العودة الى الصفحة السابقة
أجريء أنت؟

أجريء أنت؟


جلس ثلاثة مسافرين في المقهى للاستراحة، وصخبوا وضحكوا وتفوهوا بأقوال قبيحة. وكان بقربهم إنسان اضطر أن يسمع كل هذه الأقوال والبذاءات. وأخيراً طلب الخادم. ولما سأله الخادم «ماذا يطلب؟» قال بصوت واضح: «من فضلك أجلب لهؤلاء الرجال وعاء مليئاً بالماء لكي يغسلوا أفواههم الوسخة، مما تلفظوا به من بذاءات».

وران صمت مطبق، وانتهى الصخب رأساً. وبعد قليل ترك الثلاثة رجال المقهى خجلين.

لو كنت أنت هنالك ماذا كنت تفعل؟ هل كنت ستجرأ على انتهارهم بكلمة قاطعة، تطهر الجو؟

لقد تلاشى في أيامنا القول الشريف من أفواه كثيرين من الناس، وأصبحت الأقوال البذيئة لغة دارجة وعامة، يتباهى قائلوها بأنفسهم. وهذا أمر شائع بين الشبان والشابات، ناهيك بين الرجال والنساء. هل نسينا أن أقوالنا هي البرهان الذين ينم عما في داخلنا؟ فما نقوله مصدره ذهننا والإناء ينضح بما فيه. ومن يتكلم نجساً، يدل على أنه يعيش في الوحل والوساخات. لقد آن الأوان أن يوجد فينا رجال ونساء يقومون ويقفون بوجه طوفان هذه النجاسة، بكل صراحة وجرأة.

كان وزير مؤمن مرة في اجتماع يضم كبار القوم. وبينهم رئيس الدولة، الذي تفوه بكلمات غير لائقة. فقام الوزير بجرأة، وقال: «لقد استنكرت حتى الآن كل قول نجس. والآن أيضاً، أستنكر، وأعتبر أنه غير مقبول، أن يتكلم الرئيس بهذه الأقوال، أمام أركان دولته». وفي الحال صمت الجميع، وغيّر الرئيس مجرى الكلام إلى وجهة ثانية. هل أنت جريء في محيطك لتشهد عن الطهارة؟

دعا رجل غني أصدقاءه إلى وليمة. ولما سكروا طفت كلمات بذيئة من أفواههم، ونسوا الثقافة واللياقة. ولما شحن هذا الجو بالغليان، قام أحد الضيوف وقرع على الكأس وقال: «أيها الأحباء اعلموا أن النجسين والزناة سيدينهم الله». فصار الجو كأنه يوشك أن يلتهب بالبارود. أما هو فكمل طريقه بقلب متهلل، أن الله اعطاه الجرأة، وأنه لم يوافق على وساخات القوم.

فنسألك هل تتكلم أنت أيضاً بكلمات نجسة؟ وإن تكلمت بها، فنطلب ألا تعود إليها. هل فكرت كم يتضرر الناس من كلماتك الداعرة؟ أنت قدوة لمحيطك وللفتيان حولك. فربما جرحت ذهناً مرهفاً، وأضللت ولداً إلى الخطية. ألا تشعر بكابوس هائل في نفسك، لأقوالك الآثمة؟

الكتاب المقدس يقول لك: «الموت والحياة يتوقفان على تصرفات اللسان». والرسول يدعو أن من يريد الحياة الصالحة، فليسكت لسانه لكيلا يتكلم بالشر. إن التكلم بنجاسة يفعل كما تفعل النار في الأحراج اليابسة. واللسان النجس هو كالسهم المسنونة في يد المعتدي.

أيها الأخ العزيز، لا تنس أنك في يوم الدين ستؤدي حساباً أمام الله عن كل كلمة رديئة وبطالة تصدر منك. ويل لك لأجل الكلمات التي نطقتها، لأنك ستسمعها حرفاً حرفاً وإنها لتشتكي عليك. وكم ستصمت عندئذ أمام الله القدوس، خجلاً ملاماً في العار. وعندئذ تعرف، أنه مخيف السقوط بين يدي الله، إن كنت غير مصالح معه بربنا يسوع المسيح.

إن أدركت أنك قد غلطت بقولك غير اللائق، فابتدئ من اليوم حياة جديدة. وإن استعددت لهذه المرحلة الجديدة في سيرتك، فعندنا بشرى الخلاص لك. تعال بكلماتك الخاطئة النجسة إلى الذي كفّر عن كل خطاياك على خشبة الصليب. إنه يدعوك: تعال كما أنت، لا أذكر خطيتك وذنبك فيما بعد. وإن اعترفت بخطايا لسانك فتختبر كألوف المختبرين قبلك نتيجة القول الرسولي: «إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْم» (1يوحنا 1: 9)

ربما في ساعة هادئة، افتكرت مرة في نفسك، قائلاً: «ليتني أقدر أن أبتدئ بحياة جديدة». حقق هذا الشوق والتجئ إلى الرب يسوع المسيح، فيعينك ويساعدك.

وإن اختبرت أن ربك قد غفر ذنبك، فنقترح أن تملأ قلبك ونفسك بكلمات طاهرة. ولهذا اقرأ كلمة الله يومياً فتطهر أفكارك، ويزكو ذهنك، وتصبح منارة في عالمنا المظلم. انضم إلى صفوف المكافحين لأجل القول الطاهر. فأمتنا في حاجة ماسة إلى رجال ونساء وفتيان وشابات يقدمون هذه الخدمة لها قولاً وسلوكاً. إنها تحتاج إلى مؤمنين يمثلون أمام العالم العفة في نظراتهم وتصرفاتهم وأقوالهم وأفعالهم.

وكلما التقيت بأناس يتكلمون بأقوال بذيئة، فقل لهم بصراحة تامة أي ضرر يسببون للمجتمع. وإن أردنا أن يعم في شعبنا روح آخر بين المواطنين، فعلينا أن ننبه كل المتكلمين بكلام السوء، أن يتركوا فحشاءهم وبذاءتهم سريعا. أيها الأخ، هل أنت مستعد لتكون جريئاً، فتصبح بذلك خادم أمتك ومعينها باسم ربك، والله ولي التوفيق.

Table 1. 

امتحني يا إلهيواختبر أسراريا    
وافحصن أعماق قلبيوأنر أفكاريا    
امتحن قلبي وفكريأنت علام الغيوب    
واغسلن قلبي وقدسعملي وامح الذنوب    
وأنر مخدع نفسيحيث أهوائي تثور    
واكشفن لي يا إلهيهول أدناس الشرور    
فأرى ما كنت قبلاًمن حياتي جاهلا    
وأرى حبك أيضاًفي يسوع شاملا    
وانظرن إن كنت تلقىفيّ ميلاً باطلا    
واهدني ربي طريقاًأبدياً كاملا    

أيها القارئ العزيز،

إن أردت أن تتعمق في مصدر الطهارة نرسل لك مجاناً الإنجيل المقدس. اقرأ يومياً الكتاب المقدس تجد قوة للغلبة على شهواتك وإن بقي لديك أي سؤال حائر حول موضوع الإيمان وخلاص نفسك فاكتبه إلينا وبصراحة نجاوبك عليه.