العودة الى الصفحة السابقة
شرح سفر راعوث

شرح سفر راعوث

السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

للقس وليم مارش


Bibliography

السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم: شرح سفر راعوث. للقس وليم مارش . Copyright © 2013 All rights reserved Call of Hope. . صدر عن مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بيروت 1973. . English title: . German title: . Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D - 70007 Stuttgart Germany http: //www.call - of - hope.com .

مقدمة

تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الادب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة. إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.

ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.

هذا وقد تكرم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً - وهو صاحب حقوق الطبع - بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.

ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».

القس ألبرت أستيرو

الأمين العام

لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى

سفر راعوث

المقدمة

(1) تاريخ الحوادث المذكورة: كانت هذه الحوادث في أيام حكم القضاة (ص 1: 1) وظنّ بعضهم أنها حدثت في أيام جدعون والجوع المشار إليه نتج عن ظلم المديانيين (قضاة 6: 1 - 6). والأرجح أنها حدثت في أيام عالي الكاهن (1صموئيل ص 1) وهذا قول يوسيفوس وكثيرين من أفضل المفسرين. قيل في آخر سفر راعوث إن «بوعز ولد عوبيد وعوبيد ولد يسى ويسى ولد داود». فكان دواد القرن (الجيل) الثالث من راعوث وهذا يؤيد القول إن حوادث سفر راعوث كانت في زمان عالي. ولعل الجوع كان من أسباب طبيعية لعدم المطر أو قلّته.

(2) الكاتب وزمانه: الكاتب مجهول. والأرجح أنه كان في زمان مُلك داود لأنه من المنتظر أن داود أحبّ أن يبحث عن أسلافه وأن يُظهر فضائل الموآبيين التي كانت راعوث منهم.

(3) الغاية من كتابة هذا السفر: هي أن تظهر

  • (أولاً) العلاقة بين راعوث والملك داود فكانت راعوث من أسلاف داود وأسلاف المسيح أيضاً. ونرى في سلسلة نسب المسيح في (متّى 1: 1 - 16) أسماء أربع نساء وهنّ ثامار الكنعانية وراحاب الكنعانية وراعوث الموآبية وبثشبع وثلاث منهن أجنبيات ولعلّ قصد الله في ذلك أن يبيّن أن المسيح هو ابن الإنسان أي أخذ لنفسه طبيعة كل البشر وليس طبيعة اليهود فقط وهو مخلّص لكل بني البشر.

  • (ثانياً) إن ملكوت الله يتضمن كل البشر فكان انضمام راعوث إلى شعب الله عربون انضمام الأمم ونقض حائط السياج المتوسط بين اليهود والأمم وجعلهما شعباً واحداً في المسيح (أفسس 2: 14).

  • (ثالثاً) فضيلة المحبة المخلصة وأجرها.

  • (رابعاً) إن محبة كنّة لحماتها وتركها كل شيء لأجلها وتعلّقها بها في كل الأحوال تمثل محبة المؤمنين أفراداً للكنيسة وتمثل أيضاً اتحاد جميع المؤمنين بالمسيح وهو رأس الكنيسة.

ونفَس السفر بسيط فصيح مؤثر يناسب الموضوع. وهذه القصة الحقيقية التاريخية من أجمل قصص الكتاب وليس في كل التواريخ والروايات أجمل منها. ومكانها في الكتاب بعد سفر القضاة الذي جاء فيه ذكر حروب العظماء وأعمالهم وخطايا فظيعة. فنظرنا إلى هذا السفر بعد النظر إلى سفر القضاة كالانتقال من ميدان الحرب والوغى وسفك الدم إلى بيت فيه السلام والمحبة والراحة والهدوء.

اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ

مضمونه: الجوع في أرض يهوذا وتغرب أليمالك وامرأته نُعمي وابنيهما في بلاد موآب وموت أليمالك وزيجة ابنيه بموآبيتين عرفة وراعوث وموتهما ورجوع نُعمي إلى بيت لحم وتعلّق راعوث بحماتها بمحبة شديدة وتركها وطنها وأهلها وآلهتها وذهابها مع نُعمي إلى بيت لحم.

1 « حَدَثَ فِي أَيَّامِ حُكْمِ ٱلْقُضَاةِ أَنَّهُ صَارَ جُوعٌ فِي ٱلأَرْضِ، فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا لِيَتَغَرَّبَ فِي بِلاَدِ مُوآبَ هُوَ وَٱمْرَأَتُهُ وَٱبْنَاهُ».

قضاة 2: 16 تكوين 12: 10 و26: 1 و2ملوك 8: 1 قضاة 17: 8

أَيَّامِ حُكْمِ ٱلْقُضَاةِ من مصلحة القاضي أن يسمع الدعاوي ويحكم فيها حسب الشريعة وزيد على ذلك في الزمان المذكور الحكم في الأمور السياسية إجمالاً كملك الشعب في الحرب أحياناً وقيادته. والأرجح أن الحوادث المذكورة في هذا السفر كانت في أيام عالي المذكور في صموئيل الأول الذي كان كاهناً وقاضياً معاً.

صَارَ جُوعٌ قيل إن ذلك الجوع كان في أيام جدعون وكان نتيجة غزوات المديانيين والأرجح أنه كان في أيام عالي من عدم المطر أو قلّته. وحدوث الجوع في أرض بيت لحم المشهورة بالخصب والإقبال دليل على أنه كان عمومياً وشديداً.

بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا كان بيت لحم أخرى في سهم زبولون (يشوع 19: 15). وبيت لحم يهوذا هذه على بُعد ستة أميال من أورشليم نحو الجنوب الشرقي مبنيّة على أكمة تحيطها التلال التي تكسوها أشجار التين والكرم والزيتون والأودية المحيطة بها مخصبة فيها القمح والشعير فتستحق المدينة اسمها الذي معناه الأصلي بيت الطعام. دُفنت راحيل قربها (تكوين 35: 16 - 20) ووُلد داود فيها وتربّى وفي جوارها كان يرعى الغنم ووُلد فيها يسوع وهو ابن داود حسب الجسد.

بِلاَدِ مُوآبَ وهي شرقي بيت لحم في عبر بحر لوط وتخمها الشمالي نهر أرنون بينها وبين أرض سبط رأوبين وكانت بلاداً مخصبة مشهورة لكثرة الغنم والمواشي كثيرة السكان الذين بينهم وبين الإسرائيليين حروب كثيرة ولكن في زمان أليمالك وفي أول مُلك داود كان صلح بين الفريقين. ولم يذهب أليمالك غرباً إلى أرض الفلسطينيين لوجود عداوة وحروب بينهم وبين الإسرائيليين كما يظهر من نبإ شمشون في سفر القضاة وعالي في سفر صموئيل الأول.

2 «وَٱسْمُ ٱلرَّجُلِ أَلِيمَالِكُ، وَٱسْمُ ٱمْرَأَتِهِ نُعْمِي، وَٱسْمَا ٱبْنَيْهِ مَحْلُونُ وَكِلْيُونُ أَفْرَاتِيُّونَ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا. فَأَتَوْا إِلَى بِلاَدِ مُوآبَ وَكَانُوا هُنَاكَ».

تكوين 35: 19 قضاة 3: 30

وَٱسْمُ ٱلرَّجُلِ أَلِيمَالِكُ، وَٱسْمُ ٱمْرَأَتِهِ نُعْمِي معنى الاسم «أليماك» الله ملك. ومعنى الاسم «نُعمي» النعمة والرضى والقبول والحلاوة وعكس المرارة (ع 20). والظاهر أنهما لم يكونا من الفقراء أصلاً لأن نُعمي قالت (ع 20) «ذهبت ممتلئة» وقيل «إن المدينة كلها تحركت عند رجوعها بسببها وقالوا أهذه نُعمي» إشارة إلى الفرق ما بين حالها لما ذهبت وحالها لما رجعت. وكان بوعز والنسيب الآخر (ص 4: 1 - 8) من ذوي الاعتبار.

أَفْرَاتِيُّونَ كان أفراتة اسم قديم لبيت لحم (تكوين 35: 19) ونستنتج من القول أن أليمالك وأهل بيته لم يكونوا غرباء أو محدثين في بيت لحم بل من أهلها القدماء.

فَأَتَوْا إِلَى بِلاَدِ مُوآبَ بحث المفسرون في جواز التغرب في بلاد وثنية فحكموا أن المهاجرة قد تكون جائزة واجبة. قال الله لنوح وبنيه «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ» (تكوين 9: 1). ولما يكثر الناس في مكان يهاجر بعضهم إلى مكان آخر أرضه متسعة وخيراته كثيرة وهكذا يهاجر الآسيويون والأوربيون إلى أميركا وأوستراليا وغيرهما من الأراضي الجديدة. ولكن على المهاجرين أن يطلبوا ما يوافق النفس والحياة الروحية وليس فقط ما للجسد إذ لا تنفع الإنسان كثرة الخيرات الجسدية إذا خسر هو وأولاده في الأدب والدين (متّى 6: 33).

3، 4 «3 وَمَاتَ أَلِيمَالِكُ رَجُلُ نُعْمِي، وَبَقِيَتْ هِيَ وَٱبْنَاهَا. 4 فَأَخَذَا لَهُمَا ٱمْرَأَتَيْنِ مُوآبِيَّتَيْنِ، ٱسْمُ إِحْدَاهُمَا عُرْفَةُ وَٱسْمُ ٱلأُخْرَى رَاعُوثُ. وَأَقَامَا هُنَاكَ نَحْوَ عَشَرِ سِنِينٍ».

وبحث المفسرون في أمر زيجة ابني أليمالك بالموآبيات. وقيل في الترجوم أنهما تعديا وصية الرب فأخذا أجنبيتين. ولكن ما ورد في (تثنية 7: 3) فهو نهي عن مصاهرة الكنعانيين. والحكم في هذا الأمر هو أن الزيجة يجب أن تكون في الرب (1كورنثوس 7: 39) أي أن لا يأخذ المؤمن إلا مؤمنة ولا تأخذ المؤمنة إلا مؤمناً. ولكن في سفر راعوث لا شيء من اللوم على أليمالك ولا على ابنيه ولذلك نحن لا نلومهم. ولعلهم عرفوا أن المرأتين كانتا فاضلتين مستعدتين لقبول الدين الحق.

نَحْوَ عَشَرِ سِنِينٍ لا خبر عما حدث لها فيها إلا الخبر بموت أليمالك وزيجة ابنيه وموتهما وفي هذا الخبر ما يكفي من الحزن.

5 «ثُمَّ مَاتَا كِلاَهُمَا مَحْلُونُ وَكِلْيُونُ، فَتُرِكَتِ ٱلْمَرْأَةُ مِنِ ٱبْنَيْهَا وَمِنْ رَجُلِهَا».

فَتُرِكَتِ ٱلْمَرْأَةُ مِنِ ٱبْنَيْهَا وَمِنْ رَجُلِهَا فأصبحت في حالة يُرثى لها. قال أحد المفسرين إذا سُئل مَن مِن الجنسين يُرثى له أكثر من غيره نقول المرأة لأنها أضعف. ومن النساء العجائز ومن العجائز الأرامل ومن الأرامل المثاكيل ومن المثاكيل الفقيرات ومن الفقيرات المتغربات. فاجتمعت هذه كلها في نُعمي. ولكن الرب لم يتركها وهو أفضل البركات ومصدرها فأعطاها كنة فاضلة وأرجعها إلى بلادها وبنى لها بيتاً وأقام لها من كان أفضل من الرجل والأولاد.

6 «فَقَامَتْ هِيَ وَكَنَّتَاهَا وَرَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ، لأَنَّهَا سَمِعَتْ فِي بِلاَدِ مُوآبَ أَنَّ ٱلرَّبَّ قَدِ ٱفْتَقَدَ شَعْبَهُ لِيُعْطِيَهُمْ خُبْزاً».

خروج 4: 31 ولوقا 1: 68 مزمور 132: 15 ومتّى 6: 11

وَرَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ قيل في نُعمي وحدها أنها رجعت إلى بيت لحم لأن عُرفة شيّعتها قليلاً فقط وربما إلى مخاضة أرنون أو إلى مخاضة الأردن وراعوث لم تكن من بيت لحم أصلاً حتى يُقال فيها أنها رجعت. ولعلّ نُعمي رأت أن ذهابها من بيت لحم غلط وابتعاد عن الله فكان رجوعها إلى بيت لحم رجوعاً إلى الله أيضاً.

لأَنَّهَا سَمِعَتْ من الذين أتوا من أرض إسرائيل فلا يلزم الظن أن الرب كلّمها برؤيا أو ملاك.

ٱلرَّبَّ قَدِ ٱفْتَقَدَ شَعْبَهُ نظر إليهم ورضي عنهم وكان اعتقادهم أن الخصب وانحباس المطر من الرب فكان الخصب علامة رضاه وانحباس المطر علامة غضبه وهكذا نعتقد اليوم مع كل معرفتنا بالنواميس الطبيعية.

لِيُعْطِيَهُمْ خُبْزاً يُكنى بالخبز عن كل أنواع الطعام.

7، 8 «7 وَخَرَجَتْ مِنَ ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَكَنَّتَاهَا مَعَهَا، وَسِرْنَ فِي ٱلطَّرِيقِ لِلرُّجُوعِ إِلَى أَرْضِ يَهُوذَا. 8 فَقَالَتْ نُعْمِي لِكَنَّتَيْهَا: ٱذْهَبَا ٱرْجِعَا كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى بَيْتِ أُمِّهَا. وَلْيَصْنَعِ ٱلرَّبُّ مَعَكُمَا إِحْسَاناً كَمَا صَنَعْتُمَا بِٱلْمَوْتَى وَبِي».

يشوع 24: 15 و2تيموثاوس 1: 16 و17 و18 ع 5 وص 2: 20

فَقَالَتْ نُعْمِي لِكَنَّتَيْهَا: ٱذْهَبَا هذا القول يدل على محبتها المخلصة فإنها بلا شك كانت تحب أنهما تبقيان معها ولكنها نظرت إلى ما يوافقهما وليس إلى ما يوافقها وعرفت أن أرض يهوذا تكون لهما أرض غريبة ليس لهما فيها أهل أو أصدقاء وعرفت أيضاً نفور اليهود الديني من جميع الأجانب وعدم الرجاء بزيجتهما في أرض يهوذا.

إِلَى بَيْتِ أُمِّهَا هذا القول لا ينفي وجود أبوين لهما وقد ذُكر أب لراعوث (ص 2: 11) ولكن الأم قريبة لبناتها أكثر من الأب ولا سيما في وقت الحزن.

كَمَا صَنَعْتُمَا بِٱلْمَوْتَى وَبِي شهدت نُعمي بحسن سلوكهما. وشهدت لنفسها أيضاً غير أنها لم تقصد ذلك فإنها كانت ربة البيت ولولا محبتها وصبرها وحكمتها لما كان في البيت ما يسرّ.

9، 10 «9 وَلْيُعْطِكُمَا ٱلرَّبُّ أَنْ تَجِدَا رَاحَةً كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتِ رَجُلِهَا. فَقَبَّلَتْهُمَا، وَرَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ وَبَكَيْنَ. 10 فَقَالَتَا لَهَا: إِنَّنَا نَرْجِعُ مَعَكِ إِلَى شَعْبِكِ».

ص 3: 1

تَجِدَا رَاحَةً كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتِ رَجُلِهَا حسب عادات الشرق ولا سيما في القديم لم يكن لغير المتزوجات عمل في التجارة أو الصنائع أو التعليم أو في خدمة المرضى كما عندنا اليوم.

فَقَبَّلَتْهُمَا وَرَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ وَبَكَيْنَ في البكاء مرارة وفيه تعزية أيضاً لأنه دليل على المحبة ولولا محبتهن لما بكين. فما أعظم محبة هذه الحماة لكنتيها ومحبتهما لها ويندر وجود محبة كهذه بين الحماة والكنة. قيل لو كان جميع الحموات مثل نُعمي لكان جميع الكنات مثل عُرفة وراعوث. ولا شك أنه كان فيهن عيوب وخطايا كما في جميع بني البشر ولكن المحبة تستر كل الذنوب.

11 - 13 «11 فَقَالَتْ نُعْمِي: ٱرْجِعَا يَا بِنْتَيَّ. لِمَاذَا تَذْهَبَانِ مَعِي؟ هَلْ فِي أَحْشَائِي بَنُونَ بَعْدُ حَتَّى يَكُونُوا لَكُمَا رِجَالاً؟ 12 اِرْجِعَا يَا بِنْتَيَّ وَٱذْهَبَا لأَنِّي قَدْ شِخْتُ عَنْ أَنْ أَكُونَ لِرَجُلٍ. وَإِنْ قُلْتُ لِي رَجَاءٌ أَيْضاً بِأَنِّي أَصِيرُ هٰذِهِ ٱللَّيْلَةَ لِرَجُلٍ وَأَلِدُ بَنِينَ أَيْضاً، 13 هَلْ تَصْبِرَانِ لَهُمْ حَتَّى يَكْبُرُوا؟ هَلْ تَنْحَجِزَانِ مِنْ أَجْلِهِمْ عَنْ أَنْ تَكُونَا لِرَجُلٍ؟ لاَ يَا بِنْتَيَّ. فَإِنِّي مَغْمُومَةٌ جِدّاً مِنْ أَجْلِكُمَا لأَنَّ يَدَ ٱلرَّبِّ قَدْ خَرَجَتْ عَلَيَّ».

تكوين 38: 11 وتثنية 25: 5 قضاة 2: 15 وأيوب 19: 21 ومزمور 32: 4 و38: 2 و39: 9 و10

ذكرت نُعمي أموراً مستحيلة منها أنها تتزوج وإذا تزوجت تلد بنين وإذا ولدت بنين وربتهم فعرفة وراعوث لا تنحجزان من أجلهم. ولعل في بالها أمراً آخر من الأمور المستحيلة حسب الظاهر وهو أنهما تجدان في بيت لحم رجلين يرضيان أن يتزوجا موآبيات. وخلاصة كلامها أنتما شابتان وليس لكما راحة إلا في الزيجة وفي بيت لحم لا أحد يتزوج موآبية. كنت أحب أن أزفكما إلى بعض أولادي حسب شريعة موسى (تثنية 25: 5 وتكوين 38) ولكن ليس لي أولاد ولا أمل أن يصير لي أولاد. فإذاً أشير عليكما أن تبقيا في بلادكما وتتزوجان من جنسكما الموآبيين.

لاَ يَا بِنْتَيَّ لم تقل كنتيّ بل بنتيّ دليلاً على المحبة.

فَإِنِّي مَغْمُومَةٌ جِدّاً مِنْ أَجْلِكُمَا لم تقل من أجل نفسي لأن اهتمامها هو لأجلهما وهذا أيضاً دليل على محبة شديدة.

يَدَ ٱلرَّبِّ قَدْ خَرَجَتْ عَلَيَّ اعترفت بأن كل مصائبها من الرب ولكن معنى الكلام أنها سلّمت للرب وأقرّت بأنها مستحقة التأديب.

14 «ثُمَّ رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ وَبَكَيْنَ أَيْضاً. فَقَبَّلَتْ عُرْفَةُ حَمَاتَهَا، وَأَمَّا رَاعُوثُ فَلَصِقَتْ بِهَا».

أمثال 17: 17 و18: 24

فَقَبَّلَتْ عُرْفَةُ حَمَاتَهَا أي ودّعتها ورجعت إلى بلاد موآب. ولا نلومها على ذهابها لأنها كانت سلكت حسناً مع رجلها وحماتها وأظهرت محبتها لحماتها إذ شيّعتها وقبّلتها وفي الآخر عملت كما أشارت نُعمي عليها. ولعلها تاقت إلى أمها وأهل بيتها وأرادت خدمتهم والسلوك الحسن عندهم.

لَصِقَتْ بِهَا وهذا القول يذكرنا ما جاء في تكوين 2: 24 «لِذٰلِكَ يَتْرُكُ ٱلرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِٱمْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَداً وَاحِداً» وهكذا حصل لنُعمي وراعوث.

15 «فَقَالَتْ: هُوَذَا قَدْ رَجَعَتْ سِلْفَتُكِ إِلَى شَعْبِهَا وَآلِهَتِهَا. اِرْجِعِي أَنْتِ وَرَاءَ سِلْفَتِكِ».

قضاة 11: 24 يشوع 24: 15 و19

اِرْجِعِي أَنْتِ وَرَاءَ سِلْفَتِكِ كانت نُعمي تحب أن كنتها تبقى معها ولو تركتها راعوث لكان ذلك لها من أعظم الأحزان. ولكنها من محبتها المخلصة واهتمامها لراحة راعوث لا لراحة نفسها نصحت لها أن ترجع إلى موآب. ولا نستنتج من ذكرها آلهة موآب أنها اعتقدت أنها أفضل من إله إسرائيل أو أنه لا فرق أو أن إله إسرائيل هو لإسرائيل وآلهة موآب هي لموآب. ولعل معنى قولها هو أن راعوث في ذلك الوقت لم تكن قد تركت آلهة موآب وأرادت نُعمي أن تبيّن لها ما عليها من التعب والخسارة إذا ذهبت معها إلى بيت لحم وأن تذكرها أن ذهابها معها يقتضي أيضاً ترك مذهبها الديني. وكانت نُعمي تسرّ جداً إذا اختارت راعوث الذهاب معها والانضمام إلى شعب الله ولكنها أرادت أنها تختار لنفهسا بالحرية بعد التأمل والمعرفة وحساب النفقة. ولبيان آلهة موآب (انظر عدد 25: 1 - 5 وهوشع 9: 10) التي يظهر منها أن الموآبيين عبدوا بعل فغور وكان في تلك العبادة قبائح وقساوة. (وانظر أيضاً قضاة 11: 24) التي يظهر منها ومن آيات غيرها أن الموآبيين عبدوا كموش.

16، 17 «16 فَقَالَتْ رَاعُوثُ: لاَ تُلِحِّي عَلَيَّ أَنْ أَتْرُكَكِ وَأَرْجِعَ عَنْكِ، لأَنَّهُ حَيْثُمَا ذَهَبْتِ أَذْهَبُ وَحَيْثُمَا بِتِّ أَبِيتُ. شَعْبُكِ شَعْبِي وَإِلٰهُكِ إِلٰهِي. 17 حَيْثُمَا مُتِّ أَمُوتُ وَهُنَاكَ أَنْدَفِنُ. هٰكَذَا يَفْعَلُ ٱلرَّبُّ بِي وَهٰكَذَا يَزِيدُ. إِنَّمَا ٱلْمَوْتُ يَفْصِلُ بَيْنِي وَبَيْنَكِ».

2ملوك 2: 2 و4 و6 ص 2: 11 و12 و1صموئيل 3: 17 و25: 22 و2صموئيل 19: 13 و2ملوك 6: 31

إن جواب راعوث يعبّر عن عواطف قلبها بعبارات مؤثرة جميلة فصيحة مستعملة في كل القرون للتعبير عن المحبة الطاهرة المخلصة. وفي جوابها ادحضت كل ما تقدر نُعمي أن تقوله. فإذا قالت إن ليس لها بيت قالت راعوث «حيثما بتّ أبيت». وإذا قالت أنها تكون أجنبية في بلاد إسرائيل وعابدة آلهة غريبة قالت راعوث «شعبك شعبي وإلهك إلهي». وإذا قالت لا يكون لك فرح في حياتك في بلاد إسرائيل قالت راعوث «إنه يكفيها إذا ماتت في أرض نُعمي ودُفنت في قبرها». ويظهر من كلامها أنها في أول الأمر طلبت الانضمام إلى شعب الله واعترفت بإيمانها بالإله الحقيقي لمجرد محبتها لنُعمي. وفي آخر كلامها حلفت بالرب دليلاً على أنها كانت اختارت الرب إلهاً لها دون آلهة موآب الكاذبة.

18 «فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا مُشَدِّدَةٌ عَلَى ٱلذَّهَابِ مَعَهَا كَفَّتْ عَنِ ٱلْكَلاَمِ إِلَيْهَا».

أعمال 21: 14

مُشَدِّدَةٌ عَلَى ٱلذَّهَابِ بعض الناس ينتظرون رأي غيرهم في كل عمل ولا يريدون أن يبتوا أمراً وحدهم ولا سيما في الدين وبعضهم يريدون التسلط على عقول هؤلاء الضعفاء الذين يميلون أحياناً إلى هذا وأحياناً إلى ذاك من المتسلطين فلا يثبتون على رأي. وأما راعوث فمن صفاتها الحميدة أنها كانت مشددة أي عرفت وفهمت وحكمت وثبتت على عزمها. ويظهر من (أعمال 11: 23) أن الرب يسر بالثابت ومن (يعقوب 1: 6 - 8) الرب لا يرضى بذي رأيين.

19 «فَذَهَبَتَا كِلْتَاهُمَا حَتَّى دَخَلَتَا بَيْتَ لَحْمٍ. وَكَانَ عِنْدَ دُخُولِهِمَا بَيْتَ لَحْمٍ أَنَّ ٱلْمَدِينَةَ كُلَّهَا تَحَرَّكَتْ بِسَبَبِهِمَا، وَقَالُوا: أَهٰذِهِ نُعْمِي؟».

متّى 21: 10 إشعياء 23: 7 ومراثي إرميا 2: 15

ٱلْمَدِينَةَ كُلَّهَا تَحَرَّكَتْ وذلك لرجوع نُعمي بعد إقامتها عشر سنين في بلاد موآب ورجوعها بلا رجلها وأولادها بحال الفقر ولعلهم لاموها على تركها بلادها وتغرّبها عند الوثنيين وتزوّج ابنيها موآبيتين وقالوا إن مصائبها من الرب قصاصاً لخطاياها فنفروا منها كأنها مرفوضة وملعونة ولا شك أنهم نظروا إلى راعوث الموآبية وقالوا في قلوبهم أنهم لا يقبلونها ولا يعاشرونها. إن الضمير المتصل بالفعل قالوا حسب النص العبراني مؤنث إشارة إلى أن القائلين هم نساء المدينة.

20 «فَقَالَتْ لَهُمْ: لاَ تَدْعُونِي نُعْمِيَ بَلِ ٱدْعُونِي مُرَّةَ، لأَنَّ ٱلْقَدِيرَ قَدْ أَمَرَّنِي جِدّاً».

لاَ تَدْعُونِي نُعْمِيَ بَلِ ٱدْعُونِي مُرَّةَ رأت أن الاسم نُعمي أي نعمة وإن كان اسم ملائم لها حينما خرجت من بيت لحم لا يوافق حالها حين الرجوع وهي حالة مرارة لا حالة نعمة.

لأَنَّ ٱلْقَدِيرَ قَدْ أَمَرَّنِي جِدّاً يدل على إيمانها بأن الله قادر على كل شيء ويعمل كما يريد وهي لا تقدر أن تقاومه. وبقوله إشارة إلى شعورها بأنها أخطأت ولكنها لم تجعل اللوم على رجلها الذي كان أخذها معه إلى موآب.

21 «إِنِّي ذَهَبْتُ مُمْتَلِئَةً وَأَرْجَعَنِيَ ٱلرَّبُّ فَارِغَةً. لِمَاذَا تَدْعُونَنِي «نُعْمِيَ» وَٱلرَّبُّ قَدْ أَذَلَّنِي وَٱلْقَدِيرُ قَدْ كَسَّرَنِي؟».

أيوب 1: 21

ذَهَبْتُ مُمْتَلِئَةً كانت ذهبت هي ورجلها بسبب الجوع ولكننا لا نستنتج من ذلك أنهما كانا وصلا إلى درجة العوز الكلي. ولعلها لم تفتكر بالمال كثر أو قلّ بل برجلها وابنيها الذين كانت قلوبهم ممتلئة بمحبتهم لها ومحبتها لهم عند ذهابها ورأت الآن أنها فارغة من تلك المحبة عند رجوعها. وكثّرت الألفاظ «أمرني... أذلني... كسرني» دليلاً على عظمة مصائبها وعدم رجائها.

22 «فَرَجَعَتْ نُعْمِي وَرَاعُوثُ ٱلْمُوآبِيَّةُ كَنَّتُهَا مَعَهَا، ٱلَّتِي رَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ، وَدَخَلَتَا بَيْتَ لَحْمٍ فِي ٱبْتِدَاءِ حَصَادِ ٱلشَّعِيرِ».

خروج 9: 31 و32 وص 2: 23 و2صموئيل 21: 9

وهنا ما يشير إلى التعزية فإن لها محبة كنتها الفائقة العادة والانتظار ولها الوطن المحبوب الذي فيه فرائض الدين الحق ولها الرجاء بالرب الذي يعتني بالأرامل والفقراء عناية خاصة. وكان ابتداء حصاد الشعير رمزاً إلى ابتداء زمان الراحة والسرور وهذا كله سيظهر في الأصحاحات الآتية. وعندما ننظر إلى مصائب حياتنا في هذا العالم لا يجوز لنا القول إن الرب قد أمرّنا لأن مرارة حياتنا من خطايانا وضعف إيماننا وتمرّدنا وعصياننا. وأما الرب فقد حلّى حياتنا إذ غفر لنا خطايانا وأعد لنا طريق الخلاص والرجوع إليه حتى نقول في كل حين باركي يا نفسي الرب.

فوائد

  1. جوع في الأرض. أعظم من الجوع للخبز الجوع لاستماع كلمات الرب والجوع للمحبة لعدم وجودها والجوع للدين والصدق والعدل والرجاء (ع 1).

  2. أليمالك. الله هو ملك حتى في الجوع والموت (ع 2).

  3. إن جميع الخيرات الجسدية تزول. أحباؤنا يموتون. أموالنا تصنع لنفسها أجنحة كالنسر فتطير. وأما الخيرات الروحية فهي أبدية والله لا يتغير (ع 1 - 5).

  4. ما أحلى المدح في وقته ومدح من يستحق. فلا تذخر عندك الكلمات الطيبة حتى يكون أهل بيتك أو أصدقاؤك قد ماتوا بل امدحهم وهم أحياء وانظر فيهم الأمور الصالحة فتشجعهم وتشدد رُبط المحبة (ع 8).

  5. إن أعظم فراق ليس فراق الموت ولا فراق البُعد الجسدي بل الفراق في الإيمان فيكون أحد الصديقين من عبدَة الله والآخر من عبدَة المال. يسلك الواحد في الطريق الواسعة التي تؤدي إلى الهلاك والآخر في الطريق الضيقة فيكون الواحد في جهنم والآخر في السماء (ع 14).

  6. إننا نقف أحياناً عند رأس طريقين ونختار منهما الطريق التي نرى فيها الراحة والربح والمجد العالمي ولكننا نجهل أن الطريق الواحدة للموت والأخرى للحياة. فعلينا في كل ما نختاره أن نسأل إرشاد الرب (ع 14).

  7. الحزن يوحّد القلوب (ع 16).

  8. إن المصائب المرّة أحسن استعداد لبركات الله الحلوة (ع 20 - 22).

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي

مضمونه: ذهبت راعوث لتلتقط واتفق نصيبها في قطعة حقل بوعز من عشيرة أليمالك. وبعد ما عرف أنها من بلاد موآب أحسن إليها وسمح لها أن تلتقط في حقله حتى بين الحزم وأن تشرب مما استقاه الغلمان وتأكل من أكلهم فرجعت مساء إلى حماتها بما التقطته وهو كميّة غير عادية من الشعير وحدّثت حماتها عن لطف بوعز وفمهت منها أنه من ذوي قرباها.

1 «وَكَانَ لِنُعْمِي ذُو قَرَابَةٍ لِرَجُلِهَا، جَبَّارُ بَأْسٍ مِنْ عَشِيرَةِ أَلِيمَالِكَ، ٱسْمُهُ بُوعَزُ».

ص 3: 2 و12 ص 4: 21 ومتّى 1: 5

ذُو قَرَابَةٍ لا يُذكر نوع القرابة. يقول الربانيون أنه كان ابن أخي أليمالك ولكن هذا غير ثابت.

جَبَّارُ بَأْسٍ معنى ذلك اللقب الأصلي المقتدر في الحرب كجدعون (قضاة 6: 12) ويفتاح (قضاة 11: 1) ومعناه الثاني المقتدر في المال أي الغني ولعل بوعز كان جبار بأس من الجهتين فإنه كان من نسل نحشون (ص 4: 20) الذي كان رئيس سبط يهوذا (عدد 2: 3) وفي زمان حوادث هذا السفر كان حروب بين إسرائيل والفلسطينيين. ويظهر مما سيأتي أنه لم يخف أن يعمل ما رآه واجباً وموافقاً مهما قال الناس فكان من جبابرة الإيمان. والظاهر أنه متوسط في العمر لأنه دعى راعوث بنته (ع 8). ولا نعرف إن كان عزباً أو أرملاً أو له امرأة لأنه في القديم كان بعضهم كإبراهيم ويعقوب والقانة ودواد يتزوجون غير واحدة.

2 « فَقَالَتْ رَاعُوثُ ٱلْمُوآبِيَّةُ لِنُعْمِي: دَعِينِي أَذْهَبْ إِلَى ٱلْحَقْلِ وَأَلْتَقِطْ سَنَابِلَ وَرَاءَ مَنْ أَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ. فَقَالَتْ لَهَا: ٱذْهَبِي يَا ٱبْنَتِي».

لاويين 19: 9 وتثنية 24: 19

دَعِينِي أَذْهَبْ طلبت إذناً من حماتها دليلاً على تواضعها واعتبارها لحماتها إذ لم ترد أن تعمل شيئاً إلا بعلمها ورضاها.

أَلْتَقِطْ سَنَابِلَ كان ذلك عمل الفقراء ويدل على عوزهما الكليّ. ولعل نُعمي لم تقدر أن تذهب بسبب مرضها أو ضعفها وأما راعوث فلم تستعفي من العمل ولم تتكبر ولم تكسل بل كانت راضية بأي عمل كان. والشريعة سمحت للفقراء أن يلتقطوا (لاويين 23: 23 وتثنية 24: 19). ولكن ليس جميع أصحاب الحقول كانوا يعتبرون الشريعة أو يبالون بالفقراء. وكان من المحتمل أن هذه الفتاة الموآبية تُهان منهم أو من الفعلة الأشرار. وعلى رغم هذه الصعوبات ذهبت راعوث.

3 «فَذَهَبَتْ وَجَاءَتْ وَٱلْتَقَطَتْ فِي ٱلْحَقْلِ وَرَاءَ ٱلْحَصَّادِينَ. فَٱتَّفَقَ نَصِيبُهَا فِي قِطْعَةِ حَقْلٍ لِبُوعَزَ ٱلَّذِي مِنْ عَشِيرَةِ أَلِيمَالِكَ».

فَٱتَّفَقَ أي لم تقصد حقل بوعز ولم تعرف أنه لبوعز ولم تخبرها نُعمي عن القرابة التي بينها وبين بوعز. فكان الأمر بتدبير الله الذي يهتم بجميع خلائقه ويدبر كل أمورهم ولا سيما الأرامل والضعفاء. وبالحقيقة أنه لا اتفاق في العالم بل ما نسميه حظاً أو اتفاقاً هو تدبير الله إذا كنا نعمل ما علينا ونحفظ وصاياه ونسلم كل أمر لإرادته تعالى.

4 «وَإِذَا بِبُوعَزَ قَدْ جَاءَ مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ وَقَالَ لِلْحَصَّادِينَ: ٱلرَّبُّ مَعَكُمْ. فَقَالُوا لَهُ: يُبَارِكُكَ ٱلرَّبُّ».

مزمور 129: 7 و8 ولوقا 1: 28 و2تسالونيكي 3: 16

وَقَالَ لِلْحَصَّادِينَ سلام بوعز وجواب الحصادين يدلان على المعرفة بينه وبينهم وعلى لطفه واعتبارهم له. وزد على هذا أن الحصادين اعترفوا بأن الرب هو مصدر كل خير. فعلى جميع المستخدمين أن يعتبروا خدامهم كأولاد الله وعلى كل من المستخدِم والمستخدَم أن يعترف بأنه مفتقر إلى نعمة الله ومحتاج إلى الخلاص. فليس الإنسان بهيمة ولا آلة صناعية بلا نفس.

5، 6 «5 فَقَالَ بُوعَزُ لِغُلاَمِهِ ٱلْمُوَكَّلِ عَلَى ٱلْحَصَّادِينَ: لِمَنْ هٰذِهِ ٱلْفَتَاةُ؟ 6 فَأَجَابَ: هِيَ فَتَاةٌ مُوآبِيَّةٌ قَدْ رَجَعَتْ مَعَ نُعْمِي مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ».

ص 1: 22

لِمَنْ هٰذِهِ ٱلْفَتَاةُ لم يقل من هذه بل «لمن هذه» أي رآها ممتازة عن غيرها من الفتيات والنساء إما لأنها غريبة أو لما فيها من الجمال وحسن الأخلاق التي تدل على أن أهلها من الراقين فأراد أن يعرف مَن هم.

عرفنا أن بوعز ذو قرابة لنُعمي وقيل (ع 11) أنه قد أُخبر بكل ما فعلت راعوث بحماتها ولكن سؤاله «لمن هذه الفتاة» يدل على أنه لم يرَ راعوث سابقاً. ويظهر أنه لم يكن قد ساعد نُعمي من ماله إما لأنه لم ينتبه إلى أمرها أو لأنه كان مفتكراً في أمرها ولكنه كان ينتظر فرصة أو طريقة موافقة لمساعدتها لأنه وليٌّ ولكن كان وليّ أقرب منه (ص 3: 3 و6).

7 «وَقَالَتْ: دَعُونِي أَلْتَقِطْ وَأَجْمَعْ بَيْنَ ٱلْحُزَمِ وَرَاءَ ٱلْحَصَّادِينَ. فَجَاءَتْ وَمَكَثَتْ مِنَ ٱلصَّبَاحِ إِلَى ٱلآنَ. قَلِيلاً مَّا لَبِثَتْ فِي ٱلْبَيْتِ».

وَأَجْمَعْ بَيْنَ ٱلْحُزَمِ أي في مكان لا يجوز الالتقاط فيه إلا بإذن خاص من صاحب الحقل أو وكيله.

مِنَ ٱلصَّبَاحِ إِلَى ٱلآنَ كانت مجتهدة جداً فمكثت كل النهار في الحقل ما عدا وقت قصير فيه لبثت في البيت أي البيت الوقتي أو المظلة المعدة للحصادين أو الوكيل.

8 «فَقَالَ بُوعَزُ لِرَاعُوثَ: أَلاَ تَسْمَعِينَ يَا ٱبْنَتِي؟ لاَ تَذْهَبِي لِتَلْتَقِطِي فِي حَقْلِ آخَرَ، وَأَيْضاً لاَ تَبْرَحِي مِنْ هٰهُنَا، بَلْ هُنَا لاَزِمِي فَتَيَاتِي».

يَا ٱبْنَتِي هذا كلام رجل متوسط في العمر ولطيف كأنه أبوها.

لاَ تَذْهَبِي لِتَلْتَقِطِي فِي حَقْلِ آخَرَ هذه الوصية تتضمن وعداً أنه يعتني بها فلا تحتاج إلى الذهاب إلى غيره. وهكذا الوصية الأولى من وصايا الله العشر وهي «لا يكن لك آلهة أخرى أمامي» تتضمن وعداً من الله إنه يعطينا كل ما نحتاج إليه.

9 «عَيْنَاكِ عَلَى ٱلْحَقْلِ ٱلَّذِي يَحْصُدُونَ وَٱذْهَبِي وَرَاءَهُمْ. أَلَمْ أُوصِ ٱلْغِلْمَانَ أَنْ لاَ يَمَسُّوكِ؟ وَإِذَا عَطِشْتِ فَٱذْهَبِي إِلَى ٱلآنِيَةِ وَٱشْرَبِي مِمَّا ٱسْتَقَاهُ ٱلْغِلْمَانُ».

عَيْنَاكِ عَلَى ٱلْحَقْلِ هذه هي وصية بوعز لها وهذه هي الواجبات المطلوبة منها. لم يُعطها بلا تعب مع أنه كان يمكنه أن يعطيها كل ما تحتاجه بلا عمل أو تعب. إن العمل محك الطاعة والإيمان. والعمل في حقل الرب خيرٌ من الكسل. وخيرات الله لذيذة للذين يتعبون لكي يحصلّوها.

مِمَّا ٱسْتَقَاهُ ٱلْغِلْمَانُ لعله من البئر التي اشتاق داود إلى مياهها (2صموئيل 23: 14 و15).

10 «فَسَقَطَتْ عَلَى وَجْهِهَا وَسَجَدَتْ إِلَى ٱلأَرْضِ وَقَالَتْ لَهُ: كَيْفَ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى تَنْظُرَ إِلَيَّ وَأَنَا غَرِيبَةٌ!».

1صموئيل 25: 23

فَسَقَطَتْ عَلَى وَجْهِهَا أثر فيها كلام بوعز ليس فقط لأنه سمح لها أن تلتقط في حقله وتشرب من مائه لأن قيمة الشعير الذي أخذته والماء الذي شربته زهيدة جداً بل لأنه أظهر لها اللطف وهي غريبة. واشتياقها إلى المحبة أكثر من اشتياقها إلى الخبز وإن كانت فقيرة.

11 «فَأَجَابَ بُوعَزُ: إِنَّنِي قَدْ أُخْبِرْتُ بِكُلِّ مَا فَعَلْتِ بِحَمَاتِكِ بَعْدَ مَوْتِ رَجُلِكِ، حَتَّى تَرَكْتِ أَبَاكِ وَأُمَّكِ وَأَرْضَ مَوْلِدِكِ وَسِرْتِ إِلَى شَعْبٍ لَمْ تَعْرِفِيهِ مِنْ قَبْلُ».

ص 1: 14 و16 و17

قَدْ أُخْبِرْتُ عرف بوعز ذلك كله قبل ما رأى راعوث في حقله ولكنه لم يساعدها سابقاً لأنه لم يعرف أنها محتاجة إلى هذه الدرجة أو لأنه كان ينتظر عملاً من الوليّ الأقرب منه أو فرصة موافقة لمساعدتها.

في كلام بوعز إشارة إلى إبراهيم الذي ترك أرض مولده وسار إلى بلاد لم يعرفها من قبل (تكوين 12: 1).

12 «لِيُكَافِئِ ٱلرَّبُّ عَمَلَكِ، وَلْيَكُنْ أَجْرُكِ كَامِلاً مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي جِئْتِ لِكَيْ تَحْتَمِي تَحْتَ جَنَاحَيْهِ».

1صموئيل 24: 19 ص 1: 16 ومزمور 17: 8 و36: 7 و57: 1 و63: 7

رأى بوعز في راعوث فضيلة لم يرها غيره أي أنها كانت تركت أهلها وبلادها ليس لتأكل خبزاً في بلاد إسرائيل لأنه كان لها خبز لو بقيت في بلاد موآب بل أتت بلاد إسرائيل لمجرد محبتها لحماتها وللدين الحقّ.

لِكَيْ تَحْتَمِي تَحْتَ جَنَاحَيْهِ (انظر مزمور 90: 1 و4 ومتّى 23: 37).

13 «فَقَالَتْ: لَيْتَنِي أَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ يَا سَيِّدِي لأَنَّكَ قَدْ عَزَّيْتَنِي وَطَيَّبْتَ قَلْبَ جَارِيَتِكَ، وَأَنَا لَسْتُ كَوَاحِدَةٍ مِنْ جَوَارِيكَ».

تكوين 33: 15 و1صموئيل 1: 18 تكوين 34: 3 وقضاة 19: 3 و2صموئيل 25: 41

لأَنَّكَ قَدْ عَزَّيْتَنِي ربما كان بوعز أول من التفت إليها وتكلم معها باللطف بعد وصولها إلى بلاد إسرائيل. كثيراً ما لا نفتكر في الغريب الذي بيننا وهو حزين ومحتاج إلى التعزية وننسى أن كلمة صغيرة منا من كلام المحبة تؤثر فيه تأثيراً عظيماً. أظهرت راعوث القناعة والشكر لأنها لم تتشكَّ من معاملة الناس لها وعدم الالتفات إليها.

لَسْتُ كَوَاحِدَةٍ مِنْ جَوَارِيكَ من تواضعها حسبت نفسها أدنى من جواري بوعز.

14 «فَقَالَ لَهَا بُوعَزُ: عِنْدَ وَقْتِ ٱلأَكْلِ تَقَدَّمِي إِلَى هٰهُنَا وَكُلِي مِنَ ٱلْخُبْزِ وَٱغْمِسِي لُقْمَتَكِ فِي ٱلْخَلِّ. فَجَلَسَتْ بِجَانِبِ ٱلْحَصَّادِينَ فَنَاوَلَهَا فَرِيكاً، فَأَكَلَتْ وَشَبِعَتْ وَفَضَلَ عَنْهَا».

ع 18

دعاها للأكل مع الحصادين وناولها من الطعام فأكلت وشربت وفضل عنها وأحسن إليها وأكرمها وطيّب قلبها. وهكذا ربنا يسوع يدعونا لوليمة الخلاص مع أننا غرباء وغير مستحقين (متّى 22: 4).

15، 16 «15 ثُمَّ قَامَتْ لِتَلْتَقِطَ. فَأَمَرَ بُوعَزُ غِلْمَانَهُ: دَعُوهَا تَلْتَقِطْ بَيْنَ ٱلْحُزَمِ أَيْضاً وَلاَ تُؤْذُوهَا. 16 وَأَنْسِلُوا أَيْضاً لَهَا مِنَ ٱلْحُزَمِ وَدَعُوهَا تَلْتَقِطْ وَلاَ تَنْتَهِرُوهَا».

عمل لها وسائل حتى تأخذ ولا تشعر بأنها أخذت على سبيل الإحسان. لم يؤذن لأحد أن يلتقط بين الحزم إلا لمن كان أميناً خيفة من السرقة.

17 « فَٱلْتَقَطَتْ فِي ٱلْحَقْلِ إِلَى ٱلْمَسَاءِ، وَخَبَطَتْ مَا ٱلْتَقَطَتْهُ فَكَانَ نَحْوَ إِيفَةِ شَعِيرٍ».

خروج 16: 36

فَٱلْتَقَطَتْ... وَخَبَطَتْ عملت باجتهاد وتعبت في عملها.

إِيفَةِ شَعِيرٍ نحو عشرة أرطال. وليس للملتقطين عادة أن يلتقطوا هذا المقدار في النهار. وكان ذلك من اجتهادها ومن كَرم بوعز.

18 - 20 «18 فَحَمَلَتْهُ وَدَخَلَتِ ٱلْمَدِينَةَ. فَرَأَتْ حَمَاتُهَا مَا ٱلْتَقَطَتْهُ. وَأَخْرَجَتْ وَأَعْطَتْهَا مَا فَضَلَ عَنْهَا بَعْدَ شَبَعِهَا. 19 فَقَالَتْ لَهَا حَمَاتُهَا: أَيْنَ ٱلْتَقَطْتِ ٱلْيَوْمَ وَأَيْنَ ٱشْتَغَلْتِ؟ لِيَكُنِ ٱلنَّاظِرُ إِلَيْكِ مُبَارَكاً. فَأَخْبَرَتْ حَمَاتَهَا بِٱلَّذِي ٱشْتَغَلَتْ مَعَهُ وَقَالَتِ: ٱسْمُ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي ٱشْتَغَلْتُ مَعَهُ ٱلْيَوْمَ بُوعَزُ. 20 فَقَالَتْ نُعْمِي لِكَنَّتِهَا: مُبَارَكٌ هُوَ مِنَ ٱلرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ ٱلْمَعْرُوفَ مَعَ ٱلأَحْيَاءِ وَٱلْمَوْتَى. ثُمَّ قَالَتْ لَهَا نُعْمِي: ٱلرَّجُلُ ذُو قَرَابَةٍ لَنَا. هُوَ ثَانِي وَلِيِّنَا».

ع 14 ع 10 ومزمور 41: 1 ص 3: 10 و2صموئيل 2: 5 وأيوب 29: 13 أمثال 17: 17 لاويين 25: 25 وص 3: 9 و4: 6

عرفت حماتها من مقدار ما جمعته وما عندها من الطعام أن أحد المحسنين قد أحسن إليها فسألت عن اسمه وفرحت فرحاً عظيماً لما عرفت أن الرجل الذي التقطت راعوث في حقله هو بوعز وشكرت لله عنايته بهما لأن هذا الخير ليس من الحظ ولا من تدبير إنسان بل من تدبير الله وهو الذي أتى براعوث إلى حقل الرجل الوحيد في تلك المدينة الذي كان قادراً ومستعداً أن ينجيهما من ضيقتهما. وهكذا انتقلت نُعمي من اليأس إلى الرجاء كأنها أبلت من مرض عديم الشفاء وعادت إلى العافية ونالت حياة جديدة. فما أعظم تأثير كلامنا في الضعفاء وأعظم المعروف معهم وإن كان زهيداً.

لأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ ٱلْمَعْرُوفَ في العبراني التباس في الضمير المستتر في الفعل «يترك» من المحتمل أنه يعود إلى «الرب» فيكون المعنى أن الرب لم يترك المعروف معهم بل كما اعتنى بهم في زمان حياة أليمالك وابنيه هكذا اعتنى ببيتهم بعد موتهم. ومن المحتمل أيضاً أن الضمير يعود إلى «بوعز» والمعنى أن بوعز كان صديقاً لأليمالك وبنيه في حياتهم ولم يترك المعروف مع أرملته وكنته بعد موتهم.

مَعَ ٱلأَحْيَاءِ وَٱلْمَوْتَى أي في عمله ساعد نُعمي وراعوث وهما الأحياء وكرّم أليمالك وبنيه وهم الموتى لأنه إكراماً لذكرهم الطيّب لم يحتمل أن أهلهم يحتاجون. فالشكر للرب على كل حال لأنه هو الذي عمل بواسطة بوعز وحمله على عمله الصالح.

ثَانِي وَلِيِّنَا (لاويين 25: 25) الوليّ هو ذو القرابة أو النسيب الأقرب أو الحافظ النسب فله خيار أن يشتري حقل أليمالك (ص 3: 12 و4: 1 - 12) وبوعز هو الوليّ الثاني الذي له حق أن يشتري قطعة الأرض إذا رفضها الولي الأول. وكانت نُعمي فقيرة وإن كان لها قطعة أرض لأن الأرض كانت بلا فلاحة وزراعة أو بيد أناس لم يقدموا لها الأثمار. أو أن بيع الأرض يلزمه وقت. غير أن بعضهم يفهمون أن نُعمي كانت باعت الأرض (انظر تفسير ص 4: 3).

21 - 23 «21 فَقَالَتْ رَاعُوثُ ٱلْمُوآبِيَّةُ: إِنَّهُ قَالَ لِي أَيْضاً لاَزِمِي فِتْيَانِي حَتَّى يُكَمِّلُوا جَمِيعَ حَصَادِي. 22 فَقَالَتْ نُعْمِي لِرَاعُوثَ كَنَّتِهَا: إِنَّهُ حَسَنٌ يَا ٱبْنَتِي أَنْ تَخْرُجِي مَعَ فَتَيَاتِهِ حَتَّى لاَ يَقَعُوا بِكِ فِي حَقْلِ آخَرَ. 23 فَلاَزَمَتْ فَتَيَاتِ بُوعَزَ فِي ٱلالْتِقَاطِ حَتَّى ٱنْتَهَى حَصَادُ ٱلشَّعِيرِ وَحَصَادُ ٱلْحِنْطَةِ. وَسَكَنَتْ مَعَ حَمَاتِهَا».

وهكذا مضت الأيام حتى انتهى حصاد الشعير وحصاد الحنطة. ولا شك أن راعوث أخذت ما يكفيها هي وحماتها من الطعام والمونة وازدادت الصداقة بينها وبين بوعز. وكان هو مهتماً بصيت راعوث الحسن إذ أوصاها أن تلازم فتيانه (ع 21) وقالت نُعمي «فتياته» (ع 22). وكان أوصى فتيانه (ع 9) أن لا يمسوها. وقال لها بوعز (ع 8) وقالت حماتها أيضاً (ع 22) أن لا تذهب إلى حقل آخر لئلا يقع بها فتيان أشرار. وكانت راعوث أيضاً مهتمة بنفسها لأنها سكنت مع حماتها.

فوائد

  1. جبار بأس: الغنى. الغنى قوة. للغني اعتبار واقتدار. الغنى إما للخير أو للشرّ. إذا أطعم الغني الجياع وكسا العراة وعلّم الجهال فللخير. وإذا خزن لنفسه أو أنفق على شهواته فللشر. وعلى الغني مسؤولية لأن غناه من الله وهو وكيل الله. ما أكثر أنسباء الغني المحتاجين وهو مرسل من الله لخدمتهم. ولا سرور كالسرور في الخدمة.

  2. دعوني ألتقط: الفقر. من مصائب الفقراء الحاجة القصوى وطلب الإحسان من الأغنياء والأعمال الشاقة والجوع والعري واليأس. ومن أسباب الفقر الجهل والكسل والشرور فيكون الفقر غالباً من الإنسان نفسه. أو من الظلم والقحط والمرض وموت رب البيت فيكون الفقر من الرب. وللفقراء تعزيات ومواعيد جمّة ويمكنهم أن يكونوا أغنياء في ما لله وورثة الحياة الأبدية.

  3. اتفق نصيبها: النصيب. بالحقيقة لا نصيب لأن الله يعتني بكل شيء ويدبّر كل شيء. وليس لكل فقيرة وفقير نصيب مثل نصيب راعوث ولكن يقول المسيح لكل منهنّ ومنهم (رؤيا 3: 20) «هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى ٱلْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ ٱلْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي». ليس لكل راعوث بوعز أي ليس لكل فقيرة من يُحسن إليها مثل بوعز ولكن المسيح لكل من يقبله في قلبه وفي حياته وهو أفضل من أعظم الأغنياء.

  4. مبارك هو الرب: تدبير الله. هو يدبر كل أمور حياتنا. وتدبيره كله حسن. فعلينا أن نسلّم أنفسنا له بالإيمان والطاعة ونصبر ونثبت إلى النهاية.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ

مضمونه. دبّرت نُعمي طريقة بها يعرف بوعز أنها طالبة منه أن يكون وليها ويفك أرضها ويتزوج راعوث. وقبلت راعوث تدبير حماتها وعملت كما علّمتها. وفهم بوعز المطلوب منه وقبل أن يكون الولي ويفك الأرض إذا رفض الولي الأول أن يأخذ راعوث امرأة له.

1 «وَقَالَتْ لَهَا نُعْمِي حَمَاتُهَا: يَا ٱبْنَتِي أَلاَ أَلْتَمِسُ لَكِ رَاحَةً لِيَكُونَ لَكِ خَيْرٌ؟».

1كورنثوس 7: 36 و1تيموثاوس 5: 8 ص 1: 9

رَاحَةً الراحة المشار إليها هي راحة المرأة في بيت زوجها لأن المرأة تحتاج إلى من يحامي عنها ويعتني بها ويعظم فرحها برجلها وأولادها. وليس المراد عدم العمل لأن المتزوجة تعمل وتتعب أحياناً أكثر من غير المتزوجة ولكن الراحة المقصودة هي الراحة من الهمّ والعار والظنون والوحدة. وليس لكل المتزوجات راحة وذلك من دخول الخطيئة إلى البيت أما خطيئة الرجل أو خطيئة المرأة أو خطيئتهما كليهما. وما يجب على الزوجين المحبة وطول البال والتواضع. وأساس الراحة البيتية الوحيد خوف الله.

إن بعض الفاضلات لم يتزوجن ومع ذلك وجدن راحة حقيقية في خدمتهن المقبولة التي بها نلنَ المحبة والكرامة. وفي نظرهن إلى الرب وهو عروس الكنيسة وفي اشتياقهن إلى الوطن السماوي. وليس للمرأة أن تطلب رجلاً بل أن تقبل بالشكر تدبير الله لها. وفي أيامنا هذه كثرت ذرائع الراحة لغير المتزوجات وذلك بوجود أنواع كثيرة من الخدمة العالمية والروحية لم تكن في القديم. وبامتداد الدين الحق الذي ينشئ في العالم الشفقة على الضعفاء.

كانت نُعمي قالت لكنتيها (ص 1: 9) أن ترجعا إلى بلاد موآب لتجدا راحة كل واحدة في بيت رجلها أي إنها لم تنتظر زيجتهما في بلاد إسرائيل لأنهما موآبيتان. ولكن معاملة بوعز الحسنة وغير المنتظرة جعلت فيها الرجاء براحة راعوث.

2، 3 «2 فَٱلآنَ أَلَيْسَ بُوعَزُ ذَا قَرَابَةٍ لَنَا، ٱلَّذِي كُنْتِ مَعَ فَتَيَاتِهِ؟ هَا هُوَ يُذَرِّي بَيْدَرَ ٱلشَّعِيرِ ٱللَّيْلَةَ. 3 فَٱغْتَسِلِي وَتَدَهَّنِي وَٱلْبَسِي ثِيَابَكِ وَٱنْزِلِي إِلَى ٱلْبَيْدَرِ، وَلٰكِنْ لاَ تُعْرَفِي عِنْدَ ٱلرَّجُلِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنَ ٱلأَكْلِ وَٱلشُّرْبِ».

ص 2: 8 و2صموئيل 14: 2

ٱلْبَسِي ثِيَابَكِ أي ثياب غير ثياب العمل وربما كانت لابسة ثياب الأرامل وخلعها ولبس غيرها مما يوافق غاية نُعمي أن بوعز يتزوجها.

حَتَّى يَفْرَغَ مِنَ ٱلأَكْلِ وَٱلشُّرْبِ لا يوافق أنها تتكلم أو تعمل شيئاً ما دام بوعز مشغولاً في البيدر وحوله غلمانه وغيرهم. والوقت الذي يوافق المقصود هو وقت النوم وهو وحده لا عمل له.

4 «وَمَتَى ٱضْطَجَعَ فَٱعْلَمِي ٱلْمَكَانَ ٱلَّذِي يَضْطَجِعُ فِيهِ وَٱدْخُلِي وَٱكْشِفِي نَاحِيَةَ رِجْلَيْهِ وَٱضْطَجِعِي، وَهُوَ يُخْبِرُكِ بِمَا تَعْمَلِينَ».

يظهر لنا في هذا القول عدم اللياقة ولا تعمل في أيامنا امرأة فاضلة ما عملت راعوث - الدافع له:

  1. عرفت نُعمي أن بوعز كان إنساناً فاضلاً معتبراً متوسطاً في العمر ولها ثقة به.

  2. عرفت أن راعوث امرأة فاضلة طاهرة لا يمكنها أن تعمل ما لا يليق.

  3. مطلوب نُعمي أن بوعز يفك الأرض التي لها (أو التي كانت لها انظر تفسير ص 4: 3) وإنه يتزوج راعوث (تثنية 25: 5 - 10 وص 4: 5) ولكنها رأت إنه لا يليق بها أن تتكلم بشأن راعوث لأن المرأة لا تطلب الرجل بل الرجل المرأة. فاختارت هذه الطريقة لنيل قصدها بلا كلام منها.

  4. ولعلّ بوعز أراد أن يفك الأرض ويتزوج راعوث ولكنه لم يظن أنها تريد هذا لأنه أكبر منها بالسن وربما كانت هي جميلة الصورة تقدر أن تتزوج لو أرادت أحد الشبان الأغنياء (ع 11) فافتقر بوعز إلى علامة مثل هذه حتى يعرف أفكار راعوث نحوه فيطلبها.

5 «فَقَالَتْ لَهَا: كُلَّ مَا قُلْتِ أَصْنَعُ».

كُلَّ مَا قُلْتِ أَصْنَعُ القول يدل على ثقة راعوث بحماتها وتسليمها لرأي من كان أكبر منها سناً وحكمة وذلك من صفات راعوث الحميدة.

6، 7 «6 فَنَزَلَتْ إِلَى ٱلْبَيْدَرِ وَعَمِلَتْ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَتْهَا بِهِ حَمَاتُهَا. 7 فَأَكَلَ بُوعَزُ وَشَرِبَ وَطَابَ قَلْبُهُ وَدَخَلَ لِيَضْطَجِعَ فِي طَرَفِ ٱلْعَرَمَةِ. فَدَخَلَتْ سِرّاً وَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ رِجْلَيْهِ وَٱضْطَجَعَتْ».

قضاة 19: 6 و9 و22 و2صموئيل 13: 28 وأستير 1: 10

وَطَابَ قَلْبُهُ لا نفهم من ذلك أنه سكر وسياق الكلام (ع 10 - 13) ينفي هذا الظن بل إنه شبع من الأكل والشرب واستراح من أتعاب النهار وهمومه وكان مستعداً لنوم هادئ.

لِيَضْطَجِعَ فِي طَرَفِ ٱلْعَرَمَةِ اختار هذا المكان للنوم منعاً لسرقة الشعير بالليل.

8 «وَكَانَ عِنْدَ ٱنْتِصَافِ ٱللَّيْلِ أَنَّ ٱلرَّجُلَ ٱضْطَرَبَ، وَٱلْتَفَتَ وَإِذَا بِٱمْرَأَةٍ مُضْطَجِعَةٍ عِنْدَ رِجْلَيْهِ».

ٱضْطَرَبَ لأن من لم يعرفه كان مضطجعاً عند رجليه.

9 «فَقَالَ: مَنْ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا رَاعُوثُ أَمَتُكَ. فَٱبْسُطْ ذَيْلَ ثَوْبِكَ عَلَى أَمَتِكَ لأَنَّكَ وَلِيٌّ».

حزقيال 16: 8 ص 2: 20 وع 12

فَٱبْسُطْ ذَيْلَ ثَوْبِكَ عَلَى أَمَتِكَ ومعنى ذلك أنها دخلت تحت حمايته مثل فرخة تحت جناحي أمها. فيكون هو وليها ويفك أرضها (لاويين 25: 25) ويتزوجها (تثنية 25: 5 - 10). والثوب هو ما يُلبس بالنهار ويتغطى به بالليل.

10 «فَقَالَ: إِنَّكِ مُبَارَكَةٌ مِنَ ٱلرَّبِّ يَا ٱبْنَتِي لأَنَّكِ قَدْ أَحْسَنْتِ مَعْرُوفَكِ فِي ٱلأَخِيرِ أَكْثَرَ مِنَ ٱلأَوَّلِ، إِذْ لَمْ تَسْعَيْ وَرَاءَ ٱلشُّبَّانِ، فُقَرَاءَ كَانُوا أَوْ أَغْنِيَاءَ».

ص 2: 20 ص 1: 8

إِنَّكِ مُبَارَكَةٌ مِنَ ٱلرَّبِّ ظهر من قوله أنه لم يلمها وإن لم يلمها بوعز لا يلومها غيره لأنه هو المتعدّى عليه وهو لم يحكم أن عملها غير لائق مع أنه رجل فهيم معتبر مستعدّ أكثر من غيره للحكم بلياقة عمل راعوث.

فِي ٱلأَخِيرِ أَكْثَرَ مِنَ ٱلأَوَّلِ كلمة «الأول» تشير إلى تركها بلاد موآب والتصاقها بنُعمي واختيارها إله إسرائيل. وكلمة «الأخير» تشير إلى اختيارها بوعز ليكون وليها. فإنه لو كان ميلها إلى الشبان كان يمكنها أن تتزوج أحدهم إما في موآب أو في إسرائيل. ولكن كان اهتمامها أن تفك الأرض التي كانت لحميّها ولرجلها وإقامة نسل له حسب شريعة موسى. وليس عملها مصدره الطمع أو الأميال الجسدية بل النية المخلصة لتعمل ما كان يجب عليها بموجب شريعة إله إسرائيل. ففي عملها الأخير أحسنت أكثر من عملها الأول مع أن ذلك كان حسناً.

11 «وَٱلآنَ يَا ٱبْنَتِي لاَ تَخَافِي. كُلُّ مَا تَقُولِينَ أَفْعَلُ لَكِ، لأَنَّ جَمِيعَ أَبْوَابِ شَعْبِي تَعْلَمُ أَنَّكِ ٱمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ».

أمثال 12: 4

لاَ تَخَافِي من أني ألومك ولا تخافي من خيبة آمالك.

جَمِيعَ أَبْوَابِ شَعْبِي جميع الذين يخرجون من أبواب المدينة ويدخلون إليها أي أهل المدينة كلهم.

ٱمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ كان بوعز جبار بأس (ص 2: 1) والكلمة العبرانية المترجمة «بأس» هي نفس الكلمة المترجمة هنا «فاضلة». وهي تشير إلى القوة إما القوة الجسدية والشجاعة أو القوة الأدبية والرزانة. فمن الموافقة أن يتزوج جبار البأس امرأة فاضلة أي أن يتزوج الفاضل الفاضلة.

12، 13 «12 وَٱلآنَ صَحِيحٌ أَنِّي وَلِيٌّ، وَلٰكِنْ يُوجَدُ وَلِيٌّ أَقْرَبُ مِنِّي. 13 بِيتِي ٱللَّيْلَةَ، وَيَكُونُ فِي ٱلصَّبَاحِ أَنَّهُ إِنْ قَضَى لَكِ حَقَّ ٱلْوَلِيِّ فَحَسَناً. لِيَقْضِ. وَإِنْ لَمْ يَشَأْ أَنْ يَقْضِيَ لَكِ حَقَّ ٱلْوَلِيِّ، فَأَنَا أَقْضِي لَكِ. حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ. اِضْطَجِعِي إِلَى ٱلصَّبَاحِ».

ع 9 ص 4: 1 تثنية 25: 5 وص 4: 5 ومتّى 22: 24 قضاة 8: 19 وإرميا 4: 2

يُوجَدُ وَلِيٌّ أَقْرَبُ كان بوعز رجلاً عادلاً فكان مستعداً أن يعدل عما أحب أن يعمله إذا أدى ذلك إلى التعدي على حق غيره.

حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ حلف لها ويجوز الحلف في أمر ذي أهمية كهذا الأمر إذا كان بنيّة مخلصة وخوف الله.

اِضْطَجِعِي إِلَى ٱلصَّبَاحِ لأنها لا تقدر أن ترجع إلى بيتها بالمدينة عند انتصاف الليل.

14 «فَٱضْطَجَعَتْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ إِلَى ٱلصَّبَاحِ. ثُمَّ قَامَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْدِرَ ٱلْوَاحِدُ عَلَى مَعْرِفَةِ صَاحِبِهِ. وَقَالَ: لاَ يُعْلَمْ أَنَّ ٱلْمَرْأَةَ جَاءَتْ إِلَى ٱلْبَيْدَرِ».

رومية 12: 17 و14: 16 و1كورنثوس 10: 32 و2كورنثوس 8: 21 و1تسالونيكي 5: 22

وبكّرت صباحاً خوفاً من أن يراها أحد ويظن فيها ظنون رديئة.

15 «ثُمَّ قَالَ: هَاتِي ٱلرِّدَاءَ ٱلَّذِي عَلَيْكِ وَأَمْسِكِيهِ. فَأَمْسَكَتْهُ، فَٱكْتَالَ سِتَّةً مِنَ ٱلشَّعِيرِ وَوَضَعَهَا عَلَيْهَا. ثُمَّ دَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ».

سِتَّةً مِنَ ٱلشَّعِيرِ يقول الربانيون ستة أكيال والكيل ثلث الإيفة فيكون الستة أكيال أيفتين أي نحو عشرين رطلاً. ورأى بعضهم أن العدد «ستة» يشير إلى أيام الأسبوع الستة المختصة للعمل يليها يوم للراحة فيكون مقصود بوعز أن راعوث كملت أيام تعبها ووصلت إلى يوم راحتها. ويكفينا المعنى الواضح وهو أن بوعز تكرم عليها بمقدار غير عادي من الشعير وهو عربون الخير الذي قصده لها.

وَوَضَعَهَا عَلَيْهَا لأن حملها ثقيل وهو نحو عشرين رطلاً.

16 «فَجَاءَتْ إِلَى حَمَاتِهَا فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتِ يَا ٱبْنَتِي؟ فَأَخْبَرَتْهَا بِكُلِّ مَا فَعَلَ لَهَا ٱلرَّجُلُ».

قضاة 18: 8

مَنْ أَنْتِ أي كيف حالك وكيف كان الأمر بينك وبين بوعز. ورأى بعضهم أن معنى سؤالها أأنت راعوث الموآبية أو راعوث خطيبة بوعز.

17، 18 «17 وَقَالَتْ: هٰذِهِ ٱلسِّتَّةَ مِنَ ٱلشَّعِيرِ أَعْطَانِي، لأَنَّهُ قَالَ: لاَ تَجِيئِي فَارِغَةً إِلَى حَمَاتِكِ. 18 فَقَالَتِ: ٱجْلِسِي يَا ٱبْنَتِي حَتَّى تَعْلَمِي كَيْفَ يَقَعُ ٱلأَمْرُ، لأَنَّ ٱلرَّجُلَ لاَ يَهْدَأُ حَتَّى يُتَمِّمَ ٱلأَمْرَ ٱلْيَوْمَ».

مزمور 37: 3 و5

ٱجْلِسِي هذه نصيحة من كانت اختبرت أمور الحياة وعرفت طباع الناس الرجال والنساء. فمن الحكمة أن راعوث لا تعمل شيئاً بل تتوقع ما يعمله بوعز.

لاَ يَهْدَأُ حَتَّى يُتَمِّمَ من صفات الفاضل أن يثبت في عمله إلى النهاية. كثيرون يبتدئون عملاً ولكن لما تظهر أمامهم صعوبات يخافونها أو إذا طال العمل يملّون منه أو إذا رأوا عملاً آخر يلتهون به. وأما بوعز فعرفته نُعمي حق المعرفة وقالت «إنه لا يهدأ حتى يتمم» فكان فاضلاً حقيقياً.

فوائد

  1. على الوالدين أن يفضلوا مصلحة أولادهم على مصلحة نفوسهم فلا يجوز أن يطلبوا من الأولاد أن يبقوا في البيت متى حان وقت زيجتهم واستقلالهم أو أن يعيشوا من أتعاب أولادهم إلا عند الضرورة (ع 1).

  2. يجب أن تكون الزيجة في الرب أي أن المؤمن يتزوج مؤمنة والمؤمنة تتزوج مؤمناً. فلا يخدع المؤمن الجمال والغنى والمجد العالمي راجياً أن غير المؤمنة تصير مؤمنة. وكذلك لا يجوز للمؤمنة أن تكتفي بالصفات الخارجية كالتمدن واللطف وممارسة فرائض الدين والأدب بل عليها أن تطلب في من يريد أن يقترن بها أن يكون مسيحياً حقيقياً في قلبه لأن الإيمان بالمسيح أصل جميع الفضائل.

  3. إن بعضهم يدوسون حقوق غيرهم لينالوا مقاصدهم وأما الفاضل فيدوس شهواته ويعدل عن مقاصده لئلا يتعدّى على حقوق غيره (ع 13).

  4. للعمل وقت وللقعود وقت (ع 5 و18) والحكيم الحقيقي هو الذي يقدر أن يميّز وقت العمل من وقت القعود.

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ

مضمونه: صعد بوعز إلى باب المدينة ودعا الوليّ الأول وهو عابر وسأله أمام شهود إذا كان يريد أن يفك قطعة الحقل التي كانت لأليمالك ويتزوج راعوث فأبى الولي أن يفكها تحت هذا الشرط. فقال بوعز أنه هو يشتري الأرض ويأخذ راعوث امرأة ليقيم اسم الميت على ميراثه. فأعطاه الرب ابناً منها وكان من نسله داود.

1 «فَصَعِدَ بُوعَزُ إِلَى ٱلْبَابِ وَجَلَسَ هُنَاكَ. وَإِذَا بِٱلْوَلِيِّ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ عَنْهُ بُوعَزُ عَابِرٌ. فَقَالَ: مِلْ وَٱجْلِسْ هُنَا أَنْتَ يَا فُلاَنُ ٱلْفُلاَنِيُّ. فَمَالَ وَجَلَسَ».

ص 3: 12

فَصَعِدَ إما لأن المدينة كانت على ظهر أعلى من البيدر المذكور في (ص 3) أو لأن الباب كان مكان الاجتماع والحكم فكان عالياً مجازاً مرتفعاً من جهة الاعتبار.

ٱلْبَابِ كان الباب مكان المرور ومكان الاجتماع لكل أهل المدينة. وكان مكان قعود الملوك والقضاة والشيوخ (يشوع 20: 4 وقضاة 9: 35 و2صموئيل 19: 8 و1ملوك 22: 10 وإرميا 17: 19) وفي الزمان المشار إليه لم يكن ملك في إسرائيل وكان الحكم والتدبير بيد شيوخ المدينة ووجوهها.

وَإِذَا بِٱلْوَلِيِّ إذا كان لأحد عمل مع غيره كان يذهب إلى الباب ليلاقيه.

يَا فُلاَنُ ٱلْفُلاَنِيُّ لا شك أن بوعز عرف اسمه ودعاه به ولكن الكاتب كتب هذا لأجل الاختصار. في المعجم «فلان وفلانة بغير ألف ولام يكنى بها عن العلم الذي مسماه ممن يعقل».

2 «ثُمَّ أَخَذَ عَشَرَةَ رِجَالٍ مِنْ شُيُوخِ ٱلْمَدِينَةِ وَقَالَ لَهُمُ: ٱجْلِسُوا هُنَا. فَجَلَسُوا».

1ملوك 21: 8 وأمثال 31: 23

أخذ عدداً كافياً من الشيوخ لأن لهم حكمة واعتباراً وسطوة أكثر من غيرهم. وكان بوعز رجلاً عادلاً فهيماً محباً للياقة والترتيب فأراد أن يتمم أمره وينال مطلوبه بوسائل جائزة شرعية.

3 «ثُمَّ قَالَ لِلْوَلِيِّ: إِنَّ نُعْمِيَ ٱلَّتِي رَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ تَبِيعُ قِطْعَةَ ٱلْحَقْلِ ٱلَّتِي لأَخِينَا أَلِيمَالِكَ».

تَبِيعُ قِطْعَةَ ٱلْحَقْلِ الفعل بالعبراني بصيغة الماضي وفهم بعضهم من هذا أن نُعمي كانت باعت الأرض والآن قصدت فكها أي إرجاعها إلى عشيرة أليمالك. وفهم غيرهم أن الماضي هنا للتأكيد أي صممت نُعمي على بيع الأرض. والمفهوم من الكلام كله أنه كان لأليمالك قطعة حقل في بيت لحم ومات في بلاد موآب فصارت الأرض لابنيه وماتا. وحسب الشريعة (عدد 27: 8 - 11) «أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ ٱبْنٌ، ولا ٱبْنَةٌ تُعْطُوا مُلْكَهُ لإِخْوَتِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِخْوَةٌ تُعْطُوا مُلْكَهُ لأَعْمَامِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لأَبِيهِ إِخْوَةٌ تُعْطُوا مُلْكَهُ لِنَسِيبِهِ ٱلأَقْرَبِ». وحسب هذه الشريعة لم تكن الأرض لنُعمي ولا لراعوث. ولكن الظاهر أن الأرض كانت لنُعمي ما دامت حية ولراعوث أيضاً لكونها أرملة لمحلون بن أليمالك وليست لعرفة لأنها رجعت إلى موآب فتركت حقها في الأرض. وعلى الذي يشتري الأرض أن يتزوج نُعمي أو راعوث وإذا ولدت هذه ابناً يُحسب الولد لمحلون فيرث ما كان لمحلون ولأليمالك. والتزمت نُعمي من فقرها أن تبيع الأرض ولكن بشرط أن الأرض تنفك إذا أراد الولي الأول أو الثاني وإلا ترجع إلى عشيرة أليمالك في اليوبيل (لاويين 25: 25 - 28).

لأَخِينَا أَلِيمَالِكَ إشارة إلى أنه لم يزل يحب أليمالك ويعتبره أخاً وإن كان قد تغرّب ومات في بلاد موآب. لا نفهم من هذا أن بوعز كان شقيق أليمالك لأن الكلمة تشير هنا إلى المحبة لا القرابة.

4 «فَقُلْتُ إِنِّي أُخْبِرُكَ: ٱشْتَرِ قُدَّامَ ٱلْجَالِسِينَ وَقُدَّامَ شُيُوخِ شَعْبِي. فَإِنْ كُنْتَ تَفُكُّ فَفُكَّ. وَإِنْ كُنْتَ لاَ تَفُكُّ فَأَخْبِرْنِي لأَعْلَمَ. لأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرُكَ يَفُكُّ وَأَنَا بَعْدَكَ. فَقَالَ: إِنِّي أَفُكُّ».

إرميا 32: 7 و8 تكوين 23: 18 لاويين 25: 25

فَقُلْتُ أي قال في قلبه وصمّم. ولا شك أن بوعز أراد أن يشتري الأرض ويتزوج راعوث من مجرد محبته لها وخاطر بنفسه لما قال هذا الكلام للولي الأول وكان حزن جداً لو قال الولي أنه يشتري الأرض ويتزوج راعوث ولكن كان بوعز رجلاً باراً عادلاً ولم يرد أن يتزوج راعوث إلا على طريقة جائزة شرعية وكان للولي الأول الخيار أولاً ثم لبوعز.

5، 6 «5 فَقَالَ بُوعَزُ: يَوْمَ تَشْتَرِي ٱلْحَقْلَ مِنْ يَدِ نُعْمِي تَشْتَرِي أَيْضاً مِنْ يَدِ رَاعُوثَ ٱلْمُوآبِيَّةِ ٱمْرَأَةِ ٱلْمَيِّتِ لِتُقِيمَ ٱسْمَ ٱلْمَيِّتِ عَلَى مِيرَاثِهِ. 6 فَقَالَ ٱلْوَلِيُّ: لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفُكَّ لِنَفْسِي لِئَلاَّ أُفْسِدَ مِيرَاثِي. فَفُكَّ أَنْتَ لِنَفْسِكَ فِكَاكِي لأَنِّي لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفُكَّ».

تكوين 38: 8 وتثنية 25: 5 و 6 وص 3: 13 ومتّى 22: 24 ص 3: 12 و13

لِئَلاَّ أُفْسِدَ مِيرَاثِي أبى لأنه إذا تزوج راعوث وولدت له ابناً يُحسب الولد لمحلون فيرث قطعة الحقل فيكون الولي قد أنفق ماله لمنفعة غيره. ولعله كان متزوجاً وله أولاد ولم يرد أن يخسرهم لأجل ولد أو أولاد لا يُحسبون له. وربما نظر إلى أمر آخر وهو أن راعوث موآبية فلم يرض أن يتزوجها وتذكر أيضاً أن أليمالك مات وابناه ماتا ولم يتركا نسلاً وربما ظن أنهما أصيبا بهذه المصائب لأنهما تزوجا أجنبيتين وإذا تزوج هو هذه الأجنبية أي راعوث يصيبه ما أصابهم ويفسد ميراثه إذا مات بلا نسل أو إذا ترك أولاده يتامى على فرض أنه متزوج وله أولاد.

7، 8 «7 وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْعَادَةُ سَابِقاً فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَمْرِ ٱلْفِكَاكِ وَٱلْمُبَادَلَةِ، لأَجْلِ إِثْبَاتِ كُلِّ أَمْرٍ. يَخْلَعُ ٱلرَّجُلُ نَعْلَهُ وَيُعْطِيهِ لِصَاحِبِهِ. فَهٰذِهِ هِيَ ٱلْعَادَةُ فِي إِسْرَائِيلَ. 8 فَقَالَ ٱلْوَلِيُّ لِبُوعَزَ: ٱشْتَرِ لِنَفْسِكَ. وَخَلَعَ نَعْلَهُ».

تثنية 25: 7 و9

قيل في الشريعة المذكورة في (تثنية 25: 5 - 10) «إنه إن لم يرض الرجل أن يتزوج المرأة إنها تتقدم أمام أعين الشيوخ وتخلع نعله وتبصق في وجهه الخ». ولم يُذكر هنا أن نُعمي أو راعوث عملتا شيئاً من ذلك إذ قيل فقط أنه «خلع نعله» والمقدر أنه أعطاه لبوعز ورجّعه بوعز لصاحبه. ومعنى هذا العمل أن دوس الأرض علامة اقتناءها (يشوع 1: 3) وخلع النعل أي عدم الدوس علامة العدول عن اقتنائها.

9، 10 «9 فَقَالَ بُوعَزُ لِلشُّيُوخِ وَلِجَمِيعِ ٱلشَّعْبِ: أَنْتُمْ شُهُودٌ ٱلْيَوْمَ أَنِّي قَدِ ٱشْتَرَيْتُ كُلَّ مَا لأَلِيمَالِكَ وَكُلَّ مَا لِكِلْيُونَ وَمَحْلُونَ مِنْ يَدِ نُعْمِي. 10 وَكَذَا رَاعُوثُ ٱلْمُوآبِيَّةُ ٱمْرَأَةُ مَحْلُونَ قَدِ ٱشْتَرَيْتُهَا لِيَ ٱمْرَأَةً، لأُقِيمَ ٱسْمَ ٱلْمَيِّتِ عَلَى مِيرَاثِهِ وَلاَ يَنْقَرِضُ ٱسْمُ ٱلْمَيِّتِ مِنْ بَيْنِ إِخْوَتِهِ وَمِنْ بَابِ مَكَانِهِ. أَنْتُمْ شُهُودٌ ٱلْيَوْمَ».

تثنية 25: 6

مِنْ يَدِ نُعْمِي ليس من الضرورة أن نُعمي كانت حاضرة أمام الشيوخ في باب المدينة بل يكفي القول أن بوعز أخذ الحق الشرعي أمام الشهود ليشتري الأرض ويأخذ راعوث زوجة وتمّ الأمر بالفعل بعد ذلك في وقت موافق وعلى طريقة ملائمة.

11 «فَقَالَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْبَابِ وَٱلشُّيُوخُ: نَحْنُ شُهُودٌ. فَلْيَجْعَلِ ٱلرَّبُّ ٱلْمَرْأَةَ ٱلدَّاخِلَةَ إِلَى بَيْتِكَ كَرَاحِيلَ وَكَلَيْئَةَ ٱللَّتَيْنِ بَنَتَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ. فَٱصْنَعْ بِبَأْسٍ فِي أَفْرَاتَةَ وَكُنْ ذَا ٱسْمٍ فِي بَيْتِ لَحْمٍ».

مزمور 127: 3 و128: 3 تثنية 25: 9 تكوين 35: 16 و19

هذه البركة من جميع الشعب والشيوخ تدل على أنهم قبلوا راعوث كإحدى الإسرائيليات فلا تكون فيما بعد موآبية أو أجنبية وتمنوا لها أعظم البركات أي أنها تكون كراحيل وكليئة وهما بين النساء كأبيهم يعقوب بين الرجال. انظر قول بولس في الذين آمنوا من الأمم (أفسس 2: 19) «فَلَسْتُمْ إِذاً بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ ٱلْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ ٱللّٰهِ» وذلك باتحادهم بالمسيح كما صارت راعوث إسرائيلية حقاً باتحادها ببوعز.

أَفْرَاتَةَ (انظر ص 1: 2).

فَٱصْنَعْ بِبَأْسٍ (انظر ص 2: 1 و3: 11).

12 «وَلْيَكُنْ بَيْتُكَ كَبَيْتِ فَارَصَ ٱلَّذِي وَلَدَتْهُ ثَامَارُ لِيَهُوذَا، مِنَ ٱلنَّسْلِ ٱلَّذِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ مِنْ هٰذِهِ ٱلْفَتَاةِ».

تكوين 38: 29 و1أيام 2: 4 ومتّى 1: 3 و1صموئيل 2: 20

كَبَيْتِ فَارَصَ كان بوعز من نسل فارص (ع 18) وكان نسل فارص أكثر من نسل غيره من أبناء يهوذا واشتهروا بأعمالهم الدالة على البأس وهكذا زالت جميع المشقات والأحزان من حياة نعمى وظهر جلياً أن كل أمور حياتها عملت معاً للخير بعناية الله الصالحة. حسب قول زكريا (زكريا 14: 7) «فِي وَقْتِ ٱلْمَسَاءِ يَكُونُ نُورٌ».

13، 14 «13 فَأَخَذَ بُوعَزُ رَاعُوثَ ٱمْرَأَةً وَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَأَعْطَاهَا ٱلرَّبُّ حَبَلاً فَوَلَدَتِ ٱبْناً. 14 فَقَالَتِ ٱلنِّسَاءُ لِنُعْمِي: مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي لَمْ يُعْدِمْكِ وَلِيّاً ٱلْيَوْمَ لِكَيْ يُدْعَى ٱسْمُهُ فِي إِسْرَائِيلَ».

ص 3: 11 تكوين 29: 31 و33: 5 لوقا 1: 58 ورومية 12: 15

لَمْ يُعْدِمْكِ وَلِيّاً الولد هو ابن بوعز وراعوث ولكنه حُسب لمحلون زوج راعوث الأول الذي مات بلا نسل وحُسب أيضاً لأبيه أليمالك وأمه نُعمي.

15 «وَيَكُونُ لَكِ لإِرْجَاعِ نَفْسٍ وَإِعَالَةِ شَيْبَتِكِ. لأَنَّ كَنَّتَكِ ٱلَّتِي أَحَبَّتْكِ قَدْ وَلَدَتْهُ، وَهِيَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ سَبْعَةِ بَنِينَ».

تكوين 45: 11 و مزمور 55: 22 و1صموئيل 1: 8

وَهِيَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ سَبْعَةِ بَنِينَ أولاً تركت راعوث بلادها والتصقت بحماتها وصارت إسرائيلية بإيمانها بالله وخدمت نُعمي وعزتها في وقت الضيق ثم صارت إسرائيلية شرعية باقترانها ببوعز. وولدت له ابناً حُسب ابناً لمحلون بموجب الشريعة وحفيداً لنُعمي فحُفظ ذكرها وذكر عشيرتها في إسرائيل. ويجب أن فرح الوالدين ببناتهم لا يكون أقل من فرحهم ببنيهم لأن الابنة الفاضلة تعزي والديها وتبني بيتهما. وكثيراً ما تكون محبتها لوالديها أعظم من محبة البنين وسلوكها أحسن من سلوكهم.

16، 17 «16 فَأَخَذَتْ نُعْمِي ٱلْوَلَدَ وَوَضَعَتْهُ فِي حِضْنِهَا وَصَارَتْ لَهُ مُرَبِّيَةً. 17 وَسَمَّتْهُ ٱلْجَارَاتُ ٱسْماً قَائِلاَتٍ: قَدْ وُلِدَ ٱبْنٌ لِنُعْمِي وَدَعَوْنَ ٱسْمَهُ عُوبِيدَ. هُوَ أَبُو يَسَّى أَبِي دَاوُدَ».

لوقا 1: 58 و59

عُوبِيدَ أي عبد وهو أولاً عبد الله ثم عبد لوالديه وجدته لإرجاع نفسٍ وإعالة شيبتها.

18 - 22 «18 وَهٰذِهِ مَوَالِيدُ فَارَصَ: فَارَصُ وَلَدَ حَصْرُونَ، 19 وَحَصْرُونُ وَلَدَ رَامَ، وَرَامُ وَلَدَ عَمِّينَادَابَ، 20 وَعَمِّينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُونَ، وَنَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُونَ، 21 وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ، وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ، 22 وَعُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى، وَيَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ».

1أيام 2: 4 الخ ومتّى 1: 3 عدد 1: 7 متّى 1: 4 الخ و1أيام 2: 15 ومتّى 1: 6

مَوَالِيدُ فَارَصَ انظر الفصل الثالث من المقدمة. ومن المحتمل أن هذه السلسلة مختصرة تُرك منها بعض الأسماء لأن الزمان من فارص إلى نحشون نحو 240 سنة ومن نحشون إلى بوعز نحو 230 سنة فيكون عدد القرون (الأجيال) المذكورة قليلاً بالنسبة إلى عدد السنين غير أن تاريخ الحوادث المذكورة لا يمكن ضبطه تماماً.

فوائد

  1. يجب أن يكون كل شيء بلياقة وبحسب الترتيب ولا سيما الزيجة. والزيجة سراً أو بالعجلة لا يستحسنها المجتمع ولا الضمير الصالح. وإهمال الفرائض الدينية والسياسية والأدبية مما يؤول إلى الحزن والندامة والخراب.

  2. يجب على العروسين أن ينظرا إلى مستقبل حياتهما فيدبران أمورهما البيتية والمالية بالحكمة وأن لا ينظرا إلى الزمان الحاضر فقط تسوقهما الأميال الجسدية.

  3. يجب أن نعتبر الموتى وأن لا ننساهم ولا نتكلم عليهم رديئاً بل نطلب لهم الذكر الطيب.

  4. على كل رب بيت أن يعتني بأهل بيته أولاً وعليه أيضاً أن لا يكتفي بهذا الواجب بل أن يهتم بغير أهل بيته أيضاً فيساعد المحتاجين ولا سيما أنسباءه الفقراء.

  5. من يعامل المحتاجين باللطف ويتصدّق عليهم ولو عن غير فضلة لا يضيع أجره.

  6. من يصبر إلى المنتهى ينجيه الرب من ضيقاته. وإن لم ينجه في هذه الحياة فلا بد من الخلاص التام والراحة الكاملة في الآخرة.

  7. يجب أن الشيخوخة تكون أفصل أوقات الحياة لأن فيها يكون قد كثر الأصدقاء واتسعت المعرفة والاختبار وتقوّى الإيمان والرجاء واقتربت الحياة الأبدية في السماء.

  8. إننا نستفيد من ذكر الأسلاف لأننا به نشعر بالشكر والمسؤولية. ويجب أن نفتكر أيضاً بنسلنا والقرن (الجيل) القادم فنسلّم لهم ما استلمناه ونكون لهم قدوة حسنة ونترك ذكراً طيباً.


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D - 70007
Stuttgart
Germany