العودة الى الصفحة السابقة
ٱلْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ ٱللهِ، مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِٱلْفِدَاءِ ٱلَّذِي بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ (رومية 3: 23 و24)

ٱلْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ ٱللهِ، مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِٱلْفِدَاءِ ٱلَّذِي بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ (رومية 3: 23 و24)


إن جاءك ضيف غريب تفتح باب صالونك له وتضيفه، مؤملاً أنه شخصية شريفة. فترحب به وتساعده، لأن مجتمعنا مبني على التقاليد الإنسانية.

ولكن هذه الفضائل، تنقلب في ساعة التجربة والضيق. حتى ليصبح الأفراد، كوحوش ضارية. لأن من يجوع يسرق. ومن يخاف يركض، حتى على أجساد أصدقائه. والكفر الكاذب، يسمم الجو في العمل. وبين الأصدقاء تقودك الاختبارات المرة إلى عدم الثقة في كل الناس، حتى تظن السوء فيهم. وهكذا يخيم التشاؤم على كل الشعوب.

هل أنت أفضل من غيرك؟ ألا تبتسم في وجه عدوك، مراوغاً ومحاولاً إبادته؟ وفي أحضان المدرسة، ألا تفكر بنجاحك فقط، دون الاهتمام لزملائك؟ وفي أثناء تناول الطعام، ألا تنظر وتشتهي الأطيب أولاً، وتسابق غيرك للانقضاض عليه؟ وفي الصلاة، ألا تشكو ضيقاتك وشعورك المثقل بلا نهاية، دون أن تفكر بضيقات الآخرين، وتصلي لأجلهم؟ اعلم أنك أناني أصيل، بارد القلب، بلسان سام. وأن رحمة الله لا تعمل فيك؟ وبجانب ما اقترفت من آثام سيئة معروفة لديك، فأنت لا تحب الغير كما أحبك الله، وتعيش نجساً بعيداً عن مجد الرب. وتستكبر، في تجربة الشيطان. وتتذمر، على إرشادات القدير. وتهمل خالقك. ولا تعرف أنك فقدت رونق مجده في عينيك. وتهت في صحراء خطاياك. إنك مذنب بكل كيانك. وتستحق غضباً شديداً، من الله القاضي الأزلي. ولربما أنك عارف بقسم ضئيل من خطاياك. أما الله العليم، فيعرف أعماق نفسك. وتظهر أمامه مكشوفاً مذنباً. وناموسه يدينك قائلاً: هذا ضال مرفوض هالك إلى الجحيم.

ولكن الحمد لله، إنسان واحد فقط، ليس من ضمن الجماهير الفاسدة، هو الذي أبطل عبودية الخطية في جسده. وأحب مضطهديه، وثبت في الله. فلم يفارقه مجد القدوس، وأضاء فيه مستتراً. وهذا الفريد هو يسوع المسيح ربنا العظيم، المولود من روح الله ومن مريم العذراء. فقلبه كان ممتلئ المحبة والحق، حتى أن تلاميذه اعترفوا بقولهم: «وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا» (يوحنا 1: 14). لقد أتى إلى عالمنا ليحرر البشر من قيود الخطية ويفديهم من خداع مكر الشيطان، ويسكب فيهم حياة الله. ليس إنسان قادراً، أن يتمم عملاً كهذا إلا الله بالذات. فنعترف متواضعين، أن الإنسان يسوع من الناصرة، هو ابن الله الحي، الذي «لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (متّى 20: 28).

وفي محبته العظيمة، حمل خطايانا وكفّر عن ذنوبنا، واحتمل غضب الله عوضاً عنا، فأصبح فادينا الحق، الذي مات لأجلنا، وحررنا من القصاص الأبدي، وأوجد فداء أبدياً. وهو لم يطلب مالاً لشفائه الأمراض، وقد أقام الموتى مجاناً. وهكذا يقول أيضاً لك: «مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ» (متّى 9: 2). فإنه لا يطلب منك صوماً أو أعمالاً، أو تقدمات. لكنه يعزيك بتعزية ابن الله، ويطهرك بدمه الكريم. آمن بمخلصك فتختبر أن إيمانك خلصك.

ولا تنس أن الله قد نظر إليك وإلى كل الأشرار بجودة نعمته. ليس لأنك صالح، بل لأنه يعرف أنك لا تقدر أن تخلص نفسك بنفسك من عبودية شرك. فالأبدي انحنى عليك بابنه، لينتزعك من اليأس والوحل والتشاؤم. تعال إليه تنل حقاً جديداً وبراً إلهياً. لأن القدوس لا يخرجك خارجاً بل ينظر إليك بلطف. لأنك تتكل على مخلص العالم، وقد حسبك باراً لأجل موت المسيح النيابي عنك.

أيها الأخ العزيز، إن الله يحبك ويريد أن يجعلك قديساً أمامه. فلا تتأخر عن شكره، لهذه النعمة الموهوبة لك. وأخبر كل الناس أن الله العظيم، قد بررهم مجاناً بالنعمة الحقة الفادية. الجميع متبررون عرفوا هذه المعجزة أو لم يعرفوها. أنرهم بإيمانك لكي ينالوا من فادي الآثام خلاصهم، ويمتلئوا من محبته، فيعم الفرح والابتهال والشكر اللامتناهي.

ولا ريب أن المسيح لم يحررك من عاداتك السيئة، لتستمر فيها وفي أمثالها. بل لتلتجئ إلى منجيك، متخلصاً منها، وتعيش في رحابه، محمياً بقدرته. وتنال قوته للحياة الطاهر. لقد أتم المسيح خلاصك، فسلّمه حياتك المتعبة المعقدة الفاشلة، تختبر انه يضع يده المثقوبة بالمسامير على رأسك. وتجري منها قوة سلام الله إلى جسدك. فيفرح قلبك ويرتاح ضميرك وتصبح بكل حياتك شاهداً أميناً لبر الله المنعم عليك.