العودة الى الصفحة السابقة
إِنِّي مَلِكٌ. لِهٰذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهٰذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى ٱلْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ ٱلْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي (يوحنا 18: 37)

إِنِّي مَلِكٌ. لِهٰذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهٰذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى ٱلْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ ٱلْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي (يوحنا 18: 37)


الملوك والزعماء يتسلطون على شعوبهم، فيفرضون عليهم الضرائب ويأخذون جنوداً لتثبيت دولهم. والكل من بعدئذ يموت. ولا تقوم دولة بدون مال وسلاح. ورغم ذلك كل الممالك تتلاشى. والتي تكون حضارتها قوية، تبقى مئات السنين وتزول أيضاً.

ومملكة واحدة فقط تدوم للأبد. إنها ملكوت الحق. وليست من العالم لأن كل الناس كاذبون مراءون. ولا يقولون الحق كله باستقامة. وكثيراً ما لا نفهم حقيقة المعاني والدوافع في الأمور المختلفة ولا نعرف تفاصيل الأوضاع التي تجبل الناس على ما هم عليه. فأكثر ما يقوله البشر سطحي خاطئ.

وأما الله فإنه يعرفنا ويرانا كما نحن في أعماق قلوبنا. وهو يدرك أشواق قلوبنا. وتنكشف له أعمالنا الشريرة وضعفاتنا الظاهرة وخوفنا الكامن في الأذهان. الله في ذاته هو الحق. وبنسبة قداسته كلنا مجرمون. هو المستقيم الصادق. الممتلئ بالمحبة والرحمة. أما نحن فنظهر أمام مجده نجسين أنانيين كذابين. وليس الإنسان الحق بالدخول إلى مملكة حق الله. امتحن لسانك. كم مرة بالغت أو خلصت نفسك من الخطر بواسطة كذبة بيضاء. أو تعمدت الكذب!؟ فهكذا تُحرم من ملكوت الله لأجل أكاذيبك وجهلك في الأمور الإلهية وشر نفسك.

إلا أن إنساناً واحداً لم يكذب البتة. وهو المسيح. لم يستغفر الله كسائر الناس والأنبياء. إنه وُلد من روح الحق. ولم يخطئ ولم يحتال ولم يبالغ في أقواله. وباشر أعداءه بالحق المبني على المحبة، ولم يهلكهم رغم انكشاف شراستهم. فالمسيح أعلن لنا حقيقة الله مبصراً قلوب الناس. وهو كان في ذاته الحق. فيستحق اللقب «ملك الحق» . ولم يمت كسائر الملوك، بل قام من بين الأموات، ويعيش اليوم عند الله مالكاً ومنشئاً مملكته الروحية المبنية على الحق. ويدعو كل إنسان إليه، كل من يحب الحق والاستقامة أكثر من الكذب والاحتيال.

هل اشتقت لتكون إنساناً صادقاً أميناً؟ فتعال إلى المسيح. وهو يريك أنه يحبك أنت الكذاب، ويطهرك من خطاياك بدمه الكفاري. لقد مات المسيح لأجلك على صليب العار. هذا حق ويقين. وسُمرت يداه ورجلاه، لأنه شهد أن الله أبوه الروحي.

وما كان موت يسوع خيالياً أو رواية أو فشلاً، لكنه مات حقاً وبذل نفسه فدية لكثيرين وحمل خطايا العالم. من يسجد له ويؤمن بحقيقة كفارته يتبرر. والمسيح يمنحك حقاً جديداً، عفواً عن كل أكاذيبك وجهلك ومبالغاتك ولا يدينك ولا يرفضك إلى العقوبة والنار.

إن المسيح اشتراك من أبي الكذابين بسفك دمه. وأما الشيطان الشرير في ذاته فهو الكذاب من الأول، ويملأ الناس بروحه الخداع، ويدفعهم إلى غرور النفس، كأنهم صالحون في ذاتهم، ويسحرهم بأكاذيبه المتلألئة. وأما المسيح فيمنح روح الحق لكل الذين يصغون إلى كلمته. وروح الله هذا هو أعجوبة عصرنا، لأن هذا المعزي، يرشدنا إلى كل الحق. فمن يسمع صوت المسيح يدرك الله، ويختبر محبته الإلهية. ليس إلهنا خداعاً ماكراً عاملاً ما يشاء، إنما هو الآب الذي يمنحك حياته وقوته ويدخلك إلى حقيقته الأبوية، ويثبتك في خلاص ابنه ويمنحك فرح روح التضحية.

والدخول إلى ملكوت الله يتوقف على استماعنا. هل تسمع المسيح يكلمك؟ هل تلاحظ أنه يدعوك باسمك، معلناً لك خطاياك، لتتوب وتنكسر، وتكره كل كذبة وخداع؟ والمسيح يؤكد لك أنه مستعد لغفران أكاذيبك ويطهرك من فسادك ويملأك بروح القدوس. هل تسمع صوت الله في الإنجيل؟ إن القدوس يدعوك اليوم، لترجع من غرور نفسك، ولا تظن أنك صالح ونافع، بل ترى أن الله هو الصالح وحده، وتلتجئ إليه، وتنال رحمة ونعمة من لطفه. عندئذ تتأكد بفرح وابتهاج أن المسيح اشتراك خاصة له. فلا تتهرب من مالك، لكن اعترف أمام ربك بعنادك. طالباً منه السماح وشفاء أخلاقك الفاسدة. أنت في ذاتك تشتاق إلى معرفة محبة الله وتتمنى ثباتك في ملكوت سلامه. فسلم نفسك إلى المسيح حقاً، لأن ملكك يستحق أن يملكك. نفذ إرادته الخلاصية وأطع أوامره الرحيمة. لا تكن عاصياً وعدواً لله. اخضع لصوت الروح القدس، وسلم حياتك إلى ملكك تسليماً أبدياً.

وإن لم تعرف كيف تقترب من ملك الحق، فنقترح أن تصلي في قلبك معنا الكلمات التالية:

أيها الرب المسيح، أنت الحق والاستقامة ممتلئ المحبة والرحمة. لا تهلكني لأجل أكاذيبي، ولا ترفضني لأجل فسادي، حررني من خداع ذاتي وأعلن لي حقيقة الله. وأشكرك لأنك غفرت لي كل ذنوبي على صليبك. إنك مت حقاً عوضاً عني وقدستني. فأسلم حياتي لك شكراً دائماً ملكاً لك. وألتمس منك امتلائي بروحك القدوس، لكي أصبح صادقاً في كل أخلاقي، أنا مؤمن بأن ملكوتك يأتي اليوم بحلول روحك إلى قلوبنا. ثبتنا في حقك، لا تتركني. أنت معي. آمين.