العودة الى الصفحة السابقة
الحب العجيب

الحب العجيب

قصص من الحياة جمعها وعلق عليها اسكندر جديد

اسكندر جديد


Bibliography

الحب العجيب. اسكندر جديد. Copyright © 2007 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . 1972. SPB 8030 ARA. English title: The Marvellous Love. German title: Die Wunderbare Liebe. Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D - 70007 Stuttgart Germany http://www.call-of-hope.com .

1 - الخلاص العجيب

في أثناء الحرب الأمريكية، كنت جراحاً في جيش الولايات المتحدة. ولما خاض جيشنا معركة جيتسبورغ، سقط عدد كبير من الجرحى ونُقل مئات إلى المستشفى العسكري، الذي كنت مشرفاً عليه.

وكان بين أولئك الجرحى فتى صغير، يجب أن تُبتر ذراعه وساقه. ولكن العجيب في أمره، أنه رفض تناول البنج، قبل إجراء هذه العملية المؤلمة.

- أيها الفتى، قلت له: لماذا ترفض البنج؟ حين وجدتك طريحاً في ساحة المعركة، بديت لي في حالة أقرب إلى الموت منها إلى الحياة. حتى أنني ترددت كثيراً في نقلك إلى هنا. ولكن حين فتحت عينيك الكبيرتين الزرقاوين، دار في خلدي، أنه ربما لك أم تفكر فيك في تلك الساعة. لذلك أمرت بنقلك إلى المستشفى.

حينئذ وضع الفتى يده على يدي، وتفرس في عيني لحظة ثم قال:

- في أحد الأيام، وحين كنت في العاشرة من عمري، أعطيت قلبي ليسوع. ومن ذلك اليوم، وضعت ثقتي فيه. وجعلته متكلي في كل حين، واليوم كما في كل يوم، أجد فيه قوتي ورجائي. وهو بلا ريب، سيعضدني في أثناء العملية.

ليس في وسعي أن أنسى تلك النظرة التي رمقني بها، وهو يتوسل إليّ، لكي أعفيه من جرعة البنج. في ذلك الوقت كنت أبغض يسوع. ولكنني احترمت إخلاص الفتى الجريح لمخلصه. وحين فكرت في حبه الشديد له وائتمانه على نفسه إلى المنتهى، تحرك قلبي. وفعلت للفتى ما لم أفعله لأيّ جندي آخر. فقد سألته إن كان يريد زيارة قسيس الجيش.

- آه! نعم يا سيدي الطبيب، أجاب الفتى، إنني سأكون شاكراً لفضلك لو دعوته.

حين جاء القسيس تعرف على الفتى، وأمسك بيده وقال له:

- شارلي، إنني لحزين جداً، أن أراك على هذه الحال.

- أوّاه! يا سيدي القسيس، لا تحزن فكل شيء حسن. إن كان سيدي يدعوني، فإنني سأذهب إليه بروح مطمئنة، راضية أن تنطلق وتكون معه.

- إن كنت تشعر باقتراب الانتقال إلى جوار فاديك، فهل في وسعي أن أفعل لك شيئاً بعد ذهابك، قال الراعي الوقور.

- نعم يا سيدي، قال الفتى مشيراً إلى حقيبته. أرسل كتابي المقدس إلى والدتي. إن عنوانها مكتوب على الصفحة الأولى منه. اكتب لها، وأخبرها بأنني منذ أن غادرت البيت لم يمر بي يوم دون أن أقرأ قسماً منه، مصلياً وطالباً إلى الله أن يبارك أمي. وقد مارست هذا بكل سرور، سواء كان ذلك في أثناء السير إلى المعركة، أم في عربة الإسعاف. ثم التفت نحوي وقال:

- يا دكتور أنا مستعد للعملية. وأعدك مخلصاً بأنني لن أصرخ، ولن يصدر عني أيّ أنين، إن كنت تتكرم بإعفائي من جرعة البنج.

لقد وعدت الفتى، ولكن لم تكن لي الشجاعة لإجراء العملية، قبل ذهابي إلى غرفة مجاورة، لتناول شراب مقو. أما شارلي فقد برَّ بوعده خلال عملية البتر، إذ لم تصدر منه صرخة أو أنّة. وكل ما سمعته منه، هو أنه قبل البدء بالعملية قال:

- يا يسوع، أيها المعبود يسوع، قف الآن إلى جانبي.

في تلك الليلة، لم أجد إلى النوم سبيلاً. لأنني كيفما أدرت وجهي، كنت أرى عيني شارلي الزرقاوين الجميلتين، وكأنهما ما زالتا ترمقانني بنظرة استعطاف. وحين كنت أطبق أجفاني محاولاً النوم، كانت تتردد في سمعي كلماته: يا يسوع، أيها المعبود يسوع، قف الآن إلى جانبي.

بين منتصف الليل والساعة الواحدة، إذ أعياني الأرق، ارتديت ثيابي وغادرت غرفتي، لكي أقوم بدورة في أقسام المستشفى. الأمر الذي لم أكن أفعله قبلاً. إلا إذا دُعيت بسبب حادثة خطيرة طارئة. ولكن هذا الولد كان قابضاً على نفسي بصورة غير اعتيادية.

حين وصلت أخبرني الممرض المناوب أن ستة عشر من الجرحى قد توفوا في تلك الليلة.

- هل شارلي كولستون من جملتهم؟ سألته بلهفة.

- كلا يا سيدي، قال الممرض. إن شارلي غارق في نوم هادئ.

لما وصلت إلى سرير شارلي، أخبرني أحد الحراس بأنه في الساعة التاسعة جاء فريق من اتحاد الشباب المسيحيين لزيارة شارلي. وبعد أن قرأوا بعض العبارات من الأناجيل، رفع قسيس الجيش، الذي جاء برفقتهم صلاة حارة. ثم أنشد الجميع هذا القرار:

يسوع يا مخلص روحي دعني أطير إليك وأستريح

والمدهش المدهش، هو أن شارلي استطاع أن يشاركهم في الترنيم. أنا لا أستطيع أن أفهم كيف أن هذا الفتى، وجد القوة ليرنم، بالرغم من أوجاعه الهائلة.

بعد خمسة أيام أرسل شارلي في طلبي. ولما أتيت إليه حدق في وجهي لحظة ثم قال:

- يا دكتور لقد جاءت ساعتي. ولا أظنني سأرى طلوع يوم آخر، ولكنني بفضل الله مستعد للانطلاق. ولكن قبل أن أودع هذا العالم، يطيب لي أن أشكرك من كل قلبي، لأجل إحسانك إليّ.

يا دكتور أنت يهودي ولكنني أحبك. والمحبة تلزمني بأن أعرفك على أفضل وأنبل صديق عرفته.

- ومن هو هذا الصديق؟ قلت للفتى المائت مندهشاً!

- إنه يسوع، يا سيدي العزيز. وأنا أرغب بتوق الروح أن أعرفك عليه قبل موتي. والآن اسمح بأن أرجوك، أن لا تنسى ما سأقوله لك في هذه اللحظة.

ولما وعدته بأن لا أنسى، استأنف كلامه:

- منذ خمسة أيام، حين كنت تبتر اثنين من أعضاء جسمي، صليت إلى الرب يسوع، طالباً أن يقتادك إلى الإيمان به.

يا لها من كلمات! تخرج من فم فتى يحتضر، لتنفذ إلى أعماق قلبي لأنني كيف أستطيع أن أتصور هذا؟ ففيما كنت أعمل بالمنشار والمباضع لبتر أعضائه ورغماً عن آلامه المبرحة، استطاع أن ينسى نفسه، وأن لا يذكر إلا مخلصه ونفسي غير المؤمنة!! في تلك اللحظة الحرجة، التي سمعت فيها كلمات الفتى لم أستطع إلا أن أقول له:

- حسناً يا ابني العزيز. فكل شيء يسير جيداً بالنسبة لك. وسيجري سريعاً قلت هذا ثم تركته. وبعد عشر دقائق رقد بين ذراعي يسوع.

لقد قضى العدد العديد من الجنود نحبهم، في مستشفاي في أثناء الحرب. ولكني لم أسر في جنازة أيّ منهم ما عدا ضارب الطبل شارلي كولستون. فهذا سرت وراء نعشه مسافة أربعة كيلومترات، حيث دفن جسده. لقد حرصت على إلباسه ثياباً جديدة، وأعددت له تابوتاً من النوع المخصص للضباط، ولففت تابوته بعلم الولايات المتحدة.

لقد أحدثت كلماته الأخيرة أثراً عميقاً في نفسي. ولكن عنادي اليهودي، وقف خلال عشر سنين، يقاوم عمل النعمة في نفسي. إلى أن كان ذات يوم، حين كنت في نيويورك عندما وضع الرب حلاقاً مسيحياً في طريقي. فهذا الرجل كلمني عمن أسماه أفضل صديق في هذا العالم، وفي العالم الآتي. عندئذ تذكرت شارلي كولستون، حين قال إنني أرغب قبل موتي أن أعرفك على أفضل وأنبل صديق.

لم أقدر أن أفهم كيف أن هذا الحلاق الغريب عني تماماً، يهتم بي هذا المقدار. حتى أنني حين هممت بمغادرة صالونه ومددت له يدي أخذها بيديه الاثنتين قائلاً لي:

- إن كنت تعطيني بطاقتك فأعدك بأنني خلال ثلاثة أشهر، لن أترك يوما يمر بي دون أن أذكرك في صلواتي، حتى يتبعك المسيح، أينما ذهبت. ويعكر هدوءك ولا يترك لك هوادة، حتى تقبله كما قبلته أنا. وتعرف فيه المخلص والمسيا الذي تنتظره.

شكرت للرجل إرادته الحسنة، وناولته بطاقتي ثم قلت بلهجة مفعمة بالسخرية والتهكم:

ليس من خطر على يهودي أصيل مثلي أن يصير مسيحياً.

فتناول الحلاق البطاقة باهتمام، وبعد لحظة من التفكير أخرج من جيبه بطاقته وناولني إياها قائلاً:

- في هذه البطاقة تجد عنواني. رجائي أن تتكرم علي بإرسال بعض الأسطر لتنبئني بها، إن كان الله قد استجاب صلواتي من أجلك.

- أجل بكل تأكيد سأكتب لك، قلت هذا وابتسامة ماكرة ترتسم على وجهي. غير عالم أنه بعد أقل من ثمانٍ وأربعين ساعة سيتستجيب الله له.

لما عدت في القطار إلى واشنطن شعرت بانقباض في النفس فرحت أنتقل من مكان إلى آخر. علني أجد زاوية مريحة، يمكنني فيها أن أتمتع بإغفاءة قصيرة. ولكن لما وجدت ضالتي وأغمضت عيني، أخذت بين نارين. فمن جهة، تراءت في خاطري صورة شارلي ضارب الطبل. ومن الجهة الأخرى لاحقتني صورة حلاق نيويورك. وكلا الاثنين كلماني عن يسوع أفضل صديق.

وهكذا لازمني الاضطراب، خلال الرحلة.

حين وصلت إلى واشنطن، شاهدت إعلاناً عن سلسلة من الاجتماعات التبشيرية كانت تقام في أكبر كنائس العاصمة حيث يتكلم أحد الوعاظ المشهورين. والمدهش في الأمر أنني حين قرأت الإعلان، شعرت بقوة تجذبني إلى حضور تلك الاجتماعات. علماً بأنه لم يسبق لي أن دخلت مكاناً، تُقام فيه عبادة مسيحية.

وذكر في الإعلان، أن عدة جوقات ترنيم من كنائس متعددة ستأتي إلى المكان لتشكل معاً جوقة كبيرة. وهذا الأمر عزز فيّ الرغبة للحضور. لأنني كنت مولعاً بكل ما هو موسيقى.

كان لشرائطي الذهبية الفضل، في إعطائي مقعداً في الصف الأول. ولكن دوري في ذرف الدموع كان قد حضر. فقد كان كلام الواعظ قوياً، وخارقاً إلى أعماق القلب. وقد خُيِّل لي أن كل كلمة قالها الواعظ، كانت موجهة إليّ شخصياً. وفوق هذا حين تكلم عن الخلاص والمخلص، خيل لي أن الكلام الذي كلمني به شارلي ضارب الطبل والذي تردد على لسان حلاق نيويورك ينضم الآن إلى كلام الواعظ، ليدوي في سمعي، وكأنه يقول حتى متى تنتظر بعد؟

في تلك اللحظة كان صراع يدور في داخلي. وقد قلت في نفسي: أنا معروف في واشنطن. فماذا سيكون، حين تنشر الصحف خبري، تحت عنوان: الدكتور روزفلي اليهودي، كان في الاجتماع المسيحي الانتعاشي؟! هذا الاجتماع أقيم في جوار المجمع اليهودي، الذي هو عضو فيه. وقد شوهد جالساً في الصف الأول، يذرف الدموع. ومع أن هذا الخاطر أثار عندي رغبة في الخروج بأسرع ما يمكن، إلا أنني لم أتحرك، حتى سمعت آخر كلمة من العظة.

حين خرجت من المكان، استوقفتني سيدة عند الباب وبعد أن تفرست في وجهي ملياً قالت:

- أرى أنك ضابط ويبدو لي أنك رازح تحت ثقل الخطية، وقد اقتنعت من وجود الخطية، وتبكتّ. وقد أتيت إلى هنا لتطلب المخلص.

- يا سيدتي الكريمة إني جد متأسف قلت لها. فأنا يهودي ولست مسيحياً.

- ماذا يهم، إن كنت يهودياً، قالت بحماس. المسيح مات أيضاً من أجل اليهود، كما من أجل جميع الناس الآخرين. ولن يضيرك في شيء، أن تصلي ليسوع في هذا المساء قبل أن تأخذ الراحة لنفسك.

- أجل سأصلي، ولكن لإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب وليس ليسوع، هكذا قلت للسيدة بلهجة الاعتراض.

- ولكن إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب، وهو مسيحنا ومسيح العالم، والمسيا الذي تنتظره.

إن هذا الاهتمام الودي، الذي بدا لي في عواطف هذا الرديف من المسيحيين، قد أحدث أثراً عميقاً في قلبي. فقلت في نفسي: إن كانت الحقيقة موجودة في ديانة يسوع، فسأعلم ذلك، قبل أن آخذ قسطي من الراحة في هذا المساء.

حين وصلت إلى البيت، لاحظت زوجتي علامات السخط بادية في قسمات وجهي. وقبل أن أحييها سألت:

- أين كنت؟

- لديَّ مهمة خطرة، لذلك سأحتاج إلى خلوة في مكتبي، بحيث لا أريد أن يكدر أحد خلوتي. قلت هذا ودخلت المكتب. وأوصدت الباب. ثم صليت هكذا: يا الله إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب. إن كان يسوع هو ابن الله، فأعلن ذلك الآن لكي أقبله كمسيحي ومخلصي.

في تلك اللحظة ودون أن أعلم ما أنا فاعل، ألفيتني أركع على ركبتي بحركة لا شعورية. ومن روح مضطربة، رفعت لأول مرة صلاتي ليسوع. ولن أنسى ما حييت ما قلته في صلاتي آنذاك.

- يا رب يسوع المسيح، إن كنت ابن الله، إن كنت مخلص العالم، إن كنت أنت المسيا الذي ننتظره نحن اليهود. وإن كنت تستطيع أن تقتاد الخطاة إلى الإيمان بك. فقدني أنا الخاطئ إلى هذا الإيمان. وأنا أعد بأن أخدمك كل أيام حياتي.

كانت عذاباتي بالغة الشدة، ولكنني لم أكن قد حصلت على امتيازات الإيمان. وإنما بعد لحظة من التأمل، بدأ النور يتسرب إلى روحي، شيئاً فشيئاً. وشعرت بأن الإيمان الحي بدأ يولد في قلبي. ولم ألبث أن تلاشت شكوكي فرحت أسبح الله، لأن سروراً وسعادة لم أشعر بهما قبلاً دخلا نفسي. فتأكدت بأنني قُبلت من المسيح، وبأن الله لأجل محبة يسوع غفر لي كل خطاياي.

كان الفجر قد انبلج، حين نهضت من سجودي. وفي فيض سعادتي الجديدة فكرت في زوجتي، آملاً أن تنال في الحال الفرح الذي نلته. فهرعت إليها وقلت لها:

- لقد وجدت المسيا!

- وجدت من؟ قالت بلهجة يشوبها الانزعاج الشديد.

- لقد وجدت يسوع، قلت بلهجة مفعمة بالابتهاج - وجدت مسيحي ومخلصي.

لم تتلفظ بكلمة أخرى، ولكنها ارتدت ثيابها بسرعة، وغادرت المنزل في تلك الساعة المبكرة جداً من النهار. لقد ذهبت إلى بيت والديها الذي لا يبعد سوى بضع أمتار عن بيتنا.

لم ألحق بها ولكني جثوت على ركبتي مستصرخاً يسوع الذي خلصني منذ برهة وجيزة، طالباً إليه أن يفتح عيني زوجتي العزيزة، كما فتح عيني.

في الغد أُنذرت زوجتي من والديها ومن المجمع بوجوب قطع علاقتها بي. وإن لم تفعل فإن العائلة ستتبرأ منها وتلعنها.

لا يظنن أحد أنه من السهولة على يهودي، أن يعتنق المسيحية. فإن خطوة كهذه ستكلفه ليس فقط خسارة مصالحه الشخصية بل أيضاً الانفصال عن أبيه وأمه وزوجته وكل من هو عزيز لديه.

بعد خمسة أيام أرسلني الرؤساء إلى الغرب في مهمة رسمية، فحاولت أن أقابل زوجتي لوداعها، ولكنها رفضت أن تستقبلني، أو تكتب لي كلمة. بيد أن الله الذي أحببته بإخلاص لم يخيب آمالي. ولم يحرمني من عائلتي. فبعد دموع كثيرة ذرفتها مصلياً ومبتهلاً، أكرمني الرب بأن أعاد السلام بيني وبين زوجتي وأولادي وأقاربي.

بعد ثمانية عشر شهراً من الحدث السعيد، حضرت في بروكلن اجتماعاً مخصصاً للصلاة وتقديم الشهادات لعمل الرب يسوع. وبعد أن تكلم عديدون، وقفت سيدة متقدمة في السن وقالت.

في المرة الأخيرة التي زارني فيها الطبيب، أفادني أن المرض الصدري الذي أعاني منه قد تفاقم، وهذا يعني أنني لن أبقى معكم طويلاً. وأنني لسعيدة جداً، أن أعلم بأنني سأكون في السماء، حيث المسيح أعد لنا مكاناً في قربه. إن ابني الذي سبقني إلى السماء لم يكن فقط جندياً للوطن، بل كان أيضاً جندياً للمسيح. فبعد أن أصيب في معركة جيتسبورغ، بتر له طبيب يهودي ذراعه وساقه. ولكنه قضى نحبه بعد خمسة أيام. وقد أرسل لي قسيس الفرقة كتاب ابني المقدس، مع رسالة يقول فيها إن شارلي العزيز دعى الطبيب اليهودي قبيل موته، وقال له: يا دكتور قبيل أن أموت وددت أن أقول لك إنه منذ خمسة أيام حين كنت تبتر لي ذراعي وساقي، صليت إلى الرب يسوع لكي يقتاد نفسك إلى الإيمان.

ما أن انتهت السيدة من كلمتها، حتى نهضت من مقعدي واخترقت الصفوف إلى حيث تقف وأمسكت بيدها ثم قلت لها:

- ليباركك الرب، يا أختي العزيزة. إن صلاة ابنك قد استُجيبت تماماً. فأنا هو الطبيب اليهودي، الذي صلى ابنك من أجله. ويسعدني اليوم أن أشهد أن مخلص ابنك شارلي هو اليوم مخلصي.

2 - شيوعية تؤمن

اختبار هنرييت توماس

يتميز عصرنا بانتشار الإلحاد. ولكم جوبهت بهذا السؤال: هل في وسعك تقديم البراهين على وجود الله؟! وفي كل مرة واجهت فيها هذا السؤال، كنت أرتبك، لأن النظريات التي تحاول نفي وجود الله أكثر من تلك التي تبرهن على وجوده. ومع ذلك فلديَّ الدليل الواضح على أن الله موجود فعلاً. ودليلي لا يستند على المنطق، ولا تدعمه فلسفة ما، وإنما هو قائم على ما خبرته في حياتي. فالله نفسه، استطاع أن يقنعني بوجوده. لأن الإنسان من نفسه لا يستطيع أن يجد الله.

أنا من إحدى دول أوروبا الشرقية، وقد نشأت في عائلة تعتنق مبدأ الإلحاد، وتناهض كل ما هو ديني. ومن قوانين عائلتنا أنه يحظر على أفرادها أن يذكروا اسم الله. وأذكر أنني في المدرسة، حين كانت تُنشد الترانيم المسيحية، كنت أغلق فمي، لكي لا أتلفظ باسم الله. لأن هذه الكلمة الله، كانت تعني لي بلاهة وأكذوبة.

في أيام حداثتي لم أطلب الله، ولم أفكر فيه أبداً. وإلى أن بلغت السابعة عشرة كنت أظن بأنني على حق في إلحادي. ولكم تخاصمت مع زملائي في الكلية بسبب الدفاع عن وجهة نطري!

ومع ذلك ففي مرات كثيرة، كنت أشعر بالخيبة لأنني وإن كنت لا أؤمن بالله. فقد كانت أدبياتي ممتازة. وككثيرين من الناس كنت أود أن أكون أفضل.

قبل أن يشتعل أوار الحرب العالمية الثانية، جرت في أوروبا أحداث فاجعة أثرت في مجرى الحوادث بالنسبة لي. كان لي صديقات أحببتهن كثيراً، في بولونيا وتشيكوسلوفاكيا. وحينما رأيت أنه بمشيئة رجل واحد، يمكن لشعوب عديدة أن تقع في الاستعباد، نشأ خوفي على صديقاتي، من أن يرسلن إلى الموت بسبب العنصر أو المعتقد. فقلت في نفسي: هوذا ما يستطيع الناس أن يفعلوه بقوة عقولهم! وأنه لمن المؤسف أن يستعمل القادة سلطاتهم في ارتكاب مظالم كهذه!

كنت أرغب في السلام وأعمل في سبيله. ولكن السلام لم يكن في نفسي.

كافحت من أجل تحقيق السلام، ولكن لم يكن في مقدوري أن أعيش في سلام مع أولئك الذين لا يفكرون تفكيري.

حين اجتاحت الحرب أوروبا تبخرت آمالي في السلم. ومع ذلك فهذا الحدث الخطير لم يحملني على التفكير في الله في ذلك الوقت. إلا أنني في يوم مشهود، وكان 31 كانون الأول (ديسمبر)، صممت على أن لا أؤمن بالله أبداً، لأن المؤمنين بالله في تقديري ليسوا سوى أنفس ضعيفة ضلت.

ولكن ذات يوم فيما كنت وحيدة في البيت، سمعت إذاعة دينية من إحدى محطات الراديو. وأذكر بالضبط ما قاله الواعظ آنئذ. فالعبارة التي اختارها من الكتاب المقدس والتي أثارتني إلى الأعماق، هي «الله صخرتي». فقلت في نفسي، إن كان الله موجوداً، وإن كان هو صخرة فعلاً، وإن كنت أؤمن به وإن كنت أحيا لأجله، فلماذا الجهاد؟ لأن كل شيء سينهار بالنسبة لأفكاري ومعتقداتي.

ولكي يرتاح قلبي من هذا الصراع العنيف الذي قام في نفسي حصلت على كتاب مقدس. ولم أقدم على هذه الخطوة إلا بعد جهاد عنيف ضد قوات الشر التي كانت تكمن فيّ. ولما ذهبت لشرائه تحفظت كثيراً، لأن اقتناء الكتاب المقدس في نظري، كان نوعاً من التراجع.

بدأت بقراءة العهد الجديد، وحين وصلت إلى العظة على الجيل (الفصول 5-7 من الإنجيل بحسب متى) اكتشفت أن التعليم الوارد فيها ملائم تماماً مع ارتقاء نفسي. فقلت لنفسي، إن كل ما يريده قلبك، وكل ما كافحت من أجله يوجد هنا. وبعد التبصر في كل شيء أرى أن الحق مع يسوع... آه! حسناً يا نفسي إنك ستحاولين أن تعيشي كما يحق لهذا الإنجيل... وأنه لمن الظاهر جلياً إن كان هناك إله، فلا بد أن يتم المكتوب في هذا الكتاب. وإن كان الله غير موجود فلن يتم شيء منه.

لقد عقدت مع نفسي رهاناً، وكانت نتيجة الرهان أن مواعيد الإنجيل تمت بحذافيرها. فالكتاب المقدس، الذي كنت أقرأه كل يوم كان يأتيني بما أبحث عنه منذ أمد طويل.

كان الله يتراءى لي من خلال صفحاته. وصار عندي اليقين بأن يسوع المسيح غفر لي خطاياي السالفة، وأنه قادر أن يغير حياتي لأصنع مشيئته.

وهكذا كان ينبغي أن أعترف أمام الكل بأنني كنت مخطئة وضالة، وأن أعلن أن الله موجود وأن ابنه يسوع المسيح صار مخلصي.

لم تكن هذه الاعترافات سهلة علي. أولاً لأنه يصعب على الإنسان أن يعترف بأنه خاطئ. وثانياً لأن عائلتي طردتني حالما اعترفت بإيماني. وكذلك أصدقائي وأعضاء الحزب الذي كنت أنتمي له، أداروا لي ظهورهم.

وهكذا وُجدت متروكة في وحدة قاسية وموحشة. ولكن الله أعطاني من الغبطة واليقين ما ملأ كل فراغ في نفسي. وأعطاني طاقة لا محدودة من محبة الله وصبر المسيح، لاحتمال المقاومات التي اتخذت في مجملها شكل الاضطهاد.

في اليوم الذي فيه أعطاني الرب اليقين بأنه موجود طلب إليّ أيضاً أن أخدمه فلم أتردد لحظة، في تكريس حياتي لخدمته. وقد قلت له يومئذ: ها أنذا يا رب! إني أعد بأن أخدمك بأكثر حرارة مما قاومتك في الماضي التعيس.

كنت بطبيعتي محاربة شديدة البأس لا أضن بأي تضحية في سبيل ما أؤمن به. والرب الإله أخذني بحرفية الوعد الذي قطعته.

وقد بدأت جهادي فعلاً منذ اثنين وثلاثين عاماً، قضيتها في الخدمة دون أن يعتريني أي ندم على انخراطي في خدمة الفادي الرب.

صحيح أن الذين يتبعون يسوع يواجهون مضايقات ومقاومات عنيفة، ويمرون في صعوبات شديدة ومحن قاسية. ولكن ما يعطيه يسوع لنا إزاء هذه كلها عظيم ومجيد، بحيث يستأهل المكافأة أن نتحمل الشدائد والمحن لأجله.

لقد كان على إيماني أن يثبت في وجه هجومات معاكسة عنيفة في الفترة التي صرفتها في دراسة اللاهوت. ولكن الرب لم يتوان ولم يكف عن مساندتي وتزكية إيماني.

صحيح أنني لم أنل بعد كل الوعود المسجلة في كتابه العزيز، وأنني لم أدرك بعد أبعاد محبته، ولم أسبر غور أسراره في المحبوب يسوع، ولكنني أعلم يقيناً أن الله قادني مرحلة مرحلة. وأن الأشياء التي لا أعلمها اليوم سيعلنها لي غداً. وإنه لِزامٌ عليَّ أن أصرح بأن الحياة المسيحية تستأهل أن يعيشها الإنسان شرط أن يعيشها في عمقها. أما إذا كانت تقتصر فقط على عدم فعل هذا أو ذاك الأمر فهي تصبح تافهة لا تستحق أن يعيشها أحد.

إلى هذا دعانا المسيح، إلى حياة الملء. وإن كان يقتلع بعض الأشياء من حياتنا، فذلك لأنه يريد أن يعطينا بالمقابل فيضاً من غناه الذي لا يستقصى، مما لا يستطيع العالم أن يقدمه لنا.

حين كنت أعيش بحسب مبادئ الحزب، ما كنت أحب إلا الأشخاص الذين لهم أفكار مثل أفكاري. ولكن ما أن دخل الرب حياتي، حتى أعطاني القدرة على أن أحب كل الذين لا يشاركونني الرأي. وأن أعطف على كل الذين عاكسوا آرائي. وبعض الذين أداروا لي ظهورهم، أو رفضوني بسبب إيماني بالمسيح عادوا وسألوني عما أؤمن به، وعما يقوله المسيح في هذه الأيام. فلم أتنكر لهم، ولم أضن عليهم بأية معونة أستطيعها.

لما وضعت ثقتي كلياً في المسيح، قال بعضهم باستهزاء: إنك وضعت آمالك في نار مشتعلة بالقش. ولكن لسعادتي فإن هذه النار، أيا كان وقودها ما زالت مشتعلة. وهي تستطيع أن تضع قبلة حارة على جباههم، ويكفي أن يقولوا، نعم يا رب.

3 - ذو القناع الحديدي

حين يذهب بعضهم لقضاء إجازة في مدينة «كان» الجميلة، الواقعة على شاطئ البحر المتوسط اللازوردي اللون، يرى على بعد ثلاث كيلومترات جزيرة مغطاة بالأحراش، تُدعى جزيرة القديسة مرغريت. ولهذه الجزيرة أهمية لدى زائري المنطقة، إذ تقوم عليها قلعة قديمة ذات شهرة تاريخية. وتعود شهرتها إلى كونها تحولت إلى سجن زُجَّ فيه رجل ذو شأن، عرف باسم «الرجل ذي القناع الحديدية».

وقد صار هذا الحصن المشيد فوق الصخور الشاهقة أحد المعالم السياحية التي يؤمُّها الألوف، للتفرج على الزنزانة، التي زجَّ فيها ذلك السجين التاعس. هذه الحجرة لا تزيد مساحتها على بضعة أمتار مربعة، وليس لها إلا كوة تطل على الهوة السحيقة. وهي مزودة بأربعة حواجز من القضبان الحديدية الواحد خلف الآخر.

من كان هذا الرجل المقنّع بالحديد؟ إنه مجهول بالنسبة للتاريخ. ولكن هناك قصص يتداولها الناس، مفادها أنه كان شخصية خطيرة في ريعان الشباب. وقد كان محتجزاً في هذا الحصن، على عهد الملك لويس الرابع عشر.

وكان القناع الحديدي مثبتاً على وجهه بثنيات حديد خلف رأسه بصورة لا يستطيع معها التخلص من قناعه. وكان محظوراً على أي من كان أن ينزعه عنه، تحت طائلة العقاب بالموت. ومع ذلك كان حراسه وسجانوه، بكل احترام، ينادونه بكلمة مولاي. وكان الطعام، يُقدم له بأوان من ذهب. وكان الخدم عند مغادرتهم زنزانته يخرجون من الباب ووجوههم نحو ذلك المولى السجين!

قيل إن صياداً من المنطقة جاء صدفة، ونشر شباكه في وهج الشمس على الصخور القريبة من نافذة السجين. وفيما هو يتجول حول شباكه وجد أحد الصحون الذهبية، الذي كان السجين قد كتب عليه رسالة بواسطة سكين، وألقى به من نافذته. ولكن الصياد، لم يكن يعرف القراءة. وإذ كان أميناً، لم يشأ الاحتفاظ باللقية الثمنية. بل حملها بسرعة إلى حاكم الجزيرة.

- هل تعرف القراءة؟ سأله الحاكم بلهجة الملهوف!

- للأسف، كلا يا سيدي الحاكم، أجاب الصياد.

- حسناً أيها الشاب هتف الحاكم. يجب أن تشكر السماء لأجل جهلك القراءة. لأنك لو عرفت أن تقرأ ما هو مكتوب على الصحن... لم يكمل الحاكم عبارته ولكن الصياد فهم وانسحب دون انتظار المكافأة، مكتفياً بالسلامة.

بعد هذه الحادثة وما تبعها من إشاعات، اعتقد الناس بأن ذا القناع الحديدي، كان سيداً عظيماً. ربما أميراً يجري في عروقه الدم الملوكي. وقد افترض البعض أنه الأخ التوأم للملك لويس الرابع عشر. وإنما سياسة الدولة اقتضت بأن يُزجَّ صاحب العرش في محبس، دون القضاء على حياته. ولكن بإجباره على إخفاء وجهه وراء هذا القناع الحديدي المخيف.

إن كانت هذه القصة حقيقة في كل نقاطها، وإن كانت لها مبرراتها السياسية، فهذا لا ينفي وقوع ظلم شديد على إنسان، وقد صيره الظلم من أتعس الناس حالاً.

في الواقع أنها لتعاسة كبرى أن يُدفن إنسان حياً في قبر النسيان كأنه جيفة، مع أن دم الشباب يجري في عروقه. وهل مأساة أفظع من هذه، أن يكون الرأس مملوءاً بالمشاريع، والقلب مفعماً بالرغائب ولكن في لحظة في طرفة عين تتلاشى الرغائب، وتحل محلها الخيبة واليأس في عذاب مقيم.

وما جدوى تلك الأواني الذهبية، التي يتناول بها طعامه وشرابه؟ وعما تغنيه ثياب الحرير الناعمة، التي يرتديها؟ وبما يفيده ذلك الاحترام العميق، الذي كان حراسه يؤدون به التحيات له؟ لا بد أنه كان مستعداً للتنازل عن كل هذه الامتيازات، مقابل يوم واحد يعيشه في حرية!

حين سمع الصياد يغني تحت نافذته لمعت في خاطره بارقة أمل، ولم يستطع الامتناع عن تعليل نفسه بالرجاء، ولكنه رجاء لا معنى له، لأن إنقاذه كان ضرباً من المحال. وهكذا كانت رسالته، التي بعث بها إلى العالم الخارجي كصرخة في بئر عميقة!

بعد تلك المحاولة اليائسة بأيام قليلة نُقل السجين المسكين إلى قلعة بونيروك المنيعة في جبال الألب، حيث المكان أكثر وحشة، وأدعى إلى الاكتئاب. ومن هناك نُقل بعد فترة من الزمن إلى سجن الباستيل، حيف فُرض عليه أن يقضي بقية أيامه.

لا بد لكل من يقرأ قصة هذا البائس أن يشعر بأعمق الأسى. فالطرق التي استعملها عظماء ذلك الزمن لحل هذه المشكلة، كانت ظالمة قاسية وحشية. وقد تركت وراءها أصداء مؤلمة لنفوسنا. نحن الذين نعيش في رحاب الديموقراطية.

ولكن، أيها القارئ العزيز، هل تعلم أ نه في زمننا أيضاً، يوجد أناس يلبسون أقنعة حديدية. ويمكنك أن تتأكد أن ما أقوله ليس مزاحاً، بل هو الحقيقة التي لا مراء فيها! فكثيرون من الناس لا يعيشون إلا بوجوه مقنعة، تحجب حقيقتهم. قد لا يكون قناع الجميع من حديد. بل في غالب الأحيان يكون من مخمل أو حرير أو دنتيلا.

ما قولك في القناع العصري، الذي يحجب حقيقة بعض السيدات، من الشباب إلى أن تطبع الشيخوخة الغضون على وجوههن؟ فخلال هذه المدة يتباهين بجمال زائف، غير ناظرات إلى جمال القلب الوديع الطاهر، الذي هو عند الله كثير الثمن.

وهل أتاك حديث القناع القاسي، الذي يغلف وجه رجل الأعمال، الذي تحول إلى كائن مادي يريد أن يحصد من حيث لم يزرع؟

وهناك قناع البطولات الذي يريد الإنسان أن يلبسه، حتى في أثناء المرض لكي يخفي ضعفه... وقناع الرياء الذي يتستر به عدد عديد من الناس لإخفاء مقاصدهم وتسهيل الأمر لاقتناص فرص الربح... وقناع الابتسام الذي وصفه أحد الكتاب بالقناع المخملي، والذي يستعمله الرجل المرموق ليخفي حقده على إنسان ما إلى أن تحين له فرصة البطش به، أو يستر سأمه من إنسان ما لا قبل له على طرده.

ولعل أكثر الأقنعة خداعاً للناس هو قناع الدين الشكلي، الذي هو قناع حديدي أيضاً. ولكن في معظم الأحيان يخفي مرتدوه بشاعته بغلاف من الدنتيلا. هؤلاء قال الرسول بولس عنهم: «لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها».

هذه الأقنعة تذكرني بالأقنعة الكاريكاتورية التي يضعها الأولاد على وجوههم في عيد البربارة عندنا. لكي يحملوا الغير على الاعتقاد بأنهم ليسوا هم. وهذا ما يسمى بالتنكر... وفيه يشبهون معظم الناس، الذي يريدون الظهور على غير ما هم. وبعضهم يفعل محاولاً أن يؤخر الساعة التي لا بد منها. ساعة الحقيقة التي تضطر الإنسان إلى أن يحسر قناعه التنكري ويظهر على حقيقته.

كل الناس هم أبناء الملك. بمعنى أنك، أنت أيها القارئ العزيز أمير. لأن أباك الملك رب الجنود، خالق السموات والأرض. وقد خلقك على صورته كشبهه. وأقامك سيداً على جميع مخلوقاته... ولكن هناك تناقض بين حقيقة الإنسان ومصيره. فهذا الذي خلقه الله على أحسن تقويم، وجعله متسلطاً على كل شيء تخلى عن امتيازه وجعل نفسه أسر نزواته المنحرفة. قد يربح بعض المعارك في صراعه ضد تلك النزوات ولكنه يخسر الحرب، ويقع أسيراً بين يدي الخطية الخاطئة جداً. إنها قناع حديدي فظيع بمقدار ما أنه انتزع من شفتي شاول الطرسوسي تلك الصرخة الدامية: «وَيْحِي أَنَا ٱلإِنْسَانُ ٱلشَّقِيُّ! مَنْ يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هٰذَا ٱلْمَوْتِ؟» (رسالة رومية 7: 24).

لعلك أيها القارئ الكريم، أطلقت هذه الصرخة نحو السماء بإخلاص، والسماء قالت نعم من أجل يسوع رب الفداء، الذي آمنت به. ولكن إن كنت لم تفعل، فأسرع لأنه مكتوب: «يَقُولُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ: ٱلْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ» (عبرانيين 3: 7 و8).

4 - لماذا أتينا إلى العالم

قال الدكتور س. أندراوس: إن أحلى ساعات عمري هي تلك التي قضيتها في طفولتي، جالساً عند قدمي أمي، وهي تحيك الثياب لنا. في ذلك العهد كنت أسألها أن تسرد عليَّ بعض القصص وكنت أصغي إليها بكل انتباه، ودون مقاطعتها بطرح الأسئلة. إلا أنني ذات يوم قلت لها:

- ماما لماذا أتينا إلى العالم؟

- أتينا لأن الله أرسلنا إلى الأرض يا ابني.

- ولكن لماذا أرسلنا إلى الأرض؟

- لكي نتعلم أن نعرفه ونحبه، وأن نطيعه حتى ذات يوم نستطيع الذهاب إليه. ألا تعرف أنه هناك في السماء؟ وهناك توجد مدينة جميلة جداً، لا حزن فيها ولا وجع.. هناك نكون دائماً سعداء...

هذه الكلمات المملوءة بالرجاء في الله حملت الطفل أندراوس إلى عالم الأفكار حيث طاف برهة وجيزة من الزمن. وبما أنه لم يقتنع تماماً بالأجوبة التي تلقاها غامر بسؤال آخر:

- ولكن يا ماما لماذا لا نستطيع التمتع بالرب، في المدة التي نقضيها هنا على الأرض؟

كان السؤال محرجاً بعض الشيء بسبب محدودية إدراك الطفل. وقد حاولت الأم إخفاء انزعاجها بابتسامة. ثم وضعت يدها على رأس الطفل، وقالت:

- اسمع يا اندراوس، على هذه الأرض لا يوجد سرور دون أن تلقي غيوم الكدر ظلالها القاتمة عليه.

... والآن بعد أن تقدمت الأيام بالدكتور اندراوس تذكر ذلك الطبيب الجراح المشهود له تلك الساعات من طفولته. ففي خلال خدمته الطويلة، رأى المزيد من الأشياء الجميلة. كما أ نه رأى المزيد من حالات البؤس التي تضني القلوب. فتساءل كما في أيام طفولته حين كان يصب نفسه في نفس ماما الحبيبة: لماذا كل هذه الخصومات؟ لماذا كل هذه الآلام؟ إلى أين يفضي هذا المصير الفاجع، مصير الجنس البشري كله؟ ولماذا هذه الأرض؟ هل من سبب لوجودها، وما هو؟ بيد أنه في فوضى تلك المشاكل التي عجز الفكر البشري عن حلها، لم يعدم الدكتور اندراوس من تعزية حلوة. قال في نفسه: سأسترجع طفولتي، سأصير ذلك الطفل الذي كان مستنداً على ركبتي أمه يرفع عينيه ويتفرس في وجهها ويسألها: ماما لماذا أتينا إلى العالم؟

آه! قال الطبيب، يخيل لي الآن أنني أسمع كلماتها، التي تدل على التقوى الأصيلة: نحن هنا لكي نعرف الله ونحبه ونخدمه، وحين يأتي الوقت سنتمتع معه في سمائه... هذا هو الجواب الصحيح، هذا هو الحل للمسألة.

كانت صور لوجوه أخرى تمر في ذاكرة الطبيب، منها صورة صديقه الدكتور «روسي» الذي تعرف عليه أثناء دراسته في جامعة ميلان، والذي بعد ستين عاماً قضاها في العمل والأبحاث العلمية، أراد العودة إلى الإيمان المسيحي الذي سكن في صدر أمه، التي كانت رقيقة متواضعة مليئة بالأعمال الصالحة. ومنها صورة أحد رجال الفكر، الذي في نهاية حياته المليئة بالأمجاد قال يجب أن أعود إلى المسيح.

وفي الفصل الأخير من كتابه قال الدكتور اندراوس: كل واحد منا حين وصل إلى سن متقدمة، وألقى نظرة إلى الوراء، شعر بانقباض في النفس، لأنه لم يخدم الرب بتكريس كل مواهبه وقواه له. كلنا قصرنا في هذا المضمار الأمر الذي يجعلنا ملومين في نظر الحق.

وأنا شخصياً حين أفكر في الفترة، التي مارست فيها الطب اكتشف أشياء كثيرة، كان في وسعي أن أعملها بصورة أفضل. والآن عزمت على أن أصرف السنين الباقية في محاولات لعمل الأفضل. وحين أصل إلى نهاية الشوط سأتمسك بالرجاء الأبدي في الله. وأنا حريص على أن تكون آخر كلمة تخرج من شفتي الكلمة المنقوشة على ضريح والدتي «أنت رجائي يا رب فلن أخزى».

وفي أثناء زيارته لأمريكا تقابل الدكتور اندراوس مع صديق من أوروبا ودار بين الصديقين الحوار التالي:

- يبدو أن أعمالك تسير حسناً، قال اندراوس. ولكن الذي يهمني كصديق، هو أن أعلم ما هي مشاريعك القادمة؟

لقد أعددت كل شيء قال الصديق: إنني سأنشئ شركة تجارية مع مزاحمي. وسنتفق معاً، على تحديد الأسعار. وفي غضون ثلاث سنين سنصبح من أصحاب الملايين.

- وماذا بعد ذلك؟

- بعد ذلك سأنطلق في عالم السياسة. وسأستنفر الجرائد والأحزاب السياسية، وأقرنها إلى عربة مصالحي. وفي عشر سنوات سيرتفع رصيدي في البنوك إلى ألف مليون!

- وماذا بعد ذلك؟

- سأشيد لي قصراً منيفاً، على شاطئ البحيرة. وعندئذ يمكنني أن أستمتع بالحياة.

- ثم ماذا بعد ذلك؟

- بعد ذلك ماذا تقصد؟

- ايه! إن كنت لا تعلم فأنا مستعد لأن أقول لك... بعد هذا ستموت... وماذا تفيدك كل أموالك هذه؟ وإلى أين ستذهب؟

أيها الأصدقاء، يا من تقرأون هذه القصة. اعلموا أن كل من تقتصر اهتماماته على تكديس المال، والانكباب على الملذات ليس سوى إنسان قصير النظر. يمر بجانب الحياة الحقة. ومهما كانت أفكاره عن العالم. فلا بد أن يواجه السؤال الذي طرحه المسيح: / «مَاذَا يَنْتَفِعُ ٱلإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ ٱلْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي ٱلإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟» (الإنجيل بحسب متى 16: 26).

اعلموا أن المهم في الساعة الأخيرة ليس ما جمعه الإنسان، بل أن يكون قد عرف الرب وأحبه من كل قلبه وخدمه بأمانة وإخلاص.

نقرأ في إنجيل لوقا عن الغني الذي أخصبت كورته فجمع غلاله الوفيرة وبنى لها مخازن ظناً أنه سيعيش طويلاً متمتعاً بثرائه. ولكن فيما هو يمني النفس بذلك، جاءه صوت الله: «يَا غَبِيُّ، هٰذِهِ ٱللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهٰذِهِ ٱلَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ هٰكَذَا ٱلَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيّاً لِلّٰهِ» (الإنجيل بحسب لوقا 12: 20-21).

أيها الأصدقاء،

إنه لحريٌّ بنا أن نتأمل في ذلك الجواب الحكيم الذي أعطته أم الدكتور اندراوس «إن كنا قد أتينا إلى العالم، فهذا لكي نتعلم أن نعرف الله، ونحبه ونخدمه»!

أن نعرف الله كأب لنا، الذي إكراماً لموت يسوع ابنه على الصليب غفر لنا خطايانا وتبنانا ذرية له، فصار لنا هذا الامتياز العجيب، أن نُدعى أولاد الله!

وأن نحب الله تجاوباً مع المحبة الفائقة التي أحبنا بها، والتي عبّرت عن عواطف قلبه نحو الإنسان الذي خلقه على صورته كشبهه، والتي أدهشت بولس رسول الأمم فقال: «اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ٱبْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ» (رومية 8: 32).

وأن نخدمه كتعبير لحبنا له، واعترافنا بفضله. وأي شيء أجمل وأطيب من هذا أن نخدم الله!؟

وأخيراً اسمحوا لي بأن أكرر، أنه بدون معرفة الله وحبه وخدمته تصبح الحياة تافهة. صحيح أننا لا نستطيع الجواب على كل ما يدور في خواطرنا من أسئلة. ولكننا نعرف على الأقل أننا دُعينا لنعمل هنا على الأرض، وليتنا نعمل الصالح!

5 - الحب العجيب

في زمن الرق، اشترى أحد الأثرياء عدداً من الزنوج ليعملوا في مزرعته. ولكن أحدهم المسمى بامب استلفت الأنظار بصورة خاصة. ونال تقدير كل من عرفه، بما كان يتحلى به من أمانة وصدق. ولكن الغريب في أمره أنه بالرغم من الجو المسيحي الذي كان يحيط به، فقد بقي متمسكاً بوثنيته وكان يمارس طقوسها باستمرار. كان أحياناً يذهب إلى الحقول في دجى الليل، حين يكون الجميع نياماً. وهناك كان يقوم برقصات وحشية منشداً أغاني غريبة.

لم يكن له أقارب، ولا زوجة، ولا ولد. ولكنه كان يكن محبة فائقة لابن سيده، إلى درجة أنه كان مستعداً أن يعطي حياته ليفتديه من أي مكروه. ولكن للأسف! فهذا الولد ما أن دخل طور الشباب، حتى ألقت به المعاشرات الردية في حمأة الرذيلة، وجعلت منه سكيراً مقامراً فاجراً. وهذا التردي في الأخلاق، سبَّب لوالديه حزناً لا ينقطع. ولكن الحزن كان أشد وطأة على قلب بامب المحب، الذي لم يستطع تحمل حتى مجرد الفكر أن سيده الصغير ألحق العار بالعائلة. فتكلم معه وتوسل إليه أن يعود إلى التعقل، تاركاً تلك التصرفات التي تسيء إليه وإلى عائلته. ولكن توسلاته كلها ذهبت عبثاً. بيد أن العبد المخلص، لم ينكفئ بل صمم على اللحاق بسيده الصغير حيثما يذهب محاولاً الحفاظ على كرامته من أن تمتهن أمام الناس. وفي مرات عديدة كان يعود بالفتى بين ذراعيه، ويدخله خلسة إلى غرفته، لكي لا يراه أحد. وقبل أن يغادر الغرفة، كان يتلو بدموع بعض الرقى السحرية لكي يشفي الشاب الجميل من عاداته السيئة.

ولكن الفتى الضعيف أخذ يتوغل أكثر فأكثر في حياة الفجور. وفيما هو يتدهور خلقياً، كان بامب يستعد للقيام بأعظم التضحيات لآلهته، حتى تتحنن على الفتى الذي يحبه من كل قلبه.

وبالفعل ففي أحد الأيام بنى مذبحاً وأوقد فيه ناراً، ثم ألقى في النار كل ما لديه من أشياء ثمينة. وفي الأخير قدم الكائن الحي الذي يملكه، وهو كلبه العزيز. إذ ذبحه ووضعه على المحرقة. ثم أخذ يرقص حول المذبح، وذراعاه مرفوعتان نحو السماء.

ولكن للأسف! فإن تضحياته التي تدل على حبه العجيب للفتى، قد ذهبت أدراج الرياح. فحالة الشاب، لم يطرأ عليها أيّ تغيير، بل لعلها صارت إلى الأردأ. وكان قلب أمه يتحطم من الحزن. وأخيراً التمس بامب إذناً لكي يتكلم إلى سيدته:

- يا سيدتي، لك إله، قال العبد بكل سذاجة. وأنا لي إله آخر. ولكن سيدي الصغير ليس له إله... وأنا معذب الروح من أجله. يجب أن نصلح حاله، قبل أن يصبح أبلهاً بالكلية؟ لماذا لا نصلي طالبين إلى كل الآلهة. حتى يسمعنا واحد منهم على الأقل؟

- لنصلِّ قالت السيدة. لنصلِّ إلى إلهي، فهو الإله الحي، وهو الإله الحقيقي وحده. إنه قادر على كل شيء، وله السلطان على الأرض. وهو يحب ابني أكثر ما نستطيع أن نحبه نحن.

- أوّاه! هتف بامب مندهشاً. إنه من غير الممكن أن يحبه أحد، أكثر مما أحبه أنا. قال هذا ثم ذهب لمقابلة القسيس راعي الكنيسة وقال له:

- يا سيدي القسيس، أرجوك أن تعمل شيئاً من أجل سيدي الصغير. لقد عملت أنا كل ما في طاقتي. لقد ضحيت بأثمن ما كان عندي، ساعتي وثيابي الجديدة، حتى كلبي العزيز. ولكن كل هذه لم تنفع شيئاً. لذلك أسألك أن تساعد سيدتي في توسلاتها وابتهالاتها إلى الله لكي يخلص ابنها.

- لقد سبق لي أن صليت كثيراً من أجل الفتى، أجاب القس. وأرجو أن الله سيستجيب لنا ذات يوم.

- إنني أريد أن أعرف كم مرة صليت من أجل سيدي الصغير؟ قال بامب بلهجة مفعمة بالشك. وبماذا ضحيت لله حتى يستجيب لك؟ هل قضيت ليلاً كاملاً في العراء في قلب العاصفة والبرد، صائماً ومصلياً؟ هل ضحيت بساعتك ووضعت يديك على اللهيب؟

- بامب، قال القسيس، هذه الأشياء التي ذكرتها لا تسر قلب الله.

- ولكن قل لي، ما الذي يسر قلب الله؟ سأل العبد.

- يسره أن نصلي باستمرار وبإيمان.

- وهل فعلت هذا؟

- يجب أن أعترف لك، بأنني لم أفعل هذا، كما كان يجب.

- إذن تعال إلى مزرعتنا هذا المساء وصلّ، قال العبد بحمية. لأنه إن استمرت الحال على هذه الصورة، فسأموت قبل الفتى.

في مساء ذلك اليوم عينه جمع القسيس عدداً من الأصدقاء وعقد اجتماع صلاة في المزرعة. وحين رفع كل من الحضور طلبته إلى الله، لأجل الخروف الضال. سمع صوت العبد المسكين يبتهل:

- يا الله! إله سيدتي العزيز، أرجوك أن تخلص الابن العزيز من براثن الشيطان. وأن تجعل منه شاباً وسيداً صالحاً.

في الأحد الذي تلى، اندهش المصلون حين رأوا بامب في الكنيسة. ولما سُئل عن سبب وجوده هناك قال:

- أتيت لكي أرى ما في وسع إلهكم أن يعمل، وإن كان قسيسكم سيصلي بكل قوته، لأجل سيدي الصغير.

وفي إحدى الأمسيات حين اجتمع الأصدقاء مرة أخرى للصلاة في المزرعة، شاهدوا الفتى الضال يدخل شاحب الوجه مضطرباً وقد بدا كمن تلقى إنذاراً بوجوب ترك حياة الفجور. وبالفعل فإنه منذ تلك الليلة، هجر عشراء السوء وطلق حياة المجون، ونال غفران الله. وهذه النتيجة السعيدة صارت سبب فرح للأم والقسيس وجميع الأصدقاء الذين صلوا من أجله.

أما بامب العبد الأمين، ذو القلب الطيب، فلم يتردد لحظة في اللحاق بسيده الصغير الذي كان يحبه. فقد عمل روح الرب في حياته بالتبكيت والإرشاد. وهكذا سلم حياته للرب يسوع. وذات يوم سُمع يقول:

- لو لم أكن طاعناً في السن لذهبت محمولاً على جناح السعادة إلى أفريقيا. لكي أحدث مواطنيَّ عما فعل يسوع من أجلي ومن أجل سيدي العزيز. كم أود أن أكلمهم عن هذا المخلص الذي حملته رأفته على النزول إلى أرضنا هذه، ليعطي حياته ثمناً لخلاصنا.

بعد وقت قصير توفي الشاب العزيز. فامتلأ قلب بامب العبد بحزن شديد لم يفارقه كل أيام حياته. ولكنه إلى أن توفاه الله بقي مخلصاً للرب كل الإخلاص مسلماً كل شيء له.

مسابقة كتاب الحب العجيب

أيها القارئ العزيز،

إن تعمقت في قراءة هذا الكتيب تستطيع أن تجاوب على الأسئلة بسهولة. ونحن مستعدون أن نرسل لك أحد كتبنا الروحية جائزة على اجتهادك. لا تنسَ أن تكتب اسمك وعنوانك كاملاً عند إرسال إجابتك إلينا.

  1. لماذا رفض شارلي أن يتعاطى البنج قبل عملية بتر ساقه؟

  2. لماذا طلب شارلي من القسيس ألاّ يحزن؟

  3. ماذا أراد شارلي أن يقول لأمه؟

  4. ماذا كانت صلاة شارلي قبل بدء عملية بتر ساقه؟

  5. من هو الصديق الذي أراد شارلي أن يتعرف عليه الدكتور روزفلي؟

  6. ماذا قال الحلاق للدكتور روزفلي؟

  7. لماذا هجرت زوجة الدكتور روزفلي زوجها، ولماذا رجعت إليه؟

  8. لماذا تبخرت آمال هنرييت توماس في السلام؟

  9. لماذا لاقت العظة على الجبل ملاءمة مع قلب هنرييت توماس؟

  10. كيف وصفت هنرييت توماس النار التي اشتعلت في قلبها بعد وضع ثقتها كاملة في المسيح؟

  11. اذكر أربعة أقنعة يضعها الناس على وجوههم.

  12. لماذا أتينا إلى العالم؟


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D-70007
Stuttgart
Germany