العودة الى الصفحة السابقة
شرح سفر التثنية

شرح سفر التثنية

السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

للقس وليم مارش


Table of Contents

Bibliography
مقدمة
المقدمة: وفيها أربعة فصول
اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْعَاشِرُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّلاَثُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلثَّلاَثُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلثَّلاَثُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلثَّلاَثُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ وَٱلثَّلاَثُونَ

List of Tables

1.
2.
3.
4.

Bibliography

السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم: شرح سفر التثنية. للقس وليم مارش . Copyright © 2012 All rights reserved Call of Hope. . صدر عن مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بيروت 1973. . English title: . German title: . Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D - 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

مقدمة

تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.

ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.

هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً - وهو صاحب حقوق الطبع - بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.

ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».

القس ألبرت استيرو

الأمين العام

لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى

المقدمة: وفيها أربعة فصول

الفصل الأول: في اسم هذا السفر

اسم هذا السفر عند اليهود كما سبقه من أسفار التوراة في أنه بعض كلمات أوله. فاسمه «إله هدبريم» أي هذا (هو) الكلام. وهو جزء من التوراة في الأصل لا سفر مستقل ولم يُفرد سفراً برأسه إلا بعد أن تُرجمت إلى اليونانية. ورأى بعضهم أنه سفر مستقل لعدم الواو في أوله كما في كل من سفر الخروج وسفر اللاويين وسفر العدد. وهذا غير موجب لاستقلاله فإن كثيراً من أجزاء السفر الواحد بل الفصل الواحد لا واو في أولها. على أن المرجّح أن أول السفر الآية الثالثة من ص 1 وفيها الواو أو الفاء. وإن قوله في أول هذا السفر يشعر بأنه جزء من التوراة أو تابع لما قبله ولا يظهر من ذلك إلا للمتأملين. وسماه بعض اليهود «سفر التوبيخ» لما فيه من اللوم والتعنيف للإسرائيليين يومئذ. وسماه بعضهم «التوراة» لاشتماله على الشريعة إذ هو تكرار لها. وسماه بعضهم «المشنة» وهذا الاسم كلمة في (ص 17: 18) في العبرانية ومعناه مثنى فهو كالتثنية وتُرجمت «مشنة» إلى العربية في هذا الموضع بنسخة. وهو الاسم الذي اختاره مترجمو التوراة إلى اليونانية والأول مترجموها إلى العربية لأن هذا السفر تكرار ما سبق من الشريعة والتاريخ معاً. وليس فيه ما زاد على التاريخ السابق سوى موت موسى ولا شيء من المعلنات لموسى فوق ما تقدم. ولا فرق في التسمية اليونانية والتسمية العربية في المعنى فالمقصود بها في العربية كتابة الشريعة مرتين أو تلاوتها كذلك. ومعناها في اليونانية «الشريعة الثانية» أو «تأليف الشريعة ثانية» أو كتابتها كذلك.

ولتثنية الشريعة الإلهية هنا ثلاثة أسباب:

  • الأول: إن تثنية شريعة الله إكرام لها لما فيه من التقرير لها والعناية بها.

  • الثاني: إن تكريرها كان ضرورياً لأن الذين أُعطوا الشريعة أولاً كانوا قد ماتوا ونشأ منهم شعب جديد فأراد الله أن يقرر موسى نفسه لهم الشريعة التي أعطاها آباءهم بواسطة موسى نفسه ليجعل في أنفسهم آخر ما له من التأثير في هذا العالم لأنه كان على وشك أن يموت ولأنهم كانوا على وشك أن يستولوا على أرض كنعان التي فيها كل مشاعر الوثنية ولأنهم كانوا قد تعوّدوا ما ضل به كثيرون من أسلافهم الذين لم يخلوا من فساد العادات والعقائد المصرية.

  • الثالث: إن تكرير الشريعة على سبيل الوعظ من وعد ووعيد وإرشاد ونصح وبيان كان مما يفتقرون إليه كل الافتقار للقيام بكل ما أوجبه الله عليهم في أرض ميراثهم. وكانت هذه التثنية من موسى لشعبه بمنزلة آخر كلمات المسيح لتلاميذه.

الفصل الثاني: في زمن كتابة هذا السفر

يظهر مما تقدم في الأسفار الثلاثة سفر الخروج وسفر اللاويين وسفر العدد إن زمان كتابة هذا السفر كانت قبل تلاوة موسى إياه على الإسرائيليين بقليل. وتلاه عليهم في آخر شهور حياته أي آخر شهر من عمره. والسفر كله يشتمل على تاريخ شهرين (قابل ما في 1: 3 بما في يشوع 4: 19). فتأمل في حب موسى لشعبه وعنايته به وهو على وشك أن يموت واذكر الحب الذي لا يوصف حب المسيح لتلاميذه في الأسبوع الآخر من حياته على الأرض. وكرر وصاياه وأقواله التي هي روح وحياة واكتبها على لوح قلبك وقصها على أهلك وأقربائك واحمد الله الآب الذي هكذا أحب العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية.

الفصل الثالث: في مشتملات هذا السفر

يشتمل هذا السفر على ما قاله موسى لبني إسرائيل بين سيناء وقادش برنيع وهو مكرر الشريعة وتاريخها مع الوعظ والإنذار (انظر ص 1: 5 والفصل الأول من المقدمة).

وفي هذا السفر أربعة وثلاثون أصحاحاً تُقسم إلى أربعة أقسام:

  • الأول: ما صنعه الله للإسرائيليين منذ خروجهم من مصر إلى آخر السنة الأربعين لذلك الخروج (ص 1 - ص 3).

  • الثاني: تكرار الشرائع التي أعطيها آباء المخاطبين وقد أوشكوا أن يدخلوا أرض كنعان (ص 4 - ص 26).

  • الثالث: تقرير الشريعة الأدبية والحض على الطاعة (ص 27 - ص 30).

  • الرابع: إقامة يشوع خليفة لموسى وخطب موسى الوداعية (ص 31 - ص 24).

وقسم اليهود هذا السفر إلى أحد عشر قسماً لكي تُقرأ في المجمع على توالي الأوقات وسموا كل قسم ببعض الكلمات الأولى منه وهذه هي تلك الأقسام بأسمائها على الترتيب:

  1. «دبريم» أي الكلام وهو (ص 1: 1).

  2. «واتحنوا» أي وتضرعت وهو من (ص 3: 23 - ص 7: 12).

  3. «عقب» أي من أجل أنكم وهو من (ص 7: 12 - ص 11: 25).

  4. «رآه» أي انظر (أو رَه) وهو من (ص 11: 26 - ص 16: 17).

  5. «شفطيم» أي قضاة وهو من (ص 16: 18 - ص 21: 9).

  6. «تزا» أي خرجت وهو من (ص 21: 10 - ص 25: 1 - 19).

  7. «تبوا» أي أتيت إلى (أو دخلت) وهو من (ص 26: 1 - ص 29: 7 وفي العبرانية و9 في العربية).

  8. «نصيبم» أي واقفون وهو من (ص 29: 8 في العبرانية و10 في العربية إلى ص 30: 1 - 20).

  9. «ويلك» أي فذهب (أو وذهب) وهو من ص 31: 1 - 30).

  10. «هازينو» أي انصتي (أو اسمعي) وهو من (ص 32: 1 الخ).

  11. «وزات هبركة» أي وهذه هي البركة وهو من (ص 33: 1 الخ).

الفصل الرابع: في كاتب هذا السفر

إن جمهور اليهود والمسيحيين على أن موسى كاتب سفر التثنية وقد تقدم الكلام على أن كاتب التوراة موسى بالأدلة القاطعة وسفر التثنية جزء من التوراة (انظر مقدمة الأسفار الخمسة فصل 1 وتثنية 1: 3) فثبت أن موسى كاتبه. ومن الأدلة المؤدية لذلك ما في السفر نفسه وفي مواضع كثيرة منه (انظر ص 6: 1 و10 و11 و18 و19 و7: 1 - 5 و16 - 26 و20: 16 و17 وغير ذلك). نعم إن الأصحاح الرابع والثلاثين وهو آخر هذا السفر ليس مما كتبه موسى لأنه نبأ موت موسى ودفنه فأضيف إليه ليكون ختاماً لتاريخ موسى والمرجّح أن كاتبه يشوع بن نون فإنه كان ملهماً «قَدِ ٱمْتَلأَ رُوحَ حِكْمَةٍ، إِذْ وَضَعَ مُوسَى عَلَيْهِ يَدَيْهِ، فَسَمِعَ لَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَعَمِلُوا كَمَا أَوْصَى ٱلرَّبُّ» (تثنية 34: 9).

اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ

1 «هٰذَا هُوَ ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي كَلَّمَ بِهِ مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ فِي ٱلْعَرَبَةِ قُبَالَةَ سُوفٍ، بَيْنَ فَارَانَ وَتُوفَلَ وَلاَبَانَ وَحَضَيْرُوتَ وَذِي ذَهَبٍ».

يشوع 9: 1 و10 و22: 4 و7

هٰذَا هُوَ ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي كَلَّمَ بِهِ مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ الآية الأولى وما بعدها إلى نهاية الآية الثالثة مقدمة للسفر كله ولا سيما الجزء الأول وهو من الآية الرابعة إلى (ص 4: 40).

عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ اي الجانب الآخر من الأردن من المتكلم الذي هو الكاتب أو القارئ يومئذ لأن بني إسرائيل لم يكونوا قد عبروا الأردن فالمقصود بالجانب الآخر الجانب الأقرب إلى الشعب.

فِي ٱلْبَرِّيَّةِ هذا يدل أن المقصود بالعبر الجانب الأقرب إلى بني إسرائيل لأنهم كانوا لم يعبروا الأردن.

فِي ٱلْعَرَبَةِ وهي سهل الأردن. وهنالك واد يمتد من طرف البحر الميت الاوطإ إلى رأس خليج العقبة.

قُبَالَةَ سُوفٍ وهو البحر الأحمر فإنه يُعرف بالعبرانية بيم سوف واليم البحر في اللغتين العبرانية والعربية ولكن لذكر سوف دون اليم في الأصل العبراني هنا رأى بعضهم أن سوفاً اسم مكان ولكن هذا المكان غير معروف ولا يضاف إليه اليم ما لم يكن متصلاً به فلا يختلف المقصود إذا فسرنا قبالة سوف بتجاه البحر الأحمر. ورجّح بعضهم أنه خليج العقبة فتدبر فإن السهل بين فاران وتوفل يمتد باستقامة إلى ذلك الخليج.

بَيْنَ فَارَانَ وَتُوفَلَ الخ يظهر من خريطة كندر للتوراة أن برية فاران تمتد شمالاً من سيناء على الشمال واليمين وإن توفل وحضيروت على طرفي خط يرسم من طرف الشرق الجنوبي من البحر الميت في جهة سيتاء. ورُئي أن توفل هي «توفيلة» وأن حضيروت هي «عين حضرة» ولابان (ورسمها في العبرانية لبن) لا ريب في أنه موضع أبيض في ما بين الأماكن المذكور والمرجّح أنه سُمي بذلك لبياض الصخور المجاورة له.

ذِي ذَهَبٍ (هذا لفظها العبراني ومعناها ذو ذهب ولو ترجمت كذلك لكانت بمقتضى الإعراب في محلها ذي ذهب) لا ريب في أن هذا المكان أقرب إلى سيناء من حضيروت (وسماه بعضهم بلاد الذهب) وقال مفسرو اليهود أن علة تسميته بذلك صنع العجل الذهبي فيه. والأرجح أنه سمي «بذي ذهب» لجمع الإسرائيليين الذهب فيه لسبك العجل أو لشربهم من الماء الذي طرح فيه غبار العجل بعد إحراقه وسحقه (ص 9: 12). فإن صح ذلك كان ذلك المكان في خط المسير من سيناء إلى قادش برنيع بين الجبال على طرف برية فاران غرباً وخليج العقبة شرقاً إلى أن ينعطف الخليج شمالاً ويوصل منه إلى برية صين المسماة هنا العربة أي السهل. ويحد هذه البرية سلاسل جبال على الجانبين ويشرف على خليج العقبة وراء السلسلة الغربية برية فاران. وإلى الشرق منه جبال أدوم التي كانت على يمين بني إسرائيل وهم ذاهبون إلى قادش برنيع ثم على شمالهم وهم في آخر السفَر في السنة الأخيرة من سني الخروج وقتئذ حين أحاطوا بأرض أدوم. وكانت توفل شرقي تلك السلسلة تجاه السهل الذي في طرف بحر الميت الجنوبي. وكانت تلك الأماكن الخمسة ما مرّ به بنو إسرائيل من سيناء إلى قادش.

2 «أَحَدَ عَشَرَ يَوْماً مِنْ حُورِيبَ عَلَى طَرِيقِ جَبَلِ سَعِيرَ إِلَى قَادِشَ بَرْنِيعَ».

عدد 13: 26 وص 9: 23

أَحَدَ عَشَرَ يَوْماً مِنْ حُورِيبَ أي الطريق بين فاران على أحد الجانبين وخط من توفل إلى حضيرة على الجانب الآخر يشغل قطعها أحد عشر يوماً وهي الطريق من حوريب إلى قادش برنيع.

قَادِشَ بَرْنِيعَ هو المكان الذي أرسل منه بنو إسرائيل الجواسيس إلى أرض كنعان (عدد ص 13) والظاهر أن قادش برنيع كانت مركز الإسرائيليين مدة أقامتهم بالبرية وفيها ماتت مريم ودُفنت (عدد 20: 1) وذُكرت في أول هذا الأصحاح مقيدة ببرنيع وذُكرت في آخره بدون ذلك القيد (ع 2 و46). وكان عدد الجواسيس المرسلة منها اثني عشر (عدد 13: 2) وكان ذلك في نهاية التيه في الشهر الأول من السنة الأربعين للخروج (عدد 20: 1) وذُكر اسمها قادش. وأول ما ذُكر أن اسمها قادش برنيع في كلام موسى في (عدد 32: 8) ودل بإرسال الجواسيس منها على أنها هي قادش عينها. وأقام بها بنو إسرائيل أياماً كثيرة (ع 46).

ولنا من مقدمة سفر التثنية المختصرة أن كلام موسى لبني إسرائيل كان من بدء مسيرهم من سيناء إلى نهايته في قادش برنيع. وظهر لنا من بعدها أنه كرر لهم الشريعة وأوضحها على طريق الوعظ والإنذار والنصح وضمن في ذلك التاريخ الخروجي وفيه أنه أوضح لهم الشريعة أحسن إيضاح في سهل موآب في خاتمة السنة الأربعين من الخروج وحياتهم في البرية. ولم يظهر لنا ترتيب الكلام أي معرفة الكلام السابق من الكلام اللاحق ففي أكثر الأماكن ذكر ما تكلم به مطلقاً ومن أمثلة ذلك ما في (ع 9 و16 و18 و20 و29 و43 و2 5: 5 الخ) واسم التثنية لتكرير الشريعة السابقة. والوعظ الذي يشتمل عليه هذا السفر يتضمن التشجيع لبني إسرائيل على أن يعبروا النهر ويستولوا على ميراثهم أرض كنعان التي وعد الله إبراهيم بأن يعطيها نسله. وسار إسرائيل من سيناء إلى قادش برنيع على هذا الرجاء. ومع أن المسافة بين سيناء وقادش لم تزد على سفر أحد عشر يوماً شغل إسرائيل من سفره من الطور إلى قادش برنيع والانتظار فيها نحو ثلاثة أشهر فإنهم أقاموا بقادش برنيع أياماً كثيرة ينتظرون رجوع الجواسيس.

والخلاصة أن الآيات الخمس الأولى من سفر التثينة مقدمة كل السفر وفي هذه المقدمة الموجزة أمور:

  • الأول: إن ما سبق من الشريعة كان كلام الله بلسان موسى.

  • الثاني: إن موسى بلّغ بني إسرائيل كل الشريعة باقسامها المختلفة في المدة التي تقضت عليهم في سيناء وما بعده إلى قادش برنيع.

  • الثالث: تعيين المكان الذي كلمهم فيه بما ذُكر.

  • الرابع: تعيين الزمان الذي كلمهم فيه بذلك.

  • الخامس: بيان إن ما كلمهم به هو «كل ما أوصاه الرب إليهم».

  • السادس: ذكر انتصارهم على سيحون وعوج.

  • السابع: أنه شرح لهم الشريعة حتى يفهموها كما ينبغي.

3، 4 «3 فَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلأَرْبَعِينَ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلْحَادِي عَشَرَ فِي ٱلأَوَّلِ مِنَ ٱلشَّهْرِ، كَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَاهُ ٱلرَّبُّ إِلَيْهِمْ. 4 بَعْدَ مَا ضَرَبَ سِيحُونَ مَلِكَ ٱلأَمُورِيِّينَ ٱلسَّاكِنَ فِي حَشْبُونَ، وَعُوجَ مَلِكَ بَاشَانَ ٱلسَّاكِنَ فِي عَشْتَارُوثَ فِي إِذْرَعِي».

عدد 33: 38 عدد 21: 24 و33 عدد 21: 33 ويشوع 13: 12

فَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلأَرْبَعِينَ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلْحَادِي عَشَرَ (ع 3) أو وفي السنة الأربعين الخ كما هو في الأصل العبراني. قال المحققون والصحيح أن الواو هنا أول سفر التثنية قياساً على أول كل من سفر الخروج وسفر اللاويين وسفر العدد وهي التي تبين أنه جزء من سفر التوراة في الأصل مستقل بنفسه (انظر مقدمة الأسفار الخمسة فصل 1 ومقدمة سفر التثنية فصل 1 وفصل 4) والمعنى أن موسى نطق بتكرير الشريعة وما أتاه في كلامه من الوعظ والإنذار في آخر السنة الأربعين لخروج بني إسرائيل من مصر فإن المسافة بين سيناء وقادش برنيع وإن تكن أحد عشر يوماً كانت المدة التي تقضت عليهم بقطعها أي وهم في البرية نحو أربعين سنة «ونرى أنهم لم يدخلوا الأرض لعدم الإيمان».

كَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ... بَعْدَ مَا ضَرَبَ سِيحُونَ... وَعُوجَ (ع 3 و4) كان الانتصار على الملكين سيحون وعوج والاستيلاء على بلادهما من الأعمال ذات الشأن في السنة الأربعين للخروج من مصر (انظر عدد 21: 21 - 35). وكان قبل الشهر الحادي عشر من سكان تلك البلاد غير سيحون وعود رؤساء مديان الخمسة (يشوع 13: 21) وكان هؤلاء ممن ضُرب أيضاً (عدد ص 31). وهذا النصر كان آخر الأعمال ذات الشأن في حياة موسى. وفي أيام الراحة التي كانت على أثر ذلك الانتصار كان الوقت مناسباً لوعظ بني إسرائيل ونصحهم بكل ما أوصى به الرب موسى إليهم. ولنا من (ص 34: 8) أن بني إسرائيل بكوا موسى ثلاثين يوماً. والظاهر أن هذه الأيام هي آخر شهر من شهور السنة الأربعين لخروجهم من مصر لأنه «صَعِدَ ٱلشَّعْبُ مِنَ ٱلأُرْدُنِّ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْعَاشِرِ مِنَ ٱلشَّهْرِ ٱلأَوَّلِ» (يشوع 4: 19) وهو الشهر الأول من السنة الحادية والأربعين على ما يرجّح.

5 «فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ ٱبْتَدَأَ مُوسَى يَشْرَحُ هٰذِهِ ٱلشَّرِيعَةَ قَائِلاً».

فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ أي في الجانب الآخر من الكاتب أو القراء الذين كُتب هذا السفر لهم في فلسطين.

ٱبْتَدَأَ أي عزم على. أو حاول أن. أو شرع.

يَشْرَحُ أي يكرز عليهم بجلاء ما قبله من الله وأمره الله أن يخاطب به بني إسرائيل. والكلمة العبرانية هنا لم ترد في سوى مكانين غير هذا المكان وفي كليهما جاءت مقترنة بالكتابة الأول في هذا السفر وفيه قوله «تَكْتُبُ عَلَى ٱلْحِجَارَةِ جَمِيعَ كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّامُوسِ نَقْشاً جَيِّداً» وفي العبرانية «وكتبت على هابنيم أت كل ديري هتورة هزات بار هيطب» (ص 27: 8). ولفظة «بار» هنا هي التي تُرجمت بيشرح في الآية التي نفسرها هنا.

الثاني: في نبوءة حبقوق وفيه قوله «ٱكْتُبِ ٱلرُّؤْيَا وَٱنْقُشْهَا عَلَى ٱلأَلْوَاحِ لِيَرْكُضَ قَارِئُهَا» وقد جاء في بعض التراجم غير العربية أوضحها بدل «أنقشها» وفي العبرانية «كتب حزون وبارعل هلوحت الخ» (حبقوق 2: 2). فيفهم أن كلمة «بار» تُعني الإيضاح والكتابة وهذا يحملنا على القول أن موسى كان حينئذ يكتب ويشرح. أي أنه كان يكتب التوراة ويتلوها على بني إسرائيل أي يكتب الجزء الأخير منها وهو مكررها ويتلوه عليهم وكانت علة كتابته إياها أو غايتها كما كانت علة كتابة بطرس الرسول كلامه أو غايتها وذلك في قوله «فَأَجْتَهِدُ أَيْضاً أَنْ تَكُونُوا بَعْدَ خُرُوجِي تَتَذَكَّرُونَ كُلَّ حِينٍ بِهٰذِهِ ٱلأُمُورِ» (2بطرس 1: 15). وكرر في هذا الخطاب تاريخ الإسرائيليين منذ انطلاقهم من سيناء إلى ذلك الوقت بإيجاز (ص 3: 29) مقترناً بالنصائح. وفي ذلك التاريخ المختصر ثلاثة أمور:

  1. مسيرهم من سيناء إلى قادش برنيع وإرسال الجواسيس الاثني عشر. وتفصيل ذلك التاريخ في سفر العدد (عدد 11: 2 إلى نهاية ص 14) وفيه عجز القواد والشعب عن بلوغ الدعوة العليا. وإليك أسماء القواد ومواضع أنباء عجزهم عن تلك الدعوة. موسى (عدد ص 11). وهارون ومريم (عدد ص 12). ويشوع (عدد 11: 28). والجواسيس وكانوا من القواد (عدد 13: 2 - 16). وقد ظهر نقص الشعب الأدبي في كل تلك المدة حتى أنه تُرك المشروع إلى حين.

  2. إن السنين التالية وهي سبع وثلاثون سنة ونصف سنة كانت مدة خزي وذل وهوان كما يظهر من غض النظر عن الزمان والمكان في النبإ من (عدد ص 14 - ص 20). وذُكر بعض الأماكن في (عدد ص 33) مما كان ذكرها في تلك المدة ولكن لم يلتفت في ذلك إلى غير أسمائها. وليس في سفر التثنية سوى آية واحدة في خطاب موسى تختص بتلك المدة (تثنية 2: 1). وكان زمن التيه كله مدة تأديب وتهذيب.

  3. إن السنة الأربعين للخروج غلب فيها الإسرائيليون سيحون وعُوجاً وبلغوا شاطئ الأردن وتم انقراض الجيل القديم وابتدأ نسله في الحياة الجديدة.

6 «اَلرَّبُّ إِلٰهُنَا كَلَّمَنَا فِي حُورِيبَ قَائِلاً: كَفَاكُمْ قُعُودٌ فِي هٰذَا ٱلْجَبَلِ!».

خروج 3: 1 خروج 19: 1 وعدد 10: 11

اَلرَّبُّ إِلٰهُنَا كَلَّمَنَا فِي حُورِيبَ وفي العبرانية «يهوه اللهيمنا» وهذا الاسمان على هذا الترتيب شعار كل الكتاب المقدس.

كَفَاكُمْ قُعُودٌ فِي هٰذَا ٱلْجَبَلِ كان الوقت من أول الشهر الثاني من السنة الأولى للخروج (خروج 19: 1) إلى اليوم العشرين من الشهر الثاني من السنة الثانية (عدد 10: 11) مدة الترتيب الذي فيه قبل الشعب الشريعة ورُتب كنيسة مجاهدة وجيشاً ينزل حول خيمة الرب فأمور هذه السنة تشغل نحو ثلث التوراة (أي الأسفار الخمسة).

7 «تَحَوَّلُوا وَٱرْتَحِلُوا وَٱدْخُلُوا جَبَلَ ٱلأَمُورِيِّينَ وَكُلَّ مَا يَلِيهِ مِنَ ٱلْعَرَبَةِ وَٱلْجَبَلِ وَٱلسَّهْلِ وَٱلْجَنُوبِ وَسَاحِلِ ٱلْبَحْرِ، أَرْضَ ٱلْكَنْعَانِيِّ وَلُبْنَانَ، إِلَى ٱلنَّهْرِ ٱلْكَبِيرِ نَهْرِ ٱلْفُرَاتِ».

ٱدْخُلُوا جَبَلَ ٱلأَمُورِيِّينَ اي الجزء الجنوبي من اليهودية الذي فيه الملوك الأموريون الخمسة الذين تحالفوا على إسرائيل في أول أمر يشوع ومصالحة أهل جبعون لبني إسرائيل وانضمامهم إليهم. وكان في طاقة الإسرائيليين أن يبلغوا قلب البلاد لو زحفوا على الأعداء في طريق الجواسيس.

وَكُلَّ مَا يَلِيهِ أي بقية أرض الميعاد سهل الأردن والجبل أي الأرض الجبلية في القسم الجنوبي من اليهودية وجبل أفرايم في الوسط والبلاد الجبلية في أقصى القسم الشمالي والسهل (وفي العبرانية) «شفله» أي فلسطين والجنوب (وفي العبرانية) «نجت» وهو الأرض المختصة بشمعون في أقصى القسم الجنوبي من اليهودية وساحل البحر وهو شمالي الكرمل (انظر يشوع 9: 1 وقضاة 5: 17) وتخوم البحر الكبير تجاه لبنان وبلاد أشير وزبولون (تكوين 49: 13).

أَرْضَ ٱلْكَنْعَانِيِّ وَلُبْنَانَ أرض الكنعاني هي سهل أسدر إيلون أي مرج ابن عامر والحصون في الشمال. ولبنان ما بين لبنان والفرات في الشمال الشرقي هو المقصود بقوله «ولبنان إلى النهر الكبير نهر الفرات».

8 «اُنْظُرْ قَدْ جَعَلْتُ أَمَامَكُمُ ٱلأَرْضَ. ٱدْخُلُوا وَتَمَلَّكُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ لآبَائِكُمْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ يُعْطِيَهَا لَهُمْ وَلِنَسْلِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ».

تكوين 12: 7 و15: 18 و17: 7 و8 و26: 4 و28: 13

تَمَلَّكُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ... أَنْ يُعْطِيَهَا لَهُمْ وَلِنَسْلِهِمْ إن الله وعد بأن يعطي الأرض إبراهيم وإسحاق ويعقوب لا نسلهم فقط ولم يدخل الأرض ذلك النسل إلا في ذلك الوعد فالله لم ينس وعده ولم يخلف به بعد أن صار أولئك الآباء الثلاثة في غير هذا العالم بزمان طويل (قابل بهذا أعمال 7: 5 وعبرانيين 11: 16 وانظر أيضاً تفسير 11: 21).

9 «وَكَلَّمْتُكُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ قَائِلاً: لاَ أَقْدِرُ وَحْدِي أَنْ أَحْمِلَكُمْ».

خروج 18: 18 وعدد 11: 14

في هذه الآية وما بعدها إلى نهاية الآية الثامنة عشرة يذكر موسى أمرين ممتازين (1) مشورة يثرون (خروج ص 18) التي باتباعها يخلص من مشقة المحاكمات والمخاصمات. و(2) تعيين السبعين شيخاً وكان لهؤلاء موهبة النبوءة فكانوا بذلك قادرين أن يريحوا موسى من بعض المسؤوليات العظمى التي كانت عليه بمقتضى رتبته. وكانت مشورة يثرون في أول وصول الإسرائيليين إلى حوريب ولم نعلم متى تمت بالفعل. وعُيّن الشيوخ السبعون بين سيناء وقادش برنيع بعد الرحيل من سيناء بقليل (عدد ص 11) ولعل أخذهم في ما عينوا له كان في ذلك الوقت. وأتى أولئك الشيوخ خدمة تُذكر بانتخابهم القضاة للشعب.

لاَ أَقْدِرُ وَحْدِي أَنْ أَحْمِلَكُمْ قال مثل هذا في (عدد 11: 14).

10، 11 «10 اَلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ قَدْ كَثَّرَكُمْ. وَهُوَذَا أَنْتُمُ ٱلْيَوْمَ كَنُجُومِ ٱلسَّمَاءِ فِي ٱلْكَثْرَةِ. 11 ٱلرَّبُّ إِلٰهُ آبَائِكُمْ يَزِيدُ عَلَيْكُمْ مِثْلَكُمْ أَلْفَ مَرَّةٍ، وَيُبَارِكُكُمْ كَمَا كَلَّمَكُمْ».

تكوين 15: 5 وص 10: 22 و28: 62 و2صموئيل 24: 3 تكوين 15: 5 و22: 17 و26: 4 وخروج 32: 13

ٱلرَّبُّ إِلٰهُ آبَائِكُمْ... يُبَارِكُكُمْ الظاهر أن هذه العبارة مما كان في سفر التثنية خاصة لأنه لم يسبق لها نظير في سائر التوراة (أي الأسفار الخمسة).

12 «كَيْفَ أَحْمِلُ وَحْدِي ثِقْلَكُمْ وَحِمْلَكُمْ وَخُصُومَتَكُمْ؟».

1ملوك 3: 8 و9

ثِقْلَكُمْ هذه الكلمة في الأصل العبراني لم ترد إلا هنا وفي سفر إشعياء في قوله تعالى «صَارَتْ عَلَيَّ ثِقْلاً. مَلِلْتُ حِمْلَهَا» (إشعياء 1: 14).

13 - 15 «13 هَاتُوا مِنْ أَسْبَاطِكُمْ رِجَالاً حُكَمَاءَ وَعُقَلاَءَ وَمَعْرُوفِينَ، فَأَجْعَلُهُمْ رُؤُوسَكُمْ. 14 فَأَجَبْتُمُونِي: حَسَنٌ ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ أَنْ يُعْمَلَ. 15 فَأَخَذْتُ رُؤُوسَ أَسْبَاطِكُمْ رِجَالاً حُكَمَاءَ وَمَعْرُوفِينَ وَجَعَلْتُهُمْ رُؤُوساً عَلَيْكُمْ، رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ وَرُؤَسَاءَ خَمَاسِينَ وَرُؤَسَاءَ عَشَرَاتٍ وَعُرَفَاءَ لأَسْبَاطِكُم».

خروج 18: 21 وعدد 11: 16 و17 خروج 18: 25

هذه الآيات هي مثل ما في (خروج ص 18).

16 «وَأَمَرْتُ قُضَاتَكُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ قَائِلاً: ٱسْمَعُوا بَيْنَ إِخْوَتِكُمْ وَٱقْضُوا بِٱلْحَقِّ بَيْنَ ٱلإِنْسَانِ وَأَخِيهِ وَنَزِيلِهِ».

ص 16: 18 ويوحنا 7: 24 لاويين 24: 22

وَأَمَرْتُ قُضَاتَكُمْ... قَائِلاً تعليم موسى هذا بُسط بسطاً عجيباً والذي بسطه يثرون (خروج 18: 25) وذلك البسط ما نصه «وأنت تنظر من جميع الشعب ذوي قدرة خائفين الله مبغضين الرشوة وتقيمهم عليهم رؤساء ألوف ورؤساء مئات ورؤساء خماسين ورؤساء عشرات فيقضون للشعب كل حين الخ» وهذا القول أقدم من الوصايا العشر نفسها.

17 «لاَ تَنْظُرُوا إِلَى ٱلْوُجُوهِ فِي ٱلْقَضَاءِ. لِلصَّغِيرِ كَٱلْكَبِيرِ تَسْمَعُونَ. لاَ تَهَابُوا وَجْهَ إِنْسَانٍ لأَنَّ ٱلْقَضَاءَ لِلّٰهِ. وَٱلأَمْرُ ٱلَّذِي يَعْسُرُ عَلَيْكُمْ تُقَدِّمُونَهُ إِلَيَّ لأَسْمَعَهُ».

لاويين 19: 15 وص 16: 19 و1صموئيل 16: 7 وأمثال 24: 23 ويعقوب 2: 1 و2أيام 19: 6 خروج 18: 22 و26

لأَنَّ ٱلْقَضَاءَ لِلّٰهِ قابل بهذا قول القديس بولس الرسول في (رومية 13: 1 - 4) فإنه بسط لهذا الحكم. وقابل ببقية الآية (خروج 18: 22 - 26).

18 «وَأَمَرْتُكُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ بِكُلِّ ٱلأُمُورِ ٱلَّتِي تَعْمَلُونَهَا».

وَأَمَرْتُكُمْ الخ أي أمرتكم بعد انطلاقكم من حوريب. وكان ذلك كله على الطريق في المدة التي شغلوها بالذهاب من سيناء إلى قادش برنيع (قابل بهذا ما قيل في ع 1 و2). وهذه الآية بيان لنفع ما قيل سابقاً وإثبات له.

19 - 21 «19 ثُمَّ ٱرْتَحَلْنَا مِنْ حُورِيبَ، وَسَلَكْنَا كُلَّ ذٰلِكَ ٱلْقَفْرِ ٱلْعَظِيمِ ٱلْمَخُوفِ ٱلَّذِي رَأَيْتُمْ فِي طَرِيقِ جَبَلِ ٱلأَمُورِيِّينَ، كَمَا أَمَرَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا. وَجِئْنَا إِلَى قَادِشَ بَرْنِيعَ. 20 فَقُلْتُ لَكُمْ: قَدْ جِئْتُمْ إِلَى جَبَلِ ٱلأَمُورِيِّينَ ٱلَّذِي أَعْطَانَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا. 21 اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ ٱلأَرْضَ أَمَامَكَ. ٱصْعَدْ تَمَلَّكْ كَمَا كَلَّمَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ آبَائِكَ! لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ!».

عدد 10: 12 وص 8: 15 وإرميا 2: 6 عدد 13: 26 يشوع 1: 9

فِي طَرِيقِ جَبَلِ ٱلأَمُورِيِّينَ أي في جهة ذلك الجبل لأنهم لم يمروا في ذلك الجبل بل ذهبوا في «ذلك القفر العظيم المخوف» من سيناء إلى قادش برنيع وعلى هذا قال موسى «قد جئتم إلى جبل الأموريين».

22، 23 «22 فَتَقَدَّمْتُمْ إِلَيَّ جَمِيعُكُمْ وَقُلْتُمْ: دَعْنَا نُرْسِلْ رِجَالاً قُدَّامَنَا لِيَتَجَسَّسُوا لَنَا ٱلأَرْضَ، وَيَرُدُّوا إِلَيْنَا خَبَراً عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي نَصْعَدُ فِيهَا وَٱلْمُدُنِ ٱلَّتِي نَأْتِي إِلَيْهَا. 23 فَحَسُنَ ٱلْكَلاَمُ لَدَيَّ، فَأَخَذْتُ مِنْكُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً. رَجُلاً وَاحِداً مِنْ كُلِّ سِبْطٍ».

عدد 13: 3

فَتَقَدَّمْتُمْ إِلَيَّ جَمِيعُكُمْ وَقُلْتُمْ دَعْنَا نُرْسِلْ رِجَالاً هذه قصة إرسال الجواسيس الأثني عشر والذي بُيّن هنا أن هذا التدبير كان من الشعب أولاً فعرضه موسى على الرب فأراده كما يتبين من قوله «ثُمَّ قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: أَرْسِلْ رِجَالاً لِيَتَجَسَّسُوا أَرْضَ كَنْعَانَ» (عدد 13: 1 و2).

لِيَتَجَسَّسُوا لَنَا ٱلأَرْضَ، وَيَرُدُّوا إِلَيْنَا خَبَراً عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي نَصْعَدُ فِيهَا وَٱلْمُدُنِ ٱلَّتِي نَأْتِي إِلَيْهَا وفي الآية الثالثة والثلاثين ما معناه أن الرب سار أمامهم في الطريق ليلتمس لهم مكاناً لنزولهم لكن الجواسيس وسائر بني إسرائيل ساروا في الطريق التي اختاروها ولم يسيروا بمقتضى مشورة الرب. ومما يستحق النظر هنا أن القوم عندما كان قائدهم يشوع لم يأتوا أمراً إلا بمقتضى الإرشاد الإلهي فإرسال الجواسيس الاثني عشر بمقتضى ما أرشدهم إليه النظر البشري كان من أعمال عدم الإيمان ولهذا قال لهم موسى «وَلٰكِنْ فِي هٰذَا ٱلأَمْرِ لَسْتُمْ وَاثِقِينَ بِٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمُ» (ع 32). (انظر أيضاً تفسير يشوع 2: 1).

24 «فَٱنْصَرَفُوا وَصَعِدُوا إِلَى ٱلْجَبَلِ وَأَتَوْا إِلَى وَادِي أَشْكُولَ وَتَجَسَّسُوهُ».

عدد 13: 22 و23 و24

وَادِي أَشْكُولَ (انظر عدد 13: 27 والتفسير).

25 «وَأَخَذُوا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَثْمَارِ ٱلأَرْضِ وَنَزَلُوا بِهِ إِلَيْنَا، وَرَدُّوا لَنَا خَبَراً وَقَالُوا: جَيِّدَةٌ هِيَ ٱلأَرْضُ ٱلَّتِي أَعْطَانَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا».

عدد 13: 27

جَيِّدَةٌ هِيَ ٱلأَرْضُ وجاء في سفر العدد ما نصه «وَقَالُوا: قَدْ ذَهَبْنَا إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَرْسَلْتَنَا إِلَيْهَا، وَحَقّاً إِنَّهَا تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً» (عدد 13: 27). فيه أيضاً قال يشوع بن نون وكالب بن يفنة «ٱلأَرْضُ ٱلَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا جَيِّدَةٌ جِدّاً جِدّاً» (عدد 14: 7).

26، 27 «26 لٰكِنَّكُمْ لَمْ تَشَاءُوا أَنْ تَصْعَدُوا، وَعَصَيْتُمْ قَوْلَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ، 27 وَتَمَرْمَرْتُمْ فِي خِيَامِكُمْ وَقُلْتُمُ: ٱلرَّبُّ بِسَبَبِ بُغْضَتِهِ لَنَا قَدْ أَخْرَجَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيَدْفَعَنَا إِلَى أَيْدِي ٱلأَمُورِيِّينَ لِيُهْلِكَنَا».

عدد 14: 1 و2 و3 و4 ومزمور 106: 24 و25 ص 9: 28

ٱلرَّبُّ بِسَبَبِ بُغْضَتِهِ لَنَا هذا من أعجب ما كان من بني إسرائيل بعدما رأوا آيات محبة الله لهم. والعبارة أشد حماقة من قولهم في (عدد 14: 3) «لِمَاذَا أَتَى بِنَا ٱلرَّبُّ إِلَى هٰذِهِ ٱلأَرْضِ الخ».

28 «إِلَى أَيْنَ نَحْنُ صَاعِدُونَ؟ قَدْ أَذَابَ إِخْوَتُنَا قُلُوبَنَا قَائِلِينَ: شَعْبٌ أَعْظَمُ وَأَطْوَلُ مِنَّا. مُدُنٌ عَظِيمَةٌ مُحَصَّنَةٌ إِلَى ٱلسَّمَاءِ، وَأَيْضاً قَدْ رَأَيْنَا بَنِي عَنَاقَ هُنَاكَ».

يشوع 2: 11 عدد 13: 28 و31 و32 و33 وص 19: 1 و2 عدد 13: 28

إِلَى أَيْنَ نَحْنُ صَاعِدُونَ؟ قَدْ أَذَابَ إِخْوَتُنَا قُلُوبَنَا وقيل في سفر يشوع أن كالب بن يفنة قال «أَمَّا إِخْوَتِيَ ٱلَّذِينَ صَعِدُوا مَعِي فَأَذَابُوا قَلْبَ ٱلشَّعْبِ» (يشوع 14: 8 وانظر في شأن بقية الآية عدد 13: 28).

29، 30 «29 فَقُلْتُ لَكُمْ: لاَ تَرْهَبُوا وَلاَ تَخَافُوا مِنْهُمُ! 30 ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمُ ٱلسَّائِرُ أَمَامَكُمْ هُوَ يُحَارِبُ عَنْكُمْ حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ مَعَكُمْ فِي مِصْرَ أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ».

خروج 14: 14 و25 ونحميا 4: 20

لاَ تَرْهَبُوا وَلاَ تَخَافُوا مِنْهُمُ الخ إذا كان الرب سائراً أمامهم ويحارب عنهم فممن يرهبون فما كانوا مفتقرين إلى رجال يسيرون أمامهم لو فطنوا وآمنوا وتوكلوا على الله.

31 «وَفِي ٱلْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ رَأَيْتَ كَيْفَ حَمَلَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ كَمَا يَحْمِلُ ٱلإِنْسَانُ ٱبْنَهُ فِي كُلِّ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي سَلَكْتُمُوهَا حَتَّى جِئْتُمْ إِلَى هٰذَا ٱلْمَكَانِ».

خروج 19: 4 وص 32: 11 و12 وإشعياء 46: 3 و4 و63: 9 وهوشع 11: 3 وأعمال 13: 18

حَمَلَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ كَمَا يَحْمِلُ ٱلإِنْسَانُ ٱبْنَهُ من هذا أُخذ ما قيل في (أعمال 13: 18).

32، 33 «32 وَلٰكِنْ فِي هٰذَا ٱلأَمْرِ لَسْتُمْ وَاثِقِينَ بِٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمُ 33 ٱلسَّائِرِ أَمَامَكُمْ فِي ٱلطَّرِيقِ، لِيَلْتَمِسَ لَكُمْ مَكَاناً لِنُزُولِكُمْ، فِي نَارٍ لَيْلاً لِيُرِيَكُمُ ٱلطَّرِيقَ ٱلَّتِي تَسِيرُونَ فِيهَا، وَفِي سَحَابٍ نَهَاراً».

مزمور 106: 24 ويهوذا 5 خروج 13: 21 ومزمور 78: 14 عدد 10: 33 وحزقيال 20: 6

ٱلسَّائِرِ أَمَامَكُمْ فِي ٱلطَّرِيقِ، لِيَلْتَمِسَ لَكُمْ مَكَاناً كان التابوت يسير أمامهم وكان الله يُعلن نفسه على ذلك التابوت ولذلك أسند المسير إليه تعالى على سبيل المجاز (انظر عدد 10: 33). وقوله «ليلتمس لكم مكاناً» كقول المسيح «أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً» (يوحنا 14: 2). وقول الرسول «دَخَلَ يَسُوعُ كَسَابِقٍ لأَجْلِنَا» (عبرانيين 6: 20). أما السحاب وكل ما يتعلق به فقد ذُكر في سفر العدد (عدد 9: 15 - 23).

34 «وَسَمِعَ ٱلرَّبُّ صَوْتَ كَلاَمِكُمْ فَسَخَطَ وَأَقْسَمَ قَائِلاً».

ص 2: 14 و15

وَأَقْسَمَ قال المرنم «فَأَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي لاَ يَدْخُلُونَ رَاحَتِي» (مزمور 95: 11).

35 «لَنْ يَرَى إِنْسَانٌ مِنْ هٰؤُلاَءِ ٱلنَّاسِ مِنْ هٰذَا ٱلْجِيلِ ٱلشِّرِّيرِ ٱلأَرْضَ ٱلْجَيِّدَةَ ٱلَّتِي أَقْسَمْتُ أَنْ أُعْطِيَهَا لآبَائِكُمْ».

عدد 14: 22 و23 ومزمور 95: 11

لَنْ يَرَى إِنْسَانٌ الخ هذا كقول المسيح «إِنَّهُ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ أُولَئِكَ ٱلرِّجَالِ ٱلْمَدْعُوِّينَ يَذُوقُ عَشَائِي» (لوقا 14: 24).

36 «مَا عَدَا كَالِبَ بْنَ يَفُنَّةَ. هُوَ يَرَاهَا، وَلَهُ أُعْطِي ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي وَطِئَهَا، وَلِبَنِيهِ، لأَنَّهُ قَدِ ٱتَّبَعَ ٱلرَّبَّ تَمَاماً».

عدد 14: 24 و30 ويشوع 14: 9 عدد 14: 24

مَا عَدَا كَالِبَ استثنى هنا كالب وحده بالنظر إلى أنه من الشعب وأما يشوع الذي كان خليفة لموسى فاستُثني على حدةٍ بالنظر إلى قواد الشعب.

37، 38 «37 وَعَلَيَّ أَيْضاً غَضِبَ ٱلرَّبُّ بِسَبَبِكُمْ قَائِلاً: وَأَنْتَ أَيْضاً لاَ تَدْخُلُ إِلَى هُنَاكَ. 38 يَشُوعُ بْنُ نُونَ ٱلْوَاقِفُ أَمَامَكَ هُوَ يَدْخُلُ إِلَى هُنَاكَ. شَدِّدْهُ لأَنَّهُ هُوَ يَقْسِمُهَا لإِسْرَائِيلَ».

عدد 20: 12 و27: 14 وص 3: 26 و4: 21 و34: 4 ومزمور 106: 32 عدد 14: 30 خروج 24: 13 و33: 11 و1صموئيل 16: 22 عدد 27: 18 و19 وص 31: 7 و23

وَعَلَيَّ أَيْضاً غَضِبَ ٱلرَّبُّ بِسَبَبِكُمْ (عدد 37) ذكر موسى رفض الله إياه لما كان في السنة الأربعين للخروج مع رفض الله للشعب في السنة الثانية لذلك وكان علة الرفض عدم الإيمان بدليل قوله تعالى لموسى وهارون «مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمَا لَمْ تُؤْمِنَا بِي» (عدد 20: 12) وهذا عينه علة رفض الشعب بدليل قوله «لَسْتُمْ وَاثِقِينَ بِٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمُ» (ع 32) إذ أرادوا رأي أنفسهم بإرسال الجواسيس دون هداية الله. والجزاء على قدر الذنب (انظر أيضاً تفسير ص 3: 23 - 28 و32: 49). وهذه الآية كلام معترض.

39 «وَأَمَّا أَطْفَالُكُمُ ٱلَّذِينَ قُلْتُمْ يَكُونُونَ غَنِيمَةً، وَبَنُوكُمُ ٱلَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا ٱلْيَوْمَ ٱلْخَيْرَ وَٱلشَّرَّ فَهُمْ يَدْخُلُونَ إِلَى هُنَاكَ، وَلَهُمْ أُعْطِيهَا وَهُمْ يَمْلِكُونَهَا».

عدد 14: 31 عدد 14: 3 إشعياء 7: 15 و16 ورومية 9: 11

وَأَمَّا أَطْفَالُكُمُ هذا متصل بحكم الرب في (ع 36).

ٱلَّذِينَ قُلْتُمْ يَكُونُونَ غَنِيمَةً قالوا هذا في (عدد 14: 3 انظر أيضاً ع 31).

40 «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَحَوَّلُوا وَٱرْتَحِلُوا إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ عَلَى طَرِيقِ بَحْرِ سُوفٍ».

عدد 14: 25

عَلَى طَرِيقِ بَحْرِ سُوفٍ أي في جهة البحر الأحمر وجاء في سفر العدد «فَجُثَثُكُمْ أَنْتُمْ تَسْقُطُ فِي هٰذَا ٱلْقَفْرِ» (عدد 14: 32).

41، 42 «41 فَأَجَبْتُمْ: قَدْ أَخْطَأْنَا إِلَى ٱلرَّبِّ. نَحْنُ نَصْعَدُ وَنُحَارِبُ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا. وَتَنَطَّقْتُمْ كُلُّ وَاحِدٍ بِعُدَّةِ حَرْبِهِ، وَٱسْتَخْفَفْتُمُ ٱلصُّعُودَ إِلَى ٱلْجَبَلِ. 42 فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِي: قُلْ لَهُمْ لاَ تَصْعَدُوا وَلاَ تُحَارِبُوا، لأَنِّي لَسْتُ فِي وَسَطِكُمْ لِئَلاَّ تَنْكَسِرُوا أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ».

عدد 14: 40 عدد 14: 42

قَدْ أَخْطَأْنَا... نَحْنُ نَصْعَدُ وَنُحَارِبُ الخ سندوا الصعود والحرب إلى أنفسهم دون الرب فانتقلوا من الجبن إلى الاعتداد بأنفسهم لا من عدم الإيمان إلى الإيمان ولذلك لم يكن قدامهم سوى الكسر ولو توكلوا على الله لكان أمامهم النصر لا محالة.

43 «فَكَلَّمْتُكُمْ وَلَمْ تَسْمَعُوا بَلْ عَصَيْتُمْ قَوْلَ ٱلرَّبِّ وَطَغَيْتُمْ وَصَعِدْتُمْ إِلَى ٱلْجَبَلِ».

عدد 14: 44 و45

العبارة الأخيرة في هذه الآية من سفر العدد (عدد 14: 44).

44 «فَخَرَجَ ٱلأَمُورِيُّونَ ٱلسَّاكِنُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْجَبَلِ لِلِقَائِكُمْ وَطَرَدُوكُمْ كَمَا يَفْعَلُ ٱلنَّحْلُ، وَكَسَرُوكُمْ فِي سَعِيرَ إِلَى حُرْمَةَ».

مزمور 118: 12

كَمَا يَفْعَلُ ٱلنَّحْلُ يُفهم من هذا مما قيل على الزنابير في (خروج 23: 28 - 30) وما قيل في سفر التثنية نفسه في (ص 7: 20 ويشوع 24: 12). والآية هنا تدل على أن كاتب هذا السفر كان قد ألف مشاهدة النحل تلحق الجماعات وتلسعهم.

فِي سَعِيرَ إِلَى حُرْمَةَ سعير قسم من البرية بين بحر لوط وخليج العقبة شرقيها صحراء العرب وغربيها وادي العربة وجبالها رملية ذات حجارة من الأعبل المعروفة عند العامة بالسماقي. وتُعرف قنتها العالية بجبل هور الذي يُعرف عند عامة تلك البلاد «النبي هارون» علوها 4800 قدم عن سطح البحر وتُعرف تلك الأرض بأرض أدوم. والمقصود بسعير هنا سلسلة الجبال التي منها جبل هور. وحُرمة مدينة في جنوبي كنعان مجهولة الموقع اليوم ولكن لما كان اسمها الأصلي صفاة ظن بعضهم أنها كانت في المضيق المعروف بالصفا وهو على أمد أربعين ميلاً من بئر سبع شرقاً. وكانت حرمة في نصيب سبط شمعون (يشوع 19: 4). وظن فريق أنها هي سبيطة وهي على غاية عشرين ميلاً من قادس. وقال مفسروا اليهود وأولهم ابن عزرا أن حرمة اسم مكان أو اسم معنىً ومعناها «خراب».

45 «فَرَجَعْتُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَلَمْ يَسْمَعِ ٱلرَّبُّ لِصَوْتِكُمْ وَلاَ أَصْغَى إِلَيْكُمْ».

فَرَجَعْتُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لم يُذكر هذا في سفر العدد (عدد ص 14) فدل هذا على أن الكاتب لم يأخذ قوله عن سفر سابق أو عن جزء سابق من التوراة وإنه كتب عما عرفه بالمشاهدة.

46 «وَقَعَدْتُمْ فِي قَادِشَ أَيَّاماً كَثِيرَةً كَٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي قَعَدْتُمْ فِيهَا».

عدد 13: 25 و20: 1 و22 وقضاة 11: 17

وَقَعَدْتُمْ فِي قَادِشَ أَيَّاماً كَثِيرَةً لم تُعيّن المدة إنما يظهر من القرائن أنها كانت طويلة فإن مجرد ذهاب الجواسيس منها ورجوعهم إليها شغل أربعين يوماً. وكان الإسرائيليون قد أُمروا أن ينصرفوا في الغد إلى القفر في طريق بحر سوف (عدد 14: 25) فحال دون القيام بهذا الأمر في الحال محاربتهم الكنعانيين.

كَٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي قَعَدْتُمْ فِيهَا (تركيب الآية مألوف لكن التعبير غريب ولعله من مصطلحات العبرانية ولو نطق بها العربي لقال «وقعدتم ما قعدتم في قادش من الزمن الطويل». وتُدفع هذه الغرابة شيئاً بأن يكون المعنى وقعدتم في قادش أياماً كثيرة كالأيام التي تعرفون أو اشتهر بينكم أنكم قعدتم فيها والله أعلم). ذهب بعض مفسري اليهود أن الإسرائيليين شغلوا بالقعود في قادش تسع عشرة سنة. والمرجّح أن قادش كانت مركزاً للإسرائيليين كل مدة إقامتهم بالبرية فكانوا في تلك المدة يذهبون منها ويعودون إليها إلى نحو نهاية السنة الأربعين من الخروج.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي

1 «ثُمَّ تَحَوَّلْنَا وَٱرْتَحَلْنَا إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ عَلَى طَرِيقِ بَحْرِ سُوفَ كَمَا كَلَّمَنِي ٱلرَّبُّ، وَدُرْنَا بِجَبَلِ سَعِيرَ أَيَّاماً كَثِيرَةً».

عدد 14: 25 وص 1: 4

عَلَى طَرِيقِ بَحْرِ سُوفَ أو في جهة البحر الأحمر أو خليج العقبة جنوباً.

كَمَا كَلَّمَنِي ٱلرَّبُّ ذُكر ذلك في تفسير (ع 40 وفي عدد 14: 25).

أَيَّاماً كَثِيرَةً إلى قرب نهاية السنة التاسعة والثلاثين للخروج من مصر.

2، 3 «2 ثُمَّ كَلَّمَنِي ٱلرَّبُّ: 3 كَفَاكُمْ دَوَرَانٌ بِهٰذَا ٱلْجَبَلِ. تَحَوَّلُوا نَحْوَ ٱلشِّمَال».

ع 7 و14

كَفَاكُمْ دَوَرَانٌ الخ الظاهر أنه أمرهم بذلك حين كانوا في قادش ثانية في بدء السنة الأربعين للخروج (عدد 20: 1). ومن هذه المحلة أرسل موسى رسلاً إلى ملك أدوم يسأله أن يأذن له أن يمر بقومه في بلاده. ومن المفيد أن يُعرف هنا متى عزم الإسرائيليون أن يدخلوا أرض الميعاد بقطع الأردن بدلاً من أن يذهبوا جنوباً وهل كان سعير أو بلاد أدوم كلها إلى الشرق أو جزء منها إلى الغرب من الإسرائيليين حين كانوا في قادش. ولو كان لأدوم حق في تملك الأرض الغربية لكان على الإسرائيليين أن يستأذنوهم في دخول تلك الأرض مدة التيه ثماني وثلاثين سنة وكانوا يطلبون بالضرورة أن يسيروا في طريق الجواسيس. وكان قطع الأردن حينئذ نتيجة رفض أدوم أن يأذنوا لهم. وإن كانوا قد طلبوا أن يذهبوا غرباً «كما ظن بعضهم» بين الجبال في وادي الغُوير إلى شمالي جبل هور أو وادي غرندل إلى جنوبيه وجب أن يكون عزمهم على قطع الأردن قبل ذلك الوقت. ولعل العلة في الجواز من هنالك كالعلة التي في (خروج 13: 17) هي أن لا يروا حرباً في الطريق فيرجعوا لضعف إيمانهم إلى مصر. ومعجزة قطعهم الأردن كمعجزة خروجهم من مصر.

4 «وَأَوْصِ ٱلشَّعْبَ قَائِلاً: أَنْتُمْ مَارُّونَ بِتُخُمِ إِخْوَتِكُمْ بَنِي عِيسُو ٱلسَّاكِنِينَ فِي سَعِيرَ، فَيَخَافُونَ مِنْكُمْ. فَٱحْتَرِزُوا جِدّاً».

عدد 20: 14

أَنْتُمْ مَارُّونَ بِتُخُمِ الذي يظهر أن موسى قال لهم ذلك قبل طلب الإذن من أدوم (ع 20: 17) لكن أدوم لم يأذنوا لهم في المرور بتخمهم (عدد 20: 21).

فَيَخَافُونَ مِنْكُمْ على ما جاء في نبوءة موسى بنشيده (خروج 15: 15 و16) وهو قوله «يَنْدَهِشُ أُمَرَاءُ أَدُومَ. أَقْوِيَاءُ مُوآبَ تَأْخُذُهُمُ ٱلرَّجْفَةُ. يَذُوبُ جَمِيعُ سُكَّانِ كَنْعَانَ. تَقَعُ عَلَيْهِمِ ٱلْهَيْبَةُ وَٱلرُّعْبُ».

5 «لاَ تَهْجِمُوا عَلَيْهِمْ. لأَنِّي لاَ أُعْطِيكُمْ مِنْ أَرْضِهِمْ وَلاَ وَطْأَةَ قَدَمٍ، لأَنِّي لِعِيسُو قَدْ أَعْطَيْتُ جَبَلَ سَعِيرَ مِيرَاثاً».

تكوين 36: 8 ويشوع 24: 4

لِعِيسُو قَدْ أَعْطَيْتُ جَبَلَ سَعِيرَ مِيرَاثاً مما يستحق الملاحظة هنا أن نشوء إسماعيل سبق نشوء إسحاق وإن ميراث عيسو سبق ميراث يعقوب (قابل ما في تكوين 25: 16 بما في تكوين 35: 23 - 26 وما في 36: 31 بما في 37: 1) فإن إسحاق وإسرائيل بقيا غريبين ونزيلين طويلاً وكانا كذلك وللإسماعيليين أمراء وهم أهل مدن وحصون وللآدوميين أمراء وملوك.

6 «طَعَاماً تَشْتَرُونَ مِنْهُمْ بِٱلْفِضَّةِ لِتَأْكُلُوا، وَمَاءً أَيْضاً تَبْتَاعُونَ مِنْهُمْ بِٱلْفِضَّةِ لِتَشْرَبُوا».

طَعَاماً تَشْتَرُونَ... وَمَاءً قابل هذا بقول إبراهيم «فَلاَ تَقُولُ: أَنَا أَغْنَيْتُ أَبْرَامَ» (تكوين 14: 23). وقول الله لإبراهيم «لاَ تَخَفْ يَا أَبْرَامُ. أَنَا تُرْسٌ لَكَ. أَجْرُكَ كَثِيرٌ جِدّاً» (تكوين 15: 1).

7 «لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ قَدْ بَارَكَكَ فِي كُلِّ عَمَلِ يَدِكَ، عَارِفاً مَسِيرَكَ فِي هٰذَا ٱلْقَفْرِ ٱلْعَظِيمِ. اَلآنَ أَرْبَعُونَ سَنَةً لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ مَعَكَ لَمْ يَنْقُصْ عَنْكَ شَيْءٌ».

ص 8: 2 و3 و4

ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ قَدْ بَارَكَكَ لا شيء في هذه الآية غير معقول فإن الإسرائيليين حصّلوا أموالاً وغنوا بالتجارة مدة تيههم في البرية وكان فيها كثيرون من المهرة في الصناعات المختلفة.

8 «فَعَبَرْنَا عَنْ إِخْوَتِنَا بَنِي عِيسُو ٱلسَّاكِنِينَ فِي سَعِيرَ عَلَى طَرِيقِ ٱلْعَرَبَةِ، عَلَى أَيْلَةَ وَعَلَى عِصْيُونَ جَابِرَ، ثُمَّ تَحَوَّلْنَا وَمَرَرْنَا فِي طَرِيقِ بَرِّيَّةِ مُوآبَ».

قضاة 11: 18 و1ملوك 9: 26

فَعَبَرْنَا عَنْ... عِيسُو... عَلَى طَرِيقِ ٱلْعَرَبَةِ، عَلَى أَيْلَةَ كان طريق الإسرائيليين بعد أن لم يأذن لهم بنو عيسو أن يمروا بتخمهم جنوباً إلى عصيون جابر عند رأس خليج عقبة وأيلة على غاية أميال قليلة في الجنوب الشرقي من عصيون جابر على التخم نفسه فهم قد اتجهوا شمالاً وداروا حول بلاد آدوم وبلغوا بلاد موآب.

9 «فَقَالَ لِي ٱلرَّبُّ: لاَ تُعَادِ مُوآبَ وَلاَ تُثِرْ عَلَيْهِمْ حَرْباً، لأَنِّي لاَ أُعْطِيكَ مِنْ أَرْضِهِمْ مِيرَاثاً. لأَنِّي لِبَنِي لُوطَ قَدْ أَعْطَيْتُ «عَارَ» مِيرَاثاً».

عدد 21: 28 تكوين 19: 36 و37

لاَ تُعَادِ مُوآبَ... لِبَنِي لُوطَ قَدْ أَعْطَيْتُ عَارَ مِيرَاثاً حصل بنو لوط على أرض ميراثهم قبل بني إبراهيم كما حصل بنو عيسو قبل بني يعقوب.

10 - 12 «10 ٱلإِيمِيُّونَ سَكَنُوا فِيهَا قَبْلاً. شَعْبٌ كَبِيرٌ وَكَثِيرٌ وَطَوِيلٌ كَٱلْعَنَاقِيِّينَ. 11 هُمْ أَيْضاً يُحْسَبُونَ رَفَائِيِّينَ كَٱلْعَنَاقِيِّينَ، لٰكِنَّ ٱلْمُوآبِيِّينَ يَدْعُونَهُمْ إِيمِيِّينَ. 12 وَفِي سَعِيرَ سَكَنَ قَبْلاً ٱلْحُورِيُّونَ، فَطَرَدَهُمْ بَنُو عِيسُو وَأَبَادُوهُمْ مِنْ قُدَّامِهِمْ وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ، كَمَا فَعَلَ إِسْرَائِيلُ بِأَرْضِ مِيرَاثِهِمِ ٱلَّتِي أَعْطَاهُمُ ٱلرَّبُّ».

تكوين 14: 5 عدد 13: 22 و33 وص 9: 2 تكوين 14: 5 و15: 20 ويشوع 17: 15 تكوين 14: 6 و36: 20 وع 22

هذه الآيات الثلاث كلام معترض.

ٱلإِيمِيُّونَ أول ما ذُكر الرفائيون والزوزيون والإيميون والحوريون في سفر التكوين (تكوين 14: 5 و6) وكانت هذه القبائل زاهية في زمن إبراهيم لكنها قُهرت وغُلبت قبل زمان الخروج.

فَطَرَدَهُمْ بَنُو عِيسُو ولكن القبيلتان اختلطتا بعض الاختلاط فنشأ عنهما العمالقة أشد أعداء الإسرائيليين (تكوين 36: 12 و22).

كَمَا فَعَلَ إِسْرَائِيلُ بِأَرْضِ مِيرَاثِهِمِ شرقي الأردن في عصر موسى كما فعلوا بغربي الأردن أيام خلف يشوع موسى. فالآيات الثلاث المذكورة لها علاقة بإيضاح التاريخ ولهذا اعتُرض بها في الكلام.

13 «اَلآنَ قُومُوا وَٱعْبُرُوا وَادِيَ زَارَدَ. فَعَبَرْنَا وَادِيَ زَارَدَ».

عدد 21: 12

اَلآنَ قُومُوا هذا رجوع إلى موضوع الكلام قبل الآيات الثلاث المعترضة وهو متصل بالآية التاسعة.

وَادِيَ زَارَدَ (انظر عدد 21: 12) يصب في جانب بحر الميت الغربي جنوبي أرنون عدة نهيرات لعل زارد منها أو هو من ممدات نهر أرنون الذي له ممد كبير يجري من الجنوب إلى الشمال.

وجاء في قاموس الكتاب المقدس للدكتور جورج يوست ما نصه «زارد (ازدهاء) (عدد 21: 12 وتثنية 2: 3) جدول ماء يخرج من جبل عباريم ويصب في بحر لوط إلى جنوبي أرنون في أرض موآب وربما أُطلق على وادي الحصى. وظن بعضهم أنه وادي سيدية أو سيل غرابي. ويقال أن بني إسرائيل حلوا على شواطئه عند نهاية سفرهم من مصر إلى أرض كنعان». وذُكر في ذلك القاموس نفسه أن أرنون أعظم نهر إلى شرقي بحر لوط وكان في الأصل تخماً فاصلاً بين الموآبيين والعمونيين ثم بين الموآبيين والأموريين وأخيراً بين الموآبيين وسبط رأوبين. ويُدعى الآن الموجب طوله نحو خمسين ميلاً يصب في البحر الميت وهو يتعاظم شتاء غير أنه يكاد يجف صيفاً.

14 «وَٱلأَيَّامُ ٱلَّتِي سِرْنَا فِيهَا مِنْ قَادِشَ بَرْنِيعَ حَتَّى عَبَرْنَا وَادِيَ زَارَدَ كَانَتْ ثَمَانِيَ وَثَلاَثِينَ سَنَةً، حَتَّى فَنِيَ كُلُّ ٱلْجِيلِ رِجَالُ ٱلْحَرْبِ مِنْ وَسَطِ ٱلْمَحَلَّةِ، كَمَا أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ لَهُمْ».

عدد 13: 26 عدد 14: 33 و35 و26: 64 وص 1: 34 و35 وحزقيال 20: 15

حَتَّى عَبَرْنَا وَادِيَ زَارَدَ معنى «زارد» في الكلدانية قضب أو شذب ويُعني باعتبار كونه اسماً شجرة وغُصينات ولا سيما غُصينات الصفصاف التي تُقطع بصغار المدى (المعروفة عند عامة بيروت ولبنان بالعويسيات). والمرجّح أن الوادي سُمي بذلك من الصفصاف الذي يكثر على شطوطه لكنه كان وادي القَضب بالنظر إلى الكلمة التي نقلها الله من مصر بمعنىً آخر. وقد قضب الرب تلك الكرمة وهذّبها لتأتي بأكثر من ثمرها الأول.

ثَمَانِيَ وَثَلاَثِينَ سَنَةً، حَتَّى فَنِيَ كُلُّ ٱلْجِيلِ رِجَالُ ٱلْحَرْبِ لم يكن الإحصاء إلا بعد بضعة أشهر. تفشى فيهم الوبأ فأهلك أربعة وعشرين ألفاً ولما بلغوا وادي زارد كان كل رجال الحرب الذين أُحصوا على أثر الخروج قد فنوا وكان قد مرّ عليهم كثيرون منه أو الأكثر في سن الأربعين فما دون وكل من بقي من الكبار بعد الجيل القديم الذي فني لم يبق لهم أن يحيوا إلا سنين قليلة بالنسبة إلى معدل العمر يومئذ.

15 «وَيَدُ ٱلرَّبِّ أَيْضاً كَانَتْ عَلَيْهِمْ لإِبَادَتِهِمْ مِنْ وَسَطِ ٱلْمَحَلَّةِ حَتَّى فَنُوا».

مزمور 78: 33 و106: 26

يَدُ ٱلرَّبِّ أَيْضاً كَانَتْ عَلَيْهِمْ أحسن تفسير لهذا التأديب قول المرنم «قَدْ جَعَلْتَ آثَامَنَا أَمَامَكَ، خَفِيَّاتِنَا فِي ضَوْءِ وَجْهِكَ. لأَنَّ كُلَّ أَيَّامِنَا قَدِ ٱنْقَضَتْ بِرِجْزِكَ» (مزمور 90: 8 و9).

16 - 18 «16 فَعِنْدَمَا فَنِيَ جَمِيعُ رِجَالِ ٱلْحَرْبِ بِٱلْمَوْتِ مِنْ وَسَطِ ٱلشَّعْبِ، 17 قَالَ لِي ٱلرَّبُّ: 18 أَنْتَ مَارٌّ ٱلْيَوْمَ بِتُخُمِ مُوآبَ، بِعَارَ».

بِعَارَ عار هي ربة موآب وهي اليوم خربة وموقعها شمالي مارّة.

19 «فَمَتَى قَرُبْتَ إِلَى تُجَاهِ بَنِي عَمُّونَ لاَ تُعَادِهِمْ وَلاَ تَهْجِمُوا عَلَيْهِمْ، لأَنِّي لاَ أُعْطِيكَ مِنْ أَرْضِ بَنِي عَمُّونَ مِيرَاثاً لأَنِّي لِبَنِي لُوطٍ قَدْ أَعْطَيْتُهَا مِيرَاثاً».

تكوين 19: 38

فَمَتَى قَرُبْتَ (قابل بهذا تفسير ع 9).

20 «هِيَ أَيْضاً تُحْسَبُ أَرْضَ رَفَائِيِّينَ. سَكَنَ ٱلرَّفَائِيُّونَ فِيهَا قَبْلاً، لٰكِنَّ ٱلْعَمُّونِيِّينَ يَدْعُونَهُمْ زَمْزُمِيِّينَ».

تكوين 14: 5

قَبْلاً (انظر تكوين ص 14).

زَمْزُمِيِّينَ وهم الزوزيون (تكوين 14: 5).

21، 22 «21 شَعْبٌ كَبِيرٌ وَكَثِيرٌ وَطَوِيلٌ كَٱلْعَنَاقِيِّينَ، أَبَادَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ قُدَّامِهِمْ فَطَرَدُوهُمْ وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ. 22 كَمَا فَعَلَ لِبَنِي عِيسُو ٱلسَّاكِنِينَ فِي سَعِيرَ ٱلَّذِينَ أَتْلَفَ ٱلْحُورِيِّينَ مِنْ قُدَّامِهِمْ فَطَرَدُوهُمْ وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

ع 10 تكوين 36: 8 تكوين 14: 6 و36: 20 إلى 30 وع 12

أَبَادَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ قُدَّامِهِمْ الخ مما يستحق الاعتبار أنه قابل انكسار الكنعانيين أمام بني إسرائيل بانكسار الأمم القوية أمام أدوم وموآب وعمون ومعنى هذه المقابلة كان واضحاً كل الوضوح لموسى وسائر بني إسرائيل. فإن كان أولاد لوط وإسماعيل وعيسو مع أنهم أمم لكنهم من نسل إبراهيم وعشيرته غلبوا تلك الأمم القوية واستولوا على أملاكها فبالأولى أن يغلب الإسرائيليون شعب الله الخاص وخلاصة نسل إبراهيم الكنعانيين وقائدهم الرب نفسه.

23 «وَٱلْعُوِّيُّونَ ٱلسَّاكِنُونَ فِي ٱلْقُرَى إِلَى غَزَّةَ أَبَادَهُمُ ٱلْكَفْتُورِيُّونَ ٱلَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ كَفْتُورَ وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ».

يشوع 13: 3 إرميا 25: 20 تكوين 10: 14 وعاموس 9: 7

وَٱلْعُوِّيُّونَ ٱلسَّاكِنُونَ فِي ٱلْقُرَى إِلَى غَزَّةَ أَبَادَهُمُ ٱلْكَفْتُورِيُّونَ العويون أمّة سكنت تلك الأرض قبل الكفتوريين الذين منهم الفلسطينيون. وغزة المدينة الأولى بين مدن الفلسطينيين الخمس. وهي على ثلاثة أميال من شاطئ البحر وعشرة أميال من أشقلون جنوباً وهي من أقدم مدن العالم ولا تزال تُسمى بهذا الاسم إلى هذا اليوم.

24 «قُومُوا ٱرْتَحِلُوا وَٱعْبُرُوا وَادِيَ أَرْنُونَ. اُنْظُرْ. قَدْ دَفَعْتُ إِلَى يَدِكَ سِيحُونَ مَلِكَ حَشْبُونَ ٱلأَمُورِيَّ وَأَرْضَهُ. ٱبْتَدِئْ تَمَلَّكْ وَأَثِرْ عَلَيْهِ حَرْباً».

عدد 21: 13 و14 وقضاة 11: 18 و21

وَٱعْبُرُوا وَادِيَ أَرْنُونَ (انظر تفسير ع 13). البلاد من أرنون شمالاً إلى يبوق أخذها الأموريون من موآب ثم أخذها الإسرائيليون (انظر عدد 21: 24).

25 «فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ أَبْتَدِئُ أَجْعَلُ خَشْيَتَكَ وَخَوْفَكَ أَمَامَ وُجُوهِ ٱلشُّعُوبِ تَحْتَ كُلِّ ٱلسَّمَاءِ. ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ خَبَرَكَ يَرْتَعِدُونَ وَيَجْزَعُونَ أَمَامَكَ».

خروج 15: 14 وص 11: 25 ويشوع 2: 9 و10

خَشْيَتَكَ وَخَوْفَكَ جاء في سفر الخروج «حِينَئِذٍ يَنْدَهِشُ أُمَرَاءُ أَدُومَ. أَقْوِيَاءُ مُوآبَ تَأْخُذُهُمُ ٱلرَّجْفَةُ. يَذُوبُ جَمِيعُ سُكَّانِ كَنْعَانَ. تَقَعُ عَلَيْهِمِ ٱلْهَيْبَةُ وَٱلرُّعْبُ» (خروج 15: 15 و16).

26 - 28 «26 فَأَرْسَلْتُ رُسُلاً مِنْ بَرِّيَّةِ قَدِيمُوتَ إِلَى سِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ بِكَلاَمِ سَلاَمٍ قَائِلاً: 27 أَمُرُّ فِي أَرْضِكَ. أَسْلُكُ ٱلطَّرِيقَ ٱلطَّرِيقَ. لاَ أَمِيلُ يَمِيناً وَلاَ شِمَالاً. 28 طَعَاماً بِٱلْفِضَّةِ تَبِيعُنِي لآكُلَ، وَمَاءً بِٱلْفِضَّةِ تُعْطِينِي لأَشْرَبَ. أَمُرُّ بِرِجْلَيَّ فَقَطْ».

ص 20: 10 عدد 21: 21 و22 وقضاة 11: 19 عدد 20: 19

قَدِيمُوتَ معنى قديموت الشرق الأقصى وهي مدينة في سهل الأردن في قطيعة شرقي بحر لوط اسمها حشبون (يشوع 13: 17 و18).

بِكَلاَمِ سَلاَمٍ استُثني سيحون بهذه الرسالة ممن دينوا من الملوك والأمم على مقتضى التمييز المسطور في (ص 20: 10 و11 و15 و16) فجلب سيحون النقمة على نفسه برفضه الطلبة (انظر ع 30).

29 «كَمَا فَعَلَ بِي بَنُو عِيسُو ٱلسَّاكِنُونَ فِي سَعِيرَ وَٱلْمُوآبِيُّونَ ٱلسَّاكِنُونَ فِي عَارَ، إِلَى أَنْ أَعْبُرَ ٱلأُرْدُنَّ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَعْطَانَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا».

عدد 20: 18 وص 23: 3 و4 وقضاة 11: 17 و18

إِلَى أَنْ أَعْبُرَ ٱلأُرْدُنَّ كما قد عُيّن.

30 «لٰكِنْ لَمْ يَشَأْ سِيحُونُ مَلِكُ حَشْبُونَ أَنْ يَدَعَنَا نَمُرَّ بِهِ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ قَسَّى رُوحَهُ وَقَوَّى قَلْبَهُ لِيَدْفَعَهُ إِلَى يَدِكَ كَمَا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

عدد 21: 23 يشوع 11: 20 خروج 4: 21

لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ قَسَّى رُوحَهُ الخ كما فعل بفرعون وكما يفعله بكل من سار سيرتهما. والمعنى أن الرب الإله تركه لقساوة روحه وصلابة قلبه وعناده على أن الله أعطاه قوة القلب ولكنه هو استعملها في غير محلها فوجبت عليه الدينونة (انظر أيضاً يشوع 11: 20).

31 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِي: اُنْظُرْ! قَدِ ٱبْتَدَأْتُ أَدْفَعُ أَمَامَكَ سِيحُونَ وَأَرْضَهُ. ٱبْتَدِئْ تَمَلَّكْ حَتَّى تَمْتَلِكَ أَرْضَهُ».

ص 1: 8

ٱبْتَدَأْتُ أَدْفَعُ أَمَامَكَ سِيحُونَ يجب أن يُذكر هنا أن كل انتصارات بني إسرائيل كانت بأن الله يبتدئ يأمرهم بالهجوم (انظر ص 1: 2 وتفسير يشوع 13: 1).

32، 33 «32 فَخَرَجَ سِيحُونُ لِلِقَائِنَا هُوَ وَجَمِيعُ قَوْمِهِ لِلْحَرْبِ إِلَى يَاهَصَ، 33 فَدَفَعَهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا أَمَامَنَا، فَضَرَبْنَاهُ وَبَنِيهِ وَجَمِيعَ قَوْمِهِ».

عدد 21: 23 ص 7: 2 و20: 16 عدد 21: 14 وص 9: 7

وَبَنِيهِ يحتمل الأصل العبراني أن يكون بدل نبيه ابنه وإذا صحّ ذلك لزم أنه كان له ابن مشهور على الراجح.

34 «وَأَخَذْنَا كُلَّ مُدُنِهِ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ، وَحَرَّمْنَا مِنْ كُلِّ مَدِينَةٍ ٱلرِّجَالَ وَٱلنِّسَاءَ وَٱلأَطْفَالَ. لَمْ نُبْقِ شَارِداً».

لاويين 27: 28 وص 7: 2 و26

حَرَّمْنَا أي وقفنا للإهلاك والتدمير فكان أمر هذه المدن كأمر أريحا ولكن مثل هذا لا يكون إلا بأمر الرب. (وللرب الإحياء والإماتة بالطريق التي يختارها فهو يميت بعض الناس بالانحلال الطبيعي ويميت البعض بالأوباء والبعض بالصواعق والبعض بواسطة الناس قتلاً بالسيف أو بالسهام أو بالنار وهو الحاكم المطلق المختار. فلا يُستنتج من ذلك أن للمؤمن أن يقتل الكافر لأن الله لم يأمر المؤمنين بأن يقتلوا الكافرين أو المخالفين أو المبتدعين بل أمرهم بأن يحبوا أعداءهم ويحسنوا للمسيئين إليهم).

35 «لٰكِنَّ ٱلْبَهَائِمَ نَهَبْنَاهَا لأَنْفُسِنَا وَغَنِيمَةَ ٱلْمُدُنِ ٱلَّتِي أَخَذْنَا».

لٰكِنَّ ٱلْبَهَائِمَ الخ (وهذا أيضاً كان بإعلان الرب وأمره ولولا ذلك لم يحل لهم أن يأخذوا شيئاً من تلك الغنيمة).

36 «مِنْ عَرُوعِيرَ ٱلَّتِي عَلَى حَافَةِ وَادِي أَرْنُونَ وَٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي فِي ٱلْوَادِي، إِلَى جِلْعَادَ، لَمْ تَكُنْ قَرْيَةٌ قَدِ ٱمْتَنَعَتْ عَلَيْنَا. ٱلْجَمِيعُ دَفَعَهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا أَمَامَنَا».

ص 3: 12 و4: 48 ويشوع 13: 9 مزمور 44: 3

عَرُوعِيرَ معناها خرب وهي هنا مدينة على شمالي نهر أرنون الذي يصب في بحر لوط في موآب تولاها رأوبين (يشوع 13: 9 و16). ويظهر من آية التفسير أنها كانت لسيحون ملك الأموريين ثم تولاها حزائيل ملك سورية وهي خربة اليوم وأطلالها على شاهق شرقي بحر لوط وعلى غاية اثني عشر ميلاً منه.

37 «وَلٰكِنَّ أَرْضَ بَنِي عَمُّونَ لَمْ نَقْرَبْهَا. كُلَّ نَاحِيَةِ وَادِي يَبُّوقَ وَمُدُنَ ٱلْجَبَلِ وَكُلَّ مَا أَوْصَى ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا».

تكوين 32: 22 وعدد 21: 24 وص 3: 16 ع 5 و9 و19

وَادِي يَبُّوقَ نهر مخرجه قرب عمان يجري من هنالك شرقاً ثم شمالاً ثم غرباً إلى الأردن في ما يُعرف بالزرقاء. وافتتح الإسرائيليون البلاد التي على جزئه السفلي ولم يأخذوا المجاورة لمخرجه.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ

1 «ثُمَّ تَحَوَّلْنَا وَصَعِدْنَا فِي طَرِيقِ بَاشَانَ، فَخَرَجَ عُوجُ مَلِكُ بَاشَانَ لِلِقَائِنَا هُوَ وَجَمِيعُ قَوْمِهِ لِلْحَرْبِ فِي إِذْرَعِي».

عدد 21: 33 الخ وص 29: 7 ص 1: 4

ثُمَّ تَحَوَّلْنَا ذُكر تاريخ التحويل المذكور والسير في (عدد 21: 32 و33).

2 «فَقَالَ لِي ٱلرَّبُّ: لاَ تَخَفْ مِنْهُ، لأَنِّي قَدْ دَفَعْتُهُ إِلَى يَدِكَ وَجَمِيعَ قَوْمِهِ وَأَرْضِهِ، فَتَفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلْتَ بِسِيحُونَ مَلِكِ ٱلأَمُورِيِّينَ ٱلَّذِي كَانَ سَاكِناً فِي حَشْبُونَ».

عدد 21: 34

فَقَالَ لِي ٱلرَّبُّ الخ جاءت هذه الآية في (عدد 21: 34).

3 - 5 «3 فَدَفَعَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا إِلَى أَيْدِينَا عُوجَ أَيْضاً مَلِكَ بَاشَانَ وَجَمِيعَ قَوْمِهِ، فَضَرَبْنَاهُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ شَارِدٌ. 4 وَأَخَذْنَا كُلَّ مُدُنِهِ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ. لَمْ تَكُنْ قَرْيَةٌ لَمْ نَأْخُذْهَا مِنْهُمْ. سِتُّونَ مَدِينَةً، كُلُّ كُورَةِ أَرْجُوبَ مَمْلَكَةُ عُوجٍ فِي بَاشَانَ. 5 كُلُّ هٰذِهِ كَانَتْ مُدُناً مُحَصَّنَةً بِأَسْوَارٍ شَامِخَةٍ، وَأَبْوَابٍ وَمَزَالِيجَ. سِوَى قُرَى ٱلصَّحْرَاءِ ٱلْكَثِيرَةِ جِدّاً».

عدد 21: 35 و1ملوك 4: 13

التفصيل الذي في هذه الآيات ليس في سفر العدد. قال الأستاذ بورتر في كلامه على كبار مدن باشان «إن باشان كلها ليست بأكبر من قضاء معتاد من الأقضية الإنكليزية ومدنها الحصينة الستون ما عدا التي ليست بذات أسوار يمكن أن تكون في ولاية صغيرة وهي بعيدة عن البحر ولا أنهار فيها وتجارتها زهيدة. وقد شاهدت هنالك بعيني أطلال مئة مدينة وقرية في الأرض الجبلية وحدها» وفيها مدن كثيرة عامرة.

6 - 8 «6 فَحَرَّمْنَاهَا كَمَا فَعَلْنَا بِسِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ، مُحَرِّمِينَ كُلَّ مَدِينَةٍ ٱلرِّجَالَ: وَٱلنِّسَاءَ وَٱلأَطْفَالَ. 7 لٰكِنَّ كُلَّ ٱلْبَهَائِمِ وَغَنِيمَةِ ٱلْمُدُنِ نَهَبْنَاهَا لأَنْفُسِنَا. 8 وَأَخَذْنَا فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ مِنْ يَدِ مَلِكَيِ ٱلأَمُورِيِّينَ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ، مِنْ وَادِي أَرْنُونَ إِلَى جَبَلِ حَرْمُونَ».

لاويين 27: 28 و29 ص 2: 24 ومزمور 135: 10 و11 و12 و136: 19 و20 و21

فَحَرَّمْنَاهَا الخ وقفناها للتدمير كما ذُكر (ص 2: 34).

9 «وَٱلصَّيْدُونِيُّونَ يَدْعُونَ حَرْمُونَ سِرْيُونَ، وَٱلأَمُورِيُّونَ يَدْعُونَهُ سَنِيرَ».

ص 4: 48 ومزمور 29: 6 و1أيام 5: 23

سِرْيُونَ (أو شريون) وسنير (أو شنير) يُظن أن معنييهما متماثلان ولكن ترجم شنير في الترجوم بصخرة الثلج. والذي ذهب إليه جيسينيوس أن معنى شريون لامع كالدلاص أو الدرع البراقة. ولا موجب للظن أن هذه الآية أو القول بأن الصيدونيين سموا جبل حرمون بسريون أُضيف إلى السفر بعد استيلاء الإسرائيليين على فلسطين وإن كان ذلك من المحتملات. وسمي ذلك الجبل سيئون أيضاً (انظر ص 4: 48). وقال بعض مفسري اليهود أنه كان لذلك الجبل أربعة أسماء (أي حرمون وشنير وشريون وسيئون) وذُكرت إعلاناً لمدح أرض إسرائيل التي هي أربع ممالك تتمد به وتقول أنه «سمي باسمي» ومثل ذلك كثير في الأسفار الخمسة (انظر تكوين 23: 2 و31: 47 وعدد 13: 22 ويشوع 14: 15).

10 «كُلَّ مُدُنِ ٱلسَّهْلِ وَكُلَّ جِلْعَادَ وَكُلَّ بَاشَانَ إِلَى سَلْخَةَ وَإِذْرَعِي مَدِينَتَيْ مَمْلَكَةِ عُوجٍ فِي بَاشَانَ».

ص 4: 49 يشوع 12: 5 و13: 11

سَلْخَةَ هي اليوم مدينة كبيرة في شرقي باشان تُعرف بصلخد وصرخد وسلخد (ع 11) وموقعها عند طرف جبل الدروز الجنوبي أخذها بنو إسرائيل وكانت في نصيب نصف سبط منسى على تخم جاد (يشوع 12: 5 و13: 11 و 1أيام 5: 11) وقلعتها مبنية على تل مشرق على السهل يُرى من بعيد كهيئة مخروط مقطوع وبُنيت تلك القلعة في عصر الرومانيين.

11 «إِنَّ عُوجَ مَلِكَ بَاشَانَ وَحْدَهُ بَقِيَ مِنْ بَقِيَّةِ ٱلرَّفَائِيِّينَ. هُوَذَا سَرِيرُهُ سَرِيرٌ مِنْ حَدِيدٍ. أَلَيْسَ هُوَ فِي رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ؟ طُولُهُ تِسْعُ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ رَجُلٍ».

عاموس 2: 9 تكوين 14: 5 وص 2: 11 و20 و2صموئيل 12: 26 وإرميا 49: 2 وحزقيال 21: 20

مِنْ بَقِيَّةِ ٱلرَّفَائِيِّينَ (أي الجبابرة). الرفائيون قبيلة كانت تسكن شرقي الأردن وهي قبيلة قديمة (انظر تكوين 14: 5 والتفسير).

سَرِيرُهُ تعني الكلمة في الأصل العبراني سريراً وتابوتاً ووقع جدال عظيم في ترجيح أحدهما على الآخر والجمهور على أن الأرجح السرير. ورجّح بعضهم أن معنى الكلمة العبرانية هنا أريكة (أي مقعد) كان يجلس عليها أو يتكئ هو والكبراء المقربون إليه. وهذا الموافق لما ذكره من الطول والعرض.

بِذِرَاعِ رَجُلٍ أي من طرف وسطى الكف إلى المرفق. وقيل بذراع الرجل نفسه أي عوج والأول الصحيح.

12 «فَهٰذِهِ ٱلأَرْضُ ٱمْتَلَكْنَاهَا فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ مِنْ عَرُوعِيرَ ٱلَّتِي عَلَى وَادِي أَرْنُونَ وَنِصْفَ جَبَلِ جِلْعَادَ وَمُدُنَهُ أَعْطَيْتُ لِلرَّأُوبَيْنِيِّينَ وَٱلْجَادِيِّينَ».

ص 2: 36 ويشوع 12: 2 عدد 32: 33 ويشوع 12: 6 و13: 8 الخ

عَرُوعِيرَ الخ تقدم الكلام على عروعير ووادي أرنون في تفسير (ص 2: 13 و36).

13 «وَبَقِيَّةَ جِلْعَادَ وَكُلَّ بَاشَانَ مَمْلَكَةَ عُوجٍ أَعْطَيْتُ لِنِصْفِ سِبْطِ مَنَسَّى. كُلَّ كُورَةِ أَرْجُوبَ مَعَ كُلِّ بَاشَانَ، وَهِيَ تُدْعَى أَرْضَ ٱلرَّفَائِيِّينَ».

يشوع 13: 29 و30

أَرْضَ ٱلرَّفَائِيِّينَ (انظر تفسير ع 11).

14 «يَائِيرُ بْنُ مَنَسَّى أَخَذَ كُلَّ كُورَةِ أَرْجُوبَ إِلَى تُخُمِ ٱلْجَشُورِيِّينَ وَٱلْمَعْكِيِّينَ، وَدَعَاهَا عَلَى ٱسْمِهِ بَاشَانَ «حَوُّوثَ يَائِيرَ» إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

1أيام 2: 22 يشوع 13: 13 و2صموئيل 3: 3 و10: 6 عدد 32: 41

إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ الظاهر إن يشوع زاد هذه العبارة هنا لأنه يكثر مثلها في سفره ولا ريب في أنه أضافها بالإلهام لأنه من كتبة الوحي الملهمين.

ٱلْجَشُورِيِّينَ وَٱلْمَعْكِيِّينَ الجشوريون سكان جشور (2صموئيل 13: 38 و15: 8) وهي قطيعة شرقي الأردن وشمالي باشان قرب جبل حرمون المعروف اليوم بجبل الشيخ وربما عمت الجولان الشمالي واللجاه.

والمعكيون سكان معكة وهي مملكة صغيرة على تخم فلسطين الشمالي الشرقي (2صموئيل 10: 6 و1أيام 19: 6 و7) بين أرجوب غرباً والبرية شرقاً (قابل بهذا آبل بيت معكة 2صموئيل 20: 14 و15). وكان المعكيون قرب ينابيع الأردن والجشوريون أبعد من هم إلى الشرق. وكان تلماي ملك جشور جد أبشالوم من جهة أمه (2صموئيل 3: 3) ولهذا لجأ إليه يوم قتل أخاه أمنون (2صموئيل 13: 37) فكانت أرجوب أو اللجاة ولا تزال إلى الآن ملجأ القتلة والمجرمين.

15 «وَلِمَاكِيرَ أَعْطَيْتُ جِلْعَادَ».

عدد 32: 39

جِلْعَادَ عَلَم منقول معناه رجمة الشهادة (2ملوك 10: 33) وهو مكان شرقي الأردن صخري الأرضين سمي جلعاد للرجمة التي أقامها فيه لابان ويعقوب تذكاراً لمعاهدتهما.

16 «وَلِلرَّأُوبَيْنِيِّينَ وَٱلْجَادِيِّينَ أَعْطَيْتُ مِنْ جِلْعَادَ إِلَى وَادِي أَرْنُونَ وَسَطَ ٱلْوَادِي تُخُماً. وَإِلَى وَادِي يَبُّوقَ تُخُمِ بَنِي عَمُّونَ».

2صموئيل 24: 5 عدد 21: 24 ويشوع 12: 2

وَلِلرَّأُوبَيْنِيِّينَ وَٱلْجَادِيِّينَ أَعْطَيْتُ مِنْ جِلْعَادَ إِلَى وَادِي أَرْنُونَ (انظر تفسير ص 2: 24 و36 وص 3: 15). والرأوبينيون والجاديون هما اللذان اختارا تلك الأرض وقد تقدم الكلام على ذلك بالتفصيل (انظر عدد 32: 2 - 32 والتفسير) واختاراها لأنها كثيرة الكلإ والمراعي.

17 «وَٱلْعَرَبَةَ وَٱلأُرْدُنَّ تُخُماً مِنْ كِنَّارَةَ إِلَى بَحْرِ ٱلْعَرَبَةِ (بَحْرِ ٱلْمِلْحِ) تَحْتَ سُفُوحِ ٱلْفِسْجَةِ نَحْوَ ٱلشَّرْقِ».

عدد 34: 11 عدد 34: 12 وص 4: 49 ويشوع 12: 3 تكوين 14: 3

ٱلْعَرَبَةَ هي واد من جبل الشيخ إلى خليج العقبة طوله 250 ميلاً فيه الحولة وبحر الجليل وبحر الملح أو بحر لوط أو بحر الميت. وقد تختص بالغور بين البحر الميت والبحر الأحمر (ص 1: 1 و2: 8) وقد يُراد بها الغور شمالي البحر الميت. والظاهر من القرائن أن المقصود بها هنا مكان في جوار الأردن والمقصود ببحر العربة بحر لوط كما هو مبين في الآية.

كِنَّارَةَ بحر طبرية.

ٱلْفِسْجَةِ إحدى مرتفعات جبل نبو المعروف اليوم على ما ظن الأكثرون بجبل نبا.

18 - 20 «18 وَأَمَرْتُكُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ قَائِلاً: ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ قَدْ أَعْطَاكُمْ هٰذِهِ ٱلأَرْضَ لِتَمْتَلِكُوهَا. مُتَجَرِّدِينَ تَعْبُرُونَ أَمَامَ إِخْوَتِكُمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، كُلُّ ذَوِي بَأْسٍ. 19 أَمَّا نِسَاؤُكُمْ وَأَطْفَالُكُمْ وَمَوَاشِيكُمْ. قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ لَكُمْ مَوَاشِيَ كَثِيرَةً فَتَمْكُثُ فِي مُدُنِكُمُ ٱلَّتِي أَعْطَيْتُكُمْ، 20 حَتَّى يُرِيحَ ٱلرَّبُّ إِخْوَتَكُمْ مِثْلَكُمْ وَيَمْتَلِكُوا هُمْ أَيْضاً ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ يُعْطِيهِمْ فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ. ثُمَّ تَرْجِعُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مُلْكِهِ ٱلَّذِي أَعْطَيْتُكُمْ».

عدد 32: 20 الخ يشوع 22: 4

(انظر عدد 32: 20 - 32).

21، 22 «21 وَأَمَرْتُ يَشُوعَ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ قَائِلاً: عَيْنَاكَ قَدْ أَبْصَرَتَا كُلَّ مَا فَعَلَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ بِهٰذَيْنِ ٱلْمَلِكَيْنِ. هٰكَذَا يَفْعَلُ ٱلرَّبُّ بِجَمِيعِ ٱلْمَمَالِكِ ٱلَّتِي أَنْتَ عَابِرٌ إِلَيْهَا. 22 لاَ تَخَافُوا مِنْهُمْ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ هُوَ ٱلْمُحَارِبُ عَنْكُمْ».

عدد 27: 18 خروج 14: 14 وص 1: 30 و20: 4

أَمَرْتُ يَشُوعَ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ قَائِلاً: عَيْنَاكَ قَدْ أَبْصَرَتَا أي اختبرت بالمشاهدة.

هٰذَيْنِ ٱلْمَلِكَيْنِ أي سيحون وعوج. ومن الأمور التي تستحق الاعتبار أن تفصيل الحرب بين الإسرائيليين وسيحون وعوج والاستيلاء على مدنهما لم يرد إلا في سفر يشوع (انظر يشوع 12: 1 - 6).

23 - 25 «23 وَتَضَرَّعْتُ إِلَى ٱلرَّبِّ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ قَائِلاً: 24 يَا سَيِّدُ ٱلرَّبُّ، أَنْتَ قَدِ ٱبْتَدَأْتَ تُرِي عَبْدَكَ عَظَمَتَكَ وَيَدَكَ ٱلشَّدِيدَةَ. فَإِنَّهُ أَيُّ إِلٰهٍ فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلأَرْضِ يَعْمَلُ كَأَعْمَالِكَ وَكَجَبَرُوتِكَ؟ 25 دَعْنِي أَعْبُرْ وَأَرَى ٱلأَرْضَ ٱلْجَيِّدَةَ ٱلَّتِي فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ، هٰذَا ٱلْجَبَلَ ٱلْجَيِّدَ وَلُبْنَانَ».

2كورنثوس 12: 8 و9 ص 11: 2 خروج 15: 11 و2صموئيل 7: 22 ومزمور 71: 19 و86: 8 و89: 6 و8 خروج 3: 8 وص 4: 22

هذا مبتدأ الفصل الثاني بمقتضى تقسيم اليهود.

تَضَرَّعْتُ إِلَى ٱلرَّبِّ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ الخ طلب موسى لنفسه أمرين في نبإ الخروج الأول أن يرى مجد الرب وذلك بقوله «أرني مجدك» (خروج 33: 18). والثاني رؤية الأرض الجيدة التي في عبر الأردن وذلك بقوله «يا سيد الرب الخ» (ع 24 و25). والظاهر أن مقصود موسى أن يرى بذلك عظمة الرب عبر الأردن كما رآها في الانتصار على عوج وسيحون. وفي قول موسى إشارة إلى طلب رفع الحجاب المسدول على العالم غير المنظور قبل مجيء المسيح الذي أتى بالإنجيل نوراً أعلن به القيامة والحياة الأبدية لأننا نعتقد من القرائن أن موسى كان يتوقع أن يرى عظمة الرب في أرض كنعان ولم يتوقع أن يرى تلك العظمة جلياً في العالم الآخر.

26 «لٰكِنَّ ٱلرَّبَّ غَضِبَ عَلَيَّ بِسَبَبِكُمْ وَلَمْ يَسْمَعْ لِي، بَلْ قَالَ لِي ٱلرَّبُّ: كَفَاكَ! لاَ تَعُدْ تُكَلِّمُنِي أَيْضاً فِي هٰذَا ٱلأَمْرِ».

عدد 20: 12 و27: 14 وص 1: 37 و31: 2 و32: 51 و52 و34: 4 ومزمور 106: 32

بِسَبَبِكُمْ لأن الرب قال «فِي ٱلْقَرِيبِينَ مِنِّي أَتَقَدَّسُ، وَأَمَامَ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ أَتَمَجَّدُ» (لاويين 10: 3). وقال «لِمُوسَى وَهَارُونَ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمَا لَمْ تُؤْمِنَا بِي حَتَّى تُقَدِّسَانِي أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لِذٰلِكَ لاَ تُدْخِلاَنِ هٰذِهِ ٱلْجَمَاعَةَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا. هٰذَا مَاءُ مَرِيبَةَ، حَيْثُ خَاصَمَ بَنُو إِسْرَائِيلَ ٱلرَّبَّ، فَتَقَدَّسَ فِيهِمْ» (عدد 20: 12 و13). (ولولا بني إسرائيل لم يكن من سبب إلى ما وقع فيه الأخوان). ولأن موت موسى وخلافة يشوع كانا شهادة بالأمور التي سيُتكلم عليها كان موسى آية كحزقيال (حزقيال 24: 15 - 24).

كَفَاكَ أي أنك تستحق أكثر من هذا القصاص ولكني رحمتك فكفاك ما كان من إحساني إليه وما يكون. هذا ما جاء في التفاسير اليهودية. وهو حق لأن الله خبأ لموسى خيراً عظيماً فإنه على الجبل المقدس حرمون أو لبنان وقف موسى وإيليا مع المخلص وتكلما معه في الانتصار الذي هو أعظم من انتصار يشوع بما لا يُقدر حتى أنهما «وَلَّمَا عَنْ خُرُوجِهِ ٱلَّذِي كَانَ عَتِيداً أَنْ يُكَمِّلَهُ فِي أُورُشَلِيمَ» (لوقا 9: 31).

27 «ٱصْعَدْ إِلَى رَأْسِ ٱلْفِسْجَةِ وَٱرْفَعْ عَيْنَيْكَ إِلَى ٱلْغَرْبِ وَٱلشِّمَالِ وَٱلْجَنُوبِ وَٱلشَّرْقِ، وَٱنْظُرْ بِعَيْنَيْكَ، لٰكِنْ لاَ تَعْبُرُ هٰذَا ٱلأُرْدُنَّ!».

عدد 27: 12

ٱلشِّمَالِ وَٱلْجَنُوبِ وفي العبرانية التيمن موضع الجنوب وهما بمعنىً واحد والمقصود جنوب فلسطين.

28 «وَأَمَّا يَشُوعُ فَأَوْصِهِ وَشَدِّدْهُ وَشَجِّعْهُ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْبُرُ أَمَامَ هٰذَا ٱلشَّعْبِ، وَهُوَ يَقْسِمُ لَهُمُ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي تَرَاهَا».

عدد 27: 18 و23 وص 1: 38 و31: 3 و7

يَشُوعُ... هُوَ يَعْبُرُ لا أنت.

29 «فَمَكَثْنَا فِي ٱلْجِوَاءِ مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ».

عدد 21: 20 وص 4: 46 و34: 6

ٱلْجِوَاءِ وفي العبرانية جيا وهو الوادي. والجواء في العربية ما اتسع من الأودية.

بَيْتِ فَغُورَ مكان في الفسجة تجاه الجواء والفسجة مرتفع على جبل يظن الكثيرون أنه المعروف اليوم بجبل نبا.

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ

1 «فَٱلآنَ يَا إِسْرَائِيلُ ٱسْمَعِ ٱلْفَرَائِضَ وَٱلأَحْكَامَ ٱلَّتِي أَنَا أُعَلِّمُكُمْ لِتَعْمَلُوهَا، لِتَحْيَوْا وَتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي ٱلرَّبُّ إِلٰهُ آبَائِكُمْ يُعْطِيكُمْ».

لاويين 19: 37 و20: 8 و22: 31 وص 5: 1 و8: 1 وحزقيال 20: 11 ورؤيا 10: 5

فَٱلآنَ يَا إِسْرَائِيلُ ٱسْمَعِ الغاية من الوعظ في كل هذا الأصحاح هي الغاية عينها من خطاب يشوع للشعب (يشوع ص 14) وهي أنهم يعبدون الرب. وأسّ الوعظ إعلانه تعالى نفسه في حوريب إلهاً لهم.

ٱلْفَرَائِضَ وَٱلأَحْكَامَ أي القوانين والمطاليب على ما هو مشهور في اللغة الحديثة. (فالفرائض جمع فريضة وهي فعيلة من الفرض الذي هو في اللغة التقدير والمقصود بها في الشرع ما أوجب على المرء القيام به كالإيمان والصلاة والطاعة. والأحكام جمع حُكم وهو القضاء لغة ويُطلق اصطلاحاً على القانون والقاعدة ويراد به هنا ما يطلبه الله من عباده من القيام بما قضى به في كتابه من الواجبات). وقد تقدّم الكلام على الأحكام في (خروج ص 21 وص 23 فارجع إليه إن شئت).

لِتَحْيَوْا وَتَدْخُلُوا وإلا متُّم قبل أن تدخلوا لأن جزاء المعصية الموت.

2 «لاَ تَزِيدُوا عَلَى ٱلْكَلاَمِ ٱلَّذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلاَ تُنَقِّصُوا مِنْهُ، لِتَحْفَظُوا وَصَايَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا».

ص 12: 32 ويشوع 1: 7 وأمثال 30: 6 وجامعة 12: 13 ورؤيا 22: 18 و19

لاَ تَزِيدُوا عَلَى ٱلْكَلاَمِ أي الشريعة (وعبّر عنها بالكلام لأنه هو طريق إعلانها).

3 «أَعْيُنُكُمْ قَدْ أَبْصَرَتْ مَا فَعَلَهُ ٱلرَّبُّ بِبَعْلِ فَغُورَ. إِنَّ كُلَّ مَنْ ذَهَبَ وَرَاءَ بَعْلَ فَغُورَ أَبَادَهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ مِنْ وَسَطِكُمْ».

عدد 25: 4 الخ ويشوع 22: 17 ومزمور 106: 28 و29

أَعْيُنُكُمْ قَدْ أَبْصَرَتْ الخ أي عرفتم بالمشاهدة والعيان لا بالسمع فقط كيف أهلك الرب الأثمة على إثمهم فضرب 24000 بالوبإ وقرض كل الجيل القديم (انظر تفسير ص 2: 13).

4 «وَأَمَّا أَنْتُمُ ٱلْمُلْتَصِقُونَ بِٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ فَجَمِيعُكُمْ أَحْيَاءٌ ٱلْيَوْمَ».

إن الله من رحمته جعل ثواباً للطاعة كما جعل من عدله عقاباً للمعصية.

5 «اُنْظُرْ. قَدْ عَلَّمْتُكُمْ فَرَائِضَ وَأَحْكَاماً كَمَا أَمَرَنِي ٱلرَّبُّ إِلٰهِي، لِتَعْمَلُوا هٰكَذَا فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتُمْ دَاخِلُونَ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا».

لِتَعْمَلُوا هٰكَذَا فِي ٱلأَرْضِ يجب أن لا ننسى العلاقة الخاصة بين شريعة موسى وأرض كنعان فإنه لا يمكن أن تُحفظ تلك الشريعة بكل اعتباراتها إلا بواسطة شعب مختار في أرض موقيةٍ.

6، 7 «6 فَٱحْفَظُوا وَٱعْمَلُوا. لأَنَّ ذٰلِكَ حِكْمَتُكُمْ وَفِطْنَتُكُمْ أَمَامَ أَعْيُنِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كُلَّ هٰذِهِ ٱلْفَرَائِضِ، فَيَقُولُونَ: هٰذَا ٱلشَّعْبُ ٱلْعَظِيمُ إِنَّمَا هُوَ شَعْبٌ حَكِيمٌ وَفَطِنٌ. 7 لأَنَّهُ أَيُّ شَعْبٍ هُوَ عَظِيمٌ لَهُ آلِهَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْهُ كَٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا فِي كُلِّ أَدْعِيَتِنَا إِلَيْهِ».

أيوب 28: 28 ومزمور 19: 7 و111: 10 وأمثال 1: 7 و2صموئيل 7: 23 مزمور 46: 1 و145: 18 و148: 14 وإشعياء 55: 6

لأَنَّ ذٰلِكَ حِكْمَتُكُمْ وَفِطْنَتُكُمْ أَمَامَ أَعْيُنِ ٱلشُّعُوبِ أشار بقوله ذلك إلى الحفظ للشريعة والعمل بمقتضاها المفهوم من الآية الخامسة وأول هذه الآية. فشريعة الرب في إسرائيل ودوام حضور الرب مع إسرائيل يؤثران في العالم تأثيراً لا يُدفع بسهولة لذلك زاد على هذا قوله «لأَنَّهُ أَيُّ شَعْبٍ هُوَ عَظِيمٌ لَهُ آلِهَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْهُ كَٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا فِي كُلِّ أَدْعِيَتِنَا إِلَيْهِ».

8 «وَأَيُّ شَعْبٍ هُوَ عَظِيمٌ لَهُ فَرَائِضُ وَأَحْكَامٌ عَادِلَةٌ مِثْلُ كُلِّ هٰذِهِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلَّتِي أَنَا وَاضِعٌ أَمَامَكُمُ ٱلْيَوْمَ؟».

وَأَيُّ شَعْبٍ هُوَ عَظِيمٌ لَهُ فَرَائِضُ وَأَحْكَامٌ عَادِلَةٌ الخ هذه الآية توجه أفكارنا إلى شريعة موسى منذ أُعطيت ويظهر العدل العظيم الذي هو من أخص صفاتها بمقابلتها بشرائع سائر الأمم القديمة.

9 «إِنَّمَا ٱحْتَرِزْ وَٱحْفَظْ نَفْسَكَ جِدّاً لِئَلاَّ تَنْسَى ٱلأُمُورَ ٱلَّتِي أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ، وَلِئَلاَّ تَزُولَ مِنْ قَلْبِكَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَعَلِّمْهَا أَوْلاَدَكَ وَأَوْلاَدَ أَوْلاَدِكَ».

أمثال 4: 23 أمثال 3: 1 و3 و4: 21 تكوين 18: 19 وص 6: 7 و11: 19 ومزمور 78: 4 و6 وأفسس 6: 4

إِنَّمَا ٱحْتَرِزْ وَٱحْفَظْ ما في الآيات الآتية من الوعظ يبين معظم الأهمية في أمر واحد وهو عبادة الرب غير المنظور بلا صورة ولا تمثال. وهذا من أكبر الأمور الفارقة بين دين إسرائيل وأديان سائر الأمم.

عَلِّمْهَا أَوْلاَدَكَ وَأَوْلاَدَ أَوْلاَدِكَ هذه الوصية لم يحفظها بنو إسرائيل حينئذ بدليل أنه «قَامَ بَعْدَهُمْ جِيلٌ آخَرُ لَمْ يَعْرِفِ ٱلرَّبَّ وَلاَ ٱلْعَمَلَ ٱلَّذِي عَمِلَ لإِسْرَائِيلَ» (قضاة 2: 10). ولكن مما يستحق الذكر أننا لا نرى أثراً لنظام التهذيب الشعبي في إسرائيل إلا بعد هذا الزمان بسنين كثيرة فكان التهذيب والدياً لكن ذلك التهذيب ضعف على توالي السنين حتى لم يكن كل والدٍ قادراً على أن يعلّم بنيه وبني بنيه.

10 «فِي ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي وَقَفْتَ فِيهِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ فِي حُورِيبَ حِينَ قَالَ لِي ٱلرَّبُّ: ٱجْمَعْ لِي ٱلشَّعْبَ فَأُسْمِعَهُمْ كَلاَمِي، لِيَتَعَلَّمُوا أَنْ يَخَافُونِي كُلَّ ٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي هُمْ فِيهَا أَحْيَاءٌ عَلَى ٱلأَرْضِ، وَيُعَلِّمُوا أَوْلاَدَهُمْ».

خروج 19: 9 و16 و20: 18 وعبرانيين 12: 18 و19

ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي وَقَفْتَ فِيهِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ فِي حُورِيبَ كان بدء تاريخ كنيسة إسرائيل من سيناء كما كان تاريخ كنيسة المسيح من يوم الخمسين. ومما يستحق الاعتبار هنا أن الشريعة أُعطيت على سيناء نحو اليوم الخمسين من الفصح في مصر واليهود يعيّدون اليوم الخمسين تذكاراً لإعطاء الشريعة على طور سيناء. وهذا كان في ذهن بولس الرسول حين قال في المقابلة بين شريعة موسى وشريعة المسيح «ثُمَّ إِنْ كَانَتْ خِدْمَةُ ٱلْمَوْتِ، ٱلْمَنْقُوشَةُ بِأَحْرُفٍ فِي حِجَارَةٍ، قَدْ حَصَلَتْ فِي مَجْدٍ، حَتَّى لَمْ يَقْدِرْ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى وَجْهِ مُوسَى لِسَبَبِ مَجْدِ وَجْهِهِ ٱلزَّائِلِ، فَكَيْفَ لاَ تَكُونُ بِٱلأَوْلَى خِدْمَةُ ٱلرُّوحِ فِي مَجْدٍ» (2كورنثوس 3: 7 و8). والخلاصة أنه قابل «الحرف الذي يقتل بالروح الذي يحيي» (قابل بهذا أيضاً غلاطية 4: 24 - 26 وعبرانيين 12: 18 - 24).

ٱجْمَعْ لِي ٱلشَّعْبَ معنى جماعة الشعب هنا كمعنى الكنيسة في الإنجيل وعلى هذا سمى استفانوس جماعة إسرائيل في البرّية بالكنيسة (أعمال 7: 38).

11 «فَتَقَدَّمْتُمْ وَوَقَفْتُمْ فِي أَسْفَلِ ٱلْجَبَلِ، وَٱلْجَبَلُ يَضْطَرِمُ بِٱلنَّارِ إِلَى كَبِدِ ٱلسَّمَاءِ، بِظَلاَمٍ وَسَحَابٍ وَضَبَابٍ».

خروج 19: 18 وص 5: 23

بِظَلاَمٍ وَسَحَابٍ (عبرانيين 12: 18).

12 «فَكَلَّمَكُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ وَأَنْتُمْ سَامِعُونَ صَوْتَ كَلاَمٍ، وَلٰكِنْ لَمْ تَرَوْا صُورَةً بَلْ صَوْتاً».

ص 5: 4 و22 ع 33 و36 خروج 20: 22 و1ملوك 19: 12

لَمْ تَرَوْا صُورَةً لئلا تصوروا الرب وهو قد نهى عن أن تعبدوه بواسطة صورة كما نهى عن أن تعبدوه بواسطة تمثال (انظر ع 15 و16).

13 «وَأَخْبَرَكُمْ بِعَهْدِهِ ٱلَّذِي أَمَرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِ، ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْعَشَرِ، وَكَتَبَهُ عَلَى لَوْحَيْ حَجَرٍ».

ص 9: 9 و11 خروج 34: 28 خروج 24: 12 و31: 18

بِعَهْدِهِ... ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْعَشَرِ العهد هنا وصايا الله العشر المكتوبة على لوحي الحجارة وعبّر عنها هنا بالكلمات العشر (انظر تفسير ص 5).

وَكَتَبَهُ أي العهد الذي هو الوصايا العشر (انظر تفسير ص 10: 2).

14 «وَإِيَّايَ أَمَرَ ٱلرَّبُّ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ فَرَائِضَ وَأَحْكَاماً لِتَعْمَلُوهَا فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا».

خروج 21: 1 وص 22 و23

إِيَّايَ أَمَرَ ٱلرَّبُّ فوجب أن تقبلوا كلامي لأنه كلام الله الرب.

15 «فَٱحْتَفِظُوا جِدّاً لأَنْفُسِكُمْ. فَإِنَّكُمْ لَمْ تَرَوْا صُورَةً مَا يَوْمَ كَلَّمَكُمُ ٱلرَّبُّ فِي حُورِيبَ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ».

يشوع 23: 11 إشعياء 40: 18

لَمْ تَرَوْا صُورَةً مَا ما أعظم الغايات من هذه الآية عبادة الرب الذي لا يُرى بالروح وبالحق. وعبادة الإله غير المنظور كذلك لا نستطيع معرفتها من طبعنا البشري الساقط فالله أعلنها لشعبه القديم فبنى دينه من أول الأمر على التوحيد والعبادة الروحية ونفى الوثنية فإن سائر الأمم كانت تعبد آلهتها بواسطة المواد المرئية من صور وتماثيل وكواكب وبهائم ونار على غير ذلك من المرئيات المختلفة. وكان الأمم عدة عصور يسمون المسيحيين معطلين أو بلا إله لأنه لم يكن لهم إله منظور. وقد قال كاتب الرسالة إلى العبرانيين في مدح موسى «بِٱلإِيمَانِ تَرَكَ مِصْرَ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ غَضَبِ ٱلْمَلِكِ، لأَنَّهُ تَشَدَّدَ، كَأَنَّهُ يَرَى مَنْ لاَ يُرَى» (عبرانيين 11: 27).

16 «لِئَلاَّ تَفْسُدُوا وَتَعْمَلُوا لأَنْفُسِكُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً، صُورَةَ مِثَالٍ مَا شِبْهَ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى».

خروج 32: 7 خروج 20: 4 و5 وع 23 وص 5: 8 رومية 1: 23

لِئَلاَّ تَفْسُدُوا وَتَعْمَلُوا... تِمْثَالاً... صُورَةَ فالذين يصنعون لله تمثالاً أو صورة وهم من أهل الكتاب قد فسدوا. وفسادهم قائم بعدة أمور تذكر ثلاثة منه:

  • الأول: تمثيل الله الذي لا يتغير بما يفسد ويفنى.

  • الثاني: تحويل قلوبهم إلى المخلوق المرئي دون الخالق الذي لا يُرى.

  • الثالث: سجودهم لما سلطهم الله عليه لأن الله سلط الإنسان على أعمال يديه.

17، 18 «17 شِبْهَ بَهِيمَةٍ مَا مِمَّا عَلَى ٱلأَرْضِ، شِبْهَ طَيْرٍ مَا ذِي جَنَاحٍ مِمَّا يَطِيرُ فِي ٱلسَّمَاءِ، 18 شِبْهَ دَبِيبٍ مَا عَلَى ٱلأَرْضِ، شِبْهَ سَمَكٍ مَا مِمَّا فِي ٱلْمَاءِ مِنْ تَحْتِ ٱلأَرْضِ».

الإشارة في هاتين الآيتين وما بعدهما إلى أصنام المصريين من البهائم والطيور وغيرها.

19، 20 «19 وَلِئَلاَّ تَرْفَعَ عَيْنَيْكَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَتَنْظُرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ، كُلَّ جُنْدِ ٱلسَّمَاءِ ٱلَّتِي قَسَمَهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِجَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّتِي تَحْتَ كُلِّ ٱلسَّمَاءِ، فَتَغْتَرَّ وَتَسْجُدَ لَهَا وَتَعْبُدَهَا. 20 وَأَنْتُمْ قَدْ أَخَذَكُمُ ٱلرَّبُّ وَأَخْرَجَكُمْ مِنْ كُورِ ٱلْحَدِيدِ مِنْ مِصْرَ لِتَكُونُوا لَهُ شَعْبَ مِيرَاثٍ كَمَا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

ص 17: 3 وأيوب 31: 26 و27 تكوين 2: 1 و2ملوك 17: 16 و2: 3 رومية 1: 25 و1ملوك 8: 51 وإرميا 11: 4 خروج 19: 5 وص 9: 29 و32: 9

ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ أنقى أديان الأمم القديمة لم تخلُ من عبادة هذه الأجرام كما ظهر من آثار الديانة المجوسية (فإن المنقبين وجدوا صور هذه الأجرام في أقدم هياكل المجوس).

ٱلَّتِي قَسَمَهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِجَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ الخ ما عدا إسرائيل فإن الرب الأزلي الواجب الوجود الذي لا يُرى هو إلههم ومعبودهم بلا صورة ولا تمثال.

21 - 23 «21 وَغَضِبَ ٱلرَّبُّ عَلَيَّ بِسَبَبِكُمْ، وَأَقْسَمَ إِنِّي لاَ أَعْبُرُ ٱلأُرْدُنَّ وَلاَ أَدْخُلُ ٱلأَرْضَ ٱلْجَيِّدَةَ ٱلَّتِي ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ يُعْطِيكَ نَصِيباً. 22 فَأَمُوتُ أَنَا فِي هٰذِهِ ٱلأَرْضِ. لاَ أَعْبُرُ ٱلأُرْدُنَّ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْبُرُونَ وَتَمْتَلِكُونَ تِلْكَ ٱلأَرْضَ ٱلْجَيِّدَةَ. 23 اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَنْسَوْا عَهْدَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمُ ٱلَّذِي قَطَعَهُ مَعَكُمْ، وَتَصْنَعُوا لأَنْفُسِكُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً، صُورَةَ كُلِّ مَا نَهَاكَ عَنْهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

عدد 20: 12 وص 1: 37 و3: 26 و2بطرس 1: 13 و14 و15 ص 3: 27 ص 3: 25 ع 9 خروج 20: 4 و5 وع 16

وَغَضِبَ ٱلرَّبُّ عَلَيَّ بِسَبَبِكُمْ... فَأَمُوتُ أَنَا فِي هٰذِهِ ٱلأَرْضِ... وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْبُرُونَ... اِحْتَرِزُوا في هذا الكلام برهان خلاصته أني لا أستطيع أن أعبر معكم لأحذركم فلذلك يجب أن تحترزوا حين تكونون بدوني. ومثل هذا كان في ذهن بولس حين قال لتيموثاوس «تَمِّمْ خِدْمَتَكَ. فَإِنِّي أَنَا ٱلآنَ أُسْكَبُ» (2تيموثاوس 4: 5 و6).

24 «لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ هُوَ نَارٌ آكِلَةٌ، إِلٰهٌ غَيُورٌ».

خروج 24: 17 وص 9: 3 وإشعياء 33: 14 وعبرانيين 12: 29 خروج 20: 5 وص 6: 15 وإشعياء 42: 8

ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ هُوَ نَارٌ آكِلَةٌ (أي شديد الغيرة على عبادته وشديد العقاب لمن يشركون به). وقد اقتبس هذه العبارة كاتب الرسالة إلى العبرانيين لا تأكيداً لتعاليم سيناء بل لتعاليم يوم الخمسين وصوت الذي تكلم من السماء بالروح الذي هو أرسله (عبرانيين 12: 29).

25، 26 «25 إِذَا وَلَدْتُمْ أَوْلاَداً وَأَحْفَاداً، وَأَطَلْتُمُ ٱلزَّمَانَ فِي ٱلأَرْضِ، وَفَسَدْتُمْ وَصَنَعْتُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً صُورَةَ شَيْءٍ مَا، وَفَعَلْتُمُ ٱلشَّرَّ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ لإِغَاظَتِهِ، 26 أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ ٱلسَّمَاءَ وَٱلأَرْضَ أَنَّكُمْ تَبِيدُونَ سَرِيعاً عَنِ ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ ٱلأُرْدُنَّ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا. لاَ تُطِيلُونَ ٱلأَيَّامَ عَلَيْهَا، بَلْ تَهْلِكُونَ لاَ مَحَالَةَ».

ع 16 و2ملوك 17: 17 الخ ص 30: 18 و19 وإشعياء 1: 2 وميخا 6: 2

أَطَلْتُمُ ٱلزَّمَانَ الخ كان الإسرائيليون مقبلين على الراحة والخصب والنمو وذلك من شأنه أن يلهي الناس الدنيويين عن الدين فيضعون العالميات موضع الروحيات.

27 «وَيُبَدِّدُكُمُ ٱلرَّبُّ فِي ٱلشُّعُوبِ، فَتَبْقُونَ عَدَداً قَلِيلاً بَيْنَ ٱلأُمَمِ ٱلَّتِي يَسُوقُكُمُ ٱلرَّبُّ إِلَيْهَا».

لاويين 26: 33 وص 28: 62 و64 ونحميا 1: 3 و8

يُبَدِّدُكُمُ ٱلرَّبُّ فِي ٱلشُّعُوبِ خالف الإسرائيليون الشريعة وعبدوا الأوثان ونسوا الرب ووصاياه ونبوءات أنبيائه ورفضوا مسيحهم فوقعت عليهم الدينونة وتفرقوا تحت كل كوكب كما هو المشاهد.

28 «وَتَصْنَعُونَ هُنَاكَ آلِهَةً صَنْعَةَ أَيْدِي ٱلنَّاسِ مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ مِمَّا لاَ يُبْصِرُ وَلاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشُمُّ».

ص 28: 64 و1صموئيل 26: 19 وإرميا 16: 13 مزمور 115: 4 و5 و135: 15 و16 وإشعياء 44: 9 و46: 7

تَصْنَعُونَ هُنَاكَ آلِهَةً صَنْعَةَ أَيْدِي ٱلنَّاسِ أي تسجدون للمصنوعات التي تصنعونها على مثال ما صنع الناس الوثنيون. قال أحد مفسري اليهود وأصاب أن علة أسر اليهود وسبيهم وتفرقهم عبادة الأوثان فلما صاروا عبيداً لتلك المصنوعات استحقوا أن يكونوا عبيداً لصانعي أمثالها من الأمم التي لا تعرف الرب ولم تستطع أصنامهم أن تحررهم بل سُبيت كما سُبوا. قال الله بلسان نبيه إشعياء «قَدْ جَثَا بِيلُ، ٱنْحَنَى نَبُو. صَارَتْ تَمَاثِيلُهُمَا عَلَى ٱلْحَيَوَانَاتِ وَٱلْبَهَائِمِ. مَحْمُولاَتُكُمْ مُحَمَّلَةٌ حِمْلاً لِلْمُعْيِي. قَدِ ٱنْحَنَتْ. جَثَتْ مَعاً. لَمْ تَقْدِرْ أَنْ تُنَجِّيَ ٱلْحِمْلَ، وَهِيَ نَفْسُهَا قَدْ مَضَتْ فِي ٱلسَّبْيِ» (إشعياء 46: 1 و2).

29 - 31 «29 ثُمَّ إِنْ طَلَبْتَ مِنْ هُنَاكَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ تَجِدْهُ إِذَا ٱلْتَمَسْتَهُ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ. 30 عِنْدَمَا ضُيِّقَ عَلَيْكَ وَأَصَابَتْكَ كُلُّ هٰذِهِ ٱلأُمُورِ فِي آخِرِ ٱلأَيَّامِ، تَرْجِعُ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ وَتَسْمَعُ لِقَوْلِهِ، 31 لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ إِلٰهٌ رَحِيمٌ، لاَ يَتْرُكُكَ وَلاَ يُهْلِكُكَ وَلاَ يَنْسَى عَهْدَ آبَائِكَ ٱلَّذِي أَقْسَمَ لَهُمْ عَلَيْهِ».

لاويين 26: 39 و40 وص 30: 1 و2 و3 و2أيام 15: 4 ونحميا 1: 9 وإشعياء 55: 6 و7 وإرميا 29: 12 و13 و14 خروج 18: 8 وص 31: 17 تكوين 49: 1 وص 31: 29 وإرميا 23: 20 وهوشع 3: 5 يوئيل 2: 12 و2أيام 30: 9 ونحميا 9: 31 ومزمور 116: 5 ويونان 4: 2

(قابل بهذه الآيات ص 30: 1 - 5 والتفسير).

32 - 36 «32 فَٱسْأَلْ عَنِ ٱلأَيَّامِ ٱلأُولَى ٱلَّتِي كَانَتْ قَبْلَكَ، مِنَ ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱللّٰهُ فِيهِ ٱلإِنْسَانَ عَلَى ٱلأَرْضِ، وَمِنْ أَقْصَاءِ ٱلسَّمَاءِ إِلَى أَقْصَائِهَا. هَلْ جَرَى مِثْلُ هٰذَا ٱلأَمْرِ ٱلْعَظِيمِ، أَوْ هَلْ سُمِعَ نَظِيرُهُ؟ 33 هَلْ سَمِعَ شَعْبٌ صَوْتَ ٱللّٰهِ يَتَكَلَّمُ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ كَمَا سَمِعْتَ أَنْتَ وَعَاشَ؟ 34 أَوْ هَلْ شَرَعَ ٱللّٰهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَأْخُذَ لِنَفْسِهِ شَعْباً مِنْ وَسَطِ شَعْبٍ، بِتَجَارِبَ وَآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَحَرْبٍ وَيَدٍ شَدِيدَةٍ وَذِرَاعٍ رَفِيعَةٍ وَمَخَاوِفَ عَظِيمَةٍ مِثْلَ كُلِّ مَا فَعَلَ لَكُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ فِي مِصْرَ أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ؟ 35 إِنَّكَ قَدْ أُرِيتَ لِتَعْلَمَ أَنَّ ٱلرَّبَّ هُوَ ٱلإِلٰهُ. لَيْسَ آخَرَ سِوَاهُ. 36 مِنَ ٱلسَّمَاءِ أَسْمَعَكَ صَوْتَهُ لِيُنْذِرَكَ، وَعَلَى ٱلأَرْضِ أَرَاكَ نَارَهُ ٱلْعَظِيمَةَ، وَسَمِعْتَ كَلاَمَهُ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ».

أيوب 8: 8 متّى 24: 31 خروج 24: 11 و33: 20 وص 5: 24 و26 2ص 7: 19 و29: 3 خروج 7: 3 خروج 13: 3 خروج 6: 6 ص 26: 8 و34: 12 ص 32: 39 و1صموئيل 2: 2 وإشعياء 45: 5 و18 و22 ومرقس 12: 29 و32 خروج 19: 9 و19 و20: 18 و22 و24: 16 وعبرانيين 12: 18

فَٱسْأَلْ... هَلْ جَرَى مِثْلُ الخ أقام هذا البرهان بولس الرسول على صدق الوعد برد إسرائيل بقوله «لأَنَّ هِبَاتِ ٱللّٰهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ» (رومية 11: 29). وغاية القولين إن الله لا يترك إسرائيل ويختار له شعباً من أمة أخرى وإنه لا ينسى عمل يديه وإنه من يختارهم من الأمم يحسبهم من شعبه إسرائيل. وقد برهن موسى قوله هنا برضى الله عن شعبه ليرده عن إثمه (انظر على الخصوص عدد 14: 11 - 21 وقابل بذلك 1صموئيل 12: 22). وأبان النبي هنا أنه لم يترك الله ريباً في أنفس الإسرائيليين بواسطة ما أتاه من العجائب في عنايته بهم.

37، 38 «37 وَلأَجْلِ أَنَّهُ أَحَبَّ آبَاءَكَ وَٱخْتَارَ نَسْلَهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ، أَخْرَجَكَ بِحَضْرَتِهِ بِقُوَّتِهِ ٱلْعَظِيمَةِ مِنْ مِصْرَ 38 لِيَطْرُدَ مِنْ أَمَامِكَ شُعُوباً أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ، وَيَأْتِيَ بِكَ وَيُعْطِيَكَ أَرْضَهُمْ نَصِيباً كَمَا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

ص 10: 15 خروج 13: 3 و9 و14 ص 7: 1 و9: 1 و4 و5

لأَجْلِ أَنَّهُ أَحَبَّ آبَاءَكَ الخ كثيراً ما ذُكرت أسباب اختيار الله لإسرائيل في هذا السفر. وذُكرت على أسلوب يبين سلطان الله وسيادته ويُعلن للإسرائيليين أنه تعالى لم يخترهم شعباً لاستحقاقهم ذلك.

39، 40 «39 فَٱعْلَمِ ٱلْيَوْمَ وَرَدِّدْ فِي قَلْبِكَ أَنَّ ٱلرَّبَّ هُوَ ٱلإِلٰهُ فِي ٱلسَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَعَلَى ٱلأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ. لَيْسَ سِوَاهُ. 40 وَٱحْفَظْ فَرَائِضَهُ وَوَصَايَاهُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ لِيُحْسَنَ إِلَيْكَ وَإِلَى أَوْلاَدِكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَلِتُطِيلَ أَيَّامَكَ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ يُعْطِيكَ إِلَى ٱلأَبَدِ».

ع 35 ويشوع 2: 11 لاويين 22: 31 ص 5: 16 و6: 3 و18 و12: 25 و28 و22: 7 وأفسس 6: 3

فَٱعْلَمِ الخ أي فاعرف مما صنعه الله أنه لا إله سواه في كل العالمين وإنه يجب أن نطيعه وإنه يجزي المطيعين خيراً لأنفسهم ولأعقابهم رحمة منه وجوداً بعد ما رأى من معاصيهم وآثامه على خلاف ما صنع بأعدائه من أمم تلك الأرض. وآيات توحيد الله كثيرة في كتاب الوحي ومن ذلك قول بولس «لأَنَّ ٱللّٰهَ وَاحِدٌ» (رومية 3: 30). وقوله «وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ وَاحِدٌ» (غلاطية 3: 20). وقول يعقوب «أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ ٱللّٰهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ» (يعقوب 2: 19). وقول الله بلسان نبيه إشعياء «هَلْ يُوجَدُ إِلٰهٌ غَيْرِي؟» (إشعياء 44: 8).

تعيين مدن الملجإ الثلاث

41، 42 «41 حِينَئِذٍ أَفْرَزَ مُوسَى ثَلاَثَ مُدُنٍ فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ نَحْوَ شُرُوقِ ٱلشَّمْسِ 42 لِكَيْ يَهْرُبَ إِلَيْهَا ٱلْقَاتِلُ ٱلَّذِي يَقْتُلُ صَاحِبَهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُبْغِضٍ لَهُ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ. يَهْرُبُ إِلَى إِحْدَى تِلْكَ ٱلْمُدُنِ فَيَحْيَا».

عدد 35: 6 و14 ص 19: 4

حِينَئِذٍ أَفْرَزَ مُوسَى أشار بقوله حينئذ إلى أن وقت إفراز تلك المدن كان على أثر الخطاب المذكور قبل هذه الآية وكانت مدن الملجإ شرقي الأردن.

فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ عيّن هذا العبر بقوله نحو شروق الشمس والمعنى أنه أفرز ثلاث مدن للملجأ على الجانب الشرقي من الأردن.

43 «بَاصَرَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ فِي أَرْضِ ٱلسَّهْلِ لِلرَّأُوبَيْنِيِّينَ، وَرَامُوتَ فِي جِلْعَادَ لِلْجَادِيِّينَ، وَجُولاَنَ فِي بَاشَانَ لِلْمَنَسِّيِّينَ».

يشوع 20: 8

بَاصَرَ قال بعضهم أن موقعها اليوم مجهول وظن آخر أنها بُرازين وهي على غاية اثني عشر ميلاً في الشمال الشرقي من حشبون.

رَامُوتَ فِي جِلْعَادَ وتُسمى الرامة أيضاً (2أيام 22: 6). قال بعضهم مع أن هذه المدينة اشتهرت في تاريخ الإسرائيليين لم يزل موقعها مجهولاً (1ملوك ص 21 و2ملوك ص 9) ولكن ظن بعض السيّاح أنها المدينة المعروفة اليوم بالصلت أو السلط ولكنه لم يثبت قوله بدليل قاطع.

جُولاَنَ مدينة في الأرض المعروفة اليوم بالجولان ولكنها لم تزل مجهولة الموقع من تلك الأرض.

الخطاب الثاني

هذا الخطاب يشغل كثيراً من هذا السفر فالآية 44 - 49 مقدمة له وهو من ص 5 إلى ص 26 وهو ما كُرر كالخطاب السابق وفاه به موسى في أرض سيحون وعوج.

44، 45 «44 وَهٰذِهِ هِيَ ٱلشَّرِيعَةُ ٱلَّتِي وَضَعَهَا مُوسَى أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 45 هٰذِهِ هِيَ ٱلشَّهَادَاتُ وَٱلْفَرَائِضُ وَٱلأَحْكَامُ ٱلَّتِي كَلَّمَ بِهَا مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ».

في هاتين الآيتين بيان أن الخطاب في ما سبق.

46 - 49 «46 فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ فِي ٱلْجِوَاءِ مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ، فِي أَرْضِ سِيحُونَ مَلِكِ ٱلأَمُورِيِّينَ ٱلَّذِي كَانَ سَاكِناً فِي حَشْبُونَ، ٱلَّذِي ضَرَبَهُ مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيلَ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ 47 وَٱمْتَلَكُوا أَرْضَهُ وَأَرْضَ عُوجٍ مَلِكِ بَاشَانَ مَلِكَيِ ٱلأَمُورِيِّينَ، ٱللَّذَيْنِ فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ نَحْوَ شُرُوقِ ٱلشَّمْسِ. 48 مِنْ عَرُوعِيرَ ٱلَّتِي عَلَى حَافَةِ وَادِي أَرْنُونَ إِلَى جَبَلِ سِيئُونَ (ٱلَّذِي هُوَ حَرْمُونُ) 49 وَكُلَّ ٱلْعَرَبَةِ فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ نَحْوَ ٱلشُّرُوقِ إِلَى بَحْرِ ٱلْعَرَبَةِ تَحْتَ سُفُوحِ ٱلْفِسْجَةِ».

ص 3: 29 عدد 21: 24 وص 1: 4 عدد 21: 35 وص 3: 3 و4 ص 2: 36 و3: 12 ص 3: 9 ومزمور 133: 3 ص 3: 17

الأماكن المذكورة في هذه الآيات سبق ذكرها في (ص 3 وتفسيره فارجع إليه).

اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ

1 «وَدَعَا مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ لَهُمْ: اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ ٱلْفَرَائِضَ وَٱلأَحْكَامَ ٱلَّتِي أَتَكَلَّمُ بِهَا فِي مَسَامِعِكُمُ ٱلْيَوْمَ، وَتَعَلَّمُوهَا وَٱحْتَرِزُوا لِتَعْمَلُوهَا».

دَعَا مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ ما يأتي وعظ مع تكرار ما تقدم في غير هذا السفر من أمور بني إسرائيل.

ٱلْفَرَائِضَ وَٱلأَحْكَامَ القوانين والمطاليب أو الوصايا من إيجابية وسلبية وأمر ونهي ولا سيما الوصايا العشر (انظر ص 6: 1).

2 «اَلرَّبُّ إِلٰهُنَا قَطَعَ مَعَنَا عَهْداً فِي حُورِيبَ».

خروج 19: 5 وص 4: 23

اَلرَّبُّ إِلٰهُنَا قَطَعَ مَعَنَا عَهْداً فِي حُورِيبَ المقصود بالعهد هنا الشريعة الموعود بحفظها ومراعاتها (انظر تفسر ع 6).

3 «لَيْسَ مَعَ آبَائِنَا قَطَعَ ٱلرَّبُّ هٰذَا ٱلْعَهْدَ، بَلْ مَعَنَا نَحْنُ ٱلَّذِينَ هُنَا ٱلْيَوْمَ جَمِيعُنَا أَحْيَاءٌ».

متّى 13: 17 وعبرانيين 8: 9

لَيْسَ مَعَ آبَائِنَا... بَلْ مَعَنَا أي ليس مع آبائنا فقط بل معنا أيضاً لأن العهد لم يكن لآبائنا إلا ليكون لأولادهم كما كان لهم. على أن كل من كان من الإسرائيليين يومئذ فوق سن الثانية والأربعين كان يستطيع أن يذكر أمور إعطاء الشريعة على طور سيناء.

4 «وَجْهاً لِوَجْهٍ تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مَعَنَا فِي ٱلْجَبَلِ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ».

خروج 19: 9 و19 و20: 22 وص 4: 33 و36 و34: 10

وَجْهاً لِوَجْهٍ تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مَعَنَا وإن لم نر شبهاً أو صورة (ص 4: 12) لكن بلغت كلمات الرب أسماعنا وأتى الصوت إليها من أمامنا. وعلى هذا قوله تعالى لهم «أَنْتُمْ رَأَيْتُمْ أَنَّنِي مِنَ ٱلسَّمَاءِ تَكَلَّمْتُ مَعَكُمْ» (خروج 20: 22).

5 «أَنَا كُنْتُ وَاقِفاً بَيْنَ ٱلرَّبِّ وَبَيْنَكُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ لِأُخْبِرَكُمْ بِكَلاَمِ ٱلرَّبِّ، لأَنَّكُمْ خِفْتُمْ مِنْ أَجْلِ ٱلنَّارِ وَلَمْ تَصْعَدُوا إِلَى ٱلْجَبَلِ. فَقَالَ».

خروج 20: 21 وغلاطية 3: 19 خروج 19: 16 و20: 18 و24: 2

أَنَا كُنْتُ وَاقِفاً بَيْنَ ٱلرَّبِّ وَبَيْنَكُمْ الخ فأتكلم عن اختبار بنفسي ولا أحتاج إلى شاهد بصدق دعواي لأنكم رأتيموني بأعينكم بينكم وبين ربي وربكم. والمقصود بقوله «خفتم من أجل النار» إنهم لم يصعدوا الجبل خشية من الله الذي تجلى لهم بالنار (انظر خروج ص 19).

6 «أَنَا هُوَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ ٱلَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ ٱلْعُبُودِيَّةِ».

خروج 20: 2 الخ ولاويين 26: 1 وص 6: 4 ومزمور 81: 10

أَنَا هُوَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ يجب أن لا يُنسى أن هذه الجملة جزء صحيح أصلي من وصايا الله العشر (وإن كان كالمقدمة لها) وإنها الجزء الأول من هذا العهد العظيم. وإعلان علاقة الرب بكل ما تتضمنه وتستلزمه وهي علاقة اختباره تعالى لإسرائيل وتبنيه إياه بالعهد والميثاق يفوق ويفضل كل مطاليب الشريعة. وعلى ذلك يظهر كل الظهور أن الشريعة عهد صحيح جلي وإن ذلك أول معانيها وأظهرها.

7 «لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي».

خروج 20: 3

لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي قوله «أمامي» يحرّم الشرك في كل مكان لأن الإنسان أين كان لا يخلو من أن يكون أمام الله تعالى في كل مكان ولا يحصره المكان. وما أحسن قول المرنم «أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ، وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ» (مزمور 139: 7). وهذا القول يستلزم استلزاماً بيّناً أن الأصنام حاجز بين الإنسان وخالقه تحجب عنه وجه الله ونوره وجماله وعظمته.

8، 9 «8 لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً صُورَةً مَا مِمَّا فِي ٱلسَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ وَمَا فِي ٱلْمَاءِ مِنْ تَحْتِ ٱلأَرْضِ. 9 لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ، لأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إِلٰهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ ٱلآبَاءِ فِي ٱلأَبْنَاءِ وَفِي ٱلْجِيلِ ٱلثَّالِثِ وَٱلرَّابِعِ مِنَ ٱلَّذِينَ يُبْغِضُونَنِي».

خروج 20: 4 خروج 34: 7

هاتان الآيتان تمنع عن عبادة الله بواسطة الصور والتماثيل على اختلاف أنواعها وصنوفها.

اَفْتَقِدُ ذُنُوبَ ٱلآبَاءِ فِي ٱلأَبْنَاءِ هذا لا يلزم منه أن الله يقاص الأبناء على ذنب الآباء فإن ذلك الافتقاد في من يبغضونه.

10 «وَأَصْنَعُ إِحْسَاناً إِلَى أُلُوفٍ مِنْ مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَايَ».

إرميا 32: 18 ودانيال 9: 4

مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَايَ لنا صدى هذه الوصية في قول المخلص «إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَٱحْفَظُوا وَصَايَايَ» (يوحنا 14: 15). والقاعدة في ذلك أن من يحب الله يحفظ وصاياه وإن من لا يحفظ وصاياه لا يحبه.

11 «لاَ تَنْطِقْ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ بَاطِلاً، لأَنَّ ٱلرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِٱسْمِهِ بَاطِلاً».

خروج 20: 7 ولاويين 19: 12 ومتّى 5: 33

لاَ تَنْطِقْ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ بَاطِلاً أي لا تلفظ اسم الرب عبثاً كأن تقسم به على الكذب أو تذكره في الحديث غير اللائق أو الأمور الدنيئة (كما يفعل أكثر الناس اليوم) فيجب على الإنسان أن يحترم اسم ربه ولا يفوه به إلا لسبب حق في مقام الخشية والاحترام.

12 - 15 «12 اِحْفَظْ يَوْمَ ٱلسَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ كَمَا أَوْصَاكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ. 13 سِتَّةَ أَيَّامٍ تَشْتَغِلُ وَتَعْمَلُ جَمِيعَ أَعْمَالِكَ، 14 وَأَمَّا ٱلْيَوْمُ ٱلسَّابِعُ فَسَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ، لاَ تَعْمَلْ فِيهِ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَٱبْنُكَ وَٱبْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَثَوْرُكَ وَحِمَارُكَ وَكُلُّ بَهَائِمِكَ وَنَزِيلُكَ ٱلَّذِي فِي أَبْوَابِكَ لِيَسْتَرِيحَ عَبْدُكَ وَأَمَتُكَ مِثْلَكَ. 15 وَٱذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْداً فِي أَرْضِ مِصْرَ فَأَخْرَجَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ مِنْ هُنَاكَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ. لأَجْلِ ذٰلِكَ أَوْصَاكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ أَنْ تَحْفَظَ يَوْمَ ٱلسَّبْتِ».

خروج 20: 8 خروج 23: 12 و35: 2 وحزقيال 20: 12 تكوين 2: 2 وخروج 16: 29 و30 وعبرانيين 4: 4 ص 15: 15 و16: 12 و24: 18 و22 ص 4: 34 و37

هذه الآيات كالآيات التي في الأصحاح العشرين من سفر الخروج إلا ذكر الثور والحمار في (ع 14) فإنهما لم يُذكرا في الوصية في سفر الخروج وذكرهما هنا مثالاً ولأنهما أكثر البهائم استخداماً. والعلة التي في مقدمة الوصية والخاتمة هنا غير العلة هناك فإن العلة هناك استراحة الرب من خلق العالمين وهنا الإخراج من مصر. ولا منافاة بين القولين لأن الوصية وُضعت لأسباب كثيرة منها السببان المذكوران فإن من أسبابها أيضاً نفع الإنسان الجسدي والتفرغ لمطالعة كتاب الله وعبادته الجمهورية والانفرادية. ولنا في التعليل هنا بالخروج بشرى إنجيلية سماها بعضهم ببشرى التثنية فإنها رمز إلى إخراج المسيح إيّانا من مصر الخطية وعبودية فرعون الأرواح النجسة فتحفظ الأحد تذكاراً لقيامته التي أخرجنا بها من ذلك.

ومما يستحق الاعتبار هنا إن الإسرائيليين أعلنوا أن الله منحهم سلطاناً على إجبار الأمم على حفظ السبت إذا كانوا غرباء داخل أبوابهم. والمقصود بهؤلاء الأمم هم الذين يهوّدون ويلتصقون بالإسرائيليين ويخدمون الرب وغيرهم (إشعياء 56: 6 و7). وقد أجرى الإسرائيليون ذلك فعلاً على غيرهم من غرباء الأمم (انظر نحميا 13: 16 - 21).

ولا اختلاف في معنى الوصية بين ما ذُكر هنا وما ذُكر في سفر الخروج (خروج 20: 9 و10) وندفع صعوبة الاختلاف في الصورة بأمرين:

الأول: إن الوصية نفسها لم تتغير (قابل ع 13 و14 بما في خروج 20: 9 و20).

الثاني: إن موسى بهذه الموعظة دعا الإسرائيليين إلى أن يسمعوا فرائض الرب وأحكامه باعتبار أنه الوسيط بينهم وبين الله على هذه الأرض فأوصاهم بما أعلن له الله وأجبرهم على حفظ ما أعلن له بمقتضى الإعلان والإرشاد إلى ما هو الأحسن.

16 «أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ كَمَا أَوْصَاكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، لِتَطُولَ أَيَّامُكَ، وَلِيَكُونَ لَكَ خَيْرٌ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

خروج 20: 12 ولاويين 19: 3 وص 27: 16 وأفسس 6: 2 و 3 وكولوسي 3: 20 ص 4: 40

يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ هذا أول وصية بوعد كما قال بولس الرسول (أفسس 6: 2 و3). وبيان هذا الوعد بالتفصيل في تفسير (ص 22: 7) وفيه كلام من التلمود.

17 - 20 «17 لاَ تَقْتُلْ، 18 وَلاَ تَزْنِ، 19 وَلاَ تَسْرِقْ، 20 وَلاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ».

خروج 20: 13 ومتّى 5: 21 خروج 20: 14 ولوقا 18: 20 ويعقوب 2: 11 خروج 20: 15 ورومية 13: 9 خروج 20: 16

كلمات هذه الوصايا الأربع على وفق كلماتها في سفر الخروج وتفسيرها هناك (خروج 20: 13 - 16).

21 «وَلاَ تَشْتَهِ ٱمْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ وَلاَ حَقْلَهُ وَلاَ عَبْدَهُ وَلاَ أَمَتَهُ وَلاَ ثَوْرَهُ وَلاَ حِمَارَهُ وَلاَ كُلَّ مَا لِقَرِيبِكَ».

خروج 20: 17 وميخا 2: 2 وحبقوق 2: 9 ولوقا 12: 15 ورومية 7: 7 و13: 9

وَلاَ حَقْلَهُ هذا لم يُذكر في هذه الوصية في سفر الخروج لأنه لم يكن الإسرائيليون حينئذ أصحاب حقول وأما الآن فكانوا على وشك أن يملكوا أرض كنعان ويكونوا كذلك فزاد المشترع هذا هنا بمقتضى وحي الله. ومن الزيادة هنا في هذه الوصية قوله «لا تشته» مرة ثانية منعاً للابتهاج بالشهوة وللشهوة عينها.

22 «هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ كَلَّمَ بِهَا ٱلرَّبُّ كُلَّ جَمَاعَتِكُمْ فِي ٱلْجَبَلِ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ وَٱلسَّحَابِ وَٱلضَّبَابِ، وَصَوْتٍ عَظِيمٍ وَلَمْ يَزِدْ. وَكَتَبَهَا عَلَى لَوْحَيْنِ مِنْ حَجَرٍ وَأَعْطَانِي إِيَّاهَا».

خروج 24: 12 و31: 18 وص 4: 13

وَلَمْ يَزِدْ اي لم يتكلم بشيء فوق الوصايا العشر لا أنه لم يزد شيئاً على كلماتها.

23، 24 «23 فَلَمَّا سَمِعْتُمُ ٱلصَّوْتَ مِنْ وَسَطِ ٱلظَّلاَمِ، وَٱلْجَبَلُ يَشْتَعِلُ بِٱلنَّارِ، تَقَدَّمْتُمْ إِلَيَّ، جَمِيعُ رُؤَسَاءِ أَسْبَاطِكُمْ وَشُيُوخُكُمْ 24 وَقُلْتُمْ: هُوَذَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا قَدْ أَرَانَا مَجْدَهُ وَعَظَمَتَهُ، وَسَمِعْنَا صَوْتَهُ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ. هٰذَا ٱلْيَوْمَ قَدْ رَأَيْنَا أَنَّ ٱللّٰهَ يُكَلِّمُ ٱلإِنْسَانَ وَيَحْيَا».

خروج 20: 18 و19 خروج 19: 19 ص 4: 33 وقضاة 13: 22

كان كلام الرؤساء والشيوخ هنا أطول وأكمل من كلامهم في سفر الخروج وأطاله المشترع وأكمله هنا ليتضح ويرسخ في أذهان الشعب.

25 «وَأَمَّا ٱلآنَ فَلِمَاذَا نَمُوتُ؟ لأَنَّ هٰذِهِ ٱلنَّارَ ٱلْعَظِيمَةَ تَأْكُلُنَا. إِنْ عُدْنَا نَسْمَعُ صَوْتَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا أَيْضاً نَمُوتُ!».

ص 18: 16

فَلِمَاذَا نَمُوتُ أُثير فيهم الخوف الغريزي من الموت بواسطة حضور الله ولا سيما إعلان شريعة الرب. وفي ذلك شهادة جلية بحقيقة أن الإنسان خُلق على صورة الله وشبهه ليحيا حياة مقدسة.

26، 27 «26 لأَنَّهُ مَنْ هُوَ مِنْ جَمِيعِ ٱلْبَشَرِ ٱلَّذِي سَمِعَ صَوْتَ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ يَتَكَلَّمُ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ مِثْلَنَا وَعَاشَ؟ 27 تَقَدَّمْ أَنْتَ وَٱسْمَعْ كُلَّ مَا يَقُولُ لَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا، وَكَلِّمْنَا بِكُلِّ مَا يُكَلِّمُكَ بِهِ ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا، فَنَسْمَعَ وَنَعْمَلَ».

ص 4: 33 خروج 20: 19 وعبرانيين 12: 19

لأَنَّهُ مَنْ هُوَ مِنْ جَمِيعِ ٱلْبَشَرِ ٱلَّذِي سَمِعَ الخ نُقل عن التلمود أن الله لما أعطى الشريعة سمعها كل أمة بلغتها. وفي هذا مشابهة بين ما أُعلن في سيناء وما أعلن في اليوم الخمسين إذ سمع الناس الرسل يتكلمون بألسنتهم بعظائم الله أي كل واحد سمع ذلك بلغته.

28 «فَسَمِعَ ٱلرَّبُّ صَوْتَ كَلاَمِكُمْ حِينَ كَلَّمْتُمُونِي وَقَالَ لِي ٱلرَّبُّ: سَمِعْتُ صَوْتَ كَلاَمِ هٰؤُلاَءِ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي كَلَّمُوكَ بِهِ. قَدْ أَحْسَنُوا فِي كُلِّ مَا تَكَلَّمُوا.

ص 18: 17

فَسَمِعَ ٱلرَّبُّ صَوْتَ كَلاَمِكُمْ لم يُذكر تفسير الله لكلام الشعب إلا في سفر التثنية ولكن البيان الكامل لذلك في (ص 18: 18 و19) ومقابلة ما هنا بما هناك فإنه يتبين بالمقابلة أن الوعد بنبي كموسى كان في هذا نفسه. قال المشترع هناك «قال لي الرب قد أحسنوا في ما تكلموا». «أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه». ومن عجيب العناية الإلهية أن الذي أعطى الشريعة من سيناء في «ضباب وظلام وزوبعة» في مثل ذلك اليوم عينه يعلن لشعبه تعليمه في النور. ويجب هنا أن لا ينسى أن «الذي صوته زعزع الأرض حينئذ» هو نفسه «الذي تكلم من السماء» الآن. وهو الذي كتب شريعته على القلب بإصبع روحه الروح القدس. وإن ملاك العهد والنبي الذي مثل موسى واحد. وإن الذي أعطى الناموس على سيناء هو الذي مات تحت الناموس على الجلجثة وأعد حفظها إلى الأبد أي حفظ كل الناموس عن المفديين.

29 «يَا لَيْتَ قَلْبَهُمْ كَانَ هٰكَذَا فِيهِمْ حَتَّى يَتَّقُونِي وَيَحْفَظُوا جَمِيعَ وَصَايَايَ كُلَّ ٱلأَيَّامِ، لِيَكُونَ لَهُمْ وَلأَوْلاَدِهِمْ خَيْرٌ إِلَى ٱلأَبَدِ».

ص 32: 29 ومزمور 81: 13 وإشعياء 48: 18 ومتّى 23: 37 ولوقا 19: 42 ص 11: 1 ص 4: 40

يَا لَيْتَ قَلْبَهُمْ كَانَ هٰكَذَا الخ إن من طلب هذا الطلب إجابة بقوله «أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي أَذْهَانِهِمْ، وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ» (عبرانيين 8: 10). إنهم احتاجوا إلى وسيط كموسى فكان ذلك الوسيط هو الذي قال «أحسنوا في ما تكلموا».

30 - 33 «30 اِذْهَبْ قُلْ لَهُمْ: ٱرْجِعُوا إِلَى خِيَامِكُمْ. 31 وَأَمَّا أَنْتَ فَقِفْ هُنَا مَعِي فَأُكَلِّمَكَ بِجَمِيعِ ٱلْوَصَايَا وَٱلْفَرَائِضِ وَٱلأَحْكَامِ ٱلَّتِي تُعَلِّمُهُمْ فَيَعْمَلُونَهَا فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنَا أُعْطِيهِمْ لِيَمْتَلِكُوهَا. 32 فَٱحْتَرِزُوا لِتَعْمَلُوا كَمَا أَمَرَكُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ. لاَ تَزِيغُوا يَمِيناً وَلاَ يَسَاراً. 33 فِي جَمِيعِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ تَسْلُكُونَ، لِتَحْيَوْا وَيَكُونَ لَكُمْ خَيْرٌ وَتُطِيلُوا ٱلأَيَّامَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي تَمْتَلِكُونَهَا».

غلاطية 3: 19 ص 17: 20 و28: 14 ويشوع 1: 7 و23: 6 وأمثال 4: 27 ص 10: 12 ومزمور 119: 6 وإرميا 7: 23 ولوقا 1: 6 ص 4: 40

ذُكر مثل هذا الكلام وفُسّر على أنه لا يكاد يحتاج إلى تفسير.

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ

الجزء الأول من تفسير الشريعة (ص 6 إلى 11)

1، 2 «1 وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْوَصَايَا وَٱلْفَرَائِضُ وَٱلأَحْكَامُ ٱلَّتِي أَمَرَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ لِتَعْمَلُوهَا فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا، 2 لِتَتَّقِيَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ وَتَحْفَظَ جَمِيعَ فَرَائِضِهِ وَوَصَايَاهُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا أَنْتَ وَٱبْنُكَ وَٱبْنُ ٱبْنِكَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ، وَلِتَطُولَ أَيَّامُكَ».

ص 4: 1 و5: 31 و12: 1 خروج 20: 20 وص 10: 12 و13 ومزمور 111: 10 و128: 1 وجامعة 12: 13 ص 4: 40 وأمثال 3: 1 و2

وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْوَصَايَا وَٱلْفَرَائِضُ وَٱلأَحْكَامُ ٱلَّتِي أَمَرَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ بعد أن أعاد موسى الوصايا العشر على مسامع الإسرائيليين أخذ يوضح المبادئ لسلوكهم في أرض الميعاد. والجزء الأول من ذلك يتعلق إجمالاً بنسبة إسرائيل إلى الرب الذي أخرجهم من أرض مصر وقادهم في البرية إلى أرض الموعد وآخر هذا الجزء الأصحاح الحادي عشر. والوصايا التي تليه خاصة وهي تتعلق بأرض إسرائيل بالنظر إلى أمرين الأول العبادة والثاني ملكوت الرب. لكن الخطاب كله من (ص 4: 44 إلى نهاية ص 26) خطبة واحدة. والمقصود بالوصايا العشر ومراعاتها في حياتهم اليومية وفيه أمران (1) فرائض الترتيب الديني. و(2) الأحكام أي المطاليب وهي قواعد السلوك الفعلية. والفرائض والأحكام في الأصل لشيء واحد والاختلاف اعتباري. فالفصح مثلاً ترتيب أو فريضة وقواعد حفظه أحكام أو مطاليب. وهذا الشيء الدائم يمكن أن تختلف أحكامه. فكان أكله في أول الأمر في حال الوقوف والسرعة ولكن لما استراح بنو إسرائيل في أرض ميراثهم أخذوا يأكلون الفصح متكئين غير مسرعين. وكانت الشرعية الأدبية كلها باقية ثابتة لكن أحكامها في الحياة الإسرائيلية كانت تختلف عن أحكامها عندنا. والوصية هنا على ما هو المعهود عند اليهود كلهم الواجب الديني أو العمل الصالح.

3 «فَٱسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ وَٱحْتَرِزْ لِتَعْمَلَ، لِيَكُونَ لَكَ خَيْرٌ وَتَكْثُرَ جِدّاً، كَمَا كَلَّمَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ آبَائِكَ فِي أَرْضٍ تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً».

تكوين 15: 5 و22: 17 خروج 3: 8

وَتَكْثُرَ جِدّاً... فِي أَرْضٍ الخ كانت إقامة إسرائيل بتلك الأرض وبقاؤهم فيها متوقفين كل التوقف على إتمام المقصد الذي جيء بهم إليها لإتمامه وهو اعتبار شريعة الرب والسير على سننها.

4 «إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ».

إشعياء 42: 8 ومرقس 12: 29 و32 ويوحنا 17: 3 و1كورنثوس 8: 4 و6

إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ الخ شهد المسيح بأن هذه الآية وما بعدهما هما الوصية الأولى والعظمى في الناموس. وفي التلمود أنه يجب أن تكون أول كلمات الإنسان صباحاً «اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد». وتوحيد الرب مناف لما ذهب إليه الأمم من تعدد الآلهة والأرباب وهذا التوحيد إسّ الدين اليهودي وهو لا ينافي إيمان المسيحيين بالتثليث لأنهم يؤمنون ويعبدون «إلهاً واحداً في الثالوث وثالوثاً في إله واحد». ومع أن هذا التثليث في كتاب العهد القديم لم يتضح كما يجب إلا في العهد الجديد حين أرسل الآب الابن ليخلّص العالم وأرسل كلاهما الروح القدس إلى الكنيسة.

5 «فَتُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ».

ص 10: 12 ومتّى 22: 37 ومرقس 12: 30 ولوقا 10: 27 و2ملوك 23: 25

مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ فسروا القلب هنا بالفكر والعواطف وقالوا لعل المقصود هنا أربعة القلب والعقل والنفس والقوة. والظاهر أن المقصود القوى العقلية والقوة الأدبية والقوى الجسدية. وقال بعض علماء اليهود قصد بكل القلب طبيعتي الإنسان الروحية والجسدية. وبكل النفس الحياة كلها. وبكل القوة الوسائل على اختلاف أنواعها ومن جملتها الأموال. وقال آخر بكل ما يمكن الإستعانة به. والخلاصة أنه يجب على كل إنسان أن يحب الله على قدر الاستطاعة الكاملة في كل الأحوال.

6 «وَلْتَكُنْ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ».

ص 11: 18 و32: 46 ومزمور 37: 31 و40: 8 و119: 11 و98 وأمثال 3: 3 وإشعياء 51: 7

عَلَى قَلْبِكَ كأنها مركز حياتك وأحسن ما يجب أن تحفظه وتذكره.

7 «وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلاَدِكَ، وَتَكَلَّمْ بِهَا حِينَ تَجْلِسُ فِي بَيْتِكَ وَحِينَ تَمْشِي فِي ٱلطَّرِيقِ وَحِينَ تَنَامُ وَحِينَ تَقُومُ».

ص 4: 9 و13: 19 ومزمور 78: 4 و5 و6 وأفسس 6: 4

قُصَّهَا أي اخبر بها. قال أحد مفسري اليهود لو حفظ الإسرائيليون هذه الوصية لكان تاريخهم غير تاريخ ما صاروا إليه.

8 «وَٱرْبُطْهَا عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ، وَلْتَكُنْ عَصَائِبَ بَيْنَ عَيْنَيْكَ».

خروج 13: 9 و16 وص 11: 18 وأمثال 3: 3 و6: 21 و7: 3

ٱرْبُطْهَا أخذ اليهود من هذه الآية استعمال ما يُعرف عندهم بالتفلين وهو أجزاء من الشريعة يربطونها على الرؤوس والأذرع وقت الصلاة.

9 «وَٱكْتُبْهَا عَلَى قَوَائِمِ أَبْوَابِ بَيْتِكَ وَعَلَى أَبْوَابِكَ».

ص 11: 20 وإشعياء 57: 8

وَٱكْتُبْهَا الخ لكي تراها في دخولك وخروجك ويراها كل من قرع بابك.

10 «وَمَتَى أَتَى بِكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي حَلَفَ لآبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ يُعْطِيَكَ، إِلَى مُدُنٍ عَظِيمَةٍ جَيِّدَةٍ لَمْ تَبْنِهَا».

يشوع 24: 13 ومزمور 115: 44

هذه الآية وما بعدها إلى نهاية الآية الثالثة عشرة تنبأ فيها موسى في نشيده بأن إسرائيل يرتكب ما نُهي عنه ويعصي ما أمر به كذلك وعلى ذلك قوله «فَسَمِنَ يَشُورُونَ وَرَفَسَ... فَرَفَضَ ٱلإِلٰهَ ٱلَّذِي عَمِلَهُ، وَغَبِيَ عَنْ صَخْرَةِ خَلاَصِهِ» (ص 32: 15).

11 «وَبُيُوتٍ مَمْلُوءَةٍ كُلَّ خَيْرٍ لَمْ تَمْلَأْهَا، وَآبَارٍ مَحْفُورَةٍ لَمْ تَحْفُرْهَا، وَكُرُومٍ وَزَيْتُونٍ لَمْ تَغْرِسْهَا وَأَكَلْتَ وَشَبِعْتَ».

ص 8: 10 الخ

كانت النافعات في هذه الآية مما صنعه وغرسه الأمم وغنمه الإسرائيليون.

12 «فَٱحْتَرِزْ لِئَلاَّ تَنْسَى ٱلرَّبَّ ٱلَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ ٱلْعُبُودِيَّةِ».

فَٱحْتَرِزْ هذا يستلزم أن الإنسان في طبيعته الفاسدة عرضة لأن ينسى الحسنات ولا يذكر إلا السيآت.

13 «ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ تَتَّقِي، وَإِيَّاهُ تَعْبُدُ، وَبِٱسْمِهِ تَحْلِفُ».

ص 10: 12 و 20 و13: 4 ومتّى 4: 10 ولوقا 4: 8 مزمور 63: 11 وإشعياء 45: 23 و65: 16 وإرميا 4: 2 و5: 7 و12: 16

ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ تَتَّقِي الخ أي لا يجوز أن تعبد سوى الله وأيد معنى هذه الآية وأوضحه ربنا يسوع المسيح بقوله «للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد». وأراد بقوله «وباسمه تحلف» إنه لا يجوز الحلف الشرعي بغير الله لأنه لا إله حق سواه وإنه لا يجوز ذكر الآلهة الباطلة إلا في معرض إبطالها. قال بعضهم إن الآباء الأولين لم يعرفوا هذه الوصية فإن لابان أقسم بآلهة ناحور لكن يعقوب أقسم بهيبة أبيه إسحاق (تكوين 31: 53). وخالف الإسرائيليون بعد ذلك هذه الوصية بدليل قوله تعالى «بَنُوكِ تَرَكُونِي وَحَلَفُوا بِمَا لَيْسَتْ آلِهَةً» (إرميا 5: 7).

14 «لاَ تَسِيرُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى مِنْ آلِهَةِ ٱلأُمَمِ ٱلَّتِي حَوْلَكُمْ».

ص 8: 19 و11: 28 وإرميا 25: 6 ص 13: 7

هذه الآية تقرير للوصية الأولى من الوصايا العشر وتذييل للآية التي قبلها أتى بها تقريراً وتمكيناً.

15 «لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ إِلٰهٌ غَيُورٌ فِي وَسَطِكُمْ، لِئَلاَّ يَحْمَى غَضَبُ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ عَلَيْكُمْ فَيُبِيدَكُمْ عَنْ وَجْهِ ٱلأَرْضِ».

خروج 20: 5 وص 4: 24 ص 7: 4 و11: 17

عَنْ وَجْهِ ٱلأَرْضِ أي يفنيكم بنار غيرته فتزولون من الأرض.

16 «لاَ تُجَرِّبُوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ كَمَا جَرَّبْتُمُوهُ فِي مَسَّةَ».

متّى 4: 7 ولوقا 4: 12 خروج 17: 2 و7 وعدد 20: 3 و4 و21: 4 و5 و1كورنثوس 10: 9

لاَ تُجَرِّبُوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ وفي اليونانية التي هي ترجمة السبعين «لا تجرب الرب إلهك» ومنها أخذ المسيح هذه الآية في رده على المجرّب (متّى ص 4 ولوقا ص 4).

كَمَا جَرَّبْتُمُوهُ فِي مَسَّةَ ولذلك سُميت مسّة أي تجربة وهي مكان في البرية سُمي أيضاً مريبة أي خصام (خروج 17: 7 ومزمور 95: 8). وكانت تجربتهم الرب في مسّة قولهم «أَفِي وَسَطِنَا ٱلرَّبُّ أَمْ لاَ» (خروج 17: 7). وعلى ذلك أبى ربنا أن يجرب الله أباه كما سأله الشيطان دفعاً لمظنة الريب وعصياناً للشيطان فلم يطرح نفسه من جناح الهيكل إلى أذرع الملائكة فأجابه بقوله «مكتوب لا تجرب الرب إلهك» فغلب الخصم القديم أما بنو إسرائيل فقد غلبهم الشيطان مراراً وحملهم على تجربة الرب إلههم.

17 «ٱحْفَظُوا وَصَايَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ وَشَهَادَاتِهِ وَفَرَائِضِهِ ٱلَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا».

ص 11: 13 و22 ومزمور 119: 4

ٱحْفَظُوا وَصَايَا ٱلرَّبِّ إن حفظ وصايا الرب هو دليل الطاعة والمحبة له.

18، 19 «18 وَٱعْمَلِ ٱلصَّالِحَ وَٱلْحَسَنَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ، لِيَكُونَ لَكَ خَيْرٌ، وَتَدْخُلَ وَتَمْتَلِكَ ٱلأَرْضَ ٱلْجَيِّدَةَ ٱلَّتِي حَلَفَ ٱلرَّبُّ لآبَائِكَ 19 أَنْ يَنْفِيَ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ مِنْ أَمَامِكَ. كَمَا تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ».

خروج 15: 26 وص 12: 28 و13: 18 عدد 33: 52 و53

وَٱعْمَلِ ٱلصَّالِحَ الخ إن الله من رحمته وجوده جعل الأعمال الصالحة مقياس الثواب مع أنها بذاتها ليست سوى ما يجب على العبد للرب. وكان شرط استيلاء إسرائيل على أرض كنعان الإيمان الذي تنشأ عنه الأعمال الصالحة فعلى قدر إتيان ذلك يسرعون وعلى قدر تركه يبطئون.

20 «إِذَا سَأَلَكَ ٱبْنُكَ غَداً: مَا هِيَ ٱلشَّهَادَاتُ وَٱلْفَرَائِضُ وَٱلأَحْكَامُ ٱلَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا؟».

خروج 13: 14

مَا هِيَ ٱلشَّهَادَاتُ وَٱلْفَرَائِضُ وَٱلأَحْكَامُ ذُكرت هذه الثلاثة أول مرة في مقدمة هذا الخطاب (ص 4: 45). فالتوراة أو الشريعة تشتمل على واجبات أو تكاليف وقوانين ومطاليب. والوصايا العشر نفسها التوراة الأولى والتكاليف تجمع الشهادات والفرائض والأحكام وهي كل ما في (ص 1 - ص 26).

21 - 24 «21 تَقُولُ لابْنِكَ: كُنَّا عَبِيداً لِفِرْعَوْنَ فِي مِصْرَ، فَأَخْرَجَنَا ٱلرَّبُّ مِنْ مِصْرَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ، 22 وَصَنَعَ ٱلرَّبُّ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ عَظِيمَةً وَرَدِيئَةً بِمِصْرَ، بِفِرْعَوْنَ وَجَمِيعِ بَيْتِهِ أَمَامَ أَعْيُنِنَا 23 وَأَخْرَجَنَا مِنْ هُنَاكَ لِيَأْتِيَ بِنَا وَيُعْطِيَنَا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي حَلَفَ لآبَائِنَا. 24 فَأَمَرَنَا ٱلرَّبُّ أَنْ نَعْمَلَ جَمِيعَ هٰذِهِ ٱلْفَرَائِضَ وَنَتَّقِيَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَنَا، لِيَكُونَ لَنَا خَيْرٌ كُلَّ ٱلأَيَّامِ، وَيَسْتَبْقِيَنَا كَمَا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

خروج 3: 19 و13: 3 خروج 7 إلى 12 ومزمور 135: 9 ع 2 ص 10: 13 وأيوب 35: 7 و8 وإرميا 32: 39 ص 4: 1 ومزمور 41: 2 ولوقا 10: 28

فَأَخْرَجَنَا ٱلرَّبُّ مِنْ مِصْرَ الخ إن التكاليف المذكورة كلها مبنية على رسالة الرب إلى إسرائيل من سيناء وهي قوله «أَنْتُمْ رَأَيْتُمْ مَا صَنَعْتُ بِٱلْمِصْرِيِّينَ. وَأَنَا حَمَلْتُكُمْ عَلَى أَجْنِحَةِ ٱلنُّسُورِ وَجِئْتُ بِكُمْ إِلَيَّ. فَٱلآنَ إِنْ سَمِعْتُمْ لِصَوْتِي وَحَفِظْتُمْ عَهْدِي تَكُونُونَ لِي خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ. فَإِنَّ لِي كُلَّ ٱلأَرْضِ. وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي مَمْلَكَةَ كَهَنَةٍ وَأُمَّةً مُقَدَّسَةً» (خروج 19: 4 - 6). فحفظ إسرائيل لوصايا الرب في الأرض التي أعطاهم إياها شرط بقائهم أمة. وهذا المبدأ الأساسي يجب أن يُحفظ ولا يُنسى والمعصية علّة النقمة الإلهية.

25 «وَإِنَّهُ يَكُونُ لَنَا بِرٌّ إِذَا حَفِظْنَا جَمِيعَ هٰذِهِ ٱلْوَصَايَا لِنَعْمَلَهَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا كَمَا أَوْصَانَا».

لاويين 18: 5 وص 24: 13 ورومية 10: 3 و5

وَإِنَّهُ يَكُونُ لَنَا بِرٌّ جاء في إحدى الترجمات «أنه يكون لنا استحقاق» وفي أخرى «إنه يكون لنا استحقاق على العالم». وفي الترجمة اليوناينة المنسوبة إلى السبعين «أنه يكون لنا حسنة» (أو صدقة) وكلها موافقة للبرّ.

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ

1 «مَتَى أَتَى بِكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا، وَطَرَدَ شُعُوباً كَثِيرَةً مِنْ أَمَامِكَ: ٱلْحِثِّيِّينَ وَٱلْجِرْجَاشِيِّينَ وَٱلأَمُورِيِّينَ وَٱلْكَنْعَانِيِّينَ وَٱلْفِرِزِّيِّينَ وَٱلْحِوِّيِّينَ وَٱلْيَبُوسِيِّينَ، سَبْعَ شُعُوبٍ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ»

ص 31: 3 ومزمور 44: 2 و3 تكوين 15: 19 الخ وخروج 33: 2 ص 4: 38 و9: 1

مَتَى أَتَى بِكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ اشتمل الأصحاح السابق على الوصايا العشر وحفظها محبة للرب ولكلمته وإيماناً بأنه إله إسرائيل. وهذا الأصحاح يُعتبر أنه بسط للوصية الأولى من تلك الوصايا وفيه عظة وتعليم وبيان لطريق معاملة الوثنيين في الانتصار عليهم والاستيلاء على أرضهم وتحذير من كل ما يؤدي بالإسرائيليين إلى البعد عن الرب. فهو كما أنه بسط للوصية الأولى إيضاح للوصية الثانية وذو علاقة شديدة بها.

2 - 4 «2 وَدَفَعَهُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ أَمَامَكَ، وَضَرَبْتَهُمْ، فَإِنَّكَ تُحَرِّمُهُمْ. لاَ تَقْطَعْ لَهُمْ عَهْداً، وَلاَ تُشْفِقْ عَلَيْهِمْ 3 وَلاَ تُصَاهِرْهُمْ. ٱبْنَتَكَ لاَ تُعْطِ لابْنِهِ وَٱبْنَتَهُ لاَ تَأْخُذْ لابْنِكَ. 4 لأَنَّهُ يَرُدُّ ٱبْنَكَ مِنْ وَرَائِي فَيَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى، فَيَحْمَى غَضَبُ ٱلرَّبِّ عَلَيْكُمْ وَيُهْلِكُكُمْ سَرِيعاً».

ع 23 وص 23: 14 لاويين 27: 28 و29 وعدد 33: 52 وص 20: 16 و17 ويشوع 6: 17 و8: 24 و9: 24 و10: 28 و40 و11: 11 و12 خروج 23: 32 و34: 13 و15 و16 وص 20: 10 الخ ويشوع 2: 14 و9: 18 وقضاة 1: 24 و2: 2 يشوع 23: 12 و1ملوك 11: 2 وعزرا 9: 2 ص 6: 15

دَفَعَهُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ أَمَامَكَ أي قواك عليهم لتدفعهم وتغلبهم.

تُحَرِّمُهُمْ أي تقتلهم وتفنيهم. وليس في هذا ما يُعترض به على الدين الإلهي بأنه يحلل قتل الخارجين عنه فإن الله أراد أن يهلك أولئك الأمم بواسطة إسرائيل وله أن يميت من شاء بالمرض أو بغيره. وكان الإسرائيليون مأمورون بذلك بدون أن يحل لهم أن يقتلوا غيرهم ولو كان دين الله يحلل قتل المخالف لهم بالدين لجاز لهم أن يقتلوا كل من ليس بيهودي. والواقع غير ذلك فالكتاب خال من ذلك وأمر الله هنا محصور بقتل من أراد إفناءهم. وما قيل على هؤلاء يُقال على الأمم الذين حاربهم موسى وقتلهم كعماليق وسيحون وعوج وغيرهم وعلى ما أتاه القضاة وداود في محاربة الفلسطينيين (2صموئيل 5: 19).

لاَ تَقْطَعْ لَهُمْ عَهْداً علة ذلك أنه لو اختلط الإسرائيليون بالوثنيين وحصل التزاوج بين الفريقين لانتهى امتياز الإسرائيليين عن سائر الأمم وفسد الدين الحق وفقد شعب الله البركات وكونهم آل الرب وصار الموحدون وثنيين. وكانت الغاية من تمييز اليهود عن سائر الشعوب رفع أعلام الدين السماوي وتمهيد السبيل للدين المسيحي وكل ذلك في خطر التشويش والفقدان باختلاط اليهود بالأمم.

5 «وَلٰكِنْ هٰكَذَا تَفْعَلُونَ بِهِمْ: تَهْدِمُونَ مَذَابِحَهُمْ، وَتُكَسِّرُونَ أَنْصَابَهُمْ، وَتُقَطِّعُونَ سَوَارِيَهُمْ، وَتُحْرِقُونَ تَمَاثِيلَهُمْ بِٱلنَّارِ».

خروج 13: 24 و34: 13 وص 12: 2 و3

تَهْدِمُونَ مَذَابِحَهُمْ التي يتركونها في الأرض التي تستولون عليها لكي لا تبقوا أثراً للعبادة الوثنية.

تُكَسِّرُونَ أَنْصَابَهُمْ الأنصاب أصنام غير ممثلة ولا منقوشة كانت الأمم تعبدها وكانت من معبودات جاهلية العرب أيضاً والظاهر أنها كانت مقطوعة من الصخر على غير هيئة الأعمدة. قال عديّ المعروف بالمهلهل:

Table 1. 

كلا وأنصاب لنا عاديةمعبودة قد قطعت تقطيعا    

وَتُقَطِّعُونَ سَوَارِيَهُمْ السواري الأعمدة المعبودة.

تَمَاثِيلَهُمْ هي الأنصاب الممثلة. وفعل داود مثل هذا بتماثيل الفلسطينيين (أيوب 14: 18 قابل بهذا إشعياء 37: 19).

6 «لأَنَّكَ أَنْتَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ. إِيَّاكَ قَدِ ٱخْتَارَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِتَكُونَ لَهُ شَعْباً أَخَصَّ مِنْ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ عَلَى وَجْهِ ٱلأَرْضِ».

خروج 19: 6 وص 14: 2 و26: 19 ومزمور 50: 5 وإرميا 2: 3 خروج 19: 5 وعاموس 3: 2 و1بطرس 2: 9

شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لا «أمة مقدسة» فقط كما جاء في سفر الخروج (خروج 19: 6) بل «شعب مقدس» أيضاً أي جمع من الناس يمتاز عن سائر البشر بتقديس الرب ولذلك حظر عليهم أن يختلطوا بغيرهم من الأمم ويشاركوهم في رجسهم وأن يدنوا من شيء يكرهه وإنهم لا يسيرون إلا على سنن وحيه.

شَعْباً أَخَصَّ أي خاصة لله من بين سائر الشعوب (خروج 19: 5 وملاخي 3: 17). وتطلق الخاصة في الكتاب المقدس على الثمينات المختارة (أيوب 29: 3 انظر أيضاً تثنية 14: 2 و26: 18 ومزمور 135: 4).

7 «لَيْسَ مِنْ كَوْنِكُمْ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ ٱلشُّعُوبِ ٱلْتَصَقَ ٱلرَّبُّ بِكُمْ وَٱخْتَارَكُمْ، لأَنَّكُمْ أَقَلُّ مِنْ سَائِرِ ٱلشُّعُوبِ».

ص 10: 22

لَيْسَ مِنْ كَوْنِكُمْ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ ٱلشُّعُوبِ... وَٱخْتَارَكُمْ كان الإسرائيليون في خطر أن يفتخروا بأن الله اختارهم لكونهم أمة أعظم من سائر الأمم فدفع تعالى ذلك الوهم بلسان موسى لكي يتضعوا ويعرفوا إحسان الرب إليهم.

لأَنَّكُمْ أَقَلُّ مِنْ سَائِرِ ٱلشُّعُوبِ فقوتكم ليست منكم بل من الله. فإن الموآبيين والعمونيين والإسماعليين والأدوميين مثل بني إسرائيل في كونهم من تارح لكن كل شعب منهم نما وزاد على الإسرائيليين الشعب المختار. فإن حفدة إبراهيم من إسماعيل كانوا اثني عشر ومثل هذا العدد من أولاد حفيده يعقوب ابن ابنه إسحاق. وكل من أدوم وموآب وعمون سبقوا إسرائيل إلى الانتصار على أرض كنعان والاستيلاء على كثير منها. وتوالت ملوك أدوم قبل أن عُرف ملك في إسرائيل (تكوين 36: 31). ولم يشتهر بنو إسرائيل اشتهار تلك الشعوب إلا حين اقترب أن يستولوا على أرض كنعان وقبل ذلك بقليل كانوا ينمون كثيراً في مصر. وقد أبان الكتاب المقدس صريحاً أن الله أنماهم بعناية خاصة (انظر أيضاً ص 10: 22 والتفسير).

8 «بَلْ مِنْ مَحَبَّةِ ٱلرَّبِّ إِيَّاكُمْ، وَحِفْظِهِ ٱلْقَسَمَ ٱلَّذِي أَقْسَمَ لآبَائِكُمْ، أَخْرَجَكُمُ ٱلرَّبُّ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَفَدَاكُمْ مِنْ بَيْتِ ٱلْعُبُودِيَّةِ مِنْ يَدِ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ».

خروج 32: 13 وص 10: 15 ومزمور 105: 8 و9 و10 ولوقا 1: 55 و72 و73 خروج 13: 3 و14

بَلْ مِنْ مَحَبَّةِ ٱلرَّبِّ إِيَّاكُمْ وهذه المحبة لم تكن لأمر في أنفسهم قد استحقوها (انظر ص 9: 4 الخ).

9 - 11 «9 فَٱعْلَمْ أَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ هُوَ ٱللّٰهُ، ٱلإِلٰهُ ٱلأَمِينُ، ٱلْحَافِظُ ٱلْعَهْدَ وَٱلإِحْسَانَ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ وَيَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ إِلَى أَلْفِ جِيلٍ، 10 وَٱلْمُجَازِي ٱلَّذِينَ يُبْغِضُونَهُ بِوُجُوهِهِمْ لِيُهْلِكَهُمْ. لاَ يُمْهِلُ مَنْ يُبْغِضُهُ. بِوَجْهِهِ يُجَازِيهِ. 11 فَٱحْفَظِ ٱلْوَصَايَا وَٱلْفَرَائِضَ وَٱلأَحْكَامَ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ ٱلْيَوْمَ لِتَعْمَلَهَا».

إشعياء 49: 7 و1كورنثوس 1: 9 و10: 13 و2كورنثوس 1: 18 و1تسالونيكي 5: 24 و2تسالونيكي 3: 3 و2تيموثاوس 2: 13 وعبرانيين 11: 11 و1يوحنا 1: 9 خروج 20: 6 وص 5: 10 ونحميا 1: 5 ودانيال 9: 4 إشعياء 59: 18 وناحوم 1: 2 ص 32: 35

هذه الآيات تفسير وإيضاح للوصية الثانية وبسط لها فالألوف من محبيه وحافظي وصاياه صاروا هنا «ألف جيل» وكذا الأمر في مبغضيه فلذا كان عليهم أن يحفظوا الوصايا.

12 «وَمِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ تَسْمَعُونَ هٰذِهِ ٱلأَحْكَامَ وَتَحْفَظُونَ وَتَعْمَلُونَهَا، يَحْفَظُ لَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ ٱلْعَهْدَ وَٱلإِحْسَانَ ٱللَّذَيْنِ أَقْسَمَ لآبَائِكَ».

لاويين 26: 3 وص 28: 1 مزمور 105: 8 و9 ولوقا 1: 55 و72 و73

هذه الآية بداءة القسم الثالث من أقسام سفر التثنية عند العبرانيين.

تَسْمَعُونَ (انظر تفسير ص 8: 19).

13 «وَيُحِبُّكَ وَيُبَارِكُكَ وَيُكَثِّرُكَ وَيُبَارِكُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ وَثَمَرَةَ أَرْضِكَ: قَمْحَكَ وَخَمْرَكَ وَزَيْتَكَ وَنِتَاجَ بَقَرِكَ وَإِنَاثَ غَنَمِكَ، عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَقْسَمَ لآبَائِكَ أَنَّهُ يُعْطِيكَ إِيَّاهَا».

يوحنا 14: 21 ص 28: 4

وَإِنَاثَ غَنَمِكَ لأنه على كثرة الإناث في الغنم تتوقف وفرة النسل واللبن.

14 «مُبَارَكاً تَكُونُ فَوْقَ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ. لاَ يَكُونُ عَقِيمٌ وَلاَ عَاقِرٌ فِيكَ وَلاَ فِي بَهَائِمِكَ».

خروج 23: 26 الخ

جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ أي كل الممالك والجماعات الممتازة.

15 «وَيَرُدُّ ٱلرَّبُّ عَنْكَ كُلَّ مَرَضٍ، وَكُلَّ أَدْوَاءِ مِصْرَ ٱلرَّدِيئَةِ ٱلَّتِي عَرَفْتَهَا لاَ يَضَعُهَا عَلَيْكَ، بَلْ يَجْعَلُهَا عَلَى كُلِّ مُبْغِضِيكَ».

خروج 9: 14 و15: 26 وص 28: 27 و60

كُلَّ أَدْوَاءِ مِصْرَ ٱلرَّدِيئَةِ الأدواء الأمراض ولم تُستعمل هذه الكلمة في غير سفر التثنية وتوقُف الصحة على حفظ الشريعة مما لا ريب فيه لأن الآثام والرذائل التي تنهي عنها من شر مجلبات الأمراض. وكانت الشريعة الموسوية صحيّة كما أنها أدبية في كثير من أمورها (انظر ص 28: 60).

16 «وَتَأْكُلُ كُلَّ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ يَدْفَعُ إِلَيْكَ. لاَ تُشْفِقْ عَيْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَعْبُدْ آلِهَتَهُمْ، لأَنَّ ذٰلِكَ شَرَكٌ لَكَ».

ع 2 ص 13: 7 و19: 13 و21 و25: 12 خروج 23: 33 وص 12: 30 وقضاة 8: 27 ومزمور 106: 36

تَأْكُلُ كُلَّ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ يَدْفَعُ إِلَيْكَ أي تفني كل من يدفعهم الرب إلهك إليك من الشعوب ويكون إفناؤك إياهم متى دفعهم إليك ووقت دفعهم إليك في يد الرب. وهذا يشبه قول كالب ويشوع «لاَ تَخَافُوا مِنْ شَعْبِ ٱلأَرْضِ لأَنَّهُمْ خُبْزُنَا. قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلُّهُمْ، وَٱلرَّبُّ مَعَنَا. لاَ تَخَافُوهُمْ» (عدد 14: 9).

17، 18 «17 إِنْ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: هٰؤُلاَءِ ٱلشُّعُوبُ أَكْثَرُ مِنِّي. كَيْفَ أَقْدِرُ أَنْ أَطْرُدَهُمْ؟ 18 فَلاَ تَخَفْ مِنْهُمُ. ٱذْكُرْ مَا فَعَلَهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ بِفِرْعَوْنَ وَبِجَمِيعِ ٱلْمِصْرِيِّينَ».

عدد 33: 53 ص 31: 6 ومزمور 105: 5

إِنْ قُلْتَ... فَلاَ تَخَفْ الخ إن الذي أنقذ إسرائيل من المصريين قادر أن يعينهم على الانتصار على أمم كثيرة ومن كان الرب معه فمن الجهل والخطية أن يخاف.

19 «ٱلتَّجَارِبَ ٱلْعَظِيمَةَ ٱلَّتِي أَبْصَرَتْهَا عَيْنَاكَ، وَٱلآيَاتِ وَٱلْعَجَائِبَ وَٱلْيَدَ ٱلشَّدِيدَةَ وَٱلذِّرَاعَ ٱلرَّفِيعَةَ ٱلَّتِي بِهَا أَخْرَجَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ. هٰكَذَا يَفْعَلُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ بِجَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّتِي أَنْتَ خَائِفٌ مِنْ وَجْهِهَا».

ص 4: 34 و29: 3

ٱلتَّجَارِبَ ٱلْعَظِيمَةَ كانت الآيات العظمى التي صنعها الله في مصر بيد موسى تجارب لفرعون لا ليخطأ إلى الله بل ليعرف قدرته وحقه ويؤمن به ويحسن إلى شعبه لكن فرعون تقسى مراراً حتى تركه الرب لقساوة قلبه وهذا معنى قول الكتاب «قسى الرب قلب فرعون».

20 «وَٱلزَّنَابِيرُ أَيْضاً يُرْسِلُهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَفْنَى ٱلْبَاقُونَ وَٱلْمُخْتَفُونَ مِنْ أَمَامِكَ».

خروج 23: 28 ويشوع 24: 12

ٱلزَّنَابِيرُ كانت الأرض تفيض لبناً وعسلاً وكل أرض شأنها كذلك تكثر الزنابير والنحل فيها على اختلاف صنوفها (انظر تفسير ص 1: 44).

21 - 23 «21 لاَ تَرْهَبْ وُجُوهَهُمْ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ فِي وَسَطِكَ إِلٰهٌ عَظِيمٌ وَمَخُوفٌ. 22 وَلٰكِنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ يَطْرُدُ هٰؤُلاَءِ ٱلشُّعُوبَ مِنْ أَمَامِكَ قَلِيلاً قَلِيلاً. لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُفْنِيَهُمْ سَرِيعاً، لِئَلاَّ تَكْثُرَ عَلَيْكَ وُحُوشُ ٱلْبَرِّيَّةِ. 23 وَيَدْفَعُهُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ أَمَامَكَ وَيُوقِعُ بِهِمِ ٱضْطِرَاباً عَظِيماً حَتَّى يَفْنُوا».

عدد 11: 20 و14: 9 و14 و42 و16: 3 ويشوع 3: 10 ص 10: 17 ونحميا 1: 5 و4: 14 و9: 32 خروج 23: 29 و30 ع 2

ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ يَطْرُدُ هٰؤُلاَءِ بقدرته المساعدة لك.

قَلِيلاً قَلِيلاً هذا نص على أن الله هو القاضي بكل أمور الأمم فما كان للإسرائيليين أن يفنوا الأمم الذين حولهم إلى أن يقضي بدفعهم إلى شعبه.

24 «وَيَدْفَعُ مُلُوكَهُمْ إِلَى يَدِكَ، فَتَمْحُو ٱسْمَهُمْ مِنْ تَحْتِ ٱلسَّمَاءِ. لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ حَتَّى تُفْنِيَهُمْ».

يشوع 10: 24 و25 و42 و12: 1 الخ خروج 17: 14 وص 9: 14 و25: 19 و9: 20 ص 11: 25 ويشوع 1: 5 و10: 8 و23: 9

يَدْفَعُ مُلُوكَهُمْ إِلَى يَدِكَ ففي سفر يشوع ما هو صريح بأنه كان في تلك الأرض ملوك كثيرة إذ كان لكل مدينة ملك وإن الإسرائيليين ضربوا واحداً وثلاثين ملكاً (يشوع ص 12).

لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ جدد هذا الوعد ليشوع بن نون (يشوع 1: 5) وتمّ لإسرائيل وهو قائد لهم (يشوع 20: 44).

25، 26 «25 وَتَمَاثِيلَ آلِهَتِهِمْ تُحْرِقُونَ بِٱلنَّارِ. لاَ تَشْتَهِ فِضَّةً وَلاَ ذَهَباً مِمَّا عَلَيْهَا لِتَأْخُذَ لَكَ، لِئَلاَّ تُصَادَ بِهِ لأَنَّهُ رِجْسٌ عِنْدَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ. 26 وَلاَ تُدْخِلْ رِجْساً إِلَى بَيْتِكَ لِئَلاَّ تَكُونَ مُحَرَّماً مِثْلَهُ. تَسْتَقْبِحُهُ وَتَكْرَهُهُ لأَنَّهُ مُحَرَّمٌ».

خروج 32: 20 وع 5 وص 12: 3 و1أيام 14: 12 يشوع 7: 1 و21 قضاة 8: 27 وصفنيا 1: 3 ص 17: 1 لاويين 27: 28 وص 13: 17 ويشوع 6: 17 و18 و7: 1

هاتان الآيتان تحذير من أمثال الخطية التي ارتكبها عاخان (يشوع 7: 21).

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ

1 «جَمِيعَ ٱلْوَصَايَا ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا ٱلْيَوْمَ تَحْفَظُونَ لِتَعْمَلُوهَا، لِتَحْيَوْا وَتَكْثُرُوا وَتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ لآبَائِكُمْ».

ص 4: 1 و5: 32 و33 و6: 1 و2 و3

جَمِيعَ ٱلْوَصَايَا كان الأولى أن تكون هذه الآية نهاية الأصحاح السابع والآية التي تليها بداءة هذا الأصحاح لأنها بداءة الكلام في موضوع جديد.

لِكي... تَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا هذا غير مقصور على عبورهم الأردن وانتصارهم بواسطة يشوع بل يعم ما بقي على إسرائيل أن يدخله ويمتلكه بعد إقامتهم بتلك الأرض (انظر يشوع 13: 1 و7 والتفسير).

تذكار الخروج

2 «وَتَتَذَكَّرُ كُلَّ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي فِيهَا سَارَ بِكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ هٰذِهِ ٱلأَرْبَعِينَ سَنَةً فِي ٱلْقَفْرِ، لِيُذِلَّكَ وَيُجَرِّبَكَ لِيَعْرِفَ مَا فِي قَلْبِكَ أَتَحْفَظُ وَصَايَاهُ أَمْ لاَ؟».

ص 1: 3 و2: 7 و29: 5 ومزمور 136: 16 وعاموس 2: 10 خروج 16: 4 وص 13: 3 و2أيام 33: 31 ويوحنا 2: 25

تَتَذَكَّرُ ما بقي من هذه الموعظة إلى نهاية ص 10 ينحصر في موضوع واحد وهو التذكار. وهو ذكر أمرين (1) قيادة الرب للإسرائيليين. و(2) عصيانهم السابق في البرية. وكان هذا التذكار موضوع للمرنم في المزمور الذي بعض آياته «ٱلَّذِي سَارَ بِشَعْبِهِ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ، لأَنَّ إِلَى ٱلأَبَدِ رَحْمَتَهُ» (مزمور 136: 16).

ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي فِيهَا سَارَ بِكَ ٱلرَّبُّ لا السفر فقط بل طريقه أي أسلوبه فإن السفر ليس سوى جزء من أسلوب عناية الرب بشعبه في البرية. وسُمي أسلوب السيرة المسيحية في سفر الأعمال بالطريق. ففي ذلك كله كان إسرائيل رمزاً إلينا.

لِيُذِلَّكَ وَيُجَرِّبَكَ كان السَفر إلى البرية وسيناء شغل ثلاثة أيام (خروج 3: 18) ويشغل أحد عشر يوماً من حوريب إلى قادش برنيع (تثنية 1: 2). فكان الله قادراً أن يأتي بإسرائيل من مصر إلى كنعان بزمن قليل. وكذا الأمر في طريق الخلاص فلا يستحيل على الله القادر على كل شيء أن يُخرج الإنسان سريعاً من الظلمات إلى المكان الذي ذهب المسيح أمامنا ليعده لنا لكن بذلك يُعدم ظهور سجية الإنسان بالامتحان والتربية ولا يُستطاع أن يجرب ويدرب على عبادة خالقه وفاديه ولا يكون من دليل على تدربه في عبادته تعالى ولا يتوصل إلى التواضع ومعرفة نفسه اللذَين يؤدي إليهما الامتحان فإن القائد إلى الخيرات أكثر من كل ما سواه معرفة الإنسان وهنه وضعفه إذ بذلك يلجأ إلى قدرة فاديه ويعرف صبره عليه وحبه له وكل ذلك يعلم من نبإ الخروج.

لِيَعْرِفَ مَا فِي قَلْبِكَ أي ليُظهر لك ما في قلبك بعلمه وإلا فالله عالم كل شيء فإن الهاوية والهلاك أمامه فكيف قلوب بني البشر. ولكن الله يظهر ما يعلمه بالامتحان لا لأجل نفسه بل لأجل مخلوقاته. وعلى مثل هذا ترك الرب حزقيا ليجربه ليعلم كل ما في قلبه (2أيام 32: 31). وهذا موافق لقول الرسول «لِكَيْ يُعَرَّفَ ٱلآنَ عِنْدَ ٱلرُّؤَسَاءِ وَٱلسَّلاَطِينِ فِي ٱلسَّمَاوِيَّاتِ بِوَاسِطَةِ ٱلْكَنِيسَةِ بِحِكْمَةِ ٱللّٰهِ» (أفسس 3: 10).

3 «فَأَذَلَّكَ وَأَجَاعَكَ وَأَطْعَمَكَ ٱلْمَنَّ ٱلَّذِي لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُهُ وَلاَ عَرَفَهُ آبَاؤُكَ، لِيُعَلِّمَكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِٱلْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا ٱلإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ ٱلرَّبِّ يَحْيَا ٱلإِنْسَانُ».

خروج 16: 2 و3 خروج 16: 12 و14 و35 مزمور 104: 29 ومتّى 4: 4 ولوقا 4: 4

فَأَذَلَّكَ وَأَجَاعَكَ وَأَطْعَمَكَ لم يأت الله ذلك إلا ليعرف الإنسان قدر نفسه فيحمله على التواضع والشعور بالافتقار ليعرف مقدار النعمة والإحسان وإلا فإن الله قادر على أن يعطيهم المن إلا في اليوم السادس عشر من الشهر الثاني لخروجهم من مصر (خروج 16: 1 و6 و7) فتركهم شهراً كاملاً يحتالون على إدراك الطعام حتى تيقنوا افتقارهم ورأوا مجد الرب في الطريق التي أطعمهم فيها. فمرّ عليهم تسع وثلاثون سنة وأحد عشر شهراً ولم يمسك المن عن أفواههم.

ٱلْمَنَّ ٱلَّذِي لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُهُ بدليل أنه لم يكن له اسم عندهم إلا بعد أن أعطوه (انظر تفسير خروج 16: 15). وكانوا يسمونه أيضاً خبز الله أو الخبز الذي أعطاه الله الإسرائيليين ليأكلوه.

لَيْسَ بِٱلْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا ٱلإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ ٱلرَّبِّ هذا على وفق ما في العهد الجديد أيضاً ففيه إن الحياة عمل إرادة الله. وقول المسيح «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي» (يوحنا 4: 34) فالخبز المادي من وسائط الحياة الثانوية فحياة الإنسان أن يعمل مشيئة الله. فالذي يعمل الوصايا يحيا بها والذي يعمل إرادة الله يثبت إلى الأبد.

وأحسن ما يتبين به نفع هذه الكلمات اقتباس المخلّص إياها واستعمالها في تجربة إبليس له (متّى 4: 4) فإن الروح قاده في البرية أربعين يوماً على وفق عدد السنين التي قاد الله فيها بني إسرائيل في البرية وكان يحيا بمجرد كلمة الله. فسأله المجرب في نهاية تلك الأيام أن يخلق من الحجارة خبزاً لكن المسيح كان قد تعلّم الدرس الذي تعلّمه إسرائيل فإنه مع احتماله ألم الجوع أخيراً رفض أن يحيا بكلمة نفسه دون كلمة الله وآثر كلمة أبيه على كلمة نفسه فجاءت ملائكة وأخذت تخدمه. ومما يستحق الاعتبار أن كل أجوبة مخلّصنا للمجرب كانت مقتبسة من موعظة موسى في الوصايا العشر.

4 «ثِيَابُكَ لَمْ تَبْلَ عَلَيْكَ، وَرِجْلُكَ لَمْ تَتَوَرَّمْ هٰذِهِ ٱلأَرْبَعِينَ سَنَةً».

ص 29: 5 ونحميا 9: 21

ثِيَابُكَ لَمْ تَبْلَ عَلَيْكَ قال مفسرو اليهود أن ثياب الإسرائيليين في مدة تيههم في البرية كانت تنمو على قدر نمو أجسامهم منذ الطفولة إلى كمال الرجولية ونحن لا نرى أن في ذلك معجزة بالضرورة على أننا نقول أن ما قالوه لا يستحيل على الله. ونرى أن المعنى أن الله كان يرشدهم بعنايته إلى صنع الثياب المناسبة لأحوالهم ولهم كل مدة تيههم في البرية كما علمهم أن ينسجوا ويصنعوا كل ما يحتاج فيه إلى الصناعة لإقامة خيمة الاجتماع التي هي مسكن الله كالهيكل. فقد جاء في نبوءة حزقيال «أَلْبَسْتُكِ مُطَرَّزَةً، وَنَعَلْتُكِ بِٱلتُّخَسِ، وَأَزَّرْتُكِ بِٱلْكَتَّانِ وَكَسَوْتُكِ بَزّاً» (حزقيال 16: 10). فيكون معنى «ثيابك لم تبل عليك» أنه تعالى كان يمكنهم من صنع الثياب الجديدة لأنفسهم قبل أن تبلى العتيقة.

رِجْلُكَ لَمْ تَتَوَرَّمْ إذ لم يتركك حافياً فأرشدك إلى صنع النعال الجديدة قبل أن تبلى القديمة. الخلاصة إن الله الرحيم حفظ الذين شاء إدخالهم أرض كنعان بالصحة وكل ما يحتاجون إليه في كل أسفارهم الشاقة في البرية. والله لا يزال يقود أولاده ويعتني بهم في تيه هذا العالم الشرير ويعد لهم كل ما يحتاجون إليه لحفظ صحتهم الروحية إلى أن يدخلهم كنعان السماوية. ولا ثيابنا تبلى إذا أعد لنا ثياب البر «الكتان النقي الذي هو بر القديسين» ولا يترك أقدامهم تتورم من الحفاء ومشقة السير. وهو القائل «وَأَمَّا مُنْتَظِرُو ٱلرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً... يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ، يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ» (إشعياء 40: 31).

5 «فَٱعْلَمْ فِي قَلْبِكَ أَنَّهُ كَمَا يُؤَدِّبُ ٱلإِنْسَانُ ٱبْنَهُ قَدْ أَدَّبَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

2صموئيل 7: 14 ومزمور 89: 32 وأمثال 3: 12 وعبرانيين 12: 5 و6 ورؤيا 3: 19

كَمَا يُؤَدِّبُ ٱلإِنْسَانُ ٱبْنَهُ هذا أساس أقوال كثيرة مثل الكلام هنا في الكتاب المقدس ومن ذلك «مَنْ أَحَبَّهُ (أي أحب ابنه) يَطْلُبُ لَهُ ٱلتَّأْدِيبَ» (أمثال 13: 24). أي يؤدبه منذ الصغر. والتأديب يشغل زماناً طويلاً فلا يكون في لحظة على أنه هو برهان على محبة الله لمن يؤدبه لأنه «من أحبه الرب يؤدبه» وإلا فلماذا يؤلمه بالتأديب.

6 «وَٱحْفَظْ وَصَايَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ لِتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ وَتَتَّقِيَهُ».

ص 5: 33

ٱحْفَظْ وَصَايَا ٱلرَّبِّ... لِتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ وَتَتَّقِيَهُ (يتوقف السلوك في طرق الرب وما يتصل به من التقوى على حفظ الوصايا لأن فيها معرفة تلك الطرق وحقيقة الاتقاء).

7 «لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ آتٍ بِكَ إِلَى أَرْضٍ جَيِّدَةٍ، أَرْضِ أَنْهَارٍ مِنْ عُيُونٍ وَغِمَارٍ تَنْبَعُ فِي ٱلْبِقَاعِ وَٱلْجِبَالِ».

ص 11: 10 و11 و12

لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ آتٍ بِكَ إِلَى أَرْضٍ جَيِّدَةٍ الوصف في هذه الآية وما يليها يلذ كثيراً لكن قد مضى ما كانت عليه في ذلك العهد منذ زمن طويل ومع هذا من رآها اليوم وهي في حال الخراب يرى من خصبها وطيب هوائها ومائها وجمالها ما يشهد له أصدق شهادة بصدق كلمة الله.

مِنْ عُيُونٍ وَغِمَارٍ الغمار هنا جمع غمرة وهي كثرة الماء الذي يجري من العيون إلى الأودية من السفوح كالمدافع والتلاع المعروفة عند المولدين بالشلالات.

8 «أَرْضِ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَكَرْمٍ وَتِينٍ وَرُمَّانٍ. أَرْضِ زَيْتُونِ زَيْتٍ، وَعَسَلٍ».

(ذكر في هذه الآية بعض صفات الأرض لا كلها واكتفى بما ذُكر لأنه يدل على ما لم يُذكر لزوماً لأن هذه الأرض إذا كانت كذلك فهي كثيرة المراعي والأزهار والبهائم كالبقر والغنم والمعزى والنحل وغيرها فهي أرض تفيض لبناً وعسلاً).

9 «أَرْضٌ لَيْسَ بِٱلْمَسْكَنَةِ تَأْكُلُ فِيهَا خُبْزاً، وَلاَ يُعْوِزُكَ فِيهَا شَيْءٌ. أَرْضٌ حِجَارَتُهَا حَدِيدٌ، وَمِنْ جِبَالِهَا تَحْفُرُ نُحَاساً».

ص 33: 25

حِجَارَتُهَا حَدِيدٌ، وَمِنْ جِبَالِهَا تَحْفُرُ نُحَاساً أي هي كثيرة هذين المعدنيين على أن الكتاب المقدس لم يذكر في جزئه التاريخي استخراج المعدنيات في أرض كنعان فاكتفى هنا بالإشارة إلى ذلك.

10 «فَمَتَى أَكَلْتَ وَشَبِعْتَ تُبَارِكُ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ لأَجْلِ ٱلأَرْضِ ٱلْجَيِّدَةِ ٱلَّتِي أَعْطَاكَ».

ص 6: 11 و12

جاء في التلمود بناء على هذه الآية أنه لا يجوز للإنسان أن يتناول شيئاً من خيرات الله بلا شكر وكل من أتى ذلك بدون شكر لله فهو عاص وكافر بنعمه تعالى.

11 «اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَنْسَى ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ وَلاَ تَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَفَرَائِضَهُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ».

اِحْتَرِزْ الكلام من هذه الآية إلى الآية الثامنة عشرة متصل في العبراني حتى كأنه جملة واحدة ويمكن أن يُقرأ هكذا احذر من أن تنسى الرب إلهك (حتى لا تحفظ الخ) وأن تأكل وتشبع (وأنت تبني الخ) ويرتفع قلبك وتنسى الرب (منقذك وقائدك وداعمك) وتقول في قلبك قوتي الخ واذكر الرب إلهك الذي أعطاك قوة لتغنى الخ. وهذا الكلام التحذيري نبوي فإنه «لَمَّا تَثَبَّتَتْ مَمْلَكَةُ رَحُبْعَامَ وَتَشَدَّدَتْ، تَرَكَ شَرِيعَةَ ٱلرَّبِّ هُوَ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ» (2أيام 12: 1). وإن عزيا «لَمَّا تَشَدَّدَ ٱرْتَفَعَ قَلْبُهُ إِلَى ٱلْهَلاَكِ وَخَانَ ٱلرَّبَّ» (2أيام 26: 16). وإن حزقيا «قَلْبَهُ ٱرْتَفَعَ، فَكَانَ غَضَبٌ عَلَيْهِ» (2أيام 32: 25). وأمثال ذلك كثيرة في الكتاب المقدس.

12 - 14 «12 لِئَلاَّ إِذَا أَكَلْتَ وَشَبِعْتَ وَبَنَيْتَ بُيُوتاً جَيِّدَةً وَسَكَنْتَ، 13 وَكَثُرَتْ بَقَرُكَ وَغَنَمُكَ، وَكَثُرَتْ لَكَ ٱلْفِضَّةُ وَٱلذَّهَبُ، وَكَثُرَ كُلُّ مَا لَكَ، 14 يَرْتَفِعُ قَلْبُكَ وَتَنْسَى ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ ٱلَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ ٱلْعُبُودِيَّةِ».

ص 28: 47 و32: 15 وأمثال 30: 9 وهوشع 13: 6 و1كورنثوس 4: 7 مزمور 106: 21

بَنَيْتَ بُيُوتاً جَيِّدَةً كان مما أوصى به ناداب أهل بيته قوله «ٱسْكُنُوا فِي ٱلْخِيَامِ كُلَّ أَيَّامِكُمْ لِتَحْيَوْا أَيَّاماً كَثِيرَةً عَلَى وَجْهِ ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتُمْ مُتَغَرِّبُونَ فِيهَا» (إرميا 35: 7).

15 «ٱلَّذِي سَارَ بِكَ فِي ٱلْقَفْرِ ٱلْعَظِيمِ ٱلْمَخُوفِ، مَكَانِ حَيَّاتٍ مُحْرِقَةٍ وَعَقَارِبَ وَعَطَشٍ حَيْثُ لَيْسَ مَاءٌ. ٱلَّذِي أَخْرَجَ لَكَ مَاءً مِنْ صَخْرَةِ ٱلصَّوَّانِ».

إشعياء 63: 12 و13 و14 وإرميا 2: 6 عدد 21: 6 وهوشع 13: 5 عدد 20: 11 ومزمور 78: 15 و114: 8

صَخْرَةِ ٱلصَّوَّانِ وذلك ليس من شأنه أن يخرج الماء منه (عدد 20: 11 ومزمور 78: 15 و114: 8).

16 - 19 «16 ٱلَّذِي أَطْعَمَكَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ ٱلْمَنَّ ٱلَّذِي لَمْ يَعْرِفْهُ آبَاؤُكَ، لِيُذِلَّكَ وَيُجَرِّبَكَ، لِيُحْسِنَ إِلَيْكَ فِي آخِرَتِكَ. 17 وَلِئَلاَّ تَقُولَ فِي قَلْبِكَ: قُوَّتِي وَقُدْرَةُ يَدِيَ ٱصْطَنَعَتْ لِي هٰذِهِ ٱلثَّرْوَةَ. 18 بَلِ ٱذْكُرِ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ، أَنَّهُ هُوَ ٱلَّذِي يُعْطِيكَ قُوَّةً لاصْطِنَاعِ ٱلثَّرْوَةِ، لِيَفِيَ بِعَهْدِهِ ٱلَّذِي أَقْسَمَ لآبَائِكَ كَمَا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ. 19 وَإِنْ نَسِيتَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ، وَذَهَبْتَ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدْتَهَا وَسَجَدْتَ لَهَا، أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ أَنَّكُمْ تَبِيدُونَ لاَ مَحَالَةَ».

خروج 16: 15 وع 3 إرميا 24: 5 و6 وعبرانيين 12: 11 ص 9: 4 و1كورنثوس 4: 7 أمثال 10: 22 وهوشع 2: 8 ص 7: 8 و12 ص 4: 26 و30: 18

في هذه الآيات بيان ما صنع الله من العظائم اعتناء بإسرائيل وما يترتب على نسيانه وعدم شكره من العقاب الشديد.

20 «كَٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ يُبِيدُهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ أَمَامِكُمْ كَذٰلِكَ تَبِيدُونَ، لأَجْلِ أَنَّكُمْ لَمْ تَسْمَعُوا لِقَوْلِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ».

دانيال 9: 11 و12

لأَجْلِ أَنَّكُمْ لَمْ تَسْمَعُوا أي لم تطيعوا.

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ

موعظة في تذكار خطايا الخروج

1 «إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ، أَنْتَ ٱلْيَوْمَ عَابِرٌ ٱلأُرْدُنَّ لِتَدْخُلَ وَتَمْتَلِكَ شُعُوباً أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ، وَمُدُناً عَظِيمَةً وَمُحَصَّنَةً إِلَى ٱلسَّمَاءِ».

ص 11: 31 ويشوع 3: 16 و4: 19 ص 4: 38 و7: 1 و11: 23 ص 1: 28

إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ هذا جزء جديد من الموعظة موضوعه أن بني إسرائيل لا يستولون على أرض كنعان بقوتهم واستحقاقهم بل بمقتضى مشيئة الرب واختياره.

أَنْتَ ٱلْيَوْمَ عَابِرٌ ٱلأُرْدُنَّ أي آخذ في أن تعبره أو على وشك ذلك.

شُعُوباً أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ وعلى ذلك أنت عاجز عن أن تغلبهم فالفضل في انتصارك عليهم للرب (انظر تفسير يشوع 5: 13 و14).

مُدُناً عَظِيمَةً وَمُحَصَّنَةً إِلَى ٱلسَّمَاءِ (قابل بهذا تكوين 9: 4). والمعنى أن تلك المدن ذات حصون حصينة رفيعة جداً. فبولس الرسول نظر إلى هذا حين قال «فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ... أَجْنَادِ ٱلشَّرِّ ٱلرُّوحِيَّةِ فِي ٱلسَّمَاوِيَّاتِ» (أفسس 6: 12).

2 «قَوْماً عِظَاماً وَطِوَالاً، بَنِي عَنَاقَ ٱلَّذِينَ عَرَفْتَهُمْ وَسَمِعْتَ: مَنْ يَقِفُ فِي وَجْهِ بَنِي عَنَاقَ؟».

عدد 13: 22 و28 و32 و33

ٱلَّذِينَ عَرَفْتَهُمْ من كلام الجواسيس الاثني عشر الذي رأوهم (عدد 13: 33). ولا شك أنهم كانوا يضربون المثل في قوة العناقيين بقولهم «من يستطيع أن يقف أمام بني عناق» وهو قول شاع بين العناقيين أنفسهم على ما يظن. والمعنى أنه لا تستطيع أمة أن تحارب العناقيين.

3 «فَٱعْلَمِ ٱلْيَوْمَ أَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ هُوَ ٱلْعَابِرُ أَمَامَكَ نَاراً آكِلَةً. هُوَ يُبِيدُهُمْ وَيُذِلُّهُمْ أَمَامَكَ، فَتَطْرُدُهُمْ وَتُهْلِكُهُمْ سَرِيعاً كَمَا كَلَّمَكَ ٱلرَّبُّ».

ص 31: 3 ويشوع 3: 11 ص 4: 24 وعبرانيين 12: 29 ص 7: 23 خروج 23: 31 وص 7: 24

فَٱعْلَمِ أي إذا ذكرت أن بني عناق الذين عرفتهم أقوى منك فاعلم أن الرب إلهك هو العابر أمامك نارا آكلة فلا يستطيع العناقيون أن يقفوا أمامها كما أنك لا تستطيع أن تقف أمامهم فهو الذي يهلكهم ويذلهم أمامك فتغلبهم وتفنيهم سريعاً كما كلمك الرب.

4 «لاَ تَقُلْ فِي قَلْبِكَ حِينَ يَنْفِيهِمِ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ مِنْ أَمَامِكَ: لأَجْلِ بِرِّي أَدْخَلَنِي ٱلرَّبُّ لأَمْتَلِكَ هٰذِهِ ٱلأَرْضَ. وَلأَجْلِ إِثْمِ هٰؤُلاَءِ ٱلشُّعُوبِ يَطْرُدُهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ أَمَامِكَ».

ص 8: 17 ورومية 11: 6 و20 و1كورنثوس 4: 4 و7 تكوين 15: 16 ولاويين 18: 24 و25 وص 18: 12

أي أن إهلاك أولئك الأمم واستيلاءك على أرضهم ليسا لأجل برّ بل لما في الآية التالية.

5 «لَيْسَ لأَجْلِ بِرِّكَ وَعَدَالَةِ قَلْبِكَ تَدْخُلُ لِتَمْتَلِكَ أَرْضَهُمْ، بَلْ لأَجْلِ إِثْمِ أُولَئِكَ ٱلشُّعُوبِ يَطْرُدُهُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ مِنْ أَمَامِكَ، وَلِيَفِيَ بِٱلْكَلاَمِ ٱلَّذِي أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ عَلَيْهِ لآبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ».

تيطس 3: 5 تكوين 12: 7 و13: 15 و15: 7 و17: 8 و26: 4 و28: 13

لَيْسَ لأَجْلِ بِرِّكَ... تَدْخُلُ إذ لا برّ لك ولأنك شعب عنيد (ع 6).

6 «فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لأَجْلِ بِرِّكَ يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ هٰذِهِ ٱلأَرْضَ ٱلْجَيِّدَةَ لِتَمْتَلِكَهَا، لأَنَّكَ شَعْبٌ صُلْبُ ٱلرَّقَبَةِ».

خروج 32: 9 و33: 3 و34: 9 وع 13

فَٱعْلَمْ كرر هذه الكلمة تعريضاً بشدة غفلة الإسرائيليين.

شَعْبٌ صُلْبُ ٱلرَّقَبَةِ أي عنيد مقاوم لا يخضع. قال بعضهم إن هذا المجاز مأخوذ عن الجمل أو غيره من حيوانات الحَمْل الذي لا يحفص رقبته عند تحميله لقوتها وصلابتها.

7 «اُذْكُرْ. لاَ تَنْسَ كَيْفَ أَسْخَطْتَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ. مِنَ ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي خَرَجْتَ فِيهِ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ حَتَّى أَتَيْتُمْ إِلَى هٰذَا ٱلْمَكَانِ كُنْتُمْ تُقَاوِمُونَ ٱلرَّبَّ».

خروج 14: 11 و16: 2 و17: 2 وعدد 11: 4 و20: 2 و25: 2 وص 31: 27

اُذْكُرْ ما ارتكبت من الإثم والمعصية والمرار التي هيجت غضب الله عليك مما هو أوضح برهان على أنك شعب صلب الرقبة وبعيد عن البر بالنظر إلى قلبك ونفسك.

تُقَاوِمُونَ ٱلرَّبَّ ما اكتفيتم بالعصيان حتى زدتم إثمكم بالمقاومة للرب.

8 «حَتَّى فِي حُورِيبَ أَسْخَطْتُمُ ٱلرَّبَّ، فَغَضِبَ ٱلرَّبُّ عَلَيْكُمْ لِيُبِيدَكُمْ».

خروج 32: 4 ومزمور 106: 19

حَتَّى فِي حُورِيبَ جبل الشريعة عينه خالفتم شريعة إلهكم وأسخطموه فكدتم تبادون بغضبه.

9 «حِينَ صَعِدْتُ إِلَى ٱلْجَبَلِ لآخُذَ لَوْحَيِ ٱلْحَجَرِ، لَوْحَيِ ٱلْعَهْدِ ٱلَّذِي قَطَعَهُ ٱلرَّبُّ مَعَكُمْ، أَقَمْتُ فِي ٱلْجَبَلِ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً لاَ آكُلُ خُبْزاً وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً».

خروج 24: 12 و15 خروج 24: 18 و34: 28

لاَ آكُلُ خُبْزاً وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً لم يُذكر هذا النبأ في سفر الخروج (ولعل يشوع صام معه لأنه كان معه وإن لم يُذكر هناك ولا هنا).

10، 11 «10 وَأَعْطَانِيَ ٱلرَّبُّ لَوْحَيِ ٱلْحَجَرِ ٱلْمَكْتُوبَيْنِ بِإِصْبِعِ ٱللّٰهِ، وَعَلَيْهِمَا مِثْلُ جَمِيعِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي كَلَّمَكُمْ بِهَا ٱلرَّبُّ فِي ٱلْجَبَلِ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ فِي يَوْمِ ٱلاجْتِمَاعِ. 11 وَفِي نِهَايَةِ ٱلأَرْبَعِينَ نَهَاراً وَٱلأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، لَمَّا أَعْطَانِيَ ٱلرَّبُّ لَوْحَيِ ٱلْحَجَرِ، لَوْحَيِ ٱلْعَهْدِ».

خروج 31: 18 خروج 19: 17 و20: 1 وص 4: 10 و10: 4 و18: 16

لَوْحَيِ ٱلْحَجَرِ إن موسى لم تكن له يد في نحت ذينك اللوحين كما لم تكن له يد في كتابتهما فهما صنع الله وكتابتهما كتابة الله (خروج 32: 16).

12 - 14 «12 قَالَ ٱلرَّبُّ لِي: قُمِ ٱنْزِلْ عَاجِلاً مِنْ هُنَا، لأَنَّهُ قَدْ فَسَدَ شَعْبُكَ ٱلَّذِي أَخْرَجْتَهُ مِنْ مِصْرَ. زَاغُوا سَرِيعاً عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي أَوْصَيْتُهُمْ. صَنَعُوا لأَنْفُسِهِمْ تِمْثَالاً مَسْبُوكاً. 13 وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِي: رَأَيْتُ هٰذَا ٱلشَّعْبَ وَإِذَا هُوَ شَعْبٌ صُلْبُ ٱلرَّقَبَةِ. 14 أُتْرُكْنِي فَأُبِيدَهُمْ وَأَمْحُوَ ٱسْمَهُمْ مِنْ تَحْتِ ٱلسَّمَاءِ، وَأَجْعَلَكَ شَعْباً أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ مِنْهُمْ».

خروج 32: 7 ص 31: 29 وقضاة 2: 17 خروج 32: 9 ع 6 وص 10: 16 و31: 27 و2ملوك 17: 14 خروج 32: 10 ص 29: 20 ومزمور 9: 5 و109: 13 عدد 14: 12

قُمِ ٱنْزِلْ الخ فصّل ما في هذه الآيات في (خروج 32: 7).

15 «فَٱنْصَرَفْتُ وَنَزَلْتُ مِنَ ٱلْجَبَلِ، وَٱلْجَبَلُ يَشْتَعِلُ بِٱلنَّارِ، وَلَوْحَا ٱلْعَهْدِ فِي يَدَيَّ».

خروج 32: 15 خروج 19: 18 وص 4: 11 و5: 23

فَٱنْصَرَفْتُ الخ (خروج 32: 15).

16 «فَنَظَرْتُ وَإِذَا أَنْتُمْ قَدْ أَخْطَأْتُمْ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ، وَصَنَعْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ عِجْلاً مَسْبُوكاً، وَزُغْتُمْ سَرِيعاً عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا ٱلرَّبُّ».

خروج 32: 19

زُغْتُمْ سَرِيعاً (خروج 32: 8) لا شيء من المحزنات مثل سرعة تحول القلب البشري عن الله بعد تأثره بصنيعه الصالح.

17 «فَأَخَذْتُ ٱللَّوْحَيْنِ وَطَرَحْتُهُمَا مِنْ يَدَيَّ وَكَسَّرْتُهُمَا أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ».

كَسَّرْتُهُمَا أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ لم يكسر موسى اللوحين إلا للضرورة فهو لم يقتصر على طرحهما بل كسرهما على مرآى منهم لأنهم كسروا ما عليهما من العهد. وإذا تأملنا في أن كسر اللوحين غير كسر الشريعة رأينا أن كسرهما كان ضرورياً لنجاة إسرائيل لأن قيمة اللوحين بحفظ ما عليهما من العهد وبنو إسرائيل لم يراعوا ذلك العهد فلم يبق من قيمة لهما أكثر من قيمة جزء من الحجارة. وفي هذا من الإنذار والتوبيخ لإسرائيل ما ليس في غيره فكأنهم بارتدادهم عن الله بعد أن عرفوا عهده قد محوا ما على ذينك اللوحين من كتابته تعالى. وفي سفر الخروج أن موسى أخذ خيمة الشهادة ونصبها خارج المحلة (خروج 33: 17) فأشار بذلك أن الله خرج من شعبه ففي الأمرين معنىً واحد وهو أن الله ترك شعبه لأنهم تركوه.

18 «ثُمَّ سَقَطْتُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ كَٱلأَوَّلِ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، لاَ آكُلُ خُبْزاً وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً، مِنْ أَجْلِ كُلِّ خَطَايَاكُمُ ٱلَّتِي أَخْطَأْتُمْ بِهَا بِعَمَلِكُمُ ٱلشَّرَّ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لإِغَاظَتِهِ».

خروج 34: 28 ومزمور 106: 23

ثُمَّ سَقَطْتُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ كَٱلأَوَّلِ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً كان موسى قد شفع فيهم في سيناء قبل أن نزل في اليوم الأربعين (خروج 32: 11 - 14) ثم شغل أربعين يوماً وأربعين ليلة بالشفاعة فيهم. ويجب أن نعلم أنه لم يشغل الأيام الأربعين الأولى بالشفاعة بل بقبول الإرشادات المتعلقة بالكهنوت ومشاهدة مثال الخيمة. وكان الكهنوت لم يُعط بني إسرائيل فإنه أعطوه بعد النزول الثاني من سيناء (انظر خروج 24: 18 - ص 31 و25: 1 الخ). وكان يشوع مدة الأربعين يوماً الأولى مع موسى في الجبل ولعله أخذه معه ليساعده على أخذ مثال الخيمة وفي الأربعين اليوم الثانية كان موسى وحده على الجبل.

19 «لأَنِّي فَزِعْتُ مِنَ ٱلْغَضَبِ وَٱلْغَيْظِ ٱلَّذِي سَخَطَهُ ٱلرَّبُّ عَلَيْكُمْ لِيُبِيدَكُمْ. فَسَمِعَ لِيَ ٱلرَّبُّ تِلْكَ ٱلْمَرَّةَ أَيْضاً».

خروج 32: 10 و11 خروج 32: 14 و33: 17 وص 10: 10 ومزمور 106: 23

لأَنِّي فَزِعْتُ وفي رسالة العبرانيين قال موسى «أنا مرتعب ومرتعد» (عبرانيين 12: 21).

20 «وَعَلَى هَارُونَ غَضِبَ ٱلرَّبُّ جِدّاً لِيُبِيدَهُ. فَصَلَّيْتُ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ هَارُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ».

فَصَلَّيْتُ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ هَارُونَ رأى مفسرو اليهود أن بعض علة فقدان هارون ابنيه غضب الله عليه حينئذ (لاويين 10: 1 و2).

21 «وَأَمَّا خَطِيَّتُكُمُ، ٱلْعِجْلُ ٱلَّذِي صَنَعْتُمُوهُ، فَأَخَذْتُهُ وَأَحْرَقْتُهُ بِٱلنَّارِ، وَرَضَضْتُهُ وَطَحَنْتُهُ جَيِّداً حَتَّى نَعِمَ كَٱلْغُبَارِ. ثُمَّ طَرَحْتُ غُبَارَهُ فِي ٱلنَّهْرِ ٱلْمُنْحَدِرِ مِنَ ٱلْجَبَلِ».

خروج 32: 20 وإشعياء 31: 7

وَأَمَّا خَطِيَّتُكُمُ، ٱلْعِجْلُ... طَرَحْتُ غُبَارَهُ فِي ٱلنَّهْرِ كان ذلك النهر المنحدر من صخرة حوريب فوق إن كان لهم ورداً حاملاً خطيتهم على مائه «والصخرة هي المسيح».

22 «وَفِي تَبْعِيرَةَ وَمَسَّةَ وَقَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ أَسْخَطْتُمُ ٱلرَّبَّ».

عدد 11: 1 و3 و5 خروج 17: 7 عدد 11: 4 و34

تَبْعِيرَةَ موضع في برية فاران (عدد 11: 3) وسُمي أيضاً قبروت هتأوة أي قبور الشهوة ومعنى تبعيرة اشتعال. وهي أول مكان ذُكر بعد رحيلهم من سيناء. وقال بعضهم أن تبعيرة وقبروت هتأوة مكانان مستقلان وإنهما متجاوران.

مَسَّةَ معنى مسّة تجربة وكان المشهد المذكور قبل الوصول إليها وكان سيناء مركز الإغاظة.

قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ أي قبور الشهوة وهي المحلة الأولى بعد سيناء ولم يتحقق أنهم حلُّوا تبعيرة (انظر عدد ص 11).

23 «وَحِينَ أَرْسَلَكُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ قَادِشَ بَرْنِيعَ قَائِلاً: ٱصْعَدُوا ٱمْتَلِكُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَعْطَيْتُكُمْ، عَصَيْتُمْ قَوْلَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ وَلَمْ تُصَدِّقُوهُ وَلَمْ تَسْمَعُوا لِقَوْلِهِ».

عدد 13: 3 و14: 1 مزمور 106: 24 و25

عَصَيْتُمْ قَوْلَ ٱلرَّبِّ وفي العبرانية «عصيتم فم الرب» أي أمره الذي نطق فمه به.

لَمْ تُصَدِّقُوهُ إذ شجعتم أن تصعدوا.

وَلَمْ تَسْمَعُوا لِقَوْلِهِ حين نهاكم (انظر تفسير ص 1: 32 و43).

24 «قَدْ كُنْتُمْ تَعْصُونَ ٱلرَّبَّ مُنْذُ يَوْمَ عَرَفْتُكُمْ».

ص 31: 27

هذا جانب من الحق والجانب الآخر هو ما وضعه الرب في فم بلعام وهو قوله «لم يبصر إثماً في يعقوب ولا رأى تعباً في إسرائيل» (انظر عدد 13: 21 والتفسير وانظر أيضاً تثنية 31: 16).

25 «فَسَقَطْتُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ ٱلأَرْبَعِينَ نَهَاراً وَٱلأَرْبَعِينَ لَيْلَةً ٱلَّتِي سَقَطْتُهَا، لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَالَ إِنَّهُ يُهْلِكُكُمْ».

ع 18

فَسَقَطْتُ الخ لأن الرب كان قد عزم على أن يهلكهم فشفعت بذلك فيكم.

26 «وَصَلَّيْتُ لِلرَّبِّ: يَا سَيِّدُ ٱلرَّبُّ، لاَ تُهْلِكْ شَعْبَكَ وَمِيرَاثَكَ ٱلَّذِي فَدَيْتَهُ بِعَظَمَتِكَ، ٱلَّذِي أَخْرَجْتَهُ مِنْ مِصْرَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ».

خروج 32: 11 الخ

وَصَلَّيْتُ لِلرَّبِّ الكلمات الآتية مثل الكلمات في (خروج 32: 11 - 13). ومما يستحق الاعتبار هنا أن موسى يشير بهذا إلى شفاعته في الشعب قبل أن نزل من سيناء بعد صعوده الأول إليه.

27، 28 «27 اُذْكُرْ عَبِيدَكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. لاَ تَلْتَفِتْ إِلَى غَلاَظَةِ هٰذَا ٱلشَّعْبِ وَإِثْمِهِ وَخَطِيَّتِهِ، 28 لِئَلاَّ تَقُولَ ٱلأَرْضُ ٱلَّتِي أَخْرَجْتَنَا مِنْهَا: لأَجْلِ أَنَّ ٱلرَّبَّ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُدْخِلَهُمُ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي كَلَّمَهُمْ عَنْهَا، وَلأَجْلِ أَنَّهُ أَبْغَضَهُمْ، أَخْرَجَهُمْ لِيُمِيتَهُمْ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ».

تكوين 41: 57 و1صموئيل 14: 25 خروج 32: 12 وعدد 14: 16

اُذْكُرْ عَبِيدَكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ الخ هذا نفسه في (خروج 32: 13) وقليل من هذه الكلمات فاه به موسى في الأيام الأربعين الثانية (خروج 34: 9).

29 «وَهُمْ شَعْبُكَ وَمِيرَاثُكَ ٱلَّذِي أَخْرَجْتَهُ بِقُوَّتِكَ ٱلْعَظِيمَةِ وَبِذِرَاعِكَ ٱلرَّفِيعَةِ».

ص 4: 20 و1ملوك 8: 51 ونحميا 1: 10 ومزمور 95: 7

شَعْبُكَ... ٱلَّذِي أَخْرَجْتَهُ وكذا جاء في (خروج 32: 11). ومما يستحق الالتفات إليه هنا قول الرب لموسى «قَدْ فَسَدَ شَعْبُكَ ٱلَّذِي أَصْعَدْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ» (خروج 32: 7) ثم قول موسى له «لِمَاذَا يَا رَبُّ يَحْمَى غَضَبُكَ عَلَى شَعْبِكَ ٱلَّذِي أَخْرَجْتَهُ» (خروج 32: 11).

اَلأَصْحَاحُ ٱلْعَاشِرُ

1 «فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ قَالَ لِيَ ٱلرَّبُّ: ٱنْحَتْ لَكَ لَوْحَيْنِ مِنْ حَجَرٍ مِثْلَ ٱلأَوَّلَيْنِ، وَٱصْعَدْ إِلَيَّ إِلَى ٱلْجَبَلِ، وَٱصْنَعْ لَكَ تَابُوتاً مِنْ خَشَبٍ».

خروج 34: 1 و2 خروج 25: 10

فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ قَالَ لِيَ ٱلرَّبُّ الأربعون يوماً التي هي أيام الشفاعة المذكورة في الأصحاح السابق كانت على أثر هذا الأمر (خروج 24: 1 و18).

ٱنْحَتْ لَكَ لَوْحَيْنِ مِنْ حَجَرٍ... وَٱصْنَعْ لَكَ تَابُوتاً أُمر بصنع التابوت قبل الأربعين يوماً (خروج 25: 10). وأُمر بنحت اللوحين بعد أن رأى مجد الله (خروج ص 33) من نقرة في الصخرة لكن قبل أن شغل الأربعين يوماً بالشفاعة. رأى راشي وهو أحد مفسري اليهود أنه كان عند الإسرائيليين تابوتان يخرجون بأحدهما إلى الحرب ويبقون الآخر في الخيمة لكن لا سند لهذا الرأي. وربما كان هنالك إناء وقتي للوحين من صنع موسى كالخيمة الوقتية المذكورة في (خروج 33: 7) كان يُحفظ اللوحين فيه إلى أن يكمل التابوت الذي كان بصلئيل يصنعه وهذا لم يكن قد تم إلا بعد أن نزل موسى باللوحين الثانيين (انظر خروج ص 25 الخ).

2 «فَأَكْتُبُ عَلَى ٱللَّوْحَيْنِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَى ٱللَّوْحَيْنِ ٱلأَوَّلَيْنِ ٱللَّذَيْنِ كَسَرْتَهُمَا، وَتَضَعُهُمَا فِي ٱلتَّابُوتِ».

خروج 25: 16 و21

فَأَكْتُبُ عَلَى ٱللَّوْحَيْنِ من الخطإ القول بأن موسى كتب الوصايا العشر على اللوحين الجديدين. وهذا الخطأ نشأ من توهم أن الضمير في قوله في سفر الخروج «فكتب» يرجع إلى موسى وهو يرجع إلى الرب (انظر خروج 34: 28 وقابل به خروج 34: 1). وبقي ان المعنى الروحي في ذلك هو أن لوحي الحجر يمثلان القلب البشري كما يعلمنا القديس بولس في (2كورنثوس 3: 2). وكان اللوحان الأولان يمثلان قلب آدم الذي خرج جديداً من يد صانعه وكلمات الشريعة مكتوبة عليه لكنهما أتلفا بالسقوط تحت جبل الشريعة والناسوت الذي صعد ليقبل الروح لنا كان قد أعده الوسيط على الأرض وهو «الإنسان الثاني» الذي قبل العهد الجديد «لا الحرف بل الروح» الذي وضع شريعة الله في ذهن الإنسان وكتبها على قلبه وجعله هيكل الله. فالتابوت والخيمة اللذان كانت الشريعة فيهما هما مثال هيكل الله البشري وقلب الإنسان الجديد.

3 «فَصَنَعْتُ تَابُوتاً مِنْ خَشَبِ ٱلسَّنْطِ، وَنَحَتُّ لَوْحَيْنِ مِنْ حَجَرٍ مِثْلَ ٱلأَوَّلَيْنِ، وَصَعِدْتُ إِلَى ٱلْجَبَلِ وَٱللَّوْحَانِ فِي يَدِي».

خروج 25: 5 و10 و37: 1 خروج 34: 4

ٱلسَّنْطِ شجرة عظيمة شائكة تُعصر منها الأقاقيا ويُستخرج منها القرظ وهو دبغ حسن تنبت في البرية حول بحر لوط وفي غور الأردن وبادية التيه وسيناء خشبها صلب ثقيل جداً كثير القوة طويل البقاء قلبه إلى السواد والحمرة وأوراقها ريشية مزدوجة وأزهارها صغيرة مجتمعة كأزهار العنبر الذي هو نوع من الجنس السنطي تحمل قروناً لولبية لكن أزهارها بيضاء وأزهار العنبر صفراء ويفرز من أغصانها الصمغ العربي المشهور.

4 «فَكَتَبَ عَلَى ٱللَّوْحَيْنِ مِثْلَ ٱلْكِتَابَةِ ٱلأُولَى، ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْعَشَرَ ٱلَّتِي كَلَّمَكُمْ بِهَا ٱلرَّبُّ فِي ٱلْجَبَلِ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ فِي يَوْمِ ٱلاجْتِمَاعِ، وَأَعْطَانِيَ ٱلرَّبُّ إِيَّاهَا».

خروج 34: 28 خروج 20: 1 خروج 19: 17 وص 9: 10 و18: 16

مِثْلَ ٱلْكِتَابَةِ ٱلأُولَى، ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْعَشَرَ أي أن الوصايا التي كتبها الله على اللوحين الجديدين هي الوصايا التي كتبها على اللوحين القديمين.

يَوْمِ ٱلاجْتِمَاعِ أو يوم الكنيسة على مصطلح العهد الجديد فإن اليوم الخمسين في العهد القديم هو اليوم الذي أُعطي فيه «الحرف» وإن اليوم الخمسين في العهد الجديد هو اليوم الذي أُعطي فيه «الروح المحيي» وكل من العهدين له كنيسة بحسبه.

5 «ثُمَّ ٱنْصَرَفْتُ وَنَزَلْتُ مِنَ ٱلْجَبَلِ وَوَضَعْتُ ٱللَّوْحَيْنِ فِي ٱلتَّابُوتِ ٱلَّذِي صَنَعْتُ، فَكَانَا هُنَاكَ كَمَا أَمَرَنِيَ ٱلرَّبُّ».

خروج 34: 29 خروج 40: 20 و1ملوك 8: 9

وَضَعْتُ ٱللَّوْحَيْنِ فِي ٱلتَّابُوتِ ٱلَّذِي صَنَعْتُ، فَكَانَا هُنَاكَ إنه يستفاد من نبإ الخروج أن التابوت صُنع بعد ذلك ويوفق بين النبأين بأن معنى قوله «صنعت» أمرت بأن يُصنع فإن موسى لم يصنع التابوت بل أمر بصلئيل بأن يصنعه على الصفة التي ذكرها له.

6 «وَبَنُو إِسْرَائِيلَ ٱرْتَحَلُوا مِنْ آبَارِ بَنِي يَعْقَانَ إِلَى مُوسِيرَ. هُنَاكَ مَاتَ هَارُونُ وَهُنَاكَ دُفِنَ. فَكَهَنَ أَلِعَازَارُ ٱبْنُهُ عِوَضاً عَنْهُ».

عدد 33: 31 عدد 33: 30 عدد 20: 28 و33: 38

آبَارِ بَنِي يَعْقَانَ اسم مكان رُجح أنه المكان المعروف بالماين وهو على غاية ستين ميلاً من غربي جبل حور.

مُوسِيرَ أي رباط. وذُكر هذا المكان في سفر العدد بالجمع العبراني أعني «مسيروت» أي رُبط وهو بعد حشمونة (عدد 33: 10 و 31). وكانت موسير في البلاد التي فيها جبل حور.

هُنَاكَ مَاتَ هَارُونُ وَهُنَاكَ دُفِنَ أي في موسير.

7 «مِنْ هُنَاكَ ٱرْتَحَلُوا إِلَى ٱلْجِدْجَادِ وَمِنَ ٱلْجِدْجَادِ إِلَى يُطْبَاتَ، أَرْضِ أَنْهَارِ مَاءٍ».

عدد 33: 32 و33

ٱلْجِدْجَادِ زعم بعضهم أنه وادٍ يُعرف اليوم بوادي الجدجودة أو الغدغودة وهو غربي العربة وظنه بعضهم حور الجدجاد.

يُطْبَاتَ محلة في غربي العربة معناها طيب.

وبقي هنا أن هذه الآية والتي قبلها أي الآيتين السادسة والسابعة من أصعب ما في كل سفر التثنية من الصعوبات ولولا علاقتها الروحية الحسنة بسياق الكلام لما وُجد من داع لذكرهما هنا. وفوق ذلك نقول إن نبأ موت هارون هنا يختلف عن النبإ الذي في سفر العدد وكذلك المحلات الأربع في سفر الإسرائيليين تختلف في الزمان عما في ذلك السفر (عدد 33: 31 - 34) فيحصل من ذلك ارتباك عظيم. وزادت نسخة الأسفار الخمسة السامرية الارتباك بإدخالها هنا المحلات المذكورة في (عدد 33: 34 - 37) بغية الموافقة بين النبأين. والترجمة اليونانية المعروفة بترجمة السبعين تؤيد الأصل العبراني في تينك الآيتين. والواقع أن دفن هارون ذُكر في هذا الموضع فقط. ويدل على أن الآيات في سفر التثنية ليست هي المذكورة في سفر العدد ويظهر لك الخلاف من جدول المقابلة الآتي.

الزمن الرابع للخروج (عدد 33: 30 - 33)

ارتحل بنو إسرائيل من حشمونة إلى مسيروت ومن مسيروت إلى بني يعقان ومن بني يعقان إلى حور الجدجاد ومن حور الجدجاد إلى يطبات وذكر ثلاث محلات بين يطبات وجبل خحور حيث مات هارون وهي عبرونة وعصيون جابر وقادش في الزمن الخامس للخروج في اليوم الأول من الشهر.

والزمن الرابع للخروج لم يُذكر تاريخه.

والزمن الخامس بداءته من موت مريم في قادش في اليوم الأول من السنة الأربعين للخروج (عدد 20: 1).

الزمن الخامس للخروج (تثنية 10: 6 و7)

ارتحل بنو إسرائيل من آبار بني يعقان إلى موسير (حيث مات هارون ودُفن) ومن موسير إلى الجدجاد ومن الجدجاد إلى يطبات أرض أنهر الماء وموسير مفرد ومسيروت جمع. ومعنى حور الجدجاد جبل جدجاد وهو يختلف عن الجدجود بالحركة (أو حرف العلة) ومعنى الجدجودة جوار الجدجود أو الجدجاد. والجدجاد ويطبات كلاهما في سفر العدد والتثنية في السبعينية. وسُميت بأسماء أخرى مع شيء من الاختلاف في اللفظ.

والأماكن لم تذكر على ترتيب واحد في السفرين والاختلاف في صور الكلمات يدل على إن ما في سفر التثنية غير منقول عما في سفر العدد والمواقع الأربعة مجهولة اليوم. والزيادة في سفر التثنية تنبه على علة أن الإسرائيليين كرروا النزول في مكانين من الأمكنة الأربعة. وهي كون الماء في آبار بني يعقان وفي يطبات «أرض أنهر الماء».

ورجوع بني إسرائيل في الزمن الأخير من أزمنة الخروج إلى تلك الأماكن مما يستحق الاعتبار هنا فقد أخبرنا الكتاب أنهم اضطروا قرب زمن موت هارون إلى الرحيل من جبل هور إلى أرض أدوم ولم يسمح لهم الأدوميون أن يجتازوا (عدد 21: 4 و20: 21). والرجوع إلى المحلات السابقة زاد مشقة الشعب وعذابه «فضاقت نفس الشعب في الطريق» وإذا سافروا في طريق مختلفة اقتضت الضرورة عكس ترتيب الأماكن وما كان من الضروري أن ينزلوا حيث نزلوا في السفر الأول. فإنه لم يُذكر أنهم سافروا من أحدها إلى الآخر فلا سبب لأن يُقال هنا لماذا لم تُسم أرض جبل حور موسير أو موسيروت. وربما سمى موسى بعض المواضع أسماء جديدة اقتضتها الحال كما سمى غيرها على ما عُرف في سفر الخروج مثل مريبة وقبروت هتأوة.

وبقي ما يحملنا على الحكم بسبب خاص لجعل عدد رحلات بني إسرائيل في سفر العدد اثنين وأربعين (عدد ص 32) كجعل متّى الأجيال كذلك (متّى ص 1) مع أنه ترك ثلاثة منها. ولذلك لا نعجب من ذكر الأماكن المتروكة في هذه القائمة في موضع آخر. ولم يُذكر في سفر العدد السير إلى المكان الواحد مرتين مع أن بني إسرائيل كانوا مرتين في قادش على سبيل التحقيق (لأنه ليس في عدد 23: 26 و20: 1 من إشارة إلى وحدة الزمان وإن وحدة الزمان فيها مما لا يمكن ويرجح أنهم كانوا مرتين في عدة أماكن غير قادش).

والصعوبة الحقيقية ليست في الواقعات المحكية في (تثنية 10: 6 و7) بل في هذه المسئلة وهي لماذا قُصت هنا ثم أنها قُصت بضمير الغيبة هنا وفي سائر أجزاء السفر بضمير المتكلم (تثنية 1: 19 و25: 1 و8 و13 و3: 1 و26). فقارئ سفر التثنية الذي لم يعهد الكتب السابقة يتوهم أن بني إسرائيل سافروا في وقت هذا الخطاب لكن بعد إمعان النظر يتبين إن الآية تشير إلى وقت سبق وقت هذا السفر لكنه كان بعد الحوادث المحكية في (ص 10: 5 و8).

وهاتان الآيتان بالنظر إلى صورتهما يتدرجان في القسم التاريخي من هذا السفر فإن بعضه تاريخي وبعضه وعظي وإنهما لم يذكرا في موضعهما إلا لما فيهما من المعنى الروحي كما ذُكر آنفاً وإن الروحيات كانت حينئذ في ذهن موسى شبيه سلسلة ما في هاتين الآيتين بعض حلقاتها وبهذا يُدفع الإشكال كله. فموت رئيس كهنة إسرائيل الذي هو هارون أول رؤساء الكهنة له علاقة روحية بكسر لوحي الشريعة الأولين ولكليهما علاقة بموت الحبر الأعظم السماوي الذي مات عنا وحررنا من شريعة اللوحين فكأنه كسرهما بمعنى أن خلاصنا لا يتوقف على تمام قيامنا بالوصايا. وقام نائبنا الكاهن الأعظم بعد موته كاهناً آخر لا حسب شريعة الوصية الجسدية بل حسب قوة الحياة التي لا نهاية لها. وهذا يتعلق بما سبق فإن فرز سبط لاوي «ليحمل تابوت عهد الرب» أي ليحمل ثقل الشريعة هو الشيء الواحد بصورة أخرى فإن ذلك عراهم من الميراث الأرضي كما أن نائبنا الكاهن الآعظم بذل نفسه تقدمة وذبيحة لله «وحياته أُخذت من الأرض». وبقي فوق ذلك أن لأسماء الأماكن في هذا الاعتبار معنىً روحياً فمن «آبار الماء» آبار بني يعقان (اعوجاج) شرع شعب الله في السفر إلى مشهد موت الكاهن الأعظم ومن ثم إلى حور الجدجاد أو الجدحود جبل الجيش أو الكتيبة (سيناء هو جبل الجماعة في العهد القديم وهو صهيون في العهد الجديد). ومن ثم إلى أرض أنهار ماء. وهو صورة أخرى للسير من آبار الشريعة إلى أنهار ماء الحياة المفتوحة ينابيعه بالإنجيل لكن يجب أن نمر على طريق صليب المسيح.

8 «فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ أَفْرَزَ ٱلرَّبُّ سِبْطَ لاَوِي لِيَحْمِلُوا تَابُوتَ عَهْدِ ٱلرَّبِّ، وَلِيَقِفُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ لِيَخْدِمُوهُ وَيُبَارِكُوا بِٱسْمِهِ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

عدد 3: 6 و4: 4 و8: 14 و16: 9 عدد 4: 15 ص 18: 5 لاويين 9: 22 عدد 6: 23 وص 21: 5

فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ أي حين كانوا في سيناء بعد نزول موسى الثاني من الجبل على أن موت هارون وفرز سبط لاوي حادثتان متشابهتان في طريقهم فكلاهما خسران الميراث الأرض بحمل أثقال الشريعة.

لِيَحْمِلُوا تَابُوتَ عَهْدِ ٱلرَّبِّ، وَلِيَقِفُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ لِيَخْدِمُوهُ وَيُبَارِكُوا بِٱسْمِهِ قام هنا اعتراض على أن كاتب سفر التثنية لم يعرف التمييز بين اللاويين والكهنة (وهذا لا يلزم من نص الآية) وسيأتي البيان في التفسير (انظر تفسير ص 11: 6) وأصاب راشي أحد مفسري اليهود بقوله «ليحمل اللاويون تابوت عهد الرب ويقف الكهنة أمام الرب ويباركوا باسمه».

9 «لأَجْلِ ذٰلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلاَوِي قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَ إِخْوَتِهِ. ٱلرَّبُّ هُوَ نَصِيبُهُ كَمَا كَلَّمَهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

عدد 18: 20 و24 وص 18: 1 و2 وحزقيال 44: 28

ٱلرَّبُّ هُوَ نَصِيبُهُ لأنه كان نصيب هارون أخي موسى الذي كان قد اختاره لنفسه حينئذ وقد أشار موسى إلى وفاته.

10 «وَأَنَا مَكَثْتُ فِي ٱلْجَبَلِ كَٱلأَيَّامِ ٱلأُولَى، أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَسَمِعَ ٱلرَّبُّ لِي تِلْكَ ٱلْمَرَّةَ أَيْضاً، وَلَمْ يَشَإِ ٱلرَّبُّ أَنْ يُهْلِكَكَ».

خروج 34: 28 وص 9: 18 و25 خروج 32: 14 و33 و34 و33: 17 وص 9: 19

(شغل موسى هذه الأيام بالشفاعة في بني إسرائيل ولم ينسب عفو الرب عنهم إلى شفاعته فيهم بل إلى مشيئته تعالى).

11 «ثُمَّ قَالَ لِيَ ٱلرَّبُّ: قُمِ ٱذْهَبْ لِلارْتِحَالِ أَمَامَ ٱلشَّعْبِ فَيَدْخُلُوا وَيَمْتَلِكُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي حَلَفْتُ لآبَائِهِمْ أَنْ أُعْطِيَهُمْ».

خروج 32: 34 و33: 1

قَالَ لِيَ ٱلرَّبُّ: قُمِ ٱذْهَبْ لِلارْتِحَالِ أَمَامَ ٱلشَّعْبِ هذا مع أنكم كنتم قد تركتموه وعبدتم العجل.

12 - 14 «12 فَٱلآنَ يَا إِسْرَائِيلُ مَاذَا يَطْلُبُ مِنْكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إِلاَّ أَنْ تَتَّقِيَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ لِتَسْلُكَ فِي كُلِّ طُرُقِهِ، وَتُحِبَّهُ، وَتَعْبُدَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، 13 وَتَحْفَظَ وَصَايَا ٱلرَّبِّ وَفَرَائِضَهُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ لِخَيْرِكَ. 14 هُوَذَا لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ ٱلسَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضُ وَكُلُّ مَا فِيهَا».

ميخا 6: 8 ص 6: 13 ص 5: 33 ص 6: 5 و11: 13 و30: 16 و20 ومتّى 22: 37 ص 6: 24 و1ملوك 8: 27 ومزمور 15: 16 و148: 4 تكوين 14: 19 وخروج 19: 5 ومزمور 24: 1

فَٱلآنَ يَا إِسْرَائِيلُ مَاذَا يَطْلُبُ مِنْكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إنك بعدما ارتكبت كل تلك الآثام والمعاصي لم يزل يرحمك ويشفق عليك ومع هذا كله خطئت أمامه وهو لا يطلب منك الآن إلا أن تخشاه الخ (كذا قال راشي). واستنتج الربانيون من هذا قولهم «كل شيء في يد الرب (فيمنحه) إلا تقوى الرب» أي فهي مما يجب على الإنسان أن يقوم به. لكن ينافي قاعدتهم هذه قوله تعالى «أَجْعَلُ مَخَافَتِي فِي قُلُوبِهِمْ فَلاَ يَحِيدُونَ عَنِّي» (إرميا 32: 40 قابل أيضاً بما في ميخا 6: 8 متّى 23: 23).

15 «وَلٰكِنَّ ٱلرَّبَّ إِنَّمَا ٱلْتَصَقَ بِآبَائِكَ لِيُحِبَّهُمْ، فَٱخْتَارَ مِنْ بَعْدِهِمْ نَسْلَهُمُ ٱلَّذِي هُوَ أَنْتُمْ فَوْقَ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ كَمَا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

ص 4: 37

وَلٰكِنَّ ٱلرَّبَّ إِنَّمَا ٱلْتَصَقَ إن كل العالمين للرب ومع هذا اختار آباءك على كل شعب.

16 «فَٱخْتِنُوا غُرْلَةَ قُلُوبِكُمْ، وَلاَ تُصَلِّبُوا رِقَابَكُمْ بَعْدُ».

لاويين 26: 41 وص 30: 6 وإرميا 4: 4 ورومية 2: 28 و29 وكولوسي 2: 11 ص 9: 6 و13

فَٱخْتِنُوا غُرْلَةَ قُلُوبِكُمْ إن الختان هو ختان القلب في الروح لا بالحرف (رومية 2: 29) ومعنى الآية طهروا قلوبكم وأطيعوا. وهذا كقول الرسول «ٱسْلُكُوا بِٱلرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ ٱلْجَسَدِ» (غلاطية 5: 16).

17 «لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ هُوَ إِلٰهُ ٱلآلِهَةِ وَرَبُّ ٱلأَرْبَابِ، ٱلإِلٰهُ ٱلْعَظِيمُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمَهِيبُ ٱلَّذِي لاَ يَأْخُذُ بِٱلْوُجُوهِ وَلاَ يَقْبَلُ رَشْوَةً».

يشوع 22: 22 ومزمور 136: 2 ودانيال 2: 47 و11: 36 رؤيا 17: 14 و19: 16 ص 7: 21 و2أيام 34: 19 وأعمال 10: 34 ورومية 2: 11 وغلاطية 2: 6 وأفسس 6: 8 وكولوسي 3: 25 و1بطرس 1: 17

ٱلإِلٰهُ ٱلْعَظِيمُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمَهِيبُ ومع هذا يتنازل إلى صنع الحق لليتيم والأرملة ويعطي الغريب طعاماً ولباساً (ع 18) ويشفي انكسار القلوب ويعصب جراحها.

18 «ٱلصَّانِعُ حَقَّ ٱلْيَتِيمِ وَٱلأَرْمَلَةِ، وَٱلْمُحِبُّ ٱلْغَرِيبَ لِيُعْطِيَهُ طَعَاماً وَلِبَاساً».

مزمور 68: 5 و146: 9

ٱلْمُحِبُّ ٱلْغَرِيبَ لِيُعْطِيَهُ طَعَاماً وَلِبَاساً هذا جُمع كله في قول أبينا يعقوب «إِنْ كَانَ ٱللّٰهُ مَعِي... وَأَعْطَانِي خُبْزاً لآكُلَ وَثِيَاباً لأَلْبِسَ» (تكوين 28: 20) (راشي).

19 «فَأَحِبُّوا ٱلْغَرِيبَ لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فِي أَرْضِ مِصْرَ».

لاويين 19: 33 و34

لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ «لا تنظر في قريبك العيب الذي في نفسك» (راشي). فاشعر مع الغريب بما كنت تشعر به وأنت غريب وأحسن عليه في غربته كما أحسن الله عليك في غربتك.

20 «ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ تَتَّقِي. إِيَّاهُ تَعْبُدُ، وَبِهِ تَلْتَصِقُ، وَبِٱسْمِهِ تَحْلِفُ».

ص 6: 13 ومتّى 4: 10 ولوقا 4: 8 ص 11: 22 و13: 4 مزمور 63: 11

ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ تَتَّقِي. إِيَّاهُ تَعْبُدُ وفي العهد الجديد «للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد» وهذا آخر أجوبة ربنا للمجرب في البرية.

بِٱسْمِهِ تَحْلِفُ قال راشي أحد كبراء المفسرين عند اليهود ما معناه إن الكتاب وضع في هذه الآية الأوامر على الترتيب وكان قوله باسمه تحلف آخرها ليبين إن من اتقى الرب وإياه عبد وبه التصق لا يحلف باسمه باطلاً.

21 «هُوَ فَخْرُكَ وَهُوَ إِلٰهُكَ ٱلَّذِي صَنَعَ مَعَكَ تِلْكَ ٱلْعَظَائِمَ وَٱلْمَخَاوِفَ ٱلَّتِي أَبْصَرَتْهَا عَيْنَاكَ».

خروج 15: 2 ومزمور 22: 3 وإرميا 17: 14 و1صموئيل 12: 24 و2صموئيل 7: 13 ومزمور 106: 21 و22

فَخْرُكَ إن الله هو فخر إسرائيل ولولا الله ما كان له سوى الخزي.

22 «سَبْعِينَ نَفْساً نَزَلَ آبَاؤُكَ إِلَى مِصْرَ، وَٱلآنَ قَدْ جَعَلَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ كَنُجُومِ ٱلسَّمَاءِ فِي ٱلْكَثْرَةِ».

تكوين 46: 27 وخروج 1: 5 وأعمال 7: 14 تكوين 15: 5 وص 1: 10 و28: 62

سَبْعِينَ نَفْساً نَزَلَ آبَاؤُكَ إن الله أكثر بني إسرائيل في مصر إكثاراً عجيباً ولم يُبن لنا كيف أكثرهم كذلك والظاهر من نص الآية إن إكثاره إياهم لم يكن من المقتضيات الطبيعية بل مما يخالفها فكانت بعناية خاصة من الله إتماماً لوعده لإبراهيم. ولنا من أمثلة إكثارهم ما جاء في سفر الأيام الأول. ففيه أنه «كَانَ لِشَمْعِي سِتَّةَ عَشَرَ ٱبْناً وَسِتَّ بَنَاتٍ. وَأَمَّا إِخْوَتُهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَنُونَ كَثِيرُونَ، وَكُلُّ عَشَائِرِهِمْ لَمْ يَكْثُرُوا مِثْلَ بَنِي يَهُوذَا» (1أيام 4: 27). والإحصاءات الحديثة لم يكن فيها مثل معدل زيادة الإسرائيليين (انظر أيضاً تفسير ص 32: 8).

اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي عَشَرَ

1 «فَأَحْبِبِ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ وَٱحْفَظْ حُقُوقَهُ وَفَرَائِضَهُ وَأَحْكَامَهُ وَوَصَايَاهُ كُلَّ ٱلأَيَّامِ».

ص 10: 12 و30: 16 و20 زكريا 3: 7

فَأَحْبِبِ الفاء سببية والسبب في آخر الأصحاح السابق فهذه الآية متصلة بالآية الأخيرة من ذلك الأصحاح فإذا وصلت هذه بتلك كان الكلام «قد جعلك الرب إلهك كنجوم السماء في الكثرة فاحبب الرب إلهك».

وَٱحْفَظْ حُقُوقَهُ أي قم بكل ما له عليك وأطعه الطاعة الكاملة.

كُلَّ ٱلأَيَّامِ أي دائماً فهو بمعنى قول المسيح «أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ ٱلأَيَّامِ» (متّى 28: 20). فكان على إسرائيل أن يحفظ حقوق الله كل يوم أو دائماً لأن «حافظ إسرائيل لا ينعس ولا ينام».

2 «وَٱعْلَمُوا ٱلْيَوْمَ أَنِّي لَسْتُ أُرِيدُ بَنِيكُمُ ٱلَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا وَلاَ رَأَوْا تَأْدِيبَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ عَظَمَتَهُ وَيَدَهُ ٱلشَّدِيدَةَ وَذِرَاعَهُ ٱلرَّفِيعَةَ».

ص 8: 5 ص 5: 24 ص 7: 19

وَٱعْلَمُوا (معطوف على «واحفظ» وأتى بضمير الجمع هنا بالنظر إلى الشعب أفراداً وبضمير المفرد قبله بالنظر إليه جملة كأنه شخص واحد).

لَسْتُ أُرِيدُ بَنِيكُمُ (أي لا أقصدهم بخطابي) ويجب أن يُذكر هنا أن كل الذين كانوا في أقل من سن العشرين منذ سنة الخروج كانوا لا يزالون أحياء وحوادث حداثتهم لا بد من أنها أبقت فيهم تأثيراً قوياً فرسخت في ذاكرتهم. وكل من كان منهم في سن الخامسة والأربعين أمكنه أن يشعر بقوة هذا الخطاب.

تَأْدِيبَ ٱلرَّبِّ للمصريين بغيظه وللإسرائيليين بمحبته.

يَدَهُ ٱلشَّدِيدَةَ أي قدرته العظيمة.

ذِرَاعَهُ ٱلرَّفِيعَةَ (أي استيلاؤه بالقدرة وغلبته).

3 «وَآيَاتِهِ وَصَنَائِعَهُ ٱلَّتِي عَمِلَهَا فِي مِصْرَ بِفِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَبِكُلِّ أَرْضِهِ».

مزمور 78: 12 و135: 9

آيَاتِهِ (المعجزات التي صنعها لتكون علامات وأدلة للناس على أنه الله وأنه رب إسرائيل وأنه مرسل موسى وإن الأوامر والنواهي من سلطانه).

4 «وَٱلَّتِي عَمِلَهَا بِجَيْشِ مِصْرَ بِخَيْلِهِمْ وَمَرَاكِبِهِمْ، حَيْثُ أَطَافَ مِيَاهَ بَحْرِ سُوفٍ عَلَى وُجُوهِهِمْ حِينَ سَعَوْا وَرَاءَكُمْ، فَأَبَادَهُمُ ٱلرَّبُّ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

خروج 14: 27 و28 و15: 9 و10 ومزمور 106: 11

بَحْرِ سُوفٍ أي البحر الأحمر.

فَأَبَادَهُمُ ٱلرَّبُّ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ (إن الرب أباد جيش مصر بخيله ومركباته منذ نحو أربعين سنة لهذا العهد. ولهذا يصعب فهم قوله «إلى هذا اليوم» فالظاهر مستحيل فالأولى تعليق «إلى هذا اليوم» بقوله «يعرفوا» في (ع 2) لا بقوله «أبادهم» في العبارة. فيصير الكلام لا أريد بنيكم الذين لم يعرفوا إلى هذا اليوم تأديب الرب الخ أو بقوله «رأوا» والمصير واحد).

5 «وَٱلَّتِي عَمِلَهَا لَكُمْ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ حَتَّى جِئْتُمْ إِلَى هٰذَا ٱلْمَكَانِ».

ٱلَّتِي عَمِلَهَا لَكُمْ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ (من إنزال المن وإرسال السلوى والهداية لهم بالسحابة نهاراً وبعمود النار ليلاً إلى غير ذلك من آيات رحمته الكثيرة.

6 «وَٱلَّتِي عَمِلَهَا بِدَاثَانَ وَأَبِيرَامَ ٱبْنَيْ أَلِيآبَ ٱبْنِ رَأُوبَيْنَ ٱللَّذَيْنِ فَتَحَتِ ٱلأَرْضُ فَاهَا وَٱبْتَلَعَتْهُمَا مَعَ بُيُوتِهِمَا وَخِيَامِهِمَا وَكُلِّ ٱلْمَوْجُودَاتِ ٱلتَّابِعَةِ لَهُمَا فِي وَسْطِ كُلِّ إِسْرَائِيلَ».

عدد 16: 1 و31: 27: 3 ومزمور 106: 17

ٱلَّتِي عَمِلَهَا بِدَاثَانَ وَأَبِيرَامَ (انظر عدد ص 16) لا يمكننا أن نفرق بين معصية قورح ومعصية داثان وأبيرام وقد رأينا أن كل موضوع معصية قورح في الكهنوت وذلك إن قورح كان يجتهد في رفع التمييز بين اللاويين والكهنة وهذا دليل قاطع على إبطال قول بعض المعترضين إن كاتب سفر التثنية لم يكن يعرف الفرق بين اللاويين والكهنة (انظر تفسير ص 10: 8).

7 «لأَنَّ أَعْيُنَكُمْ هِيَ ٱلَّتِي أَبْصَرَتْ كُلَّ صَنَائِعِ ٱلرَّبِّ ٱلْعَظِيمَةِ ٱلَّتِي عَمِلَهَا».

ص 5: 3 و7: 19

لأَنَّ أَعْيُنَكُمْ هِيَ ٱلَّتِي أَبْصَرَتْ الخ أي أردتكم بالخطاب دون أبنائكم الذين لم يعرفوا ويروا لأنكم شاهدتم وعرفتم بالعيان كل ما صنعه الرب من العظائم.

8 «فَٱحْفَظُوا كُلَّ ٱلْوَصَايَا ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا ٱلْيَوْمَ لِتَتَشَدَّدُوا وَتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا».

يشوع 1: 6 و7

كُلَّ ٱلْوَصَايَا وفي الأصل الوصية كلها أي الشريعة التي هي مجموع الوصايا.

وَتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا أي تكملوا انتصاركم وتدخلوا أرض الميعاد وتستولوا عليها وتتمتعوا بخيراتها كلها.

9 «وَلِتُطِيلُوا ٱلأَيَّامَ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ لآبَائِكُمْ أَنْ يُعْطِيَهَا لَهُمْ وَلِنَسْلِهِمْ، أَرْضٌ تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً».

ص 4: 40 و5: 16 وأمثال 10: 27 ص 9: 5 خروج 3: 8

يُعْطِيَهَا لَهُمْ (انظر تفسير ع 21).

10 «لأَنَّ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا لَيْسَتْ مِثْلَ أَرْضِ مِصْرَ ٱلَّتِي خَرَجْتَ مِنْهَا، حَيْثُ كُنْتَ تَزْرَعُ زَرْعَكَ وَتَسْقِيهِ بِرِجْلِكَ كَبُسْتَانِ بُقُولٍ».

زكريا 14: 18

لَيْسَتْ مِثْلَ أَرْضِ مِصْرَ بل هي أحسن من أرض مصر كثيراً مع أن أرض مصر فُضلت على كثير من الأرضين. فقد جاء في سفر التكوين «فَرَفَعَ لُوطٌ عَيْنَيْهِ وَرَأَى كُلَّ دَائِرَةِ ٱلأُرْدُنِّ أَنَّ جَمِيعَهَا سَقْيٌ... كَجَنَّةِ ٱلرَّبِّ كَأَرْضِ مِصْرَ» (تكوين 13: 10). وأرض جاسان التي سكنها الإسرائيليون كانت أحسن أرض مصر (تكوين 47: 6) ومع ذلك لم تكن كأرض كنعان (راشي).

تَسْقِيهِ بِرِجْلِكَ أي تمشي إليه حاملاً الماء لتسقيه أو تدفع الماء برجلك إلى القناة المؤدية إليه.

11 «بَلْ هِيَ أَرْضُ جِبَالٍ وَبِقَاعٍ. مِنْ مَطَرِ ٱلسَّمَاءِ تَشْرَبُ مَاءً».

ص 8: 7

مِنْ مَطَرِ ٱلسَّمَاءِ تَشْرَبُ وما أحسن قول مفسري اليهود هنا «وأنت مضطجع على فراشك يسقي القدوس تبارك اسمه أغوار أرضك وأنجادك» (قابل بهذا القول المثل في مرقس 4: 26 و27).

12 «أَرْضٌ يَعْتَنِي بِهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ. عَيْنَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ عَلَيْهَا دَائِماً مِنْ أَوَّلِ ٱلسَّنَةِ إِلَى آخِرِهَا».

1ملوك 9: 3

أَرْضٌ يَعْتَنِي بِهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ قال الله في هذه الأرض «ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي تَجَسَّسْتُهَا لَهُمْ، تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً. هِيَ فَخْرُ كُلِّ ٱلأَرَاضِي» (حزقيال 20: 6) وهو تعالى التمسها لهم منزلاً (عدد 10: 33). وهنا لا بد للمسيحي من أن يذكر وعد المخلّص بقوله «أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً» (يوحنا 14: 2). ففي هذه الأرض الفقراء والمحتاجون لا يطلبون ماء ولا يبحثون عنه لأن الله يقودهم إلى ينابيع ماء حي ولا يجوعون ولا يعطشون بعد. قال أحد قدماء اليهود في هذه الآية «ألا يعتني بتلك الأرض الذي يَمْطُرَ عَلَى أَرْضٍ حَيْثُ لاَ إِنْسَانَ، عَلَى قَفْرٍ لاَ أَحَدَ فِيهِ» (أيوب 38: 26).

13 «فَإِذَا سَمِعْتُمْ لِوَصَايَايَ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا ٱلْيَوْمَ لِتُحِبُّوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ وَتَعْبُدُوهُ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِكُمْ».

ص 6: 17 وع 22 ص 10: 12

أخذ هنا يبين الثواب والعقاب على حفظ الوصايا وعدم مراعاتها (قابل بهذا خروج 23: 20 الخ ولاويين ص 26 وتثنية ص 28 ومتّى 2: 7 ولوقا ص 6).

لِتُحِبُّوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ «ولا تقولوا هوذا نحن تلاميذ لنغنى ونعظم ونُثاب بل اعملوا ما تستطيعون عمله بالمحبة» (راشي).

وَتَعْبُدُوهُ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ قال قدماء مفسري اليهود «هذا يشير إلى الصلاة» ومعنى ما قيل لدانيال «إِنَّ إِلٰهَكَ ٱلَّذِي تَعْبُدُهُ دَائِماً هُوَ يُنَجِّيكَ» (دانيال 6: 16) إذ لم يكن للإسرائيليين من عبادة سوى الصلاة. وهذا قول حسن وإن كان معنى العبادة أعمّ من ذلك.

14 «أُعْطِي مَطَرَ أَرْضِكُمْ فِي حِينِهِ: ٱلْمُبَكِّرَ وَٱلْمُتَأَخِّرَ. فَتَجْمَعُ حِنْطَتَكَ وَخَمْرَكَ وَزَيْتَكَ».

لاويين 26: 4 وص 28: 12 يوئيل 2: 23 ويعقوب 5: 7

ٱلْمُبَكِّرَ هو المطر الذي يلي الزرع.

ٱلْمُتَأَخِّرَ هو المطر الذي قبل الحصاد قليلاً فالأول في الشهر الأول والثاني في الشهر التاسع (انظر عزرا 10: 9 و13 ويوئيل 2: 23).

فَتَجْمَعُ أي ولذلك تجمع. قال راشي أحد أكابر مفسري اليهود «أي أنت تجمع لا أعداؤك». قال الله بلسان إشعياء «حَلَفَ ٱلرَّبُّ بِيَمِينِهِ وَبِذِرَاعِ عِزَّتِهِ قَائِلاً: إِنِّي لاَ أَدْفَعُ بَعْدُ قَمْحَكِ مَأْكَلاً لأَعْدَائِكِ، وَلاَ يَشْرَبُ بَنُو ٱلْغُرَبَاءِ خَمْرَكِ ٱلَّتِي تَعِبْتِ فِيهَا. بَلْ يَأْكُلُهُ ٱلَّذِينَ جَنَوْهُ وَيُسَبِّحُونَ ٱلرَّبَّ، وَيَشْرَبُهُ جَامِعُوهُ فِي دِيَارِ قُدْسِي» (إشعياء 62: 8 و9).

15 «وَأُعْطِي لِبَهَائِمِكَ عُشْباً فِي حَقْلِكَ فَتَأْكُلُ أَنْتَ وَتَشْبَعُ».

مزمور 104: 14 ص 6: 11 ويوئيل 2: 19

فَتَأْكُلُ أَنْتَ وَتَشْبَعُ هذا نص على كفاءة البركة إذ يمكن أن يأكل الإنسان ولا يشبع لقلة الطعام.

16 «فَٱحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَنْغَوِيَ قُلُوبُكُمْ فَتَزِيغُوا وَتَعْبُدُوا آلِهَةً أُخْرَى وَتَسْجُدُوا لَهَا».

ص 29: 18 وأيوب 31: 27 ص 8: 19 و30: 17

فَٱحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَنْغَوِيَ قُلُوبُكُمْ بما لكم من الرغد أي سعة العيش (قابل بهذا ص 8: 10 و11).

17 «فَيَحْمَى غَضَبُ ٱلرَّبِّ عَلَيْكُمْ، وَيُغْلِقُ ٱلسَّمَاءَ فَلاَ يَكُونُ مَطَرٌ وَلاَ تُعْطِي ٱلأَرْضُ غَلَّتَهَا، فَتَبِيدُونَ سَرِيعاً عَنِ ٱلأَرْضِ ٱلْجَيِّدَةِ ٱلَّتِي يُعْطِيكُمُ ٱلرَّبُّ».

ص 6: 15 و1ملوك 8: 35 و2أيام 6: 26 و7: 13 ص 4: 26 و8: 19 و20 و30: 18 ويشوع 23: 13 و15 و16

فَيَحْمَى غَضَبُ ٱلرَّبِّ (هذا عقاب على المعصية كما أن ما سبقه ثواب على الطاعة).

18 «فَضَعُوا كَلِمَاتِي هٰذِهِ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَنُفُوسِكُمْ، وَٱرْبُطُوهَا عَلاَمَةً عَلَى أَيْدِيكُمْ، وَلْتَكُنْ عَصَائِبَ بَيْنَ عُيُونِكُمْ».

ص 6: 6 و32: 46 ص 6: 8 ومتّى 23: 5

فَضَعُوا كَلِمَاتِي هٰذِهِ قد مرّ مثل هذا (ص 6: 6 - 9) والفاء في قوله «فضعوا» سببية والسبب ما في (ع 16 و17) والمعنى إن عصيتم بأن نسيتم وصاياي حمي غضبي عليكم ويغلق السماء الخ فلذلك ضعوا كلماتي هذه الخ.

19، 20 «19 وَعَلِّمُوهَا أَوْلاَدَكُمْ مُتَكَلِّمِينَ بِهَا حِينَ تَجْلِسُونَ فِي بُيُوتِكُمْ وَحِينَ تَمْشُونَ فِي ٱلطَّرِيقِ وَحِينَ تَنَامُونَ وَحِينَ تَقُومُونَ. 20 وَٱكْتُبْهَا عَلَى قَوَائِمِ أَبْوَابِ بَيْتِكَ وَعَلَى أَبْوَابِكَ».

ص 4: 9 و10 و6: 7 ص 6: 9

حفظ ما في هاتين الآيتين لا يترك سبيلاً إلى نسيان شريعة الرب مع ما فيه من النفع للسلف وللخلف وفيهما أن الإنسان مسؤول بنفس أولاده كما هو مسوؤل بنفسه.

21 «لِتَكْثُرَ أَيَّامُكَ وَأَيَّامُ أَوْلاَدِكَ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ لآبَائِكَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا، كَأَيَّامِ ٱلسَّمَاءِ عَلَى ٱلأَرْض».

ص 4: 40 و6: 2 وأمثال 3: 2 و4: 10 و9: 11 مزمور 72: 5 و89: 29

ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ لآبَائِكَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا لم يقل أن يعطيك إياها بل أن يعطيها آباءك وهذا يدلنا على تعليم القيامة في التوراة. وليس هذا قول المسيحيين بل قول مفسري اليهود فإنهم يؤمنون بأن هذا الوعد تم حقيقة لإبراهيم وإسحاق ويعقوب لأن الله قال هكذا وإن ذلك لا جدال فيه (لأن أولئك الآباء لم يتلاشوا فأنفسهم باقية خالدة) مهما قيل في ذلك. وجاء في سفر الأعمال إن الله لم يعط إبراهيم من تلك الأرض ميراثاً ولا وطأة قدم ولكن وعد أن يعطيها ملكاً له ولنسله من بعده فكيف أعطاها لإبراهيم وهو لم يعطه ميراثاً ولا وطأة قدم منها لو لم تكن نفسه باقية بعد الوفاة. فيكون معنى ما في الأعمال أن إبراهيم وهو في الجسد لم يرث شيئاً من أرض كنعان لكن بعد وفاته ملك تلك الأرض هو نسله فتأمل.

22 «لأَنَّهُ إِذَا حَفِظْتُمْ جَمِيعَ هٰذِهِ ٱلْوَصَايَا ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا لِتَعْمَلُوهَا، لِتُحِبُّوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ وَتَسْلُكُوا فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ وَتَلْتَصِقُوا بِهِ».

ص 6: 17 وع 13 ص 10: 20 و30: 20

تَسْلُكُوا فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ أي لتسلكوا في كل طريق يُسلك فيها فارحموا لأنه يرحم واشفقوا لأنه يشفق وأحسنوه لأنه يُحسن. وفي كلام راشي في تفسير هذه الآية ما يؤيد تعليم العهد الجديد الذي خلاصته الحاجة إلى وسيط. (والذي يظهر إن معنى هذه الآية كمعنى قول الرسول «فَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِٱللّٰهِ» (أفسس 5: 1) أي كونوا قديسين لأنه قدوس وغافرين لأنه غفور ومحبين لأنه محب وصابرين لأنه صبور إلى غير ذلك من الممدوحات).

تَلْتَصِقُوا بِهِ قال راشي هل يصح أن يُقال هذا أو يمكن أن يُقال أليس هو ناراً آكلة فكيف يمكن الالتصاق به. فإذاً التصقوا بالحكماء وتلامذتهم (أي دارسي الشريعة) وهذا نص في الحاجة إلى وسيط لأن الله بدون المسيح نار آكلة ولا يمكن الدنو منه. على أن في قول راشي إيماء إلى قول الوسيط الأعظم «من يقبلني يقبل الذي أرسلني».

23 «يَطْرُدُ ٱلرَّبُّ جَمِيعَ هٰؤُلاَءِ ٱلشُّعُوبِ مِنْ أَمَامِكُمْ، فَتَرِثُونَ شُعُوباً أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكُمْ».

ص 4: 38 و9: 5 ص 9: 1

يَطْرُدُ ٱلرَّبُّ (لا أنتم فلا تتكبروا فإن الرب لو لم يطردهم من أمامكم لسحقوكم لكثرتهم وقوتهم وقلتكم وضعفكم).

24 «كُلُّ مَكَانٍ تَدُوسُهُ بُطُونُ أَقْدَامِكُمْ يَكُونُ لَكُمْ. مِنَ ٱلْبَرِّيَّةِ وَلُبْنَانَ. مِنَ نَهْرِ ٱلْفُرَاتِ إِلَى ٱلْبَحْرِ ٱلْغَرْبِيِّ يَكُونُ تُخُمُكُمْ».

يشوع 1: 3 و14: 9 تكوين 15: 18 وخروج 23: 31 وعدد 34: 3 الخ

كُلُّ مَكَانٍ كرر هذا الكلام في سفر يشوع (انظر يشوع 1: 3 و4 والتفسير).

25 «لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكُمْ. اَلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ يَجْعَلُ خَشْيَتَكُمْ وَرُعْبَكُمْ عَلَى كُلِّ ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي تَدُوسُونَهَا كَمَا كَلَّمَكُمْ».

ص 7: 24 ص 2: 25 خروج 23: 27

خَشْيَتَكُمْ وَرُعْبَكُمْ قال راشي المفسر اليهودي «خشيتكم على القريبين منكم ورعبكم على البعيدين». وهذه الآية نبوءة تمت فإن خشية اليهود ورعبهم كانا على كل أرض داسوها (انظر أستير 8: 2 و3).

26 - 28 «26 اُنْظُرْ! أَنَا وَاضِعٌ أَمَامَكُمُ ٱلْيَوْمَ بَرَكَةً وَلَعْنَةً. 27 ٱلْبَرَكَةُ إِذَا سَمِعْتُمْ لِوَصَايَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا ٱلْيَوْمَ. 28 وَٱللَّعْنَةُ إِذَا لَمْ تَسْمَعُوا لِوَصَايَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ، وَزُغْتُمْ عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا ٱلْيَوْمَ لِتَذْهَبُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَعْرِفُوهَا».

ص 30: 1 و15 و19 ص 28: 2 ص 28: 15

اُنْظُرْ هذا بداءة قسم آخر من أقسام سفر التثنية عند اليهود.

بَرَكَةً وَلَعْنَةً الخ فالبركة عليك إذا أطعت واللعنة إذا عصيت.

29 «وَإِذَا جَاءَ بِكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا، فَٱجْعَلِ ٱلْبَرَكَةَ عَلَى جَبَلِ جِرِزِّيمَ وَٱللَّعْنَةَ عَلَى جَبَلِ عِيبَالَ».

ص 27: 12 ويشوع 8: 33

ٱلْبَرَكَةَ... وَٱللَّعْنَةَ وفي ترجوم أُنكيلوس «هؤلاء آل البركة وهؤلاء أهل اللعنة» (انظر ص 27: 12 والتفسير). وفي غيره من التراجم «حين يباركون يحولون وجوههم إلى جبل جرزيم وحين يلعنون يحولون وجوههم إلى جبل عيبال» وهذا يثبت قدم الرأي الذي في التلمود.

جِرِزِّيمَ... عِيبَالَ هما جبلان فوق شكيم المعروفة اليوم بنابلس يفصل بينهما وادٍ ضيق.

30 «أَمَا هُمَا فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ، وَرَاءَ طَرِيقِ غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ فِي أَرْضِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ ٱلسَّاكِنِينَ فِي ٱلْعَرَبَةِ مُقَابِلَ ٱلْجِلْجَالِ، بِجَانِبِ بَلُّوطَاتِ مُورَةَ؟».

تكوين 12: 6 وقضاة 7: 1

وَرَاءَ طَرِيقِ غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ هذا يدل على أن المتكلم كان شرقي الأردن تجاه أريحا فإن الشمس تُرى من ذلك الموضع تغيب (كما شهد المسافرون) في الوادي بين جرزيم وعيبال تماماً.

ٱلْجِلْجَالِ قرية في سهل أريحا وموضع فوق بيت إيل على أمد ثمانية أميال منها شمالاً وهو المقصود هنا.

بَلُّوطَاتِ مُورَةَ موضع قرب شكيم وجبلَي عيبال وجرزيم (تكوين 12: 6).

31 «لأَنَّكُمْ عَابِرُونَ ٱلأُرْدُنَّ لِتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ يُعْطِيكُمْ. تَمْتَلِكُونَهَا وَتَسْكُنُونَهَا».

ص 9: 1 ويشوع 1: 11

لأَنَّكُمْ عَابِرُونَ ٱلأُرْدُنَّ في موضع شكيم قرب بلوطات مورة ظهر الرب لإبراهيم وقال «لنسلك أعطي هذه الأرض» وهو أول عهد كُتب من العهود بإعطاء الأرض لنسل إبراهيم الذي خرج من أرضه لا يعرف أين يذهب (تكوين 12: 6 و7).

هذا نهاية الجزء الأول من بيان الوصايا العشر وإيضاحها الذي خُصص ببيان نسبة الشعب الذي أُخرج من مصر إلى الرب. والأصحاحات الآتية خُصصت بشريعة أرض إسرائيل وهي تشتمل على ثلاثة أمور:

  • الأول: تعيين كون تلك الأرض مركز عبادة الرب.

  • الثاني: تعيين كونها مركز ملكه على الأرض.

  • الثالث: تعيين كونها دائرة وضع قوانين خاصة للسلوك المقصود به تمييز الإسرائيليين بالسجايا عن غيرهم.

وذهب بعض الكتبة المحدثين إن كاتب ما بقي من هذا السفر غير موسى فيجب أن نتأمل فيه حق التأمل لا بالنظر إلى مجرد كونه قسماً بنفسه بل بالنظر إلى صورته الأصلية وإلى أجزائه الطبيعية.

وأرض كنعان بعد استيلاء الإسرائيليين عليها تُعتبر مركز عبادة الله من (ص 12: 1 - ص 16: 17).

32 «فَٱحْفَظُوا جَمِيعَ ٱلْفَرَائِضِ وَٱلأَحْكَامِ ٱلَّتِي أَنَا وَاضِعٌ أَمَامَكُمُ ٱلْيَوْمَ لِتَعْمَلُوهَا».

ص 25: 32 و12: 32

فَٱحْفَظُوا علماً وعملاً.

جَمِيعَ ٱلْفَرَائِضِ لا بعضها «لأن من حفظ الناموس وإنما عثر في واحدة فقد صار مجرماً في الكل» والفرائض ما كُلف به الإنسان وأوجب عليه.

ٱلأَحْكَامِ القوانين من عقائد وأعمال.

وقد كرر سبحانه وتعالى الأمر بحفظ فرائضه وأحكامه تنبيهاً على وفرة منفعتها وتقريراً لذلك في أذهان بني إسرائيل.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي عَشَرَ

1 «هٰذِهِ هِيَ ٱلْفَرَائِضُ وَٱلأَحْكَامُ ٱلَّتِي تَحْفَظُونَ لِتَعْمَلُوهَا فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَعْطَاكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ آبَائِكَ لِتَمْتَلِكَهَا. كُلَّ ٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي تَحْيَونَ عَلَى ٱلأَرْضِ».

ص 6: 1 ص 4: 10 و1ملوك 8: 40

هٰذِهِ هِيَ ٱلْفَرَائِضُ وَٱلأَحْكَامُ أي القوانين والتكاليف (أو الواجبات والقوانين).

2 «تُخْرِبُونَ جَمِيعَ ٱلأَمَاكِنِ حَيْثُ عَبَدَتِ ٱلأُمَمُ ٱلَّتِي تَرِثُونَهَا آلِهَتَهَا عَلَى ٱلْجِبَالِ ٱلشَّامِخَةِ، وَعَلَى ٱلتِّلاَلِ، وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ».

خروج 34: 13 وص 7: 5 و2ملوك 16: 4 و17: 10 و11 وإرميا 3: 6

تُخْرِبُونَ أول تلك التكاليف المذكورة في الآية الأولى هدم كل معبد للأوثان لأنه يجب أن لا يبقى في أرض الرب أثر لإله غيره. وعدم القيام بهذا الواجب في التاريخ القديم للإسرائيليين حمل بعضهم على الظن أن الوصية وُضعت ليُعمل بها في المستقبل. والصحيح خلاف ذلك أن هذه الوصية مقترنة باستيلائهم على أرض كنعان. وكان المأمور به فيها عمل أسباط الإسرائيليين المختلفة يوم قسم يشوع لهم الأرض. فكان عمله أن يغلب الكنعانيين ويولي إسرائيل أمهات مدنهم ثم يقسم الأرض على الأسباط فكان على كل سبط أن يتولى هدم المعابد الوثنية ومحو أثرها في بلاده. فكان على الكنعانيين الباقين إما أن يعصوا فيحاربهم الإسرائيلوين ويستأصلونهم وإما أن يسلموا بهدم تلك المعابد ويعبدوا الرب لكن الإسرائيليين لم يبقوا مطيعين تلك الوصية ولكنهم لم يعبدوا الأوثان في عصر يشوع. والاضطراب الذي حصل في أمر المذبح «عيد» دليل قاطع على تحريم المذابح الغريبة (يشوع 21: 10 الخ). على أن الكنعانيين إذ تُركوا وشأنهم بعد عدولهم عن مقاومة بني إسرائيل ولم يقاومهم الإسرائيليون في أمور عبادتهم كانوا فخاً لصيد الإسرائيليين وإغرائهم بالعبادة الوثنية. ولم يرجعوا إلى تلك الشريعة إلا في عصر حزقيا ويوشيا. ولكن هذا ليس بدليل على أنهم لم يعملوا بها إلا في ذلك العصر.

3 «وَتَهْدِمُونَ مَذَابِحَهُمْ، وَتُكَسِّرُونَ أَنْصَابَهُمْ، وَتُحْرِقُونَ سَوَارِيَهُمْ بِٱلنَّارِ، وَتُقَطِّعُونَ تَمَاثِيلَ آلِهَتِهِمْ، وَتَمْحُونَ ٱسْمَهُمْ مِنْ ذٰلِكَ ٱلْمَكَانِ».

عدد 33: 52 وقضاة 2: 2

تَمْحُونَ ٱسْمَهُمْ أي اسم الآلهة الباطلة كبعل وغيره.

4 «لاَ تَفْعَلُوا هٰكَذَا لِلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ».

ع 31

لاَ تَفْعَلُوا هٰكَذَا الإشارة هنا إلى عبادة الأمم آلهتهم على الجبال الشامخة (ع 2).

5 «بَلِ ٱلْمَكَانُ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِكُمْ لِيَضَعَ ٱسْمَهُ فِيهِ سُكْنَاهُ تَطْلُبُونَ وَإِلَى هُنَاكَ تَأْتُونَ».

ع 11 وص 26: 2 ويشوع 9: 27 و1ملوك 8: 29 و2أيام 7: 12 ومزمور 78: 68

بَلِ ٱلْمَكَانُ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ صورة الكلام تدل على قِدم الأمر الذي الكلام فيه فإنه لا أحد ممن عهد انتقال المسكن من شيلو إلى نوب ومن نوب إلى جبعون ومن جبعون إلى أورشليم استطاع أن يكتب مثل هذه الكلمات. ومما يستحق الاعتبار أن اليهود في زمن المسيح كانوا على هذا السنن فإنه لم يكونوا يتصورون أن العبادة لله تجوز في غير أورشليم (انظر كلام القديس استفانوس في (أعمال ص 7) وما في من الأدلة على حضور الله مع إسرائيل في أماكن مختلفة وشدة غضب اليهود عليه لأنه لم يقصر حضور الرب على هيكل أورشليم على ما يظهر من قوله «ٱلْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِٱلأَيَادِي» (أعمال 7: 48).

6، 7 «6 وَتُقَدِّمُونَ إِلَى هُنَاكَ مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحَكُمْ وَعُشُورَكُمْ وَرَفَائِعَ أَيْدِيكُمْ وَنُذُورَكُمْ وَنَوَافِلَكُمْ وَأَبْكَارَ بَقَرِكُمْ وَغَنَمِكُمْ، 7 وَتَأْكُلُونَ هُنَاكَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ، وَتَفْرَحُونَ بِكُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ أَيْدِيكُمْ أَنْتُمْ وَبُيُوتُكُمْ كَمَا بَارَكَكُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

لاويين 17: 3 و4 ع 17 وص 14: 22 و23 و15: 19 و20 ص 14: 26 لاويين 23: 40 وع 12 و18 وص 16: 11 و14 و15 و26: 11 و27: 7

تُقَدِّمُونَ إِلَى هُنَاكَ... عُشُورَكُمْ الخ (انظر ع 17).

8 «لاَ تَعْمَلُوا حَسَبَ كُلِّ مَا نَحْنُ عَامِلُونَ هُنَا ٱلْيَوْمَ، أَيْ كُلُّ إِنْسَانٍ مَهْمَا صَلَحَ فِي عَيْنَيْهِ».

قضاة 17: 6 و21: 25

لاَ تَعْمَلُوا حَسَبَ كُلِّ مَا نَحْنُ عَامِلُونَ هُنَا ٱلْيَوْمَ تلك الوصية كلام نبوي إذ هي ما يُعمل به في أرض الميعاد بعد عبورهم الأردن وانتصارهم على الكنعانيين واستيلائهم على الأرض وذلك يستلزم أن موسى تنبأ لهم بإتمام كل ذلك.

9 «لأَنَّكُمْ لَمْ تَدْخُلُوا حَتَّى ٱلآنَ إِلَى ٱلْمَقَرِّ وَٱلنَّصِيبِ ٱللَّذَيْنِ يُعْطِيكُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

لأَنَّكُمْ لَمْ تَدْخُلُوا حَتَّى ٱلآنَ إِلَى ٱلْمَقَرِّ أي لم تعبروا الأردن وتستولوا على الأرض التي تقرون عليها بواسطة يشوع.

10 «فَمَتَى عَبَرْتُمُ ٱلأُرْدُنَّ وَسَكَنْتُمُ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي يَقْسِمُهَا لَكُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ، وَأَرَاحَكُمْ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكُمُ ٱلَّذِينَ حَوَالَيْكُمْ وَسَكَنْتُمْ آمِنِينَ».

ص 11: 31

وَأَرَاحَكُمْ رأى راشي المفسر اليهودي أن ذلك لم يكن إلا في عصر داود وأيّد قوله بما جاء في سفر صموئيل الثاني وهو ما نصه «سَكَنَ ٱلْمَلِكُ (أي داود) فِي بَيْتِهِ وَأَرَاحَهُ ٱلرَّبُّ مِنْ كُلِّ ٱلْجِهَاتِ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِ» (2صموئيل 7: 1).

11 «فَٱلْمَكَانُ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ لِيَحِلَّ ٱسْمَهُ فِيهِ، تَحْمِلُونَ إِلَيْهِ كُلَّ مَا أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ: مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحَكُمْ وَعُشُورَكُمْ وَرَفَائِعَ أَيْدِيكُمْ وَكُلَّ خِيَارِ نُذُورِكُمُ ٱلَّتِي تَنْذُرُونَهَا لِلرَّبِّ».

ع 5 و14 و18 و21 و26 وص 14: 23 و15: 20 و16: 2 الخ و17: 8 و18: 6 و23: 16 و26: 2 و31: 11 ويشوع 18: 1 و1ملوك 8: 29 ومزمور 78: 68

فَٱلْمَكَانُ إذا كانت الإراحة لم تكن إلا في عصر داود (انظر تفسير ع 8) فذلك المكان هو أورشليم.

12 «وَتَفْرَحُونَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ أَنْتُمْ وَبَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَعَبِيدُكُمْ وَإِمَاؤُكُمْ، وَٱللاَّوِيُّ ٱلَّذِي فِي أَبْوَابِكُمْ لأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَكُمْ».

ع 7 ص 10: 9 و14: 29

(هذا الكلام وما قبله أمر بصورة الخبر فكأنه قال افرحوا... واجعلوا اللاوي يفرح بتقديمكم له المفروض لأن لا دخل له سواه إذ لا نصيب له في الأرض).

13، 14 «13 اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تُصْعِدَ مُحْرَقَاتِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ تَرَاهُ. 14 بَلْ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ فِي أَحَدِ أَسْبَاطِكَ. هُنَاكَ تُصْعِدُ مُحْرَقَاتِكَ، وَهُنَاكَ تَعْمَلُ كُلَّ مَا أَنَا أُوصِيكَ بِهِ».

لاويين 17: 4 ع 11

اِحْتَرِزْ الخ ذهب بعض المتأخرين إلى أن هذا الأمر مناف لما ورد في الخروج وهو قوله «فِي كُلِّ ٱلأَمَاكِنِ ٱلَّتِي فِيهَا أَصْنَعُ لاسْمِي ذِكْراً آتِي إِلَيْكَ وَأُبَارِكُكَ» (خروج 20: 24). لكن لا منافاة بين الأمرين فإن اختيار الرب يجعل المكان مكان قبول وليس على الله أن يختار مكاناً واحداً أبداً سواء أكان كاتب هذه الآية موسى أم كاتبها غيره بل هي على وفق آية الخروج لأن المكان الذي فيها هو الذي يضع فيه لاسمه ذكراً. ولهذا قال راشي في تفسير هذه الآية «احترز من أن تُصعد محرقاتك في كل مكان تراه أي الذي يخطر على بالك لكن يجب أن تُصعدها بمقتضى أمر النبي كما أصعد إيليا محرقاته على جبل الكرمل». وهذا دليل واضح على أن المبدأ هنا هو المبدأ الذي في آية الخروج عينه. فاختيار الرب هو الذي جعل المكان معبداً له.

15 «وَلٰكِنْ مِنْ كُلِّ مَا تَشْتَهِي نَفْسُكَ تَذْبَحُ وَتَأْكُلُ لَحْماً فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ، حَسَبَ بَرَكَةِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ ٱلَّتِي أَعْطَاكَ. ٱلنَّجِسُ وَٱلطَّاهِرُ يَأْكُلاَنِهِ كَٱلظَّبْيِ وَٱلإِيَّلِ».

ع 21 ع 22 ص 14: 5 و15: 22

تَذْبَحُ وَتَأْكُلُ في هذا شيء من التكييف للشريعة التي كانت أيام سفرهم في البرية (لاويين 17: 3 و4) إذ كان ذبح الثور أو الخروف أو المعزاة محظوراً إلا عند باب الخيمة. وكلمة الذبح مع كثرة استعمالها ذبح التقدمة ليس المقصود بها هنا ذلك أي لم يرد بها هنا ذبح البهيمة وتقدمتها في ذلك المكان المعين لعبادة الرب وإن كانت البهائم المذكورة هنا هي من بهائم التقدمات.

كَٱلظَّبْيِ وَٱلإِيَّلِ كثرة ذكر هذين الحيوانين في مثل هذا المقام يدل على أن بني إسرائيل كانوا يصيدونهما في البرية.

16 «وَأَمَّا ٱلدَّمُ فَلاَ تَأْكُلْهُ. عَلَى ٱلأَرْضِ تَسْفِكُهُ كَٱلْمَاءِ».

تكوين 9: 4 ولاويين 7: 26 و17: 10 وع 23 و24 وص 15: 23

عَلَى ٱلأَرْضِ تَسْفِكُهُ هذا كان من الأمور الضرورية في كل بهائم الأكل لأن الدم الذي هو الحياة كان يجب أن يُسفك على الأرض للرب سواء أكانت الذبيحة تقدمة أم لم تكن. وكان بقاء ذلك لا بد منه إلى وقت ذبيحة موت المسيح الذي سفك دمه فدية عنا فكانت الذبائح في العبادة رمزاً إليه.

17 «لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْكُلَ فِي أَبْوَابِكَ عُشْرَ حِنْطَتِكَ وَخَمْرِكَ وَزَيْتِكَ، وَلاَ أَبْكَارَ بَقَرِكَ وَغَنَمِكَ، وَلاَ شَيْئاً مِنْ نُذُورِكَ ٱلَّتِي تَنْذُرُ وَنَوَافِلِكَ وَرَفَائِعِ يَدِكَ».

عُشْرَ فهم مفسروا اليهود هذا العُشر ما سمي بالعُشر الثاني والكلام عليه بالإيضاح في (ص 14: 22 - 29 انظر أيضاً ص 26: 12 الخ).

18، 19 «18 بَلْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ تَأْكُلُهَا فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، أَنْتَ وَٱبْنُكَ وَٱبْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَٱللاَّوِيُّ ٱلَّذِي فِي أَبْوَابِكَ، وَتَفْرَحُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ بِكُلِّ مَا ٱمْتَدَّتْ إِلَيْهِ يَدُكَ. 19 اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَتْرُكَ ٱللاَّوِيَّ كُلَّ أَيَّامِكَ عَلَى أَرْضِكَ».

ع 11 و12 وص 14: 23 ص 14: 27

وَٱللاَّوِيُّ ٱلَّذِي فِي أَبْوَابِكَ الخ توزُّع اللاويين بين الأسباط المختلفة رُتّب في (عدد 35: 1 - 8) وأتاه يشوع (يشوع ص 17). وظلت العناية باللاويين في إسرائيل حتى رفضهم يربعام وبنوه فهاجروا إلى مملكة يهوذا (2أيام 11: 13 و14).

20 - 24 «20 إِذَا وَسَّعَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ تُخُومَكَ كَمَا كَلَّمَكَ وَقُلْتَ: آكُلُ لَحْماً، لأَنَّ نَفْسَكَ تَشْتَهِي أَنْ تَأْكُلَ لَحْماً. فَمِنْ كُلِّ مَا تَشْتَهِي نَفْسُكَ تَأْكُلُ لَحْماً. 21 إِذَا كَانَ ٱلْمَكَانُ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِيَضَعَ ٱسْمَهُ فِيهِ بَعِيداً عَنْكَ، فَٱذْبَحْ مِنْ بَقَرِكَ وَغَنَمِكَ ٱلَّتِي أَعْطَاكَ ٱلرَّبُّ كَمَا أَوْصَيْتُكَ، وَكُلْ فِي أَبْوَابِكَ مِنْ كُلِّ مَا ٱشْتَهَتْ نَفْسُكَ. 22 كَمَا يُؤْكَلُ ٱلظَّبْيُ وَٱلإِيَّلُ هٰكَذَا تَأْكُلُهُ. ٱلنَّجِسُ وَٱلطَّاهِرُ يَأْكُلاَنِهِ سَوَاءً. 23 لٰكِنِ ٱحْتَرِزْ أَنْ لاَ تَأْكُلَ ٱلدَّمَ، لأَنَّ ٱلدَّمَ هُوَ ٱلنَّفْسُ. فَلاَ تَأْكُلِ ٱلنَّفْسَ مَعَ ٱللَّحْمِ. 24 لاَ تَأْكُلْهُ. عَلَى ٱلأَرْضِ تَسْفِكُهُ كَٱلْمَاءِ».

تكوين 15: 18 و28: 14 وخروج 34: 24 وص 11: 24 و19: 8 ع 15 ع 16 تكوين 9: 4 ولاويين 17: 11 و14

إِذَا وَسَّعَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ تُخُومَكَ هذه الآيات مع الآية 25 بَسط للآية 15 و16 وتعديل للقاعدة في لاويين 18: 2 الخ. فالبُعد من موضع العبادة المركزي إلى أطراف تلك الأرض أو حدودها مما لا يستطيع قطعه كل المعيدين (ليأتوا كلهم إلى أورشليم ويأكلوا فيها الفصح) أو ليأكلوا الفصح في مكان واحد.

25 «لاَ تَأْكُلْهُ لِيَكُونَ لَكَ وَلأَوْلاَدِكَ مِنْ بَعْدِكَ خَيْرٌ، إِذَا عَمِلْتَ ٱلْحَقَّ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ».

ص 4: 40 وإشعياء 3: 10 خروج 15: 26 وص 13: 18 و1ملوك 11: 38

لِيَكُونَ لَكَ وَلأَوْلاَدِكَ مِنْ بَعْدِكَ خَيْرٌ إذ لذلك تأثير طبيعي وتاثيرٌ أدبي.

26 «وَأَمَّا أَقْدَاسُكَ ٱلَّتِي لَكَ وَنُذُورُكَ، فَتَحْمِلُهَا وَتَذْهَبُ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ».

عدد 5: 9 و10 و18: 19 و1صموئيل 1: 21 و22 و24

وَأَمَّا أَقْدَاسُكَ... وَنُذُورُكَ المرجّح أن المقصود بالأقداس الأبكار لأنها كانت قدساً للرب ومما يجب أن تقدم محرقات (لاويين 28: 26) والعُشر الثاني كان يُعتبر قدساً أيضاً. والعُشر الأول أو المعد عادة للاويين ما كان يُعتبر من الأقداس. وكان النذر إما تقدمة محرقة وإما تقدمة سلامة.

27 «فَتَعْمَلُ مُحْرَقَاتِكَ: ٱللَّحْمَ وَٱلدَّمَ عَلَى مَذْبَحِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ. وَأَمَّا ذَبَائِحُكَ فَيُسْفَكُ دَمُهَا عَلَى مَذْبَحِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ، وَٱللَّحْمُ تَأْكُلُهُ».

لاويين 1: 5 و9 و13 و17: 11

وَأَمَّا ذَبَائِحُكَ أي ذبائح السلامة وهو النوع الوحيد من الذبائح التي يشترك فيها العابد والكاهن.

28 «اِحْفَظْ وَٱسْمَعْ جَمِيعَ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا لِيَكُونَ لَكَ وَلأَوْلاَدِكَ مِنْ بَعْدِكَ خَيْرٌ إِلَى ٱلأَبَدِ، إِذَا عَمِلْتَ ٱلصَّالِحَ وَٱلْحَقَّ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ».

ع 25

هذا نص على أن عواقب حفظ الشريعة الإلهية نافع للحافظ ولأولاده.

29، 30 «29 مَتَى قَرَضَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ مِنْ أَمَامِكَ ٱلأُمَمَ ٱلَّذِينَ أَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَيْهِمْ لِتَرِثَهُمْ، وَوَرِثْتَهُمْ وَسَكَنْتَ أَرْضَهُمْ، 30 فَٱحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تُصَادَ وَرَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا بَادُوا مِنْ أَمَامِكَ، وَمِنْ أَنْ تَسْأَلَ عَنْ آلِهَتِهِمْ: كَيْفَ عَبَدَ هٰؤُلاَءِ ٱلأُمَمُ آلِهَتَهُمْ فَأَنَا أَيْضاً أَفْعَلُ هٰكَذَا؟»

خروج 23: 23 وص 19: 1 ويشوع 23: 4 ص 7: 16

فَٱحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تُصَادَ فإن الطبع الفاسد مائل إلى عبادة الأوثان فيجب أن يحذر الإنسان من عبادة الأوثان كل الحذر (انظر إرميا 10: 2 - 5).

31، 32 «31 لاَ تَعْمَلْ هٰكَذَا لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ، لأَنَّهُمْ قَدْ عَمِلُوا لآلِهَتِهِمْ كُلَّ رِجْسٍ لَدَى ٱلرَّبِّ مِمَّا يَكْرَهُهُ، إِذْ أَحْرَقُوا حَتَّى بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ بِٱلنَّارِ لآلِهَتِهِمْ. 32 كُلُّ ٱلْكَلاَمِ ٱلَّذِي أُوصِيكُمْ بِهِ ٱحْرِصُوا لِتَعْمَلُوهُ. لاَ تَزِدْ عَلَيْهِ وَلاَ تُنَقِّصْ مِنْهُ».

لاويين 18: 3 و26 و30 وع 4 و2ملوك 17: 15 لاويين 18: 21 و20: 2 وص 18: 10 وإرميا 32: 35 وحزقيال 23: 37 ص 4: 2 و13: 18 ويشوع 1: 7 وأمثال 30: 6 ورؤيا 22: 18

كُلُّ ٱلْكَلاَمِ ٱلَّذِي أُوصِيكُمْ بِهِ لا يقدر كاتب متأخر أن يضع هذا الكلام في فم موسى إن كان قد غيّر سنة موسى أي أوامره ونواهيه.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ عَشَرَ

1 - 5 «1 إِذَا قَامَ فِي وَسَطِكَ نَبِيٌّ أَوْ حَالِمٌ حُلْماً، وَأَعْطَاكَ آيَةً أَوْ أُعْجُوبَةً 2 وَلَوْ حَدَثَتِ ٱلآيَةُ أَوِ ٱلأُعْجُوبَةُ ٱلَّتِي كَلَّمَكَ عَنْهَا قَائِلاً: لِنَذْهَبْ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا وَنَعْبُدْهَا 3 فَلاَ تَسْمَعْ لِكَلاَمِ ذٰلِكَ ٱلنَّبِيِّ أَوِ ٱلْحَالِمِ ذٰلِكَ ٱلْحُلْمَ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ يَمْتَحِنُكُمْ لِيَعْلَمَ هَلْ تُحِبُّونَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِكُمْ. 4 وَرَاءَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ تَسِيرُونَ، وَإِيَّاهُ تَتَّقُونَ، وَوَصَايَاهُ تَحْفَظُونَ، وَصَوْتَهُ تَسْمَعُونَ، وَإِيَّاهُ تَعْبُدُونَ، وَبِهِ تَلْتَصِقُونَ. 5 وَذٰلِكَ ٱلنَّبِيُّ أَوِ ٱلْحَالِمُ ذٰلِكَ ٱلْحُلْمَ يُقْتَلُ، لأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِٱلزَّيْغِ مِنْ وَرَاءِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمُ ٱلَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ وَفَدَاكُمْ مِنْ بَيْتِ ٱلْعُبُودِيَّةِ، لِيُطَوِّحَكُمْ عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي أَمَرَكُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ أَنْ تَسْلُكُوا فِيهَا. فَتَنْزِعُونَ ٱلشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ».

زكريا 10: 2 متّى 24: 24 و2تسالونيكي 2: 9 ص 18: 22 وإشعياء 8: 20 وإرميا 28: 9 ومتّى 7: 11 وغلاطية 1: 8 و1يوحنا 4: 1 ص 8: 2 ومتّى 24: 24 و1كورنثوس 11: 19 و2تسالونيكي 2: 11 ورؤيا 13: 14 و2ملوك 23: 3 و2أيام 34: 31 ص 10: 20 و30: 20 ص 18: 20 وإرميا 14: 15 وزكريا 13: 3 ص 17: 7 و22: 21 و22 و24 و1كورنثوس 5: 13

إِذَا قَامَ يحذر في هذا الأصحاح من أمور الوثنية وهي هنا ثلاثة:

  1. النبي الكذاب (ع 1 - 5).

  2. الإغواء سراً (ع 6 - 11).

  3. إغراء بعض سكان المدينة الآخر بعبادة الأوثان (ع 12 - 18).

وكلّ من تلك الأمور الثلاثة جزاؤه القتل بلا رحمة. ومن أمثلة الأول قتل إيليا الأنبياء الكذبة في وادي قيشون وهم أنبياء البعل الإله الباطل.

6 - 8 «6 وَإِذَا أَغْوَاكَ سِرّاً أَخُوكَ ٱبْنُ أُمِّكَ، أَوِ ٱبْنُكَ أَوِ ٱبْنَتُكَ أَوِ ٱمْرَأَةُ حِضْنِكَ، أَوْ صَاحِبُكَ ٱلَّذِي مِثْلُ نَفْسِكَ قَائِلاً: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلاَ آبَاؤُكَ 7 مِنْ آلِهَةِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ حَوْلَكَ، ٱلْقَرِيبِينَ مِنْكَ أَوِ ٱلْبَعِيدِينَ عَنْكَ مِنْ أَقْصَاءِ ٱلأَرْضِ إِلَى أَقْصَائِهَا، 8 فَلاَ تَرْضَ مِنْهُ وَلاَ تَسْمَعْ لَهُ وَلاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ وَلاَ تَرِقَّ لَهُ وَلاَ تَسْتُرْهُ».

ص 18: 2 تكوين 16: 5 وص 28: 54 وأمثال 5: 20 وميخا 7: 5 و1صموئيل 18: 1 و3 و20: 17 أمثال 1: 10

إِذَا أَغْوَاكَ سِرّاً أَخُوكَ هذا يدل على أن بعض الأشخاص من الإسرائيليين يغوون ويعبدون الأوثان ويأخذون في إغواء غيرهم من شعب الله. ومن أمثلة ما جرى على وفق هذه الوصية قتل ياهو جميع الذين بقوا لآخآب لأنهم عبدوا البعل وقتله أنبياء البعل وكسره التماثيل إلى غير ذلك من الأعمال (2ملوك 10: 15 - 30). وما كان من العهد في عصر آسا وهو «إِنَّ كُلَّ مَنْ لاَ يَطْلُبُ ٱلرَّبَّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ يُقْتَلُ مِنَ ٱلصَّغِيرِ إِلَى ٱلْكَبِيرِ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاءِ» (2أيام 15: 13).

وظاهر هذا العهد أنه صعب لكنه أُثبت في العهد الجديد بدليل قوله تعالى «مَنْ أَحَبَّ أَباً أَوْ أُمّاً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي» (متّى 10: 37). وقوله «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَٱمْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً» (لوقا 14: 26).

ولا يمكننا أن ننفي أن الرب يسوع هو يهوه (أي رب) العهد القديم وهو لا يترك دينونته في الأيدي البشرية دائماً لكنه مع ذلك هو هو إلى الأبد.

9 - 11 «9 بَلْ قَتْلاً تَقْتُلُهُ. يَدُكَ تَكُونُ عَلَيْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ، ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ أَخِيراً. 10 تَرْجُمُهُ بِٱلْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ، لأَنَّهُ ٱلْتَمَسَ أَنْ يُطَوِّحَكَ عَنِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ ٱلَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ ٱلْعُبُودِيَّةِ. 11 فَيَسْمَعُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ وَيَخَافُونَ، وَلاَ يَعُودُونَ يَعْمَلُونَ مِثْلَ هٰذَا ٱلأَمْرِ ٱلشِّرِّيرِ فِي وَسَطِكَ».

ص 17: 5 ص 17: 7 وأعمال 7: 58 ص 17: 13 و19: 20

يَدُكَ تَكُونُ عَلَيْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ كان على الشاهد ليُظهر شهادته أن يأخذ في إجراء الجزاء أولاً.

12 «إِنْ سَمِعْتَ عَنْ إِحْدَى مُدُنِكَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِتَسْكُنَ فِيهَا قَوْلاً».

يشوع 22: 11 الخ وقضاة 20: 1 و2

إِنْ سَمِعْتَ عَنْ إِحْدَى مُدُنِكَ المثال الوحيد لذلك ما كان من أمر جبعة. ولنا أن نفرض أن الرجس الذي جرى فيها كان من متعلقات الوثنية. ويؤيد ذلك ما جاء في سفر هوشع (انظر هوشع 9: 9 و10: 9) لكن الفاحشة هي التي أثارت غضب إسرائيل أكثر من الوثنية على ما يظهر (انظر قضاة 20: 21). ومما يستحق الاعتبار هنا قول إسرائيل لجماعات بنيامين «سَلِّمُوا ٱلْقَوْمَ بَنِي بَلِيَّعَالَ ٱلَّذِينَ فِي جِبْعَةَ لِنَقْتُلَهُمْ» (قضاة 20: 13) وهذا موافق لما مر في (ع 5 و11).

13، 14 «13 قَدْ خَرَجَ أُنَاسٌ بَنُو لَئِيمٍ مِنْ وَسَطِكَ وَطَوَّحُوا سُكَّانَ مَدِينَتِهِمْ قَائِلِينَ: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفُوهَا. 14 وَفَحَصْتَ وَفَتَّشْتَ وَسَأَلْتَ جَيِّداً وَإِذَا ٱلأَمْرُ صَحِيحٌ وَأَكِيدٌ، قَدْ عُمِلَ ذٰلِكَ ٱلرِّجْسُ فِي وَسَطِكَ».

1يوحنا 2: 19 ويهوذا 19 قضاة 19: 22 و1صموئيل 2: 12 و25: 17 و25 و1ملوك 21: 10 و13 و2كورنثوس 6: 15 و2ملوك 17: 21 ع 2 و6

بَنُو لَئِيمٍ وفي الأصل العبراني «بنو بليعال» وهذا مثل ما في (قضاة 20: 13) وهو قولهم «سلموا بني بليعال الذين في جبعة». وجاء ذلك أيضاً في (قضاة 19: 22).

15 «فَضَرْباً تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ، وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ».

خروج 22: 20 ولاويين 27: 28 ويشوع 6: 17 و21

مَعَ بَهَائِمِهَا هذا مثل ما في سفر القضاة وهو قوله «وَرَجَعَ رِجَالُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى بَنِي بِنْيَامِينَ وَضَرَبُوهُمْ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ بِأَسْرِهَا، حَتَّى ٱلْبَهَائِمَ» (قضاة 20: 48).

16 «تَجْمَعُ كُلَّ أَمْتِعَتِهَا إِلَى وَسَطِ سَاحَتِهَا، وَتُحْرِقُ بِٱلنَّارِ ٱلْمَدِينَةَ وَكُلَّ أَمْتِعَتِهَا كَامِلَةً لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ فَتَكُونُ تَلًّا إِلَى ٱلأَبَدِ لاَ تُبْنَى بَعْدُ».

يشوع 6: 24 يشوع 8: 28 وإشعياء 17: 1 و25: 2 وإرميا 49: 2

تُحْرِقُ بِٱلنَّارِ ٱلْمَدِينَةَ كذا فعلوا بجبعة (قضاة 20: 40).

17، 18 «17 وَلاَ يَلْتَصِقْ بِيَدِكَ شَيْءٌ مِنَ ٱلْمُحَرَّمِ، لِيَرْجِعَ ٱلرَّبُّ مِنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ وَيُعْطِيَكَ رَحْمَةً. يَرْحَمُكَ وَيُكَثِّرُكَ كَمَا حَلَفَ لآبَائِكَ 18 إِذَا سَمِعْتَ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ لِتَحْفَظَ جَمِيعَ وَصَايَاهُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ، لِتَعْمَلَ ٱلْحَقَّ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ».

ص 7: 26 ويشوع 6: 18 يشوع 6: 26 تكوين 22: 17 و26: 4 و24 و28: 14 ص 12: 25 و28 و32

يذكرنا هذا ما كان من أمر عاخان وقول الكاتب «فَرَجَمَهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ بِٱلْحِجَارَةِ... وَأَقَامُوا فَوْقَهُ رُجْمَةَ حِجَارَةٍ عَظِيمَةً إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ. فَرَجَعَ ٱلرَّبُّ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ» (يشوع 7: 25 و26).

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ

1 «أَنْتُمْ أَوْلاَدٌ لِلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ. لاَ تَخْمِشُوا أَجْسَامَكُمْ، وَلاَ تَجْعَلُوا قَرْعَةً بَيْنَ أَعْيُنِكُمْ لأَجْلِ مَيِّتٍ».

رومية 8: 16 و9: 8 و26 وغلاطية 3: 26 لاويين 19: 28 و21: 5 وإرميا 16: 6 و41: 5 و47: 5 و1تسالونيكي 4: 13

أَنْتُمْ أَوْلاَدٌ لِلرَّبِّ هذا أساس شرائع القداسة الرمزية والأدبية في الأسفار الخمسة ولا سيما سفر اللاويين حيث جملة الشرائع.

لاَ تَخْمِشُوا أَجْسَامَكُمْ هذه الوصية مكرر ما في سفر اللاويين بشيء من التغيير (لاويين 19: 28).

لاَ تَجْعَلُوا قَرْعَةً بَيْنَ أَعْيُنِكُمْ «على جباهكم» (تلك عادة وثنية ولعلها كانت تقوم بحلق الحاجبين عند ملتقاهما فوق الأنف.

2 «لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ، وَقَدِ ٱخْتَارَكَ ٱلرَّبُّ لِتَكُونَ لَهُ شَعْباً خَاصّاً فَوْقَ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ عَلَى وَجْهِ ٱلأَرْضِ».

لاويين 20: 26 وص 7: 6 و26: 18 و19

لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ هذا مكرر ما في (ص 7: 6) وعلة كونه مقدساً كونه مختار الله القدوس.

جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ في شرائعك وامتيازاتك وسيرك على سنن الهدى.

3 «لاَ تَأْكُلْ رِجْساً مَا».

حزقيال 4: 14 وأعمال 10: 13 و14

لاَ تَأْكُلْ رِجْساً مَا أي لا تأكل شيئاً مما نهاك الله عن أكله.

4 «هٰذِهِ هِيَ ٱلْبَهَائِمُ ٱلَّتِي تَأْكُلُونَهَا: ٱلْبَقَرُ وَٱلضَّأْنُ وَٱلْمَعْزُ».

لاويين 11: 2 الخ

ما في هذه الآية وما بعدها إلى الآية الثامنة على وفق ما في (لاويين 11: 2 - 8) لكن عدّت الأنواع هنا واستُثنى ما استُثنى هناك.

ٱلْبَقَرُ وَٱلضَّأْنُ وَٱلْمَعْزُ الضأن خلاف المعزى من الغنم وبعض العامة يقصر الغنم على الضأن والصحيح أن الغنم يطلق على المعز والضأن والأنواع الثلاثة هنا هي بهائم الذبائح القربانية.

5 «وَٱلإِيَّلُ وَٱلظَّبْيُ وَٱلْيَحْمُورُ وَٱلْوَعْلُ وَٱلرِّئْمُ وَٱلثَّيْتَلُ وَٱلْمَهَاةُ».

ٱلإِيَّلُ كالوعل أو الشاة الجبلي وهو حيوان شديد السرعة يقفز على الصخور (انظر نشيد الأنشاد 2: 9 وإشعياء 35: 6 و2صموئيل 22: 34 ومزمور 18: 33 وحبقوق 3: 19).

ٱلْيَحْمُورُ (أو الأروية أو البدن). (اليحمور في العربية الأحمر ودابة وحمار الوحش على ما في بعض كتب اللغة وهو هنا حيوان من أنواع الأيل وصنف من الوعل على ما يظهر وهو أكبر من الغزال وأصغر من الإبل. واللفظة العبرانية تطلق على الأروية وهي أنثى الوعل والبدن وهو الوعل المسن).

ٱلثَّيْتَلُ ضرب من بقر الوحش.

ٱلْمَهَاةُ البقرة الوحشية.

6 - 8 «6 وَكُلُّ بَهِيمَةٍ مِنَ ٱلْبَهَائِمِ تَشُقُّ ظِلْفاً وَتَقْسِمُهُ ظِلْفَيْنِ وَتَجْتَرُّ فَإِيَّاهَا تَأْكُلُونَ. 7 إِلاَّ هٰذِهِ فَلاَ تَأْكُلُوهَا، مِمَّا يَجْتَرُّ وَمِمَّا يَشُقُّ ٱلظِّلْفَ ٱلْمُنْقَسِمَ: ٱلْجَمَلُ وَٱلأَرْنَبُ وَٱلْوَبْرُ، لأَنَّهَا تَجْتَرُّ لٰكِنَّهَا لاَ تَشُقُّ ظِلْفاً، فَهِيَ نَجِسَةٌ لَكُمْ. 8 وَٱلْخِنْزِيرُ لأَنَّهُ يَشُقُّ ٱلظِّلْفَ لٰكِنَّهُ لاَ يَجْتَرُّ فَهُوَ نَجِسٌ لَكُمْ. فَمِنْ لَحْمِهَا لاَ تَأْكُلُوا وَجُثَثَهَا لاَ تَلْمِسُوا».

لاويين 11: 26 و27

ذُكر ما في هذه الآيات في سفر اللاويين (لاويين 11: 3 - 8).

9، 10 «9 وَهٰذَا تَأْكُلُونَهُ مِنْ كُلِّ مَا فِي ٱلْمِيَاهِ: كُلُّ مَا لَهُ زَعَانِفُ وَحَرْشَفٌ تَأْكُلُونَهُ. 10 لٰكِنْ كُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ زَعَانِفُ وَحَرْشَفٌ لاَ تَأْكُلُوهُ. إِنَّهُ نَجِسٌ لَكُمْ».

لاويين 11: 9

(انظر لاويين 11: 9 - 12).

11، 12 «11 كُلَّ طَيْرٍ طَاهِرٍ تَأْكُلُونَ. 12 وَهٰذَا مَا لاَ تَأْكُلُونَ مِنْهُ: ٱلنَّسْرُ وَٱلأَنُوقُ وَٱلْعُقَابُ».

لاويين 11: 13

وَهٰذَا مَا لاَ تَأْكُلُونَ مِنْهُ (انظر لاويين 11: 13 - 19).

13 - 20 «13 وَٱلْحِدَأَةُ وَٱلْبَاشِقُ وَٱلشَّاهِينُ عَلَى أَجْنَاسِهِ 14 وَكُلُّ غُرَابٍ عَلَى أَجْنَاسِهِ 15 وَٱلنَّعَامَةُ وَٱلظَّلِيمُ وَٱلسَّأَفُ وَٱلْبَازُ عَلَى أَجْنَاسِهِ 16 وَٱلْبُومُ وَٱلْكُرْكِيُّ وَٱلْبَجَعُ 17 وَٱلْقُوقُ وَٱلرَّخَمُ وَٱلْغَوَّاصُ 18 وَٱللَّقْلَقُ وَٱلْبَبْغَاءُ عَلَى أَجْنَاسِهِ وَٱلْهُدْهُدُ وَٱلْخُفَّاشُ. 19 وَكُلُّ دَبِيبِ ٱلطَّيْرِ نَجِسٌ لَكُمْ. لاَ يُؤْكَلُ. 20 كُلَّ طَيْرٍ طَاهِرٍ تَأْكُلُونَ».

لاويين 11: 20 لاويين 11: 21

ٱلْحِدَأَةُ وَٱلْبَاشِقُ وَٱلشَّاهِينُ (لاويين 11: 14 - 20).

21 «لاَ تَأْكُلُوا جُثَّةً مَا. تُعْطِيهَا لِلْغَرِيبِ ٱلَّذِي فِي أَبْوَابِكَ فَيَأْكُلُهَا أَوْ يَبِيعُهَا لأَجْنَبِيٍّ، لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ. لاَ تَطْبُخْ جَدْياً بِلَبَنِ أُمِّهِ».

لاويين 17: 15 و22: 8 وحزقيال 4: 14 ع 2 خروج 23: 19 و34: 26

فَيَأْكُلُهَا إذا أراد فهو غير مكره على ذلك.

لاَ تَطْبُخْ جَدْياً بِلَبَنِ أُمِّهِ (انظر تفسير خروج 23: 19 و34: 26).

22 «تَعْشِيراً تُعَشِّرُ كُلَّ مَحْصُولِ زَرْعِكَ ٱلَّذِي يَخْرُجُ مِنَ ٱلْحَقْلِ سَنَةً بِسَنَةٍ».

لاويين 27: 30 وص 12: 6 و17 ونحميا 10: 37

تَعْشِيراً تُعَشِّرُ اتفق التلمود وجمهور مفسري اليهود على أن العُشر المذكور هنا وفي (ع 28) والعُشر الذي في (ص 26: 12 - 15) واحد وهو العُشر الثاني ويمتاز عن الأول بأن الأول كان للاويين «ميراثاً عوضاً عن خدمتهم» (عدد 18: 21) ومنه يرفعون العُشر للكهنة (عدد 28: 26). وكان عشر اللاويين يُسمى بالعُشر الأول ولم يكن يُعتبر عشر اللاويين الثاني أو عشر الكهنة فكان يُعد مقدساً أبداً.

23 - 25 «23 وَتَأْكُلُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ، فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ لِيُحِلَّ ٱسْمَهُ فِيهِ، عُشْرَ حِنْطَتِكَ وَخَمْرِكَ وَزَيْتِكَ، وَأَبْكَارِ بَقَرِكَ وَغَنَمِكَ، لِتَتَعَلَّمَ أَنْ تَتَّقِيَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ كُلَّ ٱلأَيَّامِ. 24 وَلٰكِنْ إِذَا طَالَ عَلَيْكَ ٱلطَّرِيقُ حَتَّى لاَ تَقْدِرَ أَنْ تَحْمِلَهُ. إِذَا كَانَ بَعِيداً عَلَيْكَ ٱلْمَكَانُ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِيَجْعَلَ ٱسْمَهُ فِيهِ، إِذْ يُبَارِكُكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، 25 فَبِعْهُ بِفِضَّةٍ، وَصُرَّ ٱلْفِضَّةَ فِي يَدِكَ وَٱذْهَبْ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

ص 12: 5 و6 و7 و17 و18 ص 15: 19 و20 ص 12: 21

تَأْكُلُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ أي تأكل العُشر الثاني. وكان ذلك يؤتى سنتين ويختلف الترتيب في السنة الثالثة والسادسة (انظر ع 28). وأما السنة السابعة المعروفة بالسنة السبتية فلم يكن فيها من تعشير على ما يرجّح إذ لا حصاد فيها وكانت غلة الأرض للجميع وكان لكل واحد أن يأكل منها ما شاء.

26، 27 «26 وَأَنْفِقِ ٱلْفِضَّةَ فِي كُلِّ مَا تَشْتَهِي نَفْسُكَ فِي ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ وَٱلْخَمْرِ وَٱلْمُسْكِرِ وَكُلِّ مَا تَطْلُبُ مِنْكَ نَفْسُكَ، وَكُلْ هُنَاكَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ وَٱفْرَحْ أَنْتَ وَبَيْتُكَ. 27 وَٱللاَّوِيُّ ٱلَّذِي فِي أَبْوَابِكَ لاَ تَتْرُكْهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَكَ».

ص 12: 7 و18 و26: 11 ص 12: 12 و18 و19 عدد 18: 20 وص 18: 1 و2

وَأَنْفِقِ ٱلْفِضَّةَ كان من عادة اليهود أن لا ينفقوا العُشر الثاني على شيء لم يُسمح به هنا.

ٱلْمُسْكِرِ هذا يدل على أن شرب المسكر ليس بمحرم بالنظر إلى نفسه (بل بالنظر إلى الإكثار منه إلى حد السكر) (انظر لوقا 1: 15).

28 «فِي آخِرِ ثَلاَثِ سِنِينَ تُخْرِجُ كُلَّ عُشْرِ مَحْصُولِكَ فِي تِلْكَ ٱلسَّنَةِ وَتَضَعُهُ فِي أَبْوَابِكَ».

ص 26: 12 وعاموس 4: 4

فِي آخِرِ ثَلاَثِ سِنِينَ تُخْرِجُ كُلَّ عُشْرِ يُسمى هذا عند اليهود بعُشر المساكين ويرون أنه والعُشر الثاني واحد وهو العُشر الذي يأكله أصحابه في أورشليم لكنه كان يوزع في السنة الثالثة والسادسة على المساكين.

29 «فَيَأْتِي ٱللاَّوِيُّ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَكَ، وَٱلْغَرِيبُ وَٱلْيَتِيمُ وَٱلأَرْمَلَةُ ٱلَّذِينَ فِي أَبْوَابِكَ، وَيَأْكُلُونَ وَيَشْبَعُونَ، لِيُبَارِكَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ فِي كُلِّ عَمَلِ يَدِكَ ٱلَّذِي تَعْمَلُ».

ص 26: 12 ص 12: 12 وع 27 ص 15: 10 وأمثال 3: 9 و10 وملاخي 3: 10

فَيَأْتِي ٱللاَّوِيُّ قال راشي وهو أحد مفسري اليهود المشهورين «إن اللاوي يأتي ويأخذ العُشر الأول (المذكور في عدد ص 18) والغرباء واليتامى يأخذون العشر الثاني». ولكن لا برهان على سوى العُشر الثاني في كلام الكتاب هنا فاللاويون كانوا يشاركون المساكين في ذلك دائماً (انظر ص 16: 11 و14). فرأي راشي يستحق الاعتبار للسبب الآتي خصوصاً. فبعض المحدثين رأى أن شريعة التثنية منافية لشريعة العدد بالنظر إلى العُشر لكن اليهود الذين حفظوا التوراة بتدقيق وضبط لم يروا من منافات بين سُنن السفرين بل رأوا أن سنة التثنية هي سُنة العدد فلماذا توقع أنفسنا في هذا المشكل ونعرقلها بهذه المصاعب. وإذا كانت الفرائض متوافقة فلماذا نعتقد أنها وضع أناس مختلفين. وليس في التخلص من كل صعوبة سوى النظر إلى أن العُشر نوعان العُشر الأول والعُشر الثاني. فالعُشر الأول للاويين وهو سبب معاشهم والعُشر الثاني للرب «لكي اتعلم أن تتقي الرب إلهك كل الأيام» (ع 33) فكان العشر إما وليمة سرور لأهل البيت وإما هبة خاصة لمساكين الله فإن الله إله إسرائيل كان يعد مائدته لإعالة ضيوفه.

اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ عَشَرَ

1 - 3 «1 فِي آخِرِ سَبْعِ سِنِينَ تَعْمَلُ إِبْرَاءً. 2 وَهٰذَا هُوَ حُكْمُ ٱلإِبْرَاءِ: يُبْرِئُ كُلُّ صَاحِبِ دَيْنٍ يَدَهُ مِمَّا أَقْرَضَ صَاحِبَهُ. لاَ يُطَالِبُ صَاحِبَهُ وَلاَ أَخَاهُ، لأَنَّهُ قَدْ نُودِيَ بِإِبْرَاءٍ لِلرَّبِّ. 3 ٱلأَجْنَبِيَّ تُطَالِبُ، وَأَمَّا مَا كَانَ لَكَ عِنْدَ أَخِيكَ فَتُبْرِئُهُ يَدُكَ مِنْهُ».

خروج 21: 2 و23: 10 و11 ولاويين 25: 2 و4 وص 31: 10 وإرميا 34: 14 ص 23: 20

فِي آخِرِ سَبْعِ سِنِينَ الخ الشريعة هنا بسط الشريعة في (خروج 21: 2 الخ ولاويين 25: 3 الخ) ولم تُقصر تلك السنة على إعتاق العبيد العبرانيين وإراحة الأرض في السنة السابعة بل كان الدَّين يترك فيها تلك السنة ويمحى عن المديونين فيكون النفع عاماً.

4 «إِلاَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيكَ فَقِيرٌ. لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِنَّمَا يُبَارِكُكَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ نَصِيباً لِتَمْتَلِكَهَا».

ص 28: 8

إِلاَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيكَ فَقِيرٌ هذه العبارة أصل العبارة اللذيذة التي في سفر الأعمال وهي قوله «نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ، إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجاً» (أعمال 4: 33 و 34). ويُفهم من عبارة الأصل أنه كان على غير الفقير أن يوفي ما عليه من الدَّين.

لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِنَّمَا يُبَارِكُكَ وكذا كان الأمر في سفر الأعمال إذ قيل «نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ» (أعمال 4: 33). وهذه البركة لا توجب أن يكون الجميع متساوين في النجاح فيكفي أن يكون الناجحون قادرين على أن لا يتركوا أحداً بينهم محتاجاً.

5 «إِذَا سَمِعْتَ صَوْتَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ لِتَحْفَظَ وَتَعْمَلَ كُلَّ هٰذِهِ ٱلْوَصَايَا ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ ٱلْيَوْمَ».

ص 28: 1

إِذَا سَمِعْتَ «لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجاً» كذا قال راشي وهو على وفق ما جاء في سفر الأعمال (أعمال 4: 33 و34).

6 «يُبَارِكُكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ كَمَا قَالَ لَكَ. فَتُقْرِضُ أُمَماً كَثِيرَةً وَأَنْتَ لاَ تَقْتَرِضُ، وَتَتَسَلَّطُ عَلَى أُمَمٍ كَثِيرَةٍ وَهُمْ عَلَيْكَ لاَ يَتَسَلَّطُونَ».

ص 28: 12 و15 و44 ص 28: 13 وأمثال 22: 7

كَمَا قَالَ لَكَ بوعده لأبيك إبراهيم (تكوين 12: 2)

فَتُقْرِضُ فتسود (أمثال 22: 7).

7 «إِنْ كَانَ فِيكَ فَقِيرٌ، أَحَدٌ مِنْ إِخْوَتِكَ فِي أَحَدِ أَبْوَابِكَ فِي أَرْضِكَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، فَلاَ تُقَسِّ قَلْبَكَ وَلاَ تَقْبِضْ يَدَكَ عَنْ أَخِيكَ ٱلْفَقِيرِ».

1يوحنا 3: 17

فَقِيرٌ محتاج إلى أسباب المعاش.

أَبْوَابِكَ فِي أَرْضِكَ أي في مدينتك أو قريتك.

فَلاَ تُقَسِّ قَلْبَكَ الخ من الناس من يرق قلبه ولا يعطي ولذلك قال أيضاً ولا تقبض يدك.

8، 9 «8 بَلِ ٱفْتَحْ يَدَكَ لَهُ وَأَقْرِضْهُ مِقْدَارَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ. 9 ٱحْتَرِزْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَ قَلْبِكَ كَلاَمٌ لَئِيمٌ قَائِلاً: قَدْ قَرُبَتِ ٱلسَّنَةُ ٱلسَّابِعَةُ، سَنَةُ ٱلإِبْرَاءِ وَتَسُوءُ عَيْنُكَ بِأَخِيكَ ٱلْفَقِيرِ وَلاَ تُعْطِيهِ، فَيَصْرُخَ عَلَيْكَ إِلَى ٱلرَّبِّ فَتَكُونُ عَلَيْكَ خَطِيَّةٌ».

لاويين 25: 35 ومتّى 5: 42 ولوقا 6: 34 و35 ص 28: 54 وأمثال 23: 6 و28: 22 ومتّى 20: 15 ص 24: 15 متّى 25: 41 و42

ٱفْتَحْ يَدَكَ ولو اقتضت الحال فتحها مراراً.

وَأَقْرِضْهُ إن لم يرد أن تهب له.

مِقْدَارَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فلا تتركه في حاجة وما عليك أن تجعله غنياً.

10 «أَعْطِهِ وَلاَ يَسُوءُ قَلْبُكَ عِنْدَمَا تُعْطِيهِ لأَنَّهُ بِسَبَبِ هٰذَا ٱلأَمْرِ يُبَارِكُكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ فِي كُلِّ أَعْمَالِكَ وَجَمِيعِ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ يَدُكَ».

2كورنثوس 9: 5 و7 ص 14: 29 و24: 11 وأمثال 22: 9

أَعْطِهِ ولو مئة مرة وليكن الأمر بينك وبينه فلا تعلن ذلك بالبوق «فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ» (متّى 6: 3). وهذا على وفق تفسير راشي فلا شك في أن اليهود كانوا يفهمون مبادئ المسيح في الصدقة مما عرفوه في شريعة موسى.

بِسَبَبِ هٰذَا أي الإحسان وتحصل على البركة من أول عزمك على ذلك ووعدك به. قال راشي «تنال الجزاء حين تعد بالصدقة كما تجزي على إعطائها». وهذا موافق لقول الرسول «إِنْ كَانَ ٱلنَّشَاطُ مَوْجُوداً فَهُوَ مَقْبُولٌ عَلَى حَسَبِ مَا لِلإِنْسَانِ، لاَ عَلَى حَسَبِ مَا لَيْسَ لَهُ» (2كورنثوس 8: 12).

11 «لأَنَّهُ لاَ تُفْقَدُ ٱلْفُقَرَاءُ مِنَ ٱلأَرْضِ. لِذٰلِكَ أَنَا أُوصِيكَ قَائِلاً: ٱفْتَحْ يَدَكَ لأَخِيكَ ٱلْمِسْكِينِ وَٱلْفَقِيرِ فِي أَرْضِكَ».

متّى 26: 11 ومرقس 14: 7 ويوحنا 12: 8

لأَنَّهُ لاَ تُفْقَدُ ٱلْفُقَرَاءُ مِنَ ٱلأَرْضِ لا منافاة بين هذه الآية والآية الرابعة لأن بعض الناس لا بد أن يفتقر لكن علينا أن نساعد الفقير لكي لا يبقى في حاجة لأنه لا تُفقد الفقراء من الأرض إلا بأن يساعدهم إخوتهم فإن الله سبحانه وتعالى لم يجعل الناس متساوين التساوي المطلق في هذا العالم.

لأَخِيكَ ٱلْمِسْكِينِ وَٱلْفَقِيرِ قال راشي المسكين هنا المنحط لفقره والفقير المحتاج حقيقة وأوجب الله علينا مساعدة المساكين والفقراء لأنهم إخوتنا كما سماهم الرب ومن الواجب أن يقوم بعض الإخوة بمساعدة بعضهم من المحتاجين لأننا أعضاء بعضنا البعض. وسأل راشي كسؤال الناموسي للمسيح «من هو أخي» وأجاب بقوله هو المحتاج والفقير فيك.

12 «إِذَا بِيعَ لَكَ أَخُوكَ ٱلْعِبْرَانِيُّ أَوْ أُخْتُكَ ٱلْعِبْرَانِيَّةُ وَخَدَمَكَ سِتَّ سِنِينَ، فَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّابِعَةِ تُطْلِقُهُ حُرّاً مِنْ عِنْدِكَ».

خروج 21: 2 ولاويين 25: 39 وإرميا 34: 14

إِذَا بِيعَ لَكَ أَخُوكَ ٱلْعِبْرَانِيُّ أَوْ أُخْتُكَ ٱلْعِبْرَانِيَّةُ ذُكرت هذه الشريعة مفسّرة في نبوءة إرميا (إرميا 36: 9 و13 و14) كما أُعطيت في سفر الخروج (خروج 21: 2 - 11) وهي تشغل الفصل الأول من الشريعة السيناويّة.

فَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّابِعَةِ أي السنة السبتية لا السابعة من بداءة البيع وندر أن يُستعبد العبراني مدة ست سنين.

13 «وَحِينَ تُطْلِقُهُ حُرّاً مِنْ عِنْدِكَ لاَ تُطْلِقُهُ فَارِغاً. 14 تُزَوِّدُهُ مِنْ غَنَمِكَ وَمِنْ بَيْدَرِكَ وَمِنْ مَعْصَرَتِكَ. كَمَا بَارَكَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ تُعْطِيهِ».

أمثال 10: 22

لاَ تُطْلِقُهُ فَارِغاً تُزَوِّدُهُ الخ نتبيّن قيمة هذا التزويد من أن العبد في نهاية خدمته لا يكون معه شيء لأنه باع نفسه من الفقر فتزويده حينئذ بما ذُكر في الآية يمكنه من الشروع في حياة جديدة.

15 «وَٱذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْداً فِي أَرْضِ مِصْرَ، فَفَدَاكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ. لِذٰلِكَ أَنَا أُوصِيكَ بِهٰذَا ٱلأَمْرِ ٱلْيَوْمَ».

ص 5: 15 و16: 12

ٱذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْداً فِي أَرْضِ مِصْرَ «وإني زودتك وحليتك بغنائم مصر وغنائم البحر» (راشي).

لِذٰلِكَ أَنَا أُوصِيكَ والسبب الذي في سفر اللاويين هو ما نصه «لأَنَّهُمْ عَبِيدِي ٱلَّذِينَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ يُبَاعُونَ بَيْعَ ٱلْعَبِيدِ» (لاويين 25: 42) (أي لا يباعون ليكونوا عبيداً إلى الأبد). وكذا كان حكم الأرض فما كانت تباع إلى الأبد لأن الأرض للرب (لاويين 25: 16 و17 و23).

16 «وَلٰكِنْ إِذَا قَالَ لَكَ: لاَ أَخْرُجُ مِنْ عِنْدِكَ لأَنَّهُ قَدْ أَحَبَّكَ وَبَيْتَكَ، إِذْ كَانَ لَهُ خَيْرٌ عِنْدَكَ».

خروج 21: 5 و6

إِذَا قَالَ لَكَ: لاَ أَخْرُجُ مِنْ عِنْدِكَ لأَنَّهُ قَدْ أَحَبَّكَ لا لأنه مكره على ذلك.

17 «فَخُذِ ٱلْمِخْرَزَ وَٱجْعَلْهُ فِي أُذُنِهِ وَفِي ٱلْبَابِ، فَيَكُونَ لَكَ عَبْداً مُؤَبَّداً. وَهٰكَذَا تَفْعَلُ لأَمَتِكَ أَيْضاً».

وَهٰكَذَا تَفْعَلُ لأَمَتِكَ فلا تطلقها فارغة وزوّدها (ع 13 و14) أو أبقها أَمة إذا أرادت وقالت لا أخرج من عندك (ع 16). ولا منافاة بين ما قيل هنا وما قيل في سفر الخروج (انظر خروج 11: 7 - 11 والتفسير).

18 «لاَ يَصْعُبْ عَلَيْكَ أَنْ تُطْلِقَهُ حُرّاً مِنْ عِنْدِكَ، لأَنَّهُ ضِعْفَيْ أُجْرَةِ ٱلأَجِيرِ خَدَمَكَ سِتَّ سِنِينَ. فَيُبَارِكُكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ فِي كُلِّ مَا تَعْمَلُ».

إشعياء 16: 14 و21: 16

ضِعْفَيْ أُجْرَةِ ٱلأَجِيرِ خَدَمَكَ سِتَّ سِنِينَ كانت خدمة الأجير ثلاث سنين (إشعياء 16: 14).

19 «كُلُّ بِكْرٍ ذَكَرٍ يُولَدُ مِنْ بَقَرِكَ وَمِنْ غَنَمِكَ تُقَدِّسُهُ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ. لاَ تَشْتَغِلْ عَلَى بِكْرِ بَقَرِكَ وَلاَ تَجُزَّ بِكْرَ غَنَمِكَ».

خروج 13: 2 و34: 19 ولاويين 27: 26 وعدد 3: 13

كُلُّ بِكْرٍ... تُقَدِّسُهُ أي تجعله للرب فلا يُستعمل في الأمور العادية (لاويين 27: 26).

20 - 23 «20 أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ تَأْكُلُهُ سَنَةً بِسَنَةٍ، فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ، أَنْتَ وَبَيْتُكَ. 21 وَلٰكِنْ إِذَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ، عَرَجٌ أَوْ عَمىً، عَيْبٌ مَا رَدِيءٌ، فَلاَ تَذْبَحْهُ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ. 22 فِي أَبْوَابِكَ تَأْكُلُهُ. ٱلنَّجِسُ وَٱلطَّاهِرُ سَوَاءً كَٱلظَّبْيِ وَٱلإِيَّلِ. 23 وَأَمَّا دَمُهُ فَلاَ تَأْكُلُهُ. عَلَى ٱلأَرْضِ تَسْفِكُهُ كَٱلْمَاءِ».

ص 12: 5 و 6 و7 و17 و14: 23 و16: 11 و14 لاويين 22: 20 وص 17: 1 ص 12: 15 و22 ص 12: 16 و13

أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ تَأْكُلُهُ سَنَةً بِسَنَةٍ الخ هذا يربط أكل الأبكار من البهائم بالعُشر الثاني (ص 14: 23). وهنا شيء من الصعوبة في فهم العلاقة التامة بين هذه الفريضة وفريضة الأبكار المفروزة للكهنة (عدد 18: 15) مع العشر الأول. ودفع هذه الصعوبة موكول إلى استعمال اليهود. قال راشي في تفسير هذه الآية أن المخاطب في قوله تأكله الكاهن. وقال آخر من مفسري اليهود إن الأبكار التي كانت تفرز للكاهن هي الأبكار التي بلا عيب. وعلى هذا قيل أنه كانت تجمع الأبكار التي لا عيب فيها وتقدم للكهنة لأكل الأبكار وما سواها كان يأكلها أهل البيت.

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ عَشَرَ

الفصح (ع 1 إلى 8 انظر خروج ص 12)

1 «اِحْفَظْ شَهْرَ أَبِيبَ وَٱعْمَلْ فِصْحاً لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ، لأَنَّهُ فِي شَهْرِ أَبِيبَ أَخْرَجَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ مِنْ مِصْرَ لَيْلاً».

خروج 12: 2 الخ خروج 13: 4 و34: 18 خروج 12: 29 و42

شَهْرَ أَبِيبَ جاء في قاموس الكتاب المقدس للدكتور جورج بوست ما نصه «أبيب (سنبلة خضراء) شهر السنابل الخضراء. وهو أول شهر من شهور سنة العبرانيين المقدسة ويليه نيسان والأرجح أنه يبتدئ في هلال آذار غير أن بعض المحدثين قالوا أنه يبتدئ في هلال نيسان».

لَيْلاً أذن فرعون للإسرائيليين بالخروج في ليلة موت الأبكار على أنهم لم ينطلقوا فعلاً إلا في الغد (عدد 33: 3 و4).

2 - 5 «2 فَتَذْبَحُ ٱلْفِصْحَ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ غَنَماً وَبَقَراً فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ لِيُحِلَّ ٱسْمَهُ فِيهِ. 3 لاَ تَأْكُلْ عَلَيْهِ خَمِيراً. سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَأْكُلُ عَلَيْهِ فَطِيراً، خُبْزَ ٱلْمَشَقَّةِ لأَنَّكَ بِعَجَلَةٍ خَرَجْتَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِتَذْكُرَ يَوْمَ خُرُوجِكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. 4 وَلاَ يُرَ عِنْدَكَ خَمِيرٌ فِي جَمِيعِ تُخُومِكَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَلاَ يَبِتْ شَيْءٌ مِنَ ٱللَّحْمِ ٱلَّذِي تَذْبَحُ مَسَاءً فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ إِلَى ٱلْغَدِ. 5 لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَذْبَحَ ٱلْفِصْحَ فِي أَحَدِ أَبْوَابِكَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ»

عدد 28: 19 ص 12: 5 و26 خروج 12: 15 و19 و39 و13: 3 و6 و7 و34: 18 خروج 13: 7 خروج 12: 10 و34: 25

غَنَماً وَبَقَراً الخ أما ذبيحة الفصح فهي إما خروف وإما جدي لأن الغنم يطلق على الضأن والمعزى (انظر تفسير ص 14: 4 وقابل به خروج 12: 5). ولكن كان هنالك أيضاً تقدمة خاصة من الثيران معيّنة لليوم الأول من أيام الفطير الذي يلي الفصح (انظر عدد 28: 19).

6، 7 «6 بَلْ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِيُحِلَّ ٱسْمَهُ فِيهِ. هُنَاكَ تَذْبَحُ ٱلْفِصْحَ مَسَاءً نَحْوَ غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ فِي مِيعَادِ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ، 7 وَتَطْبُخُ وَتَأْكُلُ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، ثُمَّ تَنْصَرِفُ فِي ٱلْغَدِ وَتَذْهَبُ إِلَى خِيَامِكَ».

خروج 12: 6 خروج 12: 8 و9 و2أيام 35: 13 و2ملوك 23: 23 ويوحنا 2: 13 و23 و11: 55

مَسَاءً نَحْوَ غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ فِي مِيعَادِ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ إن كان ذلك الميعاد الساعة التي ابتدأوا فيها السير فعلاً كان ذلك المساء مساء الخامس عشر من الشهر (انظر عدد 23: 3) ولكن قد يراد بالميعاد وقت معين من السنة (خروج 23: 15 وعدد 9: 2 الخ). وكان الفصح أوله اليوم الرابع من نيسان لا اليوم الخامس عشر فيكون الوقت المقصود في الآية وقت ذبح الخروف الذي خلص الإسرائيليين من المهلك لا وقت بداءة السير فعلاً. ومما يستحق الذكر هنا أنه كما كان عيد الفصح تذكاراً للإنقاذ بذبخ الخروف في مصر كان عيد المظال تذكاراً للحلول في سكّوت أول أمكنة راحة الشعب المُنقَذ بعد ابتداء الخروج فعلاً.

8 «سِتَّةَ أَيَّامٍ تَأْكُلُ فَطِيراً، وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ ٱعْتِكَافٌ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ. لاَ تَعْمَلْ فِيهِ عَمَلاً».

خروج 12: 16 و13: 6 ولاويين 23: 8 و36 وعدد 29: 35

ٱعْتِكَافٌ أي تحبُّس أي انقطاع عن الأعمال العادية فإنه منع في ذلك اليوم عن الأعمال المعتادة. وهذه اللفظة لم ترد إلا هنا وفي سفر اللاويين وسفر العدد من التوراة (لاويين 23: 36 وعدد 29: 35).

عيد الأسابيع أو عيد الخمسين (ع 9 إلى 12)

(انظر أيضاً خروج 3: 16 و34: 18 - 23) والعيد نفسه وُضع في سفر الخروج وعُيّن وقته في سفر اللاويين وعُيّنت ذبائحه في سفر العدد.

9 «سَبْعَةَ أَسَابِيعَ تَحْسُبُ لَكَ. مِنِ ٱبْتِدَاءِ ٱلْمِنْجَلِ فِي ٱلزَّرْعِ تَبْتَدِئُ أَنْ تَحْسُبَ سَبْعَةَ أَسَابِيعَ».

خروج 23: 16 و34: 22 ولاويين 23: 15 وعدد 28: 26 وأعمال 2: 1

مِنِ ٱبْتِدَاءِ ٱلْمِنْجَلِ فِي ٱلزَّرْعِ لم يُذكر المنجل إلا هنا وفي (ص 23: 25). وعُيّن في سفر اللاويين أن تُحسب الأسابيع من تقديم حزمة الترديد في اليوم السادس عشر من الشهر الأول بعد الفصح بيومين وكانت تلك الحزمة من الشعير وأول ما نضج من الزرع.

10 «وَتَعْمَلُ عِيدَ أَسَابِيعَ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ عَلَى قَدْرِ مَا تَسْمَحُ يَدُكَ أَنْ تُعْطِيَ، كَمَا يُبَارِكُكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

ع 17 و1كورنثوس 16: 2

عَلَى قَدْرِ مَا تَسْمَحُ يَدُكَ أَنْ تُعْطِيَ أي على قدر استطاعتك لا على قدر ميلك ولا تقف أمام الرب فارغاً (خروج 34: 20 و23: 15).

11، 12 «11 وَتَفْرَحُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ أَنْتَ وَٱبْنُكَ وَٱبْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَٱللاَّوِيُّ ٱلَّذِي فِي أَبْوَابِكَ وَٱلْغَرِيبُ وَٱلْيَتِيمُ وَٱلأَرْمَلَةُ ٱلَّذِينَ فِي وَسْطِكَ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِيُحِلَّ ٱسْمَهُ فِيهِ. 12 وَتَذْكُرُ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْداً فِي مِصْرَ وَتَحْفَظُ وَتَعْمَلُ هٰذِهِ ٱلْفَرَائِضَ».

ص 12: 7 و12 و18 ع 14 ص 15: 15

تَفْرَحُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ قويت الوصية بهذا العيد في هذا السفر أكثر مما في غيره. وتظهر علاقته بالفقراء في الوصية المتعلقة بهذا العيد في سفر اللاويين وهي في قوله «عِنْدَمَا تَحْصُدُونَ حَصِيدَ أَرْضِكُمْ لاَ تُكَمِّلْ زَوَايَا حَقْلِكَ فِي حَصَادِكَ، وَلُقَاطَ حَصِيدِكَ لاَ تَلْتَقِطْ. لِلْمِسْكِينِ وَٱلْغَرِيبِ تَتْرُكُهُ» (لاويين 23: 22).

عيد المظال (ع 13 إلى 15)

13 «تَعْمَلُ لِنَفْسِكَ عِيدَ ٱلْمَظَالِّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ عِنْدَمَا تَجْمَعُ مِنْ بَيْدَرِكَ وَمِنْ مِعْصَرَتِكَ».

خروج 23: 16 ولاويين 23: 34 وعدد 29: 12

تَعْمَلُ لِنَفْسِكَ عِيدَ ٱلْمَظَالِّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ تقدّم الكلام على هذا العيد في كل سفر من سفر الخروج واللاويين والعدد ولا سيما (لاويين 23: 33 - 43).

14 «وَتَفْرَحُ فِي عِيدِكَ أَنْتَ وَٱبْنُكَ وَٱبْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَٱللاَّوِيُّ وَٱلْغَرِيبُ وَٱلْيَتِيمُ وَٱلأَرْمَلَةُ ٱلَّذِينَ فِي أَبْوَابِكَ».

نحميا 8: 9 الخ

أَنْتَ وَٱبْنُكَ ضُرب المثل بفرح اليهود في عيد المظال. قال راشي وأجاد ما شاء ونقل الكلام عن الرب «اللاوي والغريب واليتيم والأرملة أربعتي مقابل أربعتك ابنك وابنتك وعبدك وأَمتك فإن فرّحت أربعتي فرّحت أربعتك».

15 «سَبْعَةَ أَيَّامٍ تُعَيِّدُ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ يُبَارِكُكَ فِي كُلِّ مَحْصُولِكَ وَفِي كُلِّ عَمَلِ يَدَيْكَ، فَلاَ تَكُونُ إِلاَّ فَرِحاً».

لاويين 23: 39 و40

سَبْعَةَ أَيَّامٍ ذُكر يوم ثامن في (لاويين 23: 36 وعدد 29: 35) لكن سبعة أيام العيد المذكور هنا ذُكرت في كل من ذينك السفرين (لاويين 23: 36 وعدد 29: 12) فإذاً لا منافاة بين الأنباء فإن اليوم الثالث نُظر إليه بخصوصه منفرداً عن أيام العيد السبعة فمُيّز هذا اليوم هنا كما مُيّز الفصح من الأيام الستة التي تليه وتُعرف بأيام الفطير. ووضح سبب ذلك التمييز بإكمال ربنا يسوع لذلك العيد فإن الفصح يوم ذبيحته وموته فنحن نعيد بفطير الإخلاص والحق. وإلى الآن لم يكمل الرب عيد المظال كما أكمل العيدين الآخرين. وتعتبره النبوءات أنه لم يتم ومنها ما في (زكريا ص 14). ورفض ربنا أن يحتفل بذلك العيد احتفالاً جمهورياً (يوحنا 7: 2 - 10) ولذلك نقول أنه ربما كان لتمييز اليوم الثامن عن أيام ذلك العيد السبعة سبب عظيم يُعلن تمامه في ملكوت الله. ومما يستحق الاعتبار أن تدشين هيكل سليمان وبداءة الهيكل الثاني وتدشين أسوار أورشليم كانت في نحو وقت عيد المظال.

16 «ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي ٱلسَّنَةِ يَحْضُرُ جَمِيعُ ذُكُورِكَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ، فِي عِيدِ ٱلْفَطِيرِ وَعِيدِ ٱلأَسَابِيعِ وَعِيدِ ٱلْمَظَالِّ. وَلاَ يَحْضُرُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ فَارِغِينَ».

خروج 23: 14 و17 و34: 23 خروج 23: 15 و34: 20

ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي ٱلسَّنَةِ كذا في (خروج 23: 17 و34: 23 و24) وزيد على ذلك الوعد بأن الأرض تكون آمنة في غيبتهم.

17 «كُلُّ وَاحِدٍ حَسْبَمَا تُعْطِي يَدُهُ، كَبَرَكَةِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ ٱلَّتِي أَعْطَاكَ».

2كورنثوس 8: 12 ع 10

حَسْبَمَا تُعْطِي يَدُهُ الخ (أي على قدر ما يستطيع وبالنسبة إلى ما أعطاه الله).

18 «قُضَاةً وَعُرَفَاءَ تَجْعَلُ لَكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ حَسَبَ أَسْبَاطِكَ، فَيَقْضُونَ لِلشَّعْبِ قَضَاءً عَادِلاً».

ص 1: 16 و1أيام 23: 4 و26: 29 و2أيام 19: 5 و8

قُضَاةً وَعُرَفَاءَ هذا بداءة قسم جديد من السفر على ما كان يقرأ في المجامع (والعرفاء في العربية جمع عريف وهو رئيس القوم أو النقيب أو هو ثاني الرئيس فكأن العريف على ذلك نائب القاضي أو ثانيه وهو كذلك في العبرانية. على أن العرفاء يصدقون على القواد انظر تفسير ص 20: 5). إن تلك الأرض حُُسبت هنا مملكة «يهوه» أي الرب الأزلي الأبدي من هذه الكلمات إلى نهاية (ص 17). وإذا طالعت (يشوع 23: 2) تبيّن لك أن القضاة كانوا قد عُينوا حينئذ.

19، 20 «19 لاَ تُحَرِّفِ ٱلْقَضَاءَ، وَلاَ تَنْظُرْ إِلَى ٱلْوُجُوهِ، وَلاَ تَأْخُذْ رَشْوَةً لأَنَّ ٱلرَّشْوَةَ تُعْمِي أَعْيُنَ ٱلْحُكَمَاءِ وَتُعَوِّجُ كَلاَمَ ٱلصِّدِّيقِينَ. 20 ٱلْعَدْلَ ٱلْعَدْلَ تَتَّبِعُ، لِكَيْ تَحْيَا وَتَمْتَلِكَ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

خروج 23: 2 ولاويين 19: 15 ص 1: 17 وأمثال 24: 23 خروج 23: 8 وأمثال 17: 23 وجامعة 7: 7 حزقيال 18: 5 و9

(انظر خروج 23: 6 و8).

21 «لاَ تَنْصُبْ لِنَفْسِكَ سَارِيَةً مِنْ شَجَرَةٍ مَا بِجَانِبِ مَذْبَحِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ ٱلَّذِي تَصْنَعُهُ لَكَ».

خروج 34: 13 و1ملوك 14: 15 و16: 33 و2ملوك 17: 16 و21: 3 و2أيام 33: 3

سَارِيَةً قد تطلق الكلمة العبرانية المترجمة بسارية على الصنم والمقصود بها هنا أجمة أو دغل. إن دين اليهود لا يؤذن أن يمازج عبادته شيء من رسوم العبادة الوثنية ولا يسمح أن يقرب مذبح الرب شيء منها.

22 «وَلاَ تُقِمْ لَكَ نَصَباً. ٱلشَّيْءَ ٱلَّذِي يُبْغِضُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

لاويين 26: 1

نَصَباً قال راشي «أي حجراً واحداً تمثالاً أو عموداً».

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ عَشَرَ

1 «لاَ تَذْبَحْ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ ثَوْراً أَوْ شَاةً فِيهِ عَيْبٌ شَيْءٌ مَا رَدِيءٌ، لأَنَّ ذٰلِكَ رِجْسٌ لَدَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ».

ص 15: 21 وملاخي 1: 8 و13 و14

لاَ تَذْبَحْ وجوب طهارة الذبيحة ذُكر بالتفصيل في (لاويين 22: 17 - 25) وتُكلم عليه هناك بين شرائع الطهارة الخاصة. وهذا المبدأ نفسه اقترن بعدة مواضيع في سفر التثنية كالأيام المقدسة وخدمة البر واعتزال الآجام والتماثيل في العبادة وخلو بهائم القرابين من العيب وكون قداسة إله إسرائيل توجب عليهم أن يكونوا مقدسين وكون الحق والبر والنقاوة واجبة على كل من يدنو منه وكل ما يقرب إليه. ومن جملة ما ذُكر هنا اعتبار عظمة ملكوت الله.

شَاةً (انظر ص 14: 4 والتفسير). (الشاة العربية والعبرانية الواحدة من الغنم للذكر والأنثى وقد مرّ أن الغنم يُطلق على الضأن والمعزى فيصح أن يكون المقصود بالشاة هنا الخروف أو الجدي).

إن الوقت الوحيد في تاريخ الكتاب المقدس الذي اشتُكي فيه تقديم الحيوانات المعيبة كثيراً هو عصر ملاخي النبي (انظر ملاخي 1: 7 - 14). ففساد الكهة يومئذ حمل النبي على توبيخهم وبيان أنه يجب أن يقدم لاسم الرب بخور وتقدمة طاهرة.

رجم من يعبد الوثن (ع 2 إلى 7).

2 «إِذَا وُجِدَ فِي وَسَطِكَ فِي أَحَدِ أَبْوَابِكَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ رَجُلٌ أَوِ ٱمْرَأَةٌ يَفْعَلُ شَرّاً فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ بِتَجَاوُزِ عَهْدِهِ».

ص 13: 6 يشوع 7: 11 و15 و23: 16 وقضاة 2: 20 و2ملوك 18: 12 وهوشع 8: 1

إِذَا وُجِدَ... رَجُلٌ أَوِ ٱمْرَأَةٌ هذا الفصل يختلف قليلاً عن الفصل الثالث من (ص 13) فالجزاء هناك على المُغري بالعبادة الوثنية نبياً أو غير نبي أو جماعة. وهنا بيان أن الموت جزاء من يعبد الصنم أو يعبد غير الله. وقد رأينا أثر هذه السُنة في ملك آسا (2أيام 15: 13) وقد قيل يومئذ «كل من لا يطلب الرب إله إسرائيل يُقتل من الصغير إلى الكبير من الرجال والنساء».

3 - 5 «3 وَيَذْهَبُ وَيَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى وَيَسْجُدُ لَهَا، أَوْ لِلشَّمْسِ أَوْ لِلْقَمَرِ أَوْ لِكُلٍّ مِنْ جُنْدِ ٱلسَّمَاءِ ٱلشَّيْءَ ٱلَّذِي لَمْ أُوصِ بِهِ، 4 وَأُخْبِرْتَ وَسَمِعْتَ وَفَحَصْتَ جَيِّداً وَإِذَا ٱلأَمْرُ صَحِيحٌ أَكِيدٌ. قَدْ عُمِلَ ذٰلِكَ ٱلرِّجْسُ فِي إِسْرَائِيلَ، 5 فَأَخْرِجْ ذٰلِكَ ٱلرَّجُلَ أَوْ تِلْكَ ٱلْمَرْأَةَ ٱلَّذِي فَعَلَ ذٰلِكَ ٱلأَمْرَ ٱلشِّرِّيرَ إِلَى أَبْوَابِكَ، ٱلرَّجُلَ أَوِ ٱلْمَرْأَةَ، وَٱرْجُمْهُ بِٱلْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ».

ص 4: 19 وأيوب 31: 26 إرميا 7: 22 و23 و31 و19: 5 و32: 35 ص 13: 12 و14 لاويين 24: 14 و16 وص 13: 10 ويشوع 7: 25

لِلشَّمْسِ أَوْ لِلْقَمَرِ أَوْ لِكُلٍّ مِنْ جُنْدِ ٱلسَّمَاءِ الخ هذا أبسط وأقدم ما أتاه الوثنيون فإن كان يوجب الموت فغيره أحرى بأن يوجبه وأيوب الذي لم يعرف من الوثنية غير عبادة الأجرام نص على أن تلك محرمة بقوله ما يفيد البهائم وجحد الله من فوق (انظر أيوب 31: 26 - 28).

6 «عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يُقْتَلُ ٱلَّذِي يُقْتَلُ. لاَ يُقْتَلْ عَلَى فَمِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ».

عدد 35: 20 وص 19: 15 ومتّى 18: 16 ويوحنا 8: 17 و2كورنثوس 13: 1 و1تيموثاوس 5: 19 وعبرانيين 10: 28

ٱلَّذِي يُقْتَلُ أي الذي يحكم عليه بالقتل للعبادة الوثنية.

7 «أَيْدِي ٱلشُّهُودِ تَكُونُ عَلَيْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ، ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ أَخِيراً، فَتَنْزِعُ ٱلشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ».

ص 13: 9 وأعمال 7: 58 ع 12 وص 13: 5 و19: 19

أَيْدِي ٱلشُّهُودِ تَكُونُ عَلَيْهِ أَوَّلاً ليكون ذلك دليلاً قاطعاً على صحة الشهادة (وإلا فالشاهد خطئ خطيئتين من وصايا الله العشر وقد ارتكبهما الشهود على استفانوس أول الشهداء ولم يخشوا الله).

فَتَنْزِعُ ٱلشَّرَّ وفي الترجمة اليونانية الرجل الشرير (فسمي الوثني بالشر مبالغة وهذا كثير في العبرانية والعربية كقولهم لكثير الحدو حداء ولكثير الرذائل رذيلة). وجاء مثل هذا الحكم صورة في الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس وهو قول الرسول «فَٱعْزِلُوا ٱلْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ» (1كورنثوس 5: 13). وكثرت هذه العبارة في سفر التثنية. والشر ليس بمادة قائمة بنفسها ليُعزل أو ينزع فيكون التخلص منه بعزل الشرير أو نزعه لأنه قائم به.

شريعة الله المكتوبة ذات السلطان الأعظم في إسرائيل (ع 8 إلى 20)

8 «إِذَا عَسِرَ عَلَيْكَ أَمْرٌ فِي ٱلْقَضَاءِ بَيْنَ دَمٍ وَدَمٍ، أَوْ بَيْنَ دَعْوَى وَدَعْوَى، أَوْ بَيْنَ ضَرْبَةٍ وَضَرْبَةٍ مِنْ أُمُورِ ٱلْخُصُومَاتِ فِي أَبْوَابِكَ، فَقُمْ وَٱصْعَدْ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

2أيام 19: 10 وحجي 2: 11 وملاخي 2: 7 خروج 21: 13 و20 و22 و 28 و22: 2 وعدد 35: 11 و16 و19 وص 19: 4 و10 و11 ص 12: 5 و19: 17 ومزمور 122: 5

إِذَا عَسِرَ عَلَيْكَ أي أشكل حتى صعب عليك دفع الإشكال.

بَيْنَ دَمٍ وَدَمٍ، أَوْ بَيْنَ دَعْوَى وَدَعْوَى، أَوْ بَيْنَ ضَرْبَةٍ وَضَرْبَةٍ يُراد بالدم والدعوى هنا ما يتعلق بالجرائم والأحوال المدنية. وأما الضربة فكثيراً ما جاءت في الأسفار الخمسة وغيرها بمعنى الوباء. ويمكن أن يكون المقصود بها هنا حال من أحوال الطهارة والنجاسة في الرسوم ولا سيما الأمراض. ولنا إرشادات واضحة إلى العمل بهذه السنة في تاريخ الملك يهوشافاط (2أيام 19: 8 - 10). ففي كلامه هذه الكلمات «بين دم ودم بين شريعة ووصية من جهة فرائض وأحكام». وفي الآية مسئلتان (1) بين فريقين متخاصمين. و(2) بين الشريعة بالنظر إلى كونها قانوناً عاماً واستعمالها للواجبات الخاصة الفرائض والأحكام. وهذا إعادة ما في (ص 16: 18 - 20) بلفظ آخر.

أُمُورِ ٱلْخُصُومَاتِ فِي أَبْوَابِكَ اي المحاكم المحلية في المدن المختلفة. وكان الباب عندهم محل القضاء. وفُسّرت هذه العبارة أحسن تفسير في سفر الأيام الثاني في قول يهوشافاط «فِي كُلِّ دَعْوَى تَأْتِي إِلَيْكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمُ ٱلسَّاكِنِينَ فِي مُدُنِهِمْ» (2أيام 19: 10).

إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ هذا يتضمن ما رُتب قبل موت موسى ليعمل به في أرض كنعان وكان موسى قد كتب الشريعة وحفظها في جانب تابوت العهد في الموضع المقدس (ص 31: 26).

9 «وَٱذْهَبْ إِلَى ٱلْكَهَنَةِ ٱللاَّوِيِّينَ وَإِلَى ٱلْقَاضِي ٱلَّذِي يَكُونُ فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ، وَٱسْأَلْ فَيُخْبِرُوكَ بِأَمْرِ ٱلْقَضَاءِ».

إرميا 18: 18 ص 19: 17 حزقيال 44: 24

ٱذْهَبْ إِلَى ٱلْكَهَنَةِ ٱللاَّوِيِّينَ أي الكهنة الذين هم من سبط لاوي (راشي). وقال بعض المنتقدين المحدثين «إن كاتب سفر التثنية لا يعرف الفرق بين الكهنة واللاويين» ودُفع قوله في تفسير (ص 11: 6 و31: 9 و25). ورأى بعضهم أن اللاويين معطوف على الكهنة بإسقاط العاطف وهو جائز في العربية والعبرانية فيكون ترتيب الكلام هكذا «اذهب إلى الكهنة وإلى اللاويين وإلى القاضي» وهذا كان ترتيب موسى (انظر عدد 27: 21 - 35). فكان على يشوع أن يقف أمام العازار الكاهن وعلى العازار أن يسأل مشورة الرب. وبكلمته كان يشوع بن نون وكل الشعب يدخل ويخرج. فالعازار كاهن ويشوع بن نون ليس بكاهن. والكهنة حفظة الشريعة والقضاة منفذوها (قابل بهذا ملاخي 2: 7 و8). والمبدأ لا يغير بإقامة الملك بدلاً من القاضي أو بزيادة نبيٍ.

ٱلَّذِي يَكُونُ فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ اتفق راشي والعهد الجديد في أمر هذه الوصية اتفاقاً عجيباً فقال ربنا يسوع المسيح في الفريسيين قضاة أيامه «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ، فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَٱحْفَظُوهُ وَٱفْعَلُوهُ» (متّى 23: 2 و3). وقال راشي «مع أنه لم يكن كسائر القضاة الذين قبله يجب أن تسمعوا له إذ لا قاضي لك إلا القاضي الذي في أيامك».

10، 11 «10 فَتَعْمَلُ حَسَبَ ٱلأَمْرِ ٱلَّذِي يُخْبِرُونَكَ بِهِ مِنْ ذٰلِكَ ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ، وَتَحْرِصُ أَنْ تَعْمَلَ حَسَبَ كُلِّ مَا يُعَلِّمُونَكَ. 11 حَسَبَ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلَّتِي يُعَلِّمُونَكَ وَٱلْقَضَاءِ ٱلَّذِي يَقُولُونَهُ لَكَ تَعْمَلُ. لاَ تَحِدْ عَنِ ٱلأَمْرِ ٱلَّذِي يُخْبِرُونَكَ بِهِ يَمِيناً أَوْ شِمَالاً».

حَسَبَ ٱلأَمْرِ ٱلَّذِي يُخْبِرُونَكَ بِهِ ... حَسَبَ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلَّتِي يُعَلِّمُونَكَ وَٱلْقَضَاءِ... تَعْمَلُ يجب أن نلتفت إلى هذا الكلام حسناً ففيه إن من شأن الكاهن والقاضي الإعلان والإخبار والتعليم وبيان أحكام الشريعة المكتوبة. وهذه العلاقة كانت بين الكتاب المقدس والكنيسة منذ إعطاء الشريعة. ولم تزل كذلك إلى هذا اليوم فلا حل للكنيسة الموسوية والكنيسة المسيحية ولا ربط ولا سلطان إلا بمقتضى شريعة الله. وسلطان حل الربانيين (أي تحليلهم) وربطهم (أي تحريمهم) أعطاه المسيح كنيسته وهو التحليل والتحريم بمقتضى كلمته المكتوبة لا سوى ذلك. واتفق علماء اليهود على ذلك من أول التلمود إلى آخره نعم إنهم أخطأوا مراراً بأحكامهم لكنهم لم يغيروا المبدأ وهو وجوب الحل والربط بمقتضى الكلمة المكتوبة. ولم يغيروا شيئاً من أحكام كلام الله المكتوب. فكانت شريعة الرب شريعة الأرض «القتل جزاء المعصية» أو «الموت أجرة الخطيئة». وكانت الكنيسة شهود الكتب المقدسة وحفظتها ولم تزل كذلك إلى هذه الساعة. فلم تخترع شرعاً من نفسها إنما جرت على سنن شريعة الله. (ويمكنك أن تأتي بتاريخ متصل لمراعاتها الشريعة الإلهية وسقوط من حادوا عنها. ولا يعترض بضلال بعض الكنائس لأنها مع ضلالها كانت تنسب أحكامها إلى أقوال الله وإن حسبت أقوال المخلوق أقوال الخالق جل وعلا وصارت إلى شر الأحوال).

12، 13 «12 وَٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَعْمَلُ بِطُغْيَانٍ، فَلاَ يَسْمَعُ لِلْكَاهِنِ ٱلْوَاقِفِ هُنَاكَ لِيَخْدِمَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ، أَوْ لِلْقَاضِي، يُقْتَلُ ذٰلِكَ ٱلرَّجُلُ، فَتَنْزِعُ ٱلشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيلَ. 13 فَيَسْمَعُ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ وَيَخَافُونَ وَلاَ يَطْغُونَ بَعْدُ».

عدد 15: 30 وعزرا 10: 8 وهوشع 4: 4 ص 18: 5 و7 ص 13: 5 ص 13: 11 و19: 20

وَٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَعْمَلُ بِطُغْيَانٍ... يُقْتَلُ هذه الآية أول موضع ذُكر فيه الطغيان (انظر أيضاً ص 18: 22) وهو مما يقترن بالكبرياء ومعاندة الشريعة. والقضاء بالموت كان بالضرورة ناشئاً عن كون الحاكم الله لأنه هو ملك إسرائيل يومئذ وإذا كان الملك الله كان عصيان شريعته خيانة ولا تتوقع للكبرياء والطغيان والخيانة سوى الموت. وإذا لم تبق شريعة الله شريعة الأرض تغيرت الحال لا محالة. ومما يستحق الاعتبار هنا أن في رسالة عزرا من ارتكسركسيس قرن شريعة الرب بشريعة المملكة الفارسية وهو جلي في قوله «وَكُلُّ مَنْ لاَ يَعْمَلُ شَرِيعَةَ إِلٰهِكَ وَشَرِيعَةَ ٱلْمَلِكِ، فَلْيُقْضَ عَلَيْهِ عَاجِلاً إِمَّا بِٱلْمَوْتِ أَوْ بِٱلنَّفْيِ أَوْ بِغَرَامَةِ ٱلْمَالِ أَوْ بِٱلْحَبْسِ» (عزرا 7: 26).

شريعة المملكة (ع 14 إلى 20).

14 «مَتَى أَتَيْتَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، وَٱمْتَلَكْتَهَا وَسَكَنْتَ فِيهَا، فَإِنْ قُلْتَ: أَجْعَلُ عَلَيَّ مَلِكاً كَجَمِيعِ ٱلأُمَمِ ٱلَّذِينَ حَوْلِي».

1صموئيل 8: 5 و19 و20

مَتَى أَتَيْتَ إِلَى ٱلأَرْضِ هذه ليست كلمات مشترع دخل الأرض فالذين يقولون إن كاتب هذا السفر كان بعد عصر موسى فليتأملوا في هذه العبارة ولو قليلاً.

وَٱمْتَلَكْتَهَا وَسَكَنْتَ فِيهَا أي انتصرت على أهلها وأكملت النصر واستوليت عليها تمام الاستيلاء وسكنت فيها آمناً.

فَإِنْ قُلْتَ: أَجْعَلُ عَلَيَّ مَلِكاً كَجَمِيعِ ٱلأُمَمِ قد تم ذلك فعلاً وأُشير إلى هذه العبارة في سفر صموئيل الأول بقول الشعب «يَكُونُ عَلَيْنَا مَلِكٌ، فَنَكُونُ نَحْنُ أَيْضاً مِثْلَ سَائِرِ ٱلشُّعُوبِ» (1صموئيل 8: 19 و20). ومما يستحق الاعتبار هنا أن موسى لم يبن في هذا الموضع شيئاً من استهجان قصدهم. ولعل هذه الكلمات كانت مستند الشعب حين طلب ملكاً في عصر صموئيل فقال مثلاً إن موسى قال إننا نحتاج إلى الملك فلماذا لا يكون علينا ملك كغيرنا من الشعوب. وكان الاستناد على كلام هذا السفر في عصر صموئيل مما يرشد إليه الطبع فطلب الشعب ملكاً يمثل الكلام الذي تكلم به موسى. فإن قلنا (كما قال بعض الكتبة المتأخرين) إن هذه العبارة أُخذت من سفر صموئيل الأول وأُدخلت هنا وقعنا في عدة مشاكل نذكر منها اثنين:

(1) لماذا لم يُستهجن هنا المقصد الذي استهجن في سفر صموئيل شديد الاستهجان.

(2) لماذا أعرض كاتب سفر التثنية كل الإعراض عن السبط الملكي أو العشيرة الملكية كما أعرض عن تعيين المكان الذي يختاره الرب في فلسطين. ولو ان الكاتب غير موسى ممن هم في زمان صموئيل لقال إن الملك يجب أن يكون من سبط يهوذا مثلاً وإنه داود وإن الله لا يحب أن يتخذ الإسرائيليين ملكاً غير الرب ولكن كاتب سفر التثنية لم يذكر شيئاً من ذلك وقد تقدم أنه لم يكن ممن دخلوا أرض الميعاد.

15 «فَإِنَّكَ تَجْعَلُ عَلَيْكَ مَلِكاً ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ. مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِكَ تَجْعَلُ عَلَيْكَ مَلِكاً. لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْكَ رَجُلاً أَجْنَبِيّاً لَيْسَ هُوَ أَخَاكَ».

1صموئيل 9: 15 و10: 24 و16: 12 و1أيام 22: 10 إرميا 30: 21

ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ. مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِكَ لا حاجة إلى مثل هذه العبارة لو كان كاتب هذا السفر من المتأخرين فإن الإسرائيليين المتأخرين كانوا يأبون أن يملك عليهم غريب (انظر تفسير ص 31: 11). لكن موسى لم ينس أن الإسرائيليين سألوا مرة إن يقوم عليهم رئيس يرجع بهم إلى مصر ولم نعلم من عنوا بذلك الرئيس والمرجّح أنه رجل مصري. إنما نعلم إن الأمر المخيف الذي ألجأ موسى إلى هذا القول رجوع الإسرائيليين إلى مصر كما يظهر من الآية التالية.

16، 17 «16 وَلٰكِنْ لاَ يُكَثِّرْ لَهُ ٱلْخَيْلَ، وَلاَ يَرُدُّ ٱلشَّعْبَ إِلَى مِصْرَ لِكَيْ يُكَثِّرَ ٱلْخَيْلَ، وَٱلرَّبُّ قَدْ قَالَ لَكُمْ: لاَ تَعُودُوا تَرْجِعُونَ فِي هٰذِهِ ٱلطَّرِيقِ أَيْضاً. 17 وَلاَ يُكَثِّرْ لَهُ نِسَاءً لِئَلاَّ يَزِيغَ قَلْبُهُ. وَفِضَّةً وَذَهَباً لاَ يُكَثِّرْ لَهُ كَثِيراً».

1ملوك 4: 26 و10: 26 و28 ومزمور 20: 7 إشعياء 31: 1 وحزقيال 17: 15 خروج 13: 17 وعدد 14: 3 و4 ص 28: 68 وإرميا 42: 15 وهوشع 11: 5 و1ملوك 11: 3 و4

لاَ يُكَثِّرْ لَهُ ٱلْخَيْلَ، وَلاَ... نِسَاءً... وَفِضَّةً وَذَهَباً مما يستحق الالتفات إليه هنا أن سليمان كثّر من كل منهي عنه في هاتين الآيتين لكن النبوءة انتقمت لنفسها بتمامها فإنه «وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى» (1ملوك 11: 4). ويهون أن نتخذ الكلمات نبوءة أكثر مما يهون أن نتخذها تاريخاً متأخراً. وأي إسرائيلي يكتب هذا بعد عصر سليمان من دون أن يشير إلى مجد ملكه. قابل بهذا ما جاء في سفر نحميا من قوله «أَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ هٰؤُلاَءِ أَخْطَأَ سُلَيْمَانُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَكُنْ فِي ٱلأُمَمِ ٱلْكَثِيرَةِ مَلِكٌ مِثْلُهُ وَكَانَ مَحْبُوباً إِلَى إِلٰهِهِ فَجَعَلَهُ ٱللّٰهُ مَلِكاً عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. هُوَ أَيْضاً جَعَلَتْهُ ٱلنِّسَاءُ ٱلأَجْنَبِيَّاتُ يُخْطِئُ» (نحميا 13: 26).

وإن قيل تعدى سليمان هذه الشريعة وهي من شرائع التوراة قلنا هذا يجاوب عليه بمثله وهو كيف جُرّب داود بنقل تابوت الله على عجلة. والغنى الذي حصل عليه سليمان يُعلن نعمة الله الخاصة. وانظر هنا أنه لم يكن له مع كثرة أزواجه سوى ابن واحد على ما يرجح لأن الكتاب لم يذكر له ابناً سواه ووُلد له قبل أن صار هو ملكاً. والقول في الولد «من يعلم أيكون حكيماً أم يكون جاهلاً». كان ابن سليمان من أحسن المثل الموضحة له. وفي مزمور نُسب عنوانه إلى سليمان ما يستدعي الفكر إلى مثل ذلك (مزمور 127).

والنهي عن إكثار الخيل يدل على حكمة الكاتب فإن المشاة الإسرائيليين كانوا قوة إسرائيل وتم لهم النصر واستظهروا على الكنعانيين مشاة وليس في كنعان من حومات الحرب ما يصلح للمركبات والفوارس إلا القليل.

18 «وَعِنْدَمَا يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَمْلَكَتِهِ، يَكْتُبُ لِنَفْسِهِ نُسْخَةً مِنْ هٰذِهِ ٱلشَّرِيعَةِ فِي كِتَابٍ مِنْ عِنْدِ ٱلْكَهَنَةِ ٱللاَّوِيِّينَ».

2ملوك 11: 12 ص 31: 9 و26 و2ملوك 22: 8

يَكْتُبُ لِنَفْسِهِ نُسْخَةً مِنْ هٰذِهِ ٱلشَّرِيعَةِ هذه العبارة أصل تسمية هذا السفر في اليونانية بسفر التثنية وورد مثل هذه العبارة في سفر يشوع (يشوع 8: 32).وسمى العبرانيون بعد ذلك بالمشنة (أي التثنية أو تكرار الشريعة) ما يُعرف عدهم بكتاب التلمود لأنهم تصوروا أنه تكرار للشريعة. وآثار هذه الوصية:

  1. في تتويج يوآش ففي سفر الأيام الثاني أنهم «وَضَعُوا عَلَيْهِ ٱلتَّاجَ وَأَعْطُوهُ ٱلشَّهَادَةَ» (2أيام 23: 11).

  2. في ملك يهوشافاط. ففي ذلك السفر عينه أنهم علموا في يهوذا ومعهم سفر شريعة الرب وجالوا في جميع مدن يهوذا وعلموا الشعب.

  3. في دفع سفر الشريعة الذي اكتشف في الهيكل إلى يوشيا (2أيام 34: 14 - 18). ومن الغريب إنّا لم نقف على ما يبين أن هذا السفر أُعطي لداود وسليمان. ومن المحتمل أن داود لما كان نبياً لا مجرد ملك رأى الكاتب أن لا حاجة إلى أن يذكر درسه الشريعة وهو قد جرى في أكثر الأمور على وفق الشريعة.

ويجب أن لا ننسى أنه من شأن ملك إسرائيل الحقيقي كان أن يكمل الشريعة والأنبياء «هأنذا أجيء في درج الكتاب مكتوب عني لأفعل مشيئتك يا الله».

19، 20 «19 فَتَكُونُ مَعَهُ، وَيَقْرَأُ فِيهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، لِيَتَعَلَّمَ أَنْ يَتَّقِيَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَهُ وَيَحْفَظَ جَمِيعَ كَلِمَاتِ هٰذِهِ ٱلشَّرِيعَةِ وَهٰذِهِ ٱلْفَرَائِضَ لِيَعْمَلَ بِهَا، 20 لِئَلاَّ يَرْتَفِعَ قَلْبُهُ عَلَى إِخْوَتِهِ، وَلِئَلاَّ يَحِيدَ عَنِ ٱلْوَصِيَّةِ يَمِيناً أَوْ شِمَالاً. لِكَيْ يُطِيلَ ٱلأَيَّامَ عَلَى مَمْلَكَتِهِ هُوَ وَبَنُوهُ فِي وَسَطِ إِسْرَائِيلَ».

يشوع 1: 8 ومزمور 119: 97 و98 ص 5: 32 و1ملوك 15: 5

وَيَقْرَأُ فِيهَا... لِكَيْ يُطِيلَ ٱلأَيَّامَ عَلَى مَمْلَكَتِهِ هُوَ وَبَنُوهُ هذا يدل على أن المُلك في إسرائيل كان يرثه الأبناء عن الآباء لأن الله أراد ذلك. ونقول هنا إنه لم تبق دولة في بني إسرائيل أكثر من خمسة أجيال إلا الدولة الداودية فإن هذه الدولة بقيت أجيالاً كثيرة على وفق وعد الله. ولا يقرأ أحد هذا النبأ ولم يخطر في باله أن ذلك أُعلن لكاتب هذا السفر.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ عَشَرَ

نصيب الكهنة أو حقهم (ع 1إلى 5).

1، 2 «1 لاَ يَكُونُ لِلْكَهَنَةِ ٱللاَّوِيِّينَ، كُلِّ سِبْطِ لاَوِي، قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَ إِسْرَائِيلَ. يَأْكُلُونَ وَقَائِدَ ٱلرَّبِّ وَنَصِيبَهُ. 2 فَلاَ يَكُونُ لَهُ نَصِيبٌ فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ. ٱلرَّبُّ هُوَ نَصِيبُهُ كَمَا قَالَ لَهُ».

عدد 18: 20 و26: 62 وص 10: 9 عدد 18: 8 و9 و1كورثنوس 9: 13

لاَ يَكُونُ لِلْكَهَنَةِ ٱللاَّوِيِّينَ، كُلِّ سِبْطِ لاَوِي ذكرنا قبلاً أن بعضهم ذهب من مثل هذه العبارة إلى أن كاتب سفر التثنية لم يعرف الفرق بين الكهنة واللاويين وتفسير راشي الكهنة اللاويين بأنهم الكهنة الذين من سبط لاوي. ودفعنا ذلك القول بنص السفر نفسه (فارجع إلى تفسير ص 11: 6 و17: 9). ومعنى العبارة هنا لا يكون للكهنة الذين من سبط لاوي ولا لأحد من ذلك السبط قسم ولا نصيب في إسرائيل. وقد تقدم الكلام على هذا الموضع في (عدد 18: 18 - 21).

3 «وَهٰذَا يَكُونُ حَقُّ ٱلْكَهَنَةِ مِنَ ٱلشَّعْبِ، مِنَ ٱلَّذِينَ يَذْبَحُونَ ٱلذَّبَائِحَ بَقَراً كَانَتْ أَوْ غَنَماً. يُعْطُونَ ٱلْكَاهِنَ ٱلسَّاعِدَ وَٱلْفَكَّيْنِ وَٱلْكِرْشَ».

لاويين 7: 30 إلى 34

ٱلسَّاعِدَ وَٱلْفَكَّيْنِ وَٱلْكِرْشَ هذا من ذبيحة السلامة إما الساعد فذُكر بلفظ الساق اليمنى في (لاويين 7: 32 و33 قابل بهذا عدد 18: 18). وأما الفكان والكرش فلم يُذكرا في غير هذا الموضع قبلاً والكرش لم يُذكر في غير هذا الموضع ولا يُذكر في غيره. وهذه من الأجزاء غير الثمينة.

4 «وَتُعْطِيهِ أَوَّلَ حِنْطَتِكَ وَخَمْرِكَ وَزَيْتِكَ، وَأَوَّلَ جِزَازِ غَنَمِكَ».

خروج 22: 29 وعدد 18: 12 و24

أَوَّلَ حِنْطَتِكَ (انظر عدد 11: 12) كان يعين القدر الربانيون.

5 «لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ قَدِ ٱخْتَارَهُ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِكَ لِيَقِفَ وَيَخْدِمَ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ، هُوَ وَبَنُوهُ كُلَّ ٱلأَيَّامِ».

خروج 28: 1 وعدد 3: 10 ص 10: 8 و17: 12

يَقِفَ وَيَخْدِمَ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ هذا كان عمل الكاهن. أما اللاويون فكانوا يقفون أمام الشعب ليخدموه (عدد 16: 9) وهذا دليل واضح على أن كاتب سفر التثنية كان يميز الكهنة من اللاويين.

6 - 8 «6 وَإِذَا جَاءَ لاَوِيٌّ مِنْ أَحَدِ أَبْوَابِكَ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ حَيْثُ هُوَ مُتَغَرِّبٌ، وَجَاءَ بِكُلِّ رَغْبَةِ نَفْسِهِ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ، 7 وَخَدَمَ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ مِثْلَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ ٱللاَّوِيِّينَ ٱلْوَاقِفِينَ هُنَاكَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، 8 يَأْكُلُونَ أَقْسَاماً مُتَسَاوِيَةً، عَدَا مَا يَبِيعُهُ عَنْ آبَائِهِ».

عدد 35: 2 و3 وص 12: 5 و2أيام 31: 2 و2أيام 31: 4 ونحميا 12: 44 و47

وَإِذَا جَاءَ لاَوِيٌّ كان للكهنة واللاويين ثمان وأربعون مدينة وضواحيها أو مزارعها في إسرائيل (عدد 35: 7). ولم يكن لهم ذلك عند كتابة هذا السفر لأن الإسرائيليين لم يكونوا قد استولوا على أرض كنعان فكان نصيبهم مما يحصلون عليه من خدمة الخيمة. ولما قسم داود سبط لاوي إلى كهنة ولاويين ومرنمين وحملة لم يبق في حاجة إلى هذا الإمداد وما أتاه داود دلّ على قدم ذلك الإمداد. والمثال الوحيد الذي يوضح ذلك في تاريخ الكتاب المقدس ما كان من أمر صموئيل وهو ولد فإن أباه القانة وهو من سلالة قورح كان ساكناً في أفرايم وكان يصعد كل سنة إلى شيلوه وكان صموئيل الولد يخدم الرب أمام عالي الكاهن لأن أمه كانت نذرته للخدمة الدائمة في الخيمة وكانت يومئذ شيلوه ولم يكن يخدم كالكاهن لكن كان كأحد اللاويين خدم الكهنة.

يَأْكُلُونَ أَقْسَاماً مُتَسَاوِيَةً، عَدَا مَا يَبِيعُهُ (ع 8) كان للاوي نصيب من الأعشار كسائر الذين يخدمون في الخيمة عدا ما يكون له من ملكه الذي له في المدينة اللاوية.

تحذير من رجس الوثنيين (ع 9 إلى 14).

9 «مَتَى دَخَلْتَ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، لاَ تَتَعَلَّمْ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ رِجْسِ أُولَئِكَ ٱلأُمَمِ».

لاويين 18: 26 و27 و30 وص 12: 29 إلى 31

رِجْسِ أُولَئِكَ ٱلأُمَمِ (الرجس القذر والمستقذر والمأثم والعمل المؤدي إلى العذاب وأراد به هنا العبادة الوثنية وما يتعلق بها من الرسوم والعادات وأراد بالأمم الوثنيين).

10 «لاَ يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ٱبْنَهُ أَوِ ٱبْنَتَهُ فِي ٱلنَّارِ، وَلاَ مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً، وَلاَ عَائِفٌ وَلاَ مُتَفَائِلٌ وَلاَ سَاحِرٌ».

لاويين 18: 21 وص 12: 31 لاويين 19: 26 و31 و20: 27 وإشعياء 8: 19

يُجِيزُ ٱبْنَهُ أَوِ ٱبْنَتَهُ فِي ٱلنَّارِ (انظر لاويين 18: 21).

يَعْرُفُ عِرَافَةً ولعل الأمم كانوا يأتون ذلك بواسطة الذبائح (عدد 22: 7).

عَائِفٌ زاجر للطير للتفاؤل أو التشاؤم.

مُتَفَائِلٌ (متيمن ببعض الأمور وذلك كان يسمع المريض أحداً يقول يا سالم فيسر بذلك متوقعاً السلامة. وترجمها بعضهم بالراقي أو الحاوي والصحيح ما في الترجمة العربية تكوين 44: 5).

سَاحِرٌ أي مستعمل السحر وهو ادعاء خرق العادة بكتابة أو إشارة أو غيرها أو إخراج الباطل بصورة الحق (خروج 7: 11).

11 «وَلاَ مَنْ يَرْقِي رُقْيَةً، وَلاَ مَنْ يَسْأَلُ جَانّاً أَوْ تَابِعَةً، وَلاَ مَنْ يَسْتَشِيرُ ٱلْمَوْتٰى».

لاويين 20: 27 و1صموئيل 28: 7

يَرْقِي رُقْيَةً (يقول كلاماً يدعي أنه يقي به من الضير أو يدفعه وما أشبه ذلك). وقال بعضهم إن معنى الأصل العبراني «يعقد عقداً» (وذلك إن سحرة الأقدمين كانوا يأخذون خيوطاً يعقدونها وينفثون في العقد يدعون أنهم يؤثرون بذلك في من يريدون الإضرار به). وهذا الموضع أول ما ذُكرت فيه هذه العبارة.

مَنْ يَسْأَلُ جَانّاً (الجان في العربية اسم جمع للجن والجن خلاف الأنس أو كل ما استتر عن الحواس من الملائكة أو الشياطين. وقال بعضهم إن الجن حيوانات هوائية تتشكل بأشكال مختلفة يستخدمها السحرة للنفع والضرر. وهي عند بعض الناس أرواح الموتى فإنهم كانوا يعتقدون أن الأرواح متى فارقت الأجساد استطاعت ما لم تستطعه وهي في أجسادها وأن لاستخدامها طرقاً يعرفها السحرة وذلك من التخيلات الباطلة انظر لاويين 19: 31).

تَابِعَةً (زعموا إن التابعة جنية تتبع الإنسان أين ذهب وإن لبعضهم قدرة على أن يسألها ما أراد فتنبئه به أو يأمرها بما شاء لتفعله). وقالوا إن من يسألها يعرف منها أمور العالم غير المنظور (انظر لاويين 19: 31).

مَنْ يَسْتَشِيرُ ٱلْمَوْتٰى أي أرواح الموتى. نُسب أربعة من تلك الأمور إلى الملك منسى (2أيام 33: 6).

12 «لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَفْعَلُ ذٰلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ ٱلرَّبِّ. وَبِسَبَبِ هٰذِهِ ٱلأَرْجَاسِ، ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ».

لاويين 18: 24 و25 وص 9: 4

لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَفْعَلُ ذٰلِكَ مَكْرُوهٌ عند الرب الخ (لأنه يصرف توكله على الله إلى الرجس والباطل.

13 «تَكُونُ كَامِلاً لَدَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ».

تكوين 17: 1

تَكُونُ كَامِلاً (أي حافظاً لشريعته معتزلاً كل المناهي وعاملاً بكل الأوامر). وأحسن راشي المفسّر اليهودي بقوله هنا «يجب عليك أن تسير مع الله بإخلاص وتصبر له وأن لا تفحص عن المستقبل لكن اقبل كل ما يأتي عليك ببساطة وحينئذ تكون معه وتكون ممن هم له».

14 «إِنَّ هٰؤُلاَءِ ٱلأُمَمَ ٱلَّذِينَ تَخْلُفُهُمْ يَسْمَعُونَ لِلْعَائِفِينَ وَٱلْعَرَّافِينَ. وَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ يَسْمَحْ لَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ هٰكَذَا».

وَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ يَسْمَحْ لَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ هٰكَذَا أي لم يجز لك أن تأتي ما يأتيه الوثنيون من أباطيلهم ويكفيك أن تسمع للنبي الذي يقيمه من وسطك من إخوتك. ويجب هنا الانتباه لأفضل المميزات بين شعب الله والوثنيين وهو الوسيط الوحيد وما كان للمؤمنين به. على أنه كان لبني إسرائيل الأنبياء والأوريم والتميم فكانوا في غنىً عن الجان والتابع والسحرة على فرض أنها ليست من الباطل.

الوسيط الوحيد ع 15 إلى 20

إن الصلة بين الآيات الآتية والآيات السابقة تتضح من قول إشعياء «وَإِذَا قَالُوا لَكُمُ: ٱطْلُبُوا إِلَى أَصْحَابِ ٱلتَّوَابِعِ وَٱلْعَرَّافِينَ ٱلْمُشَقْشِقِينَ وَٱلْهَامِسِينَ. أَلاَ يَسْأَلُ شَعْبٌ إِلٰهَهُ؟ أَيُسْأَلُ ٱلْمَوْتٰى لأَجْلِ ٱلأَحْيَاءِ» (إشعياء 8: 19) أو قول الملائكة يوم قيامة المسيح «لماذا تطلبين الحي بين الأموات».

15 «يُقِيمُ لَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ».

ع 18 ويوحنا 1: 45 وأعمال 3: 22 و7: 37

يُقِيمُ لَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ نَبِيّاً وهو النبي الذي ذكره بطرس الرسول في قوله «فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيّاً مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ... إِلَيْكُمْ أَوَّلاً، إِذْ أَقَامَ ٱللّٰهُ فَتَاهُ يَسُوعَ، أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ» (أعمال 3: 22 - 26). ويجب أن لا يُنسى أن المسيح الذي قام من الأموات لا يزال في المنزلة النبوية وما يتعلق بها. فلا يزال يتكلم من السماء لكنه «نزل أولاً إلى أقسام الأرض السفلى» وله مفاتيح الهاوية والموت ويعلم كل أسرارهما. فالذين يقتربون إليه لا يحتاجون أن ينظروا إلى أسفل ليستشيروا أقرباءهم الموتى أو يستخبروا الأرواح التي وإن كانت قد ارتفعت لا سبيل إلى الوصول إليها فالروح القدس معزينا والمحامي عنا على الأرض والنبي المحامي عنا في السماء والمتكلم من السماء كافيان للناس في كل ما يحتاجون إليه. فلماذا لا نعلم منهما أو من النور الذي أعطيانا إياه فإن لم نعلم من ذلك فخير لنا أن لا نعلم.

16 «حَسَبَ كُلِّ مَا طَلَبْتَ مِنَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ فِي حُورِيبَ يَوْمَ ٱلاجْتِمَاعِ قَائِلاً: لاَ أَعُودُ أَسْمَعُ صَوْتَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِي وَلاَ أَرَى هٰذِهِ ٱلنَّارَ ٱلْعَظِيمَةَ أَيْضاً لِئَلاَّ أَمُوتَ».

ص 9: 10 خروج 20: 19 وعبرانيين 12: 19

حَسَبَ كُلِّ مَا طَلَبْتَ... فِي حُورِيبَ يجب أن لا يُنسى أن الوعد بالنبي الذي مثل موسى كان في «يوم الاجتماع» وإن الروح القدس الذي هو المسيح فينا كان الوعد به يوم الإنقاذ من «الحرف الذي يقتل» (انظر أيضاً ص 5: 28).

17 «قَالَ لِيَ ٱلرَّبُّ: قَدْ أَحْسَنُوا فِي مَا تَكَلَّمُوا».

ص 5: 28

قَالَ لِيَ ٱلرَّبُّ: قَدْ أَحْسَنُوا (أي سرّ الرب بالوسيط).

18 «أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ».

ع 15 ويوحنا 1: 45 وأعمال 3: 22 و7: 37 إشعياء 51: 16 ويوحنا 17: 8 يوحنا 4: 25 و8: 28 و12: 49 و50

فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ قال ربنا النبي يسوع المسيح «ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي» (يوحنا 14: 10). وقال في الروح القدس «فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ... لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ» (يوحنا 16: 13 و14).

19 «وَيَكُونُ أَنَّ ٱلإِنْسَانَ ٱلَّذِي لاَ يَسْمَعُ لِكَلاَمِي ٱلَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ بِٱسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ».

أعمال 3: 23

ٱلَّذِي لاَ يَسْمَعُ... أَنَا أُطَالِبُهُ «لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أُولَئِكَ لَمْ يَنْجُوا إِذِ ٱسْتَعْفَوْا مِنَ ٱلْمُتَكَلِّمِ عَلَى ٱلأَرْضِ، فَبِٱلأَوْلَى جِدّاً لاَ نَنْجُو نَحْنُ ٱلْمُرْتَدِّينَ عَنِ ٱلَّذِي مِنَ ٱلسَّمَاءِ، ٱلَّذِي صَوْتُهُ زَعْزَعَ ٱلأَرْضَ» (عبرانيين 12: 25 و26).

20 «وَأَمَّا ٱلنَّبِيُّ ٱلَّذِي يُطْغِي، فَيَتَكَلَّمُ بِٱسْمِي كَلاَماً لَمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، أَوِ ٱلَّذِي يَتَكَلَّمُ بِٱسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى، فَيَمُوتُ ذٰلِكَ ٱلنَّبِيُّ».

ص 13: 5 وإرميا 14: 14 و15 وزكريا 13: 3 ص 13: 1 و2 وإرميا 2: 8

فَيَمُوتُ ذٰلِكَ ٱلنَّبِيُّ مثل راشي المفسر اليهودي بياناً لذلك حنانيا الذي تنبأ كذباً بأن يكنيا وكل الذين ذهبوا معه إلى بابل سيرجعون في أثناء سنتين فتنبأ إرميا بأنه يموت في تلك السنة فمات في أثناء شهرين.

21، 22 «21 وَإِنْ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ ٱلْكَلاَمَ ٱلَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ ٱلرَّبُّ؟ 22 فَمَا تَكَلَّمَ بِهِ ٱلنَّبِيُّ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ وَلَمْ يَحْدُثْ وَلَمْ يَصِرْ، فَهُوَ ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ ٱلرَّبُّ، بَلْ بِطُغْيَانٍ تَكَلَّمَ بِهِ ٱلنَّبِيُّ، فَلاَ تَخَفْ مِنْهُ».

إرميا 28: 9 ص 13: 2 ع 20

وَإِنْ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: كَيْفَ... فَمَا تَكَلَّمَ بِهِ... وَلَمْ يَحْدُثْ هذه صورة من صور قاعدة ربنا التي يمتحن بها الأنبياء وهو قوله «من ثمارهم تعرفونهم».

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ عَشَرَ

هنا بداءة فصل جديد من الشرائع

مدن الملجأ (ع 1 إلى 13)

(انظر تفصيل هذا الموضوع في عدد 35: 9 الخ ويشوع ص 20).

1، 2 «1 مَتَى قَرَضَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ ٱلأُمَمَ ٱلَّذِينَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ يُعْطِيكَ أَرْضَهُمْ، وَوَرِثْتَهُمْ وَسَكَنْتَ مُدُنَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ، 2 تَفْرِزُ لِنَفْسِكَ ثَلاَثَ مُدُنٍ فِي وَسَطِ أَرْضِكَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِتَمْتَلِكَهَا».

ص 12: 29 خروج 21: 13 وعدد 25: 10 و14 ويشوع 20: 2

مَتَى قَرَضَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ ٱلأُمَمَ الخ عيّن يشوع بعد الانتصار ثلاثاً من مدن الملجأ غربي الأردن (يشوع ص 20) والثلاث الأولى شرقي الأردن وهي باصر وراموث جلعاد وجولان كان قد أفرزها موسى (تثنية 4: 41 الخ) لكن يشوع جعلها ملكاً للاويين.

3 «تُصْلِحُ ٱلطَّرِيقَ وَتُثَلِّثُ تُخُومَ أَرْضِكَ ٱلَّتِي يَقْسِمُ لَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، فَتَكُونُ مَهْرَبَاً لِكُلِّ قَاتِلٍ».

تُصْلِحُ ٱلطَّرِيقَ قال راشي المفسر اليهودي كان مكتوب على مفرق الطرق «الملجأ الملجأ» ونقل ذلك عن التلمود.

تُثَلِّثُ تُخُومَ أَرْضِكَ أي تجعل لها ثلاثة حدود حتى لا يكون جزء منها بعيداً عن إحدى مدن الملجإ.

4، 5 «4 وَهٰذَا هُوَ حُكْمُ ٱلْقَاتِلِ ٱلَّذِي يَهْرُبُ إِلَى هُنَاكَ فَيَحْيَا: مَنْ ضَرَبَ صَاحِبَهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَهُوَ غَيْرُ مُبْغِضٍ لَهُ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ. 5 وَمَنْ ذَهَبَ مَعَ صَاحِبِهِ فِي ٱلْوَعْرِ لِيَحْتَطِبَ حَطَباً، فَٱنْدَفَعَتْ يَدُهُ بِٱلْفَأْسِ لِيَقْطَعَ ٱلْحَطَبَ وَأَفْلَتَ ٱلْحَدِيدُ مِنَ ٱلْخَشَبِ وَأَصَابَ صَاحِبَهُ فَمَاتَ، فَهُوَ يَهْرُبُ إِلَى إِحْدَى تِلْكَ ٱلْمُدُنِ فَيَحْيَا».

عدد 35: 15 وص 4: 42

ذَهَبَ مَعَ صَاحِبِهِ فِي ٱلْوَعْرِ الخ هذا مثال لما ذُكر وهو واضح.

6، 7 «6 لِئَلاَّ يَسْعَى وَلِيُّ ٱلدَّمِ وَرَاءَ ٱلْقَاتِلِ حِينَ يَحْمَى قَلْبُهُ، وَيُدْرِكَهُ إِذَا طَالَ ٱلطَّرِيقُ وَيَقْتُلَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ حُكْمُ ٱلْمَوْتِ، لأَنَّهُ غَيْرُ مُبْغِضٍ لَهُ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ. 7 لأَجْلِ ذٰلِكَ أَنَا آمُرُكَ: ثَلاَثَ مُدُنٍ تَفْرِزُ لِنَفْسِكَ».

عدد 35: 12

وَلِيُّ ٱلدَّمِ الكلمة العبرانية تدل على ثلاثة معان: الفادي والمنتقم والنسيب.

8، 9 «8 وَإِنْ وَسَّعَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ تُخُومَكَ كَمَا حَلَفَ لآبَائِكَ، وَأَعْطَاكَ جَمِيعَ ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي قَالَ إِنَّهُ يُعْطِي لآبَائِكَ 9 إِذْ حَفِظْتَ كُلَّ هٰذِهِ ٱلْوَصَايَا لِتَعْمَلَهَا، كَمَا أَنَا أُوصِيكَ ٱلْيَوْمَ لِتُحِبَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ وَتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ كُلَّ ٱلأَيَّامِ، فَزِدْ لِنَفْسِكَ أَيْضاً ثَلاَثَ مُدُنٍ عَلَى هٰذِهِ ٱلثَّلاَثِ».

تكوين 15: 18 وص 12: 20 يشوع 20: 7 و 8

وَإِنْ وَسَّعَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ تُخُومَكَ... فَزِدْ ثَلاَثَ مُدُنٍ أي فزد ثلاث مدن ملجإ على السنة فتصير مدن الملجإ تسعة. لا أثر في تاريخ إسرائيل يدل على أن هذه المدن الثلاث زيدت. وقال مفسرو اليهود إنهم لم يقفوا على ذلك في مؤلفاتهم. وقال بعضهم ما كان على جيش يشوع أن يحارب سوى سبع أمم وإن الأرض التي شغلتها تلك الأمم ما كانت محتاجة إلى سوى ست مدن للملجإ. وفي كلام موسى الشرط بالاستيلاء على كل الأرض الموعود بها لا أرض الأمم السبع فقط إذ النص «وأعطاك جميع الأرض التي قال أنه يعطي لآبائك» والله وعد إبراهيم بأن يعطي نسله الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات القينيين والقنزيين والقدمونيين زيادة على الأمم السبع. فإن قيل إن الحثيين وحدهم كانوا يشغلون قسماً كبيراً من الأرض. ومدن هذه الأمة على ما اكتُشف حديثاً من قادش (أو قدشن) على نهر العاصي إلى كركميش إلى شمال أرض إسرائيل المعروفة. وإذا كان الإسرائيليون قد استولوا على كل أرض الحثيين (يشوع 1: 4) لزم بالضرورة أنهم زادوا على مدنا الملجإ الست المدن الثلاث قلنا إن تلك الأرض مع أنها كانت تؤدي الجزية لسليمان لم يكن فيها من الإسرائيليين ما يوجب زيادة تلك المدن ومملكة سليمان لم تبق على اتساعها إلا في مدة حياته. ونقول غير متلفتين إلى زيادة التطويل والتفصيل إن الوعد كان نبوياً أيضاً فإن الله متى ختن قلوب الإسرائيليين (تثنية 30: 6) ليحبوا الرب وأعطاهم قلباً واحداً وطريقاً واحداً ليخافوه كل الأيام وقطع لهم عهداً أبدياً وجعل مخافته في قلوبهم فلا يحيدون عنه (إرميا 32: 39 و40) تمّ لهم الوعد كله واستولوا على كل الأرض ولم يحتاجوا إلى مدن أخرى. وقال أحد الكتبة هنا وقد أخذ كلامه من دانيال «طُوبَى لِمَنْ يَنْتَظِرُ وَيَبْلُغُ» (دانيال 12: 12).

10 «حَتَّى لاَ يُسْفَكُ دَمُ بَرِيءٍ فِي وَسَطِ أَرْضِكَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ نَصِيباً، فَيَكُونَ عَلَيْكَ دَمٌ».

حَتَّى لاَ يُسْفَكُ دَمُ بَرِيءٍ أي دم القاتل عن غير عمد ولم يقدر أن يجد ملجأ.

11 «وَلٰكِنْ إِذَا كَانَ إِنْسَانٌ مُبْغِضاً لِصَاحِبِهِ فَكَمَنَ لَهُ وَقَامَ عَلَيْهِ وَضَرَبَهُ ضَرْبَةً قَاتِلَةً فَمَاتَ، ثُمَّ هَرَبَ إِلَى إِحْدَى تِلْكَ ٱلْمُدُنِ».

خروج 21: 12 الخ وعدد 35: 16 و24 وص 27: 24 وأمثال 28: 17

وَلٰكِنْ إِذَا كَانَ إِنْسَانٌ مُبْغِضاً لِصَاحِبِهِ فَكَمَنَ لَهُ تكلم راشي المفسر اليهودي في تفسير هذه الآية بروح القديس يوحنا فقال «بطريق البغض كمن ولهذا قيل من تعدّى الوصية الصغرى تعدّى الوصية الكبرى فمن خالف الوصية لا تبغض انتهى خلافه بسفك الدم». فما قوله هذا إلا كقول يوحنا «كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ» (1يوحنا 3: 15).

12 «يُرْسِلُ شُيُوخُ مَدِينَتِهِ وَيَأْخُذُونَهُ مِنْ هُنَاكَ وَيَدْفَعُونَهُ إِلَى يَدِ وَلِيِّ ٱلدَّمِ فَيَمُوتُ».

يَدْفَعُونَهُ إِلَى يَدِ وَلِيِّ ٱلدَّمِ لم يُتصور إلى الآن مثل هذا بين من هم في أعلى درجات التمدن.

13 «لاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ. فَتَنْزِعَ دَمَ ٱلْبَرِيءِ مِنْ إِسْرَائِيلَ، فَيَكُونَ لَكَ خَيْرٌ».

ص 13: 8 و25: 12 عدد 35: 33 و34 وص 21: 9 و1ملوك 2: 31

لاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ (أي لا تشفق عليه بسبب ما تراه عينك فيه من إمارات الحزن والخوف).

فَتَنْزِعَ دَمَ ٱلْبَرِيءِ مِنْ إِسْرَائِيلَ (أي تزيل إثم سفكه عن الشعب بالعقاب لقاتله).

14 «لاَ تَنْقُلْ تُخُمَ صَاحِبِكَ ٱلَّذِي نَصَبَهُ ٱلأَوَّلُونَ فِي نَصِيبِكَ ٱلَّذِي تَنَالُهُ فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِتَمْتَلِكَهَا».

ص 27: 17 وأيوب 24: 2 وأمثال 22: 28 وهوشع 5: 10

لاَ تَنْقُلْ تُخُمَ صَاحِبِكَ (أي لا تغيّر حد ملكه بأن تؤخره لكي يدخل بعض ملكه في ملكك). هذه الوصية من المختصات بسفر التثنية بالنظر إلى ما سبق من التوراة كالحقل في الوصية العاشرة (ص 5: 21). وعلاقة هذا بما قبله غير ظاهرة ولعلها تنبيه الشعب لاعتزال ما يورث البغض الذي يؤدي إلى القتل (وكان تغيير التخم يومئذ أغلب أسباب البغض لأن الإسرائيليين كانوا على وشك أن يستولوا على أنصبتهم من أرض كنعان) ولا ريب في أن التخوم القديمة ذات شأن وشاهد عدل.

نَصَبَهُ ٱلأَوَّلُونَ أي الذين قسموا الأرض أولاً.

شهادة الزور (ع 15 - 21)

وُضعت شريعة الانتقام هنا على وجه الشدة لكن الانتقام وُكل فيها إلى القضاة لا إلى كل إنسان ليفعل ما يشاء.

15 «لاَ يَقُومُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى إِنْسَانٍ فِي ذَنْبٍ مَا أَوْ خَطِيَّةٍ مَا مِنْ جَمِيعِ ٱلْخَطَايَا ٱلَّتِي يُخْطِئُ بِهَا. عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ عَلَى فَمِ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَقُومُ ٱلأَمْرُ».

عدد 35: 30 وص 17: 6 ومتّى 18: 16 ويوحنا 8: 17 و2كورنثوس 5: 19 وعبرانيين 10: 28

(جرى على هذه الشريعة كل الأمم المتمدنة على اختلاف درجات التمدن).

16 «إِذَا قَامَ شَاهِدُ زُورٍ عَلَى إِنْسَانٍ لِيَشْهَدَ عَلَيْهِ بِزَيْغٍ».

مزمور 27: 12 و35: 11

بِزَيْغٍ (الزيغ هنا الجور عن الحق أي الميل عنه).

17 «يَقِفُ ٱلرَّجُلاَنِ ٱللَّذَانِ بَيْنَهُمَا ٱلْخُصُومَةُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، أَمَامَ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْقُضَاةِ ٱلَّذِينَ يَكُونُونَ فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ».

ص 17: 9 و21: 5

يَقِفُ ٱلرَّجُلاَنِ... أَمَامَ ٱلرَّبِّ، أَمَامَ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْقُضَاةِ هذا يدل على أنه كان يرفع كل شهادة يُظن أنها كذب إلى المجلس الأعلى (انظر ص 17: 9) حتى يُنظر فيها باهتمام لا بعدم اكتراث.

18 «فَإِنْ فَحَصَ ٱلْقُضَاةُ جَيِّداً، وَإِذَا ٱلشَّاهِدُ شَاهِدٌ كَاذِبٌ. قَدْ شَهِدَ بِٱلْكَذِبِ عَلَى أَخِيهِ».

فَحَصَ ٱلْقُضَاةُ جَيِّداً (كان يجب أن يُفحص جيداً لأنه يترتب على الفحص عواقب ذات شأن).

شَاهِدٌ كَاذِبٌ قَدْ شَهِدَ بِٱلْكَذِبِ (أي قد ظهر أنه شاهد كاذب بالفعل لأن الشرع يقوم بمقتضى الظاهر فعلاً فلا يُعاقب على ما هو بالقوة أي على الميل الذي لم يظهر فعلاً).

19 «فَٱفْعَلُوا بِهِ كَمَا نَوَى أَنْ يَفْعَلَ بِأَخِيهِ. فَتَنْزِعُونَ ٱلشَّرَّ مِنْ وَسْطِكُم».

أمثال 19: 5 و9 ودانيال 6: 24 ص 13: 5 و17: 7 و21: 21 و22: 21 و24 و24: 7

فَٱفْعَلُوا بِهِ كَمَا نَوَى أَنْ يَفْعَلَ بِأَخِيهِ (وعلى هذا إن كان قد شهد على أخيه كذباً بما يوجب عليه القتل يُقتل).

20 «وَيَسْمَعُ ٱلْبَاقُونَ فَيَخَافُونَ، وَلاَ يَعُودُونَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ ذٰلِكَ ٱلأَمْرِ ٱلْخَبِيثِ فِي وَسَطِكَ».

ص 17: 13 و21: 21

وَيَسْمَعُ ٱلْبَاقُونَ الخ (فيكون العقاب للمذنب رادعاً لغيره عن أن يفعل مثله خوفاً من أن يعاقب مثل عقابه).

21 «لاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ. نَفْسٌ بِنَفْسٍ. عَيْنٌ بِعَيْنٍ. سِنٌّ بِسِنٍّ. يَدٌ بِيَدٍ. رِجْلٌ بِرِجْلٍ».

ع 13 خروج 21: 23 و24 ولاويين 24: 20 ومتّى 5: 28 ورومية 12: 19

لاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ (انظر تفسير ع 13).

عَيْنٌ بِعَيْنٍ (أي قلعُ عينٍ جزاؤه قلع عين القالع ونحو ذلك).

سِنٌّ بِسِنٍّ (اي كسر سنّ أو قلعه جزاؤه كسر سن الكاسر أو قلع سن القالع) وذلك كله يكون بحكم القضاة فليس لأحد أن ينتقم لنفسه.

اَلأَصْحَاحُ ٱلْعِشْرُونَ

شريعة الحرب

1 «إِذَا خَرَجْتَ لِلْحَرْبِ عَلَى عَدُوِّكَ وَرَأَيْتَ خَيْلاً وَمَرَاكِبَ، قَوْماً أَكْثَرَ مِنْكَ، فَلاَ تَخَفْ مِنْهُمْ، لأَنَّ مَعَكَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ ٱلَّذِي أَصْعَدَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ».

مزمور 20: 7 وإشعياء 31: 1 عدد 23: 21 وص 31: 6 و8 و2أيام 13: 12 و32: 7 و8

إِذَا خَرَجْتَ لِلْحَرْبِ لا إلى مجرد الحرب للاستيلاء على أرض كنعان بل إلى كل حرب بعد ذلك أيضاً فإن موسى نظر قبلاً أن انتصار إسرائيل على الأمم انتصاراً كاملاً لا يكون إلا بالتدريج وإن الإسرائيليين لا بد من أن يخرجوا مراراً كثيرة للحرب قبل أن يكمل انتصارهم على أعدائهم.

خَيْلاً وَمَرَاكِبَ كان جيش إسرائيل مشاة وندر أن يكون فيه فرسان وأكثر انتصاراتهم كان وهم يحاربون مشاة.

2 «وَعِنْدَمَا تَقْرَبُونَ مِنَ ٱلْحَرْبِ يَتَقَدَّمُ ٱلْكَاهِنُ وَيَقُولُ لِلشَّعْبِ».

ٱلْكَاهِنُ لا ذكر هنا للاويين وذكر الكاهن لأنه مميز بالذات.

يَقُولُ لِلشَّعْبِ كان الكلام الذي يأتيه بهذا الخطاب بركة الرب على الجنود. فما كان للإسرائيليين أن يخرجوا للحرب إلا بعد أن ينالوا بركة الرب بواسطة الكاهن.

3 «ٱسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: أَنْتُمْ قَرُبْتُمُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلْحَرْبِ عَلَى أَعْدَائِكُمْ. لاَ تَضْعُفْ قُلُوبُكُمْ. لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَعِدُوا وَلاَ تَرْهَبُوا وُجُوهَهُمْ».

لاَ تَضْعُفْ قُلُوبُكُمْ لاَ تَخَافُوا بمثل هذا الكلام قوى إشعياء أحاز (إشعياء 7: 4).

لاَ تَرْتَعِدُوا أي لا ترتجفوا خوفاً لتسرعوا إلى الهرب (قابل بهذا 2صموئيل 4: 4 و2ملوك 7: 15).

لاَ تَرْهَبُوا وُجُوهَهُمْ أي لا تخافوا من مشاهدتهم.

4 «لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ سَائِرٌ مَعَكُمْ لِيُحَارِبَ عَنْكُمْ أَعْدَاءَكُمْ لِيُخَلِّصَكُمْ».

ص 1: 30 و3: 22 ويشوع 23: 10

لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ سَائِرٌ مَعَكُمْ أي خارج معكم للحرب (ومن كان الرب يحارب معه وجب أن لا يخشى) قال راشي المفسري اليهودي: إنهم (أي الأعداء) أتوا بقوة اللحم والدم وأنتم أتيتم بقوة الأزلي الأبدي). وهذا كقول داود لجليات «أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ. وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِٱسْمِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ إِلٰهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ» (1صموئيل 17: 45). وقول المرنم «هٰؤُلاَءِ بِٱلْمَرْكَبَاتِ وَهٰؤُلاَءِ بِٱلْخَيْلِ أَمَّا نَحْنُ فَٱسْمَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا نَذْكُرُ» (مزمور 20: 7).

5 - 8 «5 ثُمَّ يَقُولُ ٱلْعُرَفَاءُ لِلشَّعْبِ: مَنْ هُوَ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي بَنَى بَيْتاً جَدِيداً وَلَمْ يُدَشِّنْهُ؟ لِيَذْهَبْ وَيَرْجِعْ إِلَى بَيْتِهِ لِئَلاَّ يَمُوتَ فِي ٱلْحَرْبِ فَيُدَشِّنَهُ رَجُلٌ آخَرُ. 6 وَمَنْ هُوَ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي غَرَسَ كَرْماً وَلَمْ يَبْتَكِرْهُ؟ لِيَذْهَبْ وَيَرْجِعْ إِلَى بَيْتِهِ لِئَلاَّ يَمُوتَ فِي ٱلْحَرْبِ فَيَبْتَكِرَهُ رَجُلٌ آخَرُ. 7 وَمَنْ هُوَ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي خَطَبَ ٱمْرَأَةً وَلَمْ يَأْخُذْهَا؟ لِيَذْهَبْ وَيَرْجِعْ إِلَى بَيْتِهِ لِئَلاَّ يَمُوتَ فِي ٱلْحَرْبِ فَيَأْخُذَهَا رَجُلٌ آخَرُ. 8 ثُمَّ يَعُودُ ٱلْعُرَفَاءُ يُخَاطِبُونَ ٱلشَّعْبَ: مَنْ هُوَ ٱلرَّجُلُ ٱلْخَائِفُ وَٱلضَّعِيفُ ٱلْقَلْبِ؟ لِيَذْهَبْ وَيَرْجِعْ إِلَى بَيْتِهِ لِئَلاَّ تَذُوبَ قُلُوبُ إِخْوَتِهِ مِثْلَ قَلْبِهِ».

نحميا 12: 27 ومزمور 30 عنوان لاويين 19: 23 و24 وص 28: 30 ص 24: 5 قضاة 7: 3

ٱلْعُرَفَاءُ (ع 5) في الأصل العبراني «شطريم» (انظر ص 16: 8) والظاهر هنا أنهم القضاة المدنيون (فهم ثواني القضاة الشرعيين) وترجمها بعضهم بالقواد لكن قواد الجيش كانوا يعينون للخدم الخاصة كما يظهر من (ع 9) فإن فيه نصاً على أن هؤلاء العرفاء هم الذين عُينوا قواد الجيش. على أن العرفاء في غير هذا الموضع أُطلقوا على قواد الجيش من (رؤساء ألوف ورؤساء مئات ورؤساء خماسين ورؤساء عشرات (انظر ص 1: 15).

مَنْ هُوَ ٱلرَّجُلُ الخ هذا يدل على أن كل رجال إسرائيل كانوا جنود حرب وكانوا مكلفين بالحرب إلا غير المستعدين لها يُعفون. ولم يُكتب من أمثلة ذلك إلا واحد وهو في سفر القضاة في قول الرب لجدعون «ناد في آذان الشعب قائلاً من كان خائفاً ومرتعداً فليرجع وينصرف» فرجع 22000 من 32000 أي أكثر من الثلثين.

9 «وَعِنْدَ فَرَاغِ ٱلْعُرَفَاءِ مِنْ مُخَاطَبَةِ ٱلشَّعْبِ يُقِيمُونَ رُؤَسَاءَ جُنُودٍ عَلَى رَأْسِ ٱلشَّعْبِ».

رُؤَسَاءَ جُنُودٍ أي قواد جيش الحرب الذين تُلغى رئاستهم متى انتهت الحرب على ما يرجّح. ويمكننا أن نظن من ذكر الألوف في الجند ورئيس الألف (1صموئيل 17: 18) إن الجيش قُسم بحسب ترتيب الشعب المدني إلى جماعات بمقتضى مشورة يثرون وكان على الألف قائد واحد. ويمكن أن يُعنى الألف في الجندية هنا فرقة يجهزها ألف في إسرائيل بقطع النظر عن عددها فيزول بذلك كثير من المشاكل لأن الألف كله يندر أن يجتمع في الحرب والفرقة الذي يرسلها ألف معينون يمكن أن تكون جماعة قليلة من الرجال وعلى ذلك إذا قيل قُتل ستون ألفاً كان المعنى قُتل ستون فرقة من الفرق التي يُسمى كل منها ألفاً فلا يكون القتل على قدر العدد الحقيقي. والخلاصة أن الألف في مصطلح الجندية أقل من الألف بل ربما كان رجالاً قليلين في الاصطلاح العكسري.

الحصار (ع 10 - 20)

10 - 14 «10 حِينَ تَقْرَبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا ٱسْتَدْعِهَا لِلصُّلْحِ، 11 فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلَى ٱلصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ، فَكُلُّ ٱلشَّعْبِ ٱلْمَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لَكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لَكَ. 12 وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْباً، فَحَاصِرْهَا. 13 وَإِذَا دَفَعَهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إِلَى يَدِكَ فَٱضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ. 14 وَأَمَّا ٱلنِّسَاءُ وَٱلأَطْفَالُ وَٱلْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي ٱلْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ ٱلَّتِي أَعْطَاكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

2صموئيل 20: 18 و20 عدد 31: 7 يشوع 8: 2 يشوع 22: 8

حِينَ تَقْرَبُ مِنْ مَدِينَةٍ... ٱسْتَدْعِهَا لِلصُّلْحِ الخ لا كما يفعل بنو دان الذين قتلوا سكان لايش بدون تنبيه (قضاة 18: 27 و28) حتى أنه في حروب يشوع كانت سكان المدن القائمة على تلالها (أي المتحايدة) تسلم (يشوع 11: 13).

15 «هٰكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ ٱلْمُدُنِ ٱلْبَعِيدَةِ مِنْكَ جِدّاً ٱلَّتِي لَيْسَتْ مِنْ مُدُنِ هٰؤُلاَءِ ٱلأُمَمِ هُنَا».

هٰكَذَا تَفْعَلُ أي تغنم كل شيء فيها من النساء والأطفال والبهائم الخ ولا تقتل النساء والأطفال كالرجال.

16 - 18 «16 وَأَمَّا مُدُنُ هٰؤُلاَءِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ نَصِيباً فَلاَ تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا، 17 بَلْ تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: ٱلْحِثِّيِّينَ وَٱلأَمُورِيِّينَ وَٱلْكَنْعَانِيِّينَ وَٱلْفِرِزِّيِّينَ وَٱلْحِوِّيِّينَ وَٱلْيَبُوسِيِّينَ، كَمَا أَمَرَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، 18 لِكَيْ لاَ يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ ٱلَّتِي عَمِلُوا لآلِهَتِهِمْ فَتُخْطِئُوا إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ».

عدد 21: 2 و3 و35 و33: 52 وص 7: 1 و2 ويشوع 11: 14 ص 7: 4 و12: 30 و31 و18: 9 خروج 23: 33

وَأَمَّا مُدُنُ هٰؤُلاَءِ ٱلشُّعُوبِ... فَلاَ تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا... لِكَيْ لاَ يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ كان على بني إسرائيل أن ينفذوا على هذه المدن حكم الرب. وأما أرجاسهم فيكفينا هنا أن نشير للقارئ إليها فلينظر (لاويين 18: 24 - 28 و20: 23) وهذه الآيات أي (ع 16 - 18) معترضة وفي (ع 19) عود إلى الموضوع.

19، 20 «19 إِذَا حَاصَرْتَ مَدِينَةً أَيَّاماً كَثِيرَةً مُحَارِباً إِيَّاهَا لِتَأْخُذَهَا، فَلاَ تُتْلِفْ شَجَرَهَا بِوَضْعِ فَأْسٍ عَلَيْهِ. إِنَّكَ مِنْهُ تَأْكُلُ. فَلاَ تَقْطَعْهُ. لأَنَّهُ هَلْ شَجَرَةُ ٱلْحَقْلِ إِنْسَانٌ حَتَّى يَذْهَبَ قُدَّامَكَ فِي ٱلْحِصَارِ؟ 20 وَأَمَّا ٱلشَّجَرُ ٱلَّذِي تَعْرِفُ أَنَّهُ لَيْسَ شَجَراً يُؤْكَلُ مِنْهُ، فَإِيَّاهُ تُتْلِفُ وَتَقْطَعُ وَتَبْنِي حِصْناً عَلَى ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي تَعْمَلُ مَعَكَ حَرْباً حَتَّى تَسْقُطَ».

فَلاَ تُتْلِفْ شَجَرَهَا لأن الشجر لا يحارب ولا يضل عن الحق ويقود إلى الأرجاس فعلى مَ يتلف. هذا قول مفسري اليهود.

(تذييل لهذا الأصحاح)

قال بعضهم أن قول البنوءة «يقيم لك الرب إلهك نبياً مثلي» دليل قاطع على أن ذلك النبي ليس بالمسيح لأن المسيح لم يكن مثل موسى. وندفع ذلك بأن المماثلة لا تستلزم أن يكون المتماثلين متساويين في كل شيء وإلا فليس أحد مثل أحد إذ كل اثنين غيران.

وقال آخرون أن ذلك النبي ليس بالمسيح لأنه من إخوة إسرائيل لقوله «من إخوتك» والمسيح من إسرائيل لا من إخوتهم. وندفع ذلك بأن الخطاب لكل من بني إسرائيل وكل من سائر إسرائيل أخ لكل مخاطب منهم. ومثل هذا كثير في الكتاب المقدس. وفي هذا السفر عينه ما نصه «مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِكَ تَجْعَلُ عَلَيْكَ مَلِكًا. لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْكَ رَجُلاً أَجْنَبِيًّا لَيْسَ هُوَ أَخَاكَ» وبالبديهة تُفهم أن المقصود بالأخ هنا رجل من بني إسرائيل (تثنية 17: 15 انظر أيضاً ص 15: 7 و24: 14).

اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلْعِشْرُونَ

جهل القاتل (ع 1 - 9)

1 «إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِتَمْتَلِكَهَا وَاقِعاً فِي ٱلْحَقْلِ، لاَ يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ».

إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ مما يستحق الاعتبار أنه في هذه الأيام أحسن وسيلة إلى اتقاء الجنايات التي لا يُعرف فيها الجاني إجراء الجزاء على أهل المكان الذي تقع الجناية فيه أو في جواره الأقرب إليه.

2 «يَخْرُجُ شُيُوخُكَ وَقُضَاتُكَ وَيَقِيسُونَ إِلَى ٱلْمُدُنِ ٱلَّتِي حَوْلَ ٱلْقَتِيلِ».

يَخْرُجُ شُيُوخُكَ وَقُضَاتُكَ قال راشي المفسر اليهودي كان هؤلاء لجنة تُختار من أعضاء السنهدريم العظيم.

يَقِيسُونَ إِلَى ٱلْمُدُنِ ٱلَّتِي حَوْلَ ٱلْقَتِيلِ (أي يقيسون من موضع القتيل إلى كل مدينة تجاوره).

3، 4 «3 فَٱلْمَدِينَةُ ٱلْقُرْبَى مِنَ ٱلْقَتِيلِ، يَأْخُذُ شُيُوخُ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ عِجْلَةً مِنَ ٱلْبَقَرِ لَمْ يُحْرَثْ عَلَيْهَا، لَمْ تَجُرَّ بِٱلنِّيرِ. 4 وَيَنْحَدِرُ شُيُوخُ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ بِٱلْعِجْلَةِ إِلَى وَادٍ دَائِمِ ٱلسَّيَلاَنِ لَمْ يُحْرَثْ فِيهِ وَلَمْ يُزْرَعْ، وَيَكْسِرُونَ عُنُقَ ٱلْعِجْلَةِ فِي ٱلْوَادِي».

عِجْلَةً مِنَ ٱلْبَقَرِ لَمْ يُحْرَثْ عَلَيْهَا،... وَادٍ دَائِمِ ٱلسَّيَلاَنِ لَمْ يُحْرَثْ فِيهِ وَلَمْ يُزْرَعْ قال راشي المفسر اليهودي في هذا «ليتبارك القدوس أن العجلة التي لم تثمر يُكسر عنقها في مكان لا يثمر كفارة عن قاتلي النفس التي لم يحتملوا أنها تثمر». وذهب بعضهم إلى أن المعنى أن ذلك الوادي ما كان ليجوز أن يفلح ويُزرع من ذلك الوقت وصاعداً بناء على أن الفعل هنا في العبرانية ليس بماضٍ فلا ينفع من هذا المعنى. وإذا صح هذا فالمكان أو البلد الذي كان يُقتل فيه من لا يُعرف قاتله يُحرم الناس الانتفاع بزرعه إلى الأبد.

5 «ثُمَّ يَتَقَدَّمُ ٱلْكَهَنَةُ بَنُو لاَوِي لأَنَّهُ إِيَّاهُمُ ٱخْتَارَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِيَخْدِمُوهُ وَيُبَارِكُوا بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ، وَحَسَبَ قَوْلِهِمْ تَكُونُ كُلُّ خُصُومَةٍ وَكُلُّ ضَرْبَةٍ».

ص 10: 8 و1أيام 23: 13 ص 17: 8 و9

ٱلْكَهَنَةُ (انظر ع 8).

6، 7 «6 وَيَغْسِلُ جَمِيعُ شُيُوخِ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ ٱلْقَرِيبِينَ مِنَ ٱلْقَتِيلِ أَيْدِيَهُمْ عَلَى ٱلْعِجْلَةِ ٱلْمَكْسُورَةِ اْلٰعُنُقِ فِي ٱلْوَادِي، 7 وَيَقُولُونَ: أَيْدِينَا لَمْ تَسْفِكْ هٰذَا ٱلدَّمَ، وَأَعْيُنُنَا لَمْ تُبْصِرْ».

مزمور 19: 12 و26: 6 ومتّى 27: 24

أَيْدِينَا لَمْ تَسْفِكْ هٰذَا ٱلدَّمَ، وَأَعْيُنُنَا لَمْ تُبْصِرْ أي لم يتخذوا وسيلة إلى ذلك ولم يسعوا في القتل بواسطة من الوسائط ولم يكن لهم أدنى شركة في سفك ذلك الدم لا أنهم لم يسفكوه بأيديهم حقيقة (راشي). ولا يمكننا تصديق أن هؤلاء الشيوخ والقضاة يأتون هذا الإعلان الرهيب مع علمهم القاتل وإخفاء أمره.

8، 9 «8 اِغْفِرْ لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي فَدَيْتَ يَا رَبُّ، وَلاَ تَجْعَلْ دَمَ بَرِيءٍ فِي وَسَطِ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ. فَيُغْفَرُ لَهُمُ ٱلدَّمُ. 9 فَتَنْزِعُ ٱلدَّمَ ٱلْبَرِيءَ مِنْ وَسَطِكَ إِذَا عَمِلْتَ ٱلصَّالِحَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ».

يونان 1: 14 ص 19: 13

اِغْفِرْ... يَا رَبُّ أو كفّر أي غطِ ومنه تسمية الغطاء بالغفران والقول بأنه عرش الرحمة أو مجلس الرحمة لأنه كان يقي إسرائيل من العقاب بتغطيته آثامهم وكانت الذبائح كفارة للخاطئ لأنه تكفّر ذنبه وتقيه من العقاب. قال راشي وهذه الكلمات كانت طلبة الكهنة. وهذا مما يرجح إلى حد الاقتناع أنه لا شيء لهم من كل ذلك سوى الطلبة ولهذا كان حضورهم ضرورياً.

فَيُغْفَرُ لَهُمُ ٱلدَّمُ وفي الأصل العبراني يغطّى لهم. وهذا ليس مثل ما في (لاويين 4: 20 و26 و31 و35). ولا تقدر أن نتتبع مفسري اليهود إلى هذه المسئلة وهي أنه إذا وُجد القاتل بعد ذلك فهل يكفر عنه دم العجلة الذي يسُفك حتى يُعفى من العقاب.

التزوج بالسبيّة (ع 10 - 14).

10، 11 «10 إِذَا خَرَجْتَ لِمُحَارَبَةِ أَعْدَائِكَ وَدَفَعَهُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إِلَى يَدِكَ، وَسَبَيْتَ مِنْهُمْ سَبْياً، 11 وَرَأَيْتَ فِي ٱلسَّبْيِ ٱمْرَأَةً جَمِيلَةَ ٱلصُّورَةِ وَٱلْتَصَقْتَ بِهَا وَاتَّخَذْتَهَا لَكَ زَوْجَةً».

إِذَا خَرَجْتَ... وَرَأَيْتَ فِي ٱلسَّبْيِ ٱمْرَأَةً جَمِيلَةَ ٱلصُّورَةِ هذا لا يمكن أن يكون بين الأمم السبع التي قيل فيها «لا تستبق منها نسمة ما» (ص 20: 16). وإنما يصح في جواري المديانيين اللواتي أُخذن جماعة كثيرة (عدد 31: 15 - 18). والظاهر من الآية أن هؤلاء النساء ما كن بمنزلة السراري.

12 «فَحِينَ تُدْخِلُهَا إِلَى بَيْتِكَ تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَتُقَلِّمُ أَظْفَارَهَا».

تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَتُقَلِّمُ أَظْفَارَهَا كان هذا علامة الحزن لأن طول الشعر من الزينة وكذا كان طول الأظفار عند الشرقيين. واختلف قدماء المفسرين في أنه هل يجوز لها بعد ذلك أن تطلق كلاً من شعرها وأفظارها أو لا ومن أمثلة ذلك ما في (2صموئيل 19: 24).

13 «وَتَنْزِعُ ثِيَابَ سَبْيِهَا عَنْهَا، وَتَقْعُدُ فِي بَيْتِكَ وَتَبْكِي أَبَاهَا وَأُمَّهَا شَهْراً مِنَ ٱلزَّمَانِ، ثُمَّ بَعْدَ ذٰلِكَ تَدْخُلُ عَلَيْهَا وَتَتَزَوَّجُ بِهَا، فَتَكُونُ لَكَ زَوْجَةً».

مزمور 45: 10

ثِيَابَ سَبْيِهَا رأى راشي أن هذه الثياب فاخرة حسناء لبستها بغية أن تجذب قلب سابيها (قابل بهذا ما أتته إيزابل لتجذب قلب ياهو إليها (2ملوك 9: 30). ومهما يكن من التدقيق في هذا التعليم فمن البيّن أن المقصود التشجيع على الزواج الشرعي الحلال لا غيره من صور الاقتران. وهذا يرفع الإبهام في معاملة الأسرى المديانيين في (عدد ص 31).

14 «وَإِنْ لَمْ تُسَرَّ بِهَا فَأَطْلِقْهَا لِنَفْسِهَا. لاَ تَبِعْهَا بَيْعاً بِفِضَّةٍ، وَلاَ تَسْتَرِقَّهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ أَذْلَلْتَهَا».

تكوين 34: 2 وص 22: 29 وقضاة 19: 24

لاَ تَبِعْهَا... وَلاَ تَسْتَرِقَّهَا الخ هذا دليل على أنه كان يحل للإسرائيلي إذا لم يتزوج المديانية أن يبيعها وأن يسترقها (لاويين 25: 44 - 46).

البكورية (ع 15 - 17)

15، 16 «15 إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ٱمْرَأَتَانِ، إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَٱلأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ، فَوَلَدَتَا لَهُ بَنِينَ، ٱلْمَحْبُوبَةُ وَٱلْمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ ٱلابْنُ ٱلْبِكْرُ لِلْمَكْرُوهَةِ، 16 فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لَهُ، لاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ ٱبْنَ ٱلْمَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلَى ٱبْنِ ٱلْمَكْرُوهَةِ ٱلْبِكْرِ».

تكوين 29: 33 و1أيام 5: 2 و26: 10 و2أيام 11: 19 و22

إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَٱلأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ أي إحداهما مفضلة على الأخرى.

17 «بَلْ يَعْرِفُ ٱبْنَ ٱلْمَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ ٱثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ، لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لَهُ حَقُّ ٱلْبَكُورِيَّةِ».

1أيام 5: 1 تكوين 49: 3 تكوين 25: 31 و33

نَصِيبَ ٱثْنَيْنِ أي يُحسب بمقام اثنين فيأخذ نصيبين فإذا كان الأبناء أربعة قسم المال خمسة أقسام فأخذ البكر الخمسين وكل من الثلاثة بعده خُمساً. وبهذا المعنى قال يعقوب ليوسف «وَهَبْتُ لَكَ سَهْماً وَاحِداً فَوْقَ إِخْوَتِكَ» (تكوين 48: 22). وإن بكورية رأوبين أُخذت منه لسوء عمله وأُعطيت لابني يوسف (1أيام 5: 1). وبه قال أليشع لإيليا قبل انطلاقه ليكن نصيب اثنين (كنصيب البكر) من روحك عليّ (2ملوك 2: 9).

الابن المعاند المارد (ع 18 - 21)

18، 19 «18 إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ٱبْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لاَ يَسْمَعُ لِقَوْلِ أَبِيهِ وَلاَ لِقَوْلِ أُمِّهِ، وَيُؤَدِّبَانِهِ فَلاَ يَسْمَعُ لَهُمَا. 19 يُمْسِكُهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَأْتِيَانِ بِهِ إِلَى شُيُوخِ مَدِينَتِهِ وَإِلَى بَابِ مَكَانِهِ».

إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ٱبْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ كان قسم من شريعة الرب لإسرائيل سياسياً أو مدنياً على أن الشريعة السياسية هنا مبنية على الوصية الخامسة من الشريعة الأدبية وهي الوصية الأولى من اللوح الثاني وجزاء مخالفها الموت كجزاء من يخالف الوصية الأولى من اللوح الأول. ولا ريب في أن مراعاة هذه الوصية تقي البلاد من الانحطاط والرذائل أحسن وقاية.

20 «وَيَقُولاَنِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ٱبْنُنَا هٰذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لاَ يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا، وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ».

مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ وفي العبرانية «سورر ومُره» وهما مثل يُضرب في أشد التعنيف لفظ بالثانية موسى يوم قال بلا تأمل «ٱسْمَعُوا أَيُّهَا ٱلْمَرَدَةُ! أَمِنْ هٰذِهِ ٱلصَّخْرَةِ نُخْرِجُ لَكُمْ مَاءً» (عدد 20: 10). (والعناد مخالفة الحق ورده مع معرفته. والمرود والتمرد مجاوزة الإنسان حد مثله في العصيان).

مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ جاءت هاتان الكلمتان في قول الحكيم «لاَ تَكُنْ بَيْنَ شِرِّيبِي ٱلْخَمْرِ، بَيْنَ ٱلْمُتْلِفِينَ أَجْسَادَهُمْ، لأَنَّ ٱلسِّكِّيرَ وَٱلْمُسْرِفَ يَفْتَقِرَانِ، وَٱلنَّوْمُ يَكْسُو ٱلْخِرَقَ. اِسْمَعْ لأَبِيكَ ٱلَّذِي وَلَدَكَ، وَلاَ تَحْتَقِرْ أُمَّكَ إِذَا شَاخَتْ» (أمثال 23: 20 - 22). (والإسراف في العربية التبذير أو الإنفاق في غير طاعة وكثيراً ما يجيء في كلام الحكماء بمعنى مجاوزة الحد في الإنفاق وهو المناسب هنا).

21 «فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ. فَتَنْزِعُ ٱلشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ، وَيَسْمَعُ كُلُّ إِسْرَائِيلَ وَيَخَافُونَ».

ص 13: 5 و19: 19 و20 و22: 21 و24 ص 13: 11

فَيَرْجُمُهُ... بِحِجَارَةٍ الخ قال راشي أوجبت الشريعة ذلك لأنه بالقتل ينقطع عن طريق إثمه فلا يبلغ العاقبة المنتظرة لأنه إذا بقي لم يُبق لأبيه شيئاً من المال وحينئذ يؤخذ إلى الشارع ويُشهر باللصيّة فخير له أن يموت ولا يصل إلى تلك العاقبة بارتكابه الآثام. أما نحن فلا نرى ما رأى بل نحكم بأن ذلك عبرة لأمثاله ليتقوا ما أتاه فيقع عليهم ما وقع عليه وهذا هو معنى قول بقية الآية «فتنزع الشر من بينكم ويسمع كل إسرائيل ويخافون».

التعليق (ع 22 و23)

22 «وَإِذَا كَانَ عَلَى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا ٱلْمَوْتُ، فَقُتِلَ وَعَلَّقْتَهُ عَلَى خَشَبَةٍ».

ص 19: 6 و22: 26 وأعمال 23: 29 و25: 11 و25 و26: 31

فَقُتِلَ وَعَلَّقْتَهُ كان التعليق بعد الموت عند الإسرائيليين (يشوع 10: 26 و27).

23 «فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى ٱلْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، لأَنَّ ٱلْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ ٱللّٰهِ. فَلاَ تُنَجِّسْ أَرْضَكَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ نَصِيباً».

يشوع 8: 29 و10: 26 و27 ويوحنا 19: 31 عدد 25: 4 و2صموئيل 21: 6 وغلاطية 3: 13 لاويين 18: 25 وعدد 35: 34

فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ راعى يشوع هذه السنّة (يشوع 10: 27) وأغفلها الجبعونيون (2صموئيل 21: 9 - 14).

بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ تمّ هذا بما كان من أمر ربنا يسوع فإنه دُفن في يوم تعليقه ولم يكتب أن اللصين اللذين عُلقا معه دُفنا.

لأَنَّ ٱلْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ ٱللّٰهِ وفي ترجمة السبعين «ملعون من الله كل من عُلق على خشبة». ومن تلك الترجمة أخذ بولس الرسول هذه العبارة (غلاطية 3: 13). لا نعلم لماذا كان من عُلّق على خشبة ملعوناً إلا أنه كان بقصد الله ومشورته المعيّنة وعلمه السابق أن ابنه يسوع المسيح يحمل خطايانا بدمه على الخشبة ويفتدينا من لعنة الموت بأن يصير لعنة من أجلنا.

وما قاله راشي المفسر اليهودي في هذا يبيّن تبييناً عجيباً أن أشعة الحق وقعت أحياناً على ذهن ذلك اليهودي وانعكست عنه لأنظار الناس. قال «كان المعلّق ملعوناً من الله لأنه عار للملك لأن الإنسان خُلق على صورته وشبهه وإن شعب إسرائيل أولاده تعالى وهو توآمان متشابهان صُيّر أحدهما ملكاً والآخر شُهّر في الشارع أنه لص وعُلّق فكل من رآه قال هنا يُعلّق الملك». ومن هذا يتبين جلياً أن راشي عنى في ما قاله أن المعلّق عار لله لأن الإنسان خُلق على صورة الله. ولا مراء في أن المسيح حمل العار بحمله القصاص والهوان عن البشر.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ

المال المفقود (ع 1 - 4)

1 «لاَ تَنْظُرْ ثَوْرَ أَخِيكَ أَوْ شَاتَهُ شَارِداً وَتَتَغَاضَى عَنْهُ، بَلْ تَرُدُّهُ إِلَى أَخِيكَ لاَ مَحَالَةَ».

خروج 23: 4

شَارِداً أو هارباً بغية النجاة كأن يتبعه وحش يريد افتراسه على ما يُستفاد من الأصل العبراني أو ضالاً لهربه من السارق لا لغير سبب خارجي (إرميا 50: 17). وجاء هذا المعنى في كتاب حزقيال في قوله تعالى «أَطْلُبُ ٱلضَّالَّ، وَأَسْتَرِدُّ ٱلْمَطْرُودَ» (حزقيال 34: 16).

تَتَغَاضَى عَنْهُ (أي تتغافل). جاء في سفر الأمثال «إِنْ قُلْتَ: هُوَذَا لَمْ نَعْرِفْ هٰذَا أَفَلاَ يَفْهَمُ وَازِنُ ٱلْقُلُوبِ، وَحَافِظُ نَفْسِكَ أَلاَ يَعْلَمُ» (أمثال 24: 12). وفي سفر إشعياء «أَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ» (إشعياء 58: 7).

2 «وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخُوكَ قَرِيباً مِنْكَ أَوْ لَمْ تَعْرِفْهُ، فَضُمَّهُ إِلَى دَاخِلِ بَيْتِكَ. وَيَكُونُ عِنْدَكَ حَتَّى يَطْلُبَهُ أَخُوكَ، حِينَئِذٍ تَرُدُّهُ إِلَيْهِ».

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخُوكَ قَرِيباً مِنْكَ أَوْ لَمْ تَعْرِفْهُ قوله «أو لم تعرفه» قرينة جلية على أن الأخ هنا بمعنى إنسان من شعبك لا بمعنى الشقيق).

3 «وَهٰكَذَا تَفْعَلُ بِحِمَارِهِ، وَهٰكَذَا تَفْعَلُ بِثِيَابِهِ. وَهٰكَذَا تَفْعَلُ بِكُلِّ مَفْقُودٍ لأَخِيكَ يُفْقَدُ مِنْهُ وَتَجِدُهُ. لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَتَغَاضَى».

وَهٰكَذَا تَفْعَلُ بِكُلِّ مَفْقُودٍ لأَخِيكَ هذا حال من أحوال الوصية الثانية من وصيتي المسيح اللتين جمعتا الناموس والأنبياء وهي قوله «تحب قريبك كنفسك».

4 «لاَ تَنْظُرْ حِمَارَ أَخِيكَ أَوْ ثَوْرَهُ وَاقِعاً فِي ٱلطَّرِيقِ وَتَتَغَافَلُ عَنْهُ بَلْ تُقِيمُهُ مَعَهُ لاَ مَحَالَةَ».

خروج 23: 5

لاَ تَنْظُرْ حِمَارَ أَخِيكَ الخ وفي سفر الخروج أوجب على الإنسان أن يصنع لعدوه ما أوجب أن يصنعه هنا لأخيه بقوله «إِذَا صَادَفْتَ ثَوْرَ عَدُوِّكَ أَوْ حِمَارَهُ شَارِداً تَرُدُّهُ إِلَيْهِ. إِذَا رَأَيْتَ حِمَارَ مُبْغِضِكَ وَاقِعاً تَحْتَ حِمْلِهِ وَعَدَلْتَ عَنْ حَلِّهِ فَلاَ بُدَّ أَنْ تَحُلَّ مَعَهُ» (خروج 23: 4 و5).

5 «لاَ يَكُنْ مَتَاعُ رَجُلٍ عَلَى ٱمْرَأَةٍ، وَلاَ يَلْبِسْ رَجُلٌ ثَوْبَ ٱمْرَأَةٍ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ذٰلِكَ مَكْرُوهٌ لَدَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ».

نقول في هذه الآية قول بولس الرسول «أم ليست الطبيعة نفسها تعلمكم».

6، 7 «6 إِذَا ٱتَّفَقَ قُدَّامَكَ عُشُّ طَائِرٍ فِي ٱلطَّرِيقِ فِي شَجَرَةٍ مَا أَوْ عَلَى ٱلأَرْضِ، فِيهِ فِرَاخٌ أَوْ بَيْضٌ، وَٱلأُمُّ حَاضِنَةٌ ٱلْفِرَاخَ أَوِ ٱلْبَيْضَ، فَلاَ تَأْخُذِ ٱلأُمَّ مَعَ ٱلأَوْلاَدِ. 7 أَطْلِقِ ٱلأُمَّ وَخُذْ لِنَفْسِكَ ٱلأَوْلاَدَ، لِيَكُونَ لَكَ خَيْرٌ وَتُطِيلَ ٱلأَيَّامَ».

لاويين 22: 28 ص 4: 40

عُشُّ طَائِرٍ الخ هذه السنّة من السنن المعتبرة في التلمود. قال أحد الربانيين اليهود «إنك لا ترى في كتاب الشريعة وصية مقترنة بوعد الثواب إلا وهي متعلقة بالقيامة أي المعاد الجسماني. ففي الوصية التي هي أكرم أباك وأمك قُرنت الطاعة بوعد طول الحياة وقُرنت إطاعة الوصية المتعلقة بعش الطائر بوعد الحصول على الخير وطول الحياة. فلنفرض أن احد الناس أمر ابنه أن يتسّور برجا ويأتيه بأفراخ عش عليه فتسّور البرج وطيّر الأم وأخذ الفراخ واتفق أنه وهو نازل سقط فقُتل فأين الخير هنا وأين طول الحياة. فإذاً الخير وطول الحياة في العالم الذي يقيم الكلُّ به».

8 «إِذَا بَنَيْتَ بَيْتاً جَدِيداً فَٱعْمَلْ حَائِطاً لِسَطْحِكَ لِئَلاَّ تَجْلِبَ دَماً عَلَى بَيْتِكَ إِذَا سَقَطَ عَنْهُ سَاقِطٌ».

إِذَا بَنَيْتَ بَيْتاً جَدِيداً كانت البيوت ولا يزال كثير منها في الشرق مسطحة الغماء فكانوا معتادين أن يمشوا عليها (1صموئيل 9: 25 و26 و2صموئيل 11: 2).

9 «لاَ تَزْرَعْ حَقْلَكَ صِنْفَيْنِ، لِئَلاَّ يَتَقَدَّسَ ٱلْمِلْءُ: ٱلزَّرْعُ ٱلَّذِي تَزْرَعُ وَمَحْصُولُ ٱلْحَقْلِ».

خروج 22: 29 ولاويين 19: 19 وعدد 18: 27

هذه الآية والآيتان التي بعدها ذُكرت مشتملاتها في (لاويين 19: 19) بكل الاختصار.

لاَ تَزْرَعْ حَقْلَكَ صِنْفَيْنِ (كأن تزرعه حنطة وشعيراً). كانت غلال الزرع المختلفة تعمّ في أزمنة مختلفة وكانت غلة زرع السنة تعفى بحزمة الترديد وأرغفة الترديد. والأشجار لم تجنَ أثمارها إلا بعد خمس سنين.

10 «لاَ تَحْرُثْ عَلَى ثَوْرٍ وَحِمَارٍ مَعاً».

2كورنثوس 6: 14 إلى 16

هذه الوصية مما تقتضيه الإنسانية لاختلاف القوة بين البهيمتين. وقد أخذ الرسول من هذا معنىً روحياً بقوله «لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين» وكان الثور من البهائم الطاهرة المناسبة أن تقرب ذبائح. والحمار من الحيوانات غير الطاهرة فكان يفدى بخروف. وكان التمييز بين البهائم الطاهرة والنجسة يراعى قبل دخول الإسرائيليين أرض كنعان وكل هذا جزء من سنة الطهارة في سفر اللاويين وعلتها كون إسرائيل شعب الله القدوس.

11 «لاَ تَلْبَسْ ثَوْباً مُخْتَلَطاً صُوفاً وَكَتَّاناً مَعاً».

لاويين 19: 19

ثَوْباً مُخْتَلَطاً صُوفاً وَكَتَّاناً نُهي الكهنة كلهم في سفر حزقيال عن لبس الثياب الفاخرة (حزقيال 44: 17 و18). وأما الكتان أو البزّ النقي فهو تبررات القديسين (رؤيا 19: 8). ولكن قيل في حزقيال أن الكهنة لا يتنطقون بما يعرّق أي «إن الذي يخرج من الإنسان ينجس الإنسان». ومسكن الله الداخلي أو الخيمة التي يسكنها من كتان نقي وأما الخيمة الخارجة والأغطية فكانت من شعر وجلد وصوف. وأما بيت خيمتنا الأرضي فيجب أن يميّز وخيمة الله تبقى قائمة بيننا في نجاساتنا (انظر لاويين 16: 16).

12 «اِعْمَلْ لِنَفْسِكَ جَدَائِلَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَطْرَافِ ثَوْبِكَ ٱلَّذِي تَتَغَطَّى بِهِ».

عدد 15: 38 ومتّى 23: 5

اِعْمَلْ لِنَفْسِكَ جَدَائِلَ أو أهداباً وعلة هذه الأهداب ذُكرت في (عدد 15: 37 - 41) فارجع إليه وإلى تفسيره. وكانت الأهداب أمثال الطرَر على الأذيال وكان المسيح يلبس ثوباً ذا هدب ومست المرأة المصابة هدب ثوبه فشُفيت. فإنه له المجد قام بكل مطاليب الناموس ورسومه واحتمل الآلام من أجل خطايانا مطيعاً حتى الموت لينقذنا من سلطان الخطية والموت. وعلة هذه الأهداب الروحية هي أن يمتاز شعب الله عن سواه حتى أنهم إن أكلوا أو شربوا أو صنعوا شيئاً آخر فليصنعوه لمجد الرب. فإن الله علّم شعبه الروحيات التي لا تُرى بالماديات التي تُرى.

الأمانة الزيجية (ع 13 - 30)

13 - 19 «13 إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ ٱمْرَأَةً وَحِينَ دَخَلَ عَلَيْهَا أَبْغَضَهَا، 14 وَنَسَبَ إِلَيْهَا أَسْبَابَ كَلاَمٍ، وَأَشَاعَ عَنْهَا ٱسْماً رَدِيئاً، وَقَالَ: هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةُ اتَّخَذْتُهَا وَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا لَمْ أَجِدْ لَهَا عُذْرَةً. 15 يَأْخُذُ ٱلْفَتَاةَ أَبُوهَا وَأُمُّهَا وَيُخْرِجَانِ عَلاَمَةَ عُذْرَتِهَا إِلَى شُيُوخِ ٱلْمَدِينَةِ إِلَى ٱلْبَابِ، 16 وَيَقُولُ أَبُو ٱلْفَتَاةِ لِلشُّيُوخِ: أَعْطَيْتُ هٰذَا ٱلرَّجُلَ ٱبْنَتِي زَوْجَةً فَأَبْغَضَهَا. 17 وَهَا هُوَ قَدْ جَعَلَ أَسْبَابَ كَلاَمٍ قَائِلاً: لَمْ أَجِدْ لِبِنْتِكَ عُذْرَةً. وَهٰذِهِ عَلاَمَةُ عُذْرَةِ ٱبْنَتِي. وَيَبْسُطَانِ ٱلثَّوْبَ أَمَامَ شُيُوخِ ٱلْمَدِينَةِ. 18 فَيَأْخُذُ شُيُوخُ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ ٱلرَّجُلَ وَيُؤَدِّبُونَهُ 19 وَيُغَرِّمُونَهُ بِمِئَةٍ مِنَ ٱلْفِضَّةِ، وَيُعْطُونَهَا لأَبِي ٱلْفَتَاةِ، لأَنَّهُ أَشَاعَ ٱسْماً رَدِيئاً عَنْ عَذْرَاءَ مِنْ إِسْرَائِيلَ. فَتَكُونُ لَهُ زَوْجَةً. لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ أَيَّامِهِ».

تكوين 29: 21 الخ

عُذْرَةً كانت المرأة في إسرائيل مكلّفة أن تحفظ عذرتها وبراءتها كحياتها فوضعت هذه الشريعة دفعاً للإضرار بالنساء من البعول ذوي الغيرة والوسواس ولهذا كان جزاء من يطعن في عرض زوجته البريئة مئة شاقل (ع 19). وكان ذلك مبلغاً كبيراً عند شعب يحسب ربع الشاقل كافياً لأن يكون هدية إلى رجل عظيم (1صموئيل 8: 8) ونصف الشاقل جزية على من بلغ سن الجندية (خروج 30: 15) وقربان الغيرة في (عدد 5: 12 - 31) يجب أن يحسب حراسة لأمانة الزوجة. وهذه الشريعة تجعل الرجال يرعون حرمة نسائهم.

20، 21 «20 وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ هٰذَا ٱلأَمْرُ صَحِيحاً، لَمْ تُوجَدْ عُذْرَةٌ لِلْفَتَاةِ. 21 يُخْرِجُونَ ٱلْفَتَاةَ إِلَى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا، وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِٱلْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ، لأَنَّهَا عَمِلَتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ ٱلشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ».

تكوين 34: 7 وقضاة 20: 6 و10 و2صموئيل 13: 12 و13 ص 13: 5

عَمِلَتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ وردت هذه العبارة أولاً في (تكوين 34: 7) بعد قليل من تسمية يعقوب بإسرائيل (تكوين ص 32). وكانت تلك التسمية أرفع علم لسلوك آل يعقوب بعد أن وضع القدوس يده على أبيهم. وكان لذلك الشعب المختار من أول تاريخه كتاب قوانين مستقل وقلّ أن كان أمرٌ من أمور النسل المختار منذ ولادة إسحاق أهم من طهارته.

22 «إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ مُضْطَجِعاً مَعَ ٱمْرَأَةٍ زَوْجَةِ بَعْلٍ، يُقْتَلُ ٱلاثْنَانِ: ٱلرَّجُلُ ٱلْمُضْطَجِعُ مَعَ ٱلْمَرْأَةِ وَٱلْمَرْأَةُ. فَتَنْزِعُ ٱلشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيلَ».

لاويين 20: 10 ويوحنا 8: 5

كان جزاء الزاني الرجم (انظر لاويين 20: 10) قال الكتبة والفريسيون لربنا يسوع المسيح «مُوسَى فِي ٱلنَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هٰذِهِ تُرْجَمُ» (يوحنا 8: 5). ولم يجادلهم في ذلك.

طهارة المخطوبة (ع 23 - 27)

23، 24 «23 إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُلٍ، فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَٱضْطَجَعَ مَعَهَا، 24 فَأَخْرِجُوهُمَا كِلَيْهِمَا إِلَى بَابِ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ وَٱرْجُمُوهُمَا بِٱلْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. ٱلْفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لَمْ تَصْرُخْ فِي ٱلْمَدِينَةِ، وَٱلرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَلَّ ٱمْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ ٱلشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ».

متّى 1: 18 و19 ص 21: 14 ع 21 و22

ٱمْرَأَةَ صَاحِبِهِ يتبين من هذه العبارة أن العذراء المخطوبة في إسرائيل كانت تعتبر زوجة واعتُبر الرجل الذي يذلها أنه يذل امرأة صاحبه. وعلى هذا جرى متى في أنبائه بحبل مريم بيسوع المسيح فإن يوسف لما وجد مريم حبلى هم بتخليتها سراً (كما لو كانت زوجته) فقال له الملاك «يَا يُوسُفُ ٱبْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ ٱمْرَأَتَكَ». وقال الإنجيلي «فَلَمَّا ٱسْتَيْقَظَ يُوسُفُ... أَخَذَ ٱمْرَأَتَهُ» (متّى 1: 18 - 24). ومن كتاب الشريعة يتبين أن يسوع هو ابن يوسف وإن لم يكن ابنه حقيقة. ولا نظن الإنجيليين رأوا أنه لا يمكنهم أن يثبتوا أن المسيح ابن داود إلا بواسطة أبيه (في الشريعة).

25 - 27 «25 وَلٰكِنْ إِنْ وَجَدَ ٱلرَّجُلُ ٱلْفَتَاةَ ٱلْمَخْطُوبَةَ فِي ٱلْحَقْلِ وَأَمْسَكَهَا ٱلرَّجُلُ وَٱضْطَجَعَ مَعَهَا، يَمُوتُ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي ٱضْطَجَعَ مَعَهَا وَحْدَهُ. 26 وَأَمَّا ٱلْفَتَاةُ فَلاَ تَفْعَلْ بِهَا شَيْئاً. لَيْسَ عَلَى ٱلْفَتَاةِ خَطِيَّةٌ لِلْمَوْتِ، بَلْ كَمَا يَقُومُ رَجُلٌ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَقْتُلُهُ قَتْلاً. هٰكَذَا هٰذَا ٱلأَمْرُ. 27 إِنَّهُ فِي ٱلْحَقْلِ وَجَدَهَا، فَصَرَخَتِ ٱلْفَتَاةُ ٱلْمَخْطُوبَةُ فَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُخَلِّصُهَا».

2صموئيل 13: 14

يتبيّن من هذا أن ليس على المغصوبة من حدٍ (أو حرَج) إذا بذلت كل المستطاع في إنقاذ نفسها.

المراودة (ع 28 و29)

«28 إِذَا وَجَدَ رَجُلٌ فَتَاةً عَذْرَاءَ غَيْرَ مَخْطُوبَةٍ فَأَمْسَكَهَا وَٱضْطَجَعَ مَعَهَا، فَوُجِدَا. 29 يُعْطِي ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي ٱضْطَجَعَ مَعَهَا لأَبِي ٱلْفَتَاةِ خَمْسِينَ مِنَ ٱلْفِضَّةِ، وَتَكُونُ هِيَ لَهُ زَوْجَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ أَذَلَّهَا. لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ أَيَّامِهِ».

خروج 22: 16 و17 ع 24

(انظر خروج 23: 16 و17). إن خطية المراودة قبل الزواج ثقيلة الجزاء وهو أن يعطي المراود أبا العذراء خمشين شاقلاً. وقد عرفت عظمة هذه القيمة عندهم في تلك الأيام (انظر تفسير ع 13 - 19). وقد عرفت من سفر الخروج أن لأبي الابنة أن يمنع من زواجها ولكن المراود لا مهرب له منه في طريق من الطرُق.

30 «لاَ يَتَّخِذْ رَجُلٌ ٱمْرَأَةَ أَبِيهِ، وَلاَ يَكْشِفْ ذَيْلَ أَبِيهِ».

لاويين 18: 8 و20: 11 وص 27: 20 و1كورنثوس 5: 1 راعوث 3: 9 وحزقيال 16: 8

(انظر لاويين 18: 7).

ما هنا لا مجرد سنّة كما يظهر من التفصيل في (لاويين ص 17).

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلْعِشْرُونَ

لهذا الأصحاح عنوان قديم هو «من يدخل في جماعة الرب ومن لا يدخل فيها» وهو علاقة هذا الأصحاح بما قبله. فإنه ينتقل بالطبع من شريعة الزيجة في كنيسة إسرائيل إلى أولاد إسرائيل الذين هم أعضاء تلك الكنيسة.

1 «لاَ يَدْخُلْ مَخْصِيٌّ بِٱلرَّضِّ أَوْ مَجْبُوبٌ فِي جَمَاعَةِ ٱلرَّبِّ».

لا ريب في أن الغرض من منع دخول الخصي في جماعة الرب منع الرؤساء الإسرائيليين من خصي إخوتهم بني إسرائيل والردع عن الخصي الذي هو من أخشن الأعمال. (ولا يلزم من هذا ان الخصيان محرومون من السعادة الأبدية). ففي نبوءة إشعياء ما نصه «لاَ يَقُلِ ٱلْخَصِيُّ: هَا أَنَا شَجَرَةٌ يَابِسَةٌ. لأَنَّهُ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ لِلْخِصْيَانِ ٱلَّذِينَ يَحْفَظُونَ سُبُوتِي، وَيَخْتَارُونَ مَا يَسُرُّنِي، وَيَتَمَسَّكُونَ بِعَهْدِي: إِنِّي أُعْطِيهِمْ فِي بَيْتِي وَفِي أَسْوَارِي نُصُباً وَٱسْماً أَفْضَلَ مِنَ ٱلْبَنِينَ وَٱلْبَنَاتِ. أُعْطِيهِمِ ٱسْماً أَبَدِيّاً لاَ يَنْقَطِعُ» (إشعياء 56: 3 - 5). ومن المصائب الخاصة التي تنبأ إشعياء بها على حزقيا الملك أن بعض بنيه يكونون خصياناً في قصر ملك بابل لكن شدراخ وميشاخ وعبدنغو الذين تمت بهم هذه النبوة شرفوا بني شعبهم إلى الأبد.

ولا سبيل لنا أن نعرف أمن بني إسرائيل بالولادة كان الخصيان الذين في خدمة ملوك إسرائيل ويهوذا (1صموئيل 8: 15 و1ملوك 22: 9 و2ملوك 8: 6 و9: 32 الخ) أم من الغرباء. فالخصي الحبشي الذي حصل على البركة من تلاوة سفر إرميا كان غريباً (انظر إرميا 39: 15 - 18 وأعمال 8: 26 - 39) وكذا كان أكثر أمثاله إن لم نقل كلهم في إسرائيل. (والخصي في 1صموئيل 8: 15 وما بعده مما ذُكر آنفاً «سريس» في العبرانية وهو الخصي على ما في التلمود واللغة الكلدانية والعنيّن على ما في اللغة العربية ولا معنىً آخر في العبرانية وهو الخادم فاندفع الإشكال).

مَجْبُوبٌ كان الختان آية عهد الرب وأما الجب فكان آية وقف الوثني نفسه للآلهة الباطلة (انظر غلاطية 5: 12). فإن كلام بولس في رسالة الغلاطيين يحتمل معنيين القطع من الكنيسة والجب وهو المرجّح. ومن الوثنيين الذين جبوا وقفاً لأنفسهم لتلك الآلهة عبدة الإلاهة سبيلي التي كان هيكلها في مدينة باسينوس (انظر في الكنز الجليل تفسير غلاطية 5: 12).

2 «لاَ يَدْخُلِ ٱبْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ ٱلرَّبِّ. حَتَّى ٱلْجِيلِ ٱلْعَاشِرِ لاَ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ ٱلرَّبِّ».

لاَ يَدْخُلِ ٱبْنُ زِنىً لا يزال اليهود إلى هذا اليوم لا يختنون ابن زنىً ولا يسمحون له أن يتزوج إسرائيلية ولا أن يُدفن في مقبرة شعبه وهو على ذلك خارج من العهد. وغاية هذه الشريعة شدة المنع من الزنى والمحافظة على طهارة الحياة البيتية والأُسرية.

3 «لاَ يَدْخُلْ عَمُّونِيٌّ وَلاَ مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ ٱلرَّبِّ. حَتَّى ٱلْجِيلِ ٱلْعَاشِرِ لاَ يَدْخُلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ ٱلرَّبِّ إِلَى ٱلأَبَدِ».

نحميا 13: 1 و2

لاَ يَدْخُلْ عَمُّونِيٌّ وَلاَ مُوآبِيٌّ قال راشي (أي لا يتزوج إسرائيلية. ويجب أن يُذكر هنا أن الاولاد بمقتضى الشريعة اليهودية تابعون للأب لا للأم فلا يُعترض على هذه السنّة براعوث).

4 «مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ لَمْ يُلاَقُوكُمْ بِٱلْخُبْزِ وَٱلْمَاءِ فِي ٱلطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكُمْ مِنْ مِصْرَ، وَلأَنَّهُمُ ٱسْتَأْجَرُوا عَلَيْكَ بَلْعَامَ بْنَ بَعُورَ مِنْ فَتُورِ أَرَامِ ٱلنَّهْرَيْنِ لِيَلْعَنَكَ».

ص 2: 29 عدد 22: 5 و6

مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ لَمْ يُلاَقُوكُمْ بِٱلْخُبْزِ وَٱلْمَاءِ نعرف اتفاقاً من هذه العبارة كيف قابل الموآبيون والعمونيون حلم الإسرائيليين عليهم (ص 2: 9 و19 و29) ولا أحد من مطالعي الكتاب يجهل ما كان بين الإسرائيليين والعمونيين والموآبيين بالتفصيل.

5 «وَلٰكِنْ لَمْ يَشَإِ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ أَنْ يَسْمَعَ لِبَلْعَامَ، فَحَوَّلَ لأَجْلِكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ ٱللَّعْنَةَ إِلَى بَرَكَةٍ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ قَدْ أَحَبَّكَ».

لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ قَدْ أَحَبَّكَ الفرق بين ما قيل لإسرائيل في هذه الكتاب وما قيل بواسطة بلعام عظيم جداً (انظر تفسير ص 31: 16).

6 «لاَ تَلْتَمِسْ سَلاَمَهُمْ وَلاَ خَيْرَهُمْ كُلَّ أَيَّامِكَ إِلَى ٱلأَبَدِ».

عزرا 9: 12

(إن الله لم ينههم عن الإحسان إلى غيرهم هنا ولم يأمرهم بإضرار للأعداء بدليل قوله في الآية التالية «لا تكره مصرياً لأنك كنت نزيلاً في أرضه» مع أن المصريين كانوا أشد أعداء إسرائيل فيكون معنى قوله «لا تلتمس سلامهم ولا خيرهم إلى الأبد» لا تلتمس لهم ما يتلمسونه مما يحسبونه سلاماً وخيراً فإنهم يحسبون السلام والخير في تأييد عبادتهم الباطلة وإزالة شريعة الله (انظر عزرا 9: 12).

7 «لاَ تَكْرَهْ أَدُومِيّاً لأَنَّهُ أَخُوكَ. لاَ تَكْرَهْ مِصْرِيّاً لأَنَّكَ كُنْتَ نَزِيلاً فِي أَرْضِهِ».

تكوين 25: 24 إلى 26 و36: 1 وعوبديا 10 و12 خروج 22: 21 و23: 9 ولاويين 19: 34 وص 10: 19

لاَ تَكْرَهْ أَدُومِيّاً... لاَ تَكْرَهْ مِصْرِيّاً فرّق راشي المفسر اليهودي بين من ذُكر هنا والموآبيين والعمونيين بقوله «اعلم هنا إن من يجعل الإنسان يخطأ يضرّه أكثر مما لو قتله لأن من يقتله إنما ينفيه من هذا العالم وأما من يجعله يخطأ فينفيه من هذا العالم وعالم السعادة الآتي فنهى الله الإسرائيليين عن كره آدوم الذي لاقاهم بالسيف (عدد 20: 14 - 21) وعن كره المصريين الذي كانوا يغرقونهم (خروج 1: 22) وأمرهم بكره الموآبيين والعمونيين لأنهم حاولوا أن يجعلوا إسرائيل يخطأ».

8 «ٱلأَوْلاَدُ ٱلَّذِينَ يُولَدُونَ لَهُمْ فِي ٱلْجِيلِ ٱلثَّالِثِ يَدْخُلُونَ مِنْهُمْ فِي جَمَاعَةِ ٱلرَّبِّ».

ٱلأَوْلاَدُ ٱلَّذِينَ يُولَدُونَ لَهُمْ يتبين من هذه العبارة أنه ليس اللفيف المصري وحده كان بين إسرائيل بل كان بينهم أيضاً خلطاء من الأدوميين والموآبيين التصقوا بهم بالزيجة يوم مروا بأرضهم. وهذه السنّة كانت مما يوافق أحوال عصر موسى.

طهارة المحلة (ع 9 - 14)

9 «إِذَا خَرَجْتَ فِي جَيْشٍ عَلَى أَعْدَائِكَ فَٱحْتَرِزْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ رَدِيءٍ».

إِذَا خَرَجْتَ فِي جَيْشٍ عَلَى أَعْدَائِكَ فَٱحْتَرِزْ «لأن الشيطان يصنع ريبه في ساعة الخطر» (راشي).

10 «إِنْ كَانَ فِيكَ رَجُلٌ غَيْرَ طَاهِرٍ مِنْ عَارِضِ ٱللَّيْلِ، يَخْرُجُ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ. لاَ يَدْخُلْ إِلَى دَاخِلِ ٱلْمَحَلَّةِ».

لاويين 15: 16

غَيْرَ طَاهِرٍ مِنْ عَارِضِ ٱللَّيْلِ (لاويين 15: 16).

11 «وَنَحْوَ إِقْبَالِ ٱلْمَسَاءِ يَغْتَسِلُ بِمَاءٍ، وَعِنْدَ غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ يَدْخُلُ إِلَى دَاخِلِ ٱلْمَحَلَّةِ».

لاويين 15: 5

نَحْوَ إِقْبَالِ ٱلْمَسَاءِ لأنه كل متنجس يبقى نجساً إلى المساء. أو كما قال راشي المفسر اليهودي «لا أحد يطهر (من النجاسة التي بمقتضى الرسوم) قبل غروب الشمس».

12 «وَيَكُونُ لَكَ مَوْضِعٌ خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ لِتَخْرُجَ إِلَيْهِ خَارِجاً».

خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ يجب أن يُعلم هنا أن هذه المحلة هي المعكسر أي محلة الجيش لا محلة الشعب كله في البرية. وبداءة الكلام في هذا الشأن الآية التاسعة ونهايته نهاية الآية الرابعة عشرة وغايته حفظ النظافة احتراماً لقداسة الرب. ولا يخفى ما في ذلك من حفظ الصحة علاوة على ذلك الاحترام.

13 «وَيَكُونُ لَكَ وَتَدٌ مَعَ عُدَّتِكَ لِتَحْفُرَ بِهِ عِنْدَمَا تَجْلِسُ خَارِجاً وَتَرْجِعُ وَتُغَطِّي بُرَازَكَ».

وَتَدٌ ترجمه بعضهم بالشفرة وبعضهم بالرفش والصحيح الوتد وهو محدود الأسفل كالوتد الذي قتلت به ياعيل سيسرا (قضاة 4: 21).

14 «لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ سَائِرٌ فِي وَسَطِ مَحَلَّتِكَ، لِيُنْقِذَكَ وَيَدْفَعَ أَعْدَاءَكَ أَمَامَكَ. فَلْتَكُنْ مَحَلَّتُكَ مُقَدَّسَةً، لِئَلاَّ يَرَى فِيكَ قَذَرَ شَيْءٍ فَيَرْجِعَ عَنْكَ».

لاويين 26: 12

لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ سَائِرٌ فِي وَسَطِ مَحَلَّتِكَ هذا من أجمل براهين النظافة بكل أحوالهم وقد بنى بولس الرسول على هذا قوله «أَنْتُمْ هَيْكَلُ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ، كَمَا قَالَ ٱللّٰهُ: إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ... فَإِذْ لَنَا هٰذِهِ ٱلْمَوَاعِيدُ... لِنُطَهِّرْ ذَوَاتِنَا مِنْ كُلِّ دَنَسِ ٱلْجَسَدِ» (2كورنثوس 6: 17 - 7: 10).

ملجأ الآبق (ع 15 و16)

15، 16 «15 عَبْداً أَبَقَ إِلَيْكَ مِنْ مَوْلاَهُ لاَ تُسَلِّمْ إِلَى مَوْلاَهُ. 16 عِنْدَكَ يُقِيمُ فِي وَسَطِكَ، فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ فِي أَحَدِ أَبْوَابِكَ حَيْثُ يَطِيبُ لَهُ. لاَ تَظْلِمْهُ».

1صموئيل 30: 15 خروج 22: 21

لاَ تُسَلِّمْ قال راشي المفسر اليهودي «وإن كان الآبق عبداً كنعانياً هرب إلى أرض إسرائيل».

17 «لاَ تَكُنْ زَانِيَةٌ مِنْ بَنَاتِ إِسْرَائِيلَ، وَلاَ يَكُنْ مَأْبُونٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ».

لاويين 19: 29 وأمثال 2: 16 تكوين 19: 5 و2ملوك 23: 7 ورومية 1: 27 و1كورنثوس 6: 9

زَانِيَةٌ... مَأْبُونٌ كلاهما بمعنى الزانية والمأبون في هيكل البعل وعشتروت ممن يقفون أنفسهم لتلك النجاسة.

18 «لاَ تُدْخِلْ أُجْرَةَ زَانِيَةٍ وَلاَ ثَمَنَ كَلْبٍ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ عَنْ نَذْرٍ مَا، لأَنَّهُمَا كِلَيْهِمَا رِجْسٌ لَدَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ».

أُجْرَةَ زَانِيَةٍ ولو كانت حملاً بلا عيب لأنه أجرة نجاسة وإثم (تكوين 38: 17).

ثَمَنَ كَلْبٍ كان الحمار يُفدى بخروف فيقدم الخروف ذبيحة ولكن ذلك لا يجوز للكلب وإن كانت الكلاب تأكل الفتات تحت موائد الأولاد فإن الكلب يعود إلى قيئه. وعلى مثل هؤلاء الكلاب قيل «لأَنَّ خَارِجاً ٱلْكِلاَبَ وَٱلسَّحَرَةَ وَٱلزُّنَاةَ وَٱلْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ ٱلأَوْثَانِ، وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِباً» (رؤيا 22: 15).

19، 20 «19 لاَ تُقْرِضْ أَخَاكَ بِرِباً، رِبَا فِضَّةٍ أَوْ رِبَا طَعَامٍ أَوْ رِبَا شَيْءٍ مَا مِمَّا يُقْرَضُ بِرِباً، 20 لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِباً، وَلٰكِنْ لأَخِيكَ لاَ تُقْرِضْ بِرِباً لِيُبَارِكَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ يَدُكَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا».

خروج 22: 25 ولاويين 25: 36 و37 ونحميا 5: 2 و7 ومزمور 15: 5 ولوقا 6: 34 و35 لاويين 19: 34 وص 15: 3 ص 15: 10

بِرِباً استنتج بعض الكتبة المحدثين من هاتين الآيتين أنه لا يجوز الربا ولكن المنع عن أخذ الربا من الأخ الفقير كما يتضح من سفري الخروج واللاويين (خروج 22: 25 ولاويين 25: 35 و36) لأن أخذ الربا من البائس المحتاج ظلم.

21 «إِذَا نَذَرْتَ نَذْراً لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ فَلاَ تُؤَخِّرْ وَفَاءَهُ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ يَطْلُبُهُ مِنْكَ فَتَكُونُ عَلَيْكَ خَطِيَّةٌ».

عدد 30: 2 وجامعة 5: 4 و5

إِذَا نَذَرْتَ... فَلاَ تُؤَخِّرْ قال راشي المفسر اليهودي والربانيون أن الأعياد السنوية الثلاثة أوقات لتأدية النذور (انظر 1صموئيل 1: 21) وذُكرت هذه السنّة في سفر الجامعة (جامعة 5: 4).

22 «وَلٰكِنْ إِذَا ٱمْتَنَعْتَ أَنْ تَنْذُرَ لاَ تَكُونُ عَلَيْكَ خَطِيَّةٌ».

(يظهر من هذه الآية أن النذر اختياري).

23 «مَا خَرَجَ مِنْ شَفَتَيْكَ ٱحْفَظْ وَٱعْمَلْ كَمَا نَذَرْتَ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ تَبَرُّعاً كَمَا تَكَلَّمَ فَمُكَ».

عدد 30: 2 ومزمور 66: 13 و14

(هذه الآية تدل على أن النذر بلا وفاء كذب على الله وعلى الروح القدس أعمال 5: 1 - 25).

24، 25 «24 إِذَا دَخَلْتَ كَرْمَ صَاحِبِكَ فَكُلْ عِنَباً حَسَبَ شَهْوَةِ نَفْسِكَ، شَبْعَتَكَ. وَلٰكِنْ فِي وِعَائِكَ لاَ تَجْعَلْ. 25 إِذَا دَخَلْتَ زَرْعَ صَاحِبِكَ فَٱقْطِفْ سَنَابِلَ بِيَدِكَ، وَلٰكِنْ مِنْجَلاً لاَ تَرْفَعْ عَلَى زَرْعِ صَاحِبِكَ».

متّى 12: 1 ومرقس 2: 23 ولوقا 6: 1

فالاعتراض على تلاميذ المسيح حين كانوا يقطفون السنابل لم يكن على أنهم قطفوا سنابل غيرهم بل على أنهم قطفوها في يوم السبت. فقول راشي أن ذلك مخصوص في أيام جمع الغلال لا إثبات له.

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

شريعة الطلاق (ع 1 - 4)

1 «إِذَا أَخَذَ رَجُلٌ ٱمْرَأَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ لأَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ، وَكَتَبَ لَهَا كِتَابَ طَلاَقٍ وَدَفَعَهُ إِلَى يَدِهَا وَأَطْلَقَهَا مِنْ بَيْتِهِ».

متّى 5: 31 و19: 7 ومرقس 10: 4

لأَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ هذا دليل قاطع على أن الكره لغير علة لم يُقصد هنا فإذا كره الرجل امرأته وجب أن يكون علة لكرهه وأن تكون تلك العلة مما يوجب الكره.

وَكَتَبَ لَهَا كِتَابَ طَلاَقٍ لقساوة قلبه. وهذا هو تفسير سيدنا يسوع المسيح لهذه العبارة بدليل قوله «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ» (متّى 19: 8).

2، 3 «2 وَمَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ ذَهَبَتْ وَصَارَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ، 3 فَإِنْ أَبْغَضَهَا ٱلرَّجُلُ ٱلأَخِيرُ وَكَتَبَ لَهَا كِتَابَ طَلاَقٍ وَدَفَعَهُ إِلَى يَدِهَا وَأَطْلَقَهَا مِنْ بَيْتِهِ، أَوْ إِذَا مَاتَ ٱلرَّجُلُ ٱلأَخِيرُ ٱلَّذِي ٱتَّخَذَهَا لَهُ زَوْجَةً.

فَإِنْ أَبْغَضَهَا ٱلرَّجُلُ ٱلأَخِيرُ قال راشي المفسر اليهودي هنا «إن الكتاب المقدس يشير هنا إلى أن عاقبة مثل هذه الزيجة الكره» وضرب مثلاً لذلك تزوُّج المسبيّة (ص 21). فعاقبة مثل هذه الزيجة الكره للمرأة ولبكرها الذي يكون نهماً وسكيراً.

4 «لاَ يَقْدِرُ زَوْجُهَا ٱلأَوَّلُ ٱلَّذِي طَلَّقَهَا أَنْ يَعُودَ يَأْخُذُهَا لِتَصِيرَ لَهُ زَوْجَةً بَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ. لأَنَّ ذٰلِكَ رِجْسٌ لَدَى ٱلرَّبِّ. فَلاَ تَجْلِبْ خَطِيَّةً عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ نَصِيباً».

إرميا 3: 1

لاَ يَقْدِرُ زَوْجُهَا ٱلأَوَّلُ... أَنْ يَعُودَ يَأْخُذُهَا... فَلاَ تَجْلِبْ خَطِيَّةً عَلَى ٱلأَرْضِ فُسرت هذه الآية في سفر إرميا تفسيراً حسناً وذلك التفسير قوله تعالى «إِذَا طَلَّقَ رَجُلٌ ٱمْرَأَتَهُ فَٱنْطَلَقَتْ مِنْ عِنْدِهِ وَصَارَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ، فَهَلْ يَرْجِعُ إِلَيْهَا بَعْدُ؟ أَلاَ تَتَنَجَّسُ تِلْكَ ٱلأَرْضُ نَجَاسَةً؟ أَمَّا أَنْتِ فَقَدْ زَنَيْتِ بِأَصْحَابٍ كَثِيرِينَ! لٰكِنِ ٱرْجِعِي إِلَيَّ يَقُولُ ٱلرَّبُّ» (إرميا 3: 1).

سنن مختلفة تتعلق بمصلحة الإنسانية (ع 5 إلى نهاية ص 25)

5 «إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ ٱمْرَأَةً جَدِيدَةً، فَلاَ يَخْرُجْ فِي ٱلْجُنْدِ، وَلاَ يُحْمَلْ عَلَيْهِ أَمْرٌ مَا. حُرّاً يَكُونُ فِي بَيْتِهِ سَنَةً وَاحِدَةً، وَيَسُرُّ ٱمْرَأَتَهُ ٱلَّتِي أَخَذَهَا».

ص 20: 7 أمثال 5: 18

فَلاَ يَخْرُجْ فِي ٱلْجُنْدِ، وَلاَ يُحْمَلْ عَلَيْهِ أَمْرٌ أي لا يخرج للحرب بين الجنود المحاربين ولا يُكلف بشيء من الأعمال الحربية.

حُرّاً يَكُونُ فِي بَيْتِهِ اي معفىً من كل التكاليف الحربية.

6 «لاَ يَسْتَرْهِنْ أَحَدٌ رَحىً أَوْ مِرْدَاتَهَا، لأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَرْهِنُ حَيَاةً».

رَحىً أَوْ مِرْدَاتَهَا (الرحى الطاحون) والمرداة الحجر العليا من حجريها (من ردى الشيء كسره لأنها تردي الحبوب أي تكسرها قال الشاعر:

Table 2. 

غُلامُ وغىً تقحّمها فأودىوقد طحنته مرداةٌ طحونُ    

والمعنى لا تسترهن الطاحون ولا أحد حجريها).

حَيَاةً لأن الطاحون من أسباب الحياة.

7 «إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ قَدْ سَرَقَ نَفْساً مِنْ إِخْوَتِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَٱسْتَرَقَّهُ وَبَاعَهُ، يَمُوتُ ذٰلِكَ ٱلسَّارِقُ، فَتَنْزِعُ ٱلشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ».

خروج 21: 16 ص 19: 19

سَرَقَ نَفْساً مِنْ إِخْوَتِهِ (انظر خروج 21: 16).

8، 9 «8 اِحْرِصْ فِي ضَرْبَةِ ٱلْبَرَصِ لِتَحْفَظَ جِدّاً وَتَعْمَلَ حَسَبَ كُلِّ مَا يُعَلِّمُكَ ٱلْكَهَنَةُ ٱللاَّوِيُّونَ. كَمَا أَمَرْتُهُمْ تَحْرِصُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. 9 اُذْكُرْ مَا صَنَعَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ بِمَرْيَمَ فِي ٱلطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكُمْ مِنْ مِصْرَ».

لاويين 13: 2 و14: 2 لوقا 17: 32 و1كورنثوس 10: 6 عدد 12: 10

اِحْرِصْ فِي ضَرْبَةِ ٱلْبَرَصِ... اُذْكُرْ مَا صَنَعَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ بِمَرْيَمَ أي يجب أن تراعي سنّة البرص كل المراعاة ولا تحابي فإن مريم وهي من رؤساء إسرائيل الثلاثة بدليل قوله تعالى لإسرائيل «أَرْسَلْتُ أَمَامَكَ مُوسَى وَهَارُونَ وَمَرْيَمَ» (ميخا 6: 4) حُجزت خارج المحلة سبعة أيام (عدد 12: 14) يوم ضُربت بالبرص بغتة. وحذّر موسى الشعب من الجور في سنة البرص لأنهم كانوا عرضة لأن يتهاونوا بها في معاملة العظماء أو الأغنياء من المصابين بالبرص فأوجب أن يعملوا بمقتضى تلك السنة بالسواء بين الكبراء والصغراء والمعدمين والمثرين.

ٱلْكَهَنَةُ ٱللاَّوِيُّونَ أي الكهنة الذين هم من سبط لاوي فإن البرص كان من الشرائع الموكولة مراعاتها إلى الكهنة وعلى ذلك قوله «فَٱلْتَفَتَ هَارُونُ إِلَى مَرْيَمَ وَإِذَا هِيَ بَرْصَاءُ» (عدد 12: 10). ولا يمكن أن يكون مقصود الكاتب بالكهنة اللاويين كل اللاويين لأنه كان على ما يظهر من النص قد عرف بالمشاهدة مصاب مريم بالبرص وأن المخاطبين كانوا يعهدون ذلك (إذ أجمل وأوجز في الأنباء ببرص مريم) ولو كان هو أو سامعوه من المتأخرين لذكر نبأ برصها بالتفصيل والأطناب.

10 - 13 «10 إِذَا أَقْرَضْتَ صَاحِبَكَ قَرْضاً مَا، فَلاَ تَدْخُلْ بَيْتَهُ لِتَرْتَهِنَ رَهْناً مِنْهُ. 11 فِي ٱلْخَارِجِ تَقِفُ، وَٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي تُقْرِضُهُ يُخْرِجُ إِلَيْكَ ٱلرَّهْنَ إِلَى ٱلْخَارِجِ. 12 وَإِنْ كَانَ رَجُلاً فَقِيراً فَلاَ تَنَمْ فِي رَهْنِهِ. 13 رُدَّ إِلَيْهِ ٱلرَّهْنَ عِنْدَ غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ، لِيَنَامَ فِي ثَوْبِهِ وَيُبَارِكَكَ، فَيَكُونَ لَكَ بِرٌّ لَدَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ».

خروج 22: 26 أيوب 29: 11 و13 و31: 20 و2كورنثوس 9: 13 و2تيموثاوس 1: 18 ص 6: 25 ومزمور 106: 31 و112: 9 ودانيال 4: 27

إِذَا أَقْرَضْتَ الشريعة في هذه الآيات من مكتوبات الأزمنة القديمة التي كان يعيش فيها الناس في البساطة ولم يكن فيها للإنسان أكثر من مقومات الحياة إلا نادراً فكانت أثواب الإنسان ورحاه التي يعد بها طعامه اليومي كل ما يحمله من الأمتعة تقريباً (انظر خروج 22: 26 و27).

فَيَكُونَ لَكَ بِرٌّ على رفقك بأخيك. وما أحسن قول سيدنا المسيح في هذا المعنى «طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ» (متّى 5: 7).

14، 15 «14 لاَ تَظْلِمْ أَجِيراً مِسْكِيناً وَفَقِيراً مِنْ إِخْوَتِكَ أَوْ مِنَ ٱلْغُرَبَاءِ ٱلَّذِينَ فِي أَرْضِكَ فِي أَبْوَابِكَ. 15 فِي يَوْمِهِ تُعْطِيهِ أُجْرَتَهُ، وَلاَ تَغْرُبْ عَلَيْهَا ٱلشَّمْسُ، لأَنَّهُ فَقِيرٌ وَإِلَيْهَا حَامِلٌ نَفْسَهُ، لِئَلاَّ يَصْرُخَ عَلَيْكَ إِلَى ٱلرَّبِّ فَتَكُونَ عَلَيْكَ خَطِيَّةٌ».

ملاخي 3: 5 ومرقس 10: 19 لاويين 19: 13 وإرميا 22: 13 ويعقوب 5: 4

لاَ تَظْلِمْ أَجِيراً فلا تبت أجرة أجير عندك إلى الغد (لاويين 19: 13 انظر أيضاً إرميا 22: 13 وملاخي 3: 5 ويعقوب 5: 4).

16 «لاَ يُقْتَلُ ٱلآبَاءُ عَنِ ٱلأَوْلاَدِ وَلاَ يُقْتَلُ ٱلأَوْلاَدُ عَنِ ٱلآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ».

2ملوك 14: 6 و2أيام 25: 4 وإرميا 31: 29 و30 وحزقيال 18: 20

لاَ يُقْتَلُ الخ راعى هذه السنّة أمصيا بن يوآش (2ملوك 14: 6 و2أيام 25: 4) ولم يراعها ملك فارس في عقاب المشتكين على دانيال (دانيال 6: 24). وأما قتل عخان الخائن هو ومن له فليس من هذا الباب أي ليست من قتل الأبناء بذنب الآب لأنه من الأمور الخاصة لأن إثمه جلب السخط على كل بني إسرائيل فهو «رجل لم يهلك وحده بإثمه» (انظر تفسير يشوع ص 7).

17 - 22 «17 لاَ تُعَوِّجْ حُكْمَ ٱلْغَرِيبِ وَٱلْيَتِيمِ، وَلاَ تَسْتَرْهِنْ ثَوْبَ ٱلأَرْمَلَةِ. 18 وَٱذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْداً فِي مِصْرَ فَفَدَاكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ مِنْ هُنَاكَ. لِذٰلِكَ أَنَا أُوصِيكَ أَنْ تَعْمَلَ هٰذَا ٱلأَمْرَ. 19 إِذَا حَصَدْتَ حَصِيدَكَ فِي حَقْلِكَ وَنَسِيتَ حُزْمَةً فِي ٱلْحَقْلِ، فَلاَ تَرْجِعْ لِتَأْخُذَهَا. لِلْغَرِيبِ وَٱلْيَتِيمِ وَٱلأَرْمَلَةِ تَكُونُ، لِيُبَارِكَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ فِي كُلِّ عَمَلِ يَدَيْكَ. 20 وَإِذَا خَبَطْتَ زَيْتُونَكَ فَلاَ تُرَاجِعِ ٱلأَغْصَانَ وَرَاءَكَ. لِلْغَرِيبِ وَٱلْيَتِيمِ وَٱلأَرْمَلَةِ يَكُونُ. 21 إِذَا قَطَفْتَ كَرْمَكَ فَلاَ تُعَلِّلْهُ وَرَاءَكَ. لِلْغَرِيبِ وَٱلْيَتِيمِ وَٱلأَرْمَلَةِ يَكُونُ. 22 وَٱذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْداً فِي أَرْضِ مِصْرَ. لِذٰلِكَ أَنَا أُوصِيكَ أَنْ تَعْمَلَ هٰذَا ٱلأَمْرَ».

خروج 22: 21 و22 وأمثال 22: 22 وإشعياء 1: 23 وإرميا 5: 28 و22: 3 وحزقيال 22: 29 وزكريا 7: 10 وملاخي 3: 5 خروج 22: 26 ص 16: 12 وع 22 لاويين 19: 9 و10 و23: 22 ص 15: 10 ومزمور 41: 1 وأمثال 19: 17 ع 18

ٱلْغَرِيبِ وَٱلْيَتِيمِ... ٱلأَرْمَلَةِ هؤلاء الثلاثة موضوع كل الشريعة التي في هذه الآيات فانظر لبيان الآيتين السابعة عشرة والثامنة عشرة (خروج 22: 22 - 24) ولمسئلة الحصاد (لاويين 23: 22). ومما يستحق الاعتبار أن تلك الشريعة متعلقة بعيد الخمسين في ذلك الموضع. ولم يكن من العناية بالأرملة والمسكين بعد يوم الخمسين كما كان في العهد الجديد فإنه «نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ، إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجاً» (أعمال 4: 33 و34).

فكان في كل العهد الجديد طريق خاصة ومقصد خاص لكون «الرب يعتني بالغرباء» وهذا القصد يصعب علينا أن نتبينه في العهد القديم ولكن متى فتحنا العهد الجديد رأينا ذلك من وجوه محبة الله الآب لابنه يسوع المسيح الذي عُين له أن يكون وقت يأتي إلينا غريباً وهو اليوم الذي لم يكن له فيه موضع في منزل الخان. ولا يمكننا أن نغفل عن أنه أتى إلى هناك غريباً ولذلك كان ذكر الغرباء في كل العهد القديم طريقاً مفروشة عليها الأزهار استعداداً لمجيء المحبوب أعظم محبة فمشت الملائكة على الأرض تخدم الغرباء. والأب الغني «أمير الله» اعترف بين الكنعانيين بأنه غريب ونزيل على الأرض. وقال الله للمدعوين بأن يرثوا تلك الأرض «أَنْتُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عِنْدِي» (لاويين 25: 23). وكان الغريب يجلس حذاء اللاوي على مائدة إسرائيل وأمر الله الإسرائيليين أن يعتبروا الغريب كالمولود بينهم وأن يحبوه كأنفسهم. ومفتاح ذلك كله قول المسيح «كنت غريباً فآويتموني».

ٱذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْداً فِي أَرْضِ مِصْرَ فكنت تشعر بحاجتك إلى من يحسن إليك ولذلك تعرف قيمة وصيتي فأوصيك إياها. وهذا من صريح الوعظ في سفر التثنية وهو لا يتوقع لما فيه من الحوادث إلا من مثل موسى لا من متأخر عنه.

اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ وَٱلْعِشْرُونَ

العدل في القضاء (ع 1 - 3)

1 «إِذَا كَانَتْ خُصُومَةٌ بَيْنَ أُنَاسٍ وَتَقَدَّمُوا إِلَى ٱلْقَضَاءِ لِيَقْضِيَ ٱلْقُضَاةُ بَيْنَهُمْ، فَلْيُبَرِّرُوا ٱلْبَارَّ وَيَحْكُمُوا عَلَى ٱلْمُذْنِبِ».

ص 19: 17 وحزقيال 44: 24 أمثال 17: 15

فَلْيُبَرِّرُوا ٱلْبَارَّ وَيَحْكُمُوا عَلَى ٱلْمُذْنِبِ قال الله «لاَ أُبَرِّرُ ٱلْمُذْنِبَ» (خروج 23: 7). وقال الحكيم «مُبَرِّئُ ٱلْمُذْنِبَ وَمُذَنِّبُ ٱلْبَرِيءَ كِلاَهُمَا مَكْرَهَةُ ٱلرَّبِّ» (أمثال 17: 15). ويجب أن يُعلم إن التبرير هنا شرعي لا ديني كالمعهود من نزع الإثم عن الأثيم فالمقصود به هنا بيان براءة المشكو مما شُكي عليه بمقتضى العدل وهذا بخلاف التبرير الذي ذكره بولس الرسول في رسائله فإن ذاك تبرير المذنب بالفداء لا بيان بر البار.

2 «فَإِنْ كَانَ ٱلْمُذْنِبُ مُسْتَوْجِبَ ٱلضَّرْبِ، يَطْرَحُهُ ٱلْقَاضِي وَيَجْلِدُونَهُ أَمَامَهُ عَلَى قَدَرِ ذَنْبِهِ بِٱلْعَدَدِ».

لوقا 12: 48 متّى 10: 17

فَإِنْ كَانَ ٱلْمُذْنِبُ مُسْتَوْجِبَ ٱلضَّرْبِ قضى اليهود بذلك خمس مرات على بولس الرسول إذ حكموا بأن تبشيره بأن يسوع هو المسيح ذنبٌ.

يَطْرَحُ أبان التلمود وضع المذنب عند الجلد بأنه لا يكون المذنب جالساً ولا واقفاً ولا متكئاً بل يكون جسده مائلاً.

أَمَامَهُ أي يجلدون جسده من الأمام أي يجلدون مقدم جسمه فيكون «أمامه» على هذا التفسير بدلاً من المفعول به في قوله يجلدونه لا ظرفاً. فكانوا يجلدون مقدم إحدى الكتفين ثلاث عشرة جلدة ومقدم الكتف الأخرى ثلاث عشرة جلدة والصدر ثلاث عشرة جلدة فمجموع الجلدات 39 أو «أربعون جلدة إلا واحدة». ولكن الكتاب هنا أمر بأن يُجلد المذنب أربعين وأن لا يزاد على ذلك فقالوا نهت الشريعة عن جلد المذنب أكثر من أربعين جلدة فحذراً من الزيادة على ذلك لا تضربه سوى تسع وثلاثين.

3 «أَرْبَعِينَ يَجْلِدُهُ. لاَ يَزِدْ، لِئَلاَّ إِذَا زَادَ فِي جَلْدِهِ عَلَى هٰذِهِ ضَرَبَاتٍ كَثِيرَةً، يُحْتَقَرَ أَخُوكَ فِي عَيْنَيْكَ».

2كورنثوس 11: 24 أيوب 18: 3

أَرْبَعِينَ يَجْلِدُهُ في التلمود أنه يجب أن يُنظر في مقدار احتمال المذنب وتكون قوة الجلدات بمقتضى ذلك الاحتمال وإن كان لا يحتمل الجلدات كلها في وقت واحد توزع على وقتين أو أوقات لئلا يموت.

لِئَلاَّ... يُحْتَقَرَ أَخُوكَ لم يكن القصاص بمتقضى الشريعة احتقاراً للمعاقب (بل تأديباً) وكان يجري في المجمع وكانت تُقرأ شريعته في أثناء ذلك في (تثنية 28: 58 و59) ويزاد على ذلك بعض العبارات.

4 «لاَ تَكُمَّ ٱلثَّوْرَ فِي دِرَاسِهِ».

أمثال 12: 10 وهوشع 10: 11 و1كورنثوس 9: 9 و1تيموثاوس 5: 18

لاَ تَكُمَّ ٱلثَّوْرَ الخ (أي لا تضع كمامة على فم الثور وهي أداة توضع على فمه لتمنعه من الأكل وهو يدرس). وفسّر بولس الرسول هذه الآية بقوله «الفاعل مستحق أجرته» على أثر تعليله بقول الكتاب «لاَ تَكُمَّ ثَوْراً دَارِساً» (1تيموثاوس 5: 18) وقوله على أثر ذلك «الذين ينادون بالإنجيل من الإنجيل يعيشون».

شريعة تزوج امرأة الأخ المتوفّى (ع 5 - 10)

5 - 10 «5 إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعاً وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَيْسَ لَهُ ٱبْنٌ، فَلاَ تَصِرِ ٱمْرَأَةُ ٱلْمَيِّتِ إِلَى خَارِجٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ. أَخُو زَوْجِهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً، وَيَقُومُ لَهَا بِوَاجِبِ أَخِي ٱلزَّوْجِ. 6 وَٱلْبِكْرُ ٱلَّذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِٱسْمِ أَخِيهِ ٱلْمَيِّتِ، لِئَلاَّ يُمْحَى ٱسْمُهُ مِنْ إِسْرَائِيلَ. 7 وَإِنْ لَمْ يَرْضَ ٱلرَّجُلُ أَنْ يَأْخُذَ ٱمْرَأَةَ أَخِيهِ، تَصْعَدُ ٱمْرَأَةُ أَخِيهِ إِلَى ٱلْبَابِ إِلَى ٱلشُّيُوخِ وَتَقُولُ: قَدْ أَبَى أَخُو زَوْجِي أَنْ يُقِيمَ لأَخِيهِ ٱسْماً فِي إِسْرَائِيلَ. لَمْ يَشَأْ أَنْ يَقُومَ لِي بِوَاجِبِ أَخِي ٱلزَّوْجِ. 8 فَيَدْعُوهُ شُيُوخُ مَدِينَتِهِ وَيَتَكَلَّمُونَ مَعَهُ. فَإِنْ أَصَرَّ وَقَالَ: لاَ أَرْضَى أَنْ أَتَّخِذَهَا 9 تَتَقَدَّمُ ٱمْرَأَةُ أَخِيهِ إِلَيْهِ أَمَامَ أَعْيُنِ ٱلشُّيُوخِ، وَتَخْلَعُ نَعْلَهُ مِنْ رِجْلِهِ، وَتَبْصُقُ فِي وَجْهِهِ، وَتَقُولُ: هٰكَذَا يُفْعَلُ بِٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي لاَ يَبْنِي بَيْتَ أَخِيهِ. 10 فَيُدْعَى ٱسْمُهُ فِي إِسْرَائِيلَ بَيْتَ مَخْلُوعِ ٱلنَّعْلِ».

متّى 22: 24 ومرقس 12: 19 ولوقا 20: 28 تكوين 38: 8 وراعوث 1: 12 و13 و3: 9 تكوين 38: 9 راعوث 4: 10 راعوث 4: 1 و2 راعوث 4: 6 راعوث 4: 7 راعوث 4: 11

إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعاً الخ اشتغل التلمود بهذه الشريعة كثيراً. كانت هذه الشريعة يُقصد بها بقاء اسم المتوفي بالنسل الذي يكون من أخيه أولاً أي البكر الذي تلده امرأة المتوفي من أخيه (انظر راعوث ص 4). وهذه الشريعة كانت قبل موسى فأول ما سمعناها في بيت يهوذا ابن يعقوب (تكوين 38: 8) وكان عقاب مخالفها يومئذ القتل لا التعيير وحده. والذي جعل هذه الشريعة مما يُذكر كثيراً تعليم يسوع المسيح في دفع إشكال الصدوقيين واعتراضهم على القيامة من الموت أي المعاد الجسماني (متّى 22: 24 ومرقس 12: 19 ولوقا 20: 28). ومما يستحق التأمل هنا أن في هذه الشريعة عينها بعض معنى القيامة. فقد قال بوعز في راعوث «لِتُقِيمَ ٱسْمَ ٱلْمَيِّتِ عَلَى مِيرَاثِهِ» (راعوث 4: 5) فلماذا يقام اسم الميت إذا كان قد تلاشى أي زال من الوجود إلى الأبد. فلنا أن نعتقد أن هذه الشريعة تدل بعض الدلالة على القيامة من الموت كالمعمودية من أجل الأموات فإنها تجعل من يولد بكراً من امرأة المتوفى وأخيه محيياً اسم المتوفى على رجاء القيامة التي كان يعتقدها الشعب المختار وكانت من صوَر ذهنه الدائمة.

11 «إِذَا تَخَاصَمَ رَجُلاَنِ، رَجُلٌ وَأَخُوهُ، وَتَقَدَّمَتِ ٱمْرَأَةُ أَحَدِهِمَا لِتُخَلِّصَ رَجُلَهَا مِنْ يَدِ ضَارِبِهِ، وَمَدَّتْ يَدَهَا وَأَمْسَكَتْ بِعَوْرَتِهِ».

إِذَا تَخَاصَمَ رَجُلاَنِ هذه السنّة مقابلة للسنّة في (خروج 21: 22) فيجب أن يوقى الرجل كما توقى المرأة.

بِعَوْرَتِهِ أي عورة ضارب رجلها فأوجب الحياء كما أوجب الوقاية.

12 «فَٱقْطَعْ يَدَهَا، وَلاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ».

ص 19: 13

لاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ (أي لا تشفق عليها بما تراه عينك من إمارات خوفها وحزنها) (انظر تفسير ص 18: 13).

العدل في الميزان والكيل (ع 13 - 16)

13، 14 «لاَ يَكُنْ لَكَ فِي كِيسِكَ أَوْزَانٌ مُخْتَلِفَةٌ كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ. 14 لاَ يَكُنْ لَكَ فِي بَيْتِكَ مَكَايِيلُ مُخْتَلِفَةٌ كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ».

لاويين 19: 35 و36 وأمثال 11: 1 وحزقيال 45: 10 وميخا 6: 11

لاَ يَكُنْ لَكَ... أَوْزَانٌ مُخْتَلِفَةٌ الخ (أي ما يوزن به وما يُكال به فتأخذ بالكبير وتعطي بالصغير) (لاويين 19: 35 و36) فالعدل في الميزان والكيل من جملة القداسة الأدبية.

15 «وَزْنٌ صَحِيحٌ وَحَقٌّ يَكُونُ لَكَ، وَمِكْيَالٌ صَحِيحٌ وَحَقٌّ يَكُونُ لَكَ، لِتَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

خروج 20: 12

لِتَطُولَ أَيَّامُكَ الخ (هذه من الوصايا التي بوعد وأولها الوصية القائلة «أكرم أباك وأمك» (أفسس 6: 1 و2). فالعدل في الميزان والكيل من علل طول الحياة).

16 «لأَنَّ كُلَّ مَنْ عَمِلَ ذٰلِكَ، كُلَّ مَنْ عَمِلَ غِشّاً، مَكْرُوهٌ لَدَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ».

أمثال 11: 1 و1تسالونيكي 4: 6

مَكْرُوهٌ لَدَى ٱلرَّبِّ وعلى هذا قال الحكيم «مَوَازِينُ غِشٍّ مَكْرَهَةُ ٱلرَّبِّ» (أمثال 11: 1 انظر أيضاً عاموس 8: 4 - 8). وغاية هذه الوصية الأولى إيجاب العدل ووقاية المسكين من الغبن فإن الأغنياء قادرون على العناية بأنفسهم وأما الفقراء فيُضرون بالوزن والكيل لعجزهم عن وقاية أنفسهم من الغبن. والظلم يزيد فقراً.

استئصال عماليق (ع 17 - 19)

17 «اُذْكُرْ مَا فَعَلَهُ بِكَ عَمَالِيقُ فِي ٱلطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ».

خروج 17: 8

اُذْكُرْ الخ كان عماليق مثال عدم الإنسانية فكان استئصاله من السنن التي تعتز بها الإنسانية وهذا هو النسبة بين هذه الشريعة وما ذُكر قبلها.

18 «كَيْفَ لاَقَاكَ فِي ٱلطَّرِيقِ وَقَطَعَ مِنْ مُؤَخَّرِكَ كُلَّ ٱلْمُسْتَضْعِفِينَ وَرَاءَكَ، وَأَنْتَ كَلِيلٌ وَمُتْعَبٌ، وَلَمْ يَخَفِ ٱللّٰهَ».

مزمور 36: 1 وأمثال 16: 6 ورومية 3: 18

وَقَطَعَ مِنْ مُؤَخَّرِكَ الخ لم يُذكر هذا التفصيل في الأصحاح السابع عشر من سفر الخروج لكنه يستلزمه الكلام هناك فإن هجوم عماليق على إسرائيل كان على أثر إخراج الماء في حوريب فمن الطبع أن المتعبين الذين أعيوا وكلّوا يتأخرون ويكونون عند الماء فوجدهم هنالك عماليق وقتلهم بقسوة من لا يخاف الله.

19 «فَمَتَى أَرَاحَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكَ حَوْلَكَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ نَصِيباً لِتَمْتَلِكَهَا، تَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ ٱلسَّمَاءِ. لاَ تَنْسَ».

1صموئيل 15: 3 خروج 17: 14 و2ملوك 17: 38

تَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ أول ما وُكل ذلك إلى يشوع «أمين الكتاب» (خروج 17: 14). ثم إلى إسرائيل لأن محو عماليق كان على سبيل التدريج فاجتهد فيه على توالي الأوقات باراق وجدعون (قضاة 5: 14 و6: 3 و7: 12 الخ) وشاول وصموئيل (1صموئيل 7: 15) وداود (1صموئيل 27: 8 و9 و30: 17) والشمعونيون (1ايام 4: 42 و43) ثم أستير فاستأصلت الأجاجيين من بيت هامان. ولا ريب في أن بقية عماليق في مملكة الفرس ذاقوا من مردخاي ما ذاق هامان.

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ وَٱلْعِشْرُونَ

تقديم الباكورة (ع 1 - 11)

1، 2 «1 وَمَتَى أَتَيْتَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ نَصِيباً وَٱمْتَلَكْتَهَا وَسَكَنْتَ فِيهَا، 2 فَتَأْخُذُ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ ثَمَرِ ٱلأَرْضِ ٱلَّذِي تُحَصِّلُ مِنْ أَرْضِكَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ وَتَضَعُهُ فِي سَلَّةٍ وَتَذْهَبُ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِيُحِلَّ ٱسْمَهُ فِيهِ».

خروج 23: 19 و34: 26 وعدد 18: 13 وص 16: 10 وأمثال 3: 9 ص 12: 5

مَتَى أَتَيْتَ الخ قال راشي المفسر اليهودي «ما كان على الإسرائيليين أن يقوموا بهذه السنّة إلا بعد أن يغلبوا الكنعانيين ويستولوا على الأرض وتُقسم عليهم». وهذا يؤيده ما جاء في سفر يشوع (يشوع 21: 43 - 45). ومن قوله «تفرح الخ» أجمع اليهود على أن الشكر أو الاعتراف الذي يقال على الباكورات (ع 5 - 10) يجب أن يقال ما بين نهاية عيد الفطير وهو اليوم الحادي والعشرون من الشهر الأول (احتفال مقدس أو اعتكاف ص 16: 8) وعيد المظال. وإذ كانت الباكورات تقدم بين عيد المظال والفصح عدلوا عن صورة ذلك الاعتراف أو الشكر.

3 «وَتَأْتِي إِلَى ٱلْكَاهِنِ ٱلَّذِي يَكُونُ فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ وَتَقُولُ لَهُ: أَعْتَرِفُ ٱلْيَوْمَ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ أَنِّي قَدْ دَخَلْتُ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي حَلَفَ ٱلرَّبُّ لآبَائِنَا أَنْ يُعْطِيَنَا إِيَّاهَا».

ٱلْكَاهِنِ ٱلَّذِي يَكُونُ فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ لم يذكر اللاويين هنا فإن الكهنة مع أنهم من سبط لاوي مُيّزوا في سفر التثنية عن اللاويين كما مُيّزوا في سائر العهد القديم.

تَقُولُ... أَعْتَرِفُ «لتُظهر أنك غير كافر بنعمته» (راشي عن التلمود).

ٱلْيَوْمَ كان هذا الاعتراف على صورته هنا يقال مرة في السنة.

4 «فَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ ٱلسَّلَّةَ مِنْ يَدِكَ وَيَضَعُهَا أَمَامَ مَذْبَحِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ».

فَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ ٱلسَّلَّةَ ليرددها بأن يضع يده تحت يد صاحب السلة ويرددها.

5 «ثُمَّ تَقُولُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ: أَرَامِيّاً تَائِهاً كَانَ أَبِي، فَٱنْحَدَرَ إِلَى مِصْرَ وَتَغَرَّبَ هُنَاكَ فِي نَفَرٍ قَلِيلٍ، فَصَارَ هُنَاكَ أُمَّةً كَبِيرَةً وَعَظِيمَةً وَكَثِيرَةً».

هوشع 12: 12 تكوين 43: 1 و2 و45: 7 و11 تكوين 46: 1 و6 وأعمال 7: 15 تكوين 46: 27 وص 10: 22

أَرَامِيّاً الإشارة هنا أصلاً إلى يعقوب حين لحقه لابان الذي أخذ منه كل شيء سوى رحمة الله ووقايته ولا بد من الإشارة فيها إلى ما كان فيه من الخطر من أخيه عيسو (تكوين ص 31 وص 32) ومن أهل شكيم (تكوين ص 34 وص 35) ومن المجاعة إلى أن بلغه نبأ يوسف.

6، 7 «6 فَأَسَاءَ إِلَيْنَا ٱلْمِصْرِيُّونَ وَثَقَّلُوا عَلَيْنَا وَجَعَلُوا عَلَيْنَا عُبُودِيَّةً قَاسِيَةً. 7 فَلَمَّا صَرَخْنَا إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِ آبَائِنَا سَمِعَ ٱلرَّبُّ صَوْتَنَا، وَرَأَى مَشَقَّتَنَا وَتَعَبَنَا وَضِيقَنَا».

خروج 1: 11 و14 خروج 2: 23 إلى 25 و3: 9 و4: 31

فَلَمَّا صَرَخْنَا إِلَى ٱلرَّبِّ أخذ صموئيل هذه الكلمات يوم تكلّم مع إسرائيل بخطيته المشهورة وذلك قوله «لَمَّا جَاءَ يَعْقُوبُ إِلَى مِصْرَ وَصَرَخَ آبَاؤُكُمْ إِلَى ٱلرَّبِّ، أَرْسَلَ ٱلرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ فَأَخْرَجَا آبَاءَكُمْ مِنْ مِصْرَ وَأَسْكَنَاهُمْ فِي هٰذَا ٱلْمَكَانِ» (1صموئيل 12: 8) ويوضح هاتين الآيتين في (خروج 2: 25 و3: 9 و6: 5 و6) وهما موضوعا الاعتراف والشكر.

8، 9 «8 فَأَخْرَجَنَا مِنْ مِصْرَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَذِرَاعٍ رَفِيعَةٍ وَمَخَاوِفَ عَظِيمَةٍ وَآيَاتٍ وَعَجَائِبَ، 9 وَأَدْخَلَنَا هٰذَا ٱلْمَكَانَ، وَأَعْطَانَا هٰذِهِ ٱلأَرْضَ، أَرْضاً تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً».

خروج 12: 37 و51 و13: 3 و14 و16 وص 5: 15 ص 4: 34 خروج 3: 8

(انظر خروج 12: 37 و51 و13: 3 و14 و16 و3: 8).

10، 11 «10 فَٱلآنَ هَئَنَذَا قَدْ أَتَيْتُ بِأَوَّلِ ثَمَرِ ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَعْطَيْتَنِي يَا رَبُّ. ثُمَّ تَضَعُهُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ، وَتَسْجُدُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ. 11 وَتَفْرَحُ بِجَمِيعِ ٱلْخَيْرِ ٱلَّذِي أَعْطَاهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لَكَ وَلِبَيْتِكَ، أَنْتَ وَٱللاَّوِيُّ وَٱلْغَرِيبُ ٱلَّذِي فِي وَسْطِكَ».

ص 12: 7 و12 و18

تَضَعُهُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ الخ أي تأخذه بعد أن يردده الكاهن وأنت تعترف وتردده أنت ثانية وتضعه أمام الرب ليأخذه.

إعلان تأدية العشور (ع 12 - 15)

12 «مَتَى فَرَغْتَ مِنْ تَعْشِيرِ كُلِّ عُشُورِ مَحْصُولِكَ، فِي ٱلسَّنَةِ ٱلثَّالِثَةِ، سَنَةِ ٱلْعُشُورِ، وَأَعْطَيْتَ ٱللاَّوِيَّ وَٱلْغَرِيبَ وَٱلْيَتِيمَ وَٱلأَرْمَلَةَ فَأَكَلُوا فِي أَبْوَابِكَ وَشَبِعُوا».

لاويين 27: 30 وعدد 18: 24 ص 14: 28 و29

مَتَى فَرَغْتَ كان وقت الاعتراف أو الإعلان الذي من (ع 13 - 15) على ما عُهد من استعمال اليهود مساء فصح السنة الرابعة أي العيد الأول بعد تأدية العشور والظاهر أنه كان يبقى أن يجمع جنى الأشجار بعد عيد المظال فإذاً كان يبقى شيء من الغلال بلا تعشير في ذلك العيد كل سنة لكن كان يجب تأدية كل عُشر السنة الثالثة قبل فصح السنة الرابعة.

ٱلسَّنَةِ ٱلثَّالِثَةِ سَنَةِ ٱلْعُشُورِ (انظر ص 14: 28 و29) في السنة الثالثة والسنة السادسة العشر الثاني الذي في السنين الأُخر كان أصحابه يأكلونه في أورشليم كان يُعطى اللاوي إياه هو العشر الأول وهو لا يترك ولا يُغفل عنه والذي يُعطاه الغريب واليتيم والأرملة هو عشر الفقراء. وكان ذلك الاعتراف لا يؤتى إلا بعد تأدية العشر الأول والعشر الثاني أي العشر السنوي الذي للاويين والعشر الثاني الذي للفقراء.

فَأَكَلُوا فِي أَبْوَابِكَ وَشَبِعُوا عيّن كتبة اليهود مقدار ما يُشبع على راجح الظن.

13 «تَقُولُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ: قَدْ نَزَعْتُ ٱلْمُقَدَّسَ مِنَ ٱلْبَيْتِ، وَأَيْضاً أَعْطَيْتُهُ لِلاَّوِيِّ وَٱلْغَرِيبِ وَٱلْيَتِيمِ وَٱلأَرْمَلَةِ، حَسَبَ كُلِّ وَصِيَّتِكَ ٱلَّتِي أَوْصَيْتَنِي بِهَا. لَمْ أَتَجَاوَزْ وَصَايَاكَ وَلاَ نَسِيتُهاَ».

مزمور 119: 141 و153 و176

تَقُولُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ: قَدْ نَزَعْتُ وفي العبرانية «بعرت» أي أحرقت أو أتلفت وغلب أن يعبر بهذه الكلمة عن نزع الشيء من مكانه في هذا الكتاب وعن نزع الشر ومن هذه الكلمة اسم «تبعيرة» أي احتراق. واتخذها مفسرو اليهود بكل مطلوب مفسد من العشر والباكورة ولكل ما لم يؤت به إلى أورشليم في السنين الثلاث السابقة.

أَعْطَيْتُهُ لِلاَّوِيِّ العشر الأول (راشي).

وَٱلْغَرِيبِ عشر الفقراء (راشي).

حَسَبَ كُلِّ وَصِيَّتِكَ «أي أعطيت كل شيء في وقته على الترتيب» (راشي).

14 «لَمْ آكُلْ مِنْهُ فِي حُزْنِي، وَلاَ أَخَذْتُ مِنْهُ فِي نَجَاسَةٍ، وَلاَ أَعْطَيْتُ مِنْهُ لأَجْلِ مَيِّتٍ، بَلْ سَمِعْتُ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِي وَعَمِلْتُ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَيْتَنِي».

لاويين 7: 20 و21: 1 و11 وهوشع 9: 4

لَمْ آكُلْ مِنْهُ فِي حُزْنِي (أي لم آكل من المقدس في زمن الحزن على الميت) كان حضور القبر أو جسد الميت من النجسات (عدد ص 19).

وَلاَ أَخَذْتُ مِنْهُ فِي نَجَاسَةٍ (هذا من عطف العام على الخاص فإن النجاسة المطلقة أعمّ من النجاسة الناشئة عن حضور القبر أو الميت).

وَلاَ أَعْطَيْتُ مِنْهُ لأَجْلِ مَيِّتٍ «أي ولا أنفقت من المقدس على ميت من ثمن كفن أو تابوت» (راشي). وقال بعضهم أراد بالميت الصنم إذ لا حياة فيه فكأنه قال لم أقدم شيئاً من أقداس الرب لصنم كما فعل بعض الناس الذين «تَعَلَّقُوا بِبَعْلِ فَغُورَ وَأَكَلُوا ذَبَائِحَ ٱلْمَوْتٰى» (مزمور 106: 28).

سَمِعْتُ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِي وَعَمِلْتُ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَيْتَنِي أي قمت بكل السنن الظاهرة وإلا فالإنسان عاجز عن أن يقوم بكل مطاليب الناموس. وتلك السنن الظاهرة مثل سنن العشور والقرابين.

15 «اِطَّلِعْ مِنْ مَسْكَنِ قُدْسِكَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَبَارِكْ شَعْبَكَ إِسْرَائِيلَ وَٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَعْطَيْتَنَا، كَمَا حَلَفْتَ لآبَائِنَا، أَرْضاً تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً».

إشعياء 63: 15 وزكريا 2: 13

اِطَّلِعْ مِنْ مَسْكَنِ قُدْسِكَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ كُرر مثل هذه العبارة في صلاة سليمان. والعبارة نفسها في (2أيام 30: 27). ولكن مسكنه المذكور في (2أيام 36: 15) قُصد به أورشليم والهيكل بخلاف المسكن في آية التفسير فإنه قُصد به السماء.

بَارِكْ شَعْبَكَ إِسْرَائِيلَ وَٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَعْطَيْتَنَا «أي قد قمنا بما أوصيتنا ففِ لنا بما وعدتنا» (راشي).

ختام الموعظة (ع 16 - 19)

16 «هٰذَا ٱلْيَوْمَ قَدْ أَمَرَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ أَنْ تَعْمَلَ بِهٰذِهِ ٱلْفَرَائِضِ وَٱلأَحْكَامِ. فَٱحْفَظْ وَٱعْمَلْ بِهَا مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ».

هٰذَا ٱلْيَوْمَ قَدْ أَمَرَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ هذه الكلمات ليست جزءاً من الاعتراف والطلبة المذكورة بل من كلمات موسى التي هي ختام موعظته. قال راشي «معنى هذه الآية أن الوصايا جديدة أمام عينيك كل يوم فهي لم تزل كما كانت يوم سمعتها في سيناء».

فَٱحْفَظْ وَٱعْمَلْ (فمجرد الحفظ لا ينفع). «وهذا الأمر كصوت بركة من السماء» (راشي). (انظر ص 30: 6 و8).

17، 18 «17 قَدْ وَاعَدْتَ ٱلرَّبَّ ٱلْيَوْمَ أَنْ يَكُونَ لَكَ إِلٰهاً، وَأَنْ تَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ وَتَحْفَظَ فَرَائِضَهُ وَوَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَتَسْمَعَ لِصَوْتِهِ. 18 وَوَاعَدَكَ ٱلرَّبُّ ٱلْيَوْمَ أَنْ تَكُونَ لَهُ شَعْباً خَاصّاً، كَمَا قَالَ لَكَ، وَتَحْفَظَ جَمِيعَ وَصَايَاهُ».

خروج 6: 7 و19: 5 وص 7: 6 و14: 2 و28: 9

قَدْ وَاعَدْتَ... وَوَاعَدَكَ ٱلرَّبُّ وفي الأصل العبراني «قلت للرب... وقال لك الرب» وليس في العبرانية فعل بمعنى واعد فيعبر فيها عن الوعد بالقول. وقول الرب وعد محقق الوفاء «فهل قال قط ولم يفعل» فقوله كاف وعلى ذلك قال «لتكن نعمكم نعم ولاكم لا» أي كونوا صادقين مثله. قال راشي ولم يستعمل هذا الفعل في العهد القديم بغير معناه إلا هنا وفي (مزمور 94: 4) على ما يظن وهناك يعني الافتخار.

19 «وَأَنْ يَجْعَلَكَ مُسْتَعْلِياً عَلَى جَمِيعِ ٱلْقَبَائِلِ ٱلَّتِي عَمِلَهَا فِي ٱلثَّنَاءِ وَٱلاسْمِ وَٱلْبَهَاءِ، وَأَنْ تَكُونَ شَعْباً مُقَدَّساً لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ، كَمَا قَالَ».

ص 4: 7 و8 و28: 1 ومزمور 148: 14 خروج 19: 6 وص 17: 6 و28: 9 و1بطرس 2: 9

وَأَنْ يَجْعَلَكَ مُسْتَعْلِياً وفي العبرانية ويجعلك «عليون» وهو من الأسماء الحسنى في العبرانية (كالعلي في العربية). فأطلق اسم الله هنا وفي (ص 28: 1) على إسرائيل بطريق النبوءة. وكان من شريعة البركة الكهنوتية «فَيَجْعَلُونَ ٱسْمِي عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ» (عدد 6: 27).

فِي ٱلثَّنَاءِ وَٱلاسْمِ وَٱلْبَهَاءِ أي يجعلك علياً في المدح والصيت والكرامة فتكون شعباً مقدساً للرب. وأُشير إلى هذا في (إرميا 33: 9) ففيه «فَتَكُونُ لِيَ ٱسْمَ فَرَحٍ لِلتَّسْبِيحِ وَلِلزِّينَةِ لَدَى كُلِّ أُمَمِ ٱلأَرْضِ» وفي (إشعياء 62: 7) ففيه «لاَ تَدَعُوهُ يَسْكُتُ، حَتَّى يُثَبِّتَ وَيَجْعَلَ أُورُشَلِيمَ تَسْبِيحَةً فِي ٱلأَرْضِ». فلو كانت آية التفسير مأخوذة من الأنبياء كما ذهب بعضهم وهم القائلون بأن سفر التثنية ليس مما كتبه موسى فلماذا لم يذكر أورشليم هنا بمجدها كما كانت في عهد إرميا وإشعياء. فإن أورشليم كانت في أيامهم مقر الثناء والاسم والبهاء ومركز كل آمال إسرائيل.

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

الأمر بكتابة الشريعة على حجارة مكلسة (1 - 4)

1 «وَأَوْصَى مُوسَى وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ ٱلشَّعْبَ: ٱحْفَظُوا جَمِيعَ ٱلْوَصَايَا ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا ٱلْيَوْمَ».

مُوسَى وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ هذه أول مرة في هذا السفر شارك الشيوخ موسى في الوعظ.

ٱحْفَظُوا... ٱلْوَصَايَا أي احرصوا على بقائها ومعرفتها وذلك يقتضي أن يكتبوها.

2 «فَيَوْمَ تَعْبُرُونَ ٱلأُرْدُنَّ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، تُقِيمُ لِنَفْسِكَ حِجَارَةً كَبِيرَةً وَتَشِيدُهَا بِٱلشِّيدِ».

يشوع 4: 1 يشوع 8: 32

تُقِيمُ لِنَفْسِكَ حِجَارَةً كَبِيرَةً وَتَشِيدُهَا بِٱلشِّيدِ (الشيد ما يطلي به الحائط من الجص ونحوه) وغاية تشييد الحجارة أن يجعل سطحها أملس مستوياً للتمكن من كتابة الشريعة عليها. ولم يُذكر ما تُرجم «بالشيد» هنا إلا هنا وفي (إشعياء 33: 12 وعاموس 2: 2) وتُرجم في كل من إشعياء وعاموس بالكلس.

3، 4 «3 وَتَكْتُبُ عَلَيْهَا جَمِيعَ كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّامُوسِ حِينَ تَعْبُرُ لِتَدْخُلَ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، أَرْضاً تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً، كَمَا قَالَ لَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ آبَائِكَ. 4 حِينَ تَعْبُرُونَ ٱلأُرْدُنَّ تُقِيمُونَ هٰذِهِ ٱلْحِجَارَةَ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا ٱلْيَوْمَ فِي جَبَلِ عِيبَالَ وَتُكَلِّسُهَا بِٱلْكِلْسِ».

ص 11: 29 ويشوع 8: 30

وَتَكْتُبُ عَلَيْهَا جَمِيعَ كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّامُوسِ حِينَ تَعْبُرُ إن عبور الأردن ودخول أرض كنعان ليسا أمراً واحداً فكان من الواجب أن تكتب شريعة الله في قلب البلاد على اثر بلوغ إسرائيل إياه لكي يكملوا انتصارهم على الأعداء واستيلاءهم على الأرض. ومن الجلي أن ملك بني إسرائيل أرض كنعان متوقف على حفظ شريعة الرب وجعلها شريعة الأرض. ويتبين لك إتمام هذه الوصية مما في (يشوع 8: 32 - 35) والتفسير.

الأمر ببناء مذبح من حجارة (ع 5 - 10)

5 «وَتَبْنِي هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ، مَذْبَحاً مِنْ حِجَارَةٍ لاَ تَرْفَعْ عَلَيْهَا حَدِيداً».

خروج 20: 25 ويشوع 8: 31

مَذْبَحاً مِنْ حِجَارَةٍ قال راشي «إن تلك الحجارة أُخذت من الأردن» ولكن لا شيء في الآية يؤيد قوله.

6 «مِنْ حِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ تَبْنِي مَذْبَحَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ، وَتُصْعِدُ عَلَيْهِ مُحْرَقَاتٍ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ».

مُحْرَقَاتٍ دلالة على وقف الحياة لله.

7 «وَتَذْبَحُ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ وَتَأْكُلُ هُنَاكَ وَتَفْرَحُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ».

ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ أي ذبائح للصحة والخلاص أو النجاة فإن عبور الأردن وبلوغ قلب البلاد بالسلامة من أعظم أسباب الشكر لله.

تَأْكُلُ هُنَاكَ وَتَفْرَحُ كانت ذبائح السلامة دون غيرها يشترك في الأكل منها العابدون وعيالهم فكانت من أسباب المسرة الاجتماعية والشكر طبعاً.

8 «وَتَكْتُبُ عَلَى ٱلْحِجَارَةِ جَمِيعَ كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّامُوسِ نَقْشاً جَيِّداً».

تَكْتُبُ عَلَى ٱلْحِجَارَةِ جَمِيعَ كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّامُوسِ أي الوصايا العشر (انظر تفسير يشوع 3: 3 و8).

نَقْشاً جَيِّداً أي محكماً واضحاً (انظر ص 1: 5). قال راشي «في سبعين لغة» (يريد كل اللغات) أي أن الله أمر أن تكتب الوصايا العشر في كل اللغات. وفي التلمود أن الله تكلم بتلك الوصايا في كل لغات الأرض في وقت واحد. ومن الأمر المعجب جداً أن الرسل تكلموا في يوم الخمسين في كل لغات الأرض المشهورة حين حل عليهم الروح القدس فكأن ذلك كان على وفق ما اعتقد اليهود من أمر لغات تلك الوصايا. وتكلم الناس بكل لغة من أعمال الله العجيبة. فكان تأسيس أورشليم من جهة اللغات مضاداً كل المضادة لتأسيس بابل من تلك الجهة (تكوين ص 11).

9، 10 «9 ثُمَّ قَالَ مُوسَى وَٱلْكَهَنَةُ ٱللاَّوِيُّونَ لِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ: اُنْصُتْ وَٱسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. ٱلْيَوْمَ صِرْتَ شَعْباً لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ. 10 فَٱسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ وَٱعْمَلْ بِوَصَايَاهُ وَفَرَائِضِهِ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ».

ص 26: 18

مُوسَى وَٱلْكَهَنَةُ كما تكلم في الآية الأولى موسى والشيوخ.

اُنْصُتْ وترجم بعضهم الكلمة العبرانية بلاحظ أو انتبه وهي لم ترد في سوى هذا الموضع من العهد القديم.

ٱلْيَوْمَ صِرْتَ شَعْباً تكون الوصايا كل يوم أمام عينيك لأنك قد دخلت اليوم في عهد الرب. ويظهر من هذه العبارة أن إسرائيل رُبطوا بالشريعة على قرب عبورهم الأردن أكثر مما ربطوا بها في سيناء فإنه تعالى قد رافقهم زماناً طويلاً ووهب لهم مقاماً مميزاً فكان عليهم أن يذكروا أكثر ذكر ما كانوا عليه وما صاروا إليه ويحفظوا الشريعة أحسن حفظ ليحفظ لهم ما أنعم عليهم به.

انقسام الأسباط إلى فئتين للبركة وللعنة (ع 11 - 13)

11 - 13 «11 وَأَوْصَى مُوسَى ٱلشَّعْبَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ: 12 هٰؤُلاَءِ يَقِفُونَ عَلَى جَبَلِ جِرِزِّيمَ لِيُبَارِكُوا ٱلشَّعْبَ حِينَ تَعْبُرُونَ ٱلأُرْدُنَّ. شَمْعُونُ وَلاَوِي وَيَهُوذَا وَيَسَّاكَرُ وَيُوسُفُ وَبِنْيَامِينُ. 13 وَهٰؤُلاَءِ يَقِفُونَ عَلَى جَبَلِ عِيبَالَ لِلَّعْنَةِ. رَأُوبَيْنُ وَجَادُ وَأَشِيرُ وَزَبُولُونُ وَدَانُ وَنَفْتَالِي».

ص 11: 29 ويشوع 8: 33 وقضاة 9: 7 ص 11: 29 ويشوع 8: 33

هٰؤُلاَءِ يَقِفُونَ عَلَى جَبَلِ جِرِزِّيمَ لِيُبَارِكُوا ٱلشَّعْبَ... وَهٰؤُلاَءِ... عَلَى جَبَلِ عِيبَالَ لِلَّعْنَةِ (جرزيم وعيبال جبلان قرب نابلس). وقوله «لكي يباركوا وللعنة» أي لسمع الأقوال في الأمرين والتمثيل لا أن البركة نصيب ستة أسباط من إسرائيل واللعنة نصيب الستة الأسباط الباقية أو إن أحد الفريقين يبارك الآخر والآخر يلعنه. ويفهم المعنى مما عُهد عند اليهود واستعمالهم. فإنه في ما كتب بعض علمائهم أن ستة أسباط صعدوا إلى قنة جرزيم وستة صعدوا إلى قنة عيبال وكان الكهنة واللاويون بين الجبلين وتكون وجوه اللاويين حينئذ إلى جبل جرزيم فيقولون «مبارك الإنسان الخ» ويقول الجميع على الجانبين «آمين». ثم يجعلون وجوههم إلى جبل عيبال ويقولون «ملعون الإنسان الخ» ويقول الجميع على الجانبين «آمين». ويكررون ذلك إلى أن تنتهي اللعنات. والمسئلة هنا هل كانت البركات تُقال متصلة ثم اللعنات كذلك ولكن الذي اختاروه أن تُقال البركة في طاعة وتليها اللعنة في المعصية إلى أن تنتهي البركات واللعنات على هذا الترتيب أي على التبادل. ولما كان الجميع يقولون «آمين» كانت البركة لكل مطيع من الجانبين واللعنة لكل عاص كذلك.

شَمْعُونُ وَلاَوِي... وَنَفْتَالِي (ع 12 و13). الظاهر أنه كان سبعة أسباط على جرزيم للبركة وستة على عيبال للعنة لأن يوسف نائب عن سبطين هما أفرايم ومنسى. وكان المتكلمون في الوسط تحت والسامعون على الجانبين فوق. وكان أكثر الأسباط كرامة أي يهوذا ويوسف وبنيامين ولاوي على الجبل الجنوبي جرزيم. وكان على عيبال الأبناء الأربعة من الجاريتين بلهة وزلفة وزبولون ابن ليئة الأصغر وعليهم البكر المحروم من الميراث راوبين وهؤلاء الأسباط كانوا يشغلون الدائرة الخارجية من بلاد إسرائيل شرقاً وشمالاً والذين على جبل جرزيم في وسط تلك البلاد.

اللعنات المنطوق بها (ع 14 - 26)

14 - 16 «14 فَيَقُولُ ٱللاَّوِيُّونَ لِجَمِيعِ قَوْمِ إِسْرَائِيلَ بِصَوْتٍ عَالٍ: 15 مَلْعُونٌ ٱلإِنْسَانُ ٱلَّذِي يَصْنَعُ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً أَوْ مَسْبُوكاً، رِجْساً لَدَى ٱلرَّبِّ عَمَلَ يَدَيْ نَحَّاتٍ، وَيَضَعُهُ فِي ٱلْخَفَاءِ. وَيُجِيبُ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ وَيَقُولُونَ: آمِينَ. 16 مَلْعُونٌ مَنْ يَسْتَخِفُّ بِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ: آمِينَ».

ص 33: 10 ويشوع 8: 33 ودانيال 9: 11 خروج 20: 4 و23 و34: 17 ولاويين 19: 4 و26: 1 وص 4: 16 و23 و5: 8 وإشعياء 44: 9 وهوشع 13: 2 عدد 5: 22 وإرميا 11: 5 و1كورنثوس 14: 16 خروج 20: 12 و21: 17 ولاويين 19: 3 وص 21: 18

فَيَقُولُ ٱللاَّوِيُّونَ... بِصَوْتٍ عَالٍ: مَلْعُونٌ ٱلإِنْسَانُ ٱلَّذِي يَصْنَعُ تِمْثَالاً... ومَلْعُونٌ مَنْ يَسْتَخِفُّ بِأَبِيهِ الخ اللعنة الأولى كانت على متعدي الوصية الأولى والثانية من اللوح الأول واللعنة الثانية على متعدي الوصية الأولى من اللوح الثاني. فإن عبادة الأوثان منافية للوصية الأولى من اللوح الأول لأنها اتخاذ آلهة أخرى أمام الله والثانية من ذلك اللوح لأنها مناقضة لعدم اتخاذ الصور والتماثيل. وإكرام الوالدين يستلزم إكرام القريب واعتزال أضراره ولهذا تلاها اللعنة على نقل التخم وإضلال الأعمى الخ.

17 «مَلْعُونٌ مَنْ يَنْقُلُ تُخُمَ صَاحِبِهِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ: آمِينَ».

ص 19: 14 وأمثال 22: 28

يَنْقُلُ تُخُمَ صَاحِبِهِ (بأن يضيف من أرض صاحبه إلى أرضه بنقل الحد انظر ص 19: 14 وأمثال 22: 28).

18 «مَلْعُونٌ مَنْ يُضِلُّ ٱلأَعْمَى عَنِ ٱلطَّرِيقِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ: آمِينَ».

لاويين 19: 14

ٱلأَعْمَى يدخل تحت إضلال الأعمى حقيقة إضلال الأعمى مجازاً وهو خداع البسطاء بالمشورة (راشي).

19 - 23 «19 مَلْعُونٌ مَنْ يُعَوِّجُ حَقَّ ٱلْغَرِيبِ وَٱلْيَتِيمِ وَٱلأَرْمَلَةِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ: آمِينَ. 20 مَلْعُونٌ مَنْ يَضْطَجِعُ مَعَ ٱمْرَأَةِ أَبِيهِ، لأَنَّهُ يَكْشِفُ ذَيْلَ أَبِيهِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ: آمِينَ. 21 مَلْعُونٌ مَنْ يَضْطَجِعُ مَعَ بَهِيمَةٍ مَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ: آمِينَ. 22 مَلْعُونٌ مَنْ يَضْطَجِعُ مَعَ أُخْتِهِ ٱبْنَةِ أَبِيهِ أَوْ ٱبْنَةِ أُمِّهِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ: آمِينَ. 23 مَلْعُونٌ مَنْ يَضْطَجِعُ مَعَ حَمَاتِهِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ: آمِينَ».

خروج 22: 21 و22 وص 10: 18 و24: 17 وملاخي 3: 5 لاويين 18: 8 و20: 11 وص 22: 30 لاويين 18: 23 و20: 15 لاويين 18: 9 و20: 17 لاويين 18: 17 و20: 14

(هذه الآيات توجب اللعنة على ظالم الضعيف والفاجر والدنيء الساقط).

24 «مَلْعُونٌ مَنْ يَقْتُلُ قَرِيبَهُ فِي ٱلْخَفَاءِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ: آمِينَ».

خروج 20: 13 و21: 12 و14 ولاويين 24: 17 وعدد 35: 31 وص 19: 11

يَقْتُلُ قَرِيبَهُ فِي ٱلْخَفَاءِ أي يسعى في قتله بالوشاية والنميمة والغيبة (راشي).

25 «مَلْعُونٌ مَنْ يَأْخُذُ رَشْوَةً لِيَقْتُلَ دَماً بَرِيئاً. وَيَقُولُ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ: آمِينَ».

خروج 23: 7 و8 وص 10: 17 و16: 19 وحزقيال 22: 12

رَشْوَةً (برطيلاً).

26 «مَلْعُونٌ مَنْ لاَ يُقِيمُ كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ: آمِينَ».

ص 28: 15 ومزمور 119: 21 وإرميا 11: 3 وغلاطية 3: 10

مَلْعُونٌ مَنْ لاَ يُقِيمُ كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهَا أوجب اللعنة هنا على مخالف الشريعة إجمالاً ومن البيّن أنه لم يستطع أحد أن يحفظ كل وصايا الناموس ويقوم بكل منها فثبت أن الناس كلهم تحت اللعنة. وعلى هذا بنى بولس الرسول قوله «جميع الذين هم من أعمال الناموس تحت لعنة» ولذلك لا يمكنهم أن يحصلوا على بركة جرزيم إلا بواسطة من حمل لعنة عيبال. فبنعمة الله «المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من عُلّق على خشبة».

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ وَٱلْعِشْرُونَ

إثبات الشريعة في التثنية البركة واللعنة

يكاد كل جزء من الشريعة لا يخلو من خاتمة تشتمل على الجزاء الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية (انظر خروج ص 21 - ص 23 ولاويين ص 26 ومتّى ص 23 وص 25 ورؤيا 12: 10 - 19).

ولنا أن نقسم هذا الأصحاح إلى أربعة أقسام:

  1. بركات الأمة بالنظر إلى كونها شعب الله على الطاعة (ع 1 - 14).

  2. اللعنات المترتبة على المعصية (ع 15 - 48).

  3. النبوءة بأن أمة غريبة تقهر إسرائيل ومصائب حصار العاصمة (ع 49 - 57).

  4. استمرار مصاب الأمة المرفوضة (ع 58 - 68).

ونبوءة هذا السفر تستحق اعتباراً عظيماً وإن صحّ قول بعضهم إن سفر التثنية أُلف في عصر الأنبياء المتأخرين وإن أحد أولئك الأنبياء كتبه. ومن المُجمع عليه أن هذا السفر كُتب قبل أن هدم تيطس أورشليم ولا مهرب من صدق نبوءة هذا الأصحاح لأحد. ولا أحد من نبهاء اليهود الذين ذاقوا الذلة والشقاء نحو ثمانية عشر جيلاً ينكر أن ذلك كان بمقتضى هذه النبوءة. ومما يحسن أن يُذكر هنا أن هذا الأصحاح ليس بخاتمة سفر التثنية فإنه قُطع عهد مع إسرائيل بعد هذا. وإن موسى توفي وكلمات البركة على شفتيه (انظر تفسير ص 29: 1).

البركات المترتبة على الطاعة (ع 1 - 14)

1 «وَإِنْ سَمِعْتَ سَمْعاً لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ لِتَحْرِصَ أَنْ تَعْمَلَ بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ، يَجْعَلُكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ مُسْتَعْلِياً عَلَى جَمِيعِ قَبَائِلِ ٱلأَرْضِ».

خروج 15: 26 ولاويين 26: 3 وإشعياء 55: 2 ص 26: 19

يَجْعَلُكَ... مُسْتَعْلِياً أو علّياً والعلّي من أسماء الله كما مر في تفسير (ص 26: 19) وكما يظهر مما قيل في أورشليم من أنها تسمى «الرب برّنا» (إرميا 33: 16) وإنها «يهوه شمة» (حزقيال 48: 35). قال المسيح في الظافر «أَكْتُبُ عَلَيْهِ ٱسْمَ إِلٰهِي، وَٱسْمَ مَدِينَةِ إِلٰهِي أُورُشَلِيمَ» (رؤيا 3: 12) «وَٱسْمُهُ (الله) عَلَى جِبَاهِهِمْ» (رؤيا 22: 4).

2 - 4 «2 وَتَأْتِي عَلَيْكَ جَمِيعُ هٰذِهِ ٱلْبَرَكَاتِ وَتُدْرِكُكَ إِذَا سَمِعْتَ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ. 3 مُبَارَكاً تَكُونُ فِي ٱلْمَدِينَةِ، وَمُبَارَكاً تَكُونُ فِي ٱلْحَقْلِ. 4 وَمُبَارَكَةً تَكُونُ ثَمَرَةُ بَطْنِكَ وَثَمَرَةُ أَرْضِكَ وَثَمَرَةُ بَهَائِمِكَ، نِتَاجُ بَقَرِكَ وَإِنَاثُ غَنَمِكَ».

ع 15 وزكريا 1: 6 مزمور 128: 1 و 4 تكوين 39: 5 تكوين 22: 17 و49: 25 وص 7: 13 وع 11 ومزمور 107: 38 و127: 3 و128: 3 وأمثال 10: 22 و1تيموثاوس 4: 8

وَتُدْرِكُكَ البركات. وما أحسن هذا الوعد أن البركات تجري إليه وتدركه بدلاً من أن يجري وراءها لكي يدركها وهذا من أحسن الموضحات لمحبة الله.

5 «مُبَارَكَةً تَكُونُ سَلَّتُكَ وَمِعْجَنُكَ».

سَلَّتُكَ أي ثمر أرضك فإن الثمار توضع في السلال عند الجنى وتُنقل بها ومثل هذا قوله «ومعجنك».

6 «مُبَارَكاً تَكُونُ فِي دُخُولِكَ وَمُبَارَكاً تَكُونُ فِي خُرُوجِكَ».

مزمور 121: 8

فِي دُخُولِكَ... فِي خُرُوجِكَ أي في كل أعمالك هذه الحياة وسعيك في أسباب المعاش لأنها تستلزم الخروج والدخول (أعمال 13: 24 ولوقا 9: 31). وقال راشي «المعنى أنك تخرج من هذا العالم بلا خطيئة كما دخلت إليه بلا خطيئة» فإن اليهود لا يؤمنون بالخطية الأصلية المعروفة عند المسيحيين بالخطية الجدية.

7 «يَجْعَلُ ٱلرَّبُّ أَعْدَاءَكَ ٱلْقَائِمِينَ عَلَيْكَ مُنْهَزِمِينَ أَمَامَكَ. فِي طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ يَخْرُجُونَ عَلَيْكَ وَفِي سَبْعِ طُرُقٍ يَهْرُبُونَ أَمَامَكَ».

لاويين 26: 7 و8 وع 25 و2صموئيل 12: 38 و39 و41 ومزمور 89: 23

فِي سَبْعِ طُرُقٍ يَهْرُبُونَ أَمَامَكَ كذا تكون عادتهم حتى أنهم لشدة خوفهم يهربون متفرقين في كل جهة (راشي). انظر نبأ هرب المديانيين (قضاة 7: 21 و22) وهرب الآراميين (2ملوك 7: 7).

8 «يَأْمُرُ لَكَ ٱلرَّبُّ بِٱلْبَرَكَةِ فِي خَزَائِنِكَ وَفِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ يَدُكَ، وَيُبَارِكُكَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

لاويين 25: 21 وأمثال 3: 10 ص 15: 10

خَزَائِنِكَ هذه الكلمة لم ترد إلا هنا وفي سفر الأمثال في قول الحكيم «أَكْرِمِ ٱلرَّبَّ مِنْ مَالِكَ وَمِنْ كُلِّ بَاكُورَاتِ غَلَّتِكَ، فَتَمْتَلِئَ خَزَائِنُكَ شَبَعاً وَتَفِيضَ مَعَاصِرُكَ مِسْطَاراً» (أمثال 3: 9 و10). وفي ذلك بركتان متقابلتان وهما كثرة النفقة وكثرة الدخل. وهذا نوع من البديع يُعرف في العربية بالطباق وهو مما كثر في اللغة العبرانية ولو لزوماً كما هنا.

يُبَارِكُكَ فِي ٱلأَرْضِ التي هي أرض الميعاد ميراث الرب الذي وعد به.

9 «يُقِيمُكَ ٱلرَّبُّ لِنَفْسِهِ شَعْباً مُقَدَّساً كَمَا حَلَفَ لَكَ، إِذَا حَفِظْتَ وَصَايَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ وَسَلَكْتَ فِي طُرُقِهِ».

خروج 19: 5 و6 وص 7: 6 و26: 18 و19 و29: 13

يُقِيمُكَ ٱلرَّبُّ لِنَفْسِهِ شَعْباً مُقَدَّساً أي يختارك شعباً مقدساً أو يرفعك إلى مقام شعب مقدس والكلمة العبرانية تفيد مع ذلك الدوام وفي الترجمة السبعينية تشير إلى قيامة الأموات (انظر تفسير ص 18: 18 وقابل بذلك أعمال 30: 26 و2صموئيل 7: 12 و1أيام 17: 11).

10 «فَيَرَى جَمِيعُ شُعُوبِ ٱلأَرْضِ أَنَّ ٱسْمَ ٱلرَّبِّ قَدْ سُمِّيَ عَلَيْكَ وَيَخَافُونَ مِنْكَ».

عدد 6: 27 و2أيام 7: 14 وإشعياء 63: 19 ودانيال 9: 18 و19 ص 11: 25

ٱسْمَ ٱلرَّبِّ قَدْ سُمِّيَ عَلَيْكَ أي تُدعى شعباً علياً أو شعب الرب.

يَخَافُونَ مِنْكَ (لأن الرب معك واسمه عليك). جاء في إرميا «فَتَكُونُ لِيَ ٱسْمَ فَرَحٍ لِلتَّسْبِيحِ وَلِلزِّينَةِ لَدَى كُلِّ أُمَمِ ٱلأَرْضِ، ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ بِكُلِّ ٱلْخَيْرِ ٱلَّذِي أَصْنَعُهُ مَعَهُمْ، فَيَخَافُونَ وَيَرْتَعِدُونَ مِنْ أَجْلِ كُلِّ ٱلْخَيْرِ وَمِنْ أَجْلِ كُلِّ ٱلسَّلاَمِ ٱلَّذِي أَصْنَعُهُ لَهَا» (أي لأورشليم) (إرميا 33: 9).

11 «وَيَزِيدُكَ ٱلرَّبُّ خَيْراً فِي ثَمَرَةِ بَطْنِكَ وَثَمَرَةِ بَهَائِمِكَ وَثَمَرَةِ أَرْضِكَ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي حَلَفَ ٱلرَّبُّ لآبَائِكَ أَنْ يُعْطِيَكَ».

ع 4 وص 30: 9 وأمثال 10: 22

خَيْراً أي يجعلك ناجحاً كثير النسل والأملاك (إرميا 33: 9).

12 «يَفْتَحُ لَكَ ٱلرَّبُّ كَنْزَهُ ٱلصَّالِحَ، ٱلسَّمَاءَ، لِيُعْطِيَ مَطَرَ أَرْضِكَ فِي حِينِهِ، وَلْيُبَارِكَ كُلَّ عَمَلِ يَدِكَ، فَتُقْرِضُ أُمَماً كَثِيرَةً وَأَنْتَ لاَ تَقْتَرِضُ».

لاويين 26: 4 وص 11: 14 ص 14: 29 ص 15: 6

يَفْتَحُ لَكَ ٱلرَّبُّ كَنْزَهُ ٱلصَّالِحَ ٱلسَّمَاءَ (السماء بيان للكنز الصالح فإن الخيرات كلها عند الإله العلي الذي يرسل الغيث من السماء فتأتي الأرض بالغلال ويُحيي الناس والبهائم). ذهب اليهود أن في يد القدوس تبارك وتعالى ثلاثة مفاتيح لا يسلمها إلى يد رسول وهي مفتاح الغيث ومفتاح الولادة ومفتاح القيامة أي الإقامة من الموت. ومفتاح الغيث أي المطر قوله في سفر التثنية 28: 12 «يَفْتَحُ لَكَ ٱلرَّبُّ كَنْزَهُ ٱلصَّالِحَ، ٱلسَّمَاءَ» (نُقل ذلك عن التلمود).

13 «وَيَجْعَلُكَ ٱلرَّبُّ رَأْساً لاَ ذَنَباً وَتَكُونُ فِي ٱلارْتِفَاعِ فَقَطْ وَلاَ تَكُونُ فِي ٱلانْحِطَاطِ إِذَا سَمِعْتَ لِوَصَايَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ، لِتَحْفَظَ وَتَعْمَلَ».

إشعياء 9: 14 و15

رَأْساً لاَ ذَنَباً يفسر هذه العبارة ما بعدها.

14 «وَلاَ تَزِيغَ عَنْ جَمِيعِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ يَمِيناً أَوْ شِمَالاً، لِتَذْهَبَ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لِتَعْبُدَهَا».

ص 5: 32 و11: 16

لاَ تَزِيغَ يصح في العبرانية أن يكون معطوفاً على «تعمل» في (ع 13) ولكن يُفهم من ترجمة السبعين أن هذه العبارة مستقلة استئنافية (والظاهر أنها من الوعد المقرون بالشرط أي سمعت لصوت الرب إلهك الخ يكن لك من جملة البركات أنك لا تزيغ. وذلك على وفق قوله تعالى «مَنْ هُوَ نَجِسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ بَارٌّ فَلْيَتَبَرَّرْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ مُقَدَّسٌ فَلْيَتَقَدَّسْ بَعْدُ» (رؤيا 22: 11).

اللعنات المترتبة على المعصية (ع 15 - 48)

15 «وَلٰكِنْ إِنْ لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ لِتَحْرِصَ أَنْ تَعْمَلَ بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضِهِ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ، تَأْتِي عَلَيْكَ جَمِيعُ هٰذِهِ ٱللَّعْنَاتِ وَتُدْرِكُكَ».

لاويين 26: 14 ومراثي إرميا 2: 17 ودانيال 9 - 11 و13 وملاخي 2: 2 ع 2

إِنْ لَمْ تَسْمَعْ (هذه الآية مع ما يليها إلى نهاية ع 48 مقابلة لما في ع 1 - 14) وهي الآيات التي تشتمل على البركات المترتبة على الطاعة.

16 - 19 «16 مَلْعُوناً تَكُونُ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَمَلْعُوناً تَكُونُ فِي ٱلْحَقْلِ. 17 مَلْعُونَةً تَكُونُ سَلَّتُكَ وَمِعْجَنُكَ. 18 مَلْعُونَةً تَكُونُ ثَمَرَةُ بَطْنِكَ وَثَمَرَةُ أَرْضِكَ، نِتَاجُ بَقَرِكَ وَإِنَاثُ غَنَمِكَ. 19 مَلْعُوناً تَكُونُ فِي دُخُولِكَ وَمَلْعُوناً تَكُونُ فِي خُرُوجِكَ».

ع 3 الخ

(هذه الآيات تقابل ع 3 - 6).

20 «يُرْسِلُ ٱلرَّبُّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَ وَٱلاضْطِرَابَ وَٱلزَّجْرَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ يَدُكَ لِتَعْمَلَهُ، حَتَّى تَهْلِكَ وَتَفْنَى سَرِيعاً مِنْ أَجْلِ سُوءِ أَفْعَالِكَ إِذْ تَرَكْتَنِي».

ملاخي 2: 2 و1صموئيل 14: 20 وزكريا 14: 13 مزمور 80: 16 وإشعياء 30: 17 و51: 20 و66: 15

ٱللَّعْنَ وَٱلاضْطِرَابَ وَٱلزَّجْرَ ونتيجة ذلك الخيبة في الأعمال والمطالب فإن الله يعاقب المذنبين ويقلقهم ويمنعهم من النجاح في كل الأعمال البشرية.

إِذْ تَرَكْتَنِي (أي إن الله يترك الإنسان لأن الإنسان يتركه) وترك موسى وترك الله هنا شيء واحد لأن موسى رسول الله خاطب بني إسرائيل بكلام الله ولأن موسى وغيره من الأنبياء قالوا للناس «هكذا يقول الرب» (قابل بهذا أعمال 21: 21).

21 «يُلْصِقُ بِكَ ٱلرَّبُّ ٱلْوَبَأَ حَتَّى يُبِيدَكَ عَنِ ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا».

لاويين 26: 25 وإرميا 24: 10

ٱلْوَبَأَ الوبأ من أحكام الله الأربعة على أورشليم (حزقيال 14: 19 - 21).

حَتَّى يُبِيدَكَ عَنِ ٱلأَرْضِ يتبين من (ع 21 - 35) إن الله أنذر إسرائيل بالفناء على التدريج قبل السبي إلى بابل.

22 «يَضْرِبُكَ ٱلرَّبُّ بِٱلسِّلِّ وَٱلْحُمَّى وَٱلْبُرَدَاءِ وَٱلالْتِهَابِ وَٱلْجَفَافِ وَٱللَّفْحِ وَٱلذُّبُولِ، فَتَتَّبِعُكَ حَتَّى تُفْنِيَكَ».

لاويين 26: 16 عاموس 4: 9

بِٱلسِّلِّ لم يُذكر السل إلا هنا وفي (لاويين 26: 16) «وهو مرص يُفنى به الجسم» (راشي).

ٱلْحُمَّى لم تُذكر إلا هنا وفي (لاويين 26: 16) (وهي مرض التهابي) وهي ضربة من ضربات مَن غضبه نار تتوقد إلى الهاوية السفلى وتأكل الأرض (ص 32: 22).

ٱلْبُرَدَاءِ لم تُذكر إلا ههنا (وهي ما تعتري المحموم في أول النوبة فيرتعد بها بدنه) قال أحد المفسرين وهي مشتقة في العبرانية من فعل معناه أحرق أو أحمى كثيراً «فهي حرارة أشد من الحمى» (راشي).

ٱلالْتِهَابِ لم يُذكر إلا هنا «وهو مرض يُحمي باطن الجسد» (راشي).

وَٱلْجَفَافِ وَٱللَّفْحِ (انظر عاموس 4: 9 و1ملوك 8: 37 وحجي 2: 17).

23 «وَتَكُونُ سَمَاؤُكَ ٱلَّتِي فَوْقَ رَأْسِكَ نُحَاساً، وَٱلأَرْضُ ٱلَّتِي تَحْتَكَ حَدِيداً».

لاويين 26: 19

وَتَكُونُ سَمَاؤُكَ... نُحَاساً وَٱلأَرْضُ... حَدِيداً (فلا تمطر السماء ولا تنبت الأرض) وذلك بقصد الله لأنه يرفضه. قال الرب لإرميا «لاَ تُصَلِّ لأَجْلِ هٰذَا ٱلشَّعْبِ لِلْخَيْرِ» (إرميا 14: 11).

24 «وَيَجْعَلُ ٱلرَّبُّ مَطَرَ أَرْضِكَ غُبَاراً، وَتُرَاباً يُنَزِّلُ عَلَيْكَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ حَتَّى تَهْلِكَ».

غُبَاراً وَتُرَاباً يجعل الرياح تحمل إليه ذلك من الصحراء الكبيرة التي في الشرق من فلسطين.

25 «يَجْعَلُكَ ٱلرَّبُّ مُنْهَزِماً أَمَامَ أَعْدَائِكَ. فِي طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ تَخْرُجُ عَلَيْهِمْ وَفِي سَبْعِ طُرُقٍ تَهْرُبُ أَمَامَهُمْ، وَتَكُونُ قَلِقاً فِي جَمِيعِ مَمَالِكِ ٱلأَرْضِ».

لاويين 26: 17 و37 وع 7 وص 32: 30 وإشعياء 30: 17 إرميا 15: 4 و24: 9 وحزقيال 23: 46

هذه الآية مقابلة للآية السابعة.

قَلِقاً مضطرباً خائفاً لأنك مرفوض من الله.

26 «وَتَكُونُ جُثَّتُكَ طَعَاماً لِجَمِيعِ طُيُورِ ٱلسَّمَاءِ وَوُحُوشِ ٱلأَرْضِ وَلَيْسَ مَنْ يُزْعِجُهَا».

1صموئيل 17: 44 و46 ومزمور 79: 2 وإرميا 7: 33 و16: 4 و34: 20

تَكُونُ جُثَّتُكَ طَعَاماً كُرر هذا في نبوءة إرميا (إرميا 7: 33 و15: 3).

وَلَيْسَ مَنْ يُزْعِجُهَا إذ لا يبقى أحد منك يطرد الوحوش والجوارح عن جثتك ولا امرأة كرصفة التي دفعت عن ابنيها وغيرهما من القتلى فإنها «لَمْ تَدَعْ طُيُورَ ٱلسَّمَاءِ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ نَهَاراً وَلاَ حَيَوَانَاتِ ٱلْحَقْلِ لَيْلاً» (2صموئيل 21: 10).

27 «يَضْرِبُكَ ٱلرَّبُّ بِقُرْحَةِ مِصْرَ وَبِالْبَوَاسِيرِ وَٱلْجَرَبِ وَٱلْحِكَّةِ حَتَّى لاَ تَسْتَطِيعَ ٱلشِّفَاءَ».

خروج 9: 9 و15: 26 وع 35 و1صموئيل 5: 6 ومزمور 78: 66

بِقُرْحَةِ مِصْرَ أي القرحة التي ضُرب بها المصريون (خروج 9: 9 الخ) وسُميت بالبثور والدمامل والكلمة العبرانية واحدة (انظر أيصاً 2ملوك 20: 7 وأيوب 2: 7). قال راشي كانت تلك القرحة خبيثة جداً رطبة من الداخل ويابسة من الخارج. قال أحد المفسرين أنبأني دلماتيان العالم اليهودي الذي قرأت عليه هذه العبارة أنه كثيراً ما شاهد هذه القرحة في يهود هنغاريا ويهود بولندا وإنها تفشت فيهم لقلة عنايتهم بالنظافة.

الْبَوَاسِيرِ علة تحدث في المقعدة والأنف والشفاه (انظر 1صمئويل 5: 6).

ٱلْجَرَبِ (لاويين 21: 20 و22: 22) وهو مرض يتنجس به الكهنة فلا يصلحون لأن يخدموا الرب.

ٱلْحِكَّةِ «هي قرحة يابسة كالخزف» (راشي).

حَتَّى لاَ تَسْتَطِيعَ ٱلشِّفَاءَ لا لأن تلك الأمراض لا تُشفى بل لأن الله يمنع من شفائها.

28 «يَضْرِبُكَ ٱلرَّبُّ بِجُنُونٍ وَعَمىً وَحَيْرَةِ قَلْبٍ».

إرميا 4: 9

بِجُنُونٍ وَعَمىً وَحَيْرَةِ ذُكرت هذه الضربات الثلاث في نبوءة زكريا (زكريا 12: 4) لكن هدَّد بها أعداء أورشليم (انظر ص 30: 7).

29 «فَتَتَلَمَّسُ فِي ٱلظُّهْرِ كَمَا يَتَلَمَّسُ ٱلأَعْمَى فِي ٱلظَّلاَمِ، وَلاَ تَنْجَحُ فِي طُرُقِكَ بَلْ لاَ تَكُونُ إِلاَّ مَظْلُوماً مَغْصُوباً كُلَّ ٱلأَيَّامِ وَلَيْسَ مُخَلِّصٌ».

أيوب 5: 14 وإشعياء 59: 10

وَلاَ تَنْجَحُ فِي طُرُقِكَ هذا مقابل الوعد ليشوع الذي كان شرطه أن يعمل بكتاب الشريعة (يشوع 1: 8 قابل به إشعياء 29: 10 - 14) فالذين لا يعتمدون شريعة الله يضلون وإن كانوا من كبار الحكماء «لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: سَأُبِيدُ حِكْمَةَ ٱلْحُكَمَاءِ وَأَرْفُضُ فَهْمَ ٱلْفُهَمَاءِ» (1كورنثوس 1: 19) فقد قال الله في الشعب الذي أبعد قلبه عنه «أَصْنَعُ بِهٰذَا ٱلشَّعْبِ عَجَباً وَعَجِيباً، فَتَبِيدُ حِكْمَةُ حُكَمَائِهِ وَيَخْتَفِي فَهْمُ فُهَمَائِه» (إشعياء 29: 14).

مَظْلُوماً قد ظُلم بنو إسرائيل وبنو يهوذا معاً (إرميا 50: 33) لكنهم وُعدوا بولي قوي (إرميا 50: 34).

مَغْصُوباً أي مأخوذاً على رغمك وقد جاءت هذه الكلمة في (ع 31).

وَلَيْسَ مُخَلِّصٌ من البشر.

30 «تَخْطُبُ ٱمْرَأَةً وَرَجُلٌ آخَرُ يَضْطَجِعُ مَعَهَا. تَبْنِي بَيْتاً وَلاَ تَسْكُنُ فِيهِ. تَغْرِسُ كَرْماً وَلاَ تَسْتَغِلُّهُ».

أيوب 31: 10 وإرميا 8: 10 أيوب 31: 8 وإرميا 12: 13 وعاموس 5: 11 وميخا 6: 15 وصفنيا 1: 13 ص 20: 6

ما في هذه الآيات من شر المصائب (انظر أيوب 31: 8 وإرميا 8: 10 و12: 13 وعاموس 5: 11 وميخا 6: 15 وصفنيا 1: 13).

31 «يُذْبَحُ ثَوْرُكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَلاَ تَأْكُلُ مِنْهُ. يُغْتَصَبُ حِمَارُكَ مِنْ أَمَامِ وَجْهِكَ وَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْكَ. تُدْفَعُ غَنَمُكَ إِلَى أَعْدَائِكَ وَلَيْسَ لَكَ مُخَلِّصٌ».

لَيْسَ لَكَ مُخَلِّصٌ من البشر وما أتاهم من منقذ إلا من قِبل الله كالقضاة وغيرهم فيكون المخلص الله لا الناس.

32 «يُسَلَّمُ بَنُوكَ وَبَنَاتُكَ لِشَعْبٍ آخَرَ وَعَيْنَاكَ تَنْظُرَانِ إِلَيْهِمْ طُولَ ٱلنَّهَارِ، فَتَكِلاَّنِ وَلَيْسَ فِي يَدِكَ طَائِلَةٌ».

مزمور 119: 82

بَنُوكَ وَبَنَاتُكَ هذه العبارة من أشد عبارات هذا الأصحاح إحزاناً فكثيرون من المجاورين لبني إسرائيل اعتادوا إذا مروا ببلادهم أن لا يقتصروا على نهب الغنم والبقر وغيرهما من البهائم بل كانوا يسبون أولادهم عبيداً وإماءً. ومثل هذه الآية في الأحزان قوله تعالى «صَوْتٌ سُمِعَ فِي ٱلرَّامَةِ، نَوْحٌ بُكَاءٌ مُرٌّ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَتَأْبَى أَنْ تَتَعَزَّى عَنْ أَوْلاَدِهَا لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ» لكنه تعالى لا ينذر بالويل إلا يأتي بالتعزية غالباً ولهذا زاد على ذلك قوله «فَيَرْجِعُونَ مِنْ أَرْضِ ٱلْعَدُوِّ» (إرميا 31: 15 - 17).

عَيْنَاكَ تَنْظُرَانِ... فَتَكِلاَّنِ وَلَيْسَ فِي يَدِكَ طَائِلَةٌ (الطائلة هنا القدرة أو الفائدة) أي تنظر ذلك المصاب ولا تستطيع أن تدفعه «وكل ما يُرى من المصاب ولا يُستطاع دفعه يعبر عنه بكلال العين» (راشي). وقوله «ليس في يدك طائلة» من العبارات العبرانية التي يعبر بها عن غاية العجز. فإن جاءت العبارة في طريق الإثبات كانت بياناً لغاية القدرة كقول لابان ليعقوب «فِي قُدْرَةِ يَدِي أَنْ أَصْنَعَ بِكُمْ شَرّاً» (تكوين 31: 29). والمعنى المقصود بالعبارة هنا أنك تعجز عن إنقاذهم لأن الرب قضى بذلك فكأنه قال لا تستطيع أن تمد يدك إلى الله أي لا تقدر أن ترفع يدك إليه. ويحسن هنا أن نقابل بهذا مصارعة يعقوب للملاك ومحاربة موسى لعماليق فإن موسى حين كان يرفع يده يغلب إسرائيل وحين كان يضعها يغلب عماليق وللمفسرين غير ذلك من الأقوال في هذه الآية وما ذكرناه هو الموافق للغة العبرانية الخالصة (وللعربية الفصحى).

33 «ثَمَرُ أَرْضِكَ وَكُلُّ تَعَبِكَ يَأْكُلُهُ شَعْبٌ لاَ تَعْرِفُهُ، فَلاَ تَكُونُ إِلاَّ مَظْلُوماً وَمَسْحُوقاً كُلَّ ٱلأَيَّامِ».

لاويين 26: 16 وع 51 وإرميا 5: 17

شَعْبٌ لاَ تَعْرِفُهُ أي «هَئَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكُمْ أُمَّةً مِنْ بُعْدٍ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ. أُمَّةً قَوِيَّةً. أُمَّةً مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ. أُمَّةً لاَ تَعْرِفُ لِسَانَهَا وَلاَ تَفْهَمُ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ» (إرميا 5: 15 - 17).

34 «وَتَكُونُ مَجْنُوناً مِنْ مَنْظَرِ عَيْنَيْكَ ٱلَّذِي تَنْظُرُ».

ع 67

تَكُونُ مَجْنُوناً مِنْ مَنْظَرِ عَيْنَيْكَ (أي ترى ما يحزنك جداً ويحيّرك حتى يخرجك عن دائرة العقل).

35 «يَضْرِبُكَ ٱلرَّبُّ بِقُرْحٍ خَبِيثٍ عَلَى ٱلرُّكْبَتَيْنِ وَعَلَى ٱلسَّاقَيْنِ، حَتَّى لاَ تَسْتَطِيعَ ٱلشِّفَاءَ مِنْ أَسْفَلِ قَدَمِكَ إِلَى قِمَّةِ رَأْسِكَ».

ع 27

بِقُرْحٍ خَبِيثٍ (انظر ع 27 والتفسير).

عَلَى ٱلرُّكْبَتَيْنِ (فيكون الألم أشد والوهن أكثر مما لو كان على اليد مثلاً). وهذا يقرب من قول النبي «كُلُّ ٱلرُّكَبِ تَصِيرُ مَاءً» (حزقيال 7: 17 و21: 7).

36 «يَذْهَبُ بِكَ ٱلرَّبُّ وَبِمَلِكِكَ ٱلَّذِي تُقِيمُهُ عَلَيْكَ إِلَى أُمَّةٍ لَمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلاَ آبَاؤُكَ، وَتَعْبُدُ هُنَاكَ آلِهَةً أُخْرَى مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ».

2ملوك 17: 4 و6 و24: 12 و14 و25: 7 و11 و2أيام 33: 11 و36: 6 و20 ص 4: 28 وع 64 وإرميا 16: 13

بِكَ ٱلرَّبُّ وَبِمَلِكِكَ ٱلَّذِي تُقِيمُهُ عَلَيْكَ قابل بهذا (ص 17: 14). وهذه الآية ليست بالآية الوحيدة للدلالة على أن موسى عرف أنه سيكون لبني إسرائيل ملك فلو كان كاتب هذا السفر من المتأخرين لذكر المملكتين أو ذكر كرسي داود أو أشار إليه. وقد تمت هذه النبوءة بسبي عدة ملوك فهو آحاز سُبي إلى مصر ويكنيا وصدقيا سُبيا إلى بابل. ويوشيا لم يُذكر سبيه في الكتاب لكنه على ما يظهر سباه الأشوريون.

تَعْبُدُ هُنَاكَ آلِهَةً أُخْرَى مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ (انظر تفسير ص 4: 28).

37 «وَتَكُونُ دَهَشاً وَمَثَلاً وَهُزْأَةً فِي جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ يَسُوقُكَ ٱلرَّبُّ إِلَيْهِمْ».

1ملوك 9: 7 و8 وإرميا 24: 9 و25: 9 وزكريا 8: 13 مزمور 44: 14

وَتَكُونُ دَهَشاً وَمَثَلاً وَهُزْأَةً (أي يدهش الناس من مصابك ويضربون بك المثل في الذل والدناءة والشقاء ويسخرون بك كثيراً) وهذا مقابل لما في (ع 10) وقد حقق في السبي الأول ولم يبق إلى الاهتضام الأخير (انظر 1ملوك 9: 7 - 9 وإرميا 42: 18 وحزقيال 36: 20 - 22).

38 - 44 «38 بِذَاراً كَثِيراً تُخْرِجُ إِلَى ٱلْحَقْلِ وَقَلِيلاً تَجْمَعُ، لأَنَّ ٱلْجَرَادَ يَأْكُلُهُ. 39 كُرُوماً تَغْرِسُ وَتَشْتَغِلُ وَخَمْراً لاَ تَشْرَبُ وَلاَ تَجْنِي، لأَنَّ ٱلدُّودَ يَأْكُلُهَا. 40 يَكُونُ لَكَ زَيْتُونٌ فِي جَمِيعِ تُخُومِكَ وَبِزَيْتٍ لاَ تَدَّهِنُ، لأَنَّ زَيْتُونَكَ يَنْتَثِرُ. 41 بَنِينَ وَبَنَاتٍ تَلِدُ وَلاَ يَكُونُونَ لَكَ، لأَنَّهُمْ إِلَى ٱلسَّبْيِ يَذْهَبُونَ. 42 جَمِيعُ أَشْجَارِكَ وَأَثْمَارِ أَرْضِكَ يَتَوَلاَّهُ ٱلصَّرْصَرُ. 43 اَلْغَرِيبُ ٱلَّذِي فِي وَسَطِكَ يَسْتَعْلِي عَلَيْكَ مُتَصَاعِداً وَأَنْتَ تَنْحَطُّ مُتَنَازِلاً. 44 هُوَ يُقْرِضُكَ وَأَنْتَ لاَ تُقْرِضُهُ. هُوَ يَكُونُ رَأْساً وَأَنْتَ تَكُونُ ذَنَباً».

ميخا 6: 15 وحجي 1: 6 يوئيل 1: 4 مراثي إرميا 1: 5 ع 12 ع 13

هذا مقابل لما في (ع 11). و(ع 44 مقابل لما في ع 12 و13) ومن ترتيب هذا المقال يتبين أن اضطراب الآباء كان سيقع على إسرائيل بعد سبيهم ولا يتوقع أن يتم ذلك عرضاً واتفاقاً كل ما في (ع 38 - 44) كما هو في (حجي 1: 6 - 11) (قابل بهذا إشعياء 5: 10 وهو قوله تعالى «عشر فدادين كرم تصنع بثاً واحداً وحومر بذار يصنع إيفة»).

45 - 48 «45 وَتَأْتِي عَلَيْكَ جَمِيعُ هٰذِهِ ٱللَّعَنَاتِ وَتَتَّبِعُكَ وَتُدْرِكُكَ حَتَّى تَهْلِكَ، لأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ لِتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ ٱلَّتِي أَوْصَاكَ بِهَا. 46 فَتَكُونُ فِيكَ آيَةً وَأُعْجُوبَةً وَفِي نَسْلِكَ إِلَى ٱلأَبَدِ. 47 مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ لَمْ تَعْبُدِ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ بِفَرَحٍ وَبِطِيبَةِ قَلْبٍ لِكَثْرَةِ كُلِّ شَيْءٍ. 48 تُسْتَعْبَدُ لأَعْدَائِكَ ٱلَّذِينَ يُرْسِلُهُمُ ٱلرَّبُّ عَلَيْكَ فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ وَعُرْيٍ وَعَوَزِ كُلِّ شَيْءٍ. فَيَجْعَلُ نِيرَ حَدِيدٍ عَلَى عُنُقِكَ حَتَّى يُهْلِكَكَ».

ع 15 إشعياء 8: 18 وحزقيال 14: 8 نحميا 9: 35 إلى 37 ص 32: 15 إرميا 28: 14

حَتَّى يُهْلِكَكَ أي حتى تزول كل قوتك فتشبه من هلك. ففي الكلام استعارة ومثلها كثير في الكتاب المقدس ومن ذلك قوله «مَلِكَ أَرَامَ أَفْنَاهُمْ وَوَضَعَهُمْ كَٱلتُّرَابِ لِلدَّوْسِ» (2ملوك 13: 7) ومثله الهلاك في (نهاية ع 46 ونهاية ع 48).

انتصار أمة غريبة على إسرائيل ونوازل الحصار (ع 49 - 57)

49 «يَجْلِبُ ٱلرَّبُّ عَلَيْكَ أُمَّةً مِنْ بَعِيدٍ، مِنْ أَقْصَاءِ ٱلأَرْضِ كَمَا يَطِيرُ ٱلنَّسْرُ، أُمَّةً لاَ تَفْهَمُ لِسَانَهَا».

إرميا 5: 15 و6: 22 و23 ولوقا 19: 43 إرميا 48: 40 و49: 22 ومراثي إرميا 4: 19 وحزقيال 17: 3 و12 وهوشع 8: 1

يَجْلِبُ ٱلرَّبُّ عَلَيْكَ أُمَّةً قال الله «هَئَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكُمْ أُمَّةً مِنْ بُعْدٍ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ. أُمَّةً قَوِيَّةً. أُمَّةً مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ. أُمَّةً لاَ تَعْرِفُ لِسَانَهَا وَلاَ تَفْهَمُ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ» (إرميا 5: 15) والمقصود بهذا الأمة الكلدانيون «الأمة المرة» (حبقوق 1: 6).

كَمَا يَطِيرُ ٱلنَّسْرُ (أي مسرعين سرعة النسر في الطيران) ربما أشار بهذا إلى نسور الرومانيين ونسور الكلدانيين الأمة التي «فُرْسَانُهَا يَنْتَشِرُونَ وَيَأْتُونَ مِنْ بَعِيدٍ، وَيَطِيرُونَ كَٱلنَّسْرِ ٱلْمُسْرِعِ إِلَى ٱلأَكْلِ» (حبقوق 1: 8).

أُمَّةً لاَ تَفْهَمُ لِسَانَهَا قال أحد المفسرين «أنبأني صاحب من علماء اليهود وهو من البارعين في اللغات إن مئات من شعب اليهود لا يعرفون لغات البلاد المُذلين فيها وكأنهم فقدوا قدرة تعلّم اللغات وقد اختبرت أنا نفسي ذلك مع كثيرين من يهود لندن ولم يكن ذلك من عدم القدرة على التعلم لكن من مرض في القوة الفاهمة حتى أنهم لا يفهمون إلا قليلاً من الأفكار».

50 «أُمَّةً جَافِيَةَ ٱلْوَجْهِ لاَ تَهَابُ ٱلشَّيْخَ وَلاَ تَحِنُّ إِلَى ٱلْوَلَدِ».

أمثال 7: 13 وجامعة 8: 1 ودانيال 8: 23 و2أيام 36: 17 وإشعياء 47: 6

لاَ تَهَابُ ٱلشَّيْخَ وَلاَ تَحِنُّ إِلَى ٱلْوَلَدِ هذا كان من صفات ملك الكلدانيين فقد جاء في سفر الأيام الثاني «فَأَصْعَدَ عَلَيْهِمْ مَلِكَ ٱلْكِلْدَانِيِّينَ فَقَتَلَ مُخْتَارِيهِمْ بِٱلسَّيْفِ فِي بَيْتِ مَقْدِسِهِمْ. وَلَمْ يُشْفِقْ عَلَى فَتىً أَوْ عَذْرَاءَ وَلاَ عَلَى شَيْخٍ أَوْ أَشْيَبَ» (2أيام 36: 17).

51 «فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَهَائِمِكَ وَثَمَرَةَ أَرْضِكَ حَتَّى تَهْلِكَ، وَلاَ تُبْقِي لَكَ قَمْحاً وَلاَ خَمْراً وَلاَ زَيْتاً، وَلاَ نِتَاجَ بَقَرِكَ وَلاَ إِنَاثَ غَنَمِكَ، حَتَّى تُفْنِيَكَ».

ع 33 وإشعياء 1: 7 و62: 8

(الهلاك والفناء هنا كالهلاك في ع 45 فارجع إليه وإلى التفسير).

52 «وَتُحَاصِرُكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ حَتَّى تَهْبِطَ أَسْوَارُكَ ٱلشَّامِخَةُ ٱلْحَصِينَةُ ٱلَّتِي أَنْتَ تَثِقُ بِهَا فِي كُلِّ أَرْضِكَ. تُحَاصِرُكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ فِي كُلِّ أَرْضِكَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

2ملوك 25: 1 و2 و4

تُحَاصِرُكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ تم ذلك تماماً (انظر إرميا 34: 7 وتاريخ يوسيفوس المؤرخ اليهودي في حروب اليهود).

53 «فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ، لَحْمَ بَنِيكَ وَبَنَاتِكَ ٱلَّذِينَ أَعْطَاكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ فِي ٱلْحِصَارِ وَٱلضِّيقَةِ ٱلَّتِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ».

لاويين 26: 29 و2ملوك 6: 28 و29 وإرميا 19: 9 ومراثي إرميا 2: 20 و4: 10

فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ تم ذلك في حصار الكلدانيين للسامرة (2ملوك 6: 26 - 29) وحصار نبوخذ نصر لأورشليم (انظر مراثي إرميا 2: 20 و4: 10).

54، 55 «54 ٱلرَّجُلُ ٱلْمُتَنَعِّمُ فِيكَ وَٱلْمُتَرَفِّهُ جِدّاً، تَبْخَلُ عَيْنُهُ عَلَى أَخِيهِ وَٱمْرَأَةِ حِضْنِهِ وَبَقِيَّةِ أَوْلاَدِهِ ٱلَّذِينَ يُبْقِيهِمْ، 55 بِأَنْ يُعْطِيَ أَحَدَهُمْ مِنْ لَحْمِ بَنِيهِ ٱلَّذِي يَأْكُلُهُ، لأَنَّهُ لَمْ يُبْقَ لَهُ شَيْءٌ فِي ٱلْحِصَارِ وَٱلضِّيقَةِ ٱلَّتِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ».

ص 15: 9 ص 13: 6

تَبْخَلُ عَيْنُهُ... بِأَنْ يُعْطِيَ هذا من أهول المشاهد وأشدها إحزاناً وأي الأهوال والمحزنات مثل أن يبخل الوالد بلحم أحد بنيه على زوجته الوالدة وسائر أولاده.

56 «وَٱلْمَرْأَةُ ٱلْمُتَنَعِّمَةُ فِيكَ وَٱلْمُتَرَفِّهَةُ ٱلَّتِي لَمْ تُجَرِّبْ أَنْ تَضَعَ أَسْفَلَ قَدَمِهَا عَلَى ٱلأَرْضِ لِلتَّنَعُّمِ وَٱلتَّرَفُّهِ، تَبْخَلُ عَيْنُهَا عَلَى رَجُلِ حِضْنِهَا وَعَلَى ٱبْنِهَا وَٱبْنَتِهَا».

ع 54

ٱلْمَرْأَةُ ٱلْمُتَنَعِّمَةُ فِيكَ وَٱلْمُتَرَفِّهَةُ تم ذلك على وفق معنى العبارة الحقيقي في محاصرة تيطس لأورشليم فقد قال يوسيفوس المؤرخ أن امرأة شريفة من بيت أزوب قتلت رضيعها وأكلت نصفه دفعة وخبأت النصف الآخر لتأكله في وقت آخر. وأنبأ بمثل ذلك أوسابيوس في تاريخ الكنيسة.

57 «بِمَشِيمَتِهَا ٱلْخَارِجَةِ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهَا وَبِأَوْلاَدِهَا ٱلَّذِينَ تَلِدُهُمْ، لأَنَّهَا تَأْكُلُهُمْ سِرّاً فِي عَوَزِ كُلِّ شَيْءٍ، فِي ٱلْحِصَارِ وَٱلضِّيقَةِ ٱلَّتِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ فِي أَبْوَابِكَ».

تكوين 49: 10

بِمَشِيمَتِهَا محل الولد تخرج معه عند الولادة. وقُرئ في بعض النسخ القديمة ابنها.

58، 59 «58 إِنْ لَمْ تَحْرِصْ لِتَعْمَلَ بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّامُوسِ ٱلْمَكْتُوبَةِ فِي هٰذَا ٱلسِّفْرِ لِتَهَابَ هٰذَا ٱلاسْمَ ٱلْجَلِيلَ ٱلْمَرْهُوبَ، ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ، 59 يَجْعَلُ ٱلرَّبُّ ضَرَبَاتِكَ وَضَرَبَاتِ نَسْلِكَ عَجِيبَةً. ضَرَبَاتٍ عَظِيمَةً رَاسِخَةً وَأَمْرَاضاً رَدِيئَةً ثَابِتَةً».

خروج 6: 3 دانيال 9: 12

(انظر تفسير ص 25: 2 و3).

ٱلاسْمَ ٱلْجَلِيلَ ٱلْمَرْهُوبَ، ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ وإذا كان اسمه كذلك وجب على عارفه أن يحبه ويطيعه ويعترف به وإنه لم يفعل كذلك فمخيف هو الوقوع في يد الله الحي الجليل المرهوب وإنه الهلاك في الاستخفاف به. وقد وضع تعالى وتبارك قوله «أنا هو الرب إلهك» في مقدمة الوصايا العشر لتسمع بالخشية وتحفظ بالرهبة والوقار ويخشى من شديد العقاب على مخالفتها.

رَاسِخَةً أي طويلة المدة فإنه تقضى على اليهود في الذل والضيق والاضطهاد نحو 1900 سنة ومصابهم كأنه جديد. قال راشي ما معناه إني أُودُّ بك أبداً كشعار للإسرائيليين.

60 «وَيَرُدُّ عَلَيْكَ جَمِيعَ أَدْوَاءِ مِصْرَ ٱلَّتِي فَزِعْتَ مِنْهَا فَتَلْتَصِقُ بِكَ».

ص 7: 15

جَمِيعَ أَدْوَاءِ مِصْرَ الخ أي أمراضها. وهذا مقابل ما في سفر الخروج من قوله تعالى «إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ... فَمَرَضاً مَا مِمَّا وَضَعْتُهُ عَلَى ٱلْمِصْرِيِّينَ لاَ أَضَعُ عَلَيْكَ. فَإِنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ شَافِيكَ» (خروج 15: 26). وموافق ما في حزقيال من قوله «فَلاَ تُشْفِقُ عَيْنِي وَلاَ أَعْفُو بَلْ أَجْلِبُ عَلَيْكِ كَطُرُقِكِ، وَرَجَاسَاتُكِ تَكُونُ فِي وَسَطِكِ. فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ ٱلضَّارِبُ» (حزقيال 7: 9).

61، 62 «61 أَيْضاً كُلُّ مَرَضٍ وَكُلُّ ضَرْبَةٍ لَمْ تُكْتَبْ فِي سِفْرِ ٱلنَّامُوسِ هٰذَا يُسَلِّطُهُ ٱلرَّبُّ عَلَيْكَ حَتَّى تَهْلَكَ. 62 فَتَبْقُونَ نَفَراً قَلِيلاً عِوَضَ مَا كُنْتُمْ كَنُجُومِ ٱلسَّمَاءِ فِي ٱلْكَثْرَةِ لأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ».

ص 4: 27 ص 10: 22 ونحميا 9: 23

كُلُّ مَرَضٍ وَكُلُّ ضَرْبَةٍ لَمْ تُكْتَبْ... فَتَبْقُونَ نَفَراً قَلِيلاً «مُخِيفٌ هُوَ ٱلْوُقُوعُ فِي يَدَيِ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ» (عبرانيين 10: 31).

63 «وَكَمَا فَرِحَ ٱلرَّبُّ لَكُمْ لِيُحْسِنَ إِلَيْكُمْ وَيُكَثِّرَكُمْ، كَذٰلِكَ يَفْرَحُ ٱلرَّبُّ لَكُمْ لِيُفْنِيَكُمْ وَيُهْلِكَكُمْ، فَتُسْتَأْصَلُونَ مِنَ ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا».

ص 30: 9 وإرميا 32: 41 أمثال 1: 26 وإشعياء 1: 24

كَمَا فَرِحَ (انظر تفسير ص 30: 9).

64 «وَيُبَدِّدُكَ ٱلرَّبُّ فِي جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ مِنْ أَقْصَاءِ ٱلأَرْضِ إِلَى أَقْصَائِهَا، وَتَعْبُدُ هُنَاكَ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلاَ آبَاؤُكَ مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ».

لاويين 26: 33 وص 4: 27 و28 ونحميا 1: 8 وإرميا 16: 13 ع 36

وَيُبَدِّدُكَ ٱلرَّبُّ فِي جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ تم هذا فعلاً وكان في ذلك شر انحطاطهم وانضغاطهم.

وَتَعْبُدُ هُنَاكَ آلِهَةً أُخْرَى لم نعلم أن الإسرائيليين سقطوا في العبادة الوثنية فعلاً في زمن إذلالهم إلا في مصر (إرميا 44: 17) وربما سقطوا فيها يوم كانوا مسبيين في بابل (حزقيال 14: 22 و23) لكنهم كانوا عبيداً لعبدة الأوثان (فربما قل إيمانهم بالرب لما صاروا إليه فمالت قلوبهم إلى أوثان مستعبديهم فكانوا بمنزلة عبدة الآلهة الباطلة في الباطن).

65 «وَفِي تِلْكَ ٱلأُمَمِ لاَ تَطْمَئِنُّ وَلاَ يَكُونُ قَرَارٌ لِقَدَمِكَ، بَلْ يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ هُنَاكَ قَلْباً مُرْتَجِفاً وَكَلاَلَ ٱلْعَيْنَيْنِ وَذُبُولَ ٱلنَّفْسِ».

عاموس 9: 4 لاويين 26: 36 لاويين 26: 16

فِي تِلْكَ ٱلأُمَمِ لاَ تَطْمَئِنُّ تكرار اضطهاد اليهود الذي أثاره عليهم الأمم الذين كانوا بينهم في زمن إذلالهم من أهول الحوادث وأعجبها في التاريخ.

كَلاَلَ ٱلْعَيْنَيْنِ «فتنظر إلى الخلاص ولا تراه» (راشي). (أي تتوقعه ولا يأتي فتكون بذلك كمن يحاول رؤية شبح ولا يراه لكلال عينيه). هذا والظاهر أن للعبارة غير المعنى الذي رآه راشي وإن كان ما رآه قريباً منه وهو أنه استعار كلال العينين للعمى العقلي أو غلظ الأذهان كقول بولس الرسول فيهم «بَلْ أُغْلِظَتْ أَذْهَانُهُمْ، لأَنَّهُ حَتَّى ٱلْيَوْمِ ذٰلِكَ ٱلْبُرْقُعُ نَفْسُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ ٱلْعَهْدِ ٱلْعَتِيقِ بَاقٍ غَيْرُ مُنْكَشِفٍ» (انظر 2كورنثوس 3: 14 و15 والتفسير).

66 «وَتَكُونُ حَيَاتُكَ مُعَلَّقَةً قُدَّامَكَ، وَتَرْتَعِبُ لَيْلاً وَنَهَاراً وَلاَ تَأْمَنُ عَلَى حَيَاتِكَ».

حَيَاتُكَ مُعَلَّقَةً قُدَّامَكَ أي «تتوقع الموت دائماً فتقول لعلّي أموت اليوم بالسيف الذي يأتي عليّ» (راشي).

67 «فِي ٱلصَّبَاحِ تَقُولُ: يَا لَيْتَهُ ٱلْمَسَاءُ! وَفِي ٱلْمَسَاءِ تَقُولُ: يَا لَيْتَهُ ٱلصَّبَاحُ! مِنِ ٱرْتِعَابِ قَلْبِكَ ٱلَّذِي تَرْتَعِبُ، وَمِنْ مَنْظَرِ عَيْنَيْكَ ٱلَّذِي تَنْظُرُ».

أيوب 7: 4 ع 34

فِي ٱلصَّبَاحِ تَقُولُ: يَا لَيْتَهُ ٱلْمَسَاءُ جاء في التلمود في معنى هذه الآية ما خلاصته إن كل وقت يأتي تكون أهواله أشد مما قبله فكل ساعة تزيد على التي قبلها لعنة. والآية لا تشير إلى توالي زيادة الأهوال بل تدل على ثقل الضربة الدائمة.

68 «وَيَرُدُّكَ ٱلرَّبُّ إِلَى مِصْرَ فِي سُفُنٍ فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي قُلْتُ لَكَ لاَ تَعُدْ تَرَاهَا، فَتُبَاعُونَ هُنَاكَ لأَعْدَائِكَ عَبِيداً وَإِمَاءً، وَلَيْسَ مَنْ يَشْتَرِي».

إرميا 43: 7 وهوشع 7: 13 و9: 3 ص 17: 16

يَرُدُّكَ ٱلرَّبُّ إِلَى مِصْرَ فِي سُفُنٍ قال يوسيفوس المؤرخ اليهودي أن تيطس أرسل كثيرين من اليهود في السفن إلى مصر.

ٱلَّتِي قُلْتُ لَكَ لاَ تَعُدْ تَرَاهَا (ص 17: 16). (إن الله لم يخلف بوعده إذ سمح برجوعهم إلى مصر لأن وعده كان معلقاً بشرط الطاعة فإذا عصوا بطل الوعد فإن الله وعد بكل خير للناس بشرط أن يحفظوا أقواله ويعملوا بها ولكن أكثر الناس إن لم نقل كلهم في شر عظيم وما ذلك إلا لجورهم عن حقه تعالى.

فَتُبَاعُونَ.. وَلَيْسَ مَنْ يَشْتَرِي قال راشي في هذا ما مترجمه «إنك تشتهي أن تُباع وتعرض نفسك عبداً لأعدائك وتأبى الأعداء أن تشتريك لأنك عُيّن لك أن تُقتل وتُباد أو أن بائعك يبيعك باعة آخرين لأنه لا يهتم أحد بأن يبقيك عنده». وقال أحد المفسرين: معنى قوله وليس من يشتري هو أنه ليس من يفديك بالشراء من العدو على وفق قول نحميا «نَحْنُ ٱشْتَرَيْنَا إِخْوَتَنَا ٱلْيَهُودَ ٱلَّذِينَ بِيعُوا لِلأُمَمِ حَسَبَ طَاقَتِنَا» (نحميا 5: 8).

العهد الثاني

69 أو ص 29: 1 «هذِهِ كَلِمَاتُ ٱلْعَهْدِ ٱلَّذِي أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى أَنْ يَقْطَعَهُ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي أَرْضِ مُوآبَ، فَضْلاً عَنِ ٱلْعَهْدِ ٱلَّذِي قَطَعَهُ مَعَهُمْ فِي حُورِيبَ».

ص 5: 2 و3

(هذه الآية في العبرانية الآية التاسعة والستون من الأصحاح الثامن والعشرين على ما وضعناها هنا وحُسبت في الترجمة العربية والانكليزية الآية الأولى من الأصحاح التاسع والعشرين لكنها كُتبت في العربية مع آيات (ص 28) وأُشير إلى أنها الآية الأولى من (ص 29) ووُضعت في الانكليزية في أول (ص 29) وجعل أول آيات (ص 29) في العبرانية الآية الثانية. وهذا أمر لا طائل تحته فالأصل والكلام واحد ولا أصحاحات في ما كتبه موسى).

هذِهِ كَلِمَاتُ ٱلْعَهْدِ هو العهد الثاني وهو الذي كان في حوريب وهو ما يأتي في (ص 29) لا ما مرّ في (ص 28) ولذلك جُعلت هذه الآية أول (ص 29) في بعض الترجمات (كما ذكرنا).

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

(من ع 2)

2 «وَدَعَا مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ لَهُمْ: أَنْتُمْ شَاهَدْتُمْ مَا فَعَلَ ٱلرَّبُّ أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ فِي أَرْضِ مِصْرَ بِفِرْعَوْنَ وَبِجَمِيعِ عَبِيدِهِ وَبِكُلِّ أَرْضِهِ».

خروج 19: 4

دَعَا مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ أي الشعب لا الرؤساء أو الشيوخ.

أَنْتُمْ شَاهَدْتُمْ أي عرفتم بالمشاهدة فلا حاجة إلى أن أذكر لكم ما يأتي بالتفصيل (قابل بهذا ص 11: 2 - 7).

3 «ٱلتَّجَارِبَ ٱلْعَظِيمَةَ ٱلَّتِي أَبْصَرَتْهَا عَيْنَاكَ، وَتِلْكَ ٱلآيَاتِ وَٱلْعَجَائِبَ ٱلْعَظِيمَةَ».

ص 4: 34 و7: 19

ٱلتَّجَارِبَ عجائب الخروج.

4 «وَلٰكِنْ لَمْ يُعْطِكُمُ ٱلرَّبُّ قَلْباً لِتَفْهَمُوا وَأَعْيُناً لِتُبْصِرُوا وَآذَاناً لِتَسْمَعُوا إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

إشعياء 6: 9 و10 و63: 17 ويوحنا 8: 43 وأعمال 28: 26 و27 وأفسس 4: 18 و2تسالونيكي 2: 11 و12

لَمْ يُعْطِكُمُ ٱلرَّبُّ قَلْباً لِتَفْهَمُوا «لتعرفوا تبارك وتعالى وتعتصموا به» (راشي). وهذا كقول المرنم «آبَاؤُنَا فِي مِصْرَ لَمْ يَفْهَمُوا عَجَائِبَكَ. لَمْ يَذْكُرُوا كَثْرَةَ مَرَاحِمِكَ» (مزمور 106: 7 انظر ايضاً ص 31: 16 الخ).

5 «فَقَدْ سِرْتُ بِكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي ٱلْبَرِّيَّةِ، لَمْ تَبْلَ ثِيَابُكُمْ عَلَيْكُمْ، وَنَعْلُكَ لَمْ تَبْلَ عَلَى رِجْلِكَ».

ص 1: 3 و8: 2 ص 8: 4

(انظر تفسير ص 8: 4).

6 «لَمْ تَأْكُلُوا خُبْزاً وَلَمْ تَشْرَبُوا خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً لِتَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

خروج 16: 12 وص 8: 3 ومزمور 78: 24 و25

لَمْ تَأْكُلُوا خُبْزاً بل منّاً (ص 8: 3).

لَمْ تَشْرَبُوا خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً لم يُذكر هذا إلا هنا فثبت أن هذا الكلام لم تتحرك به شفة سوى شفة من عرف مسيرهم في البرية وشاهد كل أحوالهم. «كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَٱلصَّخْرَةُ كَانَتِ ٱلْمَسِيحَ» (1كورنثوس 10: 4). إن الله اعتنى بصحتهم الجسدية وقوّاهم بالطعام الطبيعي الذي أعطاهم إياه ليبين لهم أن قوام حياتهم متوقف عليه. ومما يستحق الملاحظة أن الله يسر بالامتناع عن المسكرات إذ حسبه من بركاته على شعبه إسرائيل.

7، 8 «7 وَلَمَّا جِئْتُمْ إِلَى هٰذَا ٱلْمَكَانِ خَرَجَ سِيحُونُ مَلِكُ حَشْبُونَ وَعُوجُ مَلِكُ بَاشَانَ لِلِقَائِنَا لِلْحَرْبِ فَكَسَّرْنَاهُمَا، 8 وَأَخَذْنَا أَرْضَهُمَا وَأَعْطَيْنَاهَا نَصِيباً لِرَأُوبَيْنَ وَجَادَ وَنِصْفِ سِبْطِ مَنَسَّى».

عدد 21: 23 و24 و33 وص 2: 32 و3: 1 عدد 32: 33 وص 3: 12 و13

(انظر ص 3: 1 - 17).

9 «فَٱحْفَظُوا كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلْعَهْدِ وَٱعْمَلُوا بِهَا لِتَفْلِحُوا فِي كُلِّ مَا تَفْعَلُونَ».

ص 4: 6 ويشوع 1: 7 و1ملوك 2: 3 يشوع 1: 7

فَٱحْفَظُوا... لِتَفْلِحُوا (انظر تفسير يشوع 1: 8 ومزمور 1: 3).

10 «أَنْتُمْ وَاقِفُونَ ٱلْيَوْمَ جَمِيعُكُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ، رُؤَسَاؤُكُمْ، أَسْبَاطُكُمْ، شُيُوخُكُمْ وَعُرَفَاؤُكُمْ وَكُلُّ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ».

أَنْتُمْ وَاقِفُونَ ٱلْيَوْمَ إنه لا حد لبركة الله على التابعين عهده الحافظين وصاياه فهي معدة للجميع من عال ودون من المتمسكين بعهده.

11 «وَأَطْفَالُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ وَغَرِيبُكُمُ ٱلَّذِي فِي وَسَطِ مَحَلَّتِكُمْ مِمَّنْ يَحْتَطِبُ حَطَبَكُمْ إِلَى مَنْ يَسْتَقِي مَاءَكُمْ».

يشوع 9: 21 و23 و27

وَأَطْفَالُكُمْ قابل بهذا قول بطرس الرسول في عيد الخمسين «ٱلْمَوْعِدَ هُوَ لَكُمْ وَلأَوْلاَدِكُمْ» (أعمال 2: 39) فإن الوعد لإبراهيم هو أن القدير يكون إلهاً له ولنسله (تكوين 17: 7) وهو يشمل ابن ثمانية أيام فصاعداً (تكوين 17: 12) والعبد (تكوين 17: 13) الذي يقبل العهد الأبدي بالختان.

مِمَّنْ يَحْتَطِبُ حَطَبَكُمْ إِلَى مَنْ يَسْتَقِي مَاءَكُمْ استننتج راشي من هذا «أنه كان بين إسرائيل دخلاء من الكنعانيين في الطريق التي صار فيها الجبعونيون كذلك في عصر يشوع» وهذا من الممكنات ونحن نعلم أنه كان كثيرون من أسرى المديانيين عبيداً لإسرائيل (انظر عدد ص 31).

12 «لِتَدْخُلَ فِي عَهْدِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ وَقَسَمِهِ ٱلَّذِي يَقْطَعُهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ مَعَكَ ٱلْيَوْمَ».

نحميا 10: 29

لِتَدْخُلَ فِي عَهْدِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ وفي الأصل العبراني «تمر» وهو على وفق قوله تعالى «وَأُمِرُّكُمْ تَحْتَ ٱلْعَصَا، وَأُدْخِلُكُمْ فِي رِبَاطِ ٱلْعَهْدِ» (حزقيال 20: 37). وفسر راشي ذلك بالمرور بين قطعتي الذبيحة لإثبات العهد (إرميا 34: 18 قابل بهذا تكوين 15: 17 و18). وهذا وإن لم يُذكر هنا يرجّح أن المرور فيه أُخذ من ذلك الاستعمال.

قَسَمِهِ هذا الموضع أول موارد هذه الكلمة في سفر التثنية وتُرجمت الكلمة العبرانية باللعنة في (ع 19 - 21) والظاهر أنها تعني الشتم باسم الله (انظر لاويين 5: 21 وتكوين 24: 41) مثل أن يقول الإنسان «لعنة الله عليه إن أخلف الميعاد» وما أشبه ذلك.

يَقْطَعُهُ ٱلرَّبُّ الخ هذا الفعل يشير إلى إجراء العهد (ولعله مأخوذ من قطع الذبيحة للدخول بين قطعتيها عند المعاهدة إرميا 34: 18).

13 «لِيُقِيمَكَ ٱلْيَوْمَ لِنَفْسِهِ شَعْباً، وَهُوَ يَكُونُ لَكَ إِلٰهاً كَمَا قَالَ لَكَ وَكَمَا حَلَفَ لآبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ».

ص 28: 9 خروج 6: 7 تكوين 17: 7

لِيُقِيمَكَ ٱلْيَوْمَ لِنَفْسِهِ شَعْباً يجب أن تُلاحظ هنا صورة العهد التي جعلت الرب متكفلاً بإتمامه «إن الله تكفل بحمل كل الاضطراب ليجعل إسرائيل شعباً أمامه» (راشي) وما كان على الشعب إلا أن يقبل هذه النعمة. وهذا العهد هنا على وفق العهد في (عبرانيين 8: 8 الخ). وهو الذي سمي في إرميا بالعهد الجديد (إرميا 31: 31 الخ) وبعض ذلك العهد إن الله يكون لهم إلهاً وهم يكونون له شعباً وهو الذي ذُكر في آية التفسير والباقي منه في (ص 30: 6 - 8) وهو قوله «ويختن الرب إلهك قلبك... لكي تحب الرب إلهك».

14، 15 «14 وَلَيْسَ مَعَكُمْ وَحْدَكُمْ أَقْطَعُ أَنَا هٰذَا ٱلْعَهْدَ وَهٰذَا ٱلْقَسَمَ 15 بَلْ مَعَ ٱلَّذِي هُوَ هُنَا مَعَنَا وَاقِفاً ٱلْيَوْمَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا، وَمَعَ ٱلَّذِي لَيْسَ هُنَا مَعَنَا ٱلْيَوْم».

إرميا 31: 31 إلى 33 وعبرانيين 8: 7 و8 أعمال 2: 39 و1كورنثوس 7: 14

وَلَيْسَ مَعَكُمْ وَحْدَكُمْ... بَلْ مَعَ ٱلَّذِي هُوَ هُنَا مَعَنَا... وَمَعَ ٱلَّذِي لَيْسَ هُنَا مَعَنَا ٱلْيَوْمَ اي في الأجيال الآتية (راشي).

16، 17 «16 لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ كَيْفَ أَقَمْنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ وَكَيْفَ ٱجْتَزْنَا فِي وَسَطِ ٱلأُمَمِ ٱلَّذِينَ مَرَرْتُمْ بِهِمْ 17 وَرَأَيْتُمْ أَرْجَاسَهُمْ وَأَصْنَامَهُمُ ٱلَّتِي عِنْدَهُمْ مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ وَفِضَّةٍ وَذَهَبٍ».

هتان الآيتان كلام معترض (قابل بهما حزقيال 20: 7 و8 و18).

أَرْجَاسَهُمْ (ع 17) (جمع رجس وهو في العربية العمل المؤدي إلى العذاب ولما كانت عبادة الأوثان من أكبر أسباب غضب الله وعقابه أُطلق الرجس على الأوثان وكذا الأمر في العبرانية) وكثيراً ما جاء الرجس في الكتاب المقدس بمعنى الأوثان.

وَأَصْنَامَهُمُ عطف تفسير على أرجاس فكأنه قال أرجاسهم التي هي أصنامهم أو أرجاسهم أي أصنامهم) والكلمة العبرانية «גלליהם» أي الآلهة الزبليّة والمرجّح أنه قُصد بها تماثيل الفيران الكبيرة أو نعتها بالزبليّة لزيادة الإهانة والاحتقار. وأول ما ذكرت هذه الكلمة في (لاويين 26: 30).

18 «لِئَلاَّ يَكُونَ فِيكُمْ رَجُلٌ أَوِ ٱمْرَأَةٌ أَوْ عَشِيرَةٌ أَوْ سِبْطٌ قَلْبُهُ ٱلْيَوْمَ مُنْصَرِفٌ عَنِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا لِكَيْ يَذْهَبَ لِيَعْبُدَ آلِهَةَ تِلْكَ ٱلأُمَمِ. لِئَلاَّ يَكُونَ فِيكُمْ أَصْلٌ يُثْمِرُ عَلْقَماً وَأَفْسَنْتِيناً».

ص 11: 16 أعمال 8: 23 وعبرانيين 12: 15

لِئَلاَّ يَكُونَ هذا متعلق بالآية الخامسة عشرة (والآيتان 16 و17 معترضتان كما علمت) ومحصل ذلك أنه سبحانه وتعالى قطع عهده معهم ومع نسلهم لئلا يكون فيهم أصل مرارة من عبادة الأوثان. وكان ذلك متوقعاً من نسل بني إسرائيل المخاطبين (انظر ص 31: 16) وقد تم ذلك بعد وفاة شيوخ ذلك الجيل (قابل بهذا قضاة 2: 10 - 12).

أَصْلٌ يُثْمِرُ عَلْقَماً وَأَفْسَنْتِيناً جاء العلقم والإفسنتين في (مراثي إرميا 3: 19) وجاء العلقم وحده في (مزمور 69: 21). وجاء في ترجمة السبعين «أصل يثمر علقماً ومرارة» فاختيرت الترجمة المعنوية. وعلى ذلك جرى كاتب رسالة العبرانيين بقوله محذراً «لِئَلاَّ يَطْلُعَ أَصْلُ مَرَارَةٍ وَيَصْنَعَ ٱنْزِعَاجاً، فَيَتَنَجَّسَ بِهِ كَثِيرُونَ» (عبرانيين 12: 15). (والعلقم الحنظل الشديد المرارة والإفسنتين نبات ورقه كورق السعتر مر الطعم).

19 «فَيَكُونُ مَتَى سَمِعَ كَلاَمَ هٰذِهِ ٱللَّعْنَةِ، يُبَارِكُ نَفْسَهُ فِي قَلْبِهِ وَيَقُولُ: يَكُونُ لِي سَلاَمٌ وَإِنْ سِرْتُ بِتَصَلُّبِ قَلْبِي فَيَفْنَى ٱلرَّيَّانُ مَعَ ٱلْعَطْشَانِ».

عدد 15: 39 وجامعة 11: 9 وإرميا 3: 17 و7: 24 إشعياء 30: 1

بِتَصَلُّبِ قَلْبِي أي بعنادي المتأصل في قلبي. وهذه الكلمة لم تُذكر إلا هنا وفي (مزمور 81: 12 وتُرجمت فيه بالقساوة) وفي نبوءة إرميا فإنها ذُكرت فيها ثماني مرات.

فَيَفْنَى ٱلرَّيَّانُ مَعَ ٱلْعَطْشَانِ أي لإضافة خطيئة إلى خطيئة فيكون ضالاً ومضلاً. والظاهر أن معنى هذه العبارة كمعنى قول كاتب رسالة العبرانيين «لئلا يطلع أصل مرارة... فيتنجس به كثيرون». وجاء في بعض كتب التفسير القديمة «ليضيف خطايا الضعف إلى خطايا الصلف والكبرياء». (والمتحصل من ذلك أن الريان هنا الذي أتى كثير الآثام حتى اكتفى بها اكتفاء الريّان بما جرع من الماء وبالعطشان الممتنع عن الآثام فيغويه حتى يهلكه مع الأول فيكون بذلك أضاف شراً إلى شر وإثماً إلى إثمٍ).

20 «مِثْلُ هٰذَا لاَ يَشَاءُ ٱلرَّبُّ أَنْ يَرْفُقَ بِهِ، بَلْ يُدَخِّنُ حِينَئِذٍ غَضَبُ ٱلرَّبِّ وَغَيْرَتُهُ عَلَى ذٰلِكَ ٱلرَّجُلِ، فَتَحِلُّ عَلَيْهِ كُلُّ ٱللَّعَنَاتِ ٱلْمَكْتُوبَةِ فِي هٰذَا ٱلْكِتَابِ، وَيَمْحُو ٱلرَّبُّ ٱسْمَهُ مِنْ تَحْتِ ٱلسَّمَاءِ».

حزقيال 14: 7 و8 مزمور 74: 1 مزمور 79: 5 وحزقيال 23: 25 ص 9: 14

يُدَخِّنُ حِينَئِذٍ غَضَبُ ٱلرَّبِّ (أي تظهر آيات توقده لأن الدخان علامة الاشتعال). جاء في سفر المزامير «لِمَاذَا يُدَخِّنُ غَضَبُكَ عَلَى غَنَمِ مَرْعَاكَ» (مزمور 74: 1).

فَتَحِلُّ عَلَيْهِ كُلُّ ٱللَّعَنَاتِ وفي العبرانية «تربض فيه كل اللعنات» أي تحلُّ عليه متمكنة كما يربض الوحش في وجاره وقد جاءت هذه الكلمة في (تكوين 4: 7).

21، 22 «21 وَيُفْرِزُهُ ٱلرَّبُّ لِلشَّرِّ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ حَسَبَ جَمِيعِ لَعَنَاتِ ٱلْعَهْدِ ٱلْمَكْتُوبَةِ فِي كِتَابِ ٱلشَّرِيعَةِ هٰذَا. 22 فَيَقُولُ ٱلْجِيلُ ٱلأَخِيرُ، بَنُوكُمُ ٱلَّذِينَ يَقُومُونَ بَعْدَكُمْ وَٱلأَجْنَبِيُّ ٱلَّذِي يَأْتِي مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ، حِينَ يَرَوْنَ ضَرَبَاتِ تِلْكَ ٱلأَرْضِ وَأَمْرَاضَهَا ٱلَّتِي يُمْرِضُهَا بِهَا ٱلرَّبُّ».

متّى 24: 51

يُفْرِزُهُ ٱلرَّبُّ لِلشَّرِّ... فَيَقُولُ ٱلْجِيلُ ٱلأَخِيرُ... ضَرَبَاتِ تِلْكَ ٱلأَرْضِ مما يجب أن يُنتبه له هنا أن خطية رجل واحد تمثل أنها تكبر وتنتشر حتى تشمل كل أرض إسرائيل وبهذا يتبين لك إمكان ما قيل في (ع 9) مما يُرى في بادئ الرأي محالاً. ويوضح هذا كل الإيضاح ما قيل في سفر الملوك الأول وهو قوله «يَسْتَأْصِلُ (الرب) إِسْرَائِيلَ عَنْ هٰذِهِ ٱلأَرْضِ ٱلصَّالِحَةِ... مِنْ أَجْلِ خَطَايَا يَرُبْعَامَ ٱلَّذِي أَخْطَأَ وَجَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ» (1ملوك 14: 15 و16). وقوله تعالى في سفر إرميا «أَدْفَعُهُمْ لِلْقَلَقِ فِي كُلِّ مَمَالِكِ ٱلأَرْضِ مِنْ أَجْلِ مَنَسَّى بْنِ حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، مِنْ أَجْلِ مَا صَنَعَ فِي أُورُشَلِيمَ» (إرميا 15: 4).

23 «كِبْرِيتٌ وَمِلْحٌ، كُلُّ أَرْضِهَا حَرِيقٌ، لاَ تُزْرَعُ وَلاَ تُنْبِتُ وَلاَ يَطْلُعُ فِيهَا عُشْبٌ مَا، كَٱنْقِلاَبِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَأَدْمَةَ وَصَبُويِيمَ ٱلَّتِي قَلَبَهَا ٱلرَّبُّ بِغَضَبِهِ وَسَخَطِهِ».

مزمور 107: 34 وإرميا 17: 6 وصفنيا 2: 9 تكوين 10: 19 و19: 24 و25 وإرميا 10: 16

قابل صفات هذه الأرض وهي أرض النقمة بصفاتها وهي أرض الميعاد وتأمل في الفرق العظيم (انظر ص 8: 7 - 9 وص 9: 12).

24، 25 «24 وَيَقُولُ جَمِيعُ ٱلأُمَمِ: لِمَاذَا فَعَلَ ٱلرَّبُّ هٰكَذَا بِهٰذِهِ ٱلأَرْضِ؟ لِمَاذَا حُمُوُّ هٰذَا ٱلْغَضَبِ ٱلْعَظِيمِ؟ 25 فَيَقُولُونَ: لأَنَّهُمْ تَرَكُوا عَهْدَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِ آبَائِهِمِ ٱلَّذِي قَطَعَهُ مَعَهُمْ حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ».

1ملوك 9: 8 و9 وإرميا 22: 8 و9

يَقُولُ جَمِيعُ ٱلأُمَمِ: لِمَاذَا الخ وقد مُثل شعب إسرائيل يسأل مثل هذا السؤال ففي نبوءة إرميا ما نصه «وَيَكُونُ حِينَ تَقُولُونَ: لِمَاذَا صَنَعَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا بِنَا كُلَّ هٰذِهِ؟ تَقُولُ لَهُمْ: كَمَا أَنَّكُمْ تَرَكْتُمُونِي وَعَبَدْتُمْ آلِهَةً غَرِيبَةً فِي أَرْضِكُمْ، هٰكَذَا تَعْبُدُونَ ٱلْغُرَبَاءَ فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَكُمْ» (إرميا 5: 19). قابل بهذا أيضاً تحذير سليمان بعد إكمال الهيكل.

26 «وَذَهَبُوا وَعَبَدُوا آلِهَةً أُخْرَى وَسَجَدُوا لَهَا. آلِهَةً لَمْ يَعْرِفُوهَا وَلاَ قُسِمَتْ لَهُمْ».

وَلاَ قُسِمَتْ لَهُمْ أو لم تُقسم لهم أي لم تمنحهم شيئاً (وهذا ما اختاره كثيرون. ومعنى المختار في ترجمتنا إن الآلهة التي عبدوها لم تكن آلهة من نصيبهم فإن الله هو المعبود الذي قُسم لهم فغادروه إلى ما لم يُقسم لهم أو عبدوه معه).

27، 28 «27 فَٱشْتَعَلَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ عَلَى تِلْكَ ٱلأَرْضِ حَتَّى جَلَبَ عَلَيْهَا كُلَّ ٱللَّعَنَاتِ ٱلْمَكْتُوبَةِ فِي هٰذَا ٱلسِّفْرِ. 28 وَٱسْتَأْصَلَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ أَرْضِهِمْ بِغَضَبٍ وَسَخَطٍ وَغَيْظٍ عَظِيمٍ، وَأَلْقَاهُمْ إِلَى أَرْضٍ أُخْرَى كَمَا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

دانيال 9: 11 و13 و14 و1ملوك 14: 15 و2أيام 7: 20 ومزمور 52: 5 وأمثال 2: 22

فَٱشْتَعَلَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ... وَٱسْتَأْصَلَهُمُ (غضب عليهم الرب غضباً شديداً مفنياً كالنار المشتعلة وأهلكهم عن الأرض كما تُهلك الشجرة بقطعها من أصلها عن تربتها). وجاء في سفر الملوك الأول ما نصه «يَسْتَأْصِلُ إِسْرَائِيلَ عَنْ هٰذِهِ ٱلأَرْضِ ٱلصَّالِحَةِ» (1ملوك 14: 15) وهذه العبارة تكثر في نبوءة إرميا.

29 «ٱلسَّرَائِرُ لِلرَّبِّ إِلٰهِنَا، وَٱلْمُعْلَنَاتُ لَنَا وَلِبَنِينَا إِلَى ٱلأَبَدِ، لِنَعْمَلَ بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هٰذِهِ ٱلشَّرِيعَةِ».

ٱلسَّرَائِرُ لِلرَّبِّ إِلٰهِنَا لم تظهر علاقة هذه الكلمات بما قبلها. وقال راشي إنها تتعلق بالتخيل المفهوم من الآية التاسعة عشرة وهو عبادة الأصنام سراً ويُعرف مثل ذلك بالخطايا المستترة (مزمور 19: 12). وثم قال على أثر ذلك «فإن قلت ما الحيلة أتعاقب الكثيرين على رذائل واحد كما قيل في (ع 18 و22) ومع هذا فهل من إنسان يعرف أسرار قريبه قلت لا أعاقبك على تلك الأسرار لأن السرائر للرب إلهنا وهو يعاقب عليها صاحبها ولكن المعلنات لنا ولبنينا لننزع الشر من وسطنا والكثيرون الذين لا يجتهدون في نزع الشر يعاقبهم على اجتهادهم في ذلك». ولكن الظاهر أن في تلك العبارة أكثر من ذلك فيجب أن نذكر أن موسى لم يقتصر على إعلان الشريعة لإسرائيل بل زاد على ذلك النبوءة ولا ريب في أن نبوءته تتضمن أكثر مما فهم وفوق ما قدر أن يفهم. ولعل هذا مما لم ينطوِ تحت قول الرسول في الأنبياء «باحثين أي وقت أو ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم». فإن كل تلك اللعنات كانت مما يأتي على إسرائيل ومع ذلك قد أبقى عهده معهم من جيل إلى جيل إلى نهاية العالم. ولا يجب أن يعرف موسى (وإن كان نبياً عظيماً) كل ما يكون لشعبه في الأيام الأخيرة. وإن كنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهر لم نعرف مستقبل إسرائيل تمام المعرفة فلا عجب أنه لم يعرفه الذين قبلنا بعصور كثيرة لأن «السرائر للرب إلهنا والمعلنات لنا ولبنينا إلى الأبد». فلم يبق بعد ذلك إلا أن يعملوا بقول المرنم «رجوت خلاصك يا رب ووصاياك عملت». وهذا على وفق قول موسى هنا «لنعمل بجميع كلمات هذه الشريعة».

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّلاَثُونَ

1 «وَمَتَى أَتَتْ عَلَيْكَ كُلُّ هٰذِهِ ٱلأُمُورِ، ٱلْبَرَكَةُ وَٱللَّعْنَةُ، ٱللَّتَانِ جَعَلْتُهُمَا قُدَّامَكَ، فَإِنْ رَدَدْتَ فِي قَلْبِكَ بَيْنَ جَمِيعِ ٱلأُمَمِ ٱلَّذِينَ طَرَدَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إِلَيْهِمْ».

ص 4: 29 و30 و1ملوك 28: 47 و48

مَتَى أَتَتْ عَلَيْكَ كُلُّ هٰذِهِ ٱلأُمُورِ، ٱلْبَرَكَةُ وَٱللَّعْنَةُ كانت اللعنة لم تزل عليهم ولكنه أبان لهم في هذا الأصحاح أنهم يمكن أن يرفعوها برجوعهم إلى الله وطاعتهم وصاياه.

فَإِنْ رَدَدْتَ فِي قَلْبِكَ (جواب هذا الشرط الآية الثالثة وترجم بعضهم هذه العبارة بما معناه فإن عُدت إلى نفسك. وبعضهم بما معناه فإن دعوت إلى ذهنك أي تذكرت وانتبهت. والذي يوافق العبرانية هو ما في الترجمة العربية. ومفعول رددت محذوف والتقدير والله اعلم إن رددت لي سبي أو حقوقي في عزم قلبك. فيكون المعنى باعتبار الآية الثالثة أيضاً إن رددت لي سبي أي الطاعة لي التي سبيتها مني بإخلاص أرد عليك سبيك. وفي ذلك وعدٌ مانعٌ من اليأس وإعلان رحمة عظيمة).

2 «وَرَجَعْتَ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ وَسَمِعْتَ لِصَوْتِهِ حَسَبَ كُلِّ مَا أَنَا أُوصِيكَ بِهِ ٱلْيَوْمَ، أَنْتَ وَبَنُوكَ، بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ».

نحميا 1: 9 وإشعياء 55: 7 ومراثي إرميا 13: 40 ويوئيل 2: 12 و13

(الظاهر أن هذه الآية تفسير لقوله في الآية الأولى «فإن رددت في قلبك»).

3 «يَرُدُّ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ سَبْيَكَ وَيَرْحَمُكَ، وَيَعُودُ فَيَجْمَعُكَ مِنْ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ بَدَّدَكَ إِلَيْهِمِ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

لاويين 26: 40 الخ وص 28 ومزمور 106: 45 و126: 1 و4 وإرميا 29: 14 ومراثي إرميا 3: 22 و32 مزمور 147: 2 وإرميا 32: 37 وحزقيال 34: 13 و36: 24

يَرُدُّ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ سَبْيَكَ (يستلزم هذا أنهم لا بد من أن يُسبوا لمعصيتم وإن الله يرد سبيهم برحمته إذا رجعوا إليه). والفعل لا يدل في العبرانية على أن الله يرد سبيهم في حال رجوعهم إليه ولهذا قال علماء الربانيين اليهود «إن السكينة تبقى على إسرائيل على نوع ما مدة الضيق في سبيهم ولكنهم لا بد من أن يُفدوا وأشار إلى أنه يكون معهم في سبيهم ويفديهم ويرجع معه». وإنه فوق ذلك إن يوم جمع السبي يوم عظيم تحف به المصاعب لأن الرب نفسه يكون هناك ويأخذ كل إنسان بيده من مكانه على وفق قوله «وَأَنْتُمْ تُلْقَطُونَ وَاحِداً وَاحِداً يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ» (إشعياء 27: 12). ومما يحسن أن يُذكر هنا إن هذا الفعل استُعمل في شأن موآب (إرميا 48: 47). وأقل ما يترتب على هذا إن اليهود يرون هذه النبوءة من النبوءات التي تتم بعد.

4 «إِنْ يَكُنْ قَدْ بَدَّدَكَ إِلَى أَقْصَاءِ ٱلسَّمَاوَاتِ فَمِنْ هُنَاكَ يَجْمَعُكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، وَمِنْ هُنَاكَ يَأْخُذُكَ».

ص 28: 64 ونحميا 1: 9

إِنْ يَكُنْ قَدْ بَدَّدَكَ وفي الترجمة السبعينية «أن يكن تبديدك».

أَقْصَاءِ ٱلسَّمَاوَاتِ آثر مترجمو الترجمة السبعينية لهذه الآية قول السيد «مِنْ أَقْصَاءِ ٱلسَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا» (متّى 24: 31).

5 «وَيَأْتِي بِكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي ٱمْتَلَكَهَا آبَاؤُكَ فَتَمْتَلِكُهَا، وَيُحْسِنُ إِلَيْكَ وَيُكَثِّرُكَ أَكْثَرَ مِنْ آبَائِكَ».

إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي ٱمْتَلَكَهَا آبَاؤُكَ يصعب كل الصعوبة بيان أن تلك الأرض غير فلسطين. (قابل بهذا ما في إرميا 29: 13 و14 من أمر رد السبي الأول من بابل).

6 «وَيَخْتِنُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ قَلْبَكَ وَقَلْبَ نَسْلِكَ، لِكَيْ تُحِبَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ لِتَحْيَا».

ص 10: 16 وإرميا 32: 39 وحزقيال 11: 19 و36: 26

يَخْتِنُ... قَلْبَكَ (أي يزيل غرلة قلبك ص 10: 16 وهي ما في القلب من معصية الشريعة والشهوات الفاسدة والأهواء الخبيثة. وخلاصة ختان القلب التطهير).

7 «وَيَجْعَلُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ كُلَّ هٰذِهِ ٱللَّعَنَاتِ عَلَى أَعْدَائِكَ وَعَلَى مُبْغِضِيكَ ٱلَّذِينَ طَرَدُوكَ.

عَلَى أَعْدَائِكَ الخ (جزاء لهم على شرورهم فلا يظلمهم).

8، 9 «8 وَأَمَّا أَنْتَ فَتَعُودُ تَسْمَعُ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ وَتَعْمَلُ بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ، 9 فَيَزِيدُكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ خَيْراً فِي كُلِّ عَمَلِ يَدِكَ، فِي ثَمَرَةِ بَطْنِكَ وَثَمَرَةِ بَهَائِمِكَ وَثَمَرَةِ أَرْضِكَ. لأَنَّ ٱلرَّبَّ يَرْجِعُ لِيَفْرَحَ لَكَ بِٱلْخَيْرِ كَمَا فَرِحَ لآبَائِكَ».

ص 28: 11 ص 28: 63 وإرميا 32: 41

وَأَمَّا أَنْتَ فَتَعُودُ الخ مهما تمّ من أمور هذا العالم لم تحفظ الشريعة الإلهية حفظاً كاملاً وتدقيقات النظام التلمودي إنما هي في الظواهر لا في روحيات شريعة موسى وقلبياتها والمسيحيون لا يعترفون بوجوب الطاعة لشريعة سوى الشرائع الأدبية ولا يحسبون القيام بكل الرسوم الخارجية الطاعة الكاملة فإذ أتم اليهود الشريعة الجوهرية عادوا إلى مجدهم لا محالة وكثر أولادهم وبهائمهم وغلال أرضهم. (ولهم اليوم بسمع كلام الله في شأن ابنه يسوع المسيح والإيمان به كل الخيرات السماوية التي لا بد من التعزية والبركات الأرضية معها).

10 «إِذَا سَمِعْتَ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ لِتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ ٱلْمَكْتُوبَةَ فِي سِفْرِ ٱلشَّرِيعَةِ هٰذَا. إِذَا رَجَعْتَ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ».

إِذَا وفي الترجمة السبعينية «إن» والكلمة العبرانية تعني حينما أو لما أو إذا.

شريعة البرّ الذي هو من الإيمان (ع 11 - 14)

11 «إِنَّ هٰذِهِ ٱلْوَصِيَّةَ ٱلَّتِي أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ لَيْسَتْ عَسِرَةً عَلَيْكَ وَلاَ بَعِيدَةً مِنْكَ».

إشعياء 45: 19

إِنَّ هٰذِهِ ٱلْوَصِيَّةَ وفي العبرانية هذه المصوة أو المصفة أي الأمر الواجب أو صورة الطاعة للشريعة.

لَيْسَتْ عَسِرَةً عَلَيْكَ وفي بعض التراجم الأعجمية ليست خفية عليك وما في الترجمة العربية هو الحق (قابل ما في ص 17: 8 بما في مزمور 139: 6).

12 «لَيْسَتْ هِيَ فِي ٱلسَّمَاءِ حَتَّى تَقُولَ: مَنْ يَصْعَدُ لأَجْلِنَا إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَيَأْخُذُهَا لَنَا وَيُسْمِعُنَا إِيَّاهَا لِنَعْمَلَ بِهَا؟».

رؤيا 10: 6 الخ

لَيْسَتْ هِيَ فِي ٱلسَّمَاءِ الخ قال بولس الرسول في ذلك «وَأَمَّا ٱلْبِرُّ ٱلَّذِي بِٱلإِيمَانِ فَيَقُولُ هٰكَذَا: لاَ تَقُلْ فِي قَلْبِكَ مَنْ يَصْعَدُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ؟ أَيْ لِيُحْدِرَ ٱلْمَسِيحَ» (رومية 10: 6).

13 «وَلاَ هِيَ فِي عَبْرِ ٱلْبَحْرِ حَتَّى تَقُولَ: مَنْ يَعْبُرُ لأَجْلِنَا ٱلْبَحْرَ وَيَأْخُذُهَا لَنَا وَيُسْمِعُنَا إِيَّاهَا لِنَعْمَلَ بِهَا؟».

وَلاَ هِيَ فِي عَبْرِ ٱلْبَحْرِ قال بولس الرسول «وَأَمَّا ٱلْبِرُّ ٱلَّذِي بِٱلإِيمَانِ فَيَقُولُ... مَنْ يَهْبِطُ إِلَى ٱلْهَاوِيَةِ؟ (أَيْ لِيُصْعِدَ ٱلْمَسِيحَ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ)» (رومية 10: 6 و7). والمقصود بعبر البحر هنا الأرض التي وراء الأوقيانوس على ما يُفهم من ترجمة السبعين وأما ما يُفهم من قول بولس فهو ما تحت البحر إلى الهاوية. ولا أحد بلغ هذا العبر سوى يونان وعلى ذلك قوله «صَرَخْتُ مِنْ جَوْفِ ٱلْهَاوِيَةِ... طَرَحْتَنِي فِي ٱلْعُمْقِ فِي قَلْبِ ٱلْبِحَارِ... نَزَلْتُ إِلَى أَسَافِلِ ٱلْجِبَالِ. مَغَالِيقُ ٱلأَرْضِ عَلَيَّ» (يونان 2: 2 - 6) فكان نزول يونان إلى ذلك العبر أو العمق رمزاً إلى نزول المسيح إلى الهاوية.

14 «بَلِ ٱلْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ جِدّاً، فِي فَمِكَ وَفِي قَلْبِكَ لِتَعْمَلَ بِهَا».

بَلِ ٱلْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ الفرق بين تفسير اليهود لهذه الآية وتفسير المسيحيين لها بعيد جداً. قال راشي في تفسيرها «أي الكلمة وهي الشريعة التي أعطيتها في الكتاب والتقليد» (كتابة وشفاهاً) لكن بولس الرسول قال: لكن ماذا يقول (أي البر الذي بالإيمان انظر رومية 10: 6) الكلمة قريبة منك في فمك وفي قلبك أي كلمة الإيمان التي نكرز بها «لأَنَّكَ إِنِ ٱعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ ٱللّٰهَ أَقَامَهُ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ» (رومية 10: 8 - 10). ومما يستحق الالتفات إليه هنا أن بولس هنا قابل بر الإيمان ببر الناموس وأثبت أنهما كليهما في الأسفار الخمسة فقال في بر الناموس على ما كتب موسى «إن الإنسان الذي يفعلها سيحيا بها» وهذا مقتبس من (لاويين 18: 5 وفي ص 6: 25 ما يشبه ذلك. فأقام الرسول البرهان الجلي على أن عهد ص 28 و29 قُصد به الإرشاد إلى طريق الخلاص من نقطة تختلف عن نقطة النظر إلى عهد سيناء وهو غير العهد الذي وضعه في حوريب. ولا نعني بذلك أن إلى الخلاص طريقين مختلفتين فإن وصايا الله العشر نفسها تبتدئ (كالعهد الجديد) بالقول «أنا الرب إلهك» ولكنها تخالف العهد الجديد في أن ليس فيها ما يُقدر إسرائيل على حفظها الناشئ عن النسبة. فالعهد الجديد أثبت النسبة ولم يكتف بذلك بل أعد الوسائل التي مكن الناس بها أن يستحقوا الخلاص وهي مضمون قوله تعالى «أضع شرائعي في ذهنهم واكتبها في قلبهم» (انظر تفسير ص 29: 13).

15 - 19 «15 اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ ٱلْيَوْمَ قُدَّامَكَ ٱلْحَيَاةَ وَٱلْخَيْرَ، وَٱلْمَوْتَ وَٱلشَّرَّ، 16 بِمَا أَنِّي أَوْصَيْتُكَ ٱلْيَوْمَ أَنْ تُحِبَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ وَتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ وَتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ وَأَحْكَامَهُ لِتَحْيَا وَتَنْمُوَ وَيُبَارِكَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا. 17 فَإِنِ ٱنْصَرَفَ قَلْبُكَ وَلَمْ تَسْمَعْ، بَلْ غَوَيْتَ وَسَجَدْتَ لآلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدْتَهَا، 18 فَإِنِّي أُنْبِئُكُمُ ٱلْيَوْمَ أَنَّكُمْ لاَ مَحَالَةَ تَهْلِكُونَ. لاَ تُطِيلُ ٱلأَيَّامَ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتَ عَابِرٌ ٱلأُرْدُنَّ لِتَدْخُلَهَا وَتَمْتَلِكَهَا. 19 أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ ٱلسَّمَاءَ وَٱلأَرْضَ. قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ ٱلْحَيَاةَ وَٱلْمَوْتَ. ٱلْبَرَكَةَ وَٱللَّعْنَةَ. فَٱخْتَرِ ٱلْحَيَاةَ لِتَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ».

ص 11: 26 وع 1 و19 ص 4: 26 و8: 19 ص 4: 26 و31: 28 ع 15

هذه الآيات بمعنى ما قبلها وتأكيد له.

20 «إِذْ تُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ وَتَسْمَعُ لِصَوْتِهِ وَتَلْتَصِقُ بِهِ، لأَنَّهُ هُوَ حَيَاتُكَ وَٱلَّذِي يُطِيلُ أَيَّامَكَ لِتَسْكُنَ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي حَلَفَ ٱلرَّبُّ لآبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا».

مزمور 27: 1 و66: 9 ويوحنا 11: 25

هُوَ حَيَاتُكَ وَٱلَّذِي يُطِيلُ أَيَّامَكَ وصورة هذا في العهد الجديد قول الفادي العظيم «أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيّاً وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى ٱلأَبَدِ» (يوحنا 11: 25 و 26).

اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلثَّلاَثُونَ

تنازل موسى ليشوع عن كونه قائداً (ع 1 - 8)

1 «فَذَهَبَ مُوسَى وَكَلَّمَ بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ».

فَذَهَبَ مُوسَى وَكَلَّمَ قوله «ذهب» في مثل هذا المقام نادر والمرجح أن معناه أخذ يكلم أو شرع. وفي الترجوم الفلسطيني ما يفيد الذهاب حقيقة إذ قيل فيه «فذهب موسى إلى بيت التعليم وكلم». وفي ترجمة السبعين «وختم موسى كلامه بهذه الكلمات» (وهذا يشبه قوله في ص 32: 45).

2 «وَقَالَ لَهُمْ: أَنَا ٱلْيَوْمَ ٱبْنُ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً. لاَ أَسْتَطِيعُ ٱلْخُرُوجَ وَٱلدُّخُولَ بَعْدُ، وَٱلرَّبُّ قَدْ قَالَ لِي: لاَ تَعْبُرُ هٰذَا ٱلأُرْدُنَّ».

خروج 7: 7 وص 34: 7 عدد 27: 17 و1ملوك 3: 7 عدد 20: 12 و27: 13 وص 3: 27

أَنَا ٱلْيَوْمَ ٱبْنُ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً. لاَ أَسْتَطِيعُ ٱلْخُرُوجَ وَٱلدُّخُولَ ووصف موسى عند موته في هذا السن بأنه «لَمْ تَكِلَّ عَيْنُهُ وَلاَ ذَهَبَتْ نَضَارَتُهُ» (ص 34: 7). والظاهر أنه وجد من نفسه أن عمله قد انتهى فكان مضمون عبارته قد أُخذ مني السلطان الراعوي وأعطيته يشوع بن نون. وهذا مناسب لقوله «والرب قد قال لي لا تعبر هذا الأردن».

3 «ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ هُوَ عَابِرٌ قُدَّامَكَ. هُوَ يُبِيدُ هٰؤُلاَءِ ٱلأُمَمَ مِنْ قُدَّامِكَ فَتَرِثُهُمْ. يَشُوعُ عَابِرٌ قُدَّامَكَ كَمَا قَالَ ٱلرَّبُّ».

ص 9: 3 عدد 27: 21 الخ وص 3: 28

ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ هُوَ عَابِرٌ قُدَّامَكَ... يَشُوعُ عَابِرٌ قُدَّامَكَ لم يفرق هنا بين الرب ويشوع. وهذا يشبه قول يعقوب «ٱللّٰهُ ٱلَّذِي رَعَانِي مُنْذُ وُجُودِي إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ ٱلْمَلاَكُ ٱلَّذِي خَلَّصَنِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ» (تكوين 48: 15 و16) فلم يفرّق بين الله والملاك. والخلاصة أن يشوع كان رمزاً إلى يسوع المسيح فيجب الانتباه لهذا الأمر وحفظه أحسن حفظ.

4 «وَيَفْعَلُ ٱلرَّبُّ بِهِمْ كَمَا فَعَلَ بِسِيحُونَ وَعُوجَ مَلِكَيِ ٱلأَمُورِيِّينَ ٱللَّذَيْنِ أَهْلَكَهُمَا وَبِأَرْضِهِمَا».

عدد 21: 24 و23 وص 3: 21

كَمَا فَعَلَ بِسِيحُونَ وَعُوجَ كان هذان الانتصاران اللذان فاز بهما الإسرائيليون قبل عبور الأردن من أحسن المشجعات لهم على الاستيلاء على أرض الميعاد ولهذا كثر ذكرهما عندهم.

5 «فَمَتَى دَفَعَهُمُ ٱلرَّبُّ أَمَامَكُمْ تَفْعَلُونَ بِهِمْ حَسَبَ كُلِّ ٱلْوَصَايَا ٱلَّتِي أَوْصَيْتُكُمْ بِهَا».

ص 7: 2

حَسَبَ كُلِّ ٱلْوَصَايَا وفي الأصل العبراني حسب كل الوصية وهي مبدأ العمل.

6 «تَشَدَّدُوا وَتَشَجَّعُوا. لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْهَبُوا وُجُوهَهُمْ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ سَائِرٌ مَعَكَ. لاَ يُهْمِلُكَ وَلاَ يَتْرُكُكَ».

يشوع 10: 25 و1أيام 22: 13 ص 1: 29 و7: 18 ص 20: 4 يشوع 1: 5 وعبرانيين 13: 5

تَشَدَّدُوا وَتَشَجَّعُوا. لاَ تَخَافُوا ما قيل لكل الإسرائيليين هنا قيل ليشوع وحده في الآية الآتية.

7، 8 «7 فَدَعَا مُوسَى يَشُوعَ، وَقَالَ لَهُ أَمَامَ أَعْيُنِ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ: تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ لأَنَّكَ أَنْتَ تَدْخُلُ مَعَ هٰذَا ٱلشَّعْبِ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ لآبَائِهِمْ أَنْ يُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا. وَأَنْتَ تَقْسِمُهَا لَهُمْ. 8 وَٱلرَّبُّ سَائِرٌ أَمَامَكَ. هُوَ يَكُونُ مَعَكَ. لاَ يُهْمِلُكَ وَلاَ يَتْرُكُكَ. لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ».

خروج 13: 21 و22 و32: 14 وص 9: 3 يشوع 1: 5 و9 و1أيام 28: 20

فَدَعَا مُوسَى يَشُوعَ ليوليه أن يقود بني إسرائيل بعد عبور الأردن كما أشار إلى ذلك في (ع 3).

لاَ يُهْمِلُكَ وَلاَ يَتْرُكُكَ كرر هذا الكلام للتقرير والتوكيد وقاله الرب نفسه (يشوع 1: 5) تقوية لثقة يشوع وتشجيعاً له أحسن تشجيع.

تولية موسى الكهنة العناية بالشريعة باعتبار أنه الشارع (ع 9 - 13)

9 - 11 «9 وَكَتَبَ مُوسَى هٰذِهِ ٱلتَّوْرَاةَ وَسَلَّمَهَا لِلْكَهَنَةِ بَنِي لاَوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ ٱلرَّبِّ، وَلِجَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ. 10 وَأَمَرَهُمْ مُوسَى: فِي نِهَايَةِ ٱلسَّبْعِ ٱلسِّنِينَ، فِي مِيعَادِ سَنَةِ ٱلإِبْرَاءِ، فِي عِيدِ ٱلْمَظَالِّ، 11 حِينَمَا يَجِيءُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ لِيَظْهَرُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ، تَقْرَأُ هٰذِهِ ٱلتَّوْرَاةَ أَمَامَ كُلِّ إِسْرَائِيلَ فِي مَسَامِعِهِمْ».

ص 17: 18 وع 25 عدد 4: 15 ويشوع 3: 3 و1أيام 15: 12 و15 ص 15: 1 لاويين 23: 34 ص 16: 16 يشوع 8: 34 و35 و2ملوك 23: 2 ونحميا 8: 1 إلى 3 الخ

وَكَتَبَ مُوسَى هٰذِهِ ٱلتَّوْرَاةَ وَسَلَّمَهَا لِلْكَهَنَةِ... وَأَمَرَهُمْ... تَقْرَأُ هٰذِهِ ٱلتَّوْرَاةَ يجب أن يميز بين تسليم الكتاب للاويين في ع 25 و26 وتسليمه هنا. فيجب أن يُفهم من تسليمه هنا وكل موسى العناية بالشريعة إلى الكهنة فكلفهم بقراءة الشريعة وتعليم الشعب. وهذا كان عمل الكهنة الخاص. وقيل هنا أنهم «حاملوا تابوت العهد» لا لأنهم كانوا يحملونه دائماً بل لأنهم كانوا مكلفين به (وإن كانوا يحملونه أحياناً يشوع ص 3) كما كانوا مكلفين بإعلان الشريعة وإيضاحها (ص 17: 9). وهذا تمييز آخر بين الكهنة واللاويين في سفر التثنية.

وأما قوله «في نهاية السبع السنين في ميعاد سنة الإبراء في عيد المظال... تقرأ هذه التوراة» فقد ذكر إتمامه في يشوع 8: 34 و35 بقراءة التوراة وفي عيد المظال أيضاً (نحميا ص 8). والذي كان يقرأ خصوصاً سفر التثنية كما يظهر من التآليف التلمودية وكان يقرأه الملك زمن صار لهم ملوك وكانوا يبتدئون يقرأونه من الآية الأولى من الأصحاح الأول وأوله «هذا هو الكلام». وعلى هذا قيل في تاريخ اليهود أن أغريبا بكى حين وصل بقراءته إلى ص 17: 15 وهو قوله لا يحل لك أن تجعل عليك رجلاً أجنبيا لكن اليهود قالوا له لا تخف يا أغريبا أنت أخونا وحينئذ أكمل القراءة. وكان يقرأ على منبر أمام الهيكل. ومن هذا يتبين جلياً إن الذي كان يقرأه سفر التثنية.

12، 13 «12 اِجْمَعِ ٱلشَّعْبَ، ٱلرِّجَالَ وَٱلنِّسَاءَ وَٱلأَطْفَالَ وَٱلْغَرِيبَ ٱلَّذِي فِي أَبْوَابِكَ، لِيَسْمَعُوا وَيَتَعَلَّمُوا أَنْ يَتَّقُوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ وَيَحْرَصُوا أَنْ يَعْمَلُوا بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هٰذِهِ ٱلتَّوْرَاةِ. 13 وَأَوْلاَدُهُمُ ٱلَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا يَسْمَعُونَ وَيَتَعَلَّمُونَ أَنْ يَتَّقُوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ كُلَّ ٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي تَحْيَونَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ ٱلأُرْدُنَّ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا».

ص 4: 10 ص 11: 2 مزمور 78: 6 و7

وَأَوْلاَدُهُمُ ... يَسْمَعُونَ يفهم من هذا أنه لم يكن عند اليهود نسخ كثيرة من التوراة يومئذ ولهذا وجب عليهم أن يحفظوا التوراة وأن يضعوها في قلوبهم ليعلّموها أطفالهم وسائر أولادهم.

تعيين الله يشوع مكان موسى (ع 14 - 23)

14، 15 «14 وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: هُوَذَا أَيَّامُكَ قَدْ قَرُبَتْ لِتَمُوتَ. اُدْعُ يَشُوعَ، وَقِفَا فِي خَيْمَةِ ٱلاجْتِمَاعِ لِكَيْ أُوصِيَهُ. فَٱنْطَلَقَ مُوسَى وَيَشُوعُ وَوَقَفَا فِي خَيْمَةِ ٱلاجْتِمَاعِ، 15 فَتَرَاءَى ٱلرَّبُّ فِي ٱلْخَيْمَةِ فِي عَمُودِ سَحَابٍ، وَوَقَفَ عَمُودُ ٱلسَّحَابِ عَلَى بَابِ ٱلْخَيْمَةِ».

عدد 27: 13 وص 34: 5 عدد 27: 19 وع 23 خروج 33: 9

أَيَّامُكَ قَدْ قَرُبَتْ لِتَمُوتَ. اُدْعُ يَشُوعَ الذي قاله موسى أمام الشعب (ع 1 - 8) صدقه الرب ليشوع وموسى.

فَٱنْطَلَقَ مُوسَى وَيَشُوعُ لنا أن نقابل بهذا ما ذُكر في سفر العدد من أن هارون والعازار صعدا إلى جبل هور لنقل الكهنوت من أحدهما إلى الآخر (عدد 20: 25 - 28). وما ذُكر في سفر الملوك الثاني من أن إيليا وأليشع ذهبا إلى الأردن على قرب عروج إيليا إلى السماء لإقامة أليشع خليفة له (2ملوك ص 2). وفي هذه الآية ذكر آخر مقابلة الرب لموسى وجهاً لوجه في الخيمة والمقابلة الثانية كانت على جبل نبو والتي تليها وراء الحجاب.

16 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: هَا أَنْتَ تَرْقُدُ مَعَ آبَائِكَ، فَيَقُومُ هٰذَا ٱلشَّعْبُ وَيَفْجُرُ وَرَاءَ آلِهَةِ ٱلأَجْنَبِيِّينَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي هُوَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا فِي مَا بَيْنَهُمْ، وَيَتْرُكُنِي وَيَنْكُثُ عَهْدِي ٱلَّذِي قَطَعْتُهُ مَعَهُ».

2صموئيل 7: 12 خروج 32: 6 خروج 34: 15 وقضاة 2: 17 ص 32: 15 وقضاة 2: 12 و10: 6 و13 قضاة 2: 20

هَا أَنْتَ تَرْقُدُ مَعَ آبَائِكَ، فَيَقُومُ هٰذَا ٱلشَّعْبُ وَيَفْجُرُ النبوءة بأن بني إسرائيل يتركون الرب وينقضون ميثاقه مما يستحق كل التأمل بالنظر إلى عناية الله بهم باعتبار كونهم أمة. فإن هذا من جملة براهين الكتاب المقدس على أن خالقنا ليس كمن ذكر في مثل الرب وهو قوله «مَنْ مِنْكُمْ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بُرْجاً لاَ يَجْلِسُ أَوَّلاً وَيَحْسِبُ ٱلنَّفَقَةَ، هَلْ عِنْدَهُ مَا يَلْزَمُ لِكَمَالِهِ» (لوقا 14: 28). فإنه تبارك وتعالى لما أراد أن يختار إسرائيل شعباً علم أنهم يضلون وأعد الهدى لهم قبل الضلال كما أنه لما قال «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» أعد قبلاً كل ما يحفظ ذلك الشبه فينا وهو كل ما عمله يسوع المسيح من أجلنا. فالسقوط أُنبئ به في الأصحاح الثالث من سفر التكوين والفداء أُنبئ به بالرمز في الأصحاح الثاني من ذلك السفر. والله أدخل الإسرائيليين أرض كنعان وهو عالم كل العلم بما يصيرون إليه في تلك الأرض.

17 «فَيَشْتَعِلُ غَضَبِي عَلَيْهِ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، وَأَتْرُكُهُ وَأَحْجُبُ وَجْهِي عَنْهُ، فَيَكُونُ مَأْكُلَةً، وَتُصِيبُهُ شُرُورٌ كَثِيرَةٌ وَشَدَائِدُ حَتَّى يَقُولَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ: أَمَا لأَنَّ إِلٰهِي لَيْسَ فِي وَسَطِي أَصَابَتْنِي هٰذِهِ ٱلشُّرُورُ!».

2أيام 15: 2 ص 32: 20 ومزمور 104: 29 وإشعياء 8: 17 و64: 7 وحزقيال 39: 23 عدد 14: 9 ونحميا 9: 32 عدد 14: 42 قضاة 6: 13

أَمَا لأَنَّ إِلٰهِي لَيْسَ فِي وَسَطِي أَصَابَتْنِي هٰذِهِ ٱلشُّرُورُ إن الإسرائيليين يعترفون بهذا بكل إخلاص في هذه الأيام.

18 «وَأَنَا أَحْجُبُ وَجْهِي فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ لأَجْلِ جَمِيعِ ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي عَمِلَهُ، إِذِ ٱلْتَفَتَ إِلَى آلِهَةٍ أُخْرَى».

ع 17

أَحْجُبُ وَجْهِي «حتى كأني لا أراهم في ضيقهم» (راشي).

19 «فَٱلآنَ ٱكْتُبُوا لأَنْفُسِكُمْ هٰذَا ٱلنَّشِيدَ، وَعَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِيَّاهُ. ضَعْهُ فِي أَفْوَاهِهِمْ لِيَكُونَ لِي هٰذَا ٱلنَّشِيدُ شَاهِداً عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ».

ع 26

ضَعْهُ فِي أَفْوَاهِهِمْ لِيَكُونَ لِي هٰذَا ٱلنَّشِيدُ شَاهِداً كان هذا من وسائل إدامة الحق في تلك العصور وكان في ذلك خيراً من الكتاب المكتوب لكثرة دوران الأغاني على الألسنة بالنظر إلى أحوال الإسرائيليين في الحقب الخالية فإنه كان يتعذر يومئذ أن يكون لكل واحد منهم نسخة من التوراة وأن يكون كل منهم يحسن القراءة ولكنه كان من السهل على كل واحد أن يحفظ ذلك النشيد فيكون ذكراً للجميع. ولنا سبب كاف للحكم بأن صموئيل أول من رتب قوانين التعليم الديني في إسرائيل واتخذ لذلك ما اتخذه موسى بأنه أمر بحفظ المزامير والأغاني الروحية. وكان جماعات من الأنبياء منشدين ومرنمين (انظر 1صموئيل 10: 5 و6 و19: 20 - 24). وكانت الأغاني وتوقيع الألحان من أشد المؤثرات في نفس شاول. ولا ريب في أن ما تعلّمه اليهود في زمن صموئيل وداود من الأغاني الروحية والمزامير ولا سيما المزامير التاريخية كالمزمور الثامن والسبعين والمئة والخامس والمئة والسادس كان من أحسن وسائل نشر معرفة الله في أرض إسرائيل.

20 «لأَنِّي أُدْخِلُهُمُ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَقْسَمْتُ لآبَائِهِمِ، ٱلْفَائِضَةَ لَبَناً وَعَسَلاً، فَيَأْكُلُونَ وَيَشْبَعُونَ وَيَسْمَنُونَ، ثُمَّ يَلْتَفِتُونَ إِلَى آلِهَةٍ أُخْرَى وَيَعْبُدُونَهَا وَيَزْدَرُونَ بِي وَيَنْكُثُونَ عَهْدِي».

ص 32: 15 ونحميا 9: 25 و26 وهوشع 13: 6 ع 16

فَيَأْكُلُونَ وَيَشْبَعُونَ وَيَسْمَنُونَ، ثُمَّ يَلْتَفِتُونَ إِلَى آلِهَةٍ أُخْرَى نظم موسى ذلك فقال «فَسَمِنَ يَشُورُونَ وَرَفَسَ. سَمِنْتَ وَغَلُظْتَ وَٱكْتَسَيْتَ شَحْماً! فَرَفَضَ ٱلإِلٰهَ ٱلَّذِي عَمِلَهُ، وَغَبِيَ عَنْ صَخْرَةِ خَلاَصِهِ» (ص 32: 15).

21 «فَمَتَى أَصَابَتْهُ شُرُورٌ كَثِيرَةٌ وَشَدَائِدُ، يُجَاوِبُ هٰذَا ٱلنَّشِيدُ أَمَامَهُ شَاهِداً، لأَنَّهُ لاَ يُنْسَى مِنْ أَفْوَاهِ نَسْلِهِ. إِنِّي عَرَفْتُ فِكْرَهُ ٱلَّذِي يُفَكِّرُ بِهِ ٱلْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ أُدْخِلَهُ إِلَى ٱلأَرْضِ كَمَا أَقْسَمْتُ».

ع 17 هوشع 5: 3 و13: 5 و6 عاموس 5: 25 و26

هٰذَا ٱلنَّشِيدُ... لاَ يُنْسَى مِنْ أَفْوَاهِ نَسْلِهِ ولم يُنس إلى هذا اليوم. ولا يزال هذا النشيد من أحب الأغاني إلى العبرانيين إلى هذه الساعة ومن أحسن ما يُعتبر من الشعر العبراني عند جميع من يعلمون. ورأى راشي المفسر المشهور أن ذلك وعد لإسرائيل بأن نسله لا ينسى الشريعة كل النسيان.

إِنِّي عَرَفْتُ فِكْرَهُ عرف هنا ترجمة «يصر» في العبرانية وهو فعل يستعمل لمعرفة الأخلاق الطبية والأخلاق الخبيثة عند رباني اليهود. واستُعمل في (تكوين 6: 5 و8: 21) ومع هذا حمل الله بلعام على أن يقول «لَمْ يُبْصِرْ إِثْماً فِي يَعْقُوبَ، وَلاَ رَأَى سُوءاً فِي إِسْرَائِيلَ» (عدد 23: 21). (وكان ذلك حقاً لأن الله أحب إسرائيل والحب يغطي العيوب ولا يجعل المحب يشعر بتعب في العناية بالمحبوب ولا ريب في أن الله كان يرى شعبه باراً بناء على أن المسيح يحمل خطايا العالم ويطهّر مختاريه من الإثم). قابل بهذا قوله «لأَنَّ ٱلرَّبَّ يَفْحَصُ جَمِيعَ ٱلْقُلُوبِ وَيَفْهَمُ كُلَّ تَصَوُّرَاتِ ٱلأَفْكَارِ» (1أيام 28: 9). وقوله «لأَنَّهُ (أي الرب) يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ» (مزمور 103: 14).

22 «فَكَتَبَ مُوسَى هٰذَا ٱلنَّشِيدَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ وَعَلَّمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِيَّاهُ».

فَكَتَبَ مُوسَى هٰذَا ٱلنَّشِيدَ... وَعَلَّمَ نظم النشيد بوحي الله وكتبه ولم يقتصر على ذلك بل علّمه.

23 «وَأَوْصَى يَشُوعَ بْنَ نُونَ وَقَالَ: تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ لأَنَّكَ أَنْتَ تَدْخُلُ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَقْسَمْتُ لَهُمْ عَنْهَا، وَأَنَا أَكُونُ مَعَكَ».

ع 14 ع 7 ويشوع 1: 6

وَأَوْصَى يَشُوعَ أي الرب أوصاه لا موسى. وهذا أول نبإ بمخاطبة الله ليشوع بن نون. وكان يشوع مع موسى على الجبل مدة الأربعين يوماً الأولى ولم يخرج من الخيمة بعد أن نزلا من الجبل (خروج 24: 13 و33: 11). ولكن لم نعلم إن الله خاطب يشوع منفرداً عن موسى قبل ما هنا. وقد أثبت أن يشوع قائد إسرائيل.

تَشَدَّدْ أي كن شديداً أي قوياً (قابل بهذا يشوع 1: 2 و6).

إعطاء موسى كتاب التوراة للاويين (ع 24 - 28)

24 «فَعِنْدَمَا كَمَّلَ مُوسَى كِتَابَةَ كَلِمَاتِ هٰذِهِ ٱلتَّوْرَاةِ فِي كِتَابٍ إِلَى تَمَامِهَا».

ع 9

فَعِنْدَمَا كَمَّلَ مُوسَى كِتَابَةَ أي عندما فرغ من كتابة كل الأسفار الخمسة التي هي التوراة لا سفر التثنية وحده ومن جملة ذلك النشيد المذكور في (ع 22) والمرجّح أن النشيد هو آخر التوراة وآخر سفر التثنية الذي كتبه موسى وإن ما بقي كتبه يشوع.

فِي كِتَابٍ أي سفر مدروج كالأسطوانة وعُرف ذلك بالدرج ولم تزل التوراة كذلك عند بني إسرائيل إلى هذا اليوم.

25 «أَمَرَ مُوسَى ٱللاَّوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ ٱلرَّبِّ».

ٱللاَّوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ ٱلرَّبِّ تأمل في هذا وقابل به (ع 9).

26، 27 «26 خُذُوا كِتَابَ ٱلتَّوْرَاةِ هٰذَا وَضَعُوهُ بِجَانِبِ تَابُوتِ عَهْدِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ، لِيَكُونَ هُنَاكَ شَاهِداً عَلَيْكُمْ. 27 لأَنِّي أَنَا عَارِفٌ تَمَرُّدَكُمْ وَرِقَابَكُمُ ٱلصُّلْبَةَ. هُوَذَا وَأَنَا بَعْدُ حَيٌّ مَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ قَدْ صِرْتُمْ تُقَاوِمُونَ ٱلرَّبَّ، فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ بَعْدَ مَوْتِي!».

2ملوك 22: 8 ع 19 ص 9: 24 و32: 20 خروج 32: 9 وص 9: 6

بِجَانِبِ تَابُوتِ الخ قال راشي «اختلف حكماء إسرائيل في مقالة (من مقالات التلمود) في موضع هذه التوراة فذهب بعضهم إلى أنه صفيحة أو لوح ناتئ من جانب التابوت وذهب آخرون إلى أنه موضع حذاء لوحي العهد في التابوت نفسه».

28 «اِجْمَعُوا إِلَيَّ كُلَّ شُيُوخِ أَسْبَاطِكُمْ وَعُرَفَاءَكُمْ لأَنْطِقَ فِي مَسَامِعِهِمْ بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ، وَأُشْهِدَ عَلَيْهِمِ ٱلسَّمَاءَ وَٱلأَرْضَ».

ص 30: 19 و32: 1

اِجْمَعُوا إِلَيَّ كُلَّ شُيُوخِ كذا أوصى يشوع الشيوخ في آخر أيامه (يشوع ص 23).

29 «لأَنِّي عَارِفٌ أَنَّكُمْ بَعْدَ مَوْتِي تَفْسِدُونَ وَتَزِيغُونَ عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ، وَيُصِيبُكُمُ ٱلشَّرُّ فِي آخِرِ ٱلأَيَّامِ لأَنَّكُمْ تَعْمَلُونَ ٱلشَّرَّ أَمَامَ ٱلرَّبِّ حَتَّى تُغِيظُوهُ بِأَعْمَالِ أَيْدِيكُمْ».

ص 32: 5 وقضاة 2: 19 وهوشع 9: 9 ص 28: 15 تكوين 49: 1 وص 4: 30

آخِرِ ٱلأَيَّامِ كثيراً ما جاء مثل هذه العبارة النبوية في الكتاب وأول ما ذُكرت في (تكوين 49: 1 انظر أيضاً عدد 24: 14 وص 4: 30). ورأى بعضهم أن المقصود بآخر الأيام هنا عصر المسيح واتخذها عبارة اصطلاح لذلك. ولكن من يمعن النظر من مقابلتها بأمثالها في الكتاب يرى أنها غير مقيدة بوقت مخصوص.

30 «فَنَطَقَ مُوسَى فِي مَسَامِعِ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ بِكَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّشِيدِ إِلَى تَمَامِهِ».

فَنَطَقَ مُوسَى... بِكَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّشِيدِ إن خروج بني إسرائيل من مصر إلى أرض الميعاد ابتدأ بنشيد موسى وانتهى بنشيده. ونشيد الخروج (خروج ص 15) عُرف بنشيد موسى أو ترنيمة موسى وظُنّ أنه هو المقصود بترنيمة موسى في سفر الرؤيا (رؤيا 15: 3 و4). ولكن الشبه قويٌ بين الترنيمة في (رؤيا 15: 3) والنشيد في (تثنية 32: 3 و4) كما سترى.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلثَّلاَثُونَ

1 «اُنْصُتِي أَيَّتُهَا ٱلسَّمَاوَاتُ فَأَتَكَلَّمَ، وَلْتَسْمَعِ ٱلأَرْضُ أَقْوَالَ فَمِي».

ص 4: 26 و30: 19 و31: 28 ومزمور 50: 4 وإشعياء 1: 2 وإرميا 2: 12 و6: 19

اُنْصُتِي أَيَّتُهَا ٱلسَّمَاوَاتُ الخ فاتحة هذا النشيد تكاد تكون فاتحة كلام إشعياء (انظر إشعياء 1: 2). (وأراد بالسموات والأرض كل العالمين).

2 «يَهْطِلُ كَٱلْمَطَرِ تَعْلِيمِي، وَيَقْطُرُ كَٱلنَّدَى كَلاَمِي. كَٱلطَّلِّ عَلَى ٱلْكَلإِ، وَكَالْوَابِلِ عَلَى ٱلْعُشْبِ».

إشعياء 55: 10 و11 و1كورنثوس 3: 6 إلى 8 مزمور 72: 6 وميخا 5: 7

تَعْلِيمِي أو علمي الذي تلقيته. وهذا قليل النظير في العبرانية لكنه من أجمل العبارات فيها. إن كل ما ينحدر من «أبي الأنوار» ينحدر مع رسول من السماء إلى آخر حتى يهبط على قلب البشر في أحسن الصور المناسبة لقبوله إياه. قال ابن الله «تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني». «أنا تكلمت بما رأيت عند أبي». وقال في الروح القدس «إنه يأخذ مما لي ويخبركم به». والرسل تكلموا بالكلام الذي علمهم الروح القدس إياه. ومعنى الآية إن التعليم الذي أعلنه والكلام الذي أنطق به من أسباب حياة العقول والقلوب كما أن المطر والندى من أسباب حياة الكلإ أي العشب. (فقوله كالطل والوابل على العشب بمعنى واحد والثاني مقرر للأول وهذا من خواص الشعر العبراني).

3 «إِنِّي بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ أُنَادِي. أَعْطُوا عَظَمَةً لإِلٰهِنَا».

1أيام 29: 11

الخبر في أول هذه الآية علة للأمر في آخرها. فالمعنى أنا أنادي باسم الرب لا سواه فعظموه أو عظموا من أتكلم باسمه وأنادي به لأنه هو إلهنا.

4 «هُوَ ٱلصَّخْرُ ٱلْكَامِلُ صَنِيعُهُ. إِنَّ جَمِيعَ سُبُلِهِ عَدْلٌ. إِلٰهُ أَمَانَةٍ لاَ جَوْرَ فِيهِ. صِدِّيقٌ وَعَادِلٌ هُوَ».

2صموئيل 22: 3 و23: 3 ومزمور 18: 2 و31 و46 وحبقوق 1: 12 و2صموئيل 22: 31 دانيال 4: 37 ورؤيا 15: 3 إرميا 10: 10 أيوب 34: 10 ومزمور 92: 15

هُوَ ٱلصَّخْرُ أي القوي المنيع وهذا التشبيه من المختصات بالعهد القديم في الأصل العبراني وكثيراً ما يُستعار لله ولم يُستعر فيه لإنسان. (واعتاد العرب أن يشبهوا القوي الثابت بصخرة الوادي وعليه قول المتنبي:

Table 3. 

أنا صخرة الوادي إذا ما زُوحمتوإذا نطقتُ فإنني الجوزاء    

والظاهر من الآية أن المقصود ما يقرب من هذا).

ورأى بعضهم أنه من أسماء الله وعلى ذلك ترجم في السبعينية بثاوس أي الله. ولكنها ترجمت الصخرة (بترا لا الصخر بتروس) بمعناها الأصلي. وأول ذكر الكلمة العبرانية المترجمة بالصخر هنا وهو «صور» («צור») في سفر الخروج (خروج 17: 6) حين ضرب موسى الصخرة في حوريب «وتلك الصخرة كانت المسيح» ومن ذلك الوقت نرى بعض أسماء قواد إسرائيل يتمضن هذا المعنى كاليصور أي إلهي صخرة وصور يشداي أي القدير صخرتي وفدهصور أي فداه الصخر أو مفدي بالصخرة (انظر عدد 1: 5 و6 و10). وهذا يحملني على اليقين أن المقصود بالصخرة (بترا) في إنجيل متّى (متّى 16: 18) ما فهمه بها اليهود أي الله وأنها لم يرد بها يسوع باعتبار أنه المسيح بل باعتبار أنه الله وليس غير هذا لمعنى يوافقها بمقتضى اصطلاح الكتاب المقدس.

وهذه الآية (أي ع 4) أربعة أشطر في العبرانية هكذا:

هو الصخر الكامل صنيعه

إن جميع سبله عدل

إله أمانة لا جور فيه

صديق وعادل هو

والشطر الأول موافقه المقرر الشطر الثالث والشطر الثاني موافقة المحقق الشطر الرابع.

5 «فَسَدُوا تِجَاهَهُ ٱلَّذِينَ هُمْ عَارٌ وَلَيْسُوا أَوْلاَدَهُ، جِيلٌ أَعْوَجُ مُلْتَوٍ».

ص 9: 12 و31: 29 متّى 17: 17 ولوقا 9: 41 وفيلبي 2: 15

فَسَدُوا تِجَاهَهُ الخ عسر فهم معنى هذه الآية على كثيرين بالنظر إلى الأصل العبراني مع بساطة كلماتها فيه. فكلماتها في العبرانية واضحة المعنى والعسر معنى المركب منها. والمعنى الصحيح أن الله اختار إسرائيل مصلحين لأنفسهم فكانوا مفسدين لها واختارهم أبناء فلم يكونوا كذلك بل التووا واعوجوا فلم يسلكوا في سنن الاستقامة. والمعنى التركيبي عيب الذين ليسوا بأولاده افسدهم فهم جيل أعوج ملتوٍ.

6 «هَلْ تُكَافِئُونَ ٱلرَّبَّ بِهٰذَا يَا شَعْباً غَبِيّاً غَيْرَ حَكِيمٍ؟ أَلَيْسَ هُوَ أَبَاكَ وَمُقْتَنِيَكَ، هُوَ عَمِلَكَ وَأَنْشَأَكَ».

مزمور 116: 12 إشعياء 63: 16 مزمور 74: 2 ع 15 وإشعياء 27: 11 و44: 2

هَلْ تُكَافِئُونَ ٱلرَّبَّ بِهٰذَا هذه الآية أربعة أشطر في العبرانية هكذا:

الرب تكافئون بهذا

يا شعباً غبياً غير حكيم

أليس هو أباك ومقتنيك

هو عملك وأنشأك

فالشكر الأول استفهام إنكاري للتوبيخ. ومقتنيك في الشطر الثالث من الفعل الذي نطقت به حواء عندما ولدت قايين (تكوين 4: 1) والفعل الذي ذكر في تاريخ الحكمة (أمثال 8: 22) وهو في قول الحكيم «الرب قناني أول طريقه».

7 «اُذْكُرْ أَيَّامَ ٱلْقِدَمِ، وَتَأَمَّلُوا سِنِي دَوْرٍ فَدَوْرٍ. اِسْأَلْ أَبَاكَ فَيُخْبِرَكَ، وَشُيُوخَكَ فَيَقُولُوا لَكَ».

خروج 13: 14 ومزمور 44: 1 و78: 3 و4

هذه الآية أيضاً أربعة أشطر هكذا:

اذكر أيام القدَم

تأملوا سني جيل فجيل

اسأل أباك فيخبرك

وشيوخك فيقولوا لك

(قال في الشطر الأول «اذكر» معتبراً الشعب جمعاً واحداً. وفي الشطر الثاني «تأملوا» معتبراً الشعب أفراداً. والكلام في الشطر الأول والثاني للشيوخ الذين شاهدوا الحوادث فأمرهم بذكرها والتأمل فيها. وفي الشطر الثالث والرابع للشبان والأحداث الذين لم يشاهدوا تلك الحوادث فأمرهم أن يسألوا الآباء والشيوخ عنها).

8، 9 «8 حِينَ قَسَمَ ٱلْعَلِيُّ لِلأُمَمِ، حِينَ فَرَّقَ بَنِي آدَمَ نَصَبَ تُخُوماً لِشُعُوبٍ حَسَبَ عَدَدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 9 إِنَّ قِسْمَ ٱلرَّبِّ هُوَ شَعْبُهُ. يَعْقُوبُ حَبْلُ نَصِيبِهِ».

زكريا 9: 2 وأعمال 17: 26 تكوين 11: 8 خروج 15: 16 و19: 5 و1صموئيل 10: 1 ومزمور 78: 71

(قابل بهاتين الآيتين ص 21: 16).

حِينَ فَرَّقَ بَنِي آدَمَ الإشارة هنا إلى تفرقهم على أثر بناء برج بابل. وانوا على قول اليهود سبعين أمة كانت ألسنتها سبعين إذ كان لكل أمة لسان على وفق عدد آل يعقوب حين ذهبوا إلى مصر. وقالوا إن المعنى هنا إن الله قسم الأرض للشعوب وترك محلاً لشعبه المختار فكان ميراثهم أرض الموعد حقاً لهم لم يظلموا به أحداً من الأمم ولهذا لم يأخذ الإسرائيليون أرض بني لوط وعيسو (ص 2). وأحسن من هذا التفسير تفسير بولس الرسول في قوله لأهل أثينا «ٱلإِلٰهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْعَالَمَ... وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ ٱلنَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ ٱلأَرْضِ، وَحَتَمَ بِٱلأَوْقَاتِ ٱلْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ، لِكَيْ يَطْلُبُوا ٱللّٰهَ» (أعمال 17: 24 - 27). فالناس وُزعوا هكذا في الأرض لكي يطلبوا الرب في كل حين فيلتفت إليهم وإن كان مع شعبه على نوع خاص فإنه يمكنهم أن يتلمسوه «فَيَجِدُوهُ، مَعَ أَنَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيداً. لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ. كَمَا قَالَ بَعْضُ شُعَرَائِكُمْ أَيْضاً: لأَنَّنَا أَيْضاً ذُرِّيَّتُهُ» (أعمال 17: 27 و28). ولهذا عُيّن لنا ميراثاً. وبهذا التصور تُرجم في السبعينية قوله «حسب عدد بني إسرائيل» (ع 8) بما نصه «حسب عدد ملائكة الله» فإن الإسرائيليين كانوا ملائكة أي رسلاً من الله إلى الأمم. فإنه اختار إسرائيل لنفسه نصيباً حتى يرث به العالم ومع هذه الدعوة المجيدة والإرسالية العظمى اتخذ الإسرائيليون المعصية نصيباً مع أن ذلك المقام السامي عُرض عليهم مجاناً فرفضوه.

10 «وَجَدَهُ فِي أَرْضِ قَفْرٍ، وَفِي خَلاَءٍ مُسْتَوْحِشٍ خَرِبٍ. أَحَاطَ بِهِ وَلاَحَظَهُ وَصَانَهُ كَحَدَقَةِ عَيْنِهِ».

ص 8: 15 وإرميا 2: 6 وهوشع 13: 5 ص 4: 36 مزمور 17: 8 وأمثال 7: 2 وزكريا 2: 8

هذه الآية من أحسن أنواع التمثيل وأفعاله في العبرانية مضارعة (يراد بها الدوام أو التجدد المتصل هكذا).

يجده في أرض قفرٍ

وفي خلاء مستوحش خربٍ

يحيط به ويلاحظه

ويصونه كإنسان عينه

وَجَدَهُ مثل هذه العبارة الجميلة كثير في كتاب العهد القديم وكتاب العهد الجديد وهي تدل على أن الله برحمته يُعلن نفسه للإنسان لكي يعرفه. ومن أمثال ذلك قوله في أمر هاجر «فَوَجَدَهَا مَلاَكُ ٱلرَّبِّ عَلَى عَيْنِ ٱلْمَاءِ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ» (تكوين 16: 7) وقول هوشع في يعقوب «وَجَدَهُ فِي بَيْتِ إِيلَ» (هوشع 12: 4) يوم قال يعقوب «حَقّاً إِنَّ ٱلرَّبَّ فِي هٰذَا ٱلْمَكَانِ وَأَنَا لَمْ أَعْلَمْ» (تكوين 28: 16). ومن أمثلة ذلك ما في أمثال الخروف الضال والدرهم المفقود والابن الشاطر (لوقا ص 15).

أَحَاطَ بِهِ قال راشي «جعلهم محيطين بمجده أي أنزلهم حول خيمة الاجتماع إذ كانوا في جهاتها الأربع» (قلت وهو تفسير على خلاف النص فإن الكلام نص بأن الإسرائيليين محاط بهم لا محيطون بمسكن المجد فالمعنى الصحيح أن الله كان سوراً لهم).

صَانَهُ كَحَدَقَةِ عَيْنِهِ (هذا تذييل وتقرير لقوله أحاط به. وفي الأصل العبراني كإنسان عينه بدل كحدقة عينه. والحدقة في اللغة العربية سواد العين الأعظم وإنسان العين المثال يُرى في سوادها ويُعرف بالبؤبؤ أيضاً ويُطلق على السواد الأصغر وهو المحيط بثقب العين الذي يدخله النور للإبصار من باب ذكر الحال وإرادة المحل).

11، 12 «11 كَمَا يُحَرِّكُ ٱلنَّسْرُ عُشَّهُ وَعَلَى فِرَاخِهِ يَرِفُّ، وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ وَيَأْخُذُهَا وَيَحْمِلُهَا عَلَى مَنَاكِبِهِ، 12 هٰكَذَا ٱلرَّبُّ وَحْدَهُ ٱقْتَادَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ إِلٰهٌ أَجْنَبِيٌّ».

خروج 19: 4 وص 1: 31 وإشعياء 31: 5 و46: 4 و63: 9 وهوشع 11: 3

كَمَا يُحَرِّكُ ٱلنَّسْرُ أي اعتنى الله بكم كما يعتني النسر بفراخه ويحسن العناية بها لقوته. وقد شرّف الله النسر بوصفه إياه تقدس وتعالى (أيوب 39: 27 - 30) وما يشبه هذا ويظهر عظيم العناية واللطف والمحبة قول مخلصنا الرحيم «كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ ٱلدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا» (لوقا 13: 34).

عَلَى فِرَاخِهِ يَرِفُّ وفي العبرانية «على جوزليو يرحف» أي على جوزله يرفّ. واستُعمل الجوزل لفرخ النسر وهو صحيح في العبرانية لكنه في العربية فرخ الحمام قبل أن ينبت ريشه ولذلك ترجمه المترجم بالفرخ. ومعنى قوله يرف يبسط جناحه لكن قال بعضهم المستعمل في العربية يرفرف والثلاثي لم يُستعمل. وجاء هذا الفعل في أول سفر التكوين في قوله «وروح الله يرف على المياه» ولكن الذي في العبرانية «مرحفة» أي رافة أو مرفرفة. والذي قال الثلاثي غير مستعمل الفيزوزبادي ولكن الجوهري وابن سيده قالا باستعماله ويؤيد قولهما قول عم ربن أبي ربيعة المخزومي القرشي وقريش أفصح العرب:

Table 4. 

قد جرى بالبين منها طائررف بالفرقة ثم ارتفعا    

قال بعضهم في ترجمة هذا الشاعر كان يقال إن العرب كانت تقر لقريش بالتقدم إلا في الشعر حتى كان ابن أبي ربيعة فأقرت له بالشعر أيضاً.

13، 14 «13 أَرْكَبَهُ عَلَى مُرْتَفَعَاتِ ٱلأَرْضِ فَأَكَلَ ثِمَارَ ٱلصَّحْرَاءِ، وَأَرْضَعَهُ عَسَلاً مِنْ حَجَرٍ، وَزَيْتاً مِنْ صَوَّانِ ٱلصَّخْرِ، 14 وَزُبْدَةَ بَقَرٍ وَلَبَنَ غَنَمٍ، مَعَ شَحْمِ خِرَافٍ وَكِبَاشٍ أَوْلاَدِ بَاشَانَ، وَتُيُوسٍ مَعَ دَسَمِ لُبِّ ٱلْحِنْطَةِ، وَدَمَ ٱلْعِنَبِ شَرِبْتَهُ خَمْراً».

ص 33: 29 وإشعياء 58: 14 وحزقيال 36: 2 أيوب 29: 6 ومزمور 81: 16 مزمور 81: 16 و147: 14 تكوين 49: 11

الأفعال كلها في هاتين الآيتين في صيغة المضارع في العبرانية ففيها «يركبه الخ».

مُرْتَفَعَاتِ ٱلأَرْضِ (رباها وجبالها الحصينة).

عَسَلاً مِنْ حَجَرٍ (كثيراً ما يجمع النحل العسل في نُقر الصخر إلى البرية كما يجمعه في الخلية).

زَيْتاً مِنْ صَوَّانِ ٱلصَّخْرِ (ينضر الزيتون في التربة الحجرة وتنتشر عروقه في شقوق الصخور).

دَسَمِ لُبِّ ٱلْحِنْطَةِ (وفي العبرانية «لب كُلى الحنطة» والمعنى لب الحنطة كالكلي في الشكل والحجم أو في الدسم. فالترجمة العربية معنوية. وفي الترجمة الانكليزية «شحم كلى الحنطة» والمعنى واحد. وفي مجموع التفسير للدكتور أليكوت) ترجم هذا التمثيل من العبرانية حرفياً فالكلى محاطة بأحسن شحم الحيوان وأوجبت الشريعة اللاوية أشد الإيجاب حفظ الشحم لمذبح الرب.

15 «فَسَمِنَ يَشُورُونَ وَرَفَسَ. سَمِنْتَ وَغَلُظْتَ وَٱكْتَسَيْتَ شَحْماً! فَرَفَضَ ٱلإِلٰهَ ٱلَّذِي عَمِلَهُ، وَغَبِيَ عَنْ صَخْرَةِ خَلاَصِهِ».

ص 33: 5 و26 وإشعياء 44: 2 و1صموئيل 2: 29 ص 31: 20 ونحميا 9: 25 ومزمور 17: 10 وإرميا 2: 7 و5: 7 و28 وهوشع 13: 6 ص 31: 16 وإشعياء 1: 4 ع 6 وإشعياء 51: 13 و2صموئيل 22: 47 ومزمور 89: 26 و95: 1

يَشُورُونَ المستقيم أو المحبوب. وهذه اللفظة لم ترد إلا في سفر التثنية (هنا وفي ص 33: 5 و26 وإشعياء 44: 2) والمقصود به في المعنيين الشعب الإسرائيلي لأنه كان مستقيماً بالنظر إلى الحق الذي عنده ومحبوباً لأن الله أحبه واختاره لنفسه) فتُرجمت الكلمة في ترجومين بإسرائيل وفي ثالث بيشورون وفي السبعينية بالمحبوب.

رَفَسَ (كما يرفس الفرس البطر من كثرة العلف وجودته). لم ترد هذه الكلمة إلا هنا وفي (1صموئيل 2: 29) (لكنها ترجمت في العربية «بتدسون» وفي الانكليزية «بترفسون» وهي في العبرانية في الموضعين من البعط ففي سفر التثنية «يبعط» وفي سفر صموئيل الأول «تعبط». وبعط في العربية يستعمل في ما لا يحسن. ففيها بعط في الجهل والشؤم بالغ وأفرط).

غَلُظْتَ أي صعبت وقسوت ويوضح معنى هذا الفعل هنا قول رحبعام «خنصري أغلظ من متَني أبي».

16 «أَغَارُوهُ بِٱلأَجَانِبِ، وَأَغَاظُوهُ بِٱلأَرْجَاسِ».

1ملوك 14: 22 و1كورنثوس 10: 22

بِٱلأَجَانِبِ (الآلهة الغريبة).

بِٱلأَرْجَاسِ (الأوثان وعبادتها).

17 «ذَبَحُوا لأَوْثَانٍ لَيْسَتِ ٱللّٰهَ. لآلِهَةٍ لَمْ يَعْرِفُوهَا أَحْدَاثٍ قَدْ جَاءَتْ مِنْ قَرِيبٍ لَمْ يَرْهَبْهَا آبَاؤُكُمْ».

لاويين 17: 7 وع 21 ومزمور 106: 37 و1كورنثوس 10: 20 ورؤيا 9: 20

ذَبَحُوا لأَوْثَانٍ (في بعض التراجم الأجنبية «ذبحوا للشياطين». وفي العبرانية «يزبحوا لشديم لا إله». ومعنى شديم المهلكات والمهلك من ألقاب الشيطان لأنه كما قال المسيح «كان قتالاً للناس من البدء» وهو معنى بعض أسمائه في غير العربية. ففي سفر الرؤيا اسمه (أي اسم ملاك الهاوية) بالعبرانية أبدون وله باليونانية اسم أبوليون وكلاهما بمعنى المهلك. ولا شك في أن عبادة الأوثان هي عبادة الشيطان). وكون عبادة الأوثان عبادة الشيطان والذبح لها الذبح له موافق لقول بولس الرسول «فَمَاذَا أَقُولُ؟ أَإِنَّ ٱلْوَثَنَ شَيْءٌ، أَوْ إِنَّ مَا ذُبِحَ لِلْوَثَنِ شَيْءٌ؟ بَلْ إِنَّ مَا يَذْبَحُهُ ٱلأُمَمُ فَإِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ لِلشَّيَاطِينِ» (1كورنثوس 10: 19 و20).

لآلِهَةٍ لَمْ يَعْرِفُوهَا أَحْدَاثٍ قَدْ جَاءَتْ مِنْ قَرِيبٍ (أي حديثة بنت أمس إذ هي مصنوعة لا أزلية لا بداءة لها كالله الأزلي الأبدي مبدع البرايا). قابل وصف الأصنام في كتاب نبوءة إشعياء بوصفها في سفر إشعياء «قَطَعَ لِنَفْسِهِ أَرْزاً وَأَخَذَ سِنْدِيَاناً وَبَلُّوطاً، وَٱخْتَارَ لِنَفْسِهِ مِنْ أَشْجَارِ ٱلْوَعْرِ... يَأْخُذُ مِنْهُ وَيَتَدَفَّأُ... نِصْفُهُ أَحْرَقَهُ بِٱلنَّارِ. عَلَى نِصْفِهِ يَأْكُلُ لَحْماً... وَبَقِيَّتُهُ قَدْ صَنَعَهَا إِلٰهاً» (إشعياء 44: 12 - 17). وفي الحكمة «يقطع نجّار شجرة من الغابة... ثم يأخذ قطعة من نفايتها لا تصلح لشيء خشبة ذات اعوجاج وعُقَد ويعتني بنقشها أوان فراغه ويصورها بخبرة صناعته الخ» (حكمة 13: 11 - 19).

18 «ٱلصَّخْرُ ٱلَّذِي وَلَدَكَ تَرَكْتَهُ وَنَسِيتَ ٱللّٰهَ ٱلَّذِي أَبْدَأَكَ».

إشعياء 17: 10 إرميا 2: 32

ٱلصَّخْرُ ٱلَّذِي وَلَدَكَ أي الإله القدير الواقي الأزلي الذي أنشأك (انظر تفسير ع 4). ومن موضحات هذه العبارة قول موسى في صلاته «مِنْ قَبْلِ أَنْ تُولَدَ ٱلْجِبَالُ أَوْ أَبْدَأْتَ ٱلأَرْضَ وَٱلْمَسْكُونَةَ، مُنْذُ ٱلأَزَلِ إِلَى ٱلأَبَدِ أَنْتَ ٱللّٰهُ» (مزمور 90: 2). وقال بعضهم يمكن ترجمة هذه الآية هكذا «الصخر قد ولدك شكوراً وأنت قد نسيت الله الذي ولدك».

19 «فَرَأَى ٱلرَّبُّ وَرَذَلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ».

قضاة 2: 14 ومراثي إرميا 2: 6 إشعياء 1: 2

فَرَأَى ٱلرَّبُّ (لأنه يرى كل شيء ويعلم الغيوب).

رَذَلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ (الغيظ أشد الغضب) (قابل بهذا إرميا 14: 21).

بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ أي الإسرائيليين ذكوراً وإناثاً لأنه اتخذهم أولاداً فأهانوه بما أثموا.

20 «وَقَالَ أَحْجُبُ وَجْهِي عَنْهُمْ، وَأَنْظُرُ مَاذَا تَكُونُ آخِرَتُهُمْ. إِنَّهُمْ جِيلٌ مُتَقَلِّبٌ، أَوْلاَدٌ لاَ أَمَانَةَ فِيهِمْ».

ص 31: 17 إشعياء 30: 9 ومتّى 17: 17

جِيلٌ مُتَقَلِّبٌ لا يثبت على العهد.

أَوْلاَدٌ لاَ أَمَانَةَ فِيهِمْ اتخذ الله الإسرائيليين أولاداً فانقلبوا عنه وخانوه فكانوا أولاداً لا موثق لهم ولا إيمان.

21 «هُمْ أَغَارُونِي بِمَا لَيْسَ إِلٰهاً، أَغَاظُونِي بِأَبَاطِيلِهِمْ. فَأَنَا أُغِيرُهُمْ بِمَا لَيْسَ شَعْباً، بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُهُمْ».

ع 16 ومزمور 78: 58 و1صموئيل 12: 21 و1ملوك 16: 13 و26 ومزمور 31: 6 وإرميا 8: 19 و10: 8 و14: 22 ويونان 2: 8 وأعمال 14: 15 هوشع 1: 10 ورومية 10: 19

هذه الآية أربعة أشطر هكذا:

هم أغاروني بما ليس إلهاَ

أغاظوني بأباطيلهم

فأنا أغيرهم بما ليس شعباً

بأمة غبية أغيظهم

الجزاء على الشطر الأول الشطر الثالث وعلى الشطر الثاني الشطر الرابع والشطر الثاني تذييل وتقرير للأول والشطر الرابع تذييل وتقرير للثالث.

بِمَا لَيْسَ شَعْباً قال راشي أراد بما ليس شعباً الكلدانيين بناء على قول إشعياء (إشعياء 23: 13) «هُوَذَا أَرْضُ ٱلْكِلْدَانِيِّينَ. هٰذَا ٱلشَّعْبُ لَمْ يَكُنْ» وقال إن معنى قوله ليس شعباً لا اسم له. وتفسير بولس الرسول أحسن من تفسيره وهو ما يفيد أن الأمة الغبية كل أمة من الأمم الوثنية لأن عبادة الأوثان غباوة وإن الأمم مدعوون إلى الإيمان الحق وسوف يؤمنون فيرفض اليهود لعدم إيمانهم ويقوم مؤمنو الأمم مقامهم فيكونون بنين وبنات للرب. قال ذلك الرسول «لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ ٱلْيَهُودِيِّ وَٱلْيُونَانِيِّ، لأَنَّ رَبّاً وَاحِداً لِلْجَمِيعِ، غَنِيّاً لِجَمِيعِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ بِهِ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَخْلُص... لٰكِنِّي أَقُولُ: أَلَعَلَّ إِسْرَائِيلَ لَمْ يَعْلَمْ؟ أَوَّلاً مُوسَى يَقُولُ: أَنَا أُغِيرُكُمْ بِمَا لَيْسَ أُمَّةً. بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُكُمْ. ثُمَّ إِشَعْيَاءُ يَتَجَاسَرُ وَيَقُولُ: وُجِدْتُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُونِي، وَصِرْتُ ظَاهِراً لِلَّذِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنِّي» (انظر إشعياء 65: 1 ورومية 10: 11 - 20).

22 «إِنَّهُ قَدِ ٱشْتَعَلَتْ نَارٌ بِغَضَبِي فَتَتَّقِدُ إِلَى ٱلْهَاوِيَةِ ٱلسُّفْلَى، وَتَأْكُلُ ٱلأَرْضَ وَغَلَّتَهَا، وَتُحْرِقُ أُسُسَ ٱلْجِبَالِ».

إرميا 15: 14 و17: 4 ومراثي إرميا 4: 11

ٱشْتَعَلَتْ نَارٌ بِغَضَبِي اقتبس هذا الكلام إرميا (إرميا 15: 14 قابل به إرميا 17: 4 يتضح لك المعنى).

أُسُسَ ٱلْجِبَالِ قال راشي «أي أورشليم التي أساسها على الجبال كما قال المرنم أورشليم الجبال حولها» (مزمور 125: 2).

23 «أَجْمَعُ عَلَيْهِمْ شُرُوراً وَأُنْفِدُ سِهَامِي فِيهِمْ».

إشعياء 26: 15 الخ مزمور 7: 1 و13 وحزقيال 5: 16

شُرُوراً قابل بهذا قوله تعالى بلسان حزقيال «إِذَا أَرْسَلْتُ عَلَيْهِمْ سِهَامَ ٱلْجُوعِ ٱلشِّرِّيرَةَ... وَأَزِيدُ ٱلْجُوعَ عَلَيْكُمْ» (حزقيال 5: 16).

24، 25 «24 إِذْ هُمْ خَاوُونَ مِنْ جُوعٍ، وَمَنْهُوكُونَ مِنْ حُمَّى وَدَاءٍ سَامٍّ. أُرْسِلُ فِيهِمْ أَنْيَابَ ٱلْوُحُوشِ مَعَ حُمَةِ زَوَاحِفِ ٱلأَرْضِ. 25 مِنْ خَارِجٍ ٱلسَّيْفُ يُثْكِلُ، وَمِنْ دَاخِلِ ٱلْخُدُورِ ٱلرُّعْبَةُ. ٱلْفَتَى مَعَ ٱلْفَتَاةِ وَٱلرَّضِيعُ مَعَ ٱلأَشْيَبِ».

حبقوق 3: 5 لاويين 26: 22 مراثي إرميا 1: 20 وحزقيال 7: 15 و2كورنثوس 7: 5

كل من هاتين الآيتين أربعة أشطر هكذا:

إذ هم خاوون من جوع

ومنهوكون من حمى وداء سام

أرسل فيهم أنياب الوحوش

مع حمة زواحف الأرض

من خارج السيف يُثكل

ومن داخل الخدور الرعبة

الفتى مع الفتاة

والرضيع مع الأشيب

وفيهما أربع ضربات من ضربات الله الهائلة السيف والجوع والوحوش الضارية والوبأ. ويوضح الآية الخامسة والعشرين قول إرميا «إِذَا خَرَجْتُ إِلَى ٱلْحَقْلِ، فَإِذَا ٱلْقَتْلَى بِٱلسَّيْفِ. وَإِذَا دَخَلْتُ ٱلْمَدِينَةَ، فَإِذَا ٱلْمَرْضَى بِٱلْجُوعِ، لأَنَّ ٱلنَّبِيَّ وَٱلْكَاهِنَ كِلَيْهِمَا يَطُوفَانِ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يَعْرِفَانِ شَيْئاً» (إرميا 14: 18).

26، 27 «26 قُلْتُ أُبَدِّدُهُمْ إِلَى ٱلزَّوَايَا، وَأُبَطِّلُ مِنَ ٱلنَّاسِ ذِكْرَهُمْ. 27 لَوْ لَمْ أَخَفْ مِنْ إِغَاظَةِ ٱلْعَدُوِّ، مِنْ أَنْ يُنْكِرَ أَضْدَادُهُمْ، مِنْ أَنْ يَقُولُوا: يَدُنَا ٱرْتَفَعَتْ وَلَيْسَ ٱلرَّبُّ فَعَلَ كُلَّ هٰذِهِ».

حزقيال 20: 13 و14 و23 إرميا 19: 4 مزمور 140: 8

لا يستطيع إنسان أن يقول هذا البرهان وينسبه إلى الله نعم إن موسى احتج بمثل ذلك ولكنه لم ينسب الخوف إلى الله جل وعلا فلا يستطيع أن يقول على الله تعالى ذلك لكنه تعالى يقدر أن يقول لو لم أخف إغاظة العدو (والخوف هنا مستعار للكراهة الشديدة التي تعتزل كما يعتزل الخائف ما يخيفه ومع ذلك لا يحسن بالعبد أن يستعيره لكراهة الله الدنايا).

يُنْكِرَ أَضْدَادُهُمْ أي ينكر أعداء الإسرائيليين إن الرب فعل بالإسرائيليين ذلك تأديباً فيظنون أنهم بقوتهم لا بقصد الرب أذلُوا إسرائيل.

28 «إِنَّهُمْ أُمَّةٌ عَدِيمَةُ ٱلرَّأْيِ وَلاَ بَصِيرَةَ فِيهِمْ».

إشعياء 27: 11 وإرميا 4: 22

عَدِيمَةُ ٱلرَّأْيِ النظر في العواقب.

29 «لَوْ عَقَلُوا لَفَطِنُوا بِهٰذِهِ وَتَأَمَّلُوا آخِرَتَهُمْ».

ص 5: 29 ومزمور 81: 13 و107: 43 ولوقا 19: 42 إشعياء 47: 7 ومراثي إرميا 1: 9

تَأَمَّلُوا آخِرَتَهُمْ أي نظروا إلى عاقبة المعصية وشدة تأديب الله عليها فرجعوا عنها.

30 «كَيْفَ يَطْرُدُ وَاحِدٌ أَلْفاً، وَيَهْزِمُ ٱثْنَانِ رَبْوَةً، لَوْلاَ أَنَّ صَخْرَهُمْ بَاعَهُمْ وَٱلرَّبَّ سَلَّمَهُمْ؟».

لاويين 26: 8 ويشوع 23: 10 و2أيام 24: 24 وإشعياء 30: 17 مزمور 44: 12 وإشعياء 50: 1 و52: 3

كَيْفَ يَطْرُدُ وَاحِدٌ من أعدائهم.

أَلْفاً منهم (قابل بهذا ص 28: 25 ولاويين 26: 8 و17 و36).

بَاعَهُمْ أي دفعهم إلى أيدي أعدائهم (كما يدفع البائع المبيع إلى المشتري). وكثر مثل هذه العبارة في سفري القضاة وصموئيل (انظر قضاة 2: 14 و3: 8 و4: 2 و10: 7 و1صموئيل 12: 9).

سَلَّمَهُمْ إلى الأعداء. جاء في سفر المزامير «دَفَعَ إِلَى ٱلسَّيْفِ شَعْبَهُ وَغَضِبَ عَلَى مِيرَاثِهِ» (مزمور 78: 62).

31 «لأَنَّهُ لَيْسَ كَصَخْرِنَا صَخْرُهُمْ، وَلَوْ كَانَ أَعْدَاؤُنَا حَاكِمِينَ».

1صموئيل 2: 2 و1صموئيل 4: 8 وإرميا 40: 3

لأَنَّهُ لَيْسَ كَصَخْرِنَا صَخْرُهُمْ أي آلهة الأعداء التي هي ملاذهم ليست كالرب الذي هو ملاذنا فلو لم نغظ الرب ما سادوا علينا لأن آلهتهم الباطلة لا تستطيع أن تحارب إسرائيل كما يستطيع الرب أن يحارب أعداءه. وقال راشي في هذه العبارة «لأن صخرهم أي إله الأعداء ليس كصخرنا أي الرب ومع ذلك أعداؤنا قضاة أي أسياد يسودوننا» وما قلناه قبلاً هو المعنى الحقّ.

32 «لأَنَّ مِنْ جَفْنَةِ سَدُومَ جَفْنَتَهُمْ وَمِنْ كُرُومِ عَمُورَةَ. عِنَبُهُمْ عِنَبُ سُمٍّ، وَلَهُمْ عَنَاقِيدُ مَرَارَةٍ».

إشعياء 1: 10

جَفْنَتَهُمْ الخ أي جفنة إسرائيل لا جفنة الأعداء فهذه الآية متعلقة بالآية الثلاثين والآية الحادية والثلاثون دليل معترض بينهما. فيكون ترتيب الكلام هكذا «صخرهم باعهم والرب سلمهم لأن من جفنة سدوم جفنتهم الخ». جاء في نبوءة هوشع «إِسْرَائِيلُ جَفْنَةٌ مُمْتَدَّةٌ. يُخْرِجُ ثَمَراً لِنَفْسِهِ» (هوشع 10: 1). جاء في نبوءة إشعياء «غَرَسَهُ كَرْمَ سَوْرَقَ... فَٱنْتَظَرَ أَنْ يَصْنَعَ عِنَباً فَصَنَعَ عِنَباً رَدِيئاً... إِنَّ كَرْمَ رَبِّ ٱلْجُنُودِ هُوَ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ، وَغَرْسَ لَذَّتِهِ رِجَالُ يَهُوذَا. فَٱنْتَظَرَ حَقّاً فَإِذَا سَفْكُ دَمٍ، وَعَدْلاً فَإِذَا صُرَاخٌ» (إشعياء 5: 2 - 7).

33 «خَمْرُهُمْ حُمَةُ ٱلثَّعَابِينِ وَسُمُّ ٱلأَصْلاَلِ ٱلْقَاتِلُ».

مزمور 58: 4 مزمور 140: 3 ورومية 3: 13

حُمَةُ ٱلثَّعَابِينِ أي سمّ الحيات.

سُمُّ ٱلأَصْلاَلِ ٱلْقَاتِلُ بيان لحمة الثعابين. والأصلال الحيّات.

34 «أَلَيْسَ ذٰلِكَ مَكْنُوزاً عِنْدِي، مَخْتُوماً عَلَيْهِ فِي خَزَائِنِي».

أيوب 14: 17 وإرميا 2: 22 وهوشع 13: 12 ورومية 2: 5

أَلَيْسَ ذٰلِكَ الإشارة إلى ما ذُكر في (ع 32 و33) وهو ما خلاصته إن أعمال إسرائيل رديئة.

35 «لِيَ ٱلنَّقْمَةُ وَٱلْجَزَاءُ. فِي وَقْتٍ تَزِلُّ أَقْدَامُهُمْ. إِنَّ يَوْمَ هَلاَكِهِمْ قَرِيبٌ وَٱلْمُهَيَّئَاتُ لَهُمْ مُسْرِعَةٌ».

مزمور 94: 1 ورومية 12: 19 وعبرانيين 10: 3 و2بطرس 2: 3

لِيَ ٱلنَّقْمَةُ وَٱلْجَزَاءُ (أي أنا المنتقم والمجازي لا سواي). وقد اقتبس الرسول هذه العبارة في المعنى مع تغيير زهيد في اللفظ بقوله في رسالة العبرانيين «فَإِنَّنَا نَعْرِفُ ٱلَّذِي قَالَ: لِيَ ٱلانْتِقَامُ، أَنَا أُجَازِي، يَقُولُ ٱلرَّبُّ» وبقوله في رسالة الرومانيين «لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِيَ ٱلنَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ ٱلرَّبُّ» (عبرانيين 10: 30 ورومية 12: 19).

فِي وَقْتٍ تَزِلُّ أَقْدَامُهُمْ أي حين تزل أقدامهم (كما لو قرأت الوقت بلا تنوين. وزلة القدم هنا استعارة للخطإ).

36 «لأَنَّ ٱلرَّبَّ يَدِينُ شَعْبَهُ وَعَلَى عَبِيدِهِ يُشْفِقُ. حِينَ يَرَى أَنَّ ٱلْيَدَ قَدْ مَضَتْ وَلَمْ يَبْقَ مَحْجُوزٌ وَلاَ مُطْلَقٌ».

مزمور 135: 14 قضاة 2: 18 ومزمور 106: 45 وإرميا 31: 20 ويوئيل 2: 14 و1ملوك 14: 10 و21: 21 و2ملوك 9: 8 و14: 26

لأَنَّ ٱلرَّبَّ يَدِينُ شَعْبَهُ أي يعاقب (لأن الدينونة تستلزم العقاب ولهذا قيل لا دينونة على الذين هم بيسوع المسيح) وقد اقتبس ذلك كاتب رسالة العبرانيين بقوله «وَأَيْضاً: ٱلرَّبُّ يَدِينُ شَعْبَهُ. مُخِيفٌ هُوَ ٱلْوُقُوعُ فِي يَدَيِ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ» فأبان إن الدينونة هنا تستلزم العقاب (عبرانيين 10: 30 و31) (لا الانتقام لشعبه كما فسر بعضهم. وهذه الآية نص على أن الله لا يحابي في القضاء فيدين شعبه على المعصية كما يدين غيره).

وَعَلَى عَبِيدِهِ يُشْفِقُ (بيّن الله هنا رحمته وحنوه على التائبين الخاضعين له كما بيّن في العبارة السابقة عدله بلا محاباة على العصاة فكان ذلك تعزية للشعب). وبعض هذه الآية في قول حزقيال النبي «وَإِذَا تَمَّ غَضَبِي وَأَحْلَلْتُ سَخَطِي عَلَيْهِمْ وَتَشَفَّيْتُ، يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ الخ» (حزقيال 5: 13). وقول إشعياء «إِنِّي أَسْتَرِيحُ مِنْ خُصَمَائِي وَأَنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِي» (إشعياء 1: 24).

وَلَمْ يَبْقَ مَحْجُوزٌ وَلاَ مُطْلَقٌ (قال بعضهم أراد بالمحجوز هنا من كان من سكان المدن وبالمطلق من كان من سكان القرى المتفرقة) (انظر 1ملوك 14: 10 و21: 21 و2ملوك 9: 8 و14: 26).

37، 38 «يَقُولُ: أَيْنَ آلِهَتُهُمُ، ٱلصَّخْرَةُ ٱلَّتِي ٱلْتَجَأُوا إِلَيْهَا، 38 ٱلَّتِي كَانَتْ تَأْكُلُ شَحْمَ ذَبَائِحِهِمْ وَتَشْرَبُ خَمْرَ سَكَائِبِهِمْ؟ لِتَقُمْ وَتُسَاعِدْكُمْ وَتَكُنْ عَلَيْكُمْ حِمَايَةً».

قضاة 10: 14 وإرميا 2: 28

يَقُولُ: أَيْنَ آلِهَتُهُمُ... لِتَقُمْ وَتُسَاعِدْكُمْ (الذي يقول هو الرب فإنه يقول لبني إسرائيل عند بليتهم أين آلهة الأمم التي عبدتموها أمامي إنها بلا قوة إذ لا تقدر أن تقوم وتساعدكم). وقال الرب لإسرائيل مثل هذا في سفر القضاة (قضاة 10: 14).

39 «اُنْظُرُوا ٱلآنَ! أَنَا أَنَا هُوَ وَلَيْسَ إِلٰهٌ مَعِي. أَنَا أُمِيتُ وَأُحْيِي. سَحَقْتُ وَإِنِّي أَشْفِي، وَلَيْسَ مِنْ يَدِي مُخَلِّصٌ».

مزمور 102: 27 وإشعياء 41: 4 و48: 12 ص 4: 25 وإشعياء 45: 5 و18 و22 و1صموئيل 2: 6 و2ملوك 5: 7 وأيوب 5: 18 ومزمور 68: 20 وهوشع 6: 1

أَنَا أَنَا هُوَ في العبرانية «إني أنا هو» فالظاهر إن «أنا» الأولى متبدأ «وأنا هو» خبره وهو علم مركب. والمركب جملة اسمية وهو اسم الرب يهوه ومعناه واجب الوجود أو الأزلي الأبدي غير المتغير وهو كاسمه الذي أعلنه لموسى وهو «اهيه الذي اهيه» (أي أكون الذي أكون) أي الكائن أزلاً وأبداً «أنا هو». (انظر إشعياء 41: 4 و43: 10 و13 و48: 12).

وَلَيْسَ إِلٰهٌ مَعِي أي لا شريك لي ولا إله إلا أنا.

أَنَا أُمِيتُ وَأُحْيِي جاءت هذه العبارة في كلام حنة مع إبدال الضمير «أنا» بالرب والفعل للمتكلم بالفعل للغائب أي «الرب يميت ويحيي» (1صموئيل 2: 6) وجاء في نبوءة إشعياء «مِنَ ٱلْيَوْمِ (أو البدء) أَنَا هُوَ، وَلاَ مُنْقِذَ مِنْ يَدِي. أَفْعَلُ، وَمَنْ يَرُدُّ» (إشعياء 43: 13).

40، 41 «40 إِنِّي أَرْفَعُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ يَدِي وَأَقُولُ: حَيٌّ أَنَا إِلَى ٱلأَبَدِ. 41 إِذَا سَنَنْتُ سَيْفِي ٱلْبَارِقَ، وَأَمْسَكَتْ بِٱلْقَضَاءِ يَدِي، أَرُدُّ نَقْمَةً عَلَى أَضْدَادِي، وَأُجَازِي مُبْغِضِيَّ».

تكوين 14: 22 وخروج 6: 8 وعدد 14: 30 إشعياء 27: 1 و34: 5 و66: 16 وحزقيال 21: 9 و10 و14 و20 إشعياء 1: 24 وناحوم 1: 2

من عادة الناس يومئذ أن يرفعوا أيديهم إلى السماء عند القسم بياناً أنهم يقسمون بالإله الحق العلي والله هنا أقسم بنفسه إذ ليس أعظم منه ولا مثله ليقسم به.

سَنَنْتُ سَيْفِي ٱلْبَارِقَ (أي عزمت على الانتقام).

وَأَمْسَكَتْ بِٱلْقَضَاءِ يَدِي الخ (أي قطعت بأن أُجري حكمي الخ).

42 «أُسْكِرُ سِهَامِي بِدَمٍ، وَيَأْكُلُ سَيْفِي لَحْماً. بِدَمِ ٱلْقَتْلَى وَٱلسَّبَايَا وَمِنْ رُؤُوسِ قُوَّادِ ٱلْعَدُوِّ».

إرميا 46: 10 أيوب 13: 24 وإرميا 30: 14 ومراثي إرميا 2: 5

أُسْكِرُ سِهَامِي بِدَمٍ هو دم القتلى والسبابا ورؤوس قواد الأعداء كما يظهر من آخر الآية.

يَأْكُلُ سَيْفِي لَحْماً أي لحم القتلى والسبايا الخ. (ومعنى الآية أنه تعالى ينتقم من أعدائه انتقاماً شديداً كاملاً). ويشبه هذا قوله جل وعلا «ٱلرَّبَّ بِٱلنَّارِ يُعَاقِبُ وَبِسَيْفِهِ عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، وَيَكْثُرُ قَتْلَى ٱلرَّبِّ» (إشعياء 66: 16).

43 «تَهَلَّلُوا أَيُّهَا ٱلأُمَمُ شَعْبُهُ، لأَنَّهُ يَنْتَقِمُ بِدَمِ عَبِيدِهِ، وَيَرُدُّ نَقْمَةً عَلَى أَضْدَادِهِ، وَيَصْفَحُ عَنْ أَرْضِهِ عَنْ شَعْبِهِ».

رومية 15: 10 رؤيا 6: 10 و19: 2 ع 41 مزمور 85: 1

تَهَلَّلُوا أَيُّهَا ٱلأُمَمُ شَعْبُهُ (الشعب هنا بيان للأمم وذلك دليل على أن للأمم أن يكونوا شعب الله وأنباء بأن يكونوا كذلك. وفي بعض التراجم غير العربية «تهللوا أيها الأمم مع شعبه» وهو يستلزم معنى ما سبق. وقد ترجم هذه العبارة بولس الرسول بذلك فقال في الرسالة إلى الرومانيين مبيناً أن الأمم مجدوا الله «وَيَقُولُ أَيْضاً: تَهَلَّلُوا أَيُّهَا ٱلأُمَمُ مَعَ شَعْبِهِ» (رومية 15: 10). ولعله نقلها عن الترجمة السبعينية فإنها ترجمت فيها كذلك).

يَصْفَحُ عَنْ أَرْضِهِ أي عن سكان أرضه كما أبان بقوله على أثر ذلك عن شعبه فإنه تعالى سيغفر لشعبه ويطهّره ويرحمه.

شروع يشوع في إتمام التاريخ

44 «فَأَتَى مُوسَى وَنَطَقَ بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّشِيدِ فِي مَسَامِعِ ٱلشَّعْبِ هُوَ وَيَشُوعُ بْنُ نُونَ».

هُوَ وَيَشُوعُ بْنُ نُونَ (يشوع هنا في الأصل العبراني هوشع) ولماذا دُعي هوشع في هذا الموضع فإن تغيير اسمه هوشع إلى يشوع كان يوم دخل أرض الميعاد مع أحد عشر من الجواسيس. فالظاهر أن العلة كانت شروعه في أن يقود الشعب بدلاً من موسى ويخلصهم فأُعيد إليه الاسم الأول هوشع أي خلاص الرب. قابل بهذا تغيير اسم يعقوب إلى إسرائيل (تكوين 32: 22 و35: 10). وانظر أيضاً قوله له حين كاد يدخل مصر في رؤيا الليل «يعقوب يعقوب» ومن المحتمل أن اسمه كُتب هنا هوشع لأنه أول مرة كتبه هو نفسه في التاريخ المقدس فاختار أن يكون الاسم الأصلي. وكل ما كُتب بعد نهاية النشيد إلى آخر سفر التثنية ليس لموسى بل ليشوع على ما يرجّح أو لمؤلف غيره من الملهمين فلا نعلم من هو.

45، 46 «45 وَلَمَّا فَرَغَ مُوسَى مِنْ مُخَاطَبَةِ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ بِكُلِّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ، 46 قَالَ لَهُمْ: وَجِّهُوا قُلُوبَكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي أَنَا أَشْهَدُ عَلَيْكُمْ بِهَا ٱلْيَوْمَ، لِكَيْ تُوصُوا بِهَا أَوْلاَدَكُمْ، لِيَحْرِصُوا أَنْ يَعْمَلُوا بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هٰذِهِ ٱلتَّوْرَاةِ».

ص 6: 6 و11: 18 وحزقيال 40: 4

وَجِّهُوا قُلُوبَكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْكَلِمَاتِ فسر راشي هذه العبارة بقول الرجل لحزقيال «يَا ٱبْنَ آدَمَ، ٱنْظُرْ بِعَيْنَيْكَ وَٱسْمَعْ بِأُذُنَيْكَ وَٱجْعَلْ قَلْبَكَ إِلَى كُلِّ مَا أُرِيكَهُ» (حزقيال 40: 4).

لِكَيْ تُوصُوا بِهَا أَوْلاَدَكُمْ من أخص أغراض حفظ الشريعة تعليمها لمن يأتي في الزمن الآتي.

47 «لأَنَّهَا لَيْسَتْ أَمْراً بَاطِلاً عَلَيْكُمْ، بَلْ هِيَ حَيَاتُكُمْ. وَبِهٰذَا ٱلأَمْرِ تُطِيلُونَ ٱلأَيَّامَ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ ٱلأُرْدُنَّ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا».

لاويين 18: 5 وص 30: 19 وأمثال 3: 2 و22 و4: 22 ورومية 10: 5

لأَنَّهَا لَيْسَتْ أَمْراً بَاطِلاً أي هي أمر نافع ذو شأن تستحق تأملكم وانتباهكم وعنايتكم.

هِيَ حَيَاتُكُمْ (أي وسيلة حياتكم أو تتوقف عليها حياتكم). هذا آخر ما قيل في هذا الكتاب من المحققات لإسرائيل إن غاية إقامتهم بأرض كنعان اعتبار شريعة الرب شريعة لكل تلك الأرض.

48 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى فِي نَفْسِ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ».

عدد 27: 12 و13

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى فِي نَفْسِ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أي اليوم الذي تكلم فيه بالنشيد في مسامع بني إسرائيل.

49 «اِصْعَدْ إِلَى جَبَلِ عَبَارِيمَ هٰذَا، جَبَلِ نَبُو ٱلَّذِي فِي أَرْضِ مُوآبَ ٱلَّذِي قُبَالَةَ أَرِيحَا، وَٱنْظُرْ أَرْضَ كَنْعَانَ ٱلَّتِي أَنَا أُعْطِيهَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مُلْكاً».

عدد 33: 47 و48 وص 34: 1

اِصْعَدْ إِلَى جَبَلِ عَبَارِيمَ هو جبل من سلسلة جبال عباريم وهي شرقي الأردن تمتد من الشمال إلى الجنوب (انظر عدد 28: 12). والوصية نفسها أُعطيت هناك جواباً لطلب موسى خليفة وكل ما قصّ بين تلك المقالة وهذه يُعد مقدمة لنبإ وفاة موسى.

جَبَلِ نَبُو أحد جبال سلسلة عباريم المذكورة آنفاً ولم يزل يسمى بذلك عند العرب إلا أنهم يدعونه نبا لا نبو. وعلو هذا الجبل 4000 قدم فوق السهل.

50، 51 «50 وَمُتْ فِي ٱلْجَبَلِ ٱلَّذِي تَصْعَدُ إِلَيْهِ، وَٱنْضَمَّ إِلَى قَوْمِكَ كَمَا مَاتَ هَارُونُ أَخُوكَ فِي جَبَلِ هُورٍ وَضُمَّ إِلَى قَوْمِهِ. 51 لأَنَّكُمَا خُنْتُمَانِي فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ مَاءِ مَرِيبَةِ قَادِشَ فِي بَرِّيَّةِ صِينٍ، إِذْ لَمْ تُقَدِّسَانِي فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ».

عدد 20: 25 و28 عدد 20: 11 إلى 13 و27: 14 لاويين 10: 3

وَمُتْ فِي ٱلْجَبَلِ أي جبل نبو (أو نبا).

كَمَا مَاتَ هَارُونُ أَخُوكَ فِي جَبَلِ هُورٍ... لأَنَّكُمَا خُنْتُمَانِ العلة هنا الخيانة والمعلول على ما في الآية إما موت كل من هارون وموسى بقطع النظر عن الموضع وإما هو مع الموضع. ورجّح بعضهم الآخر فقال: لماذا كان على كل من هارون وموسى أن يصعد إلى جبل ليموت. إني أعتقد بناء على التعليل الذي في الآية والخيانة التي أتياها إن المعلول الموت ومكانه. وخيانتهما هي أنهما أُمرا أن يكلما الصخرة في قادش لا أن يصرباها فضرباها. وقال موسى حينئذ «ٱسْمَعُوا أَيُّهَا ٱلْمَرَدَةُ! أَمِنْ هٰذِهِ ٱلصَّخْرَةِ نُخْرِجُ لَكُمْ مَاءً» (عدد 20: 10 و11). والصخرة هنا في العبرانية «سلع» والصخرة التي خرج منها الماء في حوريب «صور». وخطأ موسى وهارون ظنهما على ما أظن أنه من الضروري أن يقفا على الصخرة ويضرباها بدلاً من أن يجمعا بني إسرائيل ويكلما الصخرة من تحتها. فالصخرة التي ضُربت في حوريب كانت رمزاً إلى المسيح (باعتبار كونه ضُرب من أجل ذنب شعبه) والصخرة التي كان عليهما أن لا يضرباها كانت رمزاً إلى المسيح (بعد أن صعد وتمجد) فكان لا يجوز إلا أن يكمل أي يصلّى له. على أن موسى علم في بعض كلامه الآخر ما يفيد ذلك وهو قوله «لَيْسَتْ هِيَ فِي ٱلسَّمَاءِ حَتَّى تَقُولَ: مَنْ يَصْعَدُ لأَجْلِنَا إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَيَأْخُذُهَا لَنَا... بَلِ ٱلْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ جِدّاً، فِي فَمِكَ وَفِي قَلْبِكَ» (ص 30: 12 - 14). فصعود موسى وهارون على الصخرة وضربها على خلاف أمر الله كان علة صعود كل منهما إلى جبل وضربه بالموت.

52 «فَإِنَّكَ تَنْظُرُ ٱلأَرْضَ مِنْ قُبَالَتِهَا، وَلٰكِنَّكَ لاَ تَدْخُلُ إِلَى هُنَاكَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنَا أُعْطِيهَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ».

عدد 27: 12 وص 34: 4

تَنْظُرُ ٱلأَرْضَ مِنْ قُبَالَتِهَا (انظر ص 34: 4 وعدد 27: 12 - 14 والتفسير).

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلثَّلاَثُونَ

بركة موسى الآخرة

1 «وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْبَرَكَةُ ٱلَّتِي بَارَكَ بِهَا مُوسَى رَجُلُ ٱللّٰهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَبْلَ مَوْتِهِ».

تكوين 49: 28 مزمور 90 عنوان

بَارَكَ... مُوسَى رَجُلُ ٱللّٰهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ هذا أول موضع في التوراة ذُكر فيه هذا اللقب والظاهر أن المقصود برجل الله عبد الرب فعلى قدر ما يكون الإنسان عبداً للرب يكون رجلاً لله (انظر ص 34: 5) ولقب بذلك بعد موسى إيليا وأليشع وعُرف كل منهما في الغالب برجل الله.

بَنِي إِسْرَائِيلَ قال راشي «إن لم يباركهم موسى حينئذ فمتى يجب أن يباركهم».

2 «فَقَالَ: جَاءَ ٱلرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ وَأَشْرَقَ لَهُمْ مِنْ سَعِيرَ وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ، وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ ٱلْقُدْسِ، وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لَهُمْ».

خروج 19: 18 و20 وقضاة 5: 4 و5 وحبقوق 3: 3 مزمور 68: 17 ودانيال 7: 10 وأعمال 7: 53 وغلاطية 3: 19 وعبرانيين 2: 2 ورؤيا 5: 11 و9: 16

جَاءَ ٱلرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ أي شرق كما تشرق الشمس.

أَشْرَقَ لَهُمْ مِنْ سَعِيرَ اي لمعت أشعته على جبال سعير (يقال شرقت الشمس إذا طلعت وأشرقت إذا لمعت). وسعير جبل في أرض أدوم (انظر تفسير خروج 19: 18).

وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ أي أشرق مثل ذلك الإشراق على جبل فاران (وهذا بيان للمظهر الذي كان على جبل سيناء فإن الرب لما أعلن مجده للإسرائيليين على سيناء بالبروق والنيران بلغت الإضاءة جبل سعير وجبل فاران. وجبل فاران على ما يرجّح الجزء الجنوبي من جبال الشمال الشرقي من بادية التيه. وفاران علم منقول معناه موضع الكهوف) ويسمى اليوم جبل مفرعة وهو يشرف على البادية ويحجب عن الصاعد منها جنوبي أرض يهوذا. (انظر فاران في قاموس الكتاب المقدس للدكتور جورح بوست).

وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ ٱلْقُدْسِ أي أتى من ربوات المقدسين إلى الخطأة. قال راشي إن «من» للتبعيض والمعنى أنه أتى «بعض ربواته المقدسين لا كلهم». وهذا لا يناسب ما قبله ولا مما يقتضيه اللفظ والتركيب فالمعنى الصحيح ما ذكرناه. فإن المجيء من سيناء والتلألؤ من جبل فاران أُسند إلى الرب فكذلك الإتيان. وهذا على وفق قول المرنم «مِنْ صِهْيَوْنَ، كَمَالِ ٱلْجَمَالِ، ٱللّٰهُ أَشْرَقَ» (مزمور 50: 2). فإن الناموس كان «مُرَتَّباً بِمَلاَئِكَةٍ فِي يَدِ وَسِيطٍ» (غلاطية 3: 19) وسُمي «ٱلْكَلِمَةُ ٱلَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا مَلاَئِكَةٌ» (عبرانيين 2: 2). ويماثل هذه الآية قول دانيال «نَهْرُ نَارٍ جَرَى وَخَرَجَ مِنْ قُدَّامِهِ. أُلُوفُ أُلُوفٍ تَخْدِمُهُ، وَرَبَوَاتُ رَبَوَاتٍ وُقُوفٌ قُدَّامَهُ» (دانيال 7: 10). فالشريعة النارية أتت من ربوات على يمينه أو أتت منهم ومن يمينه كما يأتي.

عَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لَهُمْ أي إن ربوات القدس كانت الشريعة التي أتوا بها إسرائيل ناراً عن يمينه.

3 «فَأَحَبَّ ٱلشَّعْبَ. جَمِيعُ قِدِّيسِيهِ فِي يَدِكَ، وَهُمْ جَالِسُونَ عِنْدَ قَدَمِكَ يَتَقَبَّلُونَ مِنْ أَقْوَالِكَ».

خروج 19: 5 وص 7: 7 و8 ومزمور 47: 4 وهوشع 11: 1 ص 7: 6 و1صموئيل 2: 9 ومزمور 50: 5 لوقا 10: 39 وأعمال 22: 3 أمثال 2: 1

فَأَحَبَّ ٱلشَّعْبَ أي الله أحب الشعب. وتظهر علاقة بعض الجمل ببعض بأن يقال «عن يمينه خرجت نار هي شريعة لإسرائيل الشعب الذي هو أحبه» أي الشعب الحاضر ومن يأتي على أثره.

جَمِيعُ قِدِّيسِيهِ أي قديسي المتكلم على سيناء.

فِي يَدِكَ لا يكون جميع قديسي رب سيناء إلا في يد رب سيناء نفسه فخرج المتكلم هنا من الغيبة إلى الخطاب لخروج المتكلم من سيناء إلى السماء وتكلمه منها أي الرب يسوع (عبرانيين 12: 25).

وَهُمْ جَالِسُونَ عِنْدَ قَدَمِكَ أيها المتكلم من السماء.

يَتَقَبَّلُونَ مِنْ أَقْوَالِكَ يتلقون أوامرك.

4 «بِنَامُوسٍ أَوْصَانَا مُوسَى مِيرَاثاً لِجَمَاعَةِ يَعْقُوبَ».

يوحنا 1: 17 و7: 19 مزمور 119: 111

بِنَامُوسٍ أَوْصَانَا مُوسَى تُرك موسى من بعض النسخ القديمة فيكون فيها فاعل أوصى الله. وذُكر موسى في أكثر النسخ القديمة.

مِيرَاثاً أي أوصانا الله بواسطة موسى بالناموس ليكون شريعة لنا ولمن بعدنا كالميراث. والظاهر أن هذه الآية كلام معترض لم يكتبه موسى ولم يقله إنما كتبه يشوع للإيضاح على ما يرجّح.

5 «وَكَانَ فِي يَشُورُونَ مَلِكاً حِينَ ٱجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ ٱلشَّعْبِ أَسْبَاطُ إِسْرَائِيلَ مَعاً».

ص 32: 15 تكوين 36: 31 وقضاة 9: 2 و17: 6

كَانَ فِي يَشُورُونَ مَلِكاً (الضمير المستتر في كان إما يرجع إلى موسى فيكون من الكلام المعترض على ما ذُكر في تفسير الآية الرابعة وإما إلى الله فيكون من كلام موسى وهو المرجّح والذي فهمه علماء من اليهود) ومنهم راشي فإنه قال: أي القدوس المبارك كان ملكاً في يشورون ونير ملكه عليهم إلى الأبد. (ويشورون هو إسرائيل الشعب المحبوب).

ويتبين مما ذُكر أن المسيح ملك الملوك ملك إسرائيل كان معطي الشريعة ومعلمها وحافظ كل قديسيه الذين جميعهم يجلسون عند قدميه ويتلقون كلامه ويطيعونه.

6 «لِيَحْيَ رَأُوبَيْنُ وَلاَ يَمُتْ، وَلاَ يَكُنْ رِجَالُهُ قَلِيلِينَ».

لِيَحْيَ رَأُوبَيْنُ وَلاَ يَمُتْ «أي ليحيي في هذا العالم ولا يمت في العالم الآتي» (راشي) ويُغفر إثمه ولا تُذكر إساءته (تكوين 35: 22). وزاد راشي على ذلك قوله «أبناء يعقوب اثنا عشر وإن رأوبين لم يُقطع بل بقي وارثاً لكنه خسر البكورية وكاد يحرم من بركة أبيه (تكوين 49: 3 و4 و1أيام 5: 1) ولذلك لم تكن صلاة موسى من أجله غير ضرورية».

وَلاَ يَكُنْ رِجَالُهُ قَلِيلِينَ في هذا صعوبة (ويدفعها حمل القلة على القدر والقوة فإن المحاربين من رأوبين كانوا أشداء ذوي بأس فهم بذلك كثيرون). وزادت السبعينية «وليكثر عدد شمعون» وليست هذه الزيادة بضرورية (على قول بعضهم ويحتمل أنها غير زائدة في السبعينية وإنها سقطت من العبرانية سهواً). والضربة الهائلة التي وقعت على إسرائيل بما كان من موسى على داثان وإبيرام كان معظم ويلها على رأوبين لأن داثان وأبيرام كانا من سبط رأوبين. ولا نستطيع أن نقول إلى اي حد نقص ذلك السبط بتلك الضربة العظمى (عدد ص 16) لكن من المحقق أن رجال الحرب في ذلك السبط قلما نقصوا في الإحصاء الثاني (عدد 1: 21 و26: 7) ولم يكن أقل من رجال رأوبين سوى سبطين من الأسباط الاثني عشر. وقال بعضهم إن معنى الدعاء هذا لا يمت كثيرون منه فتقل رجاله أي تصير قليلة جداً. ولعل ترك شمعون في هذه البركة لأنه حُسب مع يهوذا لأنه كان وارثاً معه في كنعان وأخذ البركة عن ذلك السبط الممتاز وهذا ما رآه راشي أيضاً.

7 «وَهٰذِهِ عَنْ يَهُوذَا: قَالَ ٱسْمَعْ يَا رَبُّ صَوْتَ يَهُوذَا، وَأْتِ بِهِ إِلَى قَوْمِهِ. بِيَدَيْهِ يُقَاتِلُ لِنَفْسِهِ، فَكُنْ عَوْناً عَلَى أَضْدَادِهِ».

تكوين 49: 8 مزمور 146: 5

وَهٰذِهِ عَنْ يَهُوذَا أي وهذا ما قاله في يهوذا. وهو الكلام الآتي وعرف بأنه بركة ملكية «اسمع يا رب صوت يهوذا وأتِ به إلى قومه» وبعبارة أخرى «أيها الأسد الذي من سبط يهوذا ليأت ملكوتك». ذكرنا راشي صلوات كثيرة في تاريخ اعهد القديم مما سمع من شفتي يهوذا ومن ذلك صلوات داود وسليمان وآسا ويهوشافاط وحزقيا ونزيد على ذلك صلاة الملك منسى ودانيال النبي فإن هذه الصلوات كلها كانت صلاة رجال من يهوذا. وآخر ما سُطر من تاريخ العهد القديم صلاة يهوذا بفم نحميا وبالحري إن كل صلاة من صلوات ربنا يسوع كانت صلاة بفم يهوذا أو كانت «صوت يهوذا».

بِيَدَيْهِ يُقَاتِلُ لِنَفْسِهِ الخ تُفهم هذه البقية من بركة يهوذا بيسوع المسيح فإنه غلب بيديه الأعداء لخلاص بني البشر وآخر عدو أبطله الموت وكان الأعداء جميعاً هم أولئك الأعداء الذين جعلهم الله موطئاً لقدمي ابنه الفادي.

8 «وَلِلاَوِي قَالَ: تُمِّيمُكَ وَأُورِيمُكَ لِرَجُلِكَ ٱلصِّدِّيقِ، ٱلَّذِي جَرَّبْتَهُ فِي مَسَّةَ وَخَاصَمْتَهُ عِنْدَ مَاءِ مَرِيبَةَ».

خروج 28: 30 خروج 17: 7 وعدد 20: 13 وص 8: 2 و3 و16 ومزمور 81: 7

وَلِلاَوِي هذا السبط كان ثاني يوسف في نصيبه بسط موسى الكلام فيه كما يتوقع طبعاً لأن هذا السبط سبط موسى نفسه وكانت السجية الكهنوتية الموضوع الأهم فيه.

تُمِّيمُكَ وَأُورِيمُكَ أي ليكن تميمك وأوريمك. والتميم والأوريم من أعظم زينة الكهنوت. (ومعنى الأوريم الأنوار ومعنى التميم الكمالات وكان الكاهن يلبسهما في صدرة القضاء عند مقابلته الرب. ولما مُسح هارون رئيس كهنة وضع موسى الأوريم والتميم في الصدرة وألبسه إياها ولا تُعرف اليوم حقيقتهما إذ الكتاب لم يبين ما هما. والمخاطب هنا إسرائيل ويصح أن يكون لاوي وأن يكون الرب والأول هو المناسب لما بعده كما سترى).

لِرَجُلِكَ ٱلصِّدِّيقِ (أي هارون. ويصدق الكلام على كل من بنيه من جهة التميم والأوريم).

ٱلَّذِي جَرَّبْتَهُ فِي مَسَّةَ (الضمير المفعول به أو الهاء في جربته يرجع إلى الرجل الصدّيق أي هارون. والضمير الفاعل أو التاء لإسرائيل). كانت التجربة لموسى وهارون معاً فصحّ أن يقول جربت هارون الخ و «مسّة» اسم مكان في البرية (انظر تفسير خروج 17: 7).

مَاءِ مَرِيبَةَ (قال بعضهم أن مسّة هي مريبة والظاهر أن مريبة موضع أو ماء في مسّة).

9 «ٱلَّذِي قَالَ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ: لَمْ أَرَهُمَا وَبِإِخْوَتِهِ لَمْ يَعْتَرِفْ، وَأَوْلاَدَهُ لَمْ يَعْرِفْ بَلْ حَفِظُوا كَلاَمَكَ وَصَانُوا عَهْدَكَ».

تكوين 29: 32 و1أيام 17: 17 وأيوب 37: 24 خروج 32: 26 إلى 28 إرميا 18: 18 وملاخي 2: 5 و6

ٱلَّذِي قَالَ عَنْ أَبِيهِ الخ إن بني لاوي الذين تكلم عليهم هنا باسم السبط أطاعوا أمر الرب غير مكترثين بآبائهم ولا أمهاتهم ولا إخوتهم كما فُصل في سفر الخروج (انظر خروج 32: 26 - 28) قال بعضهم وأراد بالآباء والأمهات والإخوة الذين عبدوا الأوثان وإن لم يكونوا من سبط لاوي فكانوا في تلك النسبة إليه لأنهم من شعبهم الذي كله من إسرائيل لأن سبط لاوي لم يعبد الأوثان (انظر تفسير خروج 32: 26 - 28).

بَلْ حَفِظُوا كَلاَمَكَ المخاطب هنا الله وترجيع كل ضمير إلى صاحبه سهل هنا ولهذا لم يذكر ما يعيّنه.

10 «يُعَلِّمُونَ يَعْقُوبَ أَحْكَامَكَ وَإِسْرَائِيلَ نَامُوسَكَ. يَضَعُونَ بَخُوراً فِي أَنْفِكَ وَمُحْرَقَاتٍ عَلَى مَذْبَحِكَ».

لاويين 10: 11 وص 17: 9 و10 و11 و24: 8 وحزقيال 44: 23 و24 وملاخي 2: 7 خروج 30: 7 و8 وعدد 16: 40 و1صموئيل 2: 28 لاويين 1: 9 و13 و17 ومزمور 51: 19 وحزقيال 43: 27

يُعَلِّمُونَ يَعْقُوبَ أَحْكَامَكَ كان معلمو الشريعة من اللاويين وكذا خدم الهيكل والمذبح.

11 «بَارِكْ يَا رَبُّ قُوَّتَهُ وَٱرْتَضِ بِعَمَلِ يَدَيْهِ. ٱحْطِمْ مُتُونَ مُقَاوِمِيهِ وَمُبْغِضِيهِ حَتَّى لاَ يَقُومُوا».

2صموئيل 24: 23 ومزمور 20: 3 وحزقيال 20: 40 و41 و43: 27

بَارِكْ يَا رَبُّ قُوَّتَهُ (أي قوة لاوي وفي الأصل العبراني بارك يا رب حيلَه والحَيل هنا بمعنى القوة في العبرانية والعربية وترجمه بعضهم بمقومات العيش وهو المعنى الحقيقي والقوة مجاز مرسل من تسمية المسبب باسم السبب فإن سبب القوة أسباب المعاش) فتكون البركة شاملة لكل إسرائيل لأن أسباب المعاش للاويين كان من الشعب إذ هي العشور التي كانوا يأخذونها من الشعب.

ٱرْتَضِ بِعَمَلِ يَدَيْهِ بخدمته الدينية وكان الارتضاء بهذه الخدمة مصلحة كل الشعب لأنهم كانوا وسطاء بينه وبين الله.

ٱحْطِمْ مُتُونَ مُقَاوِمِيهِ أي كسِّر ظهور أعدائه. قال راشي أشار النبي بهذا إلى الحرب العظيمة التي حميت بين السمعانيين والأجانب في زمن المكابيين فإن متيا الذي أوقد نار تلك الحرب كان كاهناً من بني يوياريب من أورشليم وما كان في عصر عثليا والطيخوس أبيفانيس من رد عبادة الرب أي تجديدها وإنقاذ الشعب من نير الأجانب فإن الذين أتوا ذلك الكهنة (1مكا 2: 1 الخ).

12 «وَلِبِنْيَامِينَ قَالَ: حَبِيبُ ٱلرَّبِّ يَسْكُنُ لَدَيْهِ آمِناً. يَسْتُرُهُ طُولَ ٱلنَّهَارِ، وَبَيْنَ مَنْكِبَيْهِ يَسْكُنُ».

يَسْكُنُ أي الرب لا بنيامين (على تفسير بعض المشاهير والذي يظهر لي أن الفاعل بنيامين).

آمِناً (إما حال من الضمير في يسكن فتكون من الرب وإما من الهاء في «لديه» فتكون من بنيامين على القول بأن فاعل يسكن الرب والذي اعتقده حال من فاعل يسكن وإن ذلك الفاعل بنيامين والهاء في لديه يرجع إلى الرب).

مَنْكِبَيْهِ (المنكب مجتمع رأس الكتف والعضد وفسّر بعضهم المنكبين بسفحي الجبل والظاهر أن في الكلام تمثيلاً وهو أن الله يعتني ببنيامين صغير الأسباط كما يعتني الراعي بصغير الخراف بأن يحمله على مكنبيه فيسكن بينهما آمناً).

13 «وَلِيُوسُفَ قَالَ: مُبَارَكَةٌ مِنَ ٱلرَّبِّ أَرْضُهُ بِنَفَائِسِ ٱلسَّمَاءِ بِٱلنَّدَى، وَبِاللُّجَّةِ ٱلرَّابِضَةِ تَحْتُ».

تكوين 49: 25 تكوين 27: 28

وَلِيُوسُفَ قَالَ (أي لسبط يوسف قال). قال راشي إن بركة موسى ليوسف امتازت عن بركات سائر الأسباط بأنها مأخوذة عن البركة القديمة بركة يعقوب ليوسف (تكوين 49: 22 - 26).

بِاللُّجَّةِ ٱلرَّابِضَةِ تَحْتُ «تصعد مياه اللجة بخاراً يرجع مطراً وفوق ذلك إنها بعودها كذلك ترطب التربة» (راشي). (والظاهر أنه أراد «باللجة الرابضة تحت» المياه التي تحت سطح الأرض التي تجري منها الينابيع والأنهار).

14 «وَنَفَائِسِ مُغَلاَّتِ ٱلشَّمْسِ وَنَفَائِسِ مُنْبَتَاتِ ٱلأَقْمَارِ».

مُغَلاَّتِ ٱلشَّمْسِ... مُنْبَتَاتِ ٱلأَقْمَارِ أي الغلال السنوية والشهرية أو غلال النهار والليل أو الأثمار التي تنمو نهاراً وليلاً (على ما قال المفسرون المشهرورن والظاهر لي أن المعنى الغلال التي نمت ونضجت بحرّ الشمس ونبتت وانتعشت بأنداء الليل. ودل على ذلك بالأقمار لأن القمر سلطان الليل أو لحكمه. وجمع القمر دون الشمس لتغير وجهه على توالي الأيام حتى كأنه أقمار مختلفة فتأمل).

15 «وَمِنْ مَفَاخِرِ ٱلْجِبَالِ ٱلْقَدِيمَةِ، وَمِنْ نَفَائِسِ ٱلإِكَامِ ٱلأَبَدِيَّةِ».

تكوين 49: 26 حبقوق 3: 6

وَمِنْ مَفَاخِرِ ٱلْجِبَالِ ٱلْقَدِيمَةِ (وفي الأصل العبراني «ومن رأس الجبال القديمة» والمعنى كما في المتن العربي لأن الرأس أشرف وأفخر من سواه. وأراد بالقديمة المتقدمة على غيرها بالنفاسة لا في الزمان). قال أحد المفسرين «إذا كانت الجبال مخصبة فأثمارها خير الأثمار. ووُصفت بالقديمة لا لأنه كانت قبل سواها في الزمان بل لأنها بمنزلة البكر في الأمتياز».

ٱلإِكَامِ ٱلأَبَدِيَّةِ (أي التلال الدائمة الأثمار. قال أحد المفسرين «وصفت هذه التلال بالأبدية لا لكونها غير منتقلة كسائر الآكام والجبال حبقوق 3: 6 بل لكون ثمرها دائماً»).

16 «وَمِنْ نَفَائِسِ ٱلأَرْضِ وَمِلْئِهَا، وَرِضَى ٱلسَّاكِنِ فِي ٱلْعُلَّيْقَةِ. فَلْتَأْتِ عَلَى رَأْسِ يُوسُفَ وَعَلَى قِمَّةِ نَذِيرِ إِخْوَتِهِ».

خروج 3: 2 و4 وأعمال 7: 30 و35 تكوين 49: 26

رِضَى ٱلسَّاكِنِ فِي ٱلْعُلَّيْقَةِ إن الله ظهر لموسى في العليقة بلهيب النار فتصوّره موسى أنه ساكن فيها (ولعل هذا لأن صورة ذلك المشهد كانت في خياله كل ما بقي من سني حياته فكان كلما ذكره تصور الله في العليقة يخاطبه حتى كانت كأنها مسكنه). وكان من هذا المشهد تعزية لكنيسة الله على مر العصور وهي أن هيكل الله الإنساني لا يحترق مع أن النار تتوقد فيه. وآخر هذه الآية من سفر التكوين (تكوين 49: 26).

نَذِيرِ إِخْوَتِهِ وفي العبرانية «نزير» (الزاي لا بالذال إذ ليس في العبرانية ذال) وترجمها بعضهم بالمنفصل وفسّر ذلك بأن يوسف كان منفصلاً عن إخوته بأن باعوه فانفصل عنهم. وقال بعضهم ذلك لا يعقل ولعل معناه بعض معنى ناصري الذي وُصف به ربنا (متّى 2: 23). (قلت ونزير بالزاي معناه في العربي قليل محتقر وهذا بعض معنى الناصري لأن أهل الناصرة كانوا محتقرين. ومعناه المشهور في العبرانية منذور وإخوته نذروا أن يقتلوه ولذلك دعي «نذير إخوته» (انظر تكوين 26: 49 و37: 18 و20). والخلاصة أن يوسف كان رمزاً إلى المسيح في احتقار إخوته إياه وبيعه إلى مصر).

17 «بِكْرُ ثَوْرِهِ زِينَةٌ لَهُ، وَقَرْنَاهُ قَرْنَا رِئْمٍ. بِهِمَا يَنْطَحُ ٱلشُّعُوبَ مَعاً إِلَى أَقَاصِي ٱلأَرْضِ. هُمَا رَبَوَاتُ أَفْرَايِمَ وَأُلُوفُ مَنَسَّى».

1أيام 5: 1 عدد 23: 22 ومزمور 92: 10 و1ملوك 22: 11 ومزمور 44: 5 تكوين 48: 19

بِكْرُ ثَوْرِهِ (يراد هنا بالثور القوة والسلطة وقد اشتهرت ثيران باشان بذلك وكانت في أرض منسى (مزمور 22: 1 وعاموس 4: 1). ومن سبطي يوسف ولا سيما أفرايم كان أبطال الحرب. ودُعي يوسف هنا بالبكر لأن بكورية رأوبين أخذها يوسف (انظر 1أيام 5: 1 و2).

هُمَا رَبَوَاتُ أَفْرَايِمَ وَأُلُوفُ مَنَسَّى قال راشي «هذا يشير إلى الربوات التي قتلها يشوع القائد الأفرايمي وإلى الألوف التي قتلها جدعون وهو من سبط منسى». (وقوله «هما» يرجع إلى قرناه والمقصود بهما سبطا أفرايم ومنسى لأنهما من يوسف). وهذه الآية تشبه أغنية النساء الإسرائيليات على أثر الانتصار على الفلسطينيين وهي قولهن «ضَرَبَ شَاوُلُ أُلُوفَهُ وَدَاوُدُ رَبَوَاتِهِ» (1صموئيل 18: 7). وقوله «بهما ينطح الشعوب معاً إلى أقاصي الأرض» إنه يدفع الكنعانيين والمديانيين إلى أقصى أرض الميعاد (قابل بهذا 1ملوك 22: 11 ودانيال 8: 3 و10). (قلت وظاهر النص أن قوة يوسف ربوات أفرايم وألوف منسى فتأمل).

18 «وَلِزَبُولُونَ قَالَ: اِفْرَحْ يَا زَبُولُونُ بِخُرُوجِكَ، وَأَنْتَ يَا يَسَّاكَرُ بِخِيَامِكَ».

تكوين 49: 13 إلى 15

زَبُولُونَ... يَسَّاكَرُ اقترن هذان السبطان بيهوذا في قسم من قيادة إسرائيل في البرية واشتهر الأول بالسجية الحربية والثاني بالحكمة السلمية (انظر قضاة 5: 18 و1أيام 22: 32 و33 وقابل بهذه البركة بركة يعقوب في تكوين 49: 14 و15). (وذُكر هذان السبطان معاً لأنهما ابنا يعقوب من ليئة وكانا متجاورين في أرض كنعان. وذكر خروج زبولون هنا لأنه كان يخرج للحرب. وذكرت خيام يساكر لأنه كان يعتني بالحراثة والمواشي).

19 «إِلَى ٱلْجَبَلِ يَدْعُوانِ ٱلْقَبَائِلَ. هُنَاكَ يَذْبَحَانِ ذَبَائِحَ ٱلْبِرِّ لأَنَّهُمَا يَرْتَضِعَانِ مِنْ فَيْضِ ٱلْبِحَارِ، وَذَخَائِرَ مَطْمُورَةٍ فِي ٱلرَّمْلِ».

إشعياء 2: 3 مزمور 4: 5

إِلَى ٱلْجَبَلِ يَدْعُوانِ ٱلْقَبَائِلَ أي أنهما يدعوان أسباط إسرائيل إلى جبل المريا ليقدموا ذبائح البر (انظر 2أيام 30: 11و 18).

20 «وَلِجَادَ قَالَ: مُبَارَكٌ ٱلَّذِي وَسَّعَ جَادَ. كَلَبْوَةٍ سَكَنَ وَٱفْتَرَسَ ٱلذِّرَاعَ مَعَ قِمَّةِ ٱلرَّأْسِ».

يشوع 13: 10 الخ و1أيام 12: 8 الخ

مُبَارَكٌ ٱلَّذِي وَسَّعَ جَادَ (أي وسع نصيبه من الأرض انظر يشوع 13: 24 - 28).

كَلَبْوَةٍ سَكَنَ فإنه «مِنَ ٱلْجَادِيِّينَ... جَبَابِرَةُ ٱلْبَأْسِ رِجَالُ جَيْشٍ لِلْحَرْبِ... وُجُوهُهُمْ كَوُجُوهِ ٱلأُسُودِ» (1أيام 12: 8).

21 «وَرَأَى ٱلأَوَّلَ لِنَفْسِهِ، لأَنَّهُ هُنَاكَ قِسْمٌ مِنَ ٱلشَّارِعِ مَحْفُوظاً، فَأَتَى رَأْساً لِلشَّعْبِ يَعْمَلُ حَقَّ ٱلرَّبِّ وَأَحْكَامَهُ مَعَ إِسْرَائِيلَ».

عدد 32: 16 و17 يشوع 4: 12

رَأَى ٱلأَوَّلَ لِنَفْسِهِ أي اختار القسم الأول من الأرض وهي الأرض الأولى التي استولى عليها موسى وقسمها على رأوبين وجاد ونصف سبط منسى (عدد 32: 1 الخ).

قِسْمٌ مِنَ ٱلشَّارِعِ أي موسى صاحب الشريعة أعطاهم ذلك القسم الأول.

فَأَتَى رَأْساً لِلشَّعْبِ الخ أي أتى جاد أو الجاديون ومن ورثوا معهم إلى أرض كنعان في مقدمة الأسباط لمحاربة الكنعانيين بأمر موسى ويشوع (يشوع 1: 12 - 18).

22 «وَلِدَانَ قَالَ: دَانُ شِبْلُ أَسَدٍ يَثِبُ مِنْ بَاشَانَ».

يشوع 19: 47 وقضاة 18: 27

دَانُ شِبْلُ أَسَدٍ (شجاع قوي سريع الوثب). وشبهه يعقوب بحية وأفعوان فإذاً أسد سبط دان ليس كأسد سبط يهوذا (تكوين 49: 17 انظر أيضاً تكوين 49: 9).

يَثِبُ مِنْ بَاشَانَ جاء في قاموس الكتاب المقدس للدكتور جورح بوست «باشان قطيعة من أرض كنعان واقعة شرقي الأردن بين جبلي حرمون وجلعاد (مزمور 68: 15). وكانت باشان تشمل حوران والجولان واللجاه». وكلها مؤلفة من صخور وأتربة بركانية. وتربتها مخصبة للغاية. وماؤها غزير ويزرع فيها الحنطاء والشعير والسمسم والذرة والعدس والكرسنّة. ويحدها شمالاً أراضي دمشق وشرقاً بادية سورية وجنوباً أرض جلعاد وغرباً غور الأردن. ويخترق جانبها الشرقي جبل الدروز وهو جبل باشان القديم. ويمر بالجولان سلسلة تلال من الشمال إلى الجنوب هي براكين قديمة مطفية. أما مقاطعة اللجاه فهي حقل من اللافا أي الصخر البركاني قد انسكبت قديماً من تل شيحان وهو فم بركان قديم بقرب شحبة. وذُكرت باشان نحو ستين مرة في الكتاب المقدس.

وكان سكان باشان القدماء الرفائيين (تكوين 14: 5) وتوجهت الهزيمة على عوج ملكها فقتله الإسرائيليون (عدد 21: 33 و32: 33) واقتسموا أرضه. وقد اشتهرت بسبب مرعاها ومواشيها وأشجارها (ص 32: 14 ومزمور 22: 12 وإشعياء 2: 13 وإرميا 50: 19 وحزقيال 39: 18) وفيها من الآثار ما يؤيد صدق الكتاب المقدس (تثنية 3: 3 - 13 ويشوع 13: 30) ومن أبنيتها أربعة أنواع:

  1. مغاور للسكن.

  2. مناجم تحت الأرض يبلغ طولها 150 قدماً ويتفرع منها أزقة تحت الأرض بجانبها بيوت تنفتح كواها في سقفها.

  3. بيوت منقورة في الصخر.

  4. بيوت مبنية من حجارة منحوتة وأبوابها وكواها من الحجر أيضاً.

وذُكر جبل باشان مع جبل الله (مزمور 68: 15). ولُقب الظالمون من إسرائيل ببقرات باشان (عاموس 4: 1) واستُعير الثيران أقوياء باشان لأعداء المسيح (مزمور 22: 12).

والمرجّح أن النبي أشار بهذه العبارة إلى أخذ لايش فإنهم أخذوها فجأة إذ وثبوا إليها كما يثب الأسد إلى الفريسة (قضاة 18: 27 و28).

23 «وَلِنَفْتَالِي قَالَ: يَا نَفْتَالِي ٱشْبَعْ رِضىً، وَٱمْتَلِئْ بَرَكَةً مِنَ ٱلرَّبِّ، وَٱمْلِكِ ٱلْغَرْبَ وَٱلْجَنُوبَ».

تكوين 49: 21 يشوع 19: 32 الخ

يَا نَفْتَالِي... ٱمْلِكِ ٱلْغَرْبَ وَٱلْجَنُوبَ وفي الأصل العبراني «املك البحر والجنوب» ولم يكن في سهم نفتالي من بحر سوى بحر الجليل (وهذا كان غرباً من موقف المتكلم). وهذا البحر لم يشتهر في الكتاب المقدس إلا في الزمان الذي كان فيه مخلصنا في أرض زبولون ونفتالي التي فيها ملك بأصحابه الجليليين الغرب والجنوب وأخذ أمم الأرض ميراثاً له وأقاصي الأرض ملكاً له.

24 «وَلأَشِيرَ قَالَ: مُبَارَكٌ مِنَ ٱلْبَنِينَ أَشِيرُ. لِيَكُنْ مَقْبُولاً مِنْ إِخْوَتِهِ، وَيَغْمِسْ فِي ٱلزَّيْتِ رِجْلَهُ».

تكوين 49: 20 أيوب 29: 6

مُبَارَكٌ مِنَ ٱلْبَنِينَ أَشِيرُ أي أكثر البنين مباركة لكن قال راشي «إنك لا ترى من الأسباط مباركاً في البنين مثل أشير ولا أستطيع أن أقول لماذا كان كذلك» (فظهر من هذا أن المعنى أن أشير كان ذا بنين مباركين كثيراً أكثر من بني سائر الأسباط).

لِيَكُنْ مَقْبُولاً مِنْ إِخْوَتِهِ (أي محبوباً من سائر أسباط إسرائيل لأن أقواله كانت حسنة (تكوين 49: 21.

يَغْمِسْ فِي ٱلزَّيْتِ رِجْلَهُ هذا كناية عن كثرة الخصب فإنه طلب له أن تكون أرضه ذات خصب كثير حتى لو أراد أن يغسل رجليه بالزيت بدل الماء لاستطاع.

25 «حَدِيدٌ وَنُحَاسٌ مَزَالِيجُكَ، وَكَأَيَّامِكَ رَاحَتُكَ».

ص 8: 9

حَدِيدٌ وَنُحَاسٌ مَزَالِيجُكَ وفي العبرانية «برزل ونحشت منعلك» ولهذا ترجمها بعضهم «حديد ونحاس نعالك» والمشهور أن النعال في العبرانية «نعلوت» (يشوع 9: 25) و «نعليم» (حزقيال 24: 23) وهنا حُذفت الميم للإضافة. والمفرد «نعل» كما في العربية (تكوين 14: 23 وتثنية 25: 9 و10 و29: 5 في العربية وع 4 في العبرانية). ولم تأت لفظة «منعل» في غير هذا الموضع من الكتاب المقدس (قال بعضهم) والأرجح أن معناها أقفال أو متارس (جمع مترس وهو خشبة توضع خلف الباب لتمنع فتحه من خارج. والمزاليج في العربية جمع مزلاج وهو المغلاق إلا أنه يفتح باليد والمغلاق يفتح بالمفتاح فيعم ما يسميه بعض العامة بالدقرة وبعضهم بالسكرة بلا أسنان والمترس هو ما يعرف عند بعضهم بالدقر وعند بعضهم بالنجر). والمعنى أن أرضه تكون حصينة ودعا له بذلك لأن حدها ثغور فكانت عرضة لغزو الأعداء فإنه إذا كانت مزاليجها حديداً ونحاساً كانت منيعة جداً. وذُكر الحديد والنحاس معاً للمنعة في سفر المزامير (مزمور 107: 16) وفي سفر إشعياء (إشعياء 45: 2).

وَكَأَيَّامِكَ رَاحَتُكَ (أو قوتك انظر حاشية التوراة بالشواهد والترجمة الانكليزية والترجوم والترجمة السبعينية). وجاء في التفاسير اليهودية أن معنى ذلك «لتكن قوتك في الشيخوخة كقوتك في الشبيبة» أو «لتكن قوياً مدة أيامك» والقول الثاني هو الموافق للكلام (والمعنى على الترجمة العربية لتكن مستريحاً كل أيام حياتك).

26 «لَيْسَ مِثْلَ ٱللّٰهِ يَا يَشُورُونُ. يَرْكَبُ ٱلسَّمَاءَ فِي مَعُونَتِكَ وَٱلْغَمَامَ فِي عَظَمَتِهِ».

خروج 15: 11 ومزمور 86: 8 وإرميا 10: 6 ص 32: 15 مزمور 68: 4 و33 و34 و104: 3 وحبقوق 3: 8

لَيْسَ مِثْلَ ٱللّٰهِ يَا يَشُورُونُ أي ليس من مثل لله يا إسرائيل المحبوب فصخر الأمم ليس كصخرنا (انظر تفسير ص 32: 15).

يَرْكَبُ ٱلسَّمَاءَ فِي مَعُونَتِكَ (أي يرافقك في خروبك كما كان يرافق بني إسرائيل في البرية على متن السماء وآيته عمود النار والسحاب).

وَٱلْغَمَامَ فِي عَظَمَتِهِ (أي ويركب الغمام وهو تفسير لقوله «يركب السماء» وقد جاء الركوب لهذا المعنى في مواضع كثيرة من الكتاب المقدس. انظر مزمور 68: 4 و33 و34 و104: 3 وإشيعاء 19: 1 وحبقوق 3: 8).

27 «ٱلإِلٰهُ ٱلْقَدِيمُ مَلْجَأٌ، وَٱلأَذْرُعُ ٱلأَبَدِيَّةُ مِنْ تَحْتُ. فَطَرَدَ مِنْ قُدَّامِكَ ٱلْعَدُوَّ وَقَالَ: أَهْلِكْ».

مزمور 90: 1 ص 9: 3 و4 و5

ٱلإِلٰهُ ٱلْقَدِيمُ أي الذي لا بداءة له. والأزلي لا بد منه وإلا كان الوجود من عدم وهو محال.

مَلْجَأٌ وفي الأصل العبراني «معنه» أو «معونة» وجاء في المزمور التسعين «أدني... معون» أي ملجأ. (والعبارة استئنافية واقعة موقع التعليل لقوله «يركب السماء في معونتك» أي الرب يعينك ويحارب معك لأنه ملجأ. ولو قيل لأنه عون أو معونة لكان أنسب ولعل هذا المعنى مما يحتمله الأصل العبراني وإسناد المصدر إلى الذات هنا للمبالغة فقوله «الإله القديم عون» كقوله «الله محبة».

وَٱلأَذْرُعُ ٱلأَبَدِيَّةُ مِنْ تَحْتُ هذا متعلق بقوله «يركب السماء في معونتك» ووقع الإنشاء التعليلي معترضاً فكأنه قال يعينك من فوقك ويقويك من تحتك بقوته الدائمة لأنه قدير أزلي والقدير الأزلي قدرته أبدية.

فَطَرَدَ... ٱلْعَدُوَّ أي لكونه لا نظير له في القدرة (كسائر الصفات) دفع العدو.

وَقَالَ: أَهْلِكْ (أي أهلك العدو بمجرد أمره الإرادي كما قال للعالم كن فكان).

28 «فَيَسْكُنَ إِسْرَائِيلُ آمِناً وَحْدَهُ. تَكُونُ عَيْنُ يَعْقُوبَ إِلَى أَرْضِ حِنْطَةٍ وَخَمْرٍ، وَسَمَاؤُهُ تَقْطُرُ نَدىً».

عدد 23: 9 وإرميا 23: 6 و33: 16 ص 8: 7 و8 تكوين 27: 28 وص 11: 11

فَيَسْكُنَ إِسْرَائِيلُ آمِناً أي مطمئناً لا شيء يقلقه ولا خوف يعروه. «في أيام (أي أيام المسيح) يخلص يهوذا ويسكن إسرائيل آمناً» ولكن لا يكون ذلك في تلك الأيام إلا متى عرفوا أن يتكلموا على «الأذرع الأبدية».

تَكُونُ عَيْنُ يَعْقُوبَ الخ (أي عيون آل يعقوب أي تنظر عيون بني إسرائيل إلى أرض تغل الحنطة والعنب الذي تكون منه الخمر).

سَمَاؤُهُ تَقْطُرُ نَدىً (انظر تفسير تكوين 27: 28).

29 «طُوبَاكَ يَا إِسْرَائِيلُ! مَنْ مِثْلُكَ يَا شَعْباً مَنْصُوراً بِٱلرَّبِّ، تُرْسِ عَوْنِكَ وَسَيْفِ عَظَمَتِكَ! فَيَتَذَلَّلُ لَكَ أَعْدَاؤُكَ، وَأَنْتَ تَطَأُ مُرْتَفَعَاتِهِمْ».

مزمور 144: 15 و2صموئيل 7: 23 مزمور 115: 9 إلى 11 و2صموئيل 22: 45 ومزمور 18: 44 و66: 3 و81: 15 ص 32: 13

طُوبَاكَ يَا إِسْرَائِيلُ (بعد أن بارك الأسباط أخذ يغبط كل شعب إسرائيل ويهنئه بعناية ربه القدير وعونه. وطوبى مصدر بمعنى الطِّيب مصدر طاب الشيء إذ لذّ وذكا وحسن وحلا وجلَّ وجاد وتُستعمل هذه الكلمة بمعنى الغبطة والسعادة والحسنى والخير. وهي في العبارة مضافة إلى ضمير المخاطب ويكثر استعمالها بلا إضافة فيقال طوبى لك).

مَنْ مِثْلُكَ (الاستفهام إنكاري فالمعنى لا أحد مثلك أو لا شعب مثلك).

مَنْصُوراً بِٱلرَّبِّ (أي ينصره الرب دائماً).

تُرْسِ عَوْنِكَ أي واقيك ربك المعين لك كما يقي الترس حامله. فدعا الله هنا عوناً للمبالغة وكذا يقال في أمثاله من استعارة المعنى للذات (مزمور 115: 9 - 11).

وَسَيْفِ عَظَمَتِكَ (أي دافع عنك إلهك المعظم لك كما يدفع السيف عن الضارب به. ودعوته الله هنا عظمة كدعوته إياه عوناً).

فَيَتَذَلَّلُ لَكَ أَعْدَاؤُكَ «مِنْ عِظَمِ قُوَّتِكَ تَتَمَلَّقُ لَكَ أَعْدَاؤُكَ» (مزمور 66: 3). والمعنى أن أعداء إسرائيل يخضعون له ويطرحون أنفسهم عند قدميه لأنه ترس عونه وسيف عظمته. ويبين معنى هذا حسناً ما فعله شمعي بن جيرا أمام داود وهو راجع إلى أورشليم (انظر 2صموئيل 19: 18). وهذا نهاية بركة موسى أسباط إسرائيل أفراداً والشعب إجمالاً.

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ وَٱلثَّلاَثُونَ

موت موسى

1 «وَصَعِدَ مُوسَى مِنْ عَرَبَاتِ مُوآبَ إِلَى جَبَلِ نَبُو، إِلَى رَأْسِ ٱلْفِسْجَةِ ٱلَّذِي قُبَالَةَ أَرِيحَا، فَأَرَاهُ ٱلرَّبُّ جَمِيعَ ٱلأَرْضِ مِنْ جِلْعَادَ إِلَى دَانَ».

عدد 27: 12 و33: 47 وص 32: 49 ص 3: 27 تكوين 14: 14

عَرَبَاتِ مُوآبَ (ما في وادي الأردن تجاه أريحا).

جَبَلِ نَبُو (هو المعروف عند العرب بجبل نبا وهو أحد جبال سلسلة عباريم تجاه أريحا).

ٱلْفِسْجَة معناها في أصل الوضع رابية أو تل مرتفع وهي هنا عَلَم لأكمة على قنة جبل نبو (انظر عدد 21: 20).

أَرِيحَا مدينة من أقدم مدن الأرض المقدسة في بلاد بنيامين على غاية عشرين ميلاً من أورشليم وميلين من الأردن ولا تزال تعرف بهذا الاسم إلى اليوم.

جِلْعَادَ (المرجّح أنها الأرض من شرقي الأردن إلى بلاد العرب ومنها ما يُعرف بالبلقاء اليوم).

دَانَ (مدينة في التخم الشمالي من أرض إسرائيل في سبط نفتالي على سفح حرمون المعروف اليوم بجبل الشيخ عند تل القاضي وبعض مخارج الأردن. زعم بعضهم أنها بانياس ورجّح جماعة أنها تلّ القاضي).

(إن الرب أرى موسى كل هذه الأماكن والأماكن المذكورة في الآية الآتية على ما ذكر في (ص 3: 27 و32: 52).

2 «وَجَمِيعَ نَفْتَالِي وَأَرْضَ أَفْرَايِمَ وَمَنَسَّى، وَجَمِيعَ أَرْضِ يَهُوذَا إِلَى ٱلْبَحْرِ ٱلْغَرْبِيِّ».

ص 11: 24

نَفْتَالِي (أي أرض سبط نفتالي وهي في القسم الشمالي من بلاد الإسرائيليين (يشوع 19: 32 - 39) منها الليطاني والأردن وبحر الجليل).

أَرْضَ أَفْرَايِمَ (حدود هذه الأرض البحر المتوسط غرباً والأردن شرقاً وبعض أرض منسى شمالاً وبعض أرض دان وبنيامين جنوبا وكان من مدنها شيلوه).

مَنَسَّى (أي أرض نصف سبط منسى الغربي وكان غربي الأردن في جوار أفرايم أما النصف الآخر فكان نصيبه شرقي الأردن وكان يمتد من حوران إلى جبل الشيخ).

أَرْضِ يَهُوذَا جاء في قاموس الكتاب المقدس للدكتور جورج بوست ما نصه «أرض يهوذا وُصفت في يشوع ص 15 ولم يمتلكوها كلها لأن مدن الساحل كأشدود وغزة وأشقلون وعقرون وغيرها بقيت في أيدي الفلسطينيين وكانت حدود نصيبهم من البحر المتوسط إلى بحر لوط ومن بيت حجلة (عين حجلة) إلى الجنوب الشرقي من أريحا وعين شمس بقرب بيت عنيا إلى عين روجل ووادي بني هنوم ومياه نفتوح وقريبة يعاريم وبيت شمس وتمنة وعقرون وينبيئيل 4 أميال جنوبي يافا (يشوع 15: 5 - 11). ويظهر إن نهر روبين جنوبي يافا كان التخم الشمالي هناك. ويظهر من ذلك أن أورشليم كانت خارج أرض يهوذا تماماً. وكان التخم الجنوبي من بحر لوط إلى نهر العريش. وكان عرض هذه الأرض من الغرب إلى الشرق نحو 50 ميلاً وطولها من الجنوب إلى الشمال نحو 45 ميلاً».

ٱلْبَحْرِ ٱلْغَرْبِيِّ (وهو بحر الروم ويعرف أيضاً بالبحر المتوسط انظر ص 11: 24).

وبقي هنا مسئلة كثرت فيها المناقشات وهي أنه هل صعد موسى وحده إلى جبل نبو وهل رافقه يشوع بن نون الذي كتب هذا النبأ. قال بعضهم أنا أعتقد أنه كما رافق أليشع إيليا رافق يشوع موسى وكما أن إيليا ظل يخاطب أليشع إلى أن خطفته المركبة النارية عن تلميذه ظل موسى يخاطب يشوع إلى أن واراه الله عن عيني تلميذه وإن يشوع نفسه هو كاتب هذا النبإ وإن يشوع لحكمة كتم أنه كان مع موسى ولم يذكر من كل أمور المشهد سوى أمر الرب وعبده موسى. قال راشي في تفسير هاتين الآيتين وفي كلامه على هذا المشهد «إن الرب لم يقتصر علة أن يُعلن لموسى الأرض بل زاد على ذلك أن أعلن له ما سيحدث في كل من أجزائها. ولم نعرف شيئاً من تلك الأمور إنما نعلم أن المشهد كان كاملاً وإن عين المشاهد لم تكن مظلمة كالعين البشرية في مثل ذك المشهد العظيم فكانت ترى الأطراف البعيدة. والبحر الغربي على غاية خمسين ميلاً من ذلك الموقف» (أي رأس الفسجة).

3 «وَٱلْجَنُوبَ وَٱلدَّائِرَةَ بُقْعَةَ أَرِيحَا مَدِينَةِ ٱلنَّخْلِ، إِلَى صُوغَرَ».

قضاة 1: 16 و3: 13 و2أيام 28: 15

ٱلْجَنُوبَ وفي العبرانية «نجب» (נגב).

ٱلدَّائِرَةَ سهل الأردن.

أَرِيحَا مَدِينَةِ ٱلنَّخْلِ يصحّ أن تكون أريحا نفسها مدينة النخل (وهو الظاهر) ويصحّ أن تكون مدينة النخل مكاناً في جوار أريحا ولعلها سُميت كذلك لكثرة النخل فيها وفي ضواحيها.

صُوغَرَ إحدى مدن الدائرة (انظر تكوين 3: 10 والتفسير).

4 «وَقَالَ لَهُ ٱلرَّبُّ: هٰذِهِ هِيَ ٱلأَرْضُ ٱلَّتِي أَقْسَمْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ قَائِلاً: لِنَسْلِكَ أُعْطِيهَا. قَدْ أَرَيْتُكَ إِيَّاهَا بِعَيْنَيْكَ، وَلٰكِنَّكَ إِلَى هُنَاكَ لاَ تَعْبُرُ».

تكوين 12: 7 و13: 15 و15: 18 و26: 3 و28: 13 ص 3: 27 و32: 52

قال راشي في تفسير هذه الآية «يا موسى يمكنك أن تذهب وتقول لإبراهيم وإسحاق ويعقوب إن القسم الذي أقسمه لكم القدوس تبارك قد وفى به» ولكن أهل الفردوس لا نظنهم مفتقرين إلى من ينبئهم بأن الله أمين لا يخلف الميعاد ولا يحنث.

5 «فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ ٱلرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ حَسَبَ قَوْلِ ٱلرَّبِّ».

ص 32: 50 ويشوع 1: 1 و2

حَسَبَ قَوْلِ ٱلرَّبِّ وفي العبرانية «على في يهوه» أي على فم الرب ولذلك قال مفسرو اليهود «أي مات بقبلة» والصحيح ما في الترجمة العربية فإن هذه العبارة كثيراً ما جاءت بمعنى القول فإنه تقضت سنون على موسى وهو يفعل بمقتضى «في يهوه» أو فم الرب. وأطاع موسى «فم الرب» في كل أعماله إلا يوم ضرب الصخرة والرب قال له كلمها وبقي على موسى أن يطيع آخر أمر من أوامره تعالى على هذه الأرض وهو أن يضطجع ويموت على فم الرب أي على مقتضى قوته. وفي قصة أيام موسى الأخيرة ما يُعجب منه من إنكار الذات فلا ذكر لرغبته في العالم غير المنظور ولا بيان لرجائه. فبولس الرسول قال ما لم يقله موسى في آمال الحياة الآتية. وكان موت موسى مصدر غموم لشعبه وألم لنفسه لأنه لم يستطع أن يعبر الأردن ويرى أعمال الرب في الجانب الآخر من ذلك النهر. وان سكوته غريباً وسكوته عجيباً لكنه مات ملتصقاً بالرب. والمرجّح أنه علم أنه لا يتلاشى وإنه يكون بوجدانه في عالم آخر تحيط به فيه «الأذرع الأبدية» على ما قال آنفاً. إن الرب كان معه فلم يخف شراً. إنه لم يعتره خوف حتى لم يخل أنه محتاج إلى أن يقول «إذا مشيت في واد يظل الموت لا أخاف شراً».

6 «وَدَفَنَهُ فِي ٱلْجِوَاءِ فِي أَرْضِ مُوآبَ، مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ. وَلَمْ يَعْرِفْ إِنْسَانٌ قَبْرَهُ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

يهوذا 9

وَدَفَنَهُ أي دفنه الرب. ولم يكن هذا الإكرام لغير موسى فإن ابن الله دفنه للناس الخطأة.

ٱلْجِوَاءِ (بطن من الأرض أو وادٍ واسع فهو من جوى لا جمع جوّ وهو الوادي الواسع أيضاً وهو في العبرانية حي).

بَيْتِ فَغُورَ مكان في الفسجة.

وَلَمْ يَعْرِفْ إِنْسَانٌ قَبْرَهُ قال بعض المفسرين المسيحيين اعتقدت وما فتئت أعتقد أن الخصام بين ميخائيل والشيطان على جسد موسى (يهوذا ع 9) كان في الواقع على قيامة جسده فإن موسى كان يقوم من الموت والشيطان يمنعه من ذلك. ولا نعلم متى كان ذلك الخصام ولكن نعلم أن إيليا الذي نُقل إلى السماء بلا موت وموسى الذي مات ودُفن كانا معاً في المجد على الجبل المقدس ولم يفرق العهد الجديد بينهما. ويصعب القول بمشاهدة موسى رجلاً ونفسه لم تعد إلى جسده أو جسده لم يُنشر من مدفنه وتحلّ نفسه به.

إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ هذا دليل قاطع على أن هذه العبارة كُتبت بعد موت موسى بزمن ليس بقصير وكاتبها يشوع أو غيره من الملهمين.

7 «وَكَانَ مُوسَى ٱبْنَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَاتَ، وَلَمْ تَكِلَّ عَيْنُهُ وَلاَ ذَهَبَتْ نَضَارَتُهُ».

ص 31: 2 تكوين 27: 1 و48: 10 ويشوع 14: 10 و11

لَمْ تَكِلَّ عَيْنُهُ (لم يضعف بصرها من الكبر).

وَلاَ ذَهَبَتْ نَضَارَتُهُ (أي ما جفّ ماء وجهه فذهب رونقه).

8 «فَبَكَى بَنُو إِسْرَائِيلَ مُوسَى فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ ثَلاَثِينَ يَوْماً. فَكَمُلَتْ أَيَّامُ بُكَاءِ مَنَاحَةِ مُوسَى».

تكوين 5: 3 و10 وعدد 20: 29

فَبَكَى بَنُو إِسْرَائِيلَ مُوسَى... ثَلاَثِينَ يَوْماً كما بكوا على هارون (عدد 20: 29). ومما يستحق التأمل هنا أن هذا السفر ذكر موت هارون ودفنه (ص 10: 6) ولم يذكر موت مريم ودفنها ولكن ذُكر في سفر العدد أنها دُفنت في قادش (عدد 20: 1).

9 «وَيَشُوعُ بْنُ نُونٍ كَانَ قَدِ ٱمْتَلأَ رُوحَ حِكْمَةٍ، إِذْ وَضَعَ مُوسَى عَلَيْهِ يَدَيْهِ، فَسَمِعَ لَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَعَمِلُوا كَمَا أَوْصَى ٱلرَّبُّ مُوسَى».

إشعياء 11: 2 ودانيال 6: 3 عدد 27: 18 و23

لعل هذه الآية واقعة موقع التعليل لقوله في الآية السابقة «فكملت أيام بكاء مناحة موسى» فكأنه قال فكف الإسرائيليون عن النوح لأن يشوع بن نون تبين أنه يقدر أن يقوم بما يحتاج إليه الشعب.

ٱمْتَلأَ رُوحَ حِكْمَةٍ أي كان كامل الحكمة التي تحتملها الطاقة البشرية.

وَضَعَ مُوسَى عَلَيْهِ يَدَيْهِ (انظر عدد 27: 18 و23) وهذا أول مثال لهذا الرسم في الكتاب المقدس.

وَعَمِلُوا كَمَا أَوْصَى ٱلرَّبُّ مُوسَى لم يقل كما أوصى الرب يشوع لأن يشوع لم يخرج عن الشريعة التي وضعها سيده موسى فإذا كان استماع بني إسرائيل ليشوع كاستماعهم لموسى.

10 - 12 «10 وَلَمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ مِثْلُ مُوسَى ٱلَّذِي عَرَفَهُ ٱلرَّبُّ وَجْهاً لِوَجْهٍ، 11 فِي جَمِيعِ ٱلآيَاتِ وَٱلْعَجَائِبِ ٱلَّتِي أَرْسَلَهُ ٱلرَّبُّ لِيَعْمَلَهَا فِي أَرْضِ مِصْرَ بِفِرْعَوْنَ وَبِجَمِيعِ عَبِيدِهِ وَكُلِّ أَرْضِهِ، 12 وَفِي كُلِّ ٱلْيَدِ ٱلشَّدِيدَةِ وَكُلِّ ٱلْمَخَاوِفِ ٱلْعَظِيمَةِ ٱلَّتِي صَنَعَهَا مُوسَى أَمَامَ أَعْيُنِ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ».

ص 18: 15 و18 خروج 33: 11 وعدد 12: 6 و8 وص 5: 4 ص 4: 34 و7: 19

وَلَمْ يَقُمْ الخ المرجّح أن هذه الآيات كُتبت بعد عصر يشوع بزمن طويل لأنها تقتضي أنه قام في بني إسرائيل عدة أنبياء بعد موسى. وقد أبان الله امتياز موسى على سواه في سفر العدد أحسن إبانة (انظر تفسير عدد 12: 7 و8).

 
Call of Hope  
P.O.Box 10 08 27  
D-70007 
Stuttgart 
Germany