العودة الى الصفحة السابقة
شرح سفر ملاخي

شرح سفر ملاخي

السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

للدكتور . وليم إدي


Bibliography

السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم: شرح سفر ملاخي. للدكتور . وليم إدي . Copyright © 2009 All rights reserved Call of Hope. . صدر عن مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بيروت 1973. . English title: . German title: . Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D - 70007 Stuttgart Germany http: //www.call - of - hope.com .

مقدمة

تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.

ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.

هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً - وهو صاحب حقوق الطبع - بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.

ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».

القس ألبرت استيرو

الأمين العام

لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى

اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ

1 - 5 «1 وَحْيُ كَلِمَةِ ٱلرَّبِّ لإِسْرَائِيلَ عَنْ يَدِ مَلاَخِي: 2 أَحْبَبْتُكُمْ قَالَ ٱلرَّبُّ. وَقُلْتُمْ: بِمَا أَحْبَبْتَنَا؟ أَلَيْسَ عِيسُو أَخاً لِيَعْقُوبَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ، وَأَحْبَبْتُ يَعْقُوبَ 3 وَأَبْغَضْتُ عِيسُوَ، وَجَعَلْتُ جِبَالَهُ خَرَاباً وَمِيرَاثَهُ لِذِئَابِ ٱلْبَرِّيَّةِ؟ 4 لأنَّ أَدُومَ قَالَ قَدْ: هُدِمْنَا، فَنَعُودُ وَنَبْنِي ٱلْخِرَبَ. هٰكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: هُمْ يَبْنُونَ وَأَنَا أَهْدِمُ. وَيَدْعُونَهُمْ تُخُومَ ٱلشَّرِّ، وَٱلشَّعْبَ ٱلَّذِي غَضِبَ عَلَيْهِ ٱلرَّبُّ إِلَى ٱلأَبَدِ. 5 فَتَرَى أَعْيُنُكُمْ وَتَقُولُونَ لِيَتَعَظَّمِ ٱلرَّبُّ مِنْ عِنْدِ تُخُمِ إِسْرَائِيلَ».

إشعياء 13: 1 وناحوم 1: 1 وحبقوق 1: 1 وزكريا 9: 1 تثنية 4: 37 و23: 5 وإشعياء 41: 8 وإرميا 31: 3 ع 7 وص 2: 14 و17 و3: 7 و8 و13 رومية 9: 13 إرميا 49: 16 - 18 وحزقيال 35: 8 و15 إرميا 5: 17 إشعياء 9: 9 و10 عاموس 3: 15 و5: 11 و6: 11 إشعياء 34: 5 و10 وحزقيال 35: 9 وعوبديا 10 مزمور 35: 27 وميخا 5: 4

لا نعرف عن ملاخي إلا المذكور في نبوته ولا يوجد غيره بهذا الاسم في العهد القديم وربما ملاخي اختصار ملاخيا أي ملاك الرب أو مرسل الرب. ع 3: 1 «هَئَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي» فيظن البعض أن كاتب هذا السفر نبي مجهول اسمه ومعنى عنوان السفر «وحي كلمة الرب لإسرائيل عن يد من دعاه الرب مرسلي». وتقليد بعض اليهود أن عزرا هو الكاتب ومضمون السفر ونفسه يوافقان هذا الرأي ولكن لا يثبتانه.

وأحوال الشعب في تاريخ هذه النبوة معروفة من سفر نحميا. كان نحميا ساقياً لملك فارس وفي السنة العشرين لملكه وهي السنة 445 ق م أذن له الملك بالذهاب إلى أورشليم لأجل ترميم السور وإصلاح الأحوال وبعد بضع سنين رجع إلى بلاط الملك وبعد بضع سنين ذهب ثانية إلى أورشليم ووجد انحطاط الأحوال وفساد الأخلاق فإن بعض اليهود كانوا طلقوا نساءهم اليهوديات وأخذوا نساء وثنيات ليتحدوا مع أغنياء البلاد وكانوا قد أهملوا خدمة الهيكل ودفع العشور والتقدمة ودنسوا يوم السبت. والأرجح أن ملاخي تكلم كلام نبوته وقت الانحطاط والفساد وقبل زيارة نحميا الثانية بقليل من الزمان.

كان إشعياء قد تنبأ بالرجوع من سبي بابل وبراحة الشعب ومجدهم في بلادهم بعد الرجوع (انظر ص 60 من إشعياء) وقال حجي (2: 9 و23) «مَجْدُ هٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلأَخِيرِ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْ مَجْدِ ٱلأَوَّلِ... وَفِي هٰذَا ٱلْمَكَانِ أُعْطِي ٱلسَّلاَمَ» وقال عن زربابل «فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، يَقُولُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، آخُذُكَ يَا زَرُبَّابِلُ عَبْدِي... وَأَجْعَلُكَ كَخَاتِمٍ، لأنِّي قَدِ ٱخْتَرْتُكَ. يَقُولُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ» وفي زكريا (6: 10 - 13) إنهم عملوا تيجاناً من فضة وذهب ووضعوها على رأس يشوع رئيس الكهنة وله وعد بأنه يحمل الجلال ويجلس ويتسلط على كرسيه.

وأما اليهود في زمان ملاخي فكانوا في حالة اليأس لأنهم لم يروا إنجاز هذه المواعيد في جيلهم. ومضى نحو 56 سنة بعد تكملة بناء الهيكل ولم يروا فيه المجد الموعود به ولم يكن لهم ملك بل كانوا تحت حكم ولاة من قبل ملك فارس ولم يكن لهم راحة وسلام بل الخصام والظلم والضيق والخوف فشكوا في محبة الله لهم واختياره إياهم. فكان على ملاخي أن يذكرهم بمواعيد الله الثابتة ويؤكد لهم أن الله يحبهم ولم يرفضهم وعلى النبي أيضاً أن يبكتهم على الخطايا التي فصلت بينهم وبين الرب ويتنبأ بمجيء المسيح الذي به تتم المواعيد تماماً ويخلصهم من خطاياهم ويوضح لهم الأمور التي لا يفهمونها الآن.

وأول شيء في هذه النبوة التصريح بمحبة الرب لشعبه غير المتغيرة فذكر اختياره يعقوب دون أخيه عيسو.

خربت أدوم عن يد نبوخذناصر بعد خراب أورشليم بنحو خمس سنين ولم تُعمر بعد وقال الرب عنها هم يبنون وأنا أهدم وقال إن غضبه عليها إلى الأبد. وبعد الكلدانيين استولى الفرس عليها ثم العرب ثم المكابيون ثم الرومانيون وأخيراً الإسلام واليوم هي خراب تام. وبحث بولس الرسول في موضوع الاختيار في رسالته إلى أهل رومية (9: 13 الخ) كان ليعقوب إيمان بالله وبمواعيده واشتهى أن ينالها مع أنه في أول حياته لجأ إلى الحيل دون الاتكال التام على الله وأما عيسو فاحتقر المواعيد ولأجل أكلة واحدة باع بكوريته. واختار الرب من كان له إيمان ورفض الرجل العالمي والجسدي.

مِنْ عِنْدِ تُخُمِ إِسْرَائِيلَ (ع 5) من تخم إسرائيل وصاعداً تُرى عظمة الرب في خراب أدوم الأبدي ويرون محبته لشعبه إسرائيل.

6 - 9 «6 ٱلِٱبْنُ يُكْرِمُ أَبَاهُ وَٱلْعَبْدُ يُكْرِمُ سَيِّدَهُ. فَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَباً، فَأَيْنَ كَرَامَتِي؟ وَإِنْ كُنْتُ سَيِّداً، فَأَيْنَ هَيْبَتِي؟ قَالَ لَكُمْ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، أَيُّهَا ٱلْكَهَنَةُ ٱلْمُحْتَقِرُونَ ٱسْمِي. وَتَقُولُونَ: بِمَ ٱحْتَقَرْنَا ٱسْمَكَ؟ 7 تُقَرِّبُونَ خُبْزاً نَجِساً عَلَى مَذْبَحِي. وَتَقُولُونَ: بِمَ نَجَّسْنَاكَ؟ بِقَوْلِكُمْ إِنَّ مَائِدَةَ ٱلرَّبِّ مُحْتَقَرَةٌ. 8 وَإِنْ قَرَّبْتُمُ ٱلأَعْمَى ذَبِيحَةً، أَفَلَيْسَ ذٰلِكَ شَرّاً؟ وَإِنْ قَرَّبْتُمُ ٱلأَعْرَجَ وَٱلسَّقِيمَ، أَفَلَيْسَ ذٰلِكَ شَرّاً؟ قَرِّبْهُ لِوَالِيكَ، أَفَيَرْضَى عَلَيْكَ أَوْ يَرْفَعُ وَجْهَكَ؟ قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ. 9 وَٱلآنَ تَرَضَّوا وَجْهَ ٱللّٰهِ فَيَتَرَأَّفَ عَلَيْنَا. هٰذِهِ كَانَتْ مِنْ يَدِكُمْ. هَلْ يَرْفَعُ وَجْهَكُمْ؟ قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ».

خروج 20: 12 وأمثال 30: 11 و17 ص 2: 10 وتثنية 1: 31 وإشعياء 1: 2 وإرميا 3: 4 ص 3: 5 ص 2: 1 - 9 وصفنيا 3: 4 لاويين 21: 6 و8 ع 8 و13 ع 12 تثنية 15: 21 إرميا 27: 18 ويوئيل 2: 12 - 14 عاموس 5: 22

شبّه الرب نفسه بأب فإنه خلق شعب إسرائيل بخروجهم من مصر ورباهم في القفر واعتنى بهم وأحبهم وأعطاهم الوصايا والعهد والمواعيد فيجب على إسرائيل أن يحبوه ويكرموه ويطيعوه كأب ويكلم الكهنة لأنهم المتقدمون عند الشعب والمسؤولون.

بِمَ ٱحْتَقَرْنَا ٱسْمَكَ من اصطلاحات ملاخي السؤال ثم جواب الشعب وبالآخر جواب النبي. ومن جواب الكهنة تتبين قساوة قلوبهم فإنهم لم يعرفوا أنهم كانوا أخطأوا إلى الرب ولم يبكتهم ضميرهم. وكما الكهنة هكذا الشعب.

خُبْزاً نَجِساً (ع 7) والخبز هنا كناية عن كل التقدمات.

مَائِدَةَ ٱلرَّبِّ مُحْتَقَرَةٌ لم يكن ذلك شفاهاً بل كان كلام أفعالهم. ومائدة الرب هي المذبح. وكان الكهنة والشعب يأكلون من بعض الذبائح بعد تقديمها للرب فكان المذبح مائدة بهذا المعنى (انظر حزقيال 44: 15 و16 و1كورنثوس 10: 21) وبموجب الشريعة يجب أن يقدموا الكامل فقط (انظر لاويين 22: 17 - 25) ولو قدموا للوالي هدية خروفاً أعرج أو سقيماً كان ذلك إهانة فكم بالحري إذا قدموه للرب. والبعض في أيامنا يقدمون للرب عملة ممسوحة أو زائفة أو ما يفضل عندهم كما يُعطى الشحاذ فيهينون الرب.

10 - 14 «10 مَنْ فِيكُمْ يُغْلِقُ ٱلْبَابَ، بَلْ لاَ تُوقِدُونَ عَلَى مَذْبَحِي مَجَّاناً؟ لَيْسَتْ لِي مَسَّرَةٌ بِكُمْ، قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، وَلاَ أَقْبَلُ تَقْدِمَةً مِنْ يَدِكُمْ. 11 لأنَّهُ مِنْ مَشْرِقِ ٱلشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا ٱسْمِي عَظِيمٌ بَيْنَ ٱلأُمَمِ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ يُقَرَّبُ لِٱسْمِي بَخُورٌ وَتَقْدِمَةٌ طَاهِرَةٌ، لأنَّ ٱسْمِي عَظِيمٌ بَيْنَ ٱلأُمَمِ، قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ. 12 أَمَّا أَنْتُمْ فَمُنَجِّسُوهُ، بِقَوْلِكُمْ: إِنَّ مَائِدَةَ ٱلرَّبِّ تَنَجَّسَتْ، وَثَمَرَتَهَا مُحْتَقَرٌ طَعَامُهَا. 13 وَقُلْتُمْ: مَا هٰذِهِ ٱلْمَشَقَّةُ؟ وَتَأَفَّفْتُمْ عَلَيْهِ قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، وَجِئْتُمْ بِٱلْمُغْتَصَبِ وَٱلأَعْرَجِ وَٱلسَّقِيمِ، فَأَتَيْتُمْ بِٱلتَّقْدِمَةِ. فَهَلْ أَقْبَلُهَا مِنْ يَدِكُمْ؟ قَالَ ٱلرَّبُّ. 14 وَمَلْعُونٌ ٱلْمَاكِرُ ٱلَّذِي يُوجَدُ فِي قَطِيعِهِ ذَكَرٌ وَيَنْذُرُ وَيَذْبَحُ لِلسَّيِّدِ عَائِباً. لأنِّي أَنَا مَلِكٌ عَظِيمٌ قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، وَٱسْمِي مَهِيبٌ بَيْنَ ٱلأُمَمِ».

إشعياء 1: 13 إرميا 14: 10 و12 وهوشع 5: 6 إشعياء 45: 6 إشعياء 60: 6 إشعياء 12: 4 و5 و54: 5 وإرميا 10: 6 و7 ع 7 إشعياء 43: 22 لاويين 6: 4 وإشعياء 61: 8 ع 8 ع 10 لاويين 22: 18 - 20 وأعمال 5: 1 - 4 زكريا 14: 9 صفنيا 2: 11

مَنْ فِيكُمْ يُغْلِقُ ٱلْبَابَ الخ لا يعملون أدنى خدمة للهيكل بلا أجرة وهذا دليل على طمعهم وعدم رغبتهم في خدمة الرب. والرب ينظر إلى القلب وليس إلى التقدمة فقط فلا يقول ليس لي مسرة في تقدمتكم بل «ليس لي مسرة بكم» فإنه يطلب الناس والمحبة والاحترام منهم لا التقدمات فقط. والبعض يترجمون الجملة بمعنى ليت أحدكم يغلق الباب فلا تقدمون على مائدتي عبثاً (انظر إشعياء 1: 13) «لاَ تَعُودُوا تَأْتُونَ بِتَقْدِمَةٍ بَاطِلَةٍ» أي عدم التقدمة أفضل من تقديم تقدمة باطلة.

لأنَّهُ مِنْ مَشْرِقِ ٱلشَّمْسِ (ع 11) لا يحتاج الرب إلى تقدماتهم حتى يقبل منهم مهما قدموه ولو كان غير كامل فإنه يكون له شعوب كثيرون من جميع ممالك الأرض سيقدمون له تقدمات طاهرة وهنا إشارة إلى إلغاء الذبائح الدموية التي ستتم بذبيحة المسيح الواحدة. قال يسوع (يوحنا 4: 21) «تَأْتِي سَاعَةٌ، لاَ فِي هٰذَا ٱلْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ» أي في كل مكان يسجدون.

أَمَّا أَنْتُمْ فَمُنَجِّسُوهُ (ع 12) الكهنة نجسوا اسم الرب لأنهم استثقلوا الخدمة فكانت عندهم خدمة تكليف ومن بُخسهم قدموا الناقص. وثمرة المائدة هي التقدمة وبما أنها من المغتصب والأعرج والسقيم كان طعامها محتقراً عند الرب وعند الكهنة أيضاً عندما أخذوا حصتهم فتأففوا عليه.

مَلْعُونٌ ٱلْمَاكِرُ (ع 14) من يحاول أن يغش الرب كأنه إنسان لا يعرف كل شيء فينغش في التقدمات. والمقدم لأجل المحرقة يجب أن يكون ذكراً (انظر لاويين 22: 19).

يَنْذُرُ وَيَذْبَحُ لِلسَّيِّدِ عَائِباً نذر بتقديم ذكر صحيح وقدم عائباً فهو ماكر لأنه خالف وعده وهو بلا عذر لأنه يوجد في قطيعه ذكر ولم يقدمه حسب الشريعة (لاويين 22: 19) انظر نبأ حنانيا وسفيرة (أعمال 5: 1 - 11) فإنهما قالا إنهما قدما للرب ثمن الحقل كله ولم يقدما إلا جزءاً منه.

لأنِّي أَنَا مَلِكٌ عَظِيمٌ (انظر حبقوق 2: 20) «أَمَّا ٱلرَّبُّ فَفِي هَيْكَلِ قُدْسِهِ. فَٱسْكُتِي قُدَّامَهُ يَا كُلَّ ٱلأَرْضِ» و(مزمور 113: 3 و4) «مِنْ مَشْرِقِ ٱلشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا ٱسْمُ ٱلرَّبِّ مُسَبَّحٌ. ٱلرَّبُّ عَالٍ فَوْقَ كُلِّ ٱلأُمَمِ. فَوْقَ ٱلسَّمَاوَاتِ مَجْدُهُ». كانت خطية اليهود ولا سيما الكهنة عدم الاحترام في العبادة.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي

1 - 9 «1 وَٱلآنَ إِلَيْكُمْ هٰذِهِ ٱلْوَصِيَّةُ أَيُّهَا ٱلْكَهَنَةُ: 2 إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَسْمَعُونَ وَلاَ تَجْعَلُونَ فِي ٱلْقَلْبِ لِتُعْطُوا مَجْداً لِٱسْمِي، قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، فَإِنِّي أُرْسِلُ عَلَيْكُمُ ٱللَّعْنَ. وَأَلْعَنُ بَرَكَاتِكُمْ، بَلْ قَدْ لَعَنْتُهَا، لأنَّكُمْ لَسْتُمْ جَاعِلِينَ فِي ٱلْقَلْبِ. 3 هَئَنَذَا أَنْتَهِرُ لَكُمُ ٱلزَّرْعَ، وَأَمُدُّ ٱلْفَرْثَ عَلَى وُجُوهِكُمْ، فَرْثَ أَعْيَادِكُمْ، فَتُنْزَعُونَ مَعَهُ. 4 فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ هٰذِهِ ٱلْوَصِيَّةَ لِكَوْنِ عَهْدِي مَعَ لاَوِي، قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ. 5 كَانَ عَهْدِي مَعَهُ لِلْحَيَاةِ وَٱلسَّلاَمِ، وَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُمَا لِلتَّقْوَى. فَٱتَّقَانِي، وَمِنِ ٱسْمِي ٱرْتَاعَ هُوَ. 6 شَرِيعَةُ ٱلْحَقِّ كَانَتْ فِي فَمِهِ، وَإِثْمٌ لَمْ يُوجَدْ فِي شَفَتَيْهِ. سَلَكَ مَعِي فِي ٱلسَّلاَمِ وَٱلٱِسْتِقَامَةِ، وَأَرْجَعَ كَثِيرِينَ عَنِ ٱلإِثْمِ. 7 لأنَّ شَفَتَيِ ٱلْكَاهِنِ تَحْفَظَانِ مَعْرِفَةً، وَمِنْ فَمِهِ يَطْلُبُونَ ٱلشَّرِيعَةَ لأنَّهُ رَسُولُ رَبِّ ٱلْجُنُودِ. 8 أَمَّا أَنْتُمْ فَحِدْتُمْ عَنِ ٱلطَّرِيقِ وَأَعْثَرْتُمْ كَثِيرِينَ بِٱلشَّرِيعَةِ. أَفْسَدْتُمْ عَهْدَ لاَوِي، قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ. 9 فَأَنَا أَيْضاً صَيَّرْتُكُمْ مُحْتَقَرِينَ وَدَنِيئِينَ عِنْدَ كُلِّ ٱلشَّعْبِ، كَمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَحْفَظُوا طُرُقِي بَلْ حَابَيْتُمْ فِي ٱلشَّرِيعَةِ».

ع 7 و8 وص 1: 6 لاويين 26: 14 و15 وتثنية 28: 15 تثنية 28: 16 - 20 ص 3: 9 لاويين 26: 16 وتثنية 28: 38 ناحوم 3: 6 خروج 29: 14 عدد 3: 45 و18: 21 عدد 25: 12 عدد 25: 7 و8 و13 مزمور 119: 142 و151 و160 تثنية 33: 8 و9 ومزمور 37: 37 إرميا 23: 22 لاويين 10: 11 ونحميا 8: 7 عدد 27: 21 وتثنية 17: 8 - 11 حزقيال 7: 26 تثنية 1: 17 وميخا 3: 11

كانت الوصية للكهنة أن يجعلوا قلبهم على طرقهم (حجي 1: 5) ويصلحوها وإلا يلعنهم. والرب طلب منهم خدمة قلبية فيعطون مجداً لاسمه بتتميم خدمتهم بالسرور والوقار والأمانة والاجتهاد.

وَأَلْعَنُ بَرَكَاتِكُمْ (ع 2) كان الكهنة يباركون الشعب (انظر لاويين 9: 22 و23) ولكن يقول الرب هنا أنه يرفض هذه البركات ويصيّرها لعنات لأن ليس للكهنة سلطان مطلق أن يباركوا ويلعنوا كما استحسنوا والكلمة بركات تحتمل معنى خيرات فإن الخيرات الجسدية كالمال وغيره تصير لعنات إن لم تقترن بخوف الله.

أَنْتَهِرُ لَكُمُ ٱلزَّرْعَ (ع 3) فلا تكون لهم أعشار الزرع حسب الشريعة. والفرث على وجوههم يشير إلى أعظم إهانة فيكونون كالفرث النجس الذي يُطرح خارجاً (انظر لاويين 4: 11 و12) كانوا احتقروا الرب فهو يحتقرهم.

عَهْدِي مَعَ لاَوِي (ع 4) (انظر تثنية 10: 8 و9) وبموجب العهد بين الرب ولاوي على لاوي أن يخدم في ما لله بالأمانة فله اعتبار من الشعب وكرامة من الرب. وأما الكهنة فقصروا عن إتمام واجباتهم فلا يفي الرب لهم بما كان وعدهم به. وفي العدد الخامس يذكر ما كان منه من جهة العهد أي الحياة والسلام وما كان من لاوي من جهة التقوى وخوف الله.

شَرِيعَةُ ٱلْحَقِّ (ع 6) (انظر تثنية 17: 8 - 10) كان يجب على الشعب أن يطلبوا من الكاهن أن يعلمهم الشريعة وعليه أن يكون مستعداً لذلك. وأرجع لاوي كثيرين عن الإثم فعلى الكاهن مسؤولية في سلوك شعبه ولا يسكت إذا رأى فيهم خطية. ويرجعهم عن الإثم بالتعليم والتوبيخ وقدوته الصالحة وصلواته وهو مرسل من قبل الله لهذه الغاية.

أَمَّا أَنْتُمْ (ع 8 و9) ما أعظم الفرق بين لاوي كما هو مصور هنا والكهنة في زمان ملاخي فإنهم أعثروا كثيرين بالشريعة لأنه لما رأى الناس سلوكهم احتقروا الكهنة واحتقروا الشريعة أيضاً لأن الشعب لا يميزون بين الكلام والمتكلم فيرفضون التعليم بسبب سلوك المعلم. وأفسدوا عهد لاوي بما أنهم قصروا عن إتمام الواجبات المطلوبة منهم بموجب وظيفتهم فيقصر الرب عن منح البركات الموعود بها. وحابوا بالشريعة كالكاهن ألياشيب الذي هيأ لقريبه طوبيا العموني مخدعاً في ديار بيت الرب (انظر نحميا 13: 4).

صَيَّرْتُكُمْ مُحْتَقَرِينَ (ع 9) اعتبار الكاهن الحقيقي مؤسس على صفاته الصالحة وليس على مجرد وظيفته. فمن المحتمل أن الشعب يعتبرون الوظيفة ويحتقرون الموظف (انظر متّى 23: 1 و2) «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ، فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَٱحْفَظُوهُ وَٱفْعَلُوهُ، وَلٰكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا».

10 - 17 «10 أَلَيْسَ أَبٌ وَاحِدٌ لِكُلِّنَا؟ أَلَيْسَ إِلٰهٌ وَاحِدٌ خَلَقَنَا؟ فَلِمَاذَا نَغْدُرُ ٱلرَّجُلُ بِأَخِيهِ لِتَدْنِيسِ عَهْدِ آبَائِنَا؟ 11 غَدَرَ يَهُوذَا وَعُمِلَ ٱلرِّجْسُ فِي إِسْرَائِيلَ وَفِي أُورُشَلِيمَ. لأنَّ يَهُوذَا قَدْ نَجَّسَ قُدْسَ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي أَحَبَّهُ، وَتَزَوَّجَ بِنْتَ إِلٰهٍ غَرِيبٍ. 12 يَقْطَعُ ٱلرَّبُّ ٱلرَّجُلَ ٱلَّذِي يَفْعَلُ هٰذَا، ٱلسَّاهِرَ وَٱلْمُجِيبَ مِنْ خِيَامِ يَعْقُوبَ، وَمَنْ يُقَرِّبُ تَقْدِمَةً لِرَبِّ ٱلْجُنُودِ. 13 وَقَدْ فَعَلْتُمْ هٰذَا ثَانِيَةً مُغَطِّينَ مَذْبَحَ ٱلرَّبِّ بِٱلدُّمُوعِ بِٱلْبُكَاءِ وَٱلصُّرَاخِ، فَلاَ تُرَاعَى ٱلتَّقْدِمَةُ بَعْدُ، وَلاَ يُقْبَلُ ٱلْمُرْضِيُّ مِنْ يَدِكُمْ. 14 فَقُلْتُمْ: لِمَاذَا؟ مِنْ أَجْلِ أَنَّ ٱلرَّبَّ هُوَ ٱلشَّاهِدُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱمْرَأَةِ شَبَابِكَ ٱلَّتِي أَنْتَ غَدَرْتَ بِهَا، وَهِيَ قَرِينَتُكَ وَٱمْرَأَةُ عَهْدِكَ. 15 أَفَلَمْ يَفْعَلْ وَاحِدٌ وَلَهُ بَقِيَّةُ ٱلرُّوحِ؟ وَلِمَاذَا ٱلْوَاحِدُ؟ طَالِباً زَرْعَ ٱللّٰهِ. فَٱحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ وَلاَ يَغْدُرْ أَحَدٌ بِٱمْرَأَةِ شَبَابِهِ. 16 لأنَّهُ يَكْرَهُ ٱلطَّلاَقَ قَالَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ، وَأَنْ يُغَطِّيَ أَحَدٌ ٱلظُّلْمَ بِثَوْبِهِ قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ. فَٱحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ لِئَلاَّ تَغْدُرُوا. 17 لَقَدْ أَتْعَبْتُمُ ٱلرَّبَّ بِكَلاَمِكُمْ. وَقُلْتُمْ: بِمَ أَتْعَبْنَاهُ؟ بِقَوْلِكُمْ: كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ ٱلشَّرَّ فَهُوَ صَالِحٌ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ، وَهُوَ يُسَرُّ بِهِمْ. أَوْ: أَيْنَ إِلٰهُ ٱلْعَدْلِ؟».

إشعياء 63: 16 و64: 8 وإرميا 31: 9 إرميا 9: 4 و5 خروج 19: 4 - 6 و24: 3 و7 و8 إرميا 3: 7 - 9 عزرا 9: 1 و2 حزقيال 24: 21 وهوشع 9: 12 ص 1: 10 و13 إرميا 11: 14 و14: 12 ص 3: 5 وإرميا 9: 2 تكوين 2: 24 ومتّى 19: 4 و5 راعوث 4: 12 و1صموئيل 12: 20 خروج 20: 14 ولاويين 20: 10 تثنية 24: 1 ومتّى 5: 31 و19: 6 - 8 مزمور 73: 6 وإشعياء 59: 6 إشعياء 43: 22 و24 إشعياء 5: 20 وصفنيا 1: 12 أيوب 9: 24 إشعياء 5: 19 وإرميا 17: 15

أَلَيْسَ أَبٌ وَاحِدٌ لِكُلِّنَا الآب هو الله وهو أب لنا لأنه خلقنا.

فَلِمَاذَا نَغْدُرُ ٱلرَّجُلُ بِأَخِيهِ يقول أولاً بالإجمال إنه لا يجوز أن يغدروا بأحد وكل الناس إخوة لأنهم كلهم أبناء الأب الواحد ثم يخصص القول لنسائهم فيقول (ع 15) «وَلاَ يَغْدُرْ أَحَدٌ بِٱمْرَأَةِ شَبَابِهِ». ويقول «نغدر» مع أن النبي لم يخطئ تلك الخطية ولكنه واحد من الشعب انظر صلاة عزرا (عزرا 9: 6) «إِنِّي أَخْجَلُ وَأَخْزَى مِنْ أَنْ أَرْفَعَ يَا إِلٰهِي وَجْهِي نَحْوَكَ، لأنَّ ذُنُوبَنَا قَدْ كَثُرَتْ» و(صلاة نحميا 9: 33 وصلاة دانيال 9: 5).

لِتَدْنِيسِ عَهْدِ آبَائِنَا كان الرب وضع على الآباء وصايا ووعدهم مواعيد فقبلوا العهد وتعاهدوا بأنهم يحفظون وصايا الرب (انظر خروج 24: 4 - 8) وأما أبناؤهم فدنسوا العهد بعدم حفظهم الوصايا وعدم اعتبار الكهنة لخدمة الرب وعبادته ودنسوا اسم شعب الله فلم يكونوا شعب الله المقدس كما قصد الرب وكما كانوا بالأول. وقدس الرب الذي أحبه هو شعبه وهيكله.

يَهُوذَا... إِسْرَائِيلَ (ع 11) كان أورشليم من أرض يهوذا مركز العبادة وكان على يهوذا المسؤولية الأولى في حفظ الدين والحق وإرشاد شعب إسرائيل بالإجمال ولكنهم غدروا هم وإسرائيل معهم.

وَتَزَوَّجَ بِنْتَ إِلٰهٍ غَرِيبٍ وفي عملهم هذا خطية من وجهين أولاً لأنهم طلقوا نساءهم الشرعيات اليهوديات وهن نساء شبابهم وقريناتهم ونساء عهدهم وثانياً أخذوا بنات آلهة غريبة والنتيجة فقد الجنس اليهودي باختلاطهم مع الأمم.

ٱلسَّاهِرَ وَٱلْمُجِيبَ (ع 12) أي جميع الناس والساهر هو الحارس الذي يقف على أسوار المدينة ليلاً وينادي فيجيبه الشعب. والرب يقطع من يتقدم بالخطية ومن يتبع خطواته.

وَمَنْ يُقَرِّبُ تَقْدِمَةً لا يبقى من بيته من يقرب تقدمة عن خطيته.

ثَانِيَةً (ع 13) كان عزرا لاحظ هذا الأمر وصلى واعترف بهذه الخطية وقطعوا عهداً مع الرب أن يُخرجوا النساء الغريبة. وفي زمان زيارة نحميا الأولى إلى أورشليم حلفوا أن يسيروا في شريعة الرب وأن لا يعطوا بناتهم لشعوب الأرض ولا يأخذوا بناتهم لبنيهم (انظر نحميا 10: 30) ولكنهم بعد ذلك فعلوا ذات الخطية ثانية.

وأما البعض فيقولون إن الإشارة إلى ما ذُكر في الأصحاح الأول أي إهانة الرب بتقديم الناقص للرب وهي الخطية الأولى وما ذُكر هنا الخطية الثانية. ويقول غيرهم أن الخطية الأولى هي أخذهم نساء غريبات والثانية طلاقهم نساءهم اليهوديات. ويقول غيرهم أن الخطية الثانية هي البكاء والصراخ والتضرعات الباطلة لا يقبلها الرب ما داموا على خطاياهم.

مُغَطِّينَ مَذْبَحَ ٱلرَّبِّ بظلمهم جعلوا نساءهم المطلقة أن يغطين المذبح بدموعهن فلا يقبل الرب تقدمة رجالهن. انظر كلام يسوع في الطلاق (متّى 5: 31 و32 و19: 3 - 10).

أَفَلَمْ يَفْعَلْ وَاحِدٌ (ع 15) وبالحواشي «أفلم يخلق واحداً» وبموجب الترجمة الأولى هذا قول اليهود للنبي على سبيل الاعتراض. والواحد هو إبراهيم الذي كان له بقية الروح أي كان روح الله فيه ومع ذلك أخذ إبراهيم هاجر المصرية. وجواب النبي أنه أخذها بعدما كان انقطع الأمل بنسل من سارة فظن إن مواعيد الله تتم في هاجر. ولكن لم يطلق إبراهيم سارة بأخذ هاجر أخطأ كما ظهر أخيراً.

وبموجب الترجمة الثانية «أفلم يخلق واحداً» المعنى أن الله في البدء خلق الإنسان ذكراً وأنثى جسداً واحداً وللإنسان بقية الروح أي الله خلقه على صورته ونفخ في أنفه نسمة الحياة وأعطاهما قدرة على إنشاء نسل على جنسهما. «ولماذا جسد واحد» والجواب أن الله طالب زرع الله أي زرعاً مقدساً الذي لا يكون إلا من امرأة مقدسة وشرعية. وفي الترجمة اليسوعية «أليس واحد صنعها وهي بقية روحه». وأكثر المفسرين يفضلون الترجمة الأولى «أفلم يفعل واحد» فيفهمون أن إبراهيم هو المشار إليه بكلمة «واحد».

والله يكره الطلاق (ع 16) ويسوع فسر هذا الأمر (انظر متّى 19: 3 - 12).

يُغَطِّيَ أَحَدٌ ٱلظُّلْمَ بِثَوْبِهِ يتظاهر بالتقوى وفي داخله ظلم كالفريسيين المرائيين (انظر متّى 23: 27 و28) الذين من الخارج ظهروا للناس أبراراً ولكنه من داخل مشحونون رياء وإثماً. وبالترجمة اليسوعية «الجور يغطي لباسه».

فَٱحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ روح الله الذي فيهم فلا يحزنوه بخطاياهم.

أَتْعَبْتُمُ ٱلرَّبَّ بِكَلاَمِكُمْ (ع 17) الكلام الآتي «كل من يفعل الشر فهو صالح... أين إله العدل» فإنهم نظروا إلى الجسديات وإلى الزمان الحاضر فقط. وإذا نجح الشرير يقولون الرب يسر به وإذا تضايقوا هم يقولون أين إله العدل. وفي الأصحاح الثاني يتنبأ بمجيء المسيح الذي يُصلح كل شيء ويقترب إليهم للحكم ويكون شاهداً سريعاً لفاعلي الشر. والرب لا يتغير ولكنهم حادوا عن فرائضه وإذا رجعوا إليه يرجع إليهم فيعرفون أن الرب يعرف كل شيء ويميّز بين الصديق والشرير.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ

1 - 6 «1 هَئَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي فَيُهَيِّئُ ٱلطَّرِيقَ أَمَامِي. وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ ٱلسَّيِّدُ ٱلَّذِي تَطْلُبُونَهُ وَمَلاَكُ ٱلْعَهْدِ ٱلَّذِي تُسَرُّونَ بِهِ. هُوَذَا يَأْتِي قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ. 2 وَمَنْ يَحْتَمِلُ يَوْمَ مَجِيئِهِ، وَمَنْ يَثْبُتُ عِنْدَ ظُهُورِهِ؟ لأنَّهُ مِثْلُ نَارِ ٱلْمُمَحِّصِ، وَمِثْلُ أَشْنَانِ ٱلْقَصَّارِ. 3 فَيَجْلِسُ مُمَحِّصاً وَمُنَقِّياً لِلْفِضَّةِ. فَيُنَقِّي بَنِي لاَوِي وَيُصَفِّيهِمْ كَٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ، لِيَكُونُوا مُقَرِّبِينَ لِلرَّبِّ تَقْدِمَةً بِٱلْبِرِّ. 4 فَتَكُونُ تَقْدِمَةُ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ مَرْضِيَّةً لِلرَّبِّ كَمَا فِي أَيَّامِ ٱلْقِدَمِ وَكَمَا فِي ٱلسِّنِينَ ٱلْقَدِيمَةِ. 5 وَأَقْتَرِبُ إِلَيْكُمْ لِلْحُكْمِ، وَأَكُونُ شَاهِداً سَرِيعاً عَلَى ٱلسَّحَرَةِ وَعَلَى ٱلْفَاسِقِينَ وَعَلَى ٱلْحَالِفِينَ زُوراً وَعَلَى ٱلسَّالِبِينَ أُجْرَةَ ٱلأَجِيرِ: ٱلأَرْمَلَةِ وَٱلْيَتِيمِ، وَمَنْ يَصُدُّ ٱلْغَرِيبَ وَلاَ يَخْشَانِي، قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ. 6 لأنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ فَأَنْتُمْ يَا بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ تَفْنَوْا».

متّى 11: 10 و14 ومرقس 1: 2 ولوقا 7: 27 ص 2: 17 إشعياء 63: 9 إشعياء 33: 14 وحزقيال 22: 14 زكريا 13: 9 ومتّى 3: 1 - 12 و1كورنثوس 3: 13 - 15 إشعياء 1: 25 ودانيال 12: 10 مزمور 4: 5 و51: 19 مزمور 51: 17 - 19 و2أيام 7: 1 - 3 و12 تثنية 18: 10 وإرميا 27: 9 و10 حزقيال 22: 9 - 11 إرميا 5: 2 و7: 9 وزكريا 5: 4 لاويين 19: 13 خروج 22: 22 - 24 تثنية 27: 19 عدد 23: 19 ويعقوب 1: 17

في الأصحاح السابق ذكر خطاياهم الخصوصية وفي هذا الأصحاح نبوءة بمجيء الرب نفسه للدينونة وللخلاص.

مَلاَكِي أي مرسلي وهو يوحنا المعمدان (انظر متّى 11: 10 ويوحنا 1: 6 وإشعياء 40: 3) كرر وقال توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات. أي الخطية هي المانع في طريق الرب فيجب التوبة عنها وتركها. وعمّدهم بالماء علامة لتطهير قلوبهم.

ٱلسَّيِّدُ ٱلَّذِي تَطْلُبُونَهُ في الأصحاح السابق (ع 17) قالوا «أين إله العدل». وسروا به لأنهم ظنوا أنه يأتي ليخلصهم من أعدائهم ويرد لهم مجدهم وعزتهم ولم ينتظروا من يأتي للحكم وللشهادة على أفعالهم السيئة فيجب أن لا يسألوا متى يأتي بل ما هو الاستعداد الواجب لمجيئه.

يَأْتِي بَغْتَةً في وقت غير منتظر وفي هيئة غير منتظرة. قليلون من اليهود عرفوا أن الطفل الذي أخذه سمعان على ذراعيه في الهيكل (انظر لوقا 2: 25 - 32) هو رب الهيكل. وكذلك لما رأوا النجار من الناصرة يطرد الباعة من الهيكل لم يعرفوا أن له حقاً أن يعمل ذلك بما أن الهيكل بيت أبيه. كان شعب اليهود هيكل الرب فأتى إليه بغتة لما ابتدأ أن يكرز ويعمل عجائب. وقلب الإنسان هيكل الرب فيأتي الرب إليه أحياناً بغتة ويدعوه إلى التوبة والخدمة كما أتى إلى شاول وهو مسافر إلى دمشق.

مَلاَكُ ٱلْعَهْدِ وهو المسيح الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس والملاك الذي ظهر لإبراهيم وموسى ويشوع وكان مع إسرائيل في القفر وأدخلهم إلى أرض كنعان وكلّم الأنبياء. وهو ملاك العهد لأن المواعيد التي عاهد الله شعبه بها تمت فيه وهو وسيط العهد الجديد (انظر عبرانيين 9: 15).

أَشْنَانِ ٱلْقَصَّارِ (ع 2) (اطلب «أشنان» في قاموس الكتاب) يتطهر بعض الأشياء كالفضة والذهب بالنار والبعض كالأقمشة بالأشنان. والرب يطلب الطهارة الخارجية والداخلية أيضاً والطهارة الكاملة. ويناسب تأديبه لظروف المؤدبين.

فَيَجْلِسُ (ع 3) يدل على دوام هذا التطهير فلا يترك العمل حتى يكمله وهنا تعزية لشعب الله فإنهم مشبهون بالفضة وبالذهب الذي ليس أثمن منه والذي لا يفنى ولا يتلاشى ولو امتُحن بالنار. ويبتدئ القضاء من بني لاوي أي من بيت الله (انظر 1بطرس 4: 17) والمتقدمون في الكنيسة يلزمهم أولاً التطهير وتجديد حياتهم الروحية.

فَتَكُونُ تَقْدِمَةُ يَهُوذَا... مَرْضِيَّةً (ع 4) بعدما يتطهر المقدمون تكون تقدمتهم مرضية. ولا نستنتج أن التقدمات الموسوية تبقى إلى الأبد لأنها انتهت لما مات المسيح على الصليب. وأما النبي فيعبّر عن العبادة المسيحية بواسطة عبارات يهودية. وتقدمات المسيحيين هي الصلاة والتسبيح وخدمتهم للمحتاجين والتقدمات يجب أن تكون بالسرور وبنية مخلصة مع طهارة القلب والحياة.

وَأَكُونُ شَاهِداً (ع 5) كانت الخطايا المذكورة كلها موجودة عند اليهود كما يظهر من شواهد كثيرة في العهد القديم.

لاَ أَتَغَيَّرُ (ع 6) من جهة الأشرار لا يتغير الرب بل يجازيهم حسب أعمالهم ومن جهة المؤمنين لا يتغير بل يفي بكل ما وعدهم به ولم يقصد الرب إهلاك شعبه بل خلاصهم من خطاياهم بواسطة التأديب.

7 - 12 «7 مِنْ أَيَّامِ آبَائِكُمْ حِدْتُمْ عَنْ فَرَائِضِي وَلَمْ تَحْفَظُوهَا. ٱرْجِعُوا إِلَيَّ أَرْجِعْ إِلَيْكُمْ قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ. فَقُلْتُمْ: بِمَاذَا نَرْجِعُ؟ 8 أَيَسْلُبُ ٱلإِنْسَانُ ٱللّٰهَ؟ فَإِنَّكُمْ سَلَبْتُمُونِي. فَقُلْتُمْ: بِمَ سَلَبْنَاكَ؟ فِي ٱلْعُشُورِ وَٱلتَّقْدِمَةِ. 9 قَدْ لُعِنْتُمْ لَعْناً وَإِيَّايَ أَنْتُمْ سَالِبُونَ، هٰذِهِ ٱلأُمَّةُ كُلُّهَا. 10 هَاتُوا جَمِيعَ ٱلْعُشُورِ إِلَى ٱلْخَزْنَةِ لِيَكُونَ فِي بَيْتِي طَعَامٌ، وَجَرِّبُونِي بِهٰذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، إِنْ كُنْتُ لاَ أَفْتَحُ لَكُمْ كُوى ٱلسَّمَاوَاتِ وَأُفِيضُ عَلَيْكُمْ بَرَكَةً حَتَّى لاَ تُوسَعَ. 11 وَأَنْتَهِرُ مِنْ أَجْلِكُمْ ٱلآكِلَ فَلاَ يُفْسِدُ لَكُمْ ثَمَرَ ٱلأَرْضِ، وَلاَ يُعْقَرُ لَكُمُ ٱلْكَرْمُ فِي ٱلْحَقْلِ، قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ. 12 وَيُطَوِّبُكُمْ كُلُّ ٱلأُمَمِ، لأنَّكُمْ تَكُونُونَ أَرْضَ مَسَرَّةٍ، قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ».

إرميا 7: 25 و26 و16: 11 و13 زكريا 1: 3 نحميا 13: 11 و12 ص 2: 2 مزمور 78: 23 - 29 حزقيال 34: 26 لاويين 26: 3 - 5 يوئيل 1: 4 و2: 25 إشعياء 61: 9 إشعياء 62: 4

ٱرْجِعُوا إِلَيَّ (انظر زكريا 1: 4) لا يتغير الرب وأما الإنسان فيجب أن يتغير ويترك طريقه ويرجع ويسلك في طرق الرب.

بِمَاذَا نَرْجِعُ (ع 7) من موت ضميرهم لم يعرفوا أنهم كانوا أخطأوا.

أَيَسْلُبُ ٱلإِنْسَانُ ٱللّٰهَ (ع 8) صوّر النبي اعتراضاً من الشعب أي أن الله قادر على كل شيء وله كل شيء فكيف يمكن الإنسان أن يسلبه. والجواب أن الله لا يحتاج إلى الدراهم ولا إلى لحم الحيوانات ولكنه يحتاج إلى المحبة التي تعبّر عنها التقدمات «ذَبَائِحُ ٱللّٰهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. ٱلْقَلْبُ ٱلْمُنْكَسِرُ وَٱلْمُنْسَحِقُ يَا اَللّٰهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ» (مزمور 51: 17) فالذين لا يقدمون له تقدمات وعشوراً أو يقدمونها بلا محبة واحترام يسلبونه. كانوا قصروا عن تقديم التقدمات والعشور (انظر نحميا 13: 10 - 12) فقصروا بذلك عن المحبة والاحترام للرب أيضاً.

قَدْ لُعِنْتُمْ (ع 9) بقلة مواسمهم وضربة الجراد وعدم المطر. هذا ما عدا اللعنة الروحية بابتعادهم عن الله وفقد التعزية منه.

هَاتُوا جَمِيعَ ٱلْعُشُورِ (ع 10) لا يرضى الله إلا بخدمة كاملة. كان في بيت الرب مخادع مخصصة لوضع العشور فيها (انظر نحميا 10: 38 و39) والطعام هو طعام الكهنة «لأن الذين يعملون في الأشياء المقدسة من الهيكل يأكلون» وقال الرب «جربوني». أولاً العمل ثم البركة ومواعيد الله هي أولاً للحياة الجسدية. فالذين يخدمون الرب لا يخسرون. وثانياً للحياة الروحية فيحمل روح الله على إنسان أو على كنيسة بعدما يعملون واجبات العطاء للرب ويفتح كوى السموات أي ينعم عليهم ببركات كثيرة جداً كما فتح طاقات السموات وأنزل منها مياه الطوفان في أيام نوح. ويقول «حتى لا توسع» أي لا حد لبركات الله إلا الحدود التي نجعلها نحن بضعف إيماننا (انظر نبأ يوآش وأليشع 2ملوك 13: 14 - 19).

13 - 15 «13 أَقْوَالُكُمُ ٱشْتَدَّتْ عَلَيَّ قَالَ ٱلرَّبُّ. وَقُلْتُمْ: مَاذَا قُلْنَا عَلَيْكَ؟ 14 قُلْتُمْ: عِبَادَةُ ٱللّٰهِ بَاطِلَةٌ، وَمَا ٱلْمَنْفَعَةُ مِنْ أَنَّنَا حَفِظْنَا شَعَائِرَهُ، وَأَنَّنَا سَلَكْنَا بِٱلْحُزْنِ قُدَّامَ رَبِّ ٱلْجُنُودِ؟ 15 وَٱلآنَ نَحْنُ مُطَوِّبُونَ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ وَأَيْضاً فَاعِلُو ٱلشَّرِّ يُبْنَوْنَ. بَلْ جَرَّبُوا ٱللّٰهَ وَنَجَوْا».

ص 1: 7 و12 و13 و2: 17 إرميا 2: 25 و18: 12 إشعياء 58: 3 ص 4: 1 إرميا 7: 10

أَقْوَالُكُمُ ٱشْتَدَّتْ عَلَيَّ الله مرتفع فوق كل بني البشر ولكنه طالب المحبة والثقة ولا سيما من شعبه الذين أحبهم واختارهم. وزادوا على كلامهم الشديد هذا القول الشديد «ماذا قلنا عليك» كأن كلامهم السابق كان كله صحيحاً ولائقاً كأن الرب ظلمهم بقوله «أقوالكم اشتدت عليّ».

حقاً كانت عبادتهم باطلة (ع 14) (1) لأنهم لم يعبدوا الرب عبادة كاملة فإنها في الأمور الخارجية فقط (2) لأنهم لم ينتظروا حتى يجازيهم الرب بل كانوا كأجير يتذمر ويطلب أجرته قبلما ينتهي النهار (3) لأنهم جهلوا قيمة البركات الروحية فإنه في خدمة الرب من الفرح والتعزية ما قيمته أعظم جداً من قيمة كل الأتعاب. والمسيحي الحقيقي لا يسأل عن الأجر بل يشكر الله على كل شيء ويفرح حتى في الضيقات والخسارة لأجل محبته لسيده. واشتدت أقوالهم على الرب أيضاً باعتراضهم على عدله قائلين (ع 15) إن المستكبرين مطوبون وفاعلي الشر يُبنون. وهذا الاعتراض أيضاً مبني على جهلهم وعمى قلوبهم.

16 - 18 «16 حِينَئِذٍ كَلَّمَ مُتَّقُو ٱلرَّبِّ كُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ، وَٱلرَّبُّ أَصْغَى وَسَمِعَ، وَكُتِبَ أَمَامَهُ سِفْرُ تَذْكَرَةٍ لِلَّذِينَ اتَّقُوا ٱلرَّبَّ وَلِلْمُفَكِّرِينَ فِي ٱسْمِهِ. 17 وَيَكُونُونَ لِي قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي أَنَا صَانِعٌ خَاصَّةً، وَأُشْفِقُ عَلَيْهِمْ كَمَا يُشْفِقُ ٱلإِنْسَانُ عَلَى ٱبْنِهِ ٱلَّذِي يَخْدِمُهُ. 18 فَتَعُودُونَ وَتُمَيِّزُونَ بَيْنَ ٱلصِّدِّيقِ وَٱلشِّرِّيرِ، بَيْنَ مَنْ يَعْبُدُ ٱللّٰهَ وَمَنْ لاَ يَعْبُدُهُ».

مزمور 34: 15 وإرميا 31: 18 - 20 إشعياء 4: 3 ودانيال 12: 1 إشعياء 43: 1 خروج 19: 5 وتثنية 7: 6 وإشعياء 43: 21 و1بطرس 2: 1 إشعياء 4: 2 نحميا 13: 22 ومزمور 103: 13 وإشعياء 26: 20 تكوين 18: 25 وعاموس 5: 15 ع 5 و15

يوجد الذين يخافون الرب وهم يتكلمون مع بعضهم. قال الرب لحزقيال (حزقيال 9: 4) «ٱعْبُرْ فِي وَسَطِ ٱلْمَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ، وَسِمْ سِمَةً عَلَى جِبَاهِ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ يَئِنُّونَ وَيَتَنَهَّدُونَ عَلَى كُلِّ ٱلرَّجَاسَاتِ ٱلْمَصْنُوعَةِ فِي وَسَطِهَا» (انظر عزرا 9: 4).

وَكُتِبَ أَمَامَهُ سِفْرُ تَذْكَرَةٍ (انظر خروج 32: 32 ومزمور 69: 28 ورؤيا 3: 5).

وَيَكُونُونَ لِي (ع 17) أي في اليوم الأخير يجمع الرب مختاريه ويكون بينهم الأنبياء والرسل والذين أحبوا الرب وخدموه في كل جيل والذين ماتوا شهداء لأجله فيعطيهم الأكاليل والمن المخفي وأسماء جديدة فيعترف بهم أمام الآب والملائكة ويلبسون ثياب بيضاً ويجلسون معه في عرشه. وحينئذ يعرف الجميع أن عبادة الرب ليست باطلة وكل ما أصاب شعبه من الضيقات على الأرض استعداداً لأفراح السماء التي لا توصف. وقول الرب يكونون لي ويكونون خاصته ليس لكل اليهود بل للذين اتقوا الرب والمفكرين في اسمه. والوعد يشتمل الأتقياء من الأمم أيضاً بغض النظر عن الجنس (انظر غلاطية 3: 28 وأفسس 2: 19 ورؤيا 7: 9) وكتابة الأسماء في سفر تفيد أن المواعيد لهم ثابتة ومقررة كالمقيد في سجل المحكمة.

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ

1 - 3 «1 فَهُوَذَا يَأْتِي ٱلْيَوْمُ ٱلْمُتَّقِدُ كَٱلتَّنُّورِ، وَكُلُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ وَكُلُّ فَاعِلِي ٱلشَّرِّ يَكُونُونَ قَشّاً، وَيُحْرِقُهُمُ ٱلْيَوْمُ ٱلآتِي قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، فَلاَ يُبْقِي لَهُمْ أَصْلًا وَلاَ فَرْعاً. 2 وَلَكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُتَّقُونَ ٱسْمِي تُشْرِقُ شَمْسُ ٱلْبِرِّ وَٱلشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا، فَتَخْرُجُونَ وَتَنْشَأُونَ كَعُجُولِ ٱلصِّيرَةِ. 3 وَتَدُوسُونَ ٱلأَشْرَارَ لأنَّهُمْ يَكُونُونَ رَمَاداً تَحْتَ بُطُونِ أَقْدَامِكُمْ يَوْمَ أَفْعَلُ هٰذَا، قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ».

(ص 3: 19 في العبراني) ص 3: 2 و3 ومزمور 21: 9 وناحوم 1: 5 و6 إشعياء 5: 24 وعوبديا 18 إشعياء 9: 18 و19 و2صموئيل 23: 4 وإشعياء 30: 36 و60: 1 إرميا 30: 17 و33: 6 إشعياء 35: 6 أيوب 4: 12 وإشعياء 26: 6 وميخا 5: 8 حزقيال 28: 18 ص 3: 17

يَأْتِي ٱلْيَوْمُ قالوا (3: 15) إنهم طوبوا المستكبرين وأيضاً فاعلوا الشر يُبنون. ثم ذكر الرب يوماً (ع 17) فيه ظهر عدل الله فيميزون (ع 18) بين الصديق والشرير بين من يعبد الله ومن لا يعبده. وهنا في (الأصحاح الرابع) بيان ذلك بأكثر وضوح أولاً ذكر ما سيصيب أورشليم وشعب اليهود من الحروب والدمار ثم ذكر كرازة يوحنا المعمدان وكرازة يسوع وحكمها على الفريسيين والصدوقيين. قال يوحنا لهم «يا أولاد الأفاعي» (متّى 3: 7) وقال لهم يسوع «أَيُّهَا ٱلْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ ٱلأَفَاعِي، كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ» (متّى 23: 33). ثم يذكر ملاخي اليوم الأخير. غير أنه هو ومعاصروه لم يفهموا تماماً ما قاله الروح بواسطته.

ٱلْمُتَّقِدُ كَٱلتَّنُّورِ وناره أشد من غيرها. وهذا نصيب المتكبرين وفاعلي الشر.

وَلَكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُتَّقُونَ ٱسْمِي (ع 2) الرب شمس (مزمور 84: 11). والبر أولاً بر الله الذي ليس فيه ظلم أو محاباة بل العدل والحق قاعدة كرسيه. قدامه نار وتحرق أعداءه (مزمور 97: 1 و2) وثانياً بر شعب الله فإنهم يتبررون مما كان أعداؤهم وظالموهم يقولون عليهم كاذبين ومن كل خطاياهم لأنها غُفرت لهم بالمسيح. والشفاء في أجنحتها أي شعاعها لأن الشمس لا تحرق فقط بل تُحيي أيضاً فلا تعيش النباتات والحيوانات بدونها. ونور الشمس للعالم كله الأغنياء والفقراء والأشرار والصالحين وكل الأجناس يهوداً وأمماً. ومن الرب الشفاء من مرض الخطية لأنه يطهر الإنسان من نجاستها ويعطيه النعمة لمقاومتها. والشفاء للحزانى والبائسين والقلوب المنكسرة. وهو شفاء العالم لأنه يسكّن الحروب إلى أقصى الأرض ويحرق بالنار المركبات أي نزع السلاح في العالم يتم متى التفت العالم إليه. والله شمس والمسيح شمس لأنه نور العالم وأشرقت شمس البر لما ولد المسيح في بيت لحم. والملكوت الذي أسسه سيمتد في كل العالم.

فَتَخْرُجُونَ الخ أي من سجن الخطايا وسجن الظلم والضيقات وينشأون. وفي الترجمة اليسوعية وغيرها «تطفرون» أي يفرحون كعجول تخرج من الصيرة إلى المرعى في أول الربيع.

يَكُونُونَ رَمَاداً (ع 3) إشارة إلى ما قيل في ع 1 «كُلُّ فَاعِلِي ٱلشَّرِّ يَكُونُونَ قَشّاً، وَيُحْرِقُهُمُ ٱلْيَوْمُ ٱلآتِي» ولا نفهم الكلام حرفياً لأن المسيح علمنا أن لا نقاوم الشر بل نحب أعداءنا ونصلي لأجلهم ونطلب تجديد قلوبهم كما تجدد شاول (اي بولس الرسول) وصار خادماً للكنيسة بعد أن اضطهدها. قال بولس (2كورنثوس 6: 6 و7) «إنه أظهر نفسه كخادم الله فِي طَهَارَةٍ، فِي عِلْمٍ، فِي أَنَاةٍ، فِي لُطْفٍ، فِي ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، فِي مَحَبَّةٍ بِلاَ رِيَاءٍ، فِي كَلاَمِ ٱلْحَقِّ، فِي قُوَّةِ ٱللّٰهِ بِسِلاَحِ ٱلْبِرِّ» وبهذا السلاح انتصرت الكنيسة في القديم وتنتصر به إلى النهاية.

4 - 6 «4 اُذْكُرُوا شَرِيعَةَ مُوسَى عَبْدِي ٱلَّتِي أَمَرْتُهُ بِهَا فِي حُورِيبَ عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. ٱلْفَرَائِضَ وَٱلأَحْكَامَ. 5 هَئَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا ٱلنَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ ٱلرَّبِّ ٱلْيَوْمِ ٱلْعَظِيمِ وَٱلْمَخُوفِ، 6 فَيَرُدُّ قَلْبَ ٱلآبَاءِ عَلَى ٱلأَبْنَاءِ، وَقَلْبَ ٱلأَبْنَاءِ عَلَى آبَائِهِمْ. لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ ٱلأَرْضَ بِلَعْنٍ».

تثنية 4: 23 و8: 11 و19 متّى 11: 14 ومرقس 9: 11 - 13 ولوقا 1: 17 لوقا 1: 17 إشعياء 11: 4 ورؤيا 19: 15

اُذْكُرُوا شَرِيعَةَ مُوسَى (ع 4) بين ملاخي وبين المسيح أربع مئة سنة ونيف وهذه أطول مدة مرت على إسرائيل بلا نبي وآخر كلام ملاخي وهو النبي الأخير من العهد القديم هو أن يذكروا شريعة موسى فيكون كلام الله كمرساة لإيمانهم في الأجيال المظلمة القادمة عليهم.

قال يسوع إنه لم يأت لينقض الناموس أو الأنبياء بل ليكمل وفي تعليمه كان يقتبس كثيراً من ناموس موسى ويبين أنه كان درسه بتدقيق واعتبار. وناموس موسى وغيره من أسفار العهد القديم يستحق الاعتبار اليوم مع النظر إلى ما كمل وزال حسب تعليم العهد الجديد.

أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا ٱلنَّبِيَّ (ع 5) ليس إيليا نفسه بالجسد بل من يكون فيه روح إيليا أي يوحنا المعمدان. ومن وجوه المشابهة بين إيليا ويوحنا (1) منظرهما كالشعر واللباس والسكنى في البرية (2) شجاعتهما. وبخ إيليا أخآب الملك ووبخ يوحنا هيرودس والفريسيين (3) الخدمة غير الكاملة لأنه حسب الظاهر لم ينجحا تماماً بل أعدّا الطريق لغيرهما.

قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ ٱلرَّبِّ اليوم الذي فيه يُجري أحكامه المخيفة على الخطاة وهذه الأحكام ابتدأت في خراب أورشليم وتشتت اليهود وتتم تماماً في اليوم الأخير.

فَيَرُدُّ قَلْبَ ٱلآبَاءِ عَلَى ٱلأَبْنَاءِ (ع 6) الآباء الأتقياء في العهد القديم آمنوا بالمسيح الموعود به وأبناؤهم الأتقياء في العهد الجديد آمنوا بالمسيح الذي أتى فاتحد الآباء والأبناء بإيمان واحد. قال الملاك جبرائيل لزكريا عن ابنه يوحنا إنه يرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيء للرب شعباً (لوقا 1: 16 و17).

لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ ٱلأَرْضَ بِلَعْنٍ ضرب الرب أرض اليهود بحروب كثيرة وآخر الكل ضرب أرضهم ومدينتهم أورشليم عن يد الرومانيين بعد صلب المسيح بنحو 37 سنة وحتى اليوم شعب اليهود مشتتون ومضطهدون. واللعن على جميع الذين يرفضون المسيح إن كانوا من اليهود أو من الأمم أو المسيحيين بالاسم فقط وعلى الناس أفراداً غير المؤمنين. وأما لعنات الله فقد تكون بركات لأنها تحذر الناس من عواقب العصيان والخطية لعلهم ينتبهون ويتوبون ويرجعون إلى الرب فيخلصون ولا يريد الرب أن يهلك الناس بل أن الجميع يقبلون إلى التوبة. وآخر كلام العهد القديم اللعن وآخر كلام العهد الجديد والكتاب المقدس كله البركة. واللعن استعداد للبركة.


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D - 70007
Stuttgart
Germany