العودة الى الصفحة السابقة
شرح سفر صموئيل الأول

شرح سفر صموئيل الأول

السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

للقس وليم مارش


Table of Contents

Bibliography
مقدمة
المقدمة
اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْعَاشِرُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّلاَثُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلثَّلاَثُونَ

List of Tables

1.

Bibliography

السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم: شرح سفر صموئيل الأول. للقس وليم مارش. Copyright © 2009 All rights reserved Call of Hope. . صدر عن مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بيروت 1973. . English title: . German title: . Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D - 70007 Stuttgart Germany http: //www.call - of - hope.com .

مقدمة

تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.

ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.

هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً - وهو صاحب حقوق الطبع - بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.

ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».

القس ألبرت استيرو

الأمين العام

لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى

المقدمة

(1) العنوان

كان في الأول سفرا صموئيل الأول وصموئيل الثاني سفراً واحداً ولكن في الترجمة السبعينية في القرن الثالث والرابع قبل المسيح قُسم إلى قسمين وكذلك قُسم سفر الملوك أيضاً إلى سفرين فتسمى صموئيل الثاني والملوك الأول الملوك الثالث والملوك الثاني الملوك الرابع. وهكذا جرى في الترجمة اللاتينية. وكان في الترجمتين القديمتين العربية والإنكليزية عنوان السفر «صموئيل الأول وهو أول أسفار الملوك». وفي ترجمتنا وغيرها من الترجمات الحديثة أسماء هذه الأسفار الأربعة «صموئيل الأول وصموئيل الثاني والملوك الأول والملوك الثاني».

(2) الكاتب

اسم الكاتب مجهول. والأرجح أن السفر مجموع من مصادر شتى من صموئيل (1صموئيل 10: 25) ومن ناثان النبي (2صموئيل 7: 2) ومن جاد النبي (2صموئيل 24: 11) ومن أُناس في مدارس الأنبياء (1صموئيل 19: 18 - 24). وربما كان سفراً جُمعت فيه قصائد متعددة كقصيدة حنة (1صموئيل 2: 1 - 10) ورثاء داود لأبنير (2صموئيل 3: 33 و34) وقصيدة الشكر لداود (2صموئيل ص 22) وكلمات داود الأخيرة (2صموئيل ص 23). ولا نعرف من هو مؤلفه ولعل القسم الأكبر منه من تأليف صموئيل نفسه.

(3) الزمان

كانت كتابة هذا السفر بعد موت داود. (انظر 2صموئيل 5: 5) حيث تُذكر مدة ملك داود الكاملة. وبعد انقسام المملكة (انظر 1صموئيل 27: 6) يذكر ملوك يهوذا تمييزاً لهم عن ملوك إسرائيل. وكُتب هذا السفر ليس بعد انقسام المملكة بكثير.

(4) قانونية السفر

لم يشك فيه اليهود ولا الكنيسة المسيحية. ومما يشهد لقانونيته في العهد الجديد (قابل متّى 12: 3 و4 بـ 1صموئيل 21: 6. ولوقا 1: 46 بـ 1صموئيل 2: 1 - 10. وأعمال 3: 24 و7: 46 بـ 1صموئيل 16: 1. وأعمال 13: 20 - 22 بـ 1صموئيل 8: 5 و10: 1 و31: 6 و2صموئيل 5: 3 و1صموئيل 13: 14).

(5) مضمونه

  1. ولادة صموئيل وحداثته وخطايا بني عالي الفظيعة وخطيئة عالي في عدم ردعهم وكلام الرب لصموئيل أولاً (ص 1 - 3).

  2. انهزام الإسرائيليين وأخذ تابوت الله وموت عالي وابنيه وإقامة التابوت في أرض الفلسطينيين وإرجاعه إلى بلاد إسرائيل وتجديد العهد في مصفاة وانكسار الفلسطينيين (ص 4 - 7).

  3. تعيين الملك الأول وقضاؤه (ص 8 - 10).

  4. مُلك شاول. وفيه انكسار العمونيين وتثبيت شاول في الجلجال وكلام صموئيل الوداعي للشعب ومحاربة الفلسطينيين وبسالة يوناثان ومحاربة العمالقة وعناد شاول ورفض الرب له (ص 11 - 15).

  5. تعيين داود ملكاً عوضاً عن شاول وقتل جليات وانهزام الفلسطينيين ومحاولة شاول قتل داود وهرب داود من وجه شاول وجولانه وحادثة كهنة نوب وحادثة أبيجايل وحادثة داود في جتّ وزيارة شاول لصاحبة جان وسقوطه قتيلاً في جبل جلبوع (ص 16 - 31).

(6) ترتيب الحوادث حسب أزمنتها

Table 1. 

السنة 1149ق. م ولادة صموئيل   
السنة 1137ق. مدعوة صموئيل   
السنة 1127ق. مموت عالي   
السنة 1127 - 1107ق. متسلط الفلسطينيين   
السنة 1107 - 1089ق. ممدة قضاء صموئيل   
السنة 1089 - 1079ق. ممدة قضاء بني صموئيل   
السنة 1079ق. متعيين شاول   
السنة 1065ق. ممسح داود ملكاً   
السنة 1059ق. مموت صموئيل   
السنة 1055 ق. مموت شاول وتملك داود   

ولا يمكن ضبط التواريخ ضبطاً تاماً ولكن ما ذُكر آنفاً أقرب إلى العقل من غيره.

(7) فوائد خدمة صموئيل لإسرائيل

  1. كان مصلحاً. كان يميل الشعب دائماً إلى عبادة الأصنام وترك الرب ومخالفة وصاياه وفرائض عبادته فلو تُركوا بلا مصلح لكانوا سقطوا في التوحش والخطايا الفظيعة القبيحة وصاروا كالوثنيين الكنعانيين وهذا كله ظهر جلياً في سفر القضاة. وأما صموئيل فرجّعهم إلى الرب وثبّتهم في فرائض العبادة وجدد العهود وكان هو قدوة لهم في الاستقامة والطهارة والغيرة للرب.

  2. أسس مدارس الأنبياء التي فيها تعلم الشبان القراءة والكتابة والموسيقى أي الترنيم والعزف على آلات الطرب ودرسوا التوراة والتاريخ وما يتعلق بالعبادة الدينية. ومن هذه المدارس خرج الأنبياء والعلماء والكتبة الذين حفظوا الكتب المقدسة وألفوها بالإلهام الإلهي وقادوا الشعب وثبتوهم في الدين الحق حتى أتى المسيح.

  3. نظّم المملكة. كان الله الملك الحقيقي وحده. وعلى الملوك من بني البشر أن يعرفوا أنهم وكلاؤه وتحت سلطانه. وخطيئة شاول التي لسببها رفضه الرب هي العصيان. وفضيلة داود التي لسببها سماه الرب «رجلاً حسب قلبه» (أعمال 13: 22) هو خضوعه للرب في كل شيء. فعلّم صموئيل الشعب ودرب ملكهم الأول والثاني وحذّرهم من الاستبداد والكبرياء وطلب الحكم المطلق فحفظ للرب الرياسة وللشعب حقوقهم.

اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ

1 «كَانَ رَجُلٌ مِنْ رَامَتَايِمِ صُوفِيمَ مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ ٱسْمُهُ أَلْقَانَةُ بْنُ يَرُوحَامَ بْنِ أَلِيهُوَ بْنِ تُوحُوَ بْنِ صُوفٍ. هُوَ أَفْرَايِمِيٌّ».

1أيام 6: 27 و34 ص 9: 5 راعوث 1: 2

رَامَتَايِمِ وهي رامة حيث وُلد صموئيل (ع 19) وسكن (ص 7: 17) ودُفن (ص 25: 1). ومعنى رامة رابية ومعنى رامتايم رابيتين. ورامة هي الرام الحالية شمالي أورشليم وعلى بُعد خمسة أميال منها أو النبي صموئيل إلى الشمال الغربي من أورشليم وعلى بُعد خمسة أميال منها أو رام الله شمالي أورشليم وعلى بُعد 13 ميلاً منها.

صُوفِيمَ كان صوف أحد أسلاف القانة أتى من أفرايم وسكن في رامتايم أو رامة فتسمت به. وكان القانة أفرايمي لأنه من أفرايم أصلاً وبنياميني لأنه سكن في أرض بنيامين ولاويٌّ لأنه من سبط لاوي. والظاهر أنه لم يمارس منصب اللاويين. وكان عاقلاً لطيفاً ذا ثروة عظيمة. وسلسلة نسب صموئيل مذكورة هنا وفي (1أيام 6: 26 و27 و34 و35) وفي هذه الآيات شيء من الاختلاف وهو من عدم الضبط قديماً في الأسماء. فأليهو مسمى أيضاً ألياب وإيليئيل. وتوحو مسمى أيضاً نحت وتوح. وصوف هو صوفاي.

2 «وَلَهُ ٱمْرَأَتَانِ، ٱسْمُ ٱلْوَاحِدَةِ حَنَّةُ وَٱسْمُ ٱلأُخْرَى فَنِنَّةُ. وَكَانَ لِفَنِنَّةَ أَوْلاَدٌ، وَأَمَّا حَنَّةُ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَوْلاَدٌ».

وَلَهُ ٱمْرَأَتَانِ في البدء خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى امرأة واحدة لرجل واحد (تكوين 2: 24 وملاخي 2: 15) ولكن بعض الأفاضل في العهد القديم تزوجوا أكثر من واحدة كإبراهيم ويعقوب وجدعون وداود. والله غضّ النظر عن ذلك وقتياً فلم يوبخهم (تثنية 21: 14 - 17). ولكن العهد الجديد يعلّم جلياً وجوب تزوج امرأة واحدة فقط (متّى 19: 3 - 12 و1تيموثاوس 3: 2) وتؤيد ذلك شهادة الاختبار لأننا لا نرى الخير والسلم في بيت فيه أكثر من زوجة واحدة.

حَنَّةُ معنى الاسم نعمة.

فَنِنَّةُ لؤلؤة (أيوب 28: 18 وأمثال 3: 15).

وَكَانَ لِفَنِنَّةَ أَوْلاَدٌ حسب أفكارنا كانت حنة مستحقة أن يكون لها أولاد أكثر من فننّة لأنها امرأة فاضلة تقيّة مستعدة لتربية الأولاد أكثر من ضرتها ولكن يجب أن ننظر إلى آخر كل أمر قبلما نحكم فيه. فنرى أن الرب حوّل مصيبة حنة إلى بركة لأنها تعلمت الصبر والتجأت إلى الرب بالصلاة وولدت ولداً استجابة لصلاتها وصار ولدها أي صموئيل رجلاً عظيماً مكرماً في ملكوت الله مع أن أولاد فننّة ليس لهم ذكر.

3 «وَكَانَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ يَصْعَدُ مِنْ مَدِينَتِهِ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ لِيَسْجُدَ وَيَذْبَحَ لِرَبِّ ٱلْجُنُودِ فِي شِيلُوهَ. وَكَانَ هُنَاكَ ٱبْنَا عَالِي: حُفْنِي وَفِينَحَاسُ، كَاهِنَا ٱلرَّبِّ».

خروج 23: 14 وتثنية 16: 16 ولوقا 2: 41 تثنية 12: 5 و6 و7 يشوع 18: 1

مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ على الإسرائيليين أن يعيّدوا للرب ثلاث مرات في السنة أي في عيد الفطير أو الفصح وعيد الحصاد أو عيد الخمسين وعيد المظال (خروج 23: 14) ولكنهم اكتفوا بمرة واحدة فقط (لوقا 2: 41) ولا نعرف في أي عيد صعد القانة. وظهرت تقواه لأنه كان يصعد كل سنة ومعه أهل بيته ويقدّم ذبائح للرب.

رَبِّ ٱلْجُنُودِ وردت هذه العبارة في الكتاب المقدس 260 مرة وهذه هي المرة الأولى. «والجنود» هم جنود بني البشر (خروج 7: 4 ومزمور 44: 9) وجنود السماء وهي الأجرام السماوية (تكوين 2: 1 وتثنية 4: 19) أو الملائكة (1ملوك 22: 19 وتكوين 148: 2). فالرب هو رب كل ما في السماء وعلى الأرض وليس رب سواه وكان إسرائيل شعبه الخاص.

شِيلُوهَ هي سيلون الحالية شمالي بيت إيل وعلى بُعد عشرة أميال منها. وفي شيلوه نُصبت خيمة الاجتماع (يشوع 18: 1) فبقيت فيها 300 سنة. وكانت مقر العبادة إلى وقت انهزام إسرائيل عند حجر المعونة في أفيق حين أخذ الفلسطينيون التابوت (1صموئيل 4: 1 و11). ولم يرجع التابوت إلى شيلوه والأرجح أن الفلسطينيين احتلوها وأخربوها خراباً تاماً (إرميا 7: 12).

ٱبْنَا عَالِي كان عالي من نسل هارون من ابنه الأصغر إيثامار وهو أول من مارس منصب رئيس الكهنة من نسل إيثامار وبقي هذا المنصب لبيت عالي إلى أبياثار في القرن الرابع إذ رجع إلى نسل أليعازار. ومارس عالي منصب رئيس كهنة ومنصب قاض معاً. وقضى لإسرائيل 40 سنة. وكان مقتدراً تقياً غير أنه أخطأ في عدم ردعه أولاده عن شرورهم. وفي شيخوخته سلّم خدمة الكهنة لابنيه حفني وفينحاس.

4 «وَلَمَّا كَانَ ٱلْوَقْتُ وَذَبَحَ أَلْقَانَةُ، أَعْطَى فَنِنَّةَ ٱمْرَأَتَهُ وَجَمِيعَ بَنِيهَا وَبَنَاتِهَا أَنْصِبَةً».

تثنية 12: 17 و16: 11

وَذَبَحَ كانت ذبيحته ذبيحة السلامة (لاويين 7: 11 - 21) لأجل الشكر وكان الشحم للرب والصدر والساق اليمنى للكاهن والباقي لمقدمها فأكله هو وأهل بيته. وفوائد الذبيحة:

  1. كانت رمزاً إلى المسيح الذي به الكفارة عن الخطيئة.

  2. تخصيص النفس للرب بالتوبة والإيمان والطاعة.

  3. الاتحاد مع الرب المشار إليه بالأكل فإن الذبيحة كلها للرب ثم سمح الرب لمقدمها أن يأكل منها فأكل من مائدة الرب. وكان امرأتاه وأبناؤه وبناته معه إشارة إلى أن مواعيد لله للمؤمنين ولأولادهم.

5 «وَأَمَّا حَنَّةُ فَأَعْطَاهَا نَصِيبَ ٱثْنَيْنِ، لأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ حَنَّةَ. وَلٰكِنَّ ٱلرَّبَّ كَانَ قَدْ أَغْلَقَ رَحِمَهَا».

تكوين 30: 2

نَصِيبَ ٱثْنَيْنِ علامة محبته الخصوصية لها. أعطى يوسف أخاه بنيامين نصيب خمسة (تكوين 43: 34). ولا شك أن هذا الأمر زاد الاختلاف والحسد بين امرأتيه مع أنه لم يقصد ذلك.

قَدْ أَغْلَقَ رَحِمَهَا انظر أنباء سارة (تكوين 17: 15 - 19) ورفقة (تكوين 25: 21) وراحيل (تكوين 29: 31) وامرأة منوح (قضاة 13: 1 - 5) وأليصابات (لوقا 1: 5 - 7). فترى أن الرب إذا قصد لأحبائه بركات عظمى كثيراً ما يمتحن إيمانهم بتابطؤه في إتمام الوعد.

6 «وَكَانَتْ ضَرَّتُهَا تُغِيظُهَا أَيْضاً غَيْظاً لأَجْلِ ٱلإِذْلاَلِ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ أَغْلَقَ رَحِمَهَا».

أيوب 24: 21

ضَرَّتُهَا أي فننّة. ولا شك أنها حسدت حنة لأن ألقانة أحبها وأعطاها نصيب اثنين فلم يكن عمله في محله بل كان سبباً لزيادة الخصام. وعلى كل رب بيت المساواة في معاملة أهل بيته.

لأَجْلِ ٱلإِذْلاَلِ (المراغمة) عرفت ما كان يكدر حنة أكثر من غيره فذكرته وكررته حتى صارت حنة لا تقدر أن تحتمل. وعلى كل مسيحي أن يعمل بالعكس أي أن يلاحظ ما يكدّر غيره فيتجنب ذكره أو يذكره على سبيل التعزية والمساعدة. وفننّة كدرت نفسها أكثر مما كدرت حنة لأنها قبلت في قلبها روح الحسد والبغض والخصام الذي مرر كل حياتها. وخيرٌ للإنسان أن يُظلَم ولا يَظلِم ويحتمل الشر ولا يعمله.

7 «وَهٰكَذَا صَارَ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ، كُلَّمَا صَعِدَتْ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ، هٰكَذَا كَانَتْ تُغِيظُهَا. فَبَكَتْ وَلَمْ تَأْكُلْ».

سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ استمرت فننّة على هذه المعاملة الخبيثة سنين من الزمان وازدادت مصيبة حنة وحزنها وقلّ أملها بنيل مطلوبها ولكنها التجأت إلى الرب وصلت بأكثر لجاجة فكانت تلك السنين لها أحسن استعداد لقبول البركة التي أعدها الرب لها.

8 «فَقَالَ لَهَا أَلْقَانَةُ رَجُلُهَا: يَا حَنَّةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ وَلِمَاذَا لاَ تَأْكُلِينَ وَلِمَاذَا يَكْتَئِبُ قَلْبُكِ؟ أَمَا أَنَا خَيْرٌ لَكِ مِنْ عَشَرَةِ بَنِينَ؟».

راعوث 4: 15

أَمَا أَنَا خَيْرٌ لَكِ مِنْ عَشَرَةِ بَنِينَ ظهر من هذا القول محبته لها وشفقته عليها ولكنه لم يفهم طبيعة النساء لأنه من الأمور الطبيعية أن المرأة تلد أولاداً وفي قلبها محبة عظيمة لهم واشتياق شديد إليهم فلا يمكنها أن تكتفي بمحبة رجلها وإن كانت تلك المحبة ثمينة عندها.

9 «فَقَامَتْ حَنَّةُ بَعْدَمَا أَكَلُوا فِي شِيلُوهَ وَبَعْدَمَا شَرِبُوا، وَعَالِي ٱلْكَاهِنُ جَالِسٌ عَلَى ٱلْكُرْسِيِّ عِنْدَ قَائِمَةِ هَيْكَلِ ٱلرَّبِّ».

ص 3: 3

فَقَامَتْ حَنَّةُ أكلت لأن الأكل مما قّدّم للرب كان من الواجبات الدينية ولكن حنة أكلت بلا قابلية وبلا لذة وقامت سريعاً وتقدمت إلى جهة الخيمة لتصلي صلاة انفرادية.

هَيْكَلِ ٱلرَّبِّ أي خيمة الاجتماع. وتسمت هيكلاً لأنها بقيت 300 سنة في شيلوه وصار حولها أبنية وأمامها باب وقائمة ومكان لقعود رئيس الكهنة لأجل القضاء. والهيكل الحقيقي هو المكان الذي فيه يجتمع الإنسان مع الله لا فرق إن كان هيكلاً أو خيمة أو بيتاً أو قلوب المؤمنين.

10 «وَهِيَ مُرَّةُ ٱلنَّفْسِ. فَصَلَّتْ إِلَى ٱلرَّبِّ، وَبَكَتْ بُكَاءً».

2صموئيل 17: 8 وأيوب 7: 11 و10: 1

فَصَلَّتْ إِلَى ٱلرَّبِّ، وَبَكَتْ مَن يقدر أن يرفض طلبة امرأة إذا بكت. فالرب وهو حنون ورؤوف ويعرف سرائر القلوب لا يرفض من يلتجئ إليه بالبكاء (2ملوك 20: 5 ومزمور 126: 5 ومرقس 9: 24 ولوقا 7: 38 وعبرانيين 5: 7 ورؤيا 7: 17). وكان بكاء حنة علامة الشوق الشديد إلى معونة الرب والالتجاء إليه مع الشعور بضعفها وعدم الأمل من الناس. وأما البكاء فله وقت وفي غير وقته ليس له رجاء (متّى 22: 13 وعبرانيين 12: 17).

11 «وَنَذَرَتْ نَذْراً وَقَالَتْ: يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ، إِنْ نَظَرْتَ نَظَراً إِلَى مَذَلَّةِ أَمَتِكَ، وَذَكَرْتَنِي وَلَمْ تَنْسَ أَمَتَكَ بَلْ أَعْطَيْتَ أَمَتَكَ زَرْعَ بَشَرٍ، فَإِنِّي أُعْطِيهِ لِلرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، وَلاَ يَعْلُو رَأْسَهُ مُوسَى».

تكوين 28: 20 وعدد 30: 3 وقضاة 11: 30 تكوين 29: 32 وخروج 4: 31 و2صموئيل 16: 12 ومزمور 25: 18 تكوين 8: 1 و30: 22 عدد 6: 5 وقضاة 13: 5

وَنَذَرَتْ نَذْراً وهو أن الابن الذي طلبته من الرب يكون له كل أيام حياته. وإرخاء الشعر علامة النذير (عدد 6: 1 - 21). وعلى النذير ثلاثة أمور:

  1. أن يمتنع عن أكل وشرب كل ما يُعمل من الكرمة كالعنب والزبيب والخمر والدبس.

  2. أن لا يحلق رأسه.

  3. أن لا يمس ميتاً. وأيام انتذاره محدودة وأما صموئيل فزاد على ما ذُكر وكان نذيراً كل حياته. ومثله شمشون ويوحنا المعمدان. ولهذه الفرائض الجسدية غاية روحية لأن الامتناع عن أكل أثمار الكرمة علامة تخصيص الجسد والحكم عليه. وتجنُّب الميت علامة الطهارة. وكان إرخاء الشعر يذكّره ويذكّر غيره أنه لله فلا يعمل عملاً أو يقول شيئاً لا يليق بنذره. وبنور العهد الجديد نرى أن ليس محلّ للنذور لأننا نحن وأموالنا كلها لله فلا نقدر أن نعطيه إلا مما له فنحبه من كل قلوبنا ونخدمه بكل قوانا ونحفظ جميع وصاياه ونسلم لإرادته في كل شيء وهو وعدنا بأنه يعطينا مهما سألنا منه (يوحنا 14: 14) وذلك كله بلا شرط.

12، 13 «12 وَكَانَ إِذْ أَكْثَرَتِ ٱلصَّلاَةَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَعَالِي يُلاَحِظُ فَاهَا 13 فَإِنَّ حَنَّةَ كَانَتْ تَتَكَلَّمُ فِي قَلْبِهَا، وَشَفَتَاهَا فَقَطْ تَتَحَرَّكَانِ، وَصَوْتُهَا لَمْ يُسْمَعْ أَنَّ عَالِيَ ظَنَّهَا سَكْرَى».

صَوْتُهَا لَمْ يُسْمَعْ عرفت أن الله يسمع الصلاة وإن كانت بلا كلام مسموع مع أن أكثر الناس في أيامها ظنوا أنه من الضرورة أن الصلاة تكون بصوت عالٍ. ولنا رئيس كهنة وهو الرب يسوع المسيح يعرف أفكارنا وأشواقنا السرّية وليس كعالي الذي لم يقدر أن يميز بين امرأة حزينة الروح سكبت نفسها أمام الرب وبين سكرى ابنة بليعال.

ظَنَّهَا سَكْرَى يُستنتج من هذا الظن أن السكر كان من الأمور العادية الجارية في أيام حنة حتى بين النساء وعبدة الرب في مقدسه وفي زمان العبادة.

14، 15 «14 فَقَالَ لَهَا: حَتَّى مَتَى تَسْكَرِينَ؟ ٱنْزِعِي خَمْرَكِ عَنْكِ. 15 فَأَجَابَتْ حَنَّةُ: لاَ يَا سَيِّدِي. إِنِّي ٱمْرَأَةٌ حَزِينَةُ ٱلرُّوحِ وَلَمْ أَشْرَبْ خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً، بَلْ أَسْكُبُ نَفْسِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

مزمور 62: 8 و142: 2

لَمْ أَشْرَبْ خَمْراً لم ينهَ الناموس الإسرائيليين عن شرب الخمر باعتدال ولكن قول حنّة هذا وقولها أن الابن المطلوب من الرب سيكون نذيراً لا يشرب المسكر يدلان على أنها لاحظت الشرور الناتجة منه فاستحسنت عياف المسكر الكلي. وفي أيامنا أجمع أكثر الأتقياء على وجوب عياف المسكر على اختلاف أنواعه.

16 «لاَ تَحْسَبْ أَمَتَكَ ٱبْنَةَ بَلِيَّعَالَ. لأَنِّي مِنْ كَثْرَةِ كُرْبَتِي وَغَيْظِي قَدْ تَكَلَّمْتُ إِلَى ٱلآنَ».

تثنية 13: 13

بَلِيَّعَالَ كلمة عبرانية معناها عدم النفع وابنة بليعال هي امرأة رديئة بلا دين و بلا حياء. وفي الترجمة الإنكليزية الحديثة «امرأة رديئة». وفي (2كورنثوس 6: 15) «بليعال» اسم للشيطان. وربما كان وجود الرديئات عند باب الخيمة أمراً عادياً فظنّ عالي أن حنة واحدة منهنّ. وعند الوثنيين كان الزناء مقترناً بالعبادة وكانت أجرة الزانية لإله المكان.

تَكَلَّمْتُ إِلَى ٱلآنَ لم تتكلم من فعل الخمر بل من كربتها وغيظها وذلك من أول الأمر إلى الآن أي لم تسكر قط.

17 «فَقَالَ لَهَا عَالِي: ٱذْهَبِي بِسَلاَمٍ، وَإِلٰهُ إِسْرَائِيلَ يُعْطِيكِ سُؤْلَكِ ٱلَّذِي سَأَلْتِهِ مِنْ لَدُنْهُ».

قضاة 18: 6 ومرقس 5: 34 ولوقا 7: 50 و8: 48 مزمور 20: 4 و5

يُعْطِيكِ سُؤْلَكِ اقتنع عالي من جوابها وقصد بقوله إصلاح غلطه في ظنه أنها ابنة بليعال. وكان قوله على سبيل الدعاء لأن حنة طلبت البركة من الله وليس منه.

18، 19 «18 فَقَالَتْ: لِتَجِدْ جَارِيَتُكَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ. ثُمَّ مَضَتِ ٱلْمَرْأَةُ فِي طَرِيقِهَا وَأَكَلَتْ، وَلَمْ يَكُنْ وَجْهُهَا بَعْدُ مُغَيَّراً. 19 وَبَكَّرُوا فِي ٱلصَّبَاحِ وَسَجَدُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَرَجَعُوا وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِهِمْ فِي ٱلرَّامَةِ. وَعَرَفَ أَلْقَانَةُ ٱمْرَأَتَهُ حَنَّةَ، وَٱلرَّبُّ ذَكَرَهَا».

تكوين 33: 15 وراعوث 2: 13 جامعة 9: 7 تكوين 4: 1 تكوين 30: 22

نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ أظهرت اعتبارها لعالي لأنه رئيس الكهنة وقاضي الشعب.

فِي طَرِيقِهَا ذهبت إلى البيت أو المكان الذي نزلوا فيه وفي اليوم التالي بكروا ورجعوا إلى بيتهم في الرامة.

وَأَكَلَتْ آمنت واتكلت على قول عالي واستراحت من اضطراب أفكارها.

وَٱلرَّبُّ ذَكَرَهَا (تكوين 30: 22).

20 «وَكَانَ فِي مَدَارِ ٱلسَّنَةِ أَنَّ حَنَّةَ حَبِلَتْ وَوَلَدَتِ ٱبْناً وَدَعَتِ ٱسْمَهُ صَمُوئِيلَ قَائِلَةً: لأَنِّي مِنَ ٱلرَّبِّ سَأَلْتُهُ».

فِي مَدَارِ ٱلسَّنَةِ (تكوين 18: 10 و2ملوك 4: 16).

صَمُوئِيلَ اسم عبراني مركّب من كلمتين «سم» و «إيل» أي اسم الله أو بإدخال حرف اللام في وسط الكلمة الأولى وجعل الميم حرف جر فيكون سل من إيل أي سؤل من الله. وأشارت حنة إلى المعنى الثاني بقولها «من الرب سألته». فكان هذا الاسم يذكر صموئيل كل أيامه بصلاة أمه وجواب الرب لها.

21 «وَصَعِدَ أَلْقَانَةُ وَجَمِيعُ بَيْتِهِ لِيَذْبَحَ لِلرَّبِّ ٱلذَّبِيحَةَ ٱلسَّنَوِيَّةَ، وَنَذْرَهُ».

ع 3

وَنَذْرَهُ أي نذر حنة لأن نذرها كان بعلمه ورضاه فصار النذر نذرهما.

22 «وَلٰكِنَّ حَنَّةَ لَمْ تَصْعَدْ لأَنَّهَا قَالَتْ لِرَجُلِهَا: مَتَى فُطِمَ ٱلصَّبِيُّ آتِي بِهِ لِيَتَرَاءَى أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَيُقِيمَ هُنَاكَ إِلَى ٱلأَبَدِ».

لوقا 2: 22 ع 11 و28 وص 2: 11 و18 و3: 1 خروج 21: 6

مَتَى فُطِمَ أي بعد نحو سنتين.

إِلَى ٱلأَبَدِ أي كل حياته.

23 «فَقَالَ لَهَا أَلْقَانَةُ رَجُلُهَا: ٱعْمَلِي مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكِ. ٱمْكُثِي حَتَّى تَفْطِمِيهِ. إِنَّمَا ٱلرَّبُّ يُقِيمُ كَلاَمَهُ. فَمَكَثَتِ ٱلْمَرْأَةُ وَأَرْضَعَتِ ٱبْنَهَا حَتَّى فَطَمَتْهُ».

عدد 30: 7 2صموئيل 7: 25

ٱلرَّبُّ يُقِيمُ كَلاَمَهُ ربما استنظر أن الصبي الذي وُلد هكذا استجابة للصلاة بخلاف الطبيعة يكون رجلاً عظيماً في خدمة الرب كإسحاق ويعقوب وشمشون.

24 «ثُمَّ حِينَ فَطَمَتْهُ أَصْعَدَتْهُ مَعَهَا بِثَلاَثَةِ ثِيرَانٍ وَإِيفَةِ دَقِيقٍ وَزِقِّ خَمْرٍ، وَأَتَتْ بِهِ إِلَى ٱلرَّبِّ فِي شِيلُوهَ وَٱلصَّبِيُّ صَغِيرٌ».

تثنية 12: 5 و6 و11 قضاة 6: 19 يشوع 18: 1

ثَلاَثَةِ ثِيرَانٍ هذا يدل على اقتدار ألقانة المالي وكرمه.

إِيفَةِ نحو عشرة أرطال. قيل أن حنّة أصعدت ابنها معها وثلاثة ثيران الخ ولا نفهم من هذا أنها اغتصبت رئاسة البيت بل أن رجلها كان متفقاً معها فقدّم التقدمات الواجبة اللائقة وصعد معها وصعد الجميع معاً وذبحوا كأهل بيت واحد.

25 «فَذَبَحُوا ٱلثَّوْرَ وَجَاءُوا بِٱلصَّبِيِّ إِلَى عَالِي».

لوقا 2: 22

فَذَبَحُوا ٱلثَّوْرَ قيل في (ع 24) «ثلاثة ثيران» والظاهر أن الثور المذكور هنا هو محرقة (لاويين 1: 1 - 9) والمقصود فيه تقديم الصبي للرب تقدمة كاملة ليخدم الرب كل حياته فإن المحرقة كانت كلها للرب فأوقدها الكاهن جميعها فكان هذا الثور ذبيحة خصوصية غير عادية. وأما الثوران الآخران فكانا تقدمة القانة السنوية الواحد منهما ذبيحة سلامة والآخر ذبيحة خطيئة (لاويين ص 3 و4).

26 - 27 «26 وَقَالَتْ: أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي. حَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ يَا سَيِّدِي، أَنَا ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي وَقَفَتْ لَدَيْكَ هُنَا تُصَلِّي إِلَى ٱلرَّبِّ. 27 لأَجْلِ هٰذَا ٱلصَّبِيِّ صَلَّيْتُ فَأَعْطَانِيَ ٱلرَّبُّ سُؤْلِيَ ٱلَّذِي سَأَلْتُهُ مِنْ لَدُنْهُ».

تكوين 42: 15 و2ملوك 2: 2 و4 و6 متّى 7: 7

أَسْأَلُكَ أي التمس منك أن تسمع كلامي.

حَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ حلفت لأن أمرها غريب وربما أن عالي وغيره لم يصدقوا أنها هي التي كانت عاقراً وولدت ابناً وقيل أن معناها لتحي نفسك أي الله يطولّ عمرك الخ.

28 «وَأَنَا أَيْضاً قَدْ أَعَرْتُهُ لِلرَّبِّ. جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِهِ هُوَ مُعَارٌ لِلرَّبِّ. وَسَجَدُوا هُنَاكَ لِلرَّبِّ».

ع 11 و22 تكوين 24: 26 و52

أَعَرْتُهُ الكلمة العبرانية مشتقة من الكلمة المترجمة «سألته» في آخر (ع 20) والمعنى كما يأتي سألته من الرب والرب أعطاني سؤلي والآن أردُّ له ما سألته منه. والكلمة المترجمة «عارية» هي الترجمة «سؤل» في (ع 17). وليس المعنى أن حنة قدمته للرب بشرط أنها تسترده لأنها قدمته ليخدم الرب جميع أيام حياته. فما أصعب أن تفارق ابنها الصغير الوحيد. ولكن محبتها للرب ولبيته أعظم من محبتها العظيمة لابنها. والمحبة الحقيقية تحمل الأم على ما يوافق ابنها وليس على ما يوافقها. وأفضل شيء نطلبه لأولادنا أن يكونوا في خدمة الرب وإن كانت هذه الخدمة تستلزم إبعادهم عنا.

وَسَجَد من المحتمل أن الضمير يرجع إلى القانة والأرجح أنه يعود إلى صموئيل أي أن الصبي الصغير ابتدأ منذ حداثته في السجود للرب.

فوائد

  1. إننا نشكر الله من أجل الضيقات التي تقربنا إليه. لم تجد حنة تعزية في رجلها ولا في الفرائض ولا في كاهن بيت الله فالتجأت إلى الله نفسه (ع 10).

  2. إن غايتنا العظمى في صلواتنا يجب ان تكون ملكوت الله ومجده وليس راحتنا وسرورنا الجسديين. طلبت حنة ولداً من الله ليس لتفتخر على ضرتها ولا لتستخدمه بل لتقدمه للرب (ع 11).

  3. تبتدئ تربية الولد قبل ولادته. إن إيمان حنة وغيرتها على ملكوت الله وصلواتها الحارة وأفكارها المقدسة وسلوكها الطاهر وجميع صفاتها الحميدة وأعمالها الحسنة كانت لها أحسن استعداد لتكون أماً لنبي الله وقاضي إسرائيل ومؤسس المملكة (ع 11).

  4. قد تكون الصلاة الحقيقية بلا صوت. وأحسن امتحان للمسيحي صلواته الانفرادية السرية (ع 13).

  5. يجب أن لا ندين غيرنا لأننا لا نعرف القلوب وربما من ندينه يكون أحد مختاري الله (ع 14).

  6. الإيمان بالله يزيد سرورنا في كل أمور حياتنا حتى الأمور الزهيدة كالأكل (ع 18).

  7. يجب إيفاء النذور مهما كلفنا (ع 14). والمؤمن الحقيقي لا يغيّر وإن حلف لضرره (مزمور 15: 4) وكثيرون ينسون نذورهم بعد نجاتهم. قيل إن أحد الوثنيين نذر لإلهه أن يذبح له مئة ثور إذا نجا من البحر وبعد نجاته رأى أن مئة ثور كثيرة عليه فبدل خروفاً بالثور وبعد التأمل اكتفى بكمية من البلح وتوجه إلى المعبد وفي طريقه أكل البلح وقدم لإلهه النوى فقط.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي

مضمونه: تسبيحة حنة (ع 1 - 11). الكهنة غير الأمناء (ع 12 - 17) خدمة صموئيل في الخيمة (ع 18 - 21). توبيح عالي لأبنائه وعدم استماعهم له (ع 22 - 26). كلام الله لعالي ونبوءته بسقوط بيته وكهنوته وإقامة كاهن أمين (ع 27 - 36).

تسبيحة حنة: هذه التسبيحة نبوءة لأن حنة رأت فيها مثال ما سيحدث في ملكوت الله في كل العصور وفي غلبتها على ضرتها مثال انتصار جميع المتكلمين على الرب. وفي هذه التسبيحة إشارة إلى المسيح الذي اتضع ليرتفع وإلى كنيسته التي وهي صغيرة وضعيفة في أولها تمت وامتدت وصارت ممالك العالم للمسيح. ونرى أن حنة لم تتكلم إلا قليلاً في أمرها الخاص ولكنها تكثر الكلام في أمور الله الجامعة. وخلاصة كلامها أن الخلاص من الرب وحده وهو موضوع تسبيحتها وليس مثله في القداسة والقدرة وعلى المفتخرين أن يسكتوا أمامه وهو يعرف أفكارهم ومقاصدهم وهو الملك القدير العادل فيضع المتكبرين ويرفع المتواضعين المتكلين عليه فيقهر أعداءه ويدين العالم ويقيم ملكوت مسيحه (انظر تسبيحة مريم العذراء لوقا 1: 46 - 55) و المشابهة بينها وبين تسبيحة حنة. وأما المشابهة ففي النفس والموضوع أكثر مما هو في الألفاظ. ولا عجب في ذلك لأن مريم شابهت حنة في إيمانها وتقواها وأحوالها (انظر أيضاً مزمور 113).

1 «فَصَلَّتْ حَنَّةُ: فَرِحَ قَلْبِي بِٱلرَّبِّ. ٱرْتَفَعَ قَرْنِي بِٱلرَّبِّ. اتَّسَعَ فَمِي عَلَى أَعْدَائِي، لأَنِّي قَدِ ٱبْتَهَجْتُ بِخَلاَصِكَ».

فيلبي 4: 6 لوقا 1: 46 الخ مزمور 92: 10 و112: 9 مزمور 9: 14 و13: 5 و20: 5 و35: 9

فَصَلَّتْ حَنَّةُ الكلام الآتي تسبيح وليس فيه طلبة ولكنه صلاة لأن التسبيح جزء من الصلاة كما ترى في (حبقوق ص 3 ومزمور 72: 20) حيث تسمت مزامير داود «صلوات» مع أن أكثرها تسبيح وشكر.

فَرِحَ قَلْبِي القلب مقرّ حياة الجسد ولكن أكثر استعمال الكلمة في الكتاب المقدس للقوى العقلية والعواطف والإرادة.

ٱرْتَفَعَ قَرْنِي يشير ارتفاع القرن إلى زيادة القوة (تثنية 33: 17) والكرامة (أيوب 16: 15). والتشبيه بثور يرفع رأسه علامة القوة والشجاعة والافتخار.

اتَّسَعَ فَمِي عَلَى أَعْدَائِي نستنتج من (ص 1: 6 و7) أن حنة كانت صامتة مدة عُقرها لأن ليس لها ما تتكلم به ولكن بعدما استجاب لها الرب وولدت ابناً زال عارها وتكلمت وصمت أعداؤها.

بِخَلاَصِكَ ابتهجت بخلاصها من ضيقها وابتهجت أيضاً لأن هذا الخلاص هو من الرب فكان علامة رضاه (لوقا 1: 47).

2 «لَيْسَ قُدُّوسٌ مِثْلَ ٱلرَّبِّ، لأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَكَ، وَلَيْسَ صَخْرَةٌ مِثْلَ إِلٰهِنَا».

خروج 15: 11 وتثنية 3: 24 و32: 4 ومزمور 86: 8 و89: 6 و8 تثنية 4: 35 و2صموئيل 22: 32 تثنية 32: 15 و37 وإشعياء 17: 10

قُدُّوسٌ فيلتجئ إليه كل مظلوم وكل تقي ومُخلِص النية بكل ثقة.

صَخْرَةٌ يُكنى بالصخرة عن القوة والثبات (تثنية 32: 4 و15 و31 و2صموئيل 22: 32).

3 «لاَ تُكَثِّرُوا ٱلْكَلاَمَ ٱلْعَالِيَ ٱلْمُسْتَعْلِيَ، وَلْتَبْرَحْ وَقَاحَةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ. لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهٌ عَلِيمٌ، وَبِهِ تُوزَنُ ٱلأَعْمَالُ».

مزمور 94: 4 وملاخي 3: 13 ويهوذا 15

يفتخر الناس بأمورهم الخارجية كالكسوة والأملاك والرتب والألقاب وربما يخجلون بأمورهم الداخلية لو ظهرت. فكيف يفتخر الإنسان أمام الله الذي يعرف سرائر القلب والحياة.

4 «قِسِيُّ ٱلْجَبَابِرَةِ ٱنْحَطَمَتْ وَٱلضُّعَفَاءُ تَمَنْطَقُوا بِٱلْبَأْسِ».

مزمور 37: 15 و17 و76: 3

نتعلّم أولاً أنه لا يجوز الاتكال على الخيرات الزمنية والقوة الجسدية لأن الإنسان عرضة للضعف والموت وأمواله عرضة للسلب والفساد. وثانياً أن جميع الناس بيد الله هم وأموالهم فيجازيهم عن شرورهم وإن غضّ النظر عنهم في الزمان الحاضر انظر انكسار سنحاريب وانتصار جدعون.

5 «ٱلشَّبَاعَى آجَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِٱلْخُبْزِ، وَٱلْجِيَاعُ كَفُّوا. حَتَّى أَنَّ ٱلْعَاقِرَ وَلَدَتْ سَبْعَةً، وَكَثِيرَةَ ٱلْبَنِينَ ذَبُلَتْ».

مزمور 34: 10 ولوقا 1: 53 و6: 25 مزمور 123: 9 إشعياء 54: وإرميا 5: 9

ٱلشَّبَاعَى آجَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِٱلْخُبْزِ أي من عوزهم التزموا أن يخدموا بالخبز اليومي فقط.

وَٱلْجِيَاعُ كَفُّوا أي شبعوا. فانقلبت الأحوال. وليس المعنى أن جميع الشباعى جاعوا وجميع الجياع شبعوا بل إن الأغنياء افتقروا والفقراء المتكلين على الرب استغنوا. ورب معترض يقول أننا لا نرى ذلك في أيامنا فنجيب أولاً إن الرب لا يكمل عمله في يوم واحد ولا في سنة واحدة. وثانياً إن كثيرين من الشباعى جسدياً جياع روحياً وكثيرين من فقراء هذا العالم أغنياء في ما لله.

ٱلْعَاقِرَ وَلَدَتْ سَبْعَةً والسبعة عدد الكمال أي ولدت كثيرين. وحنة ولدت ستة (ع 21). ونتعلم أن الرب ينظر إلى كل الناس ويعتني بأمورهم العظيمة كالحروب وسقوط الممالك وقيامها وأمورهم البيتية كولادة الأولاد وهموم النساء.

6 - 8 «6 ٱلرَّبُّ يُمِيتُ وَيُحْيِي. يُهْبِطُ إِلَى ٱلْهَاوِيَةِ وَيُصْعِدُ. 7 ٱلرَّبُّ يُفْقِرُ وَيُغْنِي. يَضَعُ وَيَرْفَعُ. 8 يُقِيمُ ٱلْمِسْكِينَ مِنَ ٱلتُّرَابِ. يَرْفَعُ ٱلْفَقِيرَ مِنَ ٱلْمَزْبَلَةِ لِلْجُلُوسِ مَعَ ٱلشُّرَفَاءِ وَيُمَلِّكُهُمْ كُرْسِيَّ ٱلْمَجْدِ. لأَنَّ لِلرَّبِّ أَعْمِدَةَ ٱلأَرْضِ، وَقَدْ وَضَعَ عَلَيْهَا ٱلْمَسْكُونَةَ».

تثنية 32: 39 وأيوب 5: 18 وهوشع 6: 1 تكوين 42: 38 أيوب 1: 21 مزمور 75: 7 مزمور 113: 7 و8 ودانيال 4: 17 ولوقا 1: 52 أيوب 36: 7 أيوب 38: 4 - 6 ومزمور 24: 2 و102: 25 و104: 5 وعبرانيين 1: 3

ٱلْهَاوِيَةِ أي القبر والمعنى إن الرب يُنزل الناس إلى القبر أي يُميتهم ويُصعد من حافة القبر أناساً كانوا مشرفين على الموت فيشفيهم. والأرجح إن الكلام لا يشير إلى القيامة من الأموات.

وَيُمَلِّكُهُمْ كُرْسِيَّ ٱلْمَجْدِ انظر نبأ يوسف الذي خرج من السجن ليتسلط على مصر والملك داود الذي كان راعياً للغنم ودانيال وزير بابل الذي كان أسيراً وغيرهم كثيرون. كما صبّت الأرملة الفقيرة الزيت في أوعية فارغة (2ملوك 4: 2 - 7) هكذا يصب الرب زيت نعمته في القلوب المنكسرة الفارغة من كل كبرياء وطمع.

أَعْمِدَةَ ٱلأَرْضِ لا نستنتج من القول إن الأرض مؤسسة على أعمدة حقيقية لأن علم الفلك يعلّمنا أن الأرض كرة تدور على محورها في كل 24 ساعة وتدور حول الشمس مرة واحدة في كل سنة ولا شيء في الكتاب يخالف العلوم الطبيعية. والمعنى أن الكل من الرب وهو خالق الكل وضابط الكل. والقول مجاز يعبّر عن العقليات بواسطة المادّيات.

9 «أَرْجُلَ أَتْقِيَائِهِ يَحْرُسُ، وَٱلأَشْرَارُ فِي ٱلظَّلاَمِ يَصْمُتُونَ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِٱلْقُوَّةِ يَغْلِبُ إِنْسَانٌ».

مزمور 91: 11 و121: 3

أَرْجُلَ أَتْقِيَائِهِ إشارة إلى سلوكهم اليومي. وكل تقي يطلب من الرب أن يرشده في الطريق الذي يجب أن يسلك فيه الأمر الذي لا يهتم له أهل هذا العالم. ويطلب أيضاً من الرب أن يحفظه من الحيدان عن الطريق المستقيم ومن السقوط في الخطيئة. وليس للتقي وعد أثمن من هذا أي إن الرب يحرس رجليه.

وَٱلأَشْرَارُ فِي ٱلظَّلاَمِ الله نور والذين يبعدون عنه هم في الظلام.

يَصْمُتُونَ لأنهم يسقطون في الهاوية والهلاك فصمتهم صمت الموت.

لَيْسَ بِٱلْقُوَّةِ يَغْلِبُ إِنْسَانٌ لا بالقوة الجسدية كقوة الجبابرة في الحرب ولا بقوة الكثرة كجيوش الملوك ولا بقوة العقل والمال بل بقوة الله. فعلى الإنسان أن يصلي ويتكل على الله وأن يراعي أول كل شيء العدل والحق والرحمة والمحبة وكل ما يأمرنا المسيح به ويقودنا إليه بقدرته.

10 «مُخَاصِمُو ٱلرَّبِّ يَنْكَسِرُونَ. مِنَ ٱلسَّمَاءِ يُرْعِدُ عَلَيْهِمْ. ٱلرَّبُّ يَدِينُ أَقَاصِيَ ٱلأَرْضِ، وَيُعْطِي عِزّاً لِمَلِكِهِ، وَيَرْفَعُ قَرْنَ مَسِيحِهِ».

مزمور 2: 9 ص 7: 10 ومزمور 18: 13 مزمور 96: 13 و98: 9 مزمور 89: 24

مُخَاصِمُو ٱلرَّبِّ الذين يسلكون حسب إرادتهم وغاياتهم النفسية ويجعلون مبادئهم العالمية مكان وصايا الله وتعليم الكتاب المقدس.

يُرْعِدُ عَلَيْهِمْ ليس الرعود الطبيعية بل غضب القدير المخيف لا يقدر أحد أن يقاومه أو يحتمله.

أَقَاصِيَ ٱلأَرْضِ رفعت حنة أفكارها عن نفسها وأمور بيتها حتى وعن شعبها اليهود أيضاً ونظرت إلى أقاصي الأرض فكانت نبية حقيقية تكلم فيها روح الله.

لِمَلِكِهِ لم يكن ملك في إسرائيل في زمانها ولكنها مع غيرها من الأتقياء كانت تتوقع إقامة ملك بناء على بعض أقوال الكتاب ووصاياه (تكوين 49: 10 وتثنية 17: 14).

مَسِيحِهِ أي الملك الممسوح وفي كلامها إشارة إلى الرب يسوع المسيح ونبوءة بأنه أولاً يضع نفسه ثم يرتفع قرنه أي يرتفع في القوة والمجد وتسود مملكته على الكل. ولا يلزمنا القول إن حنة فهمت كل مضمون كلامها بل إن روح الله جعل في فمها كلاماً يوافق مقصوده. وهذا أول ورود كلمة مسيح في الكتاب المقدس.

11 «وَذَهَبَ أَلْقَانَةُ إِلَى ٱلرَّامَةِ إِلَى بَيْتِهِ. وَكَانَ ٱلصَّبِيُّ يَخْدِمُ ٱلرَّبَّ أَمَامَ عَالِي ٱلْكَاهِنِ».

ع 18 وص 3: 1

ذَهَبَ أَلْقَانَةُ بعدما قدّم هو وحنة ابنهما صموئيل للرب (ص 1: 24 - 28).

ٱلرَّامَةِ (ص 1: 1).

يَخْدِمُ ٱلرَّبَّ كان عمره نحو ثلاث سنين لما قدّمه والداه للرب وربما في الأول خدمه النساء اللواتي كن عند الخيمة لأجل الخدمة (خروج 38: 8) وبعد ما كبر تعلم القراءة والكتابة وناموس الرب وكل ما يتعلق بالخدمة الدينية واستلم شيئاً من الخدمة. وكان أمام عالي أي كان عالي رئيس الكهنة والوكيل على كل الخدمة ولا شك أنه أحب الولد واعتني به في أمر تعليمه وتربيته وربما رأى في صموئيل ما عزاه عن سلوك ابنيه الرديء.

12 «وَكَانَ بَنُو عَالِي بَنِي بَلِيَّعَالَ، لَمْ يَعْرِفُوا ٱلرَّبَّ».

تثنية 13: 13 قضاة 2: 10 وإرميا 22: 16 ورومية 1: 28

بَلِيَّعَالَ (ص 1: 16).

لَمْ يَعْرِفُوا ٱلرَّبَّ كانوا كهنة وأبناء كاهن فعرفوا الرب بعض المعرفة ولكنهم لم يعرفوه معرفة حقيقية بل كانوا بكل أفكارهم ومقاصدهم وأميالهم بعيدين عن الله وإن كانوا في بيته ولم يعرفوا عظمة مسؤوليتهم كونهم خدمة الرب وخدمة شعبه ومختاريه لكي بواسطتهم يكلم الله شعبه ويعرف الشعب الله وأما هم فكانوا عثرة أمام الناس وأبعدوهم عن الرب وجعلوهم يجدفون.

ومن الأمور الغريبة وغير اللائقة أن يكون أولاد رجل صالح أشراراً. وليس لهذا الأمر تفسير كافٍ ولكننا نقول:

  1. لكل إنسان حرية فيختار لنفسه الحياة أو الموت وإيمان الوالدين لا يخلّص البنين ولا يُهلكهم عدم إيمان الوالدين (حزقيال 18: 1 - 20).

  2. إن الأم عليها المسؤولية العظمى في تربية الأولاد لا الأب وحده فمن المحتمل أن امرأة عالي كانت ماتت أو إنها كانت متكاسلة في تربية أولادها.

  3. إن أرباب الأعمال الكبيرة تلهيهم واجباتهم فلا يتمكنون من الاعتناء بأولادهم كما يجب. وعلى كل حال كان على عالي شيء من اللوم لأنه لم يؤدب أولاده لما كانوا صغاراً ولما كبروا لم يردعهم (أمثال 23: 13 و14) ولذلك عاقبه الله.

13 - 17 «13 وَلاَ حَقَّ ٱلْكَهَنَةِ مِنَ ٱلشَّعْبِ. كُلَّمَا ذَبَحَ رَجُلٌ ذَبِيحَةً يَجِيءُ غُلاَمُ ٱلْكَاهِنِ عِنْدَ طَبْخِ ٱللَّحْمِ، وَمِنْشَالٌ ذُو ثَلاَثَةِ أَسْنَانٍ بِيَدِهِ 14 فَيَضْرِبُ فِي ٱلْمِرْحَضَةِ أَوِ ٱلْمِرْجَلِ أَوِ ٱلْمِقْلَى أَوِ ٱلْقِدْرِ كُلُّ مَا يَصْعَدُ بِهِ ٱلْمِنْشَلُ يَأْخُذُهُ ٱلْكَاهِنُ لِنَفْسِهِ. هٰكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ ٱلآتِينَ إِلَى هُنَاكَ فِي شِيلُوهَ. 15 كَذٰلِكَ قَبْلَ مَا يُحْرِقُونَ ٱلشَّحْمَ يَأْتِي غُلاَمُ ٱلْكَاهِنِ وَيَقُولُ لِلرَّجُلِ ٱلذَّابِحِ: أَعْطِ لَحْماً لِيُشْوَى لِلْكَاهِنِ، فَإِنَّهُ لاَ يَأْخُذُ مِنْكَ لَحْماً مَطْبُوخاً بَلْ نَيْئاً. 16 فَيَقُولُ لَهُ ٱلرَّجُلُ: لِيُحْرِقُوا أَوَّلاً ٱلشَّحْمَ، ثُمَّ خُذْ مَا تَشْتَهِيهِ نَفْسُكَ. فَيَقُولُ لَهُ: لاَ، بَلِ ٱلآنَ تُعْطِي وَإِلاَّ فَآخُذُ غَصْباً. 17 فَكَانَتْ خَطِيَّةُ ٱلْغِلْمَانِ عَظِيمَةً جِدّاً أَمَامَ ٱلرَّبِّ، لأَنَّ ٱلنَّاسَ ٱسْتَهَانُوا بِتَقْدِمَةِ ٱلرَّبِّ».

تثنية 18: 3 لاويين 3: 3 و4 و5 و16 تكوين 6: 11 ملاخي 2: 8

حَقَّ ٱلْكَهَنَةِ مِنَ ٱلشَّعْبِ (لاويين 7: 28 - 38) كان الشحم للرب وعلى الكاهن أن يوقده على المذبح. والصدر والساق اليمنى للكاهن بعد ترديد الصدر ورفع الساق أمام الرب والباقي من المذبوح لمقدمه ليأكله. وأما أولاد عالي فسلبوا الشعب لأنهم أخذوا من حصته غصباً (ع 13 و14) وأهانوا الرب لأنه إيقاد الشحم الذي هو حصة الرب كانوا يأخذون ما أرادوا من اللحم. وأبناء عالي كانوا يعرفون واجباتهم نحو الرب ويعرفون حق الكاهن وحق الشعب ولكنهم تعاموا عن هذا ولم يعترفوا به وما اعتبروه. والغلمان في (ع 17) حفني وفينحاس أو كما يقول بعضهم خدامهما.

ٱسْتَهَانُوا بِتَقْدِمَةِ ٱلرَّبِّ لسبب سلوك حفني وفينحاس احتقروا الخدمة كلها. فما أعظم خطايا خدَمة الدين لأن الشعب ينظرون إليهم ويستنتجون فساد اعتقادهم من فساد سلوكهم فيرفضون الصالح والطالح معاً. ويظهر من ع 16 إن الشعب لم يستحسنوا عمل أبناء عالي وكانوا غيورين للرب أكثر من كهنتهم.

18 «وَكَانَ صَمُوئِيلُ يَخْدِمُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَهُوَ صَبِيٌّ مُتَمَنْطِقٌ بِأَفُودٍ مِنْ كَتَّانٍ».

ع 11 خروج 28: 4 وقضاة 8: 27 و17: 5 و2صموئيل 6: 14

كَانَ صَمُوئِيلُ يَخْدِمُ هنا مقابلة بين أبناء عالي وصموئيل. رأينا في أبناء عالي أعظم خطر على إسرائيل فإنه إذا فسد الكهنة لا يبقى من يرشد الشعب ويصلحهم فيسقط الدين العبادة والآداب كلها. وأما الرب فلم يترك شعبه بل أقام نبياً أميناً. وحسب الظاهر لا يقدر الولد صموئيل أن يقاوم الشرور الكثيرة العظيمة الفاشية بين الشعب عموماً ولا يقدر أن يقاوم الكهنة وأباهم القاضي ولكن الرب اختار هذا الولد وهو كآلة ضعيفة وأعطاه نعمته فصار رجلاً مقتدراً لقهر الشرور وإرجاع الشعب إلى الله.

أَفُودٍ من ألبسة الكهنة العادية وهو رداء من كتان أبيض طويل وفوقه منطقة. قيل في (ص 23: 9 و30: 7) إن داود سأل من الرب بواسطة أفود. وقيل في (قضاة 8: 28) إن جدعون صنع أفوداً وميخا أيضاً (قضاة 17: 5). وكان الأفود المشار إليه بهذه الآيات غير الأفود الذي لبسه صموئيل وربما هو الرداء المذكور في (خروج 28: 6 - 30) الذي كان عليه الأوريم والتميم.

19 «وَعَمِلَتْ لَهُ أُمُّهُ جُبَّةً صَغِيرَةً وَأَصْعَدَتْهَا لَهُ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ عِنْدَ صُعُودِهَا مَعَ رَجُلِهَا لِذَبْحِ ٱلذَّبِيحَةِ ٱلسَّنَوِيَّةِ».

لاويين 8: 7 ص 1: 3

جُبَّةً من صوف بلا كمّين تُلبس فوق القميص وتحت الأفود وكانت من ألبسة الشعب العادية. وكانت أمه تعمل له جبة كل سنة وتُصعدها له وهكذا حفظت العلاقات الحبيّة البيتية بينها وبين ابنها الغائب عنها. كان لم يزل ابنها وإن كانت قد قدمته للرب. وحينما نقدم أولادنا للرب لا نخسرهم بل نثبتهم لأنفسنا إلى الأبد. والفراق الذي نخاف منه ليس الفراق الجسدي الزمني بل ابتعادنا وابتعادهم عن الرب. وصلاتنا هي أنه يحفظنا نحن وأولادنا فنكون له كلنا إلى الأبد.

وليس ذكر جبة صموئيل أمراً زهيداً لأن فيه فائدة. كانت الجبة من أمه تشهد له كل سنة بمحبتها له وصلواتها الدائمة لأجله وكانت تذكره أنه مخصّص لخدمة الرب. فكانت كل جبة علامة تخصيص جديد. ولا شك أن محبة أمه وصلواتها وهديتها السنوية كانت من جملة الوسائل التي حفظته من السقوط في الخطايا العظيمة التي كان يراها حوله يومياً.

20 «وَبَارَكَ عَالِي أَلْقَانَةَ وَٱمْرَأَتَهُ وَقَالَ: يَجْعَلْ لَكَ ٱلرَّبُّ نَسْلاً مِنْ هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةِ بَدَلَ ٱلْعَارِيَّةِ ٱلَّتِي أَعَارَتْ لِلرَّبِّ. وَذَهَبَا إِلَى مَكَانِهِمَا».

تكوين 14: 19 ص 1: 28

يرجع الكلام إلى ما ذُكر في (ص 1: 21 - 28 و2: 11) أي بارك عالي ألقانة وامرأته بعد ما قدّما صموئيل للرب.

ٱلْعَارِيَّةِ (انظر تفسير ص 1: 28).

21 «وَلَمَّا ٱفْتَقَدَ ٱلرَّبُّ حَنَّةَ حَبِلَتْ وَوَلَدَتْ ثَلاَثَةَ بَنِينَ وَبِنْتَيْنِ. وَكَبِرَ ٱلصَّبِيُّ صَمُوئِيلُ عِنْدَ ٱلرَّبِّ».

تكوين 21: 1 قضاة 13: 24 وع 26 وص 3: 19 ولوقا 1: 8 و2: 40

ثَلاَثَةَ بَنِينَ وَبِنْتَيْنِ قدمت للرب واحداً وهو بكرها من الخمسة الذين وهبهم لها. «ٱطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ وَبِرَّهُ، وَهٰذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ» (متى 6: 33). «أَكْرِمِ ٱلرَّبَّ مِنْ مَالِكَ وَمِنْ كُلِّ بَاكُورَاتِ غَلَّتِكَ، فَتَمْتَلِئَ خَزَائِنُكَ شَبَعاً» (أمثال 3: 9 و10).

وَكَبِرَ عِنْدَ ٱلرَّبِّ ما أحلى نمو ولد عند الرب. فلا يلزم الولد أن ينتظر حتى يكبر فيقدم نفسه للرب بل يمكنه أن يكون له من الطفولية فتكون حياته كلها مباركة سعيدة. ونستنتج أن الرب اعتنى بصموئيل بعض الاعتناء فكان له أباً أفضل من أبيه وأمه في الجسد.

22 «وَشَاخَ عَالِي جِدّاً، وَسَمِعَ بِكُلِّ مَا عَمِلَهُ بَنُوهُ بِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَبِأَنَّهُمْ كَانُوا يُضَاجِعُونَ ٱلنِّسَاءَ ٱلْمُجْتَمِعَاتِ فِي بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

خروج 38: 8

ٱلْمُجْتَمِعَاتِ (خروج 38: 8) كن خادمات يقمنَ بخدمة الخيمة. فكانت خطيئة أبناء عالي أعظم لأنهم أفسدوا المخصصات للخدمة المقدسة. وكانت هذه القبائح في العبادة الوثنية في القديم ولا تزال فيها اليوم وهي معتبرة عندهم جزءًا من العبادة.

23، 24 «23 فَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا تَعْمَلُونَ مِثْلَ هٰذِهِ ٱلأُمُورِ؟ لأَنِّي أَسْمَعُ بِأُمُورِكُمُ ٱلْخَبِيثَةِ مِنْ جَمِيعِ هٰذَا ٱلشَّعْبِ. 24 لاَ يَا بَنِيَّ، لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَناً ٱلْخَبَرُ ٱلَّذِي أَسْمَعُ. تَجْعَلُونَ شَعْبَ ٱلرَّبِّ يَتَعَدَّوْنَ».

توبيخ عالي لطيف ضعيف مع أن الأمر احتاج إلى العمل بقساوة (تثنية 21: 18 - 21 وعدد 25: 1 - 13). وكانت طهارة الخدمة ونجاة الشعب من العشرة والقدوة الرديئة ومجد اسم الرب ألزم من شفقة الوالد على أولاده الأشرار. وربما أن عالي لم ينتبه إلى أعمال أبنائه القبيحة لولا تذمُّر الشعب.

25 «إِذَا أَخْطَأَ إِنْسَانٌ إِلَى إِنْسَانٍ يَدِينُهُ ٱللّٰهُ. فَإِنْ أَخْطَأَ إِنْسَانٌ إِلَى ٱلرَّبِّ فَمَنْ يُصَلِّي مِنْ أَجْلِهِ؟ وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ أَبِيهِمْ لأَنَّ ٱلرَّبَّ شَاءَ أَنْ يُمِيتَهُمْ».

عدد 15: 30 يشوع 11: 20 وأمثال 15: 10

إن الله يدين من أخطأ إلى الناس فكم بالحري من أخطأ إليه في الأمور المقدسة كالعبادة وخدمة بيت الله والتعليم الديني.

فَمَنْ يُصَلِّي مِنْ أَجْلِهِ إشارة إلى خطيئة لا تُغفر (متّى 12: 31) لأن خطيئتهم كانت عمداً مع الوسائل الكافية لمعرفة واجباتهم.

ٱلرَّبَّ شَاءَ أَنْ يُمِيتَهُمْ لا يشاء الرب أن يهلك الناس (2بطرس 3: 9) ولكن كان لأبناء عالي إنذار من أبيهم وفرص كثيرة للتوبة. فلم يرفضهم الرب إلا بعد ما كانوا رفضوه. وقساوة القلب وموت الضمير من نتائج الخطيئة عمداً وإصراراً وأعظم عقاب للخاطئ هو أن يتركه الله وينزع منه الروح القدس. وهذا العقاب يجلبه الإنسان على نفسه.

26 «وَأَمَّا ٱلصَّبِيُّ صَمُوئِيلُ فَتَزَايَدَ نُمُوّاً وَصَلاَحاً لَدَى ٱلرَّبِّ وَٱلنَّاسِ أَيْضاً».

ع 21 أمثال 3: 4 ولوقا 2: 52 وأعمال 2: 47 ورومية 14: 18

إن موضوع الأصحاح من ع 12 إلى آخره سلوك أبناء عالي الرديء ولكن الكاتب أدخل في وسط الكلام ذكر صموئيل أولاً في (ع 18 - 21) ثم في هذه الآية كأنه قصد المقابلة بين أولاد عالي وشرورهم وبين صموئيل وتقواه فخلط الكلام المحزن بكلام التعزية والرجاء.

لَدَى ٱلرَّبِّ وَٱلنَّاسِ أَيْضاً (لوقا 2: 52) ما يرضي الرب يرضي الناس أيضاً كالتواضع والمحبة والصدق والاستقامة وغيرها من الصفات الحميدة. وأما الذين يقاومون الصالحين فهم أصحاب الغايات كإخوة يوسف وشاول والكتبة والفريسيين في زمان المسيح والرسل.

27 «وَجَاءَ رَجُلُ ٱللّٰهِ إِلَى عَالِي وَقَالَ لَهُ: هٰكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ: هَلْ تَجَلَّيْتُ لِبَيْتِ أَبِيكَ وَهُمْ فِي مِصْرَ فِي بَيْتِ فِرْعَوْنَ»

1ملوك 13: 1 خروج 4: 14 و27

رَجُلُ ٱللّٰهِ لا نعرف من هو ولكنه كان نبياً أميناً شجاعاً. وإنذار عالي قبل سقوط بيته بزمان دليل على رحمة الله له. ومخاطبته وهو رئيس الكهنة بواسطة رجل آخر مما يدل على غضب الله.

هَلْ تَجَلَّيْتُ استفهام إيجابي أي الرب تجلى لبيت أبيه وانتخبه الخ. وهو للتشديد.

أَبِيكَ أي هارون (خروج 4: 14 و27 و12: 1 و43).

28 «وَٱنْتَخَبْتُهُ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ لِي كَاهِناً لِيَصْعَدَ عَلَى مَذْبَحِي وَيُوقِدَ بَخُوراً وَيَلْبَسَ أَفُوداً أَمَامِي، وَدَفَعْتُ لِبَيْتِ أَبِيكَ جَمِيعَ وَقَائِدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ!».

خروج 28: 1 و4 وعدد 16: 5 و18: 1 و7 لاويين 2: 3 و10 و6: 16 و7: 7 و8 و34 و35 و10: 14 و15 وعدد 5: 9 و10 و18: 8 - 19

وَٱنْتَخَبْتُهُ أي هارون (خروج 28: 1 - 4). وخدمة الكاهن المذكورة هنا ثلاث درجات. (1) تقديم الذبائح في الدار (2) إيقاد البخور في القدس (3) خدمة رئيس الكهنة لأن الأفود في أسفار موسى هو من ألبسته وليس من ألبسة الكهنة.

دَفَعْتُ لِبَيْتِ أَبِيكَ كان للكهنة جزء من الوقائد أي الذبائح وخبز الوجوه والعشور ومدنهم ومساريحها. وذكر ما أنعم به الرب عليهم يجب ان يخجلهم لأنهم أخطأوا بلا عذر إلى من أحسن إليهم وخانوا من كان أميناً معهم وأفسدوا شعب الله الخاص وأهلكوه.

29 «فَلِمَاذَا تَدُوسُونَ ذَبِيحَتِي وَتَقْدِمَتِي ٱلَّتِي أَمَرْتُ بِهَا فِي ٱلْمَسْكَنِ، وَتُكْرِمُ بَنِيكَ عَلَيَّ لِتُسَمِّنُوا أَنْفُسَكُمْ بِأَوَائِلِ كُلِّ تَقْدِمَاتِ إِسْرَائِيلَ شَعْبِي؟».

تثنية 32: 15 تثنية 12: 5 و6

لِمَاذَا تَدُوسُونَ الدوس علامة الاحتقار وأبناء عالي احتقروا الذبائح والتقدمات لأنهم أخذوها لأنفسهم وحسبوها مأكولات فقط ولم يروا فيها مغفرة الخطايا بدم المسيح الموعود به والشكر لله على رحمته واتحاد الإنسان مع الله بالإيمان وأنكروا حق الله فيها.

وَتُكْرِمُ بَنِيكَ عَلَيَّ إذا عزل عالي أولاده يُحتقرون وإذا أبقاهم يحتقر الرب فظهر من عدم عزلهم أن عالي فضّل أولاده على الرب. وفي أيامنا يغتاظ الرب على كل من يفضل نفسه وأولاده على الخدمة. ليست الكنيسة لأجل خادمها بل الخادم لأجل الكنيسة وليست المدرسة لأجل معلمها بل المعلم لأجل المدرسة.

30 «لِذٰلِكَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ: إِنِّي قُلْتُ إِنَّ بَيْتَكَ وَبَيْتَ أَبِيكَ يَسِيرُونَ أَمَامِي إِلَى ٱلأَبَدِ. وَٱلآنَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ: حَاشَا لِي! فَإِنِّي أُكْرِمُ ٱلَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي، وَٱلَّذِينَ يَحْتَقِرُونَنِي يَصْغُرُونَ».

خروج 29: 9 إرميا 18: 9 و10 مزمور 18: 20 و91: 14 ملاخي 2: 9

قال الرب (خروج 29: 9) إن الكهنوت كان لهارون وبنيه فريضة أبدية وجدد هذا الوعد لفينحاس بن أليعازار بن هارون (عدد 25: 1 - 13) لسبب غيرته. ولا نعرف كيف انتقل الكهنوت من نسل أليعازار إلى نسل إيثامار وربما لم يكن في نسل أليعازار ما كان في عالي من الاقتدار والاستحقاق. إن مواعيد الله صادقة وثابتة ولكنها بشرط الطاعة والإيمان وإذا خان أحد الكهنة يُعزل وأما الكهنوت فبقي إلى زمان المسيح وبما أن المسيح رئيس الكهنة والمرموز إليه سيبقى الكهنوت فيه إلى الأبد.

قُتل حفني وفينحاس (ع 11) وبعد زمان صار أخيطوب بن فينحاس كاهناً ثم ابناه أخيا وأخيمالك ثم أبياثار بن أخيمالك. وفي أيام سليمان عُزل أبياثار وتعيّن صادوق من نسل أليعازار وبقي الكهنوت لنسله إلى زمان المسيح. ويظن بعضهم أن أخيا وأخيمالك اسمان لشخص واحد.

فَإِنِّي أُكْرِمُ ٱلَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي نكرم الرب حينما نحفظ وصاياه ولا نعمل كما نريد ونعمل مشيئته لا مشيئتنا ونفضّله على جميع أحبائنا حتى الوالدين والنساء والأولاد. ويُكرمنا الرب لأنه يعدّنا من شعبه على الأرض ويعترف بنا في اليوم الأخير أمام الآب والملائكة.

31 «هُوَذَا تَأْتِي أَيَّامٌ أَقْطَعُ فِيهَا ذِرَاعَكَ وَذِرَاعَ بَيْتِ أَبِيكَ حَتَّى لاَ يَكُونَ شَيْخٌ فِي بَيْتِكَ».

ص 4: 11 و18 و20 و14: 3 و22: 18 الخ و1ملوك 2: 27 وحزقيال 44: 10

ذِرَاعَكَ قوّتك. وقوّة البيت شبانه. وقول الرب إنه قطع الشبان فلا يبقى منهم من يصير شيخاً. قتل الفلسطينيون حفني وفينحاس (ص 4: 11) وقتل دواغ في نوب خمسة وثمانين من الكهنة (ص 22: 18 و19).

32 «وَتَرَى ضِيقَ ٱلْمَسْكَنِ فِي كُلِّ مَا يُحْسَنُ بِهِ إِلَى إِسْرَائِيلَ، وَلاَ يَكُونُ شَيْخٌ فِي بَيْتِكَ كُلَّ ٱلأَيَّامِ».

زكريا 8: 4

تَرَى ضِيقَ ٱلْمَسْكَنِ أُخذ التابوت (ص 4: 11) ولم يرجع إلى شيلوه والظاهر إن الخيمة انتقلت إلى نوب (ص 21: 1 - 6) وجلبوع (ص 28: 4 - 6) وجبعون (1أيام 16: 29) وسقط اعتبارها وبعد أيام سليمان لم يبق لها ذكر.

فِي كُلِّ مَا يُحْسَنُ بِهِ إِلَى إِسْرَائِيلَ أحسن الرب إلى إسرائيل ببركات كثيرة بعد زمانه عالي فإنه أقام لهم صموئيل قاضياً ونبياً وخلّصهم في أيامه من الفلسطينيين ثم أقام لهم شاول ملكهم الأول وداود ووسع المملكة وثبّتها. ورأى نسل عالي تقدماً ونجاحاً وبركات كثيرة للملكة. ولكن شيلوه خربت خراباً تاماً وسقط اعتبار المسكن كثيراً عما كان في زمان عالي وما قبله.

33 «وَرَجُلٌ لَكَ لاَ أَقْطَعُهُ مِنْ أَمَامِ مَذْبَحِي يَكُونُ لإِكْلاَلِ عَيْنَيْكَ وَتَذْوِيبِ نَفْسِكَ. وَجَمِيعُ ذُرِّيَّةِ بَيْتِكَ يَمُوتُونَ شُبَّاناً».

وَرَجُلٌ لَكَ الكلام في عالي وفي نسله وأكثر البلايا المشار إليها أصابت نسله بعد موته (ص 22: 18 و19 و1ملوك 2: 27).

لاَ أَقْطَعُهُ الموت أحياناً من رحمة الرب ومن لا يقطعه الرب يكون محفوظاً ليحتمل شر البلايا.

34 «وَهٰذِهِ لَكَ عَلاَمَةٌ تَأْتِي عَلَى ٱبْنَيْكَ حُفْنِي وَفِينَحَاسَ: فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَمُوتَانِ كِلاَهُمَا».

1ملوك 13: 3 ص 4: 11

عَلاَمَةٌ (ص 4: 11) حينما مات ابناه عرف أن النبوءة كلها ستتمّ.

35 «وَأُقِيمُ لِنَفْسِي كَاهِناً أَمِيناً يَعْمَلُ حَسَبَ مَا بِقَلْبِي وَنَفْسِي، وَأَبْنِي لَهُ بَيْتاً أَمِيناً فَيَسِيرُ أَمَامَ مَسِيحِي كُلَّ ٱلأَيَّامِ».

1ملوك 2: 35 و1أيام 29: 22 وحزقيال 44: 15 و2صموئيل 7: 11 و27 و1ملوك 11: 38 مزمور 2: 2 و18: 50

كَاهِناً أَمِيناً يظن بعضهم أنه صادوق من نسل أليعازار بن هارون الذي عيّنه سليمان كاهناً عوضاً عن أبياثار الذي كان من نسل عالي وإيثامار (1ملوك 2: 27) والأرجح أن «الكاهن الأمين» المشار إليه هو صموئيل. لم يكن صموئيل كاهناً من بيت هارون ولكنه مارس منصب كاهن. صلى لأجل الشعب (ص 7: 9) وأصعد ذبائح (ص 7: 10) وبارك الذبيحة (ص 9: 12 و13) ومسح شاول ملكاً (ص 10: 11) ومسح داود (ص 16: 13). وربما كان أخيطوب بن فينحاس رئيس الكهنة ولكنه لم يُذكر والظاهر أنه كان كاهناً بالاسم فقط.

أَبْنِي لَهُ بَيْتاً أَمِيناً (انظر 1أيام 6: 33) الذي يظهر منه أن هيمان بن بوئيل بن صموئيل كان مغنياً في بيت الرب في زمان داود. وربما كان الوعد لصموئيل لكونه نبياً ومن أيامه فصاعداً كان أنبياء أمناء فيكون الأنبياء بيته الأمين.

أَمَامَ مَسِيحِي سار صموئيل أمام شاول الملك مسيح الرب وداود وكان مشيراً لهما والنبوءة كلها تمت تماماً في يسوع المسيح وهو الكاهن الأمين الذي عمل حسب كل ما في قلب الرب وقدم نفسه ذبيحة ليكفر عن خطايا شعبه وهو يشفع فيهم على الدوام وهو كاهنٌ إلى الأبد.

36 «وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَبْقَى فِي بَيْتِكَ يَأْتِي لِيَسْجُدَ لَهُ لأَجْلِ قِطْعَةِ فِضَّةٍ وَرَغِيفِ خُبْزٍ، وَيَقُولُ: ضُمَّنِي إِلَى إِحْدَى وَظَائِفِ ٱلْكَهَنُوتِ لآكُلَ كِسْرَةَ خُبْزٍ».

1ملوك 2: 27

قِطْعَةِ فِضَّةٍ وَرَغِيفِ خُبْزٍ إشارة إلى انحطاط بيت عالي الكليّ.

فوائد

  1. يجب الشكر بعد الخلاص وبعد استجابة الصلاة.

  2. يجب رفع أفكارنا عن أنفسنا إلى مجد الله وأمور ملكوته (ع 2 و10).

  3. إن الله يزن الأعمال (2) وليست عياراته كعيارات الناس لأن الناس يعتبرون القوة والجمال الجسدي والمال والحكمة البشرية وأما الرب فينظر إلى القلب والنيّة. وقد يكون المحتقرون عند الناس مكرّمين عند الرب.

  4. نجاح الأشرار وقتيٌّ وأما الحق فسينتصر إن لم يكن عاجلاً فآجلاً.

  5. يجب أن تبتدئ تربية الأولاد من الطفولية فيكونون أولاد الله من أول حياتهم. ومن واجبات الوالدين وقف أولادهم للرب وتعليمهم التعاليم الدينية وجلبهم إلى الكنيسة ومدرسة الأحد وتمرينهم في الخدمة الروحية.

  6. إهمال التربية تربية رديئة.

  7. لا يقدر الإنسان أن يجعل مسؤولية خطاياه على والديه وإن كانا أخطأا في تربيته.

  8. إن خطايا خدَمة الدين تستوجب عقاباً أعظم من عقاب خطايا غيرهم.

  9. لا ينفع اسم منصب مقدس ولا رتبهُ وملابسه وامتيازاته إن لم يكن صاحبه مقدساً في قلبه وسلوكه.

  10. إن الابتعاد عن الله يكون تدرجاً لا نشعر به فنعمل أخيراً بلا فكر ما كنا نشمئز منه في الأول. فيلزمنا أن نسهر ونصلي دائماً.

  11. إن الله ينبهنا مراراً قبل رفضه إيانا رفضاً تاماً فيكون التنبيه بواسطة رجل الله (ع 25) أو مرض أو حزن أو مصيبة فطوبى لمن ينتبه ويرجع عن خطيئته ما دام للتوبة مكان.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ

مضمونه: كلام الرب الأول لصموئيل وإصغاؤه إليه والنبوءة بعقاب خطايا بيت عالي.

1 «وَكَانَ ٱلصَّبِيُّ صَمُوئِيلُ يَخْدِمُ ٱلرَّبَّ أَمَامَ عَالِي. وَكَانَتْ كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ عَزِيزَةً فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ. لَمْ تَكُنْ رُؤْيَا كَثِيراً».

ص 2: 11 ع 21 ومزمور 74: 9 وعاموس 8: 11

ٱلصَّبِيُّ صَمُوئِيلُ قال يوسيفوس أن عمره كان اثنتي عشرة سنة، وسمى اليهود ابن اثنتي عشرة سنة ابن الشريعة فكان مسؤولاً في طاعتها. كان يسوع ابن اثنتي عشرة سنة حينما صعد أولاً إلى أورشليم ليعيّد عيد الفصح (لوقا 2: 42).

يَخْدِمُ (انظر تفسير ص 2: 11).

عَزِيزَةً لأنها نادرة ولعدم وجود أناس يتكلم الرب بواسطتهم. كان الرب قديماً يكلّم بعض الآباء والكهنة والرؤساء وفي سفر القضاة ذكر نبيين (قضاة 4: 4 و6: 8) ولكن لم يكن الأنبياء طبقة معروفة مميّزة. وأما صموئيل فأسس مدارس الأنبياء فتعلموا فيها التوراة ومبادئ الدين والعبادة. ومن المتلعمين فيها قام أنبياء فلم تتقطع سلسلتهم حتى انتهى قانون العهد القديم في ملاخي وصارت طبقة الأنبياء مع طبقة الكهنة والملوك. فكان كلام الرب هذا لصموئيل من أهم حوادث تاريخ شعب الله.

2، 3 «2 وَكَانَ فِي ذٰلِكَ ٱلزَّمَانِ إِذْ كَانَ عَالِي مُضْطَجِعاً فِي مَكَانِهِ وَعَيْنَاهُ ٱبْتَدَأَتَا تَضْعُفَانِ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُبْصِرَ. 3 وَقَبْلَ أَنْ يَنْطَفِئَ سِرَاجُ ٱللّٰهِ، وَصَمُوئِيلُ مُضْطَجِعٌ فِي هَيْكَلِ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي فِيهِ تَابُوتُ ٱللّٰهِ».

تكوين 27: 1 و48: 10 وص 2: 22 و4: 15 خروج 27: 21 ولاويين 34: 3 و2أيام 13: 11 ص 1: 9

وهذا الكلام يوضح أحوال رؤيا صموئيل وهي:

  1. كان عالي مضطجعاً في مكانه.

  2. لم يقدر أن يبصر وفي هذا القول ظهر سبب ركض صموئيل إليه لأنه ظن أن الشيخ الضعيف الأعمى العاجز طلب منه شيئاً من الخدمة.

  3. كانت الرؤيا قبل الصبح لأنها قبل ما انطفأ سراج الله وفي آخر الليل لأن الوقت ذُكر بالنسبة إلى الصبح وليس بالنسبة إلى المساء.

  4. كان صموئيل مضطجعاً في هيكل الرب أي في أحد الأبنية ليس في القدس أو في قدس الأقداس. والهيكل هو خيمة الاجتماع. وتابوت العهد مذكور لأنه كرسي الرب والمكان الذي فيه أظهر نفسه وتكلم منه.

سِرَاجُ ٱللّٰهِ المنارة (خروج 25: 31 - 37). وكان الكاهن يُصلح السرج كل صباح ويُصعدها أي يوقدها في العشية. وكانت المنارة في القدس.

4 - 6 «4 أَنَّ ٱلرَّبَّ دَعَا صَمُوئِيلَ، فَقَالَ: هَئَنَذَا. 5 وَرَكَضَ إِلَى عَالِي وَقَالَ: هَئَنَذَا لأَنَّكَ دَعَوْتَنِي. فَقَالَ: لَمْ أَدْعُ. ٱرْجِعِ ٱضْطَجِعْ. فَذَهَبَ وَٱضْطَجَعَ. 6 ثُمَّ عَادَ ٱلرَّبُّ وَدَعَا أَيْضاً صَمُوئِيلَ. فَقَامَ صَمُوئِيلُ وَذَهَبَ إِلَى عَالِي وَقَالَ: هَئَنَذَا لأَنَّكَ دَعَوْتَنِي. فَقَالَ: لَمْ أَدْعُ يَا ٱبْنِي. ٱرْجِعِ ٱضْطَجِعْ».

هَئَنَذَا كان مستعداً ليسمع الكلام ويعلم بموجبه غير أنه ظن أن عالي هو المتكلم وكان ركضه يدل على رغبته في خدمة الكاهن العاجز.

7 «وَلَمْ يَعْرِفْ صَمُوئِيلُ ٱلرَّبَّ بَعْدُ، وَلاَ أُعْلِنَ لَهُ كَلاَمُ ٱلرَّبِّ بَعْدُ».

أعمال 19: 2

لَمْ يَعْرِفْ ٱلرَّبَّ قيل في (ص 2: 12) أن بني عالي «لم يعرفوا الرب» أي لم يعرفوه معرفة الإيمان والطاعة والمحبة والاختبار الروحي غير أنهم عرفوه بالاسم وبالفرائض الجسدية. وأما صموئيل فعرف الرب بالمعنى الأول والثاني ولكن لم تكن قد أتته رؤيا بعد ولم يسمع صوت الرب.

8 «وَعَادَ ٱلرَّبُّ فَدَعَا صَمُوئِيلَ ثَالِثَةً. فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى عَالِي وَقَالَ: هَئَنَذَا لأَنَّكَ دَعَوْتَنِي. فَفَهِمَ عَالِي أَنَّ ٱلرَّبَّ يَدْعُو ٱلصَّبِيَّ».

ثَالِثَةً دليل على صبر صموئيل ورغبته في خدمة عالي لأنه قام من النوم ثلاث مرات وذهب إليه. أطاع سيده الأرضي الذي كان يراه إطاعة الله السيد السماوي الذي لم يره بعد.

فَفَهِمَ عَالِي كان سمع كلاماً بواسطة رجل الله (ص 2: 27) وربما فهم أن الرب قصد أن يكلمه بواسطة صموئيل أيضاً. وعرف من تاريخ إسرائيل إن الرب كان يكلم عبيده قديماً برؤى.

9 «فَقَالَ عَالِي لِصَمُوئِيلَ: ٱذْهَبِ ٱضْطَجِعْ، وَيَكُونُ إِذَا دَعَاكَ تَقُولُ: تَكَلَّمْ يَا رَبُّ لأَنَّ عَبْدَكَ سَامِعٌ. فَذَهَبَ صَمُوئِيلُ وَٱضْطَجَعَ فِي مَكَانِهِ».

ٱذْهَبِ ٱضْطَجِعْ يدل على الانتظار والاستعداد للاستماع فلا شك أنه أثر هذا الكلام في الصبي تأثيراً عظيماً إذ فهم أن الرب مزمع أن يكلمه ويكرمه ويختاره نبياً لنفسه وإن اضطجع لم يمكنه أن يغفو وهو منتظر انتظاراً شديداً. وفي أيامنا يكلم الرب الناس بواسطة الكتاب المقدس والضمير وكلام الأتقياء وليس برؤى ولا بصوت مسموع. ولا شك أنه يكلم بعضهم على نوع خاص وهم الذين ينتظرون ويصغون إلى كلامه كعبيده فيرون في الكتاب وعبادة الله ما لا يراه غيرهم.

10 «فَجَاءَ ٱلرَّبُّ وَوَقَفَ وَدَعَا كَٱلْمَرَّاتِ ٱلأُوَلِ: صَمُوئِيلُ صَمُوئِيلُ. فَقَالَ صَمُوئِيلُ: تَكَلَّمْ لأَنَّ عَبْدَكَ سَامِعٌ».

جَاءَ وَوَقَفَ كان في الأول صوت ثم منظر فرأى صموئيل الرب في رؤيا.

تَكَلَّمْ لأَنَّ عَبْدَكَ سَامِعٌ كما علّمه عالي أن يقول (ع 9) ولم يكن صموئيل مستغرقاً في النوم بل كان مستيقظاً منتبهاً.

11، 12 «11 فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: هُوَذَا أَنَا فَاعِلٌ أَمْراً فِي إِسْرَائِيلَ كُلُّ مَنْ سَمِعَ بِهِ تَطِنُّ أُذُنَاهُ. 12 فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أُقِيمُ عَلَى عَالِي كُلَّ مَا تَكَلَّمْتُ بِهِ عَلَى بَيْتِهِ. أَبْتَدِئُ وَأُكَمِّلُ».

2ملوك 21: 12 وإرميا 19: 3 ص 2: 30 - 36

أَنَا فَاعِلٌ أَمْراً عند الرب المستقبل كالحاضر وربما أن الأمر المشار إليه هو موت عالي وكسرة الفلسطينيين لإسرائيل وهذا تم بعد دعوة صموئيل بعشر سنين (انظر المقدمة).

تَطِنُّ أُذُنَاهُ (انظر 2ملوك 21: 12) حيث استُعملت نفس العبارة لتعبّر عن خراب أورشليم والهيكل. وكانت عظمة البلية المشار إليها في انكسار إسرائيل وموت عالي رئيس الكهنة وقتل ابنيه وأخذ تابوت الله وخراب المسكن في شيلوه فيكون خبر هذه البلية كضربة شديدة على الأذنين.

أَبْتَدِئُ وَأُكَمِّلُ من الأول إلى الأخير أي النبوءة المخيفة كلها.

13، 14 «13 وَقَدْ أَخْبَرْتُهُ بِأَنِّي أَقْضِي عَلَى بَيْتِهِ إِلَى ٱلأَبَدِ مِنْ أَجْلِ ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ بَنِيهِ قَدْ أَوْجَبُوا بِهِ ٱللَّعْنَةَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلَمْ يَرْدَعْهُمْ. 14 وَلِذٰلِكَ أَقْسَمْتُ لِبَيْتِ عَالِي أَنَّهُ لاَ يُكَفَّرُ عَنْ شَرِّ بَيْتِ عَالِي بِذَبِيحَةٍ أَوْ بِتَقْدِمَةٍ إِلَى ٱلأَبَدِ».

ص 2: 29 و30 و31 الخ حزقيال 7: 3 و18: 30 ص 2: 12 و17 و22 ص 2: 23 و25 عدد 15: 30 و31 وإشعياء 22: 14

وَقَدْ أَخْبَرْتُهُ بواسطة رجل الله (ص 2: 27 - 36).

أَقْضِي عَلَى بَيْتِهِ أعاقبهم على خطاياهم.

ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي يَعْلَمُ خطيئة عالي بأنه علم شرور أبنائه ولم يردعهم. فإنه كان يجب أن يعزلهم عن منصبهم المقدس ويتصرف معهم كما كان يتصرف لو لم يكونوا أبناءه. ولعدم عزله إياهم عُدّ كأنه كان مشاركاً لهم في شرورهم ومتفقاً معهم.

أَوْجَبُوا بِهِ ٱللَّعْنَةَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ عملوا ما يستوجب اللعنة فلا عذر لهم في خطاياهم ولا عذر لأبيهم في سكوته عنهم. وهذا كله منهم فأهلكوا أنفسهم لأنه لولا خطاياهم هذه لما سلمهم الرب للفلسطينيين. والهالكون يجنون على نفوسهم. وكلام الرب لصموئيل مختصر أكثر من كلامه لرجل الله المذكور في (ص 2: 27 - 36) لأن صموئيل كان ولداً يصعب عليه أن يقول هذا الكلام القاسي للكاهن الذي كان له في منزلة أب. ولا لزوم لتكرار الكلام كله لأن عالي وبنيه لم ينتبهوا إلى الكلام الأول. والكلام يتعلق بالمصائب الجسدية في هذا العالم ولكن إذا تاب أحد من نسل عالي وعمل المستقيم في عيني الرب لا تهلك نفسه في الآخرة إن خسر من جهة الجسديات في هذا العالم بسبب خطايا أسلافه (حزقيال ص 18). وفي زمان سليمان انتقل الكهنوت إلى نسل العازار ولم يرجع إلى نسل إيثامار أبداً.

15 «وَٱضْطَجَعَ صَمُوئِيلُ إِلَى ٱلصَّبَاحِ، وَفَتَحَ أَبْوَابَ بَيْتِ ٱلرَّبِّ. وَخَافَ صَمُوئِيلُ أَنْ يُخْبِرَ عَالِيَ بِٱلرُّؤْيَا».

فَتَحَ أَبْوَابَ بَيْتِ ٱلرَّبِّ كان لمدخل الخيمة سجف (خروج 26: 36) والمقصود هنا أبواب سور الدار. والقول يبيّن نوع خدمة صموئيل في الزمان المذكور (1أيام 15: 23 ومزمور 84: 10). ولم تُسلَّم خدمة من هذا النوع إلا لمن يُوثَق به.

وَخَافَ صَمُوئِيلُ ليس من غضب عالي ولا مما سيقوله أو يعمله لأن صموئيل كان يحبه ولم يرد أن يقول له ما يكدّره وهو رئيس الكهنة وشيخ أكبر منه سناً.

16 - 18 «16 فَدَعَا عَالِي صَمُوئِيلَ وَقَالَ: يَا صَمُوئِيلُ ٱبْنِي. فَقَالَ: هَئَنَذَا. 17 فَقَالَ: مَا ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي كَلَّمَكَ بِهِ؟ لاَ تُخْفِ عَنِّي. هٰكَذَا يَعْمَلُ لَكَ ٱللّٰهُ وَهٰكَذَا يَزِيدُ إِنْ أَخْفَيْتَ عَنِّي كَلِمَةً مِنْ كُلِّ ٱلْكَلاَمِ ٱلَّذِي كَلَّمَكَ بِهِ. 18 فَأَخْبَرَهُ صَمُوئِيلُ بِجَمِيعِ ٱلْكَلاَمِ وَلَمْ يُخْفِ عَنْهُ. فَقَالَ: هُوَ ٱلرَّبُّ. مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ يَعْمَلُ».

راعوث 1: 17 أيوب 1: 21 و2: 10 ومزمور 39: 9 وإشعياء 39: 8

دَعَا عَالِي صَمُوئِيلَ صباحاً.

ٱلَّذِي كَلَّمَكَ بِهِ لم يقل كلمك الرب به لأنه لم يتأكد بعد أنه الرب ولكن بعد ما سمع كلام صموئيل كله قال «هو الرب». واستحلف صموئيل لأنه عرف إن الكلام ثقيل ومما يخاف صموئيل من إظهاره.

فَأَخْبَرَهُ صَمُوئِيلُ بِجَمِيعِ ٱلْكَلاَمِ يجب الصدق الكامل في كل الأحوال والأمانة في الإنذار فلا يجوز لنا أن نخفي عن أصدقائنا شيئاً مما يلزم معرفته كالمريض المشرف على الموت والغائب إذا مات أحد من أهله ومن أخطأ خطيئة أو وقع في تجربة.

هُوَ ٱلرَّبُّ (انظر خروج 34: 5 - 7). وظهر من كلام عالي هذا أنه كان رجلاً صالحاً خاف الله وسلّم لإرادته وإن كان قد أخطأ في تربية أولاده. راجع صمت هارون عندما وبخه الرب (لاويين 10: 3) وتسليم أيوب (أيوب 1: 21 و2: 10) وحزقيا (إشعياء 39: 8) ومع ذلك لا ننسى أن ضعف الإيمان والكسل والخوف هي من الخطايا العظيمة.

19 «وَكَبِرَ صَمُوئِيلُ وَكَانَ ٱلرَّبُّ مَعَهُ، وَلَمْ يَدَعْ شَيْئاً مِنْ جَمِيعِ كَلاَمِهِ يَسْقُطُ إِلَى ٱلأَرْضِ».

ص 2: 21 تكوين 39: 2 و21 و23 ص 9: 6

كَانَ ٱلرَّبُّ مَعَهُ كما كان مع جميع أبطال الإيمان. كإبراهيم (تكوين 21: 22) ويعقوب (تكوين 28: 15) ويوسف (تكوين 39: 2) وموسى (خروج 3: 12) ويشوع (يشوع 1: 5) وجدعون (قضاة 6: 16) وداود (ص 16: 18).

يَسْقُطُ إِلَى ٱلأَرْضِ كان إتمام نبوءاته شهادة له أنه نبيّ من قبَل الرب.

20 «وَعَرَفَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ أَنَّهُ قَدِ ٱؤْتُمِنَ صَمُوئِيلُ نَبِيّاً لِلرَّبِّ».

تكوين 21: 31 وقضاة 20: 1 1كورنثوس 9: 17 وغلاطية 2: 7

مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ كانت دان في أقصى الشمال وبئر سبع في أقصى الجنوب فالقول يُكنى به عن الأرض كلها. ودان هي المسمى تلّ القاضي اليوم (يشوع 19: 47) وبئر سبع هي المعروفة بهذا الاسم اليوم (تكوين 21: 29 - 31 و26: 31 - 33) انظر قاموس الكتاب.

قَدِ ٱؤْتُمِنَ صَمُوئِيلُ نَبِيّاً لِلرَّبِّ انظر القول في (ص 2: 35) «كاهناً أميناً». وكانت دعوى صموئيل بداءة إتمام تلك النبوءة.

21 «وَعَادَ ٱلرَّبُّ يَتَرَاءَى فِي شِيلُوهَ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ ٱسْتَعْلَنَ لِصَمُوئِيلَ فِي شِيلُوهَ بِكَلِمَةِ ٱلرَّبِّ».

ع 1 و4

وَعَادَ ٱلرَّبُّ قيل في (ع 1) إن كلمة الرب كانت عزيزة أي قليلة الوجود ولكن بعد دعوة صموئيل عاد الرب يتراءى في شيلوه ويكلم الشعب بواسطة صموئيل. فإنه ابتعد عن إسرائيل في زمان الكهنة غير الأمناء ورجع لإسرائيل بعد ما أقام لهم كاهناً أميناً.

فوائد

  1. لأيام الانحطاط نهاية ولا تنقطع رحمة الرب فلا بد من إتيان أيام الفرج.

  2. إن الرب لا يترك شعبه إلى الأبد بل يقيم لهم من يخدمهم في وقت احتياجهم كما أقام يوسف ليطعمهم في الجوع وموسى لينقذهم من العبودية والقضاة ليخلصوهم لما تابوا ورجعوا إليه. وهكذا يفعل في كل عصر. وقد يكون أعظم الشدائد دليلاً على اقتراب يوم الخلاص كظلام دامس قبل الفجر.

  3. يُطلب من الرجل الذي يقيمه الرب لخدمة شعبه الإصغاء لكلام القدير والطاعة الكاملة والتواضع والطهارة والأمانة والغيرة للرب.

  4. لا شيء أحب من كلمة الله.

  5. كلمة الرب هي لكل من يقبلها كبيراً كان أم صغيراً.

  6. كثيراً ما يدعو الله والإنسان لا يعلم.

  7. إن الأب الجاهل والضعيف لا يؤدب أولاده وأما الآب السماوي الذي يعلم كل شي ويحب أولاده محبة حقيقية فيؤدبهم.

  8. من يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل فذلك خطيئة له (يعقوب 4: 17).

  9. على المرسل من قبل الرب أن يخبر بكل مشورة الله (أعمال 20: 27).

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ

مضمونه: كسر الفلسطينيين لإسرائيل في أفيق وأخذ تابوت العهد وموت عالي عندما سمع خبر قتل ابنيه حفني وفينحاس وأخذ التابوت وموت امرأة فينحاس بعدما ولدت إيخابود.

1 «وَكَانَ كَلاَمُ صَمُوئِيلَ إِلَى جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ. وَخَرَجَ إِسْرَائِيلُ لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لِلْحَرْبِ وَنَزَلُوا عِنْدَ حَجَرِ ٱلْمَعُونَةِ، وَأَمَّا ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ فَنَزَلُوا فِي أَفِيقَ».

ص 5: 1 و7: 12 يشوع 12: 18 و13: 4 و19: 30 وص 29: 1

وَكَانَ كَلاَمُ صَمُوئِيلَ إِلَى جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ هذه العبارة تتمة للكلام السابق فليس المعنى أن خروج إسرائيل لمحاربة الفلسطينيين كان بأمر صموئيل بل أن الرب استعلن لصموئيل في شيلوه فكلم صموئيل جميع إسرائيل واعتبروه نبياً وقاضياً.

لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ قيل في (قضاة 13: 1) إن الرب دفع إسرائيل ليد الفلسطينيين أربعين سنة وربما أن الحوادث المذكورة في هذا الأصحاح كانت في منتصف هذه المدة. وكان بين الإسرائيليين والفلسطينيين حروب كثيرة من أيام القضاة والملوك إلى أيام المكابيين.

حَجَرِ ٱلْمَعُونَةِ تسمى بهذا الاسم بعد الحوادث المذكورة بعشرين سنة (ص 7: 12).

أَفِيقَ كان نحو خمس مدن بهذا الاسم وكانت المذكورة هنا على تخم يهوذا وبنيامين اسمها الآن بلدة الفوقة وكانت قريبة من حجر المعونة.

2 «وَٱصْطَفَّ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ لِلِقَاءِ إِسْرَائِيلَ، وَٱشْتَبَكَتِ ٱلْحَرْبُ فَٱنْكَسَرَ إِسْرَائِيلُ أَمَامَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَضَرَبُوا مِنَ ٱلصَّفِّ فِي ٱلْحَقْلِ نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلاَفِ رَجُلٍ».

انكسر إسرائيل في الحقل ولكنهم رجعوا إلى المحلة وأما انهزامهم النهائي فكان بعد ذلك (ع 10).

3 «فَجَاءَ ٱلشَّعْبُ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ. وَقَالَ شُيُوخُ إِسْرَائِيلَ: لِمَاذَا كَسَّرَنَا ٱلْيَوْمَ ٱلرَّبُّ أَمَامَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ؟ لِنَأْخُذْ لأَنْفُسِنَا مِنْ شِيلُوهَ تَابُوتَ عَهْدِ ٱلرَّبِّ فَيَدْخُلَ فِي وَسَطِنَا وَيُخَلِّصَنَا مِنْ يَدِ أَعْدَائِنَا».

فَجَاءَ ٱلشَّعْبُ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ لفظة «شعب» تشير إلى عدم وجود جيش منظم فكانت الحرب للشعب كلهم.

وَقَالَ شُيُوخُ إِسْرَائِيلَ كان رؤساء البيوت الحكام الأولين وذلك بلا انتخاب أو تعيين وكان للإسرائيليين شيوخ في مصر قبل الخروج. وفي القفر تعيّن سبعون من الشيوخ ليساعدوا موسى في الحكم على الشعب (عدد 11: 16). وبعد حلولهم في أرض كنعان ذُكر شيوخ مدن (يشوع 20: 4 وقضاة 8: 16 وراعوث 4: 2 و1صموئيل 30: 26 و2صموئيل 19: 11). وشيوخ إسرائيل المجموعون هم الذين تبصروا في أمر الحرب (ع 3) وأمور سياسية (ص 8: 4 و5) وفي ما يمسُّ عموم الشعب (قضاة 21: 16).

لِمَاذَا كَسَّرَنَا ٱلرَّبُّ اعترفوا بأن انكسارهم هو من الرب ولكنهم جهلوا أن خطاياهم أبعدتهم عنه.

فَيَدْخُلَ فِي وَسَطِنَا ظنوا أنه من الضرورة أن الرب يحضر متى حضر التابوت فغيرته لتابوته تحمله على أن ينصر شعبه. وأما الشيوخ فليس لهم أن يحكموا في أمر التابوت بل الكهنة وهؤلاء عليهم أن يسألوا الرب قبل أخذه وإذا أخذوه دون إرادته لا يكون هو مع التابوت ولا معهم لينصرهم.

4 «فَأَرْسَلَ ٱلشَّعْبُ إِلَى شِيلُوهَ وَحَمَلُوا مِنْ هُنَاكَ تَابُوتَ عَهْدِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ ٱلْجَالِسِ عَلَى ٱلْكَرُوبِيمِ. وَكَانَ هُنَاكَ ٱبْنَا عَالِي حُفْنِي وَفِينَحَاسُ مَعَ تَابُوتِ عَهْدِ ٱللّٰهِ».

2صموئيل 6: 2 ومزمور 80: 1 و99: 1 خروج 25: 18 و22 وعدد 7: 89

رَبِّ ٱلْجُنُودِ ٱلْجَالِسِ عَلَى ٱلْكَرُوبِيمِ (خروج 25: 18 - 22) أي المكان الذي كان الرب يُظهر نفسه فيه ويتكلم منه.

حُفْنِي وَفِينَحَاسُ مَعَ تَابُوتِ عَهْدِ ٱللّٰهِ اعتبروا حرف الناموس لأن حفني وفينحاس كانا كاهنين لابسين حُللهما الرسمية ومعهما الأوريم والتميم ولكنهما كانا بلا تقوى قلبية مدنسين بخطايا قبيحة فظيعة. ومثلهما كان الشعب عموماً إذ كان لهم صورة الدين لا جوهره.

5 «وَكَانَ عِنْدَ دُخُولِ تَابُوتِ عَهْدِ ٱلرَّبِّ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ أَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ هَتَفُوا هُتَافاً عَظِيماً حَتَّى ٱرْتَجَّتِ ٱلأَرْضُ».

هَتَفُوا لاتكالهم الباطل على وجود التابوت معهم غير أن هذا التابوت هو صندوق خشب فقط لا يقدر أن ينفعهم من نفسه وهم المغضوب عليهم لأنهم أهانوا الله بخطاياهم وأهانوه أيضاً إذ جعلوا للتابوت الاعتبار الذي يليق بالرب وحده.

ٱرْتَجَّتِ ٱلأَرْضُ ليس هذا حقيقة بل مجازاً وفي الكلام مبالغة تصف الهتاف العظيم. ومثل هذا كثير في كل اللغات.

6 - 8 «6 فَسَمِعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ صَوْتَ ٱلْهُتَافِ فَقَالُوا: مَا هُوَ صَوْتُ هٰذَا ٱلْهُتَافِ ٱلْعَظِيمِ فِي مَحَلَّةِ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ؟ وَعَلِمُوا أَنَّ تَابُوتَ ٱلرَّبِّ جَاءَ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ. 7 فَخَافَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ لأَنَّهُمْ قَالُوا: قَدْ جَاءَ ٱللّٰهُ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ. وَقَالُوا: وَيْلٌ لَنَا لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُ هٰذَا مُنْذُ أَمْسِ وَلاَ مَا قَبْلَهُ! 8 وَيْلٌ لَنَا! مَنْ يُنْقِذُنَا مِنْ يَدِ هٰؤُلاَءِ ٱلآلِهَةِ ٱلْقَادِرِينَ؟ هٰؤُلاَءِ هُمُ ٱلآلِهَةُ ٱلَّذِينَ ضَرَبُوا مِصْرَ بِجَمِيعِ ٱلضَّرَبَاتِ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ».

ٱلْعِبْرَانِيِّينَ معنى الكلمة الأصلي الذين عبروا أي الذين أتوا من الشرق وعبروا نهر الفرات والإسرائيليون عبرانيون لأنهم من نسل عابر الذي أتى من عبر الفرات (تكوين 10: 21 - 30). والاسم مستعمل للتمييز بين الإسرائيليين والأمم.

فَخَافَ ما كان للإسرائيليين سبباً للهتاف كان للفلسطينيين سبباً للخوف لأنهم ظنوا أن وجود التابوت يستلزم وجود إله التابوت أي أن إله الإسرائيليين مثل آلهتهم الذين لا ينفصلون عن تماثيلهم.

ٱلآلِهَةِ ٱلْقَادِرِينَ ذكروا بصيغة الجمع لأنهم وثنيون لهم آلهة كثيرة وظنوا أنه للإسرائيليين أيضاً آلهة كثيرة.

ٱلَّذِينَ ضَرَبُوا مِصْرَ الخ إشارة إلى طرح المصريين في البحر الذي شطّه طرف البرية (خروج 13: 20) وجعلوا الضربات في البرية لأنهم لم يميزوا بين ما حدث في مصر وبين ما حدث في البرية.

9 «تَشَدَّدُوا وَكُونُوا رِجَالاً أَيُّهَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ لِئَلاَّ تُسْتَعْبَدُوا لِلْعِبْرَانِيِّينَ كَمَا ٱسْتُعْبِدُوا هُمْ لَكُمْ. فَكُونُوا رِجَالاً وَحَارِبُوا».

1كورنثوس 16: 13 قضاة 13: 1

تَشَدَّدُوا لم يحملهم خوفهم على الفشل بل على زيادة البأس والشجاعة. فصاروا مثالاً لنا وإن كانوا وثنيين يجب أن تتشدد في الضيقات ولا نفشل وإذا تعاظم الخطر فلنتعاظم أيضاً شجاعتنا.

لِئَلاَّ تُسْتَعْبَدُوا تذكروا ما كانوا عملوه للعبرانيين من القساوة والظلم (قضاة 13: 1) وحسبوا أن الإسرائيليين سيفعلون هكذا بهم إذا انتصروا في هذه الحرب. ويظهر من (ص 14: 21) أنه كان للفلسطينيين عبيد من الإسرائيليين.

10 «فَحَارَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ، وَٱنْكَسَرَ إِسْرَائِيلُ وَهَرَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ. وَكَانَتِ ٱلضَّرْبَةُ عَظِيمَةً جِدّاً. وَسَقَطَ مِنْ إِسْرَائِيلَ ثَلاَثُونَ أَلْفَ رَاجِلٍ».

لاويين 26: 17 وتثنية 28: 25 وع 2 ومزمور 78: 9 و62

كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ ينكسر الجيش أحياناً ويرجع إلى الوراء ولكنه يحفظ نظامه وأما الإسرائيليون فانكسروا كل الانكسار ولم يبقَ لهم نظام مطلقاً. ولفظة «خيمة» تفيد معنى مسكن والمسكن يكون خيمة أو بيت من الحجارة (2صموئيل 20: 1).

ثَلاَثُونَ أَلْفَ رَاجِلٍ الراجل الماضي وهو خلاف الفارس. قيل «راجل» لأن ليس للإسرائيليين خيل ومركبات. وفي الحروب القديمة كان الغالبون يتبعون الهاربين ويذبحونهم بلا رحمة وإن كانوا قد سلّموا.

11 «وَأُخِذَ تَابُوتُ ٱللّٰهِ. وَمَاتَ ٱبْنَا عَالِي حُفْنِي وَفِينَحَاسُ».

ص 2: 32 ومزمور 78: 61 ص 2: 34 ومزمور 78: 64

لا تتصور خسارة أعظم من المشار إليها. سقطت كهنتهم وقضاتهم وتركهم الرب إلههم فلم يبقَ لهم ما يستندون عليه. وكان موت حفني وفينحاس العلامة المذكورة في (ص 2: 34) لسقوط بيت عالي النهائي (انظر مزمور 78: 56 - 64).

12 «فَرَكَضَ رَجُلٌ مِنْ بِنْيَامِينَ مِنَ ٱلصَّفِّ وَجَاءَ إِلَى شِيلُوهَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ وَثِيَابُهُ مُمَزَّقَةٌ وَتُرَابٌ عَلَى رَأْسِهِ».

2صموئيل 1: 2 يشوع 7: 6 و2صموئيل 13: 19 و15: 32 ونحميا 9: 1 وأيوب 2: 12

فَرَكَضَ رَجُلٌ كان الراكض في القديم مهما كالتلغراف اليوم فكان للراكض اعتبار (2صموئيل 18: 19). وكانت شيلوه على بُعد 20 ميلاً من حجر المعونة أي مكان الحرب وكانت الثياب الممزقة والتراب على الرأس علامة أعظم حزن (يشوع 7: 6 و2صموئيل 1: 2).

13 «وَلَمَّا جَاءَ فَإِذَا عَالِي جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بِجَانِبِ ٱلطَّرِيقِ يُرَاقِبُ، لأَنَّ قَلْبَهُ كَانَ مُضْطَرِباً لأَجْلِ تَابُوتِ ٱللّٰهِ. وَلَمَّا جَاءَ ٱلرَّجُلُ لِيُخْبِرَ فِي ٱلْمَدِينَةِ صَرَخَتِ ٱلْمَدِينَةُ كُلُّهَا».

ص 1: 9

جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ كرسي القضاء بقرب باب دار خيمة الاجتماع وليس باب المدينة لأن الخبر وصل إلى أهل المدينة قبل ما وصل إليه.

لأَجْلِ تَابُوتِ ٱللّٰهِ لم يُذكر ابنا عالي اللذان كانا في الحرب لأن المكان الأول في قلب عالي كان لعبادة الله ومجده. ولعله لم يكن قد رضي عن أخذ التابوت من الخيمة إلى مكان الحرب.

14، 15 «14 فَسَمِعَ عَالِي صَوْتَ ٱلصُّرَاخِ فَقَالَ: مَا هُوَ صَوْتُ ٱلضَّجِيجِ هٰذَا؟ فَأَسْرَعَ ٱلرَّجُلُ وَأَخْبَرَ عَالِيَ. 15 وَكَانَ عَالِي ٱبْنَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَضَعُفَتْ عَيْنَاهُ وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُبْصِرَ».

ص 3: 2

وَضَعُفَتْ عَيْنَاهُ قيل في (ص 3: 2) إن «عيناه ابتدأتا تضعفان» وقيل هنا «قامت عيناه» أي كان ازداد الضعف حتى لم يقدر أن يبصر مطلقاً وذلك من الشيخوخة.

16 - 18 «16 فَقَالَ ٱلرَّجُلُ لِعَالِي: أَنَا جِئْتُ مِنَ ٱلصَّفِّ، وَأَنَا هَرَبْتُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلصَّفِّ. فَقَالَ: كَيْفَ كَانَ ٱلأَمْرُ يَا ٱبْنِي؟ 17 فَأَجَابَ ٱلْمُخَبِّرُ: هَرَبَ إِسْرَائِيلُ أَمَامَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَكَانَتْ أَيْضاً كَسْرَةٌ عَظِيمَةٌ فِي ٱلشَّعْبِ، وَمَاتَ أَيْضاً ٱبْنَاكَ حُفْنِي وَفِينَحَاسُ، وَأُخِذَ تَابُوتُ ٱللّٰهِ. 18 وَكَانَ لَمَّا ذَكَرَ تَابُوتَ ٱللّٰهِ أَنَّهُ سَقَطَ عَنِ ٱلْكُرْسِيِّ إِلَى ٱلْوَرَاءِ إِلَى جَانِبِ ٱلْبَابِ، فَٱنْكَسَرَتْ رَقَبَتُهُ وَمَاتَ لأَنَّهُ كَانَ رَجُلاً شَيْخاً وَثَقِيلاً. وَقَدْ قَضَى لإِسْرَائِيلَ أَرْبَعِينَ سَنَةً».

2صموئيل 1: 4

ذُكر أربع ضربات وكل ضربة أعظم من سابقتها (1) حرب إسرائيل أمام الفلسطينيين. (2) موت 30000 من الشعب. (3) موت حفني وفينحاس. (4) أخذ تابوت الله. وعالي احتمل الأخبار الثلاثة الأولى وحينما سمع الخبر الأخير وقع ومات. لأن تابوت الله كان علامة وجود الله معهم وأخذه علامة تركه إياهم وإذ تركهم الله لم يبق لهم رجاء.

أَرْبَعِينَ سَنَةً زمان طويل وفيه فرص كثيرة لخدمة نافعة لشعب الله ولكنه أهمل كل هذه الفرص فانتهت حياته بظلام دامس لنفسه ولإسرائيل.

19 - 21 «19 وَكَنَّتُهُ ٱمْرَأَةُ فِينَحَاسَ كَانَتْ حُبْلَى تَكَادُ تَلِدُ. فَلَمَّا سَمِعَتْ خَبَرَ أَخْذِ تَابُوتِ ٱللّٰهِ وَمَوْتَ حَمِيهَا وَرَجُلِهَا، رَكَعَتْ وَوَلَدَتْ، لأَنَّ مَخَاضَهَا ٱنْقَلَبَ عَلَيْهَا. 20 وَعِنْدَ ٱحْتِضَارِهَا قَالَتْ لَهَا ٱلْوَاقِفَاتُ عِنْدَهَا: لاَ تَخَافِي لأَنَّكِ قَدْ وَلَدْتِ ٱبْناً. فَلَمْ تُجِبْ وَلَمْ يُبَالِ قَلْبُهَا. 21 فَدَعَتِ ٱلصَّبِيَّ «إِيخَابُودَ» قَائِلَةً: قَدْ زَالَ ٱلْمَجْدُ مِنْ إِسْرَائِيلَ! لأَنَّ تَابُوتَ ٱللّٰهِ قَدْ أُخِذَ وَلأَجْلِ حَمِيهَا وَرَجُلِهَا. 22 فَقَالَتْ: زَالَ ٱلْمَجْدُ مِنْ إِسْرَائِيلَ لأَنَّ تَابُوتَ ٱللّٰهِ قَدْ أُخِذَ».

تكوين 35: 16 - 19 مزمور 26: 8 وإرميا 2: 11 ع 11

لاَ تَخَافِي لأَنَّكِ قَدْ وَلَدْتِ ٱبْناً ظنّت الواقفات أن النفساء تنسى أوجاعها بفرحها بالمولود (يوحنا 16: 21) ولكنها لم تجب للاضطراب أفكارها من أخذ التابوت.

فَدَعَتِ ٱلصَّبِيَّ إِيخَابُودَ هذا الاسم مركّب من لفظتين عبرانيتين وهما «إي» ومعناها لا أو عدم و «خابود» ومعناها مجد فيكون معنى الاسم عدم المجد. انظر قول راحيل (تكوين 35: 18) وهي دعت الولد الذي ماتت بولادته «بن أوني» أي ابن حزني. ونستنتج أن امرأة فينحاس كانت فاضلة تقية مهتمة بعبادة الله ومجده وإن كان رجلها من بني بليعال (ص 2: 12). وفهمت أن خسارتها بموت رجلها وخسارة ابنها بموت أبيه قبلما وُلد أمرٌ لا يُذكر بالنسبة إلى خسارة الأمة الإسرائيلية. وخسارة ثلاثين ألفاً من الرجال لا تُذكر بالنسبة إلى خسارة التابوت التي كانت علامة ترك الله شعبه. وكل من يعرف الله حق المعرفة يحتمل بالصبر خسارة المال والصحة والراحة وموت الأحباء ولكنه يطلب من الله من كل قبله قائلاً «لا تطرحني من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه مني».

فوائد

  1. في يوم البليّة يجب الفحص عن أسباب الكسر. فليس الكسر من الضعف في الله ولا من الضعف الجسدي في الإنسان بل من ضعف الإنسان الروحي (ع 3).

  2. كل أمة تترك الله ضعيفة وإن كان لها جيوش عظيمة.

  3. لا يجوز الاعتبار للرموز الخارجية دون جوهرها. وأمثلة ذلك سرّا الكنيسة.

  4. ليس للإنسان أن يحكم على الله بل أن يخضع لحكم الله عليه (ع 4).

  5. لا يكون الله في كل طريق يختاره الإنسان بل هو مع الإنسان ما دام في الطريق الذي يختاره الله.

  6. يحرمنا الله الوسائل الخارجية كالمعمودية والعشاء الربي والعبادة الجمهورية ليعلّمنا الاقتراب إليه بالروح والحق.

  7. الذباب الميّت ينتن أفاويه العطار ويتلفها ونقائص الأتقياء تفسد أعمالهم الصالحة.

  8. ليس العمر الطويل بركة إن لم يُقض في خدمة الرب (ع 18).

  9. قد يكون الموت رحمة من الرب لأنه به ينقل أحباءه من مشقات الحياة إلى الراحة الأبدية (ع 19 - 22).

  10. زال المجد عن إسرائيل غير المؤمنين عند ولادة إيخابود. وحلّ المجد على إسرائيل المؤمنين بولادة يسوع (ع 21).

اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ

مضمونه: تابوت الله في أرض الفلسطينيين وسقوط داجون من أمامه وضرب أشدود وجتّ وعقرون بسببه.

1 «فَأَخَذَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ تَابُوتَ ٱللّٰهِ وَأَتَوْا بِهِ مِنْ حَجَرِ ٱلْمَعُونَةِ إِلَى أَشْدُودَ».

ص 4: 1 و7: 12 يشوع 13: 3

لم يقصد الكاتب إلا تاريخاً مختصراً تُذكر فيه الحوادث المهمة فقط وأهم الحوادث هو ما يتعلق بتابوت الله. وظن بعضهم إن ما جاء في (مزمور 78: 6 - 64 وإرميا 7: 12) يشير إلى أن الفلسطينيين ذهبوا إلى شيلوه وأخربوها وقتلوا الكهنة الذين فيها غير أنه من المحتمل أن سقوط شيلوه المشار إليه هو فقد امتيازاتها الدينية بانتقال التابوت إلى بلاد الفلسطينيين وعدم رجوعه إلى شيلوه. والكهنة الذين سقطوا بالسيف هم حفني وفينحاس.

أَشْدُودَ إحدى مدن الفلسطينيين الخمس موقعها على بُعد 3 أميال من البحر المتوسط بين غزة ويافا وهي الآن قرية أسدود وفي جوارها خرائب كثيرة.

2 «وَأَخَذَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ تَابُوتَ ٱللّٰهِ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ دَاجُونَ وَأَقَامُوهُ بِقُرْبِ دَاجُونَ».

قضاة 16: 23 - 30 و1أيام 1: 8 - 10

دَاجُونَ يقول أكثر المفسرين أن هذه الكلمة مشتقة من «داج» وهي كلمة عبرانية معناها سمكة وكان للصنم رأس إنسان ويدا إنسان وجسم سمكة والمعنى الخصب لأن البحر يفيض سمكا كثيراً. وعبادة هذا الصنم مذكورة في (قضاة 16: 23) ويظهر أنه كان أعظم آلهة الفلسطينيين. ووضع التابوت بقرب داجون علامة انتصار داجون على إله إسرائيل حسب زعمهم. وأما افتخارهم هذا فكان ليلة واحدة فقط.

3، 4 «3 وَبَكَّرَ ٱلأَشْدُودِيُّونَ فِي ٱلْغَدِ وَإِذَا بِدَاجُونَ سَاقِطٌ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ أَمَامَ تَابُوتِ ٱلرَّبِّ، فَأَخَذُوا دَاجُونَ وَأَقَامُوهُ فِي مَكَانِهِ. 4 وَبَكَّرُوا صَبَاحاً فِي ٱلْغَدِ وَإِذَا بِدَاجُونَ سَاقِطٌ عَلَى وَجْهِهِ عَلَى ٱلأَرْضِ أَمَامَ تَابُوتِ ٱلرَّبِّ وَرَأْسُ دَاجُونَ وَيَدَاهُ مَقْطُوعَةٌ عَلَى ٱلْعَتَبَةِ. بَقِيَ بَدَنُ ٱلسَّمَكَةِ فَقَطْ».

إشعياء 19: 1 و46: 1 و2 إشعياء 46: 7

كان سقوط الصنم على وجهه إلى الأرض أمام التابوت علامة خضوعه للرب. ولما سقط الصنم أول مرة ظنوا أنه على سبيل الاتفاق فقط ولكن لما سقط مرة ثانية وانقطع رأسه ويداه عرفوا يقيناً أنه من إله التابوت. وقطع الرأس إشارة إلى عدم الحكمة لأن الرأس مركز العقل. وقطع اليدين إشارة إلى عدم الاقتدار لأن اليدين آلة العمل.

عَلَى ٱلْعَتَبَةِ وجود الرأس واليدين على العتبة علامة الانحطاط والاحتقار لأن العتبة مكان الدوس.

بَقِيَ بَدَنُ ٱلسَّمَكَةِ فَقَطْ بالعبرانية «بقي داجون فقط» فكان بدن سمكة بلا رأس أي بلا عقل وبلا يدين أي بلا اقتدار. وهكذا جميع الأصنام أمام الرب. وهكذا المال والمجد العالمي والقوة البشرية وكل ما يشتهيه الإنسان دون الرب.

5 «لِذٰلِكَ لاَ يَدُوسُ كَهَنَةُ دَاجُونَ وَجَمِيعُ ٱلدَّاخِلِينَ إِلَى بَيْتِ دَاجُونَ عَلَى عَتَبَةِ دَاجُونَ فِي أَشْدُودَ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

كانت العادة المشار إليها شاهد دائم لصحة هذا الخبر. امتنع كل الداخلين إلى بيت داجون عن الدوس على العتبة إكراماً لإلههم الذي سقطت أعضاؤه عليها.

6 «فَثَقُلَتْ يَدُ ٱلرَّبِّ عَلَى ٱلأَشْدُودِيِّينَ، وَأَخْرَبَهُمْ وَضَرَبَهُمْ بِٱلْبَوَاسِيرِ فِي أَشْدُودَ وَتُخُومِهَا».

ع 7 و11 وخروج 9: 3 ص 7: 5 تثنية 28: 27 ومزمور 78: 66

يَدُ ٱلرَّبِّ أي قوّته في العمل. وأظهر قوّته أولاً على الصنم ثم على عبدته. والكلمة المترجمة «بواسير» تحمل أيضاً معنى دمامل ويقول بعضهم أن الكلمة تشير إلى مرض الطاعون فتوافق ما قيل في (ع 11) إن اضطراب الموت كان في كل المدينة. لأن مرض البواسير وإن كان موجعاً لا يميت غالباً والترجمة السبعينية والترجمة اليسوعية تزيد «وهاجت القرى والصحاري في وسط أرضهم وتولدت الفئران» الخ. ولعل أحد النساخ في القديم زاد هذه الجملة بناء على ما أتى في ص 6: 4 «خَمْسَةَ بَوَاسِيرَ مِنْ ذَهَبٍ وَخَمْسَةَ فِيرَانٍ مِنْ ذَهَبٍ» فكانت الضربة على نوعين النوع الأول البواسير أو الطاعون والنوع الثاني الفئران التي كثرت على غير العادة وأكلت مواسمهم.

7 - 9 «7 وَلَمَّا رَأَى أَهْلُ أَشْدُودَ ٱلأَمْرَ كَذٰلِكَ قَالُوا: لاَ يَمْكُثُ تَابُوتُ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ عِنْدَنَا لأَنَّ يَدَهُ قَدْ قَسَتْ عَلَيْنَا وَعَلَى دَاجُونَ إِلٰهِنَا. 8 فَأَرْسَلُوا وَجَمَعُوا جَمِيعَ أَقْطَابِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ إِلَيْهِمْ وَقَالُوا: مَاذَا نَصْنَعُ بِتَابُوتِ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ؟ فَقَالُوا: لِيُنْقَلْ تَابُوتُ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ إِلَى جَتَّ. فَنَقَلُوا تَابُوتَ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ. 9 وَكَانَ بَعْدَمَا نَقَلُوهُ أَنَّ يَدَ ٱلرَّبِّ كَانَتْ عَلَى ٱلْمَدِينَةِ بِٱضْطِرَابٍ عَظِيمٍ جِدّاً، وَضَرَبَ أَهْلَ ٱلْمَدِينَةِ مِنَ ٱلصَّغِيرِ إِلَى ٱلْكَبِيرِ وَنَفَرَتْ لَهُمُ ٱلْبَوَاسِيرُ».

ع 11 وص 29: 6 - 11 ع 11 وص 7: 13 ع 6

أَقْطَابِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ كان للفلسطينيين خمس مدن وهي أشدود وغزة وأشقلون وجتّ وعقرون (ص 6: 17) وعلى كل مدينة وجوارها قُطب أي سيد يدير أمورها. وكان الخمسة متعادلين لا أحد منهم أكبر من الآخر ومتحدين كمملكة واحدة.

جَتَّ الأرجح أنها المسمى اليوم تلّ الصافية وهي شرقي أشدود وعلى بُعد 12 ميلاً منها وعلى تخم يهوذا. ولعل ما حملهم على نقل التابوت إلى جتّ زعمهم أن الأمر كان بين الله وداجون وإذا انتقل التابوت إلى مكان ليس فيه معبد لداجون يرتفع غضبه. وأهل جتّ لم يرفضوا التابوت لأن وجوده عندهم كان علامة انتصارهم على إسرائيل فافتخروا به ولكن أصابهم ما أصاب أهل أشدود.

10 - 12 «10 فَأَرْسَلُوا تَابُوتَ ٱللّٰهِ إِلَى عَقْرُونَ. وَكَانَ لَمَّا دَخَلَ تَابُوتُ ٱللّٰهِ إِلَى عَقْرُونَ أَنَّهُ صَرَخَ ٱلْعَقْرُونِيُّونَ: قَدْ نَقَلُوا إِلَيْنَا تَابُوتَ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ لِيُمِيتُونَا نَحْنُ وَشَعْبَنَا!. 11 وَأَرْسَلُوا وَجَمَعُوا كُلَّ أَقْطَابِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالُوا: أَرْسِلُوا تَابُوتَ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ فَيَرْجِعَ إِلَى مَكَانِهِ وَلاَ يُمِيتَنَا نَحْنُ وَشَعْبَنَا. لأَنَّ ٱضْطِرَابَ ٱلْمَوْتِ كَانَ فِي كُلِّ ٱلْمَدِينَةِ. يَدُ ٱللّٰهِ كَانَتْ ثَقِيلَةً جِدّاً هُنَاكَ. 12 وَٱلنَّاسُ ٱلَّذِينَ لَمْ يَمُوتُوا ضُرِبُوا بِٱلْبَوَاسِيرِ، فَصَعِدَ صُرَاخُ ٱلْمَدِينَةِ إِلَى ٱلسَّمَاءِ».

ع 8 ع 6 و9 خروج 12: 30

عَقْرُونَ المدينة الشمالية من مدن الفلسطينيين الخمس وتسمى الآن عاقر وهي قرية حقيرة على تلّ تبعد 12 ميلاً عن يافا. وإلههم بعل زبوب (2ملوك 1: 2). واجتمع ثانية أقطاب الفلسطينيين ولكنهم لم يقبلوا اعتراض أهل عقرون فبقي التابوت عندهم وضُربوا كما ضُرب أهل أشدود وأهل جتّ. وكانت كل ضربة أعظم من التي سبقتها.

فَصَعِدَ صُرَاخُ ٱلْمَدِينَةِ إِلَى ٱلسَّمَاءِ أي صراخ عظيم جداً. نرى في هذه الحوادث أن الله حامى عن تابوته وعاقب الذين أهانوه في أرض الفلسطينيين مع أنه لم ينصر إسرائيل ولم يمنع الفلسطينيين عن أخذهم التابوت. ولعل قصده في ذلك أن يعلم الجميع سواء أكانوا من شعبه أو من الفلسطينيين إنه الإله الحي الحقيقي وحده القادر على كل شيء وإن تابوته مستحق الاحترام لأنه المكان الذي أظهر مجده فيه ولكن ليس الاحترام لمجرد الخشب. وهو يطلب من الناس السجود له بالروح والحق والطاعة لإرادته.

فوائد

  1. الذين يهينون العلامات الحسيّة التي تدل على المسيح كما المعمودية وخبز العشاء الربي وخمره يهينون المسيح نفسه. ولكن ليس جميع الذين يكرمون العلامات الحسيّة يكرمونه.

  2. لم يرض الله أن يكون تابوته في هيكل داجون ولا يرضى أن يسكن في قلب فيه محبة المال أو إله آخر.

  3. ليس الله أحد الآلهة بل هو الإله الحقيقي وحده.

  4. لا يقدر الضلال أن يثبت عند إظهار الحق بل يسقط كما سقط داجون أمام تابوت الرب.

  5. النجاح الوقتي في طرُق الخطيئة يسوق الناس إلى خطايا أعظم نهايتها الهلاك الأبدي.

  6. كان سقوط داجون نبوءة بسقوط جميع الأصنام والأديان الكاذبة أمام المسيح.

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ

مضمونه: بعد سبعة أشهر تشاور الفلسطينيون في رد تابوت الله إلى مكانه. فأرسلوه مع قربان إثم بعجلة جديدة إلى بيتشمس وضُرب أهلها لأنهم نظروا إلى التابوت فأرسلوا إلى سكان قرية يعاريم لينزلوا ويُصعدوه إليهم.

1، 2 «1 وَكَانَ تَابُوتُ ٱللّٰهِ فِي بِلاَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ. 2 فَسَأَلَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ ٱلْكَهَنَةَ وَٱلْعَرَّافِينَ: مَاذَا نَعْمَلُ بِتَابُوتِ ٱلرَّبِّ. أَخْبِرُونَا بِمَاذَا نُرْسِلُهُ إِلَى مَكَانِهِ».

تكوين 41: 8 وخروج 7: 11 وإشعياء 2: 6

ٱلْعَرَّافِينَ هؤلاء ادعوا بأنهم يقدرون أن يعرفوا الأمور المستقبلة بواسطة علامات طبيعية كطيران الطيور أو أمعاء حيوان مذبوح أو النظر إلى الكبد أو السهام أو ماء في طاس أو استدعاء أرواح الأموات أو بواسطة سير النجوم أو القرعة. كان الكهنة أي كهنة الأصنام يقولون عن كيفية نقل التابوت والعرافون عن يوم نقله والساعة (إشعياء 2: 6).

3 «فَقَالُوا: إِذَا أَرْسَلْتُمْ تَابُوتَ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ فَلاَ تُرْسِلُوهُ فَارِغاً، بَلْ رُدُّوا لَهُ قُرْبَانَ إِثْمٍ. حِينَئِذٍ تَشْفُونَ وَيُعْلَمُ عِنْدَكُمْ لِمَاذَا لاَ تَرْتَفِعُ يَدُهُ عَنْكُمْ».

خروج 23: 15 وتثنية 16: 16 لاويين 5: 15 و16

قُرْبَانَ إِثْمٍ بيان اعترافهم بأنهم أخطأوا في أخذهم التابوت والتعويض من الضرر الناتج من فعلهم.

وَيُعْلَمُ عِنْدَكُمْ لم يتحققوا بعد أن ما أصابهم كان بسبب التابوت ولكن إذا ارتفع المرض بإرسال التابوت يُعلم يقيناً أن المرض كان بسببه وليس عرضاً (ع 9).

4، 5 «4 فَقَالُوا: وَمَا هُوَ قُرْبَانُ ٱلإِثْمِ ٱلَّذِي نَرُدُّهُ لَهُ؟ فَقَالُوا: حَسَبَ عَدَدِ أَقْطَابِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ: خَمْسَةَ بَوَاسِيرَ مِنْ ذَهَبٍ وَخَمْسَةَ فِيرَانٍ مِنْ ذَهَبٍ. لأَنَّ ٱلضَّرْبَةَ وَاحِدَةٌ عَلَيْكُمْ جَمِيعاً وَعَلَى أَقْطَابِكُمْ. 5 وَٱصْنَعُوا تَمَاثِيلَ بَوَاسِيرِكُمْ وَتَمَاثِيلَ فِيرَانِكُمُ ٱلَّتِي تُفْسِدُ ٱلأَرْضَ، وَأَعْطُوا إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ مَجْداً لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ يَدَهُ عَنْكُمْ وَعَنْ آلِهَتِكُمْ وَعَنْ أَرْضِكُمْ».

ع 17 و18 وقضاة 3: 3 ع 17 وص 5: 6 و9 و12 يشوع 7: 19 وإشعياء 42: 12 ص 5: 6 و11 ص 5: 3 و4 و7

حَسَبَ عَدَدِ أَقْطَابِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ كانت المدن الخمس وأقطابها تنوب عن بلاد الفلسطينيين كلها والحوادث الكثيرة من المرض في أماكن مختلفة كانت جميعها من سبب واحد أي التابوت.

خَمْسَةَ بَوَاسِيرَ كان من دأب الوثنيين تقديم تمثال الجزء المصاب بمرض لله عند البرء من المرض.

وَخَمْسَةَ فِيرَانٍ إشارة إلى ضربة أخرى وهي كثرة الفئران كثرة غير عادية أفسدت الأرض. قيل إن الفئران أحياناً تكثر وتأكل الغلة كلها. قال الكهنة والعرافون «خمسة فيران» ولكن الشعب زادوا على هذا العدد وصنعوا فئران الذهب بعدد جميع المدن من المدينة المحصنة إلى قرية الصحراء لأن الضربة كانت عامة (ع 18).

وَأَعْطُوا إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ مَجْداً باعترافهم بخطيئتهم له وطلبهم الغفران منه.

6 «وَلِمَاذَا تُغْلِظُونَ قُلُوبَكُمْ كَمَا أَغْلَظَ ٱلْمِصْرِيُّونَ وَفِرْعَوْنُ قُلُوبَهُمْ؟ أَلَيْسَ عَلَى مَا فَعَلَ بِهِمْ أَطْلَقُوهُمْ فَذَهَبُوا؟».

خروج 8: 15 و32 و9: 34 خروج 12: 31

(انظر ص 4: 8) ذكروا ما حدث من نحو 350 سنة وقولهم هذا دليل على أن تلك الحوادث كانت مشهورة معروفة في كل الممالك فلم يزالوا يخافون الله وشعبه. الرب ضرب المصريين بعشر ضربات حتى أطلقوا شعبه وقول الكهنة والعرافين أنه خير لهم أن يكتفوا بضربة واحدة ولا يغلظوا قلوبهم.

7 - 9 «7 فَٱلآنَ خُذُوا وَٱعْمَلُوا عَجَلَةً وَاحِدَةً جَدِيدَةً وَبَقَرَتَيْنِ مُرْضِعَتَيْنِ لَمْ يَعْلُهُمَا نِيرٌ، وَٱرْبِطُوا ٱلْبَقَرَتَيْنِ إِلَى ٱلْعَجَلَةِ، وَأَرْجِعُوا وَلَدَيْهِمَا عَنْهُمَا إِلَى ٱلْبَيْتِ. 8 وَخُذُوا تَابُوتَ ٱلرَّبِّ وَٱجْعَلُوهُ عَلَى ٱلْعَجَلَةِ، وَضَعُوا أَمْتِعَةَ ٱلذَّهَبِ ٱلَّتِي تَرُدُّونَهَا لَهُ قُرْبَانَ إِثْمٍ فِي صُنْدُوقٍ بِجَانِبِهِ وَأَطْلِقُوهُ فَيَذْهَبَ. 9 وَٱنْظُرُوا، فَإِنْ صَعِدَ فِي طَرِيقِ تُخُمِهِ إِلَى بَيْتَشَمْسَ فَإِنَّهُ هُوَ ٱلَّذِي فَعَلَ بِنَا هٰذَا ٱلشَّرَّ ٱلْعَظِيمَ. وَإِلاَّ فَنَعْلَمُ أَنْ يَدَهُ لَمْ تَضْرِبْنَا. كَانَ ذٰلِكَ عَلَيْنَا عَرَضاً».

2صموئيل 6: 3 عدد 19: 2 وتثنية 21: 3 و4 ع 4 و5 ع 3 يشوع 15: 10 و21: 16 ع 3

أخذوا عجلة جديدة وبقرتين لم يعلُهما نير علامة اعتبارهم للرب والتابوت لأنهم استخدموا له ما لم يُستخدم لغيره (2صموئيل 6: 3 وعدد 19: 2 ومرقس 11: 2) وارجعوا ولديهما عنهما إلى البيت لأن ميل البقرة الطبيعي هو لولدها وإذا خالفت هذا الميل ومشت في طريق آخر ولم يسُقها إنسان يُستنتج أنها مسوقة من الله. وفي هذا الرأي أظهر الكهنة حكمتهم.

وَٱجْعَلُوهُ عَلَى ٱلْعَجَلَةِ نقل التابوت بواسطة عجلة يخالف الناموس الذي أمر بحمله وغيره من الأمتعة المقدسة على أكتاف بني قهات (عدد 4: 1 - 10 و7: 9) ولكن الرب غضّ النظر عنهم لكونهم وثنيين لا يعرفون الناموس.

أَمْتِعَةَ ٱلذَّهَبِ أي تماثيل البواسير والفئران فكانت موضوعة في صندوق بجانب التابوت.

فِي طَرِيقِ تُخُمِهِ تخم التابوت أي تخم أرض إسرائيل التي كان التابوت معها والتي فيها مكانه الخاص.

بَيْتَشَمْسَ يدل الاسم على أنها كانت قديماً لعبادة الشمس. وهي مدينة للكهنة (يشوع 21: 16) على تخم يهوذا إلى الجنوب الشرقي من عقرون وعلى بُعد 12 ميلاً منها واسمها اليوم عين الشمس وفيها آثار قديمة. نرى أن الكهنة والعرافين استنظروا فعل ما يخالف الطبيعة فيكون لهم آية من الله. ومثله طلب جدعون (قضاة 6: 36 - 40) وصموئيل (ص 12: 17) وحزقيا (2ملوك 20: 10).

10 - 12 «10 فَفَعَلَ ٱلرِّجَالُ كَذٰلِكَ، وَأَخَذُوا بَقَرَتَيْنِ مُرْضِعَتَيْنِ وَرَبَطُوهُمَا إِلَى ٱلْعَجَلَةِ، وَحَبَسُوا وَلَدَيْهِمَا فِي ٱلْبَيْتِ، 11 وَوَضَعُوا تَابُوتَ ٱلرَّبِّ عَلَى ٱلْعَجَلَةِ مَعَ ٱلصُّنْدُوقِ وَفِيرَانِ ٱلذَّهَبِ وَتَمَاثِيلِ بَوَاسِيرِهِمْ. 12 فَٱسْتَقَامَتِ ٱلْبَقَرَتَانِ فِي ٱلطَّرِيقِ إِلَى طَرِيقِ بَيْتَشَمْسَ، وَكَانَتَا تَسِيرَانِ فِي سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ وَتَجْأَرَانِ وَلَمْ تَمِيلاَ يَمِيناً وَلاَ شِمَالاً، وَأَقْطَابُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ يَسِيرُونَ وَرَاءَهُمَا إِلَى تُخُمِ بَيْتَشَمْسَ».

ع 9 عدد 20: 19

وجأرتا لأجل ولديهما المحبوسين في البيت فكان ميلهما الطبيعي أن ترجعا إلى البيت وكان سيرهما بلا سائق في طريق آخر والابتعاد عن البيت دليلاً على أنهما مسوقتان من الله. وأقطاب الفلسطينيين لم يسوقوهما بل ساروا وراءهما ليروا ما تفعلان.

13 «وَكَانَ أَهْلُ بَيْتَشَمْسَ يَحْصُدُونَ حَصَادَ ٱلْحِنْطَةِ فِي ٱلْوَادِي. فَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ وَرَأَوُا ٱلتَّابُوتَ وَفَرِحُوا بِرُؤْيَتِهِ».

كان حصاد الحنطة في شهر أيار. وكان التابوت في بلاد الفلسطينيين سبعة أشهر وكانت كسرة إسرائيل في حجر المعونة في شهر تشرين الأول.

14 - 16 «14 فَأَتَتِ ٱلْعَجَلَةُ إِلَى حَقْلِ يَهُوشَعَ ٱلْبَيْتَشَمْسِيِّ وَوَقَفَتْ هُنَاكَ. وَهُنَاكَ حَجَرٌ كَبِيرٌ. فَشَقَّقُوا خَشَبَ ٱلْعَجَلَةِ وَأَصْعَدُوا ٱلْبَقَرَتَيْنِ مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ. 15 فَأَنْزَلَ ٱللاَّوِيُّونَ تَابُوتَ ٱلرَّبِّ وَٱلصُّنْدُوقَ ٱلَّذِي مَعَهُ ٱلَّذِي فِيهِ أَمْتِعَةُ ٱلذَّهَبِ وَوَضَعُوهُمَا عَلَى ٱلْحَجَرِ ٱلْكَبِيرِ. وَأَصْعَدَ أَهْلُ بَيْتَشَمْسَ مُحْرَقَاتٍ وَذَبَحُوا ذَبَائِحَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ لِلرَّبِّ. 16 فَرَأَى أَقْطَابُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ ٱلْخَمْسَةُ وَرَجَعُوا إِلَى عَقْرُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ».

2صموئيل 24: 22 و1ملوك 19: 21 خروج 4: 14 ويشوع 3: 3

فِي ٱلْوَادِي كانت بيتشمس في سفح الجبل وتحتها واديان يُزرع فيهما القمح.

وَفَرِحُوا ما كان يخوّف الفلسطينيين فرّح شعب الله.

جعلوا الحجر الكبير مذبحاً والعجلة حطباً والبقرتين محرقة للرب.

ٱللاَّوِيُّونَ كان الكهنة من سبط لاوي ونسل هارون وكان الباقون من اللاويين مخصصين لخدمة المقدس على اختلاف أنواعها ونسخ الأسفار المقدسة والتعليم. والظاهر أن المذكورين هنا هم غير الكهنة.

وَأَصْعَدَ أَهْلُ بَيْتَشَمْسَ مُحْرَقَاتٍ تبرعات غير البقرتين.

فَرَأَى أَقْطَابُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ من هذه الحوادث كلها تأكدوا أن الرب هو الذي أسقط داجون وضربهم بالأمراض وهو رب جميع المخلوقات ورب شعبه إسرائيل.

17، 18 «17 وَهٰذِهِ هِيَ بَوَاسِيرُ ٱلذَّهَبِ ٱلَّتِي رَدَّهَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ قُرْبَانَ إِثْمٍ لِلرَّبِّ: وَاحِدٌ لأَشْدُودَ، وَوَاحِدٌ لِغَزَّةَ، وَوَاحِدٌ لأَشْقَلُونَ، وَوَاحِدٌ لِجَتَّ، وَوَاحِدٌ لِعَقْرُونَ. 18 وَفِيرَانُ ٱلذَّهَبِ بِعَدَدِ جَمِيعِ مُدُنِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لِلْخَمْسَةِ ٱلأَقْطَابِ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ ٱلْمُحَصَّنَةِ إِلَى قَرْيَةِ ٱلصَّحْرَاءِ. وَشَاهِدٌ هُوَ ٱلْحَجَرُ ٱلْكَبِيرُ ٱلَّذِي وَضَعُوا عَلَيْهِ تَابُوتَ ٱلرَّبِّ. هُوَ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ فِي حَقْلِ يَهُوشَعَ ٱلْبَيْتَشَمْسِيِّ».

ع 4 تثنية 3: 5 ع 14 و15

وَفِيرَانُ ٱلذَّهَبِ (انظر ع 4 وتفسير ع 5).

شَاهِدٌ (تكوين 31: 52 ويشوع 4: 9 و24: 26 و1صموئيل 7: 12).

19 - 21 «19 وَضَرَبَ أَهْلَ بَيْتَشَمْسَ لأَنَّهُمْ نَظَرُوا إِلَى تَابُوتِ ٱلرَّبِّ. وَضَرَبَ مِنَ ٱلشَّعْبِ خَمْسِينَ أَلْفَ رَجُلٍ وَسَبْعِينَ رَجُلاً. فَنَاحَ ٱلشَّعْبُ لأَنَّ ٱلرَّبَّ ضَرَبَ ٱلشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً. 20 وَقَالَ أَهْلُ بَيْتَشَمْسَ: مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَقِفَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ ٱلإِلٰهِ ٱلْقُدُّوسِ هٰذَا، وَإِلَى مَنْ يَصْعَدُ عَنَّا؟ 21 وَأَرْسَلُوا رُسُلاً إِلَى سُكَّانِ قَرْيَةِ يَعَارِيمَ قَائِلِينَ: قَدْ رَدَّ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ تَابُوتَ ٱلرَّبِّ، فَٱنْزِلُوا وَأَصْعِدُوهُ إِلَيْكُمْ».

عدد 4: 5 و15 و22 و2صموئيل 6: 7 لاويين 11: 44 و45 و2صموئيل 6: 9 يشوع 9: 17 و15: 9 و60

لأَنَّهُمْ نَظَرُوا قيل في ع 13 أنهم «رأوا التابوت وفرحوا برؤيته» ولكن النظر إلى التابوت المشار إليه هنا هو نظر آخر وكان خطيئة عظيمة. ولعلهم مسوه ورفعوا الغطاء وعاملوه دون الاحترام الواجب. كان التابوت في خيمة الاجتماع أولاً ثم في الهيكل في قدس الأقداس ولم يدخل إليه أحد إلا رئيس الكهنة مرة في السنة (عبرانيين 9: 7) وعند ارتحال المحلة كان هارون وبنوه ينزلون حجاب السجف ويغطون به التابوت ويأتي بعد ذلك بنو قهات للحمل ولكن لا يسمون القدس ولا يدخلونه ليروه لئلا يموتوا (عدد 4: 5 - 20). وأمات الرب عزّة لأنه مد يده إلى التابوت (2صموئيل 6: 7) فعلم الرب شعبه أن يدنو منه بكل احترام مقدس وهيبة. ولولا هذه العِبر المخيفة كان التابوت لبني إسرائيل صندوق خشب فقط والرب القدير القدوس كأحد آلهة الوثنيين.

خَمْسِينَ أَلْفَ رَجُلٍ وَسَبْعِينَ رَجُلاً هنا بعض الصعوبة لأن الإسرائيليين كانوا أكثرهم يعملون في الأرض ويسكنون في قرى صغيرة ولم يكن لهم مدن كبيرة. ولا شيء في القرينة ولا في التاريخ يدل على أن بيتشمس كانت مدينة كبيرة فيها ما يزيد على خمسين ألفاً من السكان لذلك ظن أكثر المفسرين أنه وقع غلط في النُسخ القديمة وذلك من المحتمل لأنه بالعبرانية والعربية أيضاً تُستعمل الحروف الهجائية للتعبير عن الأعداد ويُسمى هذا حساب الجُمّل ومن المحتمل أن عدد الذين ماتوا كُتب أصلاً بأحرف وليس بأرقام ولا بألفاظ ومن الممكن أيضاً إبدال حرف بآخر وحذف نقطة أو زيادتها ولا يمكننا الآن أن نعرف الصواب إلا أنه حدث ضربة عظيمة (ع 20 و21) منها تعلموا أن الله قدوس وليس عنده محاباة لأنه ضرب شعبه المخطئين كما ضرب الفلسطينيين ولكن لم يجُل في بالهم أن يقدسوا أنفسهم فيبقى التابوت عندهم بل طلبوا إبعاده عنهم ومثلهم مثل الجرجسيين الذين طلبوا من يسوع أن ينصرف عن تخومهم (متى 8: 34).

قَرْيَةِ يَعَارِيمَ على تخم يهوذا وبنيامين وتُدعى أيضاً بعلة وبعلة يهوذا وقرية بعل. وظن أكثرهم أنها قرية العنب بقرب القدس. ولعل أهل بيت شمس اختاروا قرية يعاريم دون غيرهما لأنها قريبة منهم. ومعنى يعاريم وعر (انظر مزمور 132: 6).

فوائد

  1. يطلب المؤمنون الاقتراب إلى الله وأما غير المؤمنين فيطلبون الابتعاد عنه (2).

  2. كثيراً ما يلتزم المقاومون أن يشهدوا للحق (ع 6).

  3. يتحول الفرح (ع 13) إلى النوح (ع 19) إن لم يكن مؤسساً على الاحترام المقدس.

  4. من أحسن الطرق لمعرفة مشيئة الله التأمل في تاريخ شعبه (ع 6).

  5. الحوادث العرضية كسَير البقر (ع 9) وإن كان الله أعلن مشيئته بواسطتها في القديم (ع 9 وتكوين 24: 14 و1صموئيل 14: 10 و20: 7) ليست طريقة ثابتة لإرشادنا في أيام العهد الجديد. بل أفضل طريقة لمعرفة مشيئة الله تعليم الكتاب المقدس مع الصلاة وإرشاد الروح القدس. ومن أراد أن يعلم مشيئة الله فعليه أن يعملها.

  6. إن الله يستخدم الحيوانات البكم لإرشاد الجهلاء (عدد 22: 28 وإشعياء 1: 3).

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ

مضمونه: نزول أهل قرية يعاريم وإصعادهم التابوت من بيتشمس. توبة إسرائيل وصلاة صموئيل من أجلهم في المصفاة. انتصار إسرائيل على الفلسطينيين. إقامة صموئيل حجر المعونة. وقضاؤه لإسرائيل.

1 «فَجَاءَ أَهْلُ قَرْيَةِ يَعَارِيمَ وَأَصْعَدُوا تَابُوتَ ٱلرَّبِّ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ أَبِينَادَابَ فِي ٱلأَكَمَةِ، وَقَدَّسُوا أَلِعَازَارَ ٱبْنَهُ لأَجْلِ حِرَاسَةِ تَابُوتِ ٱلرَّبِّ».

2صموئيل 6: 3 و4

وَأَصْعَدُوا تَابُوتَ ٱلرَّبِّ لم يخافوا منه وإن كان قد ضُرب الفلسطينيون وأهل بيتشمس لأنهم قصدوا إصعاده وحفظه بالاحترام اللائق وآمنوا بأن وجوده عندهم بركة. إن الله نار آكلة للمرتدين عنه وأما جميع الذين يحبونه وشريعته فيشتهون الاقتراب إليه.

أَبِينَادَابَ الأرجح أنه لاوي لأنهم كانوا تعلموا وجوب العمل بموجب الشريعة. وهكذا قال يوسيفوس. وكان هذا التقديس من أهل المدينة.

فِي ٱلأَكَمَةِ في المدينة أو خارجاً عنها ولعلهم قصدوا الاعتبار للتابوت بوضعه في مكان مرتفع.

لأَجْلِ حِرَاسَةِ تَابُوتِ ٱلرَّبِّ ولم يذكر أنه صار كاهناً بل أنه كان حارساً للتابوت فكان التابوت كميت في قبّة يحرسه حارس إلى يوم القيامة أي يوم رجوع التابوت إلى مكانه والخدمة الواجبة له.

2 «وَكَانَ مِنْ يَوْمِ جُلُوسِ ٱلتَّابُوتِ فِي قَرْيَةِ يَعَارِيمَ أَنَّ ٱلْمُدَّةَ طَالَتْ وَكَانَتْ عِشْرِينَ سَنَةً. وَنَاحَ كُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَرَاءَ ٱلرَّبِّ».

عِشْرِينَ سَنَةً وهي محسوبة من يوم وصول التابوت إلى بيت أبيناداب إلى الاجتماع في المصفاة (ع 3 - 14). ولكن التابوت بقي في قرية يعاريم إلى زمان داود (2صموئيل 6: 1 - 4) فالمدة كلها نحو مئة سنة.

وَنَاحَ كُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الأرجح أن الخيمة كانت في نوب (ص 2: 1 - 9) ولكن خدمة العبادة لم تكن كاملة دون التابوت وكان ابتعاد التابوت علامة ابتعاد الرب عن شعبه وكان زمن انحطاط ديني. ولعل صموئيل كان يجول (ص 7: 15 - 17) يعلّم الشعب ويحثهم على الرجوع إلى الرب. وكان النوح وراء الرب من بيت إسرائيل كله أي كان نوح عام فاتحدوا بعضهم مع بعض في توبتهم وصلاتهم ورجوعهم إلى الرب.

3، 4 «3 وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِكُلِّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ: إِنْ كُنْتُمْ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ رَاجِعِينَ إِلَى ٱلرَّبِّ فَٱنْزِعُوا ٱلآلِهَةَ ٱلْغَرِيبَةَ وَٱلْعَشْتَارُوثَ مِنْ وَسْطِكُمْ، وَأَعِدُّوا قُلُوبَكُمْ لِلرَّبِّ وَٱعْبُدُوهُ وَحْدَهُ، فَيُنْقِذَكُمْ مِنْ يَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. 4 فَنَزَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ ٱلْبَعْلِيمَ وَٱلْعَشْتَارُوثَ وَعَبَدُوا ٱلرَّبَّ وَحْدَهُ».

يوئيل 2: 12 - 14 يشوع 24: 14 و23 وقضاة 10: 16 ص 31: 10 وقضاة 2: 13 تثنية 13: 4 و2أيام 19: 3 تثنية 6: 13 ومتّى 4: 10

وَقَالَ صَمُوئِيلُ أي بعد مرور نحو عشرين سنة من جلوس التابوت في قرية يعاريم.

ٱلْبَعْلِيمَ وَٱلْعَشْتَارُوثَ معنى كلمة «بعل» سيد وكان البعل إله الفلسطينيين والكنعانيين الأعظم وسجدوا له بواسطة الشمس لأنها أعظم ما في الطبيعة وهي مصدر الحياة. واستعملوا في العبادة تماثيل من خشب أو حجر أو معدن عليها صور الشمس (إشعياء 27: 9). ومعنى كلمة «عشتورث» قرينة أي زوجة البعل وسجد لها الفلسطينيون بواسطة القمر أو الكوكب المسمى الزهرة وأقاموا لها سواري (قضاة 3: 7) أي تماثيل من خشب. والجمع بعاليم وعشتاروث لأجل التعظيم أو دليل على كثرة التماثيل. وكان بنو إسرائيل عرضة لخطيئة السجود لهذه الأصنام من زمان أقامتهم في البرية إلى زمان السبي وما أغراهم إليها المعاشرات الرديئة وميل القلب الفاسد إلى القبائح المقترنة بهذه العبارة. وبما أن هذه الآلهة كانت آلهة الفلسطينيين كان نزعها علامة رفضهم تسلط الفلسطينيين فاقتضى عملهم هذا إعداد قلوبهم للرب والإيمان به والاتكال عليه وحده لأن بني إسرائيل كانوا في حال الضيق والانحطاط الكلي. وربما اتفقوا على نزع الآلهة الغريبة علانية وفي كل الأماكن في يوم واحد فكان كإشهار الحرب على الفلسطينيين.

5 «فَقَالَ صَمُوئِيلُ: ٱجْمَعُوا كُلَّ إِسْرَائِيلَ إِلَى ٱلْمِصْفَاةِ فَأُصَلِّيَ لأَجْلِكُمْ إِلَى ٱلرَّبِّ».

قضاة 20: 1 ص 8: 6 و12: 17 - 19

ٱلْمِصْفَاةِ (قضاة 20: 1 و1صموئيل 10: 17) في سبط بنيامين (يشوع 18: 26) والأرجح أنها المسمى اليوم النبي صموئيل إلى الشمال الغربي من أورشليم وعلى بُعد خمسة أمبال منها وهي على تلّ علوه نحو 3000 قدم عن سطح البحر وهي غير مصفاة جلعاد (قضاة 10: 17).

فَأُصَلِّيَ لأَجْلِكُمْ (ص 8: 6 و12: 17 - 19 و15: 11) وصموئيل مذكور في (مزمور 99: 6 وإرميا 15: 1) بين الذين يدعون باسم الرب. وصلاته لأجل الشعب بشرط توبتهم ورجوعهم إلى الرب. فلم يقدّم نفسه للشعب كمن يقدر أن يخلص ولا كطالب الرئاسة لنفسه بل كمتكلم عن الرب ليتكلوا عليه.

6 «فَٱجْتَمَعُوا إِلَى ٱلْمِصْفَاةِ وَٱسْتَقُوا مَاءً وَسَكَبُوهُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَصَامُوا فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ وَقَالُوا: هُنَاكَ قَدْ أَخْطَأْنَا إِلَى ٱلرَّبِّ. وَقَضَى صَمُوئِيلُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْمِصْفَاةِ».

ص 1: 15 ومزمور 62: 8 ومراثي إرميا 2: 19 لاويين 16: 29 ونحميا 9: 1 قضاة 10: 10

ٱسْتَقُوا مَاءً وَسَكَبُوهُ إشارة إلى سكب قلوبهم بالتوبة أمام الرب (ص 1: 15 ومزمور 62: 8 ومراثي إرميا 2: 19). والماء المسكوب على الأرض لا يُجمع أيضاً فيكون علامة الضعف والاتضاع (2صموئيل 14: 14). وقال بعضهم إن سكب الماء كان لإثبات القسَم فلا يرجعون عما تكلموا به كما لا يُجمع أيضاً الماء المسكوب على الأرض.

وَصَامُوا (لاويين 16: 29) علامة التوبة والاتضاع.

قَدْ أَخْطَأْنَا إِلَى ٱلرَّبِّ يجب الحزن القلبي على الخطيئة والاعتراف بها بالقول. وتمجّد الله باعترافهم هذا لأنهم أقرّوا بأن وصاياه مقدسة وعادلة وصالحة وكان تركه لهم زماناً ليس لأنه نسيهم أو إنه غيّر مقاصده أو عجز عن تخليصهم بل لأنه كانوا تركوه.

وَقَضَى صَمُوئِيلُ كان أولاً نبياً ومصلحاً في الروحيات ولما جمعهم صار لهم رئيساً سياسياً أيضاً ولعلهم في ذلك الوقت انتخبوه قاضياً عليهم.

7 «وَسَمِعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدِ ٱجْتَمَعُوا فِي ٱلْمِصْفَاةِ، فَصَعِدَ أَقْطَابُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ إِلَى إِسْرَائِيلَ. فَلَمَّا سَمِعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ خَافُوا مِنَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ».

ص 13: 6 و17: 11

يظهر أن الاجتماع في المصفاة طال فكان للفلسطينيين وقت ليسمعوا خبره وخبر ما عمل بنو إسرائيل من الأمانة لآلهتهم وعرفوا أن المقصود بالاجتماع هو رفض سلطتهم فاجتمعوا للحرب.

أَقْطَابُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ أي الأقطاب الخمسة وكل منهم رئيس مدينة من مدنهم الكبرى الخمس ومع كل رئيس جيشه وكانت الجيوش الخمسة متحدة كجيش واحد.

خَافُوا مِنَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لأن ليس لهم اقتدار ولا استعداد للحرب. ولكنهم وإن خافوا لم يرجعوا عن قصدهم لأنهم كانوا متكلين على الرب.

8 «وَقَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِصَمُوئِيلَ: لاَ تَكُفَّ عَنِ ٱلصُّرَاخِ مِنْ أَجْلِنَا إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا فَيُخَلِّصَنَا مِنْ يَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ».

ص 12: 19 - 24 وإشعياء 37: 4

وخوفهم ألجأهم إلى الصلاة إلى الرب وطلبوا من صموئيل أن يكون المتكلم عنهم في الصلاة لأنه نبيهم وقاضيهم. ولا شك أنهم كانوا يصلّون أيضاً أفراداً صلوات سرّية وإجمالاً قالوا له لا تكف أي كانت الصلاة باللجاجة والشدة.

9 - 11 «9 فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ حَمَلاً رَضِيعاً وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً بِتَمَامِهِ لِلرَّبِّ. وَصَرَخَ صَمُوئِيلُ إِلَى ٱلرَّبِّ مِنْ أَجْلِ إِسْرَائِيلَ فَٱسْتَجَابَ لَهُ ٱلرَّبُّ. 10 وَبَيْنَمَا كَانَ صَمُوئِيلُ يُصْعِدُ ٱلْمُحْرَقَةَ تَقَدَّمَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ لِمُحَارَبَةِ إِسْرَائِيلَ، فَأَرْعَدَ ٱلرَّبُّ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ عَلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَزْعَجَهُمْ، فَٱنْكَسَرُوا أَمَامَ إِسْرَائِيلَ. 11 وَخَرَجَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْمِصْفَاةِ وَتَبِعُوا ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَضَرَبُوهُمْ إِلَى مَا تَحْتَ بَيْتِ كَارٍ».

لاويين 22: 27 مزمور 99: 6 وإرميا 15: 1 ص 2: 10 ومزمور 29: 3 و4 و2صموئيل 22: 14 و15 يشوع 10: 10 ومزمور 18: 14

حَمَلاً رَضِيعاً ابن سبعة أيام أقلّ ما يكون (لاويين 22: 27).

مُحْرَقَةً بِتَمَامِهِ إشارة إلى أن المقدمين سلموا نفوسهم تماماً للرب فاستجاب لهم الرب بواسطة الرعد (مزمور 29). والصوت الذي شدّد إسرائيل أزعج الفلسطينيين لأن شعب الله يفرحون بقدرته غير المحدودة وحكمه المطلق وأما أعداؤه فيخافون ويسقطون. ومن المصفاة نزلوا إلى وادي عميق جداً. وموقع بيت كار مجهول غير أنه أعلى من الوادي الذي نزلوا فيه وربما كان فيه حصن للفلسطينيين فتوقف الإسرائيليون عند وصولهم إلى الوادي تحته.

12 «فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ حَجَراً وَنَصَبَهُ بَيْنَ ٱلْمِصْفَاةِ وَٱلسِّنِّ، وَدَعَا ٱسْمَهُ «حَجَرَ ٱلْمَعُونَةِ» وَقَالَ: إِلَى هُنَا أَعَانَنَا ٱلرَّبُّ».

تكوين 35: 14 ويشوع 4: 9 و24: 26

حَجَرَ ٱلْمَعُونَةِ (انظر ص 4: 1) انتصروا في نفس المكان الذي انكسروا فيه قبل ذلك بعشرين سنة. ونستنتج من القول «إلى هنا أعاننا الرب» أنهم نظروا إلى الماضي بالشكر واتكلوا على الرب بأنه يعينهم بالمستقبل أيضاً. وموقع السن مجهول غير أنها كانت قريبة من المصفاة (ع 5).

13 «فَذَلَّ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ وَلَمْ يَعُودُوا بَعْدُ لِلدُّخُولِ فِي تُخُمِ إِسْرَائِيلَ. وَكَانَتْ يَدُ ٱلرَّبِّ عَلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ كُلَّ أَيَّامِ صَمُوئِيلَ».

قضاة 13: 1 - 15 ص 13: 5

فَذَلَّ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ لم يذلوا تماماً لأننا نرى (ص 9: 16) أن الإسرائيليين صرخوا إلى الرب ليخلصّهم من يد الفلسطينيين ونرى من (ص 10: 5) أنه كان للفلسطينيين أنصاب في أرض إسرائيل وقيل في (ص 13: 19) إنه خوفاً من الفلسطينيين لم يوجد صانع في كل أرض إسرائيل. ويظهر من (ص 14: 21) إنه كان للفلسطينيين عبيد من الإسرائيليين ومن (ص 13: 5 و17: 1 و23: 7) إنهم اقتحموا أرض إسرائيل. فالمعنى هنا أن الفلسطينيين ذلّوا في أيام صموئيل وكانت كسرتهم في المصفاة بداءة سقوطهم الذي تم في أيام داود.

14 «وَٱلْمُدُنُ ٱلَّتِي أَخَذَهَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ مِنْ إِسْرَائِيلَ رَجَعَتْ إِلَى إِسْرَائِيلَ مِنْ عَقْرُونَ إِلَى جَتَّ. وَٱسْتَخْلَصَ إِسْرَائِيلُ تُخُومَهَا مِنْ يَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَكَانَ صُلْحٌ بَيْنَ إِسْرَائِيلَ وَٱلأَمُورِيِّينَ».

عدد 13: 29 ويشوع 10: 5 - 10

مِنْ عَقْرُونَ إِلَى جَتَّ لم يسترجع الإسرائيليون عقرون ولا جتّ بل جميع المدن التي كانت على التخوم من عقرون إلى جتّ.

ٱلأَمُورِيِّينَ أقوى أعداء الإسرائيليين بعد الفلسطينيين. وهم سكان الجبال تمييزاً لهم عن الكنعانيين الذين سكنوا السواحل. وأحياناً أُطلق الاسم أموريين على أهل كنعان بالإجمال (قضاة 6: 10 وعاموس 2: 10) فاستراح الإسرائيليون من ألد أعدائهم من كل الجهات وكان ذلك نتيجة رجوعهم إلى الرب في المصفاة.

15 «وَقَضَى صَمُوئِيلُ لإِسْرَائِيلَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ».

ص 12: 11

كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ قيل في (ص 8: 1) إن صموئيل «جعل بنيه قضاة» وقيل أيضاً إن «شاول ملك قبل وفاة صموئيل» ولكن صموئيل هو الذي جعلهم في منصبهم وأبان لهم واجباتهم.

16 «وَكَانَ يَذْهَبُ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ وَيَدُورُ فِي بَيْتِ إِيلَ وَٱلْجِلْجَالِ وَٱلْمِصْفَاةِ وَيَقْضِي لإِسْرَائِيلَ فِي جَمِيعِ هٰذِهِ ٱلْمَوَاضِعِ».

خروج 28: 19 و35: 6 يشوع 5: 9 و10 ع 5

الأرجح أن الجلجال المذكورة هنا هي المكان الذي حلّ الإسرائيليون فيه في تخم أريحا الشرقي (يشوع 4: 19) لا المذكورة في (2ملوك 2: 1 و4: 38) وكانت هذه الأماكن بيت إيل والجلجال والمصفاة أماكن مقدسة وكانت قريبة بعضها من بعض وجميعها في أرض بنيامين.

17 «وَكَانَ رُجُوعُهُ إِلَى ٱلرَّامَةِ لأَنَّ بَيْتَهُ هُنَاكَ. وَهُنَاكَ قَضَى لإِسْرَائِيلَ، وَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ».

ص 1: 1 و19 و2: 11

ٱلرَّامَةِ (انظر ص 1: 1).

مَذْبَحاً لِلرَّبِّ (تكوين 12: 7) كانت العبادة في شيلوه قد بطلت وكان التابوت في بيت في قرية يعاريم. وليس ذلك للخيمة ولا لأوانيها ولا لكهنتها. وكان صموئيل كاهناً (ص 13: 9 و2: 35). وهنا تلميح إلى كهنوت أفضل من كهنوت أبناء هارون (عبرانيين ص 7). وفي الرامة جمع صموئيل الأنبياء وعلّمهم (ص 19: 18 - 20).

فوائد

  1. ما دام الإنسان مبتعداً عن الله ليس له فرح في حياته ويرى الأيام طويلة (ع 2). قيل إن في السماء ألف سنة كيوم واحد وإن في جهنم يوماً واحداً كألف سنة.

  2. النوح وراء الرب من فعل روح الله في القلب لذلك هو عربون الغفران والخلاص (ع 2).

  3. إن الرب لا يقبل له شريكاً فعلى الذين يطلبونه أن ينزعوا الآلهة الغريبة كمحبة المال ومحبة الذات ويحبوه من كل قلوبهم (ع 3).

  4. للمتحدين في الصلاة الجمهورية مواعيد خاصة.

  5. على الإنسان أن يكون عاملاً مع الله. أرعد الرب (ع 10) وخرج رجال إسرائيل للعمل (ع 11).

  6. الراجعون إلى الرب يُقاوَمون. اجتمع إسرائيل في المصفاة فصعد أقطاب الفلسطينيين (ع 7).

  7. إننا نحتاج إلى علامات حسيّة تذكرنا بحقائق روحية كحجر المعونة وسرّي الكنيسة.

  8. أعداؤنا الفلسطينيون والأموريون هم التجارب والشهوات فيلزمنا مقاومتهم دائماً.

  9. لا تنفع فرائض الدين كالخيمة والكهنوت إذا كانت بلا ديانة حقيقية. ولكن قد يكون الدين الحقيقي بلا فرائض كما في أيام صموئيل وبعده في أيام السبي.

  10. ما أعظم تأثير رجل واحد كصموئيل إذا سلّم نفسه للرب تسليماً ليفعل فيه كما يشاء.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ

مضمونه: زيغان بني إسرائيل (ع 1). طلب إسرائيل ملكاً (ع 4). بسط صموئيل طلبهم أمام الرب (ع 6). أمر الرب له بأن يلبي طلبهم (ع 7). إيضاحه لهم بصفة الملك الذي يملك عليهم (ع 10). إلحاح الشعب عليه بطلبهم (ع 19).

1 - 3 «1 وَكَانَ لَمَّا شَاخَ صَمُوئِيلُ أَنَّهُ جَعَلَ بَنِيهِ قُضَاةً لإِسْرَائِيلَ. 2 وَكَانَ ٱسْمُ ٱبْنِهِ ٱلْبِكْرِ يُوئِيلَ، وَٱسْمُ ثَانِيهِ أَبِيَّا. كَانَا قَاضِيَيْنِ فِي بِئْرِ سَبْعٍ. 3 وَلَمْ يَسْلُكِ ٱبْنَاهُ فِي طَرِيقِهِ بَلْ مَالاَ وَرَاءَ ٱلْمَكْسَبِ، وَأَخَذَا رَشْوَةً وَعَوَّجَا ٱلْقَضَاءَ».

تثنية 16: 18 و19 تكوين 22: 19 و1ملوك 19: 3 وعاموس 5: 5 خروج 23: 6 و8 وتثنية 16: 19

بين أول هذا الأصحاح وآخر الأصحاح السابق ليس أقلّ من عشرين سنة.

جَعَلَ بَنِيهِ قُضَاةً لم يكن منصب القضاة بالوراثة. انظر نبأ أبيمالك بن جدعون (قضاة ص 7) ونبأ حفني وفينحاس ابني عالي. كان من واجبات صموئيل تعيين قضاة (تثنية 16: 18 و19) ولكن محبته الأبوية أعمت عينيه فلم يرَ عدم استحقاق بنيه. ولم يوبخه الرب كما وبخ عالي لأن خطايا ابني عالي كانت أعظم وكانا عند أبيهما وأما ابنا صموئيل فكانا في مكان بعيد عن أبيهما. اسما ولديه يدلان على إيمانه. ومعنى «يوئيل» الرب هو الله ومعنى «أبيا» الرب هو أب. قيل في (1أيام 6: 28) إن اسم الكبير «وشني». ومعنى كلمة وشني بالعبرانية «والثاني» والأرجح أن الجملة الأصلية كانت كما يأتي «البكر يوئيل والثاني (وشني) أبيا». ووجود بني صموئيل في بئر سبع يدل على أن حكم صموئيل شمل بلاد إسرائيل كلها من الرامة إلى أقصى الجنوب وإن الإسرائيليين في الوقت المشار إليه كانوا مستريحين من حكم الفلسطينيين في أمورهم الداخلية.

مَالاَ وَرَاءَ ٱلْمَكْسَبِ نهت شريعة موسى عن الرشوة (تثنية 16: 19). وكان هذا مخالفاً لما كان صموئيل قد عمله كل حياته (ص 12: 4) ومناقضاً لما علّمه. واعتراض الشيوخ على فعل ابنَي صموئيل يدل على وجود ضمير حيّ فيهم.

4 «فَٱجْتَمَعَ كُلُّ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ وَجَاءُوا إِلَى صَمُوئِيلَ إِلَى ٱلرَّامَةِ».

ص 7: 17

شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ كان الشيوخ أولاً رؤساء البيوت أو الأبكار وأول ورود ذكرهم في (خروج 3: 16) لما كان إسرائيل في مصر. وبعد الخروج عيّن موسى سبعين شيخاً لينوبوا عن كل جماعة إسرائيل (عدد 11: 16) وبعدما سكن بنو إسرائيل أرض كنعان ذُكر شيوخ مدن (يشوع 20: 4) وشيوخ أسباط وقطائع (قضاة 11: 5). والمراد «بالشيوخ» هنا نواب الشعب كلهم. وفي أيام المسيح كان الشيوخ من أعضاء المجمع السبعيني.

5، 6 «5 وَقَالُوا لَهُ: هُوَذَا أَنْتَ قَدْ شِخْتَ، وَٱبْنَاكَ لَمْ يَسِيرَا فِي طَرِيقِكَ. فَٱلآنَ ٱجْعَلْ لَنَا مَلِكاً يَقْضِي لَنَا كَسَائِرِ ٱلشُّعُوبِ. 6 فَسَاءَ ٱلأَمْرُ فِي عَيْنَيْ صَمُوئِيلَ إِذْ قَالُوا: أَعْطِنَا مَلِكاً يَقْضِي لَنَا. وَصَلَّى صَمُوئِيلُ إِلَى ٱلرَّبِّ».

ص 7: 17 تثنية 17: 14 و15 ص 12: 17 ص 15: 11

فَسَاءَ ٱلأَمْرُ فِي عَيْنَيْ صَمُوئِيلَ ساءه قولهم «أنت قد شخت» لأن لا أحد يجب أن يُقال له أنت عاجز فاعط مكانك لمن هو أقوى منك. وساءه قولهم «وابناك لم يسيرا في طريقك» وهما الابنان اللذان رباهما وأحبهما ورجا أنهما يكونان في مكانه قضاة على إسرائيل. ولكن الأمر الذي ساء في عينيه أكثر من غيره هو أن الشعب طلبوا ملكاً يقضي لهم كسائر الشعوب. والفرق بين قاضي وملك هو (1) إن القاضي كان يعيّن أحياناً لجزء من البلاد فقط كجدعون بين الأسباط الشمالية ويفتاح في جلعاد وشمشون بين الأسباط الجنوبية. ومن المحتمل أن يكون قاضيان في وقت واحد أحدهما في مكان والآخر في كان آخر وأما الملك فللشعب كلهم.

(2) كان القاضي لوقت الاحتياج فقط وربما يأتي زمن بين قاض وآخر لا يكون فيه حاكم. وأما الملك فله منصب دائم وإذا مات يملك ابنه فيكون الملك أشد حكماً وأكثر استعداد للحرب. وساء الأمر في عيني صموئيل لأن طلبهم ملكاً هو بمثابة رفضهم الرب ملكاً عليهم. ولو رضوا بملك الرب عليهم لأقام لهم كهنة وأنبياء وقضاة وبواسطتهم كان أعلن لشعبه إرادته في التعليم والتوبيخ ومنع اعداءهم عن محاربتهم أو أقام لهم من يخلّصهم. والشرور والضيقات المذكورة في زمان القضاة (قضاة 18: 1 و19: 1 و21: 25) لم تنتج ضرورة من عدم وجود ملك بل من تركهم الرب.

وَصَلَّى لم يهتم بما وقع على نفسه من الإهانة والخيبة بل بما يتعلق بالرب ومجد اسمه. ولم يكلم الناس قبلما كلم الرب وعرف أمره. وفي هذه الأمر كله أظهر صموئيل عظمته لأنه ترك مجد نفسه ومجد ابنيه ومجد بيته وكخادم أمين عمل ما قال له الرب.

7 - 9 «7 فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: ٱسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلشَّعْبِ فِي كُلِّ مَا يَقُولُونَ لَكَ. لأَنَّهُمْ لَمْ يَرْفُضُوكَ أَنْتَ بَلْ إِيَّايَ رَفَضُوا حَتَّى لاَ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ. 8 حَسَبَ كُلِّ أَعْمَالِهِمِ ٱلَّتِي عَمِلُوا مِنْ يَوْمِ أَصْعَدْتُهُمْ مِنْ مِصْرَ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ وَتَرَكُونِي وَعَبَدُوا آلِهَةً، أُخْرَى هٰكَذَا هُمْ عَامِلُونَ بِكَ أَيْضاً. 9 فَٱلآنَ ٱسْمَعْ لِصَوْتِهِمْ. وَلٰكِنْ أَشْهِدَنَّ عَلَيْهِمْ وَأَخْبِرْهُمْ بِقَضَاءِ ٱلْمَلِكِ ٱلَّذِي يَمْلِكُ عَلَيْهِمْ».

ص 10: 19 وخروج 16: 8 حزقيال 3: 18 ع 11 - 18 وص 10: 25

ٱسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلشَّعْبِ الرب أعطاهم سؤلهم مع أنهم سألوا ما يضرهم (مزمور 106: 15) لأنهم رفضوا نعمته ولم يسمعوا لكلامه. وكثيراً ما نطلب في صلواتنا ما لا يوافقنا وأعظم شر لنا هو نيل ذلك المطلوب.

لأَنَّهُمْ لَمْ يَرْفُضُوكَ إذا وقع خادم الرب في ضيقات وإهانات واضطهادات يتعزى بكونه متحداً بسيده (يوحنا 15: 20).

حَتَّى لاَ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ يظهر من الكلام في تثنية 17: 14 - 20 أن إقامة ملك كانت من مقاصد الرب. والشرط في الملك أن يكون من يختاره الرب ومن وسط إخوتهم لا يكثر الخيل ولا النساء بل يقرأ شريعة الرب ويحفظها فيكون خادماً للرب والرب نفسه يبقى ملكهم الحقيقي. وخطأ إسرائيل في سؤلهم هو طلبهم ملكاً يقضي لهم كسائر الشعوب أن يكون مقتدراً في القوة الجسدية فتركوا الاتكال على العدل والحق والاستقامة وجعلوا اتكالهم على قوة الجيش والسلاح. فأعطاهم الرب ملكاً في غضبه (هوشع 13: 11). وكان شاول ملكهم الأول ملكاً حسب مطلوبهم طويل القامة ومقتدراً في الحرب ولكنه تمرد على الرب فرفضه وسلمه هو وشعبه لأعدائهم (ص 31). وثم أعطاهم ملكاً في رحمته وهو داود الذي كان حسب قلبه.

10 «فَكَلَّمَ صَمُوئِيلُ ٱلشَّعْبَ ٱلَّذِينَ طَلَبُوا مِنْهُ مَلِكاً بِجَمِيعِ كَلاَمِ ٱلرَّبِّ».

ع 4

أَشْهِدَنَّ عَلَيْهِمْ والكلام ليس في شاول ملكهم الأول فقط بل في ملوكهم بالإجمال. فأخبرهم بما سيصيبهم من ظلم ملوكهم فلا يكون لهم عذر ولا حق الاعتراض على الرب ونبيه صموئيل.

بِقَضَاءِ ٱلْمَلِكِ أي كيف يقضي للشعب وما يكون فيه من الظلم في قضائه لهم.

11 - 13 «11 وَقَالَ: هٰذَا يَكُونُ قَضَاءُ ٱلْمَلِكِ ٱلَّذِي يَمْلِكُ عَلَيْكُمْ: يَأْخُذُ بَنِيكُمْ وَيَجْعَلُهُمْ لِنَفْسِهِ، لِمَرَاكِبِهِ وَفُرْسَانِهِ، فَيَرْكُضُونَ أَمَامَ مَرَاكِبِهِ. 12 وَيَجْعَلُ لِنَفْسِهِ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ خَمَاسِينَ فَيَحْرُثُونَ حِرَاثَتَهُ وَيَحْصُدُونَ حَصَادَهُ وَيَعْمَلُونَ عُدَّةَ حَرْبِهِ وَأَدَوَاتِ مَرَاكِبِهِ. 13 وَيَأْخُذُ بَنَاتِكُمْ عَطَّارَاتٍ وَطَبَّاخَاتٍ وَخَبَّازَاتٍ».

ص 10: 25 وتثنية 17: 14 - 20 ص 14: 52 و2صموئيل 15: 1 ص 22: 7 وعدد 31: 14

يَأْخُذُ بَنِيكُمْ يسخرهم للخدمة العسكرية ولخدمة نفسه فيكونون له عبيداً. والجيش الذي يفتخرون بعظمته ونظامه يكون جيشاً مركباً من بنيهم. والبنون عوضاً عن أن يحرثوا لوالديهم ولأنفسهم سيحرثون لسيدهم بلا أجرة أو يحاربون حروبه ويسفكون دماءهم كما يشأ هو (ص 14: 52). ولا يأخذ الملك بنيهم فقط بل أيضاً بناتهم الأمر الذي ليس فيه عذر بل هو ظلم محض ولم يذكر صموئيل ما هو شرّ من كل هذا أي جعل بناتهم سراري للملك ولعبيده (1ملوك 11: 3).

14 - 18 «14 وَيَأْخُذُ حُقُولَكُمْ وَكُرُومَكُمْ وَزَيْتُونَكُمْ أَجْوَدَهَا وَيُعْطِيهَا لِعَبِيدِهِ. 15 وَيُعَشِّرُ زُرُوعَكُمْ وَكُرُومَكُمْ وَيُعْطِي لِخِصْيَانِهِ وَعَبِيدِهِ. 16 وَيَأْخُذُ عَبِيدَكُمْ وَجَوَارِيَكُمْ وَشُبَّانَكُمُ ٱلْحِسَانَ وَحَمِيرَكُمْ وَيَسْتَعْمِلُهُمْ لِشُغْلِهِ. 17 وَيُعَشِّرُ غَنَمَكُمْ وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لَهُ عَبِيداً. 18 فَتَصْرُخُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ مِنْ وَجْهِ مَلِكِكُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَرْتُمُوهُ لأَنْفُسِكُمْ فَلاَ يَسْتَجِيبُ لَكُمُ ٱلرَّبُّ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ».

1ملوك 21: 7 وحزقيال 46: 18 إشعياء 8: 21 أمثال 1: 25 - 28 وميخا 3: 4

وَيُعْطِي لِخِصْيَانِهِ وَعَبِيدِهِ كانوا يحتملون خسارة مالهم إذا كانت في سبيل النفع العام أو للدفاع عن الوطن في الحرب ولكن ملكهم سيأخذ هذا لنفسه ولخصيانه والخصيان أحقر من العبيد. والحكم المشار إليه هو حكم مطلق فيعمل الملك بلا شريعة وبلا دستور كل ما يشاء. فلا يقدر الشعب أن يصرخوا لأحد إلا للرب ويقول الرب إنه لا يستجيب لهم لانهم لم يصغوا إلى إنذاره. وهذه النبوءة تمت في ملوك إسرائيل ولكن أكثر ملوك يهوذا كانوا يخافون الرب ولم يعملوا كل ما ذُكر هنا.

19 - 22 «19 فَأَبَى ٱلشَّعْبُ أَنْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ صَمُوئِيلَ وَقَالُوا: لاَ بَلْ يَكُونُ عَلَيْنَا مَلِكٌ، 20 فَنَكُونُ نَحْنُ أَيْضاً مِثْلَ سَائِرِ ٱلشُّعُوبِ، وَيَقْضِي لَنَا مَلِكُنَا وَيَخْرُجُ أَمَامَنَا وَيُحَارِبُ حُرُوبَنَا. 21 فَسَمِعَ صَمُوئِيلُ كُلَّ كَلاَمِ ٱلشَّعْبِ وَتَكَلَّمَ بِهِ فِي أُذُنَيِ ٱلرَّبِّ. 22 فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: ٱسْمَعْ لِصَوْتِهِمْ وَمَلِّكْ عَلَيْهِمْ مَلِكاً. فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِرِجَالِ إِسْرَائِيلَ: ٱذْهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ».

ع 5 قضاة 11: 11 ع 7

فَأَبَى ٱلشَّعْبُ لعدم إيمانهم وزعمهم أن ملكهم لا يكون كما وصف صموئيل ونظروا إلى الزمان الحاضر فقط بغض النظر عما ينتج من عملهم في المستقبل.

مِثْلَ سَائِرِ ٱلشُّعُوبِ الناس كالغنم يحبون أن يلحقوا بعضهم بعضاً فيستعفون من مسؤولية الحكم بنفوسهم والاستقلال في أعمالهم. وكان للإسرائيليين أن يفتخروا بأنهم ليسوا كسائر الشعوب وملكهم ليس كملوك أولئك.

ٱسْمَعْ لِصَوْتِهِمْ بعد الإنذار الكافي تركهم الرب ليعملوا حسب إرادتهم لأن الله خلق الإنسان وأعطاه العقل وقوة الاختيار حتى إذا أطاعه تكون طاعته طاعة اختيارية قلبية. وأكثر الناس لا يتعلمون إلا من الاختبار مع أن الاختبار يتطلب وقتاً وخسارة وآلاماً.

ٱذْهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِه هذا دليل عل اعتبارهم لصموئيل وخضوعهم للرب لأنهم انصرفوا متيقنين بأن صموئيل يدبر لهم أمرهم وإن كان ذلك مخالفاً لرأيه ومصلحته وهكذا حدث في إسرائيل ما ندر حدوثه بلا حرب وهو تعطيل النظام القديم وإقامة الجديد.

فوائد

  1. على كل من في منصب أن يحترز من مراعاة أهل بيته ومحاباة أقربائه (ع 1 وانظر إشعياء 22: 24 و25).

  2. يجب الصلاة قبل الحكم في أمر ما والنظر إلى إرادة الله قبل إرادتنا (ع 6).

  3. من طبع الإنسان الفاسد أن يفضّل النفع القريب على البعيد والجسدي على الروحي والظاهر على الحقيقي.

  4. الخادم الأمين لا يتكلم إلا بكلام سيده ولا يعمل إلا إرادة مولاه. والرب أمين أيضاً فلا يترك خدامه الأمناء بل يأخذ على عاتقه ما يصيبهم من الإهانة والمقاومة (ع 7).

  5. ما أعظم الفرق بين ملوك هذا العالم وملكنا الرب يسوع المسيح الذي لم يأتِ «ليُخدَم بل ليخدُم» (ع 10 - 17).

  6. الأن وقت مقبول والآن يوم خلاص. ومن لا يلتجئ إلى الرب اليوم فربما لا يستجيب له بعدئذ (ع 18).

  7. يجب في كل طلباتنا أن نقول لتكن مشيئتك لأننا لا نعلم ما ينفعنا. وأعظم شّر للإنسان هو أن ينال ما يريده دائماً.

  8. الرب يؤدب شعبه ولا يرفضهم كل الرفض وإذا قصروا عن نيل ما لهم من الخير العظيم يعطيهم خيرات أخرى غير أنها دون ما كان أعدّ لهم.

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ

مضمونه: خروج شاول ليطلب أُتن أبيه (ع 1). ذهابه إلى صموئيل حسب مشورة غلامه (ع 6). إكرام صموئيل إياه (ع 19). تشييعه إياه (ع 26).

1 «وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ بِنْيَامِينَ ٱسْمُهُ قَيْسُ بْنُ أَبِيئِيلَ بْنِ صَرُورَ بْنِ بَكُورَةَ بْنِ أَفِيحَ، ٱبْنُ رَجُلٍ بِنْيَامِينِيٍّ جَبَّارَ بَأْسٍ».

ص 14: 51 و1أيام 9: 36 - 39

تقدم الكاتب المؤرخ إلى نبإ الملك الأول شاول فذكر أولاً نسبه. هو من سبط بنيامين وطبعاً كان من نسل الست مئة الذين نجوا من الحرب وأقاموا في صخرة رمون (قضاة 20: 47). وسبط بنيامين وإن كان صغيراً في العدد كان معتبراً ومقتدراً ومن اللياقة أن الملك يكون منه. ومنه أهود الذي خلّص إسرائيل من عجلون ملك موآب (قضاة 3: 15) وبولس الرسول (فيلبي 3: 5). كان موطن السبط بين يهوذا جنوباً وأفرايم شمالاً وكانت أرض مخصبة. ومن مدنها المشهورة أورشليم وأريحا وبيت إيل وجبعون وجبع والمصفاة. وبعد انقسام المملكة كان بنيامين مع يهوذا. وإذا قابلنا ما قيل هنا بما قيل في (ص 14: 51 و1أيام 8: 33 و9: 36 - 39) يظهر شيء من الاختلاف لأن العبرانيين كانوا يتركون أحياناً بعض الأسماء في سلسلة النسب فيقولون فلاناً ابن فلان على حين أنه حفيده أي ابن ابنه.

جَبَّارَ بَأْسٍ يدل على القوة في الحرب (ص 16: 18) أو الثروة (راعوث 2: 1) أو الاعتبار في المجتمع.

2 «وَكَانَ لَهُ ٱبْنٌ ٱسْمُهُ شَاوُلُ، شَابٌّ وَحَسَنٌ، وَلَمْ يَكُنْ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَحْسَنَ مِنْهُ. مِنْ كَتِفِهِ فَمَا فَوْقُ كَانَ أَطْوَلَ مِنْ كُلِّ ٱلشَّعْبِ».

ص 15: 24 ص 10: 23

شَاوُلُ المطلوب. بالصورة الجسدية لم يكن أجمل منه في كل إسرائيل. فأعطى الرب شعبه مطلوبهم. ولكن لم يكن فيه الصفات الروحية الجوهرية التي كانت في صموئيل والشعب لم يعرفوا قيمة هذه الصفات ولم يطلبوها. ولعل قصد الرب في ذلك أن يعلّم شعبه بالاختبار بطل الحُسن الجسدي وأهمية الحُسن الروحي. وأظهر شاول جلياً في آخر ملكه أنه لم يطلب مجد الله ولا نفع الشعب بل مجد نفسه فقط.

3 - 5 «3 فَضَلَّتْ أُتُنُ قَيْسَ أَبِي شَاوُلَ. فَقَالَ قَيْسُ لِشَاوُلَ ٱبْنِهِ: خُذْ مَعَكَ وَاحِداً مِنَ ٱلْغِلْمَانِ وَقُمِ ٱذْهَبْ فَتِّشْ عَلَى ٱلأُتُنِ. 4 فَعَبَرَ فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ، ثُمَّ عَبَرَ فِي أَرْضِ شَلِيشَةَ فَلَمْ يَجِدْهَا. ثُمَّ عَبَرَا فِي أَرْضِ شَعَلِيمَ فَلَمْ تُوجَدْ. ثُمَّ عَبَرَا فِي أَرْضِ بِنْيَامِينَ فَلَمْ يَجِدَاهَا. 5 وَلَمَّا دَخَلاَ أَرْضَ صُوفٍ قَالَ شَاوُلُ لِغُلاَمِهِ ٱلَّذِي مَعَهُ: تَعَالَ نَرْجِعْ لِئَلاَّ يَتْرُكَ أَبِي ٱلأُتُنَ وَيَهْتَمَّ بِنَا».

يشوع 24: 33 2ملوك 4: 42 يشوع 19: 42 ص 1: 1 ص 10: 2

ضَلَّتْ أُتُنُ قَيْسَ يظهر لنا أن هذا الأمر زهيد لا يستحق الذكر في الكتاب ولكن منه نتج نتائج عظيمة لأنه كان الواسطة المعيّنة من الله لتأتي بشاول إلى صموئيل فيمسحه ملكاً على إسرائيل. وكان شاول حراً في كل ما فعله ومع ذلك كان آلة بيد الرب فعمل به كما قصد. وأرض شليشة وأرض شعليم محلهما مجهول. وعبرا في أرض بنيامين كلها. وأرض صوف خارجة عن أرض بنيامين إلى جهة الجنوب.

تَعَالَ نَرْجِعْ يجب الثبات في العمل ولكن يجب النظر أيضاً إلى قيمة العمل فلا يجوز أن نثبت في عمل إذا تحققنا أنه لا يستحق زيادة التعب. والأولى أن الأُتن تضل ولا يضل الابن ولا سيما ابن مثل شاول.

6 «فَقَالَ لَهُ: هُوَذَا رَجُلُ ٱللّٰهِ فِي هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ وَٱلرَّجُلُ مُكَرَّمٌ، كُلُّ مَا يَقُولُهُ يَصِيرُ. لِنَذْهَبِ ٱلآنَ إِلَى هُنَاكَ لَعَلَّهُ يُخْبِرُنَا عَنْ طَرِيقِنَا ٱلَّتِي نَسْلُكُ فِيهَا».

تثنية 33: 1 و2ملوك 5: 8 ص 3: 19 تكوين 24: 42

فِي هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ الرامة مدينة صموئيل (ص 1: 1) وهذا قول غلام شاول لسيده على سبيل الخبر فنستنتج منه إن شاول لم يعرف صموئيل سابقاً مع أن صموئيل كان نبياً وقاضياً ومرشداً لجميع الذين اتقوا الرب. ولعل شاول لم يكن من الذين يهتمون كثيراً في الأمور الدينية. وأول معرفته بصموئيل كانت بواسطة أمر زهيد عالمي.

7، 8 «7 فَقَالَ شَاوُلُ لِلْغُلاَمِ: هُوَذَا نَذْهَبُ، فَمَاذَا نُقَدِّمُ لِلرَّجُلِ؟ لأَنَّ ٱلْخُبْزَ قَدْ نَفَدَ مِنْ أَوْعِيَتِنَا وَلَيْسَ مِنْ هَدِيَّةٍ نُقَدِّمُهَا لِرَجُلِ ٱللّٰهِ. مَاذَا مَعَنَا؟ 8 فَعَادَ ٱلْغُلاَمُ وَأَجَابَ شَاوُلَ: هُوَذَا يُوجَدُ بِيَدِي رُبْعُ شَاقِلِ فِضَّةٍ فَأُعْطِيهِ لِرَجُلِ ٱللّٰهِ فَيُخْبِرُنَا عَنْ طَرِيقِنَا».

1ملوك 14: 3 و2ملوك 5: 15 و8: 8 و9 وحزقيال 13: 19 ع 6

على من ذهب إلى رجل عظيم أن يقدم له تقدمة وكان أكثر التقدمات من المأكولات (ص 16: 20 وحزقيال 13: 19) وقيمة ربع شاقل فضة نحو أربعة غروش.

يُخْبِرُنَا عَنْ طَرِيقِنَا يرشدنا إلى ما نعمله في أمر الأُتن.

9 «سَابِقاً فِي إِسْرَائِيلَ هٰكَذَا كَانَ يَقُولُ ٱلرَّجُلُ عِنْدَ ذَهَابِهِ لِيَسْأَلَ ٱللّٰهَ: هَلُمَّ نَذْهَبْ إِلَى ٱلرَّائِي. لأَنَّ ٱلنَّبِيَّ ٱلْيَوْمَ كَانَ يُدْعَى سَابِقاً ٱلرَّائِيَ».

2صموئيل 24: 11 و1أيام 9: 22 و26: 28 وإشعياء 30: 10

هذا القول حشو أُدخل هنا لأجل تفسير كلمة «رائي» المستعملة في هذا الأصحاح (ع 11 و18 و19) وفي (1أيام 9: 22 و26: 28 و29: 29). يُقصد منه البيان أن صموئيل كان نبياً وإن سماه العامة رائياً. ومعنى كلمة «رائي» في الأصل هو الذي يرى أموراً مخفية بشأن عموم الناس. والمراد أحياناً بالكلمة الرأوون الصادقون وأحياناً الكذبة. ومنصب النبي أعلى من منصب الرائي وأوسع لأنه لا يخبر بأمور مستقبلة ومخيفة فقط بل هو مرسل من الله ليتكلم عنه ويُعلن إرادته للناس ويعلّمهم ويأمرهم بسلطان من الله.

10 - 12 «10 فَقَالَ شَاوُلُ لِغُلاَمِهِ: كَلاَمُكَ حَسَنٌ. هَلُمَّ نَذْهَبْ. فَذَهَبَا إِلَى ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي فِيهَا رَجُلُ ٱللّٰهِ. 11 وَفِيمَا هُمَا صَاعِدَانِ فِي مَطْلَعِ ٱلْمَدِينَةِ صَادَفَا فَتَيَاتٍ خَارِجَاتٍ لٱسْتِقَاءِ ٱلْمَاءِ. فَقَالاَ لَهُنَّ: أَهُنَا ٱلرَّائِي؟ 12 فَأَجَبْنَهُمَا: نَعَمْ. هُوَذَا هُوَ أَمَامَكُمَا. أَسْرِعَا ٱلآنَ، لأَنَّهُ جَاءَ ٱلْيَوْمَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لأَنَّهُ ٱلْيَوْمَ ذَبِيحَةٌ لِلشَّعْبِ عَلَى ٱلْمُرْتَفَعَةِ».

تكوين 24: 15 و29: 9 وخروج 2: 16 عدد 28: 11 - 15 ص 7: 17 و10: 5

مَطْلَعِ ٱلْمَدِينَةِ معنى الاسم «الرامة» مرتفع وكانت المدينة مبنية على أكمتين فدُعيت «رامتايم» (ص 1: 1) أي رامتين. وكانت العبادة في المرتفعات مخالفة لتعليم الشريعة ولكنها من الأمور الجائزة وقتياً لعدم وجود الوسائل للعبادة القانونية.

أَمَامَكُمَا أي هو في المدينة والمدينة أمامكما.

عَلَى ٱلْمُرْتَفَعَةِ المذبح الذي كان صموئيل بناه (ص 7: 17).

13، 14 «13 عِنْدَ دُخُولِكُمَا ٱلْمَدِينَةَ لِلْوَقْتِ تَجِدَانِهِ قَبْلَ صُعُودِهِ إِلَى ٱلْمُرْتَفَعَةِ لِيَأْكُلَ لأَنَّ ٱلشَّعْبَ لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يَأْتِيَ لأَنَّهُ يُبَارِكُ ٱلذَّبِيحَةَ. بَعْدَ ذٰلِكَ يَأْكُلُ ٱلْمَدْعُوُّونَ. فَٱلآنَ ٱصْعَدَا لأَنَّكُمَا فِي مِثْلِ ٱلْيَوْمِ تَجِدَانِهِ. 14 فَصَعِدَا إِلَى ٱلْمَدِينَةِ. وَفِيمَا هُمَا آتِيَانِ فِي وَسَطِ ٱلْمَدِينَةِ إِذَا بِصَمُوئِيلَ خَارِجٌ لِلِقَائِهِمَا لِيَصْعَدَ إِلَى ٱلْمُرْتَفَعَةِ».

لوقا 9: 16 ويوحنا 6: 11

يُبَارِكُ ٱلذَّبِيحَةَ أي إن الشعب ما كان يأكل حتى يأتي صموئيل ويبارك الذبيحة. وهكذا يسوع بارك الطعام قبلما أطعم الجمع في البرية وشكر قبلما أعطى تلاميذه عندما فرض العشاء الربي والأتقياء يطلبون بركة الله على طعامهم اليومي.

آتِيَانِ فِي وَسَطِ ٱلْمَدِينَةِ قيل في (ع 18) «في وسط الباب» فنفهم أنهما كانا في الباب قاصدين الدخول إلى المدينة.

لِيَصْعَدَ إِلَى ٱلْمُرْتَفَعَةِ الأكمة لأن المدينة كانت مبنية على هضبة عالية أو الأكمة الأخرى التي كانت تجاه المدينة.

15 «وَٱلرَّبُّ كَشَفَ أُذُنَ صَمُوئِيلَ قَبْلَ مَجِيءِ شَاوُلَ بِيَوْمٍ قَائِلاً».

ص 15: 1 وأعمال 13: 21

كَشَفَ أُذُنَ صَمُوئِيلَ اي أخبره سراً كمن يرفع العمامة قليلاً أو الشعر الذي على الأذن فيكشفها ليناجي صاحبها.

16 «غَداً فِي مِثْلِ ٱلآنَ أُرْسِلُ إِلَيْكَ رَجُلاً مِنْ أَرْضِ بِنْيَامِينَ، فَٱمْسَحْهُ رَئِيساً لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ، فَيُخَلِّصَ شَعْبِي مِنْ يَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، لأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى شَعْبِي لأَنَّ صُرَاخَهُمْ قَدْ جَاءَ إِلَيَّ».

ص 10: 1 خروج 3: 7 و9

أُرْسِلُ إِلَيْكَ الأمر كله من الرب فهو الذي اختار شاول ليكون ملكاً وأتى به إلى صموئيل وأمر بمسحه. وفي تعيين شاول رحمة وغضب. أما الرحمة فلأنه خلّص به شعبه من الفلسطينيين. وأما للغضب فلأن بني إسرائيل رفضوا الرب واتكلوا على القوة الجسدية واشتهوا المجد العالمي. وإن كان ملكهم خلصهم من الفلسطينيين فذلك كان خلاصاً وقتياً فقط لكنه أوقعهم أخيراً في شر أعظم.

مِنْ يَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ قيل في (ص 7: 13) «فذل الفلسطينيون» الخ ورأينا أن كسرة الفلسطينيين في المصفاة كانت بداءة سقوطهم فذلوا أيضاً في أيام شاول وتم سقوطهم في أيام داود.

17 «فَلَمَّا رَأَى صَمُوئِيلُ شَاوُلَ قَالَ ٱلرَّبُّ: هُوَذَا ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي كَلَّمْتُكَ عَنْهُ. هٰذَا يَضْبِطُ شَعْبِي».

ص 16: 12

قَالَ ٱلرَّبُّ كأن صموئيل سأل الرب سؤالاً غير مذكور هنا أو سأل الرب في قلبه بلا كلام.

يَضْبِطُ شَعْبِي تمييزاً عن الأيام التي فيها كان كل واحد يعمل ما يحسن في عينيه (قضاة 21: 25).

18، 19 «18 فَتَقَدَّمَ شَاوُلُ إِلَى صَمُوئِيلَ فِي وَسَطِ ٱلْبَابِ وَقَالَ: أَطْلُبُ إِلَيْكَ: أَخْبِرْنِي أَيْنَ بَيْتُ ٱلرَّائِي؟ 19 فَأَجَابَ صَمُوئِيلُ شَاوُلَ: أَنَا ٱلرَّائِي. اِصْعَدَا أَمَامِي إِلَى ٱلْمُرْتَفَعَةِ فَتَأْكُلاَ مَعِيَ ٱلْيَوْمَ ثُمَّ أُطْلِقَكَ صَبَاحاً وَأُخْبِرَكَ بِكُلِّ مَا فِي قَلْبِكَ».

يظهر من هذا الكلام إن شاول لم يعرف صموئيل سابقاً.

اِصْعَدَا أَمَامِي القول لشاول وغلامه. ورأى بعضهم إن هذا يدل على اعتبار صموئيل لشاول ملك المستقبل. وربما كان لصموئيل عمل أو كلام مع أناس فقال شاول وغلامه أن يسبقاه حتى يكون له فرصة لإتمام عمله هذا.

وَأُخْبِرَكَ بِكُلِّ مَا فِي قَلْبِكَ لعل شاول كان يفكر في أمور المملكة واشتهى أن يخلص إسرائيل من الفلسطينيين فأشار صموئيل إلى أفكاره هذه السرّية.

20 «وَأَمَّا ٱلأُتُنُ ٱلضَّالَّةُ لَكَ مُنْذُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فَلاَ تَضَعْ قَلْبَكَ عَلَيْهَا لأَنَّهَا قَدْ وُجِدَتْ. وَلِمَنْ كُلُّ شَهِيِّ إِسْرَائِيلَ؟ أَلَيْسَ لَكَ وَلِكُلِّ بَيْتِ أَبِيكَ؟».

ع 3 ص 8: 5 و12: 13

وذكر الأُتن أولاً ليبرهن لشاول أنه عرف ما في قلبه من جهتها وإنه عرف أيضاً أن الأُتن وُجدت مع أنه لم يخبر بشيء عن ذلك. وثانياً ليرفع أفكاره عن هذه الأمور الزهيدة إلى أمور المملكة العظيمة فلا يعتبر نفسه كراعي أُتن بل كملك إسرائيل مختار الرب. وكم وكم من الناس يرتبكون في أمور هذا العالم الزهيدة الزائلة وينسون أنهم أولاد الله وورثة الحياة الأبدية.

وَلِمَنْ كُلُّ شَهِيِّ إِسْرَائِيلَ عنى صموئيل أن كل خيرات إسرائيل لشاول ولبيته فلا يليق به أن يهتم بأمر زهيد كأمر الأتن لأنه بالمستقبل يصير له أتن وخيل ومركبات وخدام وغنى ومجد وكل ما يشتهي الناس. كان قول صموئيل مبهماً ولكنه أوضحه بالتفصيل بعد ذلك. وأما شاول ففهم جوهر القول.

21 «فَقَالَ شَاوُلُ: أَمَا أَنَا بِنْيَامِينِيٌّ مِنْ أَصْغَرِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، وَعَشِيرَتِي أَصْغَرُ كُلِّ عَشَائِرِ أَسْبَاطِ بِنْيَامِينَ؟ فَلِمَاذَا تُكَلِّمُنِي بِمِثْلِ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ؟».

ص 15: 17 قضاة 20: 46 - 48

أَمَا أَنَا بِنْيَامِينِيٌّ كان بنيامين في ذلك الزمان أصغر الأسباط ولعله ذكر عشيرته من باب التواضع لأن أباه جبار بأس (ع 1) وكان شاول أحسن شاب في إسرائيل. «وأسباط بنيامين» بمعنى عشائره (عدد 4: 18 وقضاة 10: 12).

22 «فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ شَاوُلَ وَغُلاَمَهُ وَأَدْخَلَهُمَا إِلَى ٱلْقَاعَةِ وَأَعْطَاهُمَا مَكَاناً فِي رَأْسِ ٱلْمَدْعُوِّينَ، وَهُمْ نَحْوُ ثَلاَثِينَ رَجُلاً».

ٱلْقَاعَةِ (المنسك) غرفة بالمرتفعة عند المذبح يأكل الشعب فيها حصته من الذبائح وقعد فيها المدعوون الثلاثون وأما باقي الشعب فأكلوا خارجاً. والكلمة الأصلية المترجمة هنا «بمنسك» مترجمة أيضاً «بمخادع» في (عزرا 8: 29) «مخادع بيت الرب» وآيات كهذه كثيرة في عزرا ونحميا وإرميا وحزقيال. وكانت هذه المخادع للكهنة واللاويين للذخائر المقدسة كالقمح والزيت والخمر وغيرها من عشور الشعب.

أَعْطَاهُمَا قعد غلام شاول مع سيده في رأس المدعوين لأنه كان معتبراً كأحد أعوان الملك.

23، 24 «23 وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِلطَّبَّاخِ: هَاتِ ٱلنَّصِيبَ ٱلَّذِي أَعْطَيْتُكَ إِيَّاهُ، ٱلَّذِي قُلْتُ لَكَ عَنْهُ ضَعْهُ عِنْدَكَ. 24 فَرَفَعَ ٱلطَّبَّاخُ ٱلسَّاقَ مَعَ مَا عَلَيْهَا وَجَعَلَهَا أَمَامَ شَاوُلَ. فَقَالَ: هُوَذَا مَا أُبْقِيَ. ضَعْهُ أَمَامَكَ وَكُلْ. لأَنَّهُ إِلَى هٰذَا ٱلْمِيعَادِ مَحْفُوظٌ لَكَ مُنْذُ دَعَوْتُ ٱلشَّعْبَ. فَأَكَلَ شَاوُلُ مَعَ صَمُوئِيلَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ».

خروج 29: 22 و27 ولاويين 7: 32 و33 وعدد 18: 18

لأَنَّهُ إِلَى هٰذَا ٱلْمِيعَادِ مَحْفُوظٌ لَكَ أظهر بذلك أنه سبق فعرف مجيء شاول فأعد له أفخر الطعام. كانت الساق اليمنى للكاهن (لاويين 7: 32) والساق اليسرى للشعب ولا نعرف أيهما أكل شاول.

فَقَالَ: هُوَذَا مَا أُبْقِيَ من المحتمل أن القائل هو الطبّاخ والأرجح أنه صموئيل.

دَعَوْتُ ٱلشَّعْبَ أي الثلاثين المذكورين.

25 - 27 «25 وَلَمَّا نَزَلُوا مِنَ ٱلْمُرْتَفَعَةِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ تَكَلَّمَ مَعَ شَاوُلَ عَلَى ٱلسَّطْحِ. 26 وَبَكَّرُوا. وَكَانَ عِنْدَ طُلُوعِ ٱلْفَجْرِ أَنَّ صَمُوئِيلَ دَعَا شَاوُلَ عَنِ ٱلسَّطْحِ قَائِلاً: قُمْ فَأَصْرِفَكَ. فَقَامَ شَاوُلُ وَخَرَجَا كِلاَهُمَا، هُوَ وَصَمُوئِيلُ إِلَى خَارِجٍ. 27 وَفِيمَا هُمَا نَازِلاَنِ بِطَرَفِ ٱلْمَدِينَةِ قَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: قُلْ لِلْغُلاَمِ أَنْ يَعْبُرَ قُدَّامَنَا. فَعَبَرَ. وَأَمَّا أَنْتَ فَقِفِ ٱلآنَ فَأُسْمِعَكَ كَلاَمَ ٱللّٰهِ».

تثنية 22: 8 وأعمال 10: 9

تَكَلَّمَ مَعَ شَاوُلَ عَلَى ٱلسَّطْحِ مكان معتزل موافق للكلام السري. ولعله راجع الأمور المهمة في تاريخ إسرائيل وبيّن لهم أنهم استراحوا لما عبدوا الرب وتضايقوا حينما تركوه وذكر ما في شريعة موسى عن أمر الملك وذكّره أن الملك معيّن من الله وهو خادم الله ونائب الله في تسلطه على الشعب فعليه أن يراعي أولاً إرادة الله ويعملها دائماً كخادم أمين. وشاول سمع الكلام كله ولكنه لم يستفد منه كما يجب إذ لم يكن له استعداد روحي وكانت أفكاره أكثرها متجهة نحو مجد نفسه كما أظهر جلياً بعد ما تبوّأ عرش الملك. ونام شاول على السطح ونزل صموئيل ونام في البيت. وعند طلوع الفجر قام صموئيل ودعا شاول عن السطح فنزل وشيّعه صموئيل إلى طرف المدينة وبعد ما أمر شاول خادمه أن يسبقه وقف ليسمع كلام الله من صموئيل.

فوائد

  1. الجمال الجسدي حسن والجمال الروحي أحسن (ع 2).

  2. إن عناية الله تشمل الأمور الزهيدة كالأمور العظيمة فضلال الأُتن كان واسطة لوجدان الملك.

  3. إن قضاء الله لا يمنع حرية الإنسان فإن الله أتى بشاول إلى صموئيل وأتى شاول بإرادة نفسه أيضاً.

  4. إنه يجب رفع النظر عن الأمور الزهيدة إلى الأمور العظيمة وأهم أمر للإنسان أن يعرف مشيئة الله ويعملها (ع 20).

  5. إن كل إنسان مدعو للملك بيسوع المسيح (رؤيا 1: 6) فعليه الاستعداد لذلك.

  6. يجب أن نهتم بأمور ملكوت الله قبل الاهتمام بأمورنا الخاصة. فإن صموئيل حينما سلّم لغيره الرئاسة التي كانت له لم يفتكر بنفسه بل براحة المملكة.

  7. إنه بين الأمور السياسية والأمور الدينية علاقة كليّة فيجب على جميع الحكام أن يحكموا بموجب إرادة الله (ع 27).

  8. إن الله يعلن للناس إرادته بالتدريج لكي يستعدوا لها (ع 19 و20 و22 و25).

اَلأَصْحَاحُ ٱلْعَاشِرُ

مضمونه: مسح صموئيل شاول (ع 1). جعله له ثلاث علامات (ع 2). إعطاء الرب له قلباً آخر وتنبؤه (ع 5). إخفاؤه أمر الملك عن عمه (ع 14). انتخاب شاول بالقرعة في المصفاة (ع 17). اختلاف الناس من جهته (ع 26).

1 «فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ قِنِّينَةَ ٱلدُّهْنِ وَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَقَبَّلَهُ وَقَالَ: أَلَيْسَ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ مَسَحَكَ عَلَى مِيرَاثِهِ رَئِيساً؟».

16: 13 وخروج 30: 23 - 33 و2ملوك 9: 3 و6 مزمور 2: 12 ع 9 و10 وص 16: 13 و26: 9 و2صموئيل 1: 14 تثنية 32: 9 ومزمور 78: 71

قِنِّينَةَ ٱلدُّهْنِ ربما إن أل التعريف تشير إلى الدهن المخصص لتقديس الكهنة (خروج 30: 23 - 33).

وَقَبَّلَهُ علامة الاحترام والخضوع للمك الجديد (مزمور 2: 12).

ٱلرَّبَّ قَدْ مَسَحَكَ المسيح يشير (1) إلى أن الملك مقدس للرب. (2) إلى نيل الروح القدس ليؤهل الممسوح لمنصبه. (3) إلى أنه مستحق الاحترام (ص 26: 9 و2صموئيل 1: 14). وتسمّى الملك «مسيح الرب» كثيراً في سفري صموئيل والمزامير وليس كذلك في سفري الملوك لأن القرون المتأخرة نسبت أن الملك من الرب وإنه خادم الرب في ملكه على الشعب. والمسيح للكهنة والأنبياء والملوك الذين هم رمز إلى يسوع المسيح الذي اجتمعت فيه المناصب الثلاثة.

مِيرَاثِهِ الأرض كلها للرب ولكنه سمّى إسرائيل «ميراثه وقِسمه وحبل نصيبه» (تثنية 32: 9 ومزمور 105: 11) أي اختار إسرائيل واعتنى بهم بعض الاعتناء كاعتناء الإنسان بأرضه وبيته.

2 «فِي ذَهَابِكَ ٱلْيَوْمَ مِنْ عِنْدِي تُصَادِفُ رَجُلَيْنِ عِنْدَ قَبْرِ رَاحِيلَ فِي تُخُمِ بِنْيَامِينَ فِي صَلْصَحَ، فَيَقُولاَنِ لَكَ: قَدْ وُجِدَتِ ٱلأُتُنُ ٱلَّتِي ذَهَبْتَ تُفَتِّشُ عَلَيْهَا، وَهُوَذَا أَبُوكَ قَدْ تَرَكَ أَمْرَ ٱلأُتُنِ وَٱهْتَمَّ بِكُمَا قَائِلاً: مَاذَا أَصْنَعُ لٱبْنِي؟».

تكوين 35: 16 - 20 و48: 7 ص 9: 3 - 5

لعلّ شاول لم يصدق أنه قد صار ملكاً فأعطاه صموئيل ثلاث آيات بها يعلم حقيقة الأمر (1) مصادفته رجلين. (2) مصادفته ثلاث رجال. (3) مصادفته زمرة من الأنبياء وحلول الروح عليه.

قَبْرِ رَاحِيلَ (تكوين 35: 16 - 20) قرب بيت لحم والأرجح أنه المكان المسمى قبر راحيل اليوم وهو على بُعد ميل من بيت لحم إلى الشمال وأربعة أميال من تخم بنيامين الجنوبي. وصلصح مجهولة والظاهر أنها بين قبر راحيل وتخم بنيامين الجنوبي. ولم يرسل صموئيل شاول إلى بيته رأساً.

3، 4 «3 وَتَعْدُو مِنْ هُنَاكَ ذَاهِباً حَتَّى تَأْتِيَ إِلَى بَلُّوطَةِ تَابُورَ، فَيُصَادِفُكَ هُنَاكَ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ صَاعِدُونَ إِلَى ٱللّٰهِ إِلَى بَيْتِ إِيلٍ، وَاحِدٌ حَامِلٌ ثَلاَثَةَ جِدَاءٍ، وَوَاحِدٌ حَامِلٌ ثَلاَثَةَ أَرْغِفَةِ خُبْزٍ، وَوَاحِدٌ حَامِلٌ زِقَّ خَمْرٍ. 4 فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْكَ وَيُعْطُونَكَ رَغِيفَيْ خُبْزٍ، فَتَأْخُذُ مِنْ يَدِهِمْ».

تثنية 35: 8 تكوين 28: 16 و22 و35: 1 و3 و7

بَلُّوطَةِ تَابُورَ مكان هذه البلوطة مجهول ولا علاقة بينهما وبين جبل تابور.

صَاعِدُونَ إِلَى ٱللّٰهِ إِلَى بَيْتِ إِيلٍ لم يعرفوا كما يجب أن الله موجود في كل مكان بل كانوا يعتبرون أن بعض الأماكن هي مساكنه الخاصة (انظر ص 7: 16 وتكوين 28: 16). وتقديم رغيفين لشاول علامة اعتبارهم لملكهم دون أن يفهموا معنى ما عملوه. وكان على شاول أن يقبل منهم الرغيفين لأنه ملكهم.

5 «بَعْدَ ذٰلِكَ تَأْتِي إِلَى جِبْعَةِ ٱللّٰهِ حَيْثُ أَنْصَابُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَيَكُونُ عِنْدَ مَجِيئِكَ إِلَى هُنَاكَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ أَنَّكَ تُصَادِفُ زُمْرَةً مِنَ ٱلأَنْبِيَاءِ نَازِلِينَ مِنَ ٱلْمُرْتَفَعَةِ وَأَمَامَهُمْ رَبَابٌ وَدُفٌّ وَنَايٌ وَعُودٌ وَهُمْ يَتَنَبَّأُونَ».

ص 13: 2 و3 ص 19: 20 و2ملوك 2: 3 و5 و15 و2ملوك 3: 15 و1أيام 25: 1 - 6

جِبْعَةِ ٱللّٰهِ هي جبعة المذكورة في (قضاة ص 19 و20) اشتهر أهلها بعملهم القبيح وهي مدينة شاول بعد ما تبوّأ عرش الملك. والمظنون أنها تُليل الفول الحالية على بُعد ثلاثة أميال شمالي أورشليم أو رام الله. وتسمّت «جبعة الله» لوجود مرتفعة فيها.

أَنْصَابُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ أي معسكر الفلسطينيين ويظهر من القول أن الفلسطينيين كانوا متسلطين على إسرائيل في الوقت المذكور.

تُصَادِفُ (انظر ع 2 و3) وما سماه الناس صدفة كان قضاء الله بعلمه السابق وأُعلن قضاؤه لنبيه صموئيل فأظهره لشاول كي يصدقه في كل ما قاله له من جهة الملك.

زُمْرَةً مِنَ ٱلأَنْبِيَاءِ كانوا تعلموا في مدارس الأنبياء التي أسسها صموئيل. انظر المقدمة في فوائد صموئيل لإسرائيل (2).

رَبَابٌ آلة موسيقية شكلها مثلث ذات أربعة أوتار تعزف بمرّ الأصابع عليها.

دُفٌّ قطعة من الجلد الرقيق ممدودة على إطار من الخشب وحوله أجراس صغيرة معلقة به ترجّ الآلة باليد الواحدة ويُضرب الجلد بأصابع اليد الأخرى.

نَايٌ الزمارة وهي أنبوبة ذات ثقوب جانبية ويُنفخ بها إما من ثقب بقرب طرفها أو من طرفها وتُفتح الثقوب أو تُسد حسب المراد. وكان يُصنع من القصب أو النحاس أو غيرهما. وكانوا ينفخون به في المحافل والولائم والمآتم.

وَعُودٌ آلة موسيقية ذات سبعة أوتار وأحياناً أربعة أو ثلاثة أو عشرة يُضرب عليها باليد.

وَهُمْ يَتَنَبَّأُونَ معنى التنبوء هنا التسبيح والعبادة وليس من الضرورة أنه يكون دائماً الإخبار بأمور مستقبلة (1أيام 25: 1 - 3). وتعلموا استعمال الآلات الموسيقية والترنم وعلم العروض في مدارس الأنبياء ولعلّ داود تعلّم فيها (ص 19: 18).

6 «فَيَحِلُّ عَلَيْكَ رُوحُ ٱلرَّبِّ فَتَتَنَبَّأُ مَعَهُمْ وَتَتَحَوَّلُ إِلَى رَجُلٍ آخَرَ».

عدد 11: 25 و29 وقضاة 14: 6 ع 10 وص 19: 23 و24

فَيَحِلُّ عَلَيْكَ رُوحُ ٱلرَّبِّ مما ينتج من حلول روح الرب الحذاقة في الصنائع (خروج 35: 20 - 35) والقوّة الجسدية (قضاة 14: 6) والتجديد الروحي (يوحنا 3: 5). والظاهر إن شاول لم يتجدد تجدداً روحياً ولكنه تقوى في قواه العقلية وتشجّع.

فَتَتَنَبَّأُ مَعَهُمْ أي تشترك معهم في الحمد والتسبيح.

وَتَتَحَوَّلُ إِلَى رَجُلٍ آخَرَ كان فلاحاً وراعياً رجلاً بسيطاً في المعرفة فتحوّل إلى ملك مقتدر شجاع ولم يهتم بعد بالأُتن والبقر وقطعة صغيرة من الأرض بل اهتم بأمور ألوف إسرائيل. ولما حدثت الآيات التي تنبأ صموئيل عنها شعر بأن الله اقترب إليه. وكلام صموئيل هو كلام الله الذي اختاره وعيّنه ملكاً على إسرائيل.

7 «وَإِذَا أَتَتْ هٰذِهِ ٱلآيَاتُ عَلَيْكَ فَٱفْعَلْ مَا وَجَدَتْهُ يَدُكَ لأَنَّ ٱللّٰهَ مَعَكَ».

جامعة 9: 10 يشوع 1: 5

ٱللّٰهَ مَعَكَ الوعد (1) بأنه يعلّمه ما هو العمل المطلوب منه وذلك بعنايته فلما صعد ناحاش العموني على يابيش جلعاد (ص 11) عرف شاول أنه مدعو من الله لمحاربته. (2) بأنه يحفظه ويقويّه وينصره.

مَا وَجَدَتْهُ يَدُكَ أي كل ما تقدر عليه من العمل.

8 «وَتَنْزِلُ قُدَّامِي إِلَى ٱلْجِلْجَالِ، وَهُوَذَا أَنَا أَنْزِلُ إِلَيْكَ لِأُصْعِدَ مُحْرَقَاتٍ وَأَذْبَحَ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ. سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَلْبَثُ حَتَّى آتِيَ إِلَيْكَ وَأُعَلِّمَكَ مَاذَا تَفْعَلُ».

ص 13: 8 ص 11: 15 ص 13: 8

إِلَى ٱلْجِلْجَالِ (انظر تفسير ص 7: 16). يظن بعضهم أن وصية صموئيل هذه كانت متوقفة على حدوث حوادث لم تحدث إلا بعد مرور سنتين حينما تجمّع الفلسطينيون لمحاربة شاول (ص 13: 1 - 8). والأرجح أن شاول نزل إلى الجلجال كما قيل هنا. وبعد محاربة ناحاش (ص 11) اجتمع كل الشعب في الجلجال وملكوا شاول هناك وبعد سنتين (ص 13: 1 - 8) عندما تجمّع الفلسطينيون ذهب شاول أيضاً إلى الجلجال وقال له صموئيل هذه المرة الأخيرة كما كان قال له أول مرة أي أن يستنظره سبعة أيام.

9 - 13 «9 وَكَانَ عِنْدَمَا أَدَارَ كَتِفَهُ لِيَذْهَبَ مِنْ عِنْدِ صَمُوئِيلَ أَنَّ ٱللّٰهَ أَعْطَاهُ قَلْباً آخَرَ. وَأَتَتْ جَمِيعُ هٰذِهِ ٱلآيَاتِ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ. 10 وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى هُنَاكَ إِلَى جِبْعَةَ، إِذَا بِزُمْرَةٍ مِنَ ٱلأَنْبِيَاءِ لَقِيَتْهُ، فَحَلَّ عَلَيْهِ رُوحُ ٱللّٰهِ فَتَنَبَّأَ فِي وَسَطِهِمْ. 11 وَلَمَّا رَآهُ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ عَرَفُوهُ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ أَنَّهُ يَتَنَبَّأُ مَعَ ٱلأَنْبِيَاءِ، قَالَ ٱلشَّعْبُ ٱلْوَاحِدُ لِصَاحِبِهِ: مَاذَا صَارَ لٱبْنِ قَيْسٍ؟ أَشَاوُلُ أَيْضاً بَيْنَ ٱلأَنْبِيَاءِ؟ 12 فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ هُنَاكَ: وَمَنْ هُوَ أَبُوهُمْ؟ وَلِذٰلِكَ ذَهَبَ مَثَلاً: أَشَاوُلُ أَيْضاً بَيْنَ ٱلأَنْبِيَاءِ؟ 13 وَلَمَّا ٱنْتَهَى مِنَ ٱلتَّنَبِّي جَاءَ إِلَى ٱلْمُرْتَفَعَةِ».

ع 6 ع 5 و6 ص 19: 24 وعاموس 7: 14 و15 متّى 13: 54 - 57

أتت جميع الآيات المذكورة في (ع 2 - 6).

أَشَاوُلُ أَيْضاً بَيْنَ ٱلأَنْبِيَاءِ الذين قالوا هذا القول كانوا من أهل مدينته جبعة تعجبوا لأنهم كانوا يعرفونه حق المعرفة ولم يسمعوه يتنبأ أي يترنّم ويسبّح. وأهل الناصرة تعجبوا من كلام يسوع (لوقا 4: 16 - 30).

وَمَنْ هُوَ أَبُوهُمْ التنبوء من الله وهو يعطي المواهب لمن يريد (عاموس 7: 14 و15). وربما لم تكن سابقاً في شاول الصفات التي كانت في أبناء الأنبياء فلم يتوقعوا منه ما توقعوه من غيره.

ذَهَبَ مَثَلاً إن القول «أشاول أيضاً بين الأنبياء» صار مثلاً لكل من يعمل شيئاً ليس من خصائص منصبه (ص 19: 24).

جَاءَ إِلَى ٱلْمُرْتَفَعَةِ في جبعة (ع 5) ليسجد فيها.

14 - 16 «14 فَقَالَ عَمُّ شَاوُلَ لَهُ وَلِغُلاَمِهِ: إِلَى أَيْنَ ذَهَبْتُمَا؟ فَقَالَ: لِكَيْ نُفَتِّشَ عَلَى ٱلأُتُنِ. وَلَمَّا رَأَيْنَا أَنَّهَا لَمْ تُوجَدْ جِئْنَا إِلَى صَمُوئِيلَ. 15 فَقَالَ عَمُّ شَاوُلَ: أَخْبِرْنِي مَاذَا قَالَ لَكُمَا صَمُوئِيلُ. 16 فَقَالَ شَاوُلُ لِعَمِّهِ: أَخْبَرَنَا بِأَنَّ ٱلأُتُنَ قَدْ وُجِدَتْ. وَلٰكِنَّهُ لَمْ يُخْبِرْهُ بِأَمْرِ ٱلْمَمْلَكَةِ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ صَمُوئِيلُ».

ص 14: 50 ص 9: 4 - 6 ص 19: 20

عَمُّ شَاوُلَ ربما كان نير (ص 14: 50). كان في المرتفعة أو كان الحديث بعدما رجع شاول إلى البيت.

لَمْ يُخْبِرْهُ بِأَمْرِ ٱلْمَمْلَكَةِ لأن الكلام بينه وبين صموئيل كان كلاماً سرياً ولا يليق به أن يظهر الأمر قبل تعيّنه ملكاً على طريقة قانونية.

17 «وَٱسْتَدْعَى صَمُوئِيلُ ٱلشَّعْبَ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَى ٱلْمِصْفَاةِ»

ص 7: 5

الشعب هم جميع الذكور من ابن عشرين سنة فصاعداً ومن أعمال الشعب المذكورة في الكتاب (1) أنهم تعاهدوا على حفظ شريعة الرب (خروج 19: 3 - 9).

(2) إنهم قبلوا القوّاد والملوك الذين عيّنهم الرب ومنهم يشوع (عدد 27: 8 - 23) وداود (2صموئيل 5: 1) وسليمان (1أيام 29: 22).

(3) إنهم انتخبوا ملوكاً ومنهم يربعام (1ملوك 12: 20) ويهوآش (2ملوك 11: 19) ويوشيا (2ملوك 21: 24) ويهوآحاز (2ملوك 23: 30).

إِلَى ٱلرَّبِّ غاية اجتماعهم تعيين ملك ولكنهم فهموا أن التعيين يكون من الرب وليس منهم.

إِلَى ٱلْمِصْفَاةِ (ص 7: 5) وعلاقة الكلام هنا مع الأصحاح السابع.

18، 19 «18 وَقَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: هٰكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ: إِنِّي أَصْعَدْتُ إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ وَأَنْقَذْتُكُمْ مِنْ يَدِ ٱلْمِصْرِيِّينَ وَمِنْ يَدِ جَمِيعِ ٱلْمَمَالِكِ ٱلَّتِي ضَايَقَتْكُمْ. 19 وَأَنْتُمْ قَدْ رَفَضْتُمُ ٱلْيَوْمَ إِلٰهَكُمُ ٱلَّذِي هُوَ مُخَلِّصُكُمْ مِنْ جَمِيعِ ٱلَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيُضَايِقُونَكُمْ، وَقُلْتُمْ لَهُ: بَلْ تَجْعَلُ عَلَيْنَا مَلِكاً. فَٱلآنَ ٱمْثُلُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ حَسَبَ أَسْبَاطِكُمْ وَأُلُوفِكُمْ».

قضاة 6: 8 و9 ص 8: 6 و7 يشوع 7: 14 - 17 و24: 1 وأمثال 16: 33

هٰكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ وبّخ الشعب ثانية على خطيئتهم في رفضهم الرب وطلبهم ملكاً (انظر ص 8: 6 وتفسيره). وكلام التوبيخ هذا الثقيل هو من الرب وليس من صموئيل. وذكّرهم الرب بكلامه هذا بأعماله العجيبة لأجل شعبه وبمحبته لهم وأمانته وبكُنُودهم وكفرهم.

وَقُلْتُمْ لَهُ كلامهم لصموئيل (ص 8: 4) هو بالحقيقة للرب.

حَسَبَ أَسْبَاطِكُمْ وَأُلُوفِكُمْ قسم موسى الشعب إلى ألوف ومئات وخماسين وعشرات (خروج 18: 25) فالألف كان قسماً من سبط وهو أحياناً بمعنى عشيرة. قال جدعون (قضاة 6: 15) عشيرتي (ألفي حسب الأصل العبراني) هي الذلّى في منسى.

20، 21 «20 فَقَدَّمَ صَمُوئِيلُ جَمِيعَ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ فَأُخِذَ سِبْطُ بِنْيَامِينَ. 21 ثُمَّ قَدَّمَ سِبْطَ بِنْيَامِينَ حَسَبَ عَشَائِرِهِ فَأُخِذَتْ عَشِيرَةُ مَطْرِي، وَأُخِذَ شَاوُلُ بْنُ قَيْسَ. فَفَتَّشُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يُوجَدْ».

أُخِذَ سِبْطُ بِنْيَامِينَ الأرجح أنه أُخذ بالقرعة كما أُخذ عخان (يشوع 7: 14 - 18) فعيّن الرب شاول ملكاً وقبل الشعب المعيّن لهم.

عَشِيرَةُ مَطْرِي ليس لهذا ذكر إلا هنا والمظنون أنه باكر المذكور في (1أيام 7: 6)

فَلَمْ يُوجَدْ اختبأ شاول من تواضعه لأنه وإن عرف سابقاً أنه معيّن ملكاً لم يرد أن يظهر كأنه طالب للمنصب. ولعله فهم أن هذا المنصب ليس لنفسه لكي يأكل ويشرب ويتمجّد ويُخدَم بل إنه مدعو لخدمة الشعب وفي هذه الخدمة تعب وخطر ومسوؤلية عظيمة. وربما لاحظ أيضاً أن الشعب رفضوا الرب بطلبهم ملكاً فخاف أن يجعل نفسه في مكان الرب.

22 «فَسَأَلُوا أَيْضاً مِنَ ٱلرَّبِّ: هَلْ يَأْتِي ٱلرَّجُلُ إِلَى هُنَا؟ فَقَالَ ٱلرَّبُّ: هُوَذَا قَدِ ٱخْتَبَأَ بَيْنَ ٱلأَمْتِعَةِ».

ص 23: 2 و4 و9 - 11 وخروج 28: 30 وعدد 27: 21

ربما سألوا الرب بواسطة الأوريم والتميم (خروج 28: 30 وعدد 27: 21 و1صموئيل 14: 3 و22: 10 و23: 9 و28: 6 و30: 7). و «الأمتعة» هي من حاجات المسافر لأن بعض الحاضرين كانوا أتوا من أماكن بعيدة.

23، 24 «23 فَرَكَضُوا وَأَخَذُوهُ مِنْ هُنَاكَ، فَوَقَفَ بَيْنَ ٱلشَّعْبِ، فَكَانَ أَطْوَلَ مِنْ كُلِّ ٱلشَّعْبِ مِنْ كَتِفِهِ فَمَا فَوْقُ. 24 فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِجَمِيعِ ٱلشَّعْبِ: أَرَأَيْتُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَارَهُ ٱلرَّبُّ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ؟ فَهَتَفَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ وَقَالُوا: لِيَحْيَ ٱلْمَلِكُ!».

ص 9: 2 تثنية 17: 15 و2صموئيل 21: 6 و1ملوك 1: 25 و34 و39

لعله خجل لما أخذوه من بين الأمتعة ووقّفوه بين الشعب وتفرّس الجميع فيه ولكنه تشجّع لما سمع هتاف الجمهور العظيم «ليحي الملك» وذُكر هنا أيضاً طول قامته وإن الرب اختار لهم ملكاً حسب مطلوبهم فيه كل الصفات الجسدية المرغوبة. وكانت هذه الصفات مرغوبة بعض الرغبة في القديم.

25 «فَكَلَّمَ صَمُوئِيلُ ٱلشَّعْبَ بِقَضَاءِ ٱلْمَمْلَكَةِ وَكَتَبَهُ فِي ٱلسِّفْرِ وَوَضَعَهُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. ثُمَّ أَطْلَقَ صَمُوئِيلُ جَمِيعَ ٱلشَّعْبِ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ».

ص 8: 11 - 18 وتثنية 17: 14 - 20 تثنية 31: 26

كان قضاء المملكة دستورها وذُكر فيه نسبة الملك إلى الرب وإلى الشعب فلا يكون مطلقاً في أحكامه بل مقيّداً بواجباته للرب وللشعب. وجوهره ما ذُكر في (تثنية 17: 14 - 20).

وَكَتَبَهُ فِي ٱلسِّفْرِ كان موسى كتب كلام الرب في كتاب وأمر اللاويين أن يضعوه بجانب التابوت (تثنية 31: 26) ويشوع زاد عليه (يشوع 24: 26) وربما صموئيل زاد عليه ما كتبه عن قضاء المملكة. وحفظ هذا السفر من الأمور الجوهرية لحفظ حقوق الشعب الدينية والسياسية.

26، 27 «26 وَشَاوُلُ أَيْضاً ذَهَبَ إِلَى بَيْتِهِ إِلَى جِبْعَةَ، وَذَهَبَ مَعَهُ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلَّتِي مَسَّ ٱللّٰهُ قَلْبَهَا. 27 وَأَمَّا بَنُو بَلِيَّعَالَ فَقَالُوا: كَيْفَ يُخَلِّصُنَا هٰذَا؟ فَٱحْتَقَرُوهُ وَلَمْ يُقَدِّمُوا لَهُ هَدِيَّةً. فَكَانَ كَأَصَمَّ».

ص 11: 4 و15: 34 و1ملوك 10: 25 و2أيام 17: 5

الجماعة التي مسّ الله قلبها هي الذين سمعوا كلام صموئيل وشاهدوا تعيين شاول بالقرعة وإظهاره بعد ما اختبأ بواسطة الأوريم والتميم فقبلوا ما عيّنه الرب وخضعوا لملكهم وأكرموه وشيّعوه إلى بيته. وأما بنو بليعال أو بنو البطل فهم الذين لم يخضعوا للرب ولا للملك. ولعلهم رفضوا شاول لكونه من سبط صغير وهو فلاّح وليس ابن ملك أو لأنهم طلبوا ملكاً من سبطهم ومن حزبهم لكي يراعيهم وينفعهم. إن كلام الله لجميع الناس وروح الله لا يرفض أحداً ولكنه يحل في الذين يقبلونه ويسلمون ذواتهم له (يوحنا 1: 12 و13) والهدية علامة الخضوع. وأظهر شاول حكمته وتسلطه على عواطفه بسكوته فإنه لو تكلم وطلب حقه لأُضرمت نيران الحرب الأهلية.

فوائد

  1. إن جميع المواهب جسدية كانت أو روحية من الله فعلى من ينالها التواضع واستعمالها حسب إرادة الله (ع 1 و6 و9 و10).

  2. إنه لا يحدث شيء إلا ما كان الله عرفه سابقاً وأمر به (ع 2 - 6).

  3. إن الإنسان حرّ ومسؤول عن كل ما يعمله (ع 7).

  4. إن الآيات لتقوية الإيمان الضعيف والطوبى لمن يؤمن بلا آيات (يوحنا 4: 48 و20: 29).

  5. ليس كل من يسبّح الله بلسانه يحبه من كل قلبه. وليس كل من ينال مواهب من الله ينال موهبته العظمى القلب المتجدد (ع 10).

  6. إن الله يُعلن إرادته بأنواع وطرق مختلفة (ع 20 و21) وأفضلها كتابه (ع 25).

  7. إذا دعا الله إنساناً لعمل ما يعطيه ما يحتاجه من المواهب لإتمام العمل (ع 9 و10).

  8. إنه يجب الصلاة لأجل الملوك والصلاة الخاصة من كل شعب لأجل ملكهم (ع 24).

  9. إن في قصة شاول ما يُرمز إلى المسيح مع أن شاول لم يتبع الرب تماماً (1) إنه مدعو من الله كمسيحه ليملك على شعبه. (2) بعضهم يقبلونه وبعضهم يرفضونه. (3) فيه ما يحمل غير المؤمنين على التنكيت والمقاومة الشديدة. (4) سكوته عند المقاومة.

اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي عَشَرَ

مضمونه: محاربة ناحاش العموني يابيش جلعاد (ع 4). استغاثتهم بشاول وإغاثته إياهم (12). تثبيت الملك في يده وتجديد المملكة في الجلجال.

1، 2 «1 وَصَعِدَ نَاحَاشُ ٱلْعَمُّونِيُّ وَنَزَلَ عَلَى يَابِيشِ جِلْعَادَ. فَقَالَ جَمِيعُ أَهْلِ يَابِيشَ لِنَاحَاشَ: ٱقْطَعْ لَنَا عَهْداً فَنُسْتَعْبَدَ لَكَ. 2 فَقَالَ لَهُمْ نَاحَاشُ ٱلْعَمُّونِيُّ: بِهٰذَا أَقْطَعُ لَكُمْ. بِتَقْوِيرِ كُلِّ عَيْنٍ يُمْنَى لَكُمْ وَجَعْلِ ذٰلِكَ عَاراً عَلَى جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ».

ص 12: 12 قضاة 21: 8 وص 31: 11 و1ملوك 20: 34 وحزقيال 17: 13 عدد 16: 14 ص 17: 26 ومزمور 44: 13

قيل في (ص 12: 12) إن الإسرائيليين لما رأوا ناحاش آتياً عليهم طلبوا ملكاً فنستنتج أن حوادث هذا الأصحاح تابعة لحوادث الأصحاح العاشر بعد مدة قصيرة من الزمان وفي الترجمة السبعينية ويوسيفوس أنه «بعد شهر». وشاول رجع إلى عمله العادي (ع 5) ولعله عمل هذا عمداً حكمة منه لأن بعضهم وهم بنو بليعال احتقروه (ص 10: 27) فاستحسن أن يسكت ويستنظر فرصة موافقة حتى يستلم المنصب الذي دُعي إليه.

نَاحَاشُ قيل في (2صموئيل 10: 2) إن ناحاش ملك بني عمون صنع معروفاً مع داود وأما ابنه حانون فأهان رُسل داود ولعل ناحاش أبا حانون كان ابن ناحاش المذكور هنا أو حفيده. وكثيراً ما كان الاسم الواحد يتخذه كل ملوك المملكة كفرعون في مصر وبنهدد في آرام. وكانت أرض العمونيين شرقي أرض جلعاد وجنوبيها وعلى تخوم رأوبين ومنسى الشرقية. فاتفق العمونيون مع موآب على مضايقة إسرائيل (قضاة 3: 13) وضايقوا إسرائيل أيضاً في أيام يفتاح (قضاة ص 10 و11). وداود حاربهم وأخذ مدينتهم ربّة (2صموئيل 12: 26 - 31) وكان من طبعهم الغزو والقساوة.

يَابِيشِ جِلْعَادَ مدينة شرقي الأردن في سبط جاد هدمها الإسرائيليون (قضاة 21: 8 - 14) لأن سكانها لم يصعدوا إلى المجمع في المصفاة لما حارب الإسرائيليون بنيامين. ولما قُتل شاول وأولاده (ص 31: 11 - 13) قام سكان يابيش جلعاد بواجبات الدفن فباركهم داود. وموقعها مجهول غير أنها في جوار وادي يابيش شرقي الأردن وجنوبي بيت شان. وأهلها خضعوا لناحاش ولكنه لقساوته قصد إهانتهم بلا ذنب بتقوير كل عين يمنى ليعجزوا عن الحرب. وخضوعهم لناحاش يدل على قلة مروءتهم وضعف إيمانهم لأن الرب ملكهم وليس ناحاش.

3 «فَقَالَ لَهُ شُيُوخُ يَابِيشَ: ٱتْرُكْنَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَنُرْسِلَ رُسُلاً إِلَى جَمِيعِ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ. فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُخَلِّصُنَا نَخْرُجْ إِلَيْكَ».

ص 8: 4

نتعجب كيف أن ناحاش أعطاهم فرصة ليستغيثوا بإخوتهم ويظهر أنه احتقرهم ولم يصدق أن إخوتهم يغيثونهم.

شُيُوخُ يَابِيشَ (انظر تفسير ص 8: 4).

4، 5 «4 فَجَاءَ ٱلرُّسُلُ إِلَى جِبْعَةِ شَاوُلَ وَتَكَلَّمُوا بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ فِي آذَانِ ٱلشَّعْبِ، فَرَفَعَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ أَصْوَاتَهُمْ وَبَكَوْا. 5 وَإِذَا بِشَاوُلَ آتٍ وَرَاءَ ٱلْبَقَرِ مِنَ ٱلْحَقْلِ، فَقَالَ: مَا بَالُ ٱلشَّعْبِ يَبْكُونَ؟ فَقَصُّوا عَلَيْهِ كَلاَمَ أَهْلِ يَابِيشَ».

ص 10: 26 و15: 34 ص 30: 4 وتكوين 27: 38 وقضاة 2: 4 و1ملوك 19: 19

كان قرابة خاصة بين أهل يابيش وسبط بنيامين لأنه كان أخذ منهم 400 عذراء لأجل رجال بنيامين (قضاة 21: 1 - 14). جاء الرسل إلى مدينة شاول وتكلموا في آذان الشعب ولم يُذكر أنهم كلموا شاول الملك الجديد. وكان شاول في الحقل مع البقر أي لم يكن قد استلم مهام منصبه ولم يستنظر الشعب منه عملاً. والبكاء يدل على اتحادهم بإخوتهم في زمان ضيقتهم. ولعلهم خافوا مما يصيبهم إذا استولى العمونيون على يابيش جلعاد.

6، 7 «6 فَحَلَّ رُوحُ ٱللّٰهِ عَلَى شَاوُلَ عِنْدَمَا سَمِعَ هٰذَا ٱلْكَلاَمَ وَحَمِيَ غَضَبُهُ جِدّاً. 7 فَأَخَذَ زَوْجَ بَقَرٍ وَقَطَّعَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ بِيَدِ ٱلرُّسُلِ قَائِلاً: مَنْ لاَ يَخْرُجُ وَرَاءَ شَاوُلَ وَوَرَاءَ صَمُوئِيلَ، فَهٰكَذَا يُفْعَلُ بِبَقَرِهِ. فَوَقَعَ رُعْبُ ٱلرَّبِّ عَلَى ٱلشَّعْبِ، فَخَرَجُوا كَرَجُلٍ وَاحِدٍ».

ص 10: 10 و16: 13 وقضاة 3: 10 و6: 34 و13: 25 و14: 6 قضاة 19: 29 قضاة 21: 5 و8 و10 قضاة 20: 1

فَحَلَّ رُوحُ ٱللّٰهِ (انظر تفسير ص 10: 6).

وعمل شاول يدل على النشاط والشجاعة والإيمان لأن الوقت لم يكن وقت البكاء والمفاوضات بل وقت الحكم والعمل. ورؤية قطع البقر أثرت في الشعب أكثر من الكلام ففهموا منها أن شاول صار ملكهم فخافوه واعتبروه واتحدوا كرجل واحد تحت رايته الأمر الذي لم يتوقعوه هم ولا أعداؤهم. وذكر اسم صموئيل مع اسمه ليعرف الشعب أنه ملَك بموجب تعيين الرب ومسحه وإن الرب معه في هذا العمل. فوقع عليهم خوف الرب أيضاً وليس خوف الملك فقط. وربما ذهب صموئيل مع شاول إلى الحرب (ع 12).

8 «وَعَدَّهُمْ فِي بَازَقَ فَكَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ ثَلاَثَ مِئَةِ أَلْفٍ، وَرِجَالُ يَهُوذَا ثَلاَثِينَ أَلْفاً».

قضاة 1: 5 قضاة 20: 2

بَازَقَ بين شكيم وبيت شان وعلى بُعد سبعة أميال من الأردن. ومنها إلى يابيش جلعاد سفر يوم. عُدّ إسرائيل وحدهم ويهوذا وحدهم والمعدودون من يهوذا قليلون بالنسبة إلى عدد رجالهم (1أيام 21: 5) فظهر في أول ملك شاول بداءة الانشقاق الذي تمّ في أيام رحبعام. و ربما استصعب سبط يهوذا وهو أعظم الأسباط أن يكون الملك من سبط بنيامين أصغرها.

9 - 11 «9 وَقَالُوا لِلرُّسُلِ ٱلَّذِينَ جَاءُوا: هٰكَذَا تَقُولُونَ لأَهْلِ يَابِيشَ جِلْعَادَ: غَداً عِنْدَمَا تَحْمَى ٱلشَّمْسُ يَكُونُ لَكُمْ خَلاَصٌ. فَأَتَى ٱلرُّسُلُ وَأَخْبَرُوا أَهْلَ يَابِيشَ فَفَرِحُوا. 10 وَقَالَ أَهْلُ يَابِيشَ: غَداً نَخْرُجُ إِلَيْكُمْ فَتَفْعَلُونَ بِنَا حَسَبَ كُلِّ مَا يَحْسُنُ فِي أَعْيُنِكُمْ. 11 وَكَانَ فِي ٱلْغَدِ أَنَّ شَاوُلَ جَعَلَ ٱلشَّعْبَ ثَلاَثَ فِرَقٍ، وَدَخَلُوا فِي وَسَطِ ٱلْمَحَلَّةِ عِنْدَ سَحَرِ ٱلصُّبْحِ وَضَرَبُوا ٱلْعَمُّونِيِّينَ حَتَّى حَمِيَ ٱلنَّهَارُ. وَٱلَّذِينَ بَقُوا تَشَتَّتُوا حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمُ ٱثْنَانِ مَعاً».

ع 3 قضاة 7: 16

كان ملتقى الإسرائيليين في بازق على بُعد نحو عشرين ميلاً من يابيش وقاموا وسروا فوصلوا إلى يابيش عند سحر الصبح أي قُبيل الصبح أو آخر الليل. وان أهل يابيش قالوا لناحاش «غداً نخرج إليكم الخ» ليظن أنه خاب أملهم بالنجدة فيفاجئه شاول ورجاله. وجعل شاول الشعب ثلاث فرق كما فعل جدعون (قضاة 7: 16) لكي يهجموا على العمونيين من ثلاث جهات في وقت واحد. وفي الأول قاومهم العمونيون ودام القتال حتى حمي النهار أي نحو ست ساعات ثم انكسر العمونيون وتشتتوا تمام التشتت. وأهل يابيش لم ينسوا معروف شاول بل عوّضوه وأهل بيته منه إذا كانوا معه إلى آخر ملكه ومع ابنه أيشبوشث (2صموئيل 2: 8) وقاموا بفروض الدفن حقّ قيام (ص 31: 11 - 13).

12 «وَقَالَ ٱلشَّعْبُ لِصَمُوئِيلَ: مَنْ هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ: هَلْ شَاوُلُ يَمْلِكُ عَلَيْنَا؟ اِيتُوا بِٱلرِّجَالِ فَنَقْتُلَهُم».

ص 10: 27 لوقا 19: 27

وَقَالَ ٱلشَّعْبُ لِصَمُوئِيلَ لأن صموئيل كان نبيهم وقاضيهم من سنين كثيرة وهو الذي جمع الشعب ليملكوا شاول وهو الذي مسحه وبعدما شاهدوا عمل شاول العظيم في خلاصهم تيقنوا أنه بالحقيقة من الله فبايعوه الملك وحكموا إن الذين لم يقبلوه عصاة يستحقون القتل.

13 «فَقَالَ شَاوُلُ: لاَ يُقْتَلْ أَحَدٌ فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ، لأَنَّهُ فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ صَنَعَ ٱلرَّبُّ خَلاَصاً فِي إِسْرَائِيلَ».

ص 10: 27 و2صموئيل 19: 22 ص 19: 5 وخروج 14: 13

وأما الجواب فهو من شاول لأنه الملك. وكان جوابه مما يليق بملك أبيّ النفس فإنه لم يرد قتل الناس في يوم الخلاص والانتقام من الذين صاروا تحت سلطته.

14، 15 «14 وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِلشَّعْبِ: هَلُمُّوا نَذْهَبْ إِلَى ٱلْجِلْجَالِ وَنُجَدِّدْ هُنَاكَ ٱلْمَمْلَكَةَ. 15 فَذَهَبَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ إِلَى ٱلْجِلْجَالِ وَمَلَّكُوا هُنَاكَ شَاوُلَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ فِي ٱلْجِلْجَالِ، وَذَبَحُوا هُنَاكَ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. وَفَرِحَ هُنَاكَ شَاوُلُ وَجَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ جِدّاً.

ص 7: 16 و10: 8 ص 10: 25 ص 10: 17 ص 10: 8

إِلَى ٱلْجِلْجَالِ (انظر ص 7: 16).

نُجَدِّدْ هُنَاكَ ٱلْمَمْلَكَةَ التي تأسست في المصفاة (ص 10: 25).

وَمَلَّكُوا هُنَاكَ شَاوُلَ أولاً تعيّن من الله بواسطة صموئيل (ص 10: 1) ثم ثبته الشعب (ص 10: 24) وأجازه هنا انتصاره على العمونيين فاستغنم صموئيل الفرصة لتجديد المملكة في يوم الفرح والخلاص. فكان الاجتماع دينياً وليس سياسياً فقط لأن انتصارهم من الرب.

فوائد

  1. إن الله يحوّل الشر إلى خير. فإن قساوة ناحاش وإفراطه في الظلم والإهانة صارت واسطة لتحريك شاول والشعب على محاربته.

  2. كان شاول في الأول ملكاً بلا عمل وكان الشعب ملكاً بلا منفعة. ولنا مواهب مخفية وقوّة من فوق لا نفتكر فيها ولا نستعملها.

  3. إن للغضب وقتاً وأحياناً يجب العمل بالقساوة (ع 6 و7).

  4. إن العمل الذي ينجح هو العمل في وقته. لو صبر شاول لما نجح (ع 11).

  5. إننا لا نعرف ما يأتينا به الغد من الفرح والخلاص (ع 10 و 11).

  6. إن للرب النقمة. من أعمال شاول الحسنة أنه لم يجازِ الذين تكلموا عليه (ع 14).

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي عَشَرَ

مضمونه: (1) استشهاد صموئيل بإسرائيل على استقامته. (2) توبيخ الشعب على طلبهم ملكاً. (3) إثبات الرب كلام صموئيل بأعجوبة. (4) تشجيعه إياهم.

1 «وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِكُلِّ إِسْرَائِيلَ: هَئَنَذَا قَدْ سَمِعْتُ لِصَوْتِكُمْ فِي كُلِّ مَا قُلْتُمْ لِي وَمَلَّكْتُ عَلَيْكُمْ مَلِكاً».

ص 8: 7 و9 و22 ص 10: 24 و11: 14 و15

كان هذا الاجتماع الثالث. كان الأول في الرامة حينما طلب الشيوخ ملكاً (ص 8). والثاني في المصفاة حينما تعيّن شاول بالقرعة والشعب قبلوه ملكاً. وكان الاجتماع الثالث المذكور هنا في الجلجال (ص 11: 14 و15) بعد انتصارهم على العمونيين. والاجتماع الثاني والثالث كانا للشعب عموماً. ولم تنته أعمال صموئيل في تعيين شاول وتثبيته لأنه بقي نبياً ومشيراً للشعب والملك ولكن رئاسته السياسية والحربية تحوّلت إلى شاول. فصار الشعب يخضعون لملكهم الجديد الجبار الظافر.

2 «وَٱلآنَ هُوَذَا ٱلْمَلِكُ يَمْشِي أَمَامَكُمْ. وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ شِخْتُ وَشِبْتُ، وَهُوَذَا أَبْنَائِي مَعَكُمْ. وَأَنَا قَدْ سِرْتُ أَمَامَكُمْ مُنْذُ صِبَايَ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

ص 8: 20 ص 8: 1 و5 ص 8: 3 و5 ص 3: 10 و19 و20

يَمْشِي أَمَامَكُمْ الملك مشبّه براعي غنم.

شِخْتُ وَشِبْتُ كان عمره السبعين سنة والخمس والسبعين سنة. ولم يُرد أن يقول صريحاً أن ابنيه يميلان وراء المكسب ويأخذان رشوة ويعوجان القضاء (ص 8: 3) بل أشار إلى ذلك بقوله «أبنائي معكم» أي سلوكهم معروف عندكم. ومن جهة نفسه قال «قد سرت أمامكم منذ صباي إلى هذا اليوم» أي سلوكه أيضاً معروف عندهم ولكن ليس كسلوك ابنيه لأن سلوك صموئيل بلا لوم. وقال «منذ صباي» لأنه كان مخصصاً للرب ولخدمته منذ الطفولية فكأن جميع أعمال حياته أمامهم ومعروفة عندهم فيقدرون أن يشهدوا له أو عليه.

3 «هَئَنَذَا فَٱشْهَدُوا عَلَيَّ قُدَّامَ ٱلرَّبِّ وَقُدَّامَ مَسِيحِهِ: ثَوْرَ مَنْ أَخَذْتُ، وَحِمَارَ مَنْ أَخَذْتُ، وَمَنْ ظَلَمْتُ، وَمَنْ سَحَقْتُ، وَمِنْ يَدِ مَنْ أَخَذْتُ فِدْيَةً لأُغْضِيَ عَيْنَيَّ عَنْهُ، فَأَرُدَّ لَكُمْ؟».

ص 10: 1 و24: 6 و2صموئيل 1: 14 خروج 20: 17 وعدد 16: 15 وأعمال 20: 33 خروج 23: 8 وتثنية 16: 19

هَئَنَذَا فَٱشْهَدُوا عَلَيَّ تصوّر أنهم في محكمة وهو المشكو عليه وهم الشهود والرب ومسيحه أي الملك هما القضاة. يذكر الحمير والثيران لأن الإسرائيليين كانوا فلاحين والحمير والثيران أهم ما عندهم.

فِدْيَةً لأُغْضِيَ عَيْنَيَّ أي لم يأخذ رشوة ليغض النظر عن المذنب والظالم.

4 «فَقَالُوا: لَمْ تَظْلِمْنَا وَلاَ سَحَقْتَنَا وَلاَ أَخَذْتَ مِنْ يَدِ أَحَدٍ شَيْئاً».

تظهر أهمية هذه الشهادة عندما نتذكر طول حياته وكثرة الدعاوي التي كان حكم فيها وكثرة السامعين كلامه هذا. فلم يقدر أحدٌ منهم أن يذكر أمراً واحداً كان صموئيل ظلمه فيه.

5 «فَقَالَ لَهُمْ: شَاهِدٌ ٱلرَّبُّ عَلَيْكُمْ وَشَاهِدٌ مَسِيحُهُ ٱلْيَوْمَ هٰذَا، أَنَّكُمْ لَمْ تَجِدُوا بِيَدِي شَيْئاً. فَقَالُوا: شَاهِدٌ».

أعمال 23: 9 و24: 20 خروج 22: 4

شَاهِدٌ ٱلرَّبُّ الخ أي الرب والملك سامعان شهادتهم فلا يقدرون أن يغيروها أو ينكروها.

6 «وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِلشَّعْبِ: ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي أَقَامَ مُوسَى وَهَارُونَ، وَأَصْعَدَ آبَاءَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ».

خروج 6: 26

تقدّم صموئيل إلى إنذار الشعب. ولا يُسمع كلام إنذار إلا ممن نيته خالصة. فغاية صموئيل في مقدمة كلامه (ع 1 - 5) إن يُقنعهم بأنه مُخلص النيّة فذكرهم أنه في أول الأمر سمع لصوتهم وأعطاهم ملكاً ولم يطلب السلطة لنفسه ولم يبرر ابنيه المذنبين وفي كل حياته لم يمل إلى المكسب بل حكم بالعدل فيجب أن يثقوا به ويقبلوا إنذاره. كان الشعب قالوا (ع 5) «شاهد» وهنا كمل صموئيل قولهم قائلاً «إن هذا الشاهد هو الرب الذي أقام موسى الخ». ثم تقدّم إلى ذكر بعض أعمال الرب المشهورة ليعرفوا أن الرب كان أميناً معهم فخلصهم من الظالمين حينما تابوا ورجعوا إليه وأما هم فطلبوا ملكاً يخلصهم وكان ذلك خطيئة منهم ولكن الرب من رحمته الكثيرة لم يترك شعبه وإن كانوا قد اتخذوا ملكاً إذا اتقوه وعبدوه.

7 «فَٱلآنَ ٱمْثُلُوا فَأُحَاكِمَكُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ بِجَمِيعِ حُقُوقِ ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي صَنَعَهَا مَعَكُمْ وَمَعَ آبَائِكُمْ».

حزقيال 20: 35 وميخا 6: 1 - 5

لم يزل يتصوّر أنهم في محكمة ولكن صار صموئيل المشتكي والشعب المشتكى عليه (حزقيال 20: 25 و36 وميخا 6: 1 - 5).

حُقُوقِ ٱلرَّبِّ تشمل تأديبه شعبه لما أخطأوا وتخليصه إياهم عندما تابوا (قضاة 5: 11).

8 - 10 «8 لَمَّا جَاءَ يَعْقُوبُ إِلَى مِصْرَ وَصَرَخَ آبَاؤُكُمْ إِلَى ٱلرَّبِّ، أَرْسَلَ ٱلرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ فَأَخْرَجَا آبَاءَكُمْ مِنْ مِصْرَ وَأَسْكَنَاهُمْ فِي هٰذَا ٱلْمَكَانِ. 9 فَلَمَّا نَسَوْا ٱلرَّبَّ إِلٰهَهُمْ بَاعَهُمْ لِيَدِ سِيسَرَا رَئِيسِ جَيْشِ حَاصُورَ، وَلِيَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَلِيَدِ مَلِكِ مُوآبَ فَحَارَبُوهُمْ. 10 فَصَرَخُوا إِلَى ٱلرَّبِّ وَقَالُوا: أَخْطَأْنَا لأَنَّنَا تَرَكْنَا ٱلرَّبَّ وَعَبَدْنَا ٱلْبَعْلِيمَ وَٱلْعَشْتَارُوثَ. فَٱلآنَ أَنْقِذْنَا مِنْ يَدِ أَعْدَائِنَا فَنَعْبُدَكَ. 11 فَأَرْسَلَ ٱلرَّبُّ يَرُبَّعَلَ وَبَدَانَ وَيَفْتَاحَ وَصَمُوئِيلَ، وَأَنْقَذَكُمْ مِنْ يَدِ أَعْدَائِكُمُ ٱلَّذِينَ حَوْلَكُمْ فَسَكَنْتُمْ آمِنِينَ».

خروج 2: 23 - 25 خروج 3: 10 و4: 14 - 16 ص 10: 18 تثنية 32: 18 وقضاة 3: 7 قضاة 4: 2 قضاة 3: 31 و10: 7 و13: 1 قضاة 3: 12 - 30 قضاة 10: 10 قضاة 2: 13 و3: 7 قضاة 10: 15 و16 قضاة 6: 31 و32 قضاة 4: 6 و11: 1

بَاعَهُمْ أي تركهم كما يترك البائع المبيع فلا يعتني به بعدُ ولا يسأل عنه. وذكر أعظم مضايقي إسرائيل في زمان القضاة وهم (1) الكنعانيون الذين كان قائدهم سيسرا ومدينتهم حاصور ومدة سلطتهم عشرون سنة (قضاة ص 4 و5). (2) الفلسطينيون (قضاة 3: 31 و10: 7 و13: 1). (3) الموآبيون بقيادة عجلون (قضاة 3: 12 - 30).

ٱلْبَعْلِيمَ وَٱلْعَشْتَارُوثَ (انظر تفسير ص 7: 4). و «بدان» اسم قاض غير مذكور في سفر القضاة أو اسم لشمشون الذي كان من سبط دان أي ابن دان أو باراق لأن الاسم باراق بالعبرانية يُشبه الاسم بدان فغلط الناسخ وهذا الأرجح. وأخيراً ذكر صموئيل نفسه ولا ننسب ذلك إلى الافتخار لأن الكلام هنا مختصر ولعله في خطابه الأصلي ذكر جميع القضاة من عثنيئيل إلى صموئيل وقصد أن يذكرهم بما حدث في أيامهم ليفهموا أن الرب لم يتغير بل كما خلّص أباءهم خلّصهم أيضاً.

12 «وَلَمَّا رَأَيْتُمْ نَاحَاشَ مَلِكَ بَنِي عَمُّونَ آتِياً عَلَيْكُمْ قُلْتُمْ لِي: لاَ بَلْ يَمْلِكُ عَلَيْنَا مَلِكٌ. وَٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ مَلِكُكُمْ».

ص 11: 1 و2 ص 8: 6 و19 ص 8: 7 وقضاة 8: 23

كانوا طلبوا ملكاً (ص 8) قبل حادثة ناحاش ويابيش جلعاد (ص 11) فنستنتج أن ناحاش كان ضايقهم قبل ذلك وتعدّياته جعلتهم يطلبون ملكاً.

13 «فَٱلآنَ هُوَذَا ٱلْمَلِكُ ٱلَّذِي ٱخْتَرْتُمُوهُ، ٱلَّذِي طَلَبْتُمُوهُ، وَهُوَذَا قَدْ جَعَلَ ٱلرَّبُّ عَلَيْكُمْ مَلِكاً».

ص 10: 14 ع 17 و19 وص 8: 5 وهوشع 13: 11

اختار الشعب ملكاً فجعله الرب كما اختاروا. نرى تنازل الرب فإنه أذن للشعب أن يختاروا ولم يتركهم بل حملهم على اختيار من كان اختاره هو لأجلهم وصار الرب عاملاً مع شعبه.

14 «إِنِ اتَّقَيْتُمُ ٱلرَّبَّ وَعَبَدْتُمُوهُ وَسَمِعْتُمْ صَوْتَهُ وَلَمْ تَعْصُوا قَوْلَ ٱلرَّبِّ، وَكُنْتُمْ أَنْتُمْ وَٱلْمَلِكُ أَيْضاً ٱلَّذِي يَمْلِكُ عَلَيْكُمْ وَرَاءَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ».

يشوع 24: 14

الجملة شرطية وليس لها جواب ولكننا نستنتجه من سياق الكلام وهو «حسناً تفعلون».

15 - 18 «15 وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَ ٱلرَّبِّ بَلْ عَصَيْتُمْ قَوْلَ ٱلرَّبِّ تَكُنْ يَدُ ٱلرَّبِّ عَلَيْكُمْ كَمَا عَلَى آبَائِكُمْ. 16 فَٱلآنَ ٱمْثُلُوا أَيْضاً وَٱنْظُرُوا هٰذَا ٱلأَمْرَ ٱلْعَظِيمَ ٱلَّذِي يَفْعَلُهُ ٱلرَّبُّ أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ. 17 أَمَا هُوَ حَصَادُ ٱلْحِنْطَةِ ٱلْيَوْمَ؟ فَإِنِّي أَدْعُو ٱلرَّبَّ فَيُعْطِي رُعُوداً وَمَطَراً فَتَعْلَمُونَ وَتَرَوْنَ أَنَّهُ عَظِيمٌ شَرُّكُمُ ٱلَّذِي عَمِلْتُمُوهُ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ بِطَلَبِكُمْ لأَنْفُسِكُمْ مَلِكاً. 18 فَدَعَا صَمُوئِيلُ ٱلرَّبَّ فَأَعْطَى رُعُوداً وَمَطَراً فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ. وَخَافَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلرَّبَّ وَصَمُوئِيلَ جِدّاً».

يشوع 24: 20 وإشعياء 1: 20 ص 5: 9 ع 9 خروج 14: 13 و31 أمثال 26: 1 ص 7: 9 و10 ص 8: 7 خروج 14: 31

ٱمْثُلُوا (انظر ع 7) أمام الرب بالاحترام اللائق كما تمثلون أمام ملك وتوقعوا كلاماً أو عملاً منه. والأمر العظيم هو الرعد والمطر في أيام حصاد الحنطة وذلك استجابة لدعاء صموئيل ففهموا من ذلك أن كل ما قاله صموئيل هو من الرب والرب هو القادر على كل شيء فخافوا عندما عرفوا أنهم كانوا رفضوه بطلبهم ملكاً.

19 «وَقَالَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ لِصَمُوئِيلَ: صَلِّ عَنْ عَبِيدِكَ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ حَتَّى لاَ نَمُوتَ، لأَنَّنَا قَدْ أَضَفْنَا إِلَى جَمِيعِ خَطَايَانَا شَرّاً بِطَلَبِنَا لأَنْفُسِنَا مَلِكاً».

ع 23 وخروج 9: 28 وإرميا 15: 1 ع 17 و20

صَلِّ عَنْ عَبِيدِكَ (انظر ص 7: 5).

20، 21 «20 فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِلشَّعْبِ: لاَ تَخَافُوا. إِنَّكُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ كُلَّ هٰذَا ٱلشَّرِّ، وَلٰكِنْ لاَ تَحِيدُوا عَنِ ٱلرَّبِّ، بَلِ ٱعْبُدُوا ٱلرَّبَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ 21 وَلاَ تَحِيدُوا. لأَنَّ ذٰلِكَ وَرَاءَ ٱلأَبَاطِيلِ ٱلَّتِي لاَ تُفِيدُ وَلاَ تُنْقِذُ، لأَنَّهَا بَاطِلَةٌ».

تثنية 11: 16 إشعياء 41: 29 وحبقوق 2: 18

لاَ تَخَافُوا قدرة الله غير المحدودة تجعل في قلوب أعدائه الخوف وفي قلوب خائفيه الطمأنينة لأن قدرته العظيمة تحامي عنهم وتحفظهم فعليهم أن يعبدوه ويثبتوا فيه وهو لا يتركهم. والكلمة العبرانية المترجمة هنا «بأباطيل» مترجمة في (تكوين 1: 2) «بخربة» (وكانت الأرض خربة) والبعليم العشتاروث وغيرهما من الآلهة أباطيل.

22 «لأَنَّهُ لاَ يَتْرُكُ ٱلرَّبُّ شَعْبَهُ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِهِ ٱلْعَظِيمِ. لأَنَّهُ قَدْ شَاءَ ٱلرَّبُّ أَنْ يَجْعَلَكُمْ لَهُ شَعْباً».

تثنية 31: 6 و1ملوك 6: 13 خروج 32: 1 وعدد 14: 13 تثنية 7: 6 - 11 و1بطرس 2: 9

مِنْ أَجْلِ ٱسْمِهِ قال في (ع 14) «إن اتقيتم الرب الخ» وهنا لهم أساس أثبت لرجائهم وهو غيرة الرب على اسمه القدوس فلا يترك شعبه لئلا يجدف أعداؤه على اسمه وتسقط مواعيده (خروج 32: 12 ويشوع 7: 9) غير أن هذه المواعيد لا تغنيهم عن حفظ وصاياه والثبات فيها.

لأَنَّهُ قَدْ شَاءَ ٱلرَّبُّ الخ (انظر تثنية 7: 5 - 11).

23 «وَأَمَّا أَنَا فَحَاشَا لِي أَنْ أُخْطِئَ إِلَى ٱلرَّبِّ فَأَكُفَّ عَنِ ٱلصَّلاَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ، بَلْ أُعَلِّمُكُمُ ٱلطَّرِيقَ ٱلصَّالِحَ ٱلْمُسْتَقِيمَ».

رومية 1: 9 وكولوسي 1: 9 و1تسالونيكي 3: 10 و2تيموثاوس 1: 3 و1ملوك 8: 36 وأمثال 4: 11

ٱلصَّلاَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ (ع 19 و7: 5) اعتبر صموئيل الصلاة لأجل الشعب من أول واجباته نحوهم والواسطة العظمى لأجل خلاصهم وثباتهم في عبادة الرب. وفي هذا الأمر أشبه إبراهيم وموسى وداود وإيليا ودانيال وبولس وجميع الأفاضل.

أُعَلِّمُكُمُ ٱلطَّرِيقَ ٱلصَّالِحَ من أعظم واجبات خدَمة الدين تعليم الشعب بواسطة المواعظ والزيارات ومدارس اللاهوت التي هي كمدارس الأنبياء في أيام صموئيل والمدارس البسيطة والمدارس الأحدية. ويجب تعليم الكتاب المقدس لجميع الشعب كباراً وصغاراً رجالاً ونساءً.

«24 إِنَّمَا اتَّقُوا ٱلرَّبَّ وَٱعْبُدُوهُ بِٱلأَمَانَةِ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ، بَلِ ٱنْظُرُوا فِعْلَهُ ٱلَّذِي عَظَّمَهُ مَعَكُمْ. 25 وَإِنْ فَعَلْتُمْ شَرّاً فَإِنَّكُمْ تَهْلِكُونَ أَنْتُمْ وَمَلِكُكُمْ جَمِيعاً».

جامعة 12: 13 تثنية 10: 21 إشعياء 1: 20 و3: 11 يشوع 24: 20 ص 31: 1 - 5 وهوشع 10: 3

كان ذكر العمل المطلوب منه وهو الصلاة من أجل الشعب وتعليمهم وهنا ذكر العمل المطلوب منهم وهو:

1) إن يتقوا الرب وهذه الوصية تشمل جميع العواطف الصالحة نحو الرب كالاحترام المقدس والإيمان والمحبة. (2) إن يعبدوه وهذه الوصية تشمل جميع الأعمال الصالحة. (3) الخدمة الكاملة القلبية الاختيارية. وفعل الرب العظيم ليس الرعود والمطر فقط في غير وقتهما بل جميع أفعاله مع إسرائيل من أول وجودهم (ع 7 - 11).

وَإِنْ فَعَلْتُمْ شَرّاً نرى في هذا القول شيئاً من الحزن لأن صموئيل كان اختبرهم منذ سنين كثيرة وعرف ميلهم إلى الارتداد. ولأنه كان نبياً أيضاً ربما نظر إلى مستقبل شاول وعصيانه.

فوائد

  1. عندما يصل الإنسان إلى آخر حياته لا يسرّ بذكر غناه أو رتبه أو علومه. بل بسلوكه الحسن وخدمته الأمينة للرب والناس (ع 1 - 5).

  2. يجب أن نرى يد الله في تاريخ العالم فنتعلم حفظ وصاياه والاتكال عليه (ع 6 - 12).

  3. إن الرعود والمطر من الله وهو الذي رتّب فصول السنة والكل بيده فكم بالحري الإنسان (ع 17).

  4. إن طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلها (ع 18 ويعقوب 5: 16).

  5. إن التعليم الديني من الوسائل الضرورية لأجل حفظ الناس من الضلال والارتداد.

  6. كان صموئيل مثالاً لكل رئيس ديني (1) كان خادماً للرب (2) كان خادماً للشعب (3) لم يستعمل منصبه لربح المال (4) لم يشرب المسكر (5) كان مجتهداً وثابتاً في العمل (6) صلى لأجل الشعب (7) علمهم (8) احتمل التنديد والكمود بالصبر (انظر 1تيموثاوس ص 3).

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ عَشَرَ

مضمونه: ضرب يوناثان الفلسطينيين في جبع. تجمّع الفلسطينيين في مخماس. خوف الإسرائيليين. إصعاد شاول المحرقة قبل إتيان صموئيل وتوبيخ صموئيل لشاول. عدّ الشعب وعدم وجود سيوف ورماح عندهم.

1 «كَانَ شَاوُلُ ٱبْنَ سَنَةٍ فِي مُلْكِهِ، وَمَلَكَ سَنَتَيْنِ عَلَى إِسْرَائِيلَ».

قيل في (2ملوك 16: 2) «كَانَ آحَازُ ٱبْنَ عِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ». لاحظ أيضاً ما قيل في حزقيا (2ملوك 18: 2) ومنسى (2ملوك 20: 1) ويوشيا (2ملوك 22: 1) وكثيرين من الملوك غيرهم. والقول فيهم بالعبرانية هو نفس القول الوارد هنا في شاول. ولو تُرجم هنا كما هو في الأماكن المذكورة لكان كما يأتي «كان شاول ابن سنة حين ملك وملك سنتين على إسرائيل». ولكن الأمر واضح أن شاول لم يكن ابن سنة حين ملك ولم يملك سنتين فقط على إسرائيل لذلك يظن بعضهم أنه فقدت من الأصل كلمة «أربعين» فالجملة الاصلية «كان شاول ابن أربعين سنة حين ملك» وهكذا الترجمة الإنكليزية الجديدة. وآخرون يفهمون من باقي القول أنه «بعدما ملك سنتين اختار الخ» وهكذا مفاد الترجمة العربية والترجمة الانكليزية الجديدة. وأما غيرهم فيقدّرون كلمة «ثلاثين» بالعبرانية بعد كلمة «سنتين» فتكون الجملة كلها «كان شاول ابن أربعين سنة حين ملك وملك اثنتين وثلاثين سنة على إسرائيل». قال بولس الرسول (أعمال 13: 21) «إن شاول ملك اربعين سنة» ولعله أضاف إلى الاثنين والثلاثين سنة والكسور المفروضة سابقاً سبع سنين وكسوراً وهي المدة بين موت شاول ومسح داود ملكاً على كل إسرائيل (2صموئيل 4: 5 و5: 5) ولا يمكننا أن نتحقق زمان حوادث مُلك شاول.

2، 3 «2 وَٱخْتَارَ شَاوُلُ لِنَفْسِهِ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ مِنْ إِسْرَائِيلَ، فَكَانَ أَلْفَانِ مَعَ شَاوُلَ فِي مِخْمَاسَ وَفِي جَبَلِ بَيْتِ إِيلَ، وَأَلْفٌ كَانَ مَعَ يُونَاثَانَ فِي جِبْعَةِ بِنْيَامِينَ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ ٱلشَّعْبِ فَأَرْسَلَهُمْ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ. 3 وَضَرَبَ يُونَاثَانُ نَصَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ ٱلَّذِي فِي جَبْعَ. فَسَمِعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ. وَضَرَبَ شَاوُلُ بِٱلْبُوقِ فِي جَمِيعِ ٱلأَرْضِ قَائِلاً: لِيَسْمَعِ ٱلْعِبْرَانِيُّونَ».

ع 5 وص 14: 31 ص 10: 26 ص 10: 5 ع 16 وص 14: 5 قضاة 3: 27 و6: 34

ٱخْتَارَ شَاوُلُ لِنَفْسِهِ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ فصاروا جيشاً دائماً مجهزاً فإذا وقعت حرب يجتمع إليه الجنود. وعمل شاول حسب عادة الملوك.

مِخْمَاسَ لم تزل باسمها إلى اليوم وهي تبعد عن أورشليم سبعة أميال.

جَبَلِ بَيْتِ إِيلَ الأرض المرتفعة التي كانت بيت إيل فيها وعلو بيت إيل عن سطح البحر 2880 قدماً وعلو مخماس 2000 قدم.

يُونَاثَانَ ابن شاول البكر. كان شجاعاً وعدّاء ومحبوباً وصديقاً لداود وقُتل هو وأبوه في جلبوع.

جِبْعَةِ بِنْيَامِينَ هي تل الفول الحالية وتبعد عن أورشليم أربعة أميال إلى الشمال. وهي مذكورة في (قضاة ص 19 و20) وكانت مسكن شاول الأصلي.

نَصَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ عسكرهم المحافظون.

جَبْعَ لم تزل باسمها إلى اليوم. وبينها وبين مخماس وادٍ عمقه نحو 800 قدم وجانباه متحدران فيوناثان لما صعد (ص 14: 13) سار حُبُوّاً (على يديه ورجليه كذوات الأربع). والظاهر أن الفلسطينيين كانوا أولاً في جبعة وحينما حلّ شاول في مخماس انتقل الفلسطينيون من جبعة إلى جبع مقابل مخماس وحلّ يوناثان في جبعة التي كان الفلسطينيون هجروها.

لِيَسْمَعِ ٱلْعِبْرَانِيُّونَ كان الفلسطينيون وغيرهم من الأعداء يسمون الإسرائيليين بهذا الاسم والإسرائيليون لم يسموا أنفسهم بهذا الاسم إلا نادراً. والغاية من ضرب البوق جمع الشعب لمحاربة الفلسطينيين.

4 «فَسَمِعَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ قَوْلاً: قَدْ ضَرَبَ شَاوُلُ نَصَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَأَيْضاً قَدْ أَنْتَنَ إِسْرَائِيلُ لَدَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. فَٱجْتَمَعَ ٱلشَّعْبُ وَرَاءَ شَاوُلَ إِلَى ٱلْجِلْجَالِ».

تكوين 34: 3 وخروج 5: 21 و2صموئيل 10: 6

ضَرَبَ شَاوُلُ يوناثان ضرب الفلسطينيين ولكن فعله نُسب إلى شاول لأنه الملك ويوناثان تحت أمره.

إِلَى ٱلْجِلْجَالِ وهي جلجوليا الحالية تبعد عن أريحا نحو ميل ونصف ميل إلى الشرق. حل الإسرائيليون فيها بعد عبورهم الأردن واختتنوا ومارسوا الفصح والظاهر أنها كانت مقرّ التابوت مدة فتوح أرض كنعان.

5 «وَتَجَمَّعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ لِمُحَارَبَةِ إِسْرَائِيلَ. ثَلاَثُونَ أَلْفَ مَرْكَبَةٍ، وَسِتَّةُ آلاَفِ فَارِسٍ، وَشَعْبٌ كَٱلرَّمْلِ ٱلَّذِي عَلَى شَاطِئِ ٱلْبَحْرِ فِي ٱلْكَثْرَةِ. وَصَعِدُوا وَنَزَلُوا فِي مِخْمَاسَ شَرْقِيَّ بَيْتِ آوِنَ».

يشوع 11: 4 ص 14: 23

ثَلاَثُونَ أَلْفَ مَرْكَبَةٍ الأرجح أنه وقع غلط في هذا العدد لأن ثلاثين ألف مركبة كثيرة بالنسبة إلى ستة آلاف فارس. وفي البلاد الجبلية لا لزوم لمركبات كثيرة ولكنها تلائم السهول الواسعة. والمظنون أن القول الأصلي الف مركبة لأن النسخ القديمة استُعملت فيها الحروف عوضاً عن الأرقام وربما فُصل آخر أحرف لفظة إسرائيل وأُضيف إلى ما يليه فصار الألف ثلاثين ألفاً لأن حرف اللام يدل على ثلاثين كما في حساب الجُمَّل.

كَٱلرَّمْلِ ٱلَّذِي عَلَى شَاطِئِ ٱلْبَحْرِ هذا مبالغة وهي كثيرة الاستعمال في الكتاب لا تدل إلا على الكثرة.

نَزَلُوا فِي مِخْمَاسَ كان شاول في الأول في مخماس والفلسطينيون في جبع (ع 2 و3) ولكن شاول سحب جيشه من مخماس إلى الجلجال (ع 4) وكان يوناثان قد ضرب نصَب الفلسطينيين في جبع (ع 3) وحلّ فيها وكان لم يزل فيها (ع 16).

بَيْتِ آوِنَ (بيت الأصنام أو الشر). كانت بين بيت إيل ومخماس وربما كانت غاية الفلسطينيين أن يسدوا طريق الجلجال فلا يصعد شاول لنجدة يوناثان.

6، 7 «6 وَلَمَّا رَأَى رِجَالُ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُمْ فِي ضَنْكٍ (لأَنَّ ٱلشَّعْبَ تَضَايَقَ) ٱخْتَبَأَ ٱلشَّعْبُ فِي ٱلْمَغَايِرِ وَٱلْغِيَاضِ وَٱلصُّخُورِ وَٱلصُّرُوحِ وَٱلآبَارِ. 7 وَبَعْضُ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ عَبَرُوا ٱلأُرْدُنَّ إِلَى أَرْضِ جَادَ وَجِلْعَادَ. وَكَانَ شَاوُلُ بَعْدُ فِي ٱلْجِلْجَالِ وَكُلُّ ٱلشَّعْبِ ٱرْتَعَدَ وَرَاءَهُ».

قضاة 6: 2 عدد 32: 33

خافوا جداً لأنهم لم ينظروا إلى الرب الذي كان خلّصهم مرات كثيرة وهو يقدر أن يخلّص كل من يلتجئ إليه. وكان الإسرائيليون دون الفلسطينيين في العَدد والعِدد (ع 19 - 22) والألفان الذين كانوا مع شاول صاروا ست مئة فقط (ع 15).

8 - 12 «8 فَمَكَثَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَسَبَ مِيعَادِ صَمُوئِيلَ، وَلَمْ يَأْتِ صَمُوئِيلُ إِلَى ٱلْجِلْجَالِ، وَٱلشَّعْبُ تَفَرَّقَ عَنْهُ. 9 فَقَالَ شَاوُلُ: قَدِّمُوا إِلَيَّ ٱلْمُحْرَقَةَ وَذَبَائِحَ ٱلسَّلاَمَةِ. فَأَصْعَدَ ٱلْمُحْرَقَةَ. 10 وَكَانَ لَمَّا ٱنْتَهَى مِنْ إِصْعَادِ ٱلْمُحْرَقَةِ إِذَا صَمُوئِيلُ مُقْبِلٌ، فَخَرَجَ شَاوُلُ لِلِقَائِهِ لِيُبَارِكَهُ. 11 فَقَالَ صَمُوئِيلُ: مَاذَا فَعَلْتَ؟ فَقَالَ شَاوُلُ: لأَنِّي رَأَيْتُ أَنَّ ٱلشَّعْبَ قَدْ تَفَرَّقَ عَنِّي، وَأَنْتَ لَمْ تَأْتِ فِي أَيَّامِ ٱلْمِيعَادِ، وَٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ مُتَجَمِّعُونَ فِي مِخْمَاسَ 12 فَقُلْتُ: ٱلآنَ يَنْزِلُ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ إِلَيَّ إِلَى ٱلْجِلْجَالِ وَلَمْ أَتَضَرَّعْ إِلَى وَجْهِ ٱلرَّبِّ، فَتَجَلَّدْتُ وَأَصْعَدْتُ ٱلْمُحْرَقَةَ».

ص 10: 8 2صموئيل 24: 25 و1ملوك 3: 4 ص 15: 13 ع 2 و5 و16 و23

حَسَبَ مِيعَادِ صَمُوئِيلَ (ص 10: 8) والمظنون أن صموئيل حينما مسح شاول أخبره عن قضاء المملكة والاستعداد الواجب لمحاربة الفلسطينيين وتخليص إسرائيل من سلطتهم. ومن هذه الوصايا أن يجمع الشعب إلى الجلجال ثم يستنظر سبعة أيام حتى يحضر صموئيل. وبين مسح شاول والاجتماع في الجلجال حوادث منها الاجتماع في المصفاة ومحاربة ناحاش وتجديد المملكة في الجلجال (ص 10 و11 و12) فشاول حفظ في قلبه وصية صموئيل وعند قدوم الفلسطينيين جمع الشعب في الجلجال وصار ينتظر حضور صموئيل ولكنه في اليوم السابع لم يقدر أن يستنظر بعد لأن الشعب تفرّق عنه فلم يبق من الألفين إلا ست مئة فأصعد المحرقة.

13 «فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: قَدِ ٱنْحَمَقْتَ! لَمْ تَحْفَظْ وَصِيَّةَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ ٱلَّتِي أَمَرَكَ بِهَا، لأَنَّهُ ٱلآنَ كَانَ ٱلرَّبُّ قَدْ ثَبَّتَ مَمْلَكَتَكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى ٱلأَبَدِ».

2أيام 16: 9 ص 15: 22 و28 ص 1: 22

قَدِ ٱنْحَمَقْتَ رأى شاول أنه معذور في ما عمله لأن الفلسطينيين كانوا قريبين ومن المحتمل أنهم يهجمون عليه متى أرادوا والإسرائيليون كانوا يتفرقون عنه كل ساعة فاستنظر صموئيل سبعة أيام ورأى أنه إذا استنظر بعد ولو قليلاً تفوت فرصة الخلاص فأصعد المحرقة علامة لإيمانه بالله. ولكن كان عليه أن يفهم أن الله عيّنه ملكاً فعليه الطاعة الكاملة والانتظار إلى النهاية والإيمان بأن الله لا يتركه إذا حفظ وصيته.

إِلَى ٱلأَبَدِ الوعد لدواد (2صموئيل 7: 16) هو أن «مملكته تثبت إلى الأبد» فثبتت بالمسيح الذي صار من نسله من جهة الجسد. فما أعظم حماقة شاول برفضه مواعيد كهذه.

14 «وَأَمَّا ٱلآنَ فَمَمْلَكَتُكَ لاَ تَقُومُ. قَدِ ٱنْتَخَبَ ٱلرَّبُّ لِنَفْسِهِ رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِهِ، وَأَمَرَهُ ٱلرَّبُّ أَنْ يَتَرَأَّسَ عَلَى شَعْبِهِ. لأَنَّكَ لَمْ تَحْفَظْ مَا أَمَرَكَ بِهِ ٱلرَّبُّ».

ص 15: 28 أعمال 13: 22

رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِهِ وهنا أول إشارة إلى داود وملكه على إسرائيل. ولم يكن داود رجلاً كاملاً ولكن خطاياه كخطايا ولد في بيت أبيه وأما خطايا شاول فكانت كخطايا ولد متمرد قد خرج من البيت ورفض الطاعة لأبيه. وحينما نقرأ المزامير ونرى فيها ما كان في قلب داود من الإيمان والطاعة والمحبة والاشتياق إلى الرب وإلى عبادته والحزن على الخطيئة وطلب الغفران لا نتعجب من قول الرب أن داود رجل حسب قلبه.

15، 16 «15 وَقَامَ صَمُوئِيلُ وَصَعِدَ مِنَ ٱلْجِلْجَالِ إِلَى جِبْعَةِ بِنْيَامِينَ. وَعَدَّ شَاوُلُ ٱلشَّعْبَ ٱلْمَوْجُودَ مَعَهُ نَحْوَ سِتِّ مِئَةِ رَجُلٍ. 16 وَكَانَ شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ ٱبْنُهُ وَٱلشَّعْبُ ٱلْمَوْجُودُ مَعَهُمَا مُقِيمِينَ فِي جَبْعِ بِنْيَامِينَ، وَٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ نَزَلُوا فِي مِخْمَاسَ».

ع 2 ع 2 و6 و7 وص 14: 2 ع 2 و3

جِبْعَةِ بِنْيَامِينَ وهي مدينة شاول وهنا دليل على أنه لم يكن انفصال نهائي بين صموئيل وشاول.

سِتِّ مِئَةِ رَجُلٍ بقية الألفين وهم جيش صغير جداً بالنسبة إلى جيش الفلسطينيين.

جَبْعِ بِنْيَامِينَ تمييزاً لها عن جبعة بنيامين. وكانت جبع قبالة مخماس بينها وبين مخماس وادٍ عميق. وكان شاول صعد من الجلجال واجتمع بيوناثان في جبع.

17، 18 «17 فَخَرَجَ ٱلْمُخَرِّبُونَ مِنْ مَحَلَّةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ فِي ثَلاَثِ فِرَقٍ. ٱلْفِرْقَةُ ٱلْوَاحِدَةُ تَوَجَّهَتْ فِي طَرِيقِ عَفْرَةَ إِلَى أَرْضِ شُوعَالَ، 18 وَٱلْفِرْقَةُ ٱلأُخْرَى تَوَجَّهَتْ فِي طَرِيقِ بَيْتِ حُورُونَ، وَٱلْفِرْقَةُ ٱلأُخْرَى تَوَجَّهَتْ فِي طَرِيقِ ٱلْتُّخُمِ ٱلْمُشْرِفِ عَلَى وَادِي صَبُوعِيمَ نَحْوَ ٱلْبَرِّيَّةِ».

ص 14: 15 يشوع 18: 23 يشوع 18: 13 و14 نحميا 11: 34

خَرَجَ ٱلْمُخَرِّبُونَ غايتهم جمع العلف والطعام والغنيمة وإذلال الإسرائيليين ولعلهم قصدوا أيضاً تهييج شاول ويوناثان ليخرجا من موافقتهما المنيعة. ويظهر أن الرب أضلهم في التدبير لأنهم لو نزلوا في أول الأمر إلى الجلجال وضربوا شاول ورجاله القليليين ثم يوناثان والذين معه لانتصروا انتصاراً مبيناً وفتحوا أرض إسرائيل كلها.

عَفْرَةَ في الشمال وقريبة من بيت إيل. وبيت حورون في الغرب على طريق ساحل البحر. ووادي صبوعيم في الشرق على طريق أريحا. وأرض شوعل مجهولة وغير مذكورة إلا هنا والقرينة تدل على أنها في شمالي أرض بنيامين.

19 - 22 «19 وَلَمْ يُوجَدْ صَانِعٌ فِي كُلِّ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ قَالُوا: لِئَلاَّ يَعْمَلَ ٱلْعِبْرَانِيُّونَ سَيْفاً أَوْ رُمْحاً. 20 بَلْ كَانَ يَنْزِلُ كُلُّ إِسْرَائِيلَ إِلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لِيُحَدِّدَ كُلُّ وَاحِدٍ سِكَّتَهُ وَمِنْجَلَهُ وَفَأْسَهُ وَمِعْوَلَهُ 21 عِنْدَمَا كَلَّتْ حُدُودُ ٱلسِّكَكِ وَٱلْمَنَاجِلِ وَٱلْمُثَلَّثَاتِ ٱلأَسْنَانِ وَٱلْفُؤُوسِ وَلِتَرْوِيسِ ٱلْمَنَاسِيسِ. 22 وَكَانَ فِي يَوْمِ ٱلْحَرْبِ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَيْفٌ وَلاَ رُمْحٌ بِيَدِ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعَ شَاوُلَ وَمَعَ يُونَاثَانَ. عَلَى أَنَّهُ وُجِدَ مَعَ شَاوُلَ وَيُونَاثَانَ ٱبْنِهِ».

قضاة 5: 8 و2ملوك 24: 14 قضاة 5: 8

لَمْ يُوجَدْ صَانِعٌ الخ دليل على ذل الإسرائيليين وتسلط الفلسطينيين من زمان طويل وكان أشد الذل في أرض بنيامين.

23 «وَخَرَجَ حَفَظَةُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ إِلَى مَعْبَرِ مِخْمَاسَ».

ص 14: 1 و2صموئيل 23: 14 ص 14: 4 و5 وإشعياء 10: 28

مَعْبَرِ مِخْمَاسَ (انظر ص 14: 4 و5) قُبالة مخماس سن صخرة اسمها بوصيص وهي مشرفة على الوادي العميق بين مخماس وجبع. وفي الوادي طريق أو معبر تسمى معبر مخماس. وحفظة الفلسطينيين خرجوا من محلتهم في مخماس إلى معبر مخماس أي إلى الصخرة بوصيص المشرفة على الوادي والمتسلطة عليه.

فوائد

  1. إن الخوف ينتج من ضعف الإيمان والجهل. لم يؤمن الإسرائيليون أن الله يقدر أن يخلّص الذين يلتجئون إليه مهما كانوا ضعفاء ومهما كان المقاومون أقوياء. ولم يعرف الإسرائيليون أن الفلسطينيين أتوا إلى مخماس ليَهلِكوا وليس ليُهلِكوا (ع 5 - 7).

  2. الانتظار أصعب من العمل وهو واجب أحياناً دون العمل (ع 8 - 14).

  3. إن الله لا يرضى العبادة الخارجية والتقدمات والفرائض وحفظ الأعياد ما دام القلب بعيداً عنه. والاستماع أفضل من الذبيحة (ع 12).

  4. لا يرضى الله أن يسكن في قلب له فيه شريك. وخطيئة شاول العظمى أنه لم يعمل مشيئة الرب دائماً في كل شيء (ع 14).

  5. الضرورة لا تبرّر. ولا يمكن أن تكون الخطيئة ضرورية. فعلينا أن نقول إننا نقدر أن نموت جوعاً أو نسقط قتلى في الحرب ولكننا لا نقدر أن نخالف وصايا الله (ع 12).

  6. إن الله يمنح ملكوتاً أبدياً لكل الذين يقبلونه ملكاً عليهم (ع 13).

  7. إن الخطيئة تُذل الإنسان ولا شيء يذلّ سواها.

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ

مضمونه: انتصار يوناثان في مخماس وارتعاد الفلسطينيين. هجوم شاول عليهم وانكسارهم عند بيت آون. استحلاف شاول الشعب وضنكهم وأكلهم على الدم. مذبح شاول. فداء الشعب ليوناثان بعد وقوع القرعة عليه. تعظُّم شاول وذكر أهله.

1 «وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ قَالَ يُونَاثَانُ بْنُ شَاوُلَ لِلْغُلاَمِ حَامِلِ سِلاَحِهِ: تَعَالَ نَعْبُرْ إِلَى حَفَظَةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ ٱلَّذِينَ فِي ذٰلِكَ ٱلْعَبْرِ. وَلَمْ يُخْبِرْ أَبَاهُ».

فِي ذَاتِ يَوْمٍ بينما كان شاول ويوناثان والجيش مقيمين في جبع (ص 13: 16) وجيش الفلسطينيين في مخماس قبالتهم (ص 13: 23) وكان غزاة الفلسطينيين ينهبون أرض بنيامين (ص 13: 17) ولكن الجيش الواحد لم يقدر أن يقترب إلى الأخر لأن بينهما وادياً عميقاً لا يمكن عبوره إلا بصعوبة.

حَفَظَةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ (ص 13: 23).

وَلَمْ يُخْبِرْ أَبَاهُ لأن العمل الذي قصده كان مخطراً جداً لو عرفه أبوه لمنعه عنه.

2 «وَكَانَ شَاوُلُ مُقِيماً فِي طَرَفِ جِبْعَةَ تَحْتَ ٱلرُّمَّانَةِ ٱلَّتِي فِي مِغْرُونَ، وَٱلشَّعْبُ ٱلَّذِي مَعَهُ نَحْوُ سِتِّ مِئَةِ رَجُلٍ».

ص 13: 15 و16 إشعياء 10: 28 ص 13: 15

فِي طَرَفِ جِبْعَةَ خارجاً عن المدينة والظاهر أنه كان في البرية بقرب جبعة وإلى جهة جبع.

تَحْتَ ٱلرُّمَّانَةِ الخ في فيء الشجرة.و «مغرون» هي غير المذكورة في (إشعياء 10: 28) التي كانت شمالي مخماس. ولعل مغرون ليس اسم علم. وبعضهم يقولون الرمانة التي في البيدر.

3 «وَأَخِيَّا بْنُ أَخِيطُوبَ أَخِي إِيخَابُودَ بْنِ فِينَحَاسَ بْنِ عَالِي كَاهِنُ ٱلرَّبِّ فِي شِيلُوهَ كَانَ لاَبِساً أَفُوداً. وَلَمْ يَعْلَمِ ٱلشَّعْبُ أَنَّ يُونَاثَانَ قَدْ ذَهَبَ».

ص 22: 9 - 12 و20 ص 4: 21 ص 1: 3 ص 2: 28

أَخِيَّا المظنون أن أخيا هذا هو أخيمالك بن أخيطوب المذكور في (ص 22: 9). ومعنى «أخيا» أخو الله واحتراماً لاسم الجلالة جعلوه أخيمالك (أخو الملك) غير أنه من المحتمل أن أخيمالك كان أخاً لأخيا وخلفه بالكهنوت.

كَاهِنُ ٱلرَّبِّ فِي شِيلُوهَ إذا فهمنا أن أخيا هو الكاهن في شيلوه تكون شيلوه مسكنه فقط لأن خدمة الخيمة في شيلوه توقفت عندما أخذ الفلسطينيون التابوت (ص 4). والأرجح أن لفظة كاهن في الأصل العبراني بدل من عالي الذي كان كاهن الرب في شيلوه المشار إليه هنا.

الأَفُود الرداء (كما تُرجم في خروج 28: 6). وعلى الرداء أي الأفود الصدرة وفي الصدرة الأوريم والتميم فكان على قلب الكاهن عند دخوله أمام الرب وكان السؤال من الرب بواسطته (ص 28: 6). وذِكر أخيا والأفود هنا هو لإيضاح ما سيأتي في (ع 18).

4، 5 «4 وَبَيْنَ ٱلْمَعَابِرِ ٱلَّتِي ٱلْتَمَسَ يُونَاثَانُ أَنْ يَعْبُرَهَا إِلَى حَفَظَةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ سِنُّ صَخْرَةٍ مِنْ هٰذِهِ ٱلْجِهَةِ وَسِنُّ صَخْرَةٍ مِنْ تِلْكَ ٱلْجِهَةِ، وَٱسْمُ ٱلْوَاحِدَةِ «بُوصَيْصُ» وَٱسْمُ ٱلأُخْرَى «سَنَهُ». 5 وَٱلسِّنُّ ٱلْوَاحِدُ عَمُودٌ إِلَى ٱلشِّمَالِ مُقَابِلَ مِخْمَاسَ، وَٱلآخَرُ إِلَى ٱلْجَنُوبِ مُقَابِلَ جَبْعَ».

ص 13: 23

ٱلْمَعَابِرِ الأودية التي فيها طرق العبور من جبع إلى مخماس. قصد يوناثان أن ينزل إلى الوادي ثم يصعد إلى رأس سن صخرة بوصيص وهو مكان حفظة الفلسطينيين (ص 13: 23).

6 «فَقَالَ يُونَاثَانُ لِلْغُلاَمِ حَامِلِ سِلاَحِهِ: تَعَالَ نَعْبُرْ إِلَى صَفِّ هٰؤُلاَءِ ٱلْغُلْفِ، لَعَلَّ ٱللّٰهَ يَعْمَلُ مَعَنَا، لأَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّبِّ مَانِعٌ عَنْ أَنْ يُخَلِّصَ بِٱلْكَثِيرِ أَوْ بِٱلْقَلِيلِ».

ص 17: 26 و36 وإرميا 9: 25 و26 ص 17: 46 و47 وقضاة 7: 4 وعبرانيين 11: 34

هٰؤُلاَءِ ٱلْغُلْفِ إشارة إلى أن يوناثان اتكل على كونه من شعب الله الخاص ذوي المواعيد وأما الفلسطينيون فخارجون عن العهود والمواعيد.

بِٱلْكَثِيرِ أَوْ بِٱلْقَلِيلِ أظهر يوناثان إيمانه الشديد فهو مستحق أن يُذكر مع جدعون وباراق وشمشون ويفتاح الذين بالإيمان قهروا ممالك صنعوا براً نالوا المواعيد (عبرانيين 11: 32).

7 «فَقَالَ لَهُ حَامِلُ سِلاَحِهِ: ٱعْمَلْ كُلَّ مَا بِقَلْبِكَ. تَقَدَّمْ. هَئَنَذَا مَعَكَ حَسَبَ قَلْبِكَ».

وكان لحامل سلاحه نفس الإيمان فاستحقّ نفس المدح وإن كان اسمه مجهولاً.

8 - 12 «8 فَقَالَ يُونَاثَانُ: هُوَذَا نَحْنُ نَعْبُرُ إِلَى ٱلْقَوْمِ وَنُظْهِرُ أَنْفُسَنَا لَهُمْ. 9 فَإِنْ قَالُوا لَنَا: دُومُوا حَتَّى نَصِلَ إِلَيْكُمْ. نَقِفُ فِي مَكَانِنَا وَلاَ نَصْعَدُ إِلَيْهِمْ. 10 وَلٰكِنْ إِنْ قَالُوا: ٱصْعَدُوا إِلَيْنَا. نَصْعَدُ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ دَفَعَهُمْ لِيَدِنَا، وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْعَلاَمَةُ لَنَا. 11 فَأَظْهَرَا أَنْفُسَهُمَا لِصَفِّ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. فَقَالَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ: هُوَذَا ٱلْعِبْرَانِيُّونَ خَارِجُونَ مِنَ ٱلثُّقُوبِ ٱلَّتِي ٱخْتَبَأُوا فِيهَا. 12 فَأَجَابَ رِجَالُ ٱلصَّفِّ يُونَاثَانَ وَحَامِلَ سِلاَحِهِ: اِصْعَدَا إِلَيْنَا فَنُعَلِّمَكُمَا شَيْئاً. فَقَالَ يُونَاثَانُ لِحَامِلِ سِلاَحِهِ: ٱصْعَدْ وَرَائِي لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ دَفَعَهُمْ لِيَدِ إِسْرَائِيلَ».

قضاة 7: 9 - 14 تكوين 24: 14 وقضاة 6: 36 ع 22 وص 13: 6 ص 17: 43 و44 وقضاة 8: 16 و2صموئيل 5: 24

جعل يوناثان ما سيحدث آية له من الرب وإن كان الأمر المذكور من الأمور الطبيعية كما فعل عبد إبراهيم (تكوين 24: 13 و14). والفلسطينيون أظهروا احتقارهم ليوناثان وحامل سلاحه بقولهم «هوذا العبرانيون خارجون من الثقوب» كأنهم بنات آوى. وقولهم «اصعدا فنعلمكما شيئاً» معناه سنقتلكما. والمزاح من هذا النوع كثير عند الجنود (قضاة 8: 16) وشائع إلى اليوم بين الخصوم على سبيل الوعيد.

13 «فَصَعِدَ يُونَاثَانُ عَلَى يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَحَامِلُ سِلاَحِهِ وَرَاءَهُ. فَسَقَطُوا أَمَامَ يُونَاثَانَ، وَكَانَ حَامِلُ سِلاَحِهِ يُقَتِّلُ وَرَاءَهُ».

عَلَى يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ لصعوبة الصعود منتصباً. وكان يوناثان قائداً حقيقياً لأنه لم يطلب من خادمه إلا ما كان مستعداً أن يحتمله هو. وكان على حامل سلاحه نفس الصعوبات والخطر ولكنه لم يهتم بها لأن قائده أمامه. وهذا ما يتوجب على حاملي سلاح يسوع.

سَقَطُوا أَمَامَ يُونَاثَانَ بغتهم يوناثان فاعتراهم الخوف ولعلهم ظنوا أن وراءهما جيش من الإسرائيليين. وعندما قصدوا الفرار تضايقوا وأوقعوا بعضهم ببعض لأن الطريق من مكان الحفظة إلى محلة الفلسطينيين كان على ظهر ضيّق وعن اليمين وعن اليسار انحدار عظيم.

14 «وَكَانَتِ ٱلضَّرْبَةُ ٱلأُولَى ٱلَّتِي ضَرَبَهَا يُونَاثَانُ وَحَامِلُ سِلاَحِهِ نَحْوَ عِشْرِينَ رَجُلاً فِي نَحْوِ نِصْفِ فَدَّانِ أَرْضٍ».

ٱلضَّرْبَةُ ٱلأُولَى يوناثان وحامل سلاحه ضربا نحو عشرين رجلاً ثم أخذ الأعداء يضربون بعضهم بعضاً.

نِصْفِ (تلم) فَدَّانِ أَرْضٍ أي نصف فدان. والمعنى أن المكان كان ضيقاً.

15 «وَكَانَ ٱرْتِعَادٌ فِي ٱلْمَحَلَّةِ فِي ٱلْحَقْلِ وَفِي جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ. ٱلصَّفُّ وَٱلْمُخَرِّبُونَ ٱرْتَعَدُوا هُمْ أَيْضاً، وَرَجَفَتِ ٱلأَرْضُ فَكَانَ ٱرْتِعَادٌ عَظِيمٌ».

ص 13: 17 و18 ص 7: 10 و2ملوك 7: 6

كان الارتعاد في محلة الجيش تمييزاً لها عن محلة الحفظة. وفي الحقل أي البرية التي كان المخربون نهبوها. وفي الشعب غير المسلحين. والصفّ هم الحفظة الذين ضربهم يوناثان.

رَجَفَتِ ٱلأَرْضُ ربما حدث زلزال فعلاً والأرجح أن الكلام مجاز يشير إلى ارتعاد عظيم.

16 «فَنَظَرَ ٱلْمُرَاقِبُونَ لِشَاوُلَ فِي جِبْعَةِ بِنْيَامِينَ، وَإِذَا بِٱلْجُمْهُورِ قَدْ ذَابَ وَذَهَبُوا مُتَبَدِّدِينَ».

جِبْعَةِ بِنْيَامِينَ قيل إن مخماس لا تُرى من جبعة. ولكن كان شاول ورجاله في طرف جبعة (ع 2) أي في أرضها أو في جهاتها.

مُتَبَدِّدِينَ تفرقوا وذهبوا إلى هنا وهناك بلا ترتيب كالسكارى.

17، 18 «17 فَقَالَ شَاوُلُ لِلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعَهُ: عُدُّوا ٱلآنَ وَٱنْظُرُوا مَنْ ذَهَبَ مِنْ عِنْدِنَا. فَعَدُّوا، وَهُوَذَا يُونَاثَانُ وَحَامِلُ سِلاَحِهِ لَيْسَا مَوْجُودَيْنِ. 18 فَقَالَ شَاوُلُ لأَخِيَّا: قَدِّمْ تَابُوتَ ٱللّٰهِ. (لأَنَّ تَابُوتَ ٱللّٰهِ كَانَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ)».

ص 23: 9 و30: 7

قَدِّمْ تَابُوتَ ٱللّٰهِ السؤال من الرب من واجبات الملك بموجب الشريعة (عدد 27: 31). كان التابوت في قرية يعاريم (ص 7: 1) وكان في نفس المكان في زمان داود والظاهر من القول هنا إن الإسرائيليين أصعدوه من قرية يعاريم إلى محلة الجيش وبعد ذلك ردوه إلى مكانه الأول. وكان السؤال من الرب بواسطة الأفود ولم يكن بواسطة التابوت إلا هنا. لذلك يُظن أن أحد النساخ بدل عن غير قصد تابوت بأفود. والكلمة الأصلية أفود وليس تابوت وهذا يوافق يوسيفوس والترجمة السبعينية.

19 «وَفِيمَا كَانَ شَاوُلُ يَتَكَلَّمُ بَعْدُ مَعَ ٱلْكَاهِنِ، تَزَايَدَ ٱلضَّجِيجُ ٱلَّذِي فِي مَحَلَّةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَكَثُرَ. فَقَالَ شَاوُلُ لِلْكَاهِنِ: كُفَّ يَدَكَ».

عدد 27: 21

كُفَّ يَدَكَ كان شاول شجاعاً وغيوراً وفهيماً في أمور الحرب وخلّص إسرائيل من بعض أعدائهم وسأل من الرب وقدّم ذبائح وبنى مذابح ولكنه كان قليل الصبر ولم يخضع للرب كل الخضوع ولم يتكل عليه كل الاتكال فلم يكن مثل داود رجلاً حسب قلب الله أي حسب قصده ومطلوبه.

20 «وَصَاحَ شَاوُلُ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعَهُ وَجَاءُوا إِلَى ٱلْحَرْبِ، وَإِذَا بِسَيْفِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ. ٱضْطِرَابٌ عَظِيمٌ جِدّاً».

قضاة 7: 22 و2أيام 20: 23

انظر أيضاً حادثة جدعون والمديانيين (قضاة 7: 22) وحادثة يهوشافاط والعمونيين (2أيام 20: 23) التي نتعلم منها أن الرب يخلّص شعبه بجعله الإيمان والشجاعة في قلوبهم والخوف والضعف في قلوب أعدائهم فينتصر الضعيف على القوي.

جَاءُوا إِلَى ٱلْحَرْبِ نزلوا إلى الوادي وصعدوا إلى مخماس ولم يقاومهم أحد.

21، 22 «21 وَٱلْعِبْرَانِيُّونَ ٱلَّذِينَ كَانُوا مَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ، ٱلَّذِينَ صَعِدُوا مَعَهُمْ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ مِنْ حَوَالَيْهِمْ، صَارُوا هُمْ أَيْضاً مَعَ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ مَعَ شَاوُلَ وَيُونَاثَانَ. 22 وَسَمِعَ جَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ ٱخْتَبَأُوا فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ أَنَّ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ هَرَبُوا، فَشَدُّوا هُمْ أَيْضاً وَرَاءَهُمْ فِي ٱلْحَرْبِ».

ص 29: 4 ص 13: 6

ٱلْعِبْرَانِيُّونَ هم إسرائيليون واللفظة تشير إلى نسل إبراهيم الذي جاء من عبر نهر الفرات. سمى الإسرائيليين بهذا الاسم مضايقوهم كالمصريين والفلسطينيين وسمى الإسرائيليون نفوسهم به عند ذكر أعداءهم كما في هذه الآية و(ص 4: 6 و13: 3). وكان الفلسطينيون قد سخروا الإسرائيليين في الأماكن حول مخماس واستعبدوهم فاستغنم الإسرائيليون أول فرصة ليخلصوا من رقّ العبودية وتشجع الذين كانوا خائفين فاتحد جميع إسرائيل مع شاول في طرده الفلسطينيين.

23 «فَخَلَّصَ ٱلرَّبُّ إِسْرَائِيلَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ. وَعَبَرَتِ ٱلْحَرْبُ إِلَى بَيْتِ آوِنَ».

خروج 14: 30 و2أيام 32: 22 ص 13: 5

الخلاص من الرب وليس من شاول ويوناثان (ع 20).

بَيْتِ آوِنَ ردّ شاول الفلسطينيين إلى جهة الشمال الغربي. وبيت آون هي بين مخماس وبيت إيل. ومن بيت آون نزلوا منحدر بيت حورون إلى إيلون (ع 31) حيث انتصر يشوع على ملوك الأموريين (يشوع 10: 10).

24 «وَضَنُكَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ لأَنَّ شَاوُلَ حَلَّفَ ٱلشَّعْبَ قَائِلاً: مَلْعُونٌ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَأْكُلُ خُبْزاً إِلَى ٱلْمَسَاءِ حَتَّى أَنْتَقِمَ مِنْ أَعْدَائِي. فَلَمْ يَذُقْ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ خُبْزاً».

يشوع 6: 26

ظنّ شاول أن الشعب إذا توقفوا عن طرد الفلسطينيين وتفرقوا في طلب الطعام لا يجتمعون أيضاً فتفوت فرصتهم الثمينة. ولكن من نتائج أمره.

(1) ضنك الشعب من عدم الأكل فلم يقدروا أن يسعوا وراء الفلسطينيين كما يجب (2) وقوع ابنه يوناثان في التعدي عن غير علم (3) أكل الشعب على الدم. وأما الشعب فأطاعوا أمر الملك وفهموا أن المنع عن أكل الخبز هو المنع عن الأكل مطلقاً.

25 «وَجَاءَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ إِلَى ٱلْوَعْرِ وَكَانَ عَسَلٌ عَلَى وَجْهِ ٱلْحَقْلِ».

متّى 3: 4

كثرة العسل دليل على قلة الأرض المفلوحة والمغروسة والمسكونة (إشعياء 7: 22).

26، 27 «26 وَلَمَّا دَخَلَ ٱلشَّعْبُ ٱلْوَعْرَ إِذَا بِٱلْعَسَلِ يَقْطُرُ وَلَمْ يَمُدَّ أَحَدٌ يَدَهُ إِلَى فَمِهِ، لأَنَّ ٱلشَّعْبَ خَافَ مِنَ ٱلْقَسَمِ. 27 وَأَمَّا يُونَاثَانُ فَلَمْ يَسْمَعْ عِنْدَمَا ٱسْتَحْلَفَ أَبُوهُ ٱلشَّعْبَ، فَمَدَّ طَرَفَ ٱلنُّشَّابَةِ ٱلَّتِي بِيَدِهِ وَغَمَسَهُ فِي قَطْرِ ٱلْعَسَلِ وَرَدَّ يَدَهُ إِلَى فَمِهِ فَٱسْتَنَارَتْ عَيْنَاهُ».

ع 43 ص 30: 12

مَدَّ طَرَفَ ٱلنُّشَّابَةِ لأنه مستعجل فلم يتوقف ليأخذ شيئاً بيده. والنشابة السهم أو النبلة.

ٱسْتَنَارَتْ عَيْنَاهُ كان جاع كثيراً فانتعش من الأكل وتجدّدت قوّته. والاعتناء بالجسد مما يتوقف عليه النجاح في العمل الجسدي أو العقلي أو الروحي. وكل قائد فهيم يعرف أن الاعتناء بطعام الجيش وإعداده من أهم شروط الانتصار ولا تقل أهميته عن إعداد السيوف والرماح.

28 «فَقَالَ وَاحِدٌ مِنَ ٱلشَّعْبِ: قَدْ حَلَّفَ أَبُوكَ ٱلشَّعْبَ قَائِلاً: مَلْعُونٌ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَأْكُلُ خُبْزاً ٱلْيَوْمَ. فَأَعْيَا ٱلشَّعْبُ».

فَأَعْيَا ٱلشَّعْبُ هذا قول المؤرخ كاتب السفر.

29، 30 «29 فَقَالَ يُونَاثَانُ: قَدْ كَدَّرَ أَبِي ٱلأَرْضَ. اُنْظُرُوا كَيْفَ ٱسْتَنَارَتْ عَيْنَايَ لأَنِّي ذُقْتُ قَلِيلاً مِنْ هٰذَا ٱلْعَسَلِ. 30 فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ لَوْ أَكَلَ ٱلْيَوْمَ ٱلشَّعْبُ مِنْ غَنِيمَةِ أَعْدَائِهِمِ ٱلَّتِي وَجَدُوا! أَمَا كَانَتِ ٱلآنَ ضَرْبَةٌ أَعْظَمُ عَلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ؟»

يشوع 7: 25 و1ملوك 18: 18

أفاد يوناثان أكل قليل من العسل واستنارت عيناه بعدما كان ضعف بصرها من الجوع فكم بالحري لو أكل الشعب كلهم أكلاً كافياً من الغنيمة العظيمة كالبقر والغنم التي غنموها من أعدائهم.

قَدْ كَدَّرَ أَبِي ٱلأَرْضَ قيل في عخان أنه «كدّر إسرائيل» (يشوع 7: 25) وكذلك آخاب (1ملوك 18: 18) لم يُجز يوناثان رأي أبيه. والاختلاف بين الأب والابن من نتائج حماقة شاول.

31 «فَضَرَبُوا فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ مِنْ مِخْمَاسَ إِلَى أَيَّلُونَ. وَأَعْيَا ٱلشَّعْبُ جِدّاً».

ع 5 يشوع 10: 12

كانت إيلون في آخر منحدر بيت حورون في أرض دان وقريبة من أرض الفلسطينيين.

32 «وَثَارَ ٱلشَّعْبُ عَلَى ٱلْغَنِيمَةِ، فَأَخَذُوا غَنَماً وَبَقَراً وَعُجُولاً، وَذَبَحُوا عَلَى ٱلأَرْضِ وَأَكَلَ ٱلشَّعْبُ عَلَى ٱلدَّمِ».

ص 15: 19 تكوين 9: 4 ولاويين 17: 1 - 14 وأعمال 15: 20

كان أكل الدم ممنوعاً بموجب الشريعة (انظر الشواهد).

33، 34 «33 فَأَخْبَرُوا شَاوُلَ: هُوَذَا ٱلشَّعْبُ يُخْطِئُ إِلَى ٱلرَّبِّ بِأَكْلِهِ عَلَى ٱلدَّمِ. فَقَالَ: قَدْ غَدَرْتُمْ. دَحْرِجُوا إِلَيَّ ٱلآنَ حَجَراً كَبِيراً. 34 وَقَالَ شَاوُلُ: تَفَرَّقُوا بَيْنَ ٱلشَّعْبِ وَقُولُوا لَهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا إِلَيَّ كُلُّ وَاحِدٍ ثَوْرَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ شَاتَهُ، وَٱذْبَحُوا هٰهُنَا وَكُلُوا وَلاَ تُخْطِئُوا إِلَى ٱلرَّبِّ بِأَكْلِكُمْ مَعَ ٱلدَّمِ. فَقَدَّمَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ كُلُّ وَاحِدٍ ثَوْرَهُ بِيَدِهِ فِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ وَذَبَحُوا هُنَاكَ».

قَدْ غَدَرْتُمْ نكثوا العهد الذي بينهم وبين الرب والغدر نقض العهد والخيانة.

حَجَراً كَبِيراً والغاية منه أن المذبوح يرتفع عن الأرض فيخرج الدم كله قبلما يأكلوا منه. وأطاع الشعب أمر ملكهم كما أطاعوه حينما نهاهم عن الأكل.

35 «وَبَنَى شَاوُلُ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. ٱلَّذِي شَرَعَ بِبُنْيَانِهِ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ».

ص 7: 12 و17

كان المذبح علامة الشكر للرب لانتصارهم على الفلسطينيين.

ٱلَّذِي شَرَعَ بِبُنْيَانِهِ يُظن أنه ابتدأ ولم يكمل لأنه قصد النزول وراء الفلسطينيين ليلاً (ع 36) والأرجح أن المذبح هذا كان المذبح الأول الذي بناه ثم بنى غيره. وداود بنى مذبحاً علامة شكره لله حينما كفت الضربة عن إسرائيل (2صموئيل 24: 25).

36 «وَقَالَ شَاوُلُ: لِنَنْزِلْ وَرَاءَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لَيْلاً وَنَنْهَبْهُمْ إِلَى ضَوْءِ ٱلصَّبَاحِ وَلاَ نُبْقِ مِنْهُمْ أَحَداً. فَقَالُوا: ٱفْعَلْ كُلَّ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ. وَقَالَ ٱلْكَاهِنُ: لِنَتَقَدَّمْ هُنَا إِلَى ٱللّٰهِ».

ع 3 و18 و19

ٱلْكَاهِنُ هو أخيّا ولعله ظن أن تعبهم في أمر الأكل والأكل على الدم نتج من العجلة وعدم سؤال الرب (ع 18 و19).

37، 38 «37 فَسَأَلَ شَاوُلُ ٱللّٰهَ: أَأَنْحَدِرُ وَرَاءَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ؟ أَتَدْفَعُهُمْ لِيَدِ إِسْرَائِيلَ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ. 38 فَقَالَ شَاوُلُ: تَقَدَّمُوا إِلَى هُنَا يَا جَمِيعَ وُجُوهِ ٱلشَّعْبِ، وَٱعْلَمُوا وَٱنْظُرُوا بِمَاذَا كَانَتْ هٰذِهِ ٱلْخَطِيَّةُ ٱلْيَوْمَ».

ص 10: 22 ص 28: 6 ص 10: 19 و20 ويشوع 7: 11 و12

فَسَأَلَ شَاوُلُ ٱللّٰهَ (ع 3) بواسطة الأفود التي عليه الصدرة وعلى الصدرة الأوريم والتميم (خروج 28: 6 - 30). واستنتج من عدم جواب الله له وجود خطيئة مخيفة كما في أمر عخان الذي بسبب خطيئته الفظيعة انكسر الشعب عند عاي (يشوع 7: 11 و12).

39 «لأَنَّهُ حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ مُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ، وَلَوْ كَانَتْ فِي يُونَاثَانَ ٱبْنِي فَإِنَّهُ يَمُوتُ مَوْتاً. وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُجِيبُهُ مِنْ كُلِّ ٱلشَّعْبِ».

ع 24 و44

أخطأ شاول الآن كما أخطأ في الأول (ع 24) إذ حلف بالعجلة. والشعب سكتوا لأنهم كانوا عرفوا ما عمله يوناثان.

40 - 42 «40 فَقَالَ لِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ: أَنْتُمْ تَكُونُونَ فِي جَانِبٍ وَأَنَا وَيُونَاثَانُ ٱبْنِي فِي جَانِبٍ. فَقَالَ ٱلشَّعْبُ لِشَاوُلَ: ٱصْنَعْ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ. 41 وَقَالَ شَاوُلُ لِلرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ: هَبْ صِدْقاً. فَأُخِذَ يُونَاثَانُ وَشَاوُلُ. أَمَّا ٱلشَّعْبُ فَخَرَجُوا. 42 فَقَالَ شَاوُلُ: أَلْقُوا بَيْنِي وَبَيْنَ يُونَاثَانَ ٱبْنِي. فَأُخِذَ يُونَاثَانُ».

أعمال 1: 24

لم يجبه الله حينما سأل في أمر الفلسطينيين (ع 7) ولكنه أجابه بواسطة القرعة إذ وقعت القرعة على يوناثان علامة على أنه هو الذي خالف وصية الملك. لم يخطئ يوناثان عمداً ولكن الرب لم يغض النظر عنه.

43، 44 «43 فَقَالَ شَاوُلُ لِيُونَاثَانَ: أَخْبِرْنِي مَاذَا فَعَلْتَ! فَأَخْبَرَهُ يُونَاثَانُ: ذُقْتُ ذَوْقاً بِطَرَفِ ٱلنُّشَّابَةِ ٱلَّتِي بِيَدِي قَلِيلَ عَسَلٍ. فَهٰئَنَذَا أَمُوتُ. 44 فَقَالَ شَاوُلُ: هٰكَذَا يَفْعَلُ ٱللّٰهُ وَهٰكَذَا يَزِيدُ إِنَّكَ مَوْتاً تَمُوتُ يَا يُونَاثَانُ».

يشوع 7: 19 ع 27 ص 25: 22 ع 39

فَهٰئَنَذَا أَمُوتُ ما أصعب هذا الأمر أنه بعدما اتكل على الله وخاطر بنفسه وحارب الفلسطينيين وانتصر بموت لتعدّيه وصية أبيه في أمر زهيد. ولكنه أظهر عزة نفسه كجندي حقيقي ولم يستعف من الموت ولم يخف منه. وأما شاول فلم يعدل عن قوله. وهذا مما يدل على عناده وكبريائه لأنه من النبالة إذا غلطنا وتحققنا هذا ان نقرّ بغلطنا وإذا أمرنا وقلنا ما يخالف الحق أن نعدل عنه.

45 - 46 «45 فَقَالَ ٱلشَّعْبُ لِشَاوُلَ: أَيَمُوتُ يُونَاثَانُ ٱلَّذِي صَنَعَ هٰذَا ٱلْخَلاَصَ ٱلْعَظِيمَ فِي إِسْرَائِيلَ؟ حَاشَا! حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ لاَ تَسْقُطُ شَعْرَةٌ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ لأَنَّهُ مَعَ ٱللّٰهِ عَمِلَ هٰذَا ٱلْيَوْمَ. فَٱفْتَدَى ٱلشَّعْبُ يُونَاثَانَ فَلَمْ يَمُتْ. 46 فَصَعِدَ شَاوُلُ مِنْ وَرَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَذَهَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ إِلَى مَكَانِهِمْ».

2صموئيل 14: 11 و1ملوك 1: 52 وأعمال 27: 34

خاف الشعب وأطاعوه في كل أوامره وأما في أمر يوناثان فقاوموا إرادته. ولم يقدر الملك أن يقاومهم لأن الحق معهم. ولم يكمل انتصار شاول لسبب حماقته.

47، 48 «47 وَأَخَذَ شَاوُلُ ٱلْمُلْكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَحَارَبَ جَمِيعَ أَعْدَائِهِ حَوَالَيْهِ: مُوآبَ وَبَنِي عَمُّونَ وَأَدُومَ، وَمُلُوكَ صُوبَةَ وَٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَحَيْثُمَا تَوَجَّهَ غَلَبَ. 48 وَفَعَلَ بِبَأْسٍ وَضَرَبَ عَمَالِيقَ، وَأَنْقَذَ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ نَاهِبِيهِ».

ص 11: 1 - 13 و2صموئيل 8: 3 - 10 ع 52 ص 15: 3

وَأَخَذَ شَاوُلُ ٱلْمُلْكَ الخ أي تولى الملك بعد انتصاره على الفلسطينيين. قبل هذا لم يكن له إلا جيش صغير ولم يكن الشعب متحدين به. كان موآب وبنو عمون شرقي أرض إسرائيل وأدوم إلى الشرق والجنوب وصوبة إلى الشرق والشمال وشرقي دمشق وحمص وكانت هذه القبائل ممالك قوية.

حَيْثُمَا تَوَجَّهَ غَلَبَ وضع أساس المملكة التي بلغت أوج عظمتها في زمان داود وسليمان. فكان شاول ملكاً معتبراً ومهوباً ولكن الكتاب لم يتكلم كثيراً عن حروبه بل تكلم عن نسبته إلى الرب وإلى أوامره. وفي هاتين الآيتين اختصار تاريخ سنين عديدة.

49 - 52 «49 وَكَانَ بَنُو شَاوُلَ يُونَاثَانَ وَيِشْوِيَ وَمَلْكِيشُوعَ، وَٱسْمَا ٱبْنَتَيْهِ: ٱسْمُ ٱلْبِكْرِ مَيْرَبُ وَٱسْمُ ٱلصَّغِيرَةِ مِيكَالُ. 50 وَٱسْمُ ٱمْرَأَةِ شَاوُلَ أَخِينُوعَمُ بِنْتُ أَخِيمَعَصَ. وَٱسْمُ رَئِيسِ جَيْشِهِ أَبْنَيْرُ بْنُ نَيْرَ عَمِّ شَاوُلَ. 51 وَقَيْسُ أَبُو شَاوُلَ وَنَيْرُ أَبُو أَبْنَيْرَ ٱبْنَا أَبِيئِيلَ. 52 وَكَانَتْ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ عَلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ كُلَّ أَيَّامِ شَاوُلَ. وَإِذَا رَأَى شَاوُلُ رَجُلاً جَبَّاراً أَوْ ذَا بَأْسٍ ضَمَّهُ إِلَى نَفْسِهِ».

ص 31: 2 و1أيام 10: 2 ص 18: 17 - 19 ص 18: 20 و27 و19: 12 و2صموئيل 6: 20 - 23 و2صموئيل 2: 8 ص 9: 1 و21 ص 8: 11

يِشْوِيَ أو أبيناداب (ص 31: 2) وكان لشاول ابن رابع اسمه أشبعل (1أيام 8: 33) أو إيشبوشث (2صموئيل 2: 8) ولا نعرف القصد في تغيير الأسماء إلا إذا كان للواحد اسمان كعادة بعض الأمم.

أَخِينُوعَمُ الظاهر أنه أخذ امرأة واحدة فقط غير أنه كان له سراري.

أَبْنَيْرُ بْنُ نَيْرَ المفهوم من القول هنا أن نير كان أخاً لقيس أبي شاول فكان نير وقيس ابني إبيئيل (ص 9: 1) وهكذا فهم يوسيفوس. وقيل في (1أيام 8: 33) «إن نير ولد قيساً وقيس ولد شاول». ولا نقدر أن نعرف حقيقة الأمر مما لدينا.

ولم تنقطع الحرب مع الفلسطينيين فنظم شاول جيشاً من أفضل رجال إسرائيل فكانوا دائماً شاكي السلاح مستعدين لخوض غمرات الحرب.

فوائد

  1. من يتكل على الله ويسلم نفسه كآلة بيده يعمل عجائب كيوناثان.

  2. كل خادم الرب يتعزى ويتقوى بوجود رفيق نظيره (يوناثان وحامل سلاحه).

  3. مهما تراكمت علينا الأعمال وتضايقنا من قلة الوقت علينا بالصلاة والصبر متوقعين الاستجابة ( «إِنْ لَمْ يَسِرْ وَجْهُكَ فَلاَ تُصْعِدْنَا مِنْ هٰهُنَا» خروج 33: 15). قال أخيّا للملك «لنتقدم هنا إلى الله» ع 36).

  4. على خادم الدين أن يكون شاهداً أميناً حتى أمام الملوك (كموسى أمام فرعون وأخيا أمام شاول وناثان أمام داود ويوحنا أمام هيرودس وبولس أمام أغريباس).

  5. الاعتناء بالجسد وتناول الطعام المعتدل في أوقاته من واجبات كل مؤمن لنفعهما في الخدمة لكن عليه أن يقبل بالصبر ما يصيبه من الجوع والآلام بحسب مشيئة الله (ع 24).

  6. على كل إنسان أن يوفي للرب نذوره ولكن يجب التأمل قبل النذر وعدم إيفائه إذا اتضح أنه مخالف للحق.

  7. إن الله يستخدم أوقاتاً غير الكاملين وإن كانوا حمقى وعُنُداً ولكنه لا يُحسب لهم فضلاً وكرامة.

  8. المؤمن الحقيقي يفضل أن يكون ضعيف الجسد يحتقره الناس والله عنه راض على أن يكون مثل شاول المتعظم والممجد لقوته الجسدية المرفوض من الرب.

اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ عَشَرَ

مضمونه: إرسال الرب شاول لتحريم عماليق. تحذير شاول للقينيين. ضربهُ للعمالقة. عفو شاول عن أفضل الغنيمة وعن أجاج الملك. توبيخ الرب لشاول ورفضه إياه. ندامة شاول. قتل صموئيل لأجاج. مفارقة صموئيل لشاول.

1 «وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: إِيَّايَ أَرْسَلَ ٱلرَّبُّ لِمَسْحِكَ مَلِكاً عَلَى شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ. وَٱلآنَ فَٱسْمَعْ صَوْتَ كَلاَمِ ٱلرَّبِّ».

ص 9: 16

الأرجح أنه بين حوادث هذا الأصحاح وحوادث الأصحاح السابق سنين عديدة. وفي هذه المدة كان الرب امتحن شاول بصبر وصار شاول يبتعد عن الرب بالتدريج ومال إلى العمل بحسب إرادة نفسه وكان صموئيل ينذره (ص 13: 13 و14). وبما أن شاول لم يصغ تكرر الإنذار في هذا الأصحاح (قابل ص 13: 14 بـ 15: 28). ووعيد الرب كوعده له شروط. فإن الخاطئ إذا تاب ورجع إلى الرب لا يأتيه الوعيد. والتقي إذا ترك تقواه لا ينال الوعد. وبما أن صموئيل هو الذي مسح شاول كان له الحق أن ينذره.

2 «هٰكَذَا يَقُولُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: إِنِّي قَدِ ٱفْتَقَدْتُ مَا عَمِلَ عَمَالِيقُ بِإِسْرَائِيلَ حِينَ وَقَفَ لَهُ فِي ٱلطَّرِيقِ عِنْدَ صُعُودِهِ مِنْ مِصْرَ».

خروج 17: 8 - 16 وعدد 24: 20 وتثنية 25: 17 - 19

رَبُّ ٱلْجُنُودِ كان الرب قائد جنود إسرائيل وليس شاول فعلى شاول أن يسمع صوته ويطيعه.

عَمَالِيقُ كانوا يسكنون الأرض بين يهوذا وجبل سيناء وكسكان البادية اليوم كانوا بلا مساكن ثابتة يسكنون الخيام طباعهم قاسية ومعيشتهم من مواشيهم يحبون الغزو والنهب. حاربوا إسرائيل عند خروجه من مصر لذلك قال الله «لِلرَّبِّ حَرْبٌ مَعَ عَمَالِيقَ مِنْ دَوْرٍ إِلَى دَوْرٍ» (خروج 17: 8 - 16). وكان قد مضى نحو 400 سنة وأما الرب فلم ينسَ قوله ولكنه طويل الروح وكثير الرحمة.

3 «فَٱلآنَ ٱذْهَبْ وَٱضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ ٱقْتُلْ رَجُلاً وَٱمْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً».

عدد 24: 20 وتثنية 20: 16 - 18 ويشوع 6: 17 - 21 ص 22: 19

حَرِّمُوا معنى التحريم الأصلي التخصيص للرب فلا يجوز للمنتصرين أن يأخذوا لذواتهم شيئاً من المخصص بل عليهم أن يقتلوا كل ذي حياة ويحرقوا كل ما يُحرق وما لا يُحرق كالفضة والذهب كان لخزانة الرب. وإذا قيل إن ذبائح النساء والأطفال قساوة وذبح الحيوانات وحرق الأمتعة إتلاف. نقول أولاً إن الرب هو خالق الكل وهم ملكه له الحق أن يعمل ما يريد بخلائقه. وثانياً إن من هذا التحريم فوائد روحية لبني إسرائيل ولشعب الله في كل قرن منها إن الخطيئة نجسة ومكروهة جداً عند الله وعواقبها ثقيلة تصيب كثيرين من الأبرياء لعلاقتهم بالخاطئ من حيث الأسرة والقبيلة. وطهارة السيرة ومخافة الرب أهم جداً من البقر والغنم وجميع الخيرات الزمنية وما أشبه ذلك.

4 «فَٱسْتَحْضَرَ شَاوُلُ ٱلشَّعْبَ وَعَدَّهُ فِي طَلاَيِمَ، مِئَتَيْ أَلْفِ رَاجِلٍ وَعَشَرَةَ آلاَفِ رَجُلٍ مِنْ يَهُوذَا».

يشوع 15: 24

طَلاَيِمَ يُظن أنها طالم (يشوع 15: 24) جنوبي يهوذا.

مِئَتَيْ أَلْفِ جيش كبير بالنسبة إلى الست مئة الذين كانوا معه (ص 14: 2). ونستنتج أنه في المدة بين ص 14 وص 15 التي نجهل طولها تقدم الإسرائيليون وتقوّوا واستراحوا من الفلسطينيين.

عَشَرَةَ آلاَفِ رَجُلٍ مِنْ يَهُوذَا عُدّ رجال يهوذا على حدة. وهذا إشارة إلى أن يهوذا لم يكن متحداً اتحاداً تاماً بباقي الأسباط. وكانت هذه الحرب تهمهم أكثر من غيرهم لأن عماليق كان على حدودهم الجنوبية.

5 «ثُمَّ جَاءَ شَاوُلُ إِلَى مَدِينَةِ عَمَالِيقَ وَكَمَنَ فِي ٱلْوَادِي».

مَدِينَةِ عَمَالِيقَ ربما لم يكن لهم غيرها وهي محلتهم الكبيرة.

فِي ٱلْوَادِي مجرى نهر شتوي لم يكن فيه ماء.

6 «وَقَالَ شَاوُلُ لِلْقِيْنِيِّينَ: ٱذْهَبُوا حِيدُوا ٱنْزِلُوا مِنْ وَسَطِ ٱلْعَمَالِقَةِ لِئَلاَّ أُهْلِكَكُمْ مَعَهُمْ، وَأَنْتُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ مَعْرُوفاً مَعَ جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ صُعُودِهِمْ مِنْ مِصْرَ. فَحَادَ ٱلْقِينِيُّ مِنْ وَسَطِ عَمَالِيقَ».

قضاة 1: 16 و4: 11 خروج 18: 9 و10 و19 وعدد 1: 29 - 32

وَقَالَ شَاوُلُ لِلْقِيْنِيِّينَ فرع من المديانيين (قابل خروج 3: 1 بـ قضاة 1: 6) لأنهم فعلوا معروفاً مع الإسرائيليين (خروج ص 18 وعدد 10: 29 - 32) ورافقوهم إلى أريحا (قضاة 1: 16) ثم سكنوا أرض العمالقة في جنوبي يهوذا. ومن القينيين ياعيل التي قتلت سيسرا (قضاة 4: 17) والركابيون (إرميا ص 35) وهم مذكورون في (ص 27: 10 و30: 29).

7 «وَضَرَبَ شَاوُلُ عَمَالِيقَ مِنْ حَوِيلَةَ حَتَّى مَجِيئِكَ إِلَى شُورَ ٱلَّتِي مُقَابِلَ مِصْرَ».

ص 14: 48 تكوين 16: 7 و25: 17 و18 ص 27: 8 وخروج 15: 22

حَوِيلَةَ مجهولة. والمظنون أنها كورة من كور بلاد العرب. فضرب شاول العمالقة من حويلة وهي طرف أرضهم الشرقي إلى أشور وهي الطرف الغربي منها.

مُقَابِلَ مِصْرَ أي إلى جهة الشرق منها.

8، 9 «8 وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً، وَحَرَّمَ جَمِيعَ ٱلشَّعْبِ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ. 9 وَعَفَا شَاوُلُ وَٱلشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ ٱلْغَنَمِ وَٱلْبَقَرِ وَٱلْحُمْلاَنِ وَٱلْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ ٱلْجَيِّدِ، وَلَمْ يَرْضَوْا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ ٱلأَمْلاَكِ ٱلْمُحْتَقَرَةِ وَٱلْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا».

عدد 24: 7 وأستير 3: 1 ص 27: 8 و30: 1 و2صموئيل 8: 12 ع 3 و15 و19

ورد اسم أجاج في (عدد 24: 7) والظاهر أن كل ملوك العمالقة تسموا بهذا الاسم فكان كاسم فرعون في مصر. ولم يقتله شاول لكي يفتخر به عند رجوعه من الحرب أو لأنه أشفق عليه لكونه ملك. فعمل شاول حسب استحسانه لا كما أمره الرب. ونحن نخطئ عندما نفضّل الموافق على الواجب واستحساننا على تعليم الكتاب الواضح.

حَرَّمَ جَمِيعَ ٱلشَّعْبِ أي قتل جميع الذين وقعوا بيده غير أن كثيرين هربوا وخلصوا ولم يكونوا في الحرب (ص 27: 8 و30: 1 و2صموئيل 8: 12). وآخر ذكرهم في (1أيام 4: 43).

خِيَارِ ٱلْغَنَمِ أخذوا لذواتهم ما كان للرب وأبطلوا وصيته فلم تكن الحرب لمجرد إتمام الوصية بل لنفعهم الخاص. وهكذا جميع الذين يظنون أن التقوى تجارة يحفظون وصايا الرب بعض الحفظ ولكن غايتهم العظمى الربح الزمني. وأما الأتقياء المخلصون فيحفظون وصايا الرب وإن خسروا كل شيء.

10، 11 «10 وَكَانَ كَلاَمُ ٱلرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11 نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً، لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي. فَٱغْتَاظَ صَمُوئِيلُ وَصَرَخَ إِلَى ٱلرَّبِّ ٱللَّيْلَ كُلَّهُ».

تكوين 6: 6 و7 وخروج 32: 14 و2صموئيل 24: 16 و1ملوك 9: 6 و7 خروج 32: 11 - 13 ولوقا 6: 12

نَدِمْتُ عرف الرب كل ما فعل شاول وكل ما كان في قلبه. وندامة الله والتغيير في تدبيره ناتجان من تغيير الإنسان. فإذا تاب الخاطئ يندم الرب على الشر الذي أوعد به (خروج 32: 14) وإذا أخطأ شعبه يندم على الخير الذي وعدهم به. إن الله يعبّر عن عواطفه للبشر بلغتهم كما يعبّر الإنسان للإنسان ليفهموا.

ٱغْتَاظَ صَمُوئِيلُ لأن شاول الملك الأول مسحه صموئيل وعلّمه وأنذره وكان يرجو أن شاول يخلّص إسرائيل من أعدائهم إذ كان له صفات ملكية حميدة.

صَرَخَ إِلَى ٱلرَّبِّ (ص 7: 5) صلى موسى لأجل إسرائيل (خروج 32: 11 - 13) وسمع الرب صلاته وعفا عن شعبه ولكنه لم يعف عن شاول ولعل السبب في ذلك أولاً أن شاول لم يتب وثانياً أن الرب قصد أن يقيم لشعبه ملكاً أفضل من شاول. كان يسوع يقضي الليل كله في الصلاة (لوقا 6: 12).

12 «فَبَكَّرَ صَمُوئِيلُ لِلِقَاءِ شَاوُلَ صَبَاحاً. فَأُخْبِرَ صَمُوئِيلُ: قَدْ جَاءَ شَاوُلُ إِلَى ٱلْكَرْمَلِ، وَهُوَذَا قَدْ نَصَبَ لِنَفْسِهِ نَصَباً وَدَارَ وَعَبَرَ وَنَزَلَ إِلَى ٱلْجِلْجَالِ».

ص 25: 2 ويشوع 5: 55 ص 13: 13 و14

ٱلْكَرْمَلِ في جنوب يهوذا على بُعد سبعة أميال من حبرون إلى الجنوب منها وكانت مسكن نابال (ص 25).

نَصَبَ لِنَفْسِهِ نَصَباً تذكاراً لانتصاره على عماليق ولكنه بالحقيقة كان تذكاراً لعصيانه ورفضه. من يرفع نفسه يتضع.

إِلَى ٱلْجِلْجَالِ فيها نادوا بشاول ملكاً أمام الرب (ص 11: 14) وفيها لامه صموئيل على عصيانه وأنذره بالرفض (ص 12: 14). وفيها حصل هذا التنبيه الثاني والأخير.

13 «وَلَمَّا جَاءَ صَمُوئِيلُ إِلَى شَاوُلَ قَالَ لَهُ شَاوُلُ: مُبَارَكٌ أَنْتَ لِلرَّبِّ. قَدْ أَقَمْتُ كَلاَمَ ٱلرَّبِّ».

تكوين 14: 19 و2صموئيل 2: 5

مُبَارَكٌ أَنْتَ لِلرَّبِّ هنّأ نفسه بانتصاره وهنّأ صموئيل الذي أرسله بموجب أمر الرب. وهو راضٍ عما كان عمله فلم يَلُم نفسه بشيء.

14، 15 «14 فَقَالَ صَمُوئِيلُ: وَمَا هُوَ صَوْتُ ٱلْغَنَمِ هٰذَا فِي أُذُنَيَّ، وَصَوْتُ ٱلْبَقَرِ ٱلَّذِي أَنَا سَامِعٌ؟ 15 فَقَالَ شَاوُلُ: مِنَ ٱلْعَمَالِقَةِ، قَدْ أَتَوْا بِهَا لأَنَّ ٱلشَّعْبَ قَدْ عَفَا عَنْ خِيَارِ ٱلْغَنَمِ وَٱلْبَقَرِ لأَجْلِ ٱلذَّبْحِ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ. وَأَمَّا ٱلْبَاقِي فَقَدْ حَرَّمْنَاهُ».

خروج 32: 2 - 24 ع 9 و21 وتكوين 3: 12 و13 وخروج 32: 22 و23

عندما سأله صموئيل عن الغنم والبقر انتبه ضميره وفهم أنه لم يحفظ وصية الرب كما يجب وحاول أن يبرّر نفسه (1) بجعله المسؤلية على الشعب (2) باحتجاجه أنهم عفوا عن خيار الغنم والبقر لكي يقدموها للرب (3) بادعائه أنه حفظ وأطاع الرب إلا في أمر زهيد. وقوله «للرب إلهك» يشير إلى أنه لم يعرف الرب كل المعرفة فلم يكن إلهه كما كان إله صموئيل.

16، 17 «16 فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: كُفَّ فَأُخْبِرَكَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ ٱلرَّبُّ إِلَيَّ هٰذِهِ ٱللَّيْلَةَ. فَقَالَ لَهُ: تَكَلَّمْ. 17 فَقَالَ صَمُوئِيلُ: أَلَيْسَ إِذْ كُنْتَ صَغِيراً فِي عَيْنَيْكَ صِرْتَ رَأْسَ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ وَمَسَحَكَ ٱلرَّبُّ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ».

ص 9: 21 و10: 22

كُفَّ لم يرد أن يسمع بعد الحجج الباطلة.

تَكَلَّمَ بِهِ ٱلرَّبُّ (ع 10 و11).

صَغِيراً فِي عَيْنَيْكَ لما مسحه صموئيل كان متواضعاً (ص 9: 21) ولكن بعد حروبه ونجاحه تكبر ونسي أن الرب هو الذي ملّكه فيجب أن يطيعه.

18 «وَأَرْسَلَكَ ٱلرَّبُّ فِي طَرِيقٍ وَقَالَ: ٱذْهَبْ وَحَرِّمِ ٱلْخُطَاةَ عَمَالِيقَ وَحَارِبْهُمْ حَتَّى يَفْنُوا؟».

ع 3

ٱلْخُطَاةَ عَمَالِيقَ كانوا جماعة لصوص وقتلة. خطيئتهم الخاصة أمام الرب مقاومتهم لشعبه.

19 - 21 «19 فَلِمَاذَا لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ، بَلْ ثُرْتَ عَلَى ٱلْغَنِيمَةِ وَعَمِلْتَ ٱلشَّرَّ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ؟ 20 فَقَالَ شَاوُلُ لِصَمُوئِيلَ: إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ وَذَهَبْتُ فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي أَرْسَلَنِي فِيهَا ٱلرَّبُّ وَأَتَيْتُ بِأَجَاجَ مَلِكِ عَمَالِيقَ وَحَرَّمْتُ عَمَالِيقَ. 21 فَأَخَذَ ٱلشَّعْبُ مِنَ ٱلْغَنِيمَةِ غَنَماً وَبَقَراً، أَوَائِلَ ٱلْحَرَامِ لأَجْلِ ٱلذَّبْحِ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ فِي ٱلْجِلْجَالِ».

ص 14: 32 ع 13

ثُرْتَ عَلَى ٱلْغَنِيمَةِ كانت مسوؤلية العمل على شاول لكونه ملكاً.

أَتَيْتُ بِأَجَاجَ ذكر أجاج ليثبت قوله أنه ذهب في الطريق التي أرسله فيها الرب.

لأَجْلِ ٱلذَّبْحِ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ لاحظ (1) إنه نسب العمل للشعب (2) جعل لهم عذراً لأن تقديم أوائل الحرام ذبيحة للرب أحسن من تحريمها الذي ليس منه فائدة مطلقاً وأظهر أن عملهم أفضل مما أوصاهم الرب به (3) أبان أن قصد الشعب إكرام صموئيل بتقديمهم الذبائح لإلهه.

22، 23 «22 فَقَالَ صَمُوئِيلُ: هَلْ مَسَرَّةُ ٱلرَّبِّ بِٱلْمُحْرَقَاتِ وَٱلذَّبَائِحِ كَمَا بِٱسْتِمَاعِ صَوْتِ ٱلرَّبِّ؟ هُوَذَا ٱلٱسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ ٱلذَّبِيحَةِ وَٱلإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ ٱلْكِبَاشِ. 23 لأَنَّ ٱلتَّمَرُّدَ كَخَطِيَّةِ ٱلْعِرَافَةِ، وَٱلْعِنَادُ كَٱلْوَثَنِ وَٱلتَّرَافِيمِ. لأَنَّكَ رَفَضْتَ كَلاَمَ ٱلرَّبِّ رَفَضَكَ مِنَ ٱلْمُلْكِ!».

ع 15 وخروج 32: 22 و23 مزمور 40: 6 - 8 و51: 16 و17 وإشعياء 1: 11 - 15 وميخا 6: 6 - 8 إرميا 7: 22 و23 وهوشع 6: 6 ومرقس 12: 33 تثنية 18: 10 تكوين 31: 19 و34 ص 13: 14

إن الوصية التي خالفها شاول هي وصية الرب وليست وصية صموئيل فلا ننسب لصموئيل الكبرياء أو حب الرئاسة لأن صموئيل كان خادماً للرب ونبيّه فتكلم كما أمره (انظر الشواهد). ومضمون قول صموئيل هذا وأقوال الأنبياء المشار إليها بالشواهد هو:

  1. إن الله لا يحتاج إلى التقدمات ولا ينتفع من خدمة الناس لأن كل شيء منه وله وهو القادر على كل شيء.

  2. إن الله يطلب من الناس السجود بالروح والحق والخدمة الناتجة من المحبة كخدمة البنين لا خدمة العبيد وإنه ينظر إلى القلب والنيّات لا إلى الأعمال فقط.

  3. إن الله يطلب القلب كله فنحن وأموالنا وأيامنا وقوانا العقلية والجسدية له فعلينا أن نعمل ونفتكر كما يريد ومن له هذه المحبة المخلصة لا يمكنه أن يحب الخطيئة أو يخالف عمدَ عينٍ إحدى الوصايا.

  4. إن من يقدّم خدمة خارجية للرب ولا يقدّم نفسه له يهينه لأنه بهذا يعامله كما يعامل إنساناً نظيره.

«العرافة» هي طلب معرفة أمور مجهولة ومستقبلة بوسائل لم يعيّنها الله. ومن هذه الوسائل استشارة أرواح الموتى والأرواح النجسة وفحص أمعاء الحيوانات وما يحدث اتفاقاً الخ (خروج 21: 21 و22). وخطيئة العرافة جعلها لله بديلاً لأن من يدّعي أنه يعرف المستقبل فقد جعل نفسه في مكان الله.

«الترافيم» هي الآلهة البيتية. كانت في بيت يعقوب (تكوين 31: 19) وبيت ميخا (قضاة 17: 5) وبيت داود (ص 19: 13) حتى أيام يوشيا (2ملوك 23: 24). وكان يقتنيها الإسرائيليون أحياناً لزعمهم أن وجودها في البيت بركة. غير أن البركة من الرب وحده. والترافيم هنا مذكورة مع الأوثان. «والعناد» كالوثن والترافيم لأن العنيد يعمل إرادة نفسه فيجعل نفسه في مكان الله. ولعل هنا إشارة إلى نفي شاول أصحاب الجان والتوابع (ص 28: 3) وإلى أن عناد شاول خطيئة كخطيئة العرافة التي كان نهاه عنها صموئيل والرب لا يرفض إلا من كان رفض الرب أولاً.

24، 25 «24 فَقَالَ شَاوُلُ لِصَمُوئِيلَ: أَخْطَأْتُ لأَنِّي تَعَدَّيْتُ قَوْلَ ٱلرَّبِّ وَكَلاَمَكَ، لأَنِّي خِفْتُ مِنَ ٱلشَّعْبِ وَسَمِعْتُ لِصَوْتِهِمْ. 25 وَٱلآنَ فَٱغْفِرْ خَطِيَّتِي وَٱرْجِعْ مَعِي فَأَسْجُدَ لِلرَّبِّ».

عدد 22: 34 و2صموئيل 12: 13 ومزمور 51: 4 أمثال 29: 25 وإشعياء 51: 12 و13 خروج 10: 17

أثّر كلام صموئيل تأثيراً عظيماً في شاول ولا سيما قوله «إن الرب رفضه من الملك» فإن من جعله ملكاً يقدر أن يرفضه أيضاً. ولكنه لم يتب توبة حقيقية ولم يعترف بخطيئته كما يجب بل نظر إلى ما يأتيه من التعب والخسارة إذا تركه صموئيل الذي كان مهوباً جداً عند الشعب (انظر مزمور 51) وقابل توبة داود بتوبة شاول ولاحظ أن داود حزن على الخطيئة نفسها ولم يذكر عواقبها وطلب رضى الله دون رضى الشعب.

26، 27 «26 فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: لاَ أَرْجِعُ مَعَكَ لأَنَّكَ رَفَضْتَ كَلاَمَ ٱلرَّبِّ، فَرَفَضَكَ ٱلرَّبُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ. 27 وَدَارَ صَمُوئِيلُ لِيَمْضِيَ، فَأَمْسَكَ بِذَيْلِ جُبَّتِهِ فَٱنْمَزَقَ».

ص 13: 14 و16: و1ملوك 11: 30 و31

إن الرب بواسطة نبيه لم يقبل توبة شاول ولم يغيّر كلامه السابق (ع 23) ومزّق ذيل الجبة علامة مزق المملكة عن شاول. كما مزّق شاول جبة صموئيل هكذا نقض شريعة الرب وقصد أن يخطف لنفسه ما ليس له أي الاستقلال عن حكم الرب. والرب نزع عن شاول منصبه الملكي الذي كان يلبسه كجبة.

28 «فَقَالَ لَهُ صَمُوئِيلُ: يُمَزِّقُ ٱلرَّبُّ مَمْلَكَةَ إِسْرَائِيلَ عَنْكَ ٱلْيَوْمَ وَيُعْطِيهَا لِصَاحِبِكَ ٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ».

ص 28: 17 و18

صَاحِبِكَ أي داود. وفي الوقت المذكور لم يعرفه شاول ولكنه بعد ذلك اتخذه رفيقاً في الحرب ومؤاكلاً وزفّ ابنته له.

29 «وَأَيْضاً نَصِيحُ إِسْرَائِيلَ لاَ يَكْذِبُ وَلاَ يَنْدَمُ لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَاناً لِيَنْدَمَ».

أيوب 29: 11 ومزمور 18: 1 و2 عدد 23: 19 وحزقيال 24: 14

نَصِيحُ إِسْرَائِيلَ هو الله والاسم يشير إلى الجلال والسلطة والقدرة والحكمة والإخلاص.

لاَ يَكْذِبُ وَلاَ يَنْدَمُ (انظر ع 11 وتفسيره). ولا مناقضة بين الآيتين. الله لا يتغيّر ولا يغيّر قوله وأما الإنسان فيتغيّر فمثله مثل بحري تائه في الليل يرى طوراً نجم القطب أمامه وتارة وراءه مع أن النجم لا يتغير. والإنسان يرى الله أحياناً معه وأحياناً عليه مع أن الله لا يتغيّر. جعل الرب شاول ملكاً لأن شاول سمع كلام الرب في الأول وخدمه خدمة صالحة مقبولة ثم تكبّر وابتدأ يعمل كما يريد تاركاً الرب فرفضه الرب ولم يقبل توبته لأنها ليست توبة حقيقية فالله لم يغيّر قوله برفضه شاول.

30، 31 «30 فَقَالَ: قَدْ أَخْطَأْتُ. وَٱلآنَ فَأَكْرِمْنِي أَمَامَ شُيُوخِ شَعْبِي وَأَمَامَ إِسْرَائِيلَ، وَٱرْجِعْ مَعِي فَأَسْجُدَ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ. 31 فَرَجَعَ صَمُوئِيلُ وَرَاءَ شَاوُلَ وَسَجَدَ شَاوُلُ لِلرَّبِّ».

يوحنا 12: 43 إشعياء 29: 13

أَكْرِمْنِي أَمَامَ شُيُوخِ أحبّ شاول مجد الناس أكثر من مجد الله (يوحنا 12: 43).

فَرَجَعَ صَمُوئِيلُ أكرم صموئيل شاول إكراماً سياسياً وهذا الإكرام واجب وإن كان الملك وثنياً أو ظالماً أو مرفوضاً من الرب كشاول (متى 22: 21 ورومية 13: 1 و1بطرس 2: 7) ولكن من ذلك اليوم وقع على شاول كآبة وغمّ وحيرة. وهذا نصيب كل من يترك الرب وإن بقي في حال الصحة والراحة الجسدية.

سَجَدَ لِلرَّبِّ وإن كان قد ترك الرب ولم يخدمه خدمة حقيقية قلبية كاملة لم يرد أن يظهر للشعب أنه رجل لا دين له. وكثيرون من أبناء العالم يريدون اسم التقوى ويمارسون الفرائض الدينية وإن كانوا بلا تقوى حقيقية لكي يكون لهم مجد من الناس.

32، 33 «32 وَقَالَ صَمُوئِيلُ: قَدِّمُوا إِلَيَّ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ. فَذَهَبَ إِلَيْهِ أَجَاجُ فَرِحاً. وَقَالَ أَجَاجُ: حَقّاً قَدْ زَالَتْ مَرَارَةُ ٱلْمَوْتِ. 33 فَقَالَ صَمُوئِيلُ: كَمَا أَثْكَلَ سَيْفُكَ ٱلنِّسَاءَ كَذٰلِكَ تُثْكَلُ أُمُّكَ بَيْنَ ٱلنِّسَاءِ. فَقَطَعَ صَمُوئِيلُ أَجَاجَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ فِي ٱلْجِلْجَالِ».

تكوين 9: 6 وقضاة 1: 7 ومتّى 7: 2

كان شاول والشعب عفوا عن أجاج وظنّ أجاج أن صموئيل النبي والشيخ لا يكون أقل منهم شفقة. ولكن أمر الرب أوجب من الشفقة.

كَمَا أَثْكَلَ سَيْفُكَ كان العمالقة لصوصاً وقتلة وأجاج مقدامهم فتجازى حسب أعماله.

قَطَعَ قتله وصيّره إرباً إرباً ليرى إسرائيل فيعرفون غضب الله على العمالقة ويعرفون أيضاً أهمية وصية الرب لشاول بتحريم العمالقة وخطيئة شاول في مخالفته الوصية.

أَمَامَ ٱلرَّبِّ فلم يكن عمله قساوة ولا لمجرد إرادته (ع 3 وتفسيره) وربما أن صموئيل لم يعمل هذا بيده بل أمر به.

ٱلْجِلْجَالِ (ع 12).

34، 35 «34 وَذَهَبَ صَمُوئِيلُ إِلَى ٱلرَّامَةِ. وَأَمَّا شَاوُلُ فَصَعِدَ إِلَى بَيْتِهِ فِي جِبْعَةِ شَاوُلَ. 35 وَلَمْ يَعُدْ صَمُوئِيلُ لِرُؤْيَةِ شَاوُلَ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهِ، لأَنَّ صَمُوئِيلَ نَاحَ عَلَى شَاوُلَ، وَٱلرَّبُّ نَدِمَ لأَنَّهُ مَلَّكَ شَاوُلَ عَلَى إِسْرَائِيلَ».

ص 7: 17 ص 11: 4 ص 19: 24 ص 16: 1

ٱلرَّامَةِ (ص 7: 17).

وَلَمْ يَعُدْ صَمُوئِيلُ لِرُؤْيَةِ شَاوُلَ لم يقصد صموئيل أن يرى شاول بعد ولكن شاول رآه (ص 19: 24) ولكن انقطعت العلاقة الروحية بينهما ومن ذلك الوقت لم يكلم الرب شاول لا بواسطة صموئيل ولا غيره وليست مصيبة أعظم من أن يُترك الإنسان لنفسه.

نَاحَ عَلَى شَاوُلَ (ع 10).

وَٱلرَّبُّ نَدِمَ (ع 11).

فوائد

  1. يجب أن نعرف غضب الله على الخطاة لكي نكره الخطيئة ونخاف منها. فلا نتأمل في محبة الله ورحمته فقط ونتكلم عنهما بل لنبحث عن عدله وقداسته أيضاً (ع 2 و3).

  2. لا يمكننا أن نتجنّب معاشرة الخطاة ما دمنا في هذا العالم ولكن يجب أن نتجنب الاشتراك معهم في خطاياهم لئلا نشترك معهم في هلاكهم (ع 6).

  3. يجب أن نعمل كل شيء كما يريد الرب وهو لا يقبل إلا خدمة كاملة من كل القلب (ع 19).

  4. كانت وصية الرب لشاول واضحة فلم يقدر أن يعتذر بأنه لم يعرفها أو لم يفهمها. ووصايا الله لنا واضحة وإن كنا لا نقدر أن نفهم كل أعمال الله ولا كل تعليم الكتاب. ومن هذه الوصايا أن نتوب عن الخطيئة ونرجع عنها ونؤمن بالمسيح الخ.

  5. إن كلام الله لا يقبل الإصلاح كأن فيه شيئاً من الغلط أو النقص (ع 21).

  6. من استغنى بواسطة الحرام لا يتبرر بتقديمه شيئاً من ماله للرب (ع 21).

  7. إن وعيد الله كوعده ثابت فلا بدّ من إتمامه (ع 29).

  8. إذا دخلت الجسد جراثيم مرض مميت فكثيراً ما لا يظهر المرض إلا بعد زمان. وهكذا الابتعاد عن الله فإن الخاطئ في أول الأمر لا يشعر بشيء ولا يعرف أن الموت الروحي قد ابتدأ فيه عمله الذي سيكمله أيضاً (ع 30 و31).

  9. إذا وجدنا في الكتاب المقدس ما لا نقدر أن نفهمه أو نستحسنه لا نخلص من الصعوبة بإنكارنا وحي الكتاب لأن نفس الصعوبات موجودة في حوادث أيامنا كالزلازل والحروب والأوبئة وموت النساء والأطفال ظلماً وهذه كلها بعلم الله. فيجب أن لا نجحد الله والكتاب لعلة أننا لا نفهم كل شيء وأحسن جواب للمعترض أن المسيح مات على الصليب. فبالصليب ظهرت عظمة الخطيئة لأن الخلاص منها لا يتم إلا بموت ابن الله وظهرت عظمة محبة الله لأنه بذل ابنه الوحيد.

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ عَشَرَ

مضمونه: إرسال الرب صموئيل إلى بيت لحم لكي يمسح ملكاً على إسرائيل من أولاد يسّى. مسحه داود. مباغتة روح رديء لشاول. طلب شاول من داود أن يسكّن روحه الرديء بضربه بالعود.

1 «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: حَتَّى مَتَى تَنُوحُ عَلَى شَاوُلَ، وَأَنَا قَدْ رَفَضْتُهُ عَنْ أَنْ يَمْلِكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ؟ اِمْلأْ قَرْنَكَ دُهْناً وَتَعَالَ أُرْسِلْكَ إِلَى يَسَّى ٱلْبَيْتَلَحْمِيِّ، لأَنِّي قَدْ رَأَيْتُ لِي فِي بَنِيهِ مَلِكاً».

ص 15: 35 ص 13: 13 و14 و15: 23 ص 9: 16 و10: 1 و2ملوك 9: 1 راعوث 4: 18 - 22

ناح صموئيل على شاول (ص 15: 10 وتفسيره) ولكن للنوح نهاية ويجب التسليم لإرادة الرب والإيمان بأنه يحوّل كل شيء إلى الخير ولا ينسى شعبه بل يقيم لهم ملكاً أفضل من شاول.

قَرْنَكَ دُهْناً (انظر ص 10: 1) قنينة. كان دهن خاصّ لمسح الكهنة وأواني الخيمة (حزقيال 30: 23 - 33). وقيل في (1ملوك 1: 39) إن «صادوق الكاهن أخذ قرن الدهن من الخيمة ومسح سليمان ملكاً» فمن المحتمل أن القصد الأصلي في هذا الدهن أن يُستعمل لمسح الكهنة والملوك غير أن استعماله لعموم الشعب ممنوع.

يَسَّى ابن عوبيد بن بوعز زوج راعوث الموآبية.

رَأَيْتُ لِي فِي بَنِيهِ مَلِكاً رأى الرب ما لم يره الناس كما يرى النقاش قطعة مرمر ويرى أنه يقدر أن يعمل منها تمثالاً جميلاً. والقصد في مسح داود قبل موت شاول أن يكون لداود فرصة كافية للاستعداد لمنصب ملك ويكون لصموئيل وغيره من الأتقياء رجاء بإصلاح المملكة.

«2، 3 فَقَالَ صَمُوئِيلُ: كَيْفَ أَذْهَبُ؟ إِنْ سَمِعَ شَاوُلُ يَقْتُلُنِي. فَقَالَ ٱلرَّبُّ: خُذْ بِيَدِكَ عِجْلَةً مِنَ ٱلْبَقَرِ وَقُلْ: قَدْ جِئْتُ لأَذْبَحَ لِلرَّبِّ. 3 وَٱدْعُ يَسَّى إِلَى ٱلذَّبِيحَةِ، وَأَنَا أُعَلِّمُكَ مَاذَا تَصْنَعُ. وَٱمْسَحْ لِيَ ٱلَّذِي أَقُولُ لَكَ عَنْهُ».

ص 20: 29 خروج 4: 15 وأعمال 9: 6 ص 9: 16 وتثنية 17: 14 و15

شَاوُلُ يَقْتُلُنِي إذا سمع أن سواه صار ملكاً وهنا دليل على ما كان شاول وصل إليه من الظلم والقساوة والمقاومة للرب.

وَقُلْ: قَدْ جِئْتُ لأَذْبَحَ لِلرَّبِّ لا داعي لإعلام شاول بمسح داود (1) لأنه لم يُقصد به تملُّك داود قبل موت شاول (2) لأن شاول لو عرف به كان حاول أن يقتل صموئيل وداود وأهلهما (3) إننا لا نكتم شيئاً عن صديق مخلص (يوحنا 15: 15) ولكننا نكتمه عمّن لا نثق به. فشاول بعصيانه الرب فقد حقوق الصديق. والظاهر أن ذبائح كهذه كانت عادية وإلا كان شاول اعترض عليها.

4، 5 «4 فَفَعَلَ صَمُوئِيلُ كَمَا تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ وَجَاءَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ. فَٱرْتَعَدَ شُيُوخُ ٱلْمَدِينَةِ عِنْدَ ٱسْتِقْبَالِهِ وَقَالُوا: أَسَلاَمٌ مَجِيئُكَ؟ 5 فَقَالَ: سَلاَمٌ. قَدْ جِئْتُ لأَذْبَحَ لِلرَّبِّ. تَقَدَّسُوا وَتَعَالَوْا مَعِي إِلَى ٱلذَّبِيحَةِ. وَقَدَّسَ يَسَّى وَبَنِيهِ وَدَعَاهُمْ إِلَى ٱلذَّبِيحَةِ».

تكوين 48: 7 ولوقا 2: 4 و1ملوك 2: 13 و2ملوك 9: 22 و1أيام 12: 17 و18 تكوين 35: 2 وخروج 19: 10

بَيْتِ لَحْمٍ كان اسمها في زمان يعقوب «أفراتة» وفي طريقها قبر راحيل (تكوين 48: 7). وهي موقع حوادث سفر راعوث. واشتهرت لأنها مسقط رأس داود والرب يسوع المسيح. وهي في أرض يهوذا جنوبي أورشليم وعلى بُعد ستة أميال منها. وفيها ترجم العالم جيروم الكتاب المقدس إلى اللغة اللاتينية.

ٱرْتَعَدَ لم يعرفوا قصد صموئيل وظنوا أنهم كانوا أخطأوا في شيء من واجباتهم الدينية. وهنا دليل على اعتبار عموم الشعب له.

تَقَدَّسُوا (خروج 19: 10) كان عليهم أن يغتسلوا ويلبسوا ثيابهم الرسمية ويمتنعوا عن كل ما يدنسهم بحسب الفروض الدينية.

وَقَدَّسَ يَسَّى وَبَنِيهِ ربما نزل صموئيل ضيفاً على يسّى واعتنى بذاته بإعدادهم الجسدي والروحي لأن رسالته الخاصة لهم.

6، 7 «6 وَكَانَ لَمَّا جَاءُوا أَنَّهُ رَأَى أَلِيآبَ، فَقَالَ: إِنَّ أَمَامَ ٱلرَّبِّ مَسِيحَهُ. 7 فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: لاَ تَنْظُرْ إِلَى مَنْظَرِهِ وَطُولِ قَامَتِهِ لأَنِّي قَدْ رَفَضْتُهُ. لأَنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَنْظُرُ ٱلإِنْسَانُ. لأَنَّ ٱلإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا ٱلرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْقَلْبِ».

ص 17: 13 ص 2: 3 و1ملوك 8: 39 و1أيام 28: 9 ولوقا 16: 15

لَمَّا جَاءُوا حضروا أمام صموئيل في البيت وربما كانوا رجعوا إلى البيت بعد الذبيحة ليستنظروا إعداد الوليمة التابعة للذبيحة (تثنية 12: 7 - 18).

أَلِيآبَ البكر والأرجح أنه أليهو الذي تعيّن رئيساً على سبط يهوذا بعدما ملك داود (1أيام 27: 18) وكان طويل القامة وحسن المنظر وظنّ صموئيل أنه مختار للرب. وكان الرب أعطى شعبه في الأول ملكاً حسب مطلوبهم أي ملكاً طويل القامة وحسن المنظر. وأما الملك الثاني فسيكون حسب فكر الرب الذي ينظر إلى القلب ويفضل الصفات الروحية على الجسدية.

ٱلإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْعَيْنَيْنِ أي إلى الوجه لأن فيه أدلة على صفات الإنسان الداخلية ولكن هذه الأدلة أحياناً تدل على الحقيقة وأحياناً تُضل. والرب وحده يعرف القلوب (انظر تفسير ع 11).

8 - 10 «8 فَدَعَا يَسَّى أَبِينَادَابَ وَعَبَّرَهُ أَمَامَ صَمُوئِيلَ، فَقَالَ: وَهٰذَا أَيْضاً لَمْ يَخْتَرْهُ ٱلرَّبُّ. 9 وَعَبَّرَ يَسَّى شَمَّةَ، فَقَالَ: وَهٰذَا أَيْضاً لَمْ يَخْتَرْهُ ٱلرَّبُّ. 10 وَعَبَّرَ يَسَّى بَنِيهِ ٱلسَّبْعَةَ أَمَامَ صَمُوئِيلَ، فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِيَسَّى: ٱلرَّبُّ لَمْ يَخْتَرْ هٰؤُلاَءِ».

ص 17: 13 ص 17: 13

شَمَّةَ دُعي شمعي في (2صموئيل 13: 3) وكان ابنه يوناداب رجلاً حكيماً صديقاً لأمنون بن داود وله ابن آخر اسمه يوناثان جبار بأس (2صموئيل 21: 21).

في (1أيام 2: 13 - 15) ذُكر سبعة بنين ليسى وربما كان مات أحد الثمانية.

11 «وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِيَسَّى: هَلْ كَمَلَ ٱلْغِلْمَانُ؟ فَقَالَ: بَقِيَ بَعْدُ ٱلصَّغِيرُ وَهُوَذَا يَرْعَى ٱلْغَنَمَ. فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِيَسَّى: أَرْسِلْ وَأْتِ بِهِ، لأَنَّنَا لاَ نَجْلِسُ حَتَّى يَأْتِيَ إِلَى هٰهُنَا».

ص 17: 12 و2صموئيل 13: 3

كان داود يرعى الغنم في البرية ولم يدعه أبوه لأنه صغير السن. وكان عمره نحو عشرين سنة.

لاَ نَجْلِسُ حَتَّى يَأْتِيَ إشارة إلى الوليمة التابعة للذبيحة التي كانوا يتوقعون إعدادها. وبما أن الرب قال لصموئيل إنه اختار واحداً من بني يسى والآن رفض السبعة ولم يبق إلا داود اتضح لصموئيل أن داود هو مختار الرب فامتنع عن الأكل قبل إتمام الأمر بمسحه. ومن الضرورة أيضاً أن داود وهو ملك المستقبل يقعد معهم وإن كان صغيراً.

12 «فَأَرْسَلَ وَأَتَى بِهِ. وَكَانَ أَشْقَرَ مَعَ حَلاَوَةِ ٱلْعَيْنَيْنِ وَحَسَنَ ٱلْمَنْظَرِ. فَقَالَ ٱلرَّبُّ: قُمِ ٱمْسَحْهُ لأَنَّ هٰذَا هُوَ».

تكوين 39: 6 وخروج 2: 2 وأعمال 7: 20 ص 9: 17

قيل في ع 7 «ٱلإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا ٱلرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْقَلْبِ». أي إن الرب لا ينظر إلى المنظر الخارجي فقط بل ينظر أولاً إلى القلب. ومما أعد داود لمنصب ملك (1) صفاته الداخلية وقلبه المطيع لكلام الرب. (2) صفاته الجسدية لأنه كان حسن المنظر ممدوحاً ومحبوباً عند جميع الشعب. وهكذا يوسف (تكوين 39: 6) وموسى (عبرانيين 11: 23).

13 «فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ قَرْنَ ٱلدُّهْنِ وَمَسَحَهُ فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ. وَحَلَّ رُوحُ ٱلرَّبِّ عَلَى دَاوُدَ مِنْ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ فَصَاعِداً. ثُمَّ قَامَ صَمُوئِيلُ وَذَهَبَ إِلَى ٱلرَّامَةِ».

ص 10: 1 ص 10: 6 و9 و10

فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ نستنتج أن مسح داود كان في البيت ولم يحضر إلا أهل البيت. ولم يفهم إخوة داود حقيقة الأمر ولم يصدقوا أن أخوهم الصغير سيملك عليهم وعلى كل إسرائيل ويكون أعظم الملوك ويدوم اسمه في كل القرون. وذُكر في ص 17: 27 أن أخاه أليآب احتقره. ولعل داود ذاته في الأول لم يفهم معنى المسح كل الفهم بل ظن أنه منتخب ليكون تلميذ صموئيل في نابوت في الرامة (ص 19: 22 و23).

حَلَّ رُوحُ ٱلرَّبِّ عَلَى دَاوُدَ كما رفّ روح الله على وجه المياه (تكوين 1: 2). فالأرض الخربة والخالية ترتبت وأخرجت نباتات وحيوانات وأُعدت لتكون مسكناً للإنسان هكذا حل روح الرب على داود وأحيا قواه الجسدية والعقلية والروحية وجعل فيه الشوق إلى معرفة الرب والغيرة في خدمته فاستعد من صغره لدعوة الله العليا.

ونرى في السنين الأولى من حياة داود أموراً كثيرة أهلته لمنصب ملك منها أنه اعتاد الأخطار والمشقات والخضوع لمن كان أكبر منه وتعوّد النظر إلى الطبيعة والتأمل في قدرة خالقها ومجده (مزمور 8 و19). ومن رعاية الغنم تعلم أمور رعاية الله لبني البشر (مزمور 23) وتعلم الضرب بآلات العزف ونظم الأغاني الروحية. وفي زمان خدمته لشاول تعرّف بقواد الجيش وأرباب السياسة واختبر الحرب واجتذب إلى نفسه قلوب الشعب. ومن ذلك اليوم لم يُذكر صموئيل إلا في (ص 19: 18 - 24) وصار داود العامل الأول في تاريخ إسرائيل.

14 «وَذَهَبَ رُوحُ ٱلرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ، وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ».

ص 11: 6 و18: 12 و28: 15 ع 15 و16 وص 18: 10 و19: 9 و1ملوك 22: 19 - 22

الروح الذي حلّ على داود ذهب من عند شاول وكما ابتدأ داود ينمو ويتقدم في كل أمر صالح هكذا ابتدأ شاول يفقد محاسنه الأصلية وينحط أكثر فأكثر.

مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ ليس الرب مصدر الشرّ ولكنه يستخدم الأرواح الشريرة في تأديب شعبه كما أمر أيوب وفي إضلال المرتدين كشاول وآخاب (1ملوك 22: 17 - 23). إن الله خلق الإنسان صالحاً وأما الإنسان فأخطأ وسقط. والله خلق الملائكة صالحين ولكن بعضهم سقطوا. ولا يقدر أحد أن يوفق بين قدرة الله وجودته وبين دخول الخطيئة إلى العالم وبقائها ونموها. ولكننا نعرف (1) إن الله هو القادر على كل شيء وهو يدبر كل شيء حسب إرادته الصالحة ولا تقدر الأرواح الشريرة أن تعمل شيئاً بلا إرادته. (2) إن الأرواح الشريرة لا تتسلط على الإنسان إلا بإرادة الإنسان. لأن الإنسان يفتح لها باب قلبه وإن لم يفتح لها الباب لا تقدر أن تدخل. وكل من يلتجئ إلى الرب ويثبت فيه لا يقدر الشيطان أن يعمل فيه شيئاً والرب لا يسلّم إلى خدمة الشيطان إلا من قد اختار لنفسه تلك الخدمة. وربما بين فعل الأرواح الشريرة وبين بعض أنواع الجنون علاقة لأن الأخيرة ليست أمراضاً عقلية فقط بل هي حالة روحية يصل الإنسان إليها بإرادته وتسليمه نفسه لسلطة الأفكار الرديئة القبيحة كالحسد والطمع والنجاسة والكبرياء والعناد الخ.

15 - 17 «15 فَقَالَ عَبِيدُ شَاوُلَ لَهُ: هُوَذَا رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ ٱللّٰهِ يَبْغَتُكَ. 16 فَلْيَأْمُرْ سَيِّدُنَا عَبِيدَهُ قُدَّامَهُ أَنْ يُفَتِّشُوا عَلَى رَجُلٍ يُحْسِنُ ٱلضَّرْبَ بِٱلْعُودِ. وَيَكُونُ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ ٱلرُّوحُ ٱلرَّدِيءُ مِنْ قِبَلِ ٱللّٰهِ أَنَّهُ يَضْرِبُ بِيَدِهِ فَتَطِيبُ. 17 فَقَالَ شَاوُلُ لِعَبِيدِهِ: ٱنْظُرُوا لِي رَجُلاً يُحْسِنُ ٱلضَّرْبَ وَأْتُوا بِهِ إِلَيَّ».

ص 18: 10 و19: 9 و1ملوك 22: 19 - 22

أَنَّهُ يَضْرِبُ بِيَدِهِ فَتَطِيبُ يشهد كثيرون من الأطباء والمختبرين أن الموسيقى نافعة جداً في علاج الأمراض العقلية. ليس كل أنواع الموسيقى بل ما يسلّي ويسكّن العواطف المهيجة. ولكن النفع وقتيّ فقط كما سنرى في أمر شاول. وللموسيقى قوة للشر أيضاُ فإنها أحياناً تهيج الشهوات وتُميل الإنسان إلى الكسل والإهمال في العمل.

18 «فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنَ ٱلْغِلْمَانِ: هُوَذَا قَدْ رَأَيْتُ ٱبْناً لِيَسَّى ٱلْبَيْتَلَحْمِيِّ يُحْسِنُ ٱلضَّرْبَ، وَهُوَ جَبَّارُ بَأْسٍ وَرَجُلُ حَرْبٍ وَفَصِيحٌ وَرَجُلٌ جَمِيلٌ، وَٱلرَّبُّ مَعَهُ».

ص 17: 32 - 36 ص 3: 19

وَاحِدٌ مِنَ ٱلْغِلْمَانِ لعل العبيد في (ع 15) هم الذين كانوا يخدمون في البيت والغلمان كانوا يخدمون الخدمة العسكرية.

جَبَّارُ بَأْسٍ ظهر بأسه في رعاية الغنم إذ حارب وحوشاً ولصوصاً.

رَجُلُ حَرْبٍ أي رجل فيه صفات تؤهله للحرب كالشجاعة والقوة والنباهة فيُرجى منه أن ينفع الملك في حروبه وليس فقط في الضرب بالعود.

فَصِيحٌ إشارة إلى اقتداره في نظم مزامير.

وَٱلرَّبُّ مَعَهُ وهو ناجح في كل أموره.

19، 20 «19 فَأَرْسَلَ شَاوُلُ رُسُلاً إِلَى يَسَّى يَقُولُ: أَرْسِلْ إِلَيَّ دَاوُدَ ٱبْنَكَ ٱلَّذِي مَعَ ٱلْغَنَمِ. 20 فَأَخَذَ يَسَّى حِمَاراً حَامِلاً خُبْزاً وَزِقَّ خَمْرٍ وَجَدْيَ مِعْزىً وَأَرْسَلَهَا بِيَدِ دَاوُدَ ٱبْنِهِ إِلَى شَاوُلَ».

ص 10: 4 و27 وأمثال 18: 16

فَأَرْسَلَ شَاوُلُ (ص 8: 11 و14: 52) من دأب الملوك القدماء أن يأخذوا ولا يُعطوا فلم يكفِ يسّى أن يقدم ابنه المحبوب للملك بل رأى أنه يجب أن يرسل معه هدية أيضاً.

21 - 23 «21 فَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى شَاوُلَ وَوَقَفَ أَمَامَهُ، فَأَحَبَّهُ جِدّاً وَكَانَ لَهُ حَامِلَ سِلاَحٍ. 22 فَأَرْسَلَ شَاوُلُ إِلَى يَسَّى يَقُولُ: لِيَقِفْ دَاوُدُ أَمَامِي لأَنَّهُ وَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ. 23 وَكَانَ عِنْدَمَا جَاءَ ٱلرُّوحُ مِنْ قِبَلِ ٱللّٰهِ عَلَى شَاوُلَ أَنَّ دَاوُدَ أَخَذَ ٱلْعُودَ وَضَرَبَ بِيَدِهِ، فَكَانَ شَاوُلُ يَرْتَاحُ وَيَطِيبُ وَيَذْهَبُ عَنْهُ ٱلرُّوحُ ٱلرَّدِيءُ».

تكوين 41: 46 وأمثال 22: 29 ع 14 - 16

فَأَحَبَّهُ شَاوُل لما رآه وسمعه يتكلم ويضرب بالعود.

لِيَقِفْ دَاوُدُ أَمَامِي أي ليبق في خدمتي ولا يخدم خدمة وقتية فقط.

حَامِلَ سِلاَحٍ إن حامل سلاح الملك هو من كان الملك اختبره أنه شجاع ولبيب وأمين له وامتاز عن غيره في الخدمة. ولا شك كان تعيين داود لتلك الخدمة الشريفة بعد زمان وكان داود سابقاً يأتي إلى شاول ويضرب له بالعود ويرجع إلى بيته. وبعد زمان قتل جليات (ص 17) ورآه الملك ولكنه كان قد نسيه فسأل أبنير من هو هذا الغلام (17: 56) ثم أخذه الملك شاول ليكون له خادماً على الدوام ولم يسمح له بالرجوع إلى بيت أبيه. ثم تقدم داود في الخدمة حتى صار حامل لسلاح الملك. وكان ذلك كله بعناية الله وكان أحسن استعداد لداود ليكون ملكاً على إسرائيل في المستقبل.

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ عَشَرَ

مضمونه: اصطفاف الفلسطينيين وإسرائيل للمحاربة. طلب جليات الجبار من يبرز إليه للمحاربة. إرسال يسّى داود ليفتقد إخوته الذين في الجيش. توبيخ أليآب إياه. إقامته أمام شاول. بروزه للفلسطيني. قتله إياه بحجر ومقلاع. استفهام شاول عنه.

1 - 3 «1 وَجَمَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ جُيُوشَهُمْ لِلْحَرْبِ فَٱجْتَمَعُوا فِي سُوكُوهَ ٱلَّتِي لِيَهُوذَا، وَنَزَلُوا بَيْنَ سُوكُوهَ وَعَزِيقَةَ فِي أَفَسِ دَمِّيمَ. 2 وَٱجْتَمَعَ شَاوُلُ وَرِجَالُ إِسْرَائِيلَ وَنَزَلُوا فِي وَادِي ٱلْبُطْمِ، وَٱصْطَفُّوا لِلْحَرْبِ لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. 3 وَكَانَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ وُقُوفاً عَلَى جَبَلٍ مِنْ هُنَا وَإِسْرَائِيلُ وُقُوفاً عَلَى جَبَلٍ مِنْ هُنَاكَ، وَٱلْوَادِي بَيْنَهُمْ».

ص 13: 5 و2أيام 28: 18 يشوع 10: 10 و1أيام 11: 13 ص 21: 9

وَجَمَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ رجع سياق الكلام إلى 14: 52 لأنه «كَانَتْ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ عَلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ كُلَّ أَيَّامِ شَاوُلَ».

سُوكُوهَ السويكة الحالية وهي وعِزيفة وأفَس دمّيم في وادي البطم أي وادي السنط الحالي على حدود يهوذا إلى جهة الغرب والجنوب من أورشليم وعلى بعد نحو 16 ميلاً منها.

جَبَلٍ مِنْ هُنَا... جَبَلٍ مِنْ هُنَاكَ (ع 3) ليست جبالاً عالية بل تلال وبينهما وادٍ فيه مزروعات وأشجار السنط وفي منتصف الوادي ساقية تجري في فصل الشتاء منحدرة وكانت فاصلة بين الجيشين.

4 - 11 «4 فَخَرَجَ رَجُلٌ مُبَارِزٌ مِنْ جُيُوشِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ ٱسْمُهُ جُلْيَاتُ، مِنْ جَتَّ، طُولُهُ سِتُّ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ، 5 وَعَلَى رَأْسِهِ خُوذَةٌ مِنْ نُحَاسٍ، وَكَانَ لاَبِساً دِرْعاً حَرْشَفِيّاً وَزْنُهُ خَمْسَةُ آلاَفِ شَاقِلِ نُحَاسٍ. 6 وَجُرْمُوقَا نُحَاسٍ عَلَى رِجْلَيْهِ، وَحَرْبَةُ نُحَاسٍ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. 7 وَقَنَاةُ رُمْحِهِ كَنَوْلِ ٱلنَّسَّاجِينَ، وَسِنَانُ رُمْحِهِ سِتُّ مِئَةِ شَاقِلِ حَدِيدٍ، وَحَامِلُ ٱلتُّرْسِ كَانَ يَمْشِي قُدَّامَهُ. 8 فَوَقَفَ وَنَادَى صُفُوفَ إِسْرَائِيلَ: لِمَاذَا تَخْرُجُونَ لِتَصْطَفُّوا لِلْحَرْبِ؟ أَمَا أَنَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّ، وَأَنْتُمْ عَبِيدٌ لِشَاوُلَ؟ ٱخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمْ رَجُلاً وَلْيَنْزِلْ إِلَيَّ. 9 فَإِنْ قَدِرَ أَنْ يُحَارِبَنِي وَيَقْتُلَنِي نَصِيرُ لَكُمْ عَبِيداً. وَإِنْ قَدِرْتُ أَنَا عَلَيْهِ وَقَتَلْتُهُ تَصِيرُونَ أَنْتُمْ لَنَا عَبِيداً وَتَخْدِمُونَنَا. 10 وَقَالَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ: أَنَا عَيَّرْتُ صُفُوفَ إِسْرَائِيلَ هٰذَا ٱلْيَوْمَ. أَعْطُونِي رَجُلاً فَنَتَحَارَبَ مَعاً. 11 وَلَمَّا سَمِعَ شَاوُلُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ كَلاَمَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ هٰذَا ٱرْتَاعُوا وَخَافُوا جِدّاً».

2صموئيل 21: 19 يشوع 11: 21 و22 ع 45 و2صموئيل 21: 19 و1أيام 11: 23 ع 41 ص 8: 17 و2صموئيل 2: 12 - 16 ع 26 و36 و45

رَجُلٌ مُبَارِزٌ لم يحارب مع الجيش بل خرج وحده ودعا إسرائيل للمبارزة (انظر ع 8 و9).

سِتُّ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ الذراع العبرانية نحو قدم ونصف فكانت قامة جليات نحو تسع أقدام وثلاثة أرباع القدم. والأرجح أن قامة القدماء كانت كقامة الناس في هذه الأيام والجبابرة في القديم كانوا من النوادر كما في أيامنا. وكما كان جبابرة في القديم في بعض الأماكن كعوج والعمالقة والرفائيين هكذا نجد اليوم في بعض الأماكن كشمالي الهند أُناساً طولهم بطول جليات تقريباً. والقول في (عدد 13: 33) «رَأَيْنَا هُنَاكَ ٱلْجَبَابِرَةَ (بَنِي عَنَاقٍ مِنَ ٱلْجَبَابِرَةِ). فَكُنَّا فِي أَعْيُنِنَا كَٱلْجَرَادِ» كالقول في تثنية 1: 28 «مُدُنٌ عَظِيمَةٌ مُحَصَّنَةٌ إِلَى ٱلسَّمَاءِ» فيه مبالغة تدل على خوف الإسرائيليين. وذوو القامة العظيمة يكونون غالباً أضعف من غيرهم في قواهم العقلية.

دِرْعاً حَرْشَفِيّاً (ع 5) هو قميص يخيطون عليه قطعاً نحاسية ويجعلونها كحراشف السمك.

خَمْسَةُ آلاَفِ شَاقِلِ لا نعرف تماماً مقدار الشاقل والمظنون أن خمسة آلاف شاقل تزن نحو 33 رطلاً بيروتياً.

وَحَرْبَةُ (مزراق) (ع 6) الرمح القصير.

سِتُّ مِئَةِ شَاقِلِ (ع 7) نحو خمسة أرطال فكانت عدة حرب جليات ثقيلة جداً وكان هو كقلعة منيعة ولكنه لم يقدر أن يتحرك بسرعة. وداود لاحظ ذلك وفهم أن ذلك الجبار خيال للتخويف فقط لا يقدر أن يعمل شيئاً لشاب مثل داود بلا سلاح خفيف الحركة ومتيقظ العقل.

أَنَا عَيَّرْتُ صُفُوفَ إِسْرَائِيلَ (ع 10) لم يتقدم الإسرائيليون لمحاربة الفلسطينيين ولا الفلسطينيون لمحاربة الإسرائيليين بسبب الساقية بينهما (ع 3) فإنه إذا حاول الجيش الواحد عبور الساقية ونزلوا فيها فالجيش الآخر وهم في مكان أعلى يقدرون أن يردوهم ويكسروهم بسهولة. فطلب جليات حل المشكلة بواسطة المبارزة الشخصية (ع 9) ومضى أربعون يوماً ولم يتقدم أحدٌ من الإسرائيليين لمبارزة جليات فعيّرهم.

12 - 16 «12 وَدَاوُدُ هُوَ ٱبْنُ ذٰلِكَ ٱلرَّجُلِ ٱلأَفْرَاتِيِّ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا ٱلَّذِي ٱسْمُهُ يَسَّى وَلَهُ ثَمَانِيَةُ بَنِينَ. وَكَانَ ٱلرَّجُلُ فِي أَيَّامِ شَاوُلَ قَدْ شَاخَ وَكَبِرَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ. 13 وَذَهَبَ بَنُو يَسَّى ٱلثَّلاَثَةُ ٱلْكِبَارُ وَتَبِعُوا شَاوُلَ إِلَى ٱلْحَرْبِ وَأَسْمَاءُ بَنِيهِ ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى ٱلْحَرْبِ: أَلِيآبُ ٱلْبِكْرُ، وَأَبِينَادَابُ ثَانِيهِ، وَشَمَّةُ ثَالِثُهُمَا. 14 وَدَاوُدُ هُوَ ٱلصَّغِيرُ وَٱلثَّلاَثَةُ ٱلْكِبَارُ ذَهَبُوا وَرَاءَ شَاوُلَ. 15 وَأَمَّا دَاوُدُ فَكَانَ يَذْهَبُ وَيَرْجِعُ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ لِيَرْعَى غَنَمَ أَبِيهِ فِي بَيْتِ لَحْمٍ . 16 وَكَانَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ يَتَقَدَّمُ وَيَقِفُ صَبَاحاً وَمَسَاءً أَرْبَعِينَ يَوْماً».

ص 16: 18 وراعوث 4: 22 تكوين 35: 19 ص 16: 11 ص 16: 21 - 23

(انظر 16: 6 - 13) وتكرار الكلام هو لأجل الإيضاح كما يحدث كثيراً في المؤلفات القديمة. والقول «ذلك الرجل الأفراتي» يشير إلى كلام سابق بشأن يسى.

17 - 19 «17 فَقَالَ يَسَّى لِدَاوُدَ ٱبْنِهِ: خُذْ لِإِخْوَتِكَ إِيفَةً مِنْ هٰذَا ٱلْفَرِيكِ، وَهٰذِهِ ٱلْعَشَرَ ٱلْخُبْزَاتِ وَٱرْكُضْ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ إِلَى إِخْوَتِكَ. 18 وَهٰذِهِ ٱلْعَشَرَ ٱلْقِطْعَاتِ مِنَ ٱلْجُبْنِ قَدِّمْهَا لِرَئِيسِ ٱلأَلْفِ، وَٱفْتَقِدْ سَلاَمَةَ إِخْوَتِكَ وَخُذْ مِنْهُمْ عَرْبُوناً. 19 وَكَانَ شَاوُلُ وَهُمْ وَجَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ فِي وَادِي ٱلْبُطْمِ يُحَارِبُونَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ».

ص 25: 18 ص 16: 20 تكوين 37: 13 و14

إِيفَةً مِنْ هٰذَا ٱلْفَرِيكِ نحو سبعة أرطال فإن طعام العسكر كان من أهلهم وليس من الملك.

ٱلْجُبْنِ (ع 18) هدية لرئيس الفرقة ليرضى عن إخوة داود.

عَرْبُوناً لعلّ يسى لم يعرف الكتابة فطلب شيئاً من بنيه يحمله على الطمأنينة من جهة أحوالهم ووصول الطعام بيد داود.

20 - 27 «20 فَبَكَّرَ دَاوُدُ صَبَاحاً وَتَرَكَ ٱلْغَنَمَ مَعَ حَارِسٍ وَحَمَّلَ وَذَهَبَ كَمَا أَمَرَهُ يَسَّى، وَأَتَى إِلَى ٱلْمِتْرَاسِ وَٱلْجَيْشُ خَارِجٌ إِلَى ٱلٱصْطِفَافِ وَهَتَفُوا لِلْحَرْبِ. 21 وَٱصْطَفَّ إِسْرَائِيلُ وَٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ صَفّاً مُقَابِلَ صَفٍّ. 22 فَتَرَكَ دَاوُدُ ٱلأَمْتِعَةَ ٱلَّتِي مَعَهُ بِيَدِ حَافِظِ ٱلأَمْتِعَةِ وَرَكَضَ إِلَى ٱلصَّفِّ وَأَتَى وَسَأَلَ عَنْ سَلاَمَةِ إِخْوَتِهِ. 23 وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ إِذَا بِرَجُلٍ مُبَارِزٍ ٱسْمُهُ جُلْيَاتُ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ مِنْ جَتَّ صَاعِدٌ مِنْ صُفُوفِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَتَكَلَّمَ بِمِثْلِ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ، فَسَمِعَ دَاوُدُ. 24 وَجَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ لَمَّا رَأَوُا ٱلرَّجُلَ هَرَبُوا مِنْهُ وَخَافُوا جِدّاً. 25 فَقَالَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ: أَرَأَيْتُمْ هٰذَا ٱلرَّجُلَ ٱلصَّاعِدَ؟ لِيُعَيِّرَ إِسْرَائِيلَ هُوَ صَاعِدٌ! فَيَكُونُ أَنَّ ٱلرَّجُلَ ٱلَّذِي يَقْتُلُهُ يُغْنِيهِ ٱلْمَلِكُ غِنىً جَزِيلاً، وَيُعْطِيهِ ٱبْنَتَهُ، وَيَجْعَلُ بَيْتَ أَبِيهِ حُرّاً فِي إِسْرَائِيلَ. 26 فَسَأَلَ دَاوُدُ ٱلرِّجَالَ ٱلْوَاقِفِينَ مَعَهُ: مَاذَا يُفْعَلُ لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي يَقْتُلُ ذٰلِكَ ٱلْفِلِسْطِينِيَّ وَيُزِيلُ ٱلْعَارَ عَنْ إِسْرَائِيلَ؟ لأَنَّهُ مَنْ هُوَ هٰذَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّ ٱلأَغْلَفُ حَتَّى يُعَيِّرَ صُفُوفَ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ؟ 27 فَكَلَّمَهُ ٱلشَّعْبُ بِمِثْلِ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ قَائِلِينَ: كَذَا يُفْعَلُ لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي يَقْتُلُهُ».

ص 26: 5 و7 قضاة 18: 21 وإشعياء 10: 28 ع 8 - 10 يشوع 15: 16 ص 8: 11 ص 11: 2 ع 36 وص 14: 6 وإرميا 9: 25 و26 ع 10 تثنية 5: 26 و ملاخي 19: 4 ع 25

بَكَّرَ صَبَاحاً كان وادي البطم على بعد نحو أربع ساعات من بيت لحم.

ٱلْمِتْرَاسِ بالعبرانية «محل العجلات» ولعلهم كانوا جمعوا عجلاتهم لتصير سوراً أو استحكاماً (انظر 26: 5 و7).

حُرّاً فِي إِسْرَائِيلَ (ع 25) معفىً من الخدمة العكسرية.

مَاذَا يُفْعَلُ لِلرَّجُلِ (ع 26) كان الأجر الموعود من الملك عظيماً ولا سيما لشاب مثل داود ولعله صوّر في قلبه الغنى والشرف لنفسه ولبيت أبيه ولكن كان لتلك الأفكار هنيهة من الزمان فقط وبعدها امتلأ داود غيرة لاسم الله الحي وخلاص شعبه المختار من العار ولعله سأل نفسه قائلاً أين إخوتي وغيرهم من جبابرة إسرائيل وأين ملك إسرائيل الطويل القامة والمنتصر في حرب العمالقة فخجل وقال من هو هذا الفلسطيني الأغلف حتى يعيّر صفوف الله الحي (انظر مزمور 69: 9) «غَيْرَةَ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي، وَتَعْيِيرَاتِ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ».

28 - 30 28 وَسَمِعَ أَخُوهُ ٱلأَكْبَرُ أَلِيآبُ كَلاَمَهُ مَعَ ٱلرِّجَالِ، فَحَمِيَ غَضَبُ أَلِيآبَ عَلَى دَاوُدَ وَقَالَ: لِمَاذَا نَزَلْتَ، وَعَلَى مَنْ تَرَكْتَ تِلْكَ ٱلْغُنَيْمَاتِ ٱلْقَلِيلَةَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ؟ أَنَا عَلِمْتُ كِبْرِيَاءَكَ وَشَرَّ قَلْبِكَ، لأَنَّكَ إِنَّمَا نَزَلْتَ لِتَرَى ٱلْحَرْبَ. 29 فَقَالَ دَاوُدُ: مَاذَا عَمِلْتُ ٱلآنَ؟ أَمَا هُوَ كَلاَمٌ؟ 30 وَتَحَوَّلَ مِنْ عِنْدِهِ نَحْوَ آخَرَ وَتَكَلَّمَ بِمِثْلِ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ، فَرَدَّ لَهُ ٱلشَّعْبُ جَوَاباً كَٱلْجَوَابِ ٱلأَوَّلِ».

تكوين 37: 4 و8 - 36 ع 17 ع 26 و27

وَسَمِعَ أَخُوهُ ٱلأَكْبَرُ أَلِيآبُ وهو الذي كان صموئيل اختاره أولاً ليكون ملكاً عوضاً عن شاول (16: 6) ولكن كلامه هنا يدل على الحسد والكبرياء وعدم الشعور بالروحيات واحتقر أخاه الصغير بقوله أنه ليس لراعي الغنيمات القليلة في البرية أن يسأل عن الحرب وأمور الملك.

تَحَوَّلَ مِنْ عِنْدِهِ (ع 30) قيل في الأمثال (أمثال 16: 32) «اَلْبَطِيءُ ٱلْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَ ٱلْجَبَّارِ، وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً» فداود انتصر أولاً على نفسه ثم على الجبار.

31 - 40 «31 وَسُمِعَ ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ دَاوُدُ وَأَخْبَرُوا بِهِ أَمَامَ شَاوُلَ. فَٱسْتَحْضَرَهُ. 32 فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: لاَ يَسْقُطْ قَلْبُ أَحَدٍ بِسَبَبِهِ. عَبْدُكَ يَذْهَبُ وَيُحَارِبُ هٰذَا ٱلْفِلِسْطِينِيَّ. 33 فَقَالَ شَاوُلُ لِدَاوُدَ: لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَذْهَبَ إِلَى هٰذَا ٱلْفِلِسْطِينِيِّ لِتُحَارِبَهُ لأَنَّكَ غُلاَمٌ وَهُوَ رَجُلُ حَرْبٍ مُنْذُ صِبَاهُ. 34 فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: كَانَ عَبْدُكَ يَرْعَى لأَبِيهِ غَنَماً، فَجَاءَ أَسَدٌ مَعَ دُبٍّ وَأَخَذَ شَاةً مِنَ ٱلْقَطِيعِ. 35 فَخَرَجْتُ وَرَاءَهُ وَقَتَلْتُهُ وَأَنْقَذْتُهَا مِنْ فَمِهِ. وَلَمَّا قَامَ عَلَيَّ أَمْسَكْتُهُ مِنْ ذَقْنِهِ وَضَرَبْتُهُ فَقَتَلْتُهُ. 36 قَتَلَ عَبْدُكَ ٱلأَسَدَ وَٱلدُّبَّ جَمِيعاً. وَهٰذَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّ ٱلأَغْلَفُ يَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمَا لأَنَّهُ قَدْ عَيَّرَ صُفُوفَ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ. 37 وَقَالَ دَاوُدُ: ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي أَنْقَذَنِي مِنْ يَدِ ٱلأَسَدِ وَمِنْ يَدِ ٱلدُّبِّ هُوَ يُنْقِذُنِي مِنْ يَدِ هٰذَا ٱلْفِلِسْطِينِيِّ. فَقَالَ شَاوُلُ لِدَاوُدَ: ٱذْهَبْ وَلْيَكُنِ ٱلرَّبُّ مَعَكَ. 38 وَأَلْبَسَ شَاوُلُ دَاوُدَ ثِيَابَهُ، وَجَعَلَ خُوذَةً مِنْ نُحَاسٍ عَلَى رَأْسِهِ وَأَلْبَسَهُ دِرْعاً. 39 فَتَقَلَّدَ دَاوُدُ بِسَيْفِهِ فَوْقَ ثِيَابِهِ وَعَزَمَ أَنْ يَمْشِيَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ جَرَّبَ. فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَمْشِيَ بِهٰذِهِ لأَنِّي لَمْ أُجَرِّبْهَا. وَنَزَعَهَا دَاوُدُ عَنْهُ. 40 وَأَخَذَ عَصَاهُ بِيَدِهِ، وَٱنْتَخَبَ لَهُ خَمْسَةَ حِجَارَةٍ مُلْسٍ مِنَ ٱلْوَادِي وَجَعَلَهَا فِي كِنْفِ ٱلرُّعَاةِ ٱلَّذِي لَهُ (أَيْ فِي ٱلْجِرَابِ) وَمِقْلاَعَهُ بِيَدِهِ وَتَقَدَّمَ نَحْوَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ».

تثنية 2: 1 - 4 ص 16: 18 عاموس 3: 12 و2تيموثاوس 4: 17 ص 20: 13 قضاة 20: 16

فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ (ع 34) جاوب داود شاول من اختباره لأنه كان قد حارب أسداً ودباً وقتلهما لأن الرب أنقذه وله الآن إيمان بأن الرب ينقذه من يد الفلسطيني الذي هو كوحش مثل الأسد والدب. ولا نفهم أن الأسد والدب كانا معاً بل أن داود ذكر الحادثتين معاً. وكان أُسود في فلسطين على عهد داود أما اليوم فليس لها وجود.

فَقَالَ شَاوُلُ لِدَاوُدَ (ع 37) لم يحتقر داود ولا حسده كما احتقره اليآب أخوه بل وثق به وباركه وأكرمه إذ أراد أن يلبسه عدة حربه. وشاول كان رجلاً متقلباً وكان أحياناً عاقلاً وأحياناً مجنوناً.

لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَمْشِيَ بِهٰذِهِ (ع 39) لو لبسها كان كجليات ولكن داود رأى أنه امتاز عن جليات بسرعة الحركة ولا يقدر جليات أن يضربه برمحه أو بسيفه لأن داود يقدر أن يحيد عنه بسهولة.

مِقْلاَعَهُ بِيَدِهِ (ع 40) اختار داود ما كان اعتاده وكان بعض الإسرائيليين «يَرْمُونَ ٱلْحَجَرَ بِٱلْمِقْلاَعِ عَلَى ٱلشَّعْرَةِ وَلاَ يُخْطِئُونَ» (قضاة 20: 16).

41 - 49 «41 وَٱقْتَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ إِلَى دَاوُدَ وَحَامِلُ ٱلتُّرْسِ أَمَامَهُ. 42 وَلَمَّا رَأَى دَاوُدَ ٱسْتَحْقَرَهُ لأَنَّهُ كَانَ غُلاَماً وَأَشْقَرَ جَمِيلَ ٱلْمَنْظَرِ. 43 فَقَالَ لِدَاوُدَ: أَلَعَلِّي أَنَا كَلْبٌ حَتَّى تَأْتِي إِلَيَّ بِعِصِيٍّ؟ وَلَعَنَ دَاوُدَ بِآلِهَتِهِ. 44 وَقَالَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ لِدَاوُدَ: تَعَالَ إِلَيَّ فَأُعْطِيَ لَحْمَكَ لِطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ وَوُحُوشِ ٱلْبَرِّيَّةِ. 45 فَقَالَ دَاوُدُ: أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ. وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِٱسْمِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ إِلٰهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ. 46 هٰذَا ٱلْيَوْمَ يَحْبِسُكَ ٱلرَّبُّ فِي يَدِي فَأَقْتُلُكَ وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ. وَأُعْطِي جُثَثَ جَيْشِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ هٰذَا ٱلْيَوْمَ لِطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ وَحَيَوَانَاتِ ٱلأَرْضِ، فَتَعْلَمُ كُلُّ ٱلأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلٰهٌ لِإِسْرَائِيلَ. 47 وَتَعْلَمُ هٰذِهِ ٱلْجَمَاعَةُ كُلُّهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَيْفٍ وَلاَ بِرُمْحٍ يُخَلِّصُ ٱلرَّبُّ، لأَنَّ ٱلْحَرْبَ لِلرَّبِّ وَهُوَ يَدْفَعُكُمْ لِيَدِنَا. 48 وَرَكَضَ نَحْوَ ٱلصَّفِّ لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ. 49 وَمَدَّ دَاوُدُ يَدَهُ إِلَى ٱلْكِنْفِ وَأَخَذَ مِنْهُ حَجَراً وَرَمَاهُ بِٱلْمِقْلاَعِ، وَضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيَّ فِي جِبْهَتِهِ، فَٱنْغَرَزَ ٱلْحَجَرُ فِي جِبْهَتِهِ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ».

أمثال 16: 18 ص 16: 12 ص 24: 14 و2صموئيل 3: 8 و1ملوك 20: 10 ع 46 و2أيام 32: 8 ومزمور 124: 8 وعبرانيين 11: 34 و1ملوك 18: 36 و2ملوك 19: 19 وإشعياء 37: 20 ص 14: 6 و2أيام 14: 11 و20: 15 ومزمور 44: 6 مزمور 27: 3

ٱسْتَحْقَرَهُ (ع 42) لأنه كان شاباً وكان لونه ومنظره الجميل دليلين على ذلك.

فَقَالَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ (ع 44) كان عادة قديمة عند القتال أن المقاتَلين يخاطبان الواحد الآخر أولاً ويحاول كلٌّ منهما أن يبين أن الحق معه وإنه يحتقر الآخر (2أيام 13: 4 وانظر منظومات هوميروس) وأما داود فصرّح بكلامه أن الحرب للرب وهو آت إلى جليات باسم رب الجنود إله صفوف إسرائيل الذين عيّرهم جليات.

لما قام ٱلْفِلِسْطِينِيِّ (ع 48) كان الفلسطيني من ثقل سلاحه لا يجلس إلا في وقت القتال.

ضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيَّ فِي جِبْهَتِهِ (ع 49) كان داود قد لاحظ أنه لا يقدر أن يضربه إلا في جبهته لأنه كان لابساً الدرع الكامل (ع 5 و6) غير أن جبهته كانت مكشوفة حتى يتمكن من النظر ولم يتوقع جليات إلا ضربة سيف أو رمح. ولكن الضربة على الجبهة ولو كانت بحجر صغير تؤثر أكثر من الضربة في مكان آخر في الجسم ولعل الحجر الذي رماه داود لم يقتل الفلسطيني بل سبب له دواراً (دوَّخه) فوقع فأسرع داود وقطع رأسه.

50 - 54 «50 فَتَمَكَّنَ دَاوُدُ مِنَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ بِٱلْمِقْلاَعِ وَٱلْحَجَرِ، وَضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيَّ وَقَتَلَهُ. وَلَمْ يَكُنْ سَيْفٌ بِيَدِ دَاوُدَ. 51 فَرَكَضَ دَاوُدُ وَوَقَفَ عَلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّ وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَٱخْتَرَطَهُ مِنْ غِمْدِهِ وَقَتَلَهُ وَقَطَعَ بِهِ رَأْسَهُ. فَلَمَّا رَأَى ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّ جَبَّارَهُمْ قَدْ مَاتَ هَرَبُوا. 52 فَقَامَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا وَهَتَفُوا وَلَحِقُوا ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ حَتَّى مَجِيئِكَ إِلَى ٱلْوَادِي وَحَتَّى أَبْوَابِ عَقْرُونَ. فَسَقَطَتْ قَتْلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ فِي طَرِيقِ شَعَرَايِمَ إِلَى جَتَّ وَإِلَى عَقْرُونَ. 53 ثُمَّ رَجَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ ٱلٱحْتِمَاءِ وَرَاءَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَنَهَبُوا مَحَلَّتَهُمْ. 54 وَأَخَذَ دَاوُدُ رَأْسَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ وَأَتَى بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَوَضَعَ أَدَوَاتِهِ فِي خَيْمَتِهِ».

ص 21: 9 و2صموئيل 23: 21 عبرانيين 11: 34 يشوع 15: 11 يشوع 15: 36

ٱلْوَادِي (ع 52) بالعبرانية «حي» بلا أداة التعريف والأرجح أن الكلمة الأصلية «جت» اسم مدينة من مدن الفلسطينيين كما ورد في الترجمة السبعينية. وهكذا تطابق العبارة آخر الآية وهو «إلى جت وعقرون وشعاريم». وشعاريم وجت وعقرون مدن للفلسطينيين إلى جهة الغرب من يهوذا.

وَأَخَذَ دَاوُدُ رَأْسَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ (ع 54) لم يتعوّد الإسرائيليون قطع رؤوس الذين يقتلونهم في الحرب وأما حادثة جليات فكانت غير اعتيادية والظاهر أن داود وضع في بيته أي بيت أبيه في بيت لحم أدوات جليات وأما الرأس فوضعه أولاً في بيته ثم أخذه إلى أورشليم بعدما استولى عليها. وعرفنا من 21: 9 أن سيف جليات كان في المقدس في نوب ولعل داود كان قدمه هو والباقي من أدوات جليات إلى الرب الذي نصره.

55 - 58 «55 وَلَمَّا رَأَى شَاوُلُ دَاوُدَ خَارِجاً لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ قَالَ لأَبْنَيْرَ رَئِيسِ ٱلْجَيْشِ: ٱبْنُ مَنْ هٰذَا ٱلْغُلاَمُ يَا أَبْنَيْرُ؟ فَقَالَ أَبْنَيْرُ: وَحَيَاتِكَ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ لَسْتُ أَعْلَمُ! 56 فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: ٱسْأَلِ ٱبْنُ مَنْ هٰذَا ٱلْغُلاَمُ. 57 وَلَمَّا رَجَعَ دَاوُدُ مِنْ قَتْلِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ أَخَذَهُ أَبْنَيْرُ وَأَحْضَرَهُ أَمَامَ شَاوُلَ وَرَأْسُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ بِيَدِهِ. 58 فَقَالَ لَهُ شَاوُلُ: ٱبْنُ مَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ؟ فَقَالَ دَاوُدُ: ٱبْنُ عَبْدِكَ يَسَّى ٱلْبَيْتَلَحْمِيِّ».

ص 16: 12 و21 و22 ع 54 ع 12

ٱبْنُ مَنْ هٰذَا ٱلْغُلاَمُ الظاهر أن شاول لم يعرفه مع أنه كان يضرب له بالعود (16: 22 و23 انظر تفسيره) ولعل الملك كان قد نسيه (1) لأن داود كان قد تغيّر في هيئته كما يتغيّر الشاب عندما يبلغ سن الرشد. (2) لأن الملك لم يبال كثيراً بداود وهو واحد فقط من خدامه الكثيرين. (3) لأن الملك كان يختلّ أحياناً فنسي من كان يضرب له بالعود في وقت اختلاله. ويظن بعضهم أن شاول عرفه ولكنه سأل عن أهله ليعرف من أي بيت هو. ويظن غيرهم أن شاول تظاهر بعدم المعرفة بداود لأنه حسده لما رأى عمله العجيب فقصد مراقبته.

اعتقد اليهود أن المسيح يكون ابن داود (متّى 22: 41 - 45) وفي أمور كثيرة كان داود رمزاً إلى المسيح فمن المشار إليه في هذا الأصحاح نذكر (1) أن جليات عيّر داود وهكذا «قَامَ مُلُوكُ ٱلأَرْضِ... عَلَى ٱلرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ» (مزمور 2: 2). (2) إن جليات احتقر داود وكان المسيح «مُحْتَقَراً وَمَخْذُولاً مِنَ ٱلنَّاسِ» (إشعياء 53: 3). (3) إن داود اتكل على الرب ويسوع فعل كذلك كما شاهد أعداؤه «قَدِ ٱتَّكَلَ عَلَى ٱللّٰهِ» (متّى 27: 43). (4) إن داود ملك عواطفه ولم يحتد ويسوع لا يخاصم ولا يصيح... قصبة مرضوضة لا يقصف (متّى 12: 19 و20). (5) إن داود قتل جليات بسيف جليات ويسوع «يُبِيدَ بِٱلْمَوْتِ ذَاكَ ٱلَّذِي لَهُ سُلْطَانُ ٱلْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ» (عبرانيين 2: 14). (6) إن داود حارب وانتصر بالنيابة عن الشعب. والله يقودنا في موكب نصرته في المسيح (2كورنثوس 2: 14). (7) إن الإسرائيليين هتفوا لما سقط جليات وهكذا هتاف المخلصين بالمسيح «سَمِعْتُ صَوْتاً عَظِيماً قَائِلاً فِي ٱلسَّمَاءِ: ٱلآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلٰهِنَا وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ ٱلْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا» (رؤيا 12: 10).

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ عَشَرَ

مضمونه: محبة يوناثان لداود. حسد شاول من داود. عرضه عليه ابنته امرأة بشرط أن يقدم مئة غلفة من الفلسطينيين. قبول داود ذلك. محبة ميكال ابنة شاول وازدياد خوف شاول منه.

1 - 5 «1 وَكَانَ لَمَّا فَرَغَ مِنَ ٱلْكَلاَمِ مَعَ شَاوُلَ أَنَّ نَفْسَ يُونَاثَانَ تَعَلَّقَتْ بِنَفْسِ دَاوُدَ، وَأَحَبَّهُ يُونَاثَانُ كَنَفْسِهِ. 2 فَأَخَذَهُ شَاوُلُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ وَلَمْ يَدَعْهُ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ. 3 وَقَطَعَ يُونَاثَانُ وَدَاوُدُ عَهْداً لأَنَّهُ أَحَبَّهُ كَنَفْسِهِ. 4 وَخَلَعَ يُونَاثَانُ ٱلْجُبَّةَ ٱلَّتِي عَلَيْهِ وَأَعْطَاهَا لِدَاوُدَ مَعَ ثِيَابِهِ وَسَيْفِهِ وَقَوْسِهِ وَمِنْطَقَتِهِ. 5 وَكَانَ دَاوُدُ يَخْرُجُ إِلَى حَيْثُمَا أَرْسَلَهُ شَاوُلُ. كَانَ يُفْلِحُ. فَجَعَلَهُ شَاوُلُ عَلَى رِجَالِ ٱلْحَرْبِ. وَحَسُنَ فِي أَعْيُنِ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ وَفِي أَعْيُنِ عَبِيدِ شَاوُلَ أَيْضاً».

تكوين 44: 30 ص 20: 17 وتثنية 13: 6 و2صموئيل 1: 26 ص 17: 15 ص 20: 8 - 17 ص 17: 38 وتكوين 41: 42 وأستير 6: 8

نَفْسَ يُونَاثَانَ تَعَلَّقَتْ كان الملك وعد بأن يعطي بنته زوجة لمن يقتل جليات (17: 25) ولم يفٍ بهذا الوعد لأنه أعطى بنته الكبيرة لغير داود وأعطى بنته ميكال لداود بشرط جديد ولكن داود نال ما لم يقدر الملك أن يعطيه إياه ولا أن يمسكه عنه أي محبة ابنه يوناثان وليس في التواريخ ولا في الروايات نبأ صداقة أشرف وأجمل من صداقة يوناثان وداود لاحظ (1) إن يوناثان كان شجاعاً ومقتدراً في الحرب ومكرماً ومعتبراً عند الشعب (14: 1 - 15) (2) إنه كان ولي العهد ومع ذلك فرح بتقدم داود وطلب نجاته من الملك لأنه أحب داود كنفسه وخلع جبته وثيابه وأعطاها لداود مع سيفه وقوسه ومنطقته أي أعطاه أعزّ ما عنده. ولاحظ أيضاً أن تلك المحبة الشديدة بين يوناثان وداود كانت مؤسسة على إيمانهما بالله واتكالهما عليه وكان كل منهما مستعداً للخدمة المعينة له من الرب ملكاً كان أو عامياً بالحياة أو الموت. و «الجبة» ما كان يلبسه يوناثان اعتيادياً و «ثيابه» هي لباسه استعداداً للقتال والسيف والقوس معلقان بهما.

جَعَلَهُ عَلَى رِجَالِ ٱلْحَرْبِ كان داود أولاً عند شاول ثم أبعده شاول إذ بدأ يخافه ويحسده وجعله رئيس ألف (ع 13) فكان يخرج ويدخل والظاهر أنه كان أولاً في منصب أعلى من رئاسة ألف وكان عمله في ديوان الملك. وسلك داود بالتواضع والحكمة وإلا لكان رجال الحرب حسدوه ولم يرضوا أن يكونوا تحت أمر رئيس حديث السن وحديث الاختبار.

6، 7 «6 وَكَانَ عِنْدَ مَجِيئِهِمْ حِينَ رَجَعَ دَاوُدُ مِنْ قَتْلِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ أَنَّ ٱلنِّسَاءَ خَرَجَتْ مِنْ جَمِيعِ مُدُنِ إِسْرَائِيلَ بِٱلْغِنَاءِ وَٱلرَّقْصِ لِلِقَاءِ شَاوُلَ ٱلْمَلِكِ بِدُفُوفٍ وَبِفَرَحٍ وَبِمُثَلَّثَاتٍ. 7 فَغَنَّتِ ٱلنِّسَاءُ ٱللَّاعِبَاتُ وَقُلْنَ: ضَرَبَ شَاوُلُ أُلُوفَهُ وَدَاوُدُ رَبَوَاتِهِ».

خروج 15: 20 و21 وقضاة 11: 24 ومزمور 68: 25 و149: 3 ص 21: 11 و28: 5 وخروج 15: 21 ص 21: 11 و2صموئيل 18: 3

قَتْلِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ أي جليات وكان مجيئهم بعد قتل كثيرين من الفلسطينيين فضلاً عن جليات الذي ذكر لأنه كان جبارهم وكان قتله بداءة هزيمتهم.

بِدُفُوفٍ آلة موسيقية وهي قطعة من الجلد الرقيق تشد على إطار من الخشب وحوله أجراس صغيرة معلقة به ترجّ باليد الواحدة ويُضرب الجلد بأصابع الأخرى.

مُثَلَّثَاتٍ شريط معدن مثني على هيئة مثلث يُدقّ عليه بقضيب من حديد أو معدن آخر فيُعطي صوتاً رناناً.

وَقُلْنَ كان بعضهنّ يقلنّ بيتاً والبعض الآخر يجاوبن ببيت آخر أو بقرار. أو إن النساء كنّ ينشدن بيتاً والعازفات يجبن بما هو كالقرار. والعادة اليوم أن المغني أو الراقص ينشد بيتاً والجمهور يردّد القرار.

وَدَاوُدُ رَبَوَاتِهِ ربما لم يقتل ربوات تماماً ولكن ما فعله بقتله جليات يعادل قتل ربوات (2صموئيل 18: 3) والربوة عند أهل الحساب عشرة آلاف.

8، 9 «8 فَغَضِبَ شَاوُلُ جِدّاً وَسَاءَ هٰذَا ٱلْكَلاَمُ فِي عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: أَعْطَيْنَ دَاوُدَ رَبَوَاتٍ وَأَمَّا أَنَا فَأَعْطَيْنَنِي ٱلأُلُوفَ! وَبَعْدُ فَقَطْ تَبْقَى لَهُ ٱلْمَمْلَكَةُ! 9 فَكَانَ شَاوُلُ يُعَايِنُ دَاوُدَ مِنْ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ فَصَاعِداً».

ص 15: 28

فاحتمى (فَغَضِبَ) شَاوُلُ كان يجب أن يفرح بنجاح خادمه الأمين لأن نجاح الخادم نجاح سيده ولو اشترك شاول في فرح شعبه لما وقع اختلاف بينه وبينهم ولا بينه وبين داود ولكن بغيظه أظهر جلياً أمام الشعب أنه لم يطلب أولاً نجاتهم ومجد المملكة بل مجد نفسه.

يُعَايِنُ دَاوُدَ كان يلاحظه ويظن فيه السوء وهذه الأفكار الرديئة كثرت ونمت فيه ومررت كل حياته إلى يوم هلاكه.

10 - 12 «10 وَكَانَ فِي ٱلْغَدِ أَنَّ ٱلرُّوحَ ٱلرَّدِيءَ مِنْ قِبَلِ ٱللّٰهِ ٱقْتَحَمَ شَاوُلَ وَجُنَّ فِي وَسَطِ ٱلْبَيْتِ. وَكَانَ دَاوُدُ يَضْرِبُ بِيَدِهِ كَمَا فِي يَوْمٍ فَيَوْمٍ، وَكَانَ ٱلرُّمْحُ بِيَدِ شَاوُلَ. 11 فَأَشْرَعَ شَاوُلُ ٱلرُّمْحَ وَقَالَ: أَضْرِبُ دَاوُدَ حَتَّى إِلَى ٱلْحَائِطِ. فَتَحَوَّلَ دَاوُدُ مِنْ أَمَامِهِ مَرَّتَيْنِ. 12 وَكَانَ شَاوُلُ يَخَافُ دَاوُدَ لأَنَّ ٱلرَّبَّ كَانَ مَعَهُ وَقَدْ فَارَقَ شَاوُلَ».

ص 16: 14 ص 19: 23 و24 ص 16: 23 ص 19: 9 ص 19: 10 و20: 33 ع 15 و29 ص 16: 13 و18 ص 16: 14 و28: 15

ٱلرُّوحَ ٱلرَّدِيءَ (16: 14).

كَمَا فِي يَوْمٍ فَيَوْمٍ (16: 14 - 23).

كَانَ ٱلرُّمْحُ بِيَدِ شَاوُلَ كصولجان أو علامة السلطة (19: 9 و20: 33 و22: 6 و26: 7).

فَأَشْرَعَ شَاوُلُ ٱلرُّمْحَ سدده قاصداً الضرب ولكن داود تحوّل من أمامه وحدث هذا مرتين.

يَخَافُ دَاوُدَ لم يقصد داود ضرره ولكنّ شاول خافه كما يخاف كل شرير من الصالح. وربما تذكر قول الرب بفم صموئيل (13: 14 و15: 28) إنه ينزع مملكة إسرائيل عنه ويعطيها لصاحبه الذي هو خير منه فخاف شاول لما رأى من نجاحه وما يدل على أن الرب معه وإنه هو الصاحب الذي سيخلفه في المملكة.

13 - 16 «13 فَأَبْعَدَهُ شَاوُلُ عَنْهُ وَجَعَلَهُ لَهُ رَئِيسَ أَلْفٍ، فَكَانَ يَخْرُجُ وَيَدْخُلُ أَمَامَ ٱلشَّعْبِ. 14 وَكَانَ دَاوُدُ مُفْلِحاً فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ وَٱلرَّبُّ مَعَهُ. 15 فَلَمَّا رَأَى شَاوُلُ أَنَّهُ مُفْلِحٌ جِدّاً فَزِعَ مِنْهُ. 16 وَكَانَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا يُحِبُّونَ دَاوُدَ لأَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ وَيَدْخُلُ أَمَامَهُمْ».

ع 16 و2صموئيل 5: 2 ص 16: 18 ع 5

فَأَبْعَدَهُ كان داود محبوباً ومعتبراً عند الشعب فلم يستحسن شاول أن يقتله في ذلك الوقت ولا أن يعزله تمام العزل فأبعده عن بلاطه ولكن النتيجة كانت عكس مقصوده لأن داود أفلح في جميع طرقه في القرب والبعد وازدادت محبة الشعب له.

لأَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ وَيَدْخُلُ أَمَامَهُمْ والشعب في كل عصر يحبون القائد الذي يسير أمامهم ويعمل العمل الذي يأمر به ويتجرب ويتألم ويخاطر بنفسه فيقتدون به. وهكذا الرب يسوع المسيح رئيس خلاصنا فإنه تجسّد وتجرّب وتألم وسار أمامنا قدوة لنا ليأتي بنا إلى المجد.

17 - 19 «17 وَقَالَ شَاوُلُ لِدَاوُدَ: هُوَذَا ٱبْنَتِي ٱلْكَبِيرَةُ مَيْرَبُ أُعْطِيكَ إِيَّاهَا ٱمْرَأَةً. إِنَّمَا كُنْ لِي ذَا بَأْسٍ وَحَارِبْ حُرُوبَ ٱلرَّبِّ. فَإِنَّ شَاوُلَ قَالَ: لاَ تَكُنْ يَدِي عَلَيْهِ، بَلْ لِتَكُنْ عَلَيْهِ يَدُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. 18 فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: مَنْ أَنَا وَمَا هِيَ حَيَاتِي وَعَشِيرَةُ أَبِي فِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى أَكُونَ صِهْرَ ٱلْمَلِكِ! 19 وَكَانَ فِي وَقْتِ إِعْطَاءِ مَيْرَبَ ٱبْنَةِ شَاوُلَ لِدَاوُدَ أَنَّهَا أُعْطِيَتْ لِعَدْرِيئِيلَ ٱلْمَحُولِيِّ ٱمْرَأَةً».

ص 17: 25 ص 17: 36 و47 و25: 28 وعدد 21: 14 ع 21 و25 ع 23 وص 9: 21 و2صموئيل 7: 18 و2صموئيل 21: 8 قضاة 7: 22 و1ملوك 19: 16

حسب وعد الملك كان لداود حق أن يخطب ابنته (17: 25) ولكن لم تكن غاية شاول أن يفي بوعده بل أن يضع لداود شركاً فيقتله الفلسطينيون.

وطلب شاول قتل داود بهذه الطريقة يُحسب على شاول جريمة كأنه قتله بيده (2صموئيل 12: 9).

حُرُوبَ ٱلرَّبِّ وهي الحروب التي أمر الرب بها وغايتها خلاص شعبه من أعدائهم (17: 47 و25: 28) وكانت حروب شاول حروب الرب لأنه كان مسيح الرب وحارب بأمره ليخلّص شعبه غير أنه لم يطعه كل الإطاعة كما أطاعه داود.

وأظهر داود حكمته وتواضعه بجوابه. ولو أراد أن يفتخر فله كل ما كان لشاول فإنه ابن يسّى كما كان شاول ابن قيس وكان قد نجح بحروبه كما نجح شاول بحروبه وكان مسيح الرب ولم يزل مسيحه. فضلاً عن أن شاول كان مرفوضاً من الرب. ولكن داود لم يمدح نفسه.

ولم يُذكر لأي سبب زف شاول ابنته لعدريئيل وربما لأنه أعطى للملك مهراً عظيماً أو لأن شاول لم يرد أن يعطيها لداود وأن أمهرها. وقيل في 2صموئيل 21: 8 أن ميكال ابنة شاول ولدت لعدريئيل خمسة بنين وسلّمهم الملك داود للجبعونيين فصلبوهم لأن الرب قال لداود إن الجوع الذي حدث سببه شاول الذي كان قد قتل بعض الجبعونيين ونقض العهد (يشوع ص 9) وربما غلط الناسخ فكتب ميكال عوضاً عن ميرب. وعدريئيل تسمى المحولي نسبة إلى آبل محول في سهم منسّى غربي الأردن.

20 - 30 «20 وَمِيكَالُ ٱبْنَةُ شَاوُلَ أَحَبَّتْ دَاوُدَ، فَأَخْبَرُوا شَاوُلَ، فَحَسُنَ ٱلأَمْرُ فِي عَيْنَيْهِ. 21 وَقَالَ شَاوُلُ: أُعْطِيهِ إِيَّاهَا فَتَكُونُ لَهُ شَرَكاً وَتَكُونُ يَدُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ عَلَيْهِ. وَقَالَ شَاوُلُ لِدَاوُدَ ثَانِيَةً: تُصَاهِرُنِي ٱلْيَوْمَ. 22 وَأَمَرَ شَاوُلُ عَبِيدَهُ: تَكَلَّمُوا مَعَ دَاوُدَ سِرّاً قَائِلِينَ: هُوَذَا قَدْ سُرَّ بِكَ ٱلْمَلِكُ، وَجَمِيعُ عَبِيدِهِ قَدْ أَحَبُّوكَ. فَٱلآنَ صَاهِرِ ٱلْمَلِكَ. 23 فَتَكَلَّمَ عَبِيدُ شَاوُلَ فِي أُذُنَيْ دَاوُدَ بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ. فَقَالَ دَاوُدُ: هَلْ هُوَ مُسْتَخَفٌّ فِي أَعْيُنِكُمْ مُصَاهَرَةُ ٱلْمَلِكِ وَأَنَا رَجُلٌ مَسْكِينٌ وَحَقِيرٌ؟ 24 فَأَخْبَرَ شَاوُلَ عَبِيدُهُ: بِمِثْلِ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ تَكَلَّمَ دَاوُدُ. 25 فَقَالَ شَاوُلُ: هٰكَذَا تَقُولُونَ لِدَاوُدَ: لَيْسَتْ مَسَرَّةُ ٱلْمَلِكِ بِٱلْمَهْرِ، بَلْ بِمِئَةِ غُلْفَةٍ مِنَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لِلٱِنْتِقَامِ مِنْ أَعْدَاءِ ٱلْمَلِكِ. وَكَانَ شَاوُلُ يَتَفَكَّرُ أَنْ يُوقِعَ دَاوُدَ بِيَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. 26 فَأَخْبَرَ عَبِيدُهُ دَاوُدَ بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ، فَحَسُنَ ٱلْكَلاَمُ فِي عَيْنَيْ دَاوُدَ أَنْ يُصَاهِرَ ٱلْمَلِكَ. وَلَمْ تَكْمُلِ ٱلأَيَّامُ 27 حَتَّى قَامَ دَاوُدُ وَذَهَبَ هُوَ وَرِجَالُهُ وَقَتَلَ مِنَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ مِئَتَيْ رَجُلٍ، وَأَتَى دَاوُدُ بِغُلَفِهِمْ فَأَكْمَلُوهَا لِلْمَلِكِ لِمُصَاهَرَةِ ٱلْمَلِكِ. فَأَعْطَاهُ شَاوُلُ مِيكَالَ ٱبْنَتَهُ ٱمْرَأَةً. 28 فَرَأَى شَاوُلُ وَعَلِمَ أَنَّ ٱلرَّبَّ مَعَ دَاوُدَ. وَمِيكَالُ ٱبْنَةُ شَاوُلَ كَانَتْ تُحِبُّهُ. 29 وَعَادَ شَاوُلُ يَخَافُ دَاوُدَ بَعْدُ، وَصَارَ شَاوُلُ عَدُوّاً لِدَاوُدَ كُلَّ ٱلأَيَّامِ. 30 وَخَرَجَ أَقْطَابُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَمِنْ حِينِ خُرُوجِهِمْ كَانَ دَاوُدُ يُفْلِحُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ عَبِيدِ شَاوُلَ، فَتَوَقَّرَ ٱسْمُهُ جِدّاً».

ع 28 ع 17 ع 26 تكوين 34: 12 و29: 20 خروج 22: 17 ص 14: 24 ع 17 ع 21 ع 17 و2صموئيل 3: 14 ع 5

مِيكَالُ ٱبْنَةُ شَاوُلَ أَحَبَّتْ دَاوُدَ كما أحبه أخوها يوناثان. استحسنت جمال داود وشجاعته وحكمته ولكن لم تكن محبتها مخلصة كمحبة أخيها لداود. وسنرى أن داود أخذها ثم أعطاها شاول لفلطي أو فلطيئل (25: 44) وبعدما ما ملك داود استرجعها (2صموئيل 3: 12 - 16) وبالآخر عاتبت رجلها داود لأنها رأته يطفر ويرقص أمام الرب حينما أصعد التابوت فجاوبها داود بالقساوة. ولم يكن لها ولد (2صموئيل 6: 20 - 23). إن ميكال وإن أحبت داود في الأول لم تتفق معه على الغيرة للرب.

وَقَالَ شَاوُلُ لِدَاوُدَ ثَانِيَةً قصد أولاً أن يوقع داود في شرك بواسطة ابنته ميرب فلم ينجح في رأيه ففرح لسنوح الفرصة ثانية. ورجا أن يوقعه بواسطة ابنته الثانية. ويظهر مما سيأتي أن شاول لم يكلم داود وجهاً لوجه بل بواسطة وزرائه كعادة الملوك.

تَكَلَّمُوا مَعَ دَاوُدَ سِرّاً الكلام السرّي دليل على مكر شاول وخبثه. وبه قصد أن يحمل داود على الظن أن الكلام بشأن الزيجة هو من العبيد وليس من الملك.

أَنَا رَجُلٌ مَسْكِينٌ وَحَقِيرٌ دليل على تواضع داود وفي هذا إشارة إلى فقره لأن العادة القديمة الشرقية أن الخاطب يعطي كمية من الدراهم أو العقار أو الأنعام مهراً لأبي العروس ومن الضرورة أن مهر بنت الملك يكون عظيماً.

فَحَسُنَ ٱلْكَلاَمُ فِي عَيْنَيْ دَاوُدَ لا يعرف الإنسان مستقبله. وهكذا لم يعرف داود ما سيصيبه من الحزن والتعب والخجل بسبب امرأته ميكال وأبيها الملك.

وَلَمْ تَكْمُلِ ٱلأَيَّامُ نستنتج أن الملك قد عيّن أجلاً ولم يأت الأجل المعيّن حتى أكمل داود الشرط المطلوب وزاد عليه. وقتله مئتين من الفلسطينيين لكي يتزوج ميكال دليل على قساوة الحروب القديمة.

فلم ينتفع شاول من جميع مكايده التي كادها لداود بل كل ما عمله لإهلاك داود تحوّل إلى خير بعناية الله.

فوائد

  1. لنا مثال الصداقة المخلصة من هذا الأصحاح (ع 1 - 4). ومن شروط الصداقة أن الصديق يفضل صديقه على نفسه وأن الواحد يخدم الآخر وأن كلا منهما يداوم على محبته للآخر إلى النهاية مهما حدث وأن كليهما يكونان مؤمنان بالمسيح.

  2. لنا عبرة الحسد (6 - 29) والحسود لا يحب أن يسمع مدح الناس لغيره (6 - 9) ويطلب قتل من هو أفضل منه (10 و11) ويستخدم المكر والحيل (17) ويزداد حسداً وبعداً عن الله. ومن أمثلة الحسد إخوة يوسف والفريسيون.

  3. من يخاف الرب يكون الرب معه. ومن يكون معه الرب يُفلح (ع 14).

  4. إن الشرير يخاف الصالح لأن أعماله الشريرة تظهر بالمقابلة بأعمال الصالح ولأنه يرى فيه قوة روحية لا يقدر أن يفهمها أو يقاومها (ع 12).

  5. إن الزيجة من الله وهي مكرّمة ومقدّسة ولكن بسبب الخطية تصير شركاً فتتحول إلى أعظم الشرور (ع 20).

  6. يجب أن نحترز ممن يحب أن يعمل سراً (ع 22).

  7. إن الله يحفظ عبيده فلا يموتون حتى تكمل مشيئته فيهم.

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ عَشَرَ

1 - 7 «1 وَكَلَّمَ شَاوُلُ يُونَاثَانَ ٱبْنَهُ وَجَمِيعَ عَبِيدِهِ أَنْ يَقْتُلُوا دَاوُدَ. 2 وَأَمَّا يُونَاثَانُ بْنُ شَاوُلَ فَسُرَّ بِدَاوُدَ جِدّاً. فَأَخْبَرَ يُونَاثَانُ دَاوُدَ: شَاوُلُ أَبِي مُلْتَمِسٌ قَتْلَكَ، وَٱلآنَ فَٱحْتَفِظْ عَلَى نَفْسِكَ إِلَى ٱلصَّبَاحِ وَأَقِمْ فِي خُفْيَةٍ وَٱخْتَبِئْ. 3 وَأَنَا أَخْرُجُ وَأَقِفُ بِجَانِبِ أَبِي فِي ٱلْحَقْلِ ٱلَّذِي أَنْتَ فِيهِ، وَأُكَلِّمُ أَبِي عَنْكَ، وَأَرَى مَاذَا يَصِيرُ وَأُخْبِرُكَ. 4 وَتَكَلَّمَ يُونَاثَانُ عَنْ دَاوُدَ حَسَناً مَعَ شَاوُلَ أَبِيهِ وَقَالَ لَهُ: لاَ يُخْطِئِ ٱلْمَلِكُ إِلَى عَبْدِهِ دَاوُدَ، لأَنَّهُ لَمْ يُخْطِئْ إِلَيْكَ، وَلأَنَّ أَعْمَالَهُ حَسَنَةٌ لَكَ جِدّاً. 5 فَإِنَّهُ وَضَعَ نَفْسَهُ بِيَدِهِ وَقَتَلَ ٱلْفِلِسْطِينِيَّ فَصَنَعَ ٱلرَّبُّ خَلاَصاً عَظِيماً لِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ. أَنْتَ رَأَيْتَ وَفَرِحْتَ. فَلِمَاذَا تُخْطِئُ إِلَى دَمٍ بَرِيءٍ بِقَتْلِ دَاوُدَ بِلاَ سَبَبٍ؟ 6 فَسَمِعَ شَاوُلُ لِصَوْتِ يُونَاثَانَ، وَحَلَفَ شَاوُلُ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ لاَ يُقْتَلُ. 7 فَدَعَا يُونَاثَانُ دَاوُدَ وَأَخْبَرَهُ بِجَمِيعِ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ. ثُمَّ جَاءَ يُونَاثَانُ بِدَاوُدَ إِلَى شَاوُلَ فَكَانَ أَمَامَهُ كَأَمْسٍ وَمَا قَبْلَهُ».

ص 18: 8 و9 ص 18: 1 - 3 ص 20: 9 و13 ص 20: 32 تكوين 42: 22 ص 17: 49 و50 ص 11: 13 تثنية 19: 10 - 13 ومزمور 94: 21 ص 16: 21 و18: 2 و10 و13

في الأول كتم شاول قصده وأراد قتل داود بواسطة الفلسطينيين فاستعمل الخداع والحيل ثم زاد وأظهر كل شيء وأمر عبيده بقتل داود ثم أمر يوناثان بهذا أيضاً مع أن داود صديق يوناثان الحميم. وكان يوناثان أميناً في صداقته لداود إذ أخبره بكل شيء. وخاطر بنفسه لأنه أفشى أسرار الحكومة وخالف أمر الملك بمصادقته من كان الملك أمر بقتله.

ٱحْتَفِظْ عَلَى نَفْسِكَ إِلَى ٱلصَّبَاحِ لئلا يأتيه في تلك الليلة من يقتله. وفي الصباح سيأتي إليه يوناثان.

وَأَنَا أَخْرُجُ يدعو أباه ليتمشى معه في البرية قاصداً الكلام السري معه.

فِي ٱلْحَقْلِ ٱلَّذِي أَنْتَ فِيهِ حتى يسمع داود وهو مختبئ أو حتى يكلم داود بعدما يفارق أباه.

تَكَلَّمَ يُونَاثَانُ عَنْ دَاوُدَ حَسَناً نصنع السلام حينما نتكلم حسناً عن الغائب ونصنع الخصام عندما نتكلم عنه بالسوء. ولم يشر يوناثان على داود أن يهرب لأن ذلك كان خسارة عظيمة على المملكة بل قصد أن يصلح بين داود والملك فيبقى داود في الخدمة. وشجاعة يوناثان في كلامه مع أبيه ليست أقل من شجاعته في محاربة الفلسطينيين.

سَمِعَ لِصَوْتِ يُونَاثَانَ لأنه أحبه وافتخر به وهو ولي العهد وكان يرجو أنه يخلفه في الملك.

وَحَلَفَ من طبع شاول أن يحلف بلا فكر ثم يحنث. كان رجلاً متقلباً فتراه أحياناً عاقلاً وأحياناً قاسياً مجنوناً. فرجع داود إلى منصبه عند الملك. وأما هذه المصالحة فكانت وقتية كما سنرى.

8 - 12 «8 وَعَادَتِ ٱلْحَرْبُ تَحْدُثُ، فَخَرَجَ دَاوُدُ وَحَارَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَضَرَبَهُمْ ضَرْبَةً عَظِيمَةً فَهَرَبُوا مِنْ أَمَامِهِ. 9 وَكَانَ ٱلرُّوحُ ٱلرَّدِيءُ مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ عَلَى شَاوُلَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي بَيْتِهِ وَرُمْحُهُ بِيَدِهِ، وَكَانَ دَاوُدُ يَضْرِبُ بِٱلْيَدِ. 10 فَٱلْتَمَسَ شَاوُلُ أَنْ يَطْعَنَ دَاوُدَ بِٱلرُّمْحِ حَتَّى إِلَى ٱلْحَائِطِ، فَفَرَّ مِنْ أَمَامِ شَاوُلَ فَضَرَبَ ٱلرُّمْحَ إِلَى ٱلْحَائِطِ. فَهَرَبَ دَاوُدُ وَنَجَا تِلْكَ ٱللَّيْلَةَ. 11 فَأَرْسَلَ شَاوُلُ رُسُلاً إِلَى بَيْتِ دَاوُدَ لِيُرَاقِبُوهُ وَيَقْتُلُوهُ فِي ٱلصَّبَاحِ. فَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ مِيكَالُ ٱمْرَأَتُهُ: إِنْ كُنْتَ لاَ تَنْجُو بِنَفْسِكَ هٰذِهِ ٱللَّيْلَةَ فَإِنَّكَ تُقْتَلُ غَداً. 12 فَأَنْزَلَتْ مِيكَالُ دَاوُدَ مِنَ ٱلْكُوَّةِ فَذَهَبَ هَارِباً وَنَجَا».

ص 16: 14 و18: 10 و11 ص 18: 10 ص 16: 16 ص 18: 11 و 20: 33 عنوان مزمور 59 وقضاة 16: 2 يشوع 2: 15 و2كورنثوس 11: 33

ٱلرُّوحُ ٱلرَّدِيءُ (16: 14).

وَرُمْحُهُ بِيَدِهِ (18: 10).

كَانَ دَاوُدُ يَضْرِبُ بالعود حسب عادته عندما كان الروح الرديء على شاول.

فَٱلْتَمَسَ شَاوُلُ أَنْ يَطْعَنَ دَاوُدَ لم يشرع الرمح فقط كما في (18: 11) بل دفعه إلى الحائط وأما داود فكان يعرف طبع الملك ويذكر عمله سابقاً. ولا شك أن داود كان يتفرس في شاول حين كان هو يضرب بالعود. لذلك قدر أن يتنحّى ويهرب.

فَأَرْسَلَ شَاوُلُ قيل في عنوان مزمور 59 أنه لداود لما أرسل شاول رسلاً ليراقبوا داود ويقتلوه ومن مضمون هذا المزمور (ع 6) «يَعُودُونَ عِنْدَ ٱلْمَسَاءِ، يَهِرُّونَ مِثْلَ ٱلْكَلْبِ وَيَدُورُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ». وهنا إشارة إلى المرسلين من قبل شاول.

فَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ مِيكَالُ ربما كانت في بيت أبيها أو أخبرها أحد أقاربها أو أصدقائها. وكانت حياة رجلها عندها أولى من الطاعة لأبيها.

فَأَنْزَلَتْ مِيكَالُ دَاوُدَ مِنَ ٱلْكُوَّةِ ربما كان في بيتهما في حائط السور كبيت راحاب (يشوع 2: 15 أعمال 9: 25).

فَذَهَبَ هَارِباً فابتدأت عنده أيام الجولان والمشقات والضيقات والخطر والتعب فلم يرجع إلى بلاد شاول. وهرب إلى الرامة وإلى نوب وإلى جتّ في أرض الفلسطينيين ثم اختبأ في مغارة عدلام وفي بلاد موآب وتاه مطروداً في اليهودية ثم سكن في صقلغ في أرض الفلسطينيين حتى مات شاول. وبعناية الله كانت تلك الأيام أحسن استعداد للملك وفيها تعلّم الصبر والتجلد والعزم واختبر أحوال المساكين المظلومين واعتاد الاتكال على الله. ومزاميره تظهر لنا خبرته الروحية.

13 «فَأَخَذَتْ مِيكَالُ ٱلتَّرَافِيمَ وَوَضَعَتْهُ فِي ٱلْفِرَاشِ، وَوَضَعَتْ لُبْدَةَ ٱلْمِعْزَى تَحْتَ رَأْسِهِ وَغَطَّتْهُ بِثَوْبٍ».

تكوين 31: 19 وقضاة 18: 14 و17

ٱلتَّرَافِيمَ (15: 23) الكلمة العبرانية جمع ولكنها مستعملة هنا كمفرد بمعنى تمثال وان التمثال كبيراً لأنه أشبه رجلاً نائماً في الفراش. كانت الترافيم آلهة بيتية وكان يتوهم أصحابها أنها قرينة التوفيق وإن لم يسجدوا لها. ولعل ميكال وضعت التمثال في البيت بلا علم داود آملة أنها بوجوده تحبل وتلد ولداً.

لُبْدَةَ ٱلْمِعْزَى (2ملوك 8: 15) لبدة من شعر المعزى تُبسط على الأرض أو تُستعمل كلحاف للفراش أخذتها ولفتها ووضعتها تحت رأس التمثال كوسادة.

14 - 17 «14 وَأَرْسَلَ شَاوُلُ رُسُلاً لأَخْذِ دَاوُدَ، فَقَالَتْ: هُوَ مَرِيضٌ. 15 ثُمَّ أَرْسَلَ شَاوُلُ ٱلرُّسُلَ لِيَرَوْا دَاوُدَ قَائِلاً: ٱصْعَدُوا بِهِ إِلَيَّ عَلَى ٱلْفِرَاشِ لأَقْتُلَهُ. 16 فَجَاءَ ٱلرُّسُلُ وَإِذَا فِي ٱلْفِرَاشِ ٱلتَّرَافِيمُ وَلِبْدَةُ ٱلْمِعْزَى تَحْتَ رَأْسِهِ. 17 فَقَالَ شَاوُلُ لِمِيكَالَ: لِمَاذَا خَدَعْتِنِي، فَأَطْلَقْتِ عَدُوِّي حَتَّى نَجَا؟ فَقَالَتْ مِيكَالُ لِشَاوُلَ: هُوَ قَالَ لِي: أَطْلِقِينِي، لِمَاذَا أَقْتُلُكِ؟».

يشوع 2: 5

هُوَ مَرِيض (تكوين 27: 15 و31: 34 ويشوع 2: 6 و2صموئيل 17: 18 و19) كذبت على من طلب قتل زوجها ظلماً لتخلص رجلها.

هُوَ قَالَ لِي: أَطْلِقِينِي وقولها هذا كذب أيضاً عرف أبوها أنها كذبت عليه ولكنه لم يستحسن أن يعاقبها.

18 «فَهَرَبَ دَاوُدُ وَنَجَا وَجَاءَ إِلَى صَمُوئِيلَ فِي ٱلرَّامَةِ وَأَخْبَرَهُ بِكُلِّ مَا عَمِلَ بِهِ شَاوُلُ. وَذَهَبَ هُوَ وَصَمُوئِيلُ وَأَقَامَا فِي نَايُوتَ».

ص 7: 17 و2ملوك 6: 1 و2

معنى نايوت مساكن وكانت هذه المساكن قريبة من الرامة وفيها كان يجتمع أبناء الأنبياء أي تلاميذ الأنبياء الذين أولهم صموئيل ليتعلموا الكتاب المقدس ويتمرسوا على خدمة الصلاة والتسبيح وليس من الضرورة أن جميعهم صاروا أنبياء.

وربما كان داود سكن سابقاً في هذ المكان وتعلّم فرجع إلى معلمه الذي كان مسحه ملكاً. وذهب هو وصموئيل من الرامة وأقاما في المدرسة التي كانت خارج المدينة وقريبة منها ظانين أن شاول يهاب هذا المكان ورئيسه النبي الشيخ المحترم.

19 - 24 «19 فَأُخْبِرَ شَاوُلُ وَقِيلَ لَهُ: هُوَذَا دَاوُدُ فِي نَايُوتَ فِي ٱلرَّامَةِ. 20 فَأَرْسَلَ شَاوُلُ رُسُلاً لأَخْذِ دَاوُدَ. وَلَمَّا رَأَوْا جَمَاعَةَ ٱلأَنْبِيَاءِ يَتَنَبَّأُونَ، وَصَمُوئِيلَ وَاقِفاً رَئِيساً عَلَيْهِمْ، كَانَ رُوحُ ٱللّٰهِ عَلَى رُسُلِ شَاوُلَ فَتَنَبَّأُوا هُمْ أَيْضاً. 21 وَأَخْبَرُوا شَاوُلَ، فَأَرْسَلَ رُسُلاً آخَرِينَ، فَتَنَبَّأُوا هُمْ أَيْضاً. ثُمَّ عَادَ شَاوُلُ فَأَرْسَلَ رُسُلاً ثَالِثَةً، فَتَنَبَّأُوا هُمْ أَيْضاً. 22 فَذَهَبَ هُوَ أَيْضاً إِلَى ٱلرَّامَةِ وَجَاءَ إِلَى ٱلْبِئْرِ ٱلْعَظِيمَةِ ٱلَّتِي عِنْدَ سِيخُو وَسَأَلَ: أَيْنَ صَمُوئِيلُ وَدَاوُدُ؟ فَقِيلَ: هَا هُمَا فِي نَايُوتَ فِي ٱلرَّامَةِ. 23 فَذَهَبَ إِلَى هُنَاكَ إِلَى نَايُوتَ فِي ٱلرَّامَةِ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَيْضاً رُوحُ ٱللّٰهِ فَكَانَ يَذْهَبُ وَيَتَنَبَّأُ حَتَّى جَاءَ إِلَى نَايُوتَ فِي ٱلرَّامَةِ. 24 فَخَلَعَ هُوَ أَيْضاً ثِيَابَهُ وَتَنَبَّأَ هُوَ أَيْضاً أَمَامَ صَمُوئِيلَ وَٱنْطَرَحَ عُرْيَاناً ذٰلِكَ ٱلنَّهَارَ كُلَّهُ وَكُلَّ ٱللَّيْلِ. لِذٰلِكَ يَقُولُونَ: أَشَاوُلُ أَيْضاً بَيْنَ ٱلأَنْبِيَاءِ؟».

ع 11 و14 ص 10: 5 و6 و10 عدد 11: 25 ص 10: 1 إشعياء 20: 2 ص 10: 10 - 12

فَتَنَبَّأُوا هُمْ أَيْضاً اشتركوا مع الأنبياء في صلاتهم وتسبيحهم. (انظر يوحنا 7: 45 و46) حيث قيل أن الخدام المرسلين من قبل الفريسيين لم يقدروا أن يمسكوا يسوع لما سمعوا كلامه. وهكذا حصل للمرسلين من قِبل شاول ثانية وثالثة ولشاول نفسه.

سِيخُو موقعها مجهول غير أنها كانت بين جبعة والرامة وهي معروفة في القديم لسبب البئر العظيمة التي هنالك. وابتدأ شاول يتنبأ قبل وصوله إلى الرامة وكان ذلك من فعل روح الله. فإن الله وإن كان قد رفضه أعطاه فرصة أخرى للتوبة والرجوع إليه (حزقيال 18: 27 - 32) وتأثر شاول لأنه لم يكن بلا عواطف مطلقاً ولكن التأثير كان وقتياً فقط ولم يسلّم نفسه للرب من كل قلبه. وهكذا نجى الرب عبده داود ليس بجيش ولا بسلاح بل بروحه.

فَخَلَعَ هُوَ أَيْضاً ثِيَابَهُ رداءه وجبته وعدة الحرب وبقي لابساً ثيابه البيض.

ٱنْطَرَحَ من شدة تأثره النفسي. كانت طبيعته سريعة الهيجان للخير وللشر وللمحبة وللحسد وللغضب وللحلم. وداود بعدما كان قد احتمل منه كثيراً من الظلم والاضطهاد وخلص من القتل تذكّر ما كان في شاول من الصلاح ومدحه في مرثاته قائلاً (2صموئيل 1: 23) شاول ويوناثان المحبوبان الحلوان الخ. ولم ينطرح داود لما أتى إلى نابوت لأن ليس فيه شيء يقاوم فعل روح الله.

أَشَاوُلُ أَيْضاً بَيْنَ ٱلأَنْبِيَاءِ (10: 11) صار هذا مثلاً لمن عمل شيئاً لم ينتظر منه.

فوائد

  1. تبتدئ الخطيئة بأفكار سرّية وتتقدّم إلى الكلام والفعل.

  2. لا يحسد المرء إلا من هو أفضل منه فكل حسود يشهد على نفسه (ع 1).

  3. طوبى للبيت الذي فيه صانع السلام (ع 4).

  4. إذا دخلت قلوبنا ظنون سيئة فلنطردها بذكر فضائل من ظننا به السوء (ع 4).

  5. إن خسارة المعتدي أعظم من خسارة المعتدى عليه.

  6. من يحلف عاجلاً يغيّر عاجلاً.

  7. الرب يقدر أن يخلّص عبيده دون أن يكذبوا أو يحتالوا (ع 14 و17).

  8. نتعزّى بالرب وبمعاشرة أتقيائه (ع 19).

  9. لعبيد الرب هيبة حتى عند الأشرار (ع 20).

  10. إن التأثر الروحي حسن ولكنه قد يكون وقتياً فلا اتكال عليه (ع 24).

  11. إن الإصلاح الحقيقي في الإنسان يبتدئ في الداخل في قلبه.

اَلأَصْحَاحُ ٱلْعِشْرُونَ

1 - 3 «1 فَهَرَبَ دَاوُدُ مِنْ نَايُوتَ فِي ٱلرَّامَةِ، وَجَاءَ وَقَالَ قُدَّامَ يُونَاثَانَ: مَاذَا عَمِلْتُ وَمَا هُوَ إِثْمِي وَمَا هِيَ خَطِيَّتِي أَمَامَ أَبِيكَ حَتَّى يَطْلُبَ نَفْسِي؟ 2 فَقَالَ لَهُ: حَاشَا. لاَ تَمُوتُ. هُوَذَا أَبِي لاَ يَعْمَلُ أَمْراً كَبِيراً وَلاَ أَمْراً صَغِيراً إِلَّا وَيُخْبِرُنِي بِهِ. وَلِمَاذَا يُخْفِي عَنِّي أَبِي هٰذَا ٱلأَمْرَ؟ لَيْسَ كَذَا. 3 فَحَلَفَ أَيْضاً دَاوُدُ وَقَالَ: إِنَّ أَبَاكَ قَدْ عَلِمَ أَنِّي قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ، فَقَالَ: لاَ يَعْلَمْ يُونَاثَانُ هٰذَا لِئَلاَّ يَغْتَمَّ. وَلٰكِنْ حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنَّهُ كَخَطْوَةٍ بَيْنِي وَبَيْنَ ٱلْمَوْتِ».

ص 24: 9 تثنية 6: 13 ص 25: 26 و2ملوك 2: 6

فَهَرَبَ دَاوُدُ قيل في الأصحاح السابق أن شاول أرسل رسلاً إلى نايوت ليقبضوا على داود أولاً وثانياً وثالثاً. وأخيراً ذهب هو أيضاً. فدل ذلك على عزمه الشديد على أن يقتله. ولكن حل روح الله عليه وانطرح ذلك النهار كله وكل الليل فلم يقبض على داود. ونرى في ع 5 أن من واجبات داود أن يجلس مع الملك للأكل في أول الشهر. ولكن داود عرف طبيعة الملك وتقلبه فلم يأتمنه على نفسه بل هرب من نايوت ولم يشك في محبة يوناثان المخلصة وإن كان طريد أبيه.

مَاذَا عَمِلْتُ استفهام إنكاري أي لم أعمل شيئاً والمزمور السابع يعبّر عن أفكاره في مثل هذه الأحوال. كان في يوناثان ما يجذب الناس إليه. وكان بينه وبين أبيه صداقة عظيمة حتى أنه لم يصدق أن أباه يقتل داود أو يعمل شيئاً كبيراً أو صغيراً بلا علمه. شاول حاول قتل داود مرات كثيرة وأمر يوناثان وعبيده أن يقتلوه ولكن يوناثان حسب أن ذلك كله قد مضى.

كَخَطْوَةٍ بَيْنِي وَبَيْنَ ٱلْمَوْتِ شعر بأن الموت قريب منه فيأتيه في أي ساعة.

4 «فَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: مَهْمَا تَقُلْ نَفْسُكَ أَفْعَلْهُ لَكَ».

هذا قول كل صديق حقيقي فإننا لا نعمل لأصدقائنا كما نريد نحن بل كما يريدون هم غير أنه لا يجوز أن نعمل ما يخالف وصايا الله.

5 - 7 «5 فَقَالَ دَاوُدُ لِيُونَاثَانَ: هُوَذَا ٱلشَّهْرُ غَداً حِينَمَا أَجْلِسُ مَعَ ٱلْمَلِكِ لِلأَكْلِ. وَلٰكِنْ أَرْسِلْنِي فَأَخْتَبِئَ فِي ٱلْحَقْلِ إِلَى مَسَاءِ ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ. 6 وَإِذَا ٱفْتَقَدَنِي أَبُوكَ، فَقُلْ: قَدْ طَلَبَ دَاوُدُ مِنِّي طِلْبَةً أَنْ يَرْكُضَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ مَدِينَتِهِ، لأَنَّ هُنَاكَ ذَبِيحَةً سَنَوِيَّةً لِكُلِّ ٱلْعَشِيرَةِ. 7 فَإِنْ قَالَ: حَسَناً. كَانَ سَلاَمٌ لِعَبْدِكَ. وَلٰكِنْ إِنِ ٱغْتَاظَ غَيْظاً، فَٱعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ أُعِدَّ ٱلشَّرُّ عِنْدَهُ».

عدد 10: 10 و28: 11 - 15 وعاموس 8: 5 ع 24 و27 ص 19: 2 ص 17: 58 تثنية 12: 5

ٱلشَّهْرُ في أول كل شهر كانوا يقدمون ذبائح خاصة ويولمون الولائم ويضربون بالأبواق علامة الفرح وكانت فرصة للراحة والسجود وكان يدوم هذا العمل يومين على الأقل وكان المنتظر من داود أن يكون مع شاول لأنه صهره.

أَرْسِلْنِي كان داود يأتمر بأمر شاول وعند غياب شاول يأتمر بأمر يوناثان.

ذَبِيحَةً سَنَوِيَّةً (تثنية 12: 5 - 12) ولم يذهبوا إلى أورشليم حسب الوصية في التثنية لأنه لم يكن الهيكل قد بُني بعد ولا ترتبت العادة وكان العيد المشار إليه وقت اجتماع العشيرة كلها ووقت فرح بيتي. وقوله إنه سيركض إلى بيت لحم يفيد أنه سيذهب ويرجع في أقرب وقت فلا تكون خسارة على الملك. والظاهر أنه لم يذهب إلى بيت لحم ولا نعرف إذا كان قصد الذهاب ولم يتيسر له أو قصد خدع شاول. ولا نقدر نبرّره من الخداع إذا خدَع.

8 - 11 «8 فَتَعْمَلُ مَعْرُوفاً مَعَ عَبْدِكَ، لأَنَّكَ بِعَهْدِ ٱلرَّبِّ أَدْخَلْتَ عَبْدَكَ مَعَكَ. وَإِنْ كَانَ فِيَّ إِثْمٌ فَٱقْتُلْنِي أَنْتَ، وَلِمَاذَا تَأْتِي بِي إِلَى أَبِيكَ؟ 9 فَقَالَ يُونَاثَانُ: حَاشَا لَكَ! لأَنَّهُ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ ٱلشَّرَّ قَدْ أُعِدَّ عِنْدَ أَبِي لِيَأْتِيَ عَلَيْكَ، أَفَمَا كُنْتُ أُخْبِرُكَ بِهِ؟ 10 فَقَالَ دَاوُدُ لِيُونَاثَانَ: مَنْ يُخْبِرُنِي إِنْ جَاوَبَكَ أَبُوكَ شَيْئاً قَاسِياً؟ 11 فَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: تَعَالَ نَخْرُجُ إِلَى ٱلْحَقْلِ. فَخَرَجَا كِلاَهُمَا إِلَى ٱلْحَقْلِ».

ص 18: 3 و23: 18 و2صموئيل 14: 32

أَدْخَلْتَ عَبْدَكَ كان يوناثان ابن الملك وولي العهد فلا يليق بأحد عبيده أي أحد شعب الملك أن يطلب معاهدته فالتحالف بينه وبين داود يُعدّ تنازلاً من يوناثان. ولم يُعرف في ذلك الوقت أن داود سيكون ملكاً وأعظم الملوك إلا بالإيمان بمواعيد الرب. وقيل عهد الرب لأنهما كانا حلفا باسم الرب لما دخلا في عهدهما (18: 3 و20: 12 - 17).

وَإِنْ كَانَ فِيَّ إِثْمٌ أي خيانة أو فتنة على الملك.

فَٱقْتُلْنِي أَنْتَ فضّل أن يموت بيد يوناثان صديقه ولا يموت بيد شاول أو أحد عبيده. وأما داود فعرف يقيناً أنه ليس فيه إثم بل كان أميناً في كل خدمة الملك.

حَاشَا لَكَ! أي أنت منزّه عن الإثم ومن المستحيل ان أقتلك أو أسلمك للملك.

خَرَجَا كِلاَهُمَا إِلَى ٱلْحَقْلِ حتى يتكلما ويتعاهدا ولا يراهما أو يسمعهما أحدٌ.

12 - 15 «12 وَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: يَا رَبُّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ، مَتَى ٱخْتَبَرْتُ أَبِي مِثْلَ ٱلآنَ غَداً أَوْ بَعْدَ غَدٍ، فَإِنْ كَانَ خَيْرٌ لِدَاوُدَ وَلَمْ أُرْسِلْ حِينَئِذٍ فَأُخْبِرَهُ، 13 فَهٰكَذَا يَفْعَلُ ٱلرَّبُّ لِيُونَاثَانَ وَهٰكَذَا يَزِيدُ. وَإِنِ ٱسْتَحْسَنَ أَبِي ٱلشَّرَّ نَحْوَكَ، فَإِنِّي أُخْبِرُكَ وَأُطْلِقُكَ فَتَذْهَبُ بِسَلاَمٍ. وَلْيَكُنِ ٱلرَّبُّ مَعَكَ كَمَا كَانَ مَعَ أَبِي. 14 وَلاَ وَأَنَا حَيٌّ بَعْدُ تَصْنَعُ مَعِي إِحْسَانَ ٱلرَّبِّ حَتَّى لاَ أَمُوتَ، 15 بَلْ لاَ تَقْطَعُ مَعْرُوفَكَ عَنْ بَيْتِي إِلَى ٱلأَبَدِ، وَلاَ حِينَ يَقْطَعُ ٱلرَّبُّ أَعْدَاءَ دَاوُدَ جَمِيعاً عَنْ وَجْهِ ٱلأَرْضِ».

ص 3: 17 وراعوث 1: 17 ص 18: 12 و2صموئيل 9: 1

ابتدأ يوناثان كلامه بقسم وكان الحلف يُعدُّ صلاة. وعلى كل من يحلف أن يتذكر أن الحلف صلاة فلا يليق إلا في أمر يستحقه وباحترام مقدّس ونية مخلصة. إن كان خيراً يرسل يوناثان رسولاً وإن كان شراً يخبره هو. ومن محبته لدواد لم يرد أن خبر الشر يُنقل بواسطة رسول.

كَمَا كَانَ مَعَ أَبِي كما كان مع شاول لما دعاه ومسحه ملكاً. فآمن يوناثان بوعد الرب أن داود سيخلف أباه في الملك.

حَتَّى لاَ أَمُوتَ أشار إلى عادة قديمة وهي أنه إذا تبوّأ أحدٌ المُلك يقتل أبناء الملك السابق (1ملوك 15: 29 و16: 11) وطلب يوناثان من داود أن يصنع إحسان الرب معه ومع نسله فلا يقتلهم. وكان داود أميناً بحفظ هذا العهد (2صموئيل ص 9 و21: 7).

16، 17 «16 فَعَاهَدَ يُونَاثَانُ بَيْتَ دَاوُدَ وَقَالَ: لِيَطْلُبِ ٱلرَّبُّ مِنْ يَدِ أَعْدَاءِ دَاوُدَ. 17 ثُمَّ عَادَ يُونَاثَانُ وَٱسْتَحْلَفَ دَاوُدَ بِمَحَبَّتِهِ لَهُ لأَنَّهُ أَحَبَّهُ مَحَبَّةَ نَفْسِهِ».

تثنية 23: 21 ص 18: 1

بَيْتَ دَاوُدَ أي داود ونسله إلى الأبد.

مِنْ يَدِ أَعْدَاءِ دَاوُدَ معنى الحلف أنه إذا خالف داود عهده يطلب الرب من يده أي يجازيه حسب عمله. ولكن يوناثان لم يستحسن أن يطلب مجازاة داود ولو كان على سبيل الفرض فقال «أعداء داود» (25: 22).

18 - 23 «18 وَقَالَ لَهُ يُونَاثَانُ: غَداً ٱلشَّهْرُ فَتُفْتَقَدُ لأَنَّ مَوْضِعَكَ يَكُونُ خَالِياً. 19 وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ تَنْزِلُ سَرِيعاً وَتَأْتِي إِلَى ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي ٱخْتَبَأْتَ فِيهِ يَوْمَ ٱلْعَمَلِ، وَتَجْلِسُ بِجَانِبِ حَجَرِ ٱلٱفْتِرَاقِ. 20 وَأَنَا أَرْمِي ثَلاَثَةَ سِهَامٍ إِلَى جَانِبِهِ كَأَنِّي أَرْمِي هَدَفاً. 21 وَحِينَئِذٍ أُرْسِلُ ٱلْغُلاَمَ قَائِلاً: ٱذْهَبِ ٱلْتَقِطِ ٱلسِّهَامَ. فَإِنْ قُلْتُ لِلْغُلاَمِ: هُوَذَا ٱلسِّهَامُ دُونَكَ فَجَائِياً، خُذْهَا. فَتَعَالَ لأَنَّ لَكَ سَلاَماً. لاَ يُوجَدُ شَيْءٌ. حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ. 22 وَلٰكِنْ إِنْ قُلْتُ هٰكَذَا لِلْغُلاَمِ: هُوَذَا ٱلسِّهَامُ دُونَكَ فَصَاعِداً. فَٱذْهَبْ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ أَطْلَقَكَ. 23 وَأَمَّا ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي تَكَلَّمْنَا بِهِ أَنَا وَأَنْتَ فَهُوَذَا ٱلرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ إِلَى ٱلأَبَدِ».

ع 5 و25 ع 37 ع 14 و15 تكوين 31: 49 و53

غَداً ٱلشَّهْرُ أول الشهر القمري وهو عيد (ع 5).

تَنْزِلُ سَرِيعاً معنى الكلمة الأصلية كثيراً. فإذا تُرجمت سريعاً يكون المعنى أنه لا يجوز أن يتأخر عن الميعاد في اليوم الثالث. ومن معاني الكلمة الأصلية العمق وعلى هذا يُطلب منه أن ينزل إلى أسفل المكان فلا يُرى.

يَوْمَ ٱلْعَمَلِ إشارة إلى ما ذُكر في (19: 2).

حَجَرِ ٱلٱفْتِرَاقِ تسمّى هكذا بعد هذه الحادثة فصار تذكاراً لافتراق يوناثان وداود (ع 41 و42).

ثَلاَثَةَ سِهَامٍ الخ اختار هذه الواسطة لإخبار داود خوفاً من وجود جواسيس يسمعون ويخبرون الملك.

ٱلرَّبَّ قَدْ أَطْلَقَكَ سلّم الأمر للرب. إن الافتراق ليس بحسب إرادتهما ولكنهما آمنا بالرب الذي يدبر كل شيء حسناً.

ٱلرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وإن فارق الواحد الآخر يكون الرب معهما كليهما وبه يثبت اتحادهما إلى الأبد ولنا هذه التعزية عند الافتراق أن الافتراق هو بالجسد وأما الاتحاد فهو بالروح وبالرب فيبقى إلى الأبد إذا كان مبنياً على الإيمان.

24 - 29 «24 فَٱخْتَبَأَ دَاوُدُ فِي ٱلْحَقْلِ. وَكَانَ ٱلشَّهْرُ، فَجَلَسَ ٱلْمَلِكُ عَلَى ٱلطَّعَامِ لِيَأْكُلَ. 25 فَجَلَسَ ٱلْمَلِكُ فِي مَوْضِعِهِ حَسَبَ كُلِّ مَرَّةٍ عَلَى مَجْلِسٍ عِنْدَ ٱلْحَائِطِ. وَقَامَ يُونَاثَانُ وَجَلَسَ أَبْنَيْرُ إِلَى جَانِبِ شَاوُلَ، وَخَلاَ مَوْضِعُ دَاوُدَ. 26 وَلَمْ يَقُلْ شَاوُلُ شَيْئاً فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ لأَنَّهُ قَالَ: لَعَلَّهُ عَارِضٌ. غَيْرُ طَاهِرٍ هُوَ. إِنَّهُ لَيْسَ طَاهِراً. 27 وَكَانَ فِي ٱلْغَدِ ٱلثَّانِي مِنَ ٱلشَّهْرِ أَنَّ مَوْضِعَ دَاوُدَ خَلاَ، فَقَالَ شَاوُلُ لِيُونَاثَانَ ٱبْنِهِ: لِمَاذَا لَمْ يَأْتِ ٱبْنُ يَسَّى إِلَى ٱلطَّعَامِ لاَ أَمْسِ وَلاَ ٱلْيَوْمَ؟ 28 فَأَجَابَ يُونَاثَانُ شَاوُلَ: إِنَّ دَاوُدَ طَلَبَ مِنِّي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ 29 وَقَالَ: أَطْلِقْنِي لأَنَّ عِنْدَنَا ذَبِيحَةَ عَشِيرَةٍ فِي ٱلْمَدِينَةِ، وَقَدْ أَوْصَانِي أَخِي بِذَلِكَ. وَٱلآنَ إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَدَعْنِي أُفْلِتُ وَأَرَى إِخْوَتِي. لِذٰلِكَ لَمْ يَأْتِ إِلَى مَائِدَةِ ٱلْمَلِكِ».

ع 18 ص 16: 5 ولاويين 7: 20 و21 ع 6

مَجْلِسٍ عِنْدَ ٱلْحَائِطِ في أشرف مكان قبالة المدخل.

وَقَامَ يُونَاثَانُ قعد يوناثان أولاً إلى جانب شاول اليمين ولما دخل أبنير قام وأعطاه مكانه وخلا مكان داود عن يسار الملك. أو قام يوناثان لما دخل أبنير وقعد بعدما قعد أبنير. أو كانوا جميعهم قاعدين فلما دخل الملك وقف الحاضرون جميعاً وبعدما استوى الملك قعد يوناثان عن يمينه وأبنير عن يساره. وقُرئت كلمة قام «تقدّم» هذا ما فعله يوسيفوس والترجمة السعبينية فيكون المعنى أن يوناثان تقدّم أبنير أي سبقه لما دخلا وقعد عن يمين الملك وأبنير عن يساره.

لَيْسَ طَاهِراً (لاويين 7: 20 و21).

ٱبْنُ يَسَّى لقب احتقار (25: 10 و2صموئيل 20: 1).

وَقَدْ أَوْصَانِي أَخِي أخو داود الكبير أليآب الذي دبّر أمور الوليمة. وكان الأب لم يزل حياً (22: 3 و4) ولكنه كان شيخاً كبيراً (17: 12).

دَعْنِي أُفْلِتُ شبه نفسه بطير ممسوك أو دابّة مربوطة أو أسير مسجون فطلب حرية وقتية.

30 - 34 «30 فَحَمِيَ غَضَبُ شَاوُلَ عَلَى يُونَاثَانَ وَقَالَ لَهُ: يَا ٱبْنَ ٱلْمُتَعَوِّجَةِ ٱلْمُتَمَرِّدَةِ، أَمَا عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدِ ٱخْتَرْتَ ٱبْنَ يَسَّى لِخِزْيِكَ وَخِزْيِ عَوْرَةِ أُمِّكَ؟ 31 لأَنَّهُ مَا دَامَ ٱبْنُ يَسَّى حَيّاً عَلَى ٱلأَرْضِ لاَ تُثْبَتُ أَنْتَ وَلاَ مَمْلَكَتُكَ. وَٱلآنَ أَرْسِلْ وَأْتِ بِهِ إِلَيَّ لأَنَّهُ ٱبْنُ ٱلْمَوْتِ هُوَ. 32 فَأَجَابَ يُونَاثَانُ شَاوُلَ أَبَاهُ: لِمَاذَا يُقْتَلُ؟ مَاذَا عَمِلَ؟ 33 فَوَجَّهَ شَاوُلُ ٱلرُّمْحَ نَحْوَهُ لِيَطْعَنَهُ. فَعَلِمَ يُونَاثَانُ أَنَّ أَبَاهُ قَدْ عَزَمَ عَلَى قَتْلِ دَاوُدَ. 34 فَقَامَ يُونَاثَانُ عَنِ ٱلْمَائِدَةِ بِحُمُوِّ غَضَبٍ وَلَمْ يَأْكُلْ خُبْزاً فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّانِي مِنَ ٱلشَّهْرِ، لأَنَّهُ ٱغْتَمَّ عَلَى دَاوُدَ، لأَنَّ أَبَاهُ قَدْ أَخْزَاهُ».

2صموئيل 12: 5 ص 19: 5 ص 18: 11 و19: 10 ع 7

فَحَمِيَ غَضَبُ شَاوُلَ لأنه فهم أن يوناثان قد رضي عن ذهاب داود ولم يرضَ عن قتله.

يَا ٱبْنَ ٱلْمُتَعَوِّجَةِ لم يقصد بهذا الكلام السفيه الإهانة لامرأته بل قصد إهانة يوناثان وهذا اصطلاح كثير من اللغات الشرقية.

أَمَا عَلِمْتُ وعلم يوناثان جيداً أن أباه لا يثبت ولا تثبت مملكته بل يتحوّل الملك إلى داود ومع ذلك اختار داود وفضّله لأنه أحبه أكثر من نفسه.

ٱبْنُ ٱلْمَوْتِ قد حُكم عليه بالموت.

لِمَاذَا يُقْتَلُ مَاذَا عَمِلَ لم يقدر شاول على الجواب بالكلام لأنه كان حكم على داود ظلماً فجاوب بالفعل وأشرع الرمح نحوه. والروح الذي كان في شاول هو روح المضطهدين في كل قرن. لأن ليس عندهم كلام ولا براهين بها يقاومون التعليم الحق فليتجئون إلى القوة الجسدية ويضربون ويسجنون ويقتلون. رفع اليهود الحجارة ليرجموا يسوع لما عجزوا عن الكلام (يوحنا 8: 59) ورجموا استفانوس لأنهم لم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به (أعمال 6: 9 - 15).

لأَنَّهُ ٱغْتَمَّ عَلَى دَاوُدَ كان أبوه أهانه وتهدّده بالموت ولكنه لم يغتم على نفسه كما على صديقه. وكان عمل شاول كعمل مجنون لأنه أبعد عنه ابنه الحبيب وخادمه داود الأمين وهما أحسن جبابرة الحرب وأمينان له في كل خدمة.

35 - 42 «35 وَكَانَ فِي ٱلصَّبَاحِ أَنَّ يُونَاثَانَ خَرَجَ إِلَى ٱلْحَقْلِ إِلَى مِيعَادِ دَاوُدَ وَغُلاَمٌ صَغِيرٌ مَعَهُ. 36 وَقَالَ لِغُلاَمِهِ: ٱرْكُضِ ٱلْتَقِطِ ٱلسِّهَامَ ٱلَّتِي أَنَا رَامِيهَا. وَبَيْنَمَا ٱلْغُلاَمُ رَاكِضٌ رَمَى ٱلسَّهْمَ حَتَّى جَاوَزَهُ. 37 وَلَمَّا جَاءَ ٱلْغُلاَمُ إِلَى مَوْضِعِ ٱلسَّهْمِ ٱلَّذِي رَمَاهُ يُونَاثَانُ، نَادَى يُونَاثَانُ وَرَاءَ ٱلْغُلاَمِ: أَلَيْسَ ٱلسَّهْمُ دُونَكَ فَصَاعِداً؟ 38 وَنَادَى يُونَاثَانُ وَرَاءَ ٱلْغُلاَمِ: ٱعْجَلْ. أَسْرِعْ. لاَ تَقِفْ. فَٱلْتَقَطَ غُلاَمُ يُونَاثَانَ ٱلسَّهْمَ وَجَاءَ إِلَى سَيِّدِهِ. 39 وَٱلْغُلاَمُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ شَيْئاً، وَأَمَّا يُونَاثَانُ وَدَاوُدُ فَكَانَا يَعْلَمَانِ ٱلأَمْرَ. 40 فَأَعْطَى يُونَاثَانُ سِلاَحَهُ لِلْغُلاَمِ ٱلَّذِي لَهُ وَقَالَ لَهُ: ٱذْهَبِ. ٱدْخُلْ بِهِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ. 41 اَلْغُلاَمُ ذَهَبَ وَدَاوُدُ قَامَ مِنْ جَانِبِ ٱلْجَنُوبِ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ وَسَجَدَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. وَقَبَّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَبَكَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ حَتَّى زَادَ دَاوُدُ. 42 فَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: ٱذْهَبْ بِسَلاَمٍ لأَنَّنَا كِلَيْنَا قَدْ حَلَفْنَا بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ قَائِلَيْنِ: ٱلرَّبُّ يَكُونُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ نَسْلِي وَنَسْلِكَ إِلَى ٱلأَبَدِ. فَقَامَ وَذَهَبَ، وَأَمَّا يُونَاثَانُ فَجَاءَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ».

ع 20 و21 ع 22 تكوين 42: 6 ص 18: 3 ع 22 ع 15 و16 و23

فِي ٱلصَّبَاحِ أي اليوم الثالث (ع 12).

غُلاَمٌ صَغِيرٌ لم يعلم الغلام شيئاً من أمر يوناثان وداود. وأخذ يوناثان الغلام والسلاح حتى يظن أهل البيت أنه خرج للتمرين على رمي السهام كعادته. ولو خرج وحده لكانوا راقبوه وتبعوه ليعرفوا مقصده.

حَتَّى جَاوَزَهُ... أَلَيْسَ ٱلسَّهْمُ دُونَكَ فَصَاعِداً... ٱعْجَلْ. أَسْرِعْ المقصود أن داود وهو مختبئ في الحقل يسمع قول يوناثان ويفهم منه أن شاول لم يزل يطلب قتله فعليه أن يهرب عاجلاً (ع 22).

مِن جَانِبِ ٱلْجَنُوبِ أي جنوبي الافتراق المذكور في (ع 19). وفي الترجمة السبعينية من جانب الرجمة بناء على ما أتى في (ع 19) من جانب حجر الافتراق. وكلمة رجمة بالعبرانية «أرجب» وكلمة جنوب «نجب» فظن المترجمون أن نجب كُتبت سهواً والصحيح أرجب.

سَجَدَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ علامة الاحترام ليوناثان لكونه ابن الملك ودليل الشكر لما كان يوناثان صنع معه من المعروف.

بَكَى كُلٌّ مِنْهُمَا بكيا لأنهما سيفترقان. وزاد داود لأنه سيفارق أهله وبيت أبيه وخدمته الشريفة لشعبه بمحاربته عنهم وأمامه أخطار ومشقات وأما يوناثان فجاء إلى المدينة أي إلى بيت أبيه وخدمته.

ٱذْهَبْ بِسَلاَمٍ لأَنَّنَا كِلَيْنَا قَدْ حَلَفْنَا أي ليس لداود أن يخاف من يوناثان لأنه كان قد حلف له وليس ليوناثان ونسله أن يخافوا من داود عندما يصير ملكاً.

فوائد

  1. إن محبة يوناثان لداود تشبه محبة كل مؤمن للمسيح. لأنه أعطاه أفضل ما عنده (18: 4) وأخبره بكل ما قلبه (9) وقال له مهما تقل نفسك افعله لك (4) واحتمل العار والاضطهاد والظلم والخسارة من أجله (30) وصدّق أن ملكوته سيأتي (15) وأحب أن يسمع مواعيده (17).

  2. بيننا وبين الموت خطوة. فمن المحتمل في أي ساعة كانت أن القلب يتوقف عن الخفقان أو يدخل الجسم جرثومة مرض مميت أو تصيبنا مصيبة ما. والأيام والسنون تمضي سريعاً ومهما كان عددها كلها فهي كخطوة فقط. ولكن من يحب الرب لا يخاف الموت لأنه عنده كمجيء رب البيت المحبوب بعد سفره الطويل.

  3. إن كثيرين يلاحظون الهفوات الصغيرة في غيرهم (ع 27) ولا ينتبهون إلى الخطايا العظيمة في أنفسهم (ع 33 انظر أيضاً متّى 15: 1 - 9).

  4. قد يعمل الغلام الصغير ما لا يقدر عليه الكبير (35)

  5. في المحبة آلام فإنه لولا محبة داود ويوناثان الواحد للآخر لم يبكيا ولم يقبّل كل واحد منهما الآخر ولم يبكِ كلٌّ منهما على الآخر (41).

  6. إن الفراق يكون بسلام متى وُجد التسليم للرب والاتكال عليه (42).

اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلْعِشْرُونَ

1 «فَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى نُوبٍ إِلَى أَخِيمَالِكَ ٱلْكَاهِنِ. فَٱضْطَرَبَ أَخِيمَالِكُ عِنْدَ لِقَاءِ دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: لِمَاذَا أَنْتَ وَحْدَكَ وَلَيْسَ مَعَكَ أَحَدٌ؟».

ص 22: 19 ص 14: 3 ومرقس 2: 26 ص 16: 4

نُوبٍ موقعها مجهول إلا أنها قريبة من أورشليم إلى جهة الشمال منها (إشعياء 10: 32) وربما هي المشار إليها في (2صموئيل 15: 32) «وَصَلَ دَاوُدُ إِلَى ٱلْقِمَّةِ حَيْثُ سَجَدَ لِلّٰهِ». وكانت مدينة للكهنة غير أنها ليست مذكورة مع مدن الكهنة في (يشوع 21). وكان فيه الخيمة وخدَمتها (ع 6). والتجأ داود إليها ليأخذ طعاماً وسلاحاً.

أَخِيمَالِكَ ربما هو أخيا بن أخيطوب المذكور في (14: 3) أو أخو أخيا فخلفه في الكهنوت. وذكر يسوع هذه الحادثة (مرقس 2: 26) وقال في أيام أبياثار رئيس الكهنة. وقيل في (22: 20) إن أبياثار كان ابن أخيمالك. والظاهر أنه مارس منصب كاهن هو وأبوه معاً.

فَٱضْطَرَبَ ربما كان سمع الخبر أن شاول أمر بقتل داود وأتى داود وحده لأنه كان هارباً فيحل على أخيمالك غضب الملك إذا قبله وساعده. ولم يكن داود وحده (ع 4 ومرقس 2: 25) ولعل أتباعه وقفوا خارجاً حينما رآه الكاهن في الأول وبعد ذلك تقدموا. أو أن أخيمالك انتظر موكباً من الأشراف والقليلون الذين كانوا مع داود كانوا كأنهم غير محسوبين. وبهذا المعنى كان داود وحده.

2 «فَقَالَ دَاوُدُ لأَخِيمَالِكَ ٱلْكَاهِنِ: إِنَّ ٱلْمَلِكَ أَمَرَنِي بِشَيْءٍ وَقَالَ لِي: لاَ يَعْلَمْ أَحَدٌ شَيْئاً مِنَ ٱلأَمْرِ ٱلَّذِي أَرْسَلْتُكَ فِيهِ وَأَمَرْتُكَ بِهِ. وَأَمَّا ٱلْغِلْمَانُ فَقَدْ عَيَّنْتُ لَهُمُ ٱلْمَوْضِعَ ٱلْفُلاَنِيَّ وَٱلْفُلاَنِيَّ».

ٱلْمَلِكَ أَمَرَنِي بِشَيْءٍ لم يصدق في قوله هذا وأما قوله «وأما الغلمان فقد عينت لهم» الخ فربما كان صحيحاً. ولا نبرئ داود من الخطيئة في هذا الأمر ولا نستنتج من سكوت الكتاب أنه بريء لأن تعليم الكتاب كله ينهي عن الكذب. ولا نفهم من القول أن داود كان رجلاً حسب قلب الله أنه كان بلا خطيئة في كل شيء. ونرى في تاريخ داود أنه خسر وتألم كثيراً من الكذب والحيل التي تدل على ضعف إيمانه في بعض الأوقات.

3، 4 «3 وَٱلآنَ فَمَاذَا يُوجَدُ تَحْتَ يَدِكَ؟ أَعْطِ خَمْسَ خُبْزَاتٍ فِي يَدِي أَوِ ٱلْمَوْجُودَ. 4 فَأَجَابَ ٱلْكَاهِنُ دَاوُدَ: لاَ يُوجَدُ خُبْزٌ مُحَلَّلٌ تَحْتَ يَدِي، وَلٰكِنْ يُوجَدُ خُبْزٌ مُقَدَّسٌ إِذَا كَانَ ٱلْغِلْمَانُ قَدْ حَفِظُوا أَنْفُسَهُمْ لاَ سِيَّمَا مِنَ ٱلنِّسَاءِ».

لاويين 24: 5 - 9 ومتّى 12: 4

خُبْزٌ مُقَدَّسٌ أي خبز الوجوه (لاويين 24: 5 - 9) كان الكهنة يضعون خبزاً جديداً كل سبت وكان الخبز العتيق لهم ليأكلوا وليس لغيرهم (مرقس 2: 26) ومع ذلك رضي أخيمالك أن يعطيه لداود ورجاله إذا كانوا طاهرين من النجاسة الشرعية كما يحدث إذا مس أحد شيئاً نجساً (لاويين 7: 20 و21).

5، 6 «5 فَأَجَابَ دَاوُدُ ٱلْكَاهِنَ: إِنَّ ٱلنِّسَاءَ قَدْ مُنِعَتْ عَنَّا مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ عِنْدَ خُرُوجِي وَأَمْتِعَةُ ٱلْغِلْمَانِ مُقَدَّسَةٌ. وَهُوَ عَلَى نَوْعٍ مُحَلَّلٌ، وَٱلْيَوْمَ أَيْضاً يَتَقَدَّسُ بِٱلآنِيَةِ. 6 فَأَعْطَاهُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمُقَدَّسَ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خُبْزٌ إِلاَّ خُبْزَ ٱلْوُجُوهِ ٱلْمَرْفُوعَ مِنْ أَمَامِ ٱلرَّبِّ لِيُوضَعَ خُبْزٌ سُخْنٌ فِي يَوْمِ أَخْذِهِ».

خروج 19: 14 و 15 متّى 12: 3 و4 ومرقس 2: 25

أَمْتِعَةُ ٱلْغِلْمَانِ ما وضعوا فيه الخبز كمزود أو جراب. وهي مقدسة بمعنى أنه لم يدخلها شيء نجس.

وَهُوَ عَلَى نَوْعٍ مُحَلَّلٌ أي الخبز. في السبت كان يضع الكهنة خبزاً جديداً على المائدة في القدس ويرفعون العتيق الذي يصير أكله محللاً ولكن للكهنة فقط. وأما داود والذين معه فحلّ أكله لهم لأنهم جاعوا ولم يجدوا خبزاً آخر. ويسوع علّم أنه كان يحل للتلاميذ قطف السنابل والأكل منها يوم السبت لأنهم جاعوا ويحلّ أيضاً شفاء المرضى يوم السبت لأنه من أعمال الرحمة. ولم يقصد الله ضرراً للإنسان بحفظ السبت أو الوصية بشأن خبز الوجوه. غير أنه يجب أن نحترز من الغلط في هذا الأمر ولا نفتح باباً لمخالفة الله. أولاً إذ ليس كل ما نريد أن نعمله ضرورياً. ثانياً ليس كل الوصايا من نوع واحد.

يحلّ إعداد الطعام الضروري يوم الأحد إذا كان إعداده غير ممكن يوم السبت ويحلّ خدمة البهائم وخدمة بيت الله وما أشبه ذلك. ولكن لا يحلّ لنا السجود للأصنام ولا التجديف ولا الزنى ولا السرقة ولا الكذب ولو اضطررنا أن نموت.

7 «وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ مِنْ عَبِيدِ شَاوُلَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ مَحْصُوراً أَمَامَ ٱلرَّبِّ ٱسْمُهُ دُوَاغُ ٱلأَدُومِيُّ رَئِيسُ رُعَاةِ شَاوُلَ».

ص 14: 47 و22: 9 وعنوان مزمور 52 و1أيام 27: 29 و31

كان دواغ أدومي الجنس وربما كان انحاز إلى شاول في زمان حروبه مع أدوم (14: 47) وكان دخيلاً في المذهب اليهودي ورجلاً كبيراً رئيس الرعاة ولا شك كان للملك مواشٍ كثيرة ورعاة كثيرون (1أيام 27: 29 و30) وكان محصوراً أمام الرب إما لوفاء نذر أو للتطهير أو ما شابه ذلك (انظر 22: 9 - 23) ولعل الخوف من دواغ هو ما حمل داود على الهرب إلى الفلسطينيين.

8، 9 «8 وَقَالَ دَاوُدُ لأَخِيمَالِكَ: أَفَمَا يُوجَدُ هُنَا تَحْتَ يَدِكَ رُمْحٌ أَوْ سَيْفٌ، لأَنِّي لَمْ آخُذْ بِيَدِي سَيْفِي وَلاَ سِلاَحِي لأَنَّ أَمْرَ ٱلْمَلِكِ كَانَ مُعَجِّلاً؟ 9 فَقَالَ ٱلْكَاهِنُ: إِنَّ سَيْفَ جُلْيَاتَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ ٱلَّذِي قَتَلْتَهُ فِي وَادِي ٱلْبُطْمِ هَا هُوَ مَلْفُوفٌ فِي ثَوْبٍ خَلْفَ ٱلأَفُودِ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْخُذَهُ فَخُذْهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ هُنَا. فَقَالَ دَاوُدُ: لاَ يُوجَدُ مِثْلُهُ. أَعْطِنِي إِيَّاهُ».

ص 17: 54 ص 17: 2

مَلْفُوفٌ فِي ثَوْبٍ حفظاً له من الصدإ والأوساخ ويُظن أن الثوب هو ثوب جليات.

خَلْفَ ٱلأَفُودِ الأفود للكاهن ومن ألبسته وما كان خلفه يكون في مأمن.

لاَ يُوجَدُ مِثْلُهُ أولاً لأنه من أحسن جنس وثانياً لأنه تذكار لانتصاره على الفلسطيني الجبار فكما كان الرب معه عندما قتل جليات سيكون معه الآن.

10 - 12 «10 وَقَامَ دَاوُدُ وَهَرَبَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ مِنْ أَمَامِ شَاوُلَ وَجَاءَ إِلَى أَخِيشَ مَلِكِ جَتَّ. 11 فَقَالَ عَبِيدُ أَخِيشَ لَهُ: أَلَيْسَ هٰذَا دَاوُدَ مَلِكَ ٱلأَرْضِ؟ أَلَيْسَ لِهٰذَا كُنَّ يُغَنِّينَ فِي ٱلرَّقْصِ قَائِلاَتٍ: ضَرَبَ شَاوُلُ أُلُوفَهُ وَدَاوُدُ رَبَوَاتِهِ؟. 12 فَوَضَعَ دَاوُدُ هٰذَا ٱلْكَلاَمَ فِي قَلْبِهِ وَخَافَ جِدّاً مِنْ أَخِيشَ مَلِكِ جَتَّ».

عنوان مزمور 34 عنوان مزمور 56 ص 18: 7 و29: 5 لوقا 2: 19

فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أي هرب عاجلاً.

أَخِيشَ مَلِكِ جَتَّ في مزمور 34 أبيمالك وهو اسم الملوك الفلسطينيين (تكوين 26: 1) وفي القديم كما اليوم للملوك أسماء وألقاب كثيرة. كانت حروب شديدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين وكانت جتّ في آخر وادي البطم إلى الغرب وهو الوادي الذي فيه قتل داود جليات الجتي. وربما افتكر داود أن الفلسطينيين يقبلونه لأنه طريد شاول. وأما داود فلم يقصد ترك الرب ولا ترك شعبه. وكما قلنا سابقاً لا نقدر أن نبرر عمله في الحيل والغش وسنرى أيضاً أنه لم ينتفع شيئاً من هذه الوسائل غير الجائزة بل كانت كلها دليلاً على ضعف إيمانه الحاصل من ضيقاته الشديدة.

مَلِكِ جَتَّ لم يكن ملكاً ولكنه كان قائداً مقتدراً مشهوراً كأنه ملك. وربما افتكر داود في الأول أن أهل جتّ لا يعرفونه لأنه كان قد مضى زمان على معرفتهم إياه ولا سيما أن هيئته تغيرت.

13 - 15 «13 فَغَيَّرَ عَقْلَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ، وَتَظَاهَرَ بِٱلْجُنُونِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَخَذَ يُخَرْبِشُ عَلَى مَصَارِيعِ ٱلْبَابِ وَيُسِيلُ رِيقَهُ عَلَى لِحْيَتِهِ. 14 فَقَالَ أَخِيشُ لِعَبِيدِهِ: هُوَذَا تَرَوْنَ ٱلرَّجُلَ مَجْنُوناً، فَلِمَاذَا تَأْتُونَ بِهِ إِلَيَّ؟ 15 أَلَعَلِّي مُحْتَاجٌ إِلَى مَجَانِينَ حَتَّى أَتَيْتُمْ بِهٰذَا لِيَتَجَنَّنَ عَلَيَّ؟ أَهٰذَا يَدْخُلُ بَيْتِي؟».

عنوان مزمور 34

بَيْنَ أَيْدِيهِمْ الأرجح أنهم مسكوا داود وأخذوه إلى دار الملك.

يُخَرْبِشُ أي يكتب كتابة مشتبكة غير واضحة ككتابة مستعجل أو كتابة من لا يحسن الكتابة.

مَصَارِيعِ ٱلْبَابِ أي باب دار الملك أو باب الغرفة التي كان مسجوناً فيها وغايته أن يطلقوه حينما يرونه مجنوناً وللمجانين بعض الامتيازات وغض النظر فيتكلمون ويعملون بلا عقاب ما لا يقدر غيرهم أن يعمله ويظن بعض الناس أن فيهم روحاً يستحق شيئاً من الاعتبار والخوف. ونال داود غايته لأن الملك وبخّ خدامه على قبضهم على داود وإحضاره أمامه بقوله ألعلي محتاج إلى مجانين. أي ماذا ينفعني أو عندنا مجانين كثيرون فلسنا بحاجة لهذا ولا أريد أنه يكون في بيتي.

ما أحزن ذلك المنظر مرأى مجنون في بلاد غريبة وثنية يخط خطوطاً لا تُقرأ ويسيل ريقه على لحيته. وهو من هو؟ هو الجبار الذي قتل جليات وقائد جيوش إسرائيل والمرنم الحلو ورجل الله الممسوح ملكاً على شعب الله. ولكن داود لم يبقَ زماناً في بلّوعة اليأس بل رنم (مزمور 34: 6 و7) «هٰذَا ٱلْمِسْكِينُ صَرَخَ، وَٱلرَّبُّ ٱسْتَمَعَهُ، وَمِنْ كُلِّ ضِيقَاتِهِ خَلَّصَهُ. مَلاَكُ ٱلرَّبِّ حَالٌّ حَوْلَ خَائِفِيهِ وَيُنَجِّيهِمْ».

فوائد

  1. من يلتجئ إلى الكذب للخلاص من الضيقات يقع في ضيقات أعظم (ع 2 و10).

  2. الاتكال على خيرات هذا العالم باطل. من كان بالأمس موضوع مديح كل إسرائيل ومحبوباً عند الملك وقائداً مقتدراً في الحرب فهو اليوم هارب جوعان يلتمس خبزه الضروري (3).

  3. الرب يفضّل الرحمة والحق على حفظ الفرائض (إشعياء 1: 11 - 17 هوشع 6: 6).

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ

1 - 5 «1 فَذَهَبَ دَاوُدُ مِنْ هُنَاكَ وَنَجَا إِلَى مَغَارَةِ عَدُلاَّمَ. فَلَمَّا سَمِعَ إِخْوَتُهُ وَجَمِيعُ بَيْتِ أَبِيهِ نَزَلُوا إِلَيْهِ إِلَى هُنَاكَ. 2 وَٱجْتَمَعَ إِلَيْهِ كُلُّ رَجُلٍ مُتَضَايِقٍ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَكُلُّ رَجُلٍ مُرِّ ٱلنَّفْسِ، فَكَانَ عَلَيْهِمْ رَئِيساً. وَكَانَ مَعَهُ نَحْوُ أَرْبَعِ مِئَةِ رَجُلٍ. 3 وَذَهَبَ دَاوُدُ مِنْ هُنَاكَ إِلَى مِصْفَاةِ مُوآبَ وَقَالَ لِمَلِكِ مُوآبَ: لِيَخْرُجْ أَبِي وَأُمِّي إِلَيْكُمْ حَتَّى أَعْلَمَ مَاذَا يَصْنَعُ لِيَ ٱللّٰهُ. 4 فَوَدَعَهُمَا عِنْدَ مَلِكِ مُوآبَ فَأَقَامَا عِنْدَهُ كُلَّ أَيَّامِ إِقَامَةِ دَاوُدَ فِي ٱلْحِصْنِ. 5 فَقَالَ جَادُ ٱلنَّبِيُّ لِدَاوُدَ: لاَ تُقِمْ فِي ٱلْحِصْنِ. ٱذْهَبْ وَٱدْخُلْ أَرْضَ يَهُوذَا. فَذَهَبَ دَاوُدُ وَجَاءَ إِلَى وَعْرِ حَارِثٍ».

عنوان مزمور 57 وعنوان مزمور 142 يشوع 2: 15 و15: 35 و2صموئيل 23: 13 ص 23: 13 و25: 13 و2صموئيل 24: 11 و1أيام 29: 29 و2أيام 29: 25

عَدُلاَّمَ (يشوع 12: 15 و15: 35) مدينة ملكية في وادي البطم أو قريبة منه. وجد كوندر في هذا الوادي آثار بلدة قديمة اسمها عيد الماء وظن أن أصل الاسم عدلام وهذه الآثار عند تل طوله نحو 500 قدم وحوله أودية وله منظر جميل يشرف على كل الجهات فهو ملائم ليكون موقع مدينة محصنة. ويقرب هذا التل نحو 15 مغارة تسع الواحدة منها نحو 400 رجل. وهذه المغاور مسكونة اليوم وبعضها مآوي للمواشي. ويبعد هذا المكان عن بيت لحم نحو 15 ميلاً غرباً.

نَزَلُوا إِلَيْهِ الخ قيل في (2صموئيل 23: 13 - 17) أنه لما كان داود في مغارة عدلام نزل جيش الفلسطينيين في وادي الرفائيين وكان حفظتهم في بيت لحم. فنفهم من هذه الآية أن إخوته وجميع بيت أبيه هربوا من الفلسطينيين والتجأوا إلى داود في المغارة أو المغاور. وتضايق كثيرون من الفلسطينيين ومن حكم شاول الضعيف الظالم وتراكمت على بعضهم الديون للمرابين ومررت نفوس كثيرين شدة الفقر والجور وقطعوا الرجاء بالإصلاح ما دام شاول ملكاً فالتجأوا إلى داود ولهم ملء الرجاء به. واتحاد جماعة كهذه بعضهم مع بعض ومع داود ليس بأمر هيّن والحادثة المذكورة في (2صموئيل 23: 13 - 17) تدل على شدة محبة رجال داود له. وهذه شهادة باقتدار داود في السياسة.

أَرْبَعِ مِئَةِ وصاروا ست مئة (23: 13).

مِصْفَاةِ مُوآبَ ليست مذكورة إلا هنا. يُظن أنها كرك الحالية. كانت بلاد موآب قريبة من بيت لحم. ومن أسلاف داود راعوث الموآبية (راعوث 4: 17) وكانت حروب بين شاول وموآب (راعوث 14: 47) فأحب ملك موآب مساعدة من كان شاول يقاومه.

مَاذَا يَصْنَعُ لِيَ ٱللّٰهُ يدل القول على اتكاله على الله وإيمانه بأن الله يدبر كل أمور حياته. وكان داود قد رجع إلى نفسه بعد اليأس الذي وقع فيه لما هرب إلى جتّ وتظاهر بالجنون وعاد إلى صوابه.

أَيَّامِ إِقَامَةِ دَاوُدَ فِي ٱلْحِصْنِ أي المصفاة ولا نعرف كم من الزمان أقام هنالك.

جَادُ ٱلنَّبِيُّ أو رائي الملك. لم يُذكر سابقاً ولم يُذكر بعد إلا في (2صموئيل 24: 11 - 15) في آخر حياة داود حينما أحصى داود الشعب. ورتب داود خدمة التسبيح حسب أمر الرب بواسطة جاد رائي الملك وناثان النبي (2أيام 29: 25) وكان جاد أحد المؤرخين الذين كتبوا حوادث ملك داود (1أيام 29: 29) فنستنتج من هذا أن الله كان مع داود وإنه عرفه ملكاً ممسوحاً وإن كان مطروداً من الناس. ولعل جاد بقي مع داود.

لاَ تُقِمْ فِي ٱلْحِصْنِ أي في المكان المحصّن في موآب. فأطاع داود أمر الرب بواسطة النبي. ولا نعرف عن وعر حارث أكثر من أنه في يهوذا والمظنون أنه شرقي عدلام وقريب منها. وترك داود مكان الأمان وذهب إلى مكان التعب ولم يعلم لأي سبب أمره الرب بالرجوع إلى اليهودية. ولكن قصد الرب ظهر أخيراً من النتيجة لأن داود خلّص أهل قعيلة من الفلسطينيين (23: 1 و2) وحامى عن مدن يهوذا (27: 8 - 11) واشتهر ونال الثقة والمحبة من يهوذا ولما مات شاول كان حاضراً ومستعداً ليخلفه. وإن تدبير الرب كله حسن وإن كنا لا نقدر أن نفهمه.

6، 7 «6 وَسَمِعَ شَاوُلُ أَنَّهُ قَدِ ٱشْتَهَرَ دَاوُدُ وَٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ مَعَهُ. وَكَانَ شَاوُلُ مُقِيماً فِي جِبْعَةَ تَحْتَ ٱلأَثْلَةِ فِي ٱلرَّامَةِ وَرُمْحُهُ بِيَدِهِ، وَجَمِيعُ عَبِيدِهِ وُقُوفاً لَدَيْهِ. 7 فَقَالَ شَاوُلُ لِعَبِيدِهِ ٱلْوَاقِفِينَ لَدَيْهِ: ٱسْمَعُوا يَا بِنْيَامِينِيُّونَ. هَلْ يُعْطِيكُمْ جَمِيعَكُمُ ٱبْنُ يَسَّى حُقُولاً وَكُرُوماً، وَهَلْ يَجْعَلُكُمْ جَمِيعَكُمْ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ».

ص 14: 2 وقضاة 4: 5 ص 8: 14 و1أيام 12: 16 - 18

ٱشْتَهَرَ دَاوُدُ رجع إلى اليهودية فرآه أناس وأخبروا شاول.

تَحْتَ ٱلأَثْلَةِ من أجل الاستظلال وهنا إشارة إلى بساطة عيشة شاول فكان كشيخ بدوي في هذه الأيام.

فِي جِبْعَةَ... فِي ٱلرَّامَةِ يظن كوندر أن جبعة اسم مدينة واسم كورة أيضاً. فكانت الرامة في قطيعة جبعة. ويقول غيره أن كلمة الرامة هنا ليست اسم علم فيترجمونها بالأكمة فيكون المعنى أن شاول كان في جبعة تحت الأثلة التي في الأكمة.

وَرُمْحُهُ بِيَدِهِ علامة السلطة كصولجان.

ٱسْمَعُوا يَا بِنْيَامِينِيُّونَ نستنتج أن عبيده القوّاد وذوي المناصب كانوا من سبطه أي سبط بنيامين وليس من جميع الأسباط. وقوله هذا مما يهيج الحسد والانشقاق كقوله إذا ملك داود وهو من سبط يهوذا لا يوليكم المناصب بل يوليها أناساً من سبطه. وربما أنه كان قد ابتدأ الانشقاق ولم تكن جميع الأسباط متحدة في الخضوع لشاول كما كان في أول ملكه (11: 7 و14 و15) وهنا إهانة لداود إذ سماه ابن يسّى. والسؤال استفهام إنكاري ومعناه أن داود لا يقدر أن يعطيهم كروماً الخ لأن ليس له شيء منها ولا يوليهم المناصب لأن ليس له جيش. والكلام من هذا النوع لا يؤثر إلا في الطماعين والأدنياء.

8 «حَتَّى فَتَنْتُمْ كُلُّكُمْ عَلَيَّ، وَلَيْسَ مَنْ يُخْبِرُنِي بِعَهْدِ ٱبْنِي مَعَ ٱبْنِ يَسَّى، وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ يَحْزَنُ عَلَيَّ أَوْ يُخْبِرُنِي بِأَنَّ ٱبْنِي قَدْ أَقَامَ عَبْدِي عَلَيَّ كَمِيناً كَهٰذَا ٱلْيَوْمِ؟».

ص 18: 3 و20: 16 ص 23: 21

كان شاول أبعد عنه خادمه داود وابنه يوناثان فلم يبقَ له من يحبه محبة مخلصة. وتسلطت عليه ظنون ردية فظن أن داود طالب قتله وإن ابنه متفق مع داود وظن أن جميع عبيده صاروا أعداءه. وكل من يبتعد عن الله يبتعد عن الناس أيضاً.

9، 10 «9 فَأَجَابَ دُوَاغُ ٱلأَدُومِيُّ ٱلَّذِي كَانَ مُوَكَّلاً عَلَى عَبِيدِ شَاوُلَ: قَدْ رَأَيْتُ ٱبْنَ يَسَّى آتِياً إِلَى نُوبَ إِلَى أَخِيمَالِكَ بْنِ أَخِيطُوبَ. 10 فَسَأَلَ لَهُ مِنَ ٱلرَّبِّ وَأَعْطَاهُ زَاداً. وَسَيْفَ جُلْيَاتَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ».

عنوان مزمور 52 ص 21: 1 ص 14: 3 و21: 1 ص 10: 22 ص 21: 6 و9 ص 21: 9

مُوَكَّلاً عَلَى عَبِيدِ شَاوُلَ على الرعاة (21: 7) وليس على جميع عبيد شاول. وشهادة دواغ صادقة من وجه آخر لأن غايته فيها أن يجعل شاول يظن أن داود كمن له وأن أخيمالك متفق معه (انظر مزمور 52). ولعل دواغ قال هذا القول ليخلّص نفسه والعبيد رفقاءه لأن الجميع كانوا خائفين من شاول لأنهم لو سكتوا لظنّ الملك أنهم متفقون مع داود.

11، 12 «11 فَأَرْسَلَ ٱلْمَلِكُ وَٱسْتَدْعَى أَخِيمَالِكَ بْنَ أَخِيطُوبَ ٱلْكَاهِنَ وَجَمِيعَ بَيْتِ أَبِيهِ، ٱلْكَهَنَةَ ٱلَّذِينَ فِي نُوبٍ. فَجَاءُوا كُلُّهُمْ إِلَى ٱلْمَلِكِ. 12 فَقَالَ شَاوُلُ: ٱسْمَعْ يَا ٱبْنَ أَخِيطُوبَ. فَقَالَ: هَئَنَذَا يَا سَيِّدِي».

شاول كهامان الذي ازدُري في عينيه أن يمد يده إلى مردخاي وحده (أستير 3: 6) قصد إهلاك الكهنة كلهم وليس أخيمالك وحده.

يَا ٱبْنَ أَخِيطُوبَ كلم أخيمالك بلا الاحترام اللائق لكهنة الرب. وأما أخيمالك فجاوبه بالاحترام الواجب للملك قائلاً ها أنذا يا سيدي.

13 - 16 «13 فَقَالَ لَهُ شَاوُلُ: لِمَاذَا فَتَنْتُمْ عَلَيَّ أَنْتَ وَٱبْنُ يَسَّى بِإِعْطَائِكَ إِيَّاهُ خُبْزاً وَسَيْفاً، وَسَأَلْتَ لَهُ مِنَ ٱللّٰهِ لِيَقُومَ عَلَيَّ كَامِناً كَهٰذَا ٱلْيَوْمِ؟ 14 فَأَجَابَ أَخِيمَالِكُ ٱلْمَلِكَ: وَمَنْ مِنْ جَمِيعِ عَبِيدِكَ مِثْلُ دَاوُدَ، أَمِينٌ وَصِهْرُ ٱلْمَلِكِ وَصَاحِبُ سِرِّكَ وَمُكَرَّمٌ فِي بَيْتِكَ؟ 15 فَهَلِ ٱلْيَوْمَ ٱبْتَدَأْتُ أَسْأَلُ لَهُ مِنَ ٱللّٰهِ؟ حَاشَا لِي! لاَ يَنْسِبِ ٱلْمَلِكُ شَيْئاً لِعَبْدِهِ وَلاَ لِجَمِيعِ بَيْتِ أَبِي، لأَنَّ عَبْدَكَ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئاً مِنْ كُلِّ هٰذَا صَغِيراً أَوْ كَبِيراً. 16 فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: مَوْتاً تَمُوتُ يَا أَخِيمَالِكُ أَنْتَ وَكُلُّ بَيْتِ أَبِيكَ».

ع 8 ص 19: 4 و5 و20: 32 و2صموئيل 5: 19 و23

لم ينكر أخيمالك أنه أعطى داود خبزاً وسيف جليات وسأل له من الله ولكنه أنكر معرفة كمون داود للملك. وقال إنه عرف أن داود أمين وصهر الملك وصاحب سره ومكرم عنده وكان اعتاد السؤال له من الله. وشاول إذ لم يقدر أن يجاوبه أو يثبت دعواه عليه التجأ كعادته (20: 33) إلى سلطته المطلقة فحكم بالموت على أخيمالك وجميع الكهنة.

17 - 19 «17 وَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِلسُّعَاةِ ٱلْوَاقِفِينَ لَدَيْهِ: دُورُوا وَٱقْتُلُوا كَهَنَةَ ٱلرَّبِّ، لأَنَّ يَدَهُمْ أَيْضاً مَعَ دَاوُدَ، وَلأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ هَارِبٌ وَلَمْ يُخْبِرُونِي. فَلَمْ يَرْضَ عَبِيدُ ٱلْمَلِكِ أَنْ يَمُدُّوا أَيْدِيَهُمْ لِيَقَعُوا بِكَهَنَةِ ٱلرَّبِّ. 18 فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِدُوَاغَ: دُرْ أَنْتَ وَقَعْ بِٱلْكَهَنَةِ. فَدَارَ دُوَاغُ ٱلأَدُومِيُّ وَوَقَعَ هُوَ بِٱلْكَهَنَةِ، وَقَتَلَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ رَجُلاً لاَبِسِي أَفُودِ كَتَّانٍ، 19 وَضَرَبَ نُوبَ مَدِينَةَ ٱلْكَهَنَةِ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ: ٱلرِّجَالَ وَٱلنِّسَاءَ وَٱلأَطْفَالَ وَٱلرِّضْعَانَ وَٱلثِّيرَانَ وَٱلْحَمِيرَ وَٱلْغَنَمَ».

2ملوك 10: 25 و2أيام 12: 10 ص 2: 31 ص 2: 18 ص 15: 3

السُّعَاةِ كانوا يركضون أمام الملك. إن ياهو في زمانه أمر السعاة بقتل كهنة البعل (2ملوك 10: 25) وأما سعاة شاول فلم يرضوا أن يمدوا أيديهم ليقتلوا كهنة الرب. وكان يجب على شاول أن يفهم أن أمره كان مكروهاً جداً عند جميع الشعب حتى عند عبيده أيضاً. وقليلون من الناس وإن كانوا أشراراً يتجاسرون على إهانة فرائض الدين وخدمته. ولا شك أن جميع الأسباط حينما سمعوا خبر مقتل الكهنة اقشعروا وكرهوا الملك الذي أمر به والأدومي الذي أطاع الأمر وأكرموا السعاة الذين خاطروا بنفوسهم وعصوا الملك.

لاَبِسِي أَفُودِ كَتَّانٍ أي كانوا كلهم كهنة معروفين من لباسهم.

ٱلنِّسَاءَ وَٱلأَطْفَالَ ليس من داع لهذه القساوة المتجاوزة الحد لأنه لو كان أخيمالك مخطئاً في عمله لاستحق الموت وحده دون كل الكهنة ونسائهم وأولادهم الذين لم يكن لهم يد في الأمر ولا يقدرون أن يؤذوا الملك. والمدينة التي أخربها شاول لم تكن للعمالقة ولا للفلسطينيين بل لإسرائيل والقتلى كلهم من شعبه.

وهكذا تمت النبوة في بيت عالي (2: 31) لأن أخيمالك والكهنة في نوب كانوا من نسله.

20 - 23 «20 فَنَجَا وَلَدٌ وَاحِدٌ لأَخِيمَالِكَ بْنِ أَخِيطُوبَ ٱسْمُهُ أَبِيَاثَارُ وَهَرَبَ إِلَى دَاوُدَ. 21 وَأَخْبَرَ أَبِيَاثَارُ دَاوُدَ بِأَنَّ شَاوُلَ قَدْ قَتَلَ كَهَنَةَ ٱلرَّبِّ. 22 فَقَالَ دَاوُدُ لأَبِيَاثَارَ: عَلِمْتُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي فِيهِ كَانَ دُوَاغُ ٱلأَدُومِيُّ هُنَاكَ أَنَّهُ يُخْبِرُ شَاوُلَ. أَنَا سَبَّبْتُ لِجَمِيعِ أَنْفُسِ بَيْتِ أَبِيكَ. 23 أَقِمْ مَعِي. لاَ تَخَفْ، لأَنَّ ٱلَّذِي يَطْلُبُ نَفْسِي يَطْلُبُ نَفْسَكَ، وَلٰكِنَّكَ عِنْدِي مَحْفُوظٌ».

ص 2: 33 ص 23: 9 و30: 7 و2صموئيل 2: 1 و1ملوك 2: 26 و27 ص 21: 7 و1ملوك 2: 26

أَنَا سَبَّبْتُ لِجَمِيعِ أَنْفُسِ بَيْتِ أَبِيكَ لما ذهب داود إلى نوب لم يعرف أن دواغ هناك ولم يعرف أن شاول عندما يسمع الخبر يقتل الكهنة وهكذا بلا قصد صار داود سبباً لقتلهم. و بقي أبياثار عند داود وصار رئيس الكهنة إلى زمان سليمان فانتقلت رئاسة الكهنة إلى صادوق من نسل أليعازار. كانت الرئاسة أولاً لبيت أليعازار (عدد 20: 28) ثم انتقلت إلى عالي من بيت إيثامار (1: 9) ولا نعرف لأي سبب ثم رجعت إلى بيت أليعازار لما عين سليمان صادوق رئيس كهنة (1ملوك 2: 26 و27).

فوائد

  1. يجب الإيمان بالله بأنه يجعل الضيقات الحاضرة واسطة لمجدنا وراحتنا الأبدية (2كورنثوس 4: 17). ومن يصدق إذا نظر إلى داود وهو في مغارة عدلام أنه سيكون ملكاً ممجداً في أورشليم. ومن يصدق إذا نظر إلى المساكين والمظلومين في أيامنا أنهم سيكونون ملوكاً وكهنة لله (رؤيا 1: 6).

  2. إن المتضايق يقدر أن يعين المتضايقين لأنه يعرف أحوالهم بالاختبار ومهما تضايقنا نجد من هو متضايق أكثر منا (ع 2).

  3. يجب الاعتناء بالوالدين العاجزين وإن كنا ضعفاء وفقراء (ع 3).

  4. علينا أن نطيع أمر الرب وإن كنا لا نقدر أن نفهمه أو كان يسبب لنا تعباً وقساوة (ع 5).

  5. إن مرّ النفس لا يرى في العالم إلا المرارة وهو كمن يضع على عينيه منظارين أسودين فيرى كل شيء أسود (ع 8).

  6. إذا قصدنا أن يفهم الناس من شهادتنا غير الواقع تكون شهادتنا شهادة زور وإن كان كلّ ما قلنا صادقاً (ع 9 و10).

  7. إن القساوة تجاوز الخوف. فإن خوف شاول من داود وظنه أنه كامن له حمله على قتل الكهنة والنساء والأطفال.

  8. إن الواجبات لله قبل الواجبات للملك (1بطرس 2: 17) (ع 17).

  9. إن خطايانا تؤثر في أولادنا حتى القرن الرابع (خروج 20: 5 و1صموئيل 2: 31) كان أخيمالك ابن أخيطوب بن فينحاس بن عالي.

  10. يتمم الأشرار أحياناً مقاصد الله ولكنهم لا يُبرأون.

  11. إن الاشتراك في الضيقات واسطة للاتحاد (ع 23).

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلْعِشْرُونَ

1 - 5 «1 فَأَخْبَرُوا دَاوُدَ: هُوَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ يُحَارِبُونَ قَعِيلَةَ وَيَنْهَبُونَ ٱلْبَيَادِرَ. 2 فَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ: أَأَذْهَبُ وَأَضْرِبُ هٰؤُلاَءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ؟ فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِدَاوُدَ: ٱذْهَبْ وَٱضْرِبِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَخَلِّصْ قَعِيلَةَ. 3 فَقَالَ رِجَالُ دَاوُدَ لَهُ: هَا نَحْنُ هٰهُنَا فِي يَهُوذَا خَائِفُونَ، فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ إِذَا ذَهَبْنَا إِلَى قَعِيلَةَ ضِدَّ صُفُوفِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ؟ 4 فَعَادَ أَيْضاً دَاوُدُ وَسَأَلَ مِنَ ٱلرَّبِّ، فَأَجَابَهُ ٱلرَّبُّ: قُمِ ٱنْزِلْ إِلَى قَعِيلَةَ، فَإِنِّي أَدْفَعُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لِيَدِكَ. 5 فَذَهَبَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ إِلَى قَعِيلَةَ وَحَارَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَسَاقَ مَوَاشِيَهُمْ وَضَرَبَهُمْ ضَرْبَةً عَظِيمَةً، وَخَلَّصَ دَاوُدُ سُكَّانَ قَعِيلَةَ».

يشوع 15: 44 ونحميا 3: 17 و18 ع 4 و6 و9 - 12 و2صموئيل 5: 19 و23 يشوع 8: 7 وقضاة 7: 7

فَأَخْبَرُوا دَاوُدَ لم يخبروا شاول لأن نظر الشعب تحوّل إلى داود وصار رجاؤهم به فالتجأوا إليه.

قَعِيلَةَ مدينة في سهل يهوذا بقرب تخم الفلسطينيين (يشوع 15: 44) فوق وادي البطم وإلى جنوبي مغارة عدلام وعلى بعد ثلاثة أميال منها واسمها اليوم كيلا.

سَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ كان النبي جاد عنده في موآب ولعله ذهب معه إلى أرض يهوذا (22: 5) وكان الواسطة بين الرب وداود. وكانوا يسألون الرب أحياناً بواسطة نبي (1ملوك 22: 5 و7 و8) وغالباً عن يد كاهن. ولم يرد داود أن يعمل شيئاً من غير مشورة الرب. ولنا وسائل لمعرفة الواجب وهي مطالعة الكتاب المقدس والصلاة وإرشاد الأتقياء والضمير.

فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِدَاوُدَ إن قصد الرب بمجيء داود إلى أرض يهوذا تخليص قعيلة.

فَقَالَ رِجَالُ دَاوُدَ ذكروا ما كان موافقاً حسب أفكارهم أي أنهم لا يذهبون ويضربون الفلسطينيين أولاً لأنهم قليلو العدد بالنسبة إلى الفلسطينيين وثانياً أنهم إذا ضربوا وانتصروا عليهم يأتيهم جيش أعظم فلا يقدرون عليهم وهم ست مئة رجل فقط.

فَعَادَ أَيْضاً دَاوُدُ وَسَأَلَ مِنَ ٱلرَّبِّ حينما عرف آراء رجاله ونظر الصعوبات والخطر ظنّ أنه لم يفهم أمر الرب وطلب الاستفهام ثانية. ولكن لما تحقق الأمر لم يتأخر عما يجب عمله وإن كان غير موافق حسب الظاهر عند رجاله وغير مقبول. وظهر تسلط داود على رجاله وثقتهم لأنهم أطاعوه في ما يخالف رأيهم. وتعلموا من نتيجة هذا الأمر أن يطيعوا الرب وقائدهم في كل أمر.

6 «وَكَانَ لَمَّا هَرَبَ أَبِيَاثَارُ بْنُ أَخِيمَالِكَ إِلَى دَاوُدَ إِلَى قَعِيلَةَ نَزَلَ وَبِيَدِهِ أَفُودٌ».

ص 22: 20

هَرَبَ أَبِيَاثَارُ إلى داود بعدما قتل شاول الكهنة ونجا هو وحده (22: 20) فوجد داود في قعيلة. والكلام بينه وبين داود المذكور في (22: 21 - 23) كان بعد وصوله إلى قعيلة وبعد الحوادث المذكورة في (23: 1 - 5).

وَبِيَدِهِ أَفُودٌ (14: 3 وتفسيره) وذكر الأفود هنا لإيضاح ما سيأتي في (9 - 12 و30: 7 و8) أي بعدما حضر أبياثار وبيده أفود أخذ داود يسأل من الرب بواسطته.

7 «فَأُخْبِرَ شَاوُلُ بِأَنَّ دَاوُدَ قَدْ جَاءَ إِلَى قَعِيلَةَ. فَقَالَ شَاوُلُ: قَدْ نَبَذَهُ ٱللّٰهُ إِلَى يَدِي، لأَنَّهُ قَدْ أُغْلِقَ عَلَيْهِ بِٱلدُّخُولِ إِلَى مَدِينَةٍ لَهَا أَبْوَابٌ وَعَوَارِضُ».

نَبَذَهُ ٱللّٰهُ إِلَى يَدِي معنى الكلمة العبرانية «جعله أجنبياً» أي رفضه فلم يعرفه. فإن شاول وهو مرفوض من الله ظن أن الله معه وإن داود هو المرفوض.

مَدِينَةٍ لَهَا أَبْوَابٌ مدينة محصنة من زمان الكنعانيين (يشوع 11: 13) أو حصنها شاول احتراساً من الفلسطينيين.

قَدْ أُغْلِقَ عَلَيْهِ إما أن أهل المدينة يسلمونه وإما أن تسقط المدينة عند المحاصرة وعلى الوجهين ظن شاول أن داود لا يقدر أن يفلت.

8 - 13 «8 وَدَعَا شَاوُلُ جَمِيعَ ٱلشَّعْبِ لِلْحَرْبِ لِلنُّزُولِ إِلَى قَعِيلَةَ لِمُحَاصَرَةِ دَاوُدَ وَرِجَالِهِ. 9 فَلَمَّا عَرَفَ دَاوُدُ أَنَّ شَاوُلَ مُنْشِئٌ عَلَيْهِ ٱلشَّرَّ، قَالَ لأَبِيَاثَارَ ٱلْكَاهِنِ قَدِّمِ ٱلأَفُودَ. 10 ثُمَّ قَالَ دَاوُدُ: يَا رَبُّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ، إِنَّ عَبْدَكَ قَدْ سَمِعَ بِأَنَّ شَاوُلَ يُحَاوِلُ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى قَعِيلَةَ لِيُخْرِبَ ٱلْمَدِينَةَ بِسَبَبِي. 11 فَهَلْ يُسَلِّمُنِي أَهْلُ قَعِيلَةَ لِيَدِهِ؟ هَلْ يَنْزِلُ شَاوُلُ كَمَا سَمِعَ عَبْدُكَ؟ يَا رَبُّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ، أَخْبِرْ عَبْدَكَ. فَقَالَ ٱلرَّبُّ: يَنْزِلُ. 12 فَقَالَ دَاوُدُ: هَلْ يُسَلِّمُنِي أَهْلُ قَعِيلَةَ مَعَ رِجَالِي لِيَدِ شَاوُلَ؟ فَقَالَ ٱلرَّبُّ: يُسَلِّمُونَ. 13 فَقَامَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ، نَحْوُ سِتِّ مِئَةِ رَجُلٍ، وَخَرَجُوا مِنْ قَعِيلَةَ وَذَهَبُوا حَيْثُمَا ذَهَبُوا. فَأُخْبِرَ شَاوُلُ بِأَنَّ دَاوُدَ قَدْ أَفْلَتَ مِنْ قَعِيلَةَ، فَعَدَلَ عَنِ ٱلْخُرُوجِ».

ص 22: 20 ع 6 وص 30: 7 ع 20 وقضاة 15: 1 - 13 ص 22: 2 و25: 13 و2صموئيل 15: 20

دَعَا شَاوُلُ جَمِيعَ ٱلشَّعْبِ أي جميع جيشه وهو أقل مما كان في أول ملكه (22: 7) ولكنه أعظم بكثير من رجال داود ولا يقدر داود وأهل قعيلة أن يقاوموه لو أرادوا المقاومة.

قَدِّمِ ٱلأَفُودَ لم يلبس الكاهن الأفود أي الرداء دائماً بل عند دخوله إلى القدس أمام الرب (خروج 28: 29) وعند السؤال من الرب وكان على الأفود الصدرة وعلى الصدرة الحجارة الكريمة الاثنا عشر والأوريم والتميم (خروج 28: 30) غير أننا لا نعرف ما هي الأوريم والتميم سوى أنهما واسطة للسؤال من الرب. ومعنى أوريم «أنوار» وتميم «تمام». وكان لداود رجاء خاص عند سؤاله من الرب لأن الرب كان أمره أن يذهب إلى أرض يهوذا ويخلص قعيلة فمن كل بدٍ يخلصه مما وقع عليه بسبب طاعته لهذين الأمرين.

هَلْ يُسَلِّمُنِي أَهْلُ قَعِيلَةَ سأل نفس السؤال مرتين وهذا يدل على لجاجته وشدة ضيقه.

يُسَلِّمُونَ وهنا امتحان لإيمان داود ورجاله لأنهم وإن كانوا خلصوا من الفلسطينيين لم يخلصوا من شاول إلا بهربهم منه. وكان أهل قعيلة قليلي الشكر لأنهم لم يحاموا عمن كان خلصهم وقليلي الإيمان لأنهم لم يصدقوا أن الرب الذي أرسل لهم عبده داود ليخلصهم من الفلسطينيين يقدر أن يخلصهم أيضاً من شاول (قضاة 15: 10 - 13) وقصد شاول أن يحارب قعيلة لو بقي داود فيها لأنه اعتبر داود وكل الذين قبلوه عصاة.

سِتِّ مِئَةِ رَجُلٍ كانوا أربعة مئة فصاروا ست مئة.

ذَهَبُوا حَيْثُمَا ذَهَبُوا لم يقصدوا مكاناً ولم يثبتوا في مكان بل تاهوا في البرية الواقعة في شرقي أرض يهوذا الممتدة إلى البحر الميت.

14 «وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ فِي ٱلْحُصُونِ وَمَكَثَ فِي ٱلْجَبَلِ فِي بَرِّيَّةِ زِيفٍ. وَكَانَ شَاوُلُ يَطْلُبُهُ كُلَّ ٱلأَيَّامِ، وَلٰكِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ ٱللّٰهُ لِيَدِهِ».

يشوع 15: 55 و2أيام 11: 8 مزمور 32: 7

فِي ٱلْحُصُونِ حصون طبيعية كالصخور والأودية والمغاور.

بَرِّيَّةِ زِيفٍ في الجنوب الشرقي من حبرون وعلى بعد أربعة أميال منها حيث ترى اليوم تلاً وآثاراً قديمة واسمها تل زيف. وهذه البرية قفر مخيف خالٍ من السكان والأشجار والنباتات.

لَمْ يَدْفَعْهُ ٱللّٰهُ لِيَدِهِ لولا عناية الله لكان شاول وجده وأخذه لأنه لم ينفك عن طلبه نحو أربع سنين فما أكره حياة داود في تلك الأيام إذ لم يكن له مكان يستقر به ولم يكن له يوم من الراحة والأمان. ولكنه تشدد في الرب. ومن مراحم الله أننا لا نعرف المستقبل فنرجو كل يوم أنه يكون آخر أيام ضيقاتنا.

15 - 18 «15 فَرَأَى دَاوُدُ أَنَّ شَاوُلَ قَدْ خَرَجَ يَطْلُبُ نَفْسَهُ. وَكَانَ دَاوُدُ فِي بَرِّيَّةِ زِيفٍ فِي ٱلْغَابِ. 16 فَقَامَ يُونَاثَانُ بْنُ شَاوُلَ وَذَهَبَ إِلَى دَاوُدَ إِلَى ٱلْغَابِ وَشَدَّدَ يَدَهُ بِٱللّٰهِ. 17 وَقَالَ لَهُ: لاَ تَخَفْ لأَنَّ يَدَ شَاوُلَ أَبِي لاَ تَجِدُكَ، وَأَنْتَ تَمْلِكُ عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَأَنَا أَكُونُ لَكَ ثَانِياً. وَشَاوُلُ أَبِي أَيْضاً يَعْلَمُ ذٰلِكَ. 18 فَقَطَعَا كِلاَهُمَا عَهْداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ. وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي ٱلْغَابِ، وَأَمَّا يُونَاثَانُ فَمَضَى إِلَى بَيْتِهِ».

ص 30: 6 ونحميا 2: 18 ص 20: 31 و24: 20 ص 18: 3 و20: 12 - 17 و2صموئيل 9: 1

فِي ٱلْغَابِ قال كوندر لا شيء من الأشجار والنباتات في هذا القفر ولا يمكن أن يكون وذلك لعدم وجود الماء وجدوبة الأرض. ولكننا نستنتج من الكلام هنا انه في زمان داود كان شيء من الشجيرات.

قَامَ يُونَاثَانُ خاطر بنفسه بذهابه إلى داود فوجده لأن المحبة تعمل ما لا يقدر البغض عليه. والصديق يُعرف وقت الضيق.

وَشَدَّدَ يَدَهُ بِٱللّٰهِ لم يأت بنجدات أو ذخائر بل بما هو أفضل منها فإنه أولاً حقق له محبته المخلصة غير المتغيرة في أعظم الضيقات وثانياً شدد يده بالله وقوى إيمانه بمواعيده.

وَأَنْتَ تَمْلِكُ آمن بمواعيد الله ووثق بداود أنه ينال هذه المواعيد.

وَأَنَا أَكُونُ لَكَ ثَانِياً أحبه أكثر من نفسه وفضله على نفسه. لو عاش يوناثان ورأى داود ملكاً لكان على الأرجح على قوله هذا وقبل أن يكون ثاني الملك وهذا أمر صعب جداً على من كان وارث الملك. وبحكمة الله مات قبلما تبوّأ داود العرش وترك لنا مثال المحبة المخلصة إلى المنتهى.

19، 20 «19 فَصَعِدَ ٱلزِّيفِيُّونَ إِلَى شَاوُلَ إِلَى جِبْعَةَ قَائِلِينَ: أَلَيْسَ دَاوُدُ مُخْتَبِئاً عِنْدَنَا فِي حُصُونٍ فِي ٱلْغَابِ فِي تَلِّ حَخِيلَةَ ٱلَّتِي إِلَى يَمِينِ ٱلْقَفْرِ. 20 فَٱلآنَ حَسَبَ كُلِّ شَهْوَةِ نَفْسِكَ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ فِي ٱلنُّزُولِ ٱنْزِلْ، وَعَلَيْنَا أَنْ نُسَلِّمَهُ لِيَدِ ٱلْمَلِكِ».

ص 26: 1 وعنوان مزمور 54 ص 26: 3 ع 12

ٱلزِّيفِيُّونَ غايتهم في عملهم هذا أن يُرضوا شاول لأنهم خافوا منه لأنه إذا عرف أن داود عندهم وهم لم يخبروه يحسبهم أصدقاء لداود وأعداء لنفسه. ومن تلهم (ع 14) كانوا يراقبون داود ورجاله (انظر مزمور 54).

تَلِّ حَخِيلَةَ ظن كوندر أنها موضع يكين الحالية وهي رأس يشرف على البرية فيُرى منه شواهق عين جدي والبحر الميت وجبال موآب (قاموس الكتاب).

يَمِينِ ٱلْقَفْرِ أي جنوبيه لأن القدماء كانوا يشيرون إلى الجهات والوجه متجه للشرق فيكون الجنوب عن اليمين. والقفر هو البرية المذكورة في (ع 14) وهي برية اليهودية (متّى 3: 1).

21 - 23 «21 فَقَالَ شَاوُلُ: مُبَارَكُونَ أَنْتُمْ مِنَ ٱلرَّبِّ لأَنَّكُمْ قَدْ أَشْفَقْتُمْ عَلَيَّ. 22 فَٱذْهَبُوا أَكِّدُوا أَيْضاً وَٱعْلَمُوا وَٱنْظُرُوا مَكَانَهُ حَيْثُ تَكُونُ رِجْلُهُ وَمَنْ رَآهُ هُنَاكَ. لأَنَّهُ قِيلَ لِي إِنَّهُ مَكْراً يَمْكُرُ. 23 فَٱنْظُرُوا وَٱعْلَمُوا جَمِيعَ ٱلْمُخْتَبَئَاتِ ٱلَّتِي يَخْتَبِئُ فِيهَا ثُمَّ ٱرْجِعُوا إِلَيَّ عَلَى تَأْكِيدٍ، فَأَسِيرَ مَعَكُمْ. وَيَكُونُ إِذَا وُجِدَ فِي ٱلأَرْضِ أَنِّي أُفَتِّشُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ أُلُوفِ يَهُوذَا».

ص 22: 8

مُبَارَكُونَ أَنْتُمْ مِنَ ٱلرَّبِّ رأى كل شيء مقلوباً لأنه رأى نفسه المظلوم وداود الظالم. وحسب نفسه عبد الرب وحسب داود مرفوضاً. وظن أنه في حالة يُرثى لها وأن داود هو سبب ضيقاته.

حَيْثُ تَكُونُ رِجْلُهُ شبّه داود بوحش والزيفيين بصيادين يتبعونه بواسطة أثر رجله.

مَكْراً يَمْكُرُ كان داود أظهر اقتداره واختباره بنجاته من شاول مرات كثيرة.

بِجَمِيعِ أُلُوفِ يَهُوذَا ألوف يهوذا أقسامها الكبرى (عدد 1: 16 و10: 4) ومعنى قول شاول أنه يفتش عن داود بتدقيق في أرض يهوذا كلها.

24، 25 «24 فَقَامُوا وَذَهَبُوا إِلَى زِيفٍ قُدَّامَ شَاوُلَ. وَكَانَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ فِي بَرِّيَّةِ مَعُونٍ فِي ٱلسَّهْلِ عَنْ يَمِينِ ٱلْقَفْرِ. 25 وَذَهَبَ شَاوُلُ وَرِجَالُهُ لِلتَّفْتِيشِ، فَأَخْبَرُوا دَاوُدَ فَنَزَلَ إِلَى ٱلصَّخْرِ وَأَقَامَ فِي بَرِّيَّةِ مَعُونٍ. فَلَمَّا سَمِعَ شَاوُلُ تَبِعَ دَاوُدَ إِلَى بَرِّيَّةِ مَعُونٍ».

ص 25: 2 ويشوع 15: 55

ذَهَبُوا إِلَى زِيفٍ قُدَّامَ شَاوُلَ ونفرض أنهم نظروا المختبآت التي اختبأ فيها وعلموا طرقها ثم رجعوا وأخبروا شاول.

مَعُونٍ لعلها معين الحالية موقعها عند تل مخروطي الشكل على بعد 8 أميال جنوبي حبرون (يشوع 15: 55) وكانت مسكن نابال (25: 2).

عَنْ يَمِينِ ٱلْقَفْرِ أي جنوبي القفر.

فَنَزَلَ إِلَى ٱلصَّخْرِ المذكور في (ع 28).

26 «فَذَهَبَ شَاوُلُ عَنْ جَانِبِ ٱلْجَبَلِ مِنْ هُنَا، وَدَاوُدُ وَرِجَالُهُ عَنْ جَانِبِ ٱلْجَبَلِ مِنْ هُنَاكَ. وَكَانَ دَاوُدُ يَفِرُّ فِي ٱلذَّهَابِ مِنْ أَمَامِ شَاوُلَ، وَكَانَ شَاوُلُ وَرِجَالُهُ يُحَاوِطُونَ دَاوُدَ وَرِجَالَهُ لِيَأْخُذُوهُمْ».

مزمور 17: 9

قال كوندر أنه بين حخيلة ومعون وادٍ فيه صخور كثيرة لا يمكن عبوره. وكان شاول ورجاله على جانب من الوادي وداود ورجاله على الجانب الآخر وكانوا يرون بعضهم بعضاً. ولكن لا يمكن شاول أن يصل إلى داود إلا بعد دورة طويلة. وقصد شاول ورجاله أن يحيطوا بداود ورجاله أي أن ينقسموا قسمين يدور القسم الواحد يميناً والآخر شمالاً فيجتمعون وراء داود فلا يمكنه أن يفلت منهم. وداود فهم هذا القصد ففرّ من أمام شاول.

عَنْ جَانِبِ ٱلْجَبَلِ لا نفهم من هذا القول أن الجبل كان بين داود وشاول. لأن الجبل اسم يُطلق على المكان كله وكان الوادي المذكور داخلاً في الجبل. وكان داود على جانب الجبل النازل إلى الوادي من هنا وشاول على جانب الجبل النازل إلى الوادي من هناك وبينهما الوادي كما سبق الكلام.

27 «فَجَاءَ رَسُولٌ إِلَى شَاوُلَ يَقُولُ: أَسْرِعْ وَٱذْهَبْ لأَنَّ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ قَدِ ٱقْتَحَمُوا ٱلأَرْضَ».

فَجَاءَ رَسُولٌ هكذا الرب خلّص داود ولولا هذا الخبر عن اقتحام الفلسطينيين لكان خلاص داود من شاول مستحيلاً. يُظن أن الأرض التي اقتحمها الفلسطينيون أملاك شاول الخاصة.

28، 29 «28 فَرَجَعَ شَاوُلُ عَنِ اتِّبَاعِ دَاوُدَ، وَذَهَبَ لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. لِذٰلِكَ دُعِيَ ذٰلِكَ ٱلْمَوْضِعُ «صَخْرَةَ ٱلزَّلَقَاتِ». 29 وَصَعِدَ دَاوُدُ مِنْ هُنَاكَ وَأَقَامَ فِي حُصُونِ عَيْنِ جَدْيٍ».

يشوع 15: 62 و2أيام 20: 2

دُعي ذلك الموضع صخرة الزلقات لأن شاول زلق أي عثر فلم يمسك داود. والكلمة العبرانية المترجمة زلقات معناها «محلقة» وبعضهم يترجمونها بمفارقة أي مفارقة داود وشاول. وجد كوندر وادياً اسمه وادي ملكه ورأى مشابهة بين هذا الاسم والاسم العبراني. ولم ير مكاناً آخر بقرب معون يمكنه أن يكون موقع هذه الحادثة.

حُصُونِ عَيْنِ جَدْيٍ أي حصون طبيعية كالصخور والمغاور. وعين جدي حصّون تامار المذكورة في (تكوين 14: 7). وموضعها في يهوذا تبعد عن بحيرة لوط نحو ميل وارتفاعها عن سطح بحر لوط نحو 400 قدم وانحطاطها عن سطح بحر الروم 900 قدم وتعلو الشواهق فوق عين جدي نحو 1200 قدم والوصول إليها صعب جداً فكانت ملجأ موافقاً لداود ويقربها مغاور كثيرة. وفيها عينان وأشجار ونباتات. وهي مذكورة في (نشيد الأناشيد 1: 14 انظر مزمور 63) (قاموس الكتاب).

فوائد

  1. إن الله يرشد الذي يطلب منه الإرشاد ويعلن مشيئته لمن هو مستعد أن يعملها (ع 2).

  2. إذا أرسلنا الرب لإتمام أمرٍ يعطينا ما نحتاج إليه من النعمة. ونستطيع كل شيء بالمسيح (ع 2 - 5).

  3. ليس لمن يعمل مشيئة نفسه أن يقول الله معي (ع 7).

  4. إذا تركنا الذين وثقنا بهم فذلك بمشيئة الله لكي نتعلم أن نتكل عليه وحده (ع 12 و19).

  5. إننا في أيام كثيرة نكون كمن يتيه في قفر بلا عمل وبلا مرشد وبلا معرفة الغد ولكن الرب لا يتركنا بل يمتحننا فيعلن نفسه لنا في الوقت الملائم (ع 13).

  6. إن الله برحمته إلى بعض أتقيائه ينقلهم في شرخ الشباب من هذا العالم لأنه يعرف التجارب التي تصيبهم وتغلبهم لو بقوا على قيد الحياة (ع 17) (وأنا أكون لك ثانياً و31: 2 ضرب الفلسطينيون يوناثان).

  7. إن الله الذي بيده جميع الناس يقدر أن ينجي أتقياءه مهما كثرت أعداؤهم وعسرت أحوالهم.

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

1 - 3 «1 وَلَمَّا رَجَعَ شَاوُلُ مِنْ وَرَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ أَخْبَرُوهُ: هُوَذَا دَاوُدُ فِي بَرِّيَّةِ عَيْنِ جَدْيٍ. 2 فَأَخَذَ شَاوُلُ ثَلاَثَةَ آلاَفِ رَجُلٍ مُنْتَخَبِينَ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَذَهَبَ يَطْلُبُ دَاوُدَ وَرِجَالَهُ عَلَى صُخُورِ ٱلْوُعُولِ. 3 وَجَاءَ إِلَى حَظَائِرِ ٱلْغَنَمِ ٱلَّتِي فِي ٱلطَّرِيقِ. وَكَانَ هُنَاكَ كَهْفٌ فَدَخَلَ شَاوُلُ لِحَاجَةٍ لَهُ (وَدَاوُدُ وَرِجَالُهُ كَانُوا جُلُوساً فِي مُؤَخَّرَةِ ٱلْكَهْفِ)».

ص 23: 28 و29 ص 23: 19 ص 26: 2 قضاة 3: 24 عنوان مزمور 57 وعنوان مزمور 132

عَيْنِ جَدْيٍ (23: 29).

صُخُورِ ٱلْوُعُولِ تجد حتى اليوم الوعول (التيوس أو الشياه الجبلية) في الشواهق فوق عين جدي. وشاول من فرط حنقه على داود طارده حتى وصل هو ورجاله إلى أماكن يكاد لا يقدر أحد على الوصول إليها غير الوعول.

صِيَر (حَظَائِرِ ) ٱلْغَنَمِ يبني الرعاة حظيرة للغنم أو المعزى عند باب كهف تأويها الغنم ليلاً وفي أيام المطر والبرد. ودخل شاول الكهف وحده ووقف رجاله خارجاً. ولما كان الكهف مظلماً لم ير شاول فيه شيئاً. وأما داود ورجاله فكانوا في الداخل وكانوا اعتادوا الظلام فرأوا شاول عندما دخل وعرفوه. وربما لم يكن في الكهف إلا بعض رجال داود الست مئة وكان الباقون بجواره.

4 - 7 «4 فَقَالَ رِجَالُ دَاوُدَ لَهُ: هُوَذَا ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِي قَالَ لَكَ عَنْهُ ٱلرَّبُّ: هَئَنَذَا أَدْفَعُ عَدُوَّكَ لِيَدِكَ فَتَفْعَلُ بِهِ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ. فَقَامَ دَاوُدُ وَقَطَعَ طَرَفَ جُبَّةِ شَاوُلَ سِرّاً. 5 وَكَانَ بَعْدَ ذٰلِكَ أَنَّ قَلْبَ دَاوُدَ ضَرَبَهُ عَلَى قَطْعِهِ طَرَفَ جُبَّةِ شَاوُلَ، 6 فَقَالَ لِرِجَالِهِ: حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هٰذَا ٱلأَمْرَ بِسَيِّدِي بِمَسِيحِ ٱلرَّبِّ، فَأَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ لأَنَّهُ مَسِيحُ ٱلرَّبِّ هُوَ. 7 فَوَبَّخَ دَاوُدُ رِجَالَهُ بِٱلْكَلاَمِ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَقُومُونَ عَلَى شَاوُلَ. وَأَمَّا شَاوُلُ فَقَامَ مِنَ ٱلْكَهْفِ وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ».

ص 23: 17 و25: 28 - 30 و2صموئيل 24: 10 ص 21: 11

هُوَذَا ٱلْيَوْمُ الخ هذا قول رجال داود ولكن الرب لم يقل إنه يدفع شاول ليد داود ليقتله بل قال (13: 14) إنه انتخب لنفسه رجلاً حسب قلبه وأمره ليترأس على شعبه (انظر أيضاً 15: 28 و16: 1 - 13) ولم يفهم داود أن الرب أمره بقتل شاول بل بالعكس أنه يجب عليه الخضوع للملك وتسليم أمره للرب بالصبر.

قَطَعَ طَرَفَ جُبَّةِ شَاوُلَ لعل شاول خلعها لما دخل الكهف ووضعها إلى جانب. وقصد داود أن يظهر أنه كان يقدر أن يقتل شاول لو أراد. ولكن بعد ذلك وبخه ضميره لأنه مدّ يده إلى مسيح الرب. وبقوله هذا أظهر اعتباره لمسيح شاول لأن المسيح كان من الرب وإن كان شاول قد أخطأ إلى الرب وإلى داود. ولا شك أن قول داود هذا أثر في رجاله فحفظوه في قلوبهم وتذكروه بعدما استوى على العرش فاعتبروا مسحه أيضاً كما اعتبر داود مسح شاول.

فَوَبَّخَ دَاوُدُ رِجَالَهُ لأنهم أرادوا قتل شاول وكان قتله جائزاً وضرورياً حسب أفكارهم.

8 - 15 «8 ثُمَّ قَامَ دَاوُدُ بَعْدَ ذٰلِكَ وَخَرَجَ مِنَ ٱلْكَهْفِ وَنَادَى وَرَاءَ شَاوُلَ: يَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ. وَلَمَّا ٱلْتَفَتَ شَاوُلُ إِلَى وَرَائِهِ خَرَّ دَاوُدُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ وَسَجَدَ. 9 وَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: لِمَاذَا تَسْمَعُ كَلاَمَ ٱلنَّاسِ ٱلْقَائِلِينَ: هُوَذَا دَاوُدُ يَطْلُبُ أَذِيَّتَكَ. 10 هُوَذَا قَدْ رَأَتْ عَيْنَاكَ ٱلْيَوْمَ هٰذَا كَيْفَ دَفَعَكَ ٱلرَّبُّ لِيَدِي فِي ٱلْكَهْفِ، وَقِيلَ لِي أَنْ أَقْتُلَكَ، وَلٰكِنَّنِي أَشْفَقْتُ عَلَيْكَ وَقُلْتُ: لاَ أَمُدُّ يَدِي إِلَى سَيِّدِي لأَنَّهُ مَسِيحُ ٱلرَّبِّ هُوَ. 11 فَٱنْظُرْ يَا أَبِي، ٱنْظُرْ أَيْضاً طَرَفَ جُبَّتِكَ بِيَدِي. فَمِنْ قَطْعِي طَرَفَ جُبَّتِكَ وَعَدَمِ قَتْلِي إِيَّاكَ ٱعْلَمْ وَٱنْظُرْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِي شَرٌّ وَلاَ جُرْمٌ، وَلَمْ أُخْطِئْ إِلَيْكَ، وَأَنْتَ تَصِيدُ نَفْسِي لِتَأْخُذَهَا. 12 يَقْضِي ٱلرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَيَنْتَقِمُ لِي ٱلرَّبُّ مِنْكَ، وَلٰكِنْ يَدِي لاَ تَكُونُ عَلَيْكَ. 13 كَمَا يَقُولُ مَثَلُ ٱلْقُدَمَاءِ: مِنَ ٱلأَشْرَارِ يَخْرُجُ شَرٌّ. وَلٰكِنْ يَدِي لاَ تَكُونُ عَلَيْكَ. 14 وَرَاءَ مَنْ خَرَجَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ؟ وَرَاءَ مَنْ أَنْتَ مُطَارِدٌ؟ وَرَاءَ كَلْبٍ مَيِّتٍ! وَرَاءَ بُرْغُوثٍ وَاحِدٍ! 15 فَيَكُونُ ٱلرَّبُّ ٱلدَّيَّانَ وَيَقْضِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَيَرَى وَيُحَاكِمُ مُحَاكَمَتِي وَيُنْقِذُنِي مِنْ يَدِكَ».

ص 25: 23 و24 و1ملوك 1: 31 مزمور 7: 3 و4 ع 4 و2ملوك 5: 13 ص 23: 14 و23 و26: 20 ص 26: 10 و23 وتكوين 31: 53 وقضاة 11: 27 متّى 7: 16 - 20 ص 26: 20 ع 12 مزمور 35: 1

خَرَّ دَاوُدُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ علامة اعتباره لشاول لكونه ملكاً وإن كان عدوه وغير مستحق للاحترام وبيّن ثقته بشاول إذ خرج وأظهر نفسه له غير خائف من غدره.

كَلاَمَ ٱلنَّاسِ أشار إلى بعض المفسدين عند شاول أصحاب الغايات النفسية. (قابل مزمور 7: 3 و4 بالعددين 10 و11 من هذا الأصحاح ومزمور 7: 8 و9 بالعدد 15 من هذا الأصحاح).

وَقِيلَ لِي أَنْ أَقْتُلَكَ القائلون رجاله (ع 4) وربما قالوا له أن دخول شاول إلى الكهف وحده علامة من الرب أنه سمح لداود بقتله. ولكن لا يجوز لنا أن نفسر الحوادث كما نريد. وأصاب داود في تفسيره هذه الحادثة إن الرب أعطاه بها فرصة لإظهار سمّو نفسه وأمانته لملكه مسيح الرب.

يَا أَبِي دلالة على المحبة والاعتبار.

مِنَ ٱلأَشْرَارِ يَخْرُجُ شَرٌّ من يقصد الشر بقلبه يعمله بيده عندما تسنح له الفرصة. وأما داود فحانت له الفرصة ولم يعمل شراً فلم يكن شرّ في قلبه.

يَدِي لاَ تَكُونُ عَلَيْكَ أخطأ شاول إلى داود ظلمه أشد الظلم فلا بد من معاقبته وإظهار الحق ولكن ذلك يجب أن يفعله الرب لا داود.

وَرَاءَ كَلْبٍ مَيِّتٍ حقير جداً مثل كلب بالنسبة إلى الملك فلا يقدر أن يعمل معه شراً فمثله مثل كلب ميت.

وَرَاءَ بُرْغُوثٍ وَاحِدٍ صغير وحقير جداً مثل برغوث. والبرغوث يدل على سرعة الحركة والنشاط. فقبلما يصل الملك إليه يمكنه أن يفلت ويفر إلى مكان آخر. ومراد داود أنه لا يليق بالملك أن يأخذ 3000 رجل منتخبين من جميع إسرائيل ويخرج وراء رجل واحد لا يقصد الشر ولا يقدر أن يعمله بل على الملك بالأحرى أن يحارب الفلسطينيين وغيرهم من أعداء إسرائيل.

فَيَكُونُ ٱلرَّبُّ ٱلدَّيَّانَ (مزمور 35: 1 ومزمور 43: 1).

16 - 22 «16 فَلَمَّا فَرَغَ دَاوُدُ مِنَ ٱلتَّكَلُّمِ بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ إِلَى شَاوُلَ قَالَ شَاوُلُ: أَهٰذَا صَوْتُكَ يَا ٱبْنِي دَاوُدُ؟ وَرَفَعَ شَاوُلُ صَوْتَهُ وَبَكَى. 17 ثُمَّ قَالَ لِدَاوُدَ: أَنْتَ أَبَرُّ مِنِّي لأَنَّكَ جَازَيْتَنِي خَيْراً وَأَنَا جَازَيْتُكَ شَرّاً. 18 وَقَدْ أَظْهَرْتَ ٱلْيَوْمَ أَنَّكَ عَمِلْتَ بِي خَيْراً لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ دَفَعَنِي بِيَدِكَ وَلَمْ تَقْتُلْنِي. 19 فَإِذَا وَجَدَ رَجُلٌ عَدُوَّهُ، فَهَلْ يُطْلِقُهُ فِي طَرِيقِ خَيْرٍ؟ فَٱلرَّبُّ يُجَازِيكَ خَيْراً عَمَّا فَعَلْتَهُ لِي ٱلْيَوْمَ هٰذَا. 20 وَٱلآنَ فَإِنِّي عَلِمْتُ أَنَّكَ تَكُونُ مَلِكاً وَتَثْبُتُ بِيَدِكَ مَمْلَكَةُ إِسْرَائِيلَ. 21 فَٱحْلِفْ لِي ٱلآنَ بِٱلرَّبِّ إِنَّكَ لاَ تَقْطَعُ نَسْلِي مِنْ بَعْدِي، وَلاَ تُبِيدُ ٱسْمِي مِنْ بَيْتِ أَبِي. 22 فَحَلَفَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ. ثُمَّ ذَهَبَ شَاوُلُ إِلَى بَيْتِهِ، وَأَمَّا دَاوُدُ وَرِجَالُهُ فَصَعِدُوا إِلَى ٱلْحِصْنِ».

ص 26: 17 ص 26: 21 متّى 5: 44 ص 26: 23 ص 23: 17 ص 13: 14 ص 20: 14 - 17 وتكوين 13: 23 و2صموئيل 21: 6 - 8 ص 23: 29

يَا ٱبْنِي دَاوُدُ كان شاول رجلاً متقلباً أخطأ فتاب ثم أخطأ أيضاً. طلب قتل داود ثم بكى عليه ثم عاد وطلب قتله. فجازاه داود عن شره بخير وجمع جمر نار على رأسه (رومية 12: 20).

عَلِمْتُ أَنَّكَ تَكُونُ مَلِكاً كما قال ابنه يوناثان (23: 17) وكان شاول سمع من صموئيل (15: 28) أن الرب سيمزق مملكته عنه ويعطيها لصاحبه وكان قد رأى في داود ما يدل على أنه هو المقصود بقول صموئيل ولا سيما مما كان داود قد عمله في ذلك اليوم والروح التي أظهرها داود كانت دليلاً على أن الله معه.

لاَ تَقْطَعُ نَسْلِي مِنْ بَعْدِي حسب العادة القديمة البربرية (20: 14 و1ملوك 15: 29) وتذكر داود حلفه (2صموئيل 9: 1) وهكذا شاول قابل داود. وأما داود ورجاله فصعدوا إلى الحصن أي حصن عين جدي لأنه لم يتكل على شاول بل عرف أن كلامه الحسن بلا ثمر.

فوائد

  1. يجب أن لا نجني الثمر فجاً. لأن الله يعطينا كل الخيرات في وقتها فعلينا بالصبر إلى الوقت المعين منه فلا نمد اليد لنجنيها قبل نضجها (ع 4).

  2. يجب أن نحترم الذين هم في منصب وإن كانوا غير مستحقين بالنظر إلى أعمالهم (متّى 23: 1 - 3) (ع 6).

  3. من يحكم على نفسه يقدر أن يحكم على غيره أيضاً (ع 7).

  4. يجب أن لا نتكلم كلاماً فاسداً ولا أن نسمعه (ع 9).

  5. أحسن تعزية للمظلومين إيمانهم أن الرب يقضي لهم (ع 12).

  6. يجب أن نتأمل في غاية حياتنا فلا نقضي أيامنا في طلب ما لا يستحق تعبنا (14).

  7. من يحل روح الله عليه ينتصر على أعدائه. ولكن وسائل الانتصار روحية كالتواضع والمحبة والجواب الليّن.

  8. إن الغلبة التي بها نجتذب أعداءنا إلينا أفضل من الغلبة التي بها نهلكهم (ع 16 - 22).

اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ وَٱلْعِشْرُونَ

1 «وَمَاتَ صَمُوئِيلُ فَٱجْتَمَعَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ وَنَدَبُوهُ وَدَفَنُوهُ فِي بَيْتِهِ فِي ٱلرَّامَةِ. وَقَامَ دَاوُدُ وَنَزَلَ إِلَى بَرِّيَّةِ فَارَانَ».

ص 28: 3 تثنية 34: 8 و2ملوك 21: 18 و2أيام 33: 20 تكوين 21: 21 وعدد 10: 12 و13: 3

ندبوا صموئيل كما ندبوا موسى (تثنية 34: 8) ندبه جميع إسرائيل لأنهم كانوا عرفوه واعتبروه. كان له من العمر نحو 90 سنة لما مات ولما دعاه الرب كان سنّه 12 سنة. كان نبياً وقاضياً ومشيراً للملك الأول ومؤسساً لمدارس الأنبياء وكان خادماً أميناً للرب وشاهداً للحق بلا خوف من الشعب أو من الملك وبلا غايات نفسية. لم يكن كاهناً ولكنه كان يمارس الخدمة الكهنوتية لأن الوقت كان وقت إصلاح روحي وأعظم خدمته للشعب صلواته لأجلهم. والرب أقامه وأعطاه للشعب عند شدة احتياجهم إليه ليحفظهم من السقوط الروحي والسياسي. ولا شك أن داود كان أول النادبين لأن صموئيل كان له أباً روحياً ومرشداً خاصاً وبعد موته أصبح داود المسؤول أكثر من غيره في إرشاد الشعب في الروحيات.

دَفَنُوهُ فِي بَيْتِهِ ليس في نفس البيت الذي كان نجساً إذ ذاك (عدد 19: 16) وربما كان في بستان بيته (قابل ما قيل في دفن منسى في 2ملوك 21: 18 بما قيل في 2أيام 33: 20).

فِي ٱلرَّامَةِ (1: 1) هي الرامة الحالية أو النبي صموئيل أو رام الله. والرام الحالية شمالي أورشليم وتبعد عنها نحو خمسة أميال.

بَرِّيَّةِ فَارَانَ (انظر فاران وبرية فاران في قاموس الكتاب) بادية واسعة جنوبي أرض اليهودية يحدها شرقاً أرض أدوم وجنوباً برية سيناء وغرباً برية شور.

2، 3 «2 وَكَانَ رَجُلٌ فِي مَعُونٍ وَأَمْلاَكُهُ فِي ٱلْكَرْمَلِ. وَكَانَ ٱلرَّجُلُ عَظِيماً جِدّاً وَلَهُ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ مِنَ ٱلْغَنَمِ وَأَلْفٌ مِنَ ٱلْمَعْزِ وَكَانَ يَجُزُّ غَنَمَهُ فِي ٱلْكَرْمَلِ. 3 وَٱسْمُ ٱلرَّجُلِ نَابَالُ وَٱسْمُ ٱمْرَأَتِهِ أَبِيجَايِلُ. وَكَانَتِ ٱلْمَرْأَةُ جَيِّدَةَ ٱلْفَهْمِ وَجَمِيلَةَ ٱلصُّورَةِ. وَأَمَّا ٱلرَّجُلُ فَكَانَ قَاسِياً وَرَدِيءَ ٱلأَعْمَالِ. وَهُوَ كَالِبِيٌّ».

ص 23: 24 يشوع 15: 55 و2صموئيل 19: 32 و2صموئيل 13: 23 ص 30: 14 ويشوع 15: 13

مَعُونٍ اسمها الحالي معين وهي على بعد 8 أميال جنوبي حبرون. ويسمى ما حولها برية معون (23: 24).

ٱلْكَرْمَلِ (15: 12) تبعد عن معون نحو ميل حيث ترى اليوم آثاراً تسمت بنفس الاسم (يشوع 15: 55).

عَظِيماً جِدّاً أي بالأملاك وسنرى أنه لم يكن عظيماً في شيء آخر.

يَجُزُّ غَنَمَهُ (2صموئيل 13: 23 و24) كان وقت الفرح والأكل والشرب والترحيب والإكرام.

نَابَالُ معنى الاسم بالعبراني جاهل (مزمور 14: 1 وأمثال 30: 22) وربما تسمى نابال بهذا الاسم لأن الجهل من صفاته.

كَالِبِيٌّ من نسل كالب الذي سكن حبرون وجوارها (يشوع 15: 13) ولكنه ابن دني لأب شريف والاسم الشريف أشهر دنائته «وبضدها تتبيّن الأشياء».

4 - 9 «4 فَسَمِعَ دَاوُدُ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ أَنَّ نَابَالَ يَجُزُّ غَنَمَهُ. 5 فَأَرْسَلَ دَاوُدُ عَشَرَةَ غِلْمَانٍ وَقَالَ دَاوُدُ لِلْغِلْمَانِ: ٱصْعَدُوا إِلَى ٱلْكَرْمَلِ وَٱدْخُلُوا إِلَى نَابَالَ وَٱسْأَلُوا بِٱسْمِي عَنْ سَلاَمَتِهِ 6 وَقُولُوا هٰكَذَا: حَيِيتَ وَأَنْتَ سَالِمٌ وَبَيْتُكَ سَالِمٌ وَكُلُّ مَالِكَ سَالِمٌ. 7 وَٱلآنَ قَدْ سَمِعْتُ أَنَّ عِنْدَكَ جَزَّازِينَ. حِينَ كَانَ رُعَاتُكَ مَعَنَا لَمْ نُؤْذِهِمْ وَلَمْ يُفْقَدْ لَهُمْ شَيْءٌ كُلَّ ٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي كَانُوا فِيهَا فِي ٱلْكَرْمَلِ. 8 اِسْأَلْ غِلْمَانَكَ فَيُخْبِرُوكَ. فَلْيَجِدِ ٱلْغِلْمَانُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ لأَنَّنَا قَدْ جِئْنَا فِي يَوْمٍ طَيِّبٍ. فَأَعْطِ مَا وَجَدَتْهُ يَدُكَ لِعَبِيدِكَ وَلٱبْنِكَ دَاوُدَ. 9 فَجَاءَ ٱلْغِلْمَانُ وَكَلَّمُوا نَابَالَ حَسَبَ كُلِّ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ بِٱسْمِ دَاوُدَ وَكَفُّوا».

1أيام 12: 18 و2صموئيل 13: 23 و24 ع 15 و21 نحميا 8: 10 - 12

سَمِعَ دَاوُدُ سمع خبر الفرح والأكل والشرب.

فَأَعْطِ مَا وَجَدَتْهُ يَدُكَ كان داود ورجاله خدموا نابال خدمة مفيدة ضرورية إذ حفظوه هو ومواشيه من الوحوش واللصوص ولم يأخذوا منه شيئاً ولم يريدوا أن يأخذوا الآن إلا برضاه.

لٱبْنِكَ دَاوُدَ كان داود شاباً وسمى نفسه ابناً لنابال علامة الاعتبار له لكونه صاحب الأملاك.

كَفُّوا اكتفوا بالسلام والكلام الطيب ولم يذكروا قوتهم وسلاحهم وما سيعملونه إذا رفض طلبهم.

10، 11 «10 فَأَجَابَ نَابَالُ عَبِيدَ دَاوُدَ: وَقَالَ مَنْ هُوَ دَاوُدُ وَمَنْ هُوَ ٱبْنُ يَسَّى؟ قَدْ كَثُرَ ٱلْيَوْمَ ٱلْعَبِيدُ ٱلَّذِينَ يَهْرُبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَمَامِ سَيِّدِهِ! 11 أَآخُذُ خُبْزِي وَمَائِي وَذَبِيحِيَ ٱلَّذِي ذَبَحْتُ لِجَازِّيَّ وَأُعْطِيهِ لِقَوْمٍ لاَ أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُمْ؟».

قضاة 9: 28

مَنْ هُوَ دَاوُدُ كلام احتقار. ولا شك أنه كان عرف داود جيداً وسمع خبر اقتداره في حروب الفلسطينيين.

أَآخُذُ خُبْزِي وَمَائِي وَذَبِيحِيَ كرر ضمير المتكلم والكلام يدل على طمع وكبرياء وبخل فإنه لم يفتكر إلا بنفسه. وإذا أكل وشرب لا يهمه إذا جاع غيره. استفاد من داود ورجاله بالماضي وربما ظن أن الماضي مضى وبالمستقبل يقدر أن يستغني عنه. ولكن الكتاب يعلمنا أن جميع الخيرات منه تعالى والذي بيدنا ليس لنا بل نحن موكلون عليه.

12، 13 «12 فَتَحَوَّلَ غِلْمَانُ دَاوُدَ إِلَى طَرِيقِهِمْ وَرَجَعُوا وَجَاءُوا وَأَخْبَرُوهُ حَسَبَ كُلِّ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ. 13 فَقَالَ دَاوُدُ لِرِجَالِهِ: لِيَتَقَلَّدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ سَيْفَهُ. فَتَقَلَّدَ كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ. وَتَقَلَّدَ دَاوُدُ أَيْضاً سَيْفَهُ. وَصَعِدَ وَرَاءَ دَاوُدَ نَحْوُ أَرْبَعِ مِئَةِ رَجُلٍ، وَمَكَثَ مِئَتَانِ مَعَ ٱلأَمْتِعَةِ».

ص 23: 13 ص 3: 24

غضب داود ورجاله من جواب نابال لأنه من بخله لم يعطهم ما كان يحق لهم وزاد على ذلك فأهانهم. ولا شك أن داود أخطأ بغضبه القاسي وبقصده أن يقتل كثيرين من الأبرياء بسبب جهالة واحد.

14 - 17 «14 فَأَخْبَرَ أَبِيجَايِلَ ٱمْرَأَةَ نَابَالَ غُلاَمٌ مِنَ ٱلْغِلْمَانِ: هُوَذَا دَاوُدُ أَرْسَلَ رُسُلاً مِنَ ٱلْبَرِّيَّةِ لِيُبَارِكُوا سَيِّدَنَا فَثَارَ عَلَيْهِمْ. 15 وَٱلرِّجَالُ مُحْسِنُونَ إِلَيْنَا جِدّاً، فَلَمْ نُؤْذَ وَلاَ فُقِدَ مِنَّا شَيْءٌ كُلَّ أَيَّامِ تَرَدُّدِنَا مَعَهُمْ وَنَحْنُ فِي ٱلْحَقْلِ. 16 كَانُوا سُوراً لَنَا لَيْلاً وَنَهَاراً كُلَّ ٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا مَعَهُمْ نَرْعَى ٱلْغَنَمَ. 17 وَٱلآنَ ٱعْلَمِي وَٱنْظُرِي مَاذَا تَعْمَلِينَ، لأَنَّ ٱلشَّرَّ قَدْ أُعِدَّ عَلَى سَيِّدِنَا وَعَلَى بَيْتِهِ، وَهُوَ ٱبْنُ لَئِيمٍ لاَ يُمْكِنُ ٱلْكَلاَمُ مَعَهُ».

ص 23: 10 و15: 13 ع 7 و21 خروج 14: 22

فَأَخْبَرَ أَبِيجَايِلَ لم يقدر الغلام أن يكلم سيده لأنه عرف طبعه وإنه لا يسمع له. فما أعظم جهالة نابال وجهالة جميع الذين لا يسمعون كلام الإنذار.

كَانُوا سُوراً لنا إن أربعة آلاف من الغنم والمعز ليس بعدد قليل وكانت متفرقة على مساحة واسعة من البرية. واللصوص كالعمالقة والجشوريين والجرزيين (27: 8) كانوا يرونها ويشتهونها. ولولا داود ورجاله لكانوا نهبوها. وبما أن نابال من بني إسرائيل رأى داود أنه من واجباته أن يحامي عنه. وبما أن الملك شاول لم يهتم لهم صار داود كملكهم.

18 - 22 «18 فَبَادَرَتْ أَبِيجَايِلُ وَأَخَذَتْ مِئَتَيْ رَغِيفِ خُبْزٍ وَزِقَّيْ خَمْرٍ وَخَمْسَةَ خِرْفَانٍ مُهَيَّأَةً وَخَمْسَ كَيْلاَتٍ مِنَ ٱلْفَرِيكِ وَمِئَتَيْ عُنْقُودٍ مِنَ ٱلزَّبِيبِ وَمِئَتَيْ قُرْصٍ مِنَ ٱلتِّينِ وَوَضَعَتْهَا عَلَى ٱلْحَمِيرِ 19 وَقَالَتْ لِغِلْمَانِهَا: ٱعْبُرُوا قُدَّامِي. هَئَنَذَا جَائِيَةٌ وَرَاءَكُمْ. وَلَمْ تُخْبِرْ رَجُلَهَا نَابَالَ. 20 وَفِيمَا هِيَ رَاكِبَةٌ عَلَى ٱلْحِمَارِ وَنَازِلَةٌ فِي سُتْرَةِ ٱلْجَبَلِ إِذَا بِدَاوُدَ وَرِجَالِهِ مُنْحَدِرُونَ لٱسْتِقْبَالِهَا، فَصَادَفَتْهُمْ. 21 وَقَالَ دَاوُدُ: إِنَّمَا بَاطِلاً حَفِظْتُ كُلَّ مَا لِهٰذَا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ فَلَمْ يُفْقَدْ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ شَيْءٌ، فَكَافَأَنِي شَرّاً بَدَلَ خَيْرٍ. 22 هٰكَذَا يَصْنَعُ ٱللّٰهُ لأَعْدَاءِ دَاوُدَ وَهٰكَذَا يَزِيدُ إِنْ أَبْقَيْتُ ذَكَراً مِنْ كُلِّ مَا لَهُ إِلَى ضَوْءِ ٱلصَّبَاحِ».

2صموئيل 16: 1 و1أيام 12: 40 تكوين 32: 16 و20 ص 3: 17 و20: 13 و1ملوك 14: 10

بَادَرَتْ أَبِيجَايِلُ سمعت الكلام ولم تحتد على غلامها كأنه تدخل في ما لا يعنيه. وأظهرت حكمتها لأنها لم تضع الوقت بالكلام والولولة بل بادرت إلى العمل.

وَزِقَّيْ خَمْرٍ كانت الزقاق من جلود الجداء أو البقر أو المعز وعلى الغالب من الأخير. والخمر والزبيب والتين من غلال حبرون.

خَمْسَةَ خِرْفَانٍ مُهَيَّأَةً لأجل وليمة الجزازين.

وَخَمْسَ كَيْلاَتٍ مِنَ ٱلْفَرِيكِ نحو عشرة أرطال.

نَازِلَةٌ فِي سُتْرَةِ ٱلْجَبَلِ نازلة لتقطع الوادي أمامها وكان داود ورجاله منحدرين في عبر هذا الوادي لاستقبالها.

فَصَادَفَتْهُمْ لم يعرفوا أنها آتية وأما هي فقصدتهم.

وَقَالَ دَاوُدُ لا نفهم أنه قال هذا الكلام لأبيجايل بل إنه كان قصد أن يقطع كل من كان لنابال.

يَصْنَعُ ٱللّٰهُ لأَعْدَاءِ دَاوُدَ (20: 16) تكملة القسم تستلزم القول يصنع الله لداود ولكن حسب الاصطلاح الشرقي قال هكذا يصنع الله لأعداء داود وهو يعني داود.

23 - 25 «23 وَلَمَّا رَأَتْ أَبِيجَايِلُ دَاوُدَ أَسْرَعَتْ وَنَزَلَتْ عَنِ ٱلْحِمَارِ، وَسَقَطَتْ أَمَامَ دَاوُدَ عَلَى وَجْهِهَا وَسَجَدَتْ إِلَى ٱلأَرْضِ، 24 وَسَقَطَتْ عَلَى رِجْلَيْهِ وَقَالَتْ: عَلَيَّ أَنَا يَا سَيِّدِي هٰذَا ٱلذَّنْبُ، وَدَعْ أَمَتَكَ تَتَكَلَّمُ فِي أُذُنَيْكَ وَٱسْمَعْ كَلاَمَ أَمَتِكَ. 25 لاَ يَضَعَنَّ سَيِّدِي قَلْبَهُ عَلَى ٱلرَّجُلِ ٱللَّئِيمِ هٰذَا، عَلَى نَابَالَ، لأَنَّ كَٱسْمِهِ هٰكَذَا هُوَ. نَابَالُ ٱسْمُهُ وَٱلْحَمَاقَةُ عِنْدَهُ. وَأَنَا أَمَتَكَ لَمْ أَرَ غِلْمَانَ سَيِّدِي ٱلَّذِينَ أَرْسَلْتَهُمْ».

ص 20: 41

سقطت أبيجايل أمام داود أول ما رأته وهو بعيد ولما اقترب سقطت على رجليه ساجدة لتقدم له طلبتها. وقالت عليّ أنا يا سيدي هذا الذنب أي أنها قبلت على نفسها كل ما استوجبه زوجها من العقاب وعدت نابال مجنوناً لا يعتد به.

26 - 28 «26 وَٱلآنَ يَا سَيِّدِي حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ مَنَعَكَ عَنْ إِتْيَانِ ٱلدِّمَاءِ وَٱنْتِقَامِ يَدِكَ لِنَفْسِكَ. وَٱلآنَ فَلْيَكُنْ كَنَابَالَ أَعْدَاؤُكَ وَٱلَّذِينَ يَطْلُبُونَ ٱلشَّرَّ لِسَيِّدِي. 27 وَٱلآنَ هٰذِهِ ٱلْبَرَكَةُ ٱلَّتِي أَتَتْ بِهَا جَارِيَتُكَ إِلَى سَيِّدِي فَلْتُعْطَ لِلْغِلْمَانِ ٱلسَّائِرِينَ وَرَاءَ سَيِّدِي. 28 وَٱصْفَحْ عَنْ ذَنْبِ أَمَتِكَ لأَنَّ ٱلرَّبَّ يَصْنَعُ لِسَيِّدِي بَيْتاً أَمِيناً، لأَنَّ سَيِّدِي يُحَارِبُ حُرُوبَ ٱلرَّبِّ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيكَ شَرٌّ كُلَّ أَيَّامِكَ».

عبرانيين 10: 30 و2صموئيل 18: 32 ص 30: 26 وتكوين 33: 11 ع 24 ص 22: 14 و2صموئيل 7: 16 ص 18: 17 ص 24: 11 ومزمور 7: 3

ٱلرَّبَّ قَدْ مَنَعَكَ كأن الرب أرسلها لأنه لم يرد أن داود يخطي هذه الخطية. وأشارت إلى ما كان داود عمله في أمر شاول فإنه لم ينتقم لنفسه.

فَلْيَكُنْ كَنَابَالَ مثله بالضعف لأنه لا يقدر أن يعمل شيئاً يستحق التفات رجل مثل داود. وكلامها مثل نبوءة غير أنها لم تعرف أن رجلها يموت عن قريب بيد الرب.

يُحَارِبُ حُرُوبَ ٱلرَّبِّ آمنت هي وغيرها أن داود هو المدعو من الرب ليخلّص شعبه من أعدائهم وهو رجل سرّ الرب به وليس فيه شر. يُستنتج من كلامها أنه لا يليق بمن قد اختاره الرب ومن كان بلا لوم إلى ذلك الوقت أن يدنّس يديه بدم الأبرياء بسبب إهانة رجل جاهل له.

29 «وَقَدْ قَامَ رَجُلٌ لِيُطَارِدَكَ وَيَطْلُبَ نَفْسَكَ، وَلٰكِنْ نَفْسُ سَيِّدِي لِتَكُنْ مَحْزُومَةً فِي حُزْمَةِ ٱلْحَيَاةِ مَعَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ. وَأَمَّا نَفْسُ أَعْدَائِكَ فَلْيَرْمِ بِهَا كَمَا مِنْ وَسَطِ كَفَّةِ ٱلْمِقْلاَعِ».

إرميا 10: 18

قَدْ قَامَ رَجُلٌ لِيُطَارِدَكَ وهو شاول.

مَحْزُومَةً فِي حُزْمَةِ ٱلْحَيَاةِ في الأصل صرّة الحياة والصرّة ما توضع فيه الفضة (تكوين 42: 35) فتُحفظ بكل اعتناء. وأما أعداء الرب فهم مثل الحجارة التي تطرحها كفة المقلاع.

30، 31 «30 وَيَكُونُ عِنْدَمَا يَصْنَعُ ٱلرَّبُّ لِسَيِّدِي حَسَبَ كُلِّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ مِنَ ٱلْخَيْرِ مِنْ أَجْلِكَ، وَيُقِيمُكَ رَئِيساً عَلَى إِسْرَائِيلَ، 31 أَنَّهُ لاَ تَكُونُ لَكَ هٰذِهِ مَصْدَمَةً وَمَعْثَرَةَ قَلْبٍ لِسَيِّدِي أَنَّكَ قَدْ سَفَكْتَ دَماً عَفْواً، أَوْ أَنَّ سَيِّدِي قَدِ ٱنْتَقَمَ لِنَفْسِهِ. وَإِذَا أَحْسَنَ ٱلرَّبُّ إِلَى سَيِّدِي فَٱذْكُرْ أَمَتَكَ».

ص 13: 14 ع 30 وتكوين 40: 14

آمنت بمواعيد الرب ولا سيما بوعده بأن داود يملك على إسرائيل. وكان رجاءها أنه لا يعمل في الوقت الحاضر ما يحزنه ويخجله بعدما يصير ملكاً.

32 - 35 «32 فَقَالَ دَاوُدُ لأَبِيجَايِلَ: مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي أَرْسَلَكِ هٰذَا ٱلْيَوْمَ لٱسْتِقْبَالِي، 33 وَمُبَارَكٌ عَقْلُكِ وَمُبَارَكَةٌ أَنْتِ لأَنَّكِ مَنَعْتِنِي ٱلْيَوْمَ مِنْ إِتْيَانِ ٱلدِّمَاءِ وَٱنْتِقَامِ يَدِي لِنَفْسِي. 34 وَلٰكِنْ حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي مَنَعَنِي عَنْ أَذِيَّتِكِ، إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُبَادِرِي وَتَأْتِي لٱسْتِقْبَالِي لَمَا أُبْقِيَ ذَكَرٌ لِنَابَالَ إِلَى ضَوْءِ ٱلصَّبَاحِ. 35 فَأَخَذَ دَاوُدُ مِنْ يَدِهَا مَا أَتَتْ بِهِ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهَا: ٱصْعَدِي بِسَلاَمٍ إِلَى بَيْتِكِ. اُنْظُرِي. قَدْ سَمِعْتُ لِصَوْتِكِ وَرَفَعْتُ وَجْهَكِ».

خروج 18: 10 ع 26 ص 20: 42 و2ملوك 5: 19 تكوين 19: 21

كان كلامها الجواب اللين الذي يصرف الغضب (أمثال 15: 1) وكان داود رجلاً عاقلاً يسمع ويتأمل وإن كان قد غاظه نابال. ومجد الله الذي أرسلها وبواسطتها منعه عن الانتقام لنفسه. يُظن أن أبيجايل كانت تعلمت من صموئيل لأن قليلين في أيامها كان لهم إيمانها ومعرفتها. وهذه القصة وغيرها من الكتاب المقدس تعلّمنا أنه ليس للرجل أن يحتقر المرأة لكونها أضعف منه في الجسد لأنها كثيراً ما تكون أقوى منه في العقل والحكمة والتدبير. كان داود أقسم بالرب (ع 22) إنه لا يُبقي أحداً ممن لنابال ولكن الحنث بحل كهذا أولى من حفظه.

36 - 38 «36 فَجَاءَتْ أَبِيجَايِلُ إِلَى نَابَالَ وَإِذَا وَلِيمَةٌ عِنْدَهُ فِي بَيْتِهِ كَوَلِيمَةِ مَلِكٍ. وَكَانَ نَابَالُ قَدْ طَابَ قَلْبُهُ وَكَانَ سَكْرَانَ جِدّاً، فَلَمْ تُخْبِرْهُ بِشَيْءٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ إِلَى ضَوْءِ ٱلصَّبَاحِ. 37 وَفِي ٱلصَّبَاحِ عِنْدَ خُرُوجِ ٱلْخَمْرِ مِنْ نَابَالَ أَخْبَرَتْهُ ٱمْرَأَتُهُ بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ، فَمَاتَ قَلْبُهُ دَاخِلَهُ وَصَارَ كَحَجَرٍ. 38 وَبَعْدَ نَحْوِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ضَرَبَ ٱلرَّبُّ نَابَالَ فَمَات».

2صموئيل 13: 23 ع 19 ص 26: 10

كَوَلِيمَةِ مَلِكٍ لم يعط شيئاً لداود ورجاله ولكن كان عنده كثير لينفقه على نفسه.

طَابَ قَلْبُهُ المسكر يغوي شاربه. طاب قلبه والموت والهلاك عند بابه.

سَكْرَانَ جِدّاً زاد على جهله الطبيعي جهل السكر.

مَاتَ قَلْبُهُ زال الخطر عنه بمساعي زوجته ولكنه خاف لما صوّر لنفسه ما كاد يصيبه لولا قليل. ويظن أن امرأته غاظته لما قالت له أنها ذهبت إلى داود وأهدته الهدايا وذلك بعدما كان طرد غلمان داود. فنابال من شدة غيظه أصابه داء السكتة.

ضَرَبَ ٱلرَّبُّ نَابَالَ أي لم يمت عن يد داود أو غيره من الناس بل مات حتف أنفهِ وربما ضربه الرب بواسطة مرض كمرض القلب أو داء السكتة.

39 - 43 «39 فَلَمَّا سَمِعَ دَاوُدُ أَنَّ نَابَالَ قَدْ مَاتَ قَالَ: مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي ٱنْتَقَمَ نَقْمَةَ تَعْيِيرِي مِنْ يَدِ نَابَالَ، وَأَمْسَكَ عَبْدَهُ عَنِ ٱلشَّرِّ، وَرَدَّ ٱلرَّبُّ شَرَّ نَابَالَ عَلَى رَأْسِهِ. وَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَتَكَلَّمَ مَعَ أَبِيجَايِلَ لِيَتَّخِذَهَا لَهُ ٱمْرَأَةً. 40 فَجَاءَ عَبِيدُ دَاوُدَ إِلَى أَبِيجَايِلَ إِلَى ٱلْكَرْمَلِ وَقَالُوا لَهَا: إِنَّ دَاوُدَ قَدْ أَرْسَلَنَا إِلَيْكِ لِنَتَّخِذَكِ لَهُ ٱمْرَأَةً. 41 فَقَامَتْ وَسَجَدَتْ عَلَى وَجْهِهَا إِلَى ٱلأَرْضِ وَقَالَتْ: هُوَذَا أَمَتُكَ جَارِيَةٌ لِغَسْلِ أَرْجُلِ عَبِيدِ سَيِّدِي. 42 ثُمَّ بَادَرَتْ وَقَامَتْ وَرَكِبَتِ ٱلْحِمَارَ مَعَ خَمْسِ فَتَيَاتٍ لَهَا ذَاهِبَاتٍ وَرَاءَهَا، وَسَارَتْ وَرَاءَ رُسُلِ دَاوُدَ وَصَارَتْ لَهُ ٱمْرَأَةً. 43 ثُمَّ أَخَذَ دَاوُدُ أَخِينُوعَمَ مِنْ يَزْرَعِيلَ فَكَانَتَا لَهُ كِلْتَاهُمَا ٱمْرَأَتَيْنِ. 44 فَأَعْطَى شَاوُلُ مِيكَالَ ٱبْنَتَهُ ٱمْرَأَةَ دَاوُدَ لِفَلْطِي بْنِ لاَيِشَ ٱلَّذِي مِنْ جَلِّيمَ».

ص 24: 15 ع 26: 34 و2صموئيل 3: 28 و29 نشيد الأناشيد 8: 8 ع 23 مرقس 1: 7 تكوين 24: 61 - 67 يشوع 15: 56 ص 18: 27 و1صموئيل 13: 14 إشعياء 10: 30

ٱنْتَقَمَ نَقْمَةَ تَعْيِيرِي علينا أن نسلّم النقمة للرب (1) لأنه يعرف قلوب جميع الناس وربما نكون نحن المخطئين. (2) لأنه خلق الإنسان فله أن يأخذه من هذا العالم حينما يريد وكما يريد. (3) لأنه عادل فلا يبرئ الخاطي. ومحب لكل بني البشر وليس عنده محاباة فنقدر أن نتكل عليه أن يعمل كل شيء حسناً.

لِيَتَّخِذَهَا لَهُ ٱمْرَأَةً كان أخذ أولاً ميكال بنت شاول ولكن أباها زفها لفلطي (ع 44) وأخينوعم (ع 43). وزيجته في ذلك الوقت دليل على أن أحواله تيّسرت قليلاً. ولا نقدر أن نستصوب تعدد الزوجات. ويزرعيل في يهوذا (يشوع 15: 56) وليست التي صارت عاصمة مملكة إسرائيل في تخم يساكر. وكانت جلّيم قريبة من جبعة شاول. وأبيجايل أظهرت إيمانها بالرب وبداود حينما سلّمت نفسها له وهو لم يزل في حال الضيق والخوف.

فوائد

  1. فلنعش هكذا حتى عندما نموت يندبنا كثيرون.

  2. يتعظم الإنسان أحياناً ويستغني فإذا لم يسخُ لا يندبه أحدٌ عند موته (ع 38).

  3. شرف الحسب والنسب والمال الكثير والمرأة الفاضلة لا تنفع إنساناً بلا حكمة.

  4. من أعظم المصائب اقتران فاضلة بلئيم. والرب قادر أن ينجيها أو يعطيها نعمة لتحتمل.

  5. عند الغضب يجب التبصر لئلا نعمل ما يحزننا ويخجلنا فيما بعد (30 و31).

  6. نشكر لله فضله إنه لا يسمح لنا أن نعمل كل ما نريد أن نعمله (34).

  7. الرب يعتني بشعبه كما يعتني الإنسان بالفضة فلا ينساهم ولا يخطفهم أحد من يده. ويقدر أن يدخل إلى حزمة الحياة كل من يريد بواسطة المسيح (ع 29).

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ وَٱلْعِشْرُونَ

1 - 4 «1 ثُمَّ جَاءَ ٱلزِّيفِيُّونَ إِلَى شَاوُلَ إِلَى جِبْعَةَ قَائِلِينَ: أَلَيْسَ دَاوُدُ مُخْتَفِياً فِي تَلِّ حَخِيلَةَ ٱلَّذِي مُقَابِلَ ٱلْقَفْرِ؟ 2 فَقَامَ شَاوُلُ وَنَزَلَ إِلَى بَرِّيَّةِ زِيفٍ وَمَعَهُ ثَلاَثَةُ آلاَفِ رَجُلٍ مُنْتَخَبِي إِسْرَائِيلَ لِيُفَتِّشَ عَلَى دَاوُدَ فِي بَرِّيَّةِ زِيفٍ. 3 وَنَزَلَ شَاوُلُ فِي تَلِّ حَخِيلَةَ ٱلَّذِي مُقَابِلَ ٱلْقَفْرِ عَلَى ٱلطَّرِيقِ. وَكَانَ دَاوُدُ مُقِيماً فِي ٱلْبَرِّيَّةِ. فَلَمَّا رَأَى أَنَّ شَاوُلَ قَدْ جَاءَ وَرَاءَهُ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ 4 أَرْسَلَ دَاوُدُ جَوَاسِيسَ وَعَلِمَ بِٱلْيَقِينِ أَنَّ شَاوُلَ قَدْ جَاءَ».

ص 23: 19 وعنوان مزمور 54 ص 13: 2 و24: 2 ص 24: 3 ص 23: 15

جَاءَ ٱلزِّيفِيُّونَ (انظر مزمور 54) وهذه مرة ثانية جاء الزيفيون بهذا الخبر إلى شاول (انظر 23: 19 إلى 24: 22) غير أنه يُظن أن هذا إعادة ما ذُكر سابقاً والحادثة واحدة فقط ولكننا نرى مع أوجه المشابهة أوجه الاختلاف أيضاً (1) مكان الحادثة الأولى عند مغارة عين جدي ومكان الحادثة الثانية محلة شاول في تل حخيلة. (2) ذُكر هناك قطع جبة شاول وهنا أخذ رمحه. (3) ذُكر هناك كلام بين داود وشاول وهنا كلم داود الشعب وأبنير أولاً ثم الملك. فالأرجح أنه كان حادثتان وليس حادثة واحدة فقط. وبما أنه بين الحادثتين مشابهة فليس بأمر غريب أن تكون المشابهة بين ألفاظ النبأين أيضاً.

مُقَابِلَ ٱلْقَفْرِ أتى في (23: 19) أن حخيلة إلى يمين القفر أي إلى جهة الجنوب منه وقيل هنا أن التل مقابل القفر أي إذا أتى أحد من الشمال على طريق القفر يرى التل مقابله (اطلب حخيلة في قاموس الكتاب).

وَمَعَهُ ثَلاَثَةُ آلاَفِ رَجُلٍ وهذا عدد جيشه الدائم (13: 2 و24: 2).

وَكَانَ دَاوُدُ مُقِيماً فِي ٱلْبَرِّيَّةِ لم يهرب. ولعله لم يصدق أن شاول يخالف كلامه السابق (24: 16 - 22) فأرسل جواسيس ليعلم يقيناً.

5 - 7 «5 فَقَامَ دَاوُدُ وَجَاءَ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي نَزَلَ فِيهِ شَاوُلُ، وَنَظَرَ دَاوُدُ ٱلْمَكَانَ ٱلَّذِي ٱضْطَجَعَ فِيهِ شَاوُلُ وَأَبْنَيْرُ بْنُ نَيْرٍ رَئِيسُ جَيْشِهِ. وَكَانَ شَاوُلُ مُضْطَجِعاً عِنْدَ ٱلْمِتْرَاسِ وَٱلشَّعْبُ نُزُولٌ حَوَالَيْهِ. 6 فَقَالَ دَاوُدُ لأَخِيمَالِكَ ٱلْحِثِّيَّ وَأَبِيشَايَ ٱبْنِ صَرُوِيَةَ أَخِي يُوآبَ: مَنْ يَنْزِلُ مَعِي إِلَى شَاوُلَ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ؟ فَقَالَ أَبِيشَايُ: أَنَا أَنْزِلُ مَعَكَ. 7 فَجَاءَ دَاوُدُ وَأَبِيشَايُ إِلَى ٱلشَّعْبِ لَيْلاً وَإِذَا بِشَاوُلَ مُضْطَجِعٌ نَائِمٌ عِنْدَ ٱلْمِتْرَاسِ وَرُمْحُهُ مَرْكُوزٌ فِي ٱلأَرْضِ عِنْدَ رَأْسِهِ وَأَبْنَيْرُ وَٱلشَّعْبُ مُضْطَجِعُونَ حَوَالَيْهِ».

ص 14: 50 و51 و17: 55 تكوين 23: 3 و26: 34 ويشوع 3: 10 و1ملوك 10: 29 و2ملوك 7: 6 و1أيام 2: 15 و16 قضاة 7: 10 و11

كان الجواسيس أخبروا داود عن المكان ودلوه عليه فجاء أولاً هو وأخيمالك وأبيشاي ونظر المكان من بعيد وربما من التل ورأى المتراس وشاول وعبيده مضطجعين ولاحظ أن الجميع نائمون حتى الحراس أيضاً وهو أمر غريب. فخطر على باله ومن طبعه الميل إلى المخاطرة أن ينزل إلى المحلة فنزل هو وأبيشاي. لا نعرف شيئاً عن أخيمالك إلا المذكور هنا أنه حثّي. وبعد ذلك بزمان كان في خدمة داود أوريا الحثي. وكان أبيشاي ابن صروية أخت داود وأخا يوآب وعسائيل. والمظنون أن امرأة يسّى كانت أولاً امرأة ناحاش ملك عمون (2صموئيل 17: 25) وولدت له صروية وأبيجايل ثم أخذها يسّى فولدت له داود وإخوته. فكانت صروية أخت داود من الأم وليست من الأب. ولا نعرف من هو أبو أبيشاي وأخويه. والمتراس هو ما تستتر به الجنود يُبنى من الحجارة أو التراب أو الخشب وكان شاول مستعداً لهجوم عدّو عليه غير أن الحراس كانوا نائمين.

8 - 12 «8 فَقَالَ أَبِيشَايُ لِدَاوُدَ: قَدْ حَبَسَ ٱللّٰهُ ٱلْيَوْمَ عَدُوَّكَ فِي يَدِكَ. فَدَعْنِيَ ٱلآنَ أَضْرِبْهُ بِٱلرُّمْحِ إِلَى ٱلأَرْضِ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَلاَ أُثَنِّي عَلَيْهِ. 9 فَقَالَ دَاوُدُ لأَبِيشَايَ: لاَ تُهْلِكْهُ، فَمَنِ ٱلَّذِي يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى مَسِيحِ ٱلرَّبِّ وَيَتَبَرَّأُ؟ 10 وَقَالَ دَاوُدُ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ، إِنَّ ٱلرَّبَّ سَوْفَ يَضْرِبُهُ أَوْ يَأْتِي يَوْمُهُ فَيَمُوتُ أَوْ يَنْزِلُ إِلَى ٱلْحَرْبِ وَيَهْلِكُ. 11 حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ أَنْ أَمُدَّ يَدِي إِلَى مَسِيحِ ٱلرَّبِّ! وَٱلآنَ فَخُذِ ٱلرُّمْحَ ٱلَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ وَكُوزَ ٱلْمَاءِ وَهَلُمَّ. 12 فَأَخَذَ دَاوُدُ ٱلرُّمْحَ وَكُوزَ ٱلْمَاءِ مِنْ عِنْدِ رَأْسِ شَاوُلَ وَذَهَبَا، وَلَمْ يَرَ وَلاَ عَلِمَ وَلاَ ٱنْتَبَهَ أَحَدٌ لأَنَّهُمْ جَمِيعاً كَانُوا نِيَاماً، لأَنَّ سُبَاتَ ٱلرَّبِّ وَقَعَ عَلَيْهِمْ».

ص 24: 6 و7 و2صموئيل 1: 14 و16 ص 25: 26 و38 تثنية 31: 14 ص 31: 6 ص 24: 6 و12 تكوين 2: 21 و15: 12

قَدْ حَبَسَ ٱللّٰهُ ٱلْيَوْمَ عَدُوَّكَ فِي يَدِكَ زعم أبيشاي أن السبات الذي وقع على شاول وجيشه دليل من الرب أنه سمح لداود أن يقتل شاول. ولكن داود ثبت في عزمه أنه لا يقتل شاول لأنه مسيح الرب (24: 4 - 7 وتفسيره).

ٱلرَّبَّ سَوْفَ يَضْرِبُهُ كما ضرب نابال أو يأتي يومه ليموت حتف أنفه. أو يُقتل في الحرب ولكن لا تكون يد داود عليه.

خُذِ ٱلرُّمْحَ ليعرف شاول والشعب أنه كان بوسع داود أن يقتل شاول. وقيل أن داود أخذ الرمح (ع 12) مع أن أبيشاي أخذه بأمره فيكون ذلك مجازاً من باب «بنى الأمير المدينة».

سُبَاتَ ٱلرَّبِّ وَقَعَ عَلَيْهِمْ كان الأمر غريباً جداً حتى ظنوا أنه عجيبة من الله.

3 «وَعَبَرَ دَاوُدُ إِلَى ٱلْعَبْرِ وَوَقَفَ عَلَى رَأْسِ ٱلْجَبَلِ عَنْ بُعْدٍ، وَٱلْمَسَافَةُ بَيْنَهُمْ كَبِيرَةٌ».

أراد داود أن يبعد عن شاول قبلما أيقظه لأنه لم يأتمنه على نفسه كما في الأول (24: 8). الجبل الذي وقف داود عليه هو تل حخيلة (ع 1) وهذا المكان أعلى من محل شاول الذي كان على الطريق (ع 3).

14 «وَنَادَى دَاوُدُ ٱلشَّعْبَ وَأَبْنَيْرَ بْنَ نَيْرٍ: أَمَا تُجِيبُ يَا أَبْنَيْرُ؟ فَأَجَابَ أَبْنَيْرُ: مَنْ أَنْتَ ٱلَّذِي يُنَادِي ٱلْمَلِكَ؟».

أَبْنَيْرَ رئيس الجيش والمسؤول عن نفس الملك (14: 50 و51).

أَمَا تُجِيبُ كانوا مستغرقين في النوم ولم ينتبهوا في بداءة الأمر.

مَنْ أَنْتَ غاظه من تجاسر على مناداة الملك وإزعاجه وربما كان الوقت عند الفجر لأن داود وأبيشاي نزلا إلى المحلة ليلاً.

15، 16 «15 فَقَالَ دَاوُدُ لأَبْنَيْرَ: أَمَا أَنْتَ رَجُلٌ، وَمَنْ مِثْلُكَ فِي إِسْرَائِيلَ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تَحْرُسْ سَيِّدَكَ ٱلْمَلِكَ؟ لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ وَاحِدٌ مِنَ ٱلشَّعْبِ لِيُهْلِكَ ٱلْمَلِكَ سَيِّدَكَ! 16 لَيْسَ حَسَناً هٰذَا ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي عَمِلْتَ! حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ إِنَّكُمْ أَبْنَاءُ ٱلْمَوْتِ أَنْتُمْ لأَنَّكُمْ لَمْ تُحَافِظُوا عَلَى سَيِّدِكُمْ، عَلَى مَسِيحِ ٱلرَّبِّ. فَٱنْظُرِ ٱلآنَ أَيْنَ هُوَ رُمْحُ ٱلْمَلِكِ وَكُوزُ ٱلْمَاءِ ٱلَّذِي كَانَ عِنْدَ رَأْسِهِ».

ص 20: 31

أَمَا أَنْتَ رَجُلٌ كان أبنير جبار بأس (2صموئيل 3: 31 - 34 و38) وتأثر جداً من تعيير داود. ومعنى قول داود أنت جبان ولست تستحق أن تُدعى رجلاً. ولكن أبنير لم يقدر أن يقول شيئاً لأن الرمح والكوز كانا بيد داود. ولا شك أن أبنير كان متفقاً مع شاول على مطاردة داود وربما كان مع الذين هيجوا شاول عليه (24: 9).

17 - 20 «17 وَعَرَفَ شَاوُلُ صَوْتَ دَاوُدَ فَقَالَ: أَهٰذَا هُوَ صَوْتُكَ يَا ٱبْنِي دَاوُدُ؟ فَقَالَ دَاوُدُ: إِنَّهُ صَوْتِي يَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكَ. 18 ثُمَّ قَالَ: لِمَاذَا يَسْعَى سَيِّدِي وَرَاءَ عَبْدِهِ، لأَنِّي مَاذَا عَمِلْتُ وَأَيُّ شَرٍّ بِيَدِي؟ 19 وَٱلآنَ فَلْيَسْمَعْ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ كَلاَمَ عَبْدِهِ. فَإِنْ كَانَ ٱلرَّبُّ قَدْ أَهَاجَكَ ضِدِّي فَلْيَشْتَمَّ تَقْدِمَةً. وَإِنْ كَانَ بَنُو ٱلنَّاسِ فَلْيَكُونُوا مَلْعُونِينَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لأَنَّهُمْ قَدْ طَرَدُونِي ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلٱنْضِمَامِ إِلَى نَصِيبِ ٱلرَّبِّ قَائِلِينَ: ٱذْهَبِ ٱعْبُدْ آلِهَةً أُخْرَى. 20 وَٱلآنَ لاَ يَسْقُطْ دَمِي إِلَى ٱلأَرْضِ أَمَامَ وَجْهِ ٱلرَّبِّ. لأَنَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ قَدْ خَرَجَ لِيُفَتِّشَ عَلَى بُرْغُوثٍ وَاحِدٍ! كَمَا يُتْبَعُ ٱلْحَجَلُ فِي ٱلْجِبَالِ!».

ص 24: 16 ص 24: 9 و11 - 14 و2صموئيل 16: 11 تكوين 8: 21 ص 24: 9 يشوع 22: 25 - 27 ص 24: 14

وَعَرَفَ شَاوُلُ صَوْتَ دَاوُدَ لأنه كان متعوداً سماعه من قبل ولكل صوت مميزات يُعرف بها.

يَا ٱبْنِي دَاوُدُ تأثر مما كان داود فعله كما في (24: 16).

إِنْ كَانَ ٱلرَّبُّ قَدْ أَهَاجَكَ إن كان داود قد أخطأ فهاج الرب شاول ليجازيه حسب عمله فليتنسم تقدمة أي أن داود مستعد أن يقر بذنبه ويقدّم ذبيحة خطية (لاويين 4: 2 و3). ويظن البعض أن داود أشار إلى الروح الذي بغت شاول من قبل الرب (16: 14) فعلى شاول أن يقدم ذبيحة خطية فيذهب عنه الروح الردي. والرب سمح للروح الردي أن يبغت شاول لأنه كان ترك الرب.

فَلْيَشْتَمَّ تَقْدِمَةً أي يقبلها ويرتضي بها (تكوين 8: 21). الله روح ولكن الكتاب يصفه كما يصف البشر فيحسبه ذا جوارح كاليد والعين والأذن والأنف. والله لا يوصف إذ ليس كمثله شيء وليس من ألفاظ تصوره للذهن لأنه ليس مادة.

مِنَ ٱلٱنْضِمَامِ إِلَى نَصِيبِ ٱلرَّبِّ (انظر مزمور 42: و63 و84). ومنها نعرف اشتياق داود الشديد إلى الاتحاد مع شعب الله والاشتراك معهم في الصلاة والتسبيح وممارسة فرائض العبادة في بيت الرب. وعمل شاول في طرده داود منسوب إلى الذين هيّجوه عليه.

قَائِلِينَ: ٱذْهَبِ ٱعْبُدْ آلِهَةً أُخْرَى هذا نتيجة عملهم في طرده. ولم يسقط داود في هذه التجربة ولكنها تجربة قوية جداً لأن من مضى عليه زمان بلا وسائل النعمة ومعاشرة المؤمنين فلا عجب إذا فترت غيرته. ومن احتمل الاضطهاد والضيق والظلم من الذين تسمّوا بشعب الله لا عجب إذا ضعف إيمانه بالله.

لاَ يَسْقُطْ دَمِي إذا قتله شاول يصرخ دمه من الأرض شهادة على شاول كدم هابيل (تكوين 4: 10).

بُرْغُوثٍ وَاحِدٍ (24: 14).

ٱلْحَجَلُ فِي ٱلْجِبَالِ مثل البرغوث لا يُمسك وإذا مُسك لا قيمة له عظيمة فلا يليق بملك إسرائيل ومنتخبيه أن يعملوا مثل هذا العمل.

21 - 25 «21 فَقَالَ شَاوُلُ: قَدْ أَخْطَأْتُ. اِرْجِعْ يَا ٱبْنِي دَاوُدُ لأَنِّي لاَ أُسِيءُ إِلَيْكَ بَعْدُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ نَفْسِي كَانَتْ كَرِيمَةً فِي عَيْنَيْكَ ٱلْيَوْمَ. هُوَذَا قَدْ حَمِقْتُ وَضَلَلْتُ كَثِيراً جِدّاً. 22 فَأَجَابَ دَاوُدُ: هُوَذَا رُمْحُ ٱلْمَلِكِ، فَلْيَعْبُرْ وَاحِدٌ مِنَ ٱلْغِلْمَانِ وَيَأْخُذْهُ. 23 وَٱلرَّبُّ يَرُدُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِرَّهُ وَأَمَانَتَهُ، لأَنَّهُ قَدْ دَفَعَكَ ٱلرَّبُّ ٱلْيَوْمَ لِيَدِي وَلَمْ أَشَأْ أَنْ أَمُدَّ يَدِي إِلَى مَسِيحِ ٱلرَّبِّ. 24 وَهُوَذَا كَمَا كَانَتْ نَفْسُكَ عَظِيمَةً ٱلْيَوْمَ فِي عَيْنَيَّ، كَذٰلِكَ لِتَعْظُمْ نَفْسِي فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ فَيَنْقُذْنِي مِنْ كُلِّ ضِيقٍ. 25 فَقَالَ شَاوُلُ لِدَاوُدَ: مُبَارَكٌ أَنْتَ يَا ٱبْنِي دَاوُدُ فَإِنَّكَ تَفْعَلُ وَتَقْدِرُ. ثُمَّ ذَهَبَ دَاوُدُ فِي طَرِيقِهِ وَرَجَعَ شَاوُلُ إِلَى مَكَانِهِ».

ص 15: 24 و30 و24: 17 ص 24: 19 ص 24: 12 ص 18: 30 مزمور 54: 7 ص 14: 19 ص 24: 22

حقّر شاول نفسه أمام جنوده إذ اعترف بخطيئته في آذانهم.

اِرْجِعْ يَا ٱبْنِي دَاوُدُ أي إلى بيتك وإلى منصبك. ولكن شاول كان اعطى ابنته ميكال امرأة داود لغيره. وعرف داود جيداً أنه لا يقدر أن يرجع إلى منصبه ما دام شاول حياً.

حَمِقْتُ وَضَلَلْتُ كَثِيراً جِدّاً خجل شاول لأنه كان غلط في تدبيره فوجده عدوه غفلاناً مرة ثانية. كل إنسان يغلط أحياناً ولكن من يغلط نفس الغلط مرتين هو أحمق.

ٱلرَّبُّ يَرُدُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِرَّهُ لم يتكل على شاول أنه يرد عليه حسب عمله الحسن ولم يحكم هو على شاول بل سلّم الحكم للرب. وفارق الواحد الآخر وليس لنا خبر أنهما اجتمعا بعد ذلك.

فوائد

  1. إن عقول الناس كأجسادهم بيد الرب. والأفكار الصالحة والآراء الحسنة والنباهة منه (ع 12).

  2. إذا أخطأ أحد إلينا يجب أن نطلب ليس هلاكه أو خسارته بل توبته ورجوعه (ع 19).

  3. ما يقصده الإنسان متكلاً على قوة نفسه وعلى التأثرات الوقتية فلا اتكال عليه (ع 21).

  4. يرد الرب على كل إنسان حسب بره وإن لم يكن بالجسديات فبالتعزية الروحية. وإن لم يكن في هذا العالم فبالآخرة (ع 23).

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

1 «وَقَالَ دَاوُدُ فِي قَلْبِهِ: إِنِّي سَأَهْلِكُ يَوْماً بِيَدِ شَاوُلَ، فَلاَ شَيْءَ خَيْرٌ لِي مِنْ أَنْ أُفْلِتَ إِلَى أَرْضِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ فَيَيْأَسُ شَاوُلُ مِنِّي فَلاَ يُفَتِّشُ عَلَيَّ بَعْدُ فِي جَمِيعِ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ، فَأَنْجُو مِنْ يَدِهِ».

ص 26: 19

سَأَهْلِكُ يَوْماً لم يتكل على قول شاول أنه لا يُسيء إليه بعد (26: 21) وصار عنده جماعة من الرجال ومن النساء والأولاد فلم يقدر أن يهرب من مكان إلى مكان ويختبئ في المغاور والبراري كالسابق. ورأى أن الشعب كالزيفيين وأهل قعيلة لا يقدرون أن يحاموا عنه.

إِلَى أَرْضِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لا نعلم من الكتاب أنه استشار الرب وسنرى أنه بعدما أفلت إلى أرض الفلسطينيين وقع في تجارب كثيرة ولا سيما الكذب. وذكر في (2صموئيل 15: 19) أن أتّاي الجتّي كان من أتباع داود والأمناء في زمان فتنة أبشالوم وذُكر في (عنوان مزمور 8: 81 و84) الجتية وربما هي آلة موسيقية أخذها داود من جتّ.

2 «فَقَامَ دَاوُدُ وَعَبَرَ هُوَ وَٱلسِّتُّ مِئَةِ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ إِلَى أَخِيشَ بْنِ مَعُوكَ مَلِكِ جَتٍّ».

ص 25: 13 ص 21: 10 و1ملوك 2: 39

أَخِيشَ بْنِ مَعُوكَ ذُكر أخيش في (21: 10) وهو الذي هرب داود إليه في أول مدة جولانه. وذُكر أخيش بن معكة في (1ملوك 2: 39) في أول مُلك سليمان. وإذا كان هو نفس الشخص كانت مدة ملكه نحو 50 سنة. ويُظن أنه كان اثنان أو أكثر بنفس الاسم وهذا شائع في أسماء الملوك. ولما هرب داود إلى جت أول مرة (ص 21) كان وحده ومن خوفه تظاهر بالجنون. وأما الآن فكان معه ست مئة محارب وأُسرهم فاستقبله أخيش لأنه ظنّ أن داود قد انحاز إليه تاركاً ملكه وشعبه إلى الأبد فيكون عبده ويحارب تحت أمره.

3، 4 «3 وَأَقَامَ دَاوُدُ عِنْدَ أَخِيشَ فِي جَتٍّ هُوَ وَرِجَالُهُ، كُلُّ وَاحِدٍ وَبَيْتُهُ، دَاوُدُ وَٱمْرَأَتَاهُ أَخِينُوعَمُ ٱلْيَزْرَعِيلِيَّةُ وَأَبِيجَايِلُ ٱمْرَأَةُ نَابَالَ ٱلْكَرْمَلِيَّةُ. 4 فَأُخْبِرَ شَاوُلُ أَنَّ دَاوُدَ قَدْ هَرَبَ إِلَى جَتٍّ فَلَمْ يَعُدْ أَيْضاً يُفَتِّشُ عَلَيْهِ».

ص 30: 3 و2صموئيل 2: 3 ص 25: 42 و43

أَخِينُوعَمُ ٱلْيَزْرَعِيلِيَّةُ يظهر أنه كان قد تزوجها قبل أبيجايل وبعد ميكال. وكانت يزرعيل مدينة في يهوذا (يشوع 15: 56).

5 - 7 «5 فَقَالَ دَاوُدُ لأَخِيشَ: إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلْيُعْطُونِي مَكَاناً فِي إِحْدَى قُرَى ٱلْحَقْلِ فَأَسْكُنَ هُنَاكَ. وَلِمَاذَا يَسْكُنُ عَبْدُكَ فِي مَدِينَةِ ٱلْمَمْلَكَةِ مَعَكَ؟ 6 فَأَعْطَاهُ أَخِيشُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ صِقْلَغَ. لِذٰلِكَ صَارَتْ صِقْلَغُ لِمُلُوكِ يَهُوذَا إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ. 7 وَكَانَ عَدَدُ ٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي سَكَنَ فِيهَا دَاوُدُ فِي بِلاَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ».

يشوع 15: 31 و19: 5 ونحميا 11: 28 ص 29: 3

لم يستحسن داود أن يسكن في المدينة مع أخيش أولاً لأن رجاله وأهل بيوتهم كثيرون وربما يتضايقون في أمر المساكن والطعام. وثانياً لأنه لم يقصد في قلبه خدمة الفلسطينيين فاستحسن أن يبعد عن أخيش ويسكن في إحدى قرى الحقل أي البرية حيث يكون لهم بعض الحرية.

صِقْلَغُ في جنوبي يهوذا أُعطيت أولاً ليهوذا (يشوع 15: 31) وتحوّلت إلى شمعون (يشوع 19: 5) وربما لم يمتلكوها أو بعد أن امتلكوها أخذها الفلسطينيون منهم لأنها كانت للفلسطينيين في زمان حوادث هذا الأصحاح. وموقعها بقرب بئر سبع إلى جهة الغرب أو الغرب الشمالي (نحميا 11: 28). وذكر ملوك يهوذا هنا يدل على أن هذا السفر جُمع بعد انقسام المملكة في أيام رحبعام. وجاء إلى داود إلى صقلغ كثيرون من الأبطال مساعدون في الحرب نازعون في القسيّ يرمون الحجارة والسهام من القسيّ باليمين واليسار (1أيام 12: 1 - 7). ونظّم داود جيشه وأمور شعبه فكانت مدة إقامته في صقلغ أحسن استعداد لإدارة مملكته بعد موت شاول.

8 «وَصَعِدَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ وَغَزَوْا ٱلْجَشُورِيِّينَ وَٱلْجَرِزِّيِّينَ وَٱلْعَمَالِقَةَ لأَنَّ هٰؤُلاَءِ مِنْ قَدِيمٍ سُكَّانُ ٱلأَرْضِ مِنْ عِنْدِ شُورٍ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ».

يشوع 13: 2 و13 ص 15: 7 و8 وخروج 17: 8 خروج 15: 22

ٱلْجَشُورِيِّينَ قبيلة ساكنة في جنوبي أرض الفلسطينيين بجوار العمالقة (يشوع 13: 2) وهم غير الجشوريين الذين سكنوا في آرام شرقي جبل الشيخ (2صموئيل 15: 8).

ٱلْجَرِزِّيِّينَ قبيلة بجوار الجرشيين ولعل أصلهم من أرض أفرايم والأرجح أنهم قطنوا أواسط فلسطين كما يتضح من تسمية جبل جرزيم.

ٱلْعَمَالِقَةَ وهم الذين نجوا عندما حرّم شاول العمالقة ولا نتعجب من نجاة بعضهم لأن شاول وشعبه ألهتهم الغنيمة بخلاف أمر الرب (15: 8 الخ).

مِنْ عِنْدِ شُورٍ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ كانت برية شور شرقي بحر سوف وسار بنو إسرائيل فيها ثلاثة أيام بعد عبورهم البحر. ولعل غاية الكاتب بقوله أنهم من قديم سكان الأرض الإشارة إلى ما عمل العمالقة مع بني إسرائيل في القديم (خروج 17: 8 الخ) وكانت هذه القبائل من أعداء إسرائيل الذين حرّمهم الرب.

9 - 12 «9 وَضَرَبَ دَاوُدُ ٱلأَرْضَ، وَلَمْ يَسْتَبْقِ رَجُلاً وَلاَ ٱمْرَأَةً، وَأَخَذَ غَنَماً وَبَقَراً وَحَمِيراً وَجِمَالاً وَثِيَاباً وَرَجَعَ وَجَاءَ إِلَى أَخِيشَ. 10 فَقَالَ أَخِيشُ: إِذاً لَمْ تَغْزُوا ٱلْيَوْمَ. فَقَالَ دَاوُدُ: بَلَى. عَلَى جَنُوبِيِّ يَهُوذَا وَجَنُوبِيِّ ٱلْيَرْحَمْئِيلِيِّينَ وَجَنُوبِيِّ ٱلْقِينِيِّينَ. 11 فَلَمْ يَسْتَبْقِ دَاوُدُ رَجُلاً وَلاَ ٱمْرَأَةً حَتَّى يَأْتِيَ إِلَى جَتٍّ إِذْ قَالَ: لِئَلاَّ يُخْبِرُوا عَنَّا قَائِلِينَ: هٰكَذَا فَعَلَ دَاوُدُ. وَهٰكَذَا عَادَتُهُ كُلَّ أَيَّامِ إِقَامَتِهِ فِي بِلاَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. 12 فَصَدَّقَ أَخِيشُ دَاوُدَ قَائِلاً: قَدْ صَارَ مَكْرُوهاً لَدَى شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ، فَيَكُونُ لِي عَبْداً إِلَى ٱلأَبَدِ».

ص 15: 3 وأيوب 1: 3 ص 23: 27 ص 30: 29 و1أيام 2: 9 و25 قضاة 1: 16 و4: 11

يرى بعضهم في عمل داود هذا قساوة زائدة. قيل في (15: 3) إن الرب أمر شاول أن يضرب عماليق ويحرّم كل ماله ولا يعفو عنهم بل يقتل رجلاً وامرأة طفلاً ورضيعاً الخ. وكان العمالقة خطأة وثنيين نجسين ولو بقي منهم أو من نسلهم لكانوا أفسدوا أخلاق الإسرائيليين. لذلك كان انقراضهم أمراً ضرورياً كقلع الأعشاب الضارة. غير أنه قيل هنا أن غاية داود أن لا يأتي أحد منهم إلى جت ليخبر. فكان في عمله ما نستصوبه وما لا نستصوبه.

وَجَاءَ إِلَى أَخِيشَ نستنتج أنه أعطاه قسماً من الغنيمة على سبيل الجزية وكان الباقي منها لداود ورجاله ليعيشوا بها وأهل بيوتهم.

لَمْ تَغْزُوا ٱلْيَوْمَ معنى قوله الاستفهام والمقصود به هل غزوتم اليوم ومن غزوتم.

ٱلْيَرْحَمْئِيلِيِّينَ (1أيام 2: 9 و25) كانوا من نسل يهوذا وساكنين في جنوبي اليهودية (30: 29).

ٱلْقِينِيِّين (15: 6) والذين غزاهم حقيقة كانوا جيران القينيين. وفي كل مدة سكنه في أرض الفلسطينيين كان داود يتظاهر بخلاف ما هو. فلا شك أن نقص اعتباره لنفسه ونقص اعتبار رجاله وأهل بيته له لأن الكذب هو الاعتراف بالضعف والخوف. ولا شك أن سلوكه هذا أثر في حياته الروحية واتحاده بالرب ولو أنه لم يترك الرب. ولو سأل من الرب ربما كان قال له كما قال في أرض موآب (22: 5) أن يرجع إلى أرض يهوذا. فنرى أن داود وإن كان من أعظم أبطال الإيمان لم يكن كاملاً بل سقط أحيانًا كما نسقط نحن كثيراً.

فوائد

  1. يقع المؤمنون أحياناً في بالوعة اليأس لضعف إيمانهم ولكن الله لا يتركهم ليهلكوا وإن خُيّل إليهم أنهم سيهلكون (ع 1).

  2. كل خطية تسبب الخسارة ولو تاب الخاطي فغُفر له.

  3. المؤمنون لضعف إيمانهم يقصرون في الخدمة التي أعدها الله لهم ولكنه من رحمته لا يرفضهم بل يدبر لهم خدمة أخرى أقل اعتباراً من الأولى. نتج خير من سكن داود في صقلغ غير أنه من المحتمل أن بقاءه في أرض يهوذا كان أفضل.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ وَٱلْعِشْرُونَ

1، 2 «1 وَكَانَ فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ أَنَّ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ جَمَعُوا جُيُوشَهُمْ لِيُحَارِبُوا إِسْرَائِيلَ. فَقَالَ أَخِيشُ لِدَاوُدَ: ٱعْلَمْ يَقِيناً أَنَّكَ سَتَخْرُجُ مَعِي فِي ٱلْجَيْشِ أَنْتَ وَرِجَالُكَ. 2 فَقَالَ دَاوُدُ لأَخِيشَ: لِذٰلِكَ أَنْتَ سَتَعْلَمُ مَا يَفْعَلُ عَبْدُكَ. فَقَالَ أَخِيشُ لِدَاوُدَ: لِذٰلِكَ أَجْعَلُكَ حَارِساً لِرَأْسِي كُلَّ ٱلأَيَّامِ».

ص 29: 1 ص 1: 22 و28

فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ أيام إقامة داود في صقلغ.

أَنْتَ سَتَعْلَمُ مَا يَفْعَلُ عَبْدُكَ في جواب داود التباس مقصود لأنه يود أن ما يفعله يكون مجهولاً إما أن يكون مع الفلسطينيين وإما أن يكون عليهم وفي الآخر يظهر ما سيفعله. وأما أخيش ففهم أن داود سيخرج معه ويفعل ما يفتخر الفلسطينيون به. وهذا جعل داود في حيص بيص لأنه لا يقدر أن يظاهر الفلسطينيين ولا يقدر أن يُظهر لهم أنه مع إسرائيل.

حَارِساً لِرَأْسِي أظهر ثقته بداود واعتباره لاقتداره في الحرب فوعده بتعيينه في أسمى منصب عنده فيكون قائداً لحرسه الخاص.

3 «وَمَاتَ صَمُوئِيلُ وَنَدَبَهُ كُلُّ إِسْرَائِيلَ وَدَفَنُوهُ فِي ٱلرَّامَةِ فِي مَدِينَتِهِ. وَكَانَ شَاوُلُ قَدْ نَفَى أَصْحَابَ ٱلْجَانِّ وَٱلتَّوَابِعِ مِنَ ٱلأَرْضِ».

ص 25: 1 ص 7: 17

مَاتَ صَمُوئِيلُ كان مات قبل الحوادث المذكورة (25: 1) وموته مذكور هنا لإيضاح الكلام الآتي في (ع 11) «أَصْعِدِي لِي صَمُوئِيلَ الخ».

وَكَانَ شَاوُلُ قَدْ نَفَى أَصْحَابَ ٱلْجَانِّ لعل ذلك كان في أول ملكه (15: 23) وكان عمله وفقاً للشريعة (لاويين 19: 31 و20: 27 وتثنية 18: 10 الخ).

أَصْحَابَ ٱلْجَانِّ الكلمة الأصلية تعني الذين يتكلمون كأنه من بطونهم فيتظاهرون بجانّ حالة فيهم.

ٱلتَّوَابِعِ التابع الجني قيل يكون مع الإنسان يتبعه حيث يذهب كخادم يتبع مولاه. ويزعمون بأن الجني يعرف ما لا يعرفه بنو البشر فيعرف صاحبه فمثله مثل أرواح الموتى. ومن يطلب التوابع يخطئ خطيئة عظيمة لأنه بعمله يجعلها في مكان الله الذي وحده يعرف المستقبل. ولم يتلجىء شاول إلى أصحاب الجان والتوابع إلا بعدما كان ترك الرب.

4 «فَٱجْتَمَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ وَجَاءُوا وَنَزَلُوا فِي شُونَمَ وَجَمَعَ شَاوُلُ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ وَنَزَلَ فِي جِلْبُوعَ».

1ملوك 1: 3 و2ملوك 4: 8 ص 31: 1

شُونَمَ مدينة في أرض يساكر اسمها اليوم سولم على جانب جبل الدوحي الجنوبي الغربي وفيها عين وحولها أرض مخصبة وتبعد عن جبل الكرمل نحو 12 ميلاً.

جِلْبُوعَ جبل فقوع الحالي جنوبي شونم يبعد عنها نحو أربعة أميال علوه عن السهل 1200 قدم وعن سطح البحر 1600 قدم. والسهل هو المسمى اليوم مرج ابن عامر. وهذا السهل على شكل مثلث الجانب الواحد يمتد من جبل الكرمل إلى جهة الجنوب الشرقي إلى عين جنيم أي جنين الحالية وطول هذا الجانب نحو 30 ميلاً. والجانب الثاني يمتد من عين جنيم إلى جهة الشمال إلى جبل طور إلى الكرمل وطوله نحو 25 ميلاً. وهذا السهل مخصب جداً وكان ساحة معارك كثيرة (انظر يزرعيل في قاموس الكتاب). والمظنون أن الفلسطينيين ساروا في طريق البحر فوصلوا إلى جبل الكرمل وحيفا الحالية ثم داروا إلى الجنوب الشرقي وساروا في مرج ابن عامر إلى شونم أولاً ثم إلى أفيق (29: 1) في آخر هذا السهل إلى الشرق. فلم يفتحوا كل أرض إسرائيل الواقعة جنوباً من جلبوع. ولم يكن عملهم هذا غزوة فقط بل حرباً شديدة بكل جنودهم قاصدين إخضاع مملكة إسرائيل. ولعلهم خافوا امتداد مملكة شاول إلى شمالي مرج ابن عامر فتُسد طريق الفلسطينيين إلى الممالك الشرقية كأشور وغيرها.

5 «وَلَمَّا رَأَى شَاوُلُ جَيْشَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ خَافَ وَٱضْطَرَبَ قَلْبُهُ جِدّاً».

خَافَ انظر قول داود «اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ ٱلرَّبُّ. إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ جَيْشٌ لاَ يَخَافُ قَلْبِي» (مزمور 27: 1 و3). وخاف شاول من الفلسطينيين لأن الرب كان قد تركه.

6 «فَسَأَلَ شَاوُلُ مِنَ ٱلرَّبِّ، فَلَمْ يُجِبْهُ ٱلرَّبُّ لاَ بِٱلأَحْلاَمِ وَلاَ بِٱلأُورِيمِ وَلاَ بِٱلأَنْبِيَاءِ».

1أيام 10: 13 و14 أمثال 1: 24 - 31 عدد 12: 6 ويوئيل 2: 28 خروج 28: 30 و2صموئيل 8: 17

فَلَمْ يُجِبْهُ ٱلرَّبُّ يستجيب الرب لكل من يدعوه. وأعظم الخطايا تُغفر للناس. وأما شاول فرفض مشيئة الرب في بداءة ملكه واختار مشيئته. وسؤاله من الرب هنا لم يكن من كل قلبه بتوبة حقيقية بل ليخلص من الفلسطينيين. ولم يفحص عن سبب عدم جواب الرب فيتركها بل التجأ إلى صاحبة الجان. وهكذا أهان الرب أعظم إهانة إذ أقام تلك المرأة الكاذبة في مكان الرب (1أيام 10: 13 و14).

بِٱلأَحْلاَمِ (عدد 12: 6).

بِٱلأُورِيمِ (23: 9 اطلب أوريم في قاموس الكتاب). كان أبياثار هرب من نوب والتجأ إلى داود وبيده الأفود (23: 6) ونستنتج من القول هنا أن شاول كان عمل أفوداً آخر وأقام كاهناً آخر ونرى في (2صموئيل 8: 17) أنه في زمان ملك داود كان رئيسان للكهنة.

وَلاَ بِٱلأَنْبِيَاءِ (9: 6 و22: 5).

7 «فَقَالَ شَاوُلُ لِعَبِيدِهِ: فَتِّشُوا لِي عَلَى ٱمْرَأَةٍ صَاحِبَةِ جَانٍّ فَأَذْهَبَ إِلَيْهَا وَأَسْأَلَهَا. فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: هُوَذَا ٱمْرَأَةٌ صَاحِبَةُ جَانٍّ فِي عَيْنِ دُورٍ».

أعمال 16: 16 يشوع 17: 1 ومزمور 83: 10

صَاحِبَةِ جَانٍّ (ع 3).

عَيْنِ دُورٍ باد سيسرا في جوارها (مزمور 83: 9 و10) وهي عين دور الحالية وموقعها على جانب جبل دوحي الشمالي ومن جلبوع إلى عين دور نحو عشرة أميال فكان على شاول تعب وخطر أيضاً لأن الفلسطينيين كانوا حالين في شونم وهي بين جلبوع وعين دور.

8 «فَتَنَكَّرَ شَاوُلُ وَلَبِسَ ثِيَاباً أُخْرَى، وَذَهَبَ هُوَ وَرَجُلاَنِ مَعَهُ وَجَاءُوا إِلَى ٱلْمَرْأَةِ لَيْلاً. وَقَالَ: ٱعْرِفِي لِي بِٱلْجَانِّ وَأَصْعِدِي لِي مَنْ أَقُولُ لَكِ».

2أيام 18: 29 و35: 22 إشعياء 8: 19 تثنية 18: 10 و11

تَنَكَّرَ لئلا تعرفه المرأة وتخاف منه فتُنكر إنها صاحبة جان. فما أعظم انحطاط ملك إسرائيل فإنه كان أمامه معركة فاصلة بينه وبين الفلسطينيين وعليه التدبير والاستعداد والالتجاء إلى الرب الذي منه وحده النصرة. ولكنه تنكر وتنحى وقتياً عن منصبه الملكي وانقضت تلك الليلة الأخيرة من حياته في الذهاب إلى تلك المرأة الكاذبة الجاهلة. والذين يدعون بالذكاء والمعرفة كثيراً ما لا يصدقون الكتاب المقدس ولكنهم ينقادون إلى الخرافات السخيفة.

9، 10 «9 فَقَالَتْ لَهُ ٱلْمَرْأَةُ: هُوَذَا أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فَعَلَ شَاوُلُ، كَيْفَ قَطَعَ أَصْحَابَ ٱلْجَانِّ وَٱلتَّوَابِعِ مِنَ ٱلأَرْضِ. فَلِمَاذَا تَضَعُ شَرَكاً لِنَفْسِي لِتُمِيتَهَا؟ 10 فَحَلَفَ لَهَا شَاوُلُ بِٱلرَّبِّ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ، إِنَّهُ لاَ يَلْحَقُكِ إِثْمٌ فِي هٰذَا ٱلأَمْرِ».

ع 3

ظنت أنه جاسوس من قبل الملك قصده أن يجربها (ع 3). وربما عرفت أنه الملك نفسه وإن كان قد تنكر. ولم يقدر شاول أن ينكر طول قامته لأنه كان أطول جميع الشعب.

فَحَلَفَ لَهَا شَاوُلُ بِٱلرَّبِّ استعمل ألفاظ الدين وإن كان قد ترك جوهره. وهنا إشارة للمرأة إلى أنه الملك.

11، 12 «11 فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ: مَنْ أُصْعِدُ لَكَ؟ فَقَالَ: أَصْعِدِي لِي صَمُوئِيلَ. 12 فَلَمَّا رَأَتِ ٱلْمَرْأَةُ صَمُوئِيلَ صَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَقَالَتِ لِشَاوُلَ: لِمَاذَا خَدَعْتَنِي وَأَنْتَ شَاوُلُ؟»

مَنْ أُصْعِدُ لَكَ كانت تزعم أنها تقدر أن تُصعد للناس من أرادوه من أرواح الأموات فيكلمها وهي تكلم الناس كوسيطة ويزعم الناس ان الأموات يعرفون ما لا يعرفه الأحياء.

أَصْعِدِي لِي صَمُوئِيلَ إن صموئيل مسحه وعلّمه وأرشده وأنذره فافتكر شاول أنه إذا قام من الأموات يقدر أن يقول له كيف يخلص من الفلسطينيين ولعله ظن أنه يقدر أن يشفع فيه عند الرب. ولكنه نسي أنه كان عليه أن يسمع إنذار صموئيل وهو حي.

فَلَمَّا رَأَتِ ٱلْمَرْأَةُ الخ كانت تقصد أن تغش شاول كعادتها في غش الناس ولكن الله انتهز هذه الفرصة ليوبخ الملك الشرير بواسطتها وينبئه بالعقاب المقبل عليه وأظهر صموئيل بالحقيقة. فتعجبت المرأة حينما رأت صموئيل لأنها لم تتوقع هذا. وهذا مما يدل على عجزها عن إصعاد الموتى. وعندئذ خافت إذ تحققت أن الذي طلب إصعاده هو شاول.

رأى بعضهم أن الذي صعد هو الشيطان وقد تزيا بزي صموئيل. وظن آخرون أن العمل كله مكر وحيلة فلم يصعد صموئيل ولا غيره بل أن شاول رأى خيالاً ظنه صموئيل وسمع صوتاً ظن أنه صوت صموئيل. ولكن من يقرأ هذا النبأ بلا حكم سابق أو تغرّض يفهم منه أن صموئيل صعد صعوداً حقيقياً وتكلم مع شاول وذلك بقوة الله لا بقوة المرأة. والكتاب المقدس لا يخبرنا عن صعود غير صموئيل من الأموات ليكلم البشر إلا الرب يسوع وحده. إن إيليا وموسى في جبل التجلي لم يكلما غير يسوع. ونرى أن شاول لم يتعلم شيئاً جديداً ولم ينتفع من صعود صموئيل لأنه سمع نفس الكلام الذي سمعه من صموئيل وهو حي (لوقا 16: 27 - 31).

13، 14 «13 فَقَالَ لَهَا ٱلْمَلِكُ: لاَ تَخَافِي. فَمَاذَا رَأَيْتِ؟ فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ لِشَاوُلَ: رَأَيْتُ آلِهَةً يَصْعَدُونَ مِنَ ٱلأَرْضِ. 14 فَقَالَ لَهَا: مَا هِيَ صُورَتُهُ؟ فَقَالَتْ: رَجُلٌ شَيْخٌ صَاعِدٌ وَهُوَ مُغَطّىً بِجُبَّةٍ. فَعَلِمَ شَاوُلُ أَنَّهُ صَمُوئِيلُ، فَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ وَسَجَدَ».

ص 15: 27 ص 24: 8

آلِهَةً يَصْعَدُونَ الكلمة الأولى في الأصل جمع وهي تعني أحياناً الله الإله الحقيقي الوحيد وتعني أوقاتاً الآلهة الوثنية والأرجح أنها تعني هنا واحداً صاعداً من مكان الأموات الذي كانوا يزعمون أنه تحت الأرض. وهكذا في الترجمة الإنكليزية الجديدة. وفي الأول نظرته المرأة ولم ينظره شاول وبعد ذلك نظره شاول أيضاً. وعلم شاول أنه صموئيل من قول المرأة أنه شيخ مغطى بجبة كعادة صموئيل (15: 27) وهذا ما توقعه شاول لأنه كان طلب إصعاده.

فَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ أظهر اعتباره لصموئيل الذي كان اشتهى رؤيته وأبدى اعتباره أيضاً لمن قد صعد من الأموات.

15 «فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: لِمَاذَا أَقْلَقْتَنِي بِإِصْعَادِكَ إِيَّايَ؟ فَقَالَ شَاوُلُ: قَدْ ضَاقَ بِي ٱلأَمْرُ جِدّاً. اَلْفِلِسْطِينِيُّونَ يُحَارِبُونَنِي، وَٱلرَّبُّ فَارَقَنِي وَلَمْ يَعُدْ يُجِيبُنِي لاَ بِٱلأَنْبِيَاءِ وَلاَ بِٱلأَحْلاَمِ. فَدَعَوْتُكَ لِتُعْلِمَنِي مَاذَا أَصْنَعُ».

ص 16: 13 و14 و18: 12 ع 6

أَقْلَقْتَنِي قلق برجوعه إلى هموم هذا العالم وأحزانه التي كان استراح منها وقلق من عناد شاول الذي كان رفض كلامه وهو حي ولم يطلبه إلا بعدما كان وصل إلى يوم العقاب.

16 - 18 «16 فَقَالَ صَمُوئِيلُ: وَلِمَاذَا تَسْأَلُنِي وَٱلرَّبُّ قَدْ فَارَقَكَ وَصَارَ عَدُوَّكَ؟ 17 وَقَدْ فَعَلَ ٱلرَّبُّ لِنَفْسِهِ كَمَا تَكَلَّمَ عَنْ يَدِي، وَقَدْ شَقَّ ٱلرَّبُّ ٱلْمَمْلَكَةَ مِنْ يَدِكَ وَأَعْطَاهَا لِقَرِيبِكَ دَاوُدَ. 18 لأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ وَلَمْ تَفْعَلْ حُمُوَّ غَضَبِهِ فِي عَمَالِيقَ، لِذٰلِكَ قَدْ فَعَلَ ٱلرَّبُّ بِكَ هٰذَا ٱلأَمْرَ ٱلْيَوْمَ».

ص 15: 28 ص 15: 9 و20 و26

لِمَاذَا تَسْأَلُنِي كان مرسلاً من قِبل الرب فلم يقدر أن يقول شيئاً أو يعمل شيئاً من نفسه.

صَارَ عَدُوَّكَ لم يفارقه الرب فقط بل أيضاً أخذ يقاومه فيا لتعاسة ذلك الإنسان الذي صار الرب عدوه. وليس المعنى أن الرب يريد هلاك أحد بل أنه يقاوم الشرير ما دام في شروره. والضيق الذي وقع شاول فيه هو نتيجة طبيعية لتركه الرب. ثم عاد صموئيل وقال لشاول نفس الكلام الذي كلمه به وهو حي (15: 28 و16: 13 و14).

19 «وَيَدْفَعُ ٱلرَّبُّ إِسْرَائِيلَ أَيْضاً مَعَكَ لِيَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَغَداً أَنْتَ وَبَنُوكَ تَكُونُونَ مَعِي، وَيَدْفَعُ ٱلرَّبُّ جَيْشَ إِسْرَائِيلَ أَيْضاً لِيَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ».

ص 31: 2 وأيوب 3: 17 - 19

إِسْرَائِيلَ أَيْضاً يفتقد الرب خطايا الملوك في شعوبهم أي إنه يشرك الشعب والملوك في العقاب وإن كان بين الشعب نساء وأطفال وكثيرون لم يشتركوا في خطايا رؤسائهم. ولا بد من ذلك نظراً لوحدة المملكة واتحاد الشعب بالملك كاتحاد أعضاء الجسد بالرأس.

أَنْتَ وَبَنُوكَ تَكُونُونَ مَعِي أي في مكان الأموات أبراراً كانوا أم أشراراً (تكوين 37: 35 مزمور 31: 17 إشعياء 38: 10). وفي العهد القديم إشارات إلى القيامة من الأموات وسعادة الأبرار ولكن لم يعرف القدماء أمور العالم المقبل كما عرفناها من العهد الجديد (أيوب 19: 25 - 27 مزمور 16: 8 - 11 و17: 15 و73: 24 دانيال 12: 2 و3).

20 - 25 «20 فَأَسْرَعَ شَاوُلُ وَسَقَطَ عَلَى طُولِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ وَخَافَ جِدّاً مِنْ كَلاَمِ صَمُوئِيلَ، وَأَيْضاً لَمْ تَكُنْ فِيهِ قُوَّةٌ، لأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ طَعَاماً ٱلنَّهَارَ كُلَّهُ وَٱللَّيْلَ. 21 ثُمَّ جَاءَتِ ٱلْمَرْأَةُ إِلَى شَاوُلَ وَرَأَتْ أَنَّهُ مُرْتَاعٌ جِدّاً، فَقَالَتْ لَهُ: هُوَذَا قَدْ سَمِعَتْ جَارِيَتُكَ لِصَوْتِكَ فَوَضَعْتُ نَفْسِي فِي كَفِّي وَسَمِعْتُ لِكَلاَمِكَ ٱلَّذِي كَلَّمْتَنِي بِهِ. 22 وَٱلآنَ ٱسْمَعْ أَنْتَ أَيْضاً لِصَوْتِ جَارِيَتِكَ فَأَضَعَ قُدَّامَكَ كِسْرَةَ خُبْزٍ وَكُلْ، فَتَكُونَ فِيكَ قُوَّةٌ إِذْ تَسِيرُ فِي ٱلطَّرِيقِ. 23 فَأَبَى وَقَالَ: لاَ آكُلُ فَأَلَحَّ عَلَيْهِ عَبْدَاهُ وَٱلْمَرْأَةُ أَيْضاً، فَسَمِعَ لِصَوْتِهِمْ وَقَامَ عَنِ ٱلأَرْضِ وَجَلَسَ عَلَى ٱلسَّرِيرِ. 24 وَكَانَ لِلْمَرْأَةِ عِجْلٌ مُسَمَّنٌ فِي ٱلْبَيْتِ، فَأَسْرَعَتْ وَذَبَحَتْهُ وَأَخَذَتْ دَقِيقاً وَعَجَنَتْهُ وَخَبَزَتْ فَطِيراً، 25 ثُمَّ قَدَّمَتْهُ أَمَامَ شَاوُلَ وَأَمَامَ عَبْدَيْهِ فَأَكَلُوا. وَقَامُوا وَذَهَبُوا فِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ».

ص 19: 5 و2ملوك 5: 13 أستير 1: 6 وحزقيال 23: 41 تكوين 18: 6 و7

سَقَطَ عَلَى طُولِهِ وهو طويل جداً. وسقط من خوفه الشديد ومن ضعفه من عدم الأكل. فنرى هنا الملك الجبار الذي عليه رجاء إسرائيل في يوم أشد الخطر ساقطاً إلى الأرض في كوخ صاحبة الجان بلا طعام وبلا نوم يغلبه الخوف. والفلسطينيون مستعدون للهجوم على شعبه عند الفجر وهو بعيد عنهم في عين دور. والمرأة وإن كانت كذابة طماعة أشفقت عليه حينما رأته رجلاً مرتاعاً وهو ملكها أيضاً فخدمته حسب اقتدارها وقربت له أفضل ما عندها في البيت وألحت عليه قائلة إنها أطاعته في البداءة فعليه أن يصغي لها الآن. فأبى أولاً لأنه من اضطراب فكره لم يشته الأكل ولأنه كان مستعجلاً ليرجع إلى مقره قبل الفجر وهذا ما يرينا شيئاً من مروءته القديمة إذ اختار أن يرجع ويموت مع أبنائه وشعبه في ساحة الحرب.

فوائد

  1. قال شاول ماذا أصنع (ع 15) فلم يحصل على جواب لأنه لم يرد أن يصنع ما قاله له الرب. قال حافظ السجن في فيلبي ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص فاستجاب له الرب بواسطة الرسولين لأنه كان مستعداً أن يقبل كلام الرب (أعمال 16: 30 و31).

  2. في الكتاب المقدس كل ما نحتاجه لمعرفة طريق الخلاص والحياة الأبدية. فلا نحتاج إلى رجوع أحد من الأموات. وإن رجع لا يقدر أن يعلمنا شيئا جديداً (ع 16 - 18 ولوقا 16: 27 - 31).

  3. يجب أن لا نغش نفوسنا بالقول إن الله رحيم فيغض النظر عن خطايانا مهما عملنا (ع 18).

  4. إن شاول في آخر حياته لم يجد من يعزيه ويقويه ولا ما يتكل عليه أو يفرح به لأنه كان قد ترك الله (ع 15).

  5. ما أعظم الفرق بين شاول الملك الذي ارتاع عندما سمع إن وقت انتقاله قد حضر وشاول (أي بولس) الرسول الذي قال «وَقْتُ ٱنْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ. قَدْ جَاهَدْتُ ٱلْجِهَادَ ٱلْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ ٱلسَّعْيَ، حَفِظْتُ ٱلإِيمَانَ، وَأَخِيراً قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ ٱلْبِرِّ» (2تيموثاوس 4: 6 - 8).

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

1 «وَجَمَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ جَمِيعَ جُيُوشِهِمْ إِلَى أَفِيقَ. وَكَانَ ٱلإِسْرَائِيلِيُّونَ نَازِلِينَ عَلَى ٱلْعَيْنِ ٱلَّتِي فِي يَزْرَعِيلَ».

ص 28: 1 و2 ص 4: 1 ويشوع 12: 18 و1ملوك 18: 19 و21: 1

وَجَمَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ جَمِيعَ جُيُوشِهِمْ هذا القول تكرار ما أتى في (28: 1 و4) لأن الكاتب بعد الإخبار عما حدث في عين دور في الأصحاح السابق رجع إلى قصة الفلسطينيين.

إِلَى أَفِيقَ كان في شونم فانتقلوا منها. وأفيق جنوب شونم وقرب معسكر الإسرائيليين الذين كانوا قد انتقلوا إلى يزرعيل وهي قريبة من جبل جلبوع.

ٱلْعَيْنِ ٱلَّتِي فِي يَزْرَعِيلَ لعلها عين حرود حيث نزل جدعون (قضاة 7: 1) وماؤها عذب ووافر. وكانت يزرعيل بين جبل جلبوع وجبل دوحي وكانت تخماً ليساكر واسمها اليوم زرين وموقعها موافق للحركات العسكرية لأنه في آخر مرج ابن عامر وفي أول وادي يزرعيل الذي يمتد منها إلى الأردن شرقاً (قضاة 6: 33) وفي أيام الملوك صارت مسكناً لآخاب وامرأته إيزابل (1ملوك ص 21).

2 «وَعَبَرَ أَقْطَابُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ مِئَاتٍ وَأُلُوفاً، وَعَبَرَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ فِي ٱلْمُؤَخَّرَةِ مَعَ أَخِيشَ».

ص 28: 1 و2

وَعَبَرَ أَقْطَابُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ رجع الكاتب إلى ذكر ما حدث على الطريق قبل وصول الفلسطينيين إلى شونم وبعدما اجتازوا تخم أرضهم ودخلوا أرض إسرائيل. والأقطاب هم ملوك الفلسطينيين الخمسة الذين حاربوا معاً غير أن كلاً منهم كان مستقلاً في أرضه (5: 8).

3 - 5 «3 فَقَالَ رُؤَسَاءُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ: مَا هٰؤُلاَءِ ٱلْعِبْرَانِيُّونَ؟ فَقَالَ أَخِيشُ لِرُؤَسَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ: أَلَيْسَ هٰذَا دَاوُدَ عَبْدَ شَاوُلَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي كَانَ مَعِي هٰذِهِ ٱلأَيَّامَ أَوْ هٰذِهِ ٱلسِّنِينَ، وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ شَيْئاً مِنْ يَوْمِ نُزُولِهِ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ. 4 وَسَخَطَ عَلَيْهِ رُؤَسَاءُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَقَالُوا لَهُ: أَرْجِعِ ٱلرَّجُلَ فَيَرْجِعَ إِلَى مَوْضِعِهِ ٱلَّذِي عَيَّنْتَ لَهُ، وَلاَ يَنْزِلَ مَعَنَا إِلَى ٱلْحَرْبِ وَلاَ يَكُونَ لَنَا عَدُوّاً فِي ٱلْحَرْبِ. فَبِمَاذَا يُرْضِي هٰذَا سَيِّدَهُ؟ أَلَيْسَ بِرُؤُوسِ أُولَئِكَ ٱلرِّجَالِ؟ 5 أَلَيْسَ هٰذَا هُوَ دَاوُدُ ٱلَّذِي غَنَّيْنَ لَهُ بِٱلرَّقْصِ قَائِلاَتٍ: ضَرَبَ شَاوُلُ أُلُوفَهُ وَدَاوُدُ رَبَوَاتِهِ؟».

ص 27: 7 ص 27: 1 - 6 و1أيام 12: 19 و20 ص 27: 6 ص 14: 21 ص 18: 7 و21: 11

ٱلْعِبْرَانِيُّونَ هذا ما سمّى به الإسرائيليين أعداؤهم (4: 6).

أَوْ هٰذِهِ ٱلسِّنِين أي زمان طويل ولم يحدده (27: 7).

لَمْ أَجِدْ فِيهِ شَيْئاً خدع داود أخيش كل الخدع واستماله لنفسه كما كان يجذب جميع الناس بفضائله المحبوبة فلم يشك فيه بعد. وأما الباقون من رؤساء الفلسطينيين فلم يعرفوا داود إلا أنه عبراني كان سابقاً في خدمة شاول وقتل كثيرين من الفلسطينيين ولذلك لم يصدقوا أنه معهم قلبياً ورجّحوا أنه في يوم الحرب يكون لهم عدواً في وسطهم.

رُؤُوسِ أُولَئِكَ ٱلرِّجَالِ أي الفلسطينيين واعتقدوا أنه يظاهر الفلسطينيين بالظاهر ولكنه يقصد باطناً أن يسلمهم للإسرائيليين.

6 - 11 «6 فَدَعَا أَخِيشُ دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ إِنَّكَ أَنْتَ مُسْتَقِيمٌ، وَخُرُوجُكَ وَدُخُولُكَ مَعِي فِي ٱلْجَيْشِ صَالِحٌ فِي عَيْنَيَّ لأَنِّي لَمْ أَجِدْ فِيكَ شَرّاً مِنْ يَوْمِ جِئْتَ إِلَيَّ إِلَى ٱلْيَوْمِ. وَأَمَّا فِي أَعْيُنِ ٱلأَقْطَابِ فَلَسْتَ بِصَالِحٍ. 7 فَٱلآنَ ٱرْجِعْ وَٱذْهَبْ بِسَلاَمٍ، وَلاَ تَفْعَلْ سُوءاً فِي أَعْيُنِ أَقْطَابِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. 8 فَقَالَ دَاوُدُ لأَخِيشَ: فَمَاذَا عَمِلْتُ، وَمَاذَا وَجَدْتَ فِي عَبْدِكَ مِنْ يَوْمِ صِرْتُ أَمَامَكَ إِلَى ٱلْيَوْمِ حَتَّى لاَ آتِيَ وَأُحَارِبَ أَعْدَاءَ سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ؟ 9 فَأَجَابَ أَخِيشُ: عَلِمْتُ أَنَّكَ صَالِحٌ فِي عَيْنَيَّ كَمَلاَكِ ٱللّٰهِ. إِلاَّ إِنَّ رُؤَسَاءَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ قَالُوا: لاَ يَصْعَدْ مَعَنَا إِلَى ٱلْحَرْبِ. 10 وَٱلآنَ فَبَكِّرْ صَبَاحاً مَعَ عَبِيدِ سَيِّدِكَ ٱلَّذِينَ جَاءُوا مَعَكَ. وَإِذَا بَكَّرْتُمْ صَبَاحاً وَأَضَاءَ لَكُمْ فَٱذْهَبُوا. 11 فَبَكَّرَ دَاوُدُ هُوَ وَرِجَالُهُ لِيَذْهَبُوا صَبَاحاً وَيَرْجِعُوا إِلَى أَرْضِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَأَمَّا ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ فَصَعِدُوا إِلَى يَزْرَعِيلَ».

ع 3 وص 27: 8 - 12 ص 27: 1 - 12 و2صموئيل 14: 17 و20 و19: 27 ع 4 و1أيام 12: 19 و22

حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ حلف أخيش بإله داود ليقنعه. ولا شك أن داود فرح إذ أذن له بالرجوع لأنه لم يرد أن يحارب شعبه وكان من المحتمل أن تظهر خدعته في وقتٍ ما فيقع عليه الفلسطينيون ويقتلونه هو ورجاله.

كَمَلاَكِ ٱللّٰهِ كواحد مرسل إليه من قبل الله.

مَعَ عَبِيدِ سَيِّدِكَ سمى داود ورجاله عبيد شاول وإن كانوا قد خدموا أخيش زماناً لأنهم لم يغيروا جنسيتهم. وتكلم أخيش هنا كأحد أقطاب الفلسطينيين.

صَعِدُوا إِلَى يَزْرَعِيلَ أولاً إلى شونم ثم إلى أفيق ثم إلى محاربة إسرائيل في يزرعيل. وانقطعت كل علاقة بين داود والفلسطينيين.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّلاَثُونَ

1، 2 «1 وَلَمَّا جَاءَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ إِلَى صِقْلَغَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ، كَانَ ٱلْعَمَالِقَةُ قَدْ غَزَوْا ٱلْجَنُوبَ وَصِقْلَغَ، وَضَرَبُوا صِقْلَغَ وَأَحْرَقُوهَا بِٱلنَّارِ، 2 وَسَبَوْا ٱلنِّسَاءَ ٱللَّوَاتِي فِيهَا. لَمْ يَقْتُلُوا أَحَداً لاَ صَغِيراً وَلاَ كَبِيراً، بَلْ سَاقُوهُمْ وَمَضَوْا فِي طَرِيقِهِمْ».

ص 29: 4 و11 ص 15: 7 و27: 8 - 10 ص 27: 6 و8 ص 27: 11

فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ بعدما فارقوا جيش الفلسطينيين الذاهب إلى الحرب (29: 11).

ٱلْعَمَالِقَةُ (15: 2) لعلهم عرفوا أن داود ورجاله ذهبوا مع جيش الفلسطينيين فاغتنموا الفرصة لينتقموا منه لأنه كان غزاهم سابقاً (27: 8).

ٱلْجَنُوبَ ما بين جبال يهوذا والقفر. وكان فيه مرعى ولكنه بلا أشجار وكان لبني شمعون الذين كان نصيبهم داخل نصيب يهوذا (يشوع 19: 1 - 9) وكان شمعون مع يهوذا لما حاربوا الكنعانيين (قضاة 1: 3).

لَمْ يَقْتُلُوا أَحَداً قصد العمالقة استرقاقهم وقصد الله حفظهم لكي يردهم لرجالهم وآبائهم.

3 - 6 «3 فَدَخَلَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ ٱلْمَدِينَةَ وَإِذَا هِيَ مُحْرَقَةٌ بِٱلنَّارِ، وَنِسَاؤُهُمْ وَبَنُوهُمْ وَبَنَاتُهُمْ قَدْ سُبُوا. 4 فَرَفَعَ دَاوُدُ وَٱلشَّعْبُ ٱلَّذِينَ مَعَهُ أَصْوَاتَهُمْ وَبَكَوْا حَتَّى لَمْ تَبْقَ لَهُمْ قُوَّةٌ لِلْبُكَاءِ. 5 وَسُبِيَتِ ٱمْرَأَتَا دَاوُدَ: أَخِينُوعَمُ ٱلْيَزْرَعِيلِيَّةُ وَأَبِيجَايِلُ ٱمْرَأَةُ نَابَالَ ٱلْكَرْمَلِيِّ. 6 فَتَضَايَقَ دَاوُدُ جِدّاً لأَنَّ ٱلشَّعْبَ قَالُوا بِرَجْمِهِ، لأَنَّ أَنْفُسَ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ كَانَتْ مُرَّةً كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ. وَأَمَّا دَاوُدُ فَتَشَدَّدَ بِٱلرَّبِّ إِلٰهِهِ».

ص 25: 42 و43 خروج 17: 4 ص 23: 16 ومزمور 18: 2 و27: 14

بَكَوْا ظنوا أنهم خسروا كل شيء. ونساؤهم وأولادهم أثمن من المال. ولكن بكاءهم تحوّل إلى فرح (ع 19).

تَضَايَقَ دَاوُدُ جِدّاً إذ سُبيت أمرأتاه وتكلّم رجاله برجمه. ولعلهم لاموه لأنه لم يحسب هذا الحساب ولم يستعد له بإبقائه بعض رجاله في صقلغ. فرأى نفسه متروكاً من كل بني البشر وانقطعت كل آماله. ولكن الرب لم يتركه فتشدد به (مزمور 18: 2 ومزمور 27: 14 ومزمور 31: 1 وغيرها من المزامير).

7 - 10 «7 ثُمَّ قَالَ دَاوُدُ لأَبِيَاثَارَ ٱلْكَاهِنِ ٱبْنِ أَخِيمَالِكَ: قَدِّمْ إِلَيَّ ٱلأَفُودَ. فَقَدَّمَ أَبِيَاثَارُ ٱلأَفُودَ إِلَى دَاوُدَ. 8 فَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ: إِذَا لَحِقْتُ هٰؤُلاَءِ ٱلْغُزَاةَ فَهَلْ أُدْرِكُهُمْ؟ فَقَالَ لَهُ: ٱلْحَقْهُمْ فَإِنَّكَ تُدْرِكُ وَتُنْقِذُ. 9 فَذَهَبَ دَاوُدُ هُوَ وَٱلسِّتُّ مِئَةِ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ وَجَاءُوا إِلَى وَادِي ٱلْبَسُورِ، وَٱلْمُتَخَلِّفُونَ وَقَفُوا. 10 وَأَمَّا دَاوُدُ فَلَحِقَ هُوَ وَأَرْبَعُ مِئَةِ رَجُلٍ، وَوَقَفَ مِئَتَا رَجُلٍ لأَنَّهُمْ أَعْيَوْا عَنْ أَنْ يَعْبُرُوا وَادِيَ ٱلْبَسُورِ».

ص 23: 9 ص 23: 2 و4 خروج 15: 9 ع 18 ص 27: 2 ع 9 و21

كان أبياثار معه كل أيام جولانه (23: 6).

ٱلأَفُودَ (23: 9) ظهر من طلب داود أولاً أنه قصد العمل وهو أفضل من البكاء (يشوع 7: 10) وثانياً أنه توقع الجواب بواسطة الأفود واعتقد أن الكاهن رجل الله فيقدر أن يتكل عليه ويعمل بموجب كلامه. وإيمان داود قوّى إيمان رجاله فذهبوا معه وأقلعوا عن القول برجمه.

ٱلسِّتُّ مِئَةِ كان عنده ست مئة عندما أتى إلى جت (27: 2) وأتاه كثيرون إلى صقلغ (1أيام 12: 1 - 22) ومن رجاله انتخب ست مئة فقط لأن سعيهم وراء العمالقة كان بالعجلة.

وَادِي ٱلْبَسُورِ لم يذكره الكتاب إلا هنا. وكان جنوبي صقلغ وأرض يهوذا ولعله وادي الشريعة الذي يصل إلى البحر جنوبي غزّة.

ٱلْمُتَخَلِّفُونَ يدل على شدة سعيهم لأن ثلثيهم تخلفوا وإن كانوا كلهم جبابرة منتخبين. ولعل النهر كان قوياً فلم يقدر على عبوره إلا الأقوياء. وألقى داود الأمتعة عند هذا الوادي.

11 - 16 «11 فَصَادَفُوا رَجُلاً مِصْرِيّاً فِي ٱلْحَقْلِ فَأَخَذُوهُ إِلَى دَاوُدَ، وَأَعْطُوهُ خُبْزاً فَأَكَلَ وَسَقَوْهُ مَاءً، 12 وَأَعْطُوهُ قُرْصاً مِنَ ٱلتِّينِ وَعُنْقُودَيْنِ مِنَ ٱلزَّبِيبِ، فَأَكَلَ وَرَجَعَتْ رُوحُهُ إِلَيْهِ، لأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ خُبْزاً وَلاَ شَرِبَ مَاءً فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَثَلاَثِ لَيَالٍ. 13 فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: لِمَنْ أَنْتَ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا غُلاَمٌ مِصْرِيٌّ عَبْدٌ لِرَجُلٍ عَمَالِيقِيٍّ، وَقَدْ تَرَكَنِي سَيِّدِي لأَنِّي مَرِضْتُ مُنْذُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. 14 فَإِنَّنَا قَدْ غَزَوْنَا عَلَى جَنُوبِيِّ ٱلْكِرِيتِيِّينَ، وَعَلَى مَا لِيَهُوذَا وَعَلَى جَنُوبِيِّ كَالِبَ وَأَحْرَقْنَا صِقْلَغَ بِٱلنَّارِ. 15 فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: هَلْ تَنْزِلُ بِي إِلَى هٰؤُلاَءِ ٱلْغُزَاةِ؟ فَقَالَ: ٱحْلِفْ لِي بِٱللّٰهِ أَنَّكَ لاَ تَقْتُلُنِي وَلاَ تُسَلِّمُنِي لِيَدِ سَيِّدِي فَأَنْزِلَ بِكَ إِلَى هٰؤُلاَءِ ٱلْغُزَاةِ. 16 فَنَزَلَ بِهِ وَإِذَا بِهِمْ مُنْتَشِرُونَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلأَرْضِ، يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَرْقُصُونَ بِسَبَبِ جَمِيعِ ٱلْغَنِيمَةِ ٱلْعَظِيمَةِ ٱلَّتِي أَخَذُوا مِنْ أَرْضِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَمِنْ أَرْضِ يَهُوذَا».

قضاة 15: 19 ع 1 و16 و2صموئيل 8: 18 وحزقيال 25: 16 يشوع 14: 13 و21: 11 و12 ع 1 ع 14

أخذوا المصري وأطعموه أولاً رحمة به لأنه كاد يهلك. وثانياً ليستخبروا منه ويستدلوا على طريق العمالقة.

ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ كان قد مضى على نهبهم صقلغ ثلاثة أيام على أقل تقدير.

لِمَنْ أَنْتَ استنتج من منظره أنه عبد لأحد الرجال.

لِرَجُلٍ عَمَالِيقِيٍّ كان سباه في غزوة واستعبده.

تَرَكَنِي سَيِّدِي كان سيده بلا رحمة مطلقاً فترك عبده عندما عجز عن الخدمة فكانت قيمته عنده كقيمة دابة فقط.

ٱلْكِرِيتِيِّينَ قبيلة من الفلسطينيين أرضهم في الجنوب (حزقيال 25: 16 صفنيا 2: 5) وربما كان أصلهم من جزيرة كريت. (في صموئيل 8: 18) الكلمة جلاّدون في الأصل كريتيون وكلمة سعاة في الأصل فليتيون. ومن المحتمل أن هذين الاسمين من أسماء قبائل الفلسطينيين فيكون معنى القول أن بناياهو كان على الكريتيين والفلينتيين فكان حراس داود من أرض الفلسطينيين. وأحياناً يفضّل الملوك أن يكون حراسهم من الأجانب.

جَنُوبِيِّ كَالِبَ أي أرض حبرون التي أُعطيت لكالب وبعدما أُعطيت مدينة حبرون للكهنة أخذ كالب حقل المدينة أي الأرض التي حولها (يشوع 14: 13 و21: 11 و12).

لاَ تَقْتُلُنِي في الحروب القديمة كانوا أحياناً يستخدمون الدليل ثم يقتلونه لئلا يخونهم.

لاَ تُسَلِّمُنِي لِيَدِ سَيِّدِي خيفة أن يقتله أو يعذّبه إذا عرف أنه ساعد داود.

مُنْتَشِرُونَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلأَرْضِ بلا احتراس لأنهم لم يفتكروا أن داود يرجع ويلحقهم بهذه السرعة.

مِنْ أَرْضِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَمِنْ أَرْضِ يَهُوذَا كانوا أعداء الجميع يدهم على كل إنسان (تكوين 16: 12) وليس لهم قانون ولا شرف ولا يعرفون شيئاً إلا النهب والسلب.

17 - 20 «17 فَضَرَبَهُمْ دَاوُدُ مِنَ ٱلْعَتَمَةِ إِلَى مَسَاءِ غَدِهِمْ، وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلاَّ أَرْبَعَ مِئَةِ غُلاَمٍ ٱلَّذِينَ رَكِبُوا جِمَالاً وَهَرَبُوا. 18 وَٱسْتَخْلَصَ دَاوُدُ كُلَّ مَا أَخَذَهُ عَمَالِيقُ، وَأَنْقَذَ دَاوُدُ ٱمْرَأَتَيْهِ. 19 وَلَمْ يُفْقَدْ لَهُمْ شَيْءٌ لاَ صَغِيرٌ وَلاَ كَبِيرٌ وَلاَ بَنُونَ وَلاَ بَنَاتٌ وَلاَ غَنِيمَةٌ، وَلاَ شَيْءٌ مِنْ جَمِيعِ مَا أَخَذُوا لَهُمْ، بَلْ رَدَّ دَاوُدُ ٱلْجَمِيعَ. 20 وَأَخَذَ دَاوُدُ ٱلْغَنَمَ وَٱلْبَقَرَ. سَاقُوهَا أَمَامَ تِلْكَ ٱلْمَاشِيَةِ وَقَالُوا: هٰذِهِ غَنِيمَةُ دَاوُدَ».

ص 11: 11 ص 15: 3 وقضاة 7: 12 ع 8 ع 26 - 31

مِنَ ٱلْعَتَمَةِ إِلَى مَسَاءِ غَدِهِمْ والظاهر أن داود وصل إلى محل العمالقة ليلاً ووجدهم يأكلون ويشربون ويرقصون وفي آخر الليل ناموا فهجم عليهم عند سحر الصبح (11: 11) وهم نائمون فانتصر عليهم وإن كانوا أكثر عدداً من رجاله. ودام القتال النهار كله من عتمة الصبح إلى المساء وكان شديداً جداً ومع ذلك لم يُفقد أحد من رجال داود واسترجعوا كل ما نُهب من النفوس والبهائم والأمتعة. وما هذا إلا بعناية الله الخاصة ولا شك أنهم فهموا عند ذلك أن الله سمح بكل ما أصابهم كطرد الفلسطينيين إياهم وحرق صقلغ وسبي النساء والأولاد. وعلموا أن هذا لخيرهم وتعلموا الاتكال عليه في أشد الضيقات. ولا شك أن رجال داود تعلّموا الاتكال على قائدهم لأنه اتكل على الرب.

هٰذِهِ غَنِيمَةُ دَاوُدَ كل إنسان استرجع ما كان فقده وفوق ذلك أخذوا من العمالقة غنيمة متنوعة كثيرة (16) أخذ داود منها لنفسه الغنم والبقر وساقوا هذه أمام مواشي رجال داود. ونعرف عظمة مقدار هذه الغنيمة من كثرة الأشخاص الذي أُرسل إليه هدايا منها (ع 26 - 31).

21 - 25 «21 وَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى مِئَتَيِ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِينَ أَعْيَوْا عَنِ ٱلذَّهَابِ وَرَاءَ دَاوُدَ، فَأَرْجَعُوهُمْ فِي وَادِي ٱلْبَسُورِ، فَخَرَجُوا لِلِقَاءِ دَاوُدَ وَلِقَاءِ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ. فَتَقَدَّمَ دَاوُدُ إِلَى ٱلْقَوْمِ وَسَأَلَ عَنْ سَلاَمَتِهِمْ. 22 فَقَالَ كُلُّ رَجُلٍ شِرِّيرٍ وَلَئِيمٍ مِنَ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ سَارُوا مَعَ دَاوُدَ: لأَجْلِ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا مَعَنَا لاَ نُعْطِيهِمْ مِنَ ٱلْغَنِيمَةِ ٱلَّتِي ٱسْتَخْلَصْنَاهَا، بَلْ لِكُلِّ رَجُلٍ ٱمْرَأَتَهُ وَبَنِيهِ، فَلْيَقْتَادُوهُمْ وَيَنْطَلِقُوا. 23 فَقَالَ دَاوُدُ: لاَ تَفْعَلُوا هٰكَذَا يَا إِخْوَتِي، لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ أَعْطَانَا وَحَفِظَنَا وَدَفَعَ لِيَدِنَا ٱلْغُزَاةَ ٱلَّذِينَ جَاءُوا عَلَيْنَا. 24 وَمَنْ يَسْمَعُ لَكُمْ فِي هٰذَا ٱلأَمْرِ؟ لأَنَّهُ كَنَصِيبِ ٱلنَّازِلِ إِلَى ٱلْحَرْبِ نَصِيبُ ٱلَّذِي يُقِيمُ عِنْدَ ٱلأَمْتِعَةِ، فَإِنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَ بِٱلسَّوِيَّةِ. 25 وَكَانَ مِنْ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ فَصَاعِداً أَنَّهُ جَعَلَهَا فَرِيضَةً وَقَضَاءً لإِسْرَائِيلَ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

ع 10 عدد 31: 27 ويشوع 22: 8

فَأَرْجَعُوهُمْ فِي وَادِي ٱلْبَسُورِ (ع 9) أرجعوهم عن السعي وراء العمالقة وتركوهم في وادي البسور فيظهر من هذا القول أنهم وقفوا بأمر داود لأنهم أعيوا عن أن يعبروا الوادي فلم يكن بقاؤهم ناتجاً من خوفهم أو عصيانهم.

فَخَرَجُوا لِلِقَاءِ دَاوُدَ... وَسَأَلَ عَنْ سَلاَمَتِهِمْ رحبوا به و هو رحب بهم.

فَقَالَ كُلُّ رَجُلٍ شِرِّيرٍ وَلَئِيمٍ ظهر شرهم ولؤمهم لأنهم افتخروا بقوتهم ولم يُشفقوا على الضعفاء وبخلوا عليهم ولم يريدوا أن يعطوهم شيئاً من الغنيمة. إن كل شرير ولئيم بين رجال داود كشف ما في قلبه في وقت النجاح لأن النجاح محك الرجال. وامتحان النجاح أشد من امتحان الضيق.

لاَ تَفْعَلُوا هٰكَذَا يَا إِخْوَتِي أظهر داود محبته لجميع رجاله واقتداره في سياستهم إذ قال لهم «يا إخوتي» وأظهر تقواه وتواضعه في وقت الغلبة بقوله «الرب قد أعطانا وحفظنا».

فَرِيضَةً وَقَضَاءً لإِسْرَائِيلَ لم يكن هذا فريضة جديدة لأن الرب سنّ هذا في الغنيمة التي أُخذت من المديانيين (عدد 31: 25 - 27 أنظر أيضاً يشوع 22: 8).

26 - 30 «26 وَلَمَّا جَاءَ دَاوُدُ إِلَى صِقْلَغَ أَرْسَلَ مِنَ ٱلْغَنِيمَةِ إِلَى شُيُوخِ يَهُوذَا إِلَى أَصْحَابِهِ قَائِلاً: هٰذِهِ لَكُمْ بَرَكَةٌ مِنْ غَنِيمَةِ أَعْدَاءِ ٱلرَّبِّ. 27 إِلَى ٱلَّذِينَ فِي بَيْتِ إِيلٍ، وَٱلَّذِينَ فِي رَامُوتَ ٱلْجَنُوبِ، وَٱلَّذِينَ فِي يَتِّيرَ، 28 وَإِلَى ٱلَّذِينَ فِي عَرُوعِيرَ، وَٱلَّذِينَ فِي سِفْمُوثَ، وَٱلَّذِينَ فِي أَشْتَمُوعَ، 29 وَإِلَى ٱلَّذِينَ فِي رَاخَالَ وَٱلَّذِينَ فِي مُدُنِ ٱلْيَرْحَمْئِيلِيِّينَ وَٱلَّذِينَ فِي مُدُنِ ٱلْقِينِيِّينَ 30 وَإِلَى ٱلَّذِينَ فِي حُرْمَةَ وَٱلَّذِينَ فِي كُورَ عَاشَانَ وَٱلَّذِينَ فِي عَتَاكَ 31 وَإِلَى ٱلَّذِينَ فِي حَبْرُونَ وَإِلَى جَمِيعِ ٱلأَمَاكِنِ ٱلَّتِي تَرَدَّدَ فِيهَا دَاوُدُ وَرِجَالُهُ».

ص 25: 27 ص 18: 17 و25: 28 يشوع 15: 30 و19: 4 يشوع 19: 8 يشوع 15: 48 و21: 14 و1أيام 11: 44 و1أيام 27: 27 يشوع 15: 50 ص 27: 10 ص 15: 6 يشوع 12: 14 و15: 30 و19: 4 يشوع 15: 42 و19: 7 يشوع 14: 13 - 15 و21: 11 - 13 وعدد 13: 22 ص 23: 22

قصد داود في إرساله هذه الهدايا أن يزيد الإلفة بينه وبين يهوذا وأن يظهر أنه حارب حروب الرب وحروبهم.

شُيُوخِ يَهُوذَا (8: 4) الذين كانوا أصدقاءه.

بَرَكَةٌ أي هدية (25: 27) وفي الكلمة إشارة إلى أنها من الله.

بَيْتِ إِيلٍ ليست بيت إيل بنيامين التي كان يعقوب فيها بل مدينة في يهوذا.

رَامُوتَ ٱلْجَنُوبِ تمييزاً لها عن راموث جلعاد (يشوع 19: 8).

يَتِّيرَ مدينة للكهنة وموقعها مجهول.

عَرُوعِيرَ ليست المدينة التي في موآب على نهر أرنون ولعلها عرعارة الحالية على الطريق من غزة إلى وادي موسى على بعد 11 ميلاً إلى الجنوب الغربي من بئر سبع.

سِفْمُوثَ موقعها مجهول.

أَشْتَمُوعَ مدينة للكهنة اسمها الحالي سموع على بعد 7 أميال جنوبي حبرون.

رَاخَالَ موقعها مجهول.

ٱلْيَرْحَمْئِيلِيِّينَ (27: 10).

ٱلْقِينِيِّينَ (15: 6).

حُرْمَةَ اسمها الأصلي صفاة (قضاة 1: 17) في نصيب شمعون.

كُورَ عَاشَانَ أو عاشان (يشوع 15: 42) مدينة في شمعون.

عَتَاكَ لم تذكر إلا هنا ولعلها عاتر في (يشوع 15: 42).

حَبْرُونَ الخليل الحالية تبعد نحو 20 ميلاً عن أورشليم جنوباً وسُميت قرية أربع (يشوع 14: 15) وممرا (تكوين 23: 19) دُفن فيها إبراهيم وإسحاق ويعقوب ونساؤهم سارة ورفقة وليئة وصارت مدينة ملجإ وكانت قاعدة مُلك داود في أول ملكه. (اطلب حبرون في قاموس الكتاب) وهكذا داود وثّق رُبط المحبة بينه وبين رجاله وبينه وبين يهوذا. ومن فضائله أنه لم ينسَ أصدقاءه بعدما صار ملكاً.

فوائد

  1. يجب الاتكال على الله وإن خسرنا كل ما نتكل عليه وفقدنا كل من نحبه (حبقوق 3: 17 - 19) (ع 6 و19).

  2. يستجيب الرب لكل من يسأله إذا سأله بقصد العمل (ع 8).

  3. يجب أن نصدق بعد الصلاة أن الله سمع واستجاب (ع 9).

  4. قد يكون الأكل والشرب والرقص في ليلة يوم الهلاك (ع 16).

  5. في خدمة الرب أنواع كثيرة من العمل ولكل عامل وإن كان مجهولاً أجرٌ من الرب ومن لا يقدر أن يعمل شيئاً إلا الصلاة فله أجر كمن يعمل (ع 24).

  6. يجب أن لا نفتخر إذا نجحنا في عمل الرب لأن النجاح منه وليس منا. ولنا شركاء كثيرون في العمل منهم من نعرفهم ومنهم من لا نعرفهم يستحقون الأجر مثلنا أو أكثر منا (ع 23 و24).

  7. إن الكرم والسخاء ليسا من الواجبات فقط بل فيهما أفضل حكمة أيضاً (ع 26).

اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلثَّلاَثُونَ

1 «وَحَارَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ إِسْرَائِيلَ، فَهَرَبَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَمَامِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَسَقَطُوا قَتْلَى فِي جَبَلِ جِلْبُوعَ».

1أيام 10: 1 - 12 ص 28: 4

بعد النبإ بما حدث لداود ورجاله عند رجوعهم إلى صقلغ رجع الكاتب إلى نبإ حرب الفلسطينيين وإسرائيل في يزرعيل وجبل جلبوع (29: 11). وقع في سهل يزرعيل أربع حروب مشهورة (1) حرب سيسرا في زمان دبورة وباراق (قضاة 4) (2) حرب المديانيين في زمان جدعون (قضاة 7) (3) حرب الفلسطينيين المذكورة هنا (4) حرب فرعون نخو في زمان يوشيا (2ملوك 23: 28 - 30) والظاهر أن القتال وقع في سهل يزرعيل. وبعدما انكسر الإسرائيليون هربوا إلى جبل جلبوع فلحقهم الفلسطينيون وقتلوهم هناك.

2 - 5 «2 فَشَدَّ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ وَرَاءَ شَاوُلَ وَبَنِيهِ، وَضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ يُونَاثَانَ وَأَبِينَادَابَ وَمَلْكِيشُوعَ أَبْنَاءَ شَاوُلَ. 3 وَٱشْتَدَّتِ ٱلْحَرْبُ عَلَى شَاوُلَ فَأَصَابَهُ ٱلرُّمَاةُ رِجَالُ ٱلْقِسِيِّ، فَٱنْجَرَحَ جِدّاً مِنَ ٱلرُّمَاةِ. 4 فَقَالَ شَاوُلُ لِحَامِلِ سِلاَحِهِ: ٱسْتَلَّ سَيْفَكَ وَٱطْعَنِّي بِهِ لِئَلاَّ يَأْتِيَ هٰؤُلاَءِ ٱلْغُلْفُ وَيَطْعَنُونِي وَيُقَبِّحُونِي. فَلَمْ يَشَأْ حَامِلُ سِلاَحِهِ لأَنَّهُ خَافَ جِدّاً. فَأَخَذَ شَاوُلُ ٱلسَّيْفَ وَسَقَطَ عَلَيْهِ. 5 وَلَمَّا رَأَى حَامِلُ سِلاَحِهِ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ شَاوُلُ، سَقَطَ هُوَ أَيْضاً عَلَى سَيْفِهِ وَمَاتَ مَعَهُ».

2صموئيل 1: 6 قضاة 9: 54 قضاة 14: 3 و2صموئيل 1: 6 و10

الكلام هنا وفي ع 6 في غاية الاختصار ولكن فيه ما يدمي الأفئدة ويجرح القلوب.

ٱشْتَدَّتِ ٱلْحَرْبُ عَلَى شَاوُلَ لأنه الملك ولأنه إذا سقط هو يسقط الجيش كله (1ملوك 22: 31) وبما أن الرماة كانوا بعيدين عنه لم يقدر أن يضربهم ومن كثرتهم لم يقدر أن يخلص منهم.

وَيُقَبِّحُونِي كما عملوا في شمشون (قضاة 16: 21) أو ما هو أقبح من ذلك. وفضّل الموت عن يد حامل سلاحه على الموت عن يد الغلف الخارجين عن عهد الرب وهو ملك إسرائيل ومسيح الرب. وحامل سلاحه انتحر لأنه لم يرد أن يعيش بعد موت سيده.

6 «فَمَاتَ شَاوُلُ وَبَنُوهُ ٱلثَّلاَثَةُ وَحَامِلُ سِلاَحِهِ وَجَمِيعُ رِجَالِهِ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ مَعاً».

لم يمت أشبوشث ابن شاول ولا أبنير رئيس الجيش. والقول «جميع رجاله» ربما يشير إلى حرّاسه. وقيل في (1أيام 10: 6) كل بيته عوضاً عن جميع رجاله. ونجا بعض الباقين من الجيش. الانتحار كان نادراً عند اليهود وكثير الوقوع عند الوثنيين الذين كانوا يعتبرونه موتاً شريفاً.

7 «وَلَمَّا رَأَى رِجَالُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ فِي عَبْرِ ٱلْوَادِي وَٱلَّذِينَ فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ أَنَّ رِجَالَ إِسْرَائِيلَ قَدْ هَرَبُوا، وَأَنَّ شَاوُلَ وَبَنِيهِ قَدْ مَاتُوا، تَرَكُوا ٱلْمُدُنَ وَهَرَبُوا، فَأَتَى ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ وَسَكَنُوا بِهَا».

عَبْرِ ٱلْوَادِي شمالي وادي يزرعيل أي أسباط نفتالي وزبولون ويساكر. وقيل في (1أيام 10: 7) في الوادي.

عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ أي شرقي الأردن ولم يسكنوا في عبر الأردن إلا في بعض المدن في الشمال سكناً وقتياً لأننا نقرأ في (2صموئيل 2: 9) أن إيشبوشث ملك على جلعاد. وعلى يزرعيل. أي أن الإسرائيليين بعد قليل استرجعوا المدن التي كان الفلسطينيون قد أخذوها. والفلسطينيون لم يأخذوا شيئاً جنوبي وادي يزرعيل فبقي أفرايم وبنيامين ويهوذا سالمين.

8 - 10 «8 وَفِي ٱلْغَدِ لَمَّا جَاءَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ لِيُعَرُّوا ٱلْقَتْلَى وَجَدُوا شَاوُلَ وَبَنِيهِ ٱلثَّلاَثَةَ سَاقِطِينَ فِي جَبَلِ جِلْبُوعَ، 9 فَقَطَعُوا رَأْسَهُ وَنَزَعُوا سِلاَحَهُ وَأَرْسَلُوا إِلَى أَرْضِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ فِي كُلِّ جِهَةٍ لأَجْلِ ٱلتَّبْشِيرِ فِي بَيْتِ أَصْنَامِهِمْ وَفِي ٱلشَّعْبِ. 10 وَوَضَعُوا سِلاَحَهُ فِي بَيْتِ عَشْتَارُوثَ، وَسَمَّرُوا جَسَدَهُ عَلَى سُورِ بَيْتِ شَانَ».

2صموئيل 1: 20 قضاة 16: 23 و24 ص 7: 3 وقضاة 2: 13 ع 12 و2صموئيل 21: 14 يشوع 17: 11

بعد ذكر نتيجة انتصار الفلسطينيين في (ع 7) رجع الكاتب إلى ما حدث في الغد بعد القتال.

لِيُعَرُّوا ٱلْقَتْلَى ليأخذوا ثيابهم وسلاحهم وكل ما عليهم مما هو ذو قيمة.

فَقَطَعُوا رَأْسَهُ كما قطع داود رأس جليات. وأرسلوا رسلاً ليبشروا في كل حهات أرض الفلسطينيين ونسبوا انتصارهم إلى أصنامهم. وفرحهم هذا الكثير دليل على أن خوفهم من شاول كان عظيماً جداً. ولما فرحوا تذكروا أعمال شاول ويوناثان العظيمة مدة سنين كثيرة وتقدُّم مملكة إسرائيل والخطر الذي كان عليهم من إسرائيل وفرحوا لأنهم ظنوا أنهم خلصوا من هذا الخطر.

بَيْتِ عَشْتَارُوثَ (7: 3) ربما هو الهيكل في أشقلون المذكور في هيرودتوس وهو أعظم هياكل عشتاروت وأقدمها.

سُورِ بَيْتِ شَانَ وهي بيسان الحالية على بعد خمسة أميال من نهر الأردن إلى الجهة الغربية. ودُعيت سكيثوبولس بعد السبي وكانت رئيسة المدن العشر (قاموس الكتاب). وسمروا أجساد شاول وبنيه على سور المدينة (أو شارعها 2صموئيل 21: 12) لأجل الإهانة وليعرف الجميع أن عدوهم قد مات وأن قوة الفلسطينيين لا تُقهر.

11 - 13 «11 وَلَمَّا سَمِعَ سُكَّانُ يَابِيشَ جِلْعَادَ بِمَا فَعَلَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ بِشَاوُلَ، 12 قَامَ كُلُّ ذِي بَأْسٍ وَسَارُوا ٱللَّيْلَ كُلَّهُ، وَأَخَذُوا جَسَدَ شَاوُلَ وَأَجْسَادَ بَنِيهِ عَنْ سُورِ بَيْتِ شَانَ، وَجَاءُوا بِهَا إِلَى يَابِيشَ وَأَحْرَقُوهَا هُنَاكَ 13 وَأَخَذُوا عِظَامَهُمْ وَدَفَنُوهَا تَحْتَ ٱلأَثْلَةِ فِي يَابِيشَ، وَصَامُوا سَبْعَةَ أَيَّامٍ».

ص 11: 1 - 13 و2صموئيل 2: 4 - 7 و2أيام 16: 14 و2صموئيل 21: 12 - 14 ص 22: 6 و2صموئيل 1: 12

سُكَّانُ يَابِيشَ جِلْعَادَ تذكروا بشكر نجاتهم من ملك عمون عن يد شاول (ص 11) والمظنون أن يابيش جلعاد إلى الجهة الجنوبية من وادي يابيش شرقي الأردن تبعد عن بيت شان ن حو 20 ميلاً. وأظهر سكان يابيش الشجاعة أيضاً بسيرهم وأخذهم أجساد شاول وبنيه من يد الفلسطينيين.

أَحْرَقُوهَا ما فعلوه شذّ عن العادة بسبب الأحوال وخوفاً من أن يلحقهم الفلسطينيون ويسترجعوا الأجساد.

ٱلأَثْلَةِ نوع من الطرفاء وهي شجرة معروفة في زمان كاتب السفر. وبعد ذلك نقل داود العظام إلى قبر قيس أبي شاول في صيلع في أرض بنيامين (2صموئيل 21: 12 - 14).

صَامُوا سَبْعَةَ أَيَّامٍ علامة النوح الشديد (تكوين 50: 10).

فوائد

  1. الشجاعة والبأس من الرب. والخوف واليأس يلازمان كل من يتركه (ع 1).

  2. قد يموت الأبرياء جسدياً مع المذنبين وأما نفوسهم فتخلص (ع 2) (يوناثان).

  3. الانتحار خطيئة (1) لأن أجَل الحياة معيّن من الله ومن يقتل ذاته يتعدى على مقاصده تعالى (2) لأن على كل امرء شيئاً من العمل أو من احتمال المشقات ومن قتل ذاته يستعفي مما يطلبه الله منه (3) لأن الانتحار جبانة وكثيراً ما يحمّل المنتحر غيره الأتعاب التي هرب منها (4) لأن الانتحار كفر فلو آمن المرء بوجود الله ومجازاة الأشرار لما تجاسر أن ينقل ذاته إلى الآخرة دون إرادة الله (ع 4 و5).

  4. إن خطيئة شاول لم تؤثر فيه وفي شعبه فقط بل أيضاً في الاعتبار للدين لأنه بسببها جدّف الوثنيون على إله إسرائيل ومجدوا أصنامهم (ع 9).

  5. يسمح الله أحياناً بانحطاط شعبه تأديباً لهم ولكنه لا يرفضهم كل الرفض (ع 7) (وانظر 2صموئيل 8: 1).

  6. إن احترام جثة الميت من الأمور اللائقة والواجبة (ع 11 - 13).

  7. ما أجمل الشكور الذي لا ينسى المعروف ولو كرّت السنون وانقلبت الأحوال (ع 11 - 13).

  8. تأمل في المقابلة بين شاول وبولس الرسول. أولاً أوجه المشابهة (1) بالاسم (2) كلاهما من سبط بنيامين (3) حدة الطبع (4) كلاهما مدعو لخدمة خطيرة. ثانياً أوجه التباين (1) شاول بنى في الأول وخرّب في الآخر وأما بولس فخرّب في الأول وبنى في الآخر (2) شاول عاش لنفسه وأما بولس فللمسيح وشعبه (3) انتحر شاول بلا رجاء وأما بولس فأكمل السعي وحفظ الإيمان (4) شاول عِبرة فلا نتمثل بأعماله وأما بولس فأحسن مثال للمؤمنين في كل العصور.


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D - 70007
Stuttgart
Germany