العودة الى الصفحة السابقة
أنا وبيتي

أنا وبيتي

أحَاديث نسَائيَّة

أم سَلام


Bibliography

أنا وبيتي . أم سلام . Copyright © 2007 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . 1971. SPB 5410 ARA. English title: I and my Family. German title: Ich und meine Familie. Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

1 - اللّه قبل كل شيء

منى : يا عمتي لما تزوجتُ قلتِ لي أنْ آتيك بالسؤال كلما صادفَتْني مشكلة، لأن لك خبرة عشرين عاماً في الزواج وتربية الأطفال، ومع هذا أراك دائماً فرحة مطمئنة حتى ليبدو لي أنه لا يداخلك همٌّ أو زعل. أما أنا ولي ولدان صغيران فأشعر بتوتّر الأعصاب دائماً من كثرة الشغل. أخبريني بالسر في أنك رغم كثرة أشغالك تظلين مطمئنة هادئة.

العمة : يا منى أنا مسرورة جداً لحضورك إليَّ، وربما قليلون يفهمونك أكثر مني لأن ما أنت عليه الآن، مررتُ به أنا أيضاً في بداية حياتي الزوجية. لما رزقتُ أولادي الأولين عانيت الهمّ واضطربت خوفاً من أن يمرضوا. وكان أن أصابهم مرض فجفاني النوم من شدة الاضطراب والهموم.

منى : حقاً هذه حالتي أيضاً.

العمة : ثم مرضت أنا وجاءت امرأة عمي، التي كانت ما تزال على قيد الحياة آنذاك وقامت بكل الأعمال المنزلية رغم أنها عجوز متعبة، فكان لي وقت أن أفكر بكل شيء في الحياة ولاحظت فجأة أنني لم أكن أفكر في اللّه.

منى : أتتكلمين عن سنوات زواجك؟

العمة : نعم في كل هذه السنوات نسيت عملياً التفكير في اللّه، وأردت القيام بكل طلبات البيت بنفسي، فأصابني اللّه واهب الحياة بمرض شديد ليتيح لي وقتاً للتفكير فيه.

منى : لمَ يكون ضرورياً أن أفكر فيه وأنا مجهدة بالطبخ والغسيل وتنظيف البيت وحمام الأولاد؟

العمة : نقرأ في الكتاب المقدس «تُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ» (تثنية 6: 5). فلما مرضت فكرت بهذا، ولاحظت أن اهتمامي باللّه كان قليلاً، في السنوات الماضية.

منى : هذا واضح حيث أتيت بأولادك الثلاثة الأول تباعاً فلم يكن لديك الوقت الكافي للتفكير في اللّه.

العمة : وهكذا فكرت أنا أيضاً، فخطرت لي آية من الإنجيل الشريف، من إنجيل متى (6: 33) «ٱطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ وَبِرَّهُ، وَهٰذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ» .

منى : لم أفهم جيداً ماذا تعنين بهذا؟

العمة : لكن ستعرفينه بسرعة إن أكملت قصتي، لقد تكلمت مع اللّه وعرضت عليه حالتي بالتمام، كم كنت حزينة حيث لم أحبه من كل قلبي ولم يكن عندي وقت لأجله، وسألته أن يغفر لي لأجل المسيح، وطلبت إليه أن يساعدني لأحجز له في حياتي المكان الأول.

منى : المكان الأول يخص قبل الكل أولادك وزوجك.

العمة : نقرأ في إنجيل متى (10: 37) «مَنْ أَحَبَّ أَباً أَوْ أُمّاً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي» ففهمت من هذا أن اللّه غيور ويطلب المكان الأول في حياتي.

منى : كيف يتم هذا؟

العمة : أنا أخبرك، عندما أستيقظ صباحاً أجرب أولاً التفكير فيه وأصلي إليه. عدة مرات كنت أنهض على بكاء أحد أولادي، فأنطلق لأرى سبب بكائه وأعطيه حاجته. وبعد أن أتكلم مع اللّه وأبحث معه كل يومي، فيساعدني ويباركني، هكذا أفعل حتى يومنا هذا. وفي المساء عند النوم أصلي له مرة أخرى.

منى : هل تعتقدين أن اللّه يهتم بنا وبمشاكل بيتنا وأولادنا؟

العمة : نعم هو يهتم بنا ويهتم بك شخصياً، ونقرأ في إنجيل لوقا (12: 7) «شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ أَيْضاً جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ» .

منى : إن كان الأمر هكذا فيكون عجيبة عظيمة.

العمة : نعم قد تغيَّرت كل حياتي بواسطة هذه العجيبة فلم أهتم بعدئذ باضطراب، بل آمنت أن اللّه يعرف كل همومي، وأخبرته بالكل كما في رسالة بطرس الرسول الأولى (5: 7): «مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ» . وفي الاتكال أراني أنه من الضروري أن أخطط قبل كل شيء تدبير منزلي ولا أعمل بلا مخ.

منى : هذا غير ممكن ومستحيل إذ كل يوم يختلف عن غيره، وكثيراً ما تعترضني مشاكل.

العمة : رغم هذا فأعظم مساعدة لي أن أخطط أعمال منزلي: مثلاً الثلاثاء الغسيل، الأربعاء تنظيف الشبابيك، الخميس المطبخ، السبت كل البيت، وإن أتاني زائر وأنا منشغلة أترك العمل لوقت آخر، بينما في السنين السابقة كنت أقوم بأعمالي في يوم واحد أو يومين، وأصبحت طبعاً من كثرة الشغل منرفزة وعصبية وكل فرد من الأسرة ابتعد عني.

منى : هذا ما حدث لي، أريد تجربة توزيع العمل على الأيام مثلك.

العمة : إن اتبعت ذلك تستطيعين القيام بواجباتك بنشاط، فنحن لا نقدر أن نعمل كل شيء في يوم واحد، وفي الصباح لما أتكلم مع اللّه عن يومي المقبل أطلب إليه أن يساعدني لأتمم واجباتي في ذاك اليوم وأطلب خصوصاً منه أن أبقى هادئة إن داهمتني مشكلة أو زائر غير متوقع حتى لا يعيقني في تتميم واجباتي.

منى : الآن فهمت أكثر أنت تدبرين كل أعمالك ليس لوحدك بل بمساعدة اللّه.

العمة : تماماً كما هو مكتوب «عند اللّه تجد عونك». ففكرت أنه إن كان صحيحاً فهو يساعدني واتكلت على عونه وتعلمت مع الوقت أن أحتسب عونه. ولم يخجلني وإن اتكلت عليه ساعدني وإن نسيته مرة وحدث هذا معي في البداية عدة مرات فلا ينساني.

منى : هكذا تكون الحالة بسيطة. لكن أخبريني كيف عرفت كل هذه الآيات من الكتاب المقدس غيباً؟

العمة : لأنني أقرأه كل يوم.

منى : وهذا أيضاً؟

العمة : أنظري إن صليت أتكلم مع اللّه وإن قرأت الكتاب المقدس يكلمني اللّه، مثلاً عندما تتكلمين دائماً معي وأنا لست معك فيكون الحديث غير ملذ وتتركينني، هذا ما يريده اللّه. إنه يكلمني بواسطة كتابه ويقول لي ما يريد مني وماذا علي أن أتمم.

منى : فهمت الآن ماذا تعنينه، الكتاب المقدس يريني واجبي لأرضي اللّه.

العمة : فعلاً ولكن الكتاب المقدس يقول أكثر من هذا، ويخبرني من هو اللّه ومن أنا، ومن أين آتي، وإلى أين أذهب، فيريني طريقين: طريق الحياة، وطريق الموت. إن أطعت اللّه يوصل طريقي إلى الحياة الأبدية وإن عصيته يؤدي طريقي إلى الهلاك.

منى : لأول مرة أسمع هذا ويعجبني. إنما ألاحظ أنك تتصرفين بخلاف الآخرين فيبين أن اللّه الذي يكلمك بكتابه وتكلمينه في صلاتك يعطيك قوة عظيمة فأود الإشتراك في هذه القوة.

العمة : ما أستطيعه أساعدك به. وإن أردت الحضور مرة أخرى نتابع البحث عن الموضوعات هذه.

2 - قلباً نقياً ٱخلق فيّ يا اللّه

منى : يا عمتي كان حوارنا الأخير ملذاً، وأتيت اليوم مرة أخرى إليك لنتابع حديثنا.

العمة : إنني مسرورة لحضورك إليَّ، بحثنا سابقاً كيف نجعل للّه المكان الأول في حياتنا لأن له الحق بهذا لأنه خلقنا.

منى : وبما أنه خلقنا، فلماذا سمح للشر أن يتأصل في الإنسانية؟ وحيث هو البار فلماذا لم يخلقنا أبراراً صالحين مثله؟

العمة : الكتاب المقدس يخبرنا أن اللّه وهو خالق الناس، أعطاهم إرادة حرة للاختيار لأنه شاء أن نكون طائعين، وقال لآدم وحواء ألا يأكلا من الشجرة التي وسط الفردوس. لكنهما سمعا للشيطان وعصيا اللّه فابتعد قلبهما عن اللّه.

منى : ولكن لماذا سمح اللّه بوجود الشيطان؟ وإن كان أقوى منه لماذا لَمْ يبده من زمان؟

العمة : كل هذه الأسئلة سألتها أنا أيضاً سابقاً وكل الذين سألوها لم ينالوا جواباً قطعياً، اللّه يعلم سبب سماحه بذلك. ولكن إذ نشعر نحن أن الشر يتمركز في قلوبنا علينا أن نعرف أن اللّه أرسل عوناً وخلاصاً.

منى : لم أفكر سابقاً أن في قلبي شراً، وكنت متأكدة أنني إنسانة صالحة. لكن لما صار لي أولاد شعرت أنهم يعملون أحياناً ما لا يليق ويأخذون شيئاً منعتهم عنه ويكذبون، فتذكرت أنني فعلت نفس الشيء أيضاً.

العمة : نعم منذ ولادتنا ولنا قلب شرير. ونقرأ في سفر التكوين «قَلْبِ ٱلإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ» (تكوين 8: 21)، وفي المزمور 14: 3 «ٱلْكُلُّ قَدْ زَاغُوا مَعاً، فَسَدُوا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً، لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» .

منى : هل تفكرين أننا وُلدنا أشراراً؟ إذاً لا نقدر أن نغير أنفسنا بأنفسنا لأننا نحن كما نحن.

العمة : الحق معك. لا نقدر أن نغير أنفسنا بأنفسنا، لكن قلت لك سابقاً أن اللّه أرسل لنا عوناً. نحن بسبب قلوبنا الفاسدة وعصياننا اللّه نستحق الموت الأبدي، لذلك ينصرف اللّه عنا لأجل خطايانا الخبيثة، ولكنه يحبنا بمقدار أنه أوجد طريقاً لينجينا. نحن مذنبون أمام اللّه ونستحق القصاص، أما اللّه فاحتمل العقاب بنفسه وأرسل ابنه الوحيد الذي تجسد واحتمل دينونتنا لما ضُرب ومات على الصليب.

منى : هذا غريب عليَّ وصعب فهمه. كنت أفضل لو انتهى الشيطان، فلا يكون من الضروري أن يضحي اللّه بابنه.

العمة : لا شيء مستحيل عند اللّه، إنما كل تفلسف لا ينفع، علينا أن نقبل الأمور كما هي. تصوري أنك في بيتك وشبَّ حريق، والمنفذ الوحيد شباك واحد وأمامه سلم يمكن النزول عليه. هل تبقين غبية في البيت الملتهب تتفلسفين وتسألين: لماذا سمح اللّه بالحريق وبإمكانه ألا يدعها تشتعل؟ أو هل تسرعين إلى المنفذ الوحيد، إلى الشباك وتخرجين بسرعة؟ هكذا حياتنا. فيسوع المسيح هو الطريق الوحيد للخلاص من ذنوبنا وخطايانا التي تربض علينا جالبة الحريق والموت.

منى : لم أنظر إلى الحياة من قبل بهذه النظرة العميقة، وأضطرب إن فكرت بها.

العمة : كثير من الناس قبل مجيء المسيح، تألموا تحت ثقل ذنوبهم وطلبوا خلاصاً من اللّه. نقرأ في المزمور (51: 10) «قَلْباً نَقِيّاً ٱخْلُقْ فِيَّ يَا اَللّٰهُ» فالخلاص لنا أسهل مما كان للقدماء، لأننا نقدر أن نتقدم بذنوبنا إلى المسيح.

منى : ولكن إن اعترفت أمامه بكل ذنوبي وغفر لي، ألا أعود غداً لنفس الخطية؟ أو هل أصبح إنسانة جديدة؟

العمة : ما دمنا على الأرض نتعرض للخطية، ويمكن أن نخطئ اليوم وغداً. ولكن مسموح لنا كل يوم من جديد أن نأتي بذنوبنا إلى يسوع تائبين عن أخطائنا، لأنه يريد أن يغفر لنا أيضاً. وهذا يشبه بيوتنا، كل يوم تتسخ ونكنسها وننظفها لنبقى أصحاء.

منى : ماذا تعنين بقولك إننا ننظف كل يوم البيت ليكون جميلاً مريحاً؟

العمة : إن لم ننظف يومياً البيت تكثر الأوساخ والروائح الكريهة وتزداد الميكروبات التي لا نراها بالعين المجردة بل بواسطة الميكروسكوب، وتجد مكاناً خصباً لها في بيتنا وتسبب أمراضاً.

منى : فتنظيف البيت ليس للمنظر، بل للصحة إذاً؟

العمة : نعم لهذا نغلي أقمشة الأطفال وملابسهم، لأن ذلك يقتل الميكروبات، والطفل الصغير سريع التأثر بالأمراض ويحتاج إلى نظافة كبيرة.

منى : هذا يعطي عملي في البيت معنى جديداً، فأقدر أن أعتني بصحة عائلتي.

العمة : طبعاً ومثلما تكون الحالة بصحتنا الجسدية، هكذا بنفوسنا أيضاً. إن اعترفنا أمام المسيح بذنوبنا يطهرنا من خطايانا، وإن تابعنا الخطية يسمح لنا بالرجوع إليه يومياً، فيطهرنا من جديد. ولكن إن تركنا أوساخ الخطية تتراكم فينا، يُصاب إنساننا الروحي بميكروبات كثيرة، وتصبح أفكارنا شريرة، تسبب صفات رديئة وأعمالاً سيئة.

منى : هذا تنوير حق، ولكن كابوس الخطية يلازمني.

العمة : صحيح إمكانية الخطية تظل إلى نهاية الحياة لكن لزوم الخطية انتهى، هذا ما أعطاه المسيح في خلاصه. كلما أصغيت إليه في كلمته أصبح مطيعة أكثر، وكلما قبلت تطهيره لنفسي يساعدني ألا أخطئ. كما تحفظين نظافة بيتك هكذا لا تدعي الميكروبات تعشش، وهذا ما يحدث في الحياة الروحية أيضاً. والمسيح يساعدك قائلاً في متى (11: 28) «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» .

لا يريد أن نكون مشحونين بالذنوب بل يرفعها عنا يومياً ويقوينا ضد الخطية لكن أهم شيء هو أن نشعر بثقل الخطية كلما عملناها، ونسرع إلى المسيح خلاصنا الوحيد.

3 - الغفران

منى : انتهيت الآن من غسل الصحون والأطباق المتكوّمة.

العمة : لو نحسب خلال حياتنا ما جليناه لتكوّم الجلي أمامنا كجبل عال لا نصدق إن رأيناه.

منى : إنني أنتبه لكيلا أستعمل أواني كثيرة ورغم ذلك يتكوّم الجلي، فأتعب.

العمة : هذا يدلك على تطهير آخر يحتاجه الإنسان يومياً.

منى : أتقصدين نظافة الجسم؟

العمة : لا بل تطهير القلب.

منى : لماذا يحتاج القلب إلى تطهير؟

العمة : يحتاج إلى التطهير من الذنوب والخطايا التي نرتكبها يجب أن يكون قلبنا أبيض ولكن ذنوبنا تلطخه.

منى : لا أقدر أن أرى قلبي، ولكن أحيانا أشعر بشيء مما تقولين. وإن شتمت إنساناً بكلمة رديئة فأشعر في قلبي صوت يقول لي إنني أخطأت، فأتألم لذلك.

العمة : نعم للّه صوت في قلوبنا هو الضمير. ولكن لا نسمع له ونستمر في خطايانا وآثامنا. تصوري لو استعملت الصحون مرة بعد الأخرى بدون أن تنظفيها ماذا يحصل؟

منى : مستحيل، لأنها تتسخ حتى لا نرى لونها الأصلي وتفوح منها رائحة كريهة.

العمة : شيء مخيف، وهكذا أكثر الناس مع وساخة قلوبهم يستمرون في الخطية ويكومون في قلوبهم وسخاً على وسخ.

منى : فظيع ولكن كيف أطهر نفسي بنفسي؟

العمة : هل تقدرين أن تقولي للصحون أجلي نفسك بنفسك؟

منى : لا، يجب عليَّ أنا أن أجليها.

العمة : كما أن الصحون لا تقدر أن تجلي نفسها، هكذا لا نقدر نحن أن نطهر قلوبنا من خطايانا.

منى : فإذاً من الضروري أن أحداً يطهرنا من ذنوبنا؟

العمة : هذا سر الخلاص، نقرأ في رسالة يوحنا الأولى 1: 7 أن الذي يعمل هذا التطهير دم المسيح إبن اللّه الذي يطهرنا من كل خطية.

منى : كيف يقدر دمه أن يطهرني من خطاياي؟

العمة : إن آمنت إنه احتمل القصاص الذي أستحقه لأجل خطاياي، أتحرر من ذنوبي. لقد قبل المسيح لأجلك يا منى ولأجلي ولأجل كل إنسان حمل دينونتنا رغم أنه كان بريئاً وحمل طوعاً عقوبتنا.

منى : أتظنين أن المسيح يغفر لي كل ذنوبي وخطاياي إن آمنت به؟

العمة : نعم لأننا نقرأ في أعمال الرسل 10: 43 «أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِٱسْمِهِ غُفْرَانَ ٱلْخَطَايَا» .

منى : ولكن إن أخطأت من جديد كيف يطهرني مرة أخرى؟

العمة : من يؤمن به ينال يومياً الغفران، إن اعترف بأخطائه، وندم عليها كما هو مكتوب في 1 يوحنا 1: 9 «إِنِ ٱعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ» . تذكري مرة أخرى الجلي، إنك لا تتركين الصحون موسخة بل تنظفينها كل يوم باستمرار كل حين، هكذا يعمل اللّه بنا.

منى : عظيم!

العمة : ولكن شيء واحد مطلوب منا، قد علم المسيح تلاميذه أن يصلوا وأرشدهم للقول، اغفر لنا خطايانا كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا. وهذا يعني أنه يغفر لنا بمقدار ما نغفر نحن للذين أساءوا إلينا.

منى : بعض المرات لا نستطيع المسامحة، فإذا أطلق أحدهم الرصاص على أخي فكيف أسامحه؟ هذا مستحيل.

العمة : سأل بطرس زعيم التلاميذ مرة المسيح متى 18: 21 و22 «كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟» قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّات» . وبعدئذ قصَّ عليه هذه القصة، (تفضلي اقرأيها من متى 18: 23 - 27).

منى : «يشبه ملكوت السموات إنساناً ملكاً أراد أن يحاسب عبيده. فلما ابتدأ المحاسبة، قدم إليه واحد مديون بعشرة آلاف وزنة، وإذ لم يكن له ما يوفي أمر سيده أن يُباع هو وأمرأته وأولاده وكل ما له ويوفي الدين. فخرَّ العبد وسجد له قائلاً « يا سيد، تمهَّل عليَّ فأوفيك الجميع» فتحنن سيد ذلك العبد وأطلقه وترك له الدين.

العمة : إسمعي تكملة القصة «ولما خرج ذلك العبد وجد واحداً من رفاقه كان مديوناً له بمئة دينار فأمسكه وأخذ بعنقه قائلاً: أوفني ما لي عليك. فخرَّ العبد رفيقه على قدميه وطلب إليه قائلاً: تمهل عليَّ فأوفيك الجميع. فلم يُرد، بل مضى وألقاه في السجن حتى يوفي الدين. فلما رأى العبيد رفقاؤه ما كان حزنوا جداً، وأتوا وقصّوا على سيدهم كل الذي جرى. فدعاه حينئذ سيده وقال له: أيها العبد الشرير، كل ذلك الدين تركته لك لأنك طلبت إليَّ. أفما كان ينبغي أنك أنت أيضاً ترحم العبد رفيقك كما رحمتك أنا؟ فغضب سيده وسلّمه إلى المعذبين حتى يوفي كل ما كان عليه. فهكذا أبي السماوي يفعل بكم إن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته».

منى : فهمت من هذا أن الرب يغفر لي بهذا المقدار، فقط كما أغفر لكل إنسان.

العمة : بالصواب تكلمت، فذنوب أخينا الإنسان لنا صغيرة، بالنسبة لذنوبنا التي عملناها أمام اللّه.

منى : من الصعب تطبيق ذلك.

العمة : صعب تطبيق هذا لقلوبنا. ولكن إن أدركنا كم كانت ذنوبنا عظيمة أمام اللّه يصير سماحنا للآخرين أسهل. لقد تكلمنا في البداية أننا نجلي جبلاً من الصحون في حياتنا. وإننا نفعل هذا كل يوم من جديد، وهكذا أصبحت ذنوبنا جبلاً كَّومناه يومياً. وإن طلبت من المسيح غفران كل هذه الذنوب، وتأكدت من تطهيري، يصبح سهلاً عليَّ أن أغفر لأخي الإنسان. وإذا لم أقدر أن أنسى ما عمل لي، فالرب نفسه يساعدني كما نقرأ في إنجيل لوقا 17 «وكانت قوة الرب لشفاء الكل».

منى : أريد أن أطلب من اللّه أن يغفر لي كل خطاياي ويساعدني أيضاً لأغفر للذين أخطأوا إليَّ.

4 - اختاري النصيب الصالح

منى : اليوم لا وقت لدي لأتحدث طويلاً معك يا عمتي العزيزة، لأن سيأتي لزيارتنا بعض الناس، والعيد قريب، وتعرفين ما معنى هذا لسيدة البيت، تنظيف وطبخ وتحضير حلوى وأشياء أخرى كثيرة.

العمة : نعم أنا عارفة ماذا يعني هذا يا حبيبتي منى، والأولاد أيضاً يحتاجون للاعتناء.

منى : هذا هو، فوق الشغل الاعتيادي، شغل زايد. فلا أعرف أين أضع رأسي.

العمة : في أيام كهذه، أحتاج إلى وقت أكثر للصلاة والهدوء أمام اللّه.

منى : ولكن في مثل هذه الأيام لا يوجد وقت بالمرة للصلاة.

العمة : لكنني أقرأ في إشعياء 30: 15 : «بِٱلرُّجُوعِ وَٱلسُّكُونِ تَخْلُصُونَ. بِٱلْهُدُوءِ وَٱلطُّمَأْنِينَةِ تَكُونُ قُوَّتُكُمْ» .

منى : أتظنين أن كلمة مثل هذه تخص أيضاً سيدات البيت حتى ننال عوناً في مشاكلنا؟

العمة : هذا ما اختبرته أنا، إني أنهي عملي بأسرع وقت وأكثر سهولة، إن بحثته مع اللّه قبلاً.

منى : ولكن هذا غير ممكن، لأن الوقت الذي تحتاجينه للصلاة والهدوء، يأخذ من وقت عملك.

العمة : معك حق إن افتكرتِ بطرق البشر، ولكن عند اللّه الأمور تختلف، ونختبر في أعمالنا بركة اللّه أساساً لكل شيء.

منى : أنا لا أفهم هذا عملياً.

العمة : ولن تفهميه إلا إذا جربته. لقد حدث معي نفس الشيء. قرأت عن رجل مشهور قال: اليوم عندي شغل كثير، فعليَّ أن أصلي ساعة أكثر. وهكذا قلت لنفسي، إن كان الرجل الشهير قد اختبر هذا السر، فلماذا لا أختبره أنا؟ فأتيت بنفسي للهدوء أمام اللّه ليباركني، ويعطيني لكي أمارس عملي بإطمئنان وسهولة، أكثر مما لو كنت مضطربة.

منى : هذا جديد عليَّ وأرى حقاً أنك هادئة في كل أشغالك، وكنت أعجب منك.

العمة : في سفر صموئيل الأول 2: 30 نقرأ «فَإِنِّي أُكْرِمُ ٱلَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي». ففي هذا المبدأ نجد كل السر إن قدمت للّه قسماً من وقتي الثمين المهم، أكرمه بهذا وهذا حقه أن نكرمه، لأنه خالقنا، وإن أكرمناه يكرمنا أيضاً ويساعدنا.

منى : إن كان هذا حقاً، فسأجربه أنا أيضاً.

العمة : سأقرأ لك قصة صغيرة من إنجيل لوقا 10: 38-42 : «وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ دَخَلَ قَرْيَةً، فَقَبِلَتْهُ ٱمْرَأَةٌ ٱسْمُهَا مَرْثَا فِي بَيْتِهَا. وَكَانَتْ لِهٰذِهِ أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَمَ، ٱلَّتِي جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَكَانَتْ تَسْمَعُ كَلاَمَهُ. وَأَمَّا مَرْثَا فَكَانَتْ مُرْتَبِكَةً فِي خِدْمَةٍ كَثِيرَةٍ، فَوَقَفَتْ وَقَالَتْ: «يَا رَبُّ، أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي قَدْ تَرَكَتْنِي أَخْدِمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُعِينَنِي!» فَأَجَابَ يَسُوعُ: «مَرْثَا مَرْثَا، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، وَلٰكِنَّ ٱلْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ. فَٱخْتَارَتْ مَرْيَمُ ٱلنَّصِيبَ ٱلصَّالِحَ ٱلَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا» .

منى : أنا أشعر مع مرثا فقد كان عندها بعض الزائرين، ومعنى ذلك أن الشغل كثير وليس مستحسناً أن تجلس أختها وتتركها تعمل كل شيء لوحدها. إذ يجب أن تتعاونا على الشغل.

العمة : نعم من جهة أننا سيدات البيت الحق مع مرثا. فلو كان الزائرون آخرين عليها أن تعتب، أما في زيارة الرب فلا.

منى : لماذا لا؟

العمة : لأن هذه الزيارة ليست عادية.

منى : ولكن هو أيضاً، كان جائعاً وفي حاجة إلى غذاء.

العمة : أكيد، ولكن كان الرب بالذات. ومرثا أرادت أن تقدم له أحسن شيء في البيت، أما مريم فشعرت أن لا شيء عندها يصلح لأن تقدمه له، بل بالعكس كانت تحتاج إلى أن يقدم السيد لها ما هو أهم.

منى : ماذا تقولين؟

العمة : انظري مهما عملنا من أجل إرضاء اللّه، لا يكفي لأننا كلنا خطاة وليس منا من يعمل عملاً صالحاً كاملاً. ومهما تعبنا لا نرضي اللّه.

منى : هذا الفكر مخيف. ماذا نعمل إذاً؟

العمة : اللّه رحمنا وأرسل لنا ابنه. ويقول للبشر «هٰذَا هُوَ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبُ. لَهُ ٱسْمَعُوا» (مرقس 9: 7).

منى : وماذا نسمع له؟

العمة : نسمع ما يقوله لنا في إنجيل يوحنا 14: 6 «أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ٱلآبِ إِلاَّ بِي». وهذا يعني أن اللّه أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي ينال كل مؤمن به رضى اللّه.

5 - عملي كسيدة البيت وأم غير مُقدَّر

منى : أنا متعبة اليوم، كل يوم نفس الشغل: تحضير الطعام، غسل الأقمطة والتنظيف والجلي. وإن أنهيت هذه الدورة أعود مجدداً إليها، ولا أحد يقدِّر تعبي ويهتم له.

العمة : لا يمكنك عمل أي شيء حتى ولو مرضت.

منى : هذا شيء لا يُطاق، فالأولاد يصرخون ويتجولون وثيابهم غير نظيفة، والبيت مهمَل، وزوجي لا يحصل طعامه في وقته، وأم زوجي كبيرة السن ولا تقدر أن تساعدني كثيراً.

العمة : هل رأيت أهمية عملك ومقداره في البيت؟ فلا بد أنه يستحق التقدير، لأن في اللحظة التي لا تستطيعين فيها ممارسة واجباتك تتوقف حياة بيتك العائلية.

منى : نعم هكذا الحال. ولكن إن تابعت أعمال اليوم لا أحد يذكرها، أما أعمال زوجي الكل يتباحث بها ويقدرها.

العمة : فعلاً العمل الذي تمارسه سيدات البيت والأمهات يُعتبر طبيعياً، كأننا خُلقنا لهذا. لما خلق اللّه الإنسان كان رجلاً أولاً، ولكن لما رآه اللّه وحيداً قال «لَيْسَ جَيِّداً أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِيناً نَظِيرَهُ» (تكوين 2: 18) فخلقنا الرب لنساعد الرجل ونخفف عنه الأعباء والأعمال الضرورية للحياة اليومية، كتربية الأولاد والطبخ والغسيل وتنظيف البيت.

منى : ماذا تقولين: هل هذا ما يريده اللّه مني، ولذلك خلقني؟

العمة : تماماً هذه هي الحال، اللّه خلق المرأة لتعين رجلها.

منى : إن كانت الحال هكذا فلا ينفعني شيء حتى ولا الهرب.

العمة : لو تفكرين بالهرب فلا تساعدين حتى ولا نفسك، ولكن تذكري ما قلناه إن خدمتنا مهمة بمقدار أن العائلة لا تقدر أن تقوم بدونها وهنا تجدين المعنى الجديد لخدمتنا، إنها ليست تعباً وزعلاً، فقط بل مسؤولية شريفة.

منى : ألا تعتقدين أن هذه الكلمة هي أعظم قدراً من عملنا الذي يمكن أن تعمله كل خادمة أيضاً؟

العمة : ما تعمله الأم لا تقدر أي خادمة أن تعمله. مثلاً محبة الأم لا يمكن للخادمة أن تهبها للأولاد.

منى : طبعاً لا.

العمة : ومحبة الأم مهمة للطفل منذ البداية، لأنه بدونها لا ينمو ولا يتطور بالطريقة الصحيحة. الأم تستيقظ ليلاً على صراخ طفلها، بينما الخادمة لا تستيقظ لأن قلبها لا يسمع.

منى : طبعاً لا. قبل زواجي لم أكن أسمع صراخ الأطفال ليلاً. ولكن منذ رُزقت أطفالاً صرت أستيقظ سريعاً.

العمة : من هذا ترين أن لا أحد يقدر أن يقوم بتربية أولادك مثلك. ولا أحد يحب أولادك كما تحبينهم.

منى : صحيح لا شك في هذا.

العمة : وترين من هذا أنه لما خلق اللّه المرأة معينة للرجل، وضع في قلبها عاطفة الأمومة القادرة أن تقوم بمسؤولية عظمى. أي بتربية الأولاد، أو بالأحرى الجيل الجديد.

منى : الآن فهمت هذا جيداً. لم أفكر من قبل أنني شريكة في المسؤولية عن أجيال تأتي.

العمة : هل لاحظت إذاً أن تربية الأولاد ليست واجباً بسيطاً بل مهماً مبدئياً؟ طبعاً يتعلق به تعب وأعمال غير مُقدَّرة، ولكن لا تنسي المسؤولية الغير مدركة التي على عاتقك.

منى : الآن يظهر عملي مختلفاً، تربية الأطفال خدمة عظيمة، ولكن كل الأشغال الأخرى تعب وزعل.

العمة : أتعنين الطبخ والجلي والغسيل والتنظيف؟ ألا تعلمين أنك تشتركين بهذه الأشغال في تدبير مال زوجك؟

منى : كيف؟

العمة : بين يديك مال زوجك، البيت بمفروشاته، والثياب وغيرها مسلَّمة إليك، والمواد الغذائية لتحضري طعام أسرتك.

منى : لكن هذه الأغراض لا دخل لها بأموال زوجي.

العمة : ولكن إن لم تهتمي لها تتهلهل بسرعة. وإن لم تشتر المواد الغذائية بانتباه وحكمة تفسد فترمينها. وعلى زوجك أن يدفع الثمن.

منى : وهل تقع مسؤولية هذه الأمور عليَّ؟

العمة : الآن تعترفين بنفسك أن خدمتك مهمة وبين يديك نظافة البيت لدوام صحة العائلة.

منى : هل تفكرين أن نظافة البيت والغسيل يتعلق بالصحة كثيراً؟

العمة : إن اهتممنا بتنظيف بيتنا من الغبار والوسخ، وغسلنا الغسيل باستمرار وغليناه، واعتنينا بالاستحمام، ننزع الأرض التي ينمو عليها الميكروب منه.

منى : هل تنظيف البيت يبني صحة عائلتي؟

العمة : طبعاً نعم.

منى : مسؤوليتنا كبيرة وعملنا نحن النساء ليس قسماً هاماً لحفظ العائلة فقط بل خدمة لكل الشعب والمجتمع البشري.

العمة : ألا تعلمين أنه لا شعب يدوم بلا عمل النساء؟ ما نفع الرجال الذين يملكون تخطيطات عظيمة ولا يوجد أحد يهتم بهم من جهة الأكل والنظافة؟

منى : الآن تبلور معنى عملي حتى الآن كنت أفكر أن كل ما أعمله يكون تافهاً، كل يوم نفس التعب.

العمة : كل شيء له أهميته في هذه الدنيا. لأن العمل ضروري حتى عمل الزبال، إن لم يأت نلاحظ سريعاً أهميته.

منى : اختبرنا ذلك خلال الإضراب إذ انتشرت الروائح الكريهة.

العمة : فليس حق لأحد أن يعتبر من يقوم بعمل بسيط دنساً أو تافهاً. أمام اللّه كلنا سواء وهو يضعنا في المكان الملائم. المهم فقط أن أمارس عملي في محلي بأمانة.

منى : هل تظنين أن اللّه لا يهتم بنوعية العمل بل بكيفية إتمامه؟

العمة : هذا صواب، ونقرأ في الإنجيل أن صاحب البيت سافر وأعطى لعبيده واجبات مختلفة لإتمامها. وعند رجوعه نسمع كيف مدح الرب عبيده الذين قاموا بواجبهم بأمانة. وقال لواحد «نِعِمَّا أَيُّهَا ٱلْعَبْدُ ٱلصَّالِحُ وَٱلأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي ٱلْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى ٱلْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» (متى 25: 21).

منى : إن نظرنا إلى عملنا من جهة الرب يختلف معناه.

العمة : وخير لك أن تتذكري أن كلاً يتعب بعمله مهما عمل، ونحن كسيدات بيوت وأمهات نريد أن نتمم واجباتنا في المكان الذي عيننا اللّه لأجله، لكي نقوم أمام ربنا في الآخرة ويجدنا أمينات.

6 - مساواة المرأة بالرجل أمام اللّه

منى : ليتني كنت رجلاً ولي حرية أكثر فأقدر أن أذهب حيثما أشاء وأعمل ما أريد، ولا أحد يقدر أن يقول لي شيئاً.

العمة : لست المرأة الأولى التي تفكر هكذا، فكثيرات تمنَّين ذلك.

منى : صحيح، لما وُلدنا استاء الناس، وقالوا حرام لأنها وُلدت بنتاً وليس صبياً. ليتنا لم نولد!

العمة : تصوَّري الدنيا بدون بنات وسيدات.

منى : نعم هذا صعب للرجال، فعليهم أن يطبخوا ويغسلوا وينظفوا.

العمة : ليس هذا فقط، بل سريعاً ما ينتهي وجود البشر على الكرة الأرضية، لأن المرأة هي أم الرجل. فلو لم توجد المرأة لما وُجد الرجال.

منى : معك حق. بدون المرأة ينتهي كل البشر. فمن الضروري وجودنا نحن النساء.

العمة : بدوننا لا يقدر البشر على الاستمرار. والعكس صحيح أيضاً لو وجد النساء فقط لما استمر الإنسان، ولا قدرنا أن نأتي بأطفال.

منى : فالمرأة والرجل يكملان بعضهما.

العمة : هنا نرى قصد اللّه كما نقرأ في سفر التكوين (1: 27) «فَخَلَقَ ٱللّٰهُ ٱلإِنْسَانَ... ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ». هذه إرادة اللّه الأصلية التي عبر عنها المسيح قائلاً في إنجيل متى 19: 4 «ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَراً وَأُنْثَى» .

منى : من هذا يظهر أن اللّه يريد كيان المرأة.

العمة : نعم وإن عارضنا هذا المبدأ نعارض اللّه نفسه.

منى : ولكن حياة الرجل، أسهل وأجمل في هذه الدنيا. وكيان المرأة أصعب وأظلم.

العمة : هل تقولين هذا لأن الرجل يملك حرية أكثر؟ فعليه أيضاً صعوبات ومسؤولية. لا تقدرين أن تلبسي أنت وأولادك لولا أنه يتعب ويحضر المال.

منى : حقاً!

العمة: ولأنه مسؤول عن العائلة لإلباسها وتغذيتها يترك البيت ويخرج للعمل، فحريته هي للخدمة وليست للراحة.

منى: نعم الحق معك، إن نظرنا للقضية من هذه الجهة.

العمة: عرفنا أن إرادة اللّه، هي سبب وجود النساء والرجال في هذا العالم، وأن الرجل لا يمكنه أن يكون بدون المرأة، والمرأة لا توجد إلا به. فلنسمع أيضاً ما يقوله الرب عن العلاقة بين الرجل والمرأة، وماذا يقول اللّه عن الرئاسة في العائلة نقرأ في رسالة أفسس 5: 22 و23 «أَيُّهَا ٱلنِّسَاءُ ٱخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ لأَنَّ ٱلرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ ٱلْمَرْأَةِ» .

منى: فالرب يعطي زوجي الحق ليأمرني وعليَّ أنا المرأة أن أطيعه.

العمة: كمبدأ نعم، ولكن في عائلة صالحة حيث يمجد الرجل والمرأة اللّه معاً لا يوجد أمر وطاعة، بل معاونة ولطف وصلاح ومحبة، وكل واحد يبحث مشكلته مع الآخر، والمرأة تعيش مع رجلها في احترام.

منى : صحيح في زواجي أيضاً أشعر بذلك. ورغم هذا أظل مربوطة في البيت، وكل الشغل والتربية علي. لا أتمنى إلا الاستقلال والحرية.

العمة : لكن مهما قلت فاللّه وضعنا في محلنا ما دمنا في هذه الدنيا. وأريد أن أشجعك لتوافقي على ما عيَّنك اللّه فيه. ألم يعلمنا الصلاة «لتكن مشيئتك». فهذه هي إرادة اللّه لنا النساء أن نربي الأولاد، ونطبخ للعائلة، ونغسل وننظف ونتعب.

منى : ربما لم أدرك هذا كله بعد، كإرادة اللّه. وأن فهمت أن إرادة اللّه وضعتني في مكاني، أتحمل نصيبي بسهولة أكثر.

العمة : الآن أدركت شيئاً مهماً، ولكن أريد أن أدلك على شيء أصلح في الكتاب المقدس، وأقرأ لك ما قال المسيح في إنجيل لوقا 20: 34-36 «أَبْنَاءُ هٰذَا ٱلدَّهْرِ يُزَوِّجُونَ وَيُزَوَّجُونَ، وَلٰكِنَّ ٱلَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلاً لِلْحُصُولِ عَلَى ذٰلِكَ ٱلدَّهْرِ وَٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ، إِذْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمُوتُوا أَيْضاً، لأَنَّهُمْ مِثْلُ ٱلْمَلاَئِكَةِ، وَهُمْ أَبْنَاءُ ٱللّٰهِ» .

منى : ألا يوجد في الحياة الأبدية رجال ونساء؟

العمة : سؤالك مهم لأننا نسمع من قول المسيح أننا سنشبه ملائكة اللّه. وهذا يشمل النساء والرجال.

منى : إذاً هذا يخصني أنا كامرأة أيضاً، فيعني أن لا فرق هناك في الحياة الأبدية بين الرجل والمرأة بنفس المستوى والحقوق. هذا عظيم رائع ومشوق.

العمة : نعم لنا بصيرة مجيدة إلى المستقبل. فلن يسألنا اللّه إن كنا رجالاً أو نساء، بل هل نستحق الآخِرة والقيامة من بين الأموات؟

منى : من يستحق السماء؟ كيف أعلم ذلك.

العمة : الكتاب المقدس يجيبنا عن كل سؤال بخصوص الحياة الأبدية، ويساعدنا لنستحقها، لأننا من تلقاء أنفسنا لسنا أهلاً لذلك، لأن ذنوبنا تمنعنا عن الحياة الأبدية.

منى : هل علينا أن نتجنب ذنوبنا لنستحق الفردوس؟

العمة : تماماً.

منى : ماذا أعمل لأتخلص من ذنوبي؟

العمة : يقول الكتاب المقدس في إشعياء 1: 18 «إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَٱلْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَٱلثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَٱلدُّودِيِّ تَصِيرُ كَٱلصُّوفِ». هذا هو وعد اللّه لكل الذين يشتاقون للخلاص من خطيتهم. ونقرأ إتمام هذا الوعد في يوحنا 1: 29 حيث يفسر لنا يوحنا المعمدان كيف خلصنا المسيح من خطايانا، قائلاً «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ». فحمل المسيح ذنوبي وذنوبك أيضاً.

منى : ماذا تقولين؟ أليس علي أن أعمل شيئاً لتطهيري؟

العمة : لا، إلا أن تؤمني. اعترفي أمام المسيح بذنوبك وآمني بأنه حررك منها. وحتى ولو لم تشعري بشيء من هذا التبرير تمسكي بإيمان بكلمته ووعده، لأنه يقول في إنجيل مرقس 2: 5 «مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ».

منى : هذا بسيط جداً، أنا أحصل بذلك على هدية عظيمة.

العمة : نعم هكذا الخلاص سهل، ننال الغفران كهبة، بدون أن نقدم شيئاً مقابله. وبزيادة على ذلك نحصل على الحياة الأبدية، لأن الغفران يؤهلنا لهذا.

منى : وتظنين أن اللّه يقول هذا للمرأة أيضاً؟ عظيم هذا، عنده أصبحتُ مساويةً للرجل.

العمة : نعم لك نفس الفرصة ككل رجل أن تصبحي مستحقة الحصول على العالم المقبل، وتقومي من بين الأموات، كما سمعنا قول المسيح.

منى : فليس من المهم إن كنت رجلاً أو امرأة؟

العمة : أبداً، بل المهم أني كإنسانة خاطئة أؤمن بابن اللّه الحي. وبإيماني به يغفر لي خطاياي. إن جعلتك مشيئة اللّه امرأة فتممي بأمانة واجباتك في المكان الذي أقامك اللّه فيه. فيتحدث الناس اليوم كثيراً عن حقوق السيدات، فامتيازنا الأكبر أن اللّه أعطانا الاهتمام والعناية بأزواجنا وأولادنا. فنريد أن نخدم بكل قوتنا لأنهم يحتاجون إلينا. لكن فوق ذلك لنا رجاء عظيم للحياة الأبدية في المسيح. فالسؤال ليس إن كنا رجالاً أم نساءً، بل إن آمنا بالمسيح ابن اللّه الحي.

7 - المرأة والموضة

منى : كنت البارحة عند الخياطة وأعطيتها قماشاً لتخيط لي فستاناً جديداً، وشاهدت جورنال الموديلات الحديثة.

العمة : أرجو أن يكون جميلاً.

منى : إنها ماهرة جداً. كنت في السابق أخيط كل شيء بنفسي، لكن الآن لي ثلاثة أولاد، فلا وقت عندي، ومن الضروري ارتداء ثياب جميلة.

العمة : طبعاً.

منى : ومن الضروري أن نتماشى والموضة.

العمة : هكذا كل الناس، مع أن الموضة هي تجارة فقط.

منى : كيف ذلك؟

العمة : مصممو الأزياء في كل خريف وربيع، يعرضون موديلات جديدة لكل العالم، فتركض السيدات ويشترين الجديد، ولا يهتممن إن كان نافعاً وجميلاً، وبهذا يربح التجار.

منى : لكن لا أقدر الآن أن ألبس فستان السنة الماضية، لأن الموضة تغيَّرت والجميع يضحكون عليَّ.

العمة : معك حق، لكن من الضروري أن تختاري من الموضة ما يطابق هيئتك، وطول الفستان مثلاً يتوقف على شكل الجسد. إن كانت الساقان غير جميلتين بل ضخمتان فلا ألبس قصيراً.

منى : معك حق فالفستان القصير قبيح للسيدات الضخمات.

العمة : إن كانت المرأة مرتبة في نفسيتها، فيكون المظهر الخارجي مرتباً أيضاً.

منى : لم أعلم هذا.

العمة : إن كان إنسان لا سلام له في القلب، ولا أحد يُقدِّره يجرّب أن يلفت أنظار الآخرين بملابس مثيرة.

منى : إن لبست واحدة شيئاً مبتكراً، فالكل يلتفت إليها ويظهر أنها هي تحب ذلك.

العمة : يبدو من هذا أن الأهم هي الملابس النفسية لا الجسدية.

منى : كيف يمكن هذا؟

العمة : قال النبي إشعياء «كثوب عِدَّةٍ كل أعمال برنا» وهذا يعني أن ثوبنا الروحي اتسخ بخطايانا.

منى : كيف نقدر أن ننظف ملابسنا الداخلية الروحية؟ لا نقدر أن نخلعها أو نراها.

العمة : نعم لا نقدر أن نخلعها أو ننظفها، ولكن هذا يفعله اللّه وحده، لأننا أخطأنا كما قال الملك داوود في مزمور 51: 4 «إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ وَٱلشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ» .

منى : ماذا عليَّ أن أعمل ليطهر اللّه ثوبي الداخلي؟

العمة : قال البشير يوحنا في رسالته الأولى 1: 9 «إِنِ ٱعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا» .

منى : فعليَّ أن أعترف للّه بما عملت من إثم، وبعدها يطهرني؟

العمة : هذا هو الطريق الوحيد للحصول على ثوب داخلي طاهر. وبواسطة إشعياء يكلمنا الرب مرة أخرى قائلاً «إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيضّ كالثلج إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف».

منى : لقد وضع اللّه كل خطايانا على ابنه يسوع المسيح، الذي حمل القصاص عوضاً عنك وعني كما نقرأ من البشير يوحنا مرة أخرى 1: 29 «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ» .

منى : أتقصدين أنه إن أصبح ثوبي الداخلي نظيفاً لا أتبع الموضة؟

العمة : لا أظن ذلك. لكن يتغير مبدأ حياتي لأني أريد أرضاء اللّه أولاً والناس ثانياً. وسأهتم أيضاً بنظافة جسدي وملابسي لأنه ماذا ينفعني أجمل فستان إن كان ما تحته وسخاً.

منى : صحيح أعرف بعض الفتيات يلبسن على آخر موضة، لكن رغم هذا هن غير مرتبات.

العمة : ترين من هذا أن مظهرنا وتصرفاتنا تتعلق تماماً بحالة داخلنا. خصوصاً طهارة القلب تسبب طهارة حقيقية وسلوكاً مستقيماً في الحياة.

منى : أتظنين أن اللّه يهتم قبل الكل بطهارة داخلنا، وإن حصلنا عليها فهي تكمل نظافتنا الخارجية تلقائياً؟

العمة : نعم هكذا كتب الرسول بطرس لنساء الكنيسة (بطرس الأولى 3: 3 و4) «لاَ تَكُنْ زِينَتُكُنَّ ٱلزِّينَةَ ٱلْخَارِجِيَّةَ مِنْ ضَفْرِ ٱلشَّعْرِ وَٱلتَّحَلِّي بِٱلذَّهَبِ وَلِبْسِ ٱلثِّيَابِ، بَلْ إِنْسَانَ ٱلْقَلْبِ ٱلْخَفِيَّ فِي ٱلْعَدِيمَةِ ٱلْفَسَادِ، زِينَةَ ٱلرُّوحِ ٱلْوَدِيعِ ٱلْهَادِئِ، ٱلَّذِي هُوَ قُدَّامَ ٱللّٰهِ كَثِيرُ ٱلثَّمَنِ» .

منى : فعلى المرأة إذاً ألا تتزين ولا تلبس لبساً جميلاً؟

العمة : لا ليس هذا هو المعنى، بل الأول للأول والثاني للثاني. أمام اللّه طهارة الثوب الداخلي أهم وهو يستحق الاهتمام الأكبر، والملابس الخارجية الدرجة الثانية. فليست زينتنا الظاهرة أهم شيء في حياتنا.

منى : أعرف نساء لا يعرفن التكلم إلا عن الموضة والملابس والزينة.

العمة : كله زائل.

منى : نعم ولكني متيقنة أنني أعيش لوقت قصير، لذلك أريد أن أربحه فأتزين.

العمة : طبعاً ضروري للمرأة أن تلبس جيداً. وإن كانت مرتبة وجميلة تكون سبب الفرح لمجتمعها. ولكن إن أصبحت ملابسها وزينتها كل شيء في حياتها، تأخذ هذه الأشياء محل اللّه في حياتها، فتصبح الموضة إله المرأة الحديثة.

منى : لكن زوجي يُسر بثيابي الجميلة وأناقتي.

العمة : حقاً وإن زينة المرأة تسر زوجها.

منى : الحق معك إذاً.

العمة : ولا تنسي أن على كل امرأة أن تسر اللّه بحياتها الروحية كما تسر زوجها في دنياها.

منى : هذا صعب يا عزيزتي. أنت قلت من نفسك إن اللّه وحده قادر أن يطهر ثوبي الداخلي من تلوث خطاياي.

العمة : أنت تفهمين شيئاً هاماً إن قلت أنك لا تقدرين أن تطهري نفسك بنفسك لأن زينة الإنسان الداخلية هو من اللّه كما قال زكريا 3: 4 «ٱنْزِعُوا عَنْهُ ٱلثِّيَابَ ٱلْقَذِرَةَ». وَقَالَ لَهُ: «ٱنْظُرْ. قَدْ أَذْهَبْتُ عَنْكَ إِثْمَكَ، وَأُلْبِسُكَ ثِيَاباً مُزَخْرَفَةً» .

منى : أليس عليَّ أن أشترك في تطهير نفسي؟

العمة : طبعاً عليك أن تفتحي قلبك للّه.

منى : كيف أعمل هذا؟

العمة : حين تستمعين لكلمته، وتطلبين منه أن يغفر لك خطاياك.

منى : أيعني هذا أن عليَّ أن أقرأ الكتاب المقدس؟

العمة : نعم، لأن اللّه يكلم كل إنسان بواسطته. وقبل أن تبتدئي بالقراءة اطلبي منه أن يفتح لك فهمك لكلمته.

منى : وإن طلبت منه الغفران لخطاياي، أتفكرين أنه يغفرها؟

العمة : أؤكد لك مرة أخرى أنه «إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل، يغفر خطايانا ويطهرنا من كل إثم». آمني بهذه الكلمة وإن لم تشعري شيئاً، لأن اللّه يعمل ما يقول. هذا ما أشهده لك.

منى : أتفكرين أنه يلبسني بعدئذ ملابس داخلية مزخرفة؟

العمة : أكيد ونفسك سترتل ما كتب إشعياء في 61: 10 «فَرَحاً أَفْرَحُ بِٱلرَّبِّ. تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلَهِي، لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ ٱلْخَلاَصِ. كَسَانِي رِدَاءَ ٱلْبِرِّ... وَمِثْلَ عَرُوسٍ تَتَزَيَّنُ بِحُلِيِّهَا» .

8 - غذاء النفس والجسد

منى : ماذا أطبخ اليوم؟

العمة : نعم هكذا تحتار كثير من النساء لأن واجبنا هو تغذية عائلتنا، ونريد أن نطبخ شيئاً لذيذاً ومغذياً للجسد، وحسب حاجته. نحن مسؤولات عن التغذية الصحيحة لعائلاتنا.

منى : هل يحتاج الجسد إلى أشياء متنوعة من الغذاء؟

العمة : بالطبع.

منى : لم أهتم كثيراً بهذا من قبل، بل فكرت أن المهم هو إشباع العائلة.

العمة : كسيدة البيت عليك أن تعرفي بالضبط ما يحتاجه الجسد سواء للولد لنموه أو للبالغ لعمله.

منى : هل هناك فرق مبدئي في نوعية الغذاء؟

العمة : طبعاً عليك أن تبني جسد الولد، لأنه في طور النمو يصرف طاقة كبيرة في الحركة. أما البالغ فقد اكتمل نموه، ولا يحتاج إلى نفس المقدار والنوع.

منى : هذا مهم وأرغب سماع المزيد عنه.

العمة : نقسم الأغذية إلى أنواع، أولاً المواد البانية وهي البروتين. وجسم الإنسان يتألف من خلايا تموت وتتجدد باستمرار، ولذلك تحتاج للغذاء الذي يبنيها دائماً.

منى : أي أنواع من الأطعمة تحوي البروتين؟

العمة : قبل كل شيء اللبن الحليب وما يصنع منه كالجبنة.

منى : إذاً هذا هو السبب في شرب الأطفال اللبن الحليب؟

العمة : طبعاً. والبيض واللحم والسمك تحتوي على البروتينات أيضاً.

منى : ولكن هذا النوع من الأغذية يكلف كثيراً.

العمة : معك حق الغذاء الباني من أغلى الأغذية. ولكننا لا نحتاج إلى كمية كبيرة منه، فوجبة واحدة في اليوم من هذا الطعام كاللحم والسمك والبيض كافية، وللوجبات الأخرى تستطيعين تناول اللبن، الحليب، أو ما يُصنع منه.

منى : هل تعتقدين أنه كاف؟

العمة : كثيراً ما يعتقد الناس أن الأغلى والألذ هو الأحسن، ويأكلون منه بشراهة. ولكن كل شيء يؤكل بشراهة يضر، خصوصاً اللحم الذي يسبب الروماتيزم وأمراضاً أخرى.

منى : ما هي كمية اللحم التي يلزمنا تناولها يومياً؟

العمة : 100 غرام تكفي لكل شخص يومياً.

منى : وكيف الحال مع اللبن الحليب.

العمة : الأولاد، يمكنهم تناوله تقريباً بلا تحديد، دون ضرر كالطفل الذي يعيش عليه. إنما البالغون فيحتاجون فقط إلى نصف لتر في النهار.

منى : وماذا عن الخبز؟

العمة : هذا يتعلق بنوع آخر من الغذاء نسميه المحروقات، لأن على أجسادنا أن تحتفظ دائماً بمقدار 37 درجة من الحرارة. ويحرق الجسد قوة من الحرارة عند تحرّكنا وهذا ينقص كمية المحروقات المختزنة.

منى : ماذا تحوي المحروقات من أنواع غير الخبز؟

العمة : النشويات مثل الأرز، البرغل، البطاطا، المعكرونة، السكر، والدهنيات مثل الزيت والزبدة.

منى : كله رخيص ما عدا الزيت والزبدة.

العمة : نعم ولكن لا نحتاج إلى كثير من الدهنيات كما من المحروقات الأخرى المذكورة التي هي كاربوهيدرايت.

منى : هل نقدر أن نأكل كما نريد من هذه الكربوهيدرايت أي من الخبز والرز والسكر؟

العمة : الأحداث والأولاد الذين يتحركون يحتاجون إلى كثير من هذا النوع. أما الكبار حتى لو تعبوا في أعمالهم فعليهم أن يقللوا من هذا الطعام لأنه يُسمّن، وخصوصاً كثرته تسبب مرض السكري.

منى : وما رأيك بالخضار والفاكهة؟

العمة : هذا أهم شيء في غذائنا ونسميها بالمواد الحامية والحافظة. لأنها تتضمن الفيتامين والمواد المساعدة للجسم، لتنقية وامتصاص المواد الغذائية الأخرى من الطعام.

منى : فهمت الآن، يجب أن يحوي طعامنا في كل وجبة هذه العناصر الثلاث، البروتين والكربوهيدرايت والفيتامينات.

العمة : نعم هذا أفضل شيء لجسمنا، فإن أمكن نعطيه ما يحتاج.

منى : الآن أصبحت مهمة الطبخ أسهل علي، فكل مرة أختار نوعاً من الأنواع الثلاثة.

العمة : هكذا أنا أفعل، وهذا يساعدني. فأعجب كل مرة كيف اللّه ينشئ الطعام الصحيح لأجسادنا.

منى : معك حق علينا أن نشكر اللّه أكثر لعطاياه.

العمة : ولكن اللّه لا يعطينا الغذاء لجسدنا فقط، بل لنفوسنا أيضاً. فيغذينا جسداً وروحاً.

منى : كيف يتم هذا؟

العمة : نقرأ في إنجيل متى (4: 4) «لَيْسَ بِٱلْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا ٱلإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ ٱللّٰهِ» .

منى : هل تقصدين بهذا أن ليس الجسد وحده يحتاج إلى غذاء، بل النفس أيضاً.

العمة : نعم هو ذاك اللّه أعطانا كلمته لندرك إرادته، وهذه الكلمة هي الغذاء اليومي إن أصغيت إليها، لئلا أنسى ماذا يريد مني، لأن الرب يعرف ما تحتاجه نفسي.

منى : هل علينا أن نقرأ يومياً؟

العمة : نعم بكل تأكيد.

منى : ولكن لا وقت عندي لهذا.

العمة : محزن أن عند الناس وقتاً لكل شيء، للثياب والأكل والشرب. ولكن نفوسهم الجائعة تموت، لأنه ليس لديهم وقت لتغذيتها.

منى : ولكن إن أصغيت للراديو، أو نظرت إلى التلفزيون، تنتعش نفسي أيضاً.

العمة : معك حق، لكننا غالباً ما نسمع أشياء لا تغذي نفوسنا بحكمة بل تسممها. أنت مثلاً لا تعطين لأولادك شيئاً يضرهم.

منى : طبعاً لا أفعل هذا.

العمة : لكن الإنسان، يقدم لإنسانه الباطني كل المضرات بلا تنقية، ونتيجة ذلك تضعف نفسه وتموت، لأنها لا تنال الطعام الصحيح.

منى : هل تفكرين أن الكتاب المقدس هو الطعام النافع للنفس؟

العمة : طبعاً لأنه يقول لك ما هو صالح وما هو شرير ويشرح لك الطريق للحياة أو الموت، ونجد هناك الغذاء الذي يقوينا روحياً، وحل مشاكلنا وتعزية في أحزاننا وعوناً في ضيقاتنا. فكلمة اللّه ترشدك إلى الطريق المؤدي للأبد. وإن أصغيت له وعملت قوله، ينال إنسانك الداخل الطعام الذي يديمه إلى الحياة الأبدية، كما قال النبي إرميا «وجدت كلامك فأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي».

9 - ميزانية البيت

منى : ماذا تعملين يا عمتي ليبقى لديك بعض النقود إلى آخر الشهر؟

العمة : ماذا؟ ألا تكفيك نقودك إلى آخر الشهر؟

منى : قال زوجي إن علينا أن نقتصد قليلاً بالمصروف ونفكر بشراء الضروري فقط لأنه في آخر أسبوع من كل شهر عادة لا يبقى لدينا نقود.

العمة : الحق معه. نحن النساء علينا مسؤولية كبيرة، لأن تدبير البيت يؤثر في ميزانية الزوج.

منى : لم أفكر أن المسؤولية عليَّ أولاً، لأن زوجي يسألني كل ليلة ما نريد أن يحضره غداً، وأقول له ما ينقص البيت، فيصرف هو المال لا أنا.

العمة : طبعاً هو يصرف المال. ولكن ما يشتريه هو تدبرينه أنت.

منى : هل تعتقدين أنه عليَّ ألا أبذر في الحاجيات؟

العمة : نعم. على سيدة البيت أن تفكر بالمهم وغير المهم.

منى : الأهم هو الكل.

العمة : طبعاً ولكن في شراء الغذاء علينا أن نفكر أيضاً بما هو أهم من غيره.

منى : كيف أستطيع التمييز؟

العمة : ربما تذكرين أن الغذاء أنواع بروتين وكربوهيدرات وفيتامينات. فالبروتين تحصلين عليه بواسطة الخبز والبرغل والأرز والمعكرونة والسكر وأيضاً الفواكه والخضر والزيت وهذه هي المحروقات التي تدفئ الجسد.

منى : أتظنين أن نوع الطعام أهم من طعمه؟

العمة : ليبقى الجسد صحيحاً، عليك أن تأكلي كل يوم من الأنواع الثلاثة، وأنا أعمل جدولاً لكل أسبوع وشهر لأستطيع شراء أصناف من كل نوع.

منى : هذا عظيم!

العمة : وقبل كل شيء انتبهي، ليكون اللبن الحليب ومنتجاته كافياً للعائلة كل الشهر. فضروري حفظ مبلغ من المال للبن الحليب ثم للبيض واللحم والسمك، وبعدئذ الكربوهيدرات والفواكه. ولأنه أصبح لي خبرة الآن، فأعرف مقدار الخبز والأرز والسكر الذي نحتاجه، وقبل الكل أهتم بالخضر والفواكه كثيراً لأننا نأكل كل يوم منها، ونشتري الزيت مرة في السنة. إنما نحفظ ميزانية شهرية لذلك.

منى : أتحسبين تكاليف الغذاء قبل شرائه؟

العمة : نعم يا عزيزتي. ونحتاج إلى أشهر لنعرف بالتمام كمية الطعام، التي تحتاجها العائلة وتلاحظين مع الوقت كم تكاليف كل نوع من الأغذية. وتحفظين الأسعار غيباً، وتعرفين أي محل يبيع أرخص من الآخر.

منى : من هذا يظهر أنك تشترين بعد تفكير.

العمة : إن لم أفعل هذا لا يكفيني المدخول ولا ليوم، فالتخطيط أساس اقتصاد البيت.

منى : وهل تعملين نفس الشيء مع بقية الأشياء التي تشترينها؟

العمة : بعد الغذاء تأتي مواد التنظيف والغسيل والملابس وإيجار البيت والمدارس، وأخيراً يلزم إدخار مبلغ للضيقات.

منى : هل تقصدين أوقات المرض؟

العمة : نعم الطبيب والأدوية الغالية. ومرات تحتاجين لتقديم هدية لعائلة أو في عرس أو للكنيسة.

منى : أريد تجربة ذلك. لأن من الضروري أن نستطيع العيش إلى آخر الشهر، فيعذبني ضميري إن جاء آخر الشهر وليس معي نقود، فأضطر أن أستدين.

العمة : الاقتصاد يحتاج إلى صبر. وأخيراً ترين من تنظيم الميزانية أن المال يكفي لآخر يوم في الشهر.

منى : هذا ما أتمناه من كل قلبي.

العمة : أنت مسؤولة تجاه اللّه عن المال الموضوع بين يديك.

منى : هل تعتقدين أن اللّه يهتم كيف نصرف أموالنا؟

العمة : بلا شك، لأن الرب يمدح الوكيل الأمين والحكيم (لوقا 12: 42). كل ما لنا هو من اللّه حتى المال الذي نستلمه لنغذّي عائلتنا ونُلبسها.

منى : هذا يعني أن المال لا يخصنا أخيراً.

العمة : كل شيء للّه ونحن وكلاء.

منى : إن كنت مسؤولة بهذا المقدار، لا أقدر أن أصرف المال بلا تفكير.

العمة : فهمتِ جيداً، واللّه أعطاك أشياء غير المال أيضاً لتدبيرها.

منى : مثلاً؟

العمة : أجسادنا وصحتنا وحياتنا هبة للرب.

منى : وإن مرضت هل أنا مسؤولة؟

العمة : تأتي أمراض لا نقدر أن نحصيها. ولكن مبدئياً نقدر أن نضع حياتنا وأجسادنا لخدمة اللّه أو لخدمة إبليس لا غير.

منى : يوجد أناس كثيرون لا يهتمون باللّه، رغم أنهم مستقيمون أيضاً لا أظن أنهم عبيد الشيطان.

العمة : ليس المهم ما نفكر نحن به بل ما اللّه يفكره بالإنسان. هكذا قال المسيح (متى 6: 24) «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ ٱلْوَاحِدَ وَيُحِبَّ ٱلآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ ٱلْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ ٱلآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا ٱللّٰهَ وَٱلْمَالَ» وهذا يعني أن قلبي إن لم يكن خاصة اللّه أولاً يصبح لإبليس.

منى : ويمكن أن يكون هذا دون أن نشعر به.

العمة : للأسف كثيرون يتبعون الشيطان ولا يعرفون ذلك. أما اللّه الذي أعطاهم الحياة فيطلب منهم أخيراً الحساب على كل ما استودعهم إياه.

منى : في هذه الحالة أرى ضرورة أن تتغير أشياء كثيرة في حياتي. كثيراً ما أقول أو أعمل شيئاً ثم أندم عليه.

العمة : والمسيح يقول أيضاً في إنجيل متى 12: 36 «وَلٰكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا ٱلنَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَاباً يَوْمَ ٱلدِّينِ». إنك بكلامك تتبررين وبكلامك تُدانين.

منى : فنحتاج كلنا إلى غفران كثير لأننا نتكلم كلمات باطلة بغزارة ونفعلها.

العمة : نعم، ولكن اللّه يقدم لنا غفراناً كثيراً وكفارة لكل ذنوبنا في المسيح يسوع، وقد طهرنا من كل إثم بواسطته. ويهبنا قوة لنطيع مشيئته لكيلا نعمل أو نترك ما نريد نحن، بل نمارس ما يشاء اللّه حتى في تدبير بيوتنا.

10 - العناية بالطفل الرضيع

منى : يا عمتي العزيزة، هأنذا رزقت طفلاً صغيراً جميلاً، وأحببت أن أعرف منك الطريقة التي اتبعتها في تربية أولادك الرضع.

العمة : التربية تبدأ في الأسابيع الأولى لحياتهم يا عزيزتي.

منى : لكن في الأسابيع الأولى لا يفهم الطفل شيئاً، فكيف أربيه؟

العمة : لا يفهم كثيراً، ولكن يدرك بسرعة أنه إن صرخ تأتي إليه أمه وتعتني به.

منى : معك حق، يعرفون هذا مهما كانوا صغاراً.

العمة : تعتقد الأم أن صراخ الطفل يدل على أنه جائع فترضعه.

منى : نعم وبعدئذ يصمت.

العمة : ولكن لمدة قصيرة فقط، لأنه يدرك أنه إن صرخ يأتي من يحمله، وكثيراً ما لا يكون الجوع سبباً للصراخ، بل إرادة الجلوس على ذراع الأم.

منى : نعم هكذا هو. ولكن إن كان عندك عدة أولاد فلا وقت لديك لهذا، لأن الشغل كثير.

العمة : لقد عوَّدتُ أولادي منذ البداية قدر ما يمكن على وقت معين للرضاعة، وذلك كل ثلاث أو أربع ساعات.

منى : لكن إن نام الطفل، فلا أقدر أن أوقظه من النوم.

العمة : لقد اختبرت أنهم بعد أسابيع يتعوَّدون على هذا، ويَصْحون في الوقت المحدد.

منى : أتظنين أن الولد يعتاد على ما نعوِّده عليه؟

العمة : تماماً، وهذا يكون نافعاً للأم، إذ تستطيع أن تقوم بأعمال البيت في وقت نومهم دون إزعاج.

منى : هل كان أطفالك ينامون بين فترات الرضاعة؟

العمة : طبعاً ليس دائماً، ولكن في أيام الحر يعطشون كثيراً ولذا يصرخون فأعطيهم كمية قليلة من الماء المغلي الفاتر، مع قليل من السكر فيرتووا، ولو أعطيتهم حليباً بدل ذلك بغير ميعاده فلا يجدون فيه ميعاد رضاعتهم.

منى : أيمكن إعطاء الأطفال الرضع الماء؟

العمة : إن كان مغلياً نعم، لأن الغليان يقتل الجراثيم، إن الماء الغير مغلي فيه جراثيم متعددة لا يقدر الجسد الصغير أن يقاومها، والماء يجب أن يكون فاتراً مثل حليب الأم لا بارداً، لأن معدة الطفل الصغير لا تتحمله. وقليل من السكر ضروري، لأنهم يحبون السوائل الحلوة.

منى : هل تعتقدين إن غلي الغسيل ضروري للطفل؟

العمة : لا بد من ذلك لأن غلي الغسيل، يقتل الجراثيم التي تعشش فيه.

منى : لكن الكبار يلبسون أكثر ثيابهم بدون غلي.

العمة : نعم لأن جسدنا بالغ وقد كوَّن مع الوقت قوة دفاعية كافية. لكن جسد الصغير المولود حديثاً لم يتكوَّن هذا فيه بعد. وهو يأخذ مواده الدفاعية يومياً من الرضاعة. وهذا يحتاج إلى وقت طويل، ليستقل في معاركة الأمراض.

منى : وهل يلزمني أن أستعمل الماء المغلي للحمام أيضاً؟

العمة : ليس ضرورياً، لأن الصابون ينظف الجلد.

منى : هل ضروري أن نحمم الطفل كله يومياً أو هل يكفي تنظيفه جزئياً؟

العمة : إن كان الطفل في صحة جيدة، فمن الضروري تحميمه يومياً، لأننا لا ننظفه فقط بل نساعد الدورة الدموية، لأن الطفل الصغير غير قادر على الحركة الدائمة، فهو يلازم فراشه طول النهار والليل. والصراخ يساعد دورة الدم، فدعيه يصرخ فالصراخ مفيد له.

منى : إذن الحمام والصراخ يساعدان في تحرك الجسد وجريان الدم.

العمة : يمكننا قول ذلك. طبعاً يجب تمييز صراخ الألم، الأم تشعر سريعاً بحالة الطفل.

منى : غريب أننا نعرف من بعيد حالة أطفالنا، وإن كانوا على غير ما يرام.

العمة : الله أعطى الأم حاسة خصوصية لتعرف حاجة الطفل. وقال الرب في إشعياء (49: 15) «هَلْ تَنْسَى ٱلْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ٱبْنَ بَطْنِهَا» ؟

منى : لا أقدر على نسيان طفلي، ولو كنت تعبانة، فأنا أعتني به، لأنه بدوني فاقد المعونة.

العمة : وكما نشعر نحن بأولادنا، هكذا يشعر اللّه بنا. لأن في نفس آية إشعياء يكمل الرب كلامه قائلاً «حتى هؤلاء ينسين، وأنا لا أنساك».

منى : هل هذا يعني أن اللّه لا ينساني إلى الأبد؟

العمة : فهمتِ كلمة ربك تماماً.

منى : وكيف أعرف صحة ذلك، إذ كثيراً ما أشعر أنه لا يهتم بي بتاتاً؟

العمة : وإن كان شعورك أنه لا يهتم بك، فلأننا لا نهتم نحن به. إن لم يصرخ ولدك فلا تردّين عليه ولا تقربين منه ولكن رغم هذا تفتكرين فيه وتقتربين منه، لتريه دون أن يشعر بقربك. وهذا ما يعمله اللّه بك.

منى : أتظنين أن عليَّ أن أدعوه ليجاوبني؟

العمة : هكذا قال الرب بواسطة النبي في المزمور (50: 15) «ٱدْعُنِي فِي يَوْمِ ٱلضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي». وفي المزمور (4: 3) «ٱلرَّبُّ يَسْمَعُ عِنْدَ مَا أَدْعُوهُ» .

منى : إن تصورت أن شعور اللّه نحوي بهذا المقدار كما أنا لأولادي، أفهم أنه يعمل كل شيء ضروري لأجلي.

العمة : تقدرين أن تثقي به ثقة كاملة، وهو يحبك أكثر مما تعلمين. وقبل ولادتك، تمم عمل خلاصه لأجلك ونقرأ في إنجيل يوحنا (3: 16) «هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ» .

منى : إذاً هو يحبني أيضاً، لأنني أنا من العالم الذي يحبه؟

العمة : بلا شك يا بنيتي. كل واحد منا محبوب من اللّه، لأن المسيح فتح لنا طريقاً إلى بيت أبيه لما قال في نفس الإنجيل (14: 6) «أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ٱلآبِ إِلَّا بِي» .

11 - تربية الأولاد

منى : في هذه الأيام أجد صعوبة مع ابني الكبير نبيل.

العمة : كم عمره الآن؟

منى : ثلاث سنوات ونصف، فأنا إن قلت له أي شيء فهو لا يسمع ولا يطيع.

العمة : نعم هو الآن في عمر الاكتشاف، حيث يشعر بوجود إرادته. ويجرب أن ينفذها ضد إرادتك.

منى : تماماً هكذا يظهر.

العمة : هذه المرحلة يمر بها كل ولد، ولكن بعضهم باكراً وبعضهم متأخراً.

منى : نمو الإرادة ضروري للولد، ليتمكن من القيام بواجباته عندما يكبر، فمن الأفضل أن تتدرب إرادته منذ الصغر.

العمة : معك حق، لأن الرجل الذي لا يملك إرادة لا يهتم به أحد. ولكن علينا أن ننتبه حين نربي الأولاد، حتى لا تتحول إرادتهم إلى دكتاتورية، تُخضِعنا لما يشاءون.

منى : إذاً علينا أن نُخضِع إرادة الولد.

العمة : لا، أنا لا أقصد ذلك، بل من الضروري أن نرشده إلى طرق سليمة لتكوين الإرادة.

منى : لكن ماذا أعمل؟ فإن داعبت أخاه الصغير، أراه يلقي إحدى اللعب عليه، فهو يفعل ذلك عدة مرات، ولم تنفع معه أية نصيحة أو عقاب أو ضرب.

العمة : عليك أن تعرفي منه السبب الذي يدفعه للقيام بمثل هذا العمل، فلعله غيور ويرى أنك تعطين أخاه الصغير وقتاً واعتناء أكثر منه.

منى : هذا معقول.

العمة : فإذا كلمت أخاه مرة أخرى فدعيه يجلس بجانبك ويحادثك ويحادثه، أخبريه مثلاً أن الطفل لا يزال صغيراً وغير قادر أن يأكل من تلقاء نفسه، وأنه كان من قبل مثله صغيراً وأنك كنت تكلمينه مثله. وأنه ضروري أن يكبر الصغير بسرعة ليلعبا سوياً. ولهذا السبب يلزم مراعاته وإرضاؤه.

منى : هذا يرشدني إلى الطريقة الصحيحة، وسأجربها، لأنه حقاً لم يكن عندي وقت لنبيل. وفكرت أنه كبر، ولم يعد بحاجة لي.

العمة : المهم أن الولد لا يشعر بإهمال أمه له فيحتاج إلى اعتناء وتربية كما يحتاج النبات للمطر والشمس لنموه.

منى : ما رأيك هل الأفضل أن نعاقب الولد أبداً، أو لا بأس بضربه؟

العمة : بعض المرات يكون العقاب ضرورياً لئلا يقع الولد في الخطأ مرة أخرى، وأوضحي له أن العقاب يكون نتيجة عدم الطاعة.

منى : ولكن بعض المرات يكرر ابني نفس الخطأ الذي ضربته من أجله سابقاً.

العمة : ربما لم تفهميه أول مرة بوضوح لماذا تضربينه.

منى : ولكنني ضربته بشدة.

العمة : الضرب ليس أفضل طريق، كنت أنبه أولادي إن أخطأوا لأول مرة وأخبرهم أن في المرة الثانية إن أعادوا الخطأ نفسه سأعاقبهم، مثلاً أحدهم كان عمره سبع سنوات أخذ من محفظتي نقوداً ففهمته إن هذا عيب لأن المال يخص الوالدين، وهما يشتريان بها القوت والكسوة، فأدرك هذا عالماً منع السرقة. لكنه أعاد ذلك مرة أخرى، وهذه المرة كان قد صرف النقود، فقلت له إنني نبهته من قبل وإنني سأعاقبه. فأبقيته ذلك اليوم بلا عشاء قائلة له إنه قد صرف المال الذي يلزم مقابل عشائه، ففهم عندئذ تماماً ولم يعد لسرقة النقود مرة أخرى.

منى : هل علينا أن نمنع الضرب بتاتاً؟

العمة : لم أقل ذلك، إنه بعض المرات تساعد الضربة على اليد أو القفا أكثر من الكلمات. وخصوصاً إن أخطأ الولد خطأ معيناً وأعاده باستمرار. والأولاد يختلفون عن بعضهم تماماً. بعضهم يسمع الكلمة، والبعض الآخر لا يسمع، إلا إذا ألحقتُ الكلام بالضرب. ولكن إياك أن تضربي الولد على رأسه، أو بطنه، لأن ذلك خطراً.

منى : ولكن تثور أعصابي إذا كرر الولد نفس الخطأ مرة أخرى، فلا أعرف حينئذ أين أضرب.

العمة : هذا خطأ كبير أن تضربي وأنت بحالة الغضب، فتكونين بذلك قدوة سيئة له. ولكن إن أفهمتِهِ بهدوء وأعلمتِهِ سبب عقابه وضربته وأنت هادئة، عند ذاك تؤثرين عليه أكثر من ضربه وأنت في حالة الغضب.

منى : هذا معناه أنه علي أن أربي نفسي أولاً قبل تربية أولادي، لأنني أغضب بسرعة.

العمة : على كل إنسان أن يسلم نفسه لتربية اللّه. وكما نربي أولادنا ليصبحوا أناساً نافعين هكذا يربينا اللّه لنصبح نافعين.

منى : نقرأ في عبرانيين 12: 5-11: «يَا ٱبْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ ٱلرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. لأَنَّ ٱلَّذِي يُحِبُّهُ ٱلرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ٱبْنٍ يَقْبَلُهُ». إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ ٱلتَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ ٱللّٰهُ كَٱلْبَنِينَ. فَأَيُّ ٱبْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ وَلٰكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأْدِيبٍ، قَدْ صَارَ ٱلْجَمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ، فَأَنْتُمْ نُغُولٌ لاَ بَنُونَ. ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِٱلأَوْلَى جِدّاً لأَبِي ٱلأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟ لأَنَّ أُولٰئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّاماً قَلِيلَةً حَسَبَ ٱسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هٰذَا فَلأَجْلِ ٱلْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. وَلٰكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي ٱلْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيراً فَيُعْطِي ٱلَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ» .

منى : كيف تقولين إن اللّه أبونا وهو يؤدبنا؟

العمة : لما يرشدنا اللّه ويؤدبنا يبيّن لنا كأب. وإن آمنا أن المسيح مات لأجل ذنوبنا يتبنانا اللّه.

منى : هل تعتقدين أن اللّه يوقع كوارث ومصائب على أفراد وشعوب ليعلمهم الطاعة؟

العمة : طبعاً، نقرأ في 1 تيموثاوس 2: 4 : «اللّه... يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ ٱلنَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ ٱلْحَقِّ يُقْبِلُونَ» .

منى : ولكن بعض المرات، يسمح اللّه بضربة غير مفهومة لنا بتاتاً.

العمة : يا حبيبتي منى، فكري مرة أخرى بأولادك. إن كان ابنك نبيل وعمره ثلاث سنوات ونصف يرى سكيناً ويريد أخذها للمعانها في الشمس هل تسلمينها إليه؟

منى : أبداً.

العمة : ولكن لماذا لا وهو يريدها بشدة؟

منى : لأنها تؤذيه فهي حادة.

العمة : وإذا صرخ نبيل وطلبها ساعات، هل تعطينه إياها؟

منى : لا، لأنه لا يفهم ما يطلب، ولكنني أنا أعرف وأحفظه من خطرها.

العمة : أرأيتِ؟ هكذا يعاملنا اللّه نطلب منه غنى وقوة وصحة، ولكن هو يعلم ما ينفعنا، أشياء كثيرة تلمع في أعيننا هي ضارة لنا. فعلينا أن نخضع لإرادته وإرشاده لأنه وحده يعلم ما ينفعنا. حتى وإن بان لنا صعباً مستحيلاً، يقول لنا الرب في إرميا 29: 11 : «لأَنِّي عَرَفْتُ ٱلأَفْكَارَ ٱلَّتِي أَنَا مُفْتَكِرٌ بِهَا عَنْكُمْ يَقُولُ ٱلرَّبُّ، أَفْكَارَ سَلاَمٍ لاَ شَرٍّ، لأُعْطِيَكُمْ آخِرَةً وَرَجَاءً». هكذا ننال تعزية عميقة في كل مشاكل حياتنا.

12 - الصحة العامة

منى : في الأسبوع الماضي كان زوجي مريضاً بالكريب (أنفلونزا) وكذلك ابنتي الصغرى، والآن تحسنت حالتهما. لكن أريد أن أسألك، ماذا تعملين كسيدة البيت لمساندة صحة العائلة كيف نعتني بالصحة لنمنع المرض؟

العمة : الوصية الأولى للاعتناء بالصحة، هي النظافة وقبل كل شيء نظافة الجسد.

منى : نعم نحن نستحم كلنا أسبوعياً.

العمة : جيد ولكن الأفضل الاستحمام يومياً، إذا كان يوجد ماء كاف وخاصة في الصيف، حيث ترتفع الحرارة، فيحتاج الجلد إلى غسل، لأننا نعرق كثيراً.

منى : في بعض الأحيان عندما نكون في مكان مزدحم مثلاً حين نجلس في الأوتوبيس، نشم رائحة كريهة.

العمة : الأفضل أن نحمم جسدنا للنظافة. وبنفس الوقت يحتاج الجسد إلى الهواء ليشتد، وهذا ضروري خاصة أيام الشتاء. لأن من يستحم في الشتاء بماء فاتر أو مبرد يتكون في جسده قوة مناعة ضد الأمراض.

منى : هذا مهم جداً.

العمة : وهذا أبسط دواء، ولكن عادة الناس الإهمال، فلا يضحون بعشر دقائق لأجل صحتهم لأن الاستحمام والدلك والتنشيف، يحرك الدورة الدموية.

منى : نحن عادة لا نفكر بأهمية هذه الأعمال، بل نعتبر العمل الواجب أن نقوم به تعباً.

العمة : الحق معك، لكن بالواقع نقدر أن نساعد أنفسنا وصحة كل العائلة، إن عملنا هذه الأشياء بوعيٍ وبإرادة ومعرفة.

منى : هل تظنين أن علينا أن نبدل ثيابنا الداخلية يومياً؟

العمة : إذا أمكن هذا في الصيف يكون جيداً. ولكن إن كان عندك عائلة كبيرة لا تستطيعين ذلك، فأقترح عليك إبدال الملابس الداخلية بقدر الإمكان مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع.

منى : هذا أيضاً يزيد الشغل فلا أقدر أن أنهيه.

العمة : مع هذا الاعتناء بالجسد ونظافته علينا الاهتمام بنظافة المنزل أيضاً.

منى : أيجب ذلك يومياً؟

العمة : هذا ممكن إذا كان البيت صغيراً. ويكون ضرورياً عند ذلك لأن كل حياة العائلة تجري في هذه المساحة الضيقة. أما إذا كان المنزل كبيراً فلا يتسخ بسرعة، إنما الأفضل شطفه بالماء مرتين أسبوعياً وكنسه يومياً.

منى : لكن المطبخ يتسخ أكثر من الكل.

العمة : نعم ولهذا من الضروري تنظيفه يومياً بالماء. وضروري أيضاً فتح الشبابيك لدخول الهواء النقي. وبنفس الوقت يلزم اختراع وسيلة لمنع الذباب من الدخول خصوصاً إلى المطبخ حيث الطعام.

منى : هل يضر الذباب بالصحة لهذه الدرجة؟

العمة : نعم لأنه ينقل الميكروبات. فهو خطر إذ يطير من مكان لآخر. ولا تعرفين عدد الأمكنة الوسخة التي يحط فيها. الأفضل وضع شبكة نايلون على الشبابيك والأبواب، لمنع دخوله إلى المنزل.

منى : ألا تنفع أدوية الرش؟

العمة : لا بأس فهي تساعد مؤقتاً، لكنها لا تمنع دخول الذباب، وهذا الدواء سام يضر الإنسان، خاصة إن لحق بالطعام وأكل منه الأطفال، فهو يؤثر عليهم قبل الكبار.

منى : فالأفضل عدم استعماله إذاً.

العمة : استعمليه، لكن بدقة وانتباه، ونادراً.

منى : فالشبك يكون أفضل إذاً؟

العمة : نعم لأنه يحمينا أيضاً في الليل من البرغش والبعوض. وأهم شيء لحفظ الصحة هو كيفية تحضير الطعام.

منى : ماذا تقصدين بذلك؟

العمة : أي نعتني بأواني الطبخ، بنظافة تامة، وعلينا أن نغسل الخضروات والفواكه بدقة. وقبل الكل ما نأكله نيئاً. وكل ما نضيفه للطعام كالتوابل يجب أن يكون طازجاً نظيفاً. ولا تستعملي السمن الفاسد أو الحليب المحمض أو اللحم البايت.

منى : مرة أوشكنا أن نموت لأننا أكلنا لحماً فاسداً.

العمة : هل ترين كم تساهمين بصحة العائلة إن اهتممت بنظافة البيت والطعام؟ وهذه النظافة الخارجية، تتوقف أخيراً على النظافة الروحية للإنسان الداخلي.

منى : كيف يكون ذلك؟

العمة : الصحة للإنسان الداخلي نحصل عليها إن طلبنا من الرب غفران خطايانا، فيغفر لنا ذنوبنا ويطهرنا من كل خطايانا في المسيح يسوع الذي جاء ليطهّر عالمنا.

منى : هل تظنين أننا لا نصح بإنساننا الداخلي إلا بغفران الخطايا؟

العمة : نعم قبل حصول الغفران لا نصح روحياً. ولكن إن آمنا بتبريرنا وتحررنا من خطايانا، يصبح إنساننا الروحي صحيحاً.

منى : ماذا أفعل لأبقى صحيحة روحياً؟

العمة : هذا لا يتم بدون جهدنا. إن أردنا أن نصبح أصحاء علينا أن نوافق على خلاص اللّه، ونطلبه ليمارسه فينا، لأن بدون موافقتي لا يعمله اللّه فيَّ. وإن خلصني من الخطية وغفر لي آثامي، أصير ابنة له ويحدث تغيير مبدئي في حياتي، ولكن بغير ذلك أظل إنساناً معرضاً للخطية في كل لحظة، فأحتاج يومياً إلى طلب غفرانه.

منى : فالمحافظة على صحة الإنسان الروحي، تتوقف على الطلبة اليومية لأجل الغفران؟

العمة : نعم وهي الشرط الأول. والشرط الثاني هو التعمق في كلمة اللّه يومياً، لأنها الغذاء الروحي لقلوبنا كما نقرأ في إرميا 15: 16 : «وُجِدَ كَلاَمُكَ فَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ كَلاَمُكَ لِي لِلْفَرَحِ وَلِبَهْجَةِ قَلْبِي» . فكما أن الإنسان الطبيعي لا يقدر أن يحافظ على صحته بلا غذاء منظم، هكذا لا تقدرين أن تعيشي روحياً إلا بغذاء روحي.

منى : هل تعتبرين التعمق في كلمة اللّه غذاء روحياً؟

العمة : نعم هذا هو طعامنا. والشرط الثالث الصلاة. لأن الصلاة تشبه التنفّس. جسدنا الطبيعي لا يقدر أن يظل بصحته إلا إذا تنفس. وقلنا سابقاً كيف نحتاج لأجل صحتنا إلى الهواء النقي ليدخل بيوتنا. هكذا الصلاة تعطينا روحاً جديداً من اللّه. عنده أحسن وأقوى هواء لإنساننا الروحي، ففي الصلاة تسري قوة اللّه لأنفسنا.

منى : فهمت الآن أنه بدون غفران الخطايا وكلمة اللّه والصلاة، لا يقدر الإنسان أن يستمر في صحة روحية كاملة.

العمة : وإن لم نمارس هذه المبادئ الثلاثة في إيماننا، تضعف نفوسنا كما يضعف الإنسان الطبيعي بدون اعتناء كامل بجسده، ويموت إن لم يتنظف ويتغذى ويتنفس. هنا نجد الطريق الوحيد للحياة الأبدية. عندما يزول جسدنا أخيراً يدوم الإنسان الروحي كما كتب لنا الرسول في رومية 6: 22 و23 «وَأَمَّا ٱلآنَ إِذْ أُعْتِقْتُمْ مِنَ ٱلْخَطِيَّةِ، وَصِرْتُمْ عَبِيداً لِلّٰهِ، فَلَكُمْ ثَمَرُكُمْ لِلْقَدَاسَةِ، وَٱلنِّهَايَةُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ لأَنَّ أُجْرَةَ ٱلْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ ٱللّٰهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا» .

13 - معالجة المرضى في البيت

منى : في الأسبوع الماضي كانت ابنتي الصغيرة مريضة وارتفعت حرارتها وحصل لها إسهال، فاضطربت ولم أعرف ماذا أعمل حتى أتى الطبيب أخيراً.

العمة : نعم إن مرض أحد أفراد العائلة تتعب سيدة البيت مدة المرض، خصوصاً إن كان المريض طفلاً، إذ أنه يحتاج إلى ملازمة أمه واهتمامها به.

منى : حقاً فابنتي داومت على الصراخ، ولم أستطع الجلوس بقربها طول النهار لأن المنزل يتطلب شغلاً كثيراً.

العمة : طبعاً لا ينتهي شغل البيت، ولكن في مثل هذه الحالة أنا أعمل الضروري لأعتني بالمريض وقتاً كافياً.

منى : هل هذا ضروري؟

العمة : إن مرض الطفل يشعر بإنزعاج ويلاحظ تغيراً في طبيعته، فيضطرب. فعلينا نحن الأمهات أن نهدئ تخوف الطفل قدر الإمكان، ونلطف حالته ليستريح ويبقى في الفراش ليُشفى من المرض كلياً.

منى : هل يجب أن يبقى المريض مدة طويلة في الفراش؟

العمة : إن كان لديه حرارة قليلة أو كثيرة فيجب ملازمة الفراش، لأن القلب يشتغل أكثر، ليتغلب على المرض. وإن لم يضطجع الولد بل فضَّل الركض يتعب القلب أكثر. وفي حالة أي مرض يحتاج الجسد إلى راحة أكثر.

منى : أتظنين أنه يجب على ابنتي ملازمة الفراش، كلما ارتفعت حرارتها؟

العمة : نعم. لا بد من ذلك، فعليك مراقبة حرارة الأولاد مرتين كل يوم لتعرفي مدى تغير الحرارة. وعادةً تكون الحرارة في الصباح أقل منها في المساء عندما ترتفع.

منى : المشكلة أنه إن مرض أحد أولادي يمتنع عن الطعام. وأنا أحاول أن أغذيه ليقاوم المرض.

العمة : الأولاد يعرفون أكثر من البالغين حاجة أجسادهم. فمن الأفضل امتناع المريض عن الطعام، لأن ارتفاع الحرارة يدل على أنّ الجسم يحارب الميكروب، فهو في هذه الحالة في معركة ضد المرض، فالأفضل عدم إشغاله بهضم الطعام.

منى : هل نمنع الطعام بتاتاً عن المريض؟

العمة : نعم لا نعطيهم شيئاً من الطعام، أما السوائل فلا بأس من تناولها بكثرة، لأن الحرارة تحرق السوائل بسرعة، فعلينا أن نعوّض الجسد ما ينقصه منها.

منى : عظيم. إذاً يمكنني أن أعطي طفلي حليباً.

العمة : لا لا، الحليب ثقيل في هذه الحالة، لأنه يحتاج إلى جهد كبير في هضمه، أما الماء والليموناضة والزهورات والنعناع، فيمكن تقديمها له بدون حساب، خاصة في الإسهال، لأن الجسم يحتاج إلى السوائل، لأنه يفقدها بسرعة.

منى : إذاً يجب أن لا أرتعب إن لم يأكل الطفل طعامه أثناء المرض.

العمة : في بداية الإسهال يُمنع الطعام، وعلى الأم مراقبة حالة الطفل. فإذا لم تتحسن حاله يجب استدعاء الطبيب ليصف العلاج اللازم.

منى : وماذا بخصوص الحمام؟

العمة : في حالة الحرارة المرتفعة يجب الابتعاد عن تحميمه. ما عدا الوجه واليدين، أو مسح الجسد بمنشفة مبللة، ولكن على المريض البقاء في الفراش. واحذري من تعرضه للبرد. أغلقي الشبابيك فينتعش الطفل عند إزالة العرق، ويستغرق في النوم، وعلينا أيضاً أن نبدل ملابس الطفل والشراشف (ملايات السرير) باستمرار، لأنه من الضروري أن نعتنى بنظافة المريض جيداً.

منى : هل يتماثل للشفاء بسرعة؟

العمة : ربما، وعلى الأقل نكون قد منعنا الإصابة بأي ميكروب مرة ثانية. وأنا شخصياً إن لمست المريض أغسل يدي قبل وبعد ملامسته لئلا تنتقل الجراثيم.

منى : ورغم عملنا هذا وتطبيقنا نصيحة الطبيب فلا يُشفى المريض بسرعة، أرى أننا والأطباء لا نقدر أن نفعل شيئاً.

العمة : صدقت يا ابنتي، اللّه هو الشافي المعافي. لكنه أعطانا عقلاً لنمنع مضاعفات المرض ونعمل كل ما يشفي الجسد.

منى : ولكن إن كان حقاً إن اللّه يشفي فلا حاجة بنا إذاً لاستحضار الطبيب؟

العمة : اللّه أعطى للطبيب حكمة واختبارات لمكافحة الأمراض. طبعاً إن مرض أحد أفراد العائلة أصلي أولاً إلى الرب ليساعدني ويشفي المريض. وعدة مرات ساعدنا الرب مباشرة، ومرات أخرى ساعدنا بواسطة الطبيب والدواء، فالله وراء كل علاج لشفاء المريض لأنه مصدر الصحة.

منى : لماذا يمرض الناس؟

العمة : الكتاب المقدس، يقول إن الخطية هي سبب كل الأمراض.

منى : هل تعتقدين أنني إذا لم أخطئ لا أمرض؟

العمة : وإن لم تخطئي بعد الآن فقد أخطأت من قبل مرات. وهذا يكفي ليقع عليك المرض باستمرار.

منى : أتظنين أن الإنسان الذي لم يرتكب أي خطأ منذ ولادته لا يمرض؟

العمة : لا يوجد أي إنسان بلا خطية، ونقرأ في رومية (3: 23) «ٱلْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ ٱللّٰهِ» .

منى : إذا الخطية أصلية فينا منذ ولادتنا؟

العمة : حقاً وقد قال الملك داود في مزمور 51: 5 : «هَئَنَذَا بِٱلإِثْمِ صُوِّرْتُ وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي». لكن مهما كانت حالتنا وغرقنا بالخطية، فالرب يخاطبنا قائلاً: «أنا الرب شافيك».

منى : الحمد لله إذ أن الله يشفينا.

العمة : حقاً الرب نفسه يخلّصنا من أمراضنا الروحية والجسدية أيضاً.

منى : ولكن كيف شُفينا من الخطية؟

العمة : قد أرسل ابنه الوحيد إلى هذا العالم الشرير، وأصبح إنساناً. وهو إله بنفس الوقت فبقي يسوع المسيح الإنسان الوحيد بلا خطية. ولخطايانا حل واحد أن يضحي إنسان بلا خطية بنفسه ويصالح الخطاة مع الله، فضحَّى المسيح بنفسه وكفر عنا، لننال كلنا، وأنا وأنت، مغفرة الخطايا، ويبشرنا يوحنا قائلاً: (1: 29): «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ» .

منى : إذا كان يسوع المسيح قد تحمل خطاياي وخطايا كل الناس، يجب أن نعلم ذلك جيداً ونخبر جميع الناس حتى يخلصوا؟

العمة : معك حق، أرسل المسيح رسله إلى العالم، ليخبروا الناس عن الخلاص المبدئي بالصليب وأنا أقول لك الآن آمني بالرب المسيح، فتُغفر لك خطاياك. وارجعي إلى بيتك وأخبري عائلتك أن المسيح حمل خطايا كل واحد، وأوجد غفراناً عاماً. وكل من تلتقين بهن من النساء أكدي لهن أن عليهن أن يؤمنَّ بيسوع المسيح، الذي قد غفر خطاياهنَّ وشفاهن وخلَّصهن وفداهن.

14 - بلا بقع ولا غَضَن

منى : اليوم كويت سلة كبيرة من الغسيل واحتجت لوقت كبير، هل لديك طريقة للعمل بسرعة.

العمة : أنا أقرر أولاً ما يحتاج إلى كيّ وما لا يحتاج، فمثلاً المناشف والفنيلا والنايلون لا أكويه بل أطويه.

منى : والكلسات؟

العمة : طبعاً لا أكويها بل أطويها.

منى : هل تكوين الشراشف (ملاءات السرير)؟

العمة : أنا أطويها ثم أكويها وأضعها بالخزانة.

منى : وأغلفة المخدات؟

العمة : هذه أكويها دائماً لأننا نضع رأسنا ووجهنا عليها، فإن الكوي يطهر الأقمشة بالحرارة.

منى : صحيح لم أكن أعلم أن الكوي يطهر الأقمشة.

العمة : لهذا السبب نضع في بعض الأحيان منديلاً مغسولاً ومكوياً على الجرح، لنضمده إذا لم تكن الأربطة الطبية موجودة، لأن الكي يطهر من الجراثيم.

منى : هذه فكرة لأن الأولاد طالما يُجرَحون، ونكون بحاجة إلى قطعة قماش لتضميد الجرح.

العمة : بقية الغسيل كأغطية الطاولات والقمصان الرجالية وفساتين البنات أكويه كله، والمهم أن يكون الغسيل رطباً كي لا نجد صعوبة في كويه ولكي يبقى ناعماً، فإذا ما كان الغسيل ناشفاً علينا رشه بالماء ولفه لكي لا يجف بسرعة ثم نضعه جانباً ليأتي دوره.

منى : إذاً تعتقدين أن الغسيل يبقى خشناً إذا لم يكن رطباً قبل الكوي؟

العمة : لا يصير ناعماً ولا تزول خشونته إلا بهذه الطريقة، واليوم توجد مكاوي على البخار، إذ تملئين خزان المكواة بالماء وعندما تبدئين بالكوي ينبعث بخار على الغسيل يجعله رطباً وممسداً.

منى : هل هذه المكواة أغلى من غيرها؟

العمة : نعم، ولذلك لا تستعملها السيدات كثيراً مع أنها توفر الوقت فلا تحتاجين لرش الغسيل وطيه ثم كويه.

منى : من أين تبدئين الكي؟

العمة : القمصان والفساتين والبنطلونات أكويها مبتدئة من مكان السماكة كالغبنات والوصلات.

منى : أتكوين الغسيل من الداخل أو من الخارج؟

العمة : الفساتين، مثلاً أكويها أولاً من الداخل ثم أقلبها وأكويها من الخارج لتصبح ناعمة.

منى : الآن عرفت لماذا لَمْ أنجح في الكوي، لأنني كنت أكوي الأماكن السميكة من جهة واحدة فقط.

العمة : جربي هذه الطريقة المرة القادمة، هذا يأخذ وقتاً أكثر ولكن يعطي نتيجة أحسن.

منى : يا ويلاه، الكي والشغل متعب. فإذا وقفت مدة طويلة أشعر بوجع في رجليَّ.

العمة : لهذا السبب أكوي وأنا جالسة، وأشير عليك أن تعملي نفس الشيء، نحن سيدات البيت نقف كثيراً طوال اليوم، فعلينا أن نجلس إذا أمكن لنقلل التعب. وهذا ليس كسلاً.

منى : صحيح، وخصوصاً أثناء الكوي، فإنني أظن أنني إن جلست لن أنتهي من الكوي.

العمة : كله عادة يا بنيتي. جربي هذا فتعتادين، فإذا جلست وأنا أكوي أفكر في عدة أمور.

منى : أنا أفكر دائماً بالانتهاء السريع من الكوي.

العمة : أنا إن رأيت الغسيل خشناً وغير ملس أفكر كيف يرى الله الناس بخشونتهم وتجعيداتهم.

منى : ماذا تعنين؟

العمة : قبل إدراك خطيتنا واعترافنا بها، كنا نشبه القماش المتسخ، ولكن بعد أن آمنا بالمسيح الذي حمل خطايانا، وطهرنا أعطانا النعمة كما يقول الرب في سفر إرميا 33: 8 «وَأُطَهِّرُهُمْ مِنْ كُلِّ إِثْمِهِمِ ٱلَّذِي أَخْطَأُوا بِهِ إِلَيَّ وَأَغْفِرُ كُلَّ ذُنُوبِهِمِ ٱلَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا إِلَيَّ» .

منى : هل تقولين إننا إن اعترفنا بخطايانا وآمنا أن المسيح حمل قصاصنا يغسلنا من كل لطخ الخطية ونصبح طاهرين كالغسيل النظيف؟

العمة : تماماً هذا يعمله الله، إن ندمنا على خطايانا وطلبنا التحرير. ولهذا قلت سابقاً إننا نشبه القماش المغسول وغير المكوي.

منى : لكن الله لا يستعمل مكواة ليلمسنا.

العمة : طبعاً لا، لكن إذا نظرت إلى فستان مغسول وغير مكوي فلا يكون جميلاً.

منى : حقاً، ولا نستطيع استعماله وهو بهذه الحالة.

العمة : كل الغسيل يكون نظيفاً ولكن تحت حرارة المكواة يصبح ناعماً وتزول خشونته وهكذا يعالجنا اللّه أيضاً.

منى : كيف يعمل اللّه هذا؟

العمة : يقود الله المؤمنين في الضيق والمشاكل والاضطهاد في حرارة. هذه مكواة الله. ونقرأ في رسالة بطرس الأولى 4: 12 و 13 «أَيُّهَا ٱلأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا ٱلْبَلْوَى ٱلْمُحْرِقَةَ ٱلَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ ٱمْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ، بَلْ كَمَا ٱشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ ٱلْمَسِيحِ ٱفْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي ٱسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضاً مُبْتَهِجِينَ» .

منى : هل يعني هذا أن الحياة في اتباع المسيح، لا تعني فرحاً فقط بل ضيقاً أيضاً؟

العمة : هذا نقرأه بكل وضوح. ولكن إن حصلتِ على الغفران والسلام مع الله، وثبتَّ في الرجاء المجيد للحياة الأبدية، فلك أيضاً القوة لاحتمال مكواة الله. لأن على إيماننا أن يبيِّن قوته، خاصة في الأيام الشريرة، وإلا يكون ضعيفاً. وإن أصبحنا صادقين علينا أن نعترف أمام أنفسنا أننا غير كاملين، ويجب أن نغيّر بعض أخلاقنا. فإن لم نستمع طوعاً لكلمة الله لتغيّرنا، يساعدنا الله بواسطة الآلام والضيقات لنتحرر من سوء سيرتنا. فالضيق هو مكواة الرب التي تنعّمنا.

منى : الآن أفهمك أفضل. لكن هل تفكرين أنه يعالجنا لنصير أخيراً ناعمين كاملين؟

العمة : نقرأ في رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5: 25-27 «أَحَبَّ ٱلْمَسِيحُ أَيْضاً ٱلْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّراً إِيَّاهَا بِغَسْلِ ٱلْمَاءِ بِٱلْكَلِمَةِ، لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذٰلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ» .ففي هذه الكلمة يعدنا المسيح أنه يهتم أن نقف أمامه في المستقبل بلا بقع أو غَضَن، فنتكل عليه أن الذي ابتدأ فينا عمله يكمله، والذي وعد قادر أن ينفذ.

15 - بيتنا الجميل

منى : مبروك البيت يا عمتي، ها قد نقلت إلى بيت جديد.

العمة : شكراً يا بنيتي، لقد سررنا جداً عندما انتهى تشييد هذا البيت، وها نحن قد سكناه.

منى : يبدو رائعاً من الخارج. هل تُرينني إياه من الداخل؟

العمة : طبعاً، رأيت المدخل فهل أعجبك؟

منى : نعم، وأعجبتني البوابة المحددة، لقد شعرت بشعور غريب عندما نظرت إلى البيت من البوابة.

العمة : بعد دخولك من الباب ترين الممر، وهنا الشماعة التي نعلق عليها الكبابيت (البالطوات) وغيرها، ومن الممر تدخلين إلى كل الغرف الأخرى، فندخل أولاً إلى المطبخ.

منى : كم هو نظيف وزاهٍ. هل هذه خزائن ضمن الجدران يا عمتي؟

العمة : نعم، هكذا كانت خطتنا منذ البداية، وكل الرفوف والأبواب التي هنا غطيناها بورق من البلاستيك، لأن جدران المطبخ تتسخ بسرعة، فهذا يسهل علينا التنظيف.

منى : آه هذه غرفة الطعام، أنها كبيرة.

العمة : إنها بجانب المطبخ ليسهل عليَّ حمل الطعام من المطبخ إليها.

منى : ما هو نوع وجه الكراسي؟

العمة : من البلاستيك أيضاً وهو قابل للتنظيف بالماء، وأثناء الأكل يمكن وقوع شيء منه على الكراسي، لأنه يحدث دائماً إن كان عندك أولاد صغار.

منى : أرى أنكم رتبتم كل شيء بطريقة عملية، فكثير من الناس يضعون فرشاً غالياً ضخماً، لكنه لا يكون نافعاً للحياة العملية.

العمة : تماماً، فعلى كل شخص قبل شراء أثاث بيته أن يفكر بالأثاث العملي، الذي يسهل تنظيفه إذا ما اتسخ. انظري. هناك غرفة الاستقبال.

منى : إن هذه الكراسي منظرها بسيط ولكنه أنيق. لنجرب الجلوس عليه. أوه إنه مريح.

العمة : إن الموديلات السهلة أو البسيطة الخالية من الحفر أسهل للتنظيف، لأن الأتربة تعلق بالحفر، وهذا يجعل التنظيف صعباً.

منى : هناك الحمام وغرف النوم، كل شيء يظهر نظيفاً.

العمة : نعم لا يزال كل شيء جديداً.

منى : ليت كل شيء عندي يبقى نظيفاً وجديداً.

العمة : نحن لا ننتظر هذا في هذه الدنيا. ففي المزمور 102 نقرأ أن الكل يبلى كثوب رث. هكذا كل شيء يعتق حتى منازلنا ومفروشاتنا.

منى : ما هذا، كل شيء يبلى؟

العمة : وأكثر من هذا فظاعة، إن لم يكن لنا رجاء لبيتٍ أبدي باقٍ.

منى : كل البيوت تعتق. يقول المسيح في إنجيل يوحنا 14: 2 «فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ». والشاعر في المزمور 84: 1 و2 رأى بروحه هذه المنازل الأبدية الروحية، فقال «مَا أَحْلَى مَسَاكِنَكَ يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ. تَشْتَاقُ بَلْ تَتُوقُ نَفْسِي إِلَى دِيَارِ ٱلرَّبِّ» .

منى : ليتني أعرف إذا كان لي مكان في الديار الأبدية.

العمة : قال المسيح: أنا هو الباب (يوحنا 10: 9). فلا تدخلين إلى السماء إلا بواسطة المسيح، الذي هو الباب إلى الديار الأبدية.

منى : إذاً عليَّ أن ألتفت إلى المسيح إن أردت الدخول إلى الحياة الأبدية؟

العمة : معك حق، افتحي للمسيح قلبك ليقدسك، لأنه يقول في رؤيا 3: 20 «هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى ٱلْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ ٱلْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي». وفي يوحنا 14: 23 يعدنا أنه يأتي مع أبيه إلينا ويصنع منزلاً عندنا.

منى : هل يعني المسيح بهذا أن الذي يدخل الديار الأبدية هو فقط من حلَّ بقلبه المسيح.

العمة : نعم. هذا هو الشرط، نحن نعرف أنه ربنا، وهو يتيح لنا قبوله أو رفضه ما دمنا في هذه الدنيا، ونحن أحرار ولسنا مجبرين.

منى : إذاً أنا مسؤولة، وعليَّ أن أختار ماذا أريد. ماذا يمكنني أن أختار بجانب الحياة الأبدية؟

العمة : هناك الموت الأبدي، إذا كنت تريدين اختيار هذا ولكن بعده لا نقتدر على الاعتذار. وسنختبر حينئذ ما قاله المسيح عن الذين يأتون متأخرين إلى العرس. وأرانا كيف كانوا واقفين أمام الأبواب المغلقة يقرعون ويصرخون «يا رب يا رب افتح لنا» ولكنه يجيبهم «الحق الحق أقول لكم لا أعرفكم». فمن لا يعرفه في هذه الحياة الفانية، ولا يقبل المسيح محيي حياته، ينكره المسيح ولا يقبله في السماء.

منى : هل تعتقدين أن العودة المتأخرة تكون بعد فوات الأوان؟

العمة : تماماً، لهذا كتب لنا الرسول بطرس في رسالته الثانية 1: 10 «ٱجْتَهِدُوا أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَٱخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ. لأَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذٰلِكَ لَنْ تَزِلُّوا أَبَداً» .

منى : هذا ينيرني، فأهم شيء لكل إنسان هو كيفية طلبه الحياة الأبدية.

العمة : نعم، ولكن يا للأسف، كثير من الناس لا يعرفون ولا يؤمنون.

منى : دعيني أسألك، هل نقرأ شيئاً في الكتاب المقدس عن منظر الديار الأبدية؟

العمة : رأى يوحنا البشير مدينة الله الأبدية مع منازلها فيفسرها في رؤياه إصحاح 21: 9-11 و21-27 «ثُمَّ جَاءَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنَ ٱلسَّبْعَةِ ٱلْمَلاَئِكَةِ ٱلَّذِينَ مَعَهُمُ ٱلسَّبْعَةُ ٱلْجَامَاتُ ٱلْمَمْلُّوَةُ مِنَ ٱلسَّبْعِ ٱلضَّرَبَاتِ ٱلأَخِيرَةِ، وَتَكَلَّمَ مَعِي قَائِلاً: «هَلُمَّ فَأُرِيَكَ ٱلْعَرُوسَ ٱمْرَأَةَ ٱلْحَمَلِ». وَذَهَبَ بِي بِٱلرُّوحِ إِلَى جَبَلٍ عَظِيمٍ عَالٍ، وَأَرَانِي ٱلْمَدِينَةَ ٱلْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ ٱلْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ ٱلسَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ ٱللّٰهِ، لَهَا مَجْدُ ٱللّٰهِ، وَلَمَعَانُهَا شِبْهُ أَكْرَمِ حَجَرٍ كَحَجَرِ يَشْبٍ بَلُّورِيٍّ... َسُوقُ ٱلْمَدِينَةِ ذَهَبٌ نَقِيٌّ كَزُجَاجٍ شَفَّافٍ... وَٱلْمَدِينَةُ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى ٱلشَّمْسِ وَلاَ إِلَى ٱلْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لأَنَّ مَجْدَ ٱللّٰهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَٱلْحَمَلُ سِرَاجُهَا... لأَنَّ لَيْلاً لاَ يَكُونُ هُنَاكَ... وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ» .

منى : كم جميل هذا فلا نجد هناك غباراً ولا وسخاً.

العمة : كلا لا يوجد في مدينة الله أي شيء فان، لا مادة ولا روح، فكل مطهَّر بدم المسيح وحده يدخلها. لهذا السبب يكون اسم المسيح بطاقة تنالين بواسطتها دخولاً إلى المدينة الأبدية، وحق البقاء فيها إلى أبد الآبدين.

مسابقة كتاب أنا وبيتي

إن جاوبت إجابة صحيحة على 12 سؤالاً من الأسئلة الخمسة عشر التالية، نرسل لك جائزة من مطبوعاتنا. اكتبي اسمك واضحاً وعنوانك كاملاً، واسم المسابقة على نفس ورقة الإجابة، وليس فقط على المظروف الخارجي.

  1. لماذا أصاب الله عمة منى بالمرض؟

  2. ما هو وجه الشبه بين تنظيف البيت وحياتنا الروحية؟

  3. كم مرة يخطئ إليّ أخي وأنا أغفر له؟

  4. كيف تدور أفكارنا حول الله كما كان أيام مرثا ومريم؟

  5. اشرح معنى: الله لا يهتم بنوعية العمل بل بكيفية إتمامه.

  6. برهن أن المرأة والرجل متساويان أمام الله.

  7. اذكر آية عن الملابس التي يُلبسها الله لنا.

  8. كيف يغذي الله أجسادنا، وكيف يغذي أرواحنا؟

  9. كيف نميّز بين المهم وغير المهم؟

  10. اذكري آية عن محبة الأم لطفلها.

  11. كيف نساعد طفلاً لكي لا يغار من أخيه الصغير؟

  12. كيف تهتم الأم بصحة أولادها الروحية؟

  13. كيف يشفينا الله من الخطية؟

  14. كيف يعالجنا الله من البقع والغَضَن؟

  15. إن أردت الدخول للحياة الأبدية، ماذا تفعلين؟

أرسل الأجابة إلى عنواننا:


Call of Hope  P.O.Box 10 08 27
D-70007 
Stuttgart
Germany