ ٱلرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ ٱلْمَرْأَةِ، بَلِ ٱلْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ ٱلرَّجُلِ. 10 لِهٰذَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ يَكُونَ لَهَا سُلْطَانٌ عَلَى رَأْسِهَا، مِنْ أَجْلِ ٱلْمَلائِكَةِ. 11 غَيْرَ أَنَّ ٱلرَّجُلَ لَيْسَ مِنْ دُونِ ٱلْمَرْأَةِ، وَلا ٱلْمَرْأَةُ مِنْ دُونِ ٱلرَّجُلِ فِي ٱلرَّبِّ. 12 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلْمَرْأَةَ هِيَ مِنَ ٱلرَّجُلِ، هٰكَذَا ٱلرَّجُلُ أَيْضاً هُوَ بِٱلْمَرْأَةِ. وَلٰكِنَّ جَمِيعَ ٱلأَشْيَاءِ هِيَ مِنَ ٱللّٰهِ. 13 ٱحْكُمُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: هَلْ يَلِيقُ بِٱلْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى ٱللّٰهِ وَهِيَ غَيْرُ مُغَطَّاةٍ؟ 14 أَمْ لَيْسَتِ ٱلطَّبِيعَةُ نَفْسُهَا تُعَلِّمُكُمْ أَنَّ ٱلرَّجُلَ إِنْ كَانَ يُرْخِي شَعْرَهُ فَهُوَ عَيْبٌ لَهُ؟ 15 وَأَمَّا ٱلْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ تُرْخِي شَعْرَهَا فَهُوَ مَجْدٌ لَهَا، لأَنَّ ٱلشَّعْرَ قَدْ أُعْطِيَ لَهَا عِوَضَ بُرْقُعٍ. 16 وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُظْهِرُ أَنَّهُ يُحِبُّ ٱلْخِصَامَ، فَلَيْسَ لَنَا نَحْنُ عَادَةٌ مِثْلُ هٰذِهِ، وَلا لِكَنَائِسِ ٱللّٰهِ (1كورنثوس 11: 2 - 16).

في هذا الأصحاح يصحّح الرسول بولس بعض الأخطاء التي وقعت في عبادة كنيسة كورنثوس، فبعض النساء المؤمنات خالفْنَ العادة التي كانت جارية في كورنثوس (ولم تزل جارية في بلاد كثيرة حتى اليوم) وهي أن تغطي المرأة رأسها في الاجتماعات العامة. وكانت تغطية الرأس علامة على الحشمة وعلى خضوع المرأة لزوجها. كانت المرأة في عصر بولس إذا خرجت من بيتها بلا غطاء على رأسها حُسبت بلا حياء وبلا خضوع لزوجها. فلم يكن الرسول بولس يريد للسيدات المسيحيات أن يظهرْنَ في صورة تختلف عن الصورة التي يقبلها المجتمع، ولم يكن يريد استفزازاً للمجتمع حتى يسئ الحكم على المرأة المسيحية. لقد أعطت المسيحية المرأة حرية حقيقية، وأعْلَت من شأنها، وجعلتها مساوية للرجل، فكان أن بعض النساء أخذن هذه الحرية المسيحية وجعلنها جوازاً لكسر تقاليد تغطية الرأس، الأمر الذي ضايق أهل ذلك الزمان. وينادي الرسول بولس بضرورة خضوع الزوجة لزوجها. ويضع في الآية الثالثة مبدأ جوهرياً يعلّمنا شيئاً كثيراً. يقول فيه «ولكن أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح، وأما رأس المرأة فهو الرجل، ورأس المسيح هو الله». فرأس كل رجل هو المسيح. فالمسيح رأس المؤمنين وهو القائد، وعلى الرجل أن يخضع للمسيح باعتبار أنه قائده. ورأس المرأة هو الرجل، فيلزم من ذلك أن تخضع المرأة التقية لرجلها، وتُظهِر ذلك في ملابسها وسيرتها وكلامها. وليس معنى هذا بالطبع أن المسيح ليس رأس المرأة المؤمنة، ففي المسيح ليس عبد ولا حر وليس ذكر ولا أنثى، لأنكم جميعاً واحد في المسيح (غلاطية 3: 28). ولكن الرسول يقصد أنه بمقتضى هذا النظام الذي وضعه الله تكون المرأة خاضعة لزوجها. ثم يقول الرسول إن رأس المسيح هو الله، فعندما تجسد المسيح، أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شِبْه الناس (فيلبي 2: 7) وهكذا كان خاضعاً لله. وكان المسيح يذكر دائماً خضوعه التطوعي للآب في الفداء، وبذلك ترك لنا مثالاً في الخضوع لمن هو فوقنا.

وخضوع المرأة للرجل لا يمنع مساواتها له في الطبيعة البشرية، ولا يمنع مساواتها له أمام الله، ولكنه لترتيب الحياة العائلية والاجتماعية. وقد ذكر الرسول أن الله سنَّ على المرأة الخضوع لزوجها، ولهذا لا يليق أن يلبس الرجل ما يكون علامة الخضوع، ولا أن تطرح المرأة غطاء الرأس الذي هو علامة الخضوع. ويذكر الرسول أن خروج المرأة غير مغطاة الرأس يشبه قصّ شعرها تماماً - كلاهما أمر مكروه، يخدش منظر المرأة أمام الناس. ولذلك فيجب أن يختلف مظهر المرأة وملبسها عن مظهر الرجال وملبسهم.

ولقد تبيَّن من تاريخ الخليقة أن الله قصد أن تكون المرأة خاضعة للرجل، فقد خلق المرأة من أجل الرجل، ولم يخلق الرجل من أجل المرأة، لذلك يجب على المرأة أن تغطي نفسها علامة الخضوع لزوجها، وذلك من أجل الملائكة - الذين يحضرون اجتماعات الكنيسة غير منظورين - ولقد قيل عنهم إنهم يفرحون بتوبة خاطىء واحد (لوقا 15: 10) وإنهم أرواح لخدمة العتيدين أن يرثوا الخلاص (عب 1: 14) وكان الرسول قد قال اننا صرنا منظراً للعالم، للملائكة والناس (1كورنثوس 4: 9).

والطبيعة نفسها تحكم أنه عار على الرجل أن يلبس ملابس المرأة، وعار على المرأة أن تلبس ملابس الرجل. والرسول يقول «احكموا أنتم لأنفسكم: هل يليق بالمرأة أن تصلي لله وهي مكشوفة الرأس؟ أَمَا تعلّمكم الطبيعة نفسها أنه من العار للرجل أن يطيل شعره؟ ولكن من الفخر للمرأة أن تطيل شعرها، لأن الله جعل شعر المرأة ستراً لها». ويمضي الرسول بعد ذلك ليقول «إذا كان أحد يعارض هذا الذي أقوله فليست هذه عادتنا وليست هذه عادة كنيسة الله، لأن للرسول سلطاناً يجب أن تخضع له الكنائس».

عزيزي القارئ، يريد الرسول بولس أن تكون ملابسنا متفقة مع تقاليد المجتمع الذي نحيا فيه، ومع عادات الكنيسة الجامعة، فنحن لا يجب أن نفعل شيئاً في كنائسنا يختلف مع التقاليد المحيطة بنا، لئلا يسئ الناس الحكم علينا. وعلى ذلك فإننا يجب أن نتوافق مع المجتمع المحيط بنا. وسأضرب مثلاً: منذ سنوات طويلة كان الرجال يلبسون الطربوش أو العمامة ويخلعون الحذاء دلالة على الاحترام والتوقير. هذه العادة تغيَّرت. لو كنا في وقت ومكان نعبّر فيه عن احترامنا بارتداء غطاء للرأس وخَلْع الحذاء، لوَجَب أن نفعل ذلك. لكن بما أن الحال يتغير، فالمبدأ قائم وهو أن لا نسبّب للآخرين عثرة. وتطبيق المبدأ هو أن تكون ملابسنا ومظهرنا مناسبَيْن للمجتمع الذي نحيا فيه.. ان لطف المسيح في قلوبنا دائم باق، أما تقاليد المجتمع فإنها شيء خارجي يتغيّر.

آية للحفظ

«ٱلرَّجُلَ لَيْسَ مِنْ دُونِ ٱلْمَرْأَةِ، وَلا ٱلْمَرْأَةُ مِنْ دُونِ ٱلرَّجُلِ فِي ٱلرَّبِّ» (1كورنثوس 11: 11)

صلاة

أبانا السماوي، نشكرك لأنك تعلّمنا أن لا نسئ إلى أحد بتصرفاتنا. بل أن نكون قدوة حسنة حتى لا يتحدث أحد ضد المسيح. ساعدنا يارب لنتوافق مع مجتمعنا في ما لا يعطّل شهادتنا. وساعدنا لنحب الآخرين بكل قلوبنا وأن نعبّر عن هذه المحبة من نحوهم بطريقة عملية.

سؤال

1 - هل خضوع المرأة لزوجها يعني أنها أقل من الرجل؟

(ب) طريقة ممارسة العشاء الربانى

17 وَلٰكِنَّنِي إِذْ أُوصِي بِهٰذَا، لَسْتُ أَمْدَحُ كَوْنَكُمْ تَجْتَمِعُونَ لَيْسَ لِلأَفْضَلِ، بَلْ لِلأَرْدَإِ. 18 لأَنِّي أَّوَلاً حِينَ تَجْتَمِعُونَ فِي ٱلْكَنِيسَةِ، أَسْمَعُ أَنَّ بَيْنَكُمُ ٱنْشِقَاقَاتٍ، وَأُصَدِّقُ بَعْضَ ٱلتَّصْدِيقِ. 19 لأَنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَكُمْ بِدَعٌ أَيْضاً، لِيَكُونَ ٱلْمُزَكَّوْنَ ظَاهِرِينَ بَيْنَكُمْ. 20 فَحِينَ تَجْتَمِعُونَ مَعاً لَيْسَ هُوَ لأَكْلِ عَشَاءِ ٱلرَّبِّ. 21 لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْبِقُ فَيَأْخُذُ عَشَاءَ نَفْسِهِ فِي ٱلأَكْلِ، فَٱلْوَاحِدُ يَجُوعُ وَٱلآخَرُ يَسْكَرُ. 22 أَفَلَيْسَ لَكُمْ بُيُوتٌ لِتَأْكُلُوا فِيهَا وَتَشْرَبُوا؟ أَمْ تَسْتَهِينُونَ بِكَنِيسَةِ ٱللّٰهِ وَتُخْجِلُونَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ؟ مَاذَا أَقُولُ لَكُمْ! أَأَمْدَحُكُمْ عَلَى هٰذَا؟ لَسْتُ أَمْدَحُكُمْ! 23 لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ ٱلرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضاً: إِنَّ ٱلرَّبَّ يَسُوعَ فِي ٱللَّيْلَةِ ٱلَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزاً 24 وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ: خُذُوا كُلُوا هٰذَا هُوَ جَسَدِي ٱلْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. ٱصْنَعُوا هٰذَا لِذِكْرِي. 25 كَذٰلِكَ ٱلْكَأْسَ أَيْضاً بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلاً: هٰذِهِ ٱلْكَأْسُ هِيَ ٱلْعَهْدُ ٱلْجَدِيدُ بِدَمِي. ٱصْنَعُوا هٰذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي. 26 فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هٰذَا ٱلْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هٰذِهِ ٱلْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ. 27 إِذاً أَيُّ مَنْ أَكَلَ هٰذَا ٱلْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ ٱلرَّبِّ، بِدُونِ ٱسْتِحْقَاقٍ، يَكُونُ مُجْرِماً فِي جَسَدِ ٱلرَّبِّ وَدَمِهِ. 28 وَلٰكِنْ لِيَمْتَحِنِ ٱلإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَهٰكَذَا يَأْكُلُ مِنَ ٱلْخُبْزِ وَيَشْرَبُ مِنَ ٱلْكَأْسِ. 29 لأَنَّ ٱلَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بِدُونِ ٱسْتِحْقَاقٍ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ دَيْنُونَةً لِنَفْسِهِ، غَيْرَ مُمَيِّزٍ جَسَدَ ٱلرَّبِّ. 30 مِنْ أَجْلِ هٰذَا فِيكُمْ كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى، وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ. 31 لأَنَّنَا لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لَمَا حُكِمَ عَلَيْنَا، 32 وَلٰكِنْ إِذْ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا نُؤَدَّبُ مِنَ ٱلرَّبِّ لِكَيْ لا نُدَانَ مَعَ ٱلْعَالَمِ. 33 إِذاً يَا إِخْوَتِي حِينَ تَجْتَمِعُونَ لِلأَكْلِ، ٱنْتَظِرُوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. 34 إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَجُوعُ فَلْيَأْكُلْ فِي ٱلْبَيْتِ، كَيْ لا تَجْتَمِعُوا لِلدَّيْنُونَةِ. وَأَمَّا ٱلأُمُورُ ٱلْبَاقِيَةُ فَعِنْدَمَا أَجِيءُ أُرَتِّبُهَا (1كورنثوس 11: 17 - 34).

اعتاد المسيحيون الأّولون أن يقيموا عشاء اسمه «وليمة المحبة» ليتعشوا معاً قبل أن يتناولوا العشاء الرباني. وكان كل واحد منهم يجئ من بيته ببعض الطعام، ثم يجلس الجميع معاً ليأكلوا، وذلك قبل التناول من العشاء الرباني. وقد جاء في سفر الأعمال القول «وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ ٱلرُّسُلِ، وَٱلشَّرِكَةِ، وَكَسْرِ ٱلْخُبْزِ، وَٱلصَّلَوَاتِ... وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ ٱلْخُبْزَ فِي ٱلْبُيُوتِ، كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ ٱلطَّعَامَ بِٱبْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ» (أعمال 2: 42 ، 46). ولعل المؤمنين الأولين تبعوا هذه العادة على مثال ما فعل المسيح الذي تناول عشاء الفصح مع تلاميذه، ثم رسم لهم فريضة العشاء الرباني. فكان كل مؤمن يأتي بطعام يضعه على المائدة ليشاركه الجميع فيه. كان الغني يأتي بالكثير والفقير يأتي بقليل أو بلا شيء، وكان المقصود بتلك الوليمة الاتحاد والمساواة والشركة بين جماعة المؤمنين. ولكن ما حدث في كورنثوس كان مختلفاً، فقد انقسمت الكنيسة وصارت فيها تحّزُبات، ظهر تأثيرها على مائدة المسيح، فانفرد الأغنياء عن الفقراء وأكلوا ما أتوا به من أطعمة كثيرة، وتركوا إخوتهم الفقراء في جوع وخجل. وأخذ الرسول بولس يُصلح هذا الخلل الذي حدث في اجتماعاتهم فيقول إن هذا الأسلوب يؤذيكم ولا ينفعكم. وذكر الرسول أن انقسامهم ظهر في اجتماعاتهم الدينية، وأن الله لم يمنع حدوث هذا حتى يتبيَّن صالحهم من شريرهم. يقول: حين تجتمعون تنقسمون، ولابد من البدع فيما بينكم ليظهر فيكم الثابتون في الإيمان. ثم يمضي الرسول فيقول إنهم استهانوا «بعشاء المحبة» لأنهم جعلوه مساوياً للعشاء العادي، فكان بعضهم يتناول بشراهة، وينصرف بعضهم دون أن يذوق منه شيئاً. يقول: أنتم لا تأكلون عشاء الرب حين تجتمعون، بل يأكل كل واحد منكم عشاءً خاصاً، فيجوع بعضكم ويسكر الآخرون. ويوبخهم الرسول بولس على ذلك قائلاً: «أليس لكم بيوت تأكلون فيها وتشربون؟ أم أنكم تستهينون بكنيسة الله وتُخجلون الفقراء؟ لا لستُ أمدحكم أبداً عن هذا الأمر، على العكس أنا أوبخكم!» ومن هذا نرى الغلطتين اللتين وقع فيهما أهل كورنثوس وهما:

  1. إنهم تناولوا «عشاء المحبة» سداً لجوعهم خلافاً لما قُصد به.

  2. إنهم جعلوا « عشاء المحبة» وسيلة لإذلال إخوتهم الفقراء.

بعد ذلك أوضح الرسول بولس فى الآيات 23 - 25 الطريقة الصحيحة لممارسة العشاء الرباني، التي تسلَّمها من المسيح نفسه، وهي أن المسيح في الليلة التي أُسلم فيها أخذ خبزاً وصلى صلاة شكر، ثم كسر وأعطى تلاميذه قائلاً: خذوا كلوا! هذا هو جسدي المكسور لأجلكم. اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري. ومن هذا يتضح:

  1. إن العشاء الرباني ليس عشاء عادياً، بل هو تذكار لموت المسيح.

  2. إن تناول العشاء الرباني بطريق غير لائق هو خطأ الى جسد المسيح ودمه واستخفاف بهما.

  3. إنه لا يليق أن يقترب أحد الى مائدة الرب بدون امتحان للنفس.

  4. تناولنا يجعلنا نخبر بموت الرب.

  5. تناولنا يجعلنا ننتظر مجئ المسيح ثانية.

والرسول يقول إنه بسبب نقص استعدادهم في التناول من العشاء الرباني أوقع الرب عليهم ضربات كثيرة. فقد كثُر فيهم المرضى والضعفاء، ومات بعضهم. ولو كانوا قد امتحنوا أنفسهم قبل التناول، لينقّوا قلوبهم من الخطأ، لتجنَّبوا الحكم الذي أوقعه الرب عليهم. ولكن الرب يدينهم ويؤدبهم ليجنبهم الدينونة الآتية على البشر جميعاً. ولذلك فإن الرسول يطلب من المؤمنين أن يمتحن كل واحد نفسه. وإذ يكتشف أنه مخطئ ومقصّر، فان عليه أن يعترف ويتوب، وعندئذ يستطيع أن يأكل من الخبز وأن يشرب من الكأس، فإن الله لا يدعو البار، لكنه يدعو الخاطئ التائب. وبعد ذلك ينصح الرسول أهل كورنثوس أن يأكلوا العشاء العادي في بيوتهم، وأن يجعلوا عشاء الرب مشاركة للمسيح ومشاركة بعضهم لبعض. عزيزي القارئ، أنت مطالب أن تفحص نفسك دائماً قبل أن تتقدم لتتناول، وأن تصفي الحساب بينك وبين الله وبينك وبين الآخرين، حتى لا تتناول دينونة لنفسك، لأنك لا تميز جسد الرب - لكن تتناول بركة لحياتك لأنك تحسّ بوحدانيتك مع المسيح.

آية للحفظ

«فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هٰذَا ٱلْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هٰذِهِ ٱلْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ» (1كورنثوس 11: 26)

صلاة

يا أبانا السماوي نقدم لك الشكر لأجل فريضة العشاء الرباني التي فرضها المسيح علينا ورسمها لنا. نشكرك لأنها بركة لنا، فإنها تذكّرنا بما فعلت لنا، وتجعلنا واحداً بعضنا مع بعض، إذ نأكل الخبز الواحد ونشرب الكأس الواحد، وتشير لنا الى أن ننتظر مجيئك فنخبر بموتك حتى تجئ إلينا ثانياً. ربنا باركنا لنكون مستحقين أن نتناول من مائدتك بفضل ما فعل المسيح لأجلنا.

سؤال

2 - لماذا نتناول من فريضة عشاء الرب؟ اكتب آية لتوضح كل سبب مما تذكره.

4 - المواهب الروحية (1كورنثوس 12: 1 - 14: 40)

في هذا الجزء يتحدث الرسول بولس عن المواهب الروحية، فقد أنبأ الله بأفواه الأنبياء أنه سيسكب روحه على كل بشر، فيتنبأ بنوهم وبناتهم، ويحلم شيوخهم أحلاماً، ويرى شبابهم رؤى، وعلى العبيد أيضاً وعلى الإماء يسكب من روحه (يوئيل 2: 28 ، 29). وقد وعد المسيح تلاميذه قبل الصليب بأنه سيرسل اليهم المعزي - الروح القدس - ليعلم الكنيسة وليرشدها. وقال بعد قيامته «وَهٰذِهِ ٱلآيَاتُ تَتْبَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ ٱلشَّيَاطِينَ بِٱسْمِي، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ. يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ، وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئاً مُمِيتاً لا يَضُرُّهُمْ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى ٱلْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ» (مرقس 16: 17 ، 18). وقال المسيح قبل صعوده «سَتَتَعَمَّدُونَ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، لَيْسَ بَعْدَ هٰذِهِ ٱلأَيَّامِ بِكَثِيرٍ» (أعمال 1: 5). ولقد تمّت تلك المواعيد منذ يوم الخمسين. وقد امتازت أيام العهد الجديد عن الأيام التي قبلها بكثرة المواهب الروحية التي أعطاها الله للمؤمنين مع تنّوُع تلك المواهب وعمومها، إذ كانت للرجال وللنساء وللشيوخ وللأحداث.

ولا عجب من حدوث تشويش في الكنيسة في مثل هذه الأحوال، فيدَّعي البعض أنهم مُلهَمون بالروح القدس، ويكونون خادعين أو مخدوعين. وبعض المؤمنين لم يكتفوا بما نالوه من المواهب، فحسدوا غيرهم ظانّين أنهم أخذوا مواهب أكثر منهم. وبعضهم انتفخ وتكبَّر بما حصل عليه من المواهب، وطلب لنفسه شهرة. ونتيجة لهذه الأمور كلها حدثت بلبلة في الكنيسة، وتكلم عدة أشخاص منهم في وقت واحد. ولقد وهب الله الرسول بولس حكمة فائقة وألهمه لإصلاح هذا الخطأ. وفي الاصحاحات الثلاثة 12 إلى 14 من هذه الرسالة يتضح الآتي:

  1. يناقش الرسول بولس المواهب الروحية ويتكلم عن برهانها ومصدرها وهدفها (أصحاح 12)

  2. يوضح أن المحبة هي فوق كل المواهب الروحية (أصحاح 13)

  3. ثم يقدم قوانين لممارسة المواهب الروحية(أصحاح 14)

(أ) برهان المواهب الحقيقية

1 وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ ٱلْمَوَاهِبِ ٱلرُّوحِيَّةِ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ، فَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا. 2 أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ أُمَماً مُنْقَادِينَ إِلَى ٱلأَوْثَانِ ٱلْبُكْمِ، كَمَا كُنْتُمْ تُسَاقُونَ. 3 لِذٰلِكَ أُعَرِّفُكُمْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِرُوحِ ٱللّٰهِ يَقُولُ: يَسُوعُ أَنَاثِيمَا. وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: يَسُوعُ رَبٌّ إِلا بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ (1كورنثوس 12: 1 - 3).

يذكّر الرسول بولس أهل كورنثوس أنهم قبل الإيمان بالمسيح كانوا يعبدون الأصنام البُكم ويسيرون خلفها على غير هدى. وواضح أن تلك الأوثان لم تقُدْهم إلى الرقي الصحيح، ولم تكن تستطيع أن ترشدهم إلى شيء من الخير. أما الآن فقد تعرَّفوا على المسيح وعلى مواهب الروح القدس، وليس واحد وهو يتكلم بإرشاد الروح القدس وتحت تأثيره يقول «يسوع أناثيما» بمعنى يسوع ملعون. كما أنه لا يستطيع أحد أن يقول «يسوع رب» إلا بالروح القدس. فالروح القدس هو الذي يعمل في الانسان ليدرك لاهوت المسيح ويعترف بيسوع رباً دُفع اليه كل سلطان في السماء وعلى الأرض (متى 28: 18) وبعبارة أخرى بأن المسيح هو الله. وقد استُعملت كلمة «رب» عن المسيح في العهد الجديد خمسمائة مرة تقريباً.

عزيزي القارئ، إن يسوع المسيح هو رب - ما في هذا شك. إن كنت تعترف بربوبيته لك وسيادته على حياتك فإن المواهب المعطاة لك هي مواهب حقيقية.

والآن كيف تعرف أن المسيح رب حياتك؟ الإجابة: بمقدار طاعتك لهذا الرب. فإن كنت تدعوه رباً، فمن الواجب أن تعطيه الكرامة اللازمة كسيد للحياة فتطيعه وتنفّذ مشيئته.

آية للحفظ

«لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلا بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» (1كورنثوس 12: 3)

صلاة

أنت ربي. أنت إلهي. أنت سيدي. أنت ملكي. أنت الذي تمنحني الحياة. أنت الذي تمنحني المواهب. أطلب أيها السيد الصالح أن تعينني لأطيعك و أحبك و أُخضع مشيئتي وإرادتي لك، لتكون أنت الكل في الكل في حياتي. لك أخضع يا سيدي، فاقبل خضوعي وباركني.

سؤال

3 - إن قال أحد إن عنده مواهب روحية، فما هي علامة صدق كلامه؟

(ب) مصدر المواهب الروحية

4 فَأَنْوَاعُ مَوَاهِبَ مَوْجُودَةٌ وَلٰكِنَّ ٱلرُّوحَ وَاحِدٌ. 5 وَأَنْوَاعُ خِدَمٍ مَوْجُودَةٌ وَلٰكِنَّ ٱلرَّبَّ وَاحِدٌ. 6 وَأَنْوَاعُ أَعْمَالٍ مَوْجُودَةٌ وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ وَاحِدٌ، ٱلَّذِي يَعْمَلُ ٱلْكُلَّ فِي ٱلْكُلِّ. 7 وَلٰكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ ٱلرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ. 8 فَإِنَّهُ لِوَاحِدٍ يُعْطَى بِٱلرُّوحِ كَلامُ حِكْمَةٍ. وَلِآخَرَ كَلامُ عِلْمٍ بِحَسَبِ ٱلرُّوحِ ٱلْوَاحِدِ. 9 وَلِآخَرَ إِيمَانٌ بِٱلرُّوحِ ٱلْوَاحِدِ. وَلِآخَرَ مَوَاهِبُ شِفَاءٍ بِٱلرُّوحِ ٱلْوَاحِدِ. 10 وَلِآخَرَ عَمَلُ قُّوَاتٍ، وَلِآخَرَ نُبُّوَةٌ، وَلِآخَرَ تَمْيِيزُ ٱلأَرْوَاحِ، وَلِآخَرَ أَنْوَاعُ أَلْسِنَةٍ، وَلِآخَرَ تَرْجَمَةُ أَلْسِنَةٍ. 11 وَلٰكِنَّ هٰذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا ٱلرُّوحُ ٱلْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ، قَاسِماً لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ، كَمَا يَشَاءُ (1كورنثوس 12: 4 - 11).

في هذه الآيات المباركة نرى الثالوث الأقدس الذي يمنح المواهب: الروح واحد. الرب واحد. الله واحد. فالروح هو الروح القدس، الرب هو المسيح، والله هو الآب.

وهناك ثلاثة أسماء للمواهب الروحية هي: مواهب، خِدم، أعمال، بل أن جميعها تستحق أن تُسمى بهذه الأسماء الثلاثة معاً. فإذا نظرنا اليها على أنها عطايا الروح القدس فهي مواهب علامة على رضاه... وإذا نظرنا إليها على أنها من المسيح فهي خِدم نخدم المسيح بها، فهي صلاحيات ووظائف يعيّنها المسيح لنا... وإذا نظرنا إليها على أنها من الله الآب كانت أعمال قدرته.

ونحن نرى أن الله الآب هو مصدر كل تأثير روحي ومنشئه، وأن الله الابن هو رأس الكنيسة الذي يرتّب كل أنواع الخدم لبنيانها، والله الروح القدس يسكن في الكنيسة ويهب أعضاءها ما شاء من المواهب التي تخدم الله بها. لم يذكر الرسول أن واحدة من هذه المواهب من الله الآب، والأخرى من الابن، والثالثة من الروح القدس، ولكنه يقول إن كل هذه البركات هي مواهب الروح القدس، وكلها طرق لخدمة الابن، وكلها آيات قدرة الآب. والله يعطي لكل واحد من المؤمنين ما يُظهر به قوة الروح القدس لنفع الكنيسة، لا لرفع شأن الشخص الذي نال الموهبة. ولذلك قال المسيح إن تلاميذه نور العالم وملح الأرض، فمن اتّخذ مواهب الله وسيلة للفخر والتعظّم يخطئ إلى الله. ولكننا يجب أن نعلم جميعاً أننا مطالبون أن نخدم الله بما أعطانا من مواهب.

ويذكر الرسول بولس في هذه الآيات تسع مواهب:

  1. كلام حكمة

  2. كلام علم

    والمقصود بهاتين هو التكلم بحكمة، وهذا ما قاله الرسول «حكمة الله المكتومة، التي أعلنها لنا بروحه، والذي في أجيال أُخر لم يُعرَّف بها بنو البشر، كما قد أُعلن الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح» (أفسس 3: 5).

  3. إيمان. وهو الإيمان الذى يقدر أن ينقل الجبال.

  4. شفاء. أي شفاء المرضى بطريق غير عادي.

  5. عمل قوات. أي عمل معجزات.

  6. نبّوة. وهي تعني أحياناً الإنباء بالمستقبل، كما فعل أغابيوس(أع 11: 28) ولكنها غالباً تعني إعلان الحق الإلهي، عندما يعلن الروح القدس للسامعين ما في قلوبهم.

  7. تمييز الأرواح. أي قوة تمييز من يتكلم بإلهام الروح القدس ممن يتكلم من نفسه أو من روح شرير.

  8. أنواع ألسنة. كما قال سفر الأعمال إن كل التلاميذ امتلأوا من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا، حتى تحيَّر السامعون، لأن كل واحد منهم كان يسمعهم يتكلمون لغته التي وُلد فيها (أعمال 2: 4 - 11).

  9. ترجمة ألسنة. وهي القدرة على ترجمة ما يُقال بلغة غير مفهومة للسامعين.

آية للحفظ

«وَلٰكِنَّ هٰذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا ٱلرُّوحُ ٱلْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ، قَاسِماً لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ، كَمَا يَشَاءُ» (1كورنثوس 12: 11).

صلاة

أبانا السماوي نشكرك من كل القلب لأن الآب والابن والروح القدس معاً يمنحوننا مواهب وبركات. نشكرك لأن الهدف من هذه المواهب أن نقدم خدمة للكنيسة، لنكون ملحاً للأرض ونوراً للعالم. أبانا نفتح قلوبنا لنتلقى مواهبك وهي عطاياك، ونصلي أن تستخدم مواهبنا لمجدك.

سؤال

4 - اذكر ثلاث مواهب من المواهب التسع التي ذكرها بولس في 1كورنثوس 12

(ج) الهدف من المواهب الروحية

12 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلْجَسَدَ هُوَ وَاحِدٌ وَلَهُ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَكُلُّ أَعْضَاءِ ٱلْجَسَدِ ٱلْوَاحِدِ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً هِيَ جَسَدٌ وَاحِدٌ، كَذٰلِكَ ٱلْمَسِيحُ أَيْضاً. 13 لأَنَّنَا جَمِيعَنَا بِرُوحٍ وَاحِدٍ أَيْضاً ٱعْتَمَدْنَا إِلَى جَسَدٍ وَاحِدٍ، يَهُوداً كُنَّا أَمْ يُونَانِيِّينَ، عَبِيداً أَمْ أَحْرَاراً. وَجَمِيعُنَا سُقِينَا رُوحاً وَاحِداً. 14 فَإِنَّ ٱلْجَسَدَ أَيْضاً لَيْسَ عُضْواً وَاحِداً بَلْ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ. 15 إِنْ قَالَتِ ٱلرِّجْلُ: لأَنِّي لَسْتُ يَداً لَسْتُ مِنَ ٱلْجَسَدِ. أَفَلَمْ تَكُنْ لِذٰلِكَ مِنَ ٱلْجَسَدِ؟ 16 وَإِنْ قَالَتِ ٱلأُذُنُ: لأَنِّي لَسْتُ عَيْناً لَسْتُ مِنَ ٱلْجَسَدِ. أَفَلَمْ تَكُنْ لِذٰلِكَ مِنَ ٱلْجَسَدِ؟ 17 لَوْ كَانَ كُلُّ ٱلْجَسَدِ عَيْناً، فَأَيْنَ ٱلسَّمْعُ؟ لَوْ كَانَ ٱلْكُلُّ سَمْعاً، فَأَيْنَ ٱلشَّمُّ؟ 18 وَأَمَّا ٱلآنَ فَقَدْ وَضَعَ ٱللّٰهُ ٱلأَعْضَاءَ، كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي ٱلْجَسَدِ، كَمَا أَرَادَ. 19 وَلٰكِنْ لَوْ كَانَ جَمِيعُهَا عُضْواً وَاحِداً، أَيْنَ ٱلْجَسَدُ؟ 20 فَٱلآنَ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَلٰكِنْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. 21 لا تَقْدِرُ ٱلْعَيْنُ أَنْ تَقُولَ لِلْيَدِ: لا حَاجَةَ لِي إِلَيْكِ. أَوِ ٱلرَّأْسُ أَيْضاً لِلرِّجْلَيْنِ: لا حَاجَةَ لِي إِلَيْكُمَا. 22 بَلْ بِٱلأَوْلَى أَعْضَاءُ ٱلْجَسَدِ ٱلَّتِي تَظْهَرُ أَضْعَفَ هِيَ ضَرُورِيَّةٌ. 23 وَأَعْضَاءُ ٱلْجَسَدِ ٱلَّتِي نَحْسِبُ أَنَّهَا بِلا كَرَامَةٍ نُعْطِيهَا كَرَامَةً أَفْضَلَ. وَٱلأَعْضَاءُ ٱلْقَبِيحَةُ فِينَا لَهَا جَمَالٌ أَفْضَلُ. 24 وَأَمَّا ٱلْجَمِيلَةُ فِينَا فَلَيْسَ لَهَا ٱحْتِيَاجٌ. لٰكِنَّ ٱللّٰهَ مَزَجَ ٱلْجَسَدَ، مُعْطِياً ٱلنَّاقِصَ كَرَامَةً أَفْضَلَ، 25 لِكَيْ لا يَكُونَ ٱنْشِقَاقٌ فِي ٱلْجَسَدِ، بَلْ تَهْتَمُّ ٱلأَعْضَاءُ ٱهْتِمَاماً وَاحِداً بَعْضُهَا لِبَعْضٍ. 26 فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ ٱلأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ ٱلأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ. 27 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ ٱلْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَاداً. 28 فَوَضَعَ ٱللّٰهُ أُنَاساً فِي ٱلْكَنِيسَةِ: أَّوَلاً رُسُلاً، ثَانِياً أَنْبِيَاءَ، ثَالِثاً مُعَلِّمِينَ، ثُمَّ قُّوَاتٍ، وَبَعْدَ ذٰلِكَ مَوَاهِبَ شِفَاءٍ، أَعْوَاناً، تَدَابِيرَ، وَأَنْوَاعَ أَلْسِنَةٍ. 29 أَلَعَلَّ ٱلْجَمِيعَ رُسُلٌ؟ أَلَعَلَّ ٱلْجَمِيعَ أَنْبِيَاءُ؟ أَلَعَلَّ ٱلْجَمِيعَ مُعَلِّمُونَ؟ أَلَعَلَّ ٱلْجَمِيعَ أَصْحَابُ قُّوَاتٍ؟ 30 أَلَعَلَّ لِلْجَمِيعِ مَوَاهِبَ شِفَاءٍ؟ أَلَعَلَّ ٱلْجَمِيعَ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ؟ أَلَعَلَّ ٱلْجَمِيعَ يُتَرْجِمُونَ؟ 31 وَلٰكِنْ جِدُّوا لِلْمَوَاهِبِ ٱلْحُسْنَى. وَأَيْضاً أُرِيكُمْ طَرِيقاً أَفْضَلَ (1كورنثوس 12 : 12 - 31).

الهدف من إعطاء المواهب الروحية هو بنيان جسد المسيح، ويشبّه الرسول بولس الكنيسة بأنها جسد: المسيح هو الرأس، وبقية المؤمنين هم أعضاء الجسد. ونجد في هذا التشبيه ست نقاط:

  1. إن الجسد واحد تسكن فيه نفس واحدة. والكنيسة واحدة يسكن فيها روح الله المحيي - لا فرق بين عضو و آخر، لأن الروح القدس واحد.

  2. تظهر وحدة حياة الجسد في أعضائه المختلفة، والروح القدس الساكن في الكنيسة يظهر هذه الوحدة في مواهبها المختلفة.

  3. الجسد واحد مع أن أعضاءه كثيرة، وكذلك الكنيسة واحدة مع أن أعضاءها كثيرون.

  4. يحتاج كل عضو من أعضاء الجسد إلى العضو الآخر، ولكل عضو في الجسد فائدة، ولا يوجد عضو بلا نفع. وكذلك الكنيسة، كل عضو من أعضائها يحتاج إلى العضو الآخر، وكل عضو من أعضائها مكلَّف أن يستعمل المواهب التي أعطاها الله له لينفع بها الكنيسة كلها، وليس لينفع بها نفسه فقط.

  5. أعطى الله كل عضو من أعضاء الجسد موضعاً وعيَّن له عملاً بحسب مشيئته. وهكذا وّزع الله المواهب الروحية على أعضاء الكنيسة وأعطاهم مكانتهم بحسب ما أراد.

  6. هناك أعضاء في الجسد أقل جمالاً من أعضاء أخرى، ولكنها أكثر نفعاً. كذلك مواهب الكنيسة الأقل شهرة هي أكثر فائدة.

وبسبب هذه الأفكار الستة وصل بولس الرسول إلى ثلاث نتائج:

  1. يجب على كل مؤمن أن يقنع بالموهبة التي أعطاها الله له، كما يجب على اليد أو على الرجل أو أي عضو من أعضاء الجسد أن يرضى بمكانه وبعمله.

  2. لا يوجد سبب يجعل أحد المؤمنين يفتخر على مؤمن آخر لأنه يحسب أن الموهبة التي أعطاها الله له أفضل من الموهبة التي أعطاها الله لغيره.

  3. يجب أن يواسي أعضاء الكنيسة أحدهم الآخر ويشارك أحدهم الآخر. فعندما يتألم أحدهم يشترك الباقون معه في الألم، وعندما يفرح أحدهم يشترك الباقون معه في الفرح.

ختم الرسول بولس كلامه بأن ما قاله في المواهب الروحية يصدق أيضاً على خِدم الكنيسة، فخدّام الكنيسة آلات يتكلم الروح القدس ويعمل فيهم. فقد أقام الله في الكنيسة أولاً الرسل، وثانياً الأنبياء، وثالثاً المعلمين، ثم منح بقية الأعضاء موهبة المعجزات، والقدرة على الشفاء، وحُسن الإدارة، والتكلّم بألسنة. وكل واحد من هؤلاء يستطيع أن يقدم خدمة خاصة في المسيح.

ويختم الرسول بولس حديثه في هذا الأصحاح بقوله: «لكن جدّوا للمواهب الحُسنى». والمواهب الحُسنى هي أنفع المواهب للخدمة. فيقول مثلاً: من يتنبأ يبني الكنيسة. إني أريد أن جميعكم تتكلمون بألسنة ولكن بالأَوْلى أن تتنبأوا (14: 4 ، 5). وهذه المواهب الحسنى هي المواهب التي تبقى، فيقول أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة (13: 13) وقد أخطأ مؤمنو كورنثوس باشتهائهم المواهب التي تعطيهم شهرة أكثر مثل التكلّم بألسنة، ولكن الرسول يُريهم طريقاً أفضل من طلب المواهب الخاصة، وهو طلب المحبة التي يتكلم عنها في الأصحاح 13. فكأنه يقول: إذا شئتم أن تُظهروا غيرتكم للمسيح ورغبتكم في أن تبنوا كنيسته، فكونوا كاملين في المحبة.

آية للحفظ

«فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ ٱلأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ ٱلأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ» (1كورنثوس 12: 26)

صلاة

أبانا السماوي نشكرك من كل القلب لأنك تريد أن تبني جسدك الذي هو الكنيسة. أشعرنا أيها الآب السماوي أننا أعضاء بعضنا لبعض، وأن لا أحد منا يستطيع أن يستغني عن العضو الآخر، وأن على كل واحد منا أن يبني أخاه في الإيمان، وأن يعاون أخاه ليكون أكثر محبة للآخرين. أبانا ساعدنا لكي نستخدم كل قوة فينا لخدمتك. سامحنا إن احتقرنا أحداً. ساعدنا لنتوب عن الخطية ونطلب أن تمنحنا احتراماً كاملاً للآخرين.

سؤال

5 - ماذا نتعلم من أن أعضاء الكنيسة هم جسد المسيح؟

(د) المحبة فوق كل المواهب الروحية (1كورنثوس 13: 1 - 13)

في هذا الأصحاح يتحدث الرسول بولس عن المحبة باعتبار أنها الطريق الأفضل، ولم تُمدح فضيلة في الكتاب المقدس مثل فضيلة المحبة، فالذي يحب الآخرين هو الذي يكمل الناموس. ونرى في هذا الأصحاح ثلاثة أقسام:

  1. دوام المحبة (1 - 3)

  2. صفات المحبة (4 - 7)

  3. تفّوُق المحبة (8 - 13)

(1) دوام المحبة

1 إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ ٱلنَّاسِ وَٱلْمَلائِكَةِ وَلٰكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاساً يَطِنُّ أَوْ صَنْجاً يَرِنُّ. 2 وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُّوَةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ ٱلأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ ٱلإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ ٱلْجِبَالَ، وَلٰكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئاً. 3 وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ، وَلٰكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلا أَنْتَفِعُ شَيْئاً (1كورنثوس 13: 1 - 3)

بعدما هاجم الرسول بولس حكمة الفلاسفة الكذابين والنجاسة الداعرة، ووبَّخ أهل كورنثوس لأنهم يأخذون خصوماتهم أمام المحاكم، وطلب منهم أن يحترسوا من الشهوانية، أرشدهم إلى وحدة جسد المسيح. وهنا يقودهم إلى قمة الفضائل المسيحية في هذا الأصحاح الذي نسميه نشيد المحبة. ليست المحبة التي يصفها الرسول بولس هي العلاقة بين الجنسين، أو عاطفة الأمومة، أو الاحترام بين الأستاذ وتلميذه، بل محبة الله الأزلية التي انسكبت في قلوب المؤمنين بالمسيح بالروح القدس الذي أعطاه الله لهم. هذه المحبة ليست محبة الثرثار الذي يتكلم بألسنة غريبة، حتى لو استطاع أن يتكلم بأفضل عبارات البلاغة، لأن التكلُّم في محبة الله هو قوة وحياة، وليس كلاماً وليس كبرياء. هل أنت ابن لله تتكلم بلسان أبيك السماوي؟ هل تعلن كلمة تعزية للحزانى، فتضمد جراح المجروحين، وتقدم إنجيل مغفرة الخطية؟ هل أنت ذكي ومتعلم؟ هل تريد أن تعرف أسرار المستقبل؟ هل لديك شهادات عالية في العلوم أو في الآداب؟ هل أنت شخصية بارزة؟ هل أنت رجل إيمان حتى يستجيب الله صلواتك وينجز بك المعجزات؟

إن لم تكن فيك محبة فإنك لست شيئاً. إن عِلْمك لا يخلّص إنساناً، ولكن الذي يخلص هو شهادتك للمسيح المحب الذي مات مصلوباً من أجل المجرمين. ومحبة المسيح العظيمة جعلته يضحي بكل شيء وينازل عن مجده ليموت ليفدينا. فليست محبة المسيح نظرية لكنها محبة عملية. فبأي طريقة تُظهر محبتك للمسيح وللآخرين؟ هل تضحي بمالك وقوتك؟ هل تبدي عطفاً على غير المستحقين؟ ليست التضحية هي المحبة. إن كثيرين من الناس يضحّون باطلاً ليربحوا السماء، وهم لا يربحونها. لكن الذي يضحي بحياته، شكراً للمسيح المصلوب، هو الذي يحب الآخرين فعلاً، لأنه يحذو حذو المسيح. فإن أطعم إنسان كل أمواله للفقراء، وإن سلم إنسان جسده من أجل المسيح حتى احترق هذا الجسد، دون أن يكون في قلبه حب للمسيح وللآخرين، فهو لن ينتفع بشيء.

آية للحفظ

«إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ ٱلنَّاسِ وَٱلْمَلائِكَةِ وَلٰكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاساً يَطِنُّ أَوْ صَنْجاً يَرِنُّ» (1كورنثوس 13: 1)

صلاة

يا أبي السماوي حررني من أنانيتي، واغفر لي كثرة كلامي الذي يخرج من فمي بدون محبة. طهرني من افتخاري بما أعمله، وساعدني حتى في نعمة الروح القدس أخدم الآخرين الخدمة الحقيقية بمحبتك أنت التي تسكبها في قلبي بالروح القدس الذي أعطيته لي.

سؤال

6 - لماذا يقول الإنجيل إن الإحسان بدون المحبة ليس شيئاً؟

(1) صفات المحبة

4 ٱلْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. ٱلْمَحَبَّةُ لا تَحْسِدُ. اَلْمَحَبَّةُ لا تَتَفَاخَرُ، وَلا تَنْتَفِخُ، 5 وَلا تُقَبِّحُ، وَلا تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلا تَحْتَدُّ، وَلا تَظُنُّ ٱلسُّؤَ، 6 وَلا تَفْرَحُ بِٱلإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِٱلْحَقِّ. 7 وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ 8 اَلْمَحَبَّةُ لا تَسْقُطُ أَبَداً (1كورنثوس 13: 4 -7).

في هذه الآيات يذكر الرسول بولس خمس عشرة صفة للمحبة. سبع منها إيجابية، وثماني سلبية. ولم يقصد الرسول بولس أن يقدم كل صفات المحبة، لكنه اقتصر على الصفات التي تنفع أهل كورنثوس لاستعمال مواهبهم الروحية استعمالاً صالحاً.

  1. المحبة تتأنى. بمعنى أنها تصبر على التعدي والإساءة. وهي صفة من صفات الله لأنه رحيم ورؤوف، طويل الروح الكثير الرحمة (مز 103: 8).

  2. والمحبة ترفق. والرفق هو اللطف الذي يجعل صاحبه حنوناً بعيداً عن القسوة والعنف. وقد قال الرسول بولس إن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة.

  3. المحبة لا تحسد. أي لا تحزن إذا حصل غيرها على نفع لم تحصل عليه هي. وقد قال إمام الحكماء سليمان: «نَخْرُ ٱلْعِظَامِ ٱلْحَسَدُ» (أمثال 14: 30).

  4. المحبة لا تتفاخر. والشخص الذي يدَّعي أنه صالح ويطلب مدح الناس و الشهرة هو الذي يتفاخر، وقد طلب منا المسيح حين نفعل الخير ألا نعرّف شمالنا ما تفعل يميننا.

  5. والمحبة لا تنتفخ. والمنتفخ هو الذي يعجب بنفسه، و يظن أنه أفضل من غيره حكمة وصلاحاً. ولعل أهل كورنثوس تفاخروا وانتفخوا بالمواهب التي امتازوا بها. أما المحبة فهي لا تنتفخ.

  6. والمحبة لا تقبّح. بمعنى أنها لا تعمل شيئاً تستحي منه لأنه يخالف الأخلاقيات. فالمحبة تجعل الناس يقومون بالواجبات نحو بعضهم البعض بدون أن يضايق أحدهم الآخر.

  7. والمحبة لا تطلب ما لنفسها. كما قال الرسول بولس « أَنَا أَيْضاً أُرْضِي ٱلْجَمِيعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، غَيْرَ طَالِبٍ مَا يُوافِقُ نَفْسِي، بَلِ ٱلْكَثِيرِينَ، لِكَيْ يَخْلُصُوا» (1كورنثوس 10: 33) وقال أيضاً «وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِٱلْمَحَبَّةِ ٱلأَخَوِيَّةِ، مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فِي ٱلْكَرَامَةِ» (رومية 12: 10).

  8. المحبة لا تحتد. بمعنى أن الشخص الذي يحب لا يفقد أعصابه ولا يغضب ولكنه يضبط نفسه.

  9. والمحبة لا تظن السوء. فهي لا تتوهم أن غيرها يريد أن يضرّها، فإذا تعدى أحد اعتذرت عنه لأنه فعل ما فعل عن جهالة، كما قال المسيح «َيا أَبَتَاهُ، ٱغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ» (لوقا 23: 34) وكما صلى استفانوس «يَا رَبُّ، لا تُقِمْ لَهُمْ هٰذِهِ ٱلْخَطِيَّةَ» (أعمال 7: 60). وقد قال الله على فم النبي زكريا «وَلا يُفَكِّرَنَّ أَحَدٌ فِي ٱلسُّوءِ عَلَى قَرِيبِهِ فِي قُلُوبِكُمْ» (زكريا 8: 17).

  10. والمحبة لا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق. كما قال المسيح لملاك كنيسة أفسس «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّكَ لا تَقْدِرُ أَنْ تَحْتَمِلَ ٱلأَشْرَارَ» (رؤيا 2: 2).

  11. والمحبة تحتمل كل شيء من التعديات التي تقع عليها شخصياً. وقد قال امام الحكماء سليمان «اَلْبُغْضَةُ تُهَيِّجُ خُصُومَاتٍ، وَٱلْمَحَبَّةُ تَسْتُرُ كُلَّ ٱلذُّنُوبِ» (أمثال 10: 12).

  12. والمحبة تصدق كل شيء. بمعنى أنها تصدق بأن في كل إنسان شيئاً من الخير، وهذه أفضل وسيلة لإنماء الخير في نفس الإنسان، كما فعل المسيح عندما صدّق أن في يهوذا شيئاً من الخير، وحاول حتى آخر لحظة أن يعطيه فرصةً للتوبة. وقد آمن برنابا أن بمرقس شيئاً من الخير. وبالرغم من أن مرقس ترك الخدمة وعاد إلى بيته، إلا أن برنابا اصطحبه في رحلة تبشيرية أخرى. ولعل بولس تأمل فيما بعد وأسف على موقفه إزاء مرقس فشهد عنه شهادة طيبة (2تيموثاوس 4: 11).

  13. والمحبة ترجو كل شيء. فحين يرتكب الناس الأخطاء. تعلّمنا المحبة أن نُحسن الظن بهم وننتظر الأفضل منهم. وكل من يحب المسيح يرجو امتداد ملكوته في العالم وسرعة مجيئه ثانية، وهكذا ترجو المحبة كل شيء صالح.

  14. والمحبة تصبر على كل شيء من الاضطهادات والمتاعب من أجل البر. كما قيل «الذي فيه (أي في الإنجيل) أحتمل المشقّات حتى القيود كمذنب، لأجل ذلك أنا أصبر على كل شيء» (2كورنثوس 2: 9، 10). وقد قيل عن المسيح «تَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ، كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى ٱلذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَاّزِيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُت» (اشعياء 53: 7).

  15. المحبة لا تسقط أبداً. فالمحبة أعظم من كل المواهب الروحية المختصة بحياتنا الحاضرة، لأنها تقترن بالحياة الخالدة في السماء. إنها مستيقظة دائماً، تقتنص كل فرصة لتعمل الخير، كما نجد السامري الصالح وهو يساعد اليهودي الجريح.

آية للحفظ

«ٱلْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ» (1كورنثوس 13: 4) (حاول أن تحفظ غيباً كل الأصحاح)

صلاة

أبانا السماوي أرجو أن تضع في داخلي صفات المحبة. انزع مني كل ما لا يتناسب مع محبتك التي سكبتها في قلبي بالروح القدس. أعطني أن أتأنَّي وأكون رفيقاً. ساعدني لأفرح بالحق وأحتمل كل شيء وأصدق كل شيء. ساعدني لأرى أن المحبة لا تسقط أبداً. أعطني نَفَساً طويلاً في المحبة لأمارسها وأعيشها في كل وقت. اكراماً للمسيح الذي عاش هذه المحبة فعلاً.

سؤال

7 - ما معنى أن المحبة تصدّق كل شىء وترجو كل شىء؟

3 - تفّوُق المحبة

8 اَلْمَحَبَّةُ لا تَسْقُطُ أَبَداً. وَأَمَّا ٱلنُّبُّوَاتُ فَسَتُبْطَلُ، وَٱلأَلْسِنَةُ فَسَتَنْتَهِي، وَٱلْعِلْمُ فَسَيُبْطَلُ. 9 لأَنَّنَا نَعْلَمُ بَعْضَ ٱلْعِلْمِ وَنَتَنَبَّأُ بَعْضَ ٱلتَّنَبُّؤِ. 10 وَلٰكِنْ مَتَى جَاءَ ٱلْكَامِلُ فَحِينَئِذٍ يُبْطَلُ مَا هُوَ بَعْضٌ. 11 لَمَّا كُنْتُ طِفْلاً كَطِفْلٍ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ، وَكَطِفْلٍ كُنْتُ أَفْطَنُ، وَكَطِفْلٍ كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلٰكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ. 12 فَإِنَّنَا نَنْظُرُ ٱلآنَ فِي مِرْآةٍ فِي لُغْزٍ، لٰكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهاً لِوَجْهٍ. ٱلآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ ٱلْمَعْرِفَةِ، لٰكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ. 13 أَمَّا ٱلآنَ فَيَثْبُتُ ٱلإِيمَانُ وَٱلرَّجَاءُ وَٱلْمَحَبَّةُ، هٰذِهِ ٱلثَّلاثَةُ وَلٰكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ ٱلْمَحَبَّةُ (1كورنثوس 13: 8 - 13)

في هذا الجزء الأخير من نشيد المحبة يتكلم الرسول بولس عن تفّوق المحبة. سيجىء يوم تُبطل فيه النبوات لأنها تمت. والتكلّم بألسنة سينتهي لأننا في المجد لا نحتاج الى لغات أخرى. والعلم سيُبطل لأننا في السماء سنجد أن الجميع متعلمون من الله. ونحن الآن نعلم بعض العِلم، ونتنبأ بعض التنبؤ، ولكن عندما يجئ المسيح يبطل هذا الجزئي، ويعطينا الله الكمال المطلق في كل شيء. فمعرفتنا ناقصة ومواعظنا ليست كاملة، لكننا نتوقع اليوم الذي فيه نُكمَل بالمسيح. ويمضي الرسول فيقول: لما كنت طفلاً كطفل كنت أتكلم بألفاظ بسيطة تناسب قليل العلم. وكطفل كنت أفطن، وكانت أفكاري أفكار الأطفال. لكن عندما أنمو وأزيد في النعمة فإني أُبطل ما للطفل.

ويقول الرسول إننا الآن ننظر في مرآة. وقد كانت المرايا في تلك الأوقات صفائح معدنية مصقولة تظهر فيها صورة الإنسان غامضة غير واضحة، فكأنها لغز لا يستطيع أن يتبيَّن كل ما فيها. ويقصد الرسول أن الرؤيا عندنا الآن غير واضحة، لكن عندما نذهب إلى المجد فإننا سنرى المسيح وجهاً لوجه (1يوحنا 3: 2). ولذلك فإن معرفتنا الآن محدودة ناقصة، أما معرفتنا هناك فستكون كاملة مثلما عرَفَنا الله. وهكذا فإننا نحتاج لثبوت ثلاثة أشياء:

«يثبت الإيمان» الذي هو ثقتنا في الله - «يثبت الرجاء» الذي هو انتظارنا في الله. وتثبت المحبة. ولكن سيجئ اليوم الذي فيه ينتهي الإيمان ويصبح عياناً. و ينتهي الرجاء لأنه قد تحقق. أما المحبة فهي الباقية دائماً أبداً. المحبة لا تسقط أبداً، وعلى ذلك فإنها أعظم هذه جميعها.

عزيزي القارئ، مهما كانت مواهبك فهي لابد أن تتوقف عن العمل يوماً. أما المحبة فهي الباقية دائماً. مهما كنت عظيماً في ما أعطاك الله فلابد أنه سينتهي. أما إن كنت في محبة المسيح فإن هذه المحبة هي التي ستبقى معك وفيك دائماً وأبداً . «اَللّٰهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي ٱلْمَحَبَّةِ يَثْبُتْ فِي ٱللّٰهِ وَٱللّٰهُ فِيهِ» (1يوحنا 4: 16).

آية للحفظ

«أَمَّا ٱلآنَ فَيَثْبُتُ ٱلإِيمَانُ وَٱلرَّجَاءُ وَٱلْمَحَبَّةُ، هٰذِهِ ٱلثَّلاثَةُ وَلٰكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ ٱلْمَحَبَّةُ» (1كورنثوس 13: 13)

صلاة

يا أبي السماوي أشكرك من كل القلب لأن المحبة هي صفتك فإنك أنت محبة. علّمني أن أتمثّل بك وأن أحبك. لا تسمح أن أغتر بما عندي من أشياء باطلة ستنتهي. أعطني أن أحبك بكل قلبي، وأن أحب الآخرين بكل نفسي، فإن هذا هو الذي سيبقى.

سؤال

8 -اشرح كيف أن الايمان سيُبطل والرجاء سيُبطل ولكن المحبة ستبقى.

(هـ) وصايا عن ممارسة المواهب الروحية (1كورنثوس 14: 1 - 40)

في هذا الأصحاح يقدم الرسول بولس وصايا عن ممارسة المواهب الروحية واستعمالها. فيتكلم عن أمرين رئيسيين:

  1. إن التنبؤ والوعظ أفضل من التكلُّم بألسنة (1 - 25)

  2. طريقة استخدام المواهب الروحية في اجتماعات العبادة (26 - 40)

1 - الوعظ أفضل من التكلم بألسنة

1 اِتْبَعُوا ٱلْمَحَبَّةَ، وَلٰكِنْ جِدُّوا لِلْمَوَاهِبِ ٱلرُّوحِيَّةِ، وَبِٱلأَوْلَى أَنْ تَتَنَبَّأُوا. 2 لأَنَّ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ لا يُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ بَلِ ٱللّٰهَ، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَسْمَعُ. وَلٰكِنَّهُ بِٱلرُّوحِ يَتَكَلَّمُ بِأَسْرَارٍ. 3 وَأَمَّا مَنْ يَتَنَبَّأُ فَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ بِبُنْيَانٍ وَوَعْظٍ وَتَسْلِيَةٍ. 4 مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ يَبْنِي نَفْسَهُ، وَأَمَّا مَنْ يَتَنَبَّأُ فَيَبْنِي ٱلْكَنِيسَةَ. 5 إِنِّي أُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَكُمْ تَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ، وَلٰكِنْ بِٱلأَوْلَى أَنْ تَتَنَبَّأُوا. لأَنَّ مَنْ يَتَنَبَّأُ أَعْظَمُ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةٍ، إِلا إِذَا تَرْجَمَ، حَتَّى تَنَالَ ٱلْكَنِيسَةُ بُنْيَاناً. 6 فَٱلآنَ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ، إِنْ جِئْتُ إِلَيْكُمْ مُتَكَلِّماً بِأَلْسِنَةٍ، فَمَاذَا أَنْفَعُكُمْ، إِنْ لَمْ أُكَلِّمْكُمْ إِمَّا بِإِعْلانٍ، أَوْ بِعِلْمٍ، أَوْ بِنُبُّوَةٍ، أَوْ بِتَعْلِيمٍ؟ 7 اَلأَشْيَاءُ ٱلْعَادِمَةُ ٱلنُّفُوسِ ٱلَّتِي تُعْطِي صَوْتاً: مِزْمَارٌ أَوْ قِيثَارَةٌ، مَعَ ذٰلِكَ إِنْ لَمْ تُعْطِ فَرْقاً لِلنَّغَمَاتِ، فَكَيْفَ يُعْرَفُ مَا زُمِّرَ أَوْ مَا عُزِفَ بِهِ؟ 8 فَإِنَّهُ إِنْ أَعْطَى ٱلْبُوقُ أَيْضاً صَوْتاً غَيْرَ وَاضِحٍ، فَمَنْ يَتَهَيَّأُ لِلْقِتَالِ؟ 9 هٰكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً إِنْ لَمْ تُعْطُوا بِٱللِّسَانِ كَلاماً يُفْهَمُ، فَكَيْفَ يُعْرَفُ مَا تُكُلِّمَ بِهِ؟ فَإِنَّكُمْ تَكُونُونَ تَتَكَلَّمُونَ فِي ٱلْهَوَاءِ! 10 رُبَّمَا تَكُونُ أَنْوَاعُ لُغَاتٍ هٰذَا عَدَدُهَا فِي ٱلْعَالَمِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا بِلا مَعْنىً. 11 فَإِنْ كُنْتُ لا أَعْرِفُ قُّوَةَ ٱللُّغَةِ أَكُونُ عِنْدَ ٱلْمُتَكَلِّمِ أَعْجَمِيّاً، وَٱلْمُتَكَلِّمُ أَعْجَمِيّاً عِنْدِي. 12 هٰكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً، إِذْ إِنَّكُمْ غَيُورُونَ لِلْمَوَاهِبِ ٱلرُّوحِيَّةِ، ٱطْلُبُوا لأَجْلِ بُنْيَانِ ٱلْكَنِيسَةِ أَنْ تَزْدَادُوا. 13 لِذٰلِكَ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ فَلْيُصَلِّ لِكَيْ يُتَرْجِمَ. 14 لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُصَلِّي بِلِسَانٍ، فَرُوحِي تُصَلِّي، وَأَمَّا ذِهْنِي فَهُوَ بِلا ثَمَرٍ. 15 فَمَا هُوَ إِذاً؟ أُصَلِّي بِٱلرُّوحِ وَأُصَلِّي بِٱلذِّهْنِ أَيْضاً. أُرَتِّلُ بِٱلرُّوحِ وَأُرَتِّلُ بِٱلذِّهْنِ أَيْضاً. 16 وَإِلا فَإِنْ بَارَكْتَ بِٱلرُّوحِ، فَٱلَّذِي يُشْغِلُ مَكَانَ ٱلْعَامِّيِّ، كَيْفَ يَقُولُ آمِينَ عِنْدَ شُكْرِكَ؟ لأَنَّهُ لا يَعْرِفُ مَاذَا تَقُولُ! 17 فَإِنَّكَ أَنْتَ تَشْكُرُ حَسَناً! وَلٰكِنَّ ٱلآخَرَ لا يُبْنَى. 18 أَشْكُرُ إِلٰهِي أَنِّي أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةٍ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِكُمْ. 19 وَلٰكِنْ فِي كَنِيسَةٍ أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ خَمْسَ كَلِمَاتٍ بِذِهْنِي لِكَيْ أُعَلِّمَ آخَرِينَ أَيْضاً، أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ آلافِ كَلِمَةٍ بِلِسَانٍ. 20 أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ، لا تَكُونُوا أَوْلاداً فِي أَذْهَانِكُمْ، بَلْ كُونُوا أَوْلاداً فِي ٱلشَّرِّ، وَأَمَّا فِي ٱلأَذْهَانِ فَكُونُوا كَامِلِينَ. 21 مَكْتُوبٌ فِي ٱلنَّامُوسِ: إِنِّي بِذَوِي أَلْسِنَةٍ أُخْرَى وَبِشِفَاهٍ أُخْرَى سَأُكَلِّمُ هٰذَا ٱلشَّعْبَ، وَلا هٰكَذَا يَسْمَعُونَ لِي يَقُولُ ٱلرَّبُّ. 22 إِذاً ٱلأَلْسِنَةُ آيَةٌ لا لِلْمُؤْمِنِينَ، بَلْ لِغَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ. أَمَّا ٱلنُّبُّوَةُ فَلَيْسَتْ لِغَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ، بَلْ لِلْمُؤْمِنِينَ. 23 فَإِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلْكَنِيسَةُ كُلُّهَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ ٱلْجَمِيعُ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ، فَدَخَلَ عَامِّيُّونَ أَوْ غَيْرُ مُؤْمِنِينَ، أَفَلا يَقُولُونَ إِنَّكُمْ تَهْذُونَ؟ 24 وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ ٱلْجَمِيعُ يَتَنَبَّأُونَ، فَدَخَلَ أَحَدٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ أَوْ عَامِّيٌّ، فَإِنَّهُ يُوَبَّخُ مِنَ ٱلْجَمِيعِ. يُحْكَمُ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْجَمِيعِ. 25 وَهٰكَذَا تَصِيرُ خَفَايَا قَلْبِهِ ظَاهِرَةً. وَهٰكَذَا يَخِرُّ عَلَى وَجْهِهِ وَيَسْجُدُ لِلّٰهِ، مُنَادِياً أَنَّ ٱللّٰهَ بِٱلْحَقِيقَةِ فِيكُمْ (1كورنثوس 14: 1 - 25).

يطلب الرسول من المؤمنين في كورنثوس أن يتبعوا المحبة وأن لا يفارقوها لأنها أعظم الفضائل، وأن يجدّوا للمواهب الروحية. فلتكن المحبة قصدهم الأول، ولتكن المواهب قصدهم الثاني. ويقول «الأَوْلى أن تتنبأوا» والتنبؤ هو الوعظ «أما من يتنبأ فيكلّم الناس ببُنيان ووعظ وتسلية» (آية 3). ويبدو أن مسيحيي كورنثوس فضّلوا التكلم بألسنة على التنبؤ. والرسول يوضح لهم أن التنبؤ والوعظ أفضل كثيراً من التكلم بألسنة، لأن الشخص الذي يعظ يكلم الناس بكلمة الله، بينما الذي يتكلم بألسنة يكلم الله ويبني نفسه. المتكلم بألسنة لا ينفع سوى نفسه، أما من يتنبّأ فهو ينفع الكنيسة كلها. ويقول الرسول إنه يريد أن جميع المؤمنين يتكلمون بألسنة. لكن الأفضل أنهم يعظون ويشهدون، لأن الذي يتنبأ أعظم من الذي يتكلم بألسنة، إلا إذا وُجد الذي يترجم كلام هذا الشخص بلغة مفهومة يدركها الجميع. ويتساءل الرسول: إذا جئت إليكم أنا متكلماً بألسنة، فما هي الفائدة التي تأخذونها مني؟ إن الأفضل لي أن أكلمكم بإعلان أو بعلم أو بنبوة أو بتعليم(آية 6) فالأفضل لو جاء الرسول إليهم كنبي يعلن إعلاناً من الله، أو كمعلم يعلِّمهم ما تعلَّمه من الله. أما إن خاطبهم بلغة غريبة، فأيَّ فائدة يستفيدون؟

ويضرب الرسول مثلاً من آلات الطرب: لو أن أحداً بّوَق ببوق أو عزف على قيثارة فلم تُخرج أنغاماً متميزة بعضها عن بعض. فكيف نعرف اللحن المعزوف بها؟ ولو أخرج البوق صوتاً مشّوَشاً، فمن يتأهب للقتال؟ ألا يذهب كلام الشخص الذي يتكلم في الهواء؟ لا يفهمه أحد!

ويضرب الرسول مثلاً آخر: لنفترض أن هناك شخصاً أجنبياً يتكلم إلينا. هل نستفيد مما يقول؟ إذا جهلت معنى الألفاظ التي ينطق بها فإنني لا أدرك شيئاً مما يقوله لي.

إن الذي يتكلم بألسنة يهلل لله ويسبح ويصلي، ولكن الجالسين من حوله لا يستطيعون أن يقولوا «آمين» ولا يعبّرون عن تفاعلهم مع ما قال، لأنهم لا يفهمونه. إنه يشكر حسناً، ولكن الشخص الآخر الذي يسمع لا يُبنى، لأنه لا يدرك معنى الكلام. ويقول الرسول: عندما نصلي باللسان فالروح تصلي، أما الذهن فهو بلا ثمر، بمعنى أنه لا يُشبع حاجات الآخرين. ولذلك يقول إنه من الأفضل أن أصلي وأرتل بالروح وبالذهن أيضاً - أي أنني أتكلم بكلمات روحية عميقة من إرشاد الروح القدس بلغة لا أفهمها، فقلبي يحمد الله. وعندما يُترجَم هذا الذي أقوله، أو عندما أقوله بلغة غير مفهومة عند السامعين، فإنني بذهني وفكري أصلي وأرتل. ولذلك فان الشخص الذي يتكلم بألسنة يجب أن يصلي لينال هو أو غيره موهبة ترجمة الألسنة. ويفضّل الرسول بولس أن يتكلم الإنسان خمس كلمات بلغة غير مفهومة يدركها السامعون أفضل من عشرة آلاف كلمة بلغة مجهولة. ولذلك فإن على المؤمنين أن يدركوا الأهمية الزائدة للمواهب النافعة مثل الوعظ. وأن يدركوا أن موهبة التكلم بألسنة موهبة أقل نفعاً.

ويقتبس الرسول قولاً جاء في اشعياء 28: 11 ، 12 وهو أنه مكتوب في الناموس إني بذوي ألسنة أخرى وبشفاه أخرى سأكلم هذا الشعب، ولا هكذا يسمعون لي يقول الرب. والقول هنا عن لسان الأمة اليهودية وقت السبي، عندما عاشوا وسط الأشوريين لا يفهمون لغتهم، فكان ذلك عقاباً لهم.

ويقول الرسول إن الألسنة ليست آية للمؤمنين. لأن المؤمنين يدركون معاني الدين المسيحي. لكنها آية لغير المؤمنين الذين يحتاجون أن يسمعوا حقائق الدين المسيحي. أما النبوة - أي تفسير كلام الله والتعليم الديني - فهي لا تنفع غير المؤمنين، لأنهم غير مستعدين لهذا التعليم، لكنها تنفع المؤمنين المستعدين لأن يستمعوا لكلمة الله ولأن يعملوا بها. و يختم الرسول حديثه هنا بقوله: «إذا اجتمع المؤمنون وتكلم كل واحد بلغة غير مفهومة، كان تأثير ذلك ضاراً. لكن إذا تكلم كل واحد بإرشاد الروح القدس بكلام مفهوم، اقتنع السامعون وتجددوا وتمجد الله».

لقد سعى أهل كورنثوس وراء مواهب تنفخهم، يتكبرون بها على بعضهم البعض. والرسول هنا يطلب منهم بإرشاد الروح القدس أن يجدّوا إلى ما هو أفضل وإلى ما هو أكثر خدمة للآخرين... إلى المحبة وإلى الشهادة الواضحة للمسيح.

آية للحفظ

«هٰكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً، إِذْ إِنَّكُمْ غَيُورُونَ لِلْمَوَاهِبِ ٱلرُّوحِيَّةِ، ٱطْلُبُوا لأَجْلِ بُنْيَانِ ٱلْكَنِيسَةِ أَنْ تَزْدَادُوا» (1كورنثوس 14: 12)

صلاة

يا أبانا السماوي نقدم إليك شكرنا لأنك تريدنا أن نوصّل رسالتك للنفوس المحتاجة بكلمات مفهومة يدركها المحيطون بنا. أعطنا وضوحاً في إعلاننا للحق الالهي، في سلوكنا وتصرفنا الذي يرضيك، وبكلامك الواضح الذي ينقل كلمة محبتك للنفوس. ربنا ساعدنا لكي لا نهتم لأنفسنا أن نبني أنفسنا فقط، بل لنهتم بالآخرين أيضاً حتى لا نكون أنانيين، بل نفكر في احتياجات الآخرين.

سؤال

9 - اذكر سبباً لأجله ترى أن الوعظ أفضل من التكلّم بألسنة.

2 - طريقة استخدام المواهب الروحية في اجتماعات العبادة

26 فَمَا هُوَ إِذاً أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ؟ مَتَى ٱجْتَمَعْتُمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لَهُ مَزْمُورٌ، لَهُ تَعْلِيمٌ، لَهُ لِسَانٌ، لَهُ إِعْلانٌ، لَهُ تَرْجَمَةٌ: فَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ لِلْبُنْيَانِ. 27 إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ، فَٱثْنَيْنِ ٱثْنَيْنِ، أَوْ عَلَى ٱلأَكْثَرِ ثَلاثَةً ثَلاثَةً، وَبِتَرْتِيبٍ، وَلْيُتَرْجِمْ وَاحِدٌ. 28 وَلٰكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَرْجِمٌ فَلْيَصْمُتْ فِي ٱلْكَنِيسَةِ، وَلْيُكَلِّمْ نَفْسَهُ وَٱللّٰهَ. 29 أَمَّا ٱلأَنْبِيَاءُ فَلْيَتَكَلَّمِ ٱثْنَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ، وَلْيَحْكُمِ ٱلآخَرُونَ. 30 وَلٰكِنْ إِنْ أُعْلِنَ لِآخَرَ جَالِسٍ فَلْيَسْكُتِ ٱلأَّوَلُ. 31 لأَنَّكُمْ تَقْدِرُونَ جَمِيعُكُمْ أَنْ تَتَنَبَّأُوا وَاحِداً وَاحِداً، لِيَتَعَلَّمَ ٱلْجَمِيعُ وَيَتَعَّزَى ٱلْجَمِيعُ. 32 وَأَرْوَاحُ ٱلأَنْبِيَاءِ خَاضِعَةٌ لِلأَنْبِيَاءِ. 33 لأَنَّ ٱللّٰهَ لَيْسَ إِلٰهَ تَشْوِيشٍ بَلْ إِلٰهُ سَلامٍ، كَمَا فِي جَمِيعِ كَنَائِسِ ٱلْقِدِّيسِينَ. 34 لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي ٱلْكَنَائِسِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُوناً لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ، بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ ٱلنَّامُوسُ أَيْضاً. 35 وَلٰكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئاً، فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي ٱلْبَيْتِ، لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِٱلنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ. 36 أَمْ مِنْكُمْ خَرَجَتْ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ؟ أَمْ إِلَيْكُمْ وَحْدَكُمُ ٱنْتَهَتْ؟ 37 إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْسِبُ نَفْسَهُ نَبِيّاً أَوْ رُوحِيّاً، فَلْيَعْلَمْ مَا أَكْتُبُهُ إِلَيْكُمْ أَنَّهُ وَصَايَا ٱلرَّبِّ. 38 وَلٰكِنْ إِنْ يَجْهَلْ أَحَدٌ فَلْيَجْهَلْ! 39 إِذاً أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ جِدُّوا لِلتَّنَبُّؤِ، وَلا تَمْنَعُوا ٱلتَّكَلُّمَ بِأَلْسِنَةٍ. 40 وَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ بِلِيَاقَةٍ وَبِحَسَبِ تَرْتِيبٍ (1كورنثوس 14: 26 - 40)

إن الغاية من استعمال المواهب الروحية هو بنيان المؤمنين. فإذا اجتمع المؤمنون معاً فكل واحد منهم عنده مزمور أو له تعليم يعمّق الحق القديم الذي سبق معرفته. أو إن كان له لسان (أي كلام بلغة غريبة) - أو إعلان(بمعنى إيراد حق جديد) أو ترجمة لهذا الذي قيل باللسان، فليكن كل شيء لبنيان الجميع. ولا يجب أن يزيد عدد المتكلمين في اجتماع واحد عن ثلاثة، ولا يتكلمون معاً، بل يتكلمون بترتيب واحداً بعد الآخر. وإن كان أحد يتكلم بلغة أجنبية فعليهم أن يترجموا له. أما إن تكلم أحد بلسان، ولم يكن من يترجم له، فعليه أن يسكت في الكنيسة، لكنه يمكن أن يستمر في التكلّم بألسنة لأنه بذلك يكلم نفسه والله. ويقول إنه إذا وُجد عدد من المتنبئين (الوعاظ) في اجتماع واحد، فلا يجب أن يزيد عددهم عن ثلاثة. وإن كان أحد الموجودين عنده موهبة «تمييز الأرواح» (12 : 10) فعليه أن يحكم بإلهام المتكلم أو عدم إلهامه. إذا أرشد الله واحداً أن يتكلم فعليه أن ينتظر إلى أن يفرغ زميله من الكلام فيبدأ الحديث بعده، لكي لا يتكلم الاثنان معاً في وقت واحد. وهذا أفضل لتعليم الموجودين ولبنيانهم. واذا حدث أن واحداً منهم قال إنه لا يستطيع أن يسكت عندما يبدأ في الكلام، فالرسول يقول له إن أرواح الأنبياء التي حلّ عليها الروح القدس هي خاضعة للأنبياء، فيمكنه أن يتكلم متى شاء ويسكت متى شاء. ذلك لأن إلهنا ليس إله تشويش - فنسمع اثنين من الوعاظ يتكلمان في وقت واحد - لكن الله إله سلام ونظام.

ويعالج الرسول نقطة أخرى، وهي كلام النساء في الكنيسة. فيقول إنه يمنع النساء عن الكلام في الكنيسة. وهذا يرجع إلى أن النسوة اللاتي كان يُسمح لهنّ بالكلام في الاجتماعات العامة في مدينة كورنثوس هن النسوة اللواتي خصَّصن أنفسهن للزنا في معابد الأصنام. ولا يريد الرسول لسيدات الكنيسة أن يتشبّهن بسيدات العالم. على أن هذا لا يعني أن النساء يسكتن مطلقاً، فنحن نعلم أنه قد أُذن للنساء أن يتكلمن وأن يتنبأن (يوئيل 2: 28) وقد اقتبس بطرس الرسول يوم الخمسين ما جاء في نبوة يوئيل هذه (أعمال 2: 17). وكان لفيلبس أربع بنات عذارى كن يتنبأن (أعمال 21: 9). إننا يجب أن ننتبه إلى عدم إعثار الآخرين، وعدم وضع عقبات في طريق غير المؤمنين لكي يؤمنوا. وينتهي الرسول بقوله إنه يقدم هذه النصائح جميعها بسلطان رسولي. فإذا وُجد من يريد أن يرفض سلطان الرسول بولس فله أن يرفض ذلك.

ويختم حديثه بقوله: يا إخوتي، أرجو أن ترغبوا في موهبة التنبؤ. ولكن لا تمنعوا أحداً يتكلم بألسنة. ويجب أن يكون كل شىء بلياقة ونظام وبحسب ترتيب.

آية للحفظ

«وَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ بِلِيَاقَةٍ وَبِحَسَبِ تَرْتِيبٍ» (1كورنثوس 14: 40)

صلاة

أبانا السماوي، نحن نشكرك لأنك إله سلام، وتريدنا أن نبتعد عن التشويش وعن كل ما يعطل النظام. ساعدنا لنتعلم كيف نسلك بلياقة، وكيف يكون عندنا ترتيب، وكيف نكون في سلام ومحبة. علمنا يا أبانا كيف نمجدك في سلوكنا وتصرفنا حتى لا يكون هناك علة لمن هم من خارج لينتقدوا كنيستك.

سؤال

10 - لماذا يطلب الرسول بولس أن تكون العبادة في الكنيسة عبادة منظمة؟

الجزء الخامس قيامة الجسد (1كورنثوس 15: 1 - 58)

بعد أن أجاب الرسول بولس الأسئلة التي قدمها إليه أهل كورنثوس، يعود الآن ليتحدث عن موضوع هام للغاية، وهو قيامة المؤمنين. عندما قام المسيح من بين الأموات شكَّ عدد قليل من المؤمنين في قيامته (متى 28: 17). ولكن هذا الشك كان طارئاً وانتهى. وأهل كورنثوس يؤمنون بقيامة المسيح، لكنهم يشكون في قيامة أجسادهم هم. ويهدف الرسول بولس في هذا الأصحاح أن يثبت أن قيامة المؤمنين متضمَّنة في قيامة المسيح، و ندرس في هذا الأصحاح الأمور الآتية:

1 - أدلة على قيامة المسيح (آيات 1 - 11)

2 - قيامة الأموات تتبع قيامة المسيح (آيات 12 - 34)

  1. قيامة المسيح أساس رجائنا (آيات 12 - 19)

  2. المسيحية تقوم على القيامة (آيات 20 - 28)

  3. الإيمان بالقيامة يساعدنا على احتمال الضيقات (آيات 29 - 34)

3 - طريقة قيامة الجسد (15: 35 - 57)

  1. أمثلة من الطبيعة (آيات 35 - 41)

  2. طبيعة الجسد المقام (آيات 42 - 49)

  3. كيف ستكون قيامة الأموات (50 - 58)

1 - أدلة على قيامة المسيح (1 كورنثوس 15: 1-11)

1 وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ بِٱلإِنْجِيلِ ٱلَّذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ، وَقَبِلْتُمُوهُ، وَتَقُومُونَ فِيهِ، 2 وَبِهِ أَيْضاً تَخْلُصُونَ، إِنْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّ كَلامٍ بَشَّرْتُكُمْ بِهِ. إِلا إِذَا كُنْتُمْ قَدْ آمَنْتُمْ عَبَثاً! 3 فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي ٱلأَّوَلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضاً: أَنَّ ٱلْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ ٱلْكُتُبِ، 4 وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ حَسَبَ ٱلْكُتُبِ، 5 وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلٱثْنَيْ عَشَرَ. 6 وَبَعْدَ ذٰلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ، أَكْثَرُهُمْ بَاقٍ إِلَى ٱلآنَ. وَلٰكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. 7 وَبَعْدَ ذٰلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ. 8 وَآخِرَ ٱلْكُلِّ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ظَهَرَ لِي أَنَا. 9 لأَنِّي أَصْغَرُ ٱلرُّسُلِ، أَنَا ٱلَّذِي لَسْتُ أَهْلاً لأَنْ أُدْعَى رَسُولاً، لأَنِّي ٱضْطَهَدْتُ كَنِيسَةَ ٱللّٰهِ. 10 وَلٰكِنْ بِنِعْمَةِ ٱللّٰهِ أَنَا مَا أَنَا، وَنِعْمَتُهُ ٱلْمُعْطَاةُ لِي لَمْ تَكُنْ بَاطِلَةً، بَلْ أَنَا تَعِبْتُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ جَمِيعِهِمْ. وَلٰكِنْ لا أَنَا، بَلْ نِعْمَةُ ٱللّٰهِ ٱلَّتِي مَعِي. 11 فَسَوَاءٌ أَنَا أَمْ أُولٰئِكَ، هٰكَذَا نَكْرِزُ وَهٰكَذَا آمَنْتُمْ (1كورنثوس 15: 1 - 11)

ترقَّب أهل كورنثوس بشوق مجئ المسيح ثانية وهم أحياء دون أن يذوقوا الموت. فلما مات بعض أعضاء الكنيسة قبل رجوع المسيح فزع بعض الإخوة وتشاءموا قائلين: إن الإيمان خداع، ولا أمل أن يقوم هؤلاء الذين ماتوا. فقال لهم بولس: لقد بشرتكم بالإنجيل - الخبر المفرح - عن الحياة الحاضرة وعن الحياة المستقبلة، وقد قبلتموه، وبه أيضاً تخلصون. خلصتم من خطية الماضي بالغفران، وتخلصون في حاضركم بأن يقدسكم الله، وستخلصون في المستقبل إذْ تتمجَّدون. هذا يعني أن المؤمن سيختبر فداءه وخلاصه الكامل في المستقبل، بشرط أن يثبت في إنجيل المسيح، ويمتليء بكلماته التي تدفعه بقوة عظيمة إلى الايمان والرجاء والمحبة.

ويلخص الرسول بولس الإنجيل بقوله إن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب وانه دُفن. فقد تنبأت التوراة عن موت المسيح (اشعياء 53 ، مزمور 22) وعن دفنه وقيامته (مزمور 16).

ويقدم الرسول البراهين التالية على قيامة المسيح من بين الأموات:

  1. ظهوره بعد قيامته لبطرس أولاً، ثم للاثني عشر تلميذاً.

  2. ظهوره لأكثر من خمسمائة أخ في وقت واحد، لم يزل أكثرهم أحياء وقت كتابة هذه الرسالة.

  3. ظهوره ظهوراً خاصاً ليعقوب.

  4. ظهوره لكل التلاميذ.

  5. ظهوره لبولس الرسول نفسه.

وقد أثبتت عقيدة القيامة أنها من عقائد تعليم الرسل كلهم، وإيمان المسيحيين جميعاً. وفي تواضع يقول الرسول بولس عن نفسه إنه السِّقط (السقط هو الطفل الذي يولد قبل موعده فيكون ناقصاً غير متكامل) ولعل بولس يقصد بذلك شيئين:

  1. اهتداءه غير المنتظر والمفاجئ للمسيح.

  2. نقصه وعدم كماله وضعف نموه.

ويقول إنه أصغر الرسل، ولا يستحق أن يُدعى رسولاً، لأنه اضطهد الكنيسة. ولكن بنعمة الله ومن فضله عليه، وبقوة الله التي تعمل فيه، جعل الله منه رسولاً. ونعمة الله المعطاة له لم تكن باطلة، فلقد أثمرت أنه تعب أكثر من جميع الرسل في نشر الإنجيل. ويقول الرسول بولس إن هذا الذي تعبه لم يكن من نتيجة عمله هو، إنما بنعمة الله التي كانت معه. وبتلك النعمة هو وبقية الرسل يكرزون بقيامة المسيح من الأموات وبصدق هذه القيامة التي رأوها بعيونهم، وهكذا آمن أهل كورنثوس بهذه الشهادة.

آية للحفظ

«ٱلْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ ٱلْكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ حَسَبَ ٱلْكُتُبِ» (1كورنثوس 15: 3 ، 4)

صلاة

نقدم اليك شكرنا ياأبانا السماوي على محبة مذهلة أحببتنا بها حتى بذلت المسيح مصلوباً. ونشكرك من أجل قيامته التي تضمن لنا الحياة الأبدية. نشكرك لأننا ننتصر في المسيح المنتصر. ربنا ارفع عيوننا إلى رجاء أفضل في المسيح.

سؤال

11 -أذكر برهاناً يدلل به الرسول بولس على صدق القيامة.

2 - قيامة الأموات تتبع قيامة المسيح (1كورنثوس 15: 12 - 34)

بعد أن برهن الرسول بولس من كلمات الكتاب المقدس ومن ظهور المسيح للرسل، عاد يوضح أن المسيح قد قام فعلاً من الموت وأن الأموات في المسيح سوف يقومون. وهو يقدم لنا هنا ثلاثة أفكار:

  1. ان قيامة المسيح هي أساس رجائنا في قيامة الأموات (آيات12 - 19)

  2. المسيحية تقوم على حقيقة القيامة (20 - 28)

  3. الإيمان بالقيامة يساعدنا على احتمال الضيقات (29 - 34)

(أ) قيامة المسيح أساس رجائنا

12وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ ٱلْمَسِيحُ يُكْرَزُ بِهِ أَنَّهُ قَامَ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ، فَكَيْفَ يَقُولُ قَوْمٌ بَيْنَكُمْ إِنْ لَيْسَ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ؟ 13 فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلا يَكُونُ ٱلْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! 14 وَإِنْ لَمْ يَكُنِ ٱلْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضاً إِيمَانُكُمْ، 15 وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضاً شُهُودَ زُورٍ لِلّٰهِ، لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ ٱللّٰهِ أَنَّهُ أَقَامَ ٱلْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ - إِنْ كَانَ ٱلْمَوْتٰى لا يَقُومُونَ. 16 لأَنَّهُ إِنْ كَانَ ٱلْمَوْتٰى لا يَقُومُونَ فَلا يَكُونُ ٱلْمَسِيحُ قَدْ قَامَ. 17 وَإِنْ لَمْ يَكُنِ ٱلْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! 18 إِذاً ٱلَّذِينَ رَقَدُوا فِي ٱلْمَسِيحِ أَيْضاً هَلَكُوا! 19 إِنْ كَانَ لَنَا فِي هٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي ٱلْمَسِيحِ فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ (1كورنثوس 15: 12 - 19).

في هذه الآيات يقول الرسول بولس إنه ما دام المسيح قد قام، فلابد أن يقوم المؤمنون بالمسيح، لأن ما يحدث مرة يمكن أن يحدث مراراً. وإذا كانت هناك اعتراضات على القيامة العامة لجماعة المؤمنين عند مجئ المسيح ثانية، فإن هذه الاعتراضات يمكن أن تُوجَّه ضد قيامة المسيح نفسه. وبما أن المسيح قد قام، وبما أن هذا واضح (آيات 1 - 11) فلابد إذاً أن تكون هناك قيامة عامة لجميع المؤمنين.

ويعدد الرسول بولس الآثار التي تترتب على عدم قيامة المسيح، وعلى عدم قيام الأموات الذين يؤمنون بالمسيح.

ويقول إنْ كان الأموات لا يقومون فهذا يعني أن المسيح لم يقُم (آية 13). وإن كان المسيح لم يقم فإن تبشير بولس وسائر الرسل تبشير باطل، وايمان أهل كورنثوس مبني على الباطل، فهو أيضاً باطل (آية 14). ويكون أهل كورنثوس في خطاياهم عُرضة لدينونة الخطية وتحت سلطانها (آية 19). وإن لم يكن المسيح قد قام يكون كل ما أعلنه الرسل عن قيامة المسيح شهادة زور عن الله، لأنهم شهدوا أن الله أقامه لكن الله لم يُقمه (آية 15). ويكون أيضاً أن الذين آمنوا بالمسيح ثم ماتوا قد هلكوا بلا رجاء، وذهبوا إلى جهنم، لأن المسيح لم يقم ولم يبررهم ولم يشفع فيهم (آية 18). ويختم الرسول هذا الجزء بقوله: إن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح فإننا أشقى جميع الناس، لأننا نتحمل الاضطهاد والمتاعب، وتنتهي حياتنا بالموت على غير طائل، فلا رجاء لنا بعد هذه الحياة.

إن هلك المؤمنون والأشرار معاً، فإن المؤمنين يكونون أسوأ حالاً، لأن آمالهم في الحياة الأبدية كانت أعظم من آمال الخطاة، ولذلك فإن خيبتهم تكون أكثر! لقد تعبوا وأنكروا أنفسهم واضطُهدوا عبثاً.

عزيزي القارئ، المسيح حي وقد بررنا. ونتيجة لتبريرنا نحن نطّوب الأموات الذين يموتون في الرب، نعم يقول الروح لأنهم يستريحون من أتعابهم وأعمالهم تتبعهم، وهم يتوقعون قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي - لأن الروح القدس فينا هو الحياة الأبدية.

آية للحفظ

«إِنْ لَمْ يَكُنِ ٱلْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ» (1كورنثوس 15: 17)

صلاة

أبانا السماوي نشكرك من كل القلب لأن قيامة المسيح تعني قيامة كل من يؤمنون بالمسيح، فقيامة المسيح عربون قيامتنا. نشكرك لأن المسيح الذي قام يضمن لنا أن إيماننا صحيح، وأننا نحن أيضاً سنتمجد مع المسيح. أبانا باركنا لتكون قلوبنا متعلّقة دوماً بالرجاء الآتي، رجاء الحياة الأبدية.

سؤال

12 - اذكر نتيجتين كان يمكن أن تكونا لو لم يكن المسيح قد قام من بين الأموات.

(ب) المسيحية تقوم على القيامة

20 وَلٰكِنِ ٱلآنَ قَدْ قَامَ ٱلْمَسِيحُ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ ٱلرَّاقِدِينَ. 21 فَإِنَّهُ إِذِ ٱلْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضاً قِيَامَةُ ٱلأَمْوَاتِ. 22 لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ ٱلْجَمِيعُ هٰكَذَا فِي ٱلْمَسِيحِ سَيُحْيَا ٱلْجَمِيعُ. 23 وَلٰكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُتْبَتِهِ. ٱلْمَسِيحُ بَاكُورَةٌ، ثُمَّ ٱلَّذِينَ لِلْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ. 24 وَبَعْدَ ذٰلِكَ ٱلنِّهَايَةُ، مَتَى سَلَّمَ ٱلْمُلْكَ لِلّٰهِ ٱلآبِ، مَتَى أَبْطَلَ كُلَّ رِيَاسَةٍ وَكُلَّ سُلْطَانٍ وَكُلَّ قُّوَةٍ. 25لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَمْلِكَ حَتَّى يَضَعَ جَمِيعَ ٱلأَعْدَاءِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. 26 آخِرُ عَدُّوٍ يُبْطَلُ هُوَ ٱلْمَوْتُ. 27 لأَنَّهُ أَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. وَلٰكِنْ حِينَمَا يَقُولُ إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُخْضِعَ فَوَاضِحٌ أَنَّهُ غَيْرُ ٱلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ ٱلْكُلَّ. 28 وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ ٱلْكُلُّ، فَحِينَئِذٍ ٱلِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ ٱلْكُلَّ، كَيْ يَكُونَ ٱللّٰهُ ٱلْكُلَّ فِي ٱلْكُلِّ (1كورنثوس 15: 20 - 28)

شكراً لله أن المسيح قد قام، وقيامته باكورة الراقدين - أي سبقت قيامة شعبه - كما أن باكورة الحصاد(أول الحصاد) تعني أن بقية الحصاد آتية لا شك فيها. فجسد المسيح الممجَّد الذي قام يعني أن بقية أجساد شعبه سوف تتمجد «ٱلَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ» (فيلبي 3: 21). ولا يُقصد من قولنا «المسيح باكورة الراقدين» أنه أول من قام من الأموات، فلقد قام من قبله لعازر وابن أرملة نايين وغيرهما، لكن المقصود أنه أعظم من قام من بين الأموات، وأهم من قام. ويقول الرسول بولس إنه بآدم قد دخل الموت إلى جميع الناس، وبآدم الثاني (الرب يسوع المسيح) تكون قيامة الأموات. وكما يموت جميع الناس في آدم الأول، سيُحيا جميع الناس في آدم الأخير الذي هو المسيح. لكن كل واحد في رتبته. فقيامة المسيح هي سبب قيامة المؤمنين، وهي قبل قيامة المؤمنين. فالمسيح أولاً لأنه البكر، ثم الذين هم للمسيح عند مجيئه. هذا يعني أن قيامة المسيح لا تتبعها قيامة المؤمنين به فوراً، بل تحدث قيامة المؤمنين به عند مجيئه ثانية. وعندئذ يكون المنتهى، حين يسلم المسيح الُملك إلى الله الآب، بعد أن يبيد كل رئاسة وكل سلطة وكل قوة.

ما هو هذا الملك الذي يسلّمه المسيح لله الآب؟.... هو المُلك الذي أخذه بعد قيامته جزاء على اتضاعه الاختياري. وهذا يعني أنه بعد إتمامه عمل الفداء في مجيئه ثانية لا يبقى عمل خاص لكل أقنوم من الأقانيم الثلاثة، فيكون السلطان كله كما كان قبل الشروع في عمل الفداء، لله الإله الواحد الأزلي، ليكون هو الكل في الكل. على أننا لا نعرف كل الأسرار، فإن مجد المسيح في الله أعظم جداً مما ندرك.

آية للحفظ

«لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَمْلِكَ حَتَّى يَضَعَ جَمِيعَ ٱلأَعْدَاءِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ» (1كورنثوس 15: 25)

صلاة

أبانا السماوي نشكرك لأن المسيح باكورة الراقدين. نشكرك لأن كل شيء سيُخضع له، ونشكرك لأن كل أعدائه سيُوضعون تحت قدميه. أبانا أعطنا النعمة التي تجعلنا نخضع للمسيح ونعترف به رباً والهاً ليتمجد فينا وفي حياتنا.

سؤال

13 - ما معنى «الموت بإنسان، وبإنسان أيضاً قيامة الأموات»؟

(ج) الإيمان بالقيامة يساعدنا على احتمال الضيقات

29 وَإِلا فَمَاذَا يَصْنَعُ ٱلَّذِينَ يَعْتَمِدُونَ مِنْ أَجْلِ ٱلأَمْوَاتِ؟ إِنْ كَانَ ٱلأَمْوَاتُ لا يَقُومُونَ ٱلْبَتَّةَ، فَلِمَاذَا يَعْتَمِدُونَ مِنْ أَجْلِ ٱلأَمْوَاتِ؟ 30وَلِمَاذَا نُخَاطِرُ نَحْنُ كُلَّ سَاعَةٍ؟ 31إِنِّي بِٱفْتِخَارِكُمُ ٱلَّذِي لِي فِي يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ رَبِّنَا أَمُوتُ كُلَّ يَوْمٍ. 32 إِنْ كُنْتُ كَإِنْسَانٍ قَدْ حَارَبْتُ وُحُوشاً فِي أَفَسُسَ، فَمَا ٱلْمَنْفَعَةُ لِي؟ إِنْ كَانَ ٱلأَمْوَاتُ لا يَقُومُونَ، فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَداً نَمُوتُ! 33 لا تَضِلُّوا! فَإِنَّ ٱلْمُعَاشَرَاتِ ٱلرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ ٱلأَخْلاقَ ٱلْجَيِّدَةَ. 34 اُصْحُوا لِلْبِرِّ وَلا تُخْطِئُوا، لأَنَّ قَوْماً لَيْسَتْ لَهُمْ مَعْرِفَةٌ بِٱللّٰهِ. أَقُولُ ذٰلِكَ لِتَخْجِيلِكُمْ (1كورنثوس 15: 29 - 34)

يتساءل الرسول بولس: ماذا يصنع الذين يعتمدون من أجل الأموات؟ هذه المعمودية هي معمودية الدم التي قال عنها المسيح لابني زبدي «أَتَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا ٱلْكَأْسَ ٱلَّتِي سَوْفَ أَشْرَبُهَا أَنَا، وَأَنْ تَصْطَبِغَا بِٱلصِّبْغَةِ ٱلَّتِي أَصْطَبِغُ بِهَا أَنَا؟» (متى 20: 22) فيكون معنى سؤال بولس: لماذا يسفك الأموات دمهم باطلاً إن كان المسيح لم يقم ولن تحدث قيامة لشعبه؟ إن صحَّ أنه لا قيامة فلا داعي لهذه المعمودية وهذا الألم، لأنهم يتألمون بلا سبب وبلا رجاء. ويتساءل الرسول بولس: لماذا نخاطر كل ساعة؟ لقد أشرف بولس على الموت مع قديسين آخرين لأنه بشروا بإنجيل المسيح في عالم من الحاقدين الذين صلبوا المسيح المخلّص. ولا يقول الرسول بولس هذا أسفاً، لكن افتخاراً بأن الرسالة التي أدّاها كانت سبباً في إيمان أهل كورنثوس، فهو يرى نفسه عُرْضة للقتل كل يوم، وهذا معنى قوله «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ ٱلنَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ» (رومية 8: 36). وهو يفعل كل هذا تأكداً من الرجاء العظيم الذي له بالقيامة من الأموات. ويقول الرسول بولس إنه كإنسان حارب وحوشاً في أفسس، وقد تكون هذه الوحوش حقيقية، فهي الحيوانات المفترسة التي اعتاد الرومان أن يطلقوها على الذين يريدون أن يقتلوهم. أو قد تكون أسوداً مجازية يُراد بها البشر، الظالمون الذين صفاتهم كصفات الوحوش. فإن كان الأموات لا يقومون فلا منفعة لبولس من أن تقتله الوحوش، وأن يخاطر كل ساعة، وأن يموت كل يوم. إن كان الأموات لا يقومون إذاً فلنطبق الفلسفة الفاسدة التي نادى بها الابيقوريون الذين قالوا «لنأكل ونشرب لأننا غداً نموت».

ويختم الرسول هذا الجزء بأن يحذر أهل كورنثوس من أن يستمعوا إلى ضلالات المعلمين الفاسدين من أمثال الذين نادوا بالأكل والشرب لأنه لا قيامة. هذه هي المعاشرات الردية التي تفسد الأخلاق الجيدة. ويطلب منهم أن يستيقظوا ويصحوا للبر ولا يخطئوا متبعين أقوال فاسدة علَّمها المعلمون الكذبة.

آية للحفظ

«لا تَضِلُّوا! فَإِنَّ ٱلْمُعَاشَرَاتِ ٱلرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ ٱلأَخْلاقَ ٱلْجَيِّدَةَ» (1كورنثوس 15: 33)

صلاة

أبانا السماوي نشكرك من كل القلب لأن رجاء القيامة يجعلنا نقبل التضحية من أجلك، لأننا نعلم أن لنا رجاء في الحياة الأبدية. أبانا نشكرك لأن المسيح تألم لأجلنا، ولأن آلام المسيح وانتصاره يمنحاننا النعمة لنتألم من أجل المسيح، لأننا سننتصر معه. ساعدنا يارب لنبتعد عن التعاليم الفاسدة ولنثبت فيك وحدك.

سؤال

14 - ما هو الخطأ الذي تراه في فلسفة الذين يقولون «لنأكل ونشرب لأننا غداً نموت»؟

3 - طريقة قيامة الجسد (1كورنثوس 15: 35 - 58)

في هذا الجزء يتحدث الرسول بولس عن ثلاثة أفكار رئيسية:

  1. يقدّم أمثلة من الطبيعة عن القيامة (آيات 35 - 41)

  2. ويتحدّث عن طبيعة الجسد المُقام (42 - 49)

  3. ثم يتكلم عن كيف ستكون قيامة الأموات (50 - 58)

(أ) أمثلة من الطبيعة عن القيامة

35لٰكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: كَيْفَ يُقَامُ ٱلأَمْوَاتُ، وَبِأَيِّ جِسْمٍ يَأْتُونَ؟ 36 يَا غَبِيُّ! ٱلَّذِي تَزْرَعُهُ لا يُحْيَا إِنْ لَمْ يَمُتْ. 37 وَٱلَّذِي تَزْرَعُهُ، لَسْتَ تَزْرَعُ ٱلْجِسْمَ ٱلَّذِي سَوْفَ يَصِيرُ، بَلْ حَبَّةً مُجَرَّدَةً، رُبَّمَا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ أَحَدِ ٱلْبَوَاقِي. 38 وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ يُعْطِيهَا جِسْماً كَمَا أَرَادَ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ ٱلْبُزُورِ جِسْمَهُ. 39 لَيْسَ كُلُّ جَسَدٍ جَسَداً وَاحِداً، بَلْ لِلنَّاسِ جَسَدٌ وَاحِدٌ وَلِلْبَهَائِمِ جَسَدٌ آخَرُ، وَلِلسَّمَكِ آخَرُ وَلِلطَّيْرِ آخَرُ. 40 وَأَجْسَامٌ سَمَاوِيَّةٌ وَأَجْسَامٌ أَرْضِيَّةٌ. لٰكِنَّ مَجْدَ ٱلسَّمَاوِيَّاتِ شَيْءٌ وَمَجْدَ ٱلأَرْضِيَّاتِ آخَرُ. 41 مَجْدُ ٱلشَّمْسِ شَيْءٌ وَمَجْدُ ٱلْقَمَرِ آخَرُ، وَمَجْدُ ٱلنُّجُومِ آخَرُ. لأَنَّ نَجْماً يَمْتَازُ عَنْ نَجْمٍ فِي ٱلْمَجْدِ (1كورنثوس 15: 35 - 41).

هل وقفت مرة بجوار فراش ميت ورأيت كيف يضمحل جسده؟ هل رأيت حادثة اصطدام سيارة وقتل ركابها؟ هل سمعت أنين احتضار المائتين؟ اعلم أيها القارئ العزيز أن جسدنا الجميل هذا هو جسد فانٍ، لأن الخطية قد جاءت بالموت إلى العالم، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس الأغنياء والأقوياء والأذكياء والضعفاء والمساكين. ويسأل أحدهم : كيف يقوم الأموات وفي أي جسد يعودون؟

والرسول بولس يقدم ثلاث حقائق رائعة:

  1. ضرورة الموت لنبلغ الحياة الكاملة.

  2. طبيعة الجسد قبل القيامة وبعدها.

  3. التغيير الكامل المدهش الذي يحدث.

ليس من الصواب أن نظن أن البذرة تموت حينما تُلقى في الأرض. إنها تموت كبذرة ولكنها تحتفظ بجرثومة الحياة. ففي كل انسان شيء غير مادي يبقى بعد الموت يكسوه الله جسداً يظهر به أمجد وأعظم من الجسد القديم، كما أن الزهرة أعظم وأمجد من البذرة. ويقول الرسول بولس إن أجسادنا المستقبلة يمكن أن تكون بالنسبة لأجسادنا الحاضرة كنسبة البذور إلى نباتاتها، وأن من صفات المادة أنها تظهر في أشكال مختلفة كما نرى في النباتات والحيوان. هكذا تتنوع الأجرام السماوية كالشمس والقمر والنجوم، فهي تختلف بعضها عن بعض في المجد. كذلك يمكن أن تختلف أجسادنا المستقبلة عن أجسادنا الحاضرة.

عزيزي القارئ، ارتفع عن أفكارك من الموت إلى الحياة.. إلى العلاء حيث المسيح جالس عن يمين الله، واجعله هو هدف تفكيرك. قال بولس الرسول لأهل كولوسي «فَٱطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ ٱلْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ. ٱهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لا بِمَا عَلَى ٱلأَرْضِ، لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ ٱلْمَسِيحِ فِي ٱللّٰهِ. مَتَى أُظْهِرَ ٱلْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً مَعَهُ فِي ٱلْمَجْ» (كولوسى 3: 1 - 4).

آية للحفظ

«ٱلَّذِي تَزْرَعُهُ لا يُحْيَا إِنْ لَمْ يَمُتْ» (1كورنثوس 15: 36)

صلاة

أبانا السماوي نباركك ونشكرك لأن الموت ليس نهايتنا. إننا لا نتلاشى بالموت لكننا ننتقل الى حال أفضل. لسوف نلبس الجسد المجيد، لسوف نُعطَى المجد كله الذي هو للمسيح. ونشكرك ياأبانا لأنك تحذرنا من أن نظن أن الموت هو النهاية. امنحنا النعمة التي تجعلنا نمتد إلى ما هو قدام، إلى ما هو أفضل بأمل ورجاء كامل في مستقبل أمجد بالمسيح.

سؤال

15 - اعط برهاناً من الطبيعة على أن القيامة ممكنة.

(ب) طبيعة الجسد المقام

42هٰكَذَا أَيْضاً قِيَامَةُ ٱلأَمْوَاتِ: يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. 43يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضُعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُّوَةٍ. 44يُزْرَعُ جِسْماً حَيَوَانِيّاً وَيُقَامُ جِسْماً رُوحَانِيّاً. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَانِيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَانِيٌّ. 45هٰكَذَا مَكْتُوبٌ أَيْضاً: صَارَ آدَمُ ٱلإِنْسَانُ ٱلأَّوَلُ نَفْساً حَيَّةً، وَآدَمُ ٱلأَخِيرُ رُوحاً مُحْيِياً. 46لٰكِنْ لَيْسَ ٱلرُّوحَانِيُّ أَّوَلاً بَلِ ٱلْحَيَوَانِيُّ، وَبَعْدَ ذٰلِكَ ٱلرُّوحَانِيُّ. 47ٱلإِنْسَانُ ٱلأَّوَلُ مِنَ ٱلأَرْضِ تُرَابِيٌّ. ٱلإِنْسَانُ ٱلثَّانِي ٱلرَّبُّ مِنَ ٱلسَّمَاءِ. 48كَمَا هُوَ ٱلتُّرَابِيُّ هٰكَذَا ٱلتُّرَابِيُّونَ أَيْضاً، وَكَمَا هُوَ ٱلسَّمَاوِيُّ هٰكَذَا ٱلسَّمَاوِيُّونَ أَيْضاً. 49وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ ٱلتُّرَابِيِّ سَنَلْبَسُ أَيْضاً صُورَةَ ٱلسَّمَاوِيِّ (1كورنثوس 15: 42 - 49).

يقدم الرسول بولس في هذه الآيات ثلاث حقائق:

  1. إمكانية حدوث تغيير عجيب في مادة الجسد بواسطة الموت. هذا نراه واضحاً من رؤية البذرة تتطور إلى زهرة.

  2. الاحتفاظ بالذاتية على الرغم من هذا التغيير، كما أن بذرة معيّنة تنتج دائماً نباتاً واحداً وتتوالد منه أيضاً.

  3. قدرة المادة على أن تتكيَّف بطرق متنوعة لا حصر لها لتتلاءم مع جميع الأوساط التي توجد فيها.

الإنسان في حالته الطبيعية له جسد يشبه جسد بعض الحيوان. وكل مدرّس لعلم الأحياء يقدر أن يريك الشَّبه بين الهيكل العظمي للإنسان والهيكل العظمى للقرد. في تصرفاتنا أيضاً نشبه الحيوانات في كفاحها من أجل البقاء وفي سعيها لأجل الطعام. نشبهها أيضاً في التوالد الجنسي لاستمرار النوع. لكن الانسان ليس حيواناً فقط، فقد منحه الله نفساً حية، هي سر الإنسانية وذاتها وجوهرها. وحيث يفقد الإنسان ضميره أو يُسكته يشبه سريعاً الحيوان في تصرفاته. هذا لأن الله نفخ في الإنسان نسمة منه، ولهذا فإن النفس لا تموت إذا مات الجسد الطبيعي. والمؤمن يرتاح حتى يوم القيامة فيقوم ليتغيرّ إلى مجد. وكل نفس مذنبة تتعذب في الآخرة ندامة ويأساً، لأن صاحبها رفض أن يتطهر بدم المسيح، ولم يقبل أن يتجدد بفاعلية الروح القدس. فقد جاء المسيح إلى عالمنا بثورة الحياة الأبدية إذ حل بيننا، ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب، وأعطانا من مجده نعمة فوق نعمة. وأنت مدعّوٌ لتكون كالمسيح. ولا تقدر أن تصلح نفسك بقوتك، لكن قوة حياة المسيح فيك تجعلك حياً في المسيح. وعند القيامة تجد هذا الضعيف القابل للفساد، المهان الذي يوضع في القبر، قد قام جسداً قادراً غير ضعيف، غير قابل للفساد، غير مهان، روحياً، ممجَّداً، فوق طبيعي، روحياً بخلاف الجسد الطبيعي.

ويقول الكتاب المقدس لنا إن آدم خُلق بجسد طبيعي يتفق مع حياته على الأرض، وإن للمسيح جسداً روحانياً يتفق مع كونه روحاً محيياً. وكما أن آدم سبق المسيح، تسبق أجسادنا الطبيعية أجسادنا الممجدة، وهكذا كما لبسنا صورة الترابي في آدم سنلبس صورة السماوي في المسيح.

آية للحفظ

«صَارَ آدَمُ ٱلإِنْسَانُ ٱلأَّوَلُ نَفْساً حَيَّةً، وَآدَمُ ٱلأَخِيرُ رُوحاً مُحْيِياً» (1كورنثوس 15: 45)

صلاة

أبانا السماوي أباركك وأشكرك من كل قلبي لأنني في المسيح صرت إنساناً جديداً. هذا هو آدم الثاني الروح المحيي الذي يقيمني من هواني إلى مجده، ومن ضعفي الى قوته ومن حيوانيتي الى روحانيته. أبانا ساعدني لأتغير هنا والآن، ولأتطلع إلى التغيير الكامل معك في مجدك عندما يجئ المسيح ثانية من السماء.

سؤال

16 - كيف يمكن أن الترابي الذي على شبه آدم الإنسان الأول يصبح سماوياً على شبه المسيح آدم الأخير؟

(ج) كيف ستكون قيامة الأموات

50فَأَقُولُ هٰذَا أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ: إِنَّ لَحْماً وَدَماً لا يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ، وَلا يَرِثُ ٱلْفَسَادُ عَدَمَ ٱلْفَسَادِ. 51 هُوَذَا سِرٌّ أَقُولُهُ لَكُمْ: لا نَرْقُدُ كُلُّنَا، وَلٰكِنَّنَا كُلَّنَا نَتَغَيَّرُ، 52 فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، عِنْدَ ٱلْبُوقِ ٱلأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَّوَقُ، فَيُقَامُ ٱلأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ. 53 لأَنَّ هٰذَا ٱلْفَاسِدَ لا بُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهٰذَا ٱلْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ. 54 وَمَتَى لَبِسَ هٰذَا ٱلْفَاسِدُ عَدَمَ فَسَادٍ، وَلَبِسَ هٰذَا ٱلْمَائِتُ عَدَمَ مَوْتٍ، فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ ٱلْكَلِمَةُ ٱلْمَكْتُوبَةُ: ٱبْتُلِعَ ٱلْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ. 55 أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟ 56 أَمَّا شَوْكَةُ ٱلْمَوْتِ فَهِيَ ٱلْخَطِيَّةُ، وَقُّوَةُ ٱلْخَطِيَّةِ هِيَ ٱلنَّامُوسُ. 57 وَلٰكِنْ شُكْراً لِلّٰهِ ٱلَّذِي يُعْطِينَا ٱلْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. 58 إِذاً يَا إِخْوَتِي ٱلأَحِبَّاءَ، كُونُوا رَاسِخِينَ، غَيْرَ مُتَزَعْزِعِينَ، مُكْثِرِينَ فِي عَمَلِ ٱلرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِي ٱلرَّبِّ (1كورنثوس 15: 50 - 58).

لا يقدر الإنسان الطبيعي أن يدخل بجسده الدنيوي إلى حضرة الله، لأن اللحم والدم لا يمكنهما أن يرثا ملكوت الله، فلا يمكن للفساد أن يرث ما لا يفسد.

ويقدم الرسول بولس بواسطة الروح القدس نبوة تقول إن ليس كل الناس سيموتون، بل سيتغير المؤمنون الأحياء فجأة عندما يجئ المسيح ثانية. موتهم وقيامتهم ستتحقق في لحظة واحدة، لأن مجد المسيح الحاضر يملأ تابعيه بالحياة الأبدية، فينالون فوراً أمجاداً كما هو مجيد. هذا التغيير سيحدث في فترة صوت البوق الأخير، عندما يرجف صوته الخارق الأموات ويقيم المؤمنين. وعندئذ يتقدم المؤمنون إلى ربهم يعظّمونه بهتاف، ونوره المحب يشعل نورهم بمجد المحبة الظاهرة. سيجذب المسيح كمغناطيس عظيم كل المتعلقين به بقوة لا تُقاوَم، بينما سيرفض المسيح السلبيين ويبعدهم بنفس القوة. في هذه المرحلة ستبعث قوة الله الخالقة أجساد المؤمنين المائتين، وتحّولها إلى أجساد جديدة مجيدة لابسة لبسها الأبدي، إذ تخلقهم بكمال عظيم، على الهيئة التي ظهر بها المسيح بعد قيامته لتلاميذه.

عزيزي القارئ، هل تترقب مجىء المسيح ثانية؟ إن هذا أهم ما يجب أن تتطلع اليه. كثيرون يموتون يومياً دون أن يعرفوا المسيح المخلص الذي سيضمن لهم الجسد الممجد في الحياة الأبدية. لذلك ندعوك أن تسرع أنت شخصياً إلى المسيح لتنال الحياة، ثم تذهب لتقول للناس إن المسيح حي وآتٍ ثانية، ليرجعوا ويتوبوا إلى الله.

ويتنبأ الرسول أننا لا نموت كلنا، بل نتغير كلنا، في لحظة وفي طرفة عين، عند سماع صوت البوق الأخير. وحالما يُسمع صوت البوق يتغير الأحياء الموجودون في الأرض وقتها، ويخلعون جميعاً الجسد الفاني ويلبسون ما لا يفنى. لأن هذا المخلوق المائت لابد أن يلبس ما لا يموت. وعندما يلبس هذا المخلوق الفاسد ما لا يفسد، ويلبس هذا المخلوق الفاني ما لا يفنى، يتم قول الكتاب: أين شوكتك يا موت؟ لقد ابتلع النصرُ الموتَ. أين غلبتك يا هاوية؟ لم يعد للقبر سلطان ولا قوة. شوكة الموت هي الخطيئة وقوة الخطيئة هي الشريعة التي تدين الخطيئة، ولكن المسيح وهبنا النصر تماماً على الموت وعلى الخطيئة وعلى الشريعة، لأن المسيح بموته الكفاري أوجد لنا أساس الحصول على الحياة الأبدية، لأن قيامته تضمن لنا دوماً شفاعته الدائمة.

ويختم الرسول بولس هذا الجزء بتشجيعنا أن نحيا حياة مقدسة تُرضي الله، نخدمه فيها ونحن نتطلع إلى اللحظة التي فيها سوف نتغير. فيقول «يا أحبائي، كونوا راسخين غير متزعزعين، مجتهدين في عمل الرب ومكثرين فيه، فلن يضيع تعبكم من أجل الرب».

آية للحفظ

«لا نَرْقُدُ كُلُّنَا، وَلٰكِنَّنَا كُلَّنَا نَتَغَيَّرُ» (1كورنثوس 15: 51)

صلاة

أبانا السماوي ارفع عيوننا إلى الأمام. إلى المستقبل المجيد. إلى لحظة مجئ المسيح ثانياً، عندما نسمع البوق الأخير. فيقوم الأموات عديمي فساد، والأحياء الموجودون في الأرض وقتها يتغيَّرون، لينضم الجميع معاً ليكونوا معك. ساعدنا لنكثر في عملك، عالمين أن مجازاتنا هي منك، وأن تعبنا ليس باطلاً فيك. إكراماً للمسيح.

سؤال

17 - ما هو السر الذي أعلنه الرسول بولس في 1كورنثوس 15: 51؟

الجزء السادس خاتمة الرسالة (1كورنثوس 16 : 1 - 24)

في الجزء الأخير من هذه الرسالة يتحدث الرسول بولس عن ثلاثة مواضيع:

  1. تنظيم جمع التبرعات لكنيسة أورشليم (آيات 1 - 4)

  2. خطط الرسول بولس في السفر (آيات 5 - 12)

  3. نصائح ختامية وتحيات (آيات 13 - 24)

1 - تنظيم جمع التبرعات لكنيسة أورشليم

1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ ٱلْجَمْعِ لأَجْلِ ٱلْقِدِّيسِينَ فَكَمَا أَوْصَيْتُ كَنَائِسَ غَلاطِيَّةَ هٰكَذَا ٱفْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضاً. 2 فِي كُلِّ أَّوَلِ أُسْبُوعٍ لِيَضَعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عِنْدَهُ، خَازِناً مَا تَيَسَّرَ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ لا يَكُونُ جَمْعٌ حِينَئِذٍ. 3 وَمَتَى حَضَرْتُ، فَٱلَّذِينَ تَسْتَحْسِنُونَهُمْ أُرْسِلُهُمْ بِرَسَائِلَ لِيَحْمِلُوا إِحْسَانَكُمْ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 4 وَإِنْ كَانَ يَسْتَحِقُّ أَنْ أَذْهَبَ أَنَا أَيْضاً، فَسَيَذْهَبُونَ مَعِي (1كورنثوس 16: 1 - 4)

كانت كنيسة أورشليم تمر في أزمة اقتصادية، وأغلب الظن أن سبب ذلك كان المجاعة في أيام كلوديوس قيصر والتي أنبأ بها النبي أغابوس (أعمال 11: 28). وقد جمعت كنائس سوريا الإحسان لكنيسة أورشليم. وهناك سبب آخر جعل كنيسة أورشليم تحتاج إلى معونة، هو الضيق الشديد الذي أوقعه عليهم رجال الدين اليهود. ولا شك في أن ذلك منع مؤمني أورشليم من النجاح في الدنيويات، فقد طُرحوا في السجون كثيراً، ولا يخفى ما ينتج على ذلك من الفقر. ثم كانت هناك خصومات كثيرة بين اليهود والرومان أدت الى الحرب بعد عشر سنين من كتابة هذه الرسالة، وذلك سنة 67 ميلادية. ثم أدت هذه الخصومة بين اليهود والرومان الى حصار أورشليم وخرابها سنة 70 ميلادية.

لا شك في أن هذه الأحوال جميعاً منعت نجاح كنيسة أورشليم في أمور الدنيا. كانت كنيسة أورشليم في حاجة إلى مساعدة مالية، فاجتهد بولس أن يجمع لها ما تحتاج إليه من متنصّري الأمم - مع أن متنصّري اليهود في أورشليم لم يكونوا يحبون بولس - لأنه أدخل مؤمني الأمم إلى الكنيسة قبل أن يتهّوَدوا! وطلب بولس من مؤمني كورنثوس أن يجمعوا كل يوم من أيام الرب ( وهو يوم الأحد) ما يستطيعونه، ليكون جاهزاً يأخذه من عندهم عندما يحضر إليهم. ووعد أن يرسل الإحسان إلى كنيسة أورشليم مع من يختارونه، وأنه هو يرافق الذي يحمل ذلك الإحسان إلى كنيسة أورشليم.

عزيزي القارئ، أنت مطالب أن تفكر في احتياجات الكنيسة، وأنت مسئول أن لا تفكر في نفسك فقط ولا في كنيستك فقط، لكن في كل الكنائس التي تحتاج. أنت مطالب أن تشارك الآخرين فيما أعطاك الله. قُلْ له ما قال داود: «منك يارب الجميع ومن يدك أعطيناك». عندما تتبرّع بالمال أنت تكرم الله، مع أن الله مالك كل شيء ويستطيع أن يدبر احتياج عمله بقوته، لكنه يحب أن يراك أنت تعطي بسرور. كثيرون من المؤمنين يعطون عُشْر دخلهم أو أكثر. ليس هذا فرضاً عليهم، لأننا لا نتبرر بواسطة عطايانا لكن بدم المسيح وحده. غير أننا نقدم عطايانا لنتشبَّه بأبينا السماوي الذي يعطي، فنحن نعطي كما أعطى هو، ولأنه هو أعطانا.

صلاة

أبانا السماوي أشكرك لأنك أعطيتني الابن الوحيد. وأشكرك لأنك معه تعطيني كل شيء بغنى. نصلي يا أبانا أن تجعلني معطياً كريماً أفكر في الآخرين وفي احتياجاتهم. إكراماً للمسيح.

سؤال

18 - ما هي مسئوليتنا نحو المسيحيين المحتاجين إلى معونة مالية؟

2 - خطط بولس في السفر والخدمة

5وَسَأَجِيءُ إِلَيْكُمْ مَتَى ٱجْتَزْتُ بِمَكِدُونِيَّةَ، لأَنِّي أَجْتَازُ بِمَكِدُونِيَّةَ. 6 وَرُبَّمَا أَمْكُثُ عِنْدَكُمْ أَوْ أُشَتِّي أَيْضاً لِكَيْ تُشَيِّعُونِي إِلَى حَيْثُمَا أَذْهَبُ. 7 لأَنِّي لَسْتُ أُرِيدُ ٱلآنَ أَنْ أَرَاكُمْ فِي ٱلْعُبُورِ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ أَمْكُثَ عِنْدَكُمْ زَمَاناً إِنْ أَذِنَ ٱلرَّبُّ. 8 وَلٰكِنَّنِي أَمْكُثُ فِي أَفَسُسَ إِلَى يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ، 9 لأَنَّهُ قَدِ ٱنْفَتَحَ لِي بَابٌ عَظِيمٌ فَعَّالٌ، وَيُوجَدُ مُعَانِدُونَ كَثِيرُونَ.

10ثُمَّ إِنْ أَتَى تِيمُوثَاوُسُ فَٱنْظُرُوا أَنْ يَكُونَ عِنْدَكُمْ بِلا خَوْفٍ. لأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَ ٱلرَّبِّ كَمَا أَنَا أَيْضاً. 11فَلا يَحْتَقِرْهُ أَحَدٌ، بَلْ شَيِّعُوهُ بِسَلامٍ لِيَأْتِيَ إِلَيَّ، لأَنِّي أَنْتَظِرُهُ مَعَ ٱلإِخْوَةِ. 12 وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ أَبُلُّوسَ ٱلأَخِ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهِ كَثِيراً أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْكُمْ مَعَ ٱلإِخْوَةِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ إِرَادَةٌ ٱلْبَتَّةَ أَنْ يَأْتِيَ ٱلآنَ. وَلٰكِنَّهُ سَيَأْتِي مَتَى تَوَفَّقَ ٱلْوَقْتُ (1كورنثوس 16: 5 - 12).

رأينا في الأصحاح الرابع عشر أن الله إله نظام وليس إله تشويش. وختم الرسول بولس الأصحاح الرابع عشر بقوله «ليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب». وهذا ما نجده في تدبير الله للكون، فكل ما في الكون منظم وجميل ورائع، والله يريد لنا أن نتنظم وأن يكون عملنا مدروساً حسب خطة يرشدنا هو إليها. هذا ما حدث تماماً في خدمة الرسول بولس.إنه ينوي أن يذهب إلى مكدونية بعد قليل، وبعد ذلك يريد أن يقضي الشتاء كله في كورنثوس ليعلّم أهلها المزيد ليسهّلوا له مواصلة السفر. أغلب الظن أنه كان ينتظر منهم أن يسيروا معه بعض الطريق، كما اعتاد الإخوة في كل مدينة بشَّر فيها. فيقول: أنا لا أريد أن أراكم هذه المرة رؤية عابرة، بل أرجو أن أقيم بينكم مدة طويلة بإذن الرب، ويقول إنه سيبقى في أفسس حتى يوم الخمسين. وهذا دليل على أنه كتب هذه الرسالة من أفسس. و قصد أن يبقى في أفسس حتى الربيع، ثم يقضي الصيف في مكدونية ويقضي الشتاء في كورنثوس، ثم يصل الى أورشليم قبل عيد الخمسين في السنة التالية. لقد فتح له الرب باباً عظيماً فعالاً في أفسس، فكانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة ولذلك بقي فيها (أعمال 19: 20). وبالرغم من وجود معاندين كثيرين، بعضهم من اليهود وأكثرهم من الأمم، إلا أن بولس وجد نفسه محتاجاً لأن يبقى في أفسس ليقوي إيمان هؤلاء المؤمنين الجدد. ويطلب بولس من أهل كورنثوس أن يهتموا بتلميذه تيموثاوس، فيجعلونه مطمئن البال لأنه يعمل لخدمة الرب كما يعمل بولس، ويطلب منهم أن يحترموه فلا يحتقره ولا يستخفّ به أحد، بل يسهّلون له طريق العودة بسلام إلى بولس، لأن بولس والإخوة الموجودين في أفسس ينتظرونه. ويمضي الرسول فيقول إنه أراد أن يرسل إليهم أبلوس الذي يعتبره أخاً له، ولكن أبلوس رفض أن يذهب إلى كورنثوس في الوقت الحاضر، ووعد أن يذهب عندما تسنح له الفرصة. وواضح أن أبلوس لم يكن واحداً من أتباع بولس، ولعل أبلوس رفض أن يذهب إلى كورنثوس حتى لا يستفحل الانقسام الموجود هناك، لأن بعض أهل كورنثوس قالوا إنهم من أتباع أبلوس.

صلاة

أبانا السماوي، ساعدنا لننظم عملنا في خدمتك. ساعدنا لنحرص على استخدام وقتنا استخداماً صالحاً. وساعدنا لكي لا نفشل عندما نرى مقاومة في الطريق، فإن المقاومة لابد أن يتبعها النجاح.

سؤال

19 - لماذا قرر بولس أن يقضي الربيع في أفسس؟

3 - نصائح ختامية وتحيات

13اِسْهَرُوا. ٱثْبُتُوا فِي ٱلإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَّوُوا. 14 لِتَصِرْ كُلُّ أُمُورِكُمْ فِي مَحَبَّةٍ. 15 وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ: أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ بَيْتَ ٱسْتِفَانَاسَ أَنَّهُمْ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ، وَقَدْ رَتَّبُوا أَنْفُسَهُمْ لِخِدْمَةِ ٱلْقِدِّيسِينَ، 16 كَيْ تَخْضَعُوا أَنْتُمْ أَيْضاً لِمِثْلِ هٰؤُلاءِ، وَكُلِّ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيَتْعَبُ. 17 ثُمَّ إِنِّي أَفْرَحُ بِمَجِيءِ ٱسْتِفَانَاسَ وَفُرْتُونَاتُوسَ وَأَخَائِيكُوسَ، لأَنَّ نُقْصَانَكُمْ هٰؤُلاءِ قَدْ جَبَرُوهُ، 18 إِذْ أَرَاحُوا رُوحِي وَرُوحَكُمْ. فَٱعْرِفُوا مِثْلَ هٰؤُلاءِ.

19تُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ كَنَائِسُ أَسِيَّا. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ فِي ٱلرَّبِّ كَثِيراً أَكِيلا وَبِرِيسْكِلا مَعَ ٱلْكَنِيسَةِ ٱلَّتِي فِي بَيْتِهِمَا. 20يُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ ٱلإِخْوَةُ أَجْمَعُونَ. سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. 21 اَلسَّلامُ بِيَدِي أَنَا بُولُسَ. 22 إِنْ كَانَ أَحَدٌ لا يُحِبُّ ٱلرَّبَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا. مَارَانْ أَثَا. 23 نِعْمَةُ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ مَعَكُمْ. 24 مَحَبَّتِي مَعَ جَمِيعِكُمْ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ. آمِينَ (1كورنثوس 16: 13 - 24).

في الآيتين 13 و 14 نرى خمسة أوامر يصدرها الرسول بولس إلى كنيسة كورنثوس: الأوامر الأربعة الأولى(آية 13) تتعلق بمعركة مع الأعداء. أما الأمر الخامس (آية 14) فيتعلق بمعاملة المؤمنين.

الأوامر الأربعة الموجَّهة بالنسبة للأعداء هي: اسهروا(أي تيقَّظوا). اثبتوا في الايمان. كونوا رجالاً(أي جاهدوا جهاد الرجال). تقّووا حسب قوة شدة الرب. ذلك أن هناك عدواً يقف لكم بالمرصاد يريد أن يضايقكم. ثم في الآية الرابعة عشرة يقول اعملوا كل شىء بمحبة. «لتصر كل أموركم في المحبة». ألا نحتاج نحن في هذه الأيام إلى الأوامر الخمسة؟ عزيزي القارئ، افحص نفسك لترى إن كانت هذه الأمور فيك أم لا.

في الآيتين 15 و 16 يطلب الرسول بولس أن يخضعوا إلى عائلة استفانوس وأن يسمعوا له ولكل من يعمل ويخدم معه. لقد عيَّن الرسول بولس هذه العائلة بعد رضا الكنيسة كلها ليخدموا جماعة المسيح بمحبة ووداعة، وقد أثبتوا حُسن سيرتهم مدة طويلة، ولذلك يطلب من أهل كورنثوس أن يخضعوا لهم. يقول عنهم إنهم باكورة أخائية، أي أول من آمن بالمسيح في الولاية الجنوبية من بلاد اليونان المعروفة بأخائية. لقد تجمّعت في هذه الأسرة فئة ناضجة عملت وتعبت في سبيل المسيح، وهم أعمدة الكنيسة. ولعلنا نلاحظ أن القيادة في الكنيسة الأولى لم تكن وظيفة تُعطى للشخص، لكن نتيجة أن الشخص خدم وقدم حياته مثالاً طيباً فصار قائداً.

وفي الآيتين 17 و 18 يعلن بولس الرسول أسماء ثلاثة أشخاص قاموا بزيارته، ونقلوا إليه أخبار كنيسة كورنثوس وأنعشوا قلبه وفرَّحوه بما قالوه عنهم، وهو يطلب منهم أن يعرفوا مثل هؤلاء، أي يعترفون بخدماتهم بروح الشكر والامتنان.

وفي الآيات 19 - 21 يقدم الرسول بولس تحيات كنائس أسيا، وهي الكنائس السبع التي نجد أسماءها في سفر الرؤيا. وقد كانت كنيسة أفسس الكنيسة القائدة فيها. كما يقدم لهم تحية أكيلا وبريسكلا - الزوج والزوجة - اللذين أقاما في بيتهما كنيسة، كانت محل عبادة. ما أجمل أن يكون الزوج والزوجة في المسيح، وأن يجعلا بيتهما كنيسة! ثم يقدم لكنيسة كورنثوس سلام وتحيات الإخوة جميعاً الموجودين في أفسس. ويطلب منهم أن يسلّموا بعضهم على بعض بقُبلة مقدسة، هي قبلة المحبة (1بطرس 5: 14) وسمَّتها الكنيسة الأولى قبلة السلام - أي علامة على المحبة والسلام بين جميع الذين يشتركون في التناول من العشاء المقدس - قبلة مقدسة أي غير غادرة خائنة مثل قبلة يهوذا. هي قبلة السلام التي توقظ محبتنا لنحب بعضنا بعضاً.

ثم يقدم بولس السلام بيديه هو شخصياً. الى هنا كان الرسول بولس يملي رسالته، ولكنه الآن يتناول القلم ويختم الرسالة بنفسه، لتحمل الرسالة دليل صدقها. وهذه هي الكلمات التي كتبها الرسول بولس بخط يده «إن كان أحد لا يحب الرب يسوع فليكن أناثيما» - أي ليكن ملعوناً - «ماران أثا» بمعنى: ياربنا تعال، أو ربنا يجئ. إنها دعوة لمجئ المسيح ثانية، فقد تشّوَق المؤمنون إليه.

ثم يقول لهم الرسول «نعمة الرب يسوع المسيح معكم» كأنه يقول: لتستمر فيكم نعمة ربنا يسوع المسيح. حاولوا أن تكونوا جديرين بها. ويختم بهذه الكلمات: «محبتي مع جميعكم في المسيح يسوع». إنه يقدم لهم محبته، و يريدهم أن يكونوا متأكدين من أنه يحبهم برغم كل شيء. يريد أن يحبوا بعضهم بعضاً ليبتعدوا عن الانقسام والخصام، لأنه بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضكم نحو بعض.

آية للحفظ

«نِعْمَةُ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ مَعَكُمْ» (1كورنثوس 16: 23)

صلاة

أبانا السماوي نشكرك لأن جماعة المؤمنين هم واحد، تختلف أسماؤهم و جنسياتهم وأفكارهم، لكنهم أعضاء الجسد الواحد - جسد المسيح الحي - أبانا نشكرك من كل قلوبنا لأنك تريدنا أن نحب بعضنا بعضاً، لأنه بهذا يعرف الجميع أننا تلاميذك. ساعدني لأقدم محبتي لشخصٍ يضايقني، أو لشخصٍ لا أستريح إليه، فبهذا يمكن أن أعبرّ عن حبي لك.

سؤال

20 - ما هو الامتياز الذي يسجله بولس لأكيلا وبريسكلا كما جاء في آية 19؟

المسابقة الثانية في دراسة كورنثوس الأولى

أيها القارئ العزيز إن تعمقت في دراسة الكتاب المقدس وتفسيره تستطيع أن تجاوب بسهولة على الأسئلة الموجودة في نهاية كل جزء من أجزاء الرسالة. إن جاوبت إجابة صحيحة على 15 سؤالاً من الأسئلة العشرين الموجودة في القسم الثاني نرسل لك كتاباً جائزة.

  1. هل خضوع المرأة لزوجها يعني أنها أقل من الرجل؟

  2. لماذا نتناول من فريضة عشاء الرب؟ اكتب آية توضح كل سبب مما تذكره.

  3. إن قال أحد إن عنده مواهب روحية، فما هي علامة صدق كلامه؟

  4. اذكر ثلاث مواهب من المواهب التسع التي ذكرها بولس في 1كورنثوس 12.

  5. ماذا نتعلم من أن أعضاء الكنيسة هم جسد المسيح؟

  6. لماذا يقول الإنجيل إن الإحسان بدون المحبة ليس شيئاً؟

  7. ما معنى أن المحبة تصدّق كل شيء وترجو كل شيء؟

  8. اشرح كيف أن الإيمان سيُبطل والرجاء سيُبطل، ولكن المحبة ستبقى.

  9. اذكر سبباً لأجله ترى أن الوعظ أفضل من التكلّم بألسنة.

  10. لماذا يطلب الرسول بولس أن تكون العبادة في الكنيسة عبادة منظمة؟

  11. اذكر برهاناً يدلل به الرسول بولس على صدق القيامة.

  12. اذكر نتيجتين كان يمكن أن تكونا لو لم يكن المسيح قد قام.

  13. ما معنى «الموت بإنسان، وبإنسان أيضاً قيامة الأموات»؟

  14. ما هو الخطأ الذي تراه في فلسفة الذين يقولون: «لنأكل ونشرب لأننا غداً نموت»؟

  15. اعط برهاناً من الطبيعة أن القيامة ممكنة.

  16. كيف يمكن أن الترابي الذي على شِبْه آدم الإنسان الأول يصبح سماوياً على شِبْه المسيح آدم الأخير؟

  17. ما هو السر الذي أعلنه الرسول بولس في 1كورنثوس 15: 51؟

  18. ما هي مسئوليتنا نحو المسيحيين المحتاجين إلى معونة مالية؟

  19. لماذا قرر بولس أن يقضي الربيع في أفسس؟

  20. ما هو الامتياز الذي يسجله بولس لأكيلا وبريسكلا في 1كورنثوس 16: 19؟

عنواننا:


Call of Hope
P.O.Box 100827 
D-70007 
Stuttgart 
Germany