العودة الى الصفحة السابقة
كيف انتشرت المسيحيّة؟

كيف انتشرت المسيحيّة؟

دروس من سفر أعمال الرسل (الجزء الثاني)

القس يوسف عبد النور


Bibliography

كيف انتشرت المسيحيّة؟. القس يوسف عبد النور. Copyright © 2006 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . 2002. SPB 3705ARA. English title: How did Christianity spread? Part 2. German title: Wie hat sich das Christentum ausgebreitet? Teil 2. Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

مفتاح سفر أعمال الرسل

«لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ» (أعمال الرسل 1: 8)

الجزء الثاني: شهادة الكنيسة في اليهوديّة والسّامرة (أعمال 12)

«وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً.. فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ، وَالسَّامِرَةِ..» (أعمال الرّسل 1: 8)

الفصل الرابع: الكنيسة المضطهَدة (أعمال الرسل 8)

رأينا في الجزء الأول من سفر أعمال الرسل كيف انتشرت كلمة الله في أورشليم، وكيف جاهدت الكنيسة في الدائرة الأولى، دائرة الوطن الداخلي الصغير، وانتشرت فيه.

ونبدأ من هذا الدرس دراسة الجزء الثاني من هذا السفر، وهو انتشار المسيحية في اليهودية والسّامرة، التي هي الدائرة الثانية، دائرة البلاد القريبة من الوطن، عملاً بوصيّة المسيح: «وتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى ٱلأَرْضِ» (أعمال الرسل 1 :8).

شاول يضطهد كنيسة أورشليم

1 وَحَدَثَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ اضْطِهَادٌ عَظِيمٌ عَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ فَتَشَتَّتَ الْجَمِيعُ فِي كُوَرِ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ، مَا عَدَا الرُّسُلَ. 2 وَحَمَلَ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ اسْتِفَانُوسَ وَعَمِلُوا عَلَيْهِ مَنَاحَةً عَظِيمَةً. 3 وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَسْطُو عَلَى الْكَنِيسَةِ وَهُوَ يَدْخُلُ الْبُيُوتَ وَيَجُرُّ رِجَالاً وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى السِّجْنِ (أعمال 8: 1-3).

لم يترك شيوخ اليهود كنيسة أورشليم تُبشر باسم المسيح، وأرادوا إفناءها فاضطهدوها ورجموا استفانوس شهيدها الأوّل. على أنّ موت استفانوس لم يشفِ غيظهم، فظلّوا غاضبين على أتباع المسيح، فحبسوا بعضهم وسلبوا أموالهم وجلدوهم، فهرب البعض من شدّة الاضطهاد إلى بلاد في اليهودية مثل حبرون وغزّة ولدّة ويافا، كما ذهب بعضهم إلى السّامرة. ولمّا كان السّامريون أعداء اليهود فقد أمَّنوا المسيحيين الهاربين إليهم. أمّا الرسل فبقوا في أورشليم لأنهم كانوا يعلِّمون الكنيسة، وكان يجب عليهم البقاء حتى وإن عرّضوا أنفسهم للخطر.

كانت عادة اليهود عند موت أي شخص أن يقيموا مناحةً يندبون فيها الميْت، فناح المؤمنون على استفانوس الذي رجمه المتعصّبون اليهود، كما ناح عليه بعض اليهود الأتقياء لأنّه بريء. أمّا شاول الطرسوسي فلم يوافقهم على المناحة عليه، بل كان راضياً بقتله.

وشاول اسم عبراني معناه «المطلوب أو المرغوب فيه»، ولعلّه وُلد في أوّل القرن الأوّل من التاريخ المسيحي، لأنّه يقول عن نفسه في سنة 64م إنه شيخ (فليمون 9). كان شاول الطرسوسي عبرانياً من سبط بنيامين، فريسي ابن فريسي، ومع هذا فقد كان يتمتّع بحقوق المواطنة الرومانية لأنّه وُلد في طرسوس التي يتمتّع أهلها بامتيازات المواطنين الرومان. درس شاول الفنون والفلسفة اليونانية في مدارس طرسوس، وجاء إلى أورشليم ليدرس الشريعة اليهوديّة، فتعلم عند قدميْ «غمالائيل» المعلِّم اليهودي المشهور. وكان قد تعلم صناعة الخيام، لأنّ كل يهودي مهما ارتقى في تعليمه كان يجب أن يتعلم حرفةً. وكان شاول يهودياً متعصّباً، فكان يسطو كالوحش المفترس على المسيحيّين، فيدخل البيوت التي اختبأوا فيها، ويجرّ الرجال والنساء إلى السجن.

لقد حاول شاول أن يلاشي كنيسة أورشليم من الوجود. لكن رب الكنيسة كان معها رغم الاضطهاد. إنّ الكنيسة هي كنيسة المسيح، ولا تستطيع كل قُوى العالم مجتمعة أن تلاشيها، لأنّ ليس هناك من هو أقوى من المسيح!

فيلبّس يكرز في السّامرة

4 فَالَّذِينَ تَشَتَّتُوا جَالُوا مُبَشِّرِينَ بِالْكَلِمَةِ. 5 فَانْحَدَرَ فِيلُبُّسُ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ وَكَانَ يَكْرِزُ لَهُمْ بِالْمَسِيحِ. 6 وَكَانَ الْجُمُوعُ يُصْغُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى مَا يَقُولُهُ فِيلُبُّسُ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِمْ وَنَظَرِهِمُ الآيَاتِ الَّتِي صَنَعَهَا، 7 لأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الَّذِينَ بِهِمْ أَرْوَاحٌ نَجِسَةٌ كَانَتْ تَخْرُجُ صَارِخَةً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ. وَكَثِيرُونَ مِنَ الْمَفْلُوجِينَ وَالْعُرْجِ شُفُوا. 8 فَكَانَ فَرَحٌ عَظِيمٌ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ (أعمال 8: 4-8).

تشتَّت المؤمنون بسبب الاضطهاد المرير، فذهب البعض إلى السّامرة ومعهم رسالة المسيح المفرحة، ولم يطلبوا راحةً واطمئناناً بسكوتهم عن التبشير، بل شهدوا للحق حيثما ذهبوا، محقّقين قول المسيح: «وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي.. كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ..». وكان فيلبّس، أحد الشّمامسة السّبعة، من بين الذين تشتّتوا، فذهب إلى بلاد السّامرة وبشرهم بأنّ المسيح قد أتى وعلَّم وصُلب وقام فادياً مخلِّصاً، فحصل تأثير عظيم من تبشيره، وأعدَّ الروح القدس قلوب بعض السامعين ليقبلوا كلمة الخلاص. وأعطى قوّة لفيلبّس ليعمل آيات ومعجزات، فشُفي مرضى كثيرون من المسكونين بالأرواح النجسة التي تخدم إبليس والتي سقطت بسقوطه عندما تكبَّر، فأفسدت عقول الناس وأجسادهم.

وعندما شاهد السّامريون المرضى يشفون فرحوا بالشّفاء الجسدي، وبالبركات الروحية وخلاص نفوسهم. إنّ الإنجيل هو ينبوع السرور لكل من يقبله، لأنّ الفرح هو من ثمر الروح القدس.

آية للحفظ

«فَالَّذِينَ تَشَتَّتُوا جَالُوا مُبَشِّرِينَ بِالْكَلِمَةِ» (أعمال 8: 4)

صلاة

علِّمني يا أبي السّماوي أن لا أتردّد في أن أخبر الآخرين كم صنعت بي ورحمتني.

سؤال

1 - لماذا كان فرحٌ عظيم في تلك المدينة؟

سيمون السّاحر يؤمن ويعتمد

9 وَكَانَ قَبْلاً فِي الْمَدِينَةِ رَجُلٌ اسْمُهُ سِيمُونُ يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ وَيُدْهِشُ شَعْبَ السَّامِرَةِ قَائِلاً: «إِنَّهُ شَيْءٌ عَظِيمٌ!». 10 وَكَانَ الْجَمِيعُ يَتْبَعُونَهُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ قَائِلِينَ: «هَذَا هُوَ قُوَّةُ اللهِ الْعَظِيمَةُ». 11 وَكَانُوا يَتْبَعُونَهُ لِكَوْنِهِمْ قَدِ انْدَهَشُوا زَمَاناً طَوِيلاً بِسِحْرِهِ. 12 وَلَكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدُوا رِجَالاً وَنِسَاءً. 13 وَسِيمُونُ أَيْضاً نَفْسُهُ آمَنَ. وَلَمَّا اعْتَمَدَ كَانَ يُلاَزِمُ فِيلُبُّسَ وَإِذْ رَأَى آيَاتٍ وَقُوَّاتٍ عَظِيمَةً تُجْرَى انْدَهَشَ (اقرأ أعمال 8: 9-13).

كان في مدن السّامرة قبل أن يصل إليها فيلبّس، ساحر اسمه سيمون، يقول البعض إنّه ادَّعى أنّه ابن الله، فأضلَّ أُناساً كثيرين فتبعوه. وكان يقول إنّه يجعل أرواح الموتى تخدمه، كما يستخدم الأرواح الشريرة في تنفيذ رغباته، وكان يعمل التعاويذ والأحجبة ويخدع الناس قائلاً إنّه يستطيع أن يعرف المستقبل ويفسّر الأحلام، ويكتشف المسروقات. وقد اندهش سكان السّامرة من سحره، فقالوا إنّ الله أعطاه قوّة عظيمة حتى يقوم بتلك الأعمال. مساكين هم الذين ينخدعون بالسحر والكذب. إنّهم جهلاء لا يعرفون كذب السحرة!

وسمع سيمون من فيلبّس عن أعمال المسيح العظيمة وعن اسمه العظيم، وتعليمه عن الملكوت الروحي الذي تأسّس، فاعترف مع بعض الناس بإيمانه، واعتمدوا باسم المسيح المخلِّص، وبذلك تأسّست كنيسة السّامرة، بعد أن حوَّل الله اضطهاد الكنيسة إلى بركة، فهو لا يترك نفسه بلا شاهد حتى في وقت الضيق والاضطهاد.

آمن سيمون بالمسيح لأنّه اندهش من المعجزات التي كان يصنعها فيلبّس باسم المسيح، فقد كانت أقوى بكثير من سحره، وكان يجب أن يندهش أكثر من محبّة الله للخطاة حتى بذل ابنه الوحيد من أجل خلاصهم.

آية للحفظ

«وَلَمَّا اعْتَمَدَ كَانَ يُلاَزِمُ فِيلُبُّسَ وَإِذْ رَأَى آيَاتٍ وَقُوَّاتٍ عَظِيمَةً تُجْرَى انْدَهَشَ» (أعمال 8: 13)

صلاة

أعطني يا أبي السّماوي نعمة الإيمان القوّي الثابت بك، لا لأنّي أندهش من المعجزات التي تُجرى باسم المسيح، بل لأنّي مندهش من محبّة المسيح وكفّارته العظيمة.

سؤال

2 - لماذا قبل سيمون المعمودية؟

بطرس ويوحنّا في السّامرة

14 وَلَمَّا سَمِعَ الرُّسُلُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ أَنَّ السَّامِرَةَ قَدْ قَبِلَتْ كَلِمَةَ اللهِ أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا 15 اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلاَ صَلَّيَا لأَجْلِهِمْ لِكَيْ يَقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ، 16 لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ - غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. 17 حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. 18 وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ 19 قَائِلاً: «أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضاً هَذَا السُّلْطَانَ حَتَّى أَيُّ مَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهِ يَدَيَّ يَقْبَلُ الرُّوحَ الْقُدُسَ». 20 فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ، لأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ اللهِ بِدَرَاهِمَ. 21 لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ فِي هَذَا الأَمْرِ، لأَنَّ قَلْبَكَ لَيْسَ مُسْتَقِيماً أَمَامَ اللهِ. 22 فَتُبْ مِنْ شَرِّكَ هَذَا وَاطْلُبْ إِلَى اللهِ عَسَى أَنْ يُغْفَرَ لَكَ فِكْرُ قَلْبِكَ 23 لأَنِّي أَرَاكَ فِي مَرَارَةِ الْمُرِّ وَرِبَاطِ الظُّلْمِ». 24 فَأَجَابَ سِيمُونُ: «اطْلُبَا أَنْتُمَا إِلَى الرَّبِّ مِنْ أَجْلِي لِكَيْ لاَ يَأْتِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْتُمَا».

25 ثُمَّ إِنَّهُمَا بَعْدَ مَا شَهِدَا وَتَكَلَّمَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَبَشَّرَا قُرىً كَثِيرَةً لِلسَّامِرِيِّينَ (أعمال 8: 14-25).

بشر فيلبّس في السّامرة، وبارك الله تبشيره، فَجَرَت معجزاتٌ على يديه، وآمن كثيرون بالمسيح. ووصلت هذه الأخبار المفرحة عن عمل الرب في السّامرة إلى الرسل في أورشليم، ففرحوا وأرسلوا إليهم بطرس ويوحنّا، ليُظهِروا رضاهم وسرورهم بهذه الأخبار، وليساعد الأخيران فيلبّس بحكمتهما واختباراتهما، لأنّ العمل كثير عليه وحده. وذهب يوحنّا مع بطرس ليكمّل أحدهما الآخر، فبطرس شجاع غيور متحمّس، ويوحنّا وديع لطيف حليم. وكانت هذه آخر مرّة يُذكَر فيها اسم يوحنّا في سفر أعمال الرسل.

وعندما وصل بطرس ويوحنّا إلى السّامرة صلَّيا طالبين أن يرسل الله الروح القدس ليغيِّر قلوب الناس ويقدِّس أهل السّامرة، ووضعا عليهم الأيادي. وعادة وضع الأيادي عادة قديمة، فقد وضع يعقوب يديه على حفيديه أفرايم ومنسّى ليباركهما (تكوين 48: 14)، ووضع موسى يديه على يشوع عندما أقامه خليفة له (عدد 27: 23)، وطلب الرئيس الذي ماتت ابنته، من المسيح أن يحضر ويضع يده عليها فتحيا (متّى 9: 18).

وضع بطرس ويوحنّا أيديهما بعد الصلاة على بعض الذين آمنوا في مدن السّامرة، فقبلوا عطية الروح القدس وتكلموا بألسنة غريبة، وتنبّأوا. وهذا يدلّ على صحة التعليم الذي علَّم به فيلبّس، كما يدلّ على رضى الله على التبشير في السّامرة، ويُظهِر إخلاص السّامريين في إيمانهم بالمسيح.

رأى سيمون بطرس ويوحنّا وهما يضعان أيديهما على المؤمنين فينالون عطيّة الروح القدس ويتكلمون بألسنة ويصنعون عجائب، ففكر أنّهما يتمتّعان بقوّة أعظم من قوّته هو ومن قوّة فيلبّس أيضاً. وظنّ أنّه إذا حصل على تلك القوّة يستطيع أن يربح أموالاً كثيرة. ولمّا كان يحب المال ظنّ أنّ الرسوليْن سيفرحان بالمال، فقدّم لهما دراهم ليعطياه سلطان الروح القدس حتى يبقى له سلطانه القديم على الناس، وحتى يحصل على مال أكثر.

ولمّا سمع بطرس كلام سيمون رآه مشرفاً على الهلاك، وتألّم من طلبه ومن الطريق المهلك الذي سلكه، لأنّ عطية الروح القدس لا تُقدَّر بثمن ولا تُشترى بالمال، بل هي هبة وعطية الله لمن يريد وعندما يريد، لأنّ الله هو الملك السماوي الذي يعطي روحه القدوس مجاناً لكل من يؤمن.

ومحاولة شراء قوّة الروح القدس بالمال إهانة إلى الله، وكُفر بعطيّته وقيمتها، لذلك قال له بطرس: «لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ، لأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ اللهِ بِدَرَاهِمَ».

مسكين سيمون المخدوع. إنه لم يفهم أنّ عطايا الله مجاناً وبدون مقابل. ولا زلنا نرى البعض يفكرون أن يشتروا عطايا الله بالإحسان إلى الفقراء، أو بأعمالهم الصالحة، أو باعتقادهم أنّ حسناتهم تزيل سيئاتهم! صحيح أنّ الأعمال الصالحة ومساعدة المحتاجين أمر طيّب، لكنّها لا تشتري مواهب الله ولا رضاه. وقال بطرس لسيمون إنّه ليس له نصيب في المواهب الروحية، لأنّ الله لا يُسرّ به، فقد تظاهر سيمون بالإيمان وتعمّد، لكن قلبه لم يتغيّر، وبقيت أفكاره أرضية دنيوية، ولم يفهم الأمور الروحية. ومن هذا نتعلم أنّ معمودية الماء لا تغيِّر قلب الإنسان، لكنّها علامة خارجية وشهادة على الإيمان بالمسيح فقط.

عرف بطرس أنَّ سيمون لم يتُب توبة صادقة، وأمره أن يبتعد عن خطاياه بالتوبة، وأن يرجع إلى الله، وطلب منه أن يصلّي حتى يغفر الله له فكره الشرير ويحوِّل قلبه إلى الطريق الصحيح، لأن قلب سيمون كان مملوءاً بالأفكار التي يبغضها الله من الطمع والرياء ومحبة المال. كانت الخطية قد تسلطت عليه وربطته في الظلام وقوّة الشر، فهو عبد للخطية وليس ابناً لله.

كان سيمون قاسي القلب، فلم يشأ أن يتوب ويصلّي إلى الله، فطلب من بطرس ويوحنّا أن يصلّيا لأجله حتى يخلُص من العقاب. ومع أنّ بطرس طلب إليه أن يخلُص من رباط الخطية، لكن سيمون رغب في الخلاص والنجاة بدون التوبة أو الصلاة. وهذا يعلِّمنا أنّ صلاة الآخرين لأجلنا لا تعطينا غفران خطايانا، بل علينا نحن أن نطلب من الله بإيمان أن يغفر آثامنا، بعد أن نعزم على التوبة عنها توبة صادقة.

بقي بطرس ويوحنّا في مدن السّامرة مدّة كافية لتعليم الشعب وتثبيت المؤمنين وتنظيم الكنيسة، ثم تركا فيلبّس ليكمل العمل، ورجعا إلى أورشليم. وفي طريق رجوعهما بشّرا قرىً كثيرةً.

ومن دراستنا لحياة الرسول يوحنّا نلاحظ أنّه كان قد أتى إلى السّامرة مع المسيح، ولمّا رفض السامريون البشارة طلب من المسيح أن يُنزل ناراً من السَّماء لتهلكهم (لوقا 9: 54). أمّا الآن فقد تغيَّر فكره، لأنَّ الروح القدس أزال البُغض القديم من قلبه، والذي كان طبيعياً بين اليهود والسامريين. إنَّ الروح القدس يهدم الحواجز بين البشر.

آية للحفظ

«وَبَشَّرَا قُرىً كَثِيرَةً لِلسَّامِرِيِّينَ» (أعمال 8: 25).

صلاة

يا ربُّ، أعطني أن أنال موهبة الروح القدس لأخدمك كيف تريد وحيث تريد، لأفرح برؤية كثيرين يرجعون إليك.

سؤال

3 - لماذا أرسلت الكنيسة في أورشليم بطرس ويوحنّا إلى السّامرة؟

فيلبّس يبشر الخصيّ الحبشيّ

26 ثُمَّ إِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ قَالَ لِفِيلُبُّسَ: «قُمْ وَاذْهَبْ نَحْوَ الْجَنُوبِ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى غَزَّةَ» الَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ. 27 فَقَامَ وَذَهَبَ. وَإِذَا رَجُلٌ حَبَشِيٌّ خَصِيٌّ وَزِيرٌ لِكَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ الْحَبَشَةِ كَانَ عَلَى جَمِيعِ خَزَائِنِهَا - فَهَذَا كَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ. 28 وَكَانَ رَاجِعاً وَجَالِساً عَلَى مَرْكَبَتِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ. 29 فَقَالَ الرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ: «تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هَذِهِ الْمَرْكَبَةَ». 30 فَبَادَرَ إِلَيْهِ فِيلُبُّسُ وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ فَسَأَلَهُ: «أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟» 31 فَأَجَابَ: «كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟». وَطَلَبَ إِلَى فِيلُبُّسَ أَنْ يَصْعَدَ وَيَجْلِسَ مَعَهُ. 32 وَأَمَّا فَصْلُ الْكِتَابِ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُهُ فَكَانَ هَذَا: «مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ وَمِثْلَ خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ، هَكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 33 فِي تَوَاضُعِهِ انْتَزَعَ قَضَاؤُهُ وَجِيلُهُ مَنْ يُخْبِرُ بِهِ لأَنَّ حَيَاتَهُ تُنْتَزَعُ مِنَ الأَرْضِ؟» 34 فَسَأَلَ الْخَصِيُّ فِيلُبُّسَ: «أَطْلُبُ إِلَيْكَ: عَنْ مَنْ يَقُولُ النَّبِيُّ هَذَا؟ عَنْ نَفْسِه،ِ أَمْ عَنْ وَاحِدٍ آخَرَ؟» 35 فَابْتَدَأَ فِيلُبُّسُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ يُبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ.

36 وَفِيمَا هُمَا سَائِرَانِ فِي الطَّرِيقِ أَقْبَلاَ عَلَى مَاءٍ فَقَالَ الْخَصِيُّ: «هُوَذَا مَاءٌ. مَاذَا يَمْنَعُ أَنْ أَعْتَمِدَ؟» 37 فَقَالَ فِيلُبُّسُ: «إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ يَجُوزُ». فَأَجَابَ: «أَنَا أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ». 38 فَأَمَرَ أَنْ تَقِفَ الْمَرْكَبَةُ، فَنَزَلاَ كِلاَهُمَا إِلَى الْمَاءِ فِيلُبُّسُ وَالْخَصِيُّ فَعَمَّدَهُ. 39 وَلَمَّا صَعِدَا مِنَ الْمَاءِ خَطَفَ رُوحُ الرَّبِّ فِيلُبُّسَ فَلَمْ يُبْصِرْهُ الْخَصِيُّ أَيْضاً، وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحاً. 40 وَأَمَّا فِيلُبُّسُ فَوُجِدَ فِي أَشْدُودَ. وَبَيْنَمَا هُوَ مُجْتَازٌ كَانَ يُبَشِّرُ جَمِيعَ الْمُدُنِ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ (أعمال 8: 26-40).

رجع بطرس ويوحنّا من السّامرة إلى أورشليم، وتركا فيلبّس في السّامرة. وطلب ملاك الرب من فيلبّس أن يذهب إلى مدينة غزّة في جنوب السّامرة. وغزّة من أقدم مدن العالم، وكانت إحدى مدن الفلسطينيين الخمس الكبار، وتقع على بُعد ستين ميلاً من أورشليم. والملائكة هم جنود السماء الذين يرسلهم الله لإتمام مقاصده، وقد استخدمهم الله كثيراً في بدء تأسيس الكنيسة (أعمال 1: 10 و5: 19 و10: 3 و12: 7 و27: 23).

وكان هناك طريقان من أورشليم إلى غزّة: إحداهما مستقيمة عامرة بالقرى والسكان، والثانية أبعد وخالية من السكان وتناسب سفر المركبات، لذلك قال عنها الملاك إنها «بَرِّيَّة».

إنّ الله يعلم كل ما يحدث في العالم، وهو يحب البشر ويريد أن يخلِّصهم. وفي سابق علمه أنّ رجلاً خصيّاً من الحبشة (من نسل حام) سيكون على الطريق من أورشليم إلى غزّة، أراد أن يوصِّل له رسالة الإنجيل، فأمر فيلبّس أن يذهب ليقابله، وهو وزير مالية الملكة «كَنْدَاكَةَ». وكانت كل أميرة تملك على الحبشة يتغيّر اسمها إلى كنداكة، كما كان كل أمير يملك على مصر يتغيّر اسمه إلى فرعون. وكانت عادة الملوك قديماً، أن يخصّصوا بعض الخصيان لخدمتهم، واستأمنوهم كثيراً ورفعوهم إلى أعلى المناصب. وقد أعطت ملكة الحبشة سلطاناً عظيماً لذلك الخصيّ الذي كان غالباً يهوديَّ الديانة، كما كان يوسف في خدمة فرعون ملك مصر، وربّما يكون قد اعتنق اليهودية، وزار أورشليم ليحتفل فيها بالعيد حسب شريعة موسى.

كان الحبشيّ في مركبته يقرأ من نبوّات إشعياء بصوت مسموع عندما اقترب فيلبّس منه وسأله: «أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟» فقال الحبشيّ إنه يحتاج إلى من يرشده إلى معنى ذلك الكلام، وطلب منه أن يصعد ويجلس معه في المركبة ليشرح له معنى تلك النبوّات. وهكذا ينبغي أن نتواضع حتى نفهم كلمة الله.

كان الحبشيّ يقرأ من إشعياء 53: 7، 8 «كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى ٱلذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ». وسأل: من يكون الشخص الذي تنبّأ عنه إشعياء، لأنّه كان يعرف أنّ المسيح يكون عظيماً وصاحب سلطان يُجري المعجزات. فكيف يمكن أن يتعذَّب هكذا؟ فبدأ فيلبّس يشرح معنى النبوّة، وأنّ إشعياء لم يتكلم عن نفسه بل تكلم عن المسيح الذي جاء أرضنا باعتباره «ٱللّٰهُ ظَهَرَ فِي ٱلْجَسَدِ» (1تيموثاوس 3: 16)، ووضَّح له كيف تمّت النبوّة في أعمال المسيح وتعليمه وموته وقيامته، وأنّه قام من بين الأموات ليكون رئيساً للحياة، ومخلِّصاً لكل من يؤمن به.

فرح الحبشيّ بالشرح، وعمل الروح القدس في قلبه، وبكل تواضع قبل الإيمان بالمسيح الفادي والمخلِّص. ولمّا شاهد ماءً طلب أن يتعمَّد. ولا بدّ أنّ فيلبّس علَّمه عن المعمودية ولزومها كعلامة للاعتراف بالمسيح، وأنّها دليل الدخول إلى عضوية الكنيسة الجامعة الرسولية، وأنّ من شروطها الإيمان من كل القلب بالمسيح أنّه ابن الله. فأمر الحبشي أن تقف المركبة، ونزل مع فيلبّس إلى الماء، فعمّده فيلبّس. ولمّا صعدا من الماء خطف الروح القدس فيلبّس فلم يعُد الحبشيّ يراه. ولعلّ الحبشيّ فرح لوجود فيلبّس معه، فأراد أن يأخذه معه إلى بلاده، لكن روح الرب أراد أن يكلِّف فيلبّس بعمل آخر في أشدود لأجل مجد المسيح، فخطفه عن أنظار الحبشيّ.

تأثّر الوزير بأخبار المسيح المفرحة. فقد وجده مخلّصاً غفر له خطاياه وصالحه مع الله الآب. وفرح أيضاً لأنّه يستطيع أن يخبر أصدقاءه بالكنز الذي وجده في المسيح.

أمّا فيلبّس فقد أخذه الروح القدس إلى أشدود، وهي إحدى مدن فلسطين الخمس الكبيرة، وتقع على بُعد 20 ميلاً إلى الشمال الشرقي لغزّة. وكان فيلبّس يبشّر في أشدود وفي المدن المجاورة لها مثل يافا ولدّة. وأخيراً جاء إلى قيصرية، وهي مدينة كبيرة. وظل في قيصرية حتى جاء إليها بولس الرسول بعد ذلك بخمس وعشرين سنة (اقرأ أعمال 21: 8).

آية للحفظ

«أَنَا أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ» (أعمال 8: 37)

صلاة

أعطني يا ربُّ أن أطيع إرشاداتك كما أطاعك فيلبّس، ففي بريّة الحياة يوجد كثيرون يقولون: كيف يمكنني أن أفهم إن لم يرشدني أحد؟

سؤال

4 - ما معنى ما جاء في نبوّة إشعياء 53: 7، 8؟

الفصل الخامس: تغيير شاول (أعمال الرسل 9)

عمل الروح القدس بقوّة في الكنيسة في أورشليم بالرغم من الاضطهاد. وبقي الرسل فيها يعلِّمون ويبشّرون ويثبِّتون المؤمنين الجدد. وساعد الرب كنيسته في مدن السّامرة حيث ذهب فيلبّس للتبشير. وزار بطرس ويوحنّا كنيسة السّامرة لتشجيع الذين عمل الرب في قلوبهم، ولربح المزيد من النفوس للمسيح.

وهيَّج الشيطان قلوب أتباعه على الكنيسة في أورشليم والسّامرة، فاضطهدوها وألقوا ببعض المؤمنين في السجون. وكان من بين القساة الذين اضطهدوا الكنيسة شخص اسمه شاول.

المسيح يدعو شاول

1 أَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ يَنْفُثُ تَهَدُّداً وَقَتْلاً عَلَى تَلاَمِيذِ الرَّبِّ، فَتَقَدَّمَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ 2 وَطَلَبَ مِنْهُ رَسَائِلَ إِلَى دِمَشْقَ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، حَتَّى إِذَا وَجَدَ أُنَاساً مِنَ الطَّرِيقِ رِجَالاً أَوْ نِسَاءً يَسُوقُهُمْ مُوثَقِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 3 وَفِي ذَهَابِهِ حَدَثَ أَنَّهُ اقْتَرَبَ إِلَى دِمَشْقَ، فَبَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلَهُ نُورٌ مِنَ السَّمَاءِ 4 فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتاً قَائِلاً لَهُ: «شَاوُلُ شَاوُلُ، لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟» 5 فَسَأَلَهُ: «مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ الرَّبُّ: «أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ». 6 فَسَأَلَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ وَمُتَحَيِّرٌ: «يَا رَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟» فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُم وَادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَيُقَالَ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ». 7 وَأَمَّا الرِّجَالُ الْمُسَافِرُونَ مَعَهُ فَوَقَفُوا صَامِتِينَ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلاَ يَنْظُرُونَ أَحَداً. 8 فَنَهَضَ شَاوُلُ عَنِ الأَرْضِ، وَكَانَ وَهُوَ مَفْتُوحُ الْعَيْنَيْنِ لاَ يُبْصِرُ أَحَداً. فَاقْتَادُوهُ بِيَدِهِ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى دِمَشْقَ. 9 وَكَانَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ يُبْصِرُ فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ (أعمال 9: 1-9).

اضطهد كثيرون من اليهود الكنيسة الناشئة، كان من بينهم رجل اسمه شاول، كلمنا الوحي عنه لأنّه تغيَّر وآمن بالمسيح. وبعد أن كان يضطهد الكنيسة صار يخدمها بإخلاص، وتحوَّل من عدوٍّ للكنيسة إلى خادم محبّ لها، وإلى رسول للأمم الذين هم من غير اليهود.

وُلد شاول في طرسوس، وسماه أبواه «شاول». وكان أبوه عبرانياً من سبط بنيامين، من مذهب الفريسيين، تمتّع بالحقوق المدنية الرومانية وامتيازاتها لأنّه وُلد في مدينة جعلها الإمبراطور أوغسطس مدينة رومانية وعاصمة لإقليم كيليكية. وتعلَّم بولس صناعة الخيام، كما درس الشريعة اليهودية في أورشليم على يدي غمالائيل مُعلم الناموس العظيم. وفي نحو الثلاثين من عمره قبل خلاص المسيح، وجال يبشّر بالإنجيل نحو خمس وعشرين سنة.

وقد وردت حادثة تغيير شاول ثلاث مرات في سفر أعمال الرسل لأنّها قصة هامة جداً، فقد ذكرها لوقا في هذا الأصحاح، وذكرها بولس في دفاعه عن نفسه أمام اليهود (أعمال 22)، وذكرها مرة أخرى في دفاعه عن نفسه أمام أغريباس (أعمال 26).

كان شاول قويّاً ومُتعلّماً، لكنّه كان يستخدم قوّته وعلمه في اضطهاد المسيحيين والكنيسة، فكان يخبر أصدقاءه بعزمه على تعذيب تلاميذ الرب، وكثيراً ما أنذر المسيحيين بالموت إن لم يرجعوا عن إيمانهم، وكان موافقاً على رجم استفانوس.

وذات يوم طلب شاول من رئيس الكهنة رسائل توصية تمنحه سلطاناً على المسيحيين في دمشق حتى يعذّبهم ويعود بهم إلى أورشليم ليحاكمهم أمام مجلس السبعين. ودمشق من أقدم مدن العالم، وعلى نحو 140 ميلاً شمال شرق أورشليم. ولعل بعض الذين آمنوا بالمسيح يوم الخمسين كانوا من دمشق، ولمّا رجعوا إليها بشّروا هناك باسم المسيح، ولذلك كان هناك مسيحيون.

كان الوقت ظهراً عندما اقترب شاول من مدينة دمشق وفي قلبه رغبة قاتلة ضد المسيحيين. وفجأة ظهر من السماء نور أقوى من نور الشمس أضاء حوله، لأن يسوع ظهر له بجلاله ومجده، كما ظهر الله لموسى في العُلّيقة (خروج 3: 2).

خاف شاول جداً ووقع على الأرض، وسمع صوت المسيح واضحاً يكلمه من وسط ذلك النور القويّ. وشاهد الذين كانوا مع شاول ذلك النور، كما سمعوا الصوت، لكنهم لم يروا يسوع ولم يُميّزوا الكلمات. قال له يسوع: «صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ» كما يرفس الثور منخس الفلاح فيجرح نفسه ولا يؤذي المنخس. وهكذا يضرُّ بولس نفسه عندما يضطهد الكنيسة دون أن يؤذيها. إنّ الذي يهاجم الكنيسة يُحزن الروح القدس، لكنّه يضر نفسه ولا يوقف نموّ الكنيسة.

أدرك شاول شناعة خطيّته وقسوة العقاب الذي ينتظره بسبب اضطهاده للكنيسة، فسأل المسيح أن يخبره بما يجب أن يفعله، فأعلن الفريسيّ المتكبّر المفتخر بصلاحه وغيرته على دين اليهود خضوعه للمسيح. وطلب المسيح منه أن يدخل دمشق، لا لتنفيذ رغبته الشريرة أو رغبة مجلس السبعين لتعذيب المسيحيين، بل ليقابل شخصاً اسمه «حنانِيّا» يعمّده باسم المسيح.

فقد شاول بصره، فكان وهو مفتوح العينين لا يبصر أحداً، فقادوه كالأعمى ودخلوا به إلى دمشق وظل هناك ثلاثة أيام لا يبصر. ولم يأكل أو يشرب لأنّه قضى كل الوقت في الصوم والصلاة والتأمل في محبة المسيح له.

وكان ممكناً أيضاً أن يشرح المسيح بنفسه لشاول ماذا يجب أن يعمل، لكنّ هذا كان ممكناً لأحد تلاميذ المسيح، فاختار الرب حنانيّا ليعلِّم شاول. وبنفس الطريقة يستخدم الله المؤمنين لينشروا تعاليمه في العالم. وعلى كل مسيحي أن يتعلم من غيره من المسيحيين المختبرين، وأن يعلِّم غيره ويرشدهم.

أيّها القارئ العزيز، هل تحب وتحترم الذين يتعبون بيننا ويدبّروننا في الرب وينذروننا؟

آية للحفظ

«يَا رَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟» (أعمال 9: 6)

صلاة

أشكرك يا ربّ لأنّك تحوِّل القلوب عن الشر وترشدها للخير، وتباركها بالتقوى والقداسة. حوِّل قلبي عن الخطأ وارشدني إلى الصواب.

سؤال

5 - لماذا ظهر المسيح بنفسه لشاول وكلمه في رؤيا؟

حنانيّا يعمّد شاول

10 وَكَانَ فِي دِمَشْقَ تِلْمِيذٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا، فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ فِي رُؤْيَا: «يَا حَنَانِيَّا». فَقَالَ: «هَأَنَذَا يَا رَبُّ». 11 فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُمْ وَاذْهَبْ إِلَى الزُّقَاقِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمُسْتَقِيمُ، وَاطْلُبْ فِي بَيْتِ يَهُوذَا رَجُلاً طَرْسُوسِيّاً اسْمُهُ شَاوُلُ - لأَنَّهُ هُوَذَا يُصَلِّي. 12 وَقَدْ رَأَى فِي رُؤْيَا رَجُلاً اسْمُهُ حَنَانِيَّا دَاخِلاً وَوَاضِعاً يَدَهُ عَلَيْهِ لِكَيْ يُبْصِرَ». 13 فَأَجَابَ حَنَانِيَّا: «يَا رَبُّ، قَدْ سَمِعْتُ مِنْ كَثِيرِينَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ كَمْ مِنَ الشُّرُورِ فَعَلَ بِقِدِّيسِيكَ فِي أُورُشَلِيمَ. 14 وَهَهُنَا لَهُ سُلْطَانٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُوثِقَ جَمِيعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِكَ». 15 فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ، لأَنَّ هَذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ. 16 لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي». 17 فَمَضَى حَنَانِيَّا وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَيْهِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ، قَدْ أَرْسَلَنِي الرَّبُّ يَسُوعُ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ لِكَيْ تُبْصِرَ وَتَمْتَلِئَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ». 18 فَلِلْوَقْتِ وَقَعَ مِنْ عَيْنَيْهِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قُشُورٌ، فَأَبْصَرَ فِي الْحَالِ وَقَامَ وَاعْتَمَدَ. 19 وَتَنَاوَلَ طَعَاماً فَتَقَوَّى. وَكَانَ شَاوُلُ مَعَ التَّلاَمِيذِ الَّذِينَ فِي دِمَشْقَ أَيَّاماً (أعمال 9: 10-19).

أعدَّ الرب لشاول أحد تلاميذه واسمه حنانيّا ليرشده إلى طريق الخلاص، بأن طلب من حنانيّا أن يذهب إلى الشارع الرئيسي في دمشق، واسمه «المستقيم» لأنّه يمتد من شرق دمشق إلى غربها، وأن يذهب إلى بيت يهوذا حيث يوجد شاول الطرسوسي الذي كان يصلّي، علامة على تغييره. كما أعدَّ الرب شاول بأن كلمه في رؤيا وأراه حنانيّا واضعاً يده عليه ليبصر.

واندهش حنانيّا من تكليف المسيح له، وتصوَّر أنّه يأمره أن يسعى على قدميه إلى هلاكه بيد شاول الذي يضطهد المسيحيين، فطمأنه الرب أنّه قد اختار شاول ليكون وسيلة نقل بشارة الخلاص إلى اليهود والأمم، وحتى إلى الملوك.

أطاع حنانيّا المسيح وذهب إلى بيت يهوذا حيث قابل شاول ووضع عليه يديه وصلّى علامة منحه البركة وشفائه حتى يبصر ويمتلئ من الروح القدس. وفي الحال سقط شيء من عينيْ شاول كأنّه قشور، فأبصر بعد أن كان أعمى مدة ثلاثة أيام، وظهر إيمانه بالمسيح ودخوله إلى الكنيسة بأن قبل المعمودية، وأكل طعاماً بعد أن كان صائماً، وبقي مع المسيحيين في دمشق وبلاد العرب يصلّي معهم حوالي ثلاث سنوات. وكانت هذه الفترة فترة استعداد للخدمة جلس فيها عند أقدام المسيح في الصلاة والتعبُّد ودرس الكلمة.

آية للحفظ

«هَذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ» (أعمال 9: 15)

صلاة

علِّمني يا رب أن أطيع إرشادك مهما كانت الصعوبة في طاعته، لأنك تعطي البركة لمن يطيعك وتضمن سلامته.

سؤال

6 - لماذا تردَّد حنانيّا في إطاعة الأمر الإلهي بالذهاب إلى شاول؟

شاول يكرز بالمسيح

20 وَلِلْوَقْتِ جَعَلَ يَكْرِزُ فِي الْمَجَامِعِ بِالْمَسِيحِ «أَنْ هَذَا هُوَ ابْنُ اللهِ». 21 فَبُهِتَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ وَقَالُوا: «أَلَيْسَ هَذَا هُوَ الَّذِي أَهْلَكَ فِي أُورُشَلِيمَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِهَذَا الاِسْمِ، وَقَدْ جَاءَ إِلَى هُنَا لِيَسُوقَهُمْ مُوثَقِينَ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ؟». 22 وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَزْدَادُ قُوَّةً وَيُحَيِّرُ الْيَهُودَ السَّاكِنِينَ فِي دِمَشْقَ مُحَقِّقاً «أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَسِيحُ» (أعمال 9: 20-22).

ما أن عرف شاول الطرسوسي المسيح واعتمد حتى بدأ يشهد للمسيح في مجامع اليهود ويخبرهم بقوّة الإنجيل والخلاص، موضِّحاً لهم أنَّ يسوع هو المسيح المخلِّص المنتظَر، وأنّه كلمة الله الأزلي الذي تجسّد وجال يعمل خيراً، وعلَّم تعليماً حسناً، وحكم عليه رؤساء اليهود ظلماً، وصلبوه فمات ودُفن، لكنّه قام وصعد إلى السماء، وجلس عن يمين الله يشفع في كل من يؤمن به، وهو حاضر في كنيسته بقوّة الروح القدس.

سمع اليهود شاول يكرز باسم المسيح في مجامعهم، فتعجّبوا كيف أنّ هذا الذي كان يضطهد المسيحيين في أورشليم، وجاء إلى دمشق ليعذّبهم، تغيَّر وأصبح من أتباع المسيح.

كان شاول يدرس التوراة بعين جديدة وبصيرة مفتوحة، بعد أن أدرك صحة الديانة المسيحية، فكان يكلم اليهود ببراهين قويّة ومقنعة من نبوّات العهد القديم على أنّ يسوع هو المسيح ابن الله الوحيد. فاحتار اليهود في أمره ولم يعرفوا كيف يجاوبونه.. وبدل أن يخضعوا لكلمة الله، أغلقوا آذانهم وقلوبهم وامتلأوا تعصّباً.

مسكين كل من يسمع عن المسيح ويرفض قبوله فادياً ومخلَّصاً.

آية للحفظ

«وَلِلْوَقْتِ جَعَلَ يَكْرِزُ فِي الْمَجَامِعِ بِالْمَسِيحِ أَنْ هَذَا هُوَ ابْنُ اللهِ» (أعمال 9: 20)

صلاة

أشكرك يا ربّ لأنّك كشفت لشاول من هو المسيح، بعد أن فتحت بصيرته. افتح بصيرتي دائماً لأعرف المسيح وقوّة قيامته وشركة آلامه، متشبِّهاً بموته.

سؤال

7 - لماذا اندهش اليهود من وعظ شاول؟

شاول يهرب من اليهود

23 وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ تَشَاوَرَ الْيَهُودُ لِيَقْتُلُوهُ، 24 فَعَلِمَ شَاوُلُ بِمَكِيدَتِهِمْ. وَكَانُوا يُرَاقِبُونَ الأَبْوَابَ أَيْضاً نَهَاراً وَلَيْلاً لِيَقْتُلُوهُ. 25 فَأَخَذَهُ التَّلاَمِيذُ لَيْلاً وَأَنْزَلُوهُ مِنَ السُّورِ مُدَلِّينَ إِيَّاهُ فِي سَلٍّ (أعمال 9: 23-25).

قضى شاول نحو ثلاث سنوات في دمشق وبلاد العرب مبشّراً بالمسيح. وتضايق اليهود منه، وعجزوا عن هدم براهينه القويّة عن المسيح، كما فشلوا في منع تأثير كلامه على الناس لأن كثيرين آمنوا بالمسيح، ففكروا أن يقتلوه حتى يُسكِتوه كما فعلوا باستفانوس من قبل. ويظهر أنهم اتفقوا مع والي دمشق أن يراقبوا أبواب المدينة حتى لا يهرب من أيديهم. لكنّ شاول عرف فكرهم الشرير، وتباحث في الأمر مع تلاميذ الرب وكان أحدهم يسكن في بيت على سور دمشق، فاتفقوا أن يضعوا شاول في سل أي زنبيل ويُنزلوه من النافذة إلى خارج سور دمشق حتى يهرب (2كورنثوس 11: 32، 33).

قصد شاول أن يدخل دمشق في وضح النهار ليعذّب المسيحيين ويخرج من المدينة متكبراً مرفوع الرأس، فسمح الرب بخروجه من المدينة ليلاً من كوّة في سلٍّ، وهكذا تحقّق قول المسيح: «إني أريه كم ينبغي أن يتألم من أجل اسمي» (أعمال 9: 16).

آية للحفظ

«فَأَخَذَهُ التَّلاَمِيذُ لَيْلاً وَأَنْزَلُوهُ مِنَ السُّورِ مُدَلِّينَ إِيَّاهُ فِي سَلٍّ» (أعمال 9: 25)

صلاة

أشكرك يا إلهي لأنَّ الساكن في ستر العلي في ظل القدير يبيت. أقول للرب ملجإي وحصني إلهي، فأتّكل عليه.

سؤال

8 - لماذا فكّر اليهود أن يقتلوا شاول في دمشق؟

شاول يرجع إلى أورشليم

26 وَلَمَّا جَاءَ شَاوُلُ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَاوَلَ أَنْ يَلْتَصِقَ بِالتَّلاَمِيذِ، وَكَانَ الْجَمِيعُ يَخَافُونَهُ غَيْرَ مُصَدِّقِينَ أَنَّهُ تِلْمِيذٌ. 27 فَأَخَذَهُ بَرْنَابَا وَأَحْضَرَهُ إِلَى الرُّسُلِ، وَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ أَبْصَرَ الرَّبَّ فِي الطَّرِيقِ وَأَنَّهُ كَلَّمَهُ، وَكَيْفَ جَاهَرَ فِي دِمَشْقَ بِاسْمِ يَسُوعَ. 28 فَكَانَ مَعَهُمْ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُجَاهِرُ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. 29 وَكَانَ يُخَاطِبُ وَيُبَاحِثُ الْيُونَانِيِّينَ فَحَاوَلُوا أَنْ يَقْتُلُوهُ. 30 فَلَمَّا عَلِمَ الإِخْوَةُ أَحْدَرُوهُ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ وَأَرْسَلُوهُ إِلَى طَرْسُوسَ.

31 وَأَمَّا الْكَنَائِسُ فِي جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَالْجَلِيلِ وَالسَّامِرَةِ فَكَانَ لَهَا سَلاَمٌ، وَكَانَتْ تُبْنَى وَتَسِيرُ فِي خَوْفِ الرَّبِّ، وَبِتَعْزِيَةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ كَانَتْ تَتَكَاثَرُ (أعمال 9: 26-31).

مضت نحو ثلاث سنوات منذ غادر شاول أورشليم إلى دمشق ليضطهد الكنيسة، عندما قابله الرب في الطريق وغيَّر قلبه. وها هو يرجع أورشليم ليلتصق بتلاميذ المسيح كواحد منهم، وليقابل الرسل، وخصوصاً بطرس لأنّه سمع عنه كثيراً.

وخاف التلاميذ منه لأنّهم ظنّوه جاسوساً يريد أن يقبض عليهم. ولكنّ أحدهم، واسمه برنابا، لاوي من قبرس، كان قد سمع عن شاول وعرف إخلاصه للمسيح، أخذه إلى الرسل ليقابل بطرس ويعقوب. وظل شاول معهم في بيت إنسان مؤمن مدة خمسة عشر يوماً يعلن جهاراً اسم المسيح ويعلِّم الآخرين بدون خوف (غلاطية 1: 18.. وبخصوص برنابا اقرأ تعليقنا على أعمال 4: 36، 37).

كان شاول شجاعاً بعد أن آمن، لذلك كان يبشّر اليهود الذين كانوا يسكنون بين اليونانيين ويتكلمون اللغة اليونانية، وكان يشرح لهم النبوّات عن يسوع المسيح في المجمع، فأرادوا أن يقتلوه. وعرف المؤمنون في أورشليم برغبة اليهود الدنيئة في قتل شاول، وأرادوا أن ينقذوه لأنّهم أحبوه كثيراً، فأخذوه إلى قيصرية، وهي مدينة على شاطئ البحر بين عكا ويافا، ثم أرسلوه إلى طرسوس وطنه الذي وُلد فيه.. وبقى شاول في طرسوس إلى أن دعاه برنابا ليساعده في التبشير في أنطاكية (أعمال 11: 25، 26).

والأرجح أنّ شاول بقي في طرسوس مدة تتراوح بين ثلاث وأربع سنوات صرفها في التبشير باسم المسيح، ومنح الرب كنيسته سلاماً واطمئناناً في مدن اليهودية والجليل والسّامرة، فاستراحت الكنيسة فترة من الاضطهاد الذي وقع عليها خصوصاً بعد قتل استفانوس، واستخدم الرب شاول في مساعدة الكنيسة وبنائها. وكان الروح القدس يقوي الكنيسة ويعزيها، فكانت تنمو وتتكاثر في سلام. أمّا اليهود فانشغلوا بالأمور السياسية لأنّ والي سوريا الروماني أمر أن يُقام له تمثال في هيكل أورشليم، فانشغلوا به عن المسيحيين. وما زال الله يعمل في كنيسته العامة، وحيث روح الرب فهناك حياة وحرية وغيرة ونموّ في الإيمان.

آية للحفظ

«وَأَمَّا الْكَنَائِسُ فِي جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَالْجَلِيلِ وَالسَّامِرَةِ فَكَانَ لَهَا سَلاَمٌ، وَكَانَتْ تُبْنَى وَتَسِيرُ فِي خَوْفِ الرَّبِّ، وَبِتَعْزِيَةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ كَانَتْ تَتَكَاثَرُ» (أعمال 9: 31)

صلاة

أشكرك يا ربّ لأنّه عندما يأتي العدوّ كنهر جارف فنفخة منك تدفعه. فاحفظ شعبك في سلام.

سؤال

9 - ما هي الخدمة التي قدّمها برنابا لشاول وللرسل بخصوص شاول؟

شفاء إينياس

32 وَحَدَثَ أَنَّ بُطْرُسَ وَهُوَ يَجْتَازُ بِالْجَمِيعِ نَزَلَ أَيْضاً إِلَى الْقِدِّيسِينَ السَّاكِنِينَ فِي لُدَّةَ 33 فَوَجَدَ هُنَاكَ إِنْسَاناً اسْمُهُ إِينِيَاسُ مُضْطَجِعاً عَلَى سَرِيرٍ مُنْذُ ثَمَانِي سِنِينَ وَكَانَ مَفْلُوجاً. 34 فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «يَا إِينِيَاسُ يَشْفِيكَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ. قُمْ وَافْرُشْ لِنَفْسِكَ». فَقَامَ لِلْوَقْتِ. 35 وَرَآهُ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ فِي لُدَّةَ وَسَارُونَ الَّذِينَ رَجَعُوا إِلَى الرَّبِّ (أعمال 9: 32-35).

ذهب بطرس إلى مدينة لدّة (وهي الآن اللد) التي تبعد عن يافا نحو تسعة أميال، حيث كان مسيحيون كثيرون، يصفهم سفر الأعمال بأنهم «قديسون» لا لأنّهم كانوا كاملين في كل شيء، بل لأنهم كانوا يسعون إلى القداسة التي لهم في المسيح وهم على الأرض، حتى تكمل قداستهم في السماء. وفي لدّة وجد بطرس رجلاً مفلوجاً اسمه إينياس. واسم «إينياس» يوناني، مما يدل على أنه نشأ في بلد يتكلم سكّانها اللغة اليونانية. والفالج هو الشلل الذي يُعجِز صاحبه عن الحركة، ولم يكن لهذا المرض علاج في ذلك الوقت.

كان إينياس مريضاً مدة ثماني سنوات ومضطجعاً على سرير، فاقترب منه بطرس، ورأى علامات الإيمان واضحة على وجهه المُتعَب من المرض، فقال له: «يشفيك يسوع المسيح». وفي الحال قام إينياس وفرش فراشه لنفسه!

وشاهد إينياس كثيرون من سكان لدّة وسهل سارون الذي يقع على شاطئ البحر من يافا إلى قيصرية. وكانوا قد اعتادوا أن يروه نائماً بلا حراك في فراشه، ولكنّهم شاهدوه يسير ويتحرّك، وعلموا أنّ المسيح عمل معجزة شفائه، فآمن كثيرون بالمسيح وتغيَّرت قلوبهم وتركوا ظلمة عدم الإيمان ورجعوا إلى نور الإيمان بالمسيح وبقوّته وخلاصه. وهكذا كان اسم المسيح يتمجّد بين الناس.

إنّ المسيح لم يتغيّر ولن يتغيّر، وهو لا يزال يعمل عجباً في حياة كل من يؤمن به. فهل آمنت بقوّته الفادية الشافية؟

آية للحفظ

«يَا إِينِيَاسُ يَشْفِيكَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ. قُمْ وَافْرُشْ لِنَفْسِكَ» (أعمال 9: 34)

صلاة

يا من شفيت وأقمت من الشلل، اشفِ أيادٍ شلَّتها الخطية عن فعل الخير، وأقداماً شلَّها الشر عن السير إلى بيتك.

سؤال

10 - ما معنى أنّ الرسول بطرس نزل إلى «القدّيسين» في لدّة؟

إقامة طابيثا من الموت

36 وَكَانَ فِي يَافَا تِلْمِيذَةٌ اسْمُهَا طَابِيثَا، الَّذِي تَرْجَمَتُهُ غَزَالَةُ. هَذِهِ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَعْمَالاً صَالِحَةً وَإِحْسَانَاتٍ كَانَتْ تَعْمَلُهَا. 37 وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَنَّهَا مَرِضَتْ وَمَاتَتْ فَغَسَّلُوهَا وَوَضَعُوهَا فِي عِلِّيَّةٍ. 38 وَإِذْ كَانَتْ لُدَّةُ قَرِيبَةً مِنْ يَافَا وَسَمِعَ التَّلاَمِيذُ أَنَّ بُطْرُسَ فِيهَا، أَرْسَلُوا رَجُلَيْنِ يَطْلُبَانِ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يَتَوَانَى عَنْ أَنْ يَجْتَازَ إِلَيْهِمْ. 39 فَقَامَ بُطْرُسُ وَجَاءَ مَعَهُمَا. فَلَمَّا وَصَلَ صَعِدُوا بِهِ إِلَى الْعِلِّيَّةِ، فَوَقَفَتْ لَدَيْهِ جَمِيعُ الأَرَامِلِ يَبْكِينَ وَيُرِينَ أَقْمِصَةً وَثِيَاباً مِمَّا كَانَتْ تَعْمَلُ غَزَالَةُ وَهِيَ مَعَهُنَّ. 40 فَأَخْرَجَ بُطْرُسُ الْجَمِيعَ خَارِجاً وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْجَسَدِ وَقَالَ: «يَا طَابِيثَا، قُومِي!» فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا. وَلَمَّا أَبْصَرَتْ بُطْرُسَ جَلَسَتْ 41 فَنَاوَلَهَا يَدَهُ وَأَقَامَهَا. ثُمَّ نَادَى الْقِدِّيسِينَ وَالأَرَامِلَ وَأَحْضَرَهَا حَيَّةً. 42 فَصَارَ ذَلِكَ مَعْلُوماً فِي يَافَا كُلِّهَا، فَآمَنَ كَثِيرُونَ بِالرَّبِّ. 43 وَمَكَثَ أَيَّاماً كَثِيرَةً فِي يَافَا عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُلٍ دَبَّاغٍ (أعمال 9: 36-43).

عاشت في مدينة يافا سيّدة مسيحية ممتازة اسمها طابيثا (واسمها سريانيّ معناه غزالة) كانت تعمل أعمالاً صالحة كثيرة، فتخيط أقمصة وثياباً للفقراء، ويقول الكتاب عنها إنّها كانت «مُمْتَلِئَةً أَعْمَالاً صَالِحَةً وَإِحْسَانَاتٍ».

ومدينة يافا ميناء هام على البحر الأبيض المتوسط، تبعد تسعة أميال عن لدّة، وكان بطرس في لدّة. وحدث أنّ طابيثا مرضت، واشتدّ عليها المرض فماتت وغسّلوها ووضعوها في غرفة عليا استعداداً لدفنها.

وسمع المسيحيون أنّ بطرس في لدّة، وفكّروا أنه قد يقيم طابيثا الصالحة من الموت، فأرسلوا رجلين إلى لدّة يطلبان منه أن يحضر. ربّما افتكر بعض التلاميذ أنّ بطرس سيقيم طابيثا من الموت، وربّما افتكر البعض الآخر أنّه سيحضر ويعظ الشعب أثناء الجنازة.

وذهب بطرس إلى يافا حيث كانت جثة طابيثا وقد اجتمعت حولها الأرامل اللواتي كانت تُحسِن إليهن في حياتها. وبالبكاء أرين بطرس الأقمصة التي صنعتها طابيثا لهنَّ. فأمر بطرس الأرامل أن يخرجن من العليّة حتى يتمكّن من الصلاة في جو هادئ وحتى لا يمجّده الناس، لأنّ القوّة التي تقيم الموتى هي قوّة الله المحيي، سامع الصلاة.

صلّى بطرس بإيمان ثم نادى: «يَا طَابِيثَا، قُومِي!» فعادت إلى الحياة وفتحت عينيها، فأمسك يدها وأقامها، ثمّ نادى المؤمنين والأرامل وأراهم طابيثا بعد أن قامت. كانت المعجزة صحيحة، فقد تأكد الناس أنها ماتت، وسمعوا بكاء الأرامل عليها وها هي تقوم من الموت.. كانت هذه أول معجزة قام بها أحد الرسل في إقامة إنسان من الموت، نتج عنها أن آمن كثيرون بالمسيح.

ولا بدّ أنّ بطرس جعل يافا مركزاً للتبشير، فقد أقام فيها نحو ثلاث سنوات في بيت سمعان الذي كان يدبغ الجلود. وكان اليهود يرون في أن تكون الدباغة بعيدة عن مكان السكن لما فيها من مخالفةٍ لشعائر الطهارة. وهذا يرينا أن المسيحية تهتم بطهارة القلب، لا بطهارة الطقوس.

آية للحفظ

«هَذِهِ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَعْمَالاً صَالِحَةً وَإِحْسَانَاتٍ كَانَتْ تَعْمَلُهَا» (أعمال 9: 36)

صلاة

يا ربُّ، أشكرك لأنّك جعلتني في المسيح خليقة جديدة لأعمل أعمالاً صالحة قد سبقت فأعددتها لي لأقوم بها. افتح عينيَّ لأرى حاجات المحيطين بي لأسدّدها بقدر ما تغدق عليَّ من عطايا سخيّة.

سؤال

11- ما معنى اسم طابيثا؟

الفصل السادس: الكنيسة تقبل المؤمنين من الأمم (أعمال الرسل 10، 11)

كان الرب يسوع مع كنيسته وأعطاها سلاماً، فكانت تنمو في أورشليم والسّامرة. ولم يسكت الرسل والتلاميذ عن التبشير باسم المسيح، فكان بطرس يذهب إلى اليهودية والسّامرة والجليل يبشر اليهود فقط باسم المسيح. وكان على الكنيسة أن تطيع أمر المسيح «ٱذْهَبُوا إِلَى ٱلْعَالَمِ أَجْمَعَ وَٱكْرِزُوا بِٱلإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا» (مرقس 16: 15). وهذا ما فعله الرب بواسطة رسوله بطرس.

كان الرب يسوع مع كنيسته وأعطاها سلاماً، فكانت تنمو في أورشليم والسّامرة. ولم يسكت الرسل والتلاميذ عن التبشير باسم المسيح، فكان بطرس يذهب إلى اليهودية والسّامرة والجليل يبشر اليهود فقط باسم المسيح. وكان على الكنيسة أن تطيع أمر المسيح «ٱذْهَبُوا إِلَى ٱلْعَالَمِ أَجْمَعَ وَٱكْرِزُوا بِٱلإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا» (مرقس 16: 15). وهذا ما فعله الرب بواسطة رسوله بطرس.

رؤيا كرنيليوس

1 وَكَانَ فِي قَيْصَرِيَّةَ رَجُلٌ اسْمُهُ كَرْنِيلِيُوسُ قَائِدُ مِئَةٍ مِنَ الْكَتِيبَةِ الَّتِي تُدْعَى الإِيطَالِيَّةَ، 2 وَهُوَ تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ وَيُصَلِّي إِلَى اللهِ فِي كُلِّ حِينٍ. 3 فَرَأَى ظَاهِراً فِي رُؤْيَا نَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ مِنَ النَّهَارِ مَلاَكاً مِنَ اللهِ دَاخِلاً إِلَيْهِ وَقَائِلاً لَهُ: «يَا كَرْنِيلِيُوسُ». 4 فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْهِ وَدَخَلَهُ الْخَوْفُ قَالَ: «مَاذَا يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ لَهُ: «صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَاراً أَمَامَ اللهِ. 5 وَالآنَ أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالاً وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ. 6 إِنَّهُ نَازِلٌ عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُلٍ دَبَّاغٍ بَيْتُهُ عِنْدَ الْبَحْرِ. هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ». 7 فَلَمَّا انْطَلَقَ الْمَلاَكُ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُ كَرْنِيلِيُوسَ، نَادَى اثْنَيْنِ مِنْ خُدَّامِهِ وَعَسْكَرِيّاً تَقِيّاً مِنَ الَّذِينَ كَانُوا يُلاَزِمُونَهُ 8 وَأَخْبَرَهُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى يَافَا (أعمال 10: 1-8).

كان اليهود يعتقدون أنّ الله اختارهم وحدهم شعباً له، ويعتبرون الشعوب الأخرى أمماً نجسة! وكان في قيصرية رجل روماني اسمه كرنيليوس، ضابط في الجيش الروماني قائداً لمائة جندي من الكتيبة المكوَّنة من 600 جنديّ إيطالي. وكان كرنيليوس تقيّاً يعبد الله ولا يعبد الأوثان، ويقوم بالأعمال التي تُرضي الله. ولعله سمع عن وحدانية الله من اليهود الذين عاش بينهم، فعبده.. ولم يكتفِ كرنيليوس بأن يعبد وحده الله، لكنّه أثَّر على أهله وعبيده فعبدوا الله الواحد معه. وكان رحيماً بالفقراء، يواظب على الصلاة في الأوقات المعيّنة عند اليهود، وهي الصباح والظهر والعصر.

وذات مرّة بينما كان كرنيليوس يصلّي في الساعة الثالثة بعد الظهر (وهو وقت تقديم الذبيحة المسائية عند اليهود) رأى ملاكاً في صورة بشرية آتياً إليه من عند الله، كلمه بصوت مسموع، وناداه باسمه، فخاف وسأل الملاك عمّا يريده منه، فأعلن له أنّ الله قبل صلواته وإحساناته، لكنّها ليست كافية لخلاص نفسه، وطلب منه أن يرسل رجالاً إلى يافا ليُحضروا بطرس الذي كان يقيم في بيت سمعان الدّباغ.

لم يكن ممكناً أن يذهب بطرس ليبشر كرنيليوس، لأنّه لم يكن يهوديٌّ يقدر أن يزور ضابطاً رومانياً. لذلك أرسل الله ملاكه ليخبر كرنيليوس، في رؤيا، أن يدعو بطرس. وهذا يشبه إرسال حنانيّا ليشرح طريق المسيح لشاول الطرسوسي.. ولا زال الله يوصل رسالته أولا بالرؤى والإعلانات السّماوية، فينفتح الطريق لمبشرٍ مسيحي يشرح طريق الخلاص.

وأطاع كرنيليوس الرؤيا واستدعى اثنين من خدّامه وعسكرياً، وأخبرهم بما حدث، وطلب منهم أن يذهبوا إلى يافا لإحضار بطرس.

كان فيلبّس ساكناً في قيصرية حيث وُجد كرنيليوس، وكان يمكن أن يختار الله فيلبّس ليبشّر كرنيليوس بالمسيح، لكنّ الله اختار بطرس ليقوم بهذا العمل، حتى يعلّمه أنّ المسيح ليس لليهود فقط بل لكل البشر أيضاً.

آية للحفظ

«صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَاراً أَمَامَ اللهِ» (أعمال 10: 4)

صلاة

أشكرك يا ربّي من أجل المُخْلصين الذين يصلّون ويتصدَّقون، وأطلب أن تعرِّفهم بحاجتهم لأن يسمعوا عن المسيح المخلِّص كي يقبلوه فادياً.

سؤال

12 - لماذا لم تكن صلوات وصدقات كرنيليوس كافية لحصوله على الخلاص؟

رؤيا بطرس

9 ثُمَّ فِي الْغَدِ فِيمَا هُمْ يُسَافِرُونَ وَيَقْتَرِبُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى السَّطْحِ لِيُصَلِّيَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. 10 فَجَاعَ كَثِيراً وَاشْتَهَى أَنْ يَأْكُلَ. وَبَيْنَمَا هُمْ يُهَيِّئُونَ لَهُ وَقَعَتْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ 11 فَرَأَى السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً وَإِنَاءً نَازِلاً عَلَيْهِ مِثْلَ مُلاَءةٍ عَظِيمَةٍ مَرْبُوطَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ وَمُدَلاَّةٍ عَلَى الأَرْضِ. 12 وَكَانَ فِيهَا كُلُّ دَوَابِّ الأَرْضِ وَالْوُحُوشِ وَالزَّحَّافَاتِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. 13 وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ: «قُمْ يَا بُطْرُسُ، اذْبَحْ وَكُلْ». 14 فَقَالَ بُطْرُسُ: «كَلاَّ يَا رَبُّ، لأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئاً دَنِساً أَوْ نَجِساً». 15 فَصَارَ إِلَيْهِ أَيْضاً صَوْتٌ ثَانِيَةً «مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!» 16 وَكَانَ هَذَا عَلَى ثَلاَثِ مَرَّاتٍ ثُمَّ ارْتَفَعَ الإِنَاءُ أَيْضاً إِلَى السَّمَاءِ (أعمال 10: 9-16).

سافر رسل كرنيليوس إلى يافا لإحضار بطرس، والمسافة بين قيصرية ويافا 35 ميلاً، يستغرق قطعها اثنتي عشرة ساعة. وصعد بطرس على سطح بيت سمعان الدبّاغ ليصلّي نحو الساعة السادسة من النهار (أي نحو وقت الظهر). وكان المفروض على اليهود أن يٌصلّوا يومياً في الساعة الثالثة والساعة التاسعة، وزاد الأتقياء منهم صلاة الساعة السادسة.

كان بطرس يصلّي عندما جاء موعد تناوله الطعام، فجاع كثيراً. وبينما كان أهل بيت سمعان يُهيّئون له الغداء وقعت عليه غيبة، شبيهة بالرؤيا، حيث تدرك النفس أموراً لا تدركها بحواسها الطبيعية. فرأى بطرس في هذه الغيبة كأنّ الجوّ انشقّ والسماء انفتحت، ونزلت ملاءة من السماء مربوطة من أطرافها الأربعة بحبال، فأصبحت كأنّها إناء. ولمّا اقتربت منه رأى ما فيها، فإذ هي تحوي كل أنواع الدوابّ والوحوش والزحافات والطيور، بعضها طاهر (أي يجوز أكله)، والبعض الآخر نجس (حرَّمته الشريعة اليهودية) كما في تثنية 14: 3-30. وسمع بطرس صوتاً يقول له: «اذْبَحْ وَكُلْ» فتعجّب من أمر سماوي يُعارض الشريعة، وقال: «كَلاَّ يَا رَبُّ، لأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئاً دَنِساً أَوْ نَجِساً». فجاءه الصّوت السماوي مرة ثانية: «مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!». فقد كانت الرسالة من عند الله ليلغي التمييز بين الطاهر والنجس من الحيوانات، وأهمّ من ذلك أنّه لا تمييز عند الله بين اليهود والأمم، فقد اعتقد اليهود أنّهم وحدهم الطاهرون، وباقي الناس نجسون. وكان الله يجهِّز بطرس ليقبل دعوة كرنيليوس ويذهب إلى بيته.

ومن ذلك نفهم أنّ المسيح الذي مات عن كل البشر لا يميِّز بين اليهود والأمم، وقد أعطى للأمم كل الحقوق الروحية والبركات السماوية التي ظنّها اليهود لهم وحدهم. وهذا يعني أنّه يجب تبشير الأمم بالإنجيل في قيصرية وأورشليم سواءً بسواء.

تكرّر الأمر لبطرس ثلاث مرات ليؤكد له الرؤيا، وبعد ذلك ارتفع الإناء إلى السماء.

آية للحفظ

«مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!»(أعمال 10: 15)

صلاة

ساعدني يا ربّ لأرى كيف تحبّ أنت كل الناس، فأحبّهم كما تحبّهم، وأطلب خيرهم وخلاص نفوسهم بحسب إرادتك الصالحة.

سؤال

13 - لماذا كرَّر الرب أمره لبطرس ثلاث مرات؟

رجال كرنيليوس يطلبون بطرس

17وَإِذْ كَانَ بُطْرُسُ يَرْتَابُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا عَسَى أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَا الَّتِي رَآهَا؟ إِذَا الرِّجَالُ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ كَرْنِيلِيُوسُ كَانُوا قَدْ سَأَلُوا عَنْ بَيْتِ سِمْعَانَ وَوَقَفُوا عَلَى الْبَابِ 18وَنَادَوْا يَسْتَخْبِرُونَ: هَلْ سِمْعَانُ الْمُلَقَّبُ بُطْرُسَ نَازِلٌ هُنَاكَ؟ 19وَبَيْنَمَا بُطْرُسُ مُتَفَكِّرٌ فِي الرُّؤْيَا قَالَ لَهُ الرُّوحُ: «هُوَذَا ثَلاَثَةُ رِجَالٍ يَطْلُبُونَكَ. 20لَكِنْ قُمْ وَانْزِلْ وَاذْهَبْ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ، لأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ». 21فَنَزَلَ بُطْرُسُ إِلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ إِلَيْهِ كَرْنِيلِيُوسُ وَقَالَ: «هَا أَنَا الَّذِي تَطْلُبُونَهُ. مَا هُوَ السَّبَبُ الَّذِي حَضَرْتُمْ لأَجْلِهِ؟» 22فَقَالُوا: «إِنَّ كَرْنِيلِيُوسَ قَائِدَ مِئَةٍ رَجُلاً بَارّاً وَخَائِفَ اللهِ وَمَشْهُوداً لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةِ الْيَهُودِ، أُوحِيَ إِلَيْهِ بِمَلاَكٍ مُقَدَّسٍ أَنْ يَسْتَدْعِيَكَ إِلَى بَيْتِهِ وَيَسْمَعَ مِنْكَ كَلاَماً». 23فَدَعَاهُمْ إِلَى دَاخِلٍ وَأَضَافَهُمْ. ثُمَّ فِي الْغَدِ خَرَجَ بُطْرُسُ مَعَهُمْ وَأُنَاسٌ مِنَ الإِخْوَةِ الَّذِينَ مِنْ يَافَا رَافَقُوهُ (أعمال 10: 17-23).

أخذ بطرس يفكّر في الرؤيا، فأخبره روح الرب عن الرجال الثلاثة الذين أرسلهم إليه كرنيليوس، وطلب منه أن يذهب معهم دون أن يسأل عن المكان. لقد عرف روح الرب أنّ بطرس سيتعرّض لشكوكٍ ومخاوف، لذلك قال له: «اذْهَبْ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ، لأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ».

نزل بطرس من على السطح طاعةً للأمر الإلهي، وقابل رجال كرنيليوس الثلاثة وسألهم عن سبب مجيئهم، فأخبروه بكل ما حدث مع كرنيليوس، فدعاهم إلى داخل البيت، رغم أنّه عرف أنهم ليسوا يهوداً، واستضافهم حتى اليوم التالي، ثم ذهب معهم، وصحبه ستة رجال من اليهود الذين آمنوا بالمسيح (اقرأ أعمال 11: 12). أخذهم بطرس معه ليكونوا شهوداً بما حدث، وليخبروا كنيسة يافا والكنائس الأخرى بضرورة تبشير الأمم بإنجيل المسيح.

نزل بطرس من على السطح طاعةً للأمر الإلهي، وقابل رجال كرنيليوس الثلاثة وسألهم عن سبب مجيئهم، فأخبروه بكل ما حدث مع كرنيليوس، فدعاهم إلى داخل البيت، رغم أنّه عرف أنهم ليسوا يهوداً، واستضافهم حتى اليوم التالي، ثم ذهب معهم، وصحبه ستة رجال من اليهود الذين آمنوا بالمسيح (اقرأ أعمال 11: 12). أخذهم بطرس معه ليكونوا شهوداً بما حدث، وليخبروا كنيسة يافا والكنائس الأخرى بضرورة تبشير الأمم بإنجيل المسيح.

بطرس في بيت كرنيليوس

24 وَفِي الْغَدِ دَخَلُوا قَيْصَرِيَّةَ. وَأَمَّا كَرْنِيلِيُوسُ فَكَانَ يَنْتَظِرُهُمْ وَقَدْ دَعَا أَنْسِبَاءهُ وَأَصْدِقَاءهُ الأَقْرَبِينَ. 25 وَلَمَّا دَخَلَ بُطْرُسُ اسْتَقْبَلَهُ كَرْنِيلِيُوسُ وَسَجَدَ وَاقِعاً عَلَى قَدَمَيْهِ. 26 فَأَقَامَهُ بُطْرُسُ قَائِلاً: «قُمْ أَنَا أَيْضاً إِنْسَانٌ». 27 ثُمَّ دَخَلَ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ مَعَهُ، وَوَجَدَ كَثِيرِينَ مُجْتَمِعِينَ. 28 فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ كَيْفَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى رَجُلٍ يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ. وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَرَانِي اللهُ أَنْ لاَ أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ. 29 فَلِذَلِكَ جِئْتُ مِنْ دُونِ مُنَاقَضَةٍ إِذِ اسْتَدْعَيْتُمُونِي. فَأَسْتَخْبِرُكُمْ: لأَيِّ سَبَبٍ اسْتَدْعَيْتُمُونِي؟». 30 فَقَالَ كَرْنِيلِيُوسُ: «مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ كُنْتُ صَائِماً. وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ كُنْتُ أُصَلِّي فِي بَيْتِي، وَإِذَا رَجُلٌ قَدْ وَقَفَ أَمَامِي بِلِبَاسٍ لاَمِعٍ 31 وَقَالَ: يَا كَرْنِيلِيُوسُ، سُمِعَتْ صَلاَتُكَ وَذُكِرَتْ صَدَقَاتُكَ أَمَامَ اللهِ. 32 فَأَرْسِلْ إِلَى يَافَا وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ. إِنَّهُ نَازِلٌ فِي بَيْتِ سِمْعَانَ رَجُلٍ دَبَّاغٍ عِنْدَ الْبَحْرِ. فَهُوَ مَتَى جَاءَ يُكَلِّمُكَ. 33 فَأَرْسَلْتُ إِلَيْكَ حَالاً. وَأَنْتَ فَعَلْتَ حَسَناً إِذْ جِئْتَ. وَالآنَ نَحْنُ جَمِيعاً حَاضِرُونَ أَمَامَ اللهِ لِنَسْمَعَ جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ بِهِ اللهُ» (أعمال 10: 24-33).

سافر الرجال العشرة من يافا إلى قيصرية: بطرس، والثلاثة الذين أرسلهم كرنيليوس، وستة من اليهود المؤمنين بالمسيح. وكان كرنيليوس في انتظارهم مع بعض أقربائه وأصدقائه الذين أراد أن يشركهم معه في السّماع عن المسيح. ومن هذا نتعلّم أن الروح القدس يعمل متّى يشاء في قلوب من يشاء حتى يؤمنوا بالمسيح.

وعندما دخل بطرس بيت كرنيليوس أراد كرنيليوس أن يكرمه فسجد له، فرفض بطرس أن يطلب مجداً لنفسه لأنّه إنسان مخلوق مثل باقي الناس ومثل كرنيليوس، كما أنّ السجود ينبغي أن يكون لله وحده، لذلك أقامه وقال له: «قُمْ أَنَا أَيْضاً إِنْسَانٌ».

كانت هذه أوّل مرّة يدخل فيها يهوديّ بيت شخص أمميّ من غير اليهود ليبشّره بالمسيح. وهناك وجد كثيرين من أصدقاء كرنيليوس وأنسبائه وعساكره.

بدأ بطرس الكلام بمقدّمة قال فيها إنّه خالف عادات اليهود بمجيئه، لأنّ اليهود لا يخالطون الأمم ويعتبرونهم أجانب عنهم وعن تقاليدهم. ثمّ قال لهم إنّ الله علَّمه أن لا يرفض أحداً من الناس، لأنّ المسيح ابن الله عندما اتّخذ الطبيعة البشرية ومات على الصليب أوجد تطهيراً لجميع الناس بدم صليبه. ثم سأل بطرس كرنيليوس عن سبب استدعائه، فروى له كرنيليوس ما حدث له، وقال: «وَالآنَ نَحْنُ جَمِيعاً حَاضِرُونَ أَمَامَ اللهِ لِنَسْمَعَ جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ بِهِ اللهُ». إنّ الله فاحص القلوب يخاطب المؤمنين بكتابه المقدّس وصوت خدّامه الأمناء.

آية للحفظ

«وَالآنَ نَحْنُ جَمِيعاً حَاضِرُونَ أَمَامَ اللهِ لِنَسْمَعَ جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ بِهِ اللهُ» (أعمال10: 33)

صلاة

ساعدني يا رب لتكون هذه الآية صلاتي كلما دخلت بيتك للعبادة، فأسمع كلمتك السماوية وأعمل بها.

سؤال

14 - لماذا لا يجب أن يرفض المؤمن أحداً من الناس؟

بطرس يعظ بالمسيح في بيت كرنيليوس

34 فَقَالَ بُطْرُسُ: «بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. 35 بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ. 36 الْكَلِمَةُ الَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ يُبَشِّرُ بِالسَّلاَمِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. هَذَا هُوَ رَبُّ الْكُلِّ. 37 أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ الأَمْرَ الَّذِي صَارَ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئاً مِنَ الْجَلِيلِ بَعْدَ الْمَعْمُودِيَّةِ الَّتِي كَرَزَ بِهَا يُوحَنَّا. 38 يَسُوعُ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ اللهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْقُوَّةِ، الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْراً وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ. 39 وَنَحْنُ شُهُودٌ بِكُلِّ مَا فَعَلَ فِي كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي أُورُشَلِيمَ. الَّذِي أَيْضاً قَتَلُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. 40 هَذَا أَقَامَهُ اللهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَعْطَى أَنْ يَصِيرَ ظَاهِراً 41 لَيْسَ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ، بَلْ لِشُهُودٍ سَبَقَ اللهُ فَانْتَخَبَهُمْ. لَنَا نَحْنُ الَّذِينَ أَكَلْنَا وَشَرِبْنَا مَعَهُ بَعْدَ قِيَامَتِهِ مِنَ الأَمْوَاتِ. 42 وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ وَنَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعَيَّنُ مِنَ اللهِ دَيَّاناً لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ. 43 لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا» (أعمال 10: 34-43).

قال بطرس إنّ الله أعلن له إرادته ببراهين قويّة أزالت شكوكه، لأنّ الله لا يفضّل إنساناً على آخر بسبب رتبته أو مقامه أو غناه أو انتمائه، لأنّ الله ينظر إلى قلب الإنسان وليس إلى مظهره. وقول بطرس هذا يخالف اعتقاد اليهود الذين ظنوا أنهم أفضل من باقي الناس لأنّهم من نسل إبراهيم (لوقا 3: 8).

ومن هذا نتعلّم أنّ المسيح رفع الحاجز بين اليهود والأمم عندما قدّم الخلاص لكل من يؤمن به تائباً عن شروره، لأنّ جميع البشر خطاة مهما كان جنسهم، وكل الذين يخلصون إنّما يخلصون من خطاياهم برحمة الله التي ظهرت في المسيح لجميع الناس.

وكما لم يتبرّر كرنيليوس بتقواه ولا بصدقاته بل بإيمانه بالمسيح، هكذا كل إنسان مهما كانت جنسيّته لا يمكن أن يخلص إلاّ إن آمن بالمسيح الفادي والمخلِّص. وكل من يريد الخلاص من خطاياه يمكنه الحصول على ذلك بواسطة الإيمان بالمسيح، الذي يجمع حوله المؤمنين به من كلّ قبيلة ولسان وشعب وأمّة. فكل إنسان مهما كانت أمّته، إن سلك بحسب ما وصل إليه من معرفة الله، سينال خلاصه بفضل كفّارة المسيح طريق الخلاص الوحيد.

حَوَت كلمة الرسول بطرس خبر المصالحة بين الله البار والإنسان الخاطئ، وهي مصالحة تغرس السلام في قلب المؤمن، كما تغرس السلام بين اليهود والأمم.

وشرح بطرس لسامعيه أنّ المسيح نادى بكلمته بعد أن تعمد من يوحنّا، وأنّ الله مسحه بقوّة الروح القدس ملكاً وكاهناً ونبيّاً ليكون وسيطاً بين الله والناس، وأنّه جال يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس. وأكد بطرس لهم أنّه شاهد مع باقي التلاميذ شخص المسيح بالعيان، وسمع كلامه، ثم ذكر لهم أنّه صُلب وقام في اليوم الثالث، وأوصى تلاميذه أن يشهدوا لعمله الخلاصي، وأنّه الديان الوحيد لكلّ الأجيال الماضية والحاضرة والآتية، وكلّ من يؤمن به ينال غفران خطاياه.

وشرح بطرس لسامعيه أنّ المسيح نادى بكلمته بعد أن تعمد من يوحنّا، وأنّ الله مسحه بقوّة الروح القدس ملكاً وكاهناً ونبيّاً ليكون وسيطاً بين الله والناس، وأنّه جال يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس. وأكد بطرس لهم أنّه شاهد مع باقي التلاميذ شخص المسيح بالعيان، وسمع كلامه، ثم ذكر لهم أنّه صُلب وقام في اليوم الثالث، وأوصى تلاميذه أن يشهدوا لعمله الخلاصي، وأنّه الديان الوحيد لكلّ الأجيال الماضية والحاضرة والآتية، وكلّ من يؤمن به ينال غفران خطاياه.

بطرس يعمِّد كرنيليوس وأهل بيته

44 فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ الأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ. 45 فَانْدَهَشَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ، كُلُّ مَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الأُمَمِ أَيْضاً. 46 لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ اللهَ. حِينَئِذٍ قَالَ بُطْرُسُ: 47 «أَتُرَى يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ الْمَاءَ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ قَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ كَمَا نَحْنُ أَيْضاً؟» 48 وَأَمَرَ أَنْ يَعْتَمِدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ. حِينَئِذٍ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ أَيَّاماً (أعمال 10: 44-48).

قبل أن تنتهي موعظة بطرس في بيت كرنيليوس حل الروح القدس على كل السامعين وأعطاهم نفس المواهب الروحية التي أعطاها للتلاميذ واليهود في أورشليم يوم الخمسين. وهذه شهادة الرّوح القدس لأنّ ما نادى به بطرس موافق لقصد الله، وهو أنّ خلاص المسيح موهوب لكلّ من يؤمن، سواء أكان يهودياً أم أممياً.

وشاهد المؤمنون اليهود الستَّة الذين جاءوا مع بطرس حلول الرّوح القدس على المجتمعين في بيت كرنيليوس، وتكلُّمهم بألسنة غريبة، فاندهشوا. وقال لهم بطرس: لا يمكن أن يمنع أحد معمودية هؤلاء الناس، فقد كانت العادة أن يحلّ الرّوح القدس على الناس بعد المعمودية ووضع الأيدي، لكنّهم رأوا الرّوح القدس يحل على غير المعمَّدين، وهذا يزيل من قلوبهم كل شكّ في حقّ الأمم في الإيمان بالمسيح قبل أن يعتمدوا، لأنّ الذي يعتمد بالروح القدس يستحق أن يعتمد بالماء، فإن كان الله قد قبله يجب أن يقبله الإنسان أيضاً.

ولم يعترض أحد من المؤمنين الستَّة على معمودية كرنيليوس وأهل بيته. ولا بدّ أن بعضهم كانوا من القادة، فأمرهم بطرس أن يعمّدوهم، لأنّ المعمودية ضرورية، وقد أمر بها المسيح، وهي ختم العهد المسيحي، وعلامة الدخول إلى الكنيسة المنظورة على الأرض.

ومن هذا نفهم حقّ الأمم في المعمودية، طالما آمنوا بالمسيح الفادي والمخلِّص.

تعمّد كرنيليوس وأهل بيته وفرحوا فرحاً عظيماً بنوالهم خلاص المسيح، وطلبوا من بطرس ورفقائه أن يمكثوا معهم أياماً، فقبلوا واعتبروهم إخوة في المسيح، وخالطوهم غير خائفين من التدنّس حسب تقاليد اليهود.

آية للحفظ

«له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا» (أعمال 10: 43)

صلاة

أشكرك يا الله لأنّك تعود ترحمنا وتدوس آثامنا وتطرح في أعماق البحر جميع خطايانا، بفضل المسيح الذي دفع ديوننا على الصليب.

سؤال

15 - كيف تبرهن ضرورة المعمودية؟

الكنيسة تقبل المؤمنين من الأمم

1 فَسَمِعَ الرُّسُلُ وَالإِخْوَةُ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْيَهُودِيَّةِ أَنَّ الأُمَمَ أَيْضاً قَبِلُوا كَلِمَةَ اللهِ. 2 وَلَمَّا صَعِدَ بُطْرُسُ إِلَى أُورُشَلِيمَ خَاصَمَهُ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ 3 قَائِلِينَ: «إِنَّكَ دَخَلْتَ إِلَى رِجَالٍ ذَوِي غُلْفَةٍ وَأَكَلْتَ مَعَهُمْ». 4 فَابْتَدَأَ بُطْرُسُ يَشْرَحُ لَهُمْ بِالتَّتَابُعِ قَائِلاً: 5 «أَنَا كُنْتُ فِي مَدِينَةِ يَافَا أُصَلِّي فَرَأَيْتُ فِي غَيْبَةٍ رُؤْيَا: إِنَاءً نَازِلاً مِثْلَ مُلاَءةٍ عَظِيمَةٍ مُدَلاَّةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ مِنَ السَّمَاءِ فَأَتَى إِلَيَّ. 6 فَتَفَرَّسْتُ فِيهِ مُتَأَمِّلاً فَرَأَيْتُ دَوَابَّ الأَرْضِ وَالْوُحُوشَ وَالزَّحَّافَاتِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ. 7 وَسَمِعْتُ صَوْتاً قَائِلاً لِي: قُمْ يَا بُطْرُسُ اذْبَحْ وَكُلْ. 8 فَقُلْتُ: كَلاَّ يَا رَبُّ لأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فَمِي قَطُّ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ. 9 فَأَجَابَنِي صَوْتٌ ثَانِيَةً مِنَ السَّمَاءِ: مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُنَجِّسْهُ أَنْتَ. 10 وَكَانَ هَذَا عَلَى ثَلاَثِ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْتُشِلَ الْجَمِيعُ إِلَى السَّمَاءِ أَيْضاً. 11 وَإِذَا ثَلاَثَةُ رِجَالٍ قَدْ وَقَفُوا لِلْوَقْتِ عِنْدَ الْبَيْتِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ مُرْسَلِينَ إِلَيَّ مِنْ قَيْصَرِيَّةَ. 12 فَقَالَ لِي الرُّوحُ أَنْ أَذْهَبَ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ. وَذَهَبَ مَعِي أَيْضاً هَؤُلاَءِ الإِخْوَةُ السِّتَّةُ. فَدَخَلْنَا بَيْتَ الرَّجُلِ 13 فَأَخْبَرَنَا كَيْفَ رَأَى الْمَلاَكَ فِي بَيْتِهِ قَائِماً وَقَائِلاً لَهُ: أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالاً وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ 14 وَهُوَ يُكَلِّمُكَ كَلاَماً بِهِ تَخْلُصُ أَنْتَ وَكُلُّ بَيْتِكَ. 15 فَلَمَّا ابْتَدَأْتُ أَتَكَلَّمُ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْهِمْ كَمَا عَلَيْنَا أَيْضاً فِي الْبَدَاءةِ. 16 فَتَذَكَّرْتُ كَلاَمَ الرَّبِّ كَيْفَ قَالَ: إِنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِمَاءٍ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتُعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. 17 فَإِنْ كَانَ اللهُ قَدْ أَعْطَاهُمُ الْمَوْهِبَةَ كَمَا لَنَا أَيْضاً بِالسَّوِيَّةِ مُؤْمِنِينَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، فَمَنْ أَنَا؟ أَقَادِرٌ أَنْ أَمْنَعَ اللهَ؟». 18 فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ سَكَتُوا وَكَانُوا يُمَجِّدُونَ اللهَ قَائِلِينَ: «إِذاً أَعْطَى اللهُ الأُمَمَ أَيْضاً التَّوْبَةَ لِلْحَيَاةِ!» (أعمال 11: 1-18).

سمع الرسل والإخوة الذين في أورشليم والمتجوّلون للتبشير في البلاد الأخرى أنّ الأمم قبلوا كلمة الخلاص، وأنّ بطرس وافق على معموديتهم دون أن يأمر بختانهم حسب شريعة موسى، فغضبوا من بطرس. ولمّا رجع بطرس إلى أورشليم جادلوه كثيراً بغضب لأنّه خالف شريعة موسى، فقد كانت أفكارهم عن الأمم مثل أفكار بطرس قبل رؤيا الملاءة. وفي تواضع حكى بطرس لهم ما حدث معه، وكيف علَّمه الله أنّه لا فرق بين اليهودي والأممي، عندما قال له: «مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُنَجِّسْهُ أَنْتَ». ثم حكى لهم كيف ذهب إلى بيت كرنيليوس ووعظ عن المسيح، وكيف حلّ عليهم الروح القدس كما قال المسيح لهم قبل صعوده: «يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ» (أعمال 1: 5). لأنّ معموديّة يوحنّا كانت رمزاً لمعموديّة الرّوح القدس. ثمّ وصل بطرس إلى قمّة هدفه وهو أنّ ما حدث كان من عمل الرب وليس من عمله هو. فمن هو بطرس حتى يعترض على عمل الرب؟

سمع الرسل والإخوة كلام بطرس واقتنعوا أن ما حدث هو من الرب، وفرحوا أيضاً لأن للأمم نصيباً مع اليهود في شخص المسيح. وبذلك تغير تفكير الكنيسة تغييراً كاملاً وابتدأت تقبل المؤمنين من الأمم.

المسيح لجميع الناس، فهل تعمل على توصيل رسالته إلى البعيدين عنه، مهما كان لون بشرتهم، أو عقيدتهم؟

برنابا وشاول في كنيسة أنطاكية

19 أَمَّا الَّذِينَ تَشَتَّتُوا مِنْ جَرَّاءِ الضِّيقِ الَّذِي حَصَلَ بِسَبَبِ اسْتِفَانُوسَ فَاجْتَازُوا إِلَى فِينِيقِيَةَ وَقُبْرُسَ وَأَنْطَاكِيَةَ، وَهُمْ لاَ يُكَلِّمُونَ أَحَداً بِالْكَلِمَةِ إِلاَّ الْيَهُودَ فَقَطْ. 20 وَلَكِنْ كَانَ مِنْهُمْ قَوْمٌ، وَهُمْ رِجَالٌ قُبْرُسِيُّونَ وَقَيْرَوَانِيُّونَ، الَّذِينَ لَمَّا دَخَلُوا أَنْطَاكِيَةَ كَانُوا يُخَاطِبُونَ الْيُونَانِيِّينَ مُبَشِّرِينَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ. 21 وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُمْ، فَآمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَرَجَعُوا إِلَى الرَّبِّ.

22 فَسُمِعَ الْخَبَرُ عَنْهُمْ فِي آذَانِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَأَرْسَلُوا بَرْنَابَا لِكَيْ يَجْتَازَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. 23 الَّذِي لَمَّا أَتَى وَرَأَى نِعْمَةَ اللهِ فَرِحَ وَوَعَظَ الْجَمِيعَ أَنْ يَثْبُتُوا فِي الرَّبِّ بِعَزْمِ الْقَلْبِ 24 لأَنَّهُ كَانَ رَجُلاً صَالِحاً وَمُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَالإِيمَانِ. فَانْضَمَّ إِلَى الرَّبِّ جَمْعٌ غَفِيرٌ.

25 ثُمَّ خَرَجَ بَرْنَابَا إِلَى طَرْسُوسَ لِيَطْلُبَ شَاوُلَ. وَلَمَّا وَجَدَهُ جَاءَ بِهِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. 26 فَحَدَثَ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي الْكَنِيسَةِ سَنَةً كَامِلَةً وَعَلَّمَا جَمْعاً غَفِيراً. وَدُعِيَ التَّلاَمِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلاً (أعمال 11: 19-26).

نشر الرّوح القدس رسالة الإنجيل في أورشليم والسّامرة، بواسطة الرسل، وفي الحبشة بواسطة فيلبّس، وفي يافا وقيصرية بواسطة بطرس. وها نحن نرى الإنجيل يصل إلى أنطاكية. وكنّا قد رأينا في الأصحاح الثامن كيف هرب المؤمنون من أورشليم بعد رجم استفانوس وذهبوا إلى فينيقية وقبرس وأنطاكية. وكانت أنطاكية مدينة عظيمة مليئة بهياكل الأصنام وعاصمة لسوريا (في ذلك الوقت)، وكان بها يهود كثيرون. وعندما ذهب إليها بعض المؤمنين بالمسيح بشروا اليهود فقط لأنّهم لم يسمعوا بقصة كرنيليوس ولا بإيمانه. وكان من ساكني أنطاكية بعض المؤمنين القبرسيين مثل برنابا، وبعضٌ آخر من القيروانيين، (وقيروان هي مدينة في تونس - أو منطقة صحراوية في ليبيا كثيرة الواحات يرتفع فيها الجبل الأخضر). سمع كلّ هؤلاء بشارة المسيح فآمن عدد كبير منهم.

سمعت كنيسة أورشليم عن إيمان الأمم في أنطاكية، فأرسلت إليهم برنابا الذي شاهد نجاح كلمة الرب هناك وفرح كثيراً. وكان برنابا قويّاً في وعظه حتى أنّ لقبه كان «ابن الوعظ». فوعظهم أن يثبتوا في الرب، فانضمّ عدد كبير من الناس إلى الكنيسة بعد أن آمنوا بالمسيح.

وعرف برنابا أنّ شاول موجود في مدينة طرسوس، كما عرف عن قوّة إيمانه وشعر أنّ العمل في أنطاكية محتاج إليه، فذهب إليه وأحضره من طرسوس إلى أنطاكية.

مكث شاول وبرنابا في أنطاكية سنة كاملة يعلمان الناس عن المسيح، ودُعي التلاميذ «مسيحيين» في أنطاكية أولاً، وهذا معناه أنّ هذه أول مرة يُلقب فيها أتباع المسيح بهذا اللقب، وكان ذلك بعد صلب المسيح بحوالي عشر سنوات. ورغم أنّ هذا اللقب سبَّب الموت والخسارة للمسيحيين، لكنهم ازدادوا تمسكاً بالمسيح وبخلاصه العظيم.

هل تفتخر في المسيح، وهل أنت مسيحي حقيقي؟

آية للحفظ

«وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُمْ، فَآمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَرَجَعُوا إِلَى الرَّبِّ» (أعمال11: 21)

صلاة

نشكرك أيّها الربّ المسيح لأنّ اسمك دُعي علينا فمنحنا شرفاً عظيماً لا نستحقه. ساعدنا ليكون سلوكنا معبّراً ومنسجماً حقاً مع لقبنا أنّنا مسيحيون.

سؤال

16 - لماذا دُعي برنابا «ابن الوعظ»؟

مساعدة كنيسة اليهودية

27 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ انْحَدَرَ أَنْبِيَاءُ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. 28 وَقَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمُ اسْمُهُ أَغَابُوسُ وَأَشَارَ بِالرُّوحِ أَنَّ جُوعاً عَظِيماً كَانَ عَتِيداً أَنْ يَصِيرَ عَلَى جَمِيعِ الْمَسْكُونَةِ - الَّذِي صَارَ أَيْضاً فِي أَيَّامِ كُلُودِيُوسَ قَيْصَرَ. 29 فَحَتَمَ التَّلاَمِيذُ حَسْبَمَا تَيَسَّرَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يُرْسِلَ كُلُّ وَاحِدٍ شَيْئاً خِدْمَةً إِلَى الإِخْوَةِ السَّاكِنِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ. 30 فَفَعَلُوا ذَلِكَ مُرْسِلِينَ إِلَى الْمَشَايِخِ بِيَدِ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ (أعمال 11: 27-30).

بينما كان برنابا وشاول يبشران في أنطاكية جاءهم مبشرون من أورشليم، أحدهم اسمه أغابوس، تكلم الرّوح القدس على فمه عن المجاعة التي ستحصل في سوريا وفلسطين وسائر أنحاء المملكة الرومانية في ذلك الوقت. ولمّا سمع مسيحيّو أنطاكية نبوّة أغابوس قرّروا أن يرسلوا مساعدات حسب مقدرتهم لإخوتهم المسيحيين في اليهودية.

وها أنت تلاحظ اتّحاد المسيحيين مع بعضهم، بغضّ النظر عن اختلافهم في الجنس. ولمّا كانت كنيسة أنطاكية غنيّة قررت أن تساعد كنيسة اليهودية، وأرسلت مساعدتها بيد برنابا وشاول. ومن هذا نتعلم أن مساعدة الكنائس المحتاجة أمر واجب على الكنائس المقتدرة.

آية للحفظ

«فَحَتَمَ التَّلاَمِيذُ حَسْبَمَا تَيَسَّرَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يُرْسِلَ كُلُّ وَاحِدٍ شَيْئاً خِدْمَةً إِلَى الإِخْوَةِ السَّاكِنِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ» (أعمال 11: 29)

صلاة

يا ربّ، ساعدني لأرى احتياجات المحيطين بي والبعيدين عني، وأن أعمل كل ما في وسعي لتسديدها.

سؤال

17 - ماذا كانت نبوّة أغابوس، وماذا كان تأثيرها؟

الفصل السابع: هيرودس يضطهد الكنيسة (أعمال 12)

كان المسيح مع الكنيسة ومنحها قوّة الرّوح القدس. واستراحت الكنيسة فترة من الاضطهاد الشديد الواقع عليها، خصوصاً بعد تغيّر شاول، وانفتحت أمامها آفاقٌ جديدة للخدمة، واتسعت دائرة التبشير خصوصاً بعد أن قام بطرس بمعمودية أهل بيت كرنيليوس، فقد قررت الكنيسة أن تقبل المؤمنين من الأمم الذين ليسوا يهوداً.

على أنّ الشيطان دائماً يحاول معاكسة الكنيسة، فملأ قلب هيرودس الملك غيظاً ليضطهد الكنيسة.

هيرودس يقتل يعقوب ويسجن بطرس

1 وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَدَّ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ يَدَيْهِ لِيُسِيءَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْكَنِيسَةِ 2 فَقَتَلَ يَعْقُوبَ أَخَا يُوحَنَّا بِالسَّيْفِ. 3 وَإِذْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ يُرْضِي الْيَهُودَ عَادَ فَقَبَضَ عَلَى بُطْرُسَ أَيْضاً. وَكَانَتْ أَيَّامُ الْفَطِيرِ. 4 وَلَمَّا أَمْسَكَهُ وَضَعَهُ فِي السِّجْنِ مُسَلِّماً إِيَّاهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَرَابِعَ مِنَ الْعَسْكَرِ لِيَحْرُسُوهُ، نَاوِياً أَنْ يُقَدِّمَهُ بَعْدَ الْفِصْحِ إِلَى الشَّعْبِ. 5 فَكَانَ بُطْرُسُ مَحْرُوساً فِي السِّجْنِ. وَأَمَّا الْكَنِيسَةُ فَكَانَتْ تَصِيرُ مِنْهَا صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِهِ (أعمال 12: 1-5).

جاء برنابا وشاول إلى اليهودية نحو سنة 44م، وكانت الكنيسة تنمو وتنتشر، ورأى هيرودس ذلك فاغتاظ. وهيرودس هذا هو أغريباس الأوّل شقيق هيروديا التي طلبت قتل يوحنّا المعمدان. وقد تولّى هيرودس في أوّل حكمه على جزء من مملكة جدّه هيرودس الكبير، ثم تولّى بعد ذلك على بقية المملكة.

وتربّى هيرودس بين الوثنيين، ولكنّه عندما استولى على اليهودية تظاهر بالغيرة على الدين اليهودي حتى يُرضي اليهود الذين يملك عليهم بأمر من الرومان. وكان اليهود يكرهون الملك الذي يعيِّنه الرومان عليهم، لأنّه رمز الاستعمار والسلطان الأجنبي. ولمّا أراد هيرودس أن يثبِّت ملكه فكَّر في اضطهاد المسيحيين إمّا بالسجن أو النفي أو بسلب أموالهم، وحتى بقتلهم.

وقابلت الكنيسة اضطهاداً أقسى من كل اضطهاد سابق، فقد كان كل ما سبق من اضطهاد بواسطة السلطات الدينية اليهودية. أمّا الآن فقد واجهت الكنيسة أوّل اضطهاد من السلطة السياسية، وكان من المظاهر الواضحة لاضطهاد هيرودس للكنيسة أن أمر بقتل يعقوب بالسيف.

ويعقوب هذا هو أحد تلاميذ المسيح المعروفين بالرسل (متّى 10: 1) وكان أحد الثلاثة الذين قرَّبهم المسيح إليه، فأخذه معه عند إقامة ابنة يايرس (مرقس 5: 37) وعلى جبل التجلي (متّى 17: 1) وحين تألم في بستان جثسيماني (متّى 26: 37). ويعقوب هذا هو أخو يوحنّا الذي كان لا زال حيّاً عندما كتب لوقا الطبيب سفر أعمال الرسل بوحي الرّوح القدس.

وإذ كان يعقوب متقدّماً بين المسيحيين في ذلك الوقت أمر هيرودس أن تُقطع رأسه بالسيف. ومن المعروف أنّ اليهود كانوا يعتبرون قطع الرأس بالسيف إهانة عظيمة. وفرح اليهود بقتل يعقوب، وعرف هيرودس ذلك، فتمادى في اضطهاد المسيحيين وعزم على قتل رؤسائهم بدءاً ببطرس أعظم الرسل، على أن يكون قتله وقت عيد الفطير، ليكون العيد عيد فرح بين اليهود بموته.. وأيام الفطير هي أيام عيد الفصح السبعة التي لا يجوز لليهود فيها أن يكون في بيوتهم شيء من الخمير (اقرأ خروج 12: 18-27).

قبض هيرودس على بطرس وسجنه، وأقام ستة عشر جندياً لحراسته حتى لا ينقذه أصدقاؤه. وكانت عادة الرومان عندما يسجنون شخصاً أن يضعوا على حراسته أربعة أشخاص يتغيّرون كل ثلاث ساعات، يظل اثنان من هؤلاء الأربعة خارج باب السجن، واثنان بالداخل، ويد كل منهما مربوطة بيد المسجون.

وكان اليهود يحسبون القتل في أيام الأعياد تنجيساً لها. وأراد هيرودس أن يظهر لهم غيرته على حفظ شرائعهم، فأمر بحراسة بطرس في السجن ليُقتل بعد العيد.

لكنّ الكنيسة آمنت بقوّة الصلاة التي تهزم قوّة السجون، وكانت الكنيسة تحب بطرس كثيراً، فلم تطلب من هيرودس أن يعفو عنه، لأنّه لن يقبل! لكنّها طلبت من الله صاحب السلطان على جميع الناس، والذي يسمع ويستجيب. وحدّدت الكنيسة غرضها في الصلاة وهو نجاة بطرس من السجن.

هل تؤمن بقوّة الصلاة وبأنّ الله الذي استجاب صلاة الكنيسة لأجل نجاة بطرس مستعد أن يسمع صلاتك؟

آية للحفظ

«َأَمَّا الْكَنِيسَةُ فَكَانَتْ تَصِيرُ مِنْهَا صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِهِ» (أعمال 12: 5).

صلاة

يا ربُّ علِّمني أن أصلّي، فألقي همومي عليك، ولا أقلق أنا ولا أنزعج، لأنّي جعلتك أمامي في كل حين.

سؤال

18 - كيف أراد هيرودس أن يُرضي اليهود؟

بطرس يخرج من السجن

6 وَلَمَّا كَانَ هِيرُودُسُ مُزْمِعاً أَنْ يُقَدِّمَهُ كَانَ بُطْرُسُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ نَائِماً بَيْنَ عَسْكَرِيَّيْنِ مَرْبُوطاً بِسِلْسِلَتَيْنِ، وَكَانَ قُدَّامَ الْبَابِ حُرَّاسٌ يَحْرُسُونَ السِّجْنَ. 7 وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ أَقْبَلَ وَنُورٌ أَضَاءَ فِي الْبَيْتِ، فَضَرَبَ جَنْبَ بُطْرُسَ وَأَيْقَظَهُ قَائِلاً: «قُمْ عَاجِلاً». فَسَقَطَتِ السِّلْسِلَتَانِ مِنْ يَدَيْهِ. 8 وَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «تَمَنْطَقْ وَالْبَسْ نَعْلَيْكَ». فَفَعَلَ هَكَذَا. فَقَالَ لَهُ: «الْبَسْ رِدَاءَكَ وَاتْبَعْنِي». 9 فَخَرَجَ يَتْبَعُهُ - وَكَانَ لاَ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي جَرَى بِوَاسِطَةِ الْمَلاَكِ هُوَ حَقِيقِيٌّ، بَلْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَنْظُرُ رُؤْيَا. 10 فَجَازَا الْمَحْرَسَ الأَوَّلَ وَالثَّانِيَ وَأَتَيَا إِلَى بَابِ الْحَدِيدِ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْمَدِينَةِ فَانْفَتَحَ لَهُمَا مِنْ ذَاتِهِ، فَخَرَجَا وَتَقَدَّمَا زُقَاقاً وَاحِداً وَلِلْوَقْتِ فَارَقَهُ الْمَلاَكُ.

11 فَقَالَ بُطْرُسُ وَهُوَ قَدْ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ: «الآنَ عَلِمْتُ يَقِيناً أَنَّ الرَّبَّ أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَأَنْقَذَنِي مِنْ يَدِ هِيرُودُسَ وَمِنْ كُلِّ انْتِظَارِ شَعْبِ الْيَهُودِ». 12 ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ مُنْتَبِهٌ إِلَى بَيْتِ مَرْيَمَ أُمِّ يُوحَنَّا الْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ، حَيْثُ كَانَ كَثِيرُونَ مُجْتَمِعِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ. 13 فَلَمَّا قَرَعَ بُطْرُسُ بَابَ الدِّهْلِيزِ جَاءَتْ جَارِيَةٌ اسْمُهَا رَوْدَا لِتَسْمَعَ. 14 فَلَمَّا عَرَفَتْ صَوْتَ بُطْرُسَ لَمْ تَفْتَحِ الْبَابَ مِنَ الْفَرَحِ بَلْ رَكَضَتْ إِلَى دَاخِلٍ وَأَخْبَرَتْ أَنَّ بُطْرُسَ وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَابِ. 15 فَقَالُوا لَهَا: «أَنْتِ تَهْذِينَ!». وَأَمَّا هِيَ فَكَانَتْ تُؤَكِّدُ أَنَّ هَكَذَا هُوَ. فَقَالُوا: «إِنَّهُ مَلاَكُهُ!». 16 وَأَمَّا بُطْرُسُ فَلَبِثَ يَقْرَعُ. فَلَمَّا فَتَحُوا وَرَأَوْهُ انْدَهَشُوا. 17 فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ لِيَسْكُتُوا وَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ أَخْرَجَهُ الرَّبُّ مِنَ السِّجْنِ. وَقَالَ: «أَخْبِرُوا يَعْقُوبَ وَالإِخْوَةَ بِهَذَا». ثُمَّ خَرَجَ وَذَهَبَ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ (أعمال 12: 6-17).

أراد هيرودس أن يقتل بطرس، وحدد يوم قتله بعد انتهاء عيد الفصح. وفي ليلة اليوم المعيّن كان بطرس مربوطاً بسلسلتين بين العسكريين الموجودين معه داخل السجن، وقلبه ممتلئ بسلام الله فلم يضطرب، بل سلّم أمره للمسيح ونام.

ونحو الفجر جاء ملاك الرب إلى داخل السجن، وربما ظهر في هيئة بشرية. وأشرق النور في المكان، واقترب الملاك من بطرس وضربه ضرباً خفيفاً في جنبه ليوقظه، ثم كلمه بصوت مسموع وطلب منه أن يقوم. وفي الحال سقطت السلسلتان من يديه. وأراد الملاك أن يؤكد لبطرس أنّ ما حدث معه حقيقة وليس حلماً أو رؤيا فقال له: «تَمَنْطَقْ وَالْبَسْ نَعْلَيْكَ». وأخرجه معه من السجن الداخلي إلى باب الحديد، فانفتح لهما الباب من ذاته.. وسارا معاً في شارع ضيّق حتى وصلا إلى مفترق طرق، وعندئذٍ فارقه الملاك، فعلم أنّ ما حدث معه حقيقة واقعة وليس حلماً، وتأكّد أنّ الله أنقذه من يد هيرودس ومن حقد اليهود الخطاة.

اتَّجه بطرس إلى بيت مريم أمّ مرقس (كاتب إنجيل مرقس) حيث اعتاد المسيحيون أن يجتمعوا. ولمّا قرع الباب سمعته رودا الخادمة وعرفت صوته، ففرحت كثيراً حتى أنّها نسيت أن تفتح، وذهبت تخبر المجتمعين في البيت بالخبر الغريب، فلم يصدّقوها وظنوا أنّ الملاك الذي عيّنه الله لحراسة بطرس تكلم بمثل صوت بطرس ليخبرهم بقرب موته. وظلّ بطرس واقفاً على الباب يقرع، وعندئذ فتحوا الباب واندهشوا عندما رأوه. وتعالت أصواتهم المتعجبة، فأسكتهم بطرس وأخبرهم بكل ما حدث معه، وأمرهم أن يخبروا يعقوب بن حلفى بذلك، ولعل يعقوب كان راعياً لكنيسة أورشليم، وخرج بطرس إلى مكان آخر ليأمن خطر هيرودس وجواسيسه.

آية للحفظ

«الآنَ عَلِمْتُ يَقِيناً أَنَّ الرَّبَّ أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَأَنْقَذَنِي مِنْ يَدِ هِيرُودُسَ وَمِنْ كُلِّ انْتِظَارِ شَعْبِ الْيَهُودِ» (أعمال 12: 11)

صلاة

أشكرك يا ربّ لأنّ ملاكك حالّ حول خائفيه وينجّيهم، وأشكرك لأنك توصي ملائكتك بنا لكي يحفظونا في كل طرقنا.

سؤال

19 - كيف استطاع بطرس النوم وهو مسجون ويعلم أنّ الموت ينتظره؟

هيرودس يقتل العسكر

18 فَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ حَصَلَ اضْطِرَابٌ لَيْسَ بِقَلِيلٍ بَيْنَ الْعَسْكَرِ: تُرَى مَاذَا جَرَى لِبُطْرُسَ؟ 19 وَأَمَّا هِيرُودُسُ فَلَمَّا طَلَبَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ فَحَصَ الْحُرَّاسَ وَأَمَرَ أَنْ يَنْقَادُوا إِلَى الْقَتْلِ. ثُمَّ نَزَلَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ وَأَقَامَ هُنَاكَ (أعمال 12: 18، 19).

طلع النهار واستيقظ الحراس ولم يجدوا بطرس، كما لم يعثروا على أثر لكيفية خروجه من السجن، فخافوا خوفاً عظيماً، وأرسل هيرودس جلاّده إلى السجن ليحضر بطرس فأخبره الحراس أنّه غير موجود، فاستدعاهم هيرودس وسألهم، ولمّا لم يعرفوا كيف خرج بطرس ظنّ أنّ بطرس هرب وهم نيام. وكان القانون الروماني يقضي بقتل من ينام من الحراس. كما اغتاظ لخيبة أمله في قتل بطرس ليُرضي اليهود، وربّما اعتقد أنّ الحراس سهَّلوا الطريق لهروب السجين، فأمر بقتلهم. وفي غيظه ترك أورشليم وذهب إلى قيصرية ومكث هناك.

موت هيرودس

20 وَكَانَ هِيرُودُسُ سَاخِطاً عَلَى الصُّورِيِّينَ وَالصَّيْدَاوِيِّينَ فَحَضَرُوا إِلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَاسْتَعْطَفُوا بَلاَسْتُسَ النَّاظِرَ عَلَى مَضْجَعِ الْمَلِكِ ثُمَّ صَارُوا يَلْتَمِسُونَ الْمُصَالَحَةَ لأَنَّ كُورَتَهُمْ تَقْتَاتُ مِنْ كُورَةِ الْمَلِكِ. 21 فَفِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ لَبِسَ هِيرُودُسُ الْحُلَّةَ الْمُلُوكِيَّةَ وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْمُلْكِ وَجَعَلَ يُخَاطِبُهُمْ. 22 فَصَرَخَ الشَّعْبُ: «هَذَا صَوْتُ إِلَهٍ لاَ صَوْتُ إِنْسَانٍ!» 23 فَفِي الْحَالِ ضَرَبَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ الْمَجْدَ لِلَهِ فَصَارَ يَأْكُلُهُ الدُّودُ وَمَاتَ.

24 وَأَمَّا كَلِمَةُ اللهِ فَكَانَتْ تَنْمُو وَتَزِيدُ. 25 وَرَجَعَ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ مَا كَمَّلاَ الْخِدْمَةَ وَأَخَذَا مَعَهُمَا يُوحَنَّا الْمُلَقَّبَ مَرْقُسَ (أعمال 12: 20-25).

ذهب هيرودس إلى قيصرية، وكان شرّيراً قاسياً يسخط على الناس وعلى كل شيء. وكان سكان صور وصيدا يتاجرون عن طريق البحر مع البلاد الأخرى، كما كان سكان قيصريّة تجاراً أيضاً. وحدثت منازعات بين تجار قيصريّة والتجار الصوريين والصيداويين. فاتفق تجار صور وصيدا أن يستعطفوا هيرودس ليساعدهم في التجارة، فذهبوا إلى بلاستس صديق الملك المقرَّب إليه وتوسلوا إليه أن يساعدهم في إجراء الصلح مع هيرودس وفي تسهيل تجارتهم، لأنّ بلادهم كانت تشتري الغلال من اليهودية التي يحكمها هيرودس. وعيَّن هيرودس يوماً لمقابلتهم، ولبس حُلة ملكية فاخرة، وجلس على كرسيّ العرش وابتدأ يخاطب الشعب بكل كبرياء. وكان أهل صور وصيدا من الوثنيين ففرحوا بعفوه عنهم، وقالوا إنّه إلهٌ وليس إنساناً، فتكبّر هيرودس وفرح ولم يعطِ المجد لله بل ظنّ نفسه إلهاً. وفي الحال أرسل الرب ملاكه، فأصاب هيرودس بمرض مكروه وخطير، فصار الدود يأكله وهو حيّ حتى مات.

في بداية أصحاحنا (أعمال 12) تلمس ظلم هيرودس وقوّته، وفي نهايته ترى قوّة الله الساهرة لإنقاذ كنيسته. لقد أراد هيرودس أن يلاشي الكنيسة التي نشأت بكلمة الله، لكن ربّ الكنيسة أقوى من هيرودس ومن أيّة قوّة أخرى تحاول الوقوف ضد الكنيسة. فمات هيرودس، وانتشرت كلمة الله، ونمَت الكنيسة وزاد أعضاؤها. فهل تثق في قوّة رب الكنيسة؟

كانت كنيسة أنطاكية قد أرسلت برنابا وشاول إلى كنيسة أورشليم، وأرسلت معهما مساعدة مالية. وعندما أكمل برنابا وشاول الخدمة في كنيسة أورشليم رجعا إلى كنيسة أنطاكية، وأخذا معهما يوحنّا الملقَّب مرقس، كاتب إنجيل مرقس وابن أخت برنابا.

آية للحفظ

«وَأَمَّا كَلِمَةُ اللهِ فَكَانَتْ تَنْمُو وَتَزِيدُ» (أعمال 12: 24)

صلاة

يا ربُّ، ساعدني واستخدمني لأكون عاملاً على نموّ الكلمة المقدسة في قلبي وقلوب المحيطين بي.

سؤال

20 - ما هو الفرق بين بداية الأصحاح الثاني عشر من سفر أعمال الرسل ونهايته؟

مسابقة الجزء الثاني من سفر أعمال الرسل

أيّها القارئ العزيز

إن تعمّقت في دراسة هذا الكتاب تقدر أن تجاوب هذه الأسئلة بسهولة. وتقديراً لاشتراكك نرسل لك أحد كتبنا كجائزة. لا تنسَ أن تكتب اسمك وعنوانك كاملين عند إرسال إجابتك إلينا.

  1. لماذا كان فرحٌ عظيم في تلك المدينة؟

  2. لماذا قبل سيمون المعمودية؟

  3. لماذا أرسلت الكنيسة في أورشليم بطرس ويوحنّا إلى السّامرة؟

  4. ما معنى ما جاء في نبوّة إشعياء 53: 7، 8؟

  5. لماذا ظهر المسيح بنفسه لشاول وكلّمه في رؤيا؟

  6. لماذا تردّد حنانيّا في إطاعة الأمر الإلهي بالذهاب إلى شاول؟

  7. لماذا اندهش اليهود من وعظ شاول؟

  8. لماذا فكر اليهود أن يقتلوا شاول في دمشق؟

  9. ما هي الخدمة التي قدّمها برنابا لشاول وللرسل بخصوص شاول؟

  10. ما معنى أنّ الرسول بطرس نزل إلى «القديسين» في لُدّة؟

  11. ما معنى اسم طابيثا؟

  12. لماذا لم تكفِ صلوات وصدقات كرنيليوس لحصوله على الخلاص؟

  13. لماذا كرّر الرب أمره لبطرس ثلاث مرات؟

  14. لماذا لا يجب أن يرفض المؤمن أحداً من الناس؟

  15. كيف تبرهن ضرورة المعمودية؟

  16. لماذا دُعي برنابا «ابن الوعظ»؟

  17. ماذا كانت نبوّة أغابوس، وماذا كان تأثيرها؟

  18. كيف أراد هيرودس أن يُرضي اليهود؟

  19. كيف استطاع بطرس النوم وهو مسجون ويعلم أنّ الموت بانتظاره؟

  20. ما هو الفرق بين بداية الأصحاح الثاني عشر من سفر أعمال الرسل ونهايته؟

عنواننا:


Call of Hope  P.O.Box 10 08 27 
D-70007
Stuttgart
Germany