العودة الى الصفحة السابقة
كيف انتشرت المسيحيّة؟

كيف انتشرت المسيحيّة؟

دروس من سفر أعمال الرسل (الجزء الأول)

القس يوسف عبد النور


Bibliography

كيف انتشرت المسيحيّة؟. القس يوسف عبد النور. Copyright © 2006 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . 2002. SPB 3703ARA. English title: How did Christianity spread?. German title: Wie hat sich das Christentum ausgebreitet?. Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

مفتاح سفر أعمال الرّسل

«لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ» (أعمال الرسل 1: 8)

مقدَّمة

كيف تدرس هذا الكتاب؟

المقصود من هذا الكتاب أن يساعدك على دراسة سفر أعمال الرّسل، وفهم كلمة الله، ومعرفة كيف أنّ جماعة ضعيفة من الصيادين والبسطاء امتلأت بقوّة سماوية هي قوّة الروح القدس بعد قيامة المسيح بخمسين يوماً، فنشرت المسيحية في العالم بقوّة الله وحده، فتحيا أنت الحياة المقدّسة الشاهدة لعمل نعمة الله فيك.

ونرجو أن تحتفظ بالكتاب المقدس معك وأنت تطالع هذا الكتاب، لتراجع بنفسك الشواهد الكتابية التي أوردناها فيه. وننصح أن تقرأ النصَّ المقتبس من سفر الأعمال أكثر من مرّة قبل أن تقرأ الشرح الذي قدّمناه، وذلك للفوائد الآتية:

  1. قد يكلّمك الروح القدس بواسطة الشرح، لكنّه يحدّثك بوضوح أكثر متى حاولت أن تكون تلميذاً لكلمة الله.

  2. لتشارك الكاتب في اكتشاف الحقائق الإلهية. اقرأ بنفسك أوّلاً، لتكتشف لنفسك ذلك.

  3. لتشترك مع أصدقائك من مُحبّي دراسة كلمة الله في بركة الدراسة المنظّمة لهذا السفر.

  4. لتتعلّم طاعة كلمة الله، فالروح القدس مستعد أن يفتح ذهن المطيع للكلمة الحيّة.

  5. كما نرجو أن ترفع الصلاة المقترحة بالنيابة عن شخصك، وتجاوب الأسئلة المقترحة، لتتعمّق أكثر في الفهم، وتصبح واحداً من العاملين على انتشار كلمة الله. وأثناء إجابتك اسأل نفسك التالي:

    ما هي الأفكار الجديدة التي اكتسبتها عن الشهادة للمسيح من دراستي لسفر الأعمال؟

    ماذا تعمل كنيستي الآن لتشهد للمسيح كما حدث في سفر أعمال الرسل؟

    ماذا أعمل أنا لأكون شاهداً للمسيح في بلدي ومجتمعي؟

لذلك نرجو أن تدرس سفر أعمال الرسل في روح التواضع والصلاة، حتى يعلّمك الرّوح القدس الدروس التي تحتاج إليها والتي تبني إيمانك.

مقدّمة سفر أعمال الرسل

سفر الأعمال هو السفر الخامس من أسفار العهد الجديد، بعد الأناجيل الأربعة. وهو لا يذكر كل أعمال الرسل الذين استخدمهم الروح القدس لينشروا كلمة الله في العالم، كما أنّه لا يحتوي على خاتمة. وهذا يدلّ على أمرين:

  1. هناك أعمال كثيرة وخدمات متنوعة يعرفها الله وحده.

  2. كتلميذٍ للمسيح لا زالت لديك الفرصة لتعمل على نشر كلمة الله.

وينقسم سفر الأعمال إلى ثلاثة أقسام رئيسية، نجدها واضحة من الآية التي نعتبرها مفتاح السفر، وهي قول المسيح: «وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ» (أعمال 1: 8).

والأقسام الرئيسية الثلاثة هي:

  1. انتشار المسيحيَّة في أورشليم، أو شهادة الكنيسة في أورشليم.

  2. انتشار المسيحيَّة في كل اليهودية والسامرة، أو شهادة الكنيسة في اليهودية والسامرة.

  3. انتشار المسيحيَّة إلى أقصى الأرض، أو شهادة الكنيسة إلى أقصى الأرض.

من هو الكاتب؟

كاتب السفر بوحيٍ من الرّوح القدس هو البشير لوقا، الذي دعاه الرسول بولس «لُوقَا اٰلطَّبِيبُ اٰلْحَبِيبُ» (كولوسي 4: 14) ولم يذكره مع اليهود «اٰلَّذِينَ مِنَ اٰلْخِتَانِ» (كولوسي 4: 10، 11). لذلك نفهم أنّه كان أممياً في الأصل وليس يهوديّاً. ومعنى اسمه «حامل النور».

ويقول التقليد الكنسي إنّه من أنطاكية في سوريا، وكان يمارس مهنة الطب في مدينة فيلبّي. ومن المحتمل أنّه آمن بالمسيح عندما سمع الرسول بطرس يبشّر في أنطاكية مع برنابا.

كتب لوقا سفر الأعمال نحو عام 64م، ووجَّهه لصديقه ثاوفيلس الذي كان يحتلّ مكاناً مهمّاً في الإمبراطورية الرومانية. وثاوفيلس اسم يوناني معناه «خليل الله» وكان لوقا قد كتب له تاريخ خدمة المسيح في ما نعرفه اليوم باسم «بشارة لوقا». فأظهر لثاوفيلس (في البشارة كما في سفر الأعمال) كيف استمرّت رسالة المسيح مشرقة مضيئة بدءاً من إقليم اليهودية حتى وصلت إلى أقصى العالم المعروف وقتها، يحملها الأتقياء «بنفس واحدة» بعد أن حلَّ الروح القدس عليهم فنالوا قوّة وصاروا شهوداً أمناء ناجحين. وهو ما يجب أن يكونه القارئ في يومنا هذا.

الجزء الأوّل: الكنيسة تشهد في أورشليم الأصحاحات من 1-7

«وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ..» (أعمال 1: 8)

الفصل الأوّل: الكنيسة المنتظرة أعمال الرسل 1، 2

كتب لوقا الطبيب بشارته عن حياة السيد المسيح وتعاليمه، وموته، وقيامته إلى ثاوفيلس.. واستمرّ يكتب له في سفر الأعمال عن عمل الروح القدس، الذي وعد به السيد المسيح تلاميذه قبل صعوده مباشرة، إذ أوصاهم أن لا يتركوا أورشليم، بل ينتظروا موعد معموديّتهم بالرّوح القدس. ومن ذلك نفهم أنّ سفر الأعمال تكملةٌ لذكر أعمال السيد المسيح التي عملها بعد صعوده، من خلال تلاميذه بواسطة قوّة الروح القدس الذي حلّ عليهم حسب وعد المسيح لهم.

المسيح يعد بحلول الروح القدس

1 ٱلْكَلاَمُ الأَوَّلُ أَنْشَأْتُهُ يَا ثَاوُفِيلُسُ عَنْ جَمِيعِ مَا ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ 2 إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ، بَعْدَ مَا أَوْصَى بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الرُّسُلَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ، 3 ٱلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضاً نَفْسَهُ حَيّاً بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ. 4 وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ بَلْ يَنْتَظِرُوا مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي 5 لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ لَيْسَ بَعْدَ هَذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ (أعمال 1: 1-5).

يبدأ سفر الأعمال بتلخيصٍ لبشارة لوقا، يشرح ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلِّم به، ويتحدّث عن موته وقيامته، ثم صعوده بعد أربعين يوماً من القيامة، أوضح المسيح أثناءها لتلاميذه الأمور المختصة بملكوت الله.. فملكوت الله ليس ملكاً أرضيّاً، لكنّه مملكة روحية يملك فيها الله على قلوب الناس.

لم يولد الناس في هذا الملكوت، لكنّهم يدخلونه بعد أن يولدوا ثانيةً، فإنّه «إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اٰللّٰهِ» (يوحنّا 3: 3). وهذه الولادة الثانية تحدث بقوّة عمل الرّوح القدس، لكن ينبغي أن يكون هناك استعداد لقبول الرّوح القدس. لذلك أوصى المسيح تلاميذه أن ينتظروا موعد الله الآب «وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ اٰلآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى اٰلأَبَدِ» (يوحنّا 14: 16).

عمَّد يوحنّا المعمدان التائبين بالماء.. والماء، كما نفهم من العهد القديم، يرمز للاغتسال والتطهير، أمّا المسيح فعمَّد بالروح القدس المطهِّر والمقدِّس.

صعود المسيح

6 أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ: «يَا رَبُّ، هَلْ فِي هَذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟» 7 فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ 8 لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ». 9 وَلَمَّا قَالَ هَذَا ارْتَفَعَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ، وَأَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ. 10 وَفِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِذَا رَجُلاَنِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ 11 وَقَالاَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هَذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هَكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقاً إِلَى السَّمَاءِ» (أعمال 1: 6-11).

علَّم المسيح تلاميذه أنّ ملكوت الله ليس مُلكاً أرضياً كمُلك داود، بل هو مُلك روحي. لكنّهم حتّى تلك الساعة لم يكونوا قد فهموا قصده، فسألوه: «يَا رَبُّ، هَلْ فِي هَذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟» لأنّ أفكارهم كانت أرضية وزمنية. فصحَّح المسيح أفكارهم، وعلَّمهم أنّ هذا الملكوت يختلف تماماً عن كل ما كان في فكرهم، فهو ملكوت روحي، يعطيهم قوّة روحية عظيمة هي قوّة الرّوح القدس، كما يشهد أبناء هذا الملكوت بعمل الله في المسيح وبواسطته.

وأوصى المسيح تلاميذه أن ينتظروا حلول الروح عليهم، لينالوا قوّة ليعيشوا حياة مقدّسة منتصرة، وليبدأوا شهادة ناجحة له أوّلاً في أورشليم، ومن ثمَّ في اليهودية والسامرة ، وبعد ذلك إلى أقصى الأرض.

بعد أن أعطى السيد المسيح هذا الوعد لتلاميذه، صعد إلى السّماء، وأخفته سحابة عن أعينهم. وتعلقت كل أفكارهم به وهو صاعد. وربّما ظنّوا أنّه سيرجع ثانيةً وهم أحياء. وفيما كانوا ينظرون إلى السماء، جاءهم ملاكان بملابس بيضاء وأخبراهم أنّ المسيح سيأتي ثانية كما صعد إلى السماء. وربما تسأل: من كان مع التلاميذ بعد أن صعد المسيح إلى السماء؟ والجواب هو أنّ المسيح حيٌّ في قلوب أتباعه، يرشدهم ويعلّمهم بقيادة الروح القدس، الذي هو حالّ فيهم.

هل آمنت بالمسيح المخلِّص؟ اطلب منه أن يعمل في قلبك بقوّة روحه القدّوس.

آية للحفظ

«سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ» (أعمال 1: 8)

صلاة

أبانا السّماوي، نشكرك لأنّك تقبل أن يحل روحك فينا. أطلب أن يملأني الروح القدس بقوّة لأكرز بالمسيح للجميع.

سؤال

1 - ما هما الهدفان من حلول الروح القدس على التلاميذ يوم الخمسين؟

الرسل ينتظرون حلول الروح القدس

12 حِينَئِذٍ رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ، الَّذِي هُوَ بِالْقُرْبِ مِنْ أُورُشَلِيمَ، عَلَى سَفَرِ سَبْتٍ. 13 وَلَمَّا دَخَلُوا صَعِدُوا إِلَى الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا يُقِيمُونَ فِيهَا: بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا، وَأَنْدَرَاوُسُ وَفِيلُبُّسُ وَتُومَا، وَبَرْثُولَمَاوُسُ وَمَتَّى وَيَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى، وَسِمْعَانُ الْغَيُورُ وَيَهُوذَا بْنُ يَعْقُوبَ. 14 هَؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ مَعَ النِّسَاءِ وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ وَمَعَ إِخْوَتِهِ» (أعمال 1: 12-14).

صعد المسيح إلى السماء من على جبل الزيتون بعد أن وعد تلاميذه بحلول الروح القدس عليهم، فرجعوا إلى أورشليم. والمسافة بين جبل الزيتون وأورشليم حوالي كيلو متر واحد، وهي المسافة التي كان مسموحاً لليهودي أن يمشيها في يوم السبت، ولهذا سمّوها «سفر سبت». واتَّجه التلاميذ إلى الغرفة التي سمّوها «العليّة» والتي كانت غالباً في بيت أمّ يوحنّا مرقس، الذي كتب بشارة مرقس.

ونلاحظ هنا أنّ عدد التلاميذ كان أحد عشر تلميذاً، لأنّ يهوذا الإسخريوطي كان قد انتحر بعد أن خان المسيح وسلَّمه لشيوخ اليهود.

وكانت النساء ومريم أمّ يسوع وإخوة يسوع مع التلاميذ في العليّة يواظبون على الصّلاة بنفس واحدة. هكذا كانت حياة الكنيسة الأولى، حياة الصّلاة والاتحاد، منتظرين إتمام وعد المسيح بحلول الروح القدس عليهم. وما أحوجنا اليوم إلى مثل هذه الحياة.. فهل تصلّي لأجل نفسك ولأجل الكنيسة لتكونوا بنفس واحدة، وأقوياء؟

آية للحفظ

«هَؤُلاءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ» (أعمال 1: 14).

صلاة

يا رب، أعطنا روح الوحدة لتكون لنا، رجالاً ونساءً، نفس واحدة في الصلاة والطلبة في عائلتنا وكنيستنا ومجتمعنا.

سؤال

2 - كيف تكون لنا، رجالاً ونساءً، نفس واحدة في الصلاة والطلبة؟

التلاميذ يختارون بديلاً ليهوذا

15 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ قَامَ بُطْرُسُ فِي وَسَطِ التَّلاَمِيذِ، وَكَانَ عِدَّةُ أَسْمَاءٍ مَعاً نَحْوَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ. فَقَالَ: 16 «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ هَذَا الْمَكْتُوبُ الَّذِي سَبَقَ الرُّوحُ الْقُدُسُ فَقَالَهُ بِفَم دَاوُدَ عَنْ يَهُوذَا الَّذِي صَارَ دَلِيلاً لِلَّذِينَ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ 17 إِذْ كَانَ مَعْدُوداً بَيْنَنَا، وَصَارَ لَهُ نَصِيبٌ فِي هَذِهِ الْخِدْمَةِ. 18 فَإِنَّ هَذَا اقْتَنَى حَقْلاً مِنْ أُجْرَةِ الظُّلْمِ، وَإِذْ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ انْشَقَّ مِنَ الْوَسَطِ فَانْسَكَبَتْ أَحْشَاؤُهُ كُلُّهَا. 19 وَصَارَ ذَلِكَ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ، حَتَّى دُعِيَ ذَلِكَ الْحَقْلُ فِي لُغَتِهِمْ «حَقْلَ دَمَا» (أَيْ: حَقْلَ دَمٍ). 20 لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ الْمَزَامِيرِ: لِتَصِرْ دَارُهُ خَرَاباً، وَلاَ يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ، وَلْيَأْخُذْ وَظِيفَتَهُ آخَرُ. 21 فَيَنْبَغِي أَنَّ الرِّجَالَ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا مَعَنَا كُلَّ الزَّمَانِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ إِلَيْنَا الرَّبُّ يَسُوعُ وَخَرَجَ 22 مُنْذُ مَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ عَنَّا، يَصِيرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَاهِداً مَعَنَا بِقِيَامَتِهِ». 23 فَأَقَامُوا اثْنَيْنِ: يُوسُفَ الَّذِي يُدْعَى بَارْسَابَا الْمُلَقَّبَ يُوسْتُسَ، وَمَتِّيَاسَ. 24 وَصَلَّوْا قَائِلِينَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ الْعَارِفُ قُلُوبَ الْجَمِيعِ، عَيِّنْ أَنْتَ مِنْ هَذَيْنِ الاِثْنَيْنِ أَيّاً اخْتَرْتَهُ 25 لِيَأْخُذَ قُرْعَةَ هَذِهِ الْخِدْمَةِ وَالرِّسَالَةِ الَّتِي تَعَدَّاهَا يَهُوذَا لِيَذْهَبَ إِلَى مَكَانِهِ». 26 ثُمَّ أَلْقَوْا قُرْعَتَهُمْ فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى مَتِّيَاسَ، فَحُسِبَ مَعَ الأَحَدَ عَشَرَ رَسُولاً» (أعمال 1: 15-26).

اجتمع التلاميذ مع نحو مائة وعشرين شخصاً من المؤمنين في أورشليم للصلاة والتعليم. ولم يفهموا أوّلاً لماذا أسلم يهوذا المسيح ليد أعدائه ليصلبوه، فبدأوا يدرسون النبوّات ليفهموا معناها فهماً صحيحاً. وشرح بطرس أنّ خيانة يهوذا للسيد المسيح وانتحاره بعد ذلك (مع أنّه واحد من التلاميذ) كان إتماماً لنبوّات العهد القديم الواردة في مزمور 69: 25، 109: 8. ومن تحقيق النبوّات نفهم أنّ الكتاب المقدس كُتب بوحي الروح القدس. وقال بطرس إنهم يجب أن يختاروا شخصاً آخر بدل يهوذا، حتى يكون عدد الرسل اثني عشر، بشرط أن يكون هذا الشخص ضمن الذين شاهدوا المسيح من وقت معموديّة يوحنّا حتى الصعود، فيشهد أنّه رأى المسيح يُصلب كما رآه حيّاً بعد أن قام من الموت.

وبعد الصّلاة اختار التلاميذ شخصين من بين المائة والعشرين نفساً، هما يوسف الذي دُعي «بارسابا» والملقب يوستس، ومتياس، واثقين أنّ الله سيختار من بينهما الشخص المطلوب.

ومن صلاتهم ندرك قوّة إيمانهم بأنّ الله كُلّي المعرفة، فقد قالوا: «أَيُّهَا الرَّبُّ الْعَارِفُ قُلُوبَ الْجَمِيعِ». كما حدَّدوا الغرض الذي صلّوا من أجله قائلين: «عَيِّنْ أَنْتَ مِنْ هَذَيْنِ الاِثْنَيْنِ أَيّاً اخْتَرْتَهُ» وأعلنوا طاعتهم واستعدادهم لقبول إرشاد الله لهم.

بعد أن صلّوا ألقوا القرعة ليعرفوا ما هي إرادة الله، فوقعت القرعة على متياس، فأصبح عدد الرسل اثني عشر من جديد.

حلول الرّوح القدس

1 وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعاً بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، 2 وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ، 3 وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. 4 وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا (أعمال 2: 1-4).

كان الرسل يجتمعون مع أعضاء الكنيسة للصلاة ودرس كلام الله. ولمّا حضر يوم الخمسين، كانوا يتعبدون معاً حسب عادتهم، بنفس واحدة.. ويوم الخمسين هو أحد أعياد اليهود، ويُسمّى أيضاً «عيد الأسابيع» ويقع بعد الفصح بخمسين يوماً (لاويين 23: 15، 16 وتثنية 16: 9، 10). ويكون عادةً في أوّل الأسبوع (أي يوم الأحد) لأنّ اليوم الأوّل لعيد الفصح السابق كان في اليوم السابع الذي هو يوم السبت. ويوم الأحد هو اليوم الذي قام فيه المسيح فصحنا من الموت، وفيه بدأ يظهر لتلاميذه. وهو أوّل الأسبوع (يوحنّا 20: 1).

وعندما كان الجميع بنفس واحدة في الصّلاة انسكب عليهم الرّوح القدس بصورة قويّة، بصوت تسمعه الأذن، كما من هبوب ريح عاصفة ملأت المكان، وبألسنة كأنها من نار تراها العين، وابتدأ الجميع يتكلّمون بلغات مختلفة لم يكونوا يعرفونها من قبل، وبهذا تمّ وعد المسيح لتلاميذه بحلول الرّوح القدس.

ولم تكن هذه النار ناراً طبيعية، لكن كأنّها من نار، مثل ألسنة اللهب. وكانت هذه الألسنة منقسمة أي متفرقة، وكل منها مستقل، تحقِّق ما قيل عن المسيح إنّه «سَيُعَمِّدُ بِاٰلرُّوحِ اٰلْقُدُسِ ونَارٍ» (متّى 3: 11 ولوقا 3: 16).

والنار ترمز إلى التطهير والإرشاد والغيرة والقوّة. وكانت الألسنة المختلفة لازمة لبناء الكنيسة الناشئة في الإيمان، والتي سيكرزون بها إلى أقصى الأرض.. ونحن نحتاج في هذه الأيام إلى قوّة الروح القدس لنشهد لإنجيل المسيح بلغة قلبية حيَّة يفهمها سامعونا.

آية للحفظ

«وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (أعمال 2: 4)

صلاة

أبي السّماوي، أنا ضعيف محتاج إلى قوّة الرّوح القدس. فرِّغْني من خطاياي وضعفاتي، واملأني بروحك القدوس.

سؤال

3 - إلى أيّ شيء تشير الألسنة المنقسمة كأنها من نار، والتي حلّت على التلاميذ يوم الخمسين؟

صعوبات تواجه الكنيسة الناشئة

5 وَكَانَ يَهُودٌ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ سَاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ. 6 فَلَمَّا صَارَ هَذَا الصَّوْتُ اجْتَمَعَ الْجُمْهُورُ وَتَحَيَّرُوا، لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ كَانَ يَسْمَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَتِهِ، 7 فَبُهِتَ الْجَمِيعُ وَتَعَجَّبُوا قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «أَتُرَى لَيْسَ جَمِيعُ هَؤُلاَءِ الْمُتَكَلِّمِينَ جَلِيلِيِّينَ؟ 8 فَكَيْفَ نَسْمَعُ نَحْنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا لُغَتَهُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا: 9 فَرْتِيُّونَ وَمَادِيُّونَ وَعِيلاَمِيُّونَ وَالسَّاكِنُونَ مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ وَالْيَهُودِيَّةَ وَكَبَّدُوكِيَّةَ وَبُنْتُسَ وَأَسِيَّا 10 وَفَرِيجِيَّةَ وَبَمْفِيلِيَّةَ وَمِصْرَ، وَنَوَاحِيَ لِيبِيَّةَ الَّتِي نَحْوَ الْقَيْرَوَانِ، وَالرُّومَانِيُّونَ الْمُسْتَوْطِنُونَ يَهُودٌ وَدُخَلاَءُ 11 كِرِيتِيُّونَ وَعَرَبٌ، نَسْمَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا بِعَظَائِمِ اللهِ؟». 12 فَتَحَيَّرَ الْجَمِيعُ وَارْتَابُوا قَائلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا؟". 13 وَكَانَ آخَرُونَ يَسْتَهْزِئُونَ قَائِلِينَ: «إِنَّهُمْ قَدِ امْتَلأُوا سُلاَفَةً (أعمال 2: 5-13).

كان جمع كبير من اليهود موجودين في أورشليم، جاء كثيرون منهم ليحتفلوا بالعيد من غرب آسيا وشمال أفريقيا، ولا بدّ أنهم كانوا يتكلمون بلغات مختلفة حسب اختلاف بلادهم. وهذه معجزة عظيمة لأنّ أولئك الرسل لم تكن لهم فرصة ليتعلموا لغات أخرى غير لغتهم، ولكنّ الله ألهمهم أن يعلنوا رسالة المسيح الصادقة بمختلف لغات الحاضرين. وكانت تلك معجزة ضرورية في بداءة التبشير بالإنجيل. واندهش السامعون لأنهم سمعوا عن أعمال الله العظيمة بلغاتهم التي وُلدوا فيها.

وأعمال الله العظيمة واضحة في إرسال المسيح في صورة إنسان، وموته بالصّلب، وقيامته من الموت، وكونه مخلّصاً لكل من يؤمن به. ومع هذا فقد قال البعض، ولعلهم من سكان أورشليم الذين لم يفهموا تلك اللغات الأجنبية، إنّ كلام الرسل لا معنى له، وسخروا واستهزأوا قائلين إنّ الرسل سكروا كثيراً!

عظة بطرس الأولى

تستغرق عظة الرسول بطرس الآيات 14-36 من الأصحاح الثاني، ونرى فيها خمسة أمور:

  1. دفاع عقليّ ونقليّ عن الرسالة والرسل (آيات 14-21)

  2. حياة المسيح على الأرض (آية 22)

  3. موت المسيح الكفّاري (آية 23)

  4. قيامة المسيح (آيات 24-32)

  5. صعود المسيح (آيات 33-36)

1 - دفاع عقليّ ونقليّ عن الرسالة والرسل

14 فَوَقَفَ بُطْرُسُ مَعَ الأَحَدَ عَشَرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الْيَهُودُ وَالسَّاكِنُونَ فِي أُورُشَلِيمَ أَجْمَعُونَ، لِيَكُنْ هَذَا مَعْلُوماً عِنْدَكُمْ وَأَصْغُوا إِلَى كَلاَمِي، 15 لأَنَّ هَؤُلاَءِ لَيْسُوا سُكَارَى كَمَا أَنْتُمْ تَظُنُّونَ، لأَنَّهَا السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ مِنَ النَّهَارِ. 16 بَلْ هَذَا مَا قِيلَ بِيُوئِيلَ النَّبِيِّ. 17 يَقُولُ اللهُ: وَيَكُونُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ أَنِّي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ، وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤىً، وَيَحْلُمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَماً. 18 وَعَلَى عَبِيدِي أَيْضاً وَإِمَائِي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي فِي تِلْكَ الأَيَّامِ فَيَتَنَبَّأُونَ، 19 وَأُعْطِي عَجَائِبَ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَآيَاتٍ عَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ: دَماً وَنَاراً وَبُخَارَ دُخَانٍ. 20 تَتَحَوَّلُ الشَّمْسُ إِلَى ظُلْمَةٍ وَالْقَمَرُ إِلَى دَمٍ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ يَوْمُ الرَّبِّ الْعَظِيمُ الشَّهِيرُ. 21 وَيَكُونُ كُلُّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ» (أعمال 2: 14-21).

لمّا ضحك بعض اليهود وقالوا عن الرسل إنهم سكروا كثيراً، وقف بطرس وألقى عظته الأولى التي بدأها بالدفاع العقلي، فقال: «هَؤُلاَءِ لَيْسُوا سُكَارَى كَمَا أَنْتُمْ تَظُنُّونَ، لأَنَّهَا السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ مِنَ النَّهَارِ»(آية 15). والساعة الثالثة حسب توقيتهم هي التاسعة صباحاً بتوقيتنا، وهي ساعة صلاة الصبح عند اليهود. وليس من المعقول أن يسكر الناس في الصباح، في ساعة الصلاة! ولم يكن اليهودي المتعبّد يتناول إفطاره إلاّ بعد صلاة الصبح في المعبد. وعلى هذا يكون التكلّم بلغات مختلفة نتيجة الامتلاء بالروح القدس، وليس من تأثير السكر بالخمر.

ثم انتقل الرسول بطرس إلى الدفاع النقلي، فشرح أنّ ما حدث هو تحقيق وإتمام لنبوّة يوئيل النبي عن حلول الرّوح القدس على الرجال والنساء، وعلى الكبار والصغار (يوئيل 2: 28-32). فقد جاءت الأيام الأخيرة التي تنبأ عنها يوئيل، وهي الأيام التي صُلب فيها المسيح ومات ودُفن وقام في اليوم الثالث وصعد إلى السماء، وأرسل الروح القدس. هذا بالمفارقة مع الأيام الأولى للملوك والأنبياء (إشعياء 2: 2). وكل من يطلب اسم الله ويؤمن بالمسيح الفادي يخلص من خطاياه.

أمّا الأيام التي فيها تتحوّل الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم فهي تتمّ عند مجيء اليوم الأخير، الذي يعلم الله وحده ميعاده، وهو يوم الرب العظيم الشهير ببركاته للمؤمنين وبويلاته للأشرار.

آية للحفظ

«كُلُّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ» (أعمال 2: 21).

صلاة

أبي السماوي، أشكرك لأنّ بابك مفتوح لكل من يدعوك. خلِّصني من ضعفاتي وخطاياي التي أعرفها والتي أجهلها.

سؤال

4 - كيف دافع بطرس عن تهمة أنَّ التلاميذ سكارى؟

2 - حياة المسيح على الأرض

22 «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ (آية 22).

لم يكن هناك ما يدعو الرسول بطرس ليذكُر لسامعيه اليهود معجزات المسيح، الذي أشبع الجياع، وشفى المرضى، وطرد الشياطين، وهدّأ الأمواج، وأقام الموتى، فقد رأوا هذه المعجزات رؤى العين وسطهم، فاكتفى بالإشارة إليها في هذه الآية الواحدة. وقال إنّ يسوع الناصري رجلٌ، لأنّه الله الذي أخلى نفسه وأخذ صورة عبد، وهو الإنسان الكامل (فيلبّي 2: 7).

3 - موت المسيح الكفَّاري

23 هَذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّماً بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ (آية 23).

ولم يكن هناك داعٍ لأن يبرهن لهم أنّهم صالبو المسيح وقاتلوه، فهم الذين صرخوا لبيلاطس: «اٰصْلِبْهُ! اٰصْلِبْهُ!» (لوقا 23: 21)، وقد رأوه بعيونهم معلَّقاً على الصليب، وسمعوه يقول «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي» (لوقا 23: 46). وأوضح بطرس أنّ هذا الصلب والموت تحقيق للنبوّات، فهو بمشورة الله المحتومة وحسب علمه السابق، ورغم أنّ هذا لا يعفي هؤلاء الأشرار من المسؤولية، فقد صلبوه وقتلوه بأيدٍ أثيمة.

آية للحفظ

«بِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ» (أعمال 2: 23)

صلاة

أبي السّماوي، أشكرك لأجل المسيح الذي بذل نفسه فدية عن كثيرين، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية.

سؤال

5 - كيف أوضح بطرس لليهود حقيقة الصّلب؟

4 - قيامة المسيح

24 ٱلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضاً أَوْجَاعَ الْمَوْتِ إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ. 25 لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ: كُنْتُ أَرَى الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ أَنَّهُ عَنْ يَمِينِي لِكَيْ لاَ أَتَزَعْزَعَ. 26 لِذَلِكَ سُرَّ قَلْبِي وَتَهَلَّلَ لِسَانِي. حَتَّى جَسَدِي أَيْضاً سَيَسْكُنُ عَلَى رَجَاءٍ. 27 لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ، وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَاداً. 28 عَرَّفْتَنِي سُبُلَ الْحَيَاةِ، وَسَتَمْلأُنِي سُرُوراً مَعَ وَجْهِكَ.

29 أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ جِهَاراً عَنْ رَئِيسِ الآبَاءِ دَاوُدَ إِنَّهُ مَاتَ وَدُفِنَ وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هَذَا الْيَوْمِ. 30 فَإِذْ كَانَ نَبِيّاً وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ حَلَفَ لَهُ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُ الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ 31 سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ: أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَاداً. 32 فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لِذَلِك (أعمال 2: 24-32).

توسَّع الرسول بطرس في الحديث عن القيامة للأسباب التالية على الأقل:

  1. (لأنّ اليهود أشاعوا أنّ المسيح لم يقُم من الموت، بل إنّ تلاميذه سرقوا جسده من القبر وقالوا إنّه قام (متّى 28: 13). فأكّد الرسول بطرس أنّه قام كما قال، وبرهن أنّ قيامة المسيح تحقيق وإتمام لنبوّة داود في سفر المزامير (مزمور 16: 8-11). وكان اليهود يظنّون أنّ هذه النبوّة خاصّة بداود نفسه، فشرح الرسول بطرس أنّها تخصّ المسيح وحده. فالأوصاف الواردة بها لا تنطبق على داود الذي لا يزال مدفوناً في قبره، بل تنطبق على المسيح الذي صُلب، ومات، ودُفن وقام!

  2. (لأنّ القيامة تعني أنّ كفارة المسيح قد قُبلت، فالذي مات لأجلنا قام غالباً، وفيه يموت الذي يؤمن بكفارة المسيح عن خطاياه، وفيه يقوم أيضاً لحياة روحيّة جديدة. كما يقول الوحي: «وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتاً بِاٰلذُّنُوبِ وَاٰلْخَطَايَا.. ٱللّٰهُ اٰلَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي اٰلرَّحْمَةِ.. وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِاٰلْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ اٰلْمَسِيحِ.. وَأَقَامَنَا مَعَهُ» (أفسس 2: 1-6).

  3. (جعلت القيامة الحياة حقاً لكل من يؤمن بالمسيح المصلوب المقام، وأصبحت الشّهادة للمسيح واجباً عليه.

آية للحفظ

«فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لِذَلِك» (أعمال 2: 32)

صلاة

يا ربّ، أشكرك لأنّي أتبع مخلِّصاً يحبّني ومات لأجلي، وهو مخلِّص قويّ هزم الموت، فصارت لي حياة.

سؤال

6 - لماذا توسّع الرسول بطرس في شرح حقيقة قيامة المسيح؟

5 - صعود المسيح

33 وَإِذِ ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ، وَأَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الآبِ، سَكَبَ هَذَا الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ. 34 لأَنَّ دَاوُدَ لَمْ يَصْعَدْ إِلَى السَّمَاوَاتِ. وَهُوَ نَفْسُهُ يَقُولُ: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي 35 حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ. 36 فَلْيَعْلَمْ يَقِيناً جَمِيعُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ اللهَ جَعَلَ يَسُوعَ هَذَا الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمْ رَبّاً وَمَسِيحاً» (آيات 33-36).

وأكّد الرسول بطرس لسامعيه أنّ المسيح صعد إلى السماء، وأرسل الرّوح القدس، بحسب نبوّة المزمور 110، الذي فيه يقول الرب الآب للرب الابن: «اٰجْلِسْ عَنْ يَمِينِي». ولا يمكن أن تنطبق هذه النبوّة على داود، لأنّ داود لم يصعد إلى السّماء. لكن المسيح الذي صلبه اليهود بأيدي أثمة وقتلوه هو الرب والمسيح الذي قام وصعد إلى السماء، وهو الذي يفدي الخطاة ويغفر الخطايا.

تأثير عظة بطرس

37 فَلَمَّا سَمِعُوا نُخِسُوا فِي قُلُوبِهِمْ وَسَأَلُوا بُطْرُسَ وَسَائِرَ الرُّسُلِ: «مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ؟» 38 فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ: «تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 39 لأَنَّ الْمَوْعِدَ هُوَ لَكُمْ وَلأَوْلاَدِكُمْ، وَلِكُلِّ الَّذِينَ عَلَى بُعْدٍ، كُلِّ مَنْ يَدْعُوهُ الرَّبُّ إِلَهُنَا». 40 وَبِأَقْوَالٍ أُخَرَ كَثِيرَةٍ كَانَ يَشْهَدُ لَهُمْ وَيَعِظُهُمْ قَائِلاً: «اخْلُصُوا مِنْ هَذَا الْجِيلِ الْمُلْتَوِي». 41 فَقَبِلُوا كَلاَمَهُ بِفَرَحٍ وَاعْتَمَدُوا، وَانْضَمَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ نَفْسٍ (أعمال 2: 37-41).

سمع اليهود عظة بطرس القويّة الواضحة، وفهموا أنهم أخطأوا عندما صلبوا المسيح، فبكتتهم ضمائرهم وتألّموا ألماً نفسيّاً شديداً لشعورهم بإثمهم، لأنّ الروح القدس وبّخهم، فأرادوا أن يعرفوا طريق الخلاص من غضب الله، وسألوا الرسل: «مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ؟». لقد تغيَّر شعورهم بعد تأثير الرّوح القدس فيهم، فبعد أن ضحكوا على الرسل وقالوا إنهم سكارى، دعوهم «إخوة» وطلبوا إرشادهم. ومن هذا نرى أنّ الشعور بالخطيّة والنّدامة عليها هو طريق قبول بشارة الإنجيل.

وردَّ بطرس على سؤالهم، نيابة عن باقي الرسل، فقال: «تُوبُوا» لأنّهم خطاة، والتّوبة هي تغيير الاتجاه. ثم قال: «ولْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا». فمن يقبل المعمودية يعترف بإيمانه أنّ يسوع هو المسيح والمخلِّص. وترمز المعموديّة إلى تطهير القلب بالرّوح القدس، وهي علامة الاشتراك في كنيسة المسيح. ومتى اعتمد المؤمن على اسم يسوع المسيح لغفران خطاياه يقبل عطيّة الرّوح القدس الذي يجدّد قلبه ويريح ضميره.

وقال بطرس إنّ عطيّة الروح القدس ليست لليهود فقط، بل لكل الذين على بُعد، من كلّ الذين اختارهم الرب لنفسه من كلّ الشّعوب والألسنة. ففرح الحاضرون وقبلوا كلمة الله وتعمَّدوا، وانضمّوا إلى الكنيسة. وكان عددهم نحو ثلاثة آلاف نفس، وهذا عدد كبير، فلا بدّ أنّ باقي الرّسل اشتركوا مع بطرس في معموديتهم.

أيّها القارئ العزيز، هل عرفت أنّ المسيح هو المخلِّص الذي صُلب ومات ودُفن وقام وصعد إلى السماوات ليغفر لك خطاياك؟ وهل قبلت الخلاص والغفران الذي يقدّمه لك؟

آية للحفظ

«اخْلُصُوا مِنْ هَذَا الْجِيلِ الْمُلْتَوِي» (أعمال 2: 40).

صلاة

أبي السّماوي، كما عمل الروح القدس بكلمات الرسول بطرس، اعمل بكلمة الوعظ في هذه الأيّام، ليخلص الكثيرون من هذا الجيل الملتوي.

سؤال

7 - ماذا كانت إجابة بطرس على سؤال سامعيه «ماذا نصنع أيّها الرّجال الإخوة؟»؟

حياة الكنيسة الأولى

42 وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ والشَّرِكَةِ وَكَسْرِ الْخُبْزِ وَالصَّلَوَاتِ. 43 وَصَارَ خَوْفٌ فِي كُلِّ نَفْسٍ. وَكَانَتْ عَجَائِبُ وَآيَاتٌ كَثِيرَةٌ تُجْرَى عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ. 44 وَجَمِيعُ الَّذِينَ آمَنُوا كَانُوا مَعاً، وَكَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكاً. 45 وَالأَمْلاَكُ وَالْمُقْتَنَيَاتُ كَانُوا يَبِيعُونَهَا وَيَقْسِمُونَهَا بَيْنَ الْجَمِيعِ كَمَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ احْتِيَاجٌ. 46 وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي الْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ 47 مُسَبِّحِينَ اللهَ، وَلَهُمْ نِعْمَةٌ لَدَى جَمِيعِ الشَّعْبِ. وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ (أعمال 2: 42-47).

كان عدد أعضاء الكنيسة قبل حلول الروح القدس نحو مائة وعشرين شخصاً، وبعد أوّل عظة ألقاها الرسول بطرس انضمّ إليهم نحو ثلاثة آلاف آخرين. وازداد عدد المؤمنين الذين كوَّنوا أوّل كنيسة بعد صعود المسيح، وثبتوا في حياة الإيمان لأنّهم كانوا يواظبون على تعليم الرسل وشرح كلمة الله. ومع أنّ الجميع نالوا عطيّة الروح القدس، إلاَّ أنّ هذا لم يمنعهم من الاستماع إلى التعليم.

وعاش المؤمنون الجدد في شركة روحيّة قويّة، فشاركوا الرّسل في أفراحهم بالخلاص وفي خدمتهم بالتبشير، وفي احتمالهم للإهانات، وفي مشاركتهم في الصّلاة والتّسبيح، وكانوا يواظبون مع الرسل على كسر الخبز كعائلة واحدة، ويأكلون طعامهم العاديّ معاً. وهذا دليل على اتّحاد الكنيسة برأس واحد هو المسيح، الذي وحَّد القلوب في وحدانية الإيمان.

وكان المؤمنون الأوّلون يختمون تناولهم للطعام بتناول العشاء الرباني، كما فعل المسيح عندما أكل الفصح مع الرسل، ليذكروا ذبيحة موت المسيح لغفران الخطايا، وهكذا شعروا بحضور الله معهم دائماً، ولم يحسب أحدٌ منهم أنّ ما عنده هو لنفعه الخاص، بل اعتبره أمانة أعطاها له الله لينفقها على إخوته في الإيمان عند حاجتهم. فكان عندهم كلّ شيء مشتركاً.

لقد كانت حياتهم حياة البساطة والفرح والابتهاج، مملوءة بالمحبة، غيورة على التبشير باسم المسيح، وهم يعلِّموننا اليوم أن نواظب على سماع كلام الله، وأن نحبّ بعضنا بعضاً، وأن ننكر ذواتنا، ونواظب على الصّلاة الجمهورية، ونتناول العشاء الرباني معاً.

وما زال الرب حيّاً يعمل في كنيسته بواسطة الروح القدس. فاطلب من الله أن يسكب روحه على كنيستك في هذه الأيام حتى نرى كثيرين يخلصون وينضمّون إليها.

آية للحفظ

«جَمِيعُ الَّذِينَ آمَنُوا كَانُوا مَعاً، وَكَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكاً» (أعمال 2: 44)

صلاة

أبي السّماوي، علِّمني أن أشارك المحتاجين في ما أعطيته لي، لأشارك في تسديد إعوازهم.

سؤال

8 - ما الذي ميَّز أعضاء الكنيسة الأولى؟

الفصل الثاني: الكنيسة في أورشليم أعمال الرسل 3-5

بعد حلول الروح القدس على الرسل، ووعظ بطرس في يوم الخمسين، واعتماد نحو ثلاثة آلاف نفس وانضمامهم إلى الكنيسة، ظهرت قوّة الروح القدس في الكنيسة. إذ كان الرب كل يوم يضمّ إلى الكنيسة الذين يخلصون.

فرح الرسل والمؤمنون بمساعدة الرب للكنيسة الناشئة التي تكوَّنت في أورشليم، فقد تمَّ وعد المسيح بحلول الروح القدس، وخرج الرسل يبشّرون بقوّة المسيح المقام.

شفاء رجل أعرج

1 وَصَعِدَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا مَعاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي سَاعَةِ الصَّلاَةِ التَّاسِعَةِ. 2 وَكَانَ رَجُلٌ أَعْرَجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يُحْمَلُ كَانُوا يَضَعُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ بَابِ الْهَيْكَلِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «الْجَمِيلُ" لِيَسْأَلَ صَدَقَةً مِنَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْهَيْكَلَ. 3 فَهَذَا لَمَّا رَأَى بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا مُزْمِعَيْنِ أَنْ يَدْخُلاَ الْهَيْكَلَ سَأَلَ لِيَأْخُذَ صَدَقَةً. 4 فَتَفَرَّسَ فِيهِ بُطْرُسُ مَعَ يُوحَنَّا وَقَالَ: «انْظُرْ إِلَيْنَا!» 5 فَلاَحَظَهُمَا مُنْتَظِراً أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا شَيْئاً. 6 فَقَالَ بُطْرُسُ: «لَيْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ، وَلَكِنِ الَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ: بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ». 7 وَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَهُ. فَفِي الْحَالِ تَشَدَّدَتْ رِجْلاَهُ وَكَعْبَاهُ، 8 فَوَثَبَ وَوَقَفَ وَصَارَ يَمْشِي، وَدَخَلَ مَعَهُمَا إِلَى الْهَيْكَلِ وَهُوَ يَمْشِي وَيَطْفُرُ وَيُسَبِّحُ اللهَ، 9 وَأَبْصَرَهُ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَهُوَ يَمْشِي وَيُسَبِّحُ اللهَ. 10 وَعَرَفُوهُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ لأَجْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ الْهَيْكَلِ الْجَمِيلِ، فَامْتَلأُوا دَهْشَةً وَحَيْرَةً مِمَّا حَدَثَ لَهُ (أعمال 3: 1-10).

ذهب بطرس ويوحنّا إلى الهيكل في ساعة الصلاة التاسعة، وهي الثالثة بعد الظهر بتوقيتنا، وهذا وقت تقديم الذّبيحة المسائية (سفر العدد 28: 4، 8).

وهناك وجدا رجلاً أعرج منذ ولادته، في الأربعين من عمره (أعمال 4: 22) يجلس عند باب الهيكل المعروف باسم «باب الجميل» يطلب إحساناً ومساعدة من الناس. وكان باب الجميل في الناحية الشرقية من الهيكل، وكان الناس يدخلون منه للصلاة. ولا بدّ أنّ ذلك الأعرج كان معروفاً لجميع اليهود الذين كانوا يذهبون للهيكل. ولمّا رأى بطرس ويوحنّا الأعرج قال له بطرس: «انْظُرْ إِلَيْنَا!» ففرح لأنّه ظنّ أنّه سيأخذ منهما نقوداً.

ولم يقل بطرس ولا يوحنّا إنّ وقوفهما مع الأعرج يؤخّرهما عن الصّلاة. ولم يقدّما له فضة ولا ذهباً، بل أعطياه شيئاً أعظم، فقد قال له بطرس: «بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ» فقام فوراً وصار يمشي ويقفز ويسبّح الله.

قال له بطرس: «قُمْ وَامْشِ» ليظهر لنا ضرورة الإيمان الذي يجب أن يملأ القلب قبل حدوث المعجزة. والإيمان الصحيح يدفع صاحبه إلى العزم والطاعة. وكلّ من يريد أن يخلص من الخطيّة لا بدّ أن يعزم ويؤمن بقوّة اسم المسيح لخلاصه.

شُفي الرجل الأعرج ودخل الهيكل مع بطرس ويوحنّا، وأبصره جميع الشعب الذي كان داخل الهيكل، وهم يعرفونه. فاندهشوا وتعجبوا وعلموا أنَّ قوّة إلهية شفته، وقد تحققت فيه نبوّة إشعياء النبي عمّا يحدث عند مجيء المسيح «حِينَئِذٍ يَقْفِزُ اٰلأَعْرَجُ كَاٰلإِيَّلِ» (إشعياء 35: 6).

آية للحفظ

«بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ» (أعمال 3: 6).

صلاة

ساعدني يا أبي السّماوي لأشكرك وأسبّح لك على كلّ عطاياك وشفاءاتك لي.

سؤال

9 - كيف تحققت نبوّة إشعياء 35: 6؟

عظة بطرس الثانية

11 وَبَيْنَمَا كَانَ الرَّجُلُ الأَعْرَجُ الَّذِي شُفِيَ مُتَمَسِّكاً بِبُطْرُسَ وَيُوحَنَّا تَرَاكَضَ إِلَيْهِمْ جَمِيعُ الشَّعْبِ إِلَى الرِّوَاقِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «رِوَاقُ سُلَيْمَانَ» وَهُمْ مُنْدَهِشُونَ. 12 فَلَمَّا رَأَى بُطْرُسُ ذَلِكَ قَالَ لِلْشَّعْبَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ تَتَعَجَّبُونَ مِنْ هَذَا؟ وَلِمَاذَا تَشْخَصُونَ إِلَيْنَا كَأَنَّنَا بِقُوَّتِنَا أَوْ تَقْوَانَا قَدْ جَعَلْنَا هَذَا يَمْشِي؟ 13 إِنَّ إِلَهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ إِلَهَ آبَائِنَا مَجَّدَ فَتَاهُ يَسُوعَ الَّذِي أَسْلَمْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَأَنْكَرْتُمُوهُ أَمَامَ وَجْهِ بِيلاَطُسَ، وَهُوَ حَاكِمٌ بِإِطْلاَقِهِ. 14 وَلَكِنْ أَنْتُمْ أَنْكَرْتُمُ الْقُدُّوسَ الْبَارَّ، وَطَلَبْتُمْ أَنْ يُوهَبَ لَكُمْ رَجُلٌ قَاتِلٌ. 15 وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذَلِكَ. 16 وَبِالإِيمَانِ بِاسْمِهِ شَدَّدَ اسْمُهُ هَذَا الَّذِي تَنْظُرُونَهُ وَتَعْرِفُونَهُ، وَالإِيمَانُ الَّذِي بِوَاسِطَتِهِ أَعْطَاهُ هَذِهِ الصِّحَّةَ أَمَامَ جَمِيعِكُمْ.

17 «وَالآنَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ بِجَهَالَةٍ عَمِلْتُمْ كَمَا رُؤَسَاؤُكُمْ أَيْضاً. 18 وَأَمَّا اللهُ فَمَا سَبَقَ وَأَنْبَأَ بِهِ بِأَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَسِيحُ قَدْ تَمَّمَهُ هَكَذَا. 19 فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ، 20 وَيُرْسِلَ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُبَشَّرَ بِهِ لَكُمْ قَبْلُ. 21 الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ السَّمَاءَ تَقْبَلُهُ إِلَى أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ الَّتِي تَكَلَّمَ عَنْهَا اللهُ بِفَمِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ. 22 فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيّاً مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ. 23 وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ لاَ تَسْمَعُ لِذَلِكَ النَّبِيِّ تُبَادُ مِنَ الشَّعْبِ. 24 وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَيْضاً مِنْ صَمُوئِيلَ فَمَا بَعْدَهُ، جَمِيعُ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا، سَبَقُوا وَأَنْبَأُوا بِهَذِهِ الأَيَّامِ. 25 أَنْتُمْ أَبْنَاءُ الأَنْبِيَاءِ وَالْعَهْدِ الَّذِي عَاهَدَ بِهِ اللهُ آبَاءَنَا قَائِلاً لإِبْراهِيمَ: وَبِنَسْلِكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. 26 إِلَيْكُمْ أَوَّلاً إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ» (أعمال 3: 11-26).

شاهد الناس بأنفسهم المعجزة التي جرت على يديْ بطرس ويوحنّا، وكيف أنّ الأعرج بدأ يمشي ويقفز ويسبّح الله، وتعجّبوا كثيراً واحتاروا في فهم القوّة التي شفت الأعرج، فانتهز بطرس هذه الفرصة ليبشّر بقوّة المسيح، وأجاب عن الأسئلة التي شغلتهم ولم ينطقوا بها، فقال لهم إنّ يسوع المسيح هو الذي شفى الأعرج وأعطاه الصحة.. وإنهم أنكروا يسوع أمام بيلاطس وطلبوا إطلاق باراباس اللص.. ومع أنّ المسيح هو رئيس الحياة إلاّ أنهم تسبّبوا في قتله. لكنّ الله الآب أقامه من الأموات، و»نحن شهود لذلك». ولا بدّ أنّ بعض السامعين كانوا قد شاهدوا يسوع وعرفوا عن معجزاته وصلبه، كما سمعوا بقيامته أيضاً.

وأوضح بطرس لهم جهلهم بالمسيح الحقيقي، فقد ظنّوا أنّ المسيح الآتي يملك عليهم ملكاً أرضياً، لكن المسيح الحقيقي الذي ينتظرونه قد جاء، وهو نفسه الذي تنبّأت النبوّات عنه وعن موته وقيامته. وكلّ من يؤمن بالمصلوب المقام ينال الخلاص من خطاياه.

وقال بطرس: عندما صلبتم المسيح أخطأتم، لذلك توبوا عن جهلكم، وارجعوا عن عدم إيمانكم، حتى يغفر الله ذنوبكم فتشتركوا في فوائد ملكوت المسيح، وتنالوا راحة الضمير، والمصالحة مع الله الآب، وفرح الروح القدس، وهذه هي أوقات الفرج.

كان اليهود ينتظرون الفرج بمجيء المسيح لينجيهم من عبوديّة الرّومان، فقال الرسول بطرس إنّ أوقات الفرج قد جاءت في يسوع المسيح الناصري، وإن ذلك الفرج فرج روحي، يمكن نواله بالتّوبة والإيمان بالمسيح. وقد بدأ بمجيء يسوع المسيح ليعلن الله للناس، ويعلمهم الأمور السماوية. وتبقى أوقات الفرج هذه حتى مجيء المسيح ثانيةً في نهاية العالم، وذلك للدينونة.. لأنَّ المسيح قد جاء وأكمل الفداء، وصعد إلى السّماء ودُفع له كل سلطان في السّماء وعلى الأرض (متّى 28: 18) وسيظل في السّماء يشفع في المؤمنين حتى يتمّ قصد الله بعمل الفداء العظيم، ويتمّ انتصار الإنجيل بقوّة عمل الرّوح القدس، فيرجع الناس إلى حالة الطهارة التي كانوا عليها قبل دخول الخطية. وهذا معنى «أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ». وهو ما تنبأ به الأنبياء من موسى وصموئيل ومن جاء بعدهما (تثنية 18: 15، 18، 19).

وختم بطرس عظته الثانية بتشجيع سامعيه من اليهود على التوبة رغم أنّهم أبناء الأنبياء، وأبناء العهد الذي أعطاه الله لأبيهم إبراهيم (تكوين 12: 1-3) وقد أظهر لهم الله رحمته بعهده مع آبائهم عندما أرسل لهم المخلِّص الروحي ليباركهم. وليست البركة التي لهم في المسيح كشعب، بل هي لكل واحدٍ منهم كفردٍ يرجع عن شروره.

في هذه العظة نبَّر الرسول بطرس على عمل يسوع المسيح في الخلاص، وكان قد نبَّر في العظة الأولى (أعمال 2: 14-36) على عمل الرّوح القدس في الخلاص. ولكن هناك أوجه شبه بين عظته الأولى وهذه العظة:

  1. في تقديم البراهين من الأسفار المقدّسة أنَّ يسوع هو المسيح.

  2. في خطيّة اليهود برفضهم المسيح وصلبهم إيّاه.

  3. في أنَّ الرحمة هي بواسطة المسيح وحده.

  4. في دعوتهم إلى التوبة والإيمان بالمسيح.

آية للحفظ

«تُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ» (أعمال 3: 19).

صلاة

يا ربّ، توِّبني إليك فأتوب. أَرجِعني إليك فأرجع لتأتيني أوقات الفرج من عندك.

سؤال

10 - ما هي أوقات الفرج؟

شيوخ اليهود يقبضون على بطرس ويوحنّا

1 وَبَيْنَمَا هُمَا يُخَاطِبَانِ الشَّعْبَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمَا الْكَهَنَةُ وَقَائِدُ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالصَّدُّوقِيُّونَ 2 مُتَضَجِّرِينَ مِنْ تَعْلِيمِهِمَا الشَّعْبَ وَنِدَائِهِمَا فِي يَسُوعَ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ. 3 فَأَلْقَوْا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ وَوَضَعُوهُمَا فِي حَبْسٍ إِلَى الْغَدِ، لأَنَّهُ كَانَ قَدْ صَارَ الْمَسَاءُ. 4 وَكَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا الْكَلِمَةَ آمَنُوا، وَصَارَ عَدَدُ الرِّجَالِ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفٍ (أعمال 4: 1-4).

شُفي الرجل الأعرج باسم المسيح، وشاهد اليهود المعجزة التي حدثت، ووعظهم بطرس وعلّمهم أنّ الإيمان بالمسيح يشفي من مرض الجسد ومن الخطيّة أيضاً. لكنّ الكهنة وشيوخ اليهود لم يعجبهم وعظ بطرس ويوحنّا، وتضايق الصدوقيون من قول الرسوليْن إنّ المسيح قام من الموت لأنّهم لا يؤمنون بالقيامة، فقبضوا عليهما ووضعوهما في السجن حتى اليوم التالي، لأنّ المعجزة كانت قد حدثت في الساعة الثالثة بعد الظهر، وكانت الساعة قد بلغت السادسة مساءً، والقانون اليهودي يحرّم المحاكمة ليلاً.

وقبل أن ينتهي الرسولان بطرس ويوحنّا من كلامهما قبض شيوخ اليهود عليهما. لكنّ كثيرين من الذين سمعوا كلمة الله آمنوا، وأصبح عدد المسيحيين حوالي خمسة آلاف نفس.

إنّ كلمة الله لا يمكن أن تُقيَّد، حتى لو كره الخطاة المبشّرين بها واضّطهدوهم، لإنّها حيّة وفعّالة.

بطرس ويوحنّا يشهدان أمام مجلس اليهود

5 وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ رُؤَسَاءَهُمْ وَشُيُوخَهُمْ وَكَتَبَتَهُمُ اجْتَمَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ 6 مَعَ حَنَّانَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَقَيَافَا وَيُوحَنَّا وَالإِسْكَنْدَرِ، وَجَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ عَشِيرَةِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ. 7 وَلَمَّا أَقَامُوهُمَا فِي الْوَسَطِ جَعَلُوا يَسْأَلُونَهُمَا: «بِأَيَّةِ قُوَّةٍ وَبِأَيِّ اسْمٍ صَنَعْتُمَا أَنْتُمَا هَذَا؟» 8 حِينَئِذٍ امْتَلأَ بُطْرُسُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَقَالَ لَهُمْ: «يَا رُؤَسَاءَ الشَّعْبِ وَشُيُوخَ إِسْرَائِيلَ 9 إِنْ كُنَّا نُفْحَصُ الْيَوْمَ عَنْ إِحْسَانٍ إِلَى إِنْسَانٍ سَقِيمٍ بِمَاذَا شُفِيَ هَذَا، 10 فَلْيَكُنْ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِذَاكَ وَقَفَ هَذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحاً. 11 هَذَا هُوَ الْحَجَرُ الَّذِي احْتَقَرْتُمُوهُ أَيُّهَا الْبَنَّاؤُونَ، الَّذِي صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. 12 وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أعمال 4: 5-12).

قبض شيوخ اليهود على بطرس ويوحنّا ووضعوهما في السجن حتّى اليوم التالي، ولمّا جاء اليوم التالي اجتمعوا في أورشليم ليحاكموهما، كما حاكموا المسيح من قبل.. وكان مجلس المحاكمة يتكون من سبعين عضواً، هم من الرؤساء (أي الكهنة)، والشيوخ (أي رؤساء العشائر)، والكتبة (أي علماء الشعب ومعلموه). ورأس حنّان رئيس الكهنة المجلس، وحضره قيافا زوج ابنة حنّان، كما حضره يوحنّا والإسكندر من أقرباء حنّان وقيافا. ولا بدّ أنّ المجلس كان يعرف أن بطرس هو الذي أنكر المسيح وقت صلبه (لوقا 22: 55-62).

سأل رئيس المجلس بطرس ويوحنّا: «بأيّة قوّة وبأيّ اسم صنعتما أنتما هذا؟» قاصداً تخويف الرسولين، معتقداً أنّ بطرس ويوحنّا فكّرا طول الليل وهما في السجن في الخطر والتعذيب الذي ينتظرهما، فينكران المسيح.

وما أن سمع بطرس هذا السؤال حتّى امتلأ من الروح القدس، ونال قوّة داخلية كما وعد المسيح: «سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ» (أعمال 1: 8). ونلاحظ أنّه سبق لبطرس أن امتلأ بالروح القدس.. فما معنى أنّه امتلأ مرة ثانية؟

معناه أنّ معمودية الروح القدس تحدث مرة واحدة، أمّا الامتلاء بالروح فيتكرر حسب الحاجة، ليرشد روح الله المتكلم ويضع الكلام في فمه، وهذا يوافق وعد المسيح لتلاميذه بأنّ الروح يتكلم فيهم (متّى 10: 18-20). إذاً هناك معموديّة واحدة وامتلاءات متعدّدة.

كان الخطر ينتظر بطرس، وكان سهلاً عليه أن يتخلّص من ذلك بأن ينكر المسيح، لكنّه لم يفعل ذلك بل صرّح بشجاعة أنّ الأعرج شُفي باسم يسوع المسيح الناصري الذي سبق للمجلس أن حكم عليه بالصّلب، ولكنّ الله أقامه من الأموات. ونتعلّم من هذه الإجابة أنّ التبشير باسم يسوع المسيح الناصري، يعني إعلان أنّ المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد (1تيموثاوس 3: 16) وأنّه الكلمة الذي صار جسداً (يوحنّا 1: 14) وعاش في الناصرة، وصلبه اليهود، وأقامه الله من بين الأموات.

وفي دفاعه اقتبس بطرس نبوَّة مزمور 118: 22 عن أنّ المسيح هو رأس الزاوية، وهو أهم ما يكون في البناء لأنّه يربط الحيطان معاً. ومع هذا فقد رفضه البنّاؤون اليهود. وقد أشار المسيح إلى نبوَّة مزمور 118 في لوقا 20: 17 باعتبار أنّه ركن الخلاص الذي عليه يبني المؤمنون رجاءهم في الحياة الأبدية. وقد برهن الله صدق رسالة صليب المسيح بقيامته من الموت.

آية للحفظ

«وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أعمال 4: 12).

صلاة

أشكرك يا إلهي الصالح لأنّك دبَّرت لي الخلاص بالمسيح، فتغفر لي خطايا ماضيَّ بفضل كفّارة المسيح على الصّليب، وتقدّس حاضري بعمل الروح القدس، وتملأني ثقة في المستقبل.

سؤال

11 - ما معنى أنَّ المسيح رأس الزاوية؟

مجلس اليهود يُهدّد بطرس ويوحنّا

13 فَلَمَّا رَأَوْا مُجَاهَرَةَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَوَجَدُوا أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ عَدِيمَا الْعِلْمِ وَعَامِّيَّانِ تَعَجَّبُوا. فَعَرَفُوهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ. 14 وَلَكِنْ إِذْ نَظَرُوا الإِنْسَانَ الَّذِي شُفِيَ وَاقِفاً مَعَهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ يُنَاقِضُونَ بِهِ. 15 فَأَمَرُوهُمَا أَنْ يَخْرُجَا إِلَى خَارِجِ الْمَجْمَعِ وَتَآمَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ 16 قَائِلِينَ: «مَاذَا نَفْعَلُ بِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ؟ لأَنَّهُ ظَاهِرٌ لِجَمِيعِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ أَنَّ آيَةً مَعْلُومَةً قَدْ جَرَتْ بِأَيْدِيهِمَا، وَلاَ نَقْدِرُ أَنْ نُنْكِرَ. 17 وَلَكِنْ لِئَلاَّ تَشِيعَ أَكْثَرَ فِي الشَّعْبِ لِنُهَدِّدْهُمَا تَهْدِيداً أَنْ لاَ يُكَلِّمَا أَحَداً مِنَ النَّاسِ فِيمَا بَعْدُ بِهَذَا الاِسْمِ». 18 فَدَعُوهُمَا وَأَوْصُوهُمَا أَنْ لاَ يَنْطِقَا الْبَتَّةَ وَلاَ يُعَلِّمَا بِاسْمِ يَسُوعَ.

19 فَأَجَابَهُمْ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا: «إِنْ كَانَ حَقّاً أَمَامَ اللهِ أَنْ نَسْمَعَ لَكُمْ أَكْثَرَ مِنَ اللهِ فَاحْكُمُوا. 20 لأَنَّنَا نَحْنُ لاَ يُمْكِنُنَا أَنْ لاَ نَتَكَلَّمَ بِمَا رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا». 21 وَبَعْدَمَا هَدَّدُوهُمَا أَيْضاً أَطْلَقُوهُمَا إِذْ لَمْ يَجِدُوا الْبَتَّةَ كَيْفَ يُعَاقِبُونَهُمَا بِسَبَبِ الشَّعْبِ، لأَنَّ الْجَمِيعَ كَانُوا يُمَجِّدُونَ اللهَ عَلَى مَا جَرَى 22 لأَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي صَارَتْ فِيهِ آيَةُ الشِّفَاءِ هَذِهِ كَانَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً (أعمال 4: 13-22).

لاحظ أعضاء مجلس اليهود أنّ بطرس ويوحنّا غير متعلمين تعليماً لاهوتياً، لكنهما يشهدان باسم المسيح بشجاعة وصراحة، ويؤيّدان كلامهما بأقوال الأنبياء فتعجبوا من شجاعتهما. والحقيقة أنّها كانت من عند الروح القدس. ولم يجدوا عليهما علَّةً ولا أنّهما ارتكبا جريمة، فأخرجوهما خارج المجمع وخافوا أن يعاقبوهما، لأنّ الشعب رأى بنفسه الأعرج. فأمروهما بسلطان المجلس أن يمتنعا عن التبشير باسم المسيح. لكن بطرس ويوحنّا لم يسمعا لهذا التهديد، وقرّرا أن يطيعا الله وليس شيوخ اليهود. وكان الشعب يمجد الله.

أيّها القارئ الكريم، إنّ الخلاص من مرض الخطية ومرض الجسد هو باسم المسيح وحده، فليس اسم آخر غير اسم المسيح يخلّص الناس. فهل انتصرت باسم المسيح على مرض خطيتك؟

تقرير بطرس ويوحنّا للكنيسة

23 وَلَمَّا أُطْلِقَا أَتَيَا إِلَى رُفَقَائِهِمَا وَأَخْبَرَاهُمْ بِكُلِّ مَا قَالَهُ لَهُمَا رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ. 24 فَلَمَّا سَمِعُوا رَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ صَوْتاً إِلَى اللهِ وَقَالُوا: «أَيُّهَا السَّيِّدُ، أَنْتَ هُوَ الإِلَهُ الصَّانِعُ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، 25 الْقَائِلُ بِفَمِ دَاوُدَ فَتَاكَ: لِمَاذَا ارْتَجَّتِ الأُمَمُ وَتَفَكَّرَ الشُّعُوبُ بِالْبَاطِلِ؟ 26 قَامَتْ مُلُوكُ الأَرْضِ وَاجْتَمَعَ الرُّؤَسَاءُ مَعاً عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ. 27 لأَنَّهُ بِالْحَقِيقَةِ اجْتَمَعَ عَلَى فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ الَّذِي مَسَحْتَهُ هِيرُودُسُ وَبِيلاَطُسُ الْبُنْطِيُّ مَعَ أُمَمٍ وَشُعُوبِ إِسْرَائِيلَ 28 لِيَفْعَلُوا كُلَّ مَا سَبَقَتْ فَعَيَّنَتْ يَدُكَ وَمَشُورَتُكَ أَنْ يَكُونَ. 29 وَالآنَ يَا رَبُّ، انْظُرْ إِلَى تَهْدِيدَاتِهِمْ، وَامْنَحْ عَبِيدَكَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِكَلاَمِكَ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ، 30 بِمَدِّ يَدِكَ لِلشِّفَاءِ، وَلْتُجْرَ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ بِاسْمِ فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ». 31 وَلَمَّا صَلَّوْا تَزَعْزَعَ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلاَمِ اللهِ بِمُجَاهَرَةٍ (أعمال 4: 23-31).

هدَّد شيوخ اليهود بطرس ويوحنّا وأطلقوهما، فذهبا إلى الكنيسة التي كانت تصلّي لأجلهما وهما في السجن. وأخبرا بكل ما حدث معهما، ففرحت الكنيسة عندما سمعت هذا التقرير، وعبَّرت عنه بأن رفعت صلاة شكر لله، ومن صلاة الكنيسة نتعلّم أن نصلّي:

  1. صلَّت الكنيسة بنفس واحدة وفكر واحد (آية 24). وكلما اتَّحد المؤمنون في الصلاة نالوا الإجابة الفوريّة (متّى 18: 19، 20).

  2. صلَّت الكنيسة كلمات الكتاب المقدس، فرفعت صلاة داود في مزمور 2: 1و2 (آيتا 25، 26). وكُلما صلّينا كلمات الكتاب ننال قوّة في الصلاة.

  3. اعترفت الكنيسة أنّ طريقها هو طريق حمل الصليب، كما حمل المسيح صليبه (آية 27).

  4. رأت الكنيسة أنّ كل ما يجري لها هو ما سبقت مشورة الرب أن عيَّنته (آية 28).

  5. طلبت الكنيسة شجاعةً لكل عضو فيها ليكون شاهداً أميناً للمسيح (آية 29).

  6. طلبت الكنيسة أن يبارك الله من يضطهدونها بإجراء معجزات شفاء باسم المسيح (آية 30).

واستجاب الله صلاة الكنيسة، لأنّها صلاة إيمان. وظهرت نتيجة الاستجابة بأن تزعزع المكان، وامتلأ الجميع من الروح القدس، وكانوا يتكلّمون بكلام الله بمجاهرة.

لا توجد قوّة خارج الكنيسة المؤمنة تستطيع أن تمنعها عن أن تشهد لخلاص المسيح، وأبواب الجحيم لن تقوى على الكنيسة (متّى 16: 18).

آية للحفظ

«وَالآنَ يَا رَبُّ، انْظُرْ إِلَى تَهْدِيدَاتِهِمْ، وَامْنَحْ عَبِيدَكَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِكَلاَمِكَ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ،» (أعمال 4: 29).

صلاة

يا ربّ، أعطنا أن نحبّ الذين يقاوموننا، وأن نخدمهم، ولتُجرَ آيات وعجائب في حياتهم بالشفاء والبركة.

سؤال

12 - كيف صلَّت الكنيسة كلمات الكتاب المقدّس؟

حياة الكنيسة الاشتراكية

32 وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ واحِدَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّ شَيْئاً مِنْ أَمْوَالِهِ لَهُ، بَلْ كَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكاً. 33 وَبِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ كَانَ الرُّسُلُ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيَامَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ، وَنِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ 34 إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجاً، لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ حُقُولٍ أَوْ بُيُوتٍ كَانُوا يَبِيعُونَهَا وَيَأْتُونَ بِأَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ 35 وَيَضَعُونَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ، فَكَانَ يُوزَّعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ كَمَا يَكُونُ لَهُ احْتِيَاجٌ. 36 وَيُوسُفُ الَّذِي دُعِيَ مِنَ الرُّسُلِ بَرْنَابَا، الَّذِي يُتَرْجَمُ «ابْنَ الْوَعْظِ» وَهُوَ لاَوِيٌّ قُبْرُسِيُّ الْجِنْسِ 37 إِذْ كَانَ لَهُ حَقْلٌ بَاعَهُ وَأَتَى بِالدَّرَاهِمِ وَوَضَعَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ (أعمال 4: 32-37).

حلَّ الروح القدس على الكنيسة فكانت قلباً واحداً ونفساً واحدة، واتّحدت برباط المحبة الأخوية، ولم يقل أحد من أعضائها إنّ شيئاً من أمواله له، بل أنكروا نفوسهم وهزموا محبة الذات. وهكذا كان كلّ شيء بينهم مشتركاً، فامتلأوا من نعمة الله «واللَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ حُقُولٍ أَوْ بُيُوتٍ» زيادة عن حاجتهم، باعوها وأتوا بأثمانها باختيارهم عند «أقدام الرسل» الذين وزّعوها على المحتاجين. كان من بين الذين أعطوا رجل اسمه يوسف من سبط لاوي، كان يقيم في قبرص، سمَّاه الرسل برنابا ومعناه «ابن الوعظ» أي ابن التشجيع والنصح والإرشاد، صار بعد ذلك رفيقاً لبولس الرسول في رحلاته التبشيرية.. باع برنابا حقله وأتى بثمنه عند أقدام الرسل ليوزّعوه على المحتاجين. وهذا يعلّمنا أن نعتني بالمحتاجين، ونعطيهم بسخاء وإنكار ذات كما فعلت الكنيسة الأولى.

موت حنانيّا وسفيرة

1 وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ بَاعَ مُلْكاً، 2 وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ، وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذَلِكَ. وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ. 3 فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا حَنَانِيَّا، لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ 4 أَلَيْسَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هَذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ». 5 فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هَذَا الْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ. 6 فَنَهَضَ الأَحْدَاثُ وَلَفُّوهُ وَحَمَلُوهُ خَارِجاً وَدَفَنُوهُ.

7 ثُمَّ حَدَثَ بَعْدَ مُدَّةِ نَحْوِ ثَلاَثِ سَاعَاتٍ أَنَّ امْرَأَتَهُ دَخَلَتْ وَلَيْسَ لَهَا خَبَرُ مَا جَرَى. 8 فَسَأَلَهَا بُطْرُسُ: «قُولِي لِي: أَبِهَذَا الْمِقْدَارِ بِعْتُمَا الْحَقْلَ؟» فَقَالَتْ: «نَعَمْ بِهَذَا الْمِقْدَارِ». 9 فَقَالَ لَهَا بُطْرُسُ: «مَا بَالُكُمَا اتَّفَقْتُمَا عَلَى تَجْرِبَةِ رُوحِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا أَرْجُلُ الَّذِينَ دَفَنُوا رَجُلَكِ عَلَى الْبَابِ وَسَيَحْمِلُونَكِ خَارِجاً». 10 فَوَقَعَتْ فِي الْحَالِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَمَاتَتْ. فَدَخَلَ الشَّبَابُ وَوَجَدُوهَا مَيْتَةً فَحَمَلُوهَا خَارِجاً وَدَفَنُوهَا بِجَانِبِ رَجُلِهَا. 11 فَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الْكَنِيسَةِ وَعَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ (أعمال 5: 1-11).

بعد أن أطلق مجلس اليهود سراح بطرس ويوحنّا ذهبا إلى الكنيسة في أورشليم، ففرحت بهما، كما فرحت بنجاح التبشير باسم المسيح، وعبَّرت عن فرحها بالصّلاة، وأنفق الأغنياء على الفقراء على قدر الحاجة.

وكان بالكنيسة رجل اسمه حنانيّا ومعنى اسمه «حنوّ الرب» متزوّجاً من امرأة اسمها سفيرة، ومعنى اسمها «مضيئة أو جميلة». كان حنانيّا يمتلك حقلاً باعه وجاء ببعض ثمنه إلى الرسل. وانتظر أن يمدحه بطرس أمام الجميع على سخائه. ولكنّ الربّ كشف للرّسول بطرس خيانة حنانيّا، فقال له: «لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟.. أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ».

أليس عجيباً أن يوجد بعض المرائين بين الذين اعترفوا بالمسيح! لقد كان أحد تلاميذ المسيح خائناً، هو يهوذا، وقال المسيح إنَّ ملكوت الله يشبه إنساناً زرع في حقله زرعاً جيداً، ولكنّ عدوّه زرع زواناً وسط الحنطة (متّى 13: 24، 25). وهكذا تواجه الكنيسة صعوبات من الداخل بسبب رياء ونفاق بعض أعضائها، كما تواجه صعوبات من الخارج بسبب الاضطهاد.

وكما لم تجبر الكنيسة حنانيّا أن يبيع حقله، ولم تجبر غيره أن يبيع ممتلكاته، لا يقدر الشيطان أن يجبر أحداً على الكذب أو ارتكاب الخطية. لكن حنانيّا خضع لاقتراح الشيطان أن يكذب ليحتلَّ مكانة محترمة بين المؤمنين، هو في الواقع لا يستحقها، فقرر أن يختلس، وأعطى مجالاً للشيطان أن يعمل في قلبه.

تظاهر حنانيّا بأنّ الروح القدس أرشده ليبيع حقله، ولكنّه كذب على روح الله القدوس. ولمّا انفضح أمره وظهر خداعه وقع ومات.

ومن حادثة حنانيّا نتعلّم أنّ الله العارف بكل شيء عن الإنسان وعن أفكاره، يكره الكذب والرياء والطمع. وكان عقاب الله شديداً وظاهراً، ولكنّه كان ضرورياً في أوّل عهد الكنيسة، ليتجنّب المؤمنون مثل ذلك الرياء.

إنّ الله عظيم الرحمة، فشفى الأعرج (أعمال 3: 1-10)، وهو أيضاً شديد النقمة، قتل المرائي حالاً عقب كذبه. وهو سبحانه في الحالتين يحفظ كنيسته من الأضرار الخارجية ومن الأضرار الداخلية.

لقد قصد الله بموت حنانياّ أن يثبِّت سلطان الرسل لأنهم رسله هو. فلمّا سمع جميع الحاضرين كلام بطرس إلى حنانيّا، وشاهدوه يسقط ميتاً، خافوا من قداسة الله الذي لا يحبّ الكذب.

وحمل الشباب حنانيا ودفنوه، واستغرقهم ذلك نحو ثلاث ساعات.

ودخلت سفيرة، زوجة حنانيّا، وهي لا تعلم ما حدث لزوجها. ولم يعطها بطرس فرصة للاستفهام أو الكلام، لكنّه أعطاها فرصة الاعتراف بالحق لتنجو، فسألها: «أَبِهَذَا الْمِقْدَارِ بِعْتُمَا الْحَقْلَ؟». وكذبت سفيرة على روح الرب، كما كذب زوجها حنانيّا. وكانت النتيجة أنّها ماتت في الحال كما مات زوجها.

الله يعاقب على الخطيّة. وقد يكون العقاب سريعاً، ولكنّه يصبر على الخاطئ ليعطيه فرصة الاعتراف والتوبة.. الله إله العدل والحقّ، كما أنّه إله المحبة والرحمة. وهو يكره الخطيّة لكنّه يحبّ الخاطئ ويريد أن يخلّصه.

آية للحفظ

«وَبِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ كَانَ الرُّسُلُ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيَامَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ، وَنِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ» (أعمال 4: 33).

صلاة

لتكن أقوال فمي وفكر قلبي مرضيَّةً أمامك يا صخرتي ووليي.

سؤال

13 - ما سبب موت حنانيّا وزوجته سفيرة؟

مزيد من المعجزات

12 وَجَرَتْ عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّعْبِ. وَكَانَ الْجَمِيعُ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ. 13 وَأَمَّا الآخَرُونَ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَجْسُرُ أَنْ يَلْتَصِقَ بِهِمْ، لَكِنْ كَانَ الشَّعْبُ يُعَظِّمُهُمْ. 14 وَكَانَ مُؤْمِنُونَ يَنْضَمُّونَ لِلرَّبِّ أَكْثَرَ، جَمَاهِيرُ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ 15 حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَحْمِلُونَ الْمَرْضَى خَارِجاً فِي الشَّوَارِعِ وَيَضَعُونَهُمْ عَلَى فُرُشٍ وَأَسِرَّةٍ، حَتَّى إِذَا جَاءَ بُطْرُسُ يُخَيِّمُ وَلَوْ ظِلُّهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ. 16 وَاجْتَمَعَ جُمْهُورُ الْمُدُنِ الْمُحِيطَةِ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَامِلِينَ مَرْضَى وَمُعَذَّبِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ، وَكَانُوا يُبْرَأُونَ جَمِيعُهُمْ (أعمال 5: 12-16).

شاهدت الكنيسة موت حنانيّا وسفيرة، وسمع آخرون بذلك، فعرف الجميع أنّ روح الله يعلم كلّ شيء، حتّى ما يحدث في الخفاء، وأنّ الله يفحص القلوب. فصار خوف عظيم في قلوب الجميع، حتَّى في الذين ليسوا من الكنيسة.

كانت الكنيسة تواظب على صلاة الإيمان بروح الاتحاد والمحبّة والعبادة، وكان الله يستجيب صلاة المؤمنين فحدثت معجزات كثيرة استجابة للصلاة.

اجتمع المؤمنون في رواق سليمان، وهو عبارة عن ممشى مسقوف على جانب الهيكل الشرقي، يُستخدم مجتمعاً لعامة الناس، فاستعمله الرسل مكاناً لمخاطبة الشعب. ولم يتجاسر المراؤون من أمثال حنانيّا وسفيرة أن يقتربوا من المؤمنين. وكان الشعب يكرم الرسل، فآمن كثيرون من رجال ونساء وانضمّوا إلى الكنيسة في أورشليم. وكانت الكنيسة تنمو رغم كل الظروف.

تعجب الناس من قوّة الله العاملة في الرسل، فأحضروا مرضاهم بإيمان كامل في قوّة المسيح الذي يعظ به بطرس، حتّى أنّ ظل بطرس كان يشفي المريض عندما يقع عليه. وسمع كثيرون من خارج أورشليم عن أعمال الله العظيمة، فأحضروا مرضاهم للرسل لينالوا الشّفاء.

ونلاحظ أنّ الرسل لم يستطيعوا شفاء بعض المرضى قبل صعود المسيح (متّى 17: 16، 19) لكن بعد حلول الرّوح القدس استطاعوا أن يشفوا المرضى ويخرجوا الأرواح النجسة. المسيح لا زال حيّاً. ومن يؤمن به ينال الشفاء. فهل وضعت ثقتك في المسيح الفادي والشافي؟

آية للحفظ

«وَجَرَتْ عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّعْبِ» (أعمال 5: 12)

صلاة

أنت يا ربّ هو هو، لا تغيير عندك. وأنا كما أنا، ضعيف عاجز. أَجْرِ معجزاتك معي ومع عائلتي ومع كنيستي ومع مجتمعي.

سؤال

14 - فسِّر أعمال 5: 12-16 في نور ما قاله المسيح في يوحنّا 14: 12.

القبض على الرسل

17 فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَجَمِيعُ الَّذِينَ مَعَهُ، الَّذِينَ هُمْ شِيعَةُ الصَّدُّوقِيِّينَ وَامْتَلأُوا غَيْرَةً 18 فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَى الرُّسُلِ وَوَضَعُوهُمْ فِي حَبْسِ الْعَامَّةِ. 19 وَلَكِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ فِي اللَّيْلِ فَتَحَ أَبْوَابَ السِّجْنِ وَأَخْرَجَهُمْ وَقَالَ: 20 «اذْهَبُوا قِفُوا وَكَلِّمُوا الشَّعْبَ فِي الْهَيْكَلِ بِجَمِيعِ كَلاَمِ هَذِهِ الْحَيَاةِ». 21 فَلَمَّا سَمِعُوا دَخَلُوا الْهَيْكَلَ نَحْوَ الصُّبْحِ وَجَعَلُوا يُعَلِّمُونَ. ثُمَّ جَاءَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ وَدَعَوُا الْمَجْمَعَ وَكُلَّ مَشْيَخَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى الْحَبْسِ لِيُؤْتَى بِهِمْ. 22 وَلَكِنَّ الْخُدَّامَ لَمَّا جَاءُوا لَمْ يَجِدُوهُمْ فِي السِّجْنِ، فَرَجَعُوا وَأَخْبَرُوا 23 قَائِلِينَ: «إِنَّنَا وَجَدْنَا الْحَبْسَ مُغْلَقاً بِكُلِّ حِرْصٍ، وَالْحُرَّاسَ وَاقِفِينَ خَارِجاً أَمَامَ الأَبْوَابِ. وَلَكِنْ لَمَّا فَتَحْنَا لَمْ نَجِدْ فِي الدَّاخِلِ أَحَداً». (أعمال 5: 17-23).

كانت الكنيسة تنمو، وكان الرب يعمل معجزات بواسطة رسله، فاغتاظ رئيس الكهنة والصدوقيون الذين لا يؤمنون بالقيامة، فأمروا بالقبض على الرسل ووضعوهم في سجن العامّة في أورشليم، وهو مكان محصَّن حتّى لا ينجو الرسل منه.

قضى الرسل وقتهم في السجن يصلّون. واستجاب الله صلاتهم وأرسل ملاكه في الليل ففتح أبواب السجن، وأخرج الرسل وأوصاهم أن يكلِّموا الشعب في الهيكل بجميع كلام الحياة. وأطاع الرسل أمر الرب وذهبوا إلى الهيكل للتبشير باسم يسوع.

ولم يعرف شيوخ اليهود أنَّ الرسل نجوا من السجن، فدعوا المجمع المكوَّن من السبعين عضواً، وأرسلوا العساكر إلى السجن لإحضار الرّسل لمحاكمتهم. وعندما ذهبوا إلى السجن وجدوه مغلقاً والحراس واقفين أمامه، ولكنّهم لمّا فتحوه لم يجدوا الرسل، فرجعوا وأخبروا شيوخ اليهود بذلك.

شهادة الرسل أمام مجمع اليهود

24 فَلَمَّا سَمِعَ الْكَاهِنُ وَقَائِدُ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ هَذِهِ الأَقْوَالَ ارْتَابُوا مِنْ جِهَتِهِمْ: مَا عَسَى أَنْ يَصِيرَ هَذَا؟ 25 ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ وَأَخْبَرَهُمْ قَائِلاً: «هُوَذَا الرِّجَالُ الَّذِينَ وَضَعْتُمُوهُمْ فِي السِّجْنِ هُمْ فِي الْهَيْكَلِ وَاقِفِينَ يُعَلِّمُونَ الشَّعْبَ». 26 حِينَئِذٍ مَضَى قَائِدُ الْجُنْدِ مَعَ الْخُدَّامِ فَأَحْضَرَهُمْ لاَ بِعُنْفٍ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَخَافُونَ الشَّعْبَ لِئَلاَّ يُرْجَمُوا. 27 فَلَمَّا أَحْضَرُوهُمْ أَوْقَفُوهُمْ فِي الْمَجْمَعِ. فَسَأَلَهُمْ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ: 28 «أَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَصِيَّةً أَنْ لاَ تُعَلِّمُوا بِهَذَا الاِسْمِ؟ وَهَا أَنْتُمْ قَدْ مَلأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ، وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هَذَا الإِنْسَانِ». 29 فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَالرُّسُلُ: «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ. 30 إِلَهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. 31 هَذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ رَئِيساً وَمُخَلِّصاً لِيُعْطِيَ إِسْرَائِيلَ التَّوْبَةَ وَغُفْرَانَ الْخَطَايَا. 32 وَنَحْنُ شُهُودٌ لَهُ بِهَذِهِ الأُمُورِ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ أَيْضاً الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُطِيعُونَهُ» (أعمال 5: 24-32).

اندهش شيوخ اليهود واغتاظوا من الرسل بعد أن سمعوا أنهم ليسوا في السجن، واندهشوا أكثر عندما أخبرهم أحد النّاس أنّ الرسل في الهيكل! فأرسلوا وأحضروهم. وفي غضب سألهم رئيس الكهنة: «أَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَصِيَّةً أَنْ لاَ تُعَلِّمُوا بِهَذَا الاِسْمِ؟» فأجابه بطرس نيابة عن الرسل، أنّه ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس، وأنّ الله أقام المسيح الذي قتله اليهود من الموت، وأنّ المسيح هو قلب رسالة الإنجيل، وأنّ غفران الخطايا هو بالإيمان باسمه وحده لأنه مات نيابة عن الخطاة، وأنّ الروح القدس يعمل في المؤمنين ويشجعهم أن يثقوا في الله أكثر من ثقتهم في الناس.

آية للحفظ

يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ (أعمال 5: 29).

صلاة

علِّمني يا رب أن أطيعك في كلّ ما تأمرني به، كما قالت العذراء مريم للملاك: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ اٰلرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ».

سؤال

15 - ما هو شرط الامتلاء من الروح القدس؟

غمالائيل يحذر مجمع اليهود

33 فَلَمَّا سَمِعُوا حَنِقُوا وَجَعَلُوا يَتَشَاوَرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ. 34 فَقَامَ فِي الْمَجْمَعِ رَجُلٌ فَرِّيسِيٌّ اسْمُهُ غَمَالاَئِيلُ مُعَلِّمٌ لِلنَّامُوسِ مُكَرَّمٌ عِنْدَ جَمِيعِ الشَّعْبِ، وَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ الرُّسُلُ قَلِيلاً. 35 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، احْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ جِهَةِ هَؤُلاَءِ النَّاسِ فِي مَا أَنْتُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْعَلُوا. 36 لأَنَّهُ قَبْلَ هَذِهِ الأَيَّامِ قَامَ ثُودَاسُ قَائِلاً عَنْ نَفْسِهِ إِنَّهُ شَيْءٌ، الَّذِي الْتَصَقَ بِهِ عَدَدٌ مِنَ الرِّجَالِ نَحْوُ أَرْبَعِمِئَةٍ، الَّذِي قُتِلَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَبَدَّدُوا وَصَارُوا لاَ شَيْءَ. 37 بَعْدَ هَذَا قَامَ يَهُوذَا الْجَلِيلِيُّ فِي أَيَّامِ الاِكْتِتَابِ وَأَزَاغَ وَرَاءَهُ شَعْباً غَفِيراً. فَذَاكَ أَيْضاً هَلَكَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَشَتَّتُوا. 38 وَالآنَ أَقُولُ لَكُمْ: تَنَحَّوْا عَنْ هَؤُلاَءِ النَّاسِ وَاتْرُكُوهُمْ! لأَنَّهُ إِنْ كَانَ هَذَا الرَّأْيُ أَوْ هَذَا الْعَمَلُ مِنَ النَّاسِ فَسَوْفَ يَنْتَقِضُ، 39 وَإِنْ كَانَ مِنَ اللهِ فَلاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْقُضُوهُ، لِئَلاَّ تُوجَدُوا مُحَارِبِينَ للهِ أَيْضاً». 40 فَانْقَادُوا إِلَيْهِ. وَدَعُوا الرُّسُلَ وَجَلَدُوهُمْ، وَأَوْصُوهُمْ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمُوا بِاسْمِ يَسُوعَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمْ (أعمال 5: 33-40).

سمع شيوخ اليهود إجابة الرسل فاغتاظوا وفكروا في قتلهم، ولكنّ شيخاً جليلاً اسمه غمالائيل كان أستاذاً في الشريعة اختلف معهم، لأنّه كان يؤمن أنّ الله يؤيّد أعماله ويظهرها بقوّة لا يوقفها إنسان، فأمر بإخراج الرسل من القاعة، وتشاور مع زملائه من الشيوخ، وحذّرهم من قتل الرسل، واستشهد بما حدث مع ثوداس الذي عصى الدولة الرومانية وقال إنه نبيّ، أو إنّه المسيح المنتظر، وآمن به كثيرون لكنّه فشل وسقط وانكسر.. وقصد غمالائيل بذلك أنّه إن كان الرسل مثل ثوداس فسيسقطون، وإن كانوا من المؤمنين فسيثبتون. وأخبر غمالائيل عن يهوذا الجليلي الذي أثار الفتن مدّة أربع سنوات لكنّه هلك. وقصد غمالائيل أنّه إن كان عمل الرسل من عند الناس فلا بدّ سيفشل، ولكن إن كان عملهم بإرادة الله فسيثبت، لأنّهم ينفّذون إرادة الله. وتكون مقاومتهم مقاومة لله.. ومن يستطيع أن يقف ضد الله؟!!

واقتنع شيوخ اليهود بمنطق غمالائيل، فاكتفوا بجلد الرسل، وأوصوهم أن يمتنعوا عن الكلام باسم المسيح، ثم أطلقوهم.

الرسل يستمرّون في شهادتهم

41 وَأَمَّا هُمْ فَذَهَبُوا فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ الْمَجْمَعِ لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. 42 وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ وَفِي الْبُيُوتِ مُعَلِّمِينَ وَمُبَشِّرِينَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ (أعمال 5: 41، 42).

خرج الرسل والدماء تسيل من أجسادهم، لكنّهم كانوا فرحين، ولم يتوقفوا عن التبشير بالمسيح كما ظن أعضاء مجلس اليهود أنّهم سيتوقّفون. وكان سبب فرح الرسل أنهم أطاعوا الله، وأصبحوا مثل المسيح الذي تألّم لأجلهم، وأنّه باضطهادهم سينتشر الإنجيل، وأنّ لهم إكليل المجد في السماء (متّى 5: 11، 12).

واستمر الرسل يبشرون باسم المسيح في الهيكل وفي البيوت. ولا بد أنّ الروح القدس أرشدهم وشجّعهم ليبشّروا، فمهما كانت الضيقات في وجه المؤمنين بالمسيح، فلن يمتنعوا عن الشهادة للمسيح بقوّة الرّوح القدس.

آية للحفظ

«وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ وَفِي الْبُيُوتِ مُعَلِّمِينَ وَمُبَشِّرِينَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ» (أعمال 5: 42).

صلاة

علِّمني يا ربّ أن أستمر في الوفاء بوعودي لك، بأن أحيا حياة الطاعة، ومساعدة المحتاجين.

سؤال

16 - ما الذي ساعد التلاميذ الأوّلين على الاستمرار في التعليم والتبشير بيسوع في بيوتهم وفي الهيكل؟

الفصل الثالث: شهادة استفانوس واستشهاده أعمال الرّسل 6، 7

حارب شيوخ اليهود الكنيسة الناشئة في أورشليم، وحاولوا منع الرسل وحاولوا أن يمنعوهم من التبشير باسم المسيح وذلك بضربهم وسجنهم أكثر من مرة.. لكنّ الرب كان مع كنيسته بقوّة الروح القدس، فكان عدد المؤمنين ينمو ويزيد.

وكانت مقتنياتهم مشتركة وحياتهم مبنيّة على المحبّة، وشعار الكنيسة لكل محتاج فيها: «ما لي فهو لك». والآن لنتأمل نتيجة هذه الحياة المشتركة، وكيف تعاملت الكنيسة معها.

انتخاب الشمامسة السبعة

1 وَفي تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ تَكَاثَرَ التَّلاَمِيذُ حَدَثَ تَذَمُّرٌ مِنَ الْيُونَانِيِّينَ عَلَى الْعِبْرَانِيِّينَ أَنَّ أَرَامِلَهُمْ كُنَّ يُغْفَلُ عَنْهُنَّ فِي الْخِدْمَةِ الْيَوْمِيَّةِ. 2 فَدَعَا الاِثْنَا عَشَرَ جُمْهُورَ التَّلاَمِيذِ وَقَالُوا: «لاَ يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ وَنَخْدِمَ مَوَائِدَ. 3 فَانْتَخِبُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ سَبْعَةَ رِجَالٍ مِنْكُمْ مَشْهُوداً لَهُمْ وَمَمْلُوِّينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَحِكْمَةٍ فَنُقِيمَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْحَاجَةِ. 4 وَأَمَّا نَحْنُ فَنُواظِبُ عَلَى الصَّلاَةِ وَخِدْمَةِ الْكَلِمَةِ». 5 فَحَسُنَ هَذَا الْقَوْلُ أَمَامَ كُلِّ الْجُمْهُورِ، فَاخْتَارُوا اسْتِفَانُوسَ رَجُلاً مَمْلُوّاً مِنَ الإِيمَانِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ، وَفِيلُبُّسَ، وَبُرُوخُورُسَ، وَنِيكَانُورَ، وَتِيمُونَ، وَبَرْمِينَاسَ، وَنِيقُولاَوُسَ دَخِيلاً أَنْطَاكِيّاً. 6 ٱلَّذِينَ أَقَامُوهُمْ أَمَامَ الرُّسُلِ، فَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمِ الأَيَادِيَ. 7 وَكَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ تَنْمُو، وَعَدَدُ التَّلاَمِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدّاً فِي أُورُشَلِيمَ، وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ الإِيمَانَ (أعمال 6: 1-7).

عاشت الكنيسة الأولى عيشة مشتركة كما علمنا في الأصحاح الخامس، وكانت تنمو وتزداد لمدة حوالي سبع سنوات. ولمّا زاد عدد المؤمنين جداً عجز الرسل عن القيام بكل الواجبات الزمنيّة والرّوحية، ولم يقدروا أن يلتفتوا إلى كلّ فرد من المحتاجين المختلفين في احتياجاتهم وأذواقهم، فقد كانت الكنيسة تضمّ أعضاء من اليهود الذين سكنوا في بلاد أخرى وتعلموا اللغة اليونانية، كما ضمَّت بعضاً آخر من اليهود الذين عاشوا في اليهودية وكانوا يتكلَّمون اللغة العبرانية، والذين اعتبروا أنفسهم أقدس من اليونانيين لأنّهم بقوا في أرض الآباء حيث كان الهيكل. وغضب اليونانيون من العبرانيين وقالوا: «إنّ أرامل العبرانيين يأخذن مساعدة أكثر من أراملنا».

لم يقصد الرسل أن يميّزوا بين جنس وآخر، أو بين محتاج ومحتاج، وكان من الصعب عليهم أن يقوموا بالوعظ وتوزيع المساعدات للمحتاجين في وقت واحد. وربّما طلب الرسل من بعض أعضاء الكنيسة أن يساعدوهم في التوزيع، لكن عدد الموزّعين كان قليلاً. وأراد الرسل الإثنا عشر أن ينقذوا الكنيسة من خطر الانشقاق، فجمعوا أعضاء الكنيسة وقالوا لهم: إنَّ واجب الكنيسة أن تبشر وتوزع المال على الفقراء في نفس الوقت، ولكننا لا نقدر أن نفعل الأمرين معاً. صحيحٌ أنَّ الاعتناء بنفوس الناس أهمّ من الاعتناء بأجسادهم، فيجب أن نهتمّ بالأمور الروحية أوّلاً، وأن نكلّف غيرنا بالاعتناء بالفقراء. واقترح الرسل أن يختار أعضاء الكنيسة سبعة رجال من اليونانيين ومن العبرانيين، على أن يكونوا ممتلئين من الرّوح القدس ومن روح المحبة غير المغرضة، لتعيينهم لتوزيع المساعدات، حتى يتفرّغوا هم للوعظ والتّبشير. فارتاح أعضاء الكنيسة لهذا الحلّ الناجح، واختاروا سبعة رجال، ومن المعلوم أنّ عدد السبعة من الأعداد المقدّسة عند اليهود. وصلّى الرّسل طالبين بركة الله على الرّجال السبعة ووضعوا عليهم الأيادي، أي رسموهم لهذا الغرض. وهكذا أصبح عمل الشمّاس مساعدة الرسل في تدبير أمور الكنيسة الزمنيّة (1تيموثاوس 3: 8-12). وقد أراح هذا الحلّ الكنيسة في أورشليم، فكانت كلمة الله تنمو وتنتشر حتّى أنَّ جمهوراً كثيراً من الكهنة آمن بالمسيح.

آية للحفظ

«فَانْتَخِبُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ سَبْعَةَ رِجَالٍ مِنْكُمْ مَشْهُوداً لَهُمْ وَمَمْلُوِّينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَحِكْمَةٍ فَنُقِيمَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْحَاجَةِ» (أعمال 7: 3)

صلاة

نشكرك يا ربّ لأنّك تهتمّ بحاجات الجسد كما تهتمّ بحاجات الرّوح. أعطني أن أطلب ملكوتك أوّلاً، وهذه كلها تُزاد لي.

سؤال

17 - ما هي وظيفة الشمّاس؟

استفانوس أمام المجمع

8 وَأَمَّا اسْتِفَانُوسُ فَإِذْ كَانَ مَمْلُوّاً إِيمَاناً وَقُوَّةً كَانَ يَصْنَعُ عَجَائِبَ وَآيَاتٍ عَظِيمَةً فِي الشَّعْبِ. 9 فَنَهَضَ قَوْمٌ مِنَ الْمَجْمَعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَجْمَعُ اللِّيبَرْتِينِيِّينَ وَالْقَيْرَوَانِيِّينَ وَالإِسْكَنْدَرِيِّينَ وَمِنَ الَّذِينَ مِنْ كِيلِيكِيَّا وَأَسِيَّا يُحَاوِرُونَ اسْتِفَانُوسَ. 10 وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا الْحِكْمَةَ وَالرُّوحَ الَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ. 11 حِينَئِذٍ دَسُّوا لِرِجَالٍ يَقُولُونَ: «إِنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمِ تَجْدِيفٍ عَلَى مُوسَى وَعَلَى اللهِ». 12 وَهَيَّجُوا الشَّعْبَ وَالشُّيُوخَ وَالْكَتَبَةَ، فَقَامُوا وَخَطَفُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى الْمَجْمَعِ 13 وَأَقَامُوا شُهُوداً كَذَبَةً يَقُولُونَ: «هَذَا الرَّجُلُ لاَ يَفْتُرُ عَنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ تَجْدِيفاً ضِدَّ هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُقَدَّسِ وَالنَّامُوسِ 14 لأَنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ هَذَا سَيَنْقُضُ هَذَا الْمَوْضِعَ وَيُغَيِّرُ الْعَوَائِدَ الَّتِي سَلَّمَنَا إِيَّاهَا مُوسَى». 15 فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْجَالِسِينَ فِي الْمَجْمَعِ وَرَأَوْا وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلاَكٍ (أعمال 6: 8-15).

كان استفانوس واحداً من الشمامسة السبعة، وكان مملوءاً بالإيمان وقوّة الروح القدس، فكان يبشّر أيضاً ويصنع المعجزات باسم المسيح. وهذا يعلّمنا أنّ الله لم يكلّف الرسل وحدهم بالتبشير، لكنّه كلّف جميع المؤمنين بذلك أيضاً. وأثار نجاح استفانوس التبشيري غضب اليهود الذين يصلّون في بعض المجامع.

ويُقال إنّه كان في أورشليم 480 مجمعاً، يُدعى أحدهم «مجمع الليبرتينيين» وهو خاصّ بيهودٍ أسرهم الرومان وأخذوهم عبيداً إلى إيطاليا ثم حرّروهم وسمّوهم الليبرتينيين، ومعناها «المحرّرين». وكان هناك مجمع آخر خاصّ باليهود الذين من قيروان في أفريقيا. (قيروان تقع على مسافة 224 كيلومتراً شرقي بنغازي في الجبل الأخضر في ليبيا واسمها الحالي شحات)، ومجمع ثالث خاصّ بيهود الإسكندرية في مصر، ومجمع آخر خاصّ بيهود كيليكية في آسيا الصغرى، ومجمع آخر خاصّ بيهود الجزء الغربي من آسيا الصغرى.

اجتمع علماء تلك المجامع لمحاورة استفانوس في أمر السيّد المسيح، فهزمهم في الحوار لأنّه كان يتكلم بقوّة الرّوح القدس، أمّا شيوخ اليهود فكانوا يتكلّمون من عند أنفسهم. مساكين شيوخ اليهود، افتكروا أنهم يستطيعون أن يقاوموا الرّوح القدس! ولمّا فشلوا في محاورة استفانوس طلبوا من بعض اليهود سرّاً أن يقولوا إنهم سمعوا استفانوس يجدف على الله وعلى الهيكل وعلى شريعة موسى. ولا بدّ أنّ استفانوس قال إنّ المسيح أعظم من موسى ومن الهيكل.

وهاج الشعب الذي سمع التهمة وخطف استفانوس وأتى به إلى مجمع السبعين الذي له حقّ الحكم في الأمور الدينيّة. ووقف استفانوس أمام المجمع الذي سمع شكاية اليهود عليه، فنظر إليه جميع الجالسين ورأوا وجهه كأنّه وجه ملاك، لأنّ علامات الاطمئنان والبراءة والمحبة كانت في قلبه وظاهرة على وجهه، بفضل الرّوح القدس الساكن فيه. ولا توجد قوّة في العالم تستطيع أن تخفي الحياة الطاهرة اللامعة من على وجه المؤمن الحقيقيّ.

دفاع استفانوس

في دفاع استفانوس نرى ستَّ حقائق:

  1. عهد الله مع شعبه سابق لشريعة موسى ولبناء الهيكل ( آيات 1-8)

  2. النّجاة من عبوديّة فرعون أمر رمزيّ (آيات 9-19)

  3. موسى يرمز للمسيح (آيات 20-36)

  4. اليهود يرفضون العبادة الحقيقية (آيات 37-43)

  5. اليهكل الحقيقي (آيات 44-50)

  6. اليهود دائما يقاومون الرّوح القدس (آيات 51-53)

1 - عهد الله مع شعبه سابق لشريعة موسى ولبناء الهيكل

1 فسأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ: «أَتُرَى هَذِهِ الأُمُورُ هَكَذَا هِيَ؟» 2 فَأَجَابَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ وَالآبَاءُ اسْمَعُوا. ظَهَرَ إِلَهُ الْمَجْدِ لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، قَبْلَمَا سَكَنَ فِي حَارَانَ 3 وَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَهَلُمَّ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ 4 فَخَرَجَ حِينَئِذٍ مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ وَسَكَنَ فِي حَارَانَ. وَمِنْ هُنَاكَ نَقَلَهُ بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُوهُ إِلَى هَذِهِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمُ الآنَ سَاكِنُونَ فِيهَا. 5 وَلَمْ يُعْطِهِ فِيهَا مِيرَاثاً وَلاَ وَطْأَةَ قَدَمٍ. وَلَكِنْ وَعَدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مُلْكاً لَهُ وَلِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدُ وَلَدٌ. 6 وَتَكَلَّمَ اللهُ هَكَذَا: أَنْ يَكُونَ نَسْلُهُ مُتَغَرِّباً فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ فَيَسْتَعْبِدُوهُ وَيُسِيئُوا إِلَيْهِ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ، 7 وَالأُمَّةُ الَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا سَأَدِينُهَا أَنَا يَقُولُ اللهُ. وَبَعْدَ ذَلِكَ يَخْرُجُونَ وَيَعْبُدُونَنِي فِي هَذَا الْمَكَانِ. 8 وَأَعْطَاهُ عَهْدَ الْخِتَانِ. وَهَكَذَا وَلَدَ إِسْحَاقَ وَخَتَنَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ. وَإِسْحَاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ، وَيَعْقُوبُ وَلَدَ رُؤَسَاءَ الآبَاءِ الاِثْنَيْ عَشَرَ (أعمال 7 1-8)

أحضر اليهود استفانوس إلى رئيس الكهنة ليحاكمه، فسأله إن كان مذنباً أم بريئاً. وكان استفانوس شجاعاً، فلم يُجب رئيس الكهنة وحده بل تكلّم إلى كلّ الشعب ودعاهم آباء وإخوة.

وبدأ استفانوس دفاعه بقوله إنّ دعوة الله لإبراهيم ووعوده له كانت سابقة لمولد موسى وإعطائه الشريعة، وسابقة لبناء هيكل سليمان، وإنّ ظهور الله لشعبه ليس مقصوراً على أورشليم فقط، لأنّ الله ظهر لإبراهيم ويوسف وموسى في أماكن غير أورشليم.

2 - النّجاة من عبوديّة فرعون أمر رمزيّ

9 وَرُؤَسَاءُ الآبَاءِ حَسَدُوا يُوسُفَ وَبَاعُوهُ إِلَى مِصْرَ، وَكَانَ اللهُ مَعَهُ 10 وَأَنْقَذَهُ مِنْ جَمِيعِ ضِيقَاتِهِ، وَأَعْطَاهُ نِعْمَةً وَحِكْمَةً أَمَامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ فَأَقَامَهُ مُدَبِّراً عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُلِّ بَيْتِهِ.

11 ثُمَّ أَتَى جُوعٌ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ وَكَنْعَانَ وَضِيقٌ عَظِيمٌ، فَكَانَ آبَاؤُنَا لاَ يَجِدُونَ قُوتاً. 12 وَلَمَّا سَمِعَ يَعْقُوبُ أَنَّ فِي مِصْرَ قَمْحاً أَرْسَلَ آبَاءَنَا أَوَّلَ مَرَّةٍ. 13 وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ اسْتَعْرَفَ يُوسُفُ إِلَى إِخْوَتِهِ وَاسْتَعْلَنَتْ عَشِيرَةُ يُوسُفَ لِفِرْعَوْنَ. 14 فَأَرْسَلَ يُوسُفُ وَاسْتَدْعَى أَبَاهُ يَعْقُوبَ وَجَمِيعَ عَشِيرَتِهِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ نَفْساً. 15 فَنَزَلَ يَعْقُوبُ إِلَى مِصْرَ وَمَاتَ هُوَ وَآبَاؤُنَا 16 وَنُقِلُوا إِلَى شَكِيمَ وَوُضِعُوا فِي الْقَبْرِ الَّذِي اشْتَرَاهُ إِبْرَاهِيمُ بِثَمَنٍ فِضَّةٍ مِنْ بَنِي حَمُورَ أَبِي شَكِيمَ. 17 وَكَمَا كَانَ يَقْرُبُ وَقْتُ الْمَوْعِدِ الَّذِي أَقْسَمَ اللهُ عَلَيْهِ لإِبْرَاهِيمَ كَانَ الشَّعْبُ يَنْمُو وَيَكْثُرُ فِي مِصْرَ 18 إِلَى أَنْ قَامَ مَلِكٌ آخَرُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. 19 فَاحْتَالَ هَذَا عَلَى جِنْسِنَا وَأَسَاءَ إِلَى آبَائِنَا حَتَّى جَعَلُوا أَطْفَالَهُمْ مَنْبُوذِينَ لِكَيْ لاَ يَعِيشُوا (أعمال 7: 9-19).

في ظلم الإخوة ليوسف إشارة إلى ظلم اليهود للمسيح، الذي خرج من الآلام إلى المُلك. واستعباد فرعون لبني إسرائيل، وإطلاق الرب لهم أحراراً إشارة واضحة لآلام المسيح والأمجاد التي بعدها.

3 - موسى يرمز للمسيح

20 «وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وُلِدَ مُوسَى وَكَانَ جَمِيلاً جِدّاً فَرُبِّيَ هَذَا ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي بَيْتِ أَبِيهِ. 21 وَلَمَّا نُبِذَ اتَّخَذَتْهُ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ وَرَبَّتْهُ لِنَفْسِهَا ابْناً. 22 فَتَهَذَّبَ مُوسَى بِكُلِّ حِكْمَةِ الْمِصْرِيِّينَ، وَكَانَ مُقْتَدِراً فِي الأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ. 23 وَلَمَّا كَمِلَتْ لَهُ مُدَّةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً خَطَرَ عَلَى بَالِهِ أَنْ يَفْتَقِدَ إِخْوَتَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 24 وَإِذْ رَأَى وَاحِداً مَظْلُوماً حَامَى عَنْهُ وَأَنْصَفَ الْمَغْلُوبَ إِذْ قَتَلَ الْمِصْرِيَّ. 25 فَظَنَّ أَنَّ إِخْوَتَهُ يَفْهَمُونَ أَنَّ اللهَ عَلَى يَدِهِ يُعْطِيهِمْ نَجَاةً وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا. 26 وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي ظَهَرَ لَهُمْ وَهُمْ يَتَخَاصَمُونَ فَسَاقَهُمْ إِلَى السَّلاَمَةِ قَائِلاً: أَيُّهَا الرِّجَالُ أَنْتُمْ إِخْوَةٌ. لِمَاذَا تَظْلِمُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً؟ 27 فَالَّذِي كَانَ يَظْلِمُ قَرِيبَهُ دَفَعَهُ قَائِلاً: مَنْ أَقَامَكَ رَئِيساً وَقَاضِياً عَلَيْنَا؟ 28 أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ أَمْسَ الْمِصْرِيَّ؟ 29 فَهَرَبَ مُوسَى بِسَبَبِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَصَارَ غَرِيباً فِي أَرْضِ مَدْيَانَ حَيْثُ وَلَدَ ابْنَيْنِ.

30 وَلَمَّا كَمِلَتْ أَرْبَعُونَ سَنَةً ظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ فِي بَرِّيَّةِ جَبَلِ سِينَاءَ فِي لَهِيبِ نَارِ عُلَّيْقَةٍ. 31 فَلَمَّا رَأَى مُوسَى ذَلِكَ تَعَجَّبَ مِنَ الْمَنْظَرِ. وَفِيمَا هُوَ يَتَقَدَّمُ لِيَتَطَلَّعَ صَارَ إِلَيْهِ صَوْتُ الرَّبِّ: 32 أَنَا إِلَهُ آبَائِكَ، إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ. فَارْتَعَدَ مُوسَى وَلَمْ يَجْسُرْ أَنْ يَتَطَلَّعَ. 33 فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: اخْلَعْ نَعْلَ رِجْلَيْكَ لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ. 34 إِنِّي رَأَيْتُ مَشَقَّةَ شَعْبِي الَّذِينَ فِي مِصْرَ وَسَمِعْتُ أَنِينَهُمْ وَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ. فَهَلُمَّ الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَى مِصْرَ.

35 هَذَا مُوسَى الَّذِي أَنْكَرُوهُ قَائِلِينَ: مَنْ أَقَامَكَ رَئِيساً وَقَاضِياً؟ هَذَا أَرْسَلَهُ اللهُ رَئِيساً وَفَادِياً بِيَدِ الْمَلاَكِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ فِي الْعُلَّيْقَةِ. 36 هَذَا أَخْرَجَهُمْ صَانِعاً عَجَائِبَ وَآيَاتٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ وَفِي الْبَحْرِ الأَحْمَرِ وَفِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً (أعمال 7: 20-36).

استمرّ استفانوس في دفاعه قائلا إنّه يرى في موسى رمزاً للمسيح منقذ إخوته، إلاَّ أنّ إخوته رفضوه وقالوا له: «مَنْ أَقَامَكَ رَئِيساً وَقَاضِياً عَلَيْنَا؟» ومع هذا فإنَّ موسى كان المنقذ بالعجائب والآيات. وفي هذا يكون موسى رمزاً للمسيح.

4 - اليهود يرفضون العبادة الحقيقيّة

37 هَذَا هُوَ مُوسَى الَّذِي قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: نَبِيّاً مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ. 38 هَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ مَعَ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ وَمَعَ آبَائِنَا. الَّذِي قَبِلَ أَقْوَالاً حَيَّةً لِيُعْطِيَنَا إِيَّاهَا 39 الَّذِي لَمْ يَشَأْ آبَاؤُنَا أَنْ يَكُونُوا طَائِعِينَ لَهُ، بَلْ دَفَعُوهُ وَرَجَعُوا بِقُلُوبِهِمْ إِلَى مِصْرَ 40 قَائِلِينَ لِهَارُونَ: اعْمَلْ لَنَا آلِهَةً تَتَقَدَّمُ أَمَامَنَا لأَنَّ هَذَا مُوسَى الَّذِي أَخْرَجَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ. 41 فَعَمِلُوا عِجْلاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، وَأَصْعَدُوا ذَبِيحَةً لِلصَّنَمِ وَفَرِحُوا بِأَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ. 42 فَرَجَعَ اللهُ وَأَسْلَمَهُمْ لِيَعْبُدُوا جُنْدَ السَّمَاءِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الأَنْبِيَاءِ: هَلْ قَرَّبْتُمْ لِي ذَبَائِحَ وَقَرَابِينَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي الْبَرِّيَّةِ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ 43 بَلْ حَمَلْتُمْ خَيْمَةَ مُولُوكَ وَنَجْمَ إِلَهِكُمْ رَمْفَانَ التَّمَاثِيلَ الَّتِي صَنَعْتُمُوهَا لِتَسْجُدُوا لَهَا. فَأَنْقُلُكُمْ إِلَى مَا وَرَاءَ بَابِلَ (أعمال 7: 37-43).

وتابع استفانوس يقول إنّ الشريعة وعوائد موسى ليست أبديّة، لأنّ موسى أنبأ بمجيء نبيّ آخر، وأنّ تعاليم موسى كانت تجهِّز شعبه لمجيء نبيّ آخر هو المسيح. والنبيّ الآخر الذي أشار إليه هو الذي أشار الرسول بطرس إليه في موعظته الثانية (أعمال 3: 22)، وهو المسيح الذي يشترك مع موسى في صفتين: أنّه يكلّم الله بدون وسيط، وأنّه أجرى معجزات كثيرة.

وقال استفانوس إنّ الماضي يكرّر نفسه، وإنّ بني إسرائيل الذين منحهم الرب خلاصه المعجزي هم الذين عبدوا العجل، وقدّموا قرابين للصنم، وصنعوا أوثاناً سجدوا لها، فأغضبوا الله. وهو نفس ما فعلوه بالمسيح، المخلِّص الروحي الذي سلموه لبيلاطس وهم يصرخون "اصلبه! اصلبه! دمه علينا وعلى أولادنا». فإنهم دائماً يرفضون العبادة التي من عند الله، والتي أمر بها الله، ويجرون وراء الباطل.

آية للحفظ

«فَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتُ الرَّبِّ: أَنَا إِلَهُ آبَائِكَ، إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ». (أعمال 7: 31و32).

صلاة

أعطني أن أعبدك يا ربّ بالرّوح والحق.

سؤال

18 - ما هي العبادة الحقيقيّة؟

5 - الهيكل الحقيقي

44 «وَأَمَّا خَيْمَةُ الشَّهَادَةِ فَكَانَتْ مَعَ آبَائِنَا فِي الْبَرِّيَّةِ كَمَا أَمَرَ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى أَنْ يَعْمَلَهَا عَلَى الْمِثَالِ الَّذِي كَانَ قَدْ رَآهُ 45 الَّتِي أَدْخَلَهَا أَيْضاً آبَاؤُنَا إِذْ تَخَلَّفُوا عَلَيْهَا مَعَ يَشُوعَ فِي مُلْكِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ اللهُ مِنْ وَجْهِ آبَائِنَا إِلَى أَيَّامِ دَاوُدَ 46 الَّذِي وَجَدَ نِعْمَةً أَمَامَ اللهِ وَالْتَمَسَ أَنْ يَجِدَ مَسْكَناً لإِلَهِ يَعْقُوبَ. 47 وَلَكِنَّ سُلَيْمَانَ بَنَى لَهُ بَيْتاً. 48 لَكِنَّ الْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِالأَيَادِي كَمَا يَقُولُ النَّبِيُّ: 49 السَّمَاءُ كُرْسِيٌّ لِي، وَالأَرْضُ مَوْطِئٌ لِقَدَمَيَّ. أَيَّ بَيْتٍ تَبْنُونَ لِي يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَيٌّ هُوَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ 50 أَلَيْسَتْ يَدِي صَنَعَتْ هَذِهِ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا؟ (أعمال 7: 44-50).

ومضى استفانوس يقول إنَّ العبادة اليهودية بدأت في خيمة الاجتماع، حيث كان تابوت العهد موضوعاً في قدس الأقداس، واشتاق داود أن يبني للربّ هيكلاً، فكلَّف الربّ سليمان بإقامته. ولكنّ العبادة الحقيقية هي العبادة الروحيّة، والساجدون لله ينبغي أن يسجدوا بالرّوح والحق. فلم يكن ما وعظ به استفانوس بخصوص «الموضع المقدّس والنّاموس» تجديفاً، كما اتّهمه أهل مجمع الليبرتينيين وغيرهم، بل كان توضيحاً للعبادة الحقيقيّة التي يطلبها الله.

آية للحفظ

«السَّمَاءُ كُرْسِيٌّ لِي، وَالأَرْضُ مَوْطِئٌ لِقَدَمَيَّ» (أعمال 7: 47).

صلاة

يا ربّ قُدني دائماً إلى بيتك وهيكلك، واجعل جسدي هيكلاً مقدّساً لك.

سؤال

19 - كيف يكون جسدك هيكلاً مقدّساً للرب؟

6 - اليهود دائماً يقاومون الروح القدس

51 "يَا قُسَاةَ الرِّقَابِ وَغَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ، أَنْتُمْ دَائِماً تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ. كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ كَذَلِكَ أَنْتُمْ. 52 أَيُّ الأَنْبِيَاءِ لَمْ يَضْطَهِدْهُ آبَاؤُكُمْ وَقَدْ قَتَلُوا الَّذِينَ سَبَقُوا فَأَنْبَأُوا بِمَجِيءِ الْبَارِّ الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ صِرْتُمْ مُسَلِّمِيهِ وَقَاتِلِيهِ 53 الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟» (أعمال 7: 51-53).

ختم استفانوس دفاعه بأن قال إنّ بني إسرائيل يقاومون الرّوح القدس دائماً، وإنهم تمرّدوا على الله عندما رفضوا المسيح كما تمرّد آباؤهم من قبل. ووصل إلى قمّة دفاعه بالقول إنّ يسوع المسيح هو المسيّا والمخلِّص الذي صلبه اليهود وقتلوه.

اليهود يرجمون استفانوس

54 فَلَمَّا سَمِعُوا هَذَا حَنِقُوا بِقُلُوبِهِمْ وَصَرُّوا بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ. 55 وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ فَرَأَى مَجْدَ اللهِ وَيَسُوعَ قَائِماً عَنْ يَمِينِ اللهِ. 56 فَقَالَ: «هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِماً عَنْ يَمِينِ اللهِ». 57 فَصَاحُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَسَدُّوا آذَانَهُمْ وَهَجَمُوا عَلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ 58 وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ. وَالشُّهُودُ خَلَعُوا ثِيَابَهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْ شَابٍّ يُقَالُ لَهُ شَاوُلُ. 59 فَكَانُوا يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: «أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ، اقْبَلْ رُوحِي». 60 ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا رَبُّ لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ الْخَطِيَّةَ». وَإِذْ قَالَ هَذَا رَقَدَ (أعمال 7: 54-60).

(ص 8: 1) وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِياً بِقَتْلِهِ.

بلغ الغضب بأعضاء المجلس قمّته، فصرّوا بأسنانهم علامة شدّة غيظهم وحقدهم عليه، فرفع استفانوس عينيه إلى السّماء كأنّه يرفع دعواه إلى الله، فرأى رؤية سماويّة أنعم الله عليه بها عندما طلب وجهه.. رأى مجد الله، والمسيح عن يمين الله. وهذا معناه أنّ المسيح في موضع الشرف والسلطة، لأنّه هو الديّان العادل. وأخبر استفانوس أعضاء المجمع واليهود بهذه الرؤيا فصرخوا وسدّوا آذانهم لأنهم لم يقبلوا أن يسمعوا أكثر. وهجموا عليه وأخرجوه خارج أورشليم ورجموه، فقد كان الرجم عقاب المجدّف (يوحنّا 10: 31). وخلع الراجمون ثيابهم تسهيلاً لرمي استفانوس بالحجارة، ووضعوها عند رجليْ شاول الطرسوسي الذي كان راضياً بقتله.

وعندما كانت الحجارة تنهال على استفانوس، الشهيد المسيحيّ الأوّل، كان يصلي أن يقبل الله روحه، مقتدياً بالمسيح الذي طلب الغفران لصالبيه (لوقا 23: 34،46). وطلب استفانوس صفح الله للذين يرجمونه. ثم جثا على ركبتيه، ومات وهو يصليّ.

آية للحفظ

«يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ الْخَطِيَّةَ» (أعمال 7: 60).

صلاة

علِّمني يا ربّ كيف أغفر لمن يسيئون إليَّ، حتى أطلب كما طلب استفانوس.

سؤال

20 لماذا رجم اليهود استفانوس؟

مسابقة الجزء الأوّل من تفسير أعمال الرسل

أيّها القارئ العزيز،

إن تعمّقت في دراسة هذا الكتاب تقدر أن تجاوب هذه الأسئلة بسهولة. وتقديراً لاشتراكك نرسل لك أحد كتبنا كجائزة. لا تنسَ أن تكتب اسمك وعنوانك كاملين عند إرسال إجابتك إلينا.

  1. ما هما الهدفان من حلول الرّوح القدس على التلاميذ يوم الخمسين؟

  2. كيف تكون لنا رجالاً ونساءً نفس واحدة في الصّلاة والطلبة؟

  3. إلى أيّ شيء تشير الألسنة المنقسمة كأنّها من نار، والتّي حلّت على التلاميذ يوم الخمسين؟

  4. كيف دافع بطرس عن تهمة أنّ التلاميذ سكارى؟

  5. كيف أوضح بطرس لليهود حقيقة الصّلب؟

  6. لماذا توسّع الرسول بطرس في شرح حقيقة قيامة المسيح؟

  7. ماذا كانت إجابة بطرس على سؤال سامعيه: «مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ؟»؟

  8. ما الذي ميَّز أعضاء الكنيسة الأولى؟

  9. كيف تحقّقت نبوّة إشعياء 35: 6؟

  10. ما هي أوقات الفرج؟

  11. ما معنى أنَّ المسيح رأس الزاوية؟

  12. كيف صلَّت الكنيسة كلمات الكتاب المقدس؟

  13. ما سبب موت حنانيّا وزوجته سفيرة؟

  14. فسِّر أعمال 5: 12-16 في نور ما قاله المسيح في يوحنّا 14: 12.

  15. 1ما هو شرط الامتلاء من الروح القدس؟

  16. ما الذي ساعد التلاميذ الأوّلين ليستمرّوا في التّعليم والتّبشير بيسوع في بيوتهم وفي الهيكل؟

  17. ما هي وظيفة الشّماس؟

  18. ما هي العبادة الحقيقيّة؟

  19. كيف يكون جسدك هيكلاً مقدّساً للربّ؟

  20. لماذا رجم اليهود استفانوس؟

عنواننا:


Call of Hope  P.O.Box 10 08 27 
D-70007
Stuttgart
Germany