العودة الى الصفحة السابقة
الضال

الضال

الواعظ. إبراهيم دواني


Bibliography

الضال. إبراهيم دواني. Copyright © 2008 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . . SPB ARA. English title: . German title: . Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D - 70007 Stuttgart Germany http://www.call-of-hope.com .

كلمة المؤلف

قد لفت نظري في أيام الربيع هذا الفرق الذي رأيته في الحقول الكثيرة الموجودة في لبنان وغيره. وسألت نفسي عن سبب هذا الفرق الذي حصل بين شهر وآخر. تطلعت قبل شهر فلم أر عرقاً أخضر وكنت أشفق على الحيوانات التي كانت تبحث عن غذاء لها فلم تجد، ورأيت أحد البدو يبكي على مواشيه مما سبب لي ألماً كثيراً، لكن الآن وقد تجولت في نفس الأماكن رأيت فرقاً عظيماً لأن تلك الحقول أصبحت لابسة ثوباً سندسياً أخضر وقد وجدت المواشي قوتاً وفيراً. سبب هذا الفرق أن السماء استجابت لحاجة الأرض وأرسلت غيثها الذي سقى الأرض ودخلت المياه إلى الأرض فانحلت عناصرها فاستجابت البذرة المدفونة في باطن الأرض للعناصر المنحلة وشقت لها طريقاً ونمت وأينعت وأزهرت وعاشت وصارت ذات فائدة كبرى للإنسان والحيوان. ألسنا نحن بانغماسنا في الخطية قد متنا معنوياً ودفنا تحت أركامها وليس مصيرنا سوى الهلاك. السماء أيضاً في هذه المرة قد استجابت لحاجتنا فأرسل الله تعالى غيث رحمته أي ذلك الكلمة الذي صار جسداً وهو آية ورحمة للناس وتأنس لكي يقدر أن يبذل نفسه كما بذلت نفسها تلك المياه المنسكبة على الأرض ليعطينا حياة ونرجع إليه تعالى ونكون من المنعمين ويؤول ذلك لبركة نفوسنا ونكون بركة لغيرنا وللمجتمع نافعين لهم آمين.

إبراهيم دواني

الضال

نشأ في بيت سعيد محاط بالكثير من الخدم والجواري والعبيد وكان له كلما يشاء ويريد. عاش في عز ودلال وكلما اشتهاه ناله وتمتع بالسعادة والحب الشديد. كبر وصار من الرجال وطلب الحرية المطلقة ليقول كلما يقال أو لا يقال ويفعل ما طاب من الأفعال دون رادع أو ناصح يردد النصح ليفيد واختار أن يكون لنفسه هاد ورشيد لذا جاء إلى أبيه وقال يا أبي أعطني ما يخصني من المال لأني أصبحت من الرجال. وحيث أني ابن ولست من العبيد أرجو منك أن تعطيني كل ما أطلب وأريد. طلب ونال لأن أباه قسم له حصته وأعطاه كل ما يخصه من المال مع أن طلبه هذا كان يعد بالأمر الغريب. بعد برهة من الزمن قال في نفسه ها أنا قد نلت المرام وصرت صاحب المال أقدر أن أفعل به كل ما أشاء وأريد وأنشد ذاك النشيد وقال سأترك أبي والبيت والمكان وسأجول في جميع الجهات وسأزور الكثير من البلدان. وسوف أتخذ من سكان تلك المدن رفقاء أتمتع وإياهم في كل ما نشتهيه ونصير في ملذاتنا وشهواتنا شركاء وزملاء وبكل أنواع الملاهي نتلذذ ونتمتع ونزيد.

مغادرته للبيت

هوذا يستعد وفي طريقه يسير، وقد رمى بنصائح والده عرض الحائط وسار بقلب متقس وعنيد إذ قال لأبيه يا أبي خلِّ نصائحك للخدم والعبيد لأنك لو كررت النصح لي لا تستفيد ها أنا أقوم وأسير.

قام غير متردد وما كان منه إلا أن سار وترك والده ذا قلب حزين وكسير وقابل محبته بتمرد وجفاء وعناد شديد واختار لنفسه أن يكون ذلك الابن الشريد.

سافر إلى بلاد بعيدة واتخذ له رهطاً من الأصحاب والخلان وعاشوا معاً عيشة إسراف وصرف عليهم بكرم وسخاء. بالغوا في ارتياد الملاهي وكانوا لشهواتهم كالرق والعبيد. ها هو ابن العز والدلال قد تدرج نحو سوء المآل وقد نفذ كل ما عنده من المال وما كان من أولائك الرفقاء المزيفين إلا أن صاروا له من التاركين وأبغضوه وعاملوه بالكره واللؤم الشديد. وقد أصبح من الفقراء والتعساء المعوزين ينظر إلى كل ناحية فلم يجد له لا منقذ ولا معين. باع الثياب والحذاء ليشتري بثمنها غذاءًَ لينجو من الموت جوعاً بدافع حب الحياة والبقاء مكتف بالطعام الزهيد واستمر على تلك الحالة لوقت طويل إلى أن ضعف وأصبح ذا جسم عليل ونحيل. انقطعت الأمطار وارتفعت الأسعار وحل في تلك البلاد البؤس والخراب والدمار وعم الجوع جميع تلك الديار. فما كان من ذلك الشريد الطريد إلا أن انحط وصار أدنى من العبيد وتجول ليطلب عملاً ليحصل على القليل من الغذاء وكان لا يملك لا ثياباً ولا حذاء. جاء عند رجل كبير وكان عنده يرعى خنازير واشتهى أن يشبع من طعامها القذر ولو كان أسوأ غذاء فلم ينله بسخاء وكان يقدره أعظم تقدير.

الرجوع إلى النفس

راجع نفسه وقال كم من أجير لأبي يشبع ويفضل عنه الطعام الكثير وأنا أكاد أن أموت جوعاً وأشتهي أن أشبع من طعام الخنازير. أقوم وأرجع إلى أبي وأقول له يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك وإني أعترف لك أني من الخطاة المذنبين ولست بمستحق أن أكون لك من البنين اقبلني كأحد أجراك وكعبد بك يستجير وثقتي بك أن لا ترفضني لأنك أب حنون ومن أعظم المحبين وفيما بعد ترك بلاد الغربة وسار إلى الوطن والديار.

وصوله إلى أبيه

مع كونه كان ضعيفاً وذا جسم نحيل فقد جد في المسير كأنه على الأثير يسير. وما كاد يقترب من البيت إلا ورأى أبوه شبحاً من بعيد فقال في نفسه يا ليت ذلك الشبح ابني الشريد. ربي حقق آمالي ورجائي لكي أراه من جديد ولمركزه البنوي يستعيد. ها هو الابن الشريد يقترب رويداً نحو أبيه في أسوأ حال عار من الثياب بلا حذاء وليس بيده مال لكنه كان ذا قلب حزين وكسير. هوذا يأتي أمام أبيه راكعاً ولرجليه مقبّلاً وبأعلى صوته صارخاً وباكياً وكان يردد القول صارخاً يا أبي لست مستحقاً أن أكون لك ابناً لذا أرجوك أن تقبلني كعبد أو أجير. خفق قلب ذلك الأب المحب وامتلأ بالعواطف والحنين نحو ابنه الشريد الذي رجع وكان من التائبين فلم ينتظر حتى ينهي الابن كلامه فانشد وقال أهلا بك يا ابني الحبيب وكان له من المعانقين المقبلين.

عطايا الأب

لم يكتف الأب بالقبلات والترحيب لكنه رآه جائعاً فقال للعبيد أسرعوا وأعدوا لنا العجل المسمن لنأكل ونفرح لأن هذا اليوم لنا يوم فرح وسرور ويوم سعيد ورأى ابنه عرياناً فطلب أن تعد له الحلة الأولى وحافياً فطلب له حذاء جديداً وألبسه خاتماً في يده وردد القول بالهتاف الشديد. ابني ابني هذا كان ضالاً فوجد وكان ميتاً فعاش فلنفرح ولتنشرح صدورنا وليكن هذا اليوم لنا يوم عيد. وقد صدحت الموسيقى في الدار وشمل الفرح كل البيت وجميع الجوار. انشرحت الصدور وابتهجت القلوب وكان حقاً يوم بهجة وعيد بعودة ذلك الابن الشريد. يا له من يوم سعيد قد فرح الأب بعودة ابنه وفرح الابن وكل من في الدار وكثر الغناء والترنيم والنشيد.

معنى القصة

إن هذه القصة قد اقتبست من الإنجيل وإنها لقصة فريدة تدلنا على الحياة السعيدة وتبلغ النفس مرادها وغايتها ومناها. ليس لنا موجد سوى الله الأب السماوي الذي هو الإله العظيم غير المحدود. إنه تعالى الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد وهو الله الواحد في الجوهر واللاهوت والجامع في الأقانيم أي الشامل المانع شاء أن يخلق العوالم والكائنات ويوجد عالم واسع الجهات لا تدركه عقول جميع المخلوقات. لم يخلق الخلق لأنه تعالى في حاجة لمخلوقاته. إنه غني عن جميع مخلوقاته سواء إن كانت من الملائكة أو من الإنس أو الجن أو من الحيوانات والنبات. لأنه الرحمن الرحيم ذا الثلاثة أقانيم وهو منذ الأزل السميع الكليم البصير المريد والمحب العظيم يتبادل هذه الصفات بين الأقانيم التي كانت عاملة فيه تعالى قبل خلق العالمين في محبته المتبادلة بين الأقانيم ومشورته الصالحة قبل خلق العالمين شاء أن يخلق خلقاً كثيراً وأراد أن يوجد إنساناً من تراب الأرض الذي يميز بين الخير والشر وبين الرحمة والعدل والعفو والعقاب والسعادة والهناء والتعاسة والعذاب. وفي تلك المحبة عينها بين الأقانيم قال الله العظيم إننا سنخلق الإنسان على صورتنا ومثالنا ذا روح ونفس وجسم من طين باراً وعاقلاً وخال من الخطية والإثم الذميم ونسكنه في جنات النعيم ونمتعه بمحبتنا أي تلك المحبة الأزلية بين الأقانيم ويكون من المنعمين. ونجعله لنا خليفة في الأرض ووكيلاً أميناً ويحظى على عطفنا وحبنا المستديم ويكون رأساً للمخلوقات أجمعين.

سبحان الله العزيز الكريم قد جبل ذلك المخلوق من الماء والطين ونفخ فيه نسمة الحياة وأوجد له امرأة واحدة ولم يأمر بتعدد من النساء والحريم التي خلقها من ضلعه بعد أن وضع عليه سباتاً ثقيلاً وأوصى أن تكون له سلوة ومعين وتتبادل الحب معه فيكون لهما الخير الجزيل ويعبدان معاً رب العالمين ويتمتعان بعطفه وحبه إلى أبد الآبدين. وباركهما وأمرهم أن يخضعوا كل ما في الأرض ويتسلطوا على سمك البحر والطير الذي يطير في الجو وكل الحيوانات وما في الأرض جميعها. وأعطاهم النبات ليبزر بزراً كجنسه ويكون لهم قوتاً وفيراً وطعاماً مستديماً وهذا ما تم في يوم الخلق والتكوين.

سقوط الإنسان

أما وقد خلق الإنسان على صورة الرحمن خال من الخطية والأدران وحظي بمحبة خالق الأكوان. كان مفروضاً به أن يثق بربه وخالقه وأن يخضع له غير متردد وأن لا يميل قلبه إلى التمرد والعصيان. لحكمة لا يعلمها إلا الله الحكيم الذي هو تعالى في كل شيء بصير وعليم قد نهاه عن الأكل من شجرة واحدة ولم ينهه عن جميع الأشجار وحذره من العصيان الذي لا يعود عليه بالخير والأمان لكنه يجلب عليه الموت والعذاب المبين. فجاء إليه الشيطان بواسطة الحية التي كانت قادرة على الغش والاحتيال وكانت على ما يظهر تسبب بهجة للإنسان. فاغرته واستعملت في سبيل إغرائه الغش والاحتيال وذلك في 3 نواح وخصال عرف الشيطان أن الثقة في كلمة الله تقود الإنسان إلى السماء وتجعله أن يصير في رضى رب العالمين والسعادة والنعيم، لذا جاء إليه ليزرع في قلبه الشك في صدق كلمة الله مستعملاً الحية التي كانت ماهرة بالخبث والاحتيال وقد جاءت إلى حواء وهي منفردة في العداء تتنشق الهواء وتتمتع برؤيا الأشجار وتأكل من أطيب الأثمار وقالت لها أحقاً قال الله لكما أن لا تأكلا من جميع الأشجار وإن أكلتما يكون نصيبكما الهلاك ومثواكما العذاب في النار؟

فأجابت حواء نأكل من جميع الأشجار إلا واحدة التي هي في وسط الجنة التي إذا أكلنا منها نكون قد أسأنا التصرف والاختيار ونجلب على أنفسنا وعلى من يأتي من بعدنا التعاسة والموت والعار. لكن الشيطان لم يكتف بتلك الحيلة الخبيثة التي قد أدخلت الشك في صدق كلمة الله في قلب حواء ومن ثم في قلوب جميع بني الإنسان فجاء بحيلة أدهى من الأولى وهي ليطمئن الإنسان أنه دائماً سيكون بالأمان وسوف لا يكون له لا حساب ولا عذاب ولا يوم دينونة ولا عقاب. قائلاً بفم الحية لن تموتا. وأدخل في قلوبهم أيضاً الشك في حقيقة محبة الله لأنه أردف قائلاً أن الله عالم بأنكما يوم تأكلان من هذه الشجرة المنهي عنها تصيران مثل الله عارفين الخير والشر.

قد أدخل إلى قلبيهما وفيما بعد قلوب ذريتهما الشك بصدق كلمة الله وفي يوم الدينونة والحساب وحقيقة محبة الله وأخيراً قد أدخل في قلبيهما التعظم والافتخار والكبرياء.

هذا هو الضلال

هذا هو الضلال الذي قد ابتدأ في الجنة ولم ينته حتى الآن هذا هو الإنسان الذي عصى الرحمن وطلب لنفسه الأمان وسعى لنيل الحرية والاستقلال لسان حاله يقول يا ربي أعطني كل ما قسمت لي من الصحة والقوة والرزق والمال. ودعني أعيش عنك بعيداً لاحيا منفرداً وسعيداً وأتمتع بالحرية ويكون لي الاختيار وأفعل ما يطيب لي من الأفعال وأقتطف جميع الأثمار. ولو أنك يا ربي قد نهيتني عن شجرة واحدة التي هي الخطية وكانت هذه لذتي وجلبت على نفسي اللعنة والموت والعار لا أتراجع عن عنادي ولا أتردد عن العصيان والتمادي وسأعيث في الأرض فساداً أو أنت أعطيتني في كل ذلك الحرية والاختيار.

ماذا ينتج عن الاستمرار بالخطية

أكلم الناس وأقول أيها الأصدقاء والإخوان ماذا جنى الإنسان من هذا الضلال؟ هل من فائدة يجنيها الإنسان بابتعاده عن الله واستمراره بالخطية والطغيان والتمرد والعصيان؟ وهل من حق الله أن يطالب جميع بني الإنسان؟ قد خلق الله للإنسان عقلاً فدعونا نسأل العقل والمنطق ونتتبع ونبحث ونحقق. ألا يجيبنا العقل السليم والمنطق القويم أنه من الصواب أن يراجع الإنسان نفسه ويقوم لفوره راجعاً إلى الله الكريم ليحظى عنده قبولاً وينال مغفرة ويعيش معه تعالى في سعادة ونعيم؟ هل من المنطق أن يسقط الإنسان على الأرض ولا يقوم اذا كان حائزاً على الصحة والعقل السليم؟ قد خلق الله أيضاً للإنسان ضميراً الذي يميز بين الخير والشر والصلاح والإثم الذميم. أي ضمير لا يبكت صاحبه وينبهه كي لا يستمر في الخطية والعصيان وينهيه عن التمسك بمشورة الشيطان وترك وصية الرحمن. إن مثل ذلك الضمير ليس ضمير سليم لكنه مريض وسقيم وهو مائت قبل الأوان. إذا تأملنا بما دبرت العناية الإلهية ونظرنا للحيوانات والدبابات والأطيار نراها جميعها في الغريزة تبحث عن بيت الذي به ترتاح وتستكين وتتجنب الأخطار مستجيبة الغريزة التي وضعها فيها خالق العالمين. تنتقل بين الفصول وتعمل كل شيء حسب الأصول ما يعجز عنه أكبر العقول. وقد نبه الله قلوب أناساً أتقياء الذين لبوا دعوته تعالى واختارهم ليكونوا له أصفياء ودعاهم رسل وأنبياء. قد أوحى الله لهؤلاء بروحه ولقنهم شرائعه ووصاياه وكلمته لينقلوها للناس وتكون لهم نوراً وضياء ويحثونهم للرجوع لرب العالمين ويكونون باسمه من المؤمنين. سبحان الله العظيم لماذا لا نرجع إليه ونكون عليه من المتكلين.

الله ينتظرك

إذا كان ذلك الأب انتظر ابنه الشريد وقابله بالعطف والحب الشديد فما قولك يا أخي الحبيب هل حب الإنسان المخلوق يفوق حب رب الكائنات والخالق الوحيد. فكر وتأمل في حالتك وما جلبته عليك الخطية من تعاسة وشقاء وبؤس كثير واعلم أن ما يصيبنا من نتائج الخطية في هذه الحياة ليس سوى جزء من الأجرة التي نتقاضاها هنا بالتقسيط وسوف نتسلم أجرة كاملة بعد حين. إن الله بانتظارك وهو الذي يرثي لحالك ويعرف جميع أحوالك. إذا أنت ابتدأت تراجع نفسك وتبغي الرجوع إلى الله فلا تتأخر ولا تتلكأ لا تنظر إلى نفسك ولا إلى خطاياك لأنه تعالى قد فداك وهو خير من رحمك ويراك. سر إليه ليس باستحقاقك ولا تتكل على نفسك أو على أعمال برك أو مالك أو أولادك ثق أن كلمة الله التي ألقاها الله إلى مريم والذي صار جسداً واسمه المسيح جاء لكي يمهد لك الطريق ويكون لك رفيقاً وصديق لتحظى على رحمة ومغفرة من رب العالمين إن كنت به تستعين. سر إليه لأنه ينتظرك بصدر رحيب وقد فداك بالابن الحبيب. إنه غفر ذنوبك وستر عيوبك وقد أعد لك الحلة الأولى ليلبسك ثوب بره البر الذي بالإيمان بذلك الذي جاء رحمة لبني الإنسان وآية وكان ذاك أمراً مقضياً قبل خلق العالمين لكي أنت وأنا به نستعين لأنه جاء ليشفع بالمذنبين ويكفر عن سيئات المؤمنين. سر إليه ولا تقل إني جائع ومسكين لأنه أعد لك الكبش الثمين وها هو يقدم لك الفادي الأمين الذي قد أشير إليه بالذبح العظيم. أعد لك المائدة التي أوصى بها التلاميذ الحواريين لتكون عيداً لذكر موته وعذابه الأليم وتعيد دائماً على ممر الأيام والسنين.

ما أعظم ذلك الخلاص الذي أعده الله لجميع الناس دون تفرقة بين البشر أجمعين. أيتها النفس الجائعة هلمي إلى ربك راجعة واستعيني به وخذيه لك خير معين وإلا فقولوا لي يا أيها الناس من يشبع النفوس الجائعة؟ ويكفر عن خطايا الناس وإذا لم يوجد التكفير كيف يخلص الخاطئ الأثيم وينجو من الدينونة ويوم الدين؟ هل الله دائماً موجود بشخصه وصفاته؟ هل هو الديان العادل الذي لا يضيع مثقال ذرة وهل هو أرحم الراحمين؟ من يقدر أن يوفق بين عدله ورحمته إلا الإله الحكيم الذي هو ذات الثلاثة أقانيم فأرسل ذلك الرسول الأمين أقنوم الكلمة ليصير بشراً ويؤيد بالروح القدس القويم يا له من تنازل عظيم. به قد كفر الله عن خطايانا لأنه بتنازله ومحبته قد فدانا أجمعين إن كنا إليه من الراجعين. لا تتردد عن الرجوع إلى الله وتشعر أنك لست من الأبناء ومن الخطاة المذنبين لأن مخلصك العظيم قد وعد بأن يعطيك الروح القدس لتختم به وتكون من البنين وتتمتع بما يتمتع به الأبناء الصالحين لا تقل إني ضعيف ومع الله لا أقدر أن أسير لأن طريقي قاس وبعيد. الله يعرف عنك يا أخي أكثر مما تعرف عن نفسك فأعد لك حذاء لتقوى على المسير. هو يكون لك قوة ورفيقاً والولي والنصير.

أنا لست إلا خاطئاً مثلك

أنا لست إلا خاطئاً مثلك فأنصحك واطلب منك أن تعمل بنصيحتي ولا تهلك رأيت أن الخطية تأتي على الإنسان وأجرتها معها لأنها لا تأتي إليه إلا بالتعاسة والشقاء وتكون حملاً ثقيلاً عليه هنا وجهنم بعد الوفاة. فسمعت ما دوّن في الإنجيل عن محبة الله العظيم ووجدت أنه بمشورته الصالحة أوجدني وبمحبته المتبادلة بين الأقانيم خلقني على صورته ومثاله لأتمتع بما يتمتع به الأبرار الصالحين. لكني قد أخطأت وضللت السبيل وصرت له من التاركين. وجربت لأروي نفسي العطشانة من آبار مشققة وخالية من الماء العذب السلسبيل ووجدت أن كل ما في العالم أباطيل في أباطيل. لكني بعد ذلك وجدت أن الله اهتم في أمري وسعى لخلاصي وخيري وكان غير متردد في السعي الحثيث لمصلحتي لأنه بعد أن كلم الناس بالأنبياء داعياً إياهم للرجوع إليه تعالى وواعداً بالرحمة لمن يرجع إليه تائباً توبة مخلصة ووعيداً. لمن يستمر بخطاياه. نراه أخيراً قد أتى للناس باليوم الذهبي يوم المسيح الذي اشتهت الأنبياء أن تراه لأنه الأقنوم الإلهي الذي هو روحه وكلمته منه الأزلي بأزليته وقد بشرت مريم به وآمنت بالمستحيل لذلك ولد من العذراء المصطفاة. هذا معنى كلمة إنجيل أي أنه بشارة مفرحة فهل من بشارة أعظم للبشرية كافة من هذه البشارة التي تبشر بمخلص وفاد لجميع البشر الذي هو كلمة منه والذي صار جسداً لأنه قد القي إلى مريم وتسمى المسيح ابن مريم وقد قيل في القرآن أن الله كان المبشر بكلمة منه اسمه المسيح... وحيث أن الذي تعين مخلصاً يلزم أن يفدي الإنسان ويكفر عن خطاياه رأيت أن المسيح لم يتردد عن التنازل الذي لا مثيل له وهو بذل نفسه على الصليب ليفديني من اللعنة التي استحقيتها حتماً بسبب خطيتي وأن الله الذي توفاه لأن اليد البشرية لا يمكن أن تمتد إليه لو لم يكن ذلك قضاء الله أن يكون المسيح بواسطة موته رحمة وآية للناس قبل خلق العالمين ليكفر عن خطايا البشر أجمعين. وما الذبائح التي كانت تقدم منذ القديم وكانت سنّة في التوراة وصادق عليها الإنجيل والقرآن سوى رمزاً لهذا الفادي وهو الذي أشير إليه بالذبح العظيم لذلك أشكر الله لأن نفسي اطمأنت ووجدت بذلك الفادي شبعاً وسروراً هلم يا أخي اترك خطاياك وارجع للرب الذي لا يهملك ولا ينساك واقبل إلى الفادي الذي أوجده لجميع الناس. لماذا تتردد وأنت بالهلاك مهدد خذ نصيحتي كأخ محب وتعلم من ذلك الابن الشريد واقتدي به كي تستفيد وإني أؤكد لك أنك ستصبح مثل ذلك الابن السعيد وتأتي إلى الله بجرأة وليس بخوف كالعبيد. إنك إذا تبت إلى الله كخاطئ مستغيث معترفاً بالذنوب ومؤمناً بالإنجيل الذي هو نوراً وهدى للمتقين. وإن قبلت ما جاء فيه عن ذلك المخلص العظيم الذي هو كلمة الله الأزلي واحد الأقانيم الذي ذاق من أجلك العذاب الأليم فسوف تكون حتماً من المخلَّصين ومن الذين أُنعم عليهم من رب العالمين. هلم هلم لا تعط نفسك راحة ولا تستكين ولا تعد نفسك بالسلام. لأنه لا سلام للأشرار قال أحد الأنبياء المرسلين استعن بالله وكن من المفتدين وإياك أن تؤجل خلاصك من حين إلى حين فتكون حتماً من النادمين. قد أرسل المسيح رسله الحواريين وقال لهم اذهبوا واكرزوا للخليقة بالإنجيل وعلموهم ليؤمنوا وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس أي الإله الواحد المثلث الأقانيم وأكد لكل من يؤمن ويعتمد أنه سيكون من المخلصين. لا تكن مثل ذلك الغني الذي دوِّن اسمه في الإنجيل الذي زادت حاصلاته وكان له المال الكثير فقال في نفسه كلي يا نفسي واشبعي ولا تعيشي بالتقتير لأنك تملكين الخير الكثير. فجاء الله إليه وهو في هذا التفكير وقال له يا جاهل لماذا تشغل نفسك في هذا الأمر الحقير. ماذا إذا أخذت نفسك في هذه الليلة؟ فلمن يبقى هذا المال الكثير أنت ستكون حتماً من الخاسرين ولا ينفعك كل ذلك في يوم الدين.

بنظرة خلص الكونت

بسبب حادثة ما التي حصلت لأحد المصورين الكبار في أوروبا صمم أن يفرغ كل جهوده ليرسم صورة مؤثرة للمسيح مصلوباً وفعلاً قد أُنجزت تلك الصورة وكانت ذات تأثير كبير في كل من نظر إليها. وكتب في أسفلها. هذا ما فعلت من أجلك فماذا فعلت من أجلي؟ وما كان منه إلا أن وضع تلك الصورة على حائط في ساحة كبيرة في مدينة أوروبية في ألمانيا. وقد عاش في ذلك الوقت الكونت ززندرف الذي عبث في الحياة كثيراً وصرف جل أوقاته في التهتك والخلاعة وانغمس في الشهوات دون توقف وقد صرف في سبيل ذلك أموالاً كثيرة. وقد صدف أنه مر عن ذلك المكان ورأى تلك الصورة وقرأ الكلمات وتأثر فراجع نفسه وتاب ورجع إلى الله وآمن أن المسيح مات من أجله وعرف أن دمه يطهر من كل خطية فآمن وأمن وخلص وتجددت حياته وفيما بعد أوقف جميع أمواله وأوقاته لخدمة الإنجيل فتباركت نفسه وصار بركة للكثيرين وكان من رابحي النفوس الذي يلقب بالحكيم. أيها القارئ لا تضيع الفرصة. راجع نفسك تب ارجع إلى الله آمن اقبل واخلص فتكون من المنعمين الذين لا خوف عليهم من الدينونة ولا في يوم الدين والسلام على من اتبع الهدى.


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D-70007
Stuttgart
Germany