العودة الى الصفحة السابقة
ما قيمتك في ميزان الله؟

ما قيمتك في ميزان الله؟


نرى في بعض الصيدليات موازين، مكتوباً عليها: اعرف وزنك، لأن كل إنسان وزنه غير معتدل، مشرف على الخطر. وندعوك اليوم: امتحن نفسك في ميزان الله، لكي تعرف حالتك ولا تسقط في خطر هائل في أواخر الأيام.

وكثير من الناس يظنون، أن أعمالهم الصالحة تفوق سيئاتهم. إنهم يصلّون ويضحون ويحجون ويصومون، وهم على ثقة بصلاحهم وقبولهم لدى الله. وزيادة على ذلك يفتخرون بأعمالهم الصالحة، ويقولون في أنفسهم أن الله راض عنهم رغماً عنه.

ولكن إن تأملت في كفة ميزان الله، التي لأعمالك الشريرة وامتحنتها، ترى كومة كبيرة من خطاياك كجبل عال. فكفة خطاياك ثقيلة. لقد خدعت نفسك جداً، لأن سيئاتك كثيرة في ماضيك وأخلاقك وتصرفاتك.

اسمح لنا لنتأمل في ميزان الله. وفي أخلاقك، اترك أولاً استكبارك! ألا تتفاخر وتترفع على إنسان آخر، وتنظر إلى الغوغائيين باحتقار؟ إن الاستكبار قبل السقوط، لأن «اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً» (1بطرس 5: 5).

وفي أخلاقنا صفة الفخر لأن شعورنا الباطني ممتلئ به، فنتباهى بأرومتنا وأملاكنا، وأشكالنا ومركزنا. حتى أن الشباب يفتخرون بالاختراعات الحديثة، كالطيران والرفاهية، بينما اجتاز أجدادنا الجبال مشياً أو على الحمير. ويل لمن لا يشكر ربه على مواهبه، لأن منه كل شيء.

ونجد في كفة ميزانك أيضاً محبة المال والبخل والحسد وهي أصل لكل الشرور. فمحبة المال تجعل الإنسان كاذباً وخادعاً وحسوداً وسارقاً وقاتلاً ولصاً. فهل تملك مالك، أو تعبد كنوزك؟ أو أنت ومالك ملك لربك؟

ونرى في أنفسنا التذمر والعصيان. كم من مرة، كنا عصاة لمشيئة الله؟ ويقول الرب لك، لا تعبد آلهة أخرى غيري. فكم مرة سحرنا بشخصيات لامعة، أو آمنا بمثل عليا، أو استسلمنا لظروف قاهرة، فلم نعبد الله وحده، بل تبعنا الإلحاد العملي، رغم اعتقادنا بالله.

هل أدركت شهواتك المتعددة؟ فلقد أمرنا الرب: لا تشته! فإلى أي شيء تطمح؟ علوم، أملاك، بنات؟ أتريد أن تملك ما لغيرك؟ بماذا تفكر ليلاً نهاراً، وما هي دوافعك؟ امتحن نفسك، لتدرك لجج خبثك الرديء.

ونجد أيضاً بين خطاياك الاغتياب. كم مرة شهدت على إنسان بريء بالحيلة والكراهية؟ ألست أنت من أصحاب اللسان الخادع المفسد؟

ويعم الكذب في البشر، حتى يتشاءموا ولا يؤمنوا بقول غيرهم، ولا بالجرائد وأخبار الراديو. وهذه الحالة الأليمة، تبدأ بالكذبة البيضاء. فالتجار والسياسيون والأصدقاء وكل الناس، يداهنون بعضهم بعضاً. ولا يقولون الحق واضحاً، بلطف وتواضع. أما الكتاب المقدس فيقول لنا أن الكاذبين محرومون من الفردوس.

وتتسرب إلى حضارتنا اليوم اللامبالاة، فتنعدم متانة الشغل وأمانة العلاقات الاجتماعية. وتصبح الحياة كلها طيشاً وسطحية وتفاهة. وهذا التيار سببه عدم الاهتمام بكلمة الله واحتمال مشيئة الرب. فهل تخطط لحياتك بدون صلوات، أو تقرر مصيرك حسب إردة العلي؟

ويتكاثر الإلحاد في العالم، عملياً ونظرياً. وبعض الناس يدعون أن الله غير موجود، ولا يخجلون من هذا القول! وآخرون يعيشون كأن ليس إله رغم تقواهم الظاهرة، التي لا تتفق مع سلوكهم العملي. فهم مراؤون، وسبب لرفض الشباب لله.

هل تذكرت شهوات جسدك؟ كيف حالة عفتك؟ هل أنت عبد لنجاساتك؟ كثير من البنات، يندمن على الطهارة المفقودة. وأكثر الشباب سقط عنهم تاج العفة إلى الوحل. فمن لا يكافح ضد نفسه الخاصة، يسقط فريسة لشهواته الدنسة. أما من يغلب جسده بعون الرب، فإنه يعيش في بهاء نفسه وفرح القداسة.

ويا للأسف! لأجل الزنى، لأنه ليس إنسان قادراً إن يعد المرات، التي ارتكب فيها هذا العمل! كثير من الرجال لم يوفوا العهد لزوجاتهم. وبعض الأمهات نسين أولادهن وأزواجهن، وسلمن أنفسهن لدوافع الشهوات. وحيث لا يتم الزنى عملياً، فإنه يحصل بالأفكار. فلا تنس قول المسيح: «إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِه» (متّى 5: 28). كيف حالتك؟ هل تخبئ خطاياك أمام قرينتك أو اعترفت بذنبك واستغفرت ربك نادماً متواضعاً؟

أيها الأخ العزيز، ألا يرتعب قلبك إذا نظرت إلى ميزان الله، وتأملت كافة خطاياك؟ إنك تسقط في الدينونة حتماً، لأن كل أعمالك الصالحة وممارستك الدينية، مبنية على أنانية روحية. لأنك تكون فاسداً في أعماق قلبك، كما يقول الله: «لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ. الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (رومية 3: 10 و12).

فماذا تعمل إن أدركت ذنوبك، واعترفت بهلاكك؟ نقترح عليك: اطلب ربك فتحيا. لأنه هو الوحيد الذي يستطيع إصلاحك وتبريرك. وقد حضر وزناً ثقيلاً يفوق خطاياك، وهو المسيح ودمه الكريم المسفوك لتطهيرك. فمن يلتجئ إلى المخلص ويؤمن بفدائه المتمم، يخلص إلى الأبد. ونشكر المسيح لأجل كفارته، مؤمنين بقول الرسول بطرس الشاهد: «أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، مَعْرُوفاً سَابِقاً قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ» (1بطرس 1: 18-20). والرسول بولس يقول لك: «مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي قَدَّمَهُ الله كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ» (رومية 3: 25 و26). والرسول يوحنا يؤكد لك أن: «دَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّة» (1يوحنا 1: 7). فنطلب إليك إن أردت التبرير والخلاص، التجئ إلى المخلص الفادي الوحيد. لأن دمه يمحي ذنوبك، ومحبته تعادل أثقال خطاياك. ليس خلاص إلا بالمسيح. تعال إليه معترفاً بذنوبك، فتختبر القاعدة الذهبية: «إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ» (1يوحنا 1: 9). ولا يذكرها أبداً ويهبك براً سامياً. فإيمانك قد خلصك.

أيها الأخ، إن أردت تبرير نفسك في دينونة الله نرسل إليك الإنجيل الشريف الذي يقويك إلى الحياة الأبدية.