العودة الى الصفحة السابقة
نساء في الكتاب المقدس

نساء في الكتاب المقدس

أبيجايل وميكال

دورا بك


Bibliography

نساء في الكتاب المقدس: أبيجايل وميكال. دورا بك. Copyright © 2007 All rights reserved Call of Hope. . . SPB 7153 ARA. English title: Abigail and Michal. German title: Abigajil und Michal. Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D - 70007 Stuttgart Germany http://www.call-of-hope.com .

أبيجايل وميكال

أبيجايل

سفر صموئيل الأول 25: 2-42

«لعبت أبيجايل دوراً جيداً تُحسد عليه» هذا ما اقتنع به الكثيرون من أصدقائي وأقربائي وألمحوا إليه وكان حقاً. زوجي نابال من مَعون من عائلة معتبرة ووجيهة كان له سَلف مشهور اسمه كالب. كان كالب معروفاً كرجل تصرّف بطاعة الله والثقة بوعوده. كان الله معه وباركه. ولما بلغ الخامسة والثمانين من عمره قدر أن يشهد قائلاً لم أزل متشدداً كما كنت قبل 45 سنة (سفر يشوع 14: 10 و11).

لكنّ زوجي لم يأخذ شيئاً قط من سلفه العظيم، لا مخافة الله ولا الإدراك. كان مرامه أن يكدّس ممتلكات أرضية. وهكذا أصبح رجلاً غنياً له ثلاثة آلاف من الغنم وألف من المعز. واعتبر الكثيرين من غلمانه وإمائه ملكاً له.

لو كان الغِنى يُسعد الإنسان لكان هو أسعد رجل على وجه الأرض. ولكنه لم يكن هكذا. كان زوجي نابال قاسياً ورديء الأعمال بخيلاً ومحباً للذات. هذا ما جلب أوقات صعبة إلى حياتنا الزوجية. كنت أود أن أتحدث معه عما يتعلق بي وبالتدبير المنزلي أو بأمور مستخدمينا. لكن ذلك لم يكن ممكناً مع الأسف. إن أحداً لم يقدر أن يتحدث معه بهدوء. لم يتقبل الأخذ برأي أحد بل تمسك برأيه. دفعني هذا العناء وهذه الوحدة الداخلية إلى الله. إليه قدرت أن أشكو همي. أصبح اتصالي به الذي توثق يوماً بعد يوم أكثر فأكثر ينبوع قوة لي. وهذا ما ساعدني على تحمل قساوة قلب زوجي. ثبت إيماني وترسخ. يَنِعتُ بجانب نابال إلى أن أصبحت إنسانة وُهبت الحكمة لتعامل إنساناً صعب المراس وتتغلب على أوضاع حرجة.

ثبت هذا في يوم لن أنساه. حوّل مجرى حياتي إلى وضع لم أكن أفكر به. شُغل كل واحد في البيت بالأمر أيما شُغل.

كان نابال قد استحضر جزّازين ماهرين ومتدرّبين. لم يكن من الأمر اليسير جزّ ثلاثة آلاف من الغنم. بالرغم من العمل الشاق كان هذا اليوم يوم فرح بسبب العطية الكبرى التي منحنا إياها الله. يا له من محصول: صوف من ثلاثة آلاف غنمة. سُرت خادماتي وسُررت أنا أيضاً بأن نخبز الخبز والزبيب وكعك التين. لم نقتصد في المواد المطلوبة لأنها كانت متوفرة بكثرة.

كذلك الغلمان لم يكونوا باطلين عن العمل. ذبحوا الأغنام للوليمة التي ستُقام بعد الجزّ.

في أثناء التحضيرات جاء إلينا غلام مسرعاً وهو يلهث وأراد أن يكلمني حتماً. عرفته لأنه كان يرعى الغنم باستمرار. قال لي وهو منفعل: أرسل داود عشرة غلمان من البرية إلى نابال وطلب إليهم أن يسلموا عليه بلطف ويبلغوه قائلين: «حَيِيتَ وَأَنْتَ سَالِمٌ وَبَيْتُكَ سَالِمٌ وَكُلُّ مَالِكَ سَالِمٌ. وَٱلآنَ قَدْ سَمِعْتُ أَنَّ عِنْدَكَ جَزَّازِينَ. حِينَ كَانَ رُعَاتُكَ مَعَنَا لَمْ نُؤْذِهِمْ وَلَمْ يُفْقَدْ لَهُمْ شَيْءٌ كُلَّ ٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي كَانُوا فِيهَا فِي ٱلْكَرْمَلِ. اِسْأَلْ غِلْمَانَكَ فَيُخْبِرُوكَ. فَلْيَجِدِ ٱلْغِلْمَانُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ لأَنَّنَا قَدْ جِئْنَا فِي يَوْمٍ طَيِّبٍ. فَأَعْطِ مَا وَجَدَتْهُ يَدُكَ لِعَبِيدِكَ وَلٱبْنِكَ دَاوُدَ» (1صموئيل 25: 6-8). وقف الغلمان المرسلون أمام نابال منتظرين بملء الأمل. ثم حدث الشيء الرهيب الذي لا يُصدق. شتم نابال وصرخ في وجههم قائلاً: «مَنْ هُوَ دَاوُدُ وَمَنْ هُوَ ٱبْنُ يَسَّى؟ قَدْ كَثُرَ ٱلْيَوْمَ ٱلْعَبِيدُ ٱلَّذِينَ يَهْرُبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَمَامِ سَيِّدِهِ! أَآخُذُ خُبْزِي وَمَائِي وَذَبِيحِيَ ٱلَّذِي ذَبَحْتُ لِجَازِّيَّ وَأُعْطِيهِ لِقَوْمٍ لاَ أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُمْ؟» (1صموئيل 25: 10 و11). هذا ما حدث بالفعل يا مولاتي أبيجايل، كما قالوا. واستطرد الراعي كلامه بقوله: «كان رجال داود سُوراً لَنَا لَيْلاً وَنَهَاراً كُلَّ ٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا مَعَهُمْ نَرْعَى ٱلْغَنَمَ» (1صموئيل 25: 16). ولم يُسرق من غنمنا غنمة واحدة. لداود الحق أن يطالب نابال بحقه. ألا يعرف نابال عادات بلدنا؟ «وٱلآنَ ٱعْلَمِي وَٱنْظُرِي مَاذَا تَعْمَلِينَ، لأَنَّ ٱلشَّرَّ قَدْ أُعِدَّ عَلَى سَيِّدِنَا وَعَلَى بَيْتِهِ، وَهُوَ ٱبْنُ لَئِيمٍ لاَ يُمْكِنُ ٱلْكَلاَمُ مَعَهُ» (1صموئيل 25: 17).

اتضح لي بأن الأمر يتعلّق بالكل. غلطة واحدة قد تؤدي إلى فقدان الكل. استنجدت بإلهي متضرعة له: «يا رب أنا الآن بحاجة إلى حكمتك الإلهية وإلى الشجاعة لأتصرف التصرف الصحيح».

ماذا يُشبع الستماية رجل ؟ بسرعة جعلت الغلمان يحمِّلون بعض الحمير بالزاد المكوّن من مئتي رغيف خبز وزقي خمر وخمسة خرفان مهيأة وكيس من الطحين ومئتي عنقود من الزبيب ومئتي قرص من التين وقلت لغلماني: «ٱعْبُرُوا قُدَّامِي. هَئَنَذَا جَائِيَةٌ وَرَاءَكُمْ» (1صموئيل 25: 19).

لم أخبر زوجي بشيء عن مشروعي لأن كل دقيقة كانت ثمينة الآن. لم أقدر أن أدع الوقت يمر بالجدل والشغب والسباب والعراك. كان عليّ أن أسرع قبل فوات الأوان. لم يكن لنابال دقة الشعور في إمكانية فوات الأوان لديه. لم يحمّل نفسه قط مشقة التفكير بداود. لكنه كان متضلعاً جداً في معرفة ارتفاع وانخفاض أسعار الصوف في السوق. ألم يعرف أنه شتم دواد مسيح الله، الملك الآتي؟ أم بلى؟ كان بإمكانه أن يعرف هذا. كان عليه أن يؤيّده، خاصة الآن لأنه كان لا يزال منبوذاً محطماً مسلوب الحقوق بسبب الملك شاول الذي اضطهده حسداً. ورغم هذا فقد كان دواد محترماً ومحبوباً لدى الشعب ولديّ أيضاً. حتى غلمانه كانوا يتحدثون عنه بكل حسن. وإذ كنت مشغولة بالأفكار الكثيرة امتطيت حماري وسرت في الطريق راكبة لاستقبال داود. هل يتسنى لي يا ترى أن أسكّن غضب داود؟ طلبت من الرب قائلة: أيها الرب امنحني التواضع والحكمة والكلمات الصحيحة التي أقولها لدواد.

وفجأة وقف داود أمامي ومعه أربع مئة مقاتل مسلّح. لم أستطع رؤيتهم قبل ذلك بسبب مرتفع من الأرض كان بيننا. نزلت بسرعة عن حماري وسقطت أمام داود على وجهي وسجدت إلى الأرض وقلت له: «عَلَيَّ أَنَا يَا سَيِّدِي هٰذَا ٱلذَّنْبُ، وَدَعْ أَمَتَكَ تَتَكَلَّمُ فِي أُذُنَيْكَ وَٱسْمَعْ كَلاَمَ أَمَتِكَ. لاَ يَضَعَنَّ سَيِّدِي قَلْبَهُ عَلَى ٱلرَّجُلِ ٱللَّئِيمِ هٰذَا، عَلَى نَابَالَ، لأَنَّ كَٱسْمِهِ هٰكَذَا هُوَ. نَابَالُ ٱسْمُهُ وَٱلْحَمَاقَةُ عِنْدَهُ. وَأَنَا أَمَتَكَ لَمْ أَرَ غِلْمَانَ سَيِّدِي ٱلَّذِينَ أَرْسَلْتَهُمْ. وَٱلآنَ يَا سَيِّدِي حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ مَنَعَكَ عَنْ إِتْيَانِ ٱلدِّمَاءِ وَٱنْتِقَامِ يَدِكَ لِنَفْسِكَ. وَٱلآنَ فَلْيَكُنْ كَنَابَالَ أَعْدَاؤُكَ وَٱلَّذِينَ يَطْلُبُونَ ٱلشَّرَّ لِسَيِّدِي. وَٱلآنَ هٰذِهِ ٱلْبَرَكَةُ ٱلَّتِي أَتَتْ بِهَا جَارِيَتُكَ إِلَى سَيِّدِي فَلْتُعْطَ لِلْغِلْمَانِ ٱلسَّائِرِينَ وَرَاءَ سَيِّدِي. وَٱصْفَحْ عَنْ ذَنْبِ أَمَتِكَ لأَنَّ ٱلرَّبَّ يَصْنَعُ لِسَيِّدِي بَيْتاً أَمِيناً، لأَنَّ سَيِّدِي يُحَارِبُ حُرُوبَ ٱلرَّبِّ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيكَ شَرٌّ كُلَّ أَيَّامِكَ. وَقَدْ قَامَ رَجُلٌ لِيُطَارِدَكَ وَيَطْلُبَ نَفْسَكَ، وَلٰكِنْ نَفْسُ سَيِّدِي لِتَكُنْ مَحْزُومَةً فِي حُزْمَةِ ٱلْحَيَاةِ مَعَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ. وَأَمَّا نَفْسُ أَعْدَائِكَ فَلْيَرْمِ بِهَا كَمَا مِنْ وَسَطِ كَفَّةِ ٱلْمِقْلاَعِ. وَيَكُونُ عِنْدَمَا يَصْنَعُ ٱلرَّبُّ لِسَيِّدِي حَسَبَ كُلِّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ مِنَ ٱلْخَيْرِ مِنْ أَجْلِكَ، وَيُقِيمُكَ رَئِيساً عَلَى إِسْرَائِيلَ، أَنَّهُ لاَ تَكُونُ لَكَ هٰذِهِ مَصْدَمَةً وَمَعْثَرَةَ قَلْبٍ لِسَيِّدِي أَنَّكَ قَدْ سَفَكْتَ دَماً عَفْواً، أَوْ أَنَّ سَيِّدِي قَدِ ٱنْتَقَمَ لِنَفْسِهِ. وَإِذَا أَحْسَنَ ٱلرَّبُّ إِلَى سَيِّدِي فَٱذْكُرْ أَمَتَكَ» (1صموئيل 25: 24-31).

أبدى داود تأثراً بالكلمات التي وضعها الرب في فمي وأصغى إليها باهتمام وقال لي: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ لأَنَّكِ مَنَعْتِنِي ٱلْيَوْمَ مِنْ إِتْيَانِ ٱلدِّمَاءِ وَٱنْتِقَامِ يَدِي لِنَفْسِي» (1صموئيل 25: 33) وارتكاب خطية ضد الله. ساعدته كلماتي على ضبط نفسه، لأن «مَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً» (سفر الأمثال 16: 32). قدر داود كذلك على توجيه بصره ثانية إلى دعوته ووعد الله. هدّأ غيظه وغضبه وصاح قائلاً: «مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي أَرْسَلَكِ هٰذَا ٱلْيَوْمَ لٱسْتِقْبَالِي، وَمُبَارَكٌ عَقْلُكِ وَمُبَارَكَةٌ أَنْتِ لأَنَّكِ مَنَعْتِنِي ٱلْيَوْمَ مِنْ إِتْيَانِ ٱلدِّمَاءِ وَٱنْتِقَامِ يَدِي لِنَفْسِي. وَلٰكِنْ حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي مَنَعَنِي عَنْ أَذِيَّتِكِ، إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُبَادِرِي وَتَأْتِي لٱسْتِقْبَالِي لَمَا أُبْقِيَ لِنَابَالَ إِلَى ضَوْءِ ٱلصَّبَاحِ بائلٌ بحائط» (1صموئيل 25: 32-34).

منحني الله النعمة لكي أجد الطريق المؤدي إلى قلب داود. وهذا ما سرني جداً. فأخذ داود من يدي ما أتيت به إليه. ثم صرفني بقوله: «ٱصْعَدِي بِسَلاَمٍ إِلَى بَيْتِكِ. اُنْظُرِي. قَدْ سَمِعْتُ لِصَوْتِكِ وَرَفَعْتُ وَجْهَكِ» (1صموئيل 25: 35). حل السلام الذي واساني به داود فيّ وحولي. لم أسرع في العودة إلى بيتي بل أمهلت في ذلك قليلاً.

اخترقت أذني من بعيد أصوات السكارى العالية المصحوبة بالموسيقى الصاخبة. كان نابال جالساً مع رجاله في وليمة فاخرة كوليمة ملك وقد طاب قلبه وكان سكراناً جداً. لا يمكن التحدث بهدوء مع سكران. لذلك صمتّ ولم أتفوه بكلمة واحدة.

في صباح اليوم التالي فقط عندما أصبح صاحياً أخبرته بكل ما جرى في اليوم السابق. لما سمع هذا تملكه الغضب، وبدا على وجهه الخوف والغيظ والانفعال إلى درجة أن قلبه جمد داخله وصار كحجر ولم يتحرّك.

وبعد نحو عشرة أيام ضرب الرب نابال فمات. عشرة أيام أنعم الله عليه بها لينظم حياته. كنت أود معرفة ماذا كان يدور في خلده في هذا الوقت. لنا إله كثير الغفران «لِيَتْرُكِ ٱلشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَرَجُلُ ٱلإِثْمِ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى ٱلرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ وَإِلَى إِلٰهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ ٱلْغُفْرَانَ» (سفر إشعياء 55: 7).

إن كان نابال قد قبل مغفرة ذنوبه كان عليه - كأحمق حسب تفسير اسمه - أن يحمل قصاصه إلى الأبد لأنه رفض المغفرة. أتضح لي بملء الحزن: «اَللّٰهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ ٱلَّذِي يَزْرَعُهُ ٱلإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضاً» (رسالة غلاطية 6: 7).

لما سمع داود أن نابال مات أرسل رسلاً إليّ. فوجئت لا بل ابتهجت عندما سمعت أن دواد يطلب أن أكون زوجة له. ملأ قلبي فرح عميق وامتنان نحو الله. كان الله قد وضعني إلى جانب رجل قاس سيء النية وملحد، ولكنه منحني القوة أيضاً لأصمد بصمت رغم العبء الثقيل والوحدة ولا أحرّر نفسي من هذا الضغط بقدرتي الذاتية. استخدم الرب هذا الوقت ليعدني كي أصبح زوجة الرجل الذي اختاره ومسحه ملكاً. كنت مستعدة بكل قلبي أن أخدم داود وخاصة في هذا الوقت حيث لم يظهر سلطانه وعظمته بعد. ربطني بداود موقفه من الله ومحبته أياه. قمت وسجدت على وجهي إلى الأرض وقلت: «هُوَذَا أَمَتُكَ جَارِيَةٌ لِغَسْلِ أَرْجُلِ عَبِيدِ سَيِّدِي» (1صموئيل 25: 41).

جهزت نفسي بسرعة للسفر وركبت الحمار ورافقتني فتياتي الخمس. وهكذا سرت تحت حراسة رسل داود نحو مستقبل جديد أعده الله لي. أصبحت زوجة رجل سلك بحسب قلب الله.

مسابقة «أبيجايل»

عزيزي القارئ،

نرجو أن تكون قد استمتعت بقراءة هذا الكتيّب، لذلك نأمل بالإجابة على الأسئلة التالية مع كتابة اسمك وعنوانك الكاملين وبخطٍ واضح:

  1. كيف كانت أخلاق نابال من معون وتصرفاته؟

  2. ما الذي دفع أبيجايل إلى الالتجاء إلى الله؟

  3. كيف تصرّف نابال مع الغلمان الذي أرسلهم داود إليه؟

  4. كيف تصرفت أبيجايل بعد ردّ زوجها على غلمان داود؟

  5. بماذا أجاب داود أبيجايل؟

  6. ماذا حدث لنابال بعد عشرة أيام؟

  7. كيف كانت ردة فعل أبيجايل عندما طلبها داود للزواج به؟

  8. ما هي العبرة التي تعلمتها من هذه القصة؟

ميكال

قطعت حجرتي ثائرة ذهاباً وإياباً وتساءلت: هل كان بإمكان أبي أن لا يفي بوعده؟ أقدم داود باسم الله وبالاتكال عليه على محاربة جليات العملاق وربح الحرب. وكمكافأة وعده أبي بأختي الكبرى ميرب لتكون زوجته. ولكن أبي الملك شاول خدع داود وخجّله أمام كل الشعوب وأذلّه. ودون أي أيضاح زوّج ميرب من عدرئيل المحولي، وذلك قبيل العرس الموعود به. وعلى العموم تغيّر أبي كثيراً في الآونة الأخيرة. وكان كأن روحاً شريراً سيطر عليه فعمّت القصر الضجة والاضطراب. كان عليه في الواقع أن يكون سعيداً وشكوراً لأن جيشه عاد من الحرب منتصراً. فخرجت النساء من جميع المدن بالغناء والرقص للقاء شاول الملك بدفوف وبفرح وبمثلثات واستقبلن المنتصرين بالهتاف وأغاني الفرح، وغنيّن مراراً وتكراراً قائلات «ضَرَبَ شَاوُلُ أُلُوفَهُ وَدَاوُدُ رَبَوَاتِهِ؟» (1صموئيل 21: 11).

كانت هذه الأغنية بالذات السبب الذي من أجله أَعتَمَ وجه أبي فأكثر وزاد غضبه وسوء ظنه. وثق الشعب بداود أكثر مما وثق به ونسب النصر إلى داود. وإن صحّ هذا التعبير تفجرت في داخله ثورة من الغيرة والغيظ. حاول أن يقتل داود ولكن المحاولة باءت بالفشل. فاستولى عليه خوف رهيب واضطر أن يعترف أن دواد كان تحت الحماية الإلهية.

كلما ازداد أبي حقداً على داود كلما زاد حبي له. كان داود حسن المنظر شجاعاً ولطيفاً ومتعاطفاً مع الناس. وكتب أيضاً قصائد وترانيم رائعة ورنمها برفقة الجُنك (آلة موسيقية). احترمته وانجذبت إليه وليس من أجل صلته بالله فقط؟ سرعان ما علم أبي شاول بأن ابنته ميكال مغرمة بداود. أدهشني جداً أن هذا الأمر كان مقبولاً لديه وقال لداود: أعرض عليك ثانية أن تصبح صهري ولكن شرط أن تنتقم من أعدائي وتقتل مئة رجل منهم (1صموئيل 18: 25). وفي الحال انكشف لي سر خطته الماكرة. بهذا المطلب نصب لداود شركاً وكان مقتنعاً «بأن الأعداء سيقتلونه في هذه المرة حتماً، فيتخلص من هذا الشاب المضايق».

ولكنه لم يحسب إمكانية تدخل الله. وقف الله إلى جانب داود فعاد سالماً. وبهذا تمت الشروط لعرسنا. اضطر أبي ضد إرادته - ولكن بحسب قصد الله - أن يقبل داود صهراً له.

كان حظي كبيراً. أصبحت الآن خاصة هذا الرجل الذي أحببته من كل قلبي. ولكن خوفاً خفياً تسلل مراراً وتكراراً إلى أعماق قلبي. سرعان ما تبين لي أن حياة داود لم تكن في أمان مع أنه صهر لأبي. لم يتحمل أبي أن يكون داود موفقاً أكثر منه ومعروفاً ومحبوباً لدى الشعب. وكان عليه أن يرى أيضاً كيف أحاط أخي يوناثان وأنا أيضاً بوقايتنا. تعاطف يوناثان مع داود وأحبه كنفسه. اتضح لنا كلينا أن الله اختار داود ليصبح يوماً ملكاً عوضاً عن أبي شاول. قبل يوناثان اختيار الله هذا تماماً ولكن أبي لم يقبله.

ذات يوم عندما كان أبي شاول يصغي في قصره إلى عزف داود على آلة الجُنك حلّ عليه الروح الرديء الذي كنا نخاف منه. بكل غضب رمى رمحه صوب داود ليطعنه ففر من أمام شاول وارتطم الرمح بالحائط. فهرب داود إلى بيته مذعوراً من محاولة القتل الجديدة. في تلك الليلة ذاتها أرسل شاول حرساً ليحاصروا بيتنا. فأدركت أن حقد أبي على داود لم يعرف حدوداً. ثار في قلبي نزاع مخيف إذ عزّ علي جداً أن أنفصل عن زوجي. ولكنه لم يجز لي أن أطلق العنان لمشاعري. كان علي أن أتصرف بسرعة. أردت أن أتأكد أن ذاك الذي أحبه فوق كل شيء هو في أمان. ليس الوقت الآن أن أهتم بنفسي. كان المهرب الوحيد للنجاة من الكوة التي في سور المدينة. أنزلته منها بحبل فهرب داود بأقصى سرعة في ظلام الليل ونجا من الذين أرادوا قتله.

حلت الظلمة في داخلي وداهمتني عزلة مخيفة لأني فقدت الآن حضور داود وثقته بالله اللذان منحاني قسطاً من الأمان والسند بأني بلا سند ومتروكة لوحدي. لم يكن لي الاتصال الشخصي بالله الذي كان لداود. كان الله لي في الحقيقة غريباً وبعيداً. ماذا منعني أصلاً أن أثق بالله كداود؟ هل كان العائق صنم البيت الخفي الذي لم أستطع أن أنفصل عنه؟ عرفت جيداً أن عبادة الأصنام باطلة وأنه مكتوب في وصايا الله: «لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي» (خروج 20: 3). لكنني لم أستطع ولم أرد أن أنفصل عنه. بدا لي أنه لا يُستغنى عنه، فتعلق قلبي به. والآن لم يكن الوقت لأسترسل في أفكاري. أوصلني صنم البيت المذكور إلى فكرة جيدة. دخلت إلى حجرتي الصغيرة وأخرجت الصنم ووضعته في فراش داود وغطيته بعناية ووضعت لبدة المعزى تحت رأسه وانتظرت متوترة الأعصاب لأرى ما قد يجلبه صباح اليوم التالي. وكما ظننت فقد جاء رجال شاول ليأخذوا زوجي. خدعتهم إذ قلت لهم: «هو مريض». لما سمع أبي هذا ثارت ثائرته وأمر قائلاً: «ٱصْعَدُوا بِهِ إِلَيَّ عَلَى ٱلْفِرَاشِ لأَقْتُلَهُ» (1صموئيل 19: 15). وفي هذه المرة اقتحم الرجال بيتنا بأمر أبي. ذُهلوا إذ لم يجدوا داود بل رأوا في الفراش شكلاً مصطنعاً بطريقة فنية. غادورا البيت بنفس مرتاحة لأنهم لم يضطروا أن يسلموا داود إلى الملك شاول.

وأنا سررت أيضاً بسبب تكتيك المماطلة. وبهذا قطع داود شوطاً كبيراً في طريق هربه. خفت فقط من ردة فعل أبي. لم تهمد ثورة غضبه التي كنت أتوقعها بل انفجرت بأكثر شدة مما كنت أتكهن. بنظرة غضب واحتقار صرخ أبي في وجهي قائلاً: «لِمَاذَا خَدَعْتِنِي، فَأَطْلَقْتِ عَدُوِّي حَتَّى نَجَا» (1صموئيل 19: 17) باشمئزاز سمع كلماتي الكاذبة التي تفوهت بها: هددني قائلاً: أقتلك إن كنت لا تطلقيني (1صموئيل 19: 17).

لم يتفوّه داود قط بمثل هذه الكلمات، ولم يفكر قط بأن يقتلني لأنه كان يحبني حباً جماً. كان يفكّر ويتصرّف بعكس ذلك تماماً. كيف تجرأت بكلماتي هذه أن أتهم داود بهذه التهمة الفظيعة؟ خوفاً من أبي لجأت إلى الكذب والمداراة. ألم يكن من المفروض علي أن لا أشك في حبي السابق. لم تخرجني أكاذيبي كما تأملت «خروج الشعرة من العجين». أخذ أبي بالثأر وأذلني بطريقة وحشية لم تعزّني معرفتي بأنه كان يقصد في الدرجة الأولى إصابة داود. هدم حياتنا الزوجية وأخذ داود مني وزوّجني من فَلطي الذي من جليم. آذى أبي مشاعري جداً. فما شعرت به وما تألمت من جرائه يستحيل وصفه بكلمات.

وبعد مضي عدة سنوات نادت عشيرة داود به ملكاً. والآن تحقق ما وعده الله به سابقاً. فموت أبي شاول وأخي يوناثان فتح أمامه طريق العرش. كان هنالك عائق واحد عليه اقتحامه ليصبح ملكاً على كل الشعوب ألا وهو أخي أيشبوشث. إلا أن الله تولى أمر داود كله.

تباعد أبنير رئيس جيش أبي عن أخي إيشبوشث غاضباً: كفاني منك. منذ الآن أساند داود. حلف الرب لداود أنه ينقل المملكة من بيت شاول ويقيم كرسي داود (2صموئيل 3: 9 و10). وأن أخي إيشبوشث لم يقدر بعد أن يجاوب أبنير بكلمة خوفاً منه. حقق هذا تهديده وبلّغ داود الاقتراح التالي: «ٱقْطَعْ عَهْدَكَ مَعِي، وَهُوَذَا يَدِي مَعَكَ لِرَدِّ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ إِلَيْكَ. فَقَالَ: حَسَناً. أَنَا أَقْطَعُ مَعَكَ عَهْداً، إِلاَّ إِنِّي أَطْلُبُ مِنْكَ أَمْراً وَاحِداً، وَهُوَ أَنْ لاَ تَرَى وَجْهِي مَا لَمْ تَأْتِ أَوَّلاً بِمِيكَالَ بِنْتِ شَاوُلَ حِينَ تَأْتِي لِتَرَى وَجْهِي» (2صموئيل 3: 12 و13). وبذات الوقت أرسل داود رسلاً إلى أخي إيشبوشث يطلب منه قائلاً: «أَعْطِنِي ٱمْرَأَتِي مِيكَالَ» (2صموئيل 3: 14). إعترف أخي بحق داود علي واستجاب لطلبه. أما أنا فشعرت نفسي ككرة يرميها رجل إلى آخر. وكان صعباً عليّ أيضاً أن أرى كيف كان زوجي الثاني يسير باكياً ورائي حين أُحضرت إلى داود.

وبعد مقتل أخي إيشبوشث على يد رجاله بقيت أنا ومفيبوشث ابن يوناثان من بيت الملك شاول فقط على قيد الحياة. وأصبح داود ملكاً على كل الشعب. وكان قد بلغ قمة سلطته. احترمه الشعب كثيراً. انتصر على كل أعدائه ووقّره جيران بلده ومملكته. لكن عملاً واحد مهماً لداود كان بانتظاره. لم يهدأ له بال حتى أعاد تابوت الرب، رمز حضور الله. وجعله محور الحياة الروحية. والحق يقال: كان سِيان عندي أين يوجد تابوت الرب، في بيت عوبيد أدوم أو في أورشليم. لم أفهم الإنفاق الكثير الذي بُذل لهذه الغاية. وعلى مر الزمن لاحظت أكثر فأكثر تباين الآراء بين داود وبيني في التفكير والشعور. فكلماته وطبيعته وولاؤه أيضاً لله أزعجني دائماً. لم يكن لي سلك هوائي ليلتقط أماني زوجي الروحية. كانت الهوة في حياتنا الزوجية تتسع أكثر بشكل ملحوظ. تأسست مصالحنا وآراؤنا على أسس مختلفة. وهذا بدا جلياً في اليوم الذي فيه نُقل تابوت الرب إلى أورشليم.

خرجت المدينة كلها لتحتفل باستقبال تابوت الرب. حضر الجميع: الكهنة واللاويون وقادة الشعب ورجال الدين، كذلك عامة الناس ملأوا الشوارع. ولما وصل تابوت الرب إلى المدينة علا هتاف لا يوصف. رقصت جماهير الناس برفقة عزف العود والجُنك والدّف وحمدت الله. لم أذهب إلى عامة الشعب لكوني قرينة الملك وابنة شاول. منعني ذلك مركزي الملوكي وتكبري. ولكن فضولي ساقني إلى نافذة القصر لأتفرج منه على الاحتفال. بعين الازدراء نظرت إلى زوجي الملك داود حين كان يثب ويرقص أمام تابوت الله في غاية السعادة. ولم يكتف بهذا فقط بل خلع أرديته الملوكية أيضاً واستمر في رقصه وهو لابس إزار الكهنة الكتاني فقط. يا له من منظر مفزع. لم يتذلل قط. وهذا فعله أمام الشعب كله. لا، لقد تجاوز الحد. لم يعرف حقاً ما هو مَدين به لمركزه كملك. باشمئزار تنحيت عن النافذة. لما جاء داود إلى البيت ليشاركني سروره استقبلته بتهكم لاذع وقلت له: «آه ما أوفر الوقار الذي ظهر به جلالة الملك أمام شعبه. برقصك وأنت شبه عار تعريت بلا خجل أمام جواري بلاطك؟ هذا لايفعله عادة إلا حثالة القوم» (2صموئيل 6: 20). نظرت إليه وأنا متوترة الأعصاب. ما عسى أن تكون ردة فعله؟ أجاب بصوت هادئ وحازم: رقصت تكريماً للرب، وسأرقص في المستقبل أيضاً تكريماً له. أجل، أنا مستعد حتى أن أتذلل أكثر مما تذللت اليوم (2صموئيل 6: 21 و22). ما حرّك عواطفه هدّأ من روعي وغيظي رقص داود تكريماً لله. هذا لم يخطر على بالي قط. يهمني أن يكون الرقص تكريماً لي دون غيري. كان داود مستعداً أن يتذلل أكثر. ولكني كرهت أن أذلل نفسي. لم أتغلب بعد على إذلالي الخاص الذي أُلحق بي في حياتي. كانت كرامة الملك تعني لي أكثر من خدمة متواضعة أمام الله. اتضح لي أني لا أقدر أن أصبح زوجة بحسب خاطر داود لأني لم أكن زوجة بحسب قلب الله. فالله كان فرح داود كانت رغبته في إتمام مشيئة الله وهمه مجد الله. أما كرامته فوضعها في الخلف. وأنا؟ ماذا كان يهمني في حياتي. العزة والكرامة من لدُن الناس، وفوق كل شيء تقديرهم إياي. لم تَعن لي الشركة مع الله شيئاً. هل كان هذا السبب في أنّ حياتي بقيت غير منتجة؟ بقيت غير منتجة أيضاً لأني احتقرت داود مختار الله في خدمته لأجل الله. حزمني الله من الأولاد. لم يشاركني في مواصلة نسب الأسرة المالكة. وفي النهاية كانت هذه نتيجة حياتي المحزنة.

هذه سيرة موجزة جدّية تؤدي إلى القلب وتضعنا أمام السؤال التالي: كيف هي نتيجة حياتي؟

مسابقة «ميكال»

عزيزي القارئ،

نرجو أن تكون قد استمتعت بقراءة هذا الكتيّب، لذلك نأمل بالإجابة على الأسئلة التالية مع كتابة اسمك وعنوانك الكاملين وبخطٍ واضح:

  1. ماذا قدّرت وأحبت ميكال في داود؟

  2. ما هي الدوافع التي من أجلها ساعدت ميكال داود على الهرب؟

  3. ماذا منع ميكال من شق طريقها إلى الإيمان بالله الحي؟

  4. ماذا حمل ميكال على اتهام دواد ظلماً؟

  5. لماذا أُذيت مشاعر ميكال جداً؟

  6. لماذا تحوّلت محبة ميكال لداود إلى احتقاره؟

  7. ماذا كان السبب الذي من أجله لم يقدر داود وميكال على إقامة شركة روحية؟

  8. أية موعظة تستمدها من هذه القصة لحياتك؟


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D-70007
Stuttgart
Germany