العودة الى الصفحة السابقة
ألا رجاء في الدنيا؟

ألا رجاء في الدنيا؟


وقف شاب على جسر، وتفرس تحته في ماء النهر. بماذا يفكر، وما يحزنه في قلبه، حتى تبدى مصفراً؟ إنه يائس إلى أخر عمق. وقد قال في نفسه: انتهى أملي في الحياة. وأخيراً صمم على القفز في أحضان الموت، لينهي كل شيء وتزول المآسي والضيق. دارت هذه الأفكار في رأسه، وهو واقف ليلاً بمفرده.

كيف تأتيه أفكار مثل هذه؟ الشيطان يجرّب الإنسان ويجذبه إلى الخطية، ثم يدفعه إلى ارتكاب جرائم عديدة. وبعدئذ يخاطبه: ليس رجاء لك، أنت ضال وهالك، فالأفضل أن تشنق نفسك بحبل. أو تلقي بنفسك في البحر فتستريح. حقاً كثيرون ينخدعون بوسوسة الشيطان وينتحرون، مفارقين الحياة بإرادتهم الخاصة. من ينتبه لأخبار الجرائد في أيامنا، يفزع من كثرة المنتحرين. ومن يفتش عن أسباب موتهم، يجدها أحياناً تافهة.

رسب طالب في صفه، فظن أن كرامته خدشت، فأطلق النار على نفسه. وأب عارض ابنه في خطبته لفتاة غير مرغوبة، فأجابه الشاب: هي أو لا واحدة. ولما لم يوافق الأب قرر الاثنان الانتحار سوياً. فبخطية القتل سيمثلان أمام الله القدوس للدينونة.

ورجل آخر رأى انخفاض أرباحه في التجارة، فحاول نسيان ذلك بالمسكرات. وأقام صِلات غير بريئة مع بعض النساء. فطالبه اولاده وزوجته بلطف ليترك خطاياه، ويبدأ حياة جديدة. لكنه أصر أن يشنق نفسه، تاركاً اليأس للآخرين.

وبنت اختلفت مع والديها، ولم تتصالح معهما. ورفضت النصح للتصالح ما دام وقت، لئلا تأتي الندامة متأخرة. ومات الأب فجأة بالسكتة القلبية، فلم تجد البنت فرصة للصلح، وفي يأسها فتحت قفل البوتاغاز، ولم تلبث أن فارقت الحياة.

الناس يتصرفون اليوم بحياتهم بلا مبالاة، غير مدركين أنها هبة الله. ورغم أنهم يجهدون للتقدم، وبدلاً من حصولهم على السلام، يخربون بعبودية الخطية، ويلقون بأنفسهم إلى التهلكة. ما هو سبب ازدياد عدد المنتحرين؟ نقصان الإيمان!

في هذه الأيام نرى الملحدين يبذرون الشك حول الكتب المقدسة في قلوب الناشئة، وينزعون صخرة الإيمان التي يقفون عليها من تحتهم، ويزرعون فيهم رفض وصايا الله، فيعملون ما لا يليق، ويعيشون في إباحية مطلقة، ممارسين شهواتهم بلا تحفظ، ويتعاطون المخدرات منغمسين في فساد نفوسهم. حقاً إن الحياة بلا المسيح عبء ثقيل. وإن لم يجد أحد سنداً من الرب في مشاكله وضيقه، فطبيعي أن يفارق الحياة يائساً.

ليت كل الشباب يدركون أن المخلص الوحيد موجود وحي وحاضر، ومستعد للخلاص والنجدة والعون. وإن جاءك اليأس، ولم تر رجاء البتة، فأقول لك: مخلصك قريب منك، ويرفع عنك حمل خطاياك، ويغفر ذنوبك. فالمسيح يجدد حياتك العتيقة والضالة، ويفدي نفسك من الهلاك. فالرب الحي يهتم بك، ويرشدك إلى مستقبل منير.

كان شاب متعباً من الحياة بسبب خطاياه. فأحضر سماً لينتحر. ولكن جاءه صديق ودعاه للإجتماع التبشيري في الكنيسة. وبعد المحاضرة أتى إلى المبشر بإثارة في قلبه، وأخبره بكل عمق الخطية الغارق فيها. وأحاطه بعزمه على الانتحار. فقال له المبشر: لا تيأس، لأن مخلصك موجود. فتمسك الشاب بكلمة الله واعترف بخطاياه أمام الرب الحي، واختبر عملياً أن يسوع المسيح يقبل الخطاة. فأصبح المذنب اليائس مؤمناً مسروراً، ونادى الآخرين: الحمد لله دخلت إلى حياة جديدة، واختبرت حرية روحية.

مهما تكن مشكلتك والمقدار الذي غرقت به في الخطية، فالمسيح قادر أن يخلصك وينجيك ويشفيك، تعال إلى المخلص، وأخبره بضيقك، واطلب من القدوس غفران خطاياك. وادرك أنك وقعت فيها لبعدك عنه. استودع نفسك للمسيح، وضع حياتك بين يديه، فتختبر أنه الرب الصالح، الذي يجعل كل شيء جديداً في حياتك.

كثيرون ممن قصدوا الانتحار في يأسهم تجاسروا وتقدموا إلى المسيح، وألقوا بأحمالهم عند قدميه. وحين ذاقوا خلاصه ترنموا قائلين: «طُوبَى لِلَّذِي غُفِرَ إِثْمُهُ وَسُتِرَتْ خَطِيَّتُهُ» (مزمور 32: 1). قد ولدت قوة الله فيهم حياة سماوية، مبنية على بر وقداسة الحق، فساروا في طريقهم فرحين.

لا تيأس، آمن فقط. فتجد أن المسيح مستعد لينظم لك حياتك، ويدخل فيك سلاماً وفرحاً. إنه مستعد لخلاصك وإعطائك البركة. هل تفعل وتقبل إليه؟ تعال إلى المسيح، فتتأكد أنه يصلحك ويعمل كل شيء.

اقرأ كلمة الله يومياً

إن كنت تشتاق للثبات في الإيمان، فنحن على استعداد أن نرسل إليك الإنجيل حسب البشير الطبيب لوقا إن طلبته منا.