العودة الى الصفحة السابقة
لماذا الاختلاف حول المسيح؟

لماذا الاختلاف حول المسيح؟


صار التساؤل عن المسيح في أيامنا هذه، أهم قضية. لأن بعض الناس يكرمونه، إذ يهب لحياتهم معنىً وقوةً وفرحاً. بينما البعض الآخر يرفضونه رفضاً باتاً. وفيما يحاول الأولون قيادة زملائهم المتشائمين إلى المسيح، يتمنى الآخرون زواله ومسيحيته. فالتطرف حول شخصية المسيح كبير.

فمن هو المحق؟ وكيف نحل الخلاف حول المسيح؟ هل تساعدنا الكتب التي نقرأها، أو نستنير بأبحاث منطقية؟ ربما تجد في بعض الكتب الطريق إلى المسيح. ولكن المعرفة الحقة عن جوهر هذا الشخص الفريد لا تجدها في كتب ولا أبحاث، لأن إيماننا ليس فكراً فقط بل بالحقيقة هو قوة واختبار وصلة مباشرة بالمقام من الأموات.

فإن أردت جواباً على الأسئلة حول المسيح، ينبغي عليك أن تذهب شخصياً إليه، كما فعل الرئيس الديني نيقوديموس. فهذا الحكيم، ابتدأ حديثه مع المسيح بقوله: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللهِ مُعَلِّمًا، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ» (يوحنا 3: 2). فجاوبه المسيح، وأعلن له أسراراً تحمله إلى شركته الأزلية. وهكذا حل يسوع التساؤل في نفس هذا الرئيس، حتى اعترف بعدئذ جهراً أمام مضايقي المسيح، بأنه من أتباعه. ولم يضطرب إيمانه عند الصلب، بل ثبت لأنه كلّمه شخصياً، وتعرف عليه سراً. فنال يقين الإيمان عن جوهره.

وفي هذا الأسلوب، تجد الطريقة الوحيدة لمعرفة المسيح. ينبغي أن تذهب إليه لتعرفه. ربما تسأل: «كيف نقدر أن نقابل المسيح اليوم، وهو غير حاضر بيننا؟» فنسألك برأفة الله أن تخصص وقتاً، وتقرأ كلمات المسيح، وتنتبه لإعلاناته عن نفسه. فيعلن لك مجده، وخصوصاً في إنجيل يوحنا، حيث تجد بيانات عن جوهر أخلاقه. ولكن لا تبتدئ هذا البحث موضوعياً، كأنك تستولي على المسيح. بل صلّ في قلبك: «يا رب أنت أتيت معلماً قوياً حكيماً من الله. علمني وافتح قلبي لقولك، واعلن نفسك لنفسي المشتاقة إليك، لأني أريد معرفتك نهائياً».

وعندئذ يكلمك المسيح، كما كلم كثيراً من المؤمنين، ويقول لك «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ» (يوحنا 8: 12). فهذه الكلمة تنير ظلماتك وتضيء مستقبلك.

والمسيح يقول لك: «أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ» (يوحنا 10: 9). فهذه الآية الذهبية، توضح لك الباب إلى السماء قد انفتح أمامك على مصراعيه.

والمسيح يقول لك: «أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي» (يوحنا 10: 14). فهذا الراعي الصالح يعرفك أيضاً. وإن أصغيت إلى صوته تقدر أن تميّز دعوته من كل أصوات العالم.

ويقول المسيح: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي» (يوحنا 14: 6) فإن قبلت هذه الجواهر الثمينة، فقد دخلت إلى الصراط المستقيم، واشتركت في حق الله، ونلت الحياة الأبدية. تعمق في شهادات المسيح عن نفسه، فتعرف عنصره ووظيفته وقدرته السرمدية.

ويقول المسيح: «أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً» (يوحنا 15: 5).

وإن اقتربت إليه وآمنت بكلامه وطلبت منه الاستنارة، يتجلى أمامك وتعرف من هو وتسجد له، كما سجد التلميذ المنتقد توما حين هتف أمامه: «رَبِّي وَإِلهِي!» (يوحنا 20: 28). فلا تنال جواباً على الأسئلة حول شخصية المسيح، إلا إذا سألته شخصياً، طالباً منه إنارة عقلك بسمو كلامه.

ولا تنس أن مستقبلك يتوقف على موقفك من المسيح. فليس أحد يأتي إلى الآب إلا به. وهذا يؤكد لك، أنه لا يوجد طريق آخر إلى الله إلا بالمسيح. فإنك لن تصل إلى القدوس، إن ظننت أنك لا تحتاج إلى المخلص، أو أنك تتقدم إلى الله مستقلاً. كلا بل إنك محتاج إلى المسيح كل الاحتياج، لأنه هو الباب الوحيد، فإن دخلت فيه تخلص.

ولكن إن رفضت المسيح، فلا بد أن تلتقي به في نهاية الأزمنة، لأنه القاضي الأزلي، والله دفع إليه كل سلطان، في السماء وعلى الأرض. فالمسيح يقرر مستقبل حياتك.

ولربما تعيش اليوم بلا مبالاة، وتمر بالمسيح بإهمال، ولكنك في نهاية الأزمنة ستعلم أنك كنت مخطئاً، وإن لم تمارس في حياتك السجود للمصلوب والمقام من بين الأموات فستركع عند قدميه. لأننا نقرأ بكل وضوح أن الله «أَعْطَاهُ اسْماً فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ» (فيلبي 2: 9-11). في هذه اللحظة تنال جواباً نهائياً على السؤال من هو المسيح، لأنك تدرك مع كل المخلوقات أن يسوع هو رب الأرباب. وإن امتنعت عن الاعتراف بالمسيح في هذه الدنيا، فيكون إكرامك المتأخر باطلاً، وتهلك في غضب الله.

فموقف الناس من المسيح، يقرر مصيرهم كله. لأن المسيح هو مخلص الأنام وفاديهم الوحيد، وقد أرسله الله إلى عالمنا المظلم. فهذه هي الحقيقة أن المسيح المخلص، هو حاضر، ويخلص من يأتي إليه. فتعال واقترب منه كما أنت، وسلم له حياتك فتمتلئ بالسرور، ويطيب لك أن تعترف به: «أنت المسيح ربي ومخلصي». وعندئذ تحصل على جواب عملي لسؤالك المثير في قلبك، وتعرفه يوماً فيوماً أكثر، لانه يغني الناس ويسعدهم، ويعينهم في كل أحوال حياتهم. فنصلي لأجلك ليلتقي الرب بك وينجيك، لتعترف كما كتبت تلميذة في إحدى المدارس على لوحة صفها، جواباً موجزاً على السؤال من هو المسيح؟: المسيح هو مخلصي.

هل عرفت المسيح مخلصاً؟ إن أردت التعمق في ربك ومنجيك، فنرسل لك الإنجيل المقدس كما رواه البشير يوحنا مع تفسيره الواضح.