العودة الى الصفحة السابقة
حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ (متّى 18: 20)

حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ (متّى 18: 20)


يثير روح العالم الخصام، بسبب الاستكبار والطمع والعناد. البشر لا يحبون بعضهم بعضاً. أما الله فهو محبة ويثبت في الذين يتجاوبون معه. وللأسف ليس أحد يرضي الله. فنعترف أننا أنانيون، منشغلون بمشاكلنا ولا نشعر بضيق الآخرين حقاً.

لهذا أتى المسيح إلى عالمنا الشرير، لندرك معنى المحبة الإلهية، في سيرته وأعماله وصبره. لقد رفع خطية العالم، ومات عوضاً عنا، ليخلصنا من عيوبنا. ولم يرفضنا نحن المساكين، بل غفر لنا خطايانا، وحررنا من دينونة الله، وبررنا لحرية خالدة.

المسيح يحررك أيضاً من انطوائك، وحساسيتك الزائدة، إن آمنت به، إنه مات لتحل محبته فيك، ويخلصك من سلطة أنانيتك. ونفسك مشتاقة إلى الله، وإلى السلام بينك وبين الناس. وحين يلمسك روح المسيح، تبتدئ محبته فيك. فتغفر لكل المذنبين إليك، كما غفر لك خطاياك، وتحتمل الصعبين، كما يحتملك هو.

ويقودك الروح المبارك في الصلاة المستجابة، ويجمعك مع أعضاء المسيح. ويرشدك إلى خدمات عملية، حيثما تكون. فلا تعيش بعد بين أربعة جدران لوحدك، بل في فرح حضور الله مع المؤمنين الحقيقيين. تعال واتحد مع المؤمنين. ابحث أين هم؟ ولا تبق في عزلتك، لأن السرور والسلام والرحمة تجدها عند الذين يجتمعون حول المسيح ويجعلونه محورهم.

هناك ليس صغير أو كبير، بل العظيم يتواضع، ويعتبر نفسه أصغر الجميع. وكل واحد يعتبر غيره أشرف منه. فالموهوبون لا ينفردون في تنفيذ أعمالهم، بل يعطون للبسطاء فرص للاشتراك في بناء الكنيسة. وهناك تنتهي الوسوسات من خلف الظهور، لأن المحبة تجد الشجاعة لقول الحق للصديق في وجهه، بكل تواضع ليدرك خطيته. والمحب يجد القوة ليستغفر الآخرين، لأنه يعرف أنه ناقص أيضاً ومحتاج إلى غفران الله والناس. فلا تسامح المذنبين إليك فقط بل اطلب إليهم أيضاً غفران خطاياك، لأنك شريك في الأخطاء.

وحيث يملك روح التواضع وانكسار النفس، فهناك يجتمع المؤمنون للصلاة المشتركة. ولا يبدأون بذكر همومهم الخاصة أمام الله، بل أولاً يشكرونه لمحبته، التي حلت في قلوبهم. ويلحون في ابتهالاتهم ليسكب أبوهم السماوي هذه النعمة على الأفراد في محيطهم، وعلى العالم أجمع.

وحيث يجتمع اثنان أو ثلاثة في روح المسيح، ويصلون لأجل التوبة الحقة وتبرير الخاطئ وتقديسه، يستجيب المسيح لصلاتهم. لأن قصده أن الكل يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون. فاسم يسوع المسيح يعني أن الله يخلص العالم. فإن أردت الصلاة باسمه، فصلّ لأجل خلاص كثيرين، مشتركاً مع إخوة وأخوات مؤمنين.

صلّ أكثر، وتكلم أقل. تكلموا في الصلاة مع المسيح أيضاً عن الضيقات الروحية في الكنيسة. وانتظروا منه مباشرة عوناً. فليس إنسان قادراً أن يحل مشاكلكم، إلا المسيح وحده. التجئوا إلى المخلص وتعمقوا بقراءة الكتاب المقدس فتجدوا دوافع للصلاة المشتركة، وتختبروا العجائب. لأن يسوع يثبت فيكم، إن اتحدتم في روحه.

اركعوا وصلوا إلى الله، لينظر إلى مشاكل أمتنا. فهو القادر وحده أن ينجينا من الظلم والاستكبار مانحاً الحق والنظام والسلام. اطلب من الرب أن يمنح لك أخاً مؤمناً، ليصلي معك ويساعدك، لتفضي بمكنوناتك أمام وجه الله.

الكنيسة التي لا تقيم حلقة صلاة، هي ميتة أو مضمحلة. اطلب من الراعي الصالح مصلين آخرين، واشترك معهم في تأملات الكتاب المقدس. وتحمل غرائبهم بصبر وسماح، كما يحتملونك.

طوبى للبلاد التي يجتمع فيها القسيسين والوعاظ والمبشرون، ليمجدوا الله في صلواتهم المشتركة. فلا يعملون منفصلين عن بعض بأنانية وبصبر قصير. وطوبى للمدينة التي لا تحوي خمساً وعشرين مؤسسة روحية متخالفة أو أكثر، بل التي يعتبر فيه المؤمنون أنفسهم جسداً واحداً للمسيح، ويصلون مشتركين. لا تخف أنت أكبر خاطئ من بينهم، وتحتاج أكثر منهم إلى نعمة الله.

تعالوا في هذا الروح، واختبروا أن المسيح نفسه، يحل بين الذين يتواضعون في الجود، طالبين معاً خلاص الضالين. لا تنفرد بل اطلب اليوم شريكاً في الصلاة، لتتقدما بروح واحد إلى أبيكم السماوي. وتسجدا له وتسبحاه فتختبرا قوة المسيح وانتصاره الحق.