العودة الى الصفحة السابقة
أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي (يوحنا 14: 6)

أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي (يوحنا 14: 6)


كل صاحب مبدأ يظن مذهبه أفضل طريق للحياة، ولكنه ينتهي بالموت وأمام وجه الله الديّان.

ولما جاء المسيح إلى عالمنا لم يرسم لنا طريق الحياة المثالية والشريعة نظرياً، بل جعل من حياته نموذجاً لسلوكنا. إن المسيح هو في شخصيته الطريق الوحيد المؤدي إلى الله. فكانت القوة الإلهية حالة في المسيح وظاهرة بالمحبة. فمن تبع مبادئه يرضي الله. وأما من حاد عنه فنصيبه الهلاك.

من يتعمق في محبة المسيح، ويدرك جلاله تزول قساوة قلبه وتظهر له أخطاؤه، فتتوبخ أنانيته وتنكسر. فكل من أحب المسيح فقد وجد الطريق الحق إلى الله. والمسيح هو المقياس الصحيح والهدف لحياتك. فإذا عرفت ذلك فلا تكافح بعدئذ لشرفك الباطل وحقوقك الدنيوية، لأننا كلنا مذنبون. ولا حق لنا حتى بالعيش. هكذا المسيح يحررك من الظنون الكاذبة بأن الإنسان صالح من نفسه، فتترك الفلاسفة وشعورك بأنك تقي، لأنك تختبر فساد جميع البشر. طوبى لك إن أدركت عدم استحقاقك والتمست من المسيح أن يهبك بره واستحقاقه. وبهذا تصل إلى الطريق الصحيح الذي لا عوج فيه.

أما المعجزة العظيمة في المسيح، فهي أنه يمنحك رغم خبثك حقاً جديداً، حق النعمة والغفران. لقد كفّر عن خطاياك على الصليب، وموته فدى آثامك، ودمه غسل نجاساتك، ومحبته تغلب فسادك. إن آمنت بالمصلوب تتبرر وتصبح سعيداً حقاً، لأن في المسيح وحده تجد حقك المبين الجديد كهبة الله إليك لتبريرك.

ولا تنس أنك لم تتبرر بمجهودك الشخصي، ولم يطلب المسيح منك إصلاح نفسك بنفسك، لأنك غير نافع. المسيح وحده يبررك ويصلحك، فهو بذاته حقك الوحيد الأبدي أمام الله، إن آمنت به.

وعلى أساس هذا البر الجديد، يجدد المسيح حياتك ويعطيك قوة الله المقتدرة لسلوك جديد. لأن المسيح هو ينبوع الحياة والمحيي الذي يمنحك حياته. فالمال والملذات والعلوم كلها تزول ولا تشبعك. ولكن من استلم الحياة الأبدية بالتوبة والإيمان يمتلئ سروراً وسلاماً ومحبة. وهذه هي الحياة الصحيحة المرغوبة فيك.

في حياة المسيح كان السر العظيم روح الله العامل. وكما كان هو ممتلئاً من الروح القدس، يمكنك أن تمتلئ أيضاً بحياة الله. فبواسطة كلمته يأتي روح المسيح ليحل عليك. وبهذا الحلول تنال الحياة الأبدية اليوم. فالمسيح نفسه هو الحياة الأبدية. وقصده أن يغرس فيك حياته بواسطة روحه.

فهذه الحياة عكس الأنانية. ومن يعش في المسيح لا يعش لنفسه بل يطلب الإخوة. والمسيح يسكن في كل قديسيه بنفس الوقت، لأن روح الله واحد. ومن يشترك في حياته، يصر عضواً في جسده الروحي وهيكل كنيسته.

إن أرشدك المسيح إلى معرفة الله، وقبلته متخلصاً من خطاياك، تحصل على دخول حر إلى الله، وتدرك أنه أبوك السماوي. منذ مجيء المسيح إلى عالمنا لم يبق الله مختبئاً أو مخيفاً أو ثقيلاً علينا، لأنه أعلن أنه آت وأنه محبة. ومن يعد إلى الله كابنه الضال، يتأكد أنه صار في دم المسيح وروحه ابناً لله الحي.

تعال إلى المسيح لأنه طريقك وحقك وحياتك. ليس طريق آخر إلى الله إلا بالمصلوب. قد فتح لك الباب المؤدي إلى الآب. حقاً المسيح هو الرجاء الوحيد لعالمنا المضطرب.