العودة الى الصفحة السابقة
نساء في الكتاب المقدس

نساء في الكتاب المقدس

ليديّة وبريسكلاّ

دورا بك


Bibliography

نساء في الكتاب المقدس: ليديّة وبريسكلاّ. دورا بك. Copyright © 2007 All rights reserved Call of Hope. . . SPB 7391 ARA. English title: Lydia and Priscilla. German title: Lydia und Priszilla. Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D - 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

ليديّة وبريسكلاّ

ليديّة

أعمال الرسل 16

كان نور شمس الصباح ينعكس من عمارات مدينة فيلبي الصغيرة الجميلة البيضاء وأنا أسير ببطئ في الشارع المرصوف بصفائح الحجارة والمزّين طرفه بصفٍ من زهرة الخشخاش الأحمر المزهر متجهة إلى محل عملي. منذ زمن أصبحت هذه المدينة الرومانية الصغيرة وطني إذ أن أصلي من آسيا من مدينة ثياتيرا. في هذه المدينة وفي مدن صغيرة أخرى في آسيا الصغرى كانت تُصنع الأقمشة الملوّنة باللون الأرجواني. وإنّ تجارة الأقمشة الأرجوانية قادتني إلى فيلبي. بعد فترة أصبحت خبيرة ومُلمة في مهنتي وفهمتُ كيف أميّز بين الأقمشة المتنوعة العديدة وطرق صنعها. كانت هنالك أقمشة باللون الأرجواني الحقيقي من حلزون الأرجوان، ولكن كانت هنالك أيضاً ألوان بديلة صُنعت من الجذور. وأما الزبائن المفرطون في مطالبهم فكانوا يترددون كثيراً على محل عملي. لقد كان من ضمن هؤلاء الزبائن جنرالات مسنّون وضباط رومانيون وغيرهم من الذين استوطنوا في هذه المدينة الجميلة. كانوا يحبون أن يلبسوا معطفاً مزيناً بشريط باللون الأرجواني الملوكي على حافته. وبهذا عُرفت بضاعتي الممتازة في كل المدينة. ولكن كان عليّ في البداية أن أدافع عن شخصيتي كامرأة، لأنه لم يكن من المألوف آنذاك أن تدير امرأة محلّ عمل. ولكن هذا الأمر كان سبب فرح حقيقي لي! من حيث أن محلي ازدهر وأصبحت غنية. كان هنالك زبائن يقولون بداعي الحسد «النجوم تجلب لك الربح»! وكان غيرهم يقول: «الآلهة تقف إلى جانبك وتحبك»!

صحيح إني كنت في طفولتي أُكرم بعض الآلهة وأصلي لها. ولكنها خيّبت أملي كثيراً ولم أحتج إليها فيما بعد. لم تقدر هذه الآلهة أن تقدم لي شيئاً، لم أشعر معها بالتعزية أو الفرح أو الرجاء. ولكني في السكون رجوت أن يكون حقاً في العالم أو ربما في السماء شيء يعطيني قوّة ويُعلّمني. شيء ثابت يوثق به ويُتمسك ويُقتدى به. لمن ألتجئ إذا كنت أحتاج إلى نصيحة أو مساعدة؟ فمحل عملي وربحي وطريقة معيشتي الفخمة وبيتي المؤثّث جيداً لم تعطني ما كنت أتوق إليه في داخلي. يجب أن يكون هنالك شيء أعلى من هذا كله الذي يُعطي حياتي معنىً وهدفاً. ولكن أين أجده؟

الله يعرف ما تتوق نفسي إليه وما أفتش عنه. لقد جمعني بإنسان على وجهه إمارات الفرح والسلام. باستغراب سمعت من هذا الرجل عن الله خالق السماوات والأرض الذي أعطى الإنسان وصايا للسير بحسبها. الذي بإمكان الإنسان أن يقول له كل شيء وما يحزّ في نفسه وما يفرّحه. إنه يصغي ويمنح القوة الموجودة في كلمته في الكتاب المقدس التي يضعها يومياً موضع التنفيذ. فكرت في نفسي: آه، إنني على استعداد لأن أُعطيه كل شيء كي يكون لي هذا الإيمان.

وعلى بعد نحو مترٍ واحدٍ أو اثنين غربي مدينة فيلبي تجري مياه كنجس في وادٍ مشجّر. هناك عند ضفة النهر الظليل المغطّى بالحشيش كانت تجتمع جماعة صغيرة من الناس من متقي وخائفي الله. لقد اشتركت في اجتماعاتهم منذ بعض الزمن وقرأت في كتبهم المقدسة وبدأت أصلي بتهيّب الله العجيب. لقد ازداد علمي بهذه الوصايا ووعود الله الفريدة كثيراً. وأصبحت هذه الوعود والوصايا لي أكثر وأكثر ينبوع قوة، وبهذا نلت دائماً شجاعة من جديد للقيام بواجباتي. وهكذا لم تفتني ولم تفت عبيدي المرافقين فرصة الاجتماع.

كان يوماً مشمساً عندما ذهبت مع نساء أُخريات في الطريق المعهود إلى مكان الاجتماع عند ضفة نهر كنجس. في بادئ الأمر جلسنا نحن النساء عند الضفة منتظرات إلى أن جاء واحد يقرأ لنا من لفّة السفر. وبدهشة رأينا أربعة رجال يقتربون منّا. جاؤوا من مدينة فيلبي. وعلى ما يظهر لم يكونوا رومانيين، فلباسهم البسيط وغطاء الرأس دلّ على أنهم رجال يهود. اتجهوا نحونا مباشرة. وقف الأربعة رجال على بُعد أمتارٍ منّا واقترب أحدهم قائلاً: «اسمي بولس، بولس من طرسوس، أسماء مرافقيّ لوقا وتيموثاوس وسيلا». بعد أن جلسوا بدأ بولس يتكلم بصوتٍ هادئٍ ومقنع. كانت عيناه تلمعان أخبرنا أنّ النبوّات تمت الآن في أيامنا هذه. وُلد المسيّا وعاش بيننا ثم صعد إلى الله. صحيح إنه صُلب على أيدي الجنود الرومانيين ولكنه انتصر على الموت. بدت لي هذه الكلمات وكأنها لا تصدّق. ليس بالنسبة لي فقط لقد شاهد بولس العصيان هذا على العيون المحملقة. لهذا السبب قال: «اصغوا إليّ، أريد أن أقص عليكم ماذا حصل معي وكيف وجدت الحقيقة». أصغيت وأنا مقطوعة النَّفس إلى ما قاله وهو: إنه هو المطارِد المتعصب طارد أتباع يسوع. وقبل دمشق ظهر له يسوع وقال له: «لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟» (أعمال 9: 4). هذه المقابلة مع يسوع غيّرت حياته كلياً. والآن أخذ المهمة: «أريد أن أرسلك إلى الأمم لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ، وَمِنْ سُلْطَانِ ٱلشَّيْطَانِ إِلَى ٱللّٰهِ لينالوا مغفرة الخطايا، وكمختاري الله يدخلون راحته بالإيمان به» (أعمال الرسل 26: 18).

أصابتني كلمات بولس بالصميم. شيء ما حدث في داخلي بينما كنت أصغي إلى كلمات بولس. ثم استطرد قوله: «حكيت لكم اختباراتي الخاصة ولكني الآن أريد أن أجلب لكم البشارة المفرحة عن يسوع المسيح وأخبركم كيف يقدر كل واحد منكم أن ينال نعمته ومحبته وسلامه».

أُخذت بالأحداث التي سردها بولس عن أمثال يسوع وعجائبه. ارتعدتُ وشعرتُ بالآلام والعذاب الذي ذاقه يسوع عند الصلب. ولكن خبر قيامته سرّني. ولما سمعت عن قوة الروح القدس التي حلّت على المؤمنين يوم العنصرة سألت بانفعال وشوق: «كيف أنال أنا هذه القوّة؟» أجاب: «عليكِ أن تؤمني وتعتمدي». لم أبالي بعد بما جرى حولي. في اللحظة ذاتها كانت لي الرغبة أن أنال هذه القوة التي تكلم عنها بولس. لقد ثقل قلبي عليّ وثبتت إدانتي.

لا إنسان ولا حتى ماء النهر البارد قدر أن يمنعني من أن أعتمد. وبناءً على أسئلة بولس التي طرحها عليّ: «أتؤمنين من قلبك بالله الآب؟» أجبته بفرح: «نعم أنا أومن». «أتؤمنين بأن يسوع مات لأجل خطاياك وغفرها لك؟» أجبته بثبات: «نعم». «أتؤمنين بقوة الروح القدس فيك؟» «أنا أومن». وهكذا غُطست في الماء وتعمدت «باسم الآب والابن والروح القدس!».

شعورٌ عميقٌ مفعمٌ بالسعادة فاض عليّ وغمرني: «اشكرك يا رب لأنك فتحت قلبي لأقدر أن أعرفك!».

فوجئت عندما لاحظت ان ثياب العبيد الذين كانوا دائماً يرافقونني مبتلة كذلك وشعورهم. التفتّ إلى بولس وسألته: «هل عمدتموهم أيضاً؟» أجابني «نعم، جميع الناس متساوون في عيني الله، سواء كانوا عبيداً أو أحراراً، فقراء أو أغنياء». انشغلت بهذا الفكر مدة من الزمن لأكون على علم بهذه الأفكار الغير مألوفة. ولكني بنفس الوقت ُسررت لأن كل من يخصني آمنوا واعتمدوا. فأنا وكل من في فيلبي نحتاج جميعاً أكثر إلى تعليم وتقوية إيماننا الذي اكتسبناه جديداً. لهذا السبب كلّمت بولس شخصياً: «قد امتلكني كل ما قلته لي. ولكن عليّ أن أسمع أكثر من هذا. تجول في نفسي بعض الأسئلة التي تنتظر جواباً». وهكذا طالبته: «إن كنت مقتنعاً بأني أومن بالرب تعالوا وأقيموا في بيتي».

تردّد بولس فإلى الآن تمسك بالمبدأ بألا يأخذ هو ومعاونوه أيّ دعم. هذا لم أكن أعرفه قبلاً. ولكنه اقتنع ولبّى طلبي. أتى هو ومرافقوه إليّ والنتيجة كانت أنه لم يرفض العطايا التي أرسلناها له فيما بعد من فيلبي. بالحقيقة شعرت أن نفسي مباركة جداً ومميّزة على الآخرين لأني أضفت رجال الله في بيتي.

بعد بضعة أيام سمعت صوتاً قوياً ينبعث من ساحة السوق. جماعة من الناس اجتمعوا حول بولس وسيلا. ماذا حدث؟ جارية كان فيها روح عرافة كانت تصرخ وراء بولس وسيلا عندما رأتهما، وتقول: «هٰؤُلاَءِ ٱلنَّاسُ هُمْ عَبِيدُ ٱللّٰهِ ٱلْعَلِيِّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَ لَكُمْ بِطَرِيقِ ٱلْخَلاَصِ» (أعمال الرسل 16: 17). وكانت تفعل هذا أياماً كثيرة.

ما قالته كان الحقيقة الخالصة ورغم هذا ضجر بولس ومرافقوه منها. علم بولس من هو وراء هذا الصراخ. لم يحتمل كلمات دعاية من الشيطان لأجل يسوع. كان مؤلماً له ولمرافقيه أن يقبلوا مجداً الذي هو من حق يسوع وحده. أراد الشيطان أن يحوّل النظر عنهم وعن يسوع. فلما ضجر بولس التفت إلى الروح وقال: «فأَنَا آمُرُكَ بِٱسْمِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا. فَخَرَجَ فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ» (أعمال الرسل 16: 18).

«فَلَمَّا رَأَى مَوَالِيهَا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ رَجَاءُ مَكْسَبِهِمْ، أَمْسَكُوا بُولُسَ وَسِيلاَ وَجَرُّوهُمَا إِلَى ٱلسُّوقِ إِلَى ٱلْحُكَّامِ. وَإِذْ أَتَوْا بِهِمَا إِلَى ٱلْوُلاَةِ قَالُوا: «هٰذَانِ ٱلرَّجُلاَنِ يُبَلْبِلاَنِ مَدِينَتَنَا، وَهُمَا يَهُودِيَّانِ، وَيُنَادِيَانِ بِعَوَائِدَ لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْبَلَهَا وَلاَ نَعْمَلَ بِهَا، إِذْ نَحْنُ رُومَانِيُّونَ». فَقَامَ ٱلْجَمْعُ مَعاً عَلَيْهِمَا، وَمَزَّقَ ٱلْوُلاَةُ ثِيَابَهُمَا وَأَمَرُوا أَنْ يُضْرَبَا بِٱلْعِصِيِّ» (أعمال الرسل 16: 19-22). «يا إلهي» صرخت بخوف: «امنحهما قوة وكن معهما لا تدعهما يتألمان لأجل عمل إحسان»! بكل سرور أردت أن أساعدهما ولكني لم أجد طريقة، إلا أن ربنا الذي أعطي كل سلطان في السماء وعلى الأرض تدخل بطريقة ملموسة. في «نِصْفِ ٱللَّيْلِ كَانَ بُولُسُ وَسِيلاَ يُصَلِّيَانِ وَيُسَبِّحَانِ ٱللّٰهَ... فَحَدَثَ بَغْتَةً زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَتَّى تَزَعْزَعَتْ أَسَاسَاتُ ٱلسِّجْنِ، فَٱنْفَتَحَتْ فِي ٱلْحَالِ ٱلأَبْوَابُ كُلُّهَا، وَٱنْفَكَّتْ قُيُودُ ٱلْجَمِيعِ». فقالا «الله حررنا! إن ما حدث هنا كان عمل الله»! فصرخ حافظ السجن مرتعداً: «أين هم المساجين؟ هل هربوا؟» هذا العار لا أحتمله كضابط مسؤول. «ٱسْتَلَّ سَيْفَهُ وَكَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ، ظَانّاً أَنَّ ٱلْمَسْجُونِينَ قَدْ هَرَبُوا. فَنَادَى بُولُسُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «لاَ تَفْعَلْ بِنَفْسِكَ شَيْئاً رَدِيّاً، لأَنَّ جَمِيعَنَا هٰهُنَا». فَطَلَبَ (الضابط) ضَوْءاً وَٱنْدَفَعَ إِلَى دَاخِلٍ، وَخَرَّ لِبُولُسَ وَسِيلاَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ، ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا وَقَالَ: يَا سَيِّدَيَّ، مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟» فقال له بولس وسيلا: «آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ»... فَأَخَذَهُمَا فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ مِنَ ٱللَّيْلِ وَغَسَّلَهُمَا مِنَ ٱلْجِرَاحَاتِ، وَٱعْتَمَدَ فِي ٱلْحَالِ هُوَ وَٱلَّذِينَ لَهُ أَجْمَعُونَ» (أعمال الرسل 16: 25-33).

كم كان فرحي لا يوصف عندما علمت أنّ حافظ السجن اعتمد هو وأهل بيته.

«وَلَمَّا صَارَ ٱلنَّهَارُ أَرْسَلَ ٱلْوُلاَةُ ٱلْجَلاَّدِينَ قَائِلِينَ: أَطْلِقْ ذَيْنِكَ ٱلرَّجُلَيْنِ» فرفض بولس وقال: «ضَرَبُونَا جَهْراً غَيْرَ مَقْضِيٍّ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ رَجُلاَنِ رُومَانِيَّانِ، وَأَلْقَوْنَا فِي ٱلسِّجْنِ أَفَٱلآنَ يَطْرُدُونَنَا سِرّاً؟ كَلاَّ! بَلْ لِيَأْتُوا هُمْ أَنْفُسُهُمْ وَيُخْرِجُونَا» . استغربت من ردة فعل بولس - والآن تعرّفت عليه من ناحية أخرى. حسناً كلّمنا عن تحمُّل الآلام برضى. ولكن المسألة الآن تتعلق بتسمية الظلم ظلماً. ولم يكن بالنسبة إلينا نحن المسيحيين في فيلبي سواء أن يطلق سراحنا ونحن موسومون بالخزي والعار سراً، أو أن تُعاد إلينا كرامتنا جهراً ويعترف الموظفون بالظلم. «فَأَخْبَرَ ٱلْجَلاَّدُونَ ٱلْوُلاَةَ بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ، فَٱخْتَشَوْا لَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُمَا رُومَانِيَّانِ. فَجَاءُوا وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِمَا وَأَخْرَجُوهُمَا، وَسَأَلُوهُمَا أَنْ يَخْرُجَا مِنَ ٱلْمَدِينَةِ» (أعمال الرسل 16: 35-39).

يا له من فرح عظيم غمر بيتنا عندما دخل بولس وسيلا بيتي! فكل الإخوة والأخوات في الكنيسة كانوا مجتمعين للصلاة. نفكر ونأمل أن يتدخل الله بسرعة ويستجيب صلاتنا. هذا قوّى إيماننا وشجّعنا أن نثق بالرب فيما بعد. ولآخر مرة حثّ بولس كلّ واحد منا بمفرده أن يثبت في الإيمان. كم كان صعباً علينا الفراق عن رسل الله ولكننا تعزّينا من معرفتنا. ذهب بولس من عندنا وأما يسوع فبقي معنا كما قال: «هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ ٱلأَيَّامِ إِلَى ٱنْقِضَاءِ ٱلدَّهْرِ» (متى 28: 20). هو نفسه استلم المسؤولية كلها عن كنيسته الصغيرة الأولى في أوروبا.

مسابقة «ليديّة»

عزيزي القارئ،

نرجو أن تكون قد استمتعت بقراءة هذا الكتيّب، لذلك نأمل بالإجابة على الأسئلة التالية مع كتابة اسمك وعنوانك الكاملين وبخطٍ واضح:

  1. في أية مدينة وُلدت ليديّة؟

  2. بواسطة ماذا أصبحت امرأة غنية؟

  3. لماذا لم تكن سعيدة رغم ذلك؟

  4. ما هي أسماء الرجال الأربعة الذين جلبوا لها بشارة الخلاص المفرحة؟

  5. كيف تقبّلت ليديّة البشارة؟ وماذا كانت النتيجة؟

  6. لماذا سمح الله بحدوث زلزلة؟

  7. أين كانت الكنيسة الأولى في أوروبا؟

  8. أتقدر أن تقول كما قالت ليدية: «الرب فتح قلبي؟» إن كان نعم، نسرُّ بأن نسمع كيف لمس يسوع قلبك ووِجدانك.

بريسكلاّ

أعمال الرسل 18: 1 و18 و19، رومية 16: 3-5، كورنثوس الأولى 16: 19، تيموثاوس الثانية 4: 19

كانت حياتي حياةً قلقةً ذات وجوه مختلفة. فعندما أُلقي نظرة إلى الوراء أعرف عندها فقط قيادة الله وخططه. هو حوّل الآلام التي أصابتنا إلى ينبوع البركة.

دهمتني صدمة حينما اضطررت أن أترك رومية. لم أكن لأغادر من تلقاء نفسي. إلا أنّ مرسوم القيصر كلوديوس أجبرنا على ذلك.

وهكذا وجدنا، أنا بريسكِلاّ وزوجي أكيلاّ، ملجأً لنا في إحدى أعظم مدن جنوب اليونان الكبرى والمزدهرة: كورنثوس الرائدة في الأبهة والموضة، المعروفة في الفن والعلم. مدينة فيها يكسب الناس أموالاً لا بأس بها. ويقصدها من أنحاء بلدان العالم. ولكنها مع الأسف كانت مدينة سيّئة السمعة مليئة بالرذائل والزواني.

هنا وفي هذه المدينة التجارية المفتوحة للعالم جهّز زوجي محل عمله بكل أدوات العمل. كان صانع خيامٍ وكان يجعل من شعر الماعز الكيليكي الأسود أقمشة ثابتة. وهذا القماش لم يُستعمل فقط في صناعة الخيام بل لأشياء كثيرة أيضاً. كنا شكورين لأننا بهذه الطريقة أمّنا معيشتنا.

في أحد الأيام قرع صانع خيام غريب باب درانا. وطلب منّا أن يشتغل معنا. كان يفتش عن عملٍ وملجأ. إنّ لهجته كانت معروفة لديّ. فلا بد أن يكون من بلد زوجي من مقاطعة بُنطس الواقعة عند الشاطئ الجنوبي من البحر الأسود في آسيا الصغرى.

قبلنا صانع الخيام بولس ولم نندم. وجد زوجي أكيلاّ في ساكن بيتنا ليس فقط زميلاً مفيداً ودقيقاً بل شاهد موكلاً بالإنجيل. وأنا قدّرت له هذا بل كان شرف لي أن آويه في بيتي. أصبح بولس لي ولأناس كثيرين في كورنثوس بركة عظيمة. عرف أكثر من غيره كيف يملأ الحديث بقيم روحية بناءة. كانت كلماته تتطابق مع سيرته حتى إني اقتنعت من صدق بشارته. لم يخفِ علينا شيئاً مما ائتمنه الرب عليه. وهكذا تعمّق إيماني وتقوّى، ولكن أيضاً امتُحن امتحاناً قاسياً. شعرت أنا وكلّ من كان يخص الكنيسة بالبغض والعداوة من أناس ليسوا قليلين. وتمادى أعداء الإنجيل في عداوتهم إلى أبعد من هذا إذ اضطهدوا بولس وسلموه إلى المحاكم. ولكني اختبرت مساعدة الرب عبر كل التجارب حتى إني بقيت أمينة له.

استمر بولس ليس وحده فقط بالقيام برسالته في إعلان بشارة مغفرة خطايانا بواسطة يسوع المسيح، كان زملاؤه الذين يعملون في مدن أخرى في طريقهم إليه إلى كورنثوس. وبعد أن وصل معاوناه، سيلا وتيموثاوس، قادمين من مكدونية تفرّغ هو للكرازة بالكلمة. ولم يعد يشتغل عندنا في صناعة الخيام. جلب سيلا وتيموثاوس معهما عطايا كثيرة من كنائس مكدونية، حتى إنّ بولس لم يعوزه أن يشتغل بيديه ولمدة من الزمن ليُنفق على معيشته بل وضع كل قوّته ووقته لعمل التبشير. ولكن بسبب عمل بولس ومعاونيه المتزايد اشتدت المقاومة أكثر. هذا وبحسب الاختبار، فأينما يعمل روح الله يحاول الشيطان أن يتدخل مفرقاً ومخرباً. وبالرغم من العداء من جانب الذين رفضوا بشارة النجاة بواسطة يسوع فقد نمت الكنيسة. ولمدة سنة ونصف السنة. كانت لنا فرصة في كورنثوس في أن نعرف بواسطة بولس الإنجيل الذي حرّرنا وفرّحنا.

لم يكن من السهل علينا أن نترك بيتنا في كورنثوس ونبدأ من جديد في مدينة أخرى. صعب عليّ جداً أن أودع أناساً أحببتهم. ماذا سيجلب لنا المستقبل؟ ولكن تعليمات الرب بأن نغادر كورنثوس مع بولس كانت مسموعة. وهكذا طُرح السؤال حول كياننا الأرضي خلفاً. أغلقنا بيتنا في كورنثوس، ركبنا السفينة مع بولس ومعاونيه وأبحرنا إلى أفسس ثم تابع بولس السفر بدوننا إلى سورية.

كان علينا أن نقيم مؤقتاً في أفسس جاعلين منها مكان ومحل اختبارنا وعملنا. كانت أفسس عاصمة المقاطعة ولها مرفأ يربطها بالعالم الفسيح تنبض بالحركة وتحت تأثير يوناني غربي خليط. يجب علينا أن نربح هذه المدينة ليسوع. كنت مستعدة أن أعمل في الكنيسة كل الوقت. كيف أضع مشروعي موضع التنفيذ؟ كانت كلمة إرميا النبي معروفة لديّ: «ٱطْلُبُوا سَلاَمَ ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي سَبَيْتُكُمْ إِلَيْهَا وَصَلُّوا لأَجْلِهَا إِلَى ٱلرَّبِّ» (إرميا 29: 7). هذا الطلب كان أمنيتي الشخصية. أن أصلي وأشهد بإيماني بيسوع وأعيش بحسبه. هذا ما أردت أن أفعله بعون الله.

رجل من الاسكندرية اسمه أبولُّس شرع بإقبال عظيم من الناس بعقد اجتماعات في أفسس. وبطلاقة اللسان وعظ عن يسوع. ذهبت أنا وأكيلاّ أيضاً إلى هناك لنسمع خطاباته اللامعة الحماسية المؤسسة على الكتاب المقدس. سررتُ بما وعظ اللاهوتي العلاّمة مقنعاً. ولكن بذات الوقت كان لدي شعور بأن هذا الرجل ينقصه شيء. إنها القوة الإلهية من الأعالي. كان من السهل أن نوجه إليه الانتقاد أو الرفض أو الاستيعاب ولكن هذا ليس من فكر يسوع. وهكذا طلبنا إلى هذا الرجل الرائع أن يذهب معنا إلى البيت. سرّني أنه قبل دعوتي. لم يخجل أن يجلس في بيت صانع بسيط وأن يستمع إلى أُناس عاميين لا بل إلى امرأة عن إيمان أدق وأعمق لمعرفة تعاليم يسوع. تجرأت أن أتحدث إلى أبولسّ عن النقاط التي نقصت في معرفته الروحية. عرف إلى الآن فقط عن معمودية يوحنا. والآن سمع منا أنه توجد معمودية بالروح القدس التي سكبها الرب في يوم العنصرة على المؤمنين به. كم سررنا أن تكون الفرصة أن نساعد أبولُّس روحياً أكثر.

لم يمكث أبولُّس طويلاً في أفسس. انتقل بعدها إلى كورنثوس. أكيلاّ وأنا ومسيحيون آخرون في أفسس أعطيناه رسائل ليسلمها إلى الكنيسة هناك ويعلنها للجميع. والله منحه السلطان والنعمة حتى إن أناساً في كورنثوس وجدوا الإيمان بالمسيح بواسطته. وبقوة مقنعة كرز أن يسوع هو المسيح.

بواسطة هذه المقابلة مع أبولُّس عرفنا الآن لماذا جعلنا الله نأتي إلى أفسس. يا له من ترابط الأوضاع! اضطررنا أن نهرب من رومية، لنجتمع مع بولس في كورنثوس. واضطررنا أن نذهب إلى أفسس لنقوم بهذه الخدمة لأبولُّس. وفيما بعد لما عاد بولس إلى أفسس عملنا معه عملاً مثمراً ومباركاً لأجل الربّ. كثيراً ما وقعنا في وضع حرج وخطر كانت حياتنا فيه معرّضة للخطر. واجهتنا أوقات الشغب والاضطهاد، فيها وقفنا مع بولس ودافعنا عنه. كنا مستعدين أن نتألم لأجل حقيقة الإنجيل وإن كانت هي مشيئة الله أن نموت أيضاً.

أكيلاّ وأنا أصبحنا فيما بعد، دائماً عمالاً مستقلين في ملكوت الله. صلواتنا وطلباتنا كانت كلها أن نعرف طرق الله ونسلكها. وتحت هداية الله وقيادته اختبرنا مفاجآت وتعليمات لطرقنا التي لم تكن دائمة سهلة ولكنها كانت مباركة. وهكذا صحّ لي ولأكيلاّ أن نترك الأحباء ونعود إلى رومية. فمرسوم القيصر كلوديوس كان ساري المفعول لمدة قصيرة. وسريعاً أصبح بيتنا محل لقاء ومركز الكنيسة المسيحية في رومية. وبكل سرور فتحت بيتي للأخوة والأخوات في الإيمان والله منحني أن أصبح أماّ وراعية للكنيسة. الله باركني بواسطة خادمه بولس، بواسطة كلمة الله التي قبلتها بالإيمان لحياتي. هذه البركة لم أقبلها لنفسي فقط بل أعطيتها للآخرين أيضاً. ألقى الله على عاتقي واجباً جميلاً لم يكن دائماً سهلاً. ولكن بالنظر إلى ربي الذي دُفع إليه كل سلطان في السماء وعلى الأرض كنت بقوّته قادرة أن أتمم هذا الواجب الذي ألقاه عليّ.

ولكن حياة التجوال هذه لأجل الرب لم تنته. وصلتنا أكيلاّ وأنا دعوة لأن نعمل من جديد في أفسس. كان قراري ثابتاً وحازماً. حيثما كان، فإنني على استعداد أن أخدم يسوع دائماً حتى لو طلب مني حياتي الخاصة لأن أمور الله تحابي الوجوه - قال بولس مرة: «لٰكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَٱلْخِدْمَةَ ٱلَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ ٱللّٰهِ» (أعمال 20: 24).

وهذا يجب أن يكون أيضاً مخطط مصيري!

مسابقة «بريسكلاّ»

نرجو أن تكون قد استمتعت بقراءة هذا الكتيّب، لذلك نأمل بالإجابة على الأسئلة التالية مع كتابة اسمك وعنوانك الكاملين وبخطٍ واضح:

  1. ماذا دعا بريسكلاّ وزوجها أن يغادرا رومية؟

  2. ممّا حاك أكيلاّ قماش الخيام؟

  3. لماذا قدّر بريسكلاّ وأكيلاّ زميلهما الجديد؟

  4. لماذا بُغضت بريسكلاّ ومسيحيون آخرون وأصبحوا أعداء بنظر الآخرين؟

  5. لأي سبب أراد الله بريسكلاّ وزوجها أن يكونا في أفسس؟

  6. أي واجب رأته بريسكلاّ في رومية؟

  7. هل تضع أنت حياتك لأجل عمل الله؟ كيف؟


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D-70007
Stuttgart
Germany