العودة الى الصفحة السابقة
قَدْ كَمَلَ ٱلّزَمَانُ وَٱقْتَرَبَ مَلَكُوتُ الله، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِٱلإِنْجِيلِ (مرقس 1: 15)

قَدْ كَمَلَ ٱلّزَمَانُ وَٱقْتَرَبَ مَلَكُوتُ الله، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِٱلإِنْجِيلِ (مرقس 1: 15)


بسبب تسلط الشر في عالمنا الحاضر وروح العصيان الذي يملأ القلوب، تتساقط القنابل يومياً في أماكن كثيرة على كرتنا الأرضية ناشرة الرعب والموت والدمار. وحتى اختراعات الإنسان «التقنية» التي طورها للاستفادة منها، كثيراً ما نتج منها الضرر والموت. ونتيجة لاستشراء الشر اقتربت دينونة الله.

وهذا لم يكن ليتم لو أن الناس حفظوا ناموس الله دستوراً لحياتهم. فمن يفتح قلبه إذاً لهدى وصايا الله؟! ومن يخاف من القاضي القدوس؟! كل البشر مذنبون أمام شريعة الله. لا أحد منهم يستحق الدخول إلى الملكوت الأزلي. كلنا مرفوضون. ويعرف الأتقياء آثامهم، وينحنون تائبين منكسرين.

ولكن الحمد لله، فقد أتى المسيح منذ ألفي سنة إلى عالمنا، وأعلن محبة الله. هل درست حياة المسيح في الإنجيل؟ إنه كلمة الله المتجسد والمولود من الروح القدس. لم يرتكب خطية، ولم يستغفر، بل ثبت طاهراً قدوساً، حتى أن الأبالسة ارتجفت منه وخرجت هاربة من المسكونين حسب أمره. وكذلك سكنت العاصفة المهلكة في البحر بكلمته. هو الذي منح للعمي البصر، وفتح آذان الطرش، وحل لسان الأخرس، وأقام أمواتاً بسلطته، وأشبع خمسة آلاف جائع بخمسة أرغفة وسمكتين.

ولما تراكضت الجماهير المندهشة إليه لتنصّبه ملكاً، تركها إلى البرية، لأنه لم يرد أن يبني ملكوت الله بقلوب مشتهية، بل بتائبين متغيرين ومتبررين، لأن المُستعبَد لشهوة الجسد والنفس الشريرة، ليس له حق في رعوية ملكوت الله.

وقد علَّم المسيح أن ملكوت الله في زمنه لا يمكن أن يأتي إلى أرضنا، لأن الخطية مالكة في جميع الناس وتسّبب الشر في عالمنا. ورغم ذلك فقد كان يسوع الملك الإلهي المستتر، وأعلن سلطانه في كلمات حقه وأعمال محبته. لم يبْنِ رئيسُ السلام دولته على سلطة الأسلحة وجمع الجزية، كما تعمل دول العالم الأخرى، بل أسس ملكوت الله على بره وقدرة الروح القدس. وهكذا رفع في محبته خطية كل الناس على كتفيه، ومات عوضاً عنا على الصليب في لهيب غضب الله، ليصالحنا مع القاضي الأزلي بموته الكفاري.

ما أعظم الملك الذي لا يستعبد شعبه، بل يبذل نفسه فدية عن كثيرين. فالملك الأزلي قدَّس أولاً أعضاء مملكته، لكي يستحقوا الدخول إلى ملكوته والثبات فيه إلى الأبد. ولأجل هذا التواضع وروح الإيثار، دفع إليه أبوه السماوي بعد قيامته وصعوده كل سلطان في السماء وعلى الأرض، وأجلسه عن يمينه حيث يملك مع الآب والروح القدس، إلهاً واحداً، إلى أبد الآبدين.

والمسيح لم يستكبر بمجده، بل رحمنا نحن المساكين، وحلَّ في منتظري موعد الآب، وملأهم بقوته ليحفظوا وصايا الله، ويغفروا لأعدائهم، ويعيشوا في طهارة، وينطقوا بصدق. فتجديد القلوب هو أعظم انقلاب في تاريخ البشر، لأن به تحقق ملكوت الله على أرضنا.

والرابطة بين الملك الأزلي وأهل مملكته الروحية قريبة بمقدار أنهم جسده، وهو رأسهم. فيعلنون إرادته، وهو يشعر بكل ما يتحمَّلونه من مصائب وأحقاد. فسِرُّ هذه الوحدة الإلهية هو المحبة.

أيها الأخ العزيز، هل فهمت كيف يبني المسيح اليوم ملكوت الله بين البشر؟ هل تريد تطهير أفكارك وتجديد قلبك؟ تعال إلى المسيح ملك المحبة، واطلب منه تسامحاً وغفراناً، فيقدسك ويجعلك أهلاً لمملكته. إن ملكوت الله اليوم حاضر في العالم، وجوهره حق وفرح وسلام وصبر وقوة وتعفف ومحبة. تعال إلى ملكوت الله، فتعيش إلى الأبد بواسطة غفران المسيح وقوة روحه.

والكثير من الناس، وبكل أسف، يسمعون كلمة المسيح ويبتسمون لها، ولكنهم يرفضون دعوته. فهم يفضلون المال والعنف والحرية على الحياة في الإيمان، والنتيجة هي الكبرياء والبغضاء والتعصب. هل أدركت أنه إلى جانب ملكوت الله تنتشر اليوم مملكة الشيطان بكل قذارتها ورجاساتها وتجديفها وخوفها؟ افتح عينيك فترى دعايتها الوقحة في المجلات والأفلام وكل وسائل الإعلان. وروح الخراب يتملك في كل الذين لا يقبلون المسيح رباً ومخلصاً. فإلى أي مملكة تنتمي؟ هل انتسبت إلى ملكوت محبة الله، أو اجتُذبت إلى مملكة خراب الشيطان؟ هل قلبك يشتاق إلى السلام مع الله؟ تعال إلى يسوع ربك. إنه ينتظرك ليجعلك إنساناً جديداً صالحاً لملكوت الله. «قَدْ كَمَلَ ٱلّزَمَانُ وَٱقْتَرَبَ مَلَكُوتُ الله، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِٱلإِنْجِيلِ» لتكونوا على استعداد عند رجوعه القريب.