العودة الى الصفحة السابقة
اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلٰكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ (مرقس 13: 31)

اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلٰكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ (مرقس 13: 31)


كل شيء يتغير. التقاليد تنقلب، والعاطفة تبرد، الطائرة تدوي في الفضاء وتحتها يتقاسم الناس لأجل الرفاهية. ولو كان لأحد جدودك المتوفي قبل مئة سنة أن يقوم من بين الأموات، ويتجول في الشوارع العريضة من عاصمتك ليلاً، لبهر وشعر كأنه يعيش في أساطير الخيال. لكنه بعد مدة قليلة، يرى أنه رغم التطور الهائل، فقد بقي كل شيء كما كان في جوهره لأن قلب الإنسان شرير منذ حداثته. فالأنانية السامة والكبرياء المميتة لم يتغيرا البتة إلا أن الاشكال والمظاهر هي التي تتبدل. وأما الفساد فتضخم وعمّ الكون رجساً وشهوات.

منذ ألوف السنين، والإنسان يكوّم ذنوبه ولعناته وجرائمه على هذه الأرض الكروية الصغيرة. وغضب الله يثقل فوق حياتنا، ويزداد لأجل كل نوع من الخطية حقاً.

ومع ذلك فإن الله القدوس صبور ومتأن، ولا يهلك هذه الأرض بسرعة. بل يعطي لكل أمة أجلاً للرجوع إليه. ولكن حيث لا تكرم الجماهير ربها، يسلمهم إلى شهوات قلوبهم، ليهلكوا أنفسهم بأنفسهم.

إن الإنسان اليوم بواسطة الاختراعات العلمية والتكنيكية قادر أن يهلك كل حياة على وجه الأرض مضاعفاً عشر مرات. وله قدرة ليحوّل القمر من مسلكه بقنابله الهيدروجينية. فتتضعضع الأرض، وتترنح في الفضاء كسكران، ويصير اصطدامها برفيقها القمر ممكناً. وزيادة على ذلك، فإننا نعلم أن عوالم النجوم، تهرب إلى الفضاء العدم، بسرعة النور تقريباً فكلنا نسارع إلى النهاية المحتومة.

ولكن بالحقيقة ليست العلوم هي المسببة للخطر، بل إلحادنا لأن كثيراً من الناس لا يرغبون معرفة الله، ولا يبالون بتوبيخه، ولا يقرأون كلمته. فأصبحوا مقياساً لأنفسهم ولا يعرفون ذنوبهم. وتنام ضمائرهم، نوماً ثقيلاً. فيثقون بصلاحهم ولا يطلبون المسيح، متوهمين أنهم غير محتاجين إلى غفران الله. ولا يتوبون ولا هم يذكرون. ومن يتكلم مع الناس العصريين اليوم عن الشيطان، يهزأون ويسخرون منه، كأنما هو يتكلم عن غول خرافي. ولا يدركون أن الخوف، يخيم على البشر. والاضطراب يرجف القلوب. والجماهير تركض إلى العرافين، لأنهم لا يعرفون محور الوقت أو هدف العصر. فالشيطان يركب على ظهور الجماهير ويجربهم، ويعميهم عن حقيقة الحقائق، ليتيهوا رغم علومهم اللماعة، ضائعين في صحراء الحياة فيسقطون ولا منقذ.

إن الله هو هدف أهداف الحياة، ويأتي مسيحه قريباً. فليس مهماً إن آمنت بهذه الحقيقة أو لم تؤمن، لأنها متحققة حتماً، حتى ولو أهملتها. إن الله حي، ومسيحه جالس عن يمينه. هذا هو أساس العالم ولا يتغير ولو زالت الأرض والسماء.

ويقول المسيح والروح القدس لنا بكل صراحة أن الأرض تحترق في لهيب غضب الله، بسبب خطايا ساكنيها، والإلحاد المتصاعد منها. فكل تكنيك متضاخم يزول. وكل فخفخة تنعدم. ولا يبقى إلا القلوب المذنبة، والضمائر الباكية.

أيها الأخ الكريم، هل حصلت على غفران خطاياك؟ أمستعد أنت للأبدية، أو مشحون بالآثام والجرائم؟ هل عندك ذخيرة للحياة بعد الموت، أو ستهلك حتماً؟

كلنا يائسون لو لم يكن عندنا التعزية العظمى، التي تحملنا في دينونة غضب الله. وهذه التعزية هي كلمة المسيح التي لا تزول، لأنها مؤلفة من روح وحق، قوة ونور. والمسيح في ذاته هو كلمة الله، المولود من روحه. وله السلطان القدير أن يعمل من العدم كل شيء، ولو زالت الأرض والسماوات. فاملأ قلبك بآيات الإنجيل، لتعيش إلى الأبد، حتى ولو فني جسدك.

إن كلمة المسيح تخلق فيك إيماناً ينقلك إلى الحياة الأبدية، لأن المسيح هو المحيي، الذي يمنح لأتباعه قوة الله التي لا تنتهي. إن عناصر الأرض وحرارة الشمس تُباد. ولكن جوهر الروح القدس لا يضمحل. أأنت مولود من روح الله؟ أو اشتركت بنعمة المصلوب في عالم الله الجديد؟

يبني المسيح اليوم بكلماته سماءً جديدة وأرضاً جديدة في قلوب المؤمنين به. وسر هذا العالم الجديد الإلهي هو المحبة الكل يزول ولكن المحبة لا تسقط أبداً.

إن تجددت بمحبة المسيح تعرف أن الله أبوك - طبعاً ليس بالجسد - بل بالروح. وتدرك أن القدوس الأزلي، يحبك شخصياً. فإنك لست مستحقاً أن تُدعى ابناً لله، لأنك خاطئ. ولكن المسيح في محبته رفع خطيتك، وصالحك مع الله. لقد حررك على الصليب من ثقل آثامك. فإن آمنت بالغفران في موته الكفاري تستحق أن تكون ابناً لله... فالمسيح يقول لكل مؤمن به «مغفورة لك خطاياك». ارجع إليه، وآمن ببشرى الخلاص في الإنجيل، فتتبرر وتنال الحياة الأبدية.

أيها الأخ العزيز، الأرض تزول، والنجوم تتضعضع فاستعد لدينونة الله. واهرب من عبودية شهوات الشيطان. وافتح قلبك لإنجيل المسيح. لأن كلمته قوية وأبدية وقادرة ان تجددك. تعال إلى الله القدوس ومسيحه، وادرس الكلمة المقدسة، فتنال قوة وتعزية في كل أدوار حياتك. ونرسل إليك الإنجيل مجاناً إن طلبته.