العودة الى الصفحة السابقة
تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ (متّى 11: 28-30)

تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ (متّى 11: 28-30)


لو كانت لنا بصيرة عميقة، تخترق الحجب وتشاهد هموم ومضايقات وخطايا الناس، لتملّكنا الفزع، واقشعرّت منّا القلوب. لأنّ كثيرين يحملون أحمالا ثقيلة غير منظورة، ويشبهون الحمّالين وعلى ظهورهم الخزائن الضخمة.

ولكن أعيننا، ليست مفعمة بالمحبّة. لهذا لا نستطيع قراءة وجوه الناس، وغضون جباههم، وانطفاء أعينهم، وتكشرات أفواههم.

والحمد لله، يوجد شخص في العالم أدرك قلوب الناس وشعر بأثقالهم. هو محبّة الله بالذات، واسمه يسوع المسيح. لا يقرّع ذنوبنا، ولا يرفضنا لفسادنا، ويعلم اشتياقنا إلى الاستقامة وأسباب فشلنا. إنّه يوضّح حقيقة كلّ الناس المتعبين والثقيلي الأحمال.

وأنت مكشوف لعيني المسيح، ويرى داخلك، كما يراك الله القدّوس. والمسيح يحبّك ويدعوك إليه ويساعدك، إن التجأت إليه. أنت مشحون بضيقات، وتحتاج إلى مخلّص من خطاياك ومن خوف الموت. تعالَ إلى يسوع، وسلّم له مشاكلك، واعترف أمامه بأخطائك. فيهدّئ قلبك المضطرب. ويطهّرك من كلّ إثم، ويصلح ما أفسده ماضيك تماماً.

وهو لا يتركك في المستقبل وحيداً، بل ينحني تحت أثقالك، ويحملها ويحملك أيضا. إنّه يدعوك إلى شركته، بواسطة المثل عن نيره. من المعروف أنّ النير يكون لحيوانين، يجرّان معاً المحراث في الحقل. والقوي طبعاً، يحمل الثقل الأكبر. هكذا يريد المسيح القادر على كلّ شيء أن يحمل معك كل أثقالك، ويغلب قلبك. ما أعظم حظّك بشركته.

ولكنّ المسيح لم يتكلّم عن أثقالك بل عن نيره الخاص. الذي يعني شركته مع الله، التي أشركك فيها الآن أيضاً. المصلوب صالحك مع الله القدوس، لتستحق أن تسمّي الله أباك. ليس حفظ الشريعة والصّوم والصّلاة، هو الذي يبرّرك أمام الله، بل دم المسيح وحده. فالمسيح يضع نير صليبه عليك، لتتحرّر من خطاياك وتشترك بمحبّته الأزلية. فصليب المسيح يوحّدك مع الله، فلا تعيش بمفردك بل في عهد جديد معه إلى الأبد.

إن مشى حيوانان معاً تحت نير واحد فعليهما أن يسيرا معاً بنفس السرعة. وإن تأخر واحد يسبّب لنفسه وللآخر ألماً كثيراً، أو يكسر عنقه. فمن الواجب أن تفحص أخلاق زميلك في النير، قبل أن ترتبط به.

والمسيح يفتح قلبه، ويعلن لك أنّه الوديع. لقد سلّم إرادته إلى الله، ولا ينفّذ فكراً خاصاً. ووضع كل مقاصده وأمنياته لعناية أبيه، واثقاً به. تعلّم من مُخلّصك هذا التسليم الكامل لله، تجد راحة لنفسك، ولا تتعذّب بشهواتك وإرادتك الثائرة ضد محبّة القدّوس. والمسيح يعلن لك أنّ قلبه مفعم بالتواضع، وليس شرارة من كبرياء فيه. الاستكبار هو خطية الشيطان. أما المسيح فترك مجده، وأصبح خادم كلّ الناس. فإن أردت السّير معه تحت نيره، لا تقدر أن تنفخ اسمك ولا تلمع بنفسك، بل تصير فيه مخلّصاً وخادماً لكل الناس.

المسيح يدعوك إلى شركته تحت نيره، لتفلح معه حقل العالم. أنت المتعب والمذنب والضعيف. ولكنّه يحرّرك، ويطهّرك، ويؤهّلك، ليجعلك قادراً لخدمة الله. هذا الامتياز لم يأتِ من تلقاء نفسك، بل من قوّة شخص المسيح وحده. حضوره معك ينعشك، ويغيّرك، وتشعر فجأة أنّ نير المسيح هيّن وحمله خفيف، لأنّه محبّة.

وحيث تصبغك فضيلة الله هذه، تلمع بالفرح والشكر والقوّة. ودم المسيح يطهّرك، وروحه يحييك، حتّى لا تشعر بأثقالك الخاصة، بل تدرك الوجوه المتعبة حولك، وتعزّي القلوب الحزينة.

فالشركة مع المسيح تقوّيك لخلاص الآخرين، لأنّ مخلّص العالم يجر معك محراثه في حقل أمتك ويزرع حبوب محبّته، ويحضّر الحصاد العظيم. فليس شرف أعظم في العالم من شركتنا في نير المسيح إنّـها لغبطة وابتهاج أن نعيش ونخدم معه.