العودة الى الصفحة السابقة
ٱطْرَحُوا عَنْكُمُ ٱلْكَذِبَ وَتَكَلَّمُوا بِٱلصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ (أفسس 4: 25)

ٱطْرَحُوا عَنْكُمُ ٱلْكَذِبَ وَتَكَلَّمُوا بِٱلصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ (أفسس 4: 25)


نحن في زمن صار فيه الكذب وباءً عاماً، حتى صحّ فينا القول الخطأ «الكذب ملح الرجال». فالطلاب ينقلون في امتحاناتهم، والعلماء يتباهون باكتشافاتهم والتي أحياناً كثيرة يسرقونها من بعضهم البعض، والمذاهب الحديثة تُضل الجماهير، والباعة يغشّون والكل يداهن ويلصق التهم بغيره. فالعالم مليء كذباً ولهذا ضعفت الثقة بيننا.

لماذا يكذب الناس؟ لأنهم يحاولون التستّر على أخطائهم وفشلهم بالأكاذيب. الإنسان يريد أن يظهر دائماً قوياً صالحاً موهوباً. وكثيراً ما نخترع الحجج لدعم آرائنا وحماية أنفسنا خوفاً أو خجلاً من الحقيقة.

كثير من الناس استطاعوا بالابتسامة الخادعة إخفاء ذنوبهم سنين عديدة عن أصدقائهم وأزواجهم. ففخرنا وأنانيتنا هي بعضٌ من أسباب أكاذيبنا.

أما الله فيقول لك: لا تكذب. وروحه ينخسك في ضميرك لتعترف بالتوائك وتعود عن شرّك.

فمن يعش أمام الله ينكسر في كبريائه ويصبح صادقاً. أنت في الطبيعة ابن الغضب، كاذب أناني عبد لشهواتك. فحتى متى تخبئ نفسك عن الله والناس. فروح الله يريد أن يضعك في النور كي يريك أعمالك الكاذبة ويوبخك عليها. وإن لم تعترف بحقيقتك فإنك بذلك تُظهر جوهرك الكاذب.

لو لم يأتِ المسيح الصادق الوحيد إلى العالم لوقعنا في اليأس. إنه لم يكذب ولم يغش قط، بل عاش قدوساً باراً، وبرهن بحياته أنه الحق المتجسد. فنحن لا نؤمن بمُثل عليا أو كتب بليغة أو برامج سياسية، بل نثق بهذا الشخص الفريد يسوع المسيح لأنه الحق الكامل.

احذر الكذب لأن الكذب من الشيطان الذي كان كبريائه مصدر كل كذب. المسيح عكس ذلك، لقد تواضع وبذل نفسه على الصليب فديةً لك. ففيه تعرف محبة الله ونفسك أيضاً. لقد دان أكاذيبك في موته وحررك منها، لأنه أحبك أنت المذنب ليجعلك إنساناً مستقيماً صادقاً.

والروح القدس يعلّمك مخافة الله. لا تعش أمامه وفي نفسك شيء من الكذب. إنه روح الحق، ولهذا يدفعك لتعيش مستقيماً في كل ظروف الحياة. إنه يبكتك إن تكلمت بالكذب أو بالغت أو حلفت لتقوي كلامك لتُظهِره كأنه الكلام الصادق.

الحياة في المسيح تدفعك لمحبة الإخوة وأن تكون صادقاً معهم. لا يمكنك أن تكذب على من تحب، لأن المحبة لا تصنع شراً لأحد. فالتلميذ المؤمن لا يخدع، والتاجر المؤمن لا يغش السلع التي يتّجر بها، والعامل المؤمن يشتغل باستقامة واجتهاد.

وحين يدفعك روح الله لتقول لقريبك رأيك في تصرفاته على ضوء الحق، فافعل هذا بلطف، وعلى المحبة ألا تذهب في الليونة إلى حد التستّر على العيوب. قد لا تستطيع قول الحقيقة دفعة واحدة، فمن الحكمة أن تعلنها تدريجياً وبمحبة وابتهال. إنما عليك قولها حتى ولو كانت جارحة.

المسيح يجذبك إلى محبته وحقه لكي يتجسد فيك وتعيش صادقاً وأميناً مردداً مع المرنم: «ٱفْرَحُوا بِٱلرَّبِّ وَٱبْتَهِجُوا يَا أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُونَ، وَٱهْتِفُوا يَا جَمِيعَ ٱلْمُسْتَقِيمِي ٱلْقُلُوبِ» (مزمور 32: 11). حقاً المسيح هو الرجاء الوحيد لعالمنا الكاذب.

أيها القارئ الكريم طوباك إن كنت من الصادقين المخلَّصين وطوباك أيضاً إن أنت أقلعت عن الكذب بقبول من حررك من هذا القيد مخلصاً لك.