العودة الى الصفحة السابقة
المصعد

المصعد

الواعظ. إبراهيم دواني


List of Tables

1.

Bibliography

المصعد. إبراهيم دواني. Copyright © 2008 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . . SPB ARA. English title: . German title: . Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D - 70007 Stuttgart Germany http://www.call-of-hope.com .

كلمة المؤلف

ربما كان سهل على الإنسان أن يتجاهل وجود الله ويتمرد عليه تعالى أما وقد رأى الإنسان بأم عينه أن التمرد والعصيان والخطية والنسيان لم تعد عليه بالفائدة ولا هي من مصلحته. فعليه أن يتريث وأن لا يتأخر عن أي وسيلة يستطيع بها أن ينهض من كبوته. عليه أن يتحول عن رغبته للخطية ويتوجه إلى الله تعالى مستنجداً. إنه مما لا شك فيه أن الله تعالى لا يتأخر عن قبول التائبين الراجعين إليه حقاً فلا يعدم وسيلة يخلصهم بها على أساس رحمته وعدله. كما ذكر في المزمور 85: 10 «الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا. الْبِرُّ وَالسَّلاَمُ تَلاَثَمَا» وأن المسيح الذي هو قول الحق والذي هو رحمة للناس وقد وفى الحق الإلهي وأتاح لكل خاطئ الفرصة لكي يخلص. من الله أطلب أن يجعل هذه النبذة الوضيعة لتكون خير وسيلة لخلاص أكبر عدد من الراغبين في الخلاص ليدخلوا إلى مصعد الله بالطاعة والإيمان ويكونون من الصالحين اللهم آمين.

المصعد

في شهر آب من سنة 1954 سنحت لي الفرص أن أزور أحد المناجم في مقاطعة ورتنبرك في ألمانيا وأنزل إلى عمق أحدها. وبعد أن ألبست معطفاً وقبعة وطُلب مني أن أمسك جيداً بقضبانه الحديدية وسرعان ما وجدت نفسي مع من رافقوني بهذه الزيارة في باطن الأرض على عمق سبعماية وخمسين متراً. كنت أتصور قبل نزولي إلى تلك الهوة العميقة أن أجد نفسي في ظلمة حالكة حيث يصعب علي التنفس من قلة الهواء غير أنني وجدت الأمر على نقيض ذلك إذ توفرت الأنوار الكهربائية بشكل لا يقل عن نور الشمس الطبيعي. وكان الهواء يملأ المكان كما لو كنا على جبل عال. سرنا في ذلك العمق مع شارع يبلغ طوله نحو أربعماية متراً وقد بني عليه خطان للعربات الناقلة للفحم. تمر الواحدة فارغة وتعود ملآنة بقوة الكهرباء بصورة مستمرة ليلاً نهاراً والعمال يُستبدلون مرة كل خمس ساعات.

جرأة ومغامرة

لا ريب أن ذلك العمل الجبار يتطلب جرأة ومغامرة بينما نسأل ما هو الدافع؟ لم أجد إلا جواباً واحداً وهو الاستفادة من تلك المعادن المتنوعة المخزونة في باطن الأرض. وقد استعمل الرأسماليون أموالاً وافرة متفقين مع العمال الذي مرنوهم تمريناً متقناً لاستخراج تلك المعادن المخزونة وبذلك أصبحوا أغنياء حائزين على ثروة طائلة.

فوائد تلك المعادن

عندما يتأمل المرء بالفوائد الجمة التي تعود على البشرية بسبب هذه المعادن لا يستطيع إلا وأن يقدّر تلك الخدمات والجهود العظيمة. وإن العالم لو حُرم من هذه المعادن كالفحم الحجري والحديد والتنك والفضة والذهب والألماس وغيرها من المعادن المتنوعة والتي استعملها الإنسان لمصالحه في البر والبحر والهواء. فخففت من آلامه ومتاعبه ورفعت مستوى معيشته. نتصور عالمنا يصبح عالماً مسجوناً مقيداً. والإنسان لو لم ينتفع بهذه المعادن لما كان يفرق عن الحيوان إلا بنطقه وهو يُعد مخلوقاً ضعيفاً بين الحيوانات الكبيرة الأخرى الكثيرة العدد. لذا نرى أن الإنسان قد استفاد من هذه المعادن واستعملها للدفاع عن نفسه ولأمور مفيدة أخرى فعادت عليه بالخير العميم ولذلك فإن استخراجها يستحق الجهد والمغامرة والتضحية.

معادن معنوية ضارة

توجد غير هذه المعادن التي وصفت معادن معنوية ضارة. كما أن الحصول على المعادن الطبيعية يحتاج جهداً ومغامرة كذلك يغار كثيرون من الناس وينزلون إلى أحط الدركات ويصبحون أدنى من الحيوانات في سبيل أمور دنيئة تستهويهم وتستدرجهم إليها فيقبلون عليها وهم لا يحسبون حساب النفقة ويضحون من أجلها كل غالٍ ورخيص.

أنواع هذه المعادن المعنوية الضارة

لا حد ولا عدد لهذه الأنواع من المعادن غير أنني أقتصر على ذكر بعضها فأذكر منها:

أولاً الكبرياء التي غررت بآدم وحواء لمساواة نفسيهما بالله. إذ لما أراد إبليس أن يغريهما ليأكلا من الشجرة التي أوصاهما الله تعالى أن لا يأكلا منها. قال لهما يوم تأكلان منها تصيران مثل الله وأدخلت إلى نفسيهما الكبرياء. فكان هذا العمل منهما ذميماً وشبيهاً بعمل عبد تحالف مع عدو سيده ليجعله منافساً له. إن الكبرياء معدن براق يستهوي الكثيرين من البشر في حين أنه مضلل ينزل بالنفس البشرية إلى أعماق الجحيم وفعلاً نرى أن كثيراً من الناس أفراداً وجماعات قد خُدعوا بهذا المعدن الضار فضلوا سواء السبيل ونزلوا إلى أسفل الدرجات يا للأسف أن ينزل من خُلق على صورة الله ومثاله إلى هذا الحضيض. جاء رجال الله ينصحون الناس ويرشدونهم بطرق عديدة للتجرد عن الكبرياء والابتعاد عن نتائجها الوخيمة الضارة وقد ورد الكثير من النهي عنها في الكتاب المقدس وذُكر الكثير من العبر والحكم التي يقتضي عند مطالعتنا لها أن نتجنب الكبرياء ولكن وأسفاه إن كل ذلك بدون جدوى.

ومن هذه المعادن أيضاً الكفر والقتل والسرقة والاستغابة والرياء والغش وكل أنواع الشر الأمور التي ساقت الناس للاستخفاف بالشرائع والقوانين والأمور الروحية. وكانت نتيجة ذلك أن الإنسان خان نفسه وانهمك في المادة طالباً للسعادة فكان نصيبه الفشل فانحط وهو يطلب الرفعة وهبط إلى أعماق الهاوية السفلى وأصبح الناس في حيرة ماذا عساهم يفعلون؟

يقظة بعد غفلة

استفاق الناس من غفلتهم فوجدوا أنهم لأنفسهم ظالمون وللهلاك سائرون وأنهم ليسوا على يقين فأخذوا يرمون بعضهم بعضاً باللوم موبخين ومؤنبين وكل منهم لأخيه عدو مبين يطلب إبادته وعليه يستعين فلا هدوء ولا اطمئنان لأحدهم. وينقضهم القلب السليم ويحتاجون لرب العالمين الذي هو في وعده تعالى آمين.

بصيص النور يظهر لبعضهم

والناس في تلك الحالة المريعة الرهيبة انفتحت عيون بعضهم فرأوا نور الله مشرقاً عليهم فصاحوا هلموا بنا بالله نستعين فيرسل لنا عوناً عظيماً فنخرج من الهوة ونحيا سالمين.

سماع بعضهم للوعظ والنداء وإهمال البعض الآخر

لبى بعضهم ذاك النداء فاستعانوا بالله وقالوا هذا هو الأساس لأن عند الله رحمة ورأفة بالناس فتناولوا من يديه تعالى كأس الخلاص وخلصوا من سلطة إبليس الخناس فارتفعوا إلى العلاء بالسعادة والهناء قائلين ربنا إنّا لك إناء فاستعملنا كما تشاء.

الرافع الكهربائي المعنوي

إن خلاص أولائك الذين نزلوا إلى أعماق المناجم في طلب المعادن لا يعود إليهم ولا إلى غيرهم. إنما يتوقف على المصعد الكهربائي فقط كذلك أولائك الذين اندفعوا في طلب المعادن المعنوية أي الخطايا على أنواعها فسقطوا في بؤرة الشر يحتاجون لمصعد يخرجهم من تلك الأعماق التي لو بقوا فيها يكون مصيرهم الهلاك.

وهنا نسأل ما هو ذلك المصعد الكهربائي المعنوي أو ذلك المصعد الروحي في كل جيل وزمان؟ هو نور الله الذي آمن الناس بوجوده دون أن يروه فآمنوا بأنه هو السميع العليم الذي لجؤا إليه في محنهم وصعابهم واستعانوا به وطلبوا رحمته وهم لعونه يتوسلون وليس بمعقول أن الله لا يستجيب دعاء من يلتجئ إليه.

ما العمل؟

أليس الإنسان هو المسؤول عن زيغانه وعصيانه أيجوز للإنسان وهو الذي أسقط نفسه في بؤرة الشر (راجع إشعياء الأصحاح الأول) أن يلقي المسؤولية على الله؟ إن هذا ليس بحق ولا هو الواقع لأن الله عادل ورحوم.

الله عادل مالك يوم الدين

إن البشر هم الذين تعدوا على وصايا الله وشرائعه ولذلك هم جميعهم متهمون أمام عدالة الله وبفعلهم هذا قد حكموا على أنفسهم حكماً أبدياً بالهلاك الذي لا مفر منه. لأن في محكمة الله العليا لا يوجد استئناف ولا تأجيل بل حكم مبرم. وهو سبحانه وتعالى يسمع استغاثة البشر ويتعطف عليهم ويرأف بأولائك الصارخين ويرسل إليهم العون من عنده. ذلك لأن الأملاك والأموال والجواهر والحجارة الكريمة والخليقة بأجمعها لا تقدر على فداء الإنسان ولا خلاص له إلا بتدبير الله. ولما كانت الخليقة عاجزة لإيفاء ما تتطلبه عدالة الله لفداء الإنسان دبر الله برحمته فأرسل كلمته «كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا. الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللّٰهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلّٰهِ. لٰكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ اٰلنَّاسِ» (يوحنا 1: 3 و14 فيلبي 2: 6 و7)

الله سميع عليم

عرف الله تعالى منذ خلق الإنسان الذي خلقه حراً بأنه بحريته واختياره سوف يسقط في حفرة الخطية وسوف يتخبط خبط عشواء ويسعى جاداً لأجل خلاص نفسه فلا يجد لذلك سبيلاً فيبتدئ يصرخ مستغيثاً بتلك القوة الخالقة لعله يجد فيه ملجأ.

هذا هو السر العظيم

إن الله السميع العليم سمع استغاثة الإنسان فحقق له طلبه وهو وجه الله إذ جاء الله أي أقنوم الكلمة متأنساً وبُشرت مريم به وكان الله المبشر بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وهو وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين. وهو آية ورحمة للناس ذاك كان قضاء الله قبل خلق العالمين. ونجد فيه «َنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ وهو حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ» (يوحنا 1: 16 و29 و12).

«وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ» (فيلبي 2: 8).

عدل كسرى

كان كسرى ملك عادل وقد سن قانوناً يقضي بقلع عيني كل إنسان يزني. فكسر ولي عهده هذا القانون فسيق للمحاكمة أمام أبيه وقد تقدم عدد كبير من الناس يتوسلون بالعفو عنه غير أن كسرى امر بأن تُقلع عينه اليمنى وعين ولي عهده اليسرى وكان ذلك تنفيذاً للقانون الذي سنه ومحافظة على العدالة. إذا كان الإنسان لم يقبل أن يستهين بالعدالة فما قولك أيها القارئ هل يمكن أن يكون الله أقل عدلاً من الإنسان؟

قصة الحاكم العادل

تقدم رجل إلى حاكم عادل يشكو إليه رجلاً آخراً كان له في ذمته ألف جنيه ثبت حقه فيها بالبيّنة. فأخذ المدعى عليه يتوسل للحاكم كي يعفيه من ذلك الدين. وكان الحاكم صديقاً له فأجابه على رغم صداقتنا لا أجد مفراً من إحقاق الحق لأن العدل يقضي بذلك. وقد توسط كثيرون في هذه القضية وحكم الحاكم على المديون إما أن يدفع ما استحق عليه أو يُسجن. فتوسل المديون وبكى ورمى بنفسه عند أقدام الحاكم وصرخ قائلاً ارحمني أيها الحاكم العادل اشفق علي وعلى أولادي فأنت رحوم وحنون. فرق له ذلك الحاكم العادل وشفق عليه ليس بسبب توسلاته وبكائه ولكن لأن الرحمة والعدل من صفاته. فلم يسعه إذ ذاك إلا أن يخلصه. فدفع المبلغ من ماله الخاص وبهذه الطريقة عدل ورحم.

طريق الخلاص الأوحد

ليست بطريقة أخرى كان يمكن أن ينهجها ذلك الحاكم لخلاص المديون والاحتفاظ بصفة العدالة ولو فعل غير ذلك لتعدى القانون وخسر صفة العدل. وهكذا فإن الله هو الحاكم العادل أما الإنسان فقد تعدى العدل الإلهي ولأنه مخلوق عاقل فهو مسؤول أمام عدالة الله ولذلك ظهر حمل الله ليرفع خطية العالم «الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا. وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (كولوسي 1: 14 أعمال الرسل 4: 12) كذلك قول المسيح: « أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي» (يوحنا 14: 6).

صلاة داود

في المزمور الحادي والخمسين رفع داود هذه الصلاة قائلاً «اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ اغْسِلْنِي كَثِيراً مِنْ إِثْمِي وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي. لأَنِّي عَارِفٌ بِمَعَاصِيَّ وَخَطِيَّتِي أَمَامِي دَائِماً. إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ وَاٰلشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ، لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي أَقْوَالِكَ وَتَزْكُوَ فِي قَضَائِكَ» (مزمور 51: 1-4). وفي المزمور 130 صلى قائلاً «مِنَ الأَعْمَاقِ صَرَخْتُ إِلَيْكَ يَا رَبُّ. يَا رَبُّ اسْمَعْ صَوْتِي. لِتَكُنْ أُذُنَاكَ مُصْغِيَتَيْنِ إِلَى صَوْتِ تَضَرُّعَاتِي. إِنْ كُنْتَ تُرَاقِبُ الآثَامَ يَا رَبُّ يَا سَيِّدُ، فَمَنْ يَقِفُ؟ لأَنَّ عِنْدَكَ الْمَغْفِرَةَ. لِكَيْ يُخَافَ مِنْكَ. انْتَظَرْتُكَ يَا رَبُّ. انْتَظَرَتْ نَفْسِي، وَبِكَلاَمِهِ رَجَوْتُ... لأَنَّ عِنْدَ اٰلرَّبِّ اٰلرَّحْمَةَ وَعِنْدَهُ فِدىً كَثِيرٌ» (مزمور 130: 1-7).

ادخل وتمسك

لنعود الآن إلى ذلك المصعد الكهربائي الذي هو الواسطة الوحيدة لخروجنا من أعماق المناجم. أُمرنا بالدخول ثم بالوقوف والتمسك. وكل ما كان علينا أن نعمل هو أن نصدق من أمرونا بذلك ونطيع أمرهم فنجد أنفسنا على وجه الأرض. لو تألب علينا العالم ليقنعنا إننا لا نزال في الأعماق لا يمكن أن نصدق لأننا هنا نحن نتمتع بنور الشمس على سطح الأرض.

اعرف نفسك تعرف ربك

نما وكبر ولكن نفسه قد صغُرت لأنه انغمس في الشرور وغاص في بؤرة الفساد. مرّ عليه وقت وهو يعيث في الأرض فساداً أخيراً ألقي عليه القبض وزُج في السجن. وكان ذا خلق سيء كالوحش الشرس يؤذي كل من يقترب إليه. في أثناء وجوده في السجن وقد طالت المدة، وصل ليده كتاب مقدس فقرأه، من ذلك الكتاب عرف ربه وعرف أنه ليس سوى مخلوق ساقط لأنه تعدى على وصايا الله الذي خلقه. فصارت نفسه تتوق للرجوع إلى الله ولكنه لم يعلم الطريق التي بها يقدر أن يرجع إلى الله. فتابع القراءة والبحث والتمحيص إلى أن وصل إلى قلب العهد الجديد (إلإنجيل) فوجد أن الله الغني الرحمة والمحبة قد أرسل أقنوم الابن الذي هو كلمة من الله ليتأنس ويبذل نفسه فدية لأجل الخطاة فآمن وأمن وعرف أنه افتدي ليس بمال ولا بجواهر ولا بشيء يفنى (لأن كل من عليها فانٍ) لكنه افتدي «بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ» (1بطرس 1: 19) ها هو قد وجد ضالته لأنه بالإيمان بالمسيح الفادي واتباعه له قد دخل إلى المصعد الروحي مطيعاً مؤمناً فما كان منه إلا أن صار إنساناً جديداً وعاش حياة جديدة وقد تأكد أن الله رفعه وأخرجه من حمأة الخطية ووضع رجليه على صخرة ووضع في فمه ترنيمة جديدة مسبحاً وحامداً الله لأجل خلاصه. اعرف ربك اعرف نفسك وتتبع فتخلص.

نصيحة المحبة للخاطئ

أخي القارئ،

لا ينفعك التردد والإهمال فإنك خاطئ مهما كانت منزلتك من فقر أو غنى... ومهما كان جنسك ذكراً أم أنثى فإن البشر وإن اختلفوا في اللون واللسان فهم واحد في الخطية. وبخطية آدم وحواء اكتسبنا الخطية إذ نسي آدم فنسيت ذريته وعصى آدم فعصيت ذريته. فأصبح دخول جهنم لكل منا لا مناص منه لأنه «الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضاً. لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ. إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ الله. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا.» (غلاطية 6: 7 رومية 6: 23، 3: 12 و23 إشعياء 53: 6)

ماذا بعد ذلك؟

أما وقد ثبت أنك خاطئ وللدينونة آت وأنك ميت ولو طالت لك السنين يترتب عليك أن تكون على بينة وعلى يقين وما عليك إلا بالله تستعين لأنه الولي والنصير الذي لجميع خفاياك بصير. فتبصر بأمرك ولا يغرنك الجاه والمال الكثير. اعلم أنك للآخرة تسير واتل كتاب الله علك به تستنير. تناول كأس الخلاص من يد ربك القدير وانعم بنعمائه واشكره على محبته وحكمته التي ضمن لك ذاك المصير ولا تسمح لشيء أن يلهيك عن حكم ربك المبرم لئلا يفاجئك اليوم المحتم فتندم من حيث لا ينفع الندم. ذلك لأن الدينونة والهلاك من نصيب العصاة والمتمردين ولكنه ليس كذلك مصير المؤمنين لأنهم إلى ربهم يرجعون وبه يستعينون وهم لخلاصه قابلون وعليه متكلون فهم لربهم عابدون وبه مستنجدون. ولذلك يمثلون أمام الله غير مخذولين. فهنيئاً هنيئاً لمن سار في هذا الطريق الأمين الذي حتماً يؤدي إلى النعيم فاقبل أيها الخاطئ هذا النداء ولا تستهين بل تب إلى ربك ولا تكن من الغافلين. اقبل إلى الفادي الذي تأنس وتألم لأجل خلاص النفوس فلا تخاطر بنفسك لأنك لا تملك إلا نفساً واحدة وجسداً واحداً سيصبح يوما جثة هامدة وطعاماً للدود. إن ربحت نفسك وخسرت كل شيء آخر فلست من الخاسرين. وإن أنت حظيت بكل شيء من هذا العالم الفاني فإنك لا شك تاركه بعد وقت قصير.

فاحذر لئلا تكون من النادمين فأنا عبد مثلك نلت نوراً من كتاب الله الثمين وحولت وجهي نحو الله صارخاً ومستغيثاً فاستجاب لي وأمدني بنعمته وشملني بمحبته وجعلني من رعيته وأعطاني سلطاناً أن أكون له من البنين الشاكرين الذين بنعمة ربهم من المتمتعين لأعيش معه في حرز أمين. اطلب من ربي أن يجود عليك أيها القارئ العزيز بعقل متريث سليم وقلب نقي خاضع يلين لترفض الشيطان لأنه العدو المبين وتقبل الخلاص الذي بالنعمة وبالإيمان بأقوال رب العالمين فتستكين نفسك وتجد راحة إن كنت من المتعبين فتسير مع الله هنا وإلى أبد الآبدين لأنك ستصبح من الخالدين والسلام على من اتبع الهدى اللهم آمين.

Table 1. 

يا أيها الجواد يا أيها الفادييا أيها الرحمان يا أيها الهادي    
ارفق بحالي وانهض لإنجاديوامدد لي العون يا ربي يا باري    
لأنك راحم وعادل قاضيوحبك شامل للعاصي والراضي    


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D-70007
Stuttgart
Germany